You are on page 1of 17

ISSN: 2437-0827 ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬

DOI:5424/IJO/21547 ‫المنظمات‬
9102 01 :‫عدد‬ 10 :‫مجمد‬

،‫ النظرية الكالسيكية لمتنظيم "كارل ماركس‬:‫محاولة في االت جاهات السوسيولوجية لمتنظيم‬


"‫ روبرت ميشمز‬،‫ماكس فيبر‬

An attempt at the sociological trends of organization: the classical theory of


organization "Karl Marx, Max Weber, Robert Michaels"

dr.aliouaali@yahoo.fr ،‫ سوق أه ارس‬- ‫ جامعة محمد الشريف مساعدية‬،‫ أستاذ محاضر أ‬،‫ عمي عميوة‬.‫د‬

9102/16/00 :‫تاريخ القبول‬ 9100/10/10 :‫تاريخ اإلستقبال‬

:‫المم ّخص‬

‫ عند‬،‫من خبلل ىذه الورقة البحّثية أردنا تسميط الضوء عمى مفيوم التنظيم في النسق الكبلسيكي وبدايات التنظير الجادة ليذه الظاىرة‬
‫ في محاولة مّنا لتفسير السموكات التنظيمّية وربطيا‬،‫كل من كارل ماركس وماكس فيبر وروبرت ميشمز‬
.‫باألطر التاريخية والسوسيولوجية القائمة آنذاك‬

‫كما ُيعتبر االتجاه البيروق ارطي لمتنظيم عند ىؤالء من أىم المقاربات السوسيولوجية لمتنظيم في النظرية الكبلسيكية رغم‬
.‫المحاولات الحديثة في ق ارءة الواقع من خبلل ىذه المقاربات بطريقة جديدة‬

.‫ روبرت ميشمز‬،‫ ماكس فيبر‬،‫ كارل ماركس‬،‫ االتجاه البيروق ارطي‬،‫الكممات المفتاحية< سوسيولوجيا التنظيم‬

Abstract:
In this paper we wanted to highlight the concept of regulation in the classical style
and the beginnings of serious theorization of this phenomenon, in both Karl Marx and Max
Weber and Robert Michels, in an attempt to explain organizational behavior and link it to the
historical and sociological frameworks of the time.
The bureaucratic orientation of the organization is one of the most important
sociological approaches to organization in classical theory, despite recent attempts to read
reality through these approaches in a new way.
Keywords: Sociology of Organization, Bureaucratic Direction, Karl Marx, Max Weber,
Robert Michaels

2
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫واش ارك لؤلف ارد في العممية االجتماعية عامة‪ ،‬سواء‬ ‫التنظيم االجتماعي بشكل عام ىو تقسيم لمميام‬
‫كانت‬
‫مفردة تنظيم تعني "كل مشروع تشترك فيو جماعة من‬
‫اقتصادية في تقسيم العمل والميام‪ ،‬أو تربوية أو ‪ ،...‬لذلك فإ ّن‬
‫البشر‪( ،‬إدار ّي‪ ،‬أو تجار ّي‪ ،‬أو صناع ي‪ ،‬أو خاص بالتقديمات االجتماعية) خاص أو عام‪ ،‬سياس ي أو إيديولوجي‪ ،‬يعمل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفقًا لت ارتّبية واضحة أ ّي تّوزع مناصب العمل والمسؤوليات‪ ،‬ويجري التنسيق وم ارقبة النتائج‪ ،‬ويرتبط بمحيط معين‪ ،‬ويحّ دد‬
‫‪1‬‬
‫صية معنوية‪"2 .‬‬
‫أىدافًا ووسائل‪ ،‬ويتخذ مق ًار وشخ ّ‬
‫وقد كان التنظيم االجتماعي محل بحث لمكثير من الفبلسفة في الفكر التنظيمي‪ ،‬ثم أرسى قواعد تمخضت عنو ولادة عمم‬
‫التنظيمات‪ ،‬لذلك كان ل ازما عمينا أن نتكمم في ىذا الفصل عن مختمف االتجاىات والمدارس والمداخل النظرية في ق ارءة‬
‫وتفسير وتأويل الظواىر التنظيمية‪.‬‬
‫وكانت أىم الكتابات الجّا دة المن ّظرة لمتنظيم في بداياتيا مع عصر الصناعة والعمل‪ ،‬ىي كتابات كارل ماركس وماكس فيبر‬
‫وروبرت ميشمز في االتجاه البيروق ارطي لمتنظيم‪- .‬‬
‫‪ 1‬التصور الماركسي لمتنظيم‪" :‬ال يمكننا فيم القرن العشرين دون فيم القرن التاسع عشر و ال يمكننا فيم القرن التاسع‬
‫في كتابو "ماركس أو روح‬
‫عشر دون ق ارءة ماركس"‪ ،‬كممات كتبيا جاك أتالي ‪ jacques Attali‬عن ماركس ‪Marx‬‬
‫‪3‬‬
‫الع‪uu‬الم "‪ ،‬فالنظري ‪ u‬ة الماركس‪u u‬ية تع‪uu‬الج ك‪uu‬ثي ًار من القض ‪u‬ايا المتعمق ‪u u‬ة بالتنظيم‪uu‬ات االجتماعي ‪u u‬ة‪ ،‬ومق ‪uu‬دار تأثيرى‪ u‬ا في مس‪uu‬تويات األ‪uu‬داء‬
‫واإلنتاجي ‪u u‬ة‪،‬كالص ارع الطبقي‪ ،‬والبناء االجتماعي وقضايا اإلنت ‪uu‬اج‪ ،‬وظروف العمل المتنوعة وقض ‪u‬ايا التغ ‪u‬ير والتطور ض ‪u‬من التنظيم ‪u‬ات‬
‫الصناعية وخارجيا‪ ،‬وتعد مشكمة االغت ارب واحدة من القضايا التي يمكن من خبلليا معرفة العناصر األساسية‬
‫في التحميل الماركسي المتعمقة بقضايا التنظيم‪.‬‬
‫تي كون البناء االجتماعي لمتنظيم بمعناه العام (الم اردف لمفيوم المجتمع) وفق المنظور الماركسي من بنيتين أساسيتين<‬
‫‪ o‬البنية التحتية‪.‬‬
‫‪ o‬البنية الفوقية‪.‬‬
‫وتتألف البنية التحتية من عبلقات اإلنتاج وقوى اإلنتاج‪ ،‬أما البنية الفوقية فتتألف من السياسة‪ ،‬والقانون‪ ،‬والفن‪ ،‬واألدب‪،‬‬
‫والفمسفة‪ ،‬والدين‪ ،‬وقد ربط ماركس استق ارر ىذه البنى الفوقية باألساس االقتصادي "فالتغيير في األساس االقتصادي سيؤدي‬
‫التفاعبلت التي‬ ‫‪4‬‬
‫ويحدث التغير في البناء االجتماعي نتيجة‬ ‫عاجبل أم آجبل إلى سيوقع اضط اربا في كل البنى الفوقية "‬
‫تحدث في البنية التحتية‪ ،‬أي بين قوى اإلنتاج وعبلقات اإلنتاج‪ ،‬والتي يسمييا (ماركس) بالعبلقات االجتماعية‪ ،‬فماركس‬
‫يعتقد كثي ار بما يسمى"القوة الجماعية" كون اإلنسان حيوان اجتماعي "فالتواصل االجتماعي وحده القادر عمى مضاىاة‬
‫‪5‬‬
‫الغ ارئز الحيوانية‪ ،‬مما يزيد من قدرة األداء الفردي‪" .‬‬
‫‪6‬‬
‫ويبين التحميل الماركسي أن أسس التناقض داخل كل البناء االجتماعي مرتبطة بعاممين أساس ين ىما <‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪ o‬ظروف موضوعية معطاة (قوى اإلنتاج وعبلقات اإلنتاج‪).‬‬
‫‪ o‬ضرو ارت بشرية مقرونة برغبة تفصح عن نفسيا بشكل حاجات متجددة ومتطورة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪91‬‬
‫ويعطي التحميل الماركسي أىمية بالغة وأساسية لمظروف الموضوعية عمى أنيا"<المركب الكمي لمقوى الطبيعية‪ ،‬والقوى‬
‫‪7‬‬
‫التقنية والتنظيم االجتماعي التي تيدف إلى كفاية حاجات اإلنسان الضرورية االقتصادية "‪ ،‬ولم ييتم التحميل الماركسي بأثر‬
‫القيم المحفزة لمتغي ‪u‬ير والتطوير‪ ،‬ال‪uu‬تي ت ‪u‬ؤثر في البن ‪u‬اء االجتماعي‪ ،‬وأىم‪u‬ل أثرى‪ u‬ا الفعال في قض‪u‬ايا التنظيم االجتم‪u‬اعي جميعي‪uu‬ا‪ ،‬إذ رك‪ u‬ز عمى‬
‫األساس االقتصادي لمبناء االجتماعي‪ ،‬ألن لمعبلقات االقتصادية أث ًار أساسيًا في تكوين التنظيمات االجتماعية المتعددة‪ .‬والواقع أن وجي ‪u‬ة‬
‫نظر الماركسية التقميدي‪u u‬ة في ىذه القضية المتعمق‪u u‬ة ب‪u u‬القيم والعوامل التي تحرك أو تؤثر في البناء االجتماعي فيي‪uu‬ا بعض التطرف‪ ،‬وذل ‪u‬ك لتركيزى‪ u‬ا‬
‫الكبير عمى العنصر االقتصادي وحده أو(البنية التحتية) بوصفيا "المحرك‬
‫أو المؤثر الوحيد في جميع النظم السائدة في البناء االجتماعي‪ ،‬واىماليا أثر باقي العوامل المختمفة التي ال تقل أىمية عن‬
‫‪8‬‬
‫األثر االقتصادي المادي‪ " .‬وىناك كثير من المفكرين الذين يؤيدون وجية النظر الماركسية‪ ،‬منيم (فميتشر) الذي يقول< "البناء االقتصادي ىو‬
‫‪9‬‬
‫األساس الحقيقي لممجتمع‪ ،‬ومنو تنبثق المؤسسات التشريعية والسياسية لمبناء األعمى الذي يش‪uu‬غل بدوره األساس االجتماعي " ولم يحت‪u u‬ل‬
‫موضوع التنظيم االجتماعي مكان ‪ًu‬ا أساس ‪u‬يًا في النظري‪ u‬ة الماركس ‪u‬ية‪ ،‬عمى ال ‪u‬رغم من أني ‪u‬ا أس ‪u‬يمت في ش‪uu‬رح قض‪uu‬ايا التنظيم الب ‪u‬يروق‬
‫ارطي ال أرسمالي وتفسيره‪ ،‬من خبلل معالجتيا لمسائل الص ارع الطبقي‪ ،‬وأزمة‬
‫المجتمع ال أرسمالي وحتمية المجتمع الشيوعي‪ ،‬إذ أرى التحميل الماركسي أن التنظيمات البيروق ارطية أداة طيعة تستخدميا‬
‫التنظيمات االجتماعية ال أرسمالية والطبقة المالكة الحاكمة من أجل إحكام السيطرة عمى العمال واستغبلليم بأشكال متعددة‪ ،‬إذن‬
‫فالتنظيمات البيروق ارطية عند ماركس تشكل فئة اجتماعية متميزة‪ ،‬يرتبط وجودىا بانقسام المجتمع إلى طبقات‬
‫‪10‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬إلى جانب تدعيميا لموضع القائم‪ ،‬فرض النظام‪ ،‬استم ارر آليات القير واالستغبلل‪".‬‬
‫فتنظيمات العمل في المجتمع الصناعي ال أرسمالي (وفق التحميل الماركسي) ىي تنظيمات بيروق ارطية‪ ،‬وىي ال تشغل وضعًا عضويًا‬
‫في البناء االجتماعي‪ ،‬فضبلً عن أنيا ال ترتبط بعممية اإلنتاج ارتباطًا مباش ًار‪ ،‬فوجودىا وجود مؤقت ونموىا نمو‬
‫طفيمي‪ ،‬وميمتيا األساسية ىي االحتفاظ باألوضاع ال ارىنة التي تت مثل في استغبلل الطبقات الحاكمة لمطبقات المحكومة‪ ،‬وفي ظل ىذه‬
‫الظروف يصبح نمو ىذه التنظيمات أم ًار حتميًا في مجتمع ينقسم إلى طبقات ويسعى باستم ارر إلى تدعيم‬
‫‪11‬‬
‫التقسيمات الطبقية والحفاظ عمييا ‪.‬‬
‫ويفقد العاممون في مثل ىذه التنظيمات القدرة عمى اإلبداع والمبادرة واالبتكار الخبلق‪ ،‬وتنتشر بينيم مظاىر التنصل من المسؤولية‪ ،‬وتظ ‪u‬ير‬
‫الخبلفات والص ارعات ضمن أجواء العمل‪ ،‬بدافع السعي و ارء المصالح الشخصية بين العمال‪ ،‬ومن خبلل السعي الحثيث بالوس‪ u‬ائل‬
‫المشروعة وغير المشروعة لمحصول عمى الترقية أو المكافأة واكتساب مكانة اجتماعية‬
‫مرموقة‪ ،‬كل ذلك لتدعيم أوضاعيم ووجودىم غير المستقر‪ ،‬مما يسيم سمبيًا في تدىور مستويات أدائيم وانتاجيتيم‪ ،‬بسبب‬
‫عدم االستق ارر االجتماعي والنفسي ضمن التنظيمات ذات الطابع البيروق ارطي الذي يعامل الفرد العامل وكأنو شيء مجرد‪،‬‬
‫وال يع‪uu‬اممو عمى أن‪u u‬و إنس ‪uu‬ان يحم‪uu‬ل من األحاس‪uu‬يس والمش‪uu‬اعر الش‪uu‬يء الكث‪uu‬ير‪.‬‬
‫ويوضح التحميل الماركسي لمشكمة االغت ارب أىم العناصر األساسية ال‪uu‬تي يعتمدىا في د ارس‪ u‬تو لمش‪u‬كبلت التنظيم وقض‪u‬اياه األساس‪u‬ية‪ ،‬وىي‬
‫المشكمة التي دِ رست في ضوء النظرية العامة حول ص ارع الطبقات‪ ،‬وقد احتل مفيوم االغت ارب مكانة ميمة‬
‫في فكر (ماركس)‪ ،‬بعد أن وجد مظاىره منتشرة في عبلقات العاممين بعضيم مع بعض‪ ،‬وفي عبلقتيم ببقية أف ارد المجتمع‪،‬‬
‫وبداخل التنظيمات المنتشرة في المجتمع‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪91‬‬
‫وقد أفرز التطور االقتصادي مشكمة االغت ارب االجتماعي والنفسي لدى العاممين في التنظيمات الصناعية ال أرسمالية‪،‬‬
‫فتحطيم العمال آللالت‪ ،‬والتخريب االجتماعي‪ ،‬والرفض الثوري‪ ،‬واالحتجاجات بأشكاليا المتعددة‪ ،‬كميا أسيمت في فق ‪u‬دان الش ‪u‬عور ب‪u‬الوالء‬
‫لمتنظيم ال أرسمالي‪ ،‬ولذلك غاب الشعور بالعضوية في المجتمع الصناعي مما أدى إلى العزلة االجتماعية لمعاممين‪ ،‬وقد أرجع التحميل‬
‫الماركسي تمك الظاىرة إلى الممكي‪u u‬ة الخاصة لوس‪ u‬ائل اإلنتاج‪ ،‬وتقس ‪u‬يم العم‪u‬ل‪ ،‬والص ارع الطبقي الق ‪u‬ائم عمى االس ‪u‬تغبلل واالس ‪u‬تئثار بالس‪uu‬مطة‬
‫والنظر إلى العامل "عمى أنو وسيمة وليس غاي‪u u‬ة بحد ذات‪uu‬و‪ ،‬وال مندوحة لمخروج من حال ‪u‬ة االغت ارب ال ‪u‬تي يعانيي ‪u‬ا عمال المجتمع ال‬
‫أرسمالي إال بالقضاء عمى الممكية الخاصة واالستغبلل‪ ،‬ومعاممة العمال معاممة‬
‫‪12‬‬
‫إنسانية تناسب طبيعتيم البشرية وتحقق متطمباتيم االجتماعية والنفسية التي تحقق ليم االستق ارر والتوازن‪ " .‬وان ىذا الوباء‬
‫(االغتراب) الذي استشرى في التنظيمات االجتماعية والصناعية ال أرسمالية ليس حك ًار عمى العبلقة بين العاممين في‬
‫التنظيمات البيروق ارطية وبقية أف ارد المجتمع‪ ،‬بل إنو موجود داخل التنظيمات نفسيا‪ ،‬من تسمسل رئاسي دقيق‪ ،‬ونظام محدد‪ ،‬واحت‬
‫ارم شديد لمسمطة‪ ،‬وقائمة القوانين والواجبات‪ ،‬وكميا صور من صور االغت ارب‪ ،‬التي تنعكس سمبيًا في عدم الكفاية‬
‫اإلنتاجية لتمك التنظيمات االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫ويجد أنصار التحميل الماركسي أن ثورة البروليتاريا‪ ،‬والقضاء عمى المجتمع الطبقي‪ ،‬وتبلشي الدولة وتنظيماتيا المختمفة‪،‬‬
‫واحبلل الممكية العامة مكان الممكية الخاصة والدعوة إلى الحرية الفردية المستندة إلى إدارة ديمق ارطية قائمة عمى الممكية‬
‫العامة لوسائل اإلنتاج كل ذلك من شأنو أن يسيم في القضاء عمى مشكمة االغت ارب لدى العمال‪ ،‬ويسيم في تحقيق توحدىم‬
‫مع مؤسساتيم‪ ،‬وتنظيماتيم االجتماعية‪" ،‬فيكون من السيل عمى كل فرد أن يقوم بدور الرئيس والمرؤوس وبذلك تزول‬
‫‪14‬‬ ‫‪13‬‬
‫الدولة " "ويصبح العامل بعد ذلك مواطنا تي متع بالديمق ارطية الحقيقية‪َ ،‬ينتخب ُوينتخب‪ُ ،‬يدير ُوي َدار"‬

‫كما تجدر اإلشارة ىنا كذلك‪ ،‬إلى أن ماركس لم بي ن فمسفتو ونظرياتو ىذه من العدم بل تأثر بالكثير من األفكار التي سبقتو أو عاصرىا‪ ،‬ومنيا‬
‫عمى سبيل المثال وليس من باب التحديد‪ ،‬آ ارء الفيمسوف الفرنسي توكفيل‪ .‬عمى الرغم من تعارضيما‬
‫في كثير من األمور وعمى أرسيا‪ ،‬األسموب الذي حدثت بو الثورة الفرنسية‪ ..‬فتوكفيل "كان ينظر لمعنف الذي طبع ىذه‬
‫الثورة عمى أنو حادث بي عث عمى األسف‪ ،‬ألنو كان باإلمكان إحداث التغيير الحتمي دون المجوء إلى العنف‪ .‬بينما يرى‬
‫ماركس بأن رفض النظام القديم(أي نظام كان)واالنتقال إلى نظام جديد ىو نتيجة لحركة التاريخ‪ .‬وال يمكن أن يتم بصورة‬
‫‪15‬‬
‫تدريجية وانما كان ينبغي أن تي م بواسطة العنف‪" .‬‬
‫أما ثاني فيمسوف تأثر بو كارل ماركس بشكل واضح ىو األلماني ويميام هيجل‪ .‬فعن ىذا التأثر كتب لينين يقول "إنك ال تس‪u u‬تطيع فيم ماركس‬
‫‪16‬‬
‫‪ ،‬فقد أخذ عنو نظرية الجدلية التاريخية ‪ -‬حتى ولو كانت بشكل مقموب – ألن فمسفة ىيجل انطمقت عمى العموم من أن‪u‬و‬ ‫بدون ىيجل"‬
‫"ال وجود لمروح العام"‪ ،‬فيو في ىذا ال يؤمن بالمادة كأساس لموجود‪ ،‬الشيء الذي فن‪uu‬ده تماما ماركس ال ‪u‬ذي ق ‪u‬ال أن المادة وعوام‪u‬ل‬
‫‪17‬‬
‫أما ثاني فكرة أود طرحيا في ى‪u‬ذا الموضوع‪ ،‬ف ‪u‬يي ال‪uu‬تي تت عم‪uu‬ق ب أري‬ ‫اإلنتاج وقواه ىي التي تكون األساس األول لمحياة االجتماعي ‪u‬ة‪،‬‬
‫م‪u‬اركس في "التنظيم الب ‪u‬يروق ارطي" حيث ذىب إلى "أن الط‪uu‬ابع الرس‪ u‬مي والق ‪uu‬انوني لمتنظيم ‪u‬ات ال يع ‪u‬ير عن طبيعتي‪uu‬ا الحقيقي ‪u u‬ة والواقعي ‪u u‬ة‪.‬‬
‫فالتنظيمات البيروق ارطية اتخذت لنفسيا صورة مزيفة مشتقة من‬
‫‪18‬‬
‫ونفيم من ىذا الموقف‪ ،‬أنو ال يؤمن بالتنظيم الذي يكون مصدره الدولة ألنيا‬ ‫النصوص القانونية والموائح اإلدارية"‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫بالنسبة إليو أداة في يد ال أرسمالية الصناعية المبنية أساسا عمى االستغبلل‪ ،‬وما النصوص القانونية والموائح اإلدارية إال‬
‫آليات تستخدميا الطبقة البرجوازية المتحالفة مع أجيزة الدول ‪ u‬ة ضد ما يفضل تس ‪u‬ميتو بالبروليتاري‪ u‬ا‪ .‬وق ‪ u‬د خمصت‬
‫النظرية الماركسية إلى التركيز عمى ضرورة تحقيق الحاجات اإلنسانية أوالً وقبل كل شيء‪ ،‬ودعت إلى إلغاء االس ‪u‬تغبلل‪ ،‬ون‪ u‬ادت‬
‫بتحقيق العدل والمساواة بين جميع أف ارد التنظيم االجتماعي‪ ،‬والوصول من ثم إلى أكبر ق ‪u‬در ممكن من اإلنت‪uu‬اج ال‪u‬ذي س‪u‬يعود ب ‪u‬النفع الكب‪u‬ير‬
‫عمى كل األف ارد في المجتمع‪ ،‬ويؤدي إلى انتعاش المستويات االجتماعي‪u u‬ة جميعيا‪ ،‬وعمي‪u u‬و ف‪uu‬إن تطوير اإلنت‪uu‬اج وزي‪ u‬ادتو يصبح مطمب‪ًuu‬ا‬
‫ميمًا وغاية سامية تسعى إلييا إدارة كل تنظيم صناعي‪ ،‬فكمما كان ىناك توافق وتبلؤم بين عناصر البني‪u‬ة التحتي‪u‬ة (ق‪u‬وى اإلنت‪u‬اج وعبلق‪u‬ات‬
‫اإلنتاج) كان المردود (األداء واإلنتاجي ‪u‬ة) عالي ‪u‬اً‪ ،‬وفي حال ظيور أي اضط اربات أو خبلف‪uu‬ات أو أي ‪u‬ة مش‪uu‬اكل ضمن البني ‪u‬ة التحتي ‪u‬ة‪،‬‬
‫سيؤدي ذلك بالضرورة إلى تدىور وانخفاض في مستويات‬
‫األداء واإلنتاجية‪.‬‬
‫يكاد يجمع عمماء التنظيم واإلدارة‪ ،‬عمى أن ماكس فيبر ىو أول من حاول تقديم نظرية منظمة وشاممة في التنظيمات‬
‫البيروق ارطية‪ ،‬إذ يعد تصوره لمبيروق ارطية والتنظيم الرسمي بمثابة حجر ال ازوية في أي د ارسة ليذا الموضوع‪.‬‬
‫من عمماء االجتماع األلمان الذين كتبوا في عدة‬
‫ويعتبر ماكس فيبر‬ ‫‪ 2-‬ماكس فيبر والنموذج البيروق ارطي المثالي‪:‬‬
‫مواضيع تاريخي‪u u‬ة وسوسيولوجية بطريقة إبداعي‪u u‬ة ومعقمنة "فحينما تعامل فيبر مع فكرة العقمن ‪u‬ة فإنن‪uu‬ا نجده ق ‪u‬د تعامل مع ثقاف ‪u‬ة متحول ‪ u‬ة عما‬
‫‪20‬‬ ‫‪19‬‬
‫استحدثو كانط من رؤي‪ u‬ة جديدة لمفكر األلماني "‪ ،‬وقد أوضح في كت‪uu‬ابو"األخبل‪uu‬ق البروتس ‪u‬تانتية والروح ال أرس‪ u‬مالية "‪ ،‬دور‬
‫اإلصبلح البروتس ‪u‬تانتي في تعمي ‪u‬ق فمس ‪u‬فة ال ‪u‬روح الفردي ‪u‬ة في المذىب ال أرس‪ u‬مالي‪ .‬وفي ‪u‬و َبّين أن ال أرس‪ u‬مالية بت َّنت االعتق ‪u‬اد ب ‪u‬أن العمل‬
‫الجدي المَ ّؤدى كواجب‪ ،‬يحمل في طياتو أحسن الج ازء‪ .‬ومن جية أخرى فقد الحظ أن اإلصبلح‬
‫البروتستانتي يؤكد عمى أخبلقيات تمجد العمل وتعتبر تض يع الوقت إثمًا يعاقب اإلنسان عميو‪ ،‬وىكذا فإن األخبلقيات‬
‫البروتستانتية قد أعادت لمعمل شرفو‪ ،‬وركزت عمى أىمية الفرد معتبرة أن ىذا األخير يشكل مركز المجتمع ومؤكدة بأنو قادر عمى‬
‫التحكم في مصيره والتصرف في شؤونو‪ .‬كما مجدت أيضا الحرية الشخصية والمبادرة الفردية والطموح والثقة‬
‫‪21‬‬
‫بالنفس " ‪.‬‬
‫أعتقد أن اىتمام فيبر باألخبلقيات التي جاء بيا المذىب البروتستانتي في مجال التنظيم والعمل‪ ،‬كان ردا عمى "ادعاءات"‬
‫الذي قال أن الييود ىم المصدر الحقيقي لم أرسمالية الحديثة‪ ،‬وما‬
‫المفكر الييودي "فرنر زمبارت" ‪Verner Zambart‬‬
‫صاحبيا من نمو مذىل في جميع مي ادين التنمية االقتصادية واالجتماعية في أوروبا في د ارسة التنظيم عموما وىولندا وف ارنكفورت‬
‫والبندقية عمى وجو الخصوص‪ ،‬كما اعتقد ىذا الكاتب أن طردىم من بعض الدول األوروبية أدى إلى الكساد‬
‫والجمود في عالم المال والتجارة‪.‬‬
‫أرسمالي بسبب‬
‫أرى العكس من ذلك تماما وىذا عندما قال أن الييود لم يساىموا في أي نمو اقتصادي أو‬ ‫ولكن ماكس فيبر‬
‫ما اسماه "باألخبلق المزدوجة" التي طبعوا بيا‪ ،‬فقد ترددوا وحاروا بين أخبلقيم الخاصة وبين االضطياد وال ‪u‬ك ارىي ‪u‬ة ال ‪u‬تي ك‪u‬انوا يبلقوني‪uu‬ا أثن‪u‬اء‬
‫حياتيم غير المستقرة بعدما ثارت ضدىم "أخبلقيات البمدان األوروبية"‪"،‬ليس من قبيل الصدفة كون المسيحية الغربية قد استطاعت أن تب ‪u‬ني الىوتي ‪u‬ا‬
‫بشكل منيجي أكثر‪ ،‬وبطريقة معاكسة لعناصر البلىوت الذي نجده عند الييودية‪ ،‬بل‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪22‬‬
‫إنيا أعطتو تطو ار ذا معنى تاريخي‪ ...‬فالبلىوت ىو "عقمنة" فكرية لئلليام الديني "‪ ،‬وقد وافق ىذا ال أري "ستانسبلف‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪ Reding‬في إنجمت ار‪ ،‬عندما قال أن الييود لم يمعبوا دو ار أساسيا في بعث‬ ‫أند ارسكي" أستاذ عمم االجتماع في جامعة ردنج‬
‫‪23‬‬
‫ال أرسمالية الحديثة‪.‬‬
‫نتيجة ليذا‪ ،‬فقد لقيت ىذه الفمسفة قبوال واسعا وتوظيفا عمميا نتيجة النمو السريع لمختمف المشاريع االقتصادية ال‪uu‬تي ق ‪u‬امت عمى مب‪uu‬دأ المقاول ‪ u‬ة‬
‫والمبادرة الفردية‪ ،‬وىذا النمو صاحبتو عممية تنظيم وىيكمة المؤسسات االقتصادية التي كانت تيدف إلى تحقي ‪u‬ق أكبر ق ‪u‬در من األرب‪ u‬اح ول‪ u‬و‬
‫حساب اإلنسان والعبلقات اإلنسانية‪ .‬إن ىذا المنحى الجديد في مجال التنظيم يمكن‬
‫التعبير عنو ب‪u u‬التنظيم البيروق ارطي‪ .‬من‬
‫ىنا جاءت فمسفة ماكس فيبر في مجال التنظيم‪ ،‬ف ‪u‬اىتم بالكفاءة‪ ،‬والق ‪u‬درة والمعر‪u‬ف ة في التنظيم ولقد ق ‪u‬دم نموذجا ل ‪u‬د ارس‪ u‬ة البيروق ارطي ‪u‬ة‪،‬‬
‫‪24‬‬
‫وىو النموذج المثالي "‪ ،‬الذي حاول من خبلليا وضع نموذج تنظيمي ارتبط فيما بعد باسمو‪ ،‬حيث أن ال‪u‬ذي ي‪u‬ذكر في‪u‬بر ال يمكن أن تغيب‬
‫عن ذىنو فكرة التنظيم البيروق ارطي أو البيروق ارطية‪ ،‬لكن من جية ثانية ال يمكن القول وفي‬
‫كل األحوال أن ماكس فيبر ىو الوحيد الذي تحدث أو اىتم بموضوع البيروق ارطية كأداة لمتنظيم المؤسسي أو االجتماعي‪،‬‬
‫فقد سبقو إلى ذلك الكثير من المنظرين أو الفبلسفة ال يسع المجال ىنا إلى ذكرىم جميعا‪ ،‬ونكتفي فقط بذكر"فانسون‬
‫‪25‬‬
‫دوجورناي ‪ Dejournayé Vincent‬حيث وكما يقول عاطف غيث في قاموس عمم االجتماع "‪ ،‬يرجع االستخدام األول ليذا‬
‫المصطمح إلى عالم االقتصاد "فانسون دوجورناي" ) ‪ (7971-;797‬ويواصل عاطف غيث في نفس القاموس الحديث‬
‫عن موضوع البيروق ارطية ونشأتو حيث يرى أن مصطمح البيروق ارطية قد شاع استخدامو عند بعض الدارسين األوروب ين‬
‫وبخاصة األلمان منيم‪ ،‬وذلك في القرن التاسع عشر حينما ازد تدخل الدولة وسيطر الموظفون عمى أجيزة الدولة‪ .‬وفي‬
‫عمى الدولة أن تضع بعض ب ارمج الرعاية االجتماعية‬
‫إنجمت ار ذاع استخدام ىذا المصطمح منذ عام ‪ ،7:11‬عندما كان‬
‫لمفق ارء ورفع مستوى الصحة العامة‪ ،‬ولقد كتب "جون ستيوارت مل" )‪ (7:81‬يقول< إن ميام الحكومة أصبحت تتوزع بين‬
‫ط ارئق مينية متخصصة وذلك جوىر البيروق ارطية ومعناىا‪ .‬وقد‬
‫وسع ‪" Michels Robert‬روبرت ميشمز مفيوم البيروق ارطية لكي يشمل الدولة واألح ازب السياسية‪ ،‬وذىب إلى أن نشأة البيروق‬
‫‪26‬‬
‫ارطية ترجع إلى بعض المتطمبات اإلدارية الخاصة تب نظيم وتدعيم قوة االوليجاركية ‪".‬‬
‫إن المتمعن في آ ارء ى ‪u‬ؤالء الكت‪ّuu‬اب‪ ،‬يبلح‪uu‬ظ أنيم يجمعون عمى أن الوض‪ u‬ع الجدي‪uu‬د ال ‪u‬ذي آلت إلي‪u u‬و المجتمع‪u‬ات الغربي‪u u‬ة بع‪u‬د الث ‪u‬ورة‬
‫الصناعية عمى وجو التحديد‪ ،‬والتغي ارت الجذرية التي مست مجال العبلقات االجتماعية المختمفة أدت إلى ضرورة‬
‫وضع نظام جديد يتحكم في ىذه العبلقات‪ ،‬ىذا النظام أطمقوا عمي ‪u‬و اسم النظام الب ‪u‬يروق ارطي‪ ،‬لكن من جي ‪u‬ة ثاني ‪u‬ة يب‪uu‬دو االختبل‪uu‬ف بي ‪u‬نيم‬
‫واضحا في نظرتيم ليذه الظاىرة‪ ،‬فالمفكرون البريطانيون مثبل نظروا إلييا عمى أساس أنيا مرتبطة بالخدمة االجتماعية التي تعنى باالىتمام ب ‪u‬الفق‬
‫ارء و المرضى ‪ ...‬بينما نظر إلييا روبرت ميشمز‪ ،‬عمى أنيا ظاىرة برزت من أجل‬
‫حماية مصالح األقمية الحاكمة أو الصفوة من المجتمع ‪ (L'élite).‬أما إذا عدنا إلى مفيوم مصطمح البيروق ارطية‪ ،‬فسنبدأ‬
‫بمفيومو المغوي‪ .‬حيث جاء في قاموس عمم االجتماع أن مفيوم البيروق ارطية ىو إدارة " المكتب" أو اإلدارة عن طريق‬
‫‪27‬‬
‫الموظفين‪ .‬ولكني ‪u‬ا في االس ‪u‬تخدام الش‪uu‬ائع تنطوي عمى المع ‪u‬اني الس ‪uu‬مبية ‪ .‬أم‪uu‬ا‬
‫قاموس المنيل‪ ،‬فقد عرف البيروق ارطية (أوالديوانية) عمى أنيا< " تسمط الدواوين الحكومية ونمطيتيا الجامدة‪ .‬أما الديوانيون‬
‫فيم مجموع موظفي الدواوين‪ ،‬منظور إلييم من حيث نفوذىم في الدولة‪ ،‬في حين تعني كممة "بيروق ارطي" أو‬
‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫‪91‬‬‫مجمد‪10 :‬‬
‫ديواني‪ ،‬موظف ديوان أو مكتب‪ ،‬وىو موظف إداري في ديوان حكومي يؤدي عممو بنمطية جامدة مستغبل سمطتو عمى‬
‫‪28‬‬
‫الجميور ‪".‬‬
‫من جيتو فقد عرف ‪ Rousse La Petit Le‬البيروق ارطية عمى ‪ Bureaucratie‬عمى أنيا" سمطة الجياز اإلداري‪ ،‬لمدولة‬
‫أو لمحزب أو لممؤسسة‪ ...‬الخ‪ .‬وىي مجموع الموظفين الذين تي عسفون في استخدام السمطة بشكل روتيني‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫أما البيروق ارطي ‪ Bureaucrate‬بالنسبة ليذا المعجم‪ ،‬فيو "موظف يستغل أىمية دوره اتجاه الجميور‪ " .‬واذا كان ىناك‬
‫من تعقيب نقدمو بعد سردنا ليذه التعاريف‪ ،‬فيو أن جميعيا نظرت إلى البيروق ارطية والبيروق ارطي نظرة سمبية بحتة فيي لم‬
‫تأت إال ألجل مصمحة خاصة ضيقة‪ ،‬حسب أرى أصحاب ىذا االتجاه‪.‬‬
‫وباخت صار يمكن القول أن ىناك جانبان شائعان لمبيروق ارطية< جانب سمبي وآخر إيجابي‪ .‬وبالنسبة لمجانب األول‪ ،‬يبلحظ‬
‫أن البيروقراطية تثبط روح االبتكار والتجديد واإلبداع‪ ،‬فيي ال تسمح بالتنمية الذاتية لمفرد وال بالتنمية الشخصية وانما تنمي‬
‫اتجاىات االنقي ‪u‬اد والخضوع وال تأخذ في الحسبان وجود تنظيم غير رس‪ u‬مي أو حدوث مش‪uu‬اكل طارئ‪ u‬ة‪ .‬كما أن الب ‪u‬يروق ارطي ‪u‬ة تع‪u‬نى‬
‫بالييكل الوظيفي الجامد والتدرج اليرمي الذي قد يؤدي إلى تشوه االتصاالت‪ ،‬ل‪u u‬ذلك ييتم ماكس في‪uu‬بر ب‪uu‬الفرد داخل الجماعة‪ ،‬حيث اعت ‪u‬بر‬
‫إن جميع البنيات االجتماعية كالدولة‪ ،‬التعاونية‪ ،‬وغيرىا من التجمعات ليست سوى شكل من أشكال‬
‫‪30‬‬
‫تطور النشاطات الخاصة بالفرد‪" .‬‬
‫أما م ازيا التنظيم البيروق ارطي فقد كانت نابعة من كونيا رد فعل منطقي لبعض الممارسات اإلدارية السمبية‪ ،‬ومن ذلك‬
‫محاباة األقارب واسناد األحكام إلى اليوى الشخصي وسيادة االتجاىات العاطفية وغيرىا من المظاىر التي تجمت في بداية‬
‫الثورة الصناعية‪ ،‬لذا كان المخرج من ىذا الوضع اإلداري السيئ ىو أن يحل سمطان العقل والرشد والقانون والموضوعية‪ ،‬وأن يكون‬
‫االعتبار والتقييم لمجدارة وحدىا‪ ،‬وبيذا وفرت البيروق ارطية الدقة والسرعة والمعرفة الكاممة بالمستندات واالستم ارر‬
‫‪31‬‬
‫وخفضت االحتكاك بين األف ارد وعززت التخصص ‪".‬‬
‫يفيم من ىذا الرأي أنو لم يقدم البيروقراطية عمى أن كميا شر فقط‪ ،‬وانما يمكن أن تكون خي ار إذا أحسن استخداميا من قبل‬
‫صياغة‬
‫معتمدا عمى منيجو في‬ ‫القائمين عمييا‪ ،‬وىذا ما أ ارد "ماكس فبير" إب ارزه من خبلل نموذجو البيروق ارطي المثال‬
‫وجيات النظر والت ارث النظري "تصعيد وجمع بين وجية نظر أو مجموعة وجيات نظر وتسمس‪u u‬ل وت ارب‪ uu‬ط مجموعة من‬
‫‪32‬‬
‫الشواىد المعطاة بش ‪u‬كل منعزل منتشرة ومتسترة بي ‪u‬ذا فإنن‪uu‬ا نرس‪ u‬م لوحة منسجمة "‪ ،‬ت‪uu‬برز نب ارت المثالي ‪u‬ة في التص‪uu‬ور الفي ‪u‬بري في كون‬
‫"النمط المثالي مجرد لوحة أو جدول من األفكار‪ ،‬إنو ليس الواقع التاريخي وليس أيضا الواقع األصيل بل يصمح‬
‫كخطاطة من خبلليا يتم تنظيم وترتيب الواقع إنو المثل أو النموذج الذي ال داللة لو سوى أنو تصور محدود مثالي خالص‪،‬‬
‫‪33‬‬
‫من خبللو نقيس الواقع لتوضيح المضمون االختياري لبعض العناصر الميمة التي تقارنو بيا "‪ ،‬وسوف نتعرض إليو‬
‫بشيء من التفصيل بعد أن ندرج تعريفو لمبيروق ارطية‪ ،‬فالبيروق ارطية عند ماكس فبير ىي عبارة عن "مجموعة صارمة وثابتة من‬
‫القواعد والعقوبات الج ازئية والمكاتب التي تحكم المنظمة ككل‪ .‬والمسؤولية موكمة بصفة خاصة لبعض الموظفين ويتم تنفيذ الواجبات طبقا‬
‫‪34‬‬
‫لبلئحة ثابتة‪ ،‬كما أن تنظيم المكاتب يتبع مبدأ التسمسل اليرمي ‪".‬‬

‫أعتقد أن نظرة فيبر ىذه لمفيوم البيروق ارطية ىي التي عرضتو النتقادات كثيرة من قبل الكثير من الباحثين اآلخرين‪ .‬خصوصا لما حدد‬
‫ىذا المفيوم في العقوبات الج ازئية وربط المسؤولية داخل التنظيم ببعض الموظفين فقط‪ ،‬إضافة إلى مبدأ‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫الص ارمة في التسمسل اليرمي الذي يجب أن يكون عمي‪u u‬و ىذا التنظيم‪ .‬أما إذا عدنا ثاني‪u u‬ة إلى موضوع الب ‪u‬يروق ارطي‪u u‬ة والنموذج الب ‪u‬يروق‬
‫ارطي عند ماكس فيبر نق ‪u‬ول أن ذيوع وانتشار ىذا المصطمح (الب ‪u‬يروق ارطي ‪u‬ة) في العموم االجتماعي ‪u‬ة يعود إلى التعري‪ u‬ف الكبلس ‪u‬يكي ال ‪u‬ذي‬
‫قدمو" فبير" والذي لم يشر فيو إلى أية مضامين سمبية‪ .‬فقد اعتقد أن البيروق ارطية ىي أعظم اخت ارع‬
‫اجتماعي توصل إليو اإلنسان‪ ،‬أو أن التنظيم البيروق ارطي يعد أكثر األشكال التنظيمية التي ابتدعيا اإلنسان حتى اليوم‬
‫كفاءة‪ ،‬وذلك ألن التنظيم الب ‪u‬يروق ارطي بالنس ‪u‬بة إلي ‪u‬و تي ميز عن بقي ‪u‬ة أش ‪u‬كال التنظيم األخرى ب ‪u‬التفوق من الناحي ‪u‬ة التقني ‪u‬ة‪ .‬وق‪ u‬د يعود ى ‪u‬ذا إلى‬
‫وضوح األدوار التي عمى الموظفين خاصة وأف ارد المجتمع عمى العموم القي ‪uu‬ام وااللت ازم بي‪uu‬ا‪ ،‬دونم‪uu‬ا ت‪u u‬دخل عوام ‪u‬ل خارج التنظيم‪.‬‬
‫"وحتى يوضح فيبر ىذا التفوق‪ ،‬فقد درس نماذج التنظيم المختمفة التي عاشتيا أوروبا مستخمصا ثبلثة نماذج‬
‫مختمفة ألشكال التنظيم‪ ،‬وىذه النماذج ىي<‬
‫أ‪ -‬السمطة التقميدية< وفي إطار ىذا النموذج‪ ،‬يستمد القائد شرعية من توارث السمطة‪.‬‬
‫ب‪ -‬سمطة الهبة اإلل هية< يستمد القائد شرعيتو من الخصائص الجسمية والقد ارت التي تي ميز بيا عن بقية األف ارد‪ ،‬مما‬
‫يجعل لو ىالة من التعظيم والتقدير نتيجة القدرة التي تي متع بيا‪ .‬وىذا النموذج يبلحظ في بعض الشخصيات الديني‪u u‬ة والق‪u u‬ادة العسكر ين والمصمحين‬
‫االجتماع ين الذين استطاعوا التأثير في توجيو أتباعيم نتيجة حسن التدبير وقوة الببلغة في الخطابة‬
‫والحزم‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫ج‪ -‬السمطة العقمية الشرعية< "وتقوم عمى أساس التنظيم العقمي لئلدارة والتسيير بصفة عامة "‪ ،‬حيث نبلحظ جميا تأثر فيبر بفكرة كانط‬
‫"لن يكون ذلك األصل أقل من ذلك الذي يسمو باإلنسان فوق ذاتو‪ ،‬بوصفو جزءا من العالم المحسوس‪ ،‬لن يكون ش‪u u‬يئا آخر غ‪uu‬ير الشخصية‬
‫أي الحري‪ u‬ة واالستقبلل تجاه قوانين الطبيعي‪u u‬ة بكامميا‪ ،‬متصورين في الوقت ذات‪u u‬و بوصفيا ق‪u u‬درة يمتمكي‪uu‬ا ك‪u‬ائن خاضع لق ‪u‬وانين خاص‪u‬ة أي لق ‪u‬وانين‬
‫‪36‬‬
‫وفي ىذا النوع من السمطة‬ ‫عممية خالصة معطاة بواسطة عقمو الخالص"‬

‫"يؤمن األف ارد بسمطة وسيادة القانون‪ ،‬وىذه السمطة تخص المجتمعات الحديثة التي تت ميز بالنظام الحكومي وتقوم عمى‬
‫‪37‬‬
‫ولعل أفضل نموذج من بين ىذه النماذج الثبلث بالنسبة لماكس فيبر ىو نموذج‬ ‫أساس التنظيم العقمي لئلدارة والتسيير‬
‫السمطة العقمية الشرعية‪ ،‬الذي يقوم عمى اإليمان بسيادة القانون وصوابو‪ ،‬إذ تفترض ىذه السمطة وجود مجموعة رسمية‬
‫مستقرة من المعايير االجتماعية تتولى تنظيم السموك تنظيما رشيدا‪ .‬بحيث تي مكن ىذا السموك من تحقيق أىداف محددة‪،‬‬
‫فالطاعة في ىذا النمط أو النموذج من السمطة ال تكون لشخص محدد‪ ،‬وانما تكون لمجموعة من المبادئ الموضوعية التي‬
‫تفرض إتب‪uu‬اع التوجيات واألوامر الصادرة عن الرئيس بغض النظر عن شخص‪u‬ية ى ‪u‬ذا ال‪uu‬رئيس‪ .‬وفض‪uu‬بل عن ذل‪uu‬ك ف‪uu‬إن ىن ‪u‬اك إج ارءات‬
‫واضحة تت بع لكي يشغل الرئيس وضعو االجتماعي (كالتع ين أو االنتخاب)‪ ،‬وبمقتضى ذلك يمارس سمطتو في إطار الحدود ال‪uu‬تي رس‪ u‬ميا‬
‫القانون الساري المفعول‪ .‬ويذىب فيبير إلى أن السمطة القانونية تمثل النمط الشائع في التنظيمات الحديث‪uu‬ة وعمى األخص الحكومي‪u u‬ة منيا‪ .‬ومن‬
‫السمات األساسية التي تبنى عمييا التنظيمات التي تستند إلى السمطة القانوني ‪u u‬ة فصل اإلدارة عن الممكي ‪u u‬ة الخاصة‪ ،‬ألن موارد التنظيم ال يمكن‬
‫أن تكون ممكا ألعضائو وأن وظائفو ال تباع وال تشترى وال تورث وال يمكن أن تضاف إلى الممكي ‪u u‬ة الخاصة‪ .‬أما الخصائص األساس‪uu‬ية‬
‫لمنموذج البيروق ارطي المثالي فقد حددىا "فيبر"‬
‫في النقاط اآلتية<‬

‫‪2‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪91‬‬
‫‪ o‬توزيع السمطة توزيعا ىرميا متسمسبل طبقا لقواعد محددة‪ .‬وتتركز في كل وظيفة عمى السمم اليرمي (وليس‬
‫الشخص نفسو)‪ ،‬سمطة ومسؤولية محددة‪ ،‬وتوجد عمى قمة اليرم طبقة اإلدارة التي تت كون من متخصصين عمى‬
‫مستوى رفيع من الخبرة والتدريب في إدارة البيروق ارطية‪o .‬‬

‫تحديد العمل المطموب وتعريف واجباتو تعريفا دقيقا وتوزيعيا عمى الم اركز الوطنية المختمفة بناء عمى تخصص‬
‫شاغمي ىذه الم اركز‪.‬‬
‫‪ o‬تع ين الموظفين بناء عمى شروط دقيقة ومحددة سمفا وىي‪ ،‬مؤىبلتيم وخصائصيم الفنية التي تطابق العمل‬
‫وصبلحيتيم لمقيام بأعبائو‪.‬‬
‫‪ o‬تدريب الموظفين تدريبا فنيا دقيقا عمى أعباء وظائفيم حتى تي قنونيا فترتفع كفاءة أدائيم‪.‬‬
‫‪ o‬االرتباط الدائم بين الموظف والبيروق ارطية واستق ارره في مينتو‪ ،‬وصعوده السمم اليرمي بالترقية عن طريق األقدمية‬
‫والجدارة‪.‬‬
‫‪ o‬إتباع نظام دقيق تي كون من قواعد واج ارءات وتعميمات تت ميز بالشمول والعمومية تضمن التطبيق الواحد لمحاالت‬
‫الواحدة‪ ،‬وتكفل استم ارر العمل بغض النظر عن األشخاص القائمين بو‪.‬‬
‫‪ o‬وجود نظام مستندي يحتوي عمى معمومات تفصيمية عن كل أمور العمل وجزئياتو يستند إليو الموظفون‪ ،‬وال‬
‫يتخذون خطوة معينة إال إذا كان مستند يعززىا‪.‬‬
‫‪ o‬قيام العبلقات بين العاممين‪ ،‬وبينيم وبين الجميور عمى أساس موضوعي‪ ،‬وال يسمح بالعبلقات الشخصية التي‬
‫‪38‬‬
‫تؤثر عمى الحكم السميم فتضعف لقاءه األداء‪".‬‬
‫يقال عن ىذا النموذج الذي صاغو "ماكس فيبر" أنو نموذ ٌج مثال ي‪ ،‬وكثي ار ما انتقد عمى ىذا األساس خاصة من قبل‬
‫ٌ‬
‫أصحاب االتجاه الوظيفي في عمم االجتماع‪ ،‬ألن الجانب الوظيفي فيو ىو الذي كان أكثر استيدافا لمنقد‪" .‬فإذا كان فيبر‬
‫قد اىتم بتوضيح إسيام العناصر التنظيمية المختمفة في تحقيق فعالية التنظيم(‪.‬وىذا ما أشرنا إليو في نموذجو المثالي)‪ ،‬فإنو لم ينجح‬
‫‪39‬‬
‫في الكشف عن المعوقات الوظيفية التي تنطوي عمييا ىذه العناصر ‪".‬‬

‫واذا كان قصده وىدفو أيضا‪ ،‬ىو صياغة نموذج يضمن قضاء المصالح وانجاز الميام بصفة موضوعية غير ذاتية تل حقيق‬
‫درجات عالية من الكفاءة في أداء األعمال‪ ،‬فإنو لم ينج من النقد كذلك‪ ،‬لما الحظ الوظيفيون أنو أىمل تأثير التنظيمات‬
‫غير الرسمية عمى التطبيق الواقعي ليذا النموذج(إذا أرت ىذه التنظيمات أنو ال يخدم مصالحيا) ألن "فيبر" غالى في‬
‫واج ارءاتيا الدقيقة‪ ،‬األمر الذي ال تي يح لمعاممين قد ار من حرية التصرف أو المبادرة أو اإلبداع‪،‬‬
‫التركيز عمى الرقابة المحكمة‬
‫فيصاب التنظيم كميا بالجمود‪.‬‬
‫كما يمكن مبلحظة أن ىذا النموذج التنظيمي يدعو العاممين إلى التركيز عمى إتباع اإلج ارءات التنظيمية حتى يتفادوا العقاب‪ ،‬مما‬
‫يكون لدييم ما يعرف بالشخصيات البيروق ارطية التي تعارف الناس عمييا اليوم‪ ،‬وأصبحت م اردفة لمبطء‬
‫وتأخير اإلنجاز والضعف الشديد في كفاءة األداء‪ .‬إضافة‬
‫إلى ىذا‪ ،‬فقد تعرض نموذج فيبر إلى انتقادات مركزة خاصة من قبل "بارسونز وغولدنر وايتزيوني"‪ ،‬حيث أشاروا إلى‬
‫أن فيبر أىمل جممة من "المتغي ارت" التي تتحكم في الجياز التنظيمي ككل ومنيا<‬

‫‪5‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪ o‬إىمالو لمشكمة الديمق ارطية في التنظيم‪.‬‬
‫‪ o‬إىمالو لمعبلقات الشخصية والجماعات غير الرسمية‪.‬‬
‫‪ o‬إىمالو لتأثير الروح المعنوية والرضا الوظيفي عمى األداء األمثل لمعمل‪.‬‬
‫‪ o‬إىمالو لمشكمة المسؤولية‪.‬‬
‫‪ -‬الفعمي‪ .‬ألنو جاء نتيجة واقع معين عاشو‬
‫ونتيجة ليذا فقد أظير نموذج "فيبر" اختبلالت ونقص كبيرين عند التطبيق‬
‫‪40‬‬
‫ماكس فيبر ‪".‬‬
‫وانطبلقا من كون "في ‪u‬بر" ق ‪u‬د اعتبر أن فعالي ‪u‬ة السمطة القانوني ‪u‬ة تتوقف عمى طريق ‪u‬ة وضع القواعد القانوني ‪u‬ة (باالتف‪u‬اق أو باإلجبار أو‬
‫بكمييما معا)‪ ،‬عمى أساس أن ىذه القواعد تت فق مع القيم الرشيدة‪ ،‬فق‪uu‬د حاول غولدنر (فيما بع‪u‬د) اختب‪uu‬ار بعض متضمنات نظري‪ u‬ة "في‪u u‬بر" في‬
‫الواقع‪ ،‬وأورد نت‪uu‬ائجو في كت‪uu‬ابو "أنماط الب ‪u‬يروق ارطي ‪u‬ة في الص‪uu‬ناعة" حيث خمص إلى أن "في ‪u‬بر" خمط بين نمطين من أنم‪u‬اط الس‪uu‬مطة‬
‫القانونية واعتبرىما نمطا واحدا‪ ،‬ىذان النمطان ىما البيروق ارطية النيابية والبيروق ارطية‬
‫‪41‬‬
‫الج ازئية ‪.‬‬
‫من جيتو فقد اتجو بيتر ببلو ‪ blau peter‬نفس االتجاه عندما حاول تحديد البيروق ارطية عمى أساس مبدئيا التنظيمي إما‬
‫‪42‬‬
‫مبدأ الفعالية اإلدارية وىو ما تحدث عنو ‪ P.Bernoux‬عنو "فيبر"‪ ،‬واما مبدأ حرية المخالفة وىو ما أىممو "فيبر ‪".‬‬
‫ونخمص بع‪uu‬د ى ‪u‬ذا‪" ،‬إلى أن االنتق‪uu‬ادات أو المبلحظات (عمى كثرتيا) ال ‪u‬تي وجيت لمنموذج المث‪uu‬الي لمتنظيم لم تقم‪uu‬ل من قيمت‪uu‬و بوص‪ u‬فو أداة‬
‫منيجية تعين عمى فيم الواقع الممموس‪ ،‬ويشيد عمى ىذا أن النموذج ظل ‪-‬و ال ي ازل‪ -‬مصدر إليام ونقطة انطبلق لكل من ش‪uu‬رع‬
‫في د ارسة التنظيم‪ ،‬ذلك ألن فيبر لم يقدم النموذج بطريقة توحي لمبعض باستخدامو استخداما حرفيا‬
‫جامدا‪ .‬ودليل ذلك ما نمحظو من تفاوت ومرونة في كتابات "ماكس فيبر" والمنيج الذي استخدمو بالفعل في تحميبلتو‬

‫التاريخي‪u u‬ة‪ .‬ولق‪uu‬د أوضح " ‪ "D.Martindale‬دون مارتن ‪u‬دال ىذه النقط ‪u‬ة بجبلء حينما أشار إلى أن "في‪u u‬بر" لم يكن يق‪uu‬ارن الظواىر المثالي‪u u‬ة‬
‫بالظواىر الواقعية لكي يكشف مدى االبتعاد والقرب بينيا‪ ،‬ولكنو كان يستخدم النموذج المثالي بوصفو أداة لممقارن‪ u‬ة التاريخي‪uu‬ة بين موقفين واقع ‪ u‬ين‬
‫أو أكثر‪ .‬وىنا تكمن أىمية النموذج المثالي من حيث أنو يمكننا من عزل العوامل التي تصبح المقارنة عمى أساسيا ىامة وحاسمة‪.‬فإذا دققن ‪uu‬ا‬
‫النظر فيما قدمو فيبير‪ ،‬فإننا لن نجد أي ضرب من المثالية فيما تضمنتو كتاباتو عن‬
‫عن الواقع الذي يمكن‬ ‫التنظيم البيروق ارطي‪ .‬لقد كان "فيبر" يعالج موضوعو عمى مستوى من التجريد ال يبعد كثي ار‬
‫مبلحظتو‪.‬‬
‫ويضيف "السيد الحسيني" تعقيبا آخر مضافا لمرأ ين السابقين (وفي نفس االتجاه)‪ ،‬وىو أن "فيبر" لم يستخدم مصطمح‬
‫التنظيم الب ‪u‬يروق ارطي لكي يق‪u u‬دم تحميب ‪uu‬ل ض ‪u‬يق النط‪u‬اق لمبن ‪u‬اء ال ‪u‬داخمي لمتنظيم (رغم أن‪u u‬و خص‪u‬ص بعض الص ‪u‬فحات من كت‪uu‬ابو لمناقش ‪u‬ة‬
‫خصائص التنظيم وبنائو الداخمي) كما نمحظ ذلك في النظريات والد ارسات الحديث‪u u‬ة في التنظيم‪ ،‬ولكن‪uu‬و استخدم ىذا المصطمح في نط‪u‬اق‬
‫تحميمو الحضاري المقارن الواسع النطاق‪ ،‬لكي يميز بين أنماط الس ‪uu‬مطات الثبلث وما يقابميا من أجيزة إداري‪ u‬ة مبلئمة لي‪uu‬ا‪ ،‬وفي حدود ى‪uu‬ذا‬
‫الفيم يصبح الخبلف حول التفصيبلت الدقيقة المتعمقة بالنموذج المثالي لمتنظيم مسألة‬
‫‪43‬‬
‫ىينة ‪".‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫‪91‬‬
‫وما يمكن استنتاجو من عرض ألفكار فيبر أن فيبر يرى أن الحياة االجتماعية في النظام ال أرسمالي خاضعة لدرجة عالي‪u u‬ة من الض ‪u‬بط‬
‫‪44‬‬
‫وليا ىيكل تنظيم تصاعدي يت‪u u‬ألف من م ارتب متدرجة بصورة عقبلني‪u u‬ة وف‪ u‬ق التخصص كما يف ‪u‬ترض في ‪u‬بر الرش‪ u‬د‬ ‫في إطار تنظيم عقبلني‬
‫في أعضاء التنظيم ويعتبرىم كآالت ال يؤثرون في السموك التنظيمي كما أن‪uu‬و رك‪ u‬ز عمى عدة عن اصر مث‪u u‬ل تقس‪uu‬يم العم ‪u‬ل والييك ‪u‬ل‬
‫التنظيمي وتحديد السمطة وتوزيع المسؤولية في التنظيم‪ ،‬وحسب فيبر فالتنظيم مغمق كما أن التنظيم البيروق ارطي عن‪uu‬ده ش ‪u‬كل أو نمط من‬
‫أنماط التنظيم تي صف بالعمومية والعقبلنية ويدعم قضيتو ىذه بالنموذج‬
‫السالف عرضو الذي ال ي ازل حتى اآلن مصدر إلليام الدارسين المحدثين‪.‬‬
‫‪ 3-‬روبرت ميشيمز (ومشكمة الديمق ارطية في التنظيم‪ ):‬إذا كان ماركس قد عالج التنظيمات البيروق ارطية في ضوء مفيومو‬
‫عن الصراع الطبقي واالغتراب وتصوره لممجتمع الشيوعي‪ ،‬واذا كان فيبر قد اىتم عموما بد ارسة التأثي ارت التي يمكن أن‬
‫تحدثيا التنظيما ت الب ‪u‬يروق ارطي‪u u‬ة عمى البناء السياس‪uu‬ي لممجتمع‪ ،‬فإنن‪uu‬ا نجد "روب‪ u‬رت ميش ‪u‬يمز يق‪uu‬دم تحميب‪uu‬ل جذابا لمسياس ‪u‬ة الداخمي‪u u‬ة ال‪uu‬تي تتبعي‪uu‬ا‬
‫التنظيمات الكبيرة الحجم ‪ ،‬ولكي يكشف ميشيمز عن أبعاد مشكمة الديمق ارطية في التنظيمات الحديثة الكبيرة الحجم‪ ،‬درس ‪Michels‬‬
‫‪45‬عددا من األح ازب االشت اركية ونقابات العمال في أوربا فيما قبل الحرب العالمية األولى‪ ،‬ثم قدم‬
‫قانونا شيي ار أطمق عميو القانون الحديدي "لؤلوليغارّشية" ‪46‬حكم األقمية في المنظمات ‪ ،‬فاألوليغارّشية "ىي حكم سياس ي‬
‫ّ‬
‫‪48‬‬ ‫‪47‬‬
‫تنحصر فيو السمطة بين أيدي عدد قميل من األف ارد أو األسر "‪" ،‬وىو دون شك مفيوم مرتبط بروبرت ميشمز‪ " .‬ومن خبلل‬
‫ىذه النتيجة قدم ميشيمز استنتاجا مؤداه أن كل التنظيمات الكبيرة الحجم تشيد نمو كبي ار في جيازىا اإلداري نموا يستبعد تحقيق ديمق ارطية‬
‫داخمية حقيقية‪ ،‬برغم ما تعتنقو ىذه التنظيمات من إيديولوجيات تؤكد المساواة وتكافؤ الفرص‬
‫وال ‪u‬ديمق ارطي ‪u‬ة‬
‫‪ .‬ولقد أوضح ميشيمز أن الديمق ارطية الحقيقية عسيرة التحقيق في التنظيمات الكبيرة الحجم‪ ،‬خاصة إذا ما كانت ىذه ال ‪u‬ديمق‬
‫ارطية تعني مشاركة كل أعضاء التنظيم في العمل السياسي المتعمق بإصدار الق ار ارت فمشاركة ىؤالء األعضاء‬
‫مستحيمة فنيا ‪ ،‬ألن كثي ار منيم ينتمون إلى طبقتي العمال وصغار الموظفين‪ ،‬فضبل عن أن كثي ار من مشكبلت التنظيم‬
‫تنطوي عمى تعقيد يفرض ضرورة وجود معرفة متخصصة وتدريب فني ال يتوفر لدى ىؤالء العمال والموظفين ويقابل ذلك موقف قادة‬
‫التنظيم‪ ،‬فبحكم موقفيم ىذا يتحكمون في قنوات االتصال وما يرتبط بيا من سمطة وقوة مما يدعم في النياية‬
‫أوضاعيم ويزيدىا رسوخا واستق ار ار وما يمبث ىؤالء القادة أن يكتسبوا من خبلل ممارستيم لوظائفيم معرفة متخصصة‬
‫وميا ارت سياسية بت عدىم بالتدريج عن المشكبلت الحقيقية لتنظيماتيم‪ ،‬وتشجعيم عمى السعي لتحقيق مصالحيم وأىدافيم الخاصة‪ ،‬وىكذا‬
‫يحدث تحول عن األىداف الديمق ارطية لمتنظيم‪ ،‬ويتضمن مؤلف ميشيمز باإلضافة إلى ذلك تحميبل‬
‫‪49‬‬
‫لديناميات العبلقة بين الصفوة والجماىير من خبلل مناقشتو لقضية الديمق ارطية ‪.‬‬
‫فبوصول القادة إلى م اركز القوة‪ ،‬يصبحون جزءا مكمبل لمصفوة وبذلك تصبح مصالحيم متعارضة بالضرورة مع مصالح‬
‫الجماىير ألنيم حينئذ سوف يسعون لتحقيق أوضاعيم حتى ولو كان ذلك عمى حساب التنظيم‪ .‬ومن الواض ‪u‬ح‬
‫أن ميشيمز قد تأثر ىنا بوضوح بالمبدأ الميكافيمي الذي يسمم بأن سموك أية جماعة مسيطرة أو حاكمة ينب‪u u‬ع من مصمحتيا الذاتي‪u u‬ة ‪ ،‬ثم درس‬
‫بعد ذلك األيديولوجيات المختمفة التي تستخدميا األقميات الحاكمة في تبرير أوضاعيا فذىب‬

‫‪5‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫إلى أن ىذه األقميات الحاكمة تسعى باستم ارر إلى إييام الجماىير بضرورة تحقيق الوحدة الداخمية واالستق ارر حتى يمكن‬
‫مواجية ما ييدد المجتمع من أخطار خارجي ‪u u u‬ة ‪.‬‬
‫‪ 4-‬تقييم اللت جاه النظري البيروق ارطي< إن ىذه النظريات تشترك جميعا في خاصية أساسية ىي محاولة تحميل المشكبلت الخطيرة التي‬
‫نجمت عن الحضارة الصناعية وما ترتب عمييا من نمو تنظيمي ىائل بيدف تقديم حمول حاسمة ليذه‬
‫المشكبلت‪ ،‬وليذا يمكن القول بأن كتابات ماركس وفيبر وميشيمز تشكل عموما إطا ار فكريا متسقا يعكس بصفة عامة‬
‫المشكبلت المختمف‪u u‬ة التي فرضيا النمو الكيفي والكمي ال ‪u‬ذي ط أر عمى التنظيمات في المجتمع ‪u‬ات الحديث‪u u‬ة‪ .‬إن التنظيم‬
‫البيروق ارطي لم يشغل المكان ‪u‬ة األساسية في نق‪uu‬د ماركس لممجتمع الصناعي‪ ،‬ذلك ألن ‪u‬و ق ‪u‬د نظر إلى مش‪uu‬كمتي الب ‪u‬يروق ارطي‪u u‬ة واالغت‬
‫ارب بوصفيما جزءا من مشكمة عامة ىي االستغبلل والسيطرة الطبقية‪ ،‬وعبلج ىذا الموقف عند ماركس‬
‫يكمن في إلغاء الطبقات ألن في ذلك قضاء عمى ك ‪u‬ل ضروب االغت ارب‪ ،‬وفي المجتمع الش ‪u‬يوعي ال ‪u‬ذي رس‪ u‬م ماركس أبع‪uu‬اده‪ ،‬س ‪u‬يختفي‬
‫االس‪u u‬تغبلل الطبقي تمام ‪u‬ا‪ ،‬ومن الواض ‪u‬ح أن التحمي ‪u u‬ل الماركس‪uu‬ي ق‪uu‬د ض ‪u‬يق من نط ‪u‬اق مص‪uu‬طمح التنظيم الب‪u u‬يروق ارطي ليقص ‪u‬ره عمى‬
‫التنظيمات اإلدارية في الدولة‪ ،‬كما أن موقف ماركس من ىذه التنظيمات مرتبط أساسا بفكرة الص ارع بين‬
‫الطبقات وما يسفر عنو من انتصار البيروليتاريا‪ ،‬واقامة مجتمع ال طبقي تختفي فيو التنظيمات البيروق ارطية اختفاء‬
‫تدريجيا‪ .‬إن تفاءل ماركس المتمث ‪u‬ل في إي مانو بحتمي ‪u‬ة ظيور مجتمع ال طبقي‪ ،‬ق ‪u‬د عاقو عن تحدي‪uu‬د المش ‪u‬كبلت التنظيمي ‪u‬ة بصفة عامة‪،‬‬
‫كما أن النمو الحديث لمتنظيمات الب ‪u‬يروق ارطي‪u u‬ة ال ‪u‬ذي ش ‪u‬يدتو مجتمعات ذات أنظم‪u‬ة اقتص‪u‬ادية واجتماعي‪u u‬ة وسياس ‪u‬ية مختمف‪u u‬ة‬
‫ليكشف بجبلء عن عدم تحقق تنبؤ ماركس باالنييار التدريجي في التنظيمات الحكومية‪ ،‬ومن ىنا يمكن‬
‫أن نعت‪uu‬بر تحميبلت فيبر وميش ‪u‬يمز مكمم‪u‬ة لنق ‪u‬د ماركس لم أرس‪ u‬مالية‪ .‬ذل‪u‬ك‬
‫أن فيبر قد انطمق منذ البداية من قضية أساسية ىي أن التنظيم البيروق ارطي شكل أو نمط من أنماط التنظيم تي صف بالعمومي‪u u‬ة وأىمي‪u u‬ة ى ‪u‬ذا‬
‫التنظيم بوصفو أكف ‪u‬أ الوسائل لتحقي ‪u‬ق األىداف المجتمعي ‪u‬ة ف ‪u‬النمو التنظيمي أصبح يعني الس ‪u‬يطرة الكامم‪u‬ة لمتنظيم الر ‪u‬ش يد عمى ك‪u‬ل النظم اإلدار‪u‬ي ة‬
‫الحديثة‪ ،‬رغم االختبلف الشديد بين وجيتي نظر ماركس وفيبر إال أننا نستطيع أن نممس عنص ار مشتركا في اتجاىيما ىو د ارسة مش‪uu‬كمة‬
‫التنظيم من وجية نظر واسعة ومن منظور تاريخي فالمشكبلت التي‬
‫أثارىا مشكبلت تت عمق ب‪u u‬المجتمع ككل‪،‬ذلك المجتمع ال ‪u‬ذي يعد وحدة أساس ‪u‬ية في تحميبلتيما‪ .‬أم‪u‬ا موق‪ u‬ف‬
‫"روبرت ميشيمز" من التنظيم فيختمف إلى حد كب ‪u‬ير عن موقف س ‪u‬مفيو‪،‬فمق‪uu‬د نظر إلى التنظيم بوصفو نظاما لمس ‪u‬يطرة السياس ‪u‬ية وأداة تس ‪u‬تخدميا‬
‫قمة حاكمة‪ ،‬وىي لذلك تسعى جاىدة إلى إبعاد القوة عن مصدرىا الشرعي تل كون في ي‪u u‬دىم أداة لخدمة مص ‪u‬الحيم الخاصة‪ ،‬وكم‪uu‬ا‬
‫أنو اكتفى تب حميل دور األقميات الحاكمة في التنظيم وما يرتبط بذلك من مشكبلت‬
‫ديم‪ uuuuuuuuuuuuuuuuuuu‬ق‬
‫ارطي‪u u‬ة‪ .‬ولو أمعنا مرة أخرى النظر في تحميبلت كل من ماركس وفي ‪u‬بر وميش ‪u‬يمز أني‪uu‬ا تنطوي عمى عناصر مش ‪u‬تركة‪ ،‬لع‪u‬ل أىمي ‪u‬ا‬
‫اتس‪uu‬اع نطاق مع‪uu‬الجتيم لظ‪uu‬اىرة التنظيم‪ ،‬ذل‪uu‬ك أنيم لم يدرس‪ u‬وا التنظيمات في ف ارغ سياس‪uu‬ي واجتم‪uu‬اعي كم‪uu‬ا تفع ‪u‬ل بعض‬
‫النظريات الحديثة بل ربطوا ىذه الظاىرة بالبناء االجتماعي وما تي ضمنو من ص ارع ومشكبلت‪ ،‬فمقد تتبعوا المش ‪u‬كبلت األساس ‪u‬ية‬
‫في المجتمع حتى وصموا إلى انعكاساتيا عمى الواق‪uu‬ع التنظيمي‪ ،‬ثم عادوا مرة أخرى فدرس‪ u‬وا الت‪uu‬أثي ارت ال‪uu‬تي تحدثيا التنظيمات الب ‪u‬يروق‬
‫ارطية عمى بناء القوة في المجتمع‪ ،‬ولقد أثروا تحميبلتيم ىذه بمنظور تاريخي واسع مكنيم من د ارسة‬

‫‪5‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫المجتمعات والتنظيمات د ارسة دينامية ولقد ساعدىم ذلك أيضا عمى إد ارك المشكبلت التنظيمية األساسية وتحديد نتائجيا‬

‫وآثارىا‪ .‬عمى أن الشيء الجدير بالتأكيد ىنا ىو أن ىذه التحميبلت الكبلسيكية لم تستند في الغالب إلى شواىد واقعية ب‪uu‬المعنى المعروف في‬
‫الد ارسات الحديثة‪ ،‬ولكن مع ذلك تكشف عن وعي عميق بالفارق بين ما يقولو الناس وما يفعمونو‪ ،‬بين‬
‫عبلقاتيم االجتماعية كما تعبر عنيا الموائح والقواعد الرسمية‪ ،‬وعبلقاتيم الواقعية في ضوء القوة والسمطة‪ .‬ومن اليسير بعد‬
‫ذلك أن نكشف عن سمة مشتركة تسم التحميبلت الكبلسيكية عموما‪ ،‬ىي اىتماميا بد ارسة تأثير التنظيمات البيروق ارطية عمى وجود الفرد‬
‫وحريتو فماركس يؤكد فكرة اغت ارب اإلنسان وضياعو وضعفو أمام الطبقة المتسمطة التي تسيطر عمى التنظيمات البيروق ارطية‪،‬‬
‫وفبير يكشف عن انييار شخصية العامل نتيجة لزيادة حدة تقسيم العمل‪ ،‬ثم يؤكد بعد ذلك سيطرة التنظيمات الكبيرة الحجم عمى المجاالت‬
‫االقتصادية والسياسية والتعميمية والعسكرية‪ ،‬مما ترتب عميو زيادة الصورية واآللية والجيل بما يحيط بو وعدم القدرة عمى استيعاب‬
‫األىداف التنظيمية والتوحد معيا‪ ،‬لذلك يشير "الباساد"‬
‫"‪ Lapassade‬أول ما ُيعاب عمى البيروق ارطية ىو أنيا تسمب األف ارد القيام باالتصال والمبادرة‪ ،‬وتح مل مسؤولية أعماليم‪،‬‬
‫‪50‬‬
‫وقدرتيم عمى اّتخاذ الق ار ارت ‪ ،‬وأخي ار ييتم ميشيمز بتوضيح الجانب السياسي الغت ارب الفرد‪ ،‬والضياع الذي يعاني منو‬
‫أعضاء التنظيم نتيجة النص ارف القمة الحاكمة عن شؤون التنظيم ومشكبلتو‪ ،‬فالبيروق ارطية" تجرد أعضاء المنظمة من‬
‫‪5‬‬
‫حقيم في اتخاذ الق ار ارت‪ ،‬وتحوليم إلى مجرد أف ارد ينفذون ما يتمقونو من أوامر‪ ،‬تمنع أعضاء المنظمة من اإلحاطة الوافية بالوقائع‬
‫‪52‬‬ ‫‪1‬‬
‫"‪" ،‬وتجردىم من إمكاّنية قياس مجيودىم الخاص‪ " .‬ووفقًا لموكاس (‪"،)Lukas‬إ ّن العالم البيروق ارط ي ىو عالم ال‬
‫ّ‬
‫‪53‬‬
‫ذات ي‪ ،‬ومكممو الضروري ىو ما يسميو الماركسيون الوعي ال ازئف‪" .‬‬
‫ّ‬
‫إن ىذه النظريات قد استخدمت في بعض األحيان مفاىيم غير دقيقة‪ ،‬وكنتيجة لذلك كمو نجد ىذه النظريات تت ضمن‬
‫تعميمات وأحكام عامة ال تصدق إال تحت ظروف معينة ولق ‪u u‬د أث ‪u u‬ارت ىذه النقطة بالذات اىتمام الدارس‪ u‬ين المحدثين لمتنظيم‪ ،‬وحاولوا‬
‫اختبارىا اختبا ار واقعيا بيدف التعرف عمى الظروف ال‪uu‬تي تكشف عن مدى صدقيا ومبلءمتي‪uu‬ا‪ ،‬ولق‪uu‬د اقتض ‪u‬ى ذل ‪u‬ك تح‪uu‬ول االىتم‪uu‬ام من‬
‫المس ‪u‬توى المجتمعي إلى المس ‪u‬توى التنظيمي ومن النظرة الرحب‪u u‬ة الواس ‪u‬عة النطاق إلى نظرة ض‪u‬يقة محدودة نس‪uu‬بيا‪ ،‬كم‪uu‬ا أنيم لم يدرس‪ u‬وا‬
‫المعوقات التنظيمية بشيء من الدقة والتحميل بل كانت تحميبلتيم ليا في السياق العام لممشكبلت‬
‫التنظيمية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬
‫الهوامش والم ارجع‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪A. Mucchielli, Approche systémique et communicationnelle des organisations, Armand‬‬
‫‪Colin, Paris, 1998, P.100‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jacques Attali, Karl Marx, ou l’esprit du monde, éditions fayard, Paris, 2005 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Karl Marx, "Préface ", in Contribution à la critique de l’économie politique, Paris, Éditions‬‬
‫‪sociales, 1972, p. 18.‬‬
‫‪5‬‬
‫)‪Marx, Karl, "Le Capital", in Œuvres Économie I, Gallimard (Bibliothèque de la Pléiade‬‬
‫‪,1965.p864.‬‬
‫‪6‬‬
‫األخرس‪ ،‬صفوح‪ ،‬عمم االجتماع العام‪ ،‬المطبعة الجديدة‪ ،‬دمشق‪ ،1:;7 ،‬ص‪7:.‬‬
‫‪7‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪9:.‬‬
‫‪8‬‬
‫زىري‪ ،‬زينب محمد‪ ،‬واسماعيل‪ ،‬محمد قباري‪ ،‬أساسيات عمم االجتماع االقتصادي‪ ،‬ط‪ ،7‬المنشأة العامة‪ ،‬لمنشر‬
‫ص ص ‪ 7:;7،‬ليبيا‪ ،‬اربمس‪ ،‬ط واإلعبلن‪791-78: 9 ،‬‬
‫‪Fletcher, R., The Making of Sociology، Beginning and foundations, volume 1, Nelson’s‬‬
‫‪university, G.B, 1972, P.388.‬‬
‫‪10‬‬
‫بمقاسم سبلطنية‪ ،‬واسماعيل قيرة‪ ،‬التنظيم الحديث لممؤسسة التصور والمفهوم ‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الفجر لمنشر و التوزيع‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،:111 ،‬ص ‪. 719‬‬
‫‪11‬‬
‫الحسيني‪ ،‬السيد محمد‪ ،‬النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم‪ ،‬ط‪ ،7‬دار المعارف بمصر‪ ،91;7 ،‬ص ص ‪:8-;8.‬‬
‫‪12‬‬
‫شتا‪ ،‬السيد عمي‪ ،‬اغت ارب اإلن سان في التنظيمات الصناعية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دون تاريخ نشر‪،‬‬
‫ص ‪.17‬‬
‫‪13‬‬
‫عمي سعيدان‪ ،‬بيروق ارطية اإلدارة الج ازئرية‪ ،‬الشركة الوطنية لمنشر والتوزيع‪ ،‬الج ازئر‪ .7:;7 ،‬ص‪87.‬‬
‫‪14‬‬
‫الحسني ‪،‬السيد ‪ ،‬النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪18.‬‬
‫‪15‬‬
‫ريموند أرون‪ ،‬المجتمع الصناعي‪ ،‬ترجمة فكتور باسيل‪ ،‬منشو ارت عويدات‪ ،‬بيروت‪،.87;7 ،‬ص ‪81.‬‬
‫‪16‬‬
‫حسن شحاتة سعفان‪ ،‬د ارسات في عمم االجتماع االقتصادي‪ ،‬المطبعة العالمية‪ ،‬القاىرة‪ ،.97;7 ،‬ص ‪799.‬‬
‫‪17‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪777.‬‬
‫‪18‬‬
‫الحسني‪ ،‬السيد‪ ،‬النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪Boutot, Alain, La pensée allemande Moderne, PUF, que.sais.je, 1995, p29.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Max Weber, L'Éthique protestante et l'esprit du capitalisme, Paris, Gallimard, 2004.‬‬
‫‪21‬‬
‫مصطفى عشوي‪ ،‬أسس عمم النفس الصناعي التنظيمي‪ ،‬المؤسسة الوطنية لمكتاب‪ ،‬الج ازئر‪،1;;7،. ،‬ص‪:8.‬‬
‫‪22‬‬
‫ماكس فيبر‪ ،‬رجل العمم ورجل السياسة‪ ،‬ترجمة نادر ذكرى‪ ،‬دار الحقيقة‪ ،1:;7 ،‬ص‪;8.‬‬
‫‪23‬‬
‫قباري محمد إسماعيل‪ ،‬عمم االجتماع الصناعي ومشكالت اإلدارة والتنمية‪ ،‬منشأة المعارف‪ . ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫ص‪.179،1:;7‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Jean-Pierre Durand et Robert Weil, Sociologie contemporaine, Ed Vigot, Paris, 1989, p‬‬
‫‪377.‬‬
‫‪25‬‬
‫محمد عاطف غيث‪ ،‬قاموس عمم االجتماع‪ ،‬دار الفرقة الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،1111 ،‬ص ‪11.‬‬
‫‪26‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪18.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ISSN: 2437-0827‬‬ ‫مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع‬
‫‪DOI:5424/IJO/‬‬ ‫‪91‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫مجمد‪10 :‬‬

‫‪27‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪18.‬‬
‫‪28‬‬
‫سييل إدريس‪ ،‬المنهل‪ ،‬قاموس عربي فرنسي‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪،1111 ،‬ص‪7:1.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪Le petit la rousse, Ulustre-Maury Imprimeur S.A , Paris , 2001 ,P160.‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Weber Max, Economie et société, Vol 1, Paris, Pocket, Plon, 1995, p. 41‬‬
‫‪31‬‬
‫محمد منير حجاب‪ ،‬الموسوعة اإلعالمية‪ ،‬المجمد الثاني‪ ،‬دار الفجر لمنشر والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،1118 ،‬ص ‪،778‬‬
‫‪.779‬‬
‫‪32‬‬
‫‪Weber Max, Essais sur la théorie de la science. Libraire, plan, 1965, p172.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪Weber Max, Essais sur la théorie de la science, Op.cit, p 177.‬‬
‫‪34‬‬
‫وليام روث‪ ،‬تطور نظرية اإلدارة ‪ ،‬ترجمة عبد الحكيم أحمد الخ ازمي‪ ،‬إت ارك لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫ص‪.1:،1117‬‬
‫‪35‬‬
‫مصطفى عشوي‪ ،‬أسس عمم النفس الصناعي التنظيمي‪ ،‬المؤسسة الوطنية لمكتاب‪ ،‬الج ازئر‪،.1;;7،‬ص‪;8.‬‬
‫‪36‬‬
‫‪Kant Emmanuel, Critique de la raison pratique, PUF, Paris, p 91.‬‬
‫‪37‬‬
‫فاروق مدارس ‪ ،‬التنظيم و عالقات العمل ‪ ،‬مؤسسة االخوة مدني ‪ ،‬الج ازئر ‪ ، 1111 ،‬ص ‪. 77‬‬
‫‪38‬‬
‫سعيد يس عامر وعمي محمد عبد الوىاب‪ ،‬الفكر المعاصر في التنظيم واإلدارة ‪ ،‬ط ‪ 1.‬مركز وايد سرفيس لبلستشا ارت‬
‫والتطوير اإلداري‪ ،‬مصر‪ ،:;;7 ،‬ص ص ‪77-71.‬‬
‫‪39‬‬
‫السيد الحسيني‪ ،‬النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪:7.‬‬
‫‪40‬‬
‫طمعت إب ارىيم لطفي‪ ،‬عمم االجتماع الصناعي‪ ،‬شركة عكاظ لمنشر والتوزيع‪ ،‬السعودية‪ ،1:;7 .‬ص‪771.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪Bagla-Gökalp L, Sociologie des organisations, Paris, coll. Repères, 8991, P 43.‬‬
‫‪42‬‬
‫‪Bernoux. (P) .L a sociologie des organisations. Ed du Seuil. Paris.1985. P 470.‬‬
‫‪43‬‬
‫الحسني السيد ‪ ،‬النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪87.‬‬
‫‪44‬‬
‫عمي ليمى ‪ ،‬النظرية االجتماعية المعاصرة‪ ،‬األن ساق الكالسيكية ‪ ،‬المكتبة المصرية ‪ ،‬االسكندرية ‪،1111،‬ص ‪des 7;8.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪oligarchiques tendances les sur essai : politiques partis Les Michels, Robert,‬‬ ‫‪1971.‬‬
‫‪,Flammarion, Jankelevitch, S. de française traduction démocraties‬‬
‫‪46‬‬
‫الحسني السيد‪ ،‬النظرية االجتماعية و د ارسة النظم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪88.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪D’après le dictionnaire encyclopédique Quillet‬‬
‫‪48‬‬
‫‪Robert, Michels, Les partis politiques ، essai sur les tendances oligarchiques des‬‬
‫‪démocraties, Op.cit, P 309.‬‬
‫‪50 49‬‬
‫‪.81‬‬ ‫ص سابق‪ ،‬مرجع السيد‪ ،‬الحسني‪،‬‬
‫‪Lapassade, G, groupes, organisations, institutions, Bordas, Paris 1974, P.148‬‬
‫‪51‬‬
‫‪M. Crozier, Le Phénomène bureaucratique, Op. cit, P.229‬‬
‫‪52‬‬
‫‪Id, P. 256‬‬
‫‪53‬‬
‫‪Lapassade, G, Op. cit, P. 94‬‬

‫‪5‬‬

You might also like