You are on page 1of 8

‫بحث حول المدرسة الكالسيكية في التسيير‬

‫خطة البحث‬
‫مقدمة عامة‬
‫‪.‬المبحث األول‪ :‬مدخل إلى المدرسة الكالسيكية في التسيير‬
‫‪.‬المطلب األول‪ :‬تعريف المدرسة الكالسيكية‬
‫‪ .‬المطلب الثاني ‪ :‬نشاءة المدرسة الكالسيكية‬
‫‪ .‬المطلب الثالث ‪ :‬مفهوم االدارة في ظل المدرسة الكالسيكية‬
‫‪.‬المبحث الثاني‪ :‬نظريات واهم رواد المدرسة الكالسيكية‬
‫‪ .‬المطلب األول ‪ :‬نظرية االدارة العلمية فردريك تايلور‬
‫‪ .‬المطلب الثاني ‪ :‬نظرية شمولية االدارة او االدارة الوظيفية هنري فايول‬
‫‪.‬المطلب الثالث ‪ :‬النظرية البيروقراطية ماكس ويبر‬
‫‪.‬المبحث الثالث‪ :‬تقييم المدرسة الكالسيكية‬
‫‪ .‬المطلب األول‪ :‬مساهمات المدرسة الكالسيكية في التسيير‬
‫‪.‬المطلب الثاني ‪ :‬اإلنتقادات الموجهة إلى المدرسة الكالسيكية‬
‫الخاتمة العامة‬

‫إن تطور الفكر االقتصادي مر بعدة مراحل وفي كل مرحلة نجد ظهور مدرسة اقتصادية اثرى روادها الفكر االقتصادي‬
‫وقاموا بنقد المدرسة التي قبلهم والن كل مدرسة ظهرت في زمن وبيئة معينة واهتمامات مختلفة أي كل مدرسة استمدت‬
‫أفكارها ونظرياتها في وضع االقتصاد التي ظهرت في فترته ومن بين هذه المدارس نجد المدرسة الكالسيكية والتي‬
‫عرفنا أفكارها ونشأتها ومساهماتها وانتقادات التي أدت إلى بروز مدارس أخرى‬
‫المراجع والمصادر‬
‫‪:‬المقدمة‬
‫كان ظهور ما يعرف في تاريخ الفكر االقتصادي بالمدرسة الكالسيكية مرتبطا تمام االرتباط بالتطور الذي شهدته الدول‬
‫األوروبية في القرن الثامن عشر وما تاله من أزمنة‪ .‬فقد كان هذا التطور كبيرا من حيث التغيرات التي حدثت فيه‪،‬‬
‫وشامال من حيث النواحي التي أثر عليها‪ ،‬ألنه أثر في كل الجوانب التي تتكون منها مختلف أوجه الحياة الحضارية أي‬
‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ .‬فإذا كان التطور االقتصادي الذي شهدته المجتمعات األوروبية قد نقلها من مرحلة‬
‫االقتصاد اإلقطاعي إلى مرحلة الرأسمالية التجارية على نحو ما وقفنا عليه لدى التجاريين ‪ ،‬فإن الرأسمالية لم تتوقف عند‬
‫هذا الوضع ‪ ،‬بل تطورت حتى وصلت في حوالي منتصف القرن الثامن عشر إلى أن تأخذ طابعا صناعيا وذلك بفضل‬
‫‪ .‬الثورة الصناعية التي شهدها العالم ما بين نهاية قرن ‪ 18‬وبداية القرن ‪19‬‬
‫‪:‬انطالقا من هنا يمكننا طرح اإلشكالية التالية والتي تفيدنا في تعميق البحث وفق ما يلي‬
‫ماهية المدرسة الكالسيكية في التسيير؟ *‬
‫ما هي خطوات هذه المدرسة؟ *‬
‫سنحاول اإلجابة على هذه األسئلة من خالل تقسيم البحث إلى ثالثة مباحث ‪ ,‬يتناول األول مفهوم عام حول الكالسيكية في‬
‫االدارة وتطورها التاريخي‪ ,‬لننتقل بعدها في المبحث الثاني إلى اهم النظريات التى عرفتها مع اشهر روادها ثم المبحث‬
‫‪.‬الثالث كتقييم لنجاحات وسلبيات المدرسة‬
‫‪:‬المبحث األول‪ :‬مدخل إلى المدرسة الكالسيكية في التسيير‬
