Professional Documents
Culture Documents
محاولة في الاتجاهات السوسيولوجية للتنظيم - النظرية الكلاسيكية للتنظيم - كارل ماركس، ماكس فيبر، روبرت ميشلز
محاولة في الاتجاهات السوسيولوجية للتنظيم - النظرية الكلاسيكية للتنظيم - كارل ماركس، ماكس فيبر، روبرت ميشلز
DOI:5424/IJO/21547 المنظمات
9102 01 :عدد 10 :مجمد
dr.aliouaali@yahoo.fr ، سوق أه ارس- جامعة محمد الشريف مساعدية، أستاذ محاضر أ، عمي عميوة.د
:المم ّخص
عند،من خبلل ىذه الورقة البحّثية أردنا تسميط الضوء عمى مفيوم التنظيم في النسق الكبلسيكي وبدايات التنظير الجادة ليذه الظاىرة
في محاولة مّنا لتفسير السموكات التنظيمّية وربطيا،كل من كارل ماركس وماكس فيبر وروبرت ميشمز
.باألطر التاريخية والسوسيولوجية القائمة آنذاك
كما ُيعتبر االتجاه البيروق ارطي لمتنظيم عند ىؤالء من أىم المقاربات السوسيولوجية لمتنظيم في النظرية الكبلسيكية رغم
.المحاولات الحديثة في ق ارءة الواقع من خبلل ىذه المقاربات بطريقة جديدة
. روبرت ميشمز، ماكس فيبر، كارل ماركس، االتجاه البيروق ارطي،الكممات المفتاحية< سوسيولوجيا التنظيم
Abstract:
In this paper we wanted to highlight the concept of regulation in the classical style
and the beginnings of serious theorization of this phenomenon, in both Karl Marx and Max
Weber and Robert Michels, in an attempt to explain organizational behavior and link it to the
historical and sociological frameworks of the time.
The bureaucratic orientation of the organization is one of the most important
sociological approaches to organization in classical theory, despite recent attempts to read
reality through these approaches in a new way.
Keywords: Sociology of Organization, Bureaucratic Direction, Karl Marx, Max Weber,
Robert Michaels
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
تمهيد:
واش ارك لؤلف ارد في العممية االجتماعية عامة ،سواء التنظيم االجتماعي بشكل عام ىو تقسيم لمميام
كانت
مفردة تنظيم تعني "كل مشروع تشترك فيو جماعة من
اقتصادية في تقسيم العمل والميام ،أو تربوية أو ،...لذلك فإ ّن
البشر( ،إدار ّي ،أو تجار ّي ،أو صناع ي ،أو خاص بالتقديمات االجتماعية) خاص أو عام ،سياس ي أو إيديولوجي ،يعمل
ّ ّ
وفقًا لت ارتّبية واضحة أ ّي تّوزع مناصب العمل والمسؤوليات ،ويجري التنسيق وم ارقبة النتائج ،ويرتبط بمحيط معين ،ويحّ دد
1
صية معنوية"2 .
أىدافًا ووسائل ،ويتخذ مق ًار وشخ ّ
وقد كان التنظيم االجتماعي محل بحث لمكثير من الفبلسفة في الفكر التنظيمي ،ثم أرسى قواعد تمخضت عنو ولادة عمم
التنظيمات ،لذلك كان ل ازما عمينا أن نتكمم في ىذا الفصل عن مختمف االتجاىات والمدارس والمداخل النظرية في ق ارءة
وتفسير وتأويل الظواىر التنظيمية.
وكانت أىم الكتابات الجّا دة المن ّظرة لمتنظيم في بداياتيا مع عصر الصناعة والعمل ،ىي كتابات كارل ماركس وماكس فيبر
وروبرت ميشمز في االتجاه البيروق ارطي لمتنظيم- .
1التصور الماركسي لمتنظيم" :ال يمكننا فيم القرن العشرين دون فيم القرن التاسع عشر و ال يمكننا فيم القرن التاسع
في كتابو "ماركس أو روح
عشر دون ق ارءة ماركس" ،كممات كتبيا جاك أتالي jacques Attaliعن ماركس Marx
3
العuuالم " ،فالنظري uة الماركسu uية تعuuالج كuuثي ًار من القض uايا المتعمق u uة بالتنظيمuuات االجتماعي u uة ،ومق uuدار تأثيرى uا في مسuuتويات األuuداء
واإلنتاجي u uة،كالص ارع الطبقي ،والبناء االجتماعي وقضايا اإلنت uuاج ،وظروف العمل المتنوعة وقض uايا التغ uير والتطور ض uمن التنظيم uات
الصناعية وخارجيا ،وتعد مشكمة االغت ارب واحدة من القضايا التي يمكن من خبلليا معرفة العناصر األساسية
في التحميل الماركسي المتعمقة بقضايا التنظيم.
تي كون البناء االجتماعي لمتنظيم بمعناه العام (الم اردف لمفيوم المجتمع) وفق المنظور الماركسي من بنيتين أساسيتين<
oالبنية التحتية.
oالبنية الفوقية.
وتتألف البنية التحتية من عبلقات اإلنتاج وقوى اإلنتاج ،أما البنية الفوقية فتتألف من السياسة ،والقانون ،والفن ،واألدب،
والفمسفة ،والدين ،وقد ربط ماركس استق ارر ىذه البنى الفوقية باألساس االقتصادي "فالتغيير في األساس االقتصادي سيؤدي
التفاعبلت التي 4
ويحدث التغير في البناء االجتماعي نتيجة عاجبل أم آجبل إلى سيوقع اضط اربا في كل البنى الفوقية "
تحدث في البنية التحتية ،أي بين قوى اإلنتاج وعبلقات اإلنتاج ،والتي يسمييا (ماركس) بالعبلقات االجتماعية ،فماركس
يعتقد كثي ار بما يسمى"القوة الجماعية" كون اإلنسان حيوان اجتماعي "فالتواصل االجتماعي وحده القادر عمى مضاىاة
5
الغ ارئز الحيوانية ،مما يزيد من قدرة األداء الفردي" .
6
ويبين التحميل الماركسي أن أسس التناقض داخل كل البناء االجتماعي مرتبطة بعاممين أساس ين ىما <
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
oظروف موضوعية معطاة (قوى اإلنتاج وعبلقات اإلنتاج).
oضرو ارت بشرية مقرونة برغبة تفصح عن نفسيا بشكل حاجات متجددة ومتطورة.
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ عدد: مجمد10 :
91
ويعطي التحميل الماركسي أىمية بالغة وأساسية لمظروف الموضوعية عمى أنيا"<المركب الكمي لمقوى الطبيعية ،والقوى
7
التقنية والتنظيم االجتماعي التي تيدف إلى كفاية حاجات اإلنسان الضرورية االقتصادية " ،ولم ييتم التحميل الماركسي بأثر
القيم المحفزة لمتغي uير والتطوير ،الuuتي ت uؤثر في البن uاء االجتماعي ،وأىمuل أثرى uا الفعال في قضuايا التنظيم االجتمuاعي جميعيuuا ،إذ رك uز عمى
األساس االقتصادي لمبناء االجتماعي ،ألن لمعبلقات االقتصادية أث ًار أساسيًا في تكوين التنظيمات االجتماعية المتعددة .والواقع أن وجي uة
نظر الماركسية التقميديu uة في ىذه القضية المتعمقu uة بu uالقيم والعوامل التي تحرك أو تؤثر في البناء االجتماعي فييuuا بعض التطرف ،وذل uك لتركيزى uا
الكبير عمى العنصر االقتصادي وحده أو(البنية التحتية) بوصفيا "المحرك
أو المؤثر الوحيد في جميع النظم السائدة في البناء االجتماعي ،واىماليا أثر باقي العوامل المختمفة التي ال تقل أىمية عن
8
األثر االقتصادي المادي " .وىناك كثير من المفكرين الذين يؤيدون وجية النظر الماركسية ،منيم (فميتشر) الذي يقول< "البناء االقتصادي ىو
9
األساس الحقيقي لممجتمع ،ومنو تنبثق المؤسسات التشريعية والسياسية لمبناء األعمى الذي يشuuغل بدوره األساس االجتماعي " ولم يحتu uل
موضوع التنظيم االجتماعي مكان ًuا أساس uيًا في النظري uة الماركس uية ،عمى ال uرغم من أني uا أس uيمت في شuuرح قضuuايا التنظيم الب uيروق
ارطي ال أرسمالي وتفسيره ،من خبلل معالجتيا لمسائل الص ارع الطبقي ،وأزمة
المجتمع ال أرسمالي وحتمية المجتمع الشيوعي ،إذ أرى التحميل الماركسي أن التنظيمات البيروق ارطية أداة طيعة تستخدميا
التنظيمات االجتماعية ال أرسمالية والطبقة المالكة الحاكمة من أجل إحكام السيطرة عمى العمال واستغبلليم بأشكال متعددة ،إذن
فالتنظيمات البيروق ارطية عند ماركس تشكل فئة اجتماعية متميزة ،يرتبط وجودىا بانقسام المجتمع إلى طبقات
10
اجتماعية ،إلى جانب تدعيميا لموضع القائم ،فرض النظام ،استم ارر آليات القير واالستغبلل".
فتنظيمات العمل في المجتمع الصناعي ال أرسمالي (وفق التحميل الماركسي) ىي تنظيمات بيروق ارطية ،وىي ال تشغل وضعًا عضويًا
في البناء االجتماعي ،فضبلً عن أنيا ال ترتبط بعممية اإلنتاج ارتباطًا مباش ًار ،فوجودىا وجود مؤقت ونموىا نمو
طفيمي ،وميمتيا األساسية ىي االحتفاظ باألوضاع ال ارىنة التي تت مثل في استغبلل الطبقات الحاكمة لمطبقات المحكومة ،وفي ظل ىذه
الظروف يصبح نمو ىذه التنظيمات أم ًار حتميًا في مجتمع ينقسم إلى طبقات ويسعى باستم ارر إلى تدعيم
11
التقسيمات الطبقية والحفاظ عمييا .
ويفقد العاممون في مثل ىذه التنظيمات القدرة عمى اإلبداع والمبادرة واالبتكار الخبلق ،وتنتشر بينيم مظاىر التنصل من المسؤولية ،وتظ uير
الخبلفات والص ارعات ضمن أجواء العمل ،بدافع السعي و ارء المصالح الشخصية بين العمال ،ومن خبلل السعي الحثيث بالوس uائل
المشروعة وغير المشروعة لمحصول عمى الترقية أو المكافأة واكتساب مكانة اجتماعية
مرموقة ،كل ذلك لتدعيم أوضاعيم ووجودىم غير المستقر ،مما يسيم سمبيًا في تدىور مستويات أدائيم وانتاجيتيم ،بسبب
عدم االستق ارر االجتماعي والنفسي ضمن التنظيمات ذات الطابع البيروق ارطي الذي يعامل الفرد العامل وكأنو شيء مجرد،
وال يعuuاممو عمى أنu uو إنس uuان يحمuuل من األحاسuuيس والمشuuاعر الشuuيء الكثuuير.
ويوضح التحميل الماركسي لمشكمة االغت ارب أىم العناصر األساسية الuuتي يعتمدىا في د ارس uتو لمشuكبلت التنظيم وقضuاياه األساسuية ،وىي
المشكمة التي دِ رست في ضوء النظرية العامة حول ص ارع الطبقات ،وقد احتل مفيوم االغت ارب مكانة ميمة
في فكر (ماركس) ،بعد أن وجد مظاىره منتشرة في عبلقات العاممين بعضيم مع بعض ،وفي عبلقتيم ببقية أف ارد المجتمع،
وبداخل التنظيمات المنتشرة في المجتمع.
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ عدد: مجمد10 :
91
وقد أفرز التطور االقتصادي مشكمة االغت ارب االجتماعي والنفسي لدى العاممين في التنظيمات الصناعية ال أرسمالية،
فتحطيم العمال آللالت ،والتخريب االجتماعي ،والرفض الثوري ،واالحتجاجات بأشكاليا المتعددة ،كميا أسيمت في فق uدان الش uعور بuالوالء
لمتنظيم ال أرسمالي ،ولذلك غاب الشعور بالعضوية في المجتمع الصناعي مما أدى إلى العزلة االجتماعية لمعاممين ،وقد أرجع التحميل
الماركسي تمك الظاىرة إلى الممكيu uة الخاصة لوس uائل اإلنتاج ،وتقس uيم العمuل ،والص ارع الطبقي الق uائم عمى االس uتغبلل واالس uتئثار بالسuuمطة
والنظر إلى العامل "عمى أنو وسيمة وليس غايu uة بحد ذاتuuو ،وال مندوحة لمخروج من حال uة االغت ارب ال uتي يعانيي uا عمال المجتمع ال
أرسمالي إال بالقضاء عمى الممكية الخاصة واالستغبلل ،ومعاممة العمال معاممة
12
إنسانية تناسب طبيعتيم البشرية وتحقق متطمباتيم االجتماعية والنفسية التي تحقق ليم االستق ارر والتوازن " .وان ىذا الوباء
(االغتراب) الذي استشرى في التنظيمات االجتماعية والصناعية ال أرسمالية ليس حك ًار عمى العبلقة بين العاممين في
التنظيمات البيروق ارطية وبقية أف ارد المجتمع ،بل إنو موجود داخل التنظيمات نفسيا ،من تسمسل رئاسي دقيق ،ونظام محدد ،واحت
ارم شديد لمسمطة ،وقائمة القوانين والواجبات ،وكميا صور من صور االغت ارب ،التي تنعكس سمبيًا في عدم الكفاية
اإلنتاجية لتمك التنظيمات االجتماعية واالقتصادية.
ويجد أنصار التحميل الماركسي أن ثورة البروليتاريا ،والقضاء عمى المجتمع الطبقي ،وتبلشي الدولة وتنظيماتيا المختمفة،
واحبلل الممكية العامة مكان الممكية الخاصة والدعوة إلى الحرية الفردية المستندة إلى إدارة ديمق ارطية قائمة عمى الممكية
العامة لوسائل اإلنتاج كل ذلك من شأنو أن يسيم في القضاء عمى مشكمة االغت ارب لدى العمال ،ويسيم في تحقيق توحدىم
مع مؤسساتيم ،وتنظيماتيم االجتماعية" ،فيكون من السيل عمى كل فرد أن يقوم بدور الرئيس والمرؤوس وبذلك تزول
14 13
الدولة " "ويصبح العامل بعد ذلك مواطنا تي متع بالديمق ارطية الحقيقيةَ ،ينتخب ُوينتخبُ ،يدير ُوي َدار"
كما تجدر اإلشارة ىنا كذلك ،إلى أن ماركس لم بي ن فمسفتو ونظرياتو ىذه من العدم بل تأثر بالكثير من األفكار التي سبقتو أو عاصرىا ،ومنيا
عمى سبيل المثال وليس من باب التحديد ،آ ارء الفيمسوف الفرنسي توكفيل .عمى الرغم من تعارضيما
في كثير من األمور وعمى أرسيا ،األسموب الذي حدثت بو الثورة الفرنسية ..فتوكفيل "كان ينظر لمعنف الذي طبع ىذه
الثورة عمى أنو حادث بي عث عمى األسف ،ألنو كان باإلمكان إحداث التغيير الحتمي دون المجوء إلى العنف .بينما يرى
ماركس بأن رفض النظام القديم(أي نظام كان)واالنتقال إلى نظام جديد ىو نتيجة لحركة التاريخ .وال يمكن أن يتم بصورة
15
تدريجية وانما كان ينبغي أن تي م بواسطة العنف" .
أما ثاني فيمسوف تأثر بو كارل ماركس بشكل واضح ىو األلماني ويميام هيجل .فعن ىذا التأثر كتب لينين يقول "إنك ال تسu uتطيع فيم ماركس
16
،فقد أخذ عنو نظرية الجدلية التاريخية -حتى ولو كانت بشكل مقموب – ألن فمسفة ىيجل انطمقت عمى العموم من أنuو بدون ىيجل"
"ال وجود لمروح العام" ،فيو في ىذا ال يؤمن بالمادة كأساس لموجود ،الشيء الذي فنuuده تماما ماركس ال uذي ق uال أن المادة وعوامuل
17
أما ثاني فكرة أود طرحيا في ىuذا الموضوع ،ف uيي الuuتي تت عمuuق ب أري اإلنتاج وقواه ىي التي تكون األساس األول لمحياة االجتماعي uة،
مuاركس في "التنظيم الب uيروق ارطي" حيث ذىب إلى "أن الطuuابع الرس uمي والق uuانوني لمتنظيم uات ال يع uير عن طبيعتيuuا الحقيقي u uة والواقعي u uة.
فالتنظيمات البيروق ارطية اتخذت لنفسيا صورة مزيفة مشتقة من
18
ونفيم من ىذا الموقف ،أنو ال يؤمن بالتنظيم الذي يكون مصدره الدولة ألنيا النصوص القانونية والموائح اإلدارية"،
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
بالنسبة إليو أداة في يد ال أرسمالية الصناعية المبنية أساسا عمى االستغبلل ،وما النصوص القانونية والموائح اإلدارية إال
آليات تستخدميا الطبقة البرجوازية المتحالفة مع أجيزة الدول uة ضد ما يفضل تس uميتو بالبروليتاري uا .وق uد خمصت
النظرية الماركسية إلى التركيز عمى ضرورة تحقيق الحاجات اإلنسانية أوالً وقبل كل شيء ،ودعت إلى إلغاء االس uتغبلل ،ون uادت
بتحقيق العدل والمساواة بين جميع أف ارد التنظيم االجتماعي ،والوصول من ثم إلى أكبر ق uدر ممكن من اإلنتuuاج الuذي سuيعود ب uالنفع الكبuير
عمى كل األف ارد في المجتمع ،ويؤدي إلى انتعاش المستويات االجتماعيu uة جميعيا ،وعميu uو فuuإن تطوير اإلنتuuاج وزي uادتو يصبح مطمبًuuا
ميمًا وغاية سامية تسعى إلييا إدارة كل تنظيم صناعي ،فكمما كان ىناك توافق وتبلؤم بين عناصر البنيuة التحتيuة (قuوى اإلنتuاج وعبلقuات
اإلنتاج) كان المردود (األداء واإلنتاجي uة) عالي uاً ،وفي حال ظيور أي اضط اربات أو خبلفuuات أو أي uة مشuuاكل ضمن البني uة التحتي uة،
سيؤدي ذلك بالضرورة إلى تدىور وانخفاض في مستويات
األداء واإلنتاجية.
يكاد يجمع عمماء التنظيم واإلدارة ،عمى أن ماكس فيبر ىو أول من حاول تقديم نظرية منظمة وشاممة في التنظيمات
البيروق ارطية ،إذ يعد تصوره لمبيروق ارطية والتنظيم الرسمي بمثابة حجر ال ازوية في أي د ارسة ليذا الموضوع.
من عمماء االجتماع األلمان الذين كتبوا في عدة
ويعتبر ماكس فيبر 2-ماكس فيبر والنموذج البيروق ارطي المثالي:
مواضيع تاريخيu uة وسوسيولوجية بطريقة إبداعيu uة ومعقمنة "فحينما تعامل فيبر مع فكرة العقمن uة فإننuuا نجده ق uد تعامل مع ثقاف uة متحول uة عما
20 19
استحدثو كانط من رؤي uة جديدة لمفكر األلماني " ،وقد أوضح في كتuuابو"األخبلuuق البروتس uتانتية والروح ال أرس uمالية " ،دور
اإلصبلح البروتس uتانتي في تعمي uق فمس uفة ال uروح الفردي uة في المذىب ال أرس uمالي .وفي uو َبّين أن ال أرس uمالية بت َّنت االعتق uاد ب uأن العمل
الجدي المَ ّؤدى كواجب ،يحمل في طياتو أحسن الج ازء .ومن جية أخرى فقد الحظ أن اإلصبلح
البروتستانتي يؤكد عمى أخبلقيات تمجد العمل وتعتبر تض يع الوقت إثمًا يعاقب اإلنسان عميو ،وىكذا فإن األخبلقيات
البروتستانتية قد أعادت لمعمل شرفو ،وركزت عمى أىمية الفرد معتبرة أن ىذا األخير يشكل مركز المجتمع ومؤكدة بأنو قادر عمى
التحكم في مصيره والتصرف في شؤونو .كما مجدت أيضا الحرية الشخصية والمبادرة الفردية والطموح والثقة
21
بالنفس " .
أعتقد أن اىتمام فيبر باألخبلقيات التي جاء بيا المذىب البروتستانتي في مجال التنظيم والعمل ،كان ردا عمى "ادعاءات"
الذي قال أن الييود ىم المصدر الحقيقي لم أرسمالية الحديثة ،وما
المفكر الييودي "فرنر زمبارت" Verner Zambart
صاحبيا من نمو مذىل في جميع مي ادين التنمية االقتصادية واالجتماعية في أوروبا في د ارسة التنظيم عموما وىولندا وف ارنكفورت
والبندقية عمى وجو الخصوص ،كما اعتقد ىذا الكاتب أن طردىم من بعض الدول األوروبية أدى إلى الكساد
والجمود في عالم المال والتجارة.
أرسمالي بسبب
أرى العكس من ذلك تماما وىذا عندما قال أن الييود لم يساىموا في أي نمو اقتصادي أو ولكن ماكس فيبر
ما اسماه "باألخبلق المزدوجة" التي طبعوا بيا ،فقد ترددوا وحاروا بين أخبلقيم الخاصة وبين االضطياد وال uك ارىي uة ال uتي كuانوا يبلقونيuuا أثنuاء
حياتيم غير المستقرة بعدما ثارت ضدىم "أخبلقيات البمدان األوروبية""،ليس من قبيل الصدفة كون المسيحية الغربية قد استطاعت أن تب uني الىوتي uا
بشكل منيجي أكثر ،وبطريقة معاكسة لعناصر البلىوت الذي نجده عند الييودية ،بل
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
22
إنيا أعطتو تطو ار ذا معنى تاريخي ...فالبلىوت ىو "عقمنة" فكرية لئلليام الديني " ،وقد وافق ىذا ال أري "ستانسبلف
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
Redingفي إنجمت ار ،عندما قال أن الييود لم يمعبوا دو ار أساسيا في بعث أند ارسكي" أستاذ عمم االجتماع في جامعة ردنج
23
ال أرسمالية الحديثة.
نتيجة ليذا ،فقد لقيت ىذه الفمسفة قبوال واسعا وتوظيفا عمميا نتيجة النمو السريع لمختمف المشاريع االقتصادية الuuتي ق uامت عمى مبuuدأ المقاول uة
والمبادرة الفردية ،وىذا النمو صاحبتو عممية تنظيم وىيكمة المؤسسات االقتصادية التي كانت تيدف إلى تحقي uق أكبر ق uدر من األرب uاح ول uو
حساب اإلنسان والعبلقات اإلنسانية .إن ىذا المنحى الجديد في مجال التنظيم يمكن
التعبير عنو بu uالتنظيم البيروق ارطي .من
ىنا جاءت فمسفة ماكس فيبر في مجال التنظيم ،ف uاىتم بالكفاءة ،والق uدرة والمعرuف ة في التنظيم ولقد ق uدم نموذجا ل uد ارس uة البيروق ارطي uة،
24
وىو النموذج المثالي " ،الذي حاول من خبلليا وضع نموذج تنظيمي ارتبط فيما بعد باسمو ،حيث أن الuذي يuذكر فيuبر ال يمكن أن تغيب
عن ذىنو فكرة التنظيم البيروق ارطي أو البيروق ارطية ،لكن من جية ثانية ال يمكن القول وفي
كل األحوال أن ماكس فيبر ىو الوحيد الذي تحدث أو اىتم بموضوع البيروق ارطية كأداة لمتنظيم المؤسسي أو االجتماعي،
فقد سبقو إلى ذلك الكثير من المنظرين أو الفبلسفة ال يسع المجال ىنا إلى ذكرىم جميعا ،ونكتفي فقط بذكر"فانسون
25
دوجورناي Dejournayé Vincentحيث وكما يقول عاطف غيث في قاموس عمم االجتماع " ،يرجع االستخدام األول ليذا
المصطمح إلى عالم االقتصاد "فانسون دوجورناي" ) (7971-;797ويواصل عاطف غيث في نفس القاموس الحديث
عن موضوع البيروق ارطية ونشأتو حيث يرى أن مصطمح البيروق ارطية قد شاع استخدامو عند بعض الدارسين األوروب ين
وبخاصة األلمان منيم ،وذلك في القرن التاسع عشر حينما ازد تدخل الدولة وسيطر الموظفون عمى أجيزة الدولة .وفي
عمى الدولة أن تضع بعض ب ارمج الرعاية االجتماعية
إنجمت ار ذاع استخدام ىذا المصطمح منذ عام ،7:11عندما كان
لمفق ارء ورفع مستوى الصحة العامة ،ولقد كتب "جون ستيوارت مل" ) (7:81يقول< إن ميام الحكومة أصبحت تتوزع بين
ط ارئق مينية متخصصة وذلك جوىر البيروق ارطية ومعناىا .وقد
وسع " Michels Robertروبرت ميشمز مفيوم البيروق ارطية لكي يشمل الدولة واألح ازب السياسية ،وذىب إلى أن نشأة البيروق
26
ارطية ترجع إلى بعض المتطمبات اإلدارية الخاصة تب نظيم وتدعيم قوة االوليجاركية ".
إن المتمعن في آ ارء ى uؤالء الكتّuuاب ،يبلحuuظ أنيم يجمعون عمى أن الوض uع الجديuuد ال uذي آلت إليu uو المجتمعuات الغربيu uة بعuد الث uورة
الصناعية عمى وجو التحديد ،والتغي ارت الجذرية التي مست مجال العبلقات االجتماعية المختمفة أدت إلى ضرورة
وضع نظام جديد يتحكم في ىذه العبلقات ،ىذا النظام أطمقوا عمي uو اسم النظام الب uيروق ارطي ،لكن من جي uة ثاني uة يبuuدو االختبلuuف بي uنيم
واضحا في نظرتيم ليذه الظاىرة ،فالمفكرون البريطانيون مثبل نظروا إلييا عمى أساس أنيا مرتبطة بالخدمة االجتماعية التي تعنى باالىتمام ب uالفق
ارء و المرضى ...بينما نظر إلييا روبرت ميشمز ،عمى أنيا ظاىرة برزت من أجل
حماية مصالح األقمية الحاكمة أو الصفوة من المجتمع (L'élite).أما إذا عدنا إلى مفيوم مصطمح البيروق ارطية ،فسنبدأ
بمفيومو المغوي .حيث جاء في قاموس عمم االجتماع أن مفيوم البيروق ارطية ىو إدارة " المكتب" أو اإلدارة عن طريق
27
الموظفين .ولكني uا في االس uتخدام الشuuائع تنطوي عمى المع uاني الس uuمبية .أمuuا
قاموس المنيل ،فقد عرف البيروق ارطية (أوالديوانية) عمى أنيا< " تسمط الدواوين الحكومية ونمطيتيا الجامدة .أما الديوانيون
فيم مجموع موظفي الدواوين ،منظور إلييم من حيث نفوذىم في الدولة ،في حين تعني كممة "بيروق ارطي" أو
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ عدد: 91مجمد10 :
ديواني ،موظف ديوان أو مكتب ،وىو موظف إداري في ديوان حكومي يؤدي عممو بنمطية جامدة مستغبل سمطتو عمى
28
الجميور ".
من جيتو فقد عرف Rousse La Petit Leالبيروق ارطية عمى Bureaucratieعمى أنيا" سمطة الجياز اإلداري ،لمدولة
أو لمحزب أو لممؤسسة ...الخ .وىي مجموع الموظفين الذين تي عسفون في استخدام السمطة بشكل روتيني.
29
أما البيروق ارطي Bureaucrateبالنسبة ليذا المعجم ،فيو "موظف يستغل أىمية دوره اتجاه الجميور " .واذا كان ىناك
من تعقيب نقدمو بعد سردنا ليذه التعاريف ،فيو أن جميعيا نظرت إلى البيروق ارطية والبيروق ارطي نظرة سمبية بحتة فيي لم
تأت إال ألجل مصمحة خاصة ضيقة ،حسب أرى أصحاب ىذا االتجاه.
وباخت صار يمكن القول أن ىناك جانبان شائعان لمبيروق ارطية< جانب سمبي وآخر إيجابي .وبالنسبة لمجانب األول ،يبلحظ
أن البيروقراطية تثبط روح االبتكار والتجديد واإلبداع ،فيي ال تسمح بالتنمية الذاتية لمفرد وال بالتنمية الشخصية وانما تنمي
اتجاىات االنقي uاد والخضوع وال تأخذ في الحسبان وجود تنظيم غير رس uمي أو حدوث مشuuاكل طارئ uة .كما أن الب uيروق ارطي uة تعuنى
بالييكل الوظيفي الجامد والتدرج اليرمي الذي قد يؤدي إلى تشوه االتصاالت ،لu uذلك ييتم ماكس فيuuبر بuuالفرد داخل الجماعة ،حيث اعت uبر
إن جميع البنيات االجتماعية كالدولة ،التعاونية ،وغيرىا من التجمعات ليست سوى شكل من أشكال
30
تطور النشاطات الخاصة بالفرد" .
أما م ازيا التنظيم البيروق ارطي فقد كانت نابعة من كونيا رد فعل منطقي لبعض الممارسات اإلدارية السمبية ،ومن ذلك
محاباة األقارب واسناد األحكام إلى اليوى الشخصي وسيادة االتجاىات العاطفية وغيرىا من المظاىر التي تجمت في بداية
الثورة الصناعية ،لذا كان المخرج من ىذا الوضع اإلداري السيئ ىو أن يحل سمطان العقل والرشد والقانون والموضوعية ،وأن يكون
االعتبار والتقييم لمجدارة وحدىا ،وبيذا وفرت البيروق ارطية الدقة والسرعة والمعرفة الكاممة بالمستندات واالستم ارر
31
وخفضت االحتكاك بين األف ارد وعززت التخصص ".
يفيم من ىذا الرأي أنو لم يقدم البيروقراطية عمى أن كميا شر فقط ،وانما يمكن أن تكون خي ار إذا أحسن استخداميا من قبل
صياغة
معتمدا عمى منيجو في القائمين عمييا ،وىذا ما أ ارد "ماكس فبير" إب ارزه من خبلل نموذجو البيروق ارطي المثال
وجيات النظر والت ارث النظري "تصعيد وجمع بين وجية نظر أو مجموعة وجيات نظر وتسمسu uل وت ارب uuط مجموعة من
32
الشواىد المعطاة بش uكل منعزل منتشرة ومتسترة بي uذا فإننuuا نرس uم لوحة منسجمة " ،تuuبرز نب ارت المثالي uة في التصuuور الفي uبري في كون
"النمط المثالي مجرد لوحة أو جدول من األفكار ،إنو ليس الواقع التاريخي وليس أيضا الواقع األصيل بل يصمح
كخطاطة من خبلليا يتم تنظيم وترتيب الواقع إنو المثل أو النموذج الذي ال داللة لو سوى أنو تصور محدود مثالي خالص،
33
من خبللو نقيس الواقع لتوضيح المضمون االختياري لبعض العناصر الميمة التي تقارنو بيا " ،وسوف نتعرض إليو
بشيء من التفصيل بعد أن ندرج تعريفو لمبيروق ارطية ،فالبيروق ارطية عند ماكس فبير ىي عبارة عن "مجموعة صارمة وثابتة من
القواعد والعقوبات الج ازئية والمكاتب التي تحكم المنظمة ككل .والمسؤولية موكمة بصفة خاصة لبعض الموظفين ويتم تنفيذ الواجبات طبقا
34
لبلئحة ثابتة ،كما أن تنظيم المكاتب يتبع مبدأ التسمسل اليرمي ".
أعتقد أن نظرة فيبر ىذه لمفيوم البيروق ارطية ىي التي عرضتو النتقادات كثيرة من قبل الكثير من الباحثين اآلخرين .خصوصا لما حدد
ىذا المفيوم في العقوبات الج ازئية وربط المسؤولية داخل التنظيم ببعض الموظفين فقط ،إضافة إلى مبدأ
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
الص ارمة في التسمسل اليرمي الذي يجب أن يكون عميu uو ىذا التنظيم .أما إذا عدنا ثانيu uة إلى موضوع الب uيروق ارطيu uة والنموذج الب uيروق
ارطي عند ماكس فيبر نق uول أن ذيوع وانتشار ىذا المصطمح (الب uيروق ارطي uة) في العموم االجتماعي uة يعود إلى التعري uف الكبلس uيكي ال uذي
قدمو" فبير" والذي لم يشر فيو إلى أية مضامين سمبية .فقد اعتقد أن البيروق ارطية ىي أعظم اخت ارع
اجتماعي توصل إليو اإلنسان ،أو أن التنظيم البيروق ارطي يعد أكثر األشكال التنظيمية التي ابتدعيا اإلنسان حتى اليوم
كفاءة ،وذلك ألن التنظيم الب uيروق ارطي بالنس uبة إلي uو تي ميز عن بقي uة أش uكال التنظيم األخرى ب uالتفوق من الناحي uة التقني uة .وق uد يعود ى uذا إلى
وضوح األدوار التي عمى الموظفين خاصة وأف ارد المجتمع عمى العموم القي uuام وااللت ازم بيuuا ،دونمuuا تu uدخل عوام uل خارج التنظيم.
"وحتى يوضح فيبر ىذا التفوق ،فقد درس نماذج التنظيم المختمفة التي عاشتيا أوروبا مستخمصا ثبلثة نماذج
مختمفة ألشكال التنظيم ،وىذه النماذج ىي<
أ -السمطة التقميدية< وفي إطار ىذا النموذج ،يستمد القائد شرعية من توارث السمطة.
ب -سمطة الهبة اإلل هية< يستمد القائد شرعيتو من الخصائص الجسمية والقد ارت التي تي ميز بيا عن بقية األف ارد ،مما
يجعل لو ىالة من التعظيم والتقدير نتيجة القدرة التي تي متع بيا .وىذا النموذج يبلحظ في بعض الشخصيات الدينيu uة والقu uادة العسكر ين والمصمحين
االجتماع ين الذين استطاعوا التأثير في توجيو أتباعيم نتيجة حسن التدبير وقوة الببلغة في الخطابة
والحزم.
35
ج -السمطة العقمية الشرعية< "وتقوم عمى أساس التنظيم العقمي لئلدارة والتسيير بصفة عامة " ،حيث نبلحظ جميا تأثر فيبر بفكرة كانط
"لن يكون ذلك األصل أقل من ذلك الذي يسمو باإلنسان فوق ذاتو ،بوصفو جزءا من العالم المحسوس ،لن يكون شu uيئا آخر غuuير الشخصية
أي الحري uة واالستقبلل تجاه قوانين الطبيعيu uة بكامميا ،متصورين في الوقت ذاتu uو بوصفيا قu uدرة يمتمكيuuا كuائن خاضع لق uوانين خاصuة أي لق uوانين
36
وفي ىذا النوع من السمطة عممية خالصة معطاة بواسطة عقمو الخالص"
"يؤمن األف ارد بسمطة وسيادة القانون ،وىذه السمطة تخص المجتمعات الحديثة التي تت ميز بالنظام الحكومي وتقوم عمى
37
ولعل أفضل نموذج من بين ىذه النماذج الثبلث بالنسبة لماكس فيبر ىو نموذج أساس التنظيم العقمي لئلدارة والتسيير
السمطة العقمية الشرعية ،الذي يقوم عمى اإليمان بسيادة القانون وصوابو ،إذ تفترض ىذه السمطة وجود مجموعة رسمية
مستقرة من المعايير االجتماعية تتولى تنظيم السموك تنظيما رشيدا .بحيث تي مكن ىذا السموك من تحقيق أىداف محددة،
فالطاعة في ىذا النمط أو النموذج من السمطة ال تكون لشخص محدد ،وانما تكون لمجموعة من المبادئ الموضوعية التي
تفرض إتبuuاع التوجيات واألوامر الصادرة عن الرئيس بغض النظر عن شخصuية ى uذا الuuرئيس .وفضuuبل عن ذلuuك فuuإن ىن uاك إج ارءات
واضحة تت بع لكي يشغل الرئيس وضعو االجتماعي (كالتع ين أو االنتخاب) ،وبمقتضى ذلك يمارس سمطتو في إطار الحدود الuuتي رس uميا
القانون الساري المفعول .ويذىب فيبير إلى أن السمطة القانونية تمثل النمط الشائع في التنظيمات الحديثuuة وعمى األخص الحكوميu uة منيا .ومن
السمات األساسية التي تبنى عمييا التنظيمات التي تستند إلى السمطة القانوني u uة فصل اإلدارة عن الممكي u uة الخاصة ،ألن موارد التنظيم ال يمكن
أن تكون ممكا ألعضائو وأن وظائفو ال تباع وال تشترى وال تورث وال يمكن أن تضاف إلى الممكي u uة الخاصة .أما الخصائص األساسuuية
لمنموذج البيروق ارطي المثالي فقد حددىا "فيبر"
في النقاط اآلتية<
2
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ عدد: مجمد10 :
91
oتوزيع السمطة توزيعا ىرميا متسمسبل طبقا لقواعد محددة .وتتركز في كل وظيفة عمى السمم اليرمي (وليس
الشخص نفسو) ،سمطة ومسؤولية محددة ،وتوجد عمى قمة اليرم طبقة اإلدارة التي تت كون من متخصصين عمى
مستوى رفيع من الخبرة والتدريب في إدارة البيروق ارطيةo .
تحديد العمل المطموب وتعريف واجباتو تعريفا دقيقا وتوزيعيا عمى الم اركز الوطنية المختمفة بناء عمى تخصص
شاغمي ىذه الم اركز.
oتع ين الموظفين بناء عمى شروط دقيقة ومحددة سمفا وىي ،مؤىبلتيم وخصائصيم الفنية التي تطابق العمل
وصبلحيتيم لمقيام بأعبائو.
oتدريب الموظفين تدريبا فنيا دقيقا عمى أعباء وظائفيم حتى تي قنونيا فترتفع كفاءة أدائيم.
oاالرتباط الدائم بين الموظف والبيروق ارطية واستق ارره في مينتو ،وصعوده السمم اليرمي بالترقية عن طريق األقدمية
والجدارة.
oإتباع نظام دقيق تي كون من قواعد واج ارءات وتعميمات تت ميز بالشمول والعمومية تضمن التطبيق الواحد لمحاالت
الواحدة ،وتكفل استم ارر العمل بغض النظر عن األشخاص القائمين بو.
oوجود نظام مستندي يحتوي عمى معمومات تفصيمية عن كل أمور العمل وجزئياتو يستند إليو الموظفون ،وال
يتخذون خطوة معينة إال إذا كان مستند يعززىا.
oقيام العبلقات بين العاممين ،وبينيم وبين الجميور عمى أساس موضوعي ،وال يسمح بالعبلقات الشخصية التي
38
تؤثر عمى الحكم السميم فتضعف لقاءه األداء".
يقال عن ىذا النموذج الذي صاغو "ماكس فيبر" أنو نموذ ٌج مثال ي ،وكثي ار ما انتقد عمى ىذا األساس خاصة من قبل
ٌ
أصحاب االتجاه الوظيفي في عمم االجتماع ،ألن الجانب الوظيفي فيو ىو الذي كان أكثر استيدافا لمنقد" .فإذا كان فيبر
قد اىتم بتوضيح إسيام العناصر التنظيمية المختمفة في تحقيق فعالية التنظيم(.وىذا ما أشرنا إليو في نموذجو المثالي) ،فإنو لم ينجح
39
في الكشف عن المعوقات الوظيفية التي تنطوي عمييا ىذه العناصر ".
واذا كان قصده وىدفو أيضا ،ىو صياغة نموذج يضمن قضاء المصالح وانجاز الميام بصفة موضوعية غير ذاتية تل حقيق
درجات عالية من الكفاءة في أداء األعمال ،فإنو لم ينج من النقد كذلك ،لما الحظ الوظيفيون أنو أىمل تأثير التنظيمات
غير الرسمية عمى التطبيق الواقعي ليذا النموذج(إذا أرت ىذه التنظيمات أنو ال يخدم مصالحيا) ألن "فيبر" غالى في
واج ارءاتيا الدقيقة ،األمر الذي ال تي يح لمعاممين قد ار من حرية التصرف أو المبادرة أو اإلبداع،
التركيز عمى الرقابة المحكمة
فيصاب التنظيم كميا بالجمود.
كما يمكن مبلحظة أن ىذا النموذج التنظيمي يدعو العاممين إلى التركيز عمى إتباع اإلج ارءات التنظيمية حتى يتفادوا العقاب ،مما
يكون لدييم ما يعرف بالشخصيات البيروق ارطية التي تعارف الناس عمييا اليوم ،وأصبحت م اردفة لمبطء
وتأخير اإلنجاز والضعف الشديد في كفاءة األداء .إضافة
إلى ىذا ،فقد تعرض نموذج فيبر إلى انتقادات مركزة خاصة من قبل "بارسونز وغولدنر وايتزيوني" ،حيث أشاروا إلى
أن فيبر أىمل جممة من "المتغي ارت" التي تتحكم في الجياز التنظيمي ككل ومنيا<
5
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
oإىمالو لمشكمة الديمق ارطية في التنظيم.
oإىمالو لمعبلقات الشخصية والجماعات غير الرسمية.
oإىمالو لتأثير الروح المعنوية والرضا الوظيفي عمى األداء األمثل لمعمل.
oإىمالو لمشكمة المسؤولية.
-الفعمي .ألنو جاء نتيجة واقع معين عاشو
ونتيجة ليذا فقد أظير نموذج "فيبر" اختبلالت ونقص كبيرين عند التطبيق
40
ماكس فيبر ".
وانطبلقا من كون "في uبر" ق uد اعتبر أن فعالي uة السمطة القانوني uة تتوقف عمى طريق uة وضع القواعد القانوني uة (باالتفuاق أو باإلجبار أو
بكمييما معا) ،عمى أساس أن ىذه القواعد تت فق مع القيم الرشيدة ،فقuuد حاول غولدنر (فيما بعuد) اختبuuار بعض متضمنات نظري uة "فيu uبر" في
الواقع ،وأورد نتuuائجو في كتuuابو "أنماط الب uيروق ارطي uة في الصuuناعة" حيث خمص إلى أن "في uبر" خمط بين نمطين من أنمuاط السuuمطة
القانونية واعتبرىما نمطا واحدا ،ىذان النمطان ىما البيروق ارطية النيابية والبيروق ارطية
41
الج ازئية .
من جيتو فقد اتجو بيتر ببلو blau peterنفس االتجاه عندما حاول تحديد البيروق ارطية عمى أساس مبدئيا التنظيمي إما
42
مبدأ الفعالية اإلدارية وىو ما تحدث عنو P.Bernouxعنو "فيبر" ،واما مبدأ حرية المخالفة وىو ما أىممو "فيبر ".
ونخمص بعuuد ى uذا" ،إلى أن االنتقuuادات أو المبلحظات (عمى كثرتيا) ال uتي وجيت لمنموذج المثuuالي لمتنظيم لم تقمuuل من قيمتuuو بوص uفو أداة
منيجية تعين عمى فيم الواقع الممموس ،ويشيد عمى ىذا أن النموذج ظل -و ال ي ازل -مصدر إليام ونقطة انطبلق لكل من شuuرع
في د ارسة التنظيم ،ذلك ألن فيبر لم يقدم النموذج بطريقة توحي لمبعض باستخدامو استخداما حرفيا
جامدا .ودليل ذلك ما نمحظو من تفاوت ومرونة في كتابات "ماكس فيبر" والمنيج الذي استخدمو بالفعل في تحميبلتو
التاريخيu uة .ولقuuد أوضح " "D.Martindaleدون مارتن uدال ىذه النقط uة بجبلء حينما أشار إلى أن "فيu uبر" لم يكن يقuuارن الظواىر المثاليu uة
بالظواىر الواقعية لكي يكشف مدى االبتعاد والقرب بينيا ،ولكنو كان يستخدم النموذج المثالي بوصفو أداة لممقارن uة التاريخيuuة بين موقفين واقع uين
أو أكثر .وىنا تكمن أىمية النموذج المثالي من حيث أنو يمكننا من عزل العوامل التي تصبح المقارنة عمى أساسيا ىامة وحاسمة.فإذا دققن uuا
النظر فيما قدمو فيبير ،فإننا لن نجد أي ضرب من المثالية فيما تضمنتو كتاباتو عن
عن الواقع الذي يمكن التنظيم البيروق ارطي .لقد كان "فيبر" يعالج موضوعو عمى مستوى من التجريد ال يبعد كثي ار
مبلحظتو.
ويضيف "السيد الحسيني" تعقيبا آخر مضافا لمرأ ين السابقين (وفي نفس االتجاه) ،وىو أن "فيبر" لم يستخدم مصطمح
التنظيم الب uيروق ارطي لكي يقu uدم تحميب uuل ض uيق النطuاق لمبن uاء ال uداخمي لمتنظيم (رغم أنu uو خصuص بعض الص uفحات من كتuuابو لمناقش uة
خصائص التنظيم وبنائو الداخمي) كما نمحظ ذلك في النظريات والد ارسات الحديثu uة في التنظيم ،ولكنuuو استخدم ىذا المصطمح في نطuاق
تحميمو الحضاري المقارن الواسع النطاق ،لكي يميز بين أنماط الس uuمطات الثبلث وما يقابميا من أجيزة إداري uة مبلئمة ليuuا ،وفي حدود ىuuذا
الفيم يصبح الخبلف حول التفصيبلت الدقيقة المتعمقة بالنموذج المثالي لمتنظيم مسألة
43
ىينة ".
5
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ عدد: مجمد10 :
91
وما يمكن استنتاجو من عرض ألفكار فيبر أن فيبر يرى أن الحياة االجتماعية في النظام ال أرسمالي خاضعة لدرجة عاليu uة من الض uبط
44
وليا ىيكل تنظيم تصاعدي يتu uألف من م ارتب متدرجة بصورة عقبلنيu uة وف uق التخصص كما يف uترض في uبر الرش uد في إطار تنظيم عقبلني
في أعضاء التنظيم ويعتبرىم كآالت ال يؤثرون في السموك التنظيمي كما أنuuو رك uز عمى عدة عن اصر مثu uل تقسuuيم العم uل والييك uل
التنظيمي وتحديد السمطة وتوزيع المسؤولية في التنظيم ،وحسب فيبر فالتنظيم مغمق كما أن التنظيم البيروق ارطي عنuuده ش uكل أو نمط من
أنماط التنظيم تي صف بالعمومية والعقبلنية ويدعم قضيتو ىذه بالنموذج
السالف عرضو الذي ال ي ازل حتى اآلن مصدر إلليام الدارسين المحدثين.
3-روبرت ميشيمز (ومشكمة الديمق ارطية في التنظيم ):إذا كان ماركس قد عالج التنظيمات البيروق ارطية في ضوء مفيومو
عن الصراع الطبقي واالغتراب وتصوره لممجتمع الشيوعي ،واذا كان فيبر قد اىتم عموما بد ارسة التأثي ارت التي يمكن أن
تحدثيا التنظيما ت الب uيروق ارطيu uة عمى البناء السياسuuي لممجتمع ،فإننuuا نجد "روب uرت ميش uيمز يقuuدم تحميبuuل جذابا لمسياس uة الداخميu uة الuuتي تتبعيuuا
التنظيمات الكبيرة الحجم ،ولكي يكشف ميشيمز عن أبعاد مشكمة الديمق ارطية في التنظيمات الحديثة الكبيرة الحجم ،درس Michels
45عددا من األح ازب االشت اركية ونقابات العمال في أوربا فيما قبل الحرب العالمية األولى ،ثم قدم
قانونا شيي ار أطمق عميو القانون الحديدي "لؤلوليغارّشية" 46حكم األقمية في المنظمات ،فاألوليغارّشية "ىي حكم سياس ي
ّ
48 47
تنحصر فيو السمطة بين أيدي عدد قميل من األف ارد أو األسر "" ،وىو دون شك مفيوم مرتبط بروبرت ميشمز " .ومن خبلل
ىذه النتيجة قدم ميشيمز استنتاجا مؤداه أن كل التنظيمات الكبيرة الحجم تشيد نمو كبي ار في جيازىا اإلداري نموا يستبعد تحقيق ديمق ارطية
داخمية حقيقية ،برغم ما تعتنقو ىذه التنظيمات من إيديولوجيات تؤكد المساواة وتكافؤ الفرص
وال uديمق ارطي uة
.ولقد أوضح ميشيمز أن الديمق ارطية الحقيقية عسيرة التحقيق في التنظيمات الكبيرة الحجم ،خاصة إذا ما كانت ىذه ال uديمق
ارطية تعني مشاركة كل أعضاء التنظيم في العمل السياسي المتعمق بإصدار الق ار ارت فمشاركة ىؤالء األعضاء
مستحيمة فنيا ،ألن كثي ار منيم ينتمون إلى طبقتي العمال وصغار الموظفين ،فضبل عن أن كثي ار من مشكبلت التنظيم
تنطوي عمى تعقيد يفرض ضرورة وجود معرفة متخصصة وتدريب فني ال يتوفر لدى ىؤالء العمال والموظفين ويقابل ذلك موقف قادة
التنظيم ،فبحكم موقفيم ىذا يتحكمون في قنوات االتصال وما يرتبط بيا من سمطة وقوة مما يدعم في النياية
أوضاعيم ويزيدىا رسوخا واستق ار ار وما يمبث ىؤالء القادة أن يكتسبوا من خبلل ممارستيم لوظائفيم معرفة متخصصة
وميا ارت سياسية بت عدىم بالتدريج عن المشكبلت الحقيقية لتنظيماتيم ،وتشجعيم عمى السعي لتحقيق مصالحيم وأىدافيم الخاصة ،وىكذا
يحدث تحول عن األىداف الديمق ارطية لمتنظيم ،ويتضمن مؤلف ميشيمز باإلضافة إلى ذلك تحميبل
49
لديناميات العبلقة بين الصفوة والجماىير من خبلل مناقشتو لقضية الديمق ارطية .
فبوصول القادة إلى م اركز القوة ،يصبحون جزءا مكمبل لمصفوة وبذلك تصبح مصالحيم متعارضة بالضرورة مع مصالح
الجماىير ألنيم حينئذ سوف يسعون لتحقيق أوضاعيم حتى ولو كان ذلك عمى حساب التنظيم .ومن الواض uح
أن ميشيمز قد تأثر ىنا بوضوح بالمبدأ الميكافيمي الذي يسمم بأن سموك أية جماعة مسيطرة أو حاكمة ينبu uع من مصمحتيا الذاتيu uة ،ثم درس
بعد ذلك األيديولوجيات المختمفة التي تستخدميا األقميات الحاكمة في تبرير أوضاعيا فذىب
5
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
إلى أن ىذه األقميات الحاكمة تسعى باستم ارر إلى إييام الجماىير بضرورة تحقيق الوحدة الداخمية واالستق ارر حتى يمكن
مواجية ما ييدد المجتمع من أخطار خارجي u u uة .
4-تقييم اللت جاه النظري البيروق ارطي< إن ىذه النظريات تشترك جميعا في خاصية أساسية ىي محاولة تحميل المشكبلت الخطيرة التي
نجمت عن الحضارة الصناعية وما ترتب عمييا من نمو تنظيمي ىائل بيدف تقديم حمول حاسمة ليذه
المشكبلت ،وليذا يمكن القول بأن كتابات ماركس وفيبر وميشيمز تشكل عموما إطا ار فكريا متسقا يعكس بصفة عامة
المشكبلت المختمفu uة التي فرضيا النمو الكيفي والكمي ال uذي ط أر عمى التنظيمات في المجتمع uات الحديثu uة .إن التنظيم
البيروق ارطي لم يشغل المكان uة األساسية في نقuuد ماركس لممجتمع الصناعي ،ذلك ألن uو ق uد نظر إلى مشuuكمتي الب uيروق ارطيu uة واالغت
ارب بوصفيما جزءا من مشكمة عامة ىي االستغبلل والسيطرة الطبقية ،وعبلج ىذا الموقف عند ماركس
يكمن في إلغاء الطبقات ألن في ذلك قضاء عمى ك uل ضروب االغت ارب ،وفي المجتمع الش uيوعي ال uذي رس uم ماركس أبعuuاده ،س uيختفي
االسu uتغبلل الطبقي تمام uا ،ومن الواض uح أن التحمي u uل الماركسuuي قuuد ض uيق من نط uاق مصuuطمح التنظيم البu uيروق ارطي ليقص uره عمى
التنظيمات اإلدارية في الدولة ،كما أن موقف ماركس من ىذه التنظيمات مرتبط أساسا بفكرة الص ارع بين
الطبقات وما يسفر عنو من انتصار البيروليتاريا ،واقامة مجتمع ال طبقي تختفي فيو التنظيمات البيروق ارطية اختفاء
تدريجيا .إن تفاءل ماركس المتمث uل في إي مانو بحتمي uة ظيور مجتمع ال طبقي ،ق uد عاقو عن تحديuuد المش uكبلت التنظيمي uة بصفة عامة،
كما أن النمو الحديث لمتنظيمات الب uيروق ارطيu uة ال uذي ش uيدتو مجتمعات ذات أنظمuة اقتصuادية واجتماعيu uة وسياس uية مختمفu uة
ليكشف بجبلء عن عدم تحقق تنبؤ ماركس باالنييار التدريجي في التنظيمات الحكومية ،ومن ىنا يمكن
أن نعتuuبر تحميبلت فيبر وميش uيمز مكممuة لنق uد ماركس لم أرس uمالية .ذلuك
أن فيبر قد انطمق منذ البداية من قضية أساسية ىي أن التنظيم البيروق ارطي شكل أو نمط من أنماط التنظيم تي صف بالعموميu uة وأىميu uة ى uذا
التنظيم بوصفو أكف uأ الوسائل لتحقي uق األىداف المجتمعي uة ف uالنمو التنظيمي أصبح يعني الس uيطرة الكاممuة لمتنظيم الر uش يد عمى كuل النظم اإلدارuي ة
الحديثة ،رغم االختبلف الشديد بين وجيتي نظر ماركس وفيبر إال أننا نستطيع أن نممس عنص ار مشتركا في اتجاىيما ىو د ارسة مشuuكمة
التنظيم من وجية نظر واسعة ومن منظور تاريخي فالمشكبلت التي
أثارىا مشكبلت تت عمق بu uالمجتمع ككل،ذلك المجتمع ال uذي يعد وحدة أساس uية في تحميبلتيما .أمuا موق uف
"روبرت ميشيمز" من التنظيم فيختمف إلى حد كب uير عن موقف س uمفيو،فمقuuد نظر إلى التنظيم بوصفو نظاما لمس uيطرة السياس uية وأداة تس uتخدميا
قمة حاكمة ،وىي لذلك تسعى جاىدة إلى إبعاد القوة عن مصدرىا الشرعي تل كون في يu uدىم أداة لخدمة مص uالحيم الخاصة ،وكمuuا
أنو اكتفى تب حميل دور األقميات الحاكمة في التنظيم وما يرتبط بذلك من مشكبلت
ديم uuuuuuuuuuuuuuuuuuuق
ارطيu uة .ولو أمعنا مرة أخرى النظر في تحميبلت كل من ماركس وفي uبر وميش uيمز أنيuuا تنطوي عمى عناصر مش uتركة ،لعuل أىمي uا
اتسuuاع نطاق معuuالجتيم لظuuاىرة التنظيم ،ذلuuك أنيم لم يدرس uوا التنظيمات في ف ارغ سياسuuي واجتمuuاعي كمuuا تفع uل بعض
النظريات الحديثة بل ربطوا ىذه الظاىرة بالبناء االجتماعي وما تي ضمنو من ص ارع ومشكبلت ،فمقد تتبعوا المش uكبلت األساس uية
في المجتمع حتى وصموا إلى انعكاساتيا عمى الواقuuع التنظيمي ،ثم عادوا مرة أخرى فدرس uوا التuuأثي ارت الuuتي تحدثيا التنظيمات الب uيروق
ارطية عمى بناء القوة في المجتمع ،ولقد أثروا تحميبلتيم ىذه بمنظور تاريخي واسع مكنيم من د ارسة
5
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
المجتمعات والتنظيمات د ارسة دينامية ولقد ساعدىم ذلك أيضا عمى إد ارك المشكبلت التنظيمية األساسية وتحديد نتائجيا
وآثارىا .عمى أن الشيء الجدير بالتأكيد ىنا ىو أن ىذه التحميبلت الكبلسيكية لم تستند في الغالب إلى شواىد واقعية بuuالمعنى المعروف في
الد ارسات الحديثة ،ولكن مع ذلك تكشف عن وعي عميق بالفارق بين ما يقولو الناس وما يفعمونو ،بين
عبلقاتيم االجتماعية كما تعبر عنيا الموائح والقواعد الرسمية ،وعبلقاتيم الواقعية في ضوء القوة والسمطة .ومن اليسير بعد
ذلك أن نكشف عن سمة مشتركة تسم التحميبلت الكبلسيكية عموما ،ىي اىتماميا بد ارسة تأثير التنظيمات البيروق ارطية عمى وجود الفرد
وحريتو فماركس يؤكد فكرة اغت ارب اإلنسان وضياعو وضعفو أمام الطبقة المتسمطة التي تسيطر عمى التنظيمات البيروق ارطية،
وفبير يكشف عن انييار شخصية العامل نتيجة لزيادة حدة تقسيم العمل ،ثم يؤكد بعد ذلك سيطرة التنظيمات الكبيرة الحجم عمى المجاالت
االقتصادية والسياسية والتعميمية والعسكرية ،مما ترتب عميو زيادة الصورية واآللية والجيل بما يحيط بو وعدم القدرة عمى استيعاب
األىداف التنظيمية والتوحد معيا ،لذلك يشير "الباساد"
" Lapassadeأول ما ُيعاب عمى البيروق ارطية ىو أنيا تسمب األف ارد القيام باالتصال والمبادرة ،وتح مل مسؤولية أعماليم،
50
وقدرتيم عمى اّتخاذ الق ار ارت ،وأخي ار ييتم ميشيمز بتوضيح الجانب السياسي الغت ارب الفرد ،والضياع الذي يعاني منو
أعضاء التنظيم نتيجة النص ارف القمة الحاكمة عن شؤون التنظيم ومشكبلتو ،فالبيروق ارطية" تجرد أعضاء المنظمة من
5
حقيم في اتخاذ الق ار ارت ،وتحوليم إلى مجرد أف ارد ينفذون ما يتمقونو من أوامر ،تمنع أعضاء المنظمة من اإلحاطة الوافية بالوقائع
52 1
"" ،وتجردىم من إمكاّنية قياس مجيودىم الخاص " .ووفقًا لموكاس ("،)Lukasإ ّن العالم البيروق ارط ي ىو عالم ال
ّ
53
ذات ي ،ومكممو الضروري ىو ما يسميو الماركسيون الوعي ال ازئف" .
ّ
إن ىذه النظريات قد استخدمت في بعض األحيان مفاىيم غير دقيقة ،وكنتيجة لذلك كمو نجد ىذه النظريات تت ضمن
تعميمات وأحكام عامة ال تصدق إال تحت ظروف معينة ولق u uد أث u uارت ىذه النقطة بالذات اىتمام الدارس uين المحدثين لمتنظيم ،وحاولوا
اختبارىا اختبا ار واقعيا بيدف التعرف عمى الظروف الuuتي تكشف عن مدى صدقيا ومبلءمتيuuا ،ولقuuد اقتض uى ذل uك تحuuول االىتمuuام من
المس uتوى المجتمعي إلى المس uتوى التنظيمي ومن النظرة الرحبu uة الواس uعة النطاق إلى نظرة ضuيقة محدودة نسuuبيا ،كمuuا أنيم لم يدرس uوا
المعوقات التنظيمية بشيء من الدقة والتحميل بل كانت تحميبلتيم ليا في السياق العام لممشكبلت
التنظيمية.
5
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
الهوامش والم ارجع:
2
A. Mucchielli, Approche systémique et communicationnelle des organisations, Armand
Colin, Paris, 1998, P.100
3
Jacques Attali, Karl Marx, ou l’esprit du monde, éditions fayard, Paris, 2005 .
4
Karl Marx, "Préface ", in Contribution à la critique de l’économie politique, Paris, Éditions
sociales, 1972, p. 18.
5
)Marx, Karl, "Le Capital", in Œuvres Économie I, Gallimard (Bibliothèque de la Pléiade
,1965.p864.
6
األخرس ،صفوح ،عمم االجتماع العام ،المطبعة الجديدة ،دمشق ،1:;7 ،ص7:.
7
نفس المرجع ،ص9:.
8
زىري ،زينب محمد ،واسماعيل ،محمد قباري ،أساسيات عمم االجتماع االقتصادي ،ط ،7المنشأة العامة ،لمنشر
ص ص 7:;7،ليبيا ،اربمس ،ط واإلعبلن791-78: 9 ،
Fletcher, R., The Making of Sociology، Beginning and foundations, volume 1, Nelson’s
university, G.B, 1972, P.388.
10
بمقاسم سبلطنية ،واسماعيل قيرة ،التنظيم الحديث لممؤسسة التصور والمفهوم ،ط ،7دار الفجر لمنشر و التوزيع،
القاىرة ،:111 ،ص . 719
11
الحسيني ،السيد محمد ،النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم ،ط ،7دار المعارف بمصر ،91;7 ،ص ص :8-;8.
12
شتا ،السيد عمي ،اغت ارب اإلن سان في التنظيمات الصناعية ،مؤسسة شباب الجامعة ،اإلسكندرية ،دون تاريخ نشر،
ص .17
13
عمي سعيدان ،بيروق ارطية اإلدارة الج ازئرية ،الشركة الوطنية لمنشر والتوزيع ،الج ازئر .7:;7 ،ص87.
14
الحسني ،السيد ،النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم ،مرجع سابق ،ص18.
15
ريموند أرون ،المجتمع الصناعي ،ترجمة فكتور باسيل ،منشو ارت عويدات ،بيروت،.87;7 ،ص 81.
16
حسن شحاتة سعفان ،د ارسات في عمم االجتماع االقتصادي ،المطبعة العالمية ،القاىرة ،.97;7 ،ص 799.
17
نفس المرجع ،ص 777.
18
الحسني ،السيد ،النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم ،مرجع سابق ،ص 11.
19
Boutot, Alain, La pensée allemande Moderne, PUF, que.sais.je, 1995, p29.
20
Max Weber, L'Éthique protestante et l'esprit du capitalisme, Paris, Gallimard, 2004.
21
مصطفى عشوي ،أسس عمم النفس الصناعي التنظيمي ،المؤسسة الوطنية لمكتاب ،الج ازئر،1;;7،. ،ص:8.
22
ماكس فيبر ،رجل العمم ورجل السياسة ،ترجمة نادر ذكرى ،دار الحقيقة ،1:;7 ،ص;8.
23
قباري محمد إسماعيل ،عمم االجتماع الصناعي ومشكالت اإلدارة والتنمية ،منشأة المعارف . ،اإلسكندرية،
ص.179،1:;7
24
Jean-Pierre Durand et Robert Weil, Sociologie contemporaine, Ed Vigot, Paris, 1989, p
377.
25
محمد عاطف غيث ،قاموس عمم االجتماع ،دار الفرقة الجامعية ،مصر ،1111 ،ص 11.
26
نفس المرجع ،ص 18.
5
ISSN: 2437-0827 مجمة د ارســـــــات في عمم اجتماع
DOI:5424/IJO/ 91 عدد: مجمد10 :
27
نفس المرجع ،ص 18.
28
سييل إدريس ،المنهل ،قاموس عربي فرنسي ،دار اآلداب ،بيروت،1111 ،ص7:1.
29
Le petit la rousse, Ulustre-Maury Imprimeur S.A , Paris , 2001 ,P160.
30
Weber Max, Economie et société, Vol 1, Paris, Pocket, Plon, 1995, p. 41
31
محمد منير حجاب ،الموسوعة اإلعالمية ،المجمد الثاني ،دار الفجر لمنشر والتوزيع ،القاىرة ،1118 ،ص ،778
.779
32
Weber Max, Essais sur la théorie de la science. Libraire, plan, 1965, p172.
33
Weber Max, Essais sur la théorie de la science, Op.cit, p 177.
34
وليام روث ،تطور نظرية اإلدارة ،ترجمة عبد الحكيم أحمد الخ ازمي ،إت ارك لمطباعة والنشر والتوزيع ،القاىرة،
ص.1:،1117
35
مصطفى عشوي ،أسس عمم النفس الصناعي التنظيمي ،المؤسسة الوطنية لمكتاب ،الج ازئر،.1;;7،ص;8.
36
Kant Emmanuel, Critique de la raison pratique, PUF, Paris, p 91.
37
فاروق مدارس ،التنظيم و عالقات العمل ،مؤسسة االخوة مدني ،الج ازئر ، 1111 ،ص . 77
38
سعيد يس عامر وعمي محمد عبد الوىاب ،الفكر المعاصر في التنظيم واإلدارة ،ط 1.مركز وايد سرفيس لبلستشا ارت
والتطوير اإلداري ،مصر ،:;;7 ،ص ص 77-71.
39
السيد الحسيني ،النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم ،مرجع سابق ،ص:7.
40
طمعت إب ارىيم لطفي ،عمم االجتماع الصناعي ،شركة عكاظ لمنشر والتوزيع ،السعودية ،1:;7 .ص771.
41
Bagla-Gökalp L, Sociologie des organisations, Paris, coll. Repères, 8991, P 43.
42
Bernoux. (P) .L a sociologie des organisations. Ed du Seuil. Paris.1985. P 470.
43
الحسني السيد ،النظرية االجتماعية ود ارسة التنظيم ،مرجع سابق ،ص87.
44
عمي ليمى ،النظرية االجتماعية المعاصرة ،األن ساق الكالسيكية ،المكتبة المصرية ،االسكندرية ،1111،ص des 7;8.
45
oligarchiques tendances les sur essai : politiques partis Les Michels, Robert, 1971.
,Flammarion, Jankelevitch, S. de française traduction démocraties
46
الحسني السيد ،النظرية االجتماعية و د ارسة النظم ،مرجع سابق ،ص 88.
47
D’après le dictionnaire encyclopédique Quillet
48
Robert, Michels, Les partis politiques ، essai sur les tendances oligarchiques des
démocraties, Op.cit, P 309.
50 49
.81 ص سابق ،مرجع السيد ،الحسني،
Lapassade, G, groupes, organisations, institutions, Bordas, Paris 1974, P.148
51
M. Crozier, Le Phénomène bureaucratique, Op. cit, P.229
52
Id, P. 256
53
Lapassade, G, Op. cit, P. 94
5