‫إن مفهوم الكالسيكية له عدة مفاهيم تطورت بتطور العامل البشري ولهذا فإننا حاولنا أن نعطي أهم المفاهيم التي عرفتها‬
‫‪.‬المدرسة مع تزامن تطورها‬
‫‪:‬المطلب األول‪ :‬تعريف المدرسة الكالسيكية‬
‫بدايًة البد لنا أن نعرف معنى كلمة كالسيكية إذ يخطئ الكثيرون باعتقادهم أن معنى الكلمة هو ( الشيء التقليدي أو‬
‫القديم)‪ .‬لكن في الواقع أن معنى كالسيكي هو الطراز األول أو المثالي أو النموذجي أو الممتاز وهي كلمة يونانية األصل‬
‫والمدرسة الكالسيكية ظهرت في القرن الثامن عشر‪ ،‬إذ أثمرت مجهوداتهم وآلت إلى قيام مدرسة اقتصادية عريقة تعرف‬
‫تحت اسم المدرسة الكالسيكية في بريطانيا وعاشت حوالي مئة عام‪ ،‬حيث أعترف لها بالسبق في معالجة القضايا‬
‫االقتصادية ترقي إلى درجة الكمال واليقين‪ .‬وتميزت المدرسة الكالسيكية بالبعد عن الدوافع الشخصية واألخالقية‬
‫وباالعتماد على أدوات التحليل المنطقي وباتجاهاتها الموضوعية في التحليل‪ .‬وبهذا أعطت االقتصاد صفته العلمية‬
‫‪.‬الحديثة التي عرف بها منذ ذلك الحين‬
‫‪:‬المطلب الثاني‪ :‬نشأة المدرسة الكالسيكية‬
‫ظهرت المدرسة الكالسيكية والتي تمثل الرافد االول من الفكر االداري في اواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬وتعتبر نتاج‬
‫التفاعل بين عدة تيارات كانت سائدة خالل هذه الفترة وفيما يلي أهم المراحل التاريخية التي مرت بها المدرسة‬
‫‪:‬مرحلة ظهور الثورة الصناعية‪ :‬أبرز ما تميزت به هذه الفترة تبرزه من خالل النقاط التالية *‬
‫‪.‬التوسع في استخدام اآلالت وإحاللها محل العمال ‪1-‬‬
‫‪.‬ظهور مبدأ التخصص والتقسيم العملي للعمل ‪2-‬‬
‫‪.‬تجمع عدد كبير من العمال في مكان العمل وهو المصنع ‪3-‬‬
‫‪.‬إنشاء المصانع الكبرى التي تستوعب اآلالت الجديدة والطاقة العاملة ‪4-‬‬
‫مرحلة الثانية ظهور حركة اإلدارة‪ :‬كان من أبرز مهندسي هذه المرحلة المهندس األمريكي فريدرك تايلور بعرضه *‬
‫لفكرة التقسيم المنهجي للعمل والمبادئ األربعة لإلدارة إلى جانبه ''فرنك جلبرت'' و ''هنري جانت'' و 'هنري فايول'' و‬
‫‪''.‬ماكس فيبر'' من خالل بعض اإلضافات إلى أفكار تايلور حيث كانت البوادر االولي لميالد المدرسة الكالسيكية‬
‫مرحلة نمو المنظمات العمالية والوعي القومي‪ :‬كان ظهور ونمو النقابات والمنظمات العالمية نتيجة حتمية للرد على *‬
‫ممارسات اإلدارة وبدا االنسان يتخلى عن افكار العشوائية في تسيير اإلداري وكان تأثره لمبادئ تايلور وبذور االولي في‬
‫ظهور الكالسيكية‬
‫هناك العديد من األسباب تفسر االهتمام المتزايد نشأة الكالسيكية كوظيفة إدارية متخصصة وكفرع من فروع علم اإلدارة‬
‫‪:‬وتحملها فيها فيما يلي‬
‫‪.‬التوسع الصناعي الذي تم في العصر الحديث حيث ساهم في ظهور اشياء جديدة لم يعرفها االنسان من قبل *‬
‫‪.‬زيادة التدخل الحكومي في عالقات العمل بين العمال ورجال األعمال عن طريق إصدار القوانين *‬
‫‪:‬المطلب الثالث‪ :‬مفهوم االدارة في ظل المدرسة الكالسيكية‬
‫عرفها فريدريك تايلور من مواليد الواليات المتحدة األمريكية مارس ‪ 1856‬عمل في أحد مصانع الحديد في والية‬
‫فيالدلفيا مهندسا‪ ،‬وأثناء عمله الحظ انخفاض اإلنتاجية وضياع الوقت والجهد والمواد دون تحقيق فائدة إنتاجية‪ ،‬وسرعان‬
‫ما قام بإجراء التجارب الميدانية من أجل زيادة الكفاءة اإلنتاجية‪ ،‬ونشر تجاربه بعد ذلك في كتابه المعروف بمبادئ‬
‫اإلدارة العلمية عام ‪ 1911‬هو أبو اإلدارة العلمية‬
‫‪.‬االدارة هي المعرفة الدقيقة لما تريد من الرجال أن يعملوه ثم التأكد من أنهم يقومون بعمله بأحسن طريقة وأرخصها‬
‫أما هنري فايول (‪ )1841 – 1925‬فرنسي االصل‪ ،‬عمل مديرًا تنفيذيًا لشركة صناعية صغيرة في فرنسا‪ ،‬ومن‬
‫خاللها نال خبرته العملية التي قادته إلى النجاح في مجال اإلدارة الصناعية‪ ،‬وعمل على تطوير منهجية النظرية‬
‫اإلدارية‪ ،‬ووثق ذلك في كتابه المشهور اإلدارة العامة والصناعية عام ‪1916‬م‪ ،‬الذي يعتبر بحق األب الحقيقي لإلدارة‬
‫‪.‬الحديثة فيعرفها قائًال أن تقوم اإلدارة معناه أن تتنبأ وأن تخطط وأن تنظم وأن تصدر األوامر وأن تنسق وأن تراقب‬
‫أما ماكس فيبر (‪ 21‬أبريل ‪ 14 – 1864‬جوان ‪ )1920‬كان عالًما ألمانيا في االقتصاد والسياسة‪ ،‬وأحد مؤسسي علم‬
‫االجتماع الحديث ودراسة اإلدارة العامة في مؤسسات الدولة‪ ،‬وهو من أتى بتعريف البيروقراطية‪ ،‬وعمله األكثر شهرة‬
‫هو كتاب "األخالق البروتستانتية وروح الرأسمالية" حيث أن هذا أهم أعماله المؤسسة في علم االجتماع الديني وأشار فيه‬
‫إلى أن الدين هو عامل غير حصري في تطور الثقافة في المجتمعات الغربية والشرقية‪ ،‬وفي عمله الشهير أيضا‬
‫"السياسة كمهنة" عرف الدولة‪ :‬بأنها الكيان الذي يحتكر االستعمال الشرعي للقوة الطبيعية‪ ,‬وأصبح هذا التعريف محوريا‬
‫في دراسة علم السياسة‪ .‬درس فيبر جميع األديان وكان يرى أن األخالق البروستنتانتية أخالق مثالية ومنها استقى‬
‫‪.‬النموذج المثالي للبيروقراطية‬
‫‪.‬فقد عرفا اإلدارة بأنها‪ :‬وظيفة تنفيذ المهمات عن طريق اآلخرين ومعهم‬
‫‪:‬اهم تعاريف الموجودة لإلدارة‬
‫التعريف األول‪ " :‬عملية ذهنية وسلوكية تسعى إلى اإلستخدام األمثل للموارد البشرية والمادية لبلوغ أهداف المنظمة‬
‫" والعاملين بها بأقل تكلفة وأعلى جودة‬
‫التعريف الثاني‪ " :‬النشاط المسؤول عن اتخاذ القرارات وصياغة األهداف‪ ،‬وتجميع الموارد المطلوبة واستخدامها‬
‫بكفاءة‪ ،‬لتحقيق نمو المنظمة واستقرارها‪ ،‬عن طريق مجموعة من الوظائف أهمها‪ :‬التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة‬
‫‪.‬والتقويم‬
‫وتّم التأكيد على أن اإلدارة "مجموعة متكاملة من الخبرات والمهارات والقدرات أغلبها مكتسب بالتعليم والتدريب‬
‫"والمران العملي‪ ،‬وقليل منها فطري موروث‪ .‬وهي إلى جانب ذلك علم وتقنية‬
‫التعريف الثالث‪ " :‬هي االستخدام الفعال والكفء للموارد البشرية والمادية والمالية والمعلومات واألفكار والوقت من‬
‫‪".‬خالل العمليات اإلدارية المتمثلة في التخطيط‪ ،‬والتنظيم والتوجيه والرقابة بغرض تحقيق األهداف‬
‫‪:‬هذا ويقصد بـالموارد‬
‫‪.‬الموارد البشرية‪ :‬األفراد الذين يعملون في المنظمة ‪-‬‬
‫‪.‬الموارد المادية‪ :‬كل ما يوجد في المنظمة من مباني وأجهزة وآالت ‪-‬‬
‫‪.‬الموارد المالية‪ :‬كل المبالغ من المال التي تستخدم لتسيير األعمال الجارية واالستثمارات الطويلة األجل ‪-‬‬
‫‪.‬المعلومات واألفكار‪ :‬تشمل األرقام والحقائق والقوانين واألنظمة ‪-‬‬
‫الوقت‪ :‬الزمن المتاح إلنجاز العمل ‪-‬‬
‫اإلدارة هل هي فن أم علم؟‬
‫اإلدارة فن ألنه البد للمدير أن يمتلك القدرة الشخصية على تطبيق األفكار والنظريات والمبادئ اإلدارية بطريقة ذكية‬
‫‪.‬ولبقة تعكس الخبرة والتجربة والممارسة‬
‫واإلدارة علم ألننا ندرس في الجامعات نظريات ومبادئ وأفكار إدارية وبذلك يمكن القول أن اإلدارة هي فن وعلم في‬
‫‪.‬نفس الوقت‪ ،‬فالعلم يعلم اإلنسان أن يعرف بينما الفن يعلمه أن يعمل‬

‫‪ :‬المبحث الثاني‪ :‬نظريات واهم رواد المدرسة الكالسيكية‬


‫إن االهتمام بإدارة في جميع االقتصاديات بصفة عامة؛ برزت افكار المدرسة الكالسيكية فقد أصبحت اإلدارة األساسية‬
‫‪.‬بالنسبة ألي تنظيم وعرفت نمو افكار المدرسة بالتسلسل وفق ظهورها‬
‫‪:‬المطلب األول‪ :‬نظرية االدارة العلمية فردريك تايلور‬
‫يعتبر فردريك تايلور المؤسس األول لحركة اإلدارة العلمية‪ ،‬ويهمنا في حياة العالم فرديك تايلور العملية أن كان في‬
‫البداية عامال في مصنع‪ ،‬ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مهندسا‪ ،‬ثم أصبح على قمة الهرم الوظيفي لالستشاريين‬
‫من المهندسين في احد المصانع األمريكية ن وكان حجر األساس في مبادئ تايلور العلمية هو تحقيق أقصى كفاية إنتاجية‬
‫‪.‬لألفراد واآلالت المستخدمة في اإلنتاج من خالل ما يعرف بدراسة الزمن والحركة‬
‫‪:‬ويحدد تايلور مبادئه في اإلدارة العلمية على النحو التالي‬
‫أ‌‪ -‬إحالل األسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدال من اسلوب الحدس والتقدير‪ ،‬وذلك من خالل تعريف طبيعة‬
‫العمل تعريفا دقيقا‪ ،‬واختبار أفضل طرق األداء‪ ،‬وأهم الشروط للعمل من حيث المستوى‪ ،‬والمدة الزمنية المطلوبة‬
‫‪.‬لتحقيقه‬
‫‪.‬ب ‪ -‬إحالل األسلوب العلمي في اختيار وتدريب األفراد لتحسين الكفاءة اإلنتاجية‬
‫‪.‬جـ ‪ -‬تحقيق التعاون بين اإلدارة والعاملين من اجل تحقيق األهداف‬
‫‪.‬د ‪ -‬تحديد المسئولية بين المديرين والعمال‪ ،‬بحيث تتولى اإلدارة التخطيط والتنظيم‪ ،‬ويتولى العمال التنفيذ‬
‫‪.‬هـ ‪ -‬ربط تأدية أو نجاح الفرد في عمله باألجر أو المكافآت لرفع الكفاءة اإلنتاجية‬
‫و ‪ -‬إحكام اإلشراف والرقابة على العاملين في المستوى األدنى ألنهم يفتقدون المقدرة والمسئولية في القدرة على التوجيه‬
‫‪.‬الذاتي‬
‫أن هذا األسلوب العلمي الذي جاء به تايلور في مجال اإلدارة كان له بعض الجوانب السلبية‪ ،‬فإصرار المنظمات على‬
‫األخذ بأصول اإلدارة العلمية حرصًا على تحقيق أهداف المنظمة وزيادة اإلنتاج واألرباح سنويًا‪ ،‬جاء على حساب‬
‫تضحيات من جانب العنصر البشري الذي كان عليه أن ينتظم في خط اإلنتاج تمامًا كاآللة‪ ،‬تحسب عليه حركاته‪ ،‬ويعمل‬
‫وفقًا لخطوات روتينية متكررة تبعث على السأم والملل‪ ،‬وتقتل المبادأة واالبتكار والطموح‪ ،‬وقد أدى ذلك إلى مقاومة‬
‫العمال لهذا األسلوب‪ ،‬فقد تبينوا أنهم مجرد آالت وأن الهدف األساسي لإلدارة العلمية هو زيادة اإلنتاج على حسابهم‪،‬‬
‫فعارضوا تطبيقها‪ ،‬ودخلت النقابات العمالية‪ ،‬وأخيرًا تدخلت الحكومة األمريكية لمنع تطبيق مبادئ اإلدارة العلمية في‬
‫‪.‬الترسانة الحكومية وغيرها من المصالح‬
‫والواقع أن اهتمام تايلور بتحقيق كفاية اإلنتاج واالقتصاد عن طريقة دراسة الوقت والحركة كان دعوة للتركيز كلية على‬
‫المشروع‪ ،‬ولجذب االنتباه إلى زيادة اإلنتاج‪ ،‬لدرجة أن دراسة اإلدارة اقتصرت إلى حين على دراسة ترشيد إدارة‬
‫‪.‬المصنع‪ ،‬بينما أهملت االعتبارات المتصلة بالجوانب االجتماعية واإلنسانية للعاملين فيه‬
‫ونلخص من هذا العرض لنظرية اإلدارة العلمية أنها بهذا الشكل تندمج تحت طائفة النظريات الكالسيكية المثالية التي‬
‫تصف ما يجب أن يكون‪ ،‬وأنها ركزت على عنصر واحد من عناصر التنظيم وهو العمل‪ ،‬وأهملت اإلنسان والعالقات‬
‫اإلنسانية داخل التنظيم‪ ،‬كما أنها لم تكن نعنى سوى العمل اإلنتاجي على مستوى المصنع‪ ،‬ولم تعط االهتمام الكافي لحقيقة‬
‫‪.‬التفاعل والتبادل بين التنظيم‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظرية شمولية االدارة او االدارة الوظيفية هنري فايول‬
‫ًا‬
‫إن أهم ما يميز كتابات هذه النظرية هو سعيها للوصول إلى مبادئ إدارية نظرية لتكون أساس لعمليات التنظيم والتصميم‬
‫اإلداري وقد جاء دعاة هذه النظرية من بلدان مختلفة‪ ,‬حيث إن هنري فايول فرنسي‪ ,‬وليندال أرويك بريطاني‪ ,‬أما لوثر‬
‫جيوليك وموني ورايلي فهم أمريكيون والذي جمعهم في مدرسة واحدة أنهم كانوا معنيين بالوصول إلى المبادئ اإلدارية‬
‫التي تحكم التنظيم في البيئات المختلفة‪ ،‬وذلك فإن أفكار هذه النظرية كانت أكثر عمقًا وتجريدًا من نظرية اإلدارة العلمية‬
‫واسترشد كتابها بالتنظيمات الصناعية العسكرية وغيرها للوصول إلى هذه المبادئ التي اعتبروها أساسًا إليجاد علم‬
‫‪.‬إداري‬
‫ًا‬
‫لقد تميز هنري فايول عن فريدريك تايلور رغم أنه كان هو اآلخر مهندس ‪ ،‬بأنه كان من بين الكتاب األوائل الذين حاولوا‬
‫تطوير نظرية عامة لإلدارة ألنه كان يشغل منصبًا إداريا‪ ،‬بينما كان تايلور يعمل في خط اإلنتاج‪ ،‬ومن ثم اهتم فايول‬
‫‪.‬بوظائف اإلدارة على المستويات المختلفة‪ ،‬وحاول يطور نظامًا فكريًا إداريًا يمكن تعليمه ودراسته‬
‫فعلي حين شغلت الواليات المتحدة األمريكية وانجلترا بالنتائج التي توصل إليها فريدريك تايلور لرفع الكفاءة اإلنتاجية‬
‫للعامل في المصنع‪ ،‬كانت هناك محاوالت مهمة تجري على أرض فرنسا بمعرفة هنري فايول رجل الصناعة الفرنسي‬
‫لوضع نظرية عامة لإلدارة‪ ،‬اتضحت معالمها في كتابه الذي ظهر في فرنسا عام ‪1916‬م تحت عنوان " اإلدارة‬
‫‪ ".‬الصناعية والعامة‬
‫ولم يترجم هذا المؤلف الذي نشر بالفرنسية إلى اإلنجليزية حتى عام ‪1929‬م في بريطانيا‪ ،‬وعام ‪1949‬م في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ .‬وإن كان جانب من إنتاج فايول قد تضمنته مجموعة الوثائق التي أصدرها لوثر جوليك وليندال أرويك‬
‫‪.‬عام ‪1937‬م‬
‫وقد كتب فايول كأحد العاملين باإلدارة‪ ،‬ومن هنا قدم خبراته الطويلة ومالحظاته المهمة التي أسهمت في تحديد أسس‬
‫اإلدارة‪ ،‬ولعل أهمية كتاباته في الفكر اإلداري الحديث تكمن في تحليالته العميقة للنشاط اإلداري‪ ،‬وفي إيمانه القوي‬
‫بوجود مبادئ لإلدارة تتميز بعموميتها‪ ،‬ووجوب تدريسها‪ .‬فلقد اهتم فايول باإلدارة في قطاع األعمال‪ ،‬ولما كانت‬
‫األصول العامة لإلدارة يمكن أن تسري في ميداني اإلدارة العامة وإدارة األعمال‪ ،‬ونظرًا للحقائق المهمة التي أبرزها‬
‫‪.‬فإننا نقدم ملخصًا آلرائه التي اثرت الفكر اإلداري‬
‫‪:‬لقد وجد فايول أن النشاط في إدارة األعمال يمكن أن يقسم إلى سنة مجموعات رئيسة‪ ،‬وهي على النحو التالي‬
‫‪.‬النشاطات الفنية (اإلنتاج والتصنيع) ‪1-‬‬
‫‪.‬النشاطات التجارية (المشتريات‪ ،‬المبيعات والتبادل) ‪2-‬‬
‫‪.‬النشاطات التمويلية (الموارد المالية‪ ،‬االستثمارات والمصروفات) ‪3-‬‬
‫‪.‬النشاطات األمنية (الممتلكات واألشخاص) ‪4-‬‬
‫‪.‬النشاطات المحاسبية (تقدير التكاليف واإلحصاءات) ‪5-‬‬
‫‪.‬النشاطات اإلدارية (التخطيط‪ ،‬التنظيم والتوجيه‪ ،‬التنسيق والرقابة) ‪6-‬‬
‫وقد بين فايول أن هذه المهام تتواجد في كل منظمة مهما كان حجمها‪ .‬كما أكد على أهمية النشاطات اإلدارية بالنسبة‬
‫‪.‬للوظائف العليا‪ ,‬فإذا استطاع اإلداري القيام بهذه المهام اإلدارية فإن قيادته ستكون ناجحة وفعالة‬
‫‪:‬ولقد تضمن مؤلف فايول موضوعات تعالج النواحي التالية‬
‫صفات اإلداريين وتدريبهم ‪1-‬‬
‫األسس العامة لإلدارة ‪2-‬‬
‫وظائف اإلدارة ‪3-‬‬
‫‪:‬أوًال‪ :‬صفات اإلداريين وتدريبهم‬
‫يرى فايول أن اإلداريين يحتاجون إلى مجموعة من السمات والصفات الفذة يجب توافرها‪ ,‬وهي صفات جسمية وصفات‬
‫ذهنية وصفات أخالقية‪ ,‬يضاف إليها سعة إطالع المديرين وثقافتهم العامة‪ .‬وأشار فايول إلى أن أهمية هذه الصفات نسبية‬
‫‪ ,‬وأن القدرات والمهارات اإلدارية تتزايد أهميتها كلما ارتفع المدير في السلم اإلداري‪ ,‬في حين تكون القدرات‬
‫‪.‬والمهارات الفنية مهمة في المستويات اإلدارية الوسطى والدنيا‬
‫‪:‬ثانيًا‪ :‬األسس العامة لإلدارة‬
‫مع تسليم فايول بأن أسس اإلدارة مرنة وال تعبر عن قواعد ثابتة ومحددة‪ ،‬فقد وضع أربعة عشر ( ‪ )14‬مبدأ من مبادئ‬
‫اإلدارة التي توصل إليها نتيجة مشاهداته وخبراته مؤكدًا أنها تتضمن حسن أداء المدير لدوره إذا ما التزم بها وسار‬
‫‪:‬عليها‪ ،‬وهذه المبادئ هي‬
‫تقسيم العمل‪ :‬ينتج تقسم العمل عن تطبيق مبدأ التخصص الذي نادي به االقتصاديون كضرورة لالستخدام األمثل ‪1-‬‬
‫‪.‬للقوى العاملة‪ ،‬ويرى فايول انطباق هذا المبدأ على جميع أنواع النشاطات اإلدارية والفنية‬
‫السلطة والمسؤولية‪ :‬أوضح فايول االرتباط الوثيق بين السلطة والمسؤولية‪ ،‬وأن األخيرة موزاية للسابقة منبثقة ‪2-‬‬
‫عنها‪ ،‬ويرى فايول السلطة مزيجا من السلطة الرسمية المستمدة من المنصب الرسمي واختصاصاته‪ ،‬والسلطة الشخصية‬
‫‪.‬التي قوامها الذكاء والخبرات والخلق القويم والقدرة على القيادة‬
‫االلتزام بالقواعد‪ :‬وهي في نظر فايول احترام االلتزامات الهادفة الى تحقيق الطاعة والتنفيذ ومظاهر االحترام‪3- ،‬‬
‫‪.‬ويقرر فايول أن تحقيق النظام يرتبط بوجود مديرين على درجة علية من الكفاءة في جميع المستويات‬
‫‪.‬وحدة األمر‪ :‬وهذا يعني أن يكون لكل موظف رئيس واحد يتلقى منه األامر والتوجيهات ويرفع إليه التقارير ‪4-‬‬
‫وحدة االتجاه‪ :‬ذلك أن كل مجموعة من النشاط متحدة الهدف يجب أن يكون لها رئاسة واحدة وخطة واحدة‪ ،‬وتختلف ‪5-‬‬
‫‪.‬عن سابقتها في أنها تهتم بالنشاط ال باألفراد‬
‫خضوع األفراد للمصلحة العامة‪ :‬وهذا المبدأ يتطلب من اإلدارة التدخل حينما تتعارض مصالح العاملين مع ‪6-‬‬
‫‪.‬المصالحة العامة أو األهداف العامة للمنظمة‪ ،‬وذلك من أجل المحافظة على استقرار التنظيم واستمراريته‬
‫‪.‬المكافآت‪ :‬يقضى هذا المبدأ بأن تكون الرواتب والمكافآت عادلة ومجزية لجميع العاملين في جميع المستويات ‪7-‬‬
‫المركزية‪ :‬ويقصد بها مدى تركيز السلطة أو توزيعها‪ ،‬وهذا المدى يتختلف من منظمة ألخرى‪ ،‬وتحكمة ظروف ‪8-‬‬
‫‪.‬وعوامل متداخلة في الموقف اإلداري‪ ،‬ويجب أن يكون هناك نقطة توازن بين المركزية المطلقة والمركزية الكاملة‬
‫‪.‬تسلسل القيادة‪ :‬يرى فايول تدرج مستويات القيادة في التنظيم بشكل هرمي ‪9-‬‬
‫النظام‪ :‬ويقصد به فايول وضع كل شيء وكل شخص في مكانه ويقسمه فايول إلى قسمين‪ ،‬نظام مادي يعني بوضع ‪10-‬‬
‫اآلالت واألدوات والمعدات في مكانها المناسب لمصلحة العمل‪ ،‬ونظام اجتماعي يتهم بوضع كل شخص في المكان‬
‫‪.‬المناسب‪ ،‬كما يتهم بتنسيق الجهود‪ ،‬وتحقيق االنسجام بين نشاطات الوحدات المختلفة في التنظيم‬
‫العدالة‪ :‬يجب أن يعامل جميع العاملين معاملة واحدة بهدف الحصول على والئهم وانتمائهم‪ ،‬وأن يلتزم كل منهم ‪11-‬‬
‫‪.‬بأداء واجباته وأن يحصل كل منهم على حقوقه كافة‬
‫االستقرار الوظيفي‪ :‬ينص هذا المبدأ على أهمية استقرار الموظف في عملة‪ ،‬كما يؤكد على أن المنظمات الناجحة ‪12-‬‬
‫‪.‬هي المنظمات المستقرة‬
‫المبادرة‪ :‬المبادأة عند فايول تعني المبادرة إلعداد الخطط وكيفية تنفيذها‪ ،‬ويطالب فايول الرؤساء بإعطاء الفرصة ‪13-‬‬
‫‪.‬للمرؤوسين لممارسة المبادأة في العمل وأبدا المقترحات وتنمية روح االبتكار‬
‫العمل بروح الفريق‪ :‬يوضح هذا المبدأ أهمية العمل الجماعي وأهمية االتصاالت الفعالة‪ ،‬والتعاون بين الرئيس ‪14-‬‬
‫والمرؤوسين بما يكفل أداء األعمال بكفاءة وفاعلية‪ .‬وهو ما يرتبط بقدرة القائد اإلداري على التأثير في سلوك العاملين‬
‫‪:‬ثالثًا‪ :‬وظائف اإلدارة‪ :‬حيث يرى فايول أن وظائف اإلدارة تشمل على‬
‫‪.‬التخطيط ‪1-‬‬
‫‪.‬التنظيم ‪2-‬‬
‫‪.‬التوحيه ‪3-‬‬
‫‪.‬التنسيق ‪4-‬‬
‫‪.‬الرقابة ‪5-‬‬
‫وقد كرس هنري فايول جانبًا من اهتماماته كممارس لإلدارة لمناقشة هذه الوظائف‪ .‬وقد كان ألفكاره وما تركته من أثر‬
‫مميز في الفكر اإلداري – سواء في فرنسا أو غيرها – أهمية ال تقل عن أهمية األثر الذي تركته أفكار فريدريك تايلور‬
‫‪.‬في الفكر اإلداري األمريكي‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النظرية البروقراطية ماكس فيبر‬
‫اعتبر نظرية البيروقراطية كما وصفها ماكس ويبر هي البداية لنظرية التنظيم العلمية‪ ،‬وقد هدف فيبر من نظريته عن‬
‫‪.‬البيروقراطية إلى وصف الجهاز اإلداري للتنظيمات وكيف يؤثر على األداء والسلوك التنظيمي‬
‫وكان فيبر يقصد بتعبير البيروقراطية أن يصف النموذج المثالي للتنظيم والذي يقوم على اساس من التقسيم اإلداري‬
‫‪.‬والعمل المكتبي‬
‫ًا‬
‫ويعتبر مفهوم البيروقراطية من المفاهيم الغامضة نسبي لما تتضمنه من معان متعددة‪ ،‬وفق الهدف من استعماله‪ ،‬وذلك أن‬
‫مصطلح البيروقراطية يتكون من كلمتين‪ :‬بيرو بمعنى مكتب وقراطي بمعنى حكم‪ ،‬والكلمة في مجموعها تعني سلطة‬
‫المكتب أو حكم المكتب‪ ،‬وبعبارة أخرى فإن البيروقراطية تعني أسلوب ممارسة العمل اإلداري من خالل التنظيم المكتبي‬
‫الذي يكتسب سلطته من خالل هذا التنظيم‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن كلمة بيروقراطي تعني الموظفين المكتبيين‪ ،‬أي الذين‬
‫‪.‬يعملون في الوظائف المكتبية واإلدارية في المكاتب الحكومية‬
‫‪:‬وتتعدد معاني المفهوم في االستعماالت التي شاع فيها‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
‫‪.‬قد تعني البيروقراطية تنظيما إداريا ضخمًا يتسم بخصائص ومميزات معينة ‪1-‬‬
‫وقد تعني مجموعه اإلجراءات التي يجب إتباعها في مباشرة العمل الحكومي بصورة عامة داخل المكاتب أو ‪2-‬‬
‫‪.‬التنظيمات اإلدارية‬
‫‪.‬وقد تستعمل البيروقراطية السلطة التي يمارسها الموظف العام‪ ،‬أو التنظيم اإلداري الحكومي ‪3-‬‬
‫وقد تعني البيروقراطية الدور الذي يمارسه الموظفون العموميون في إطار النظام السياسي وذلك لتنفيذ السياسة ‪4-‬‬
‫‪.‬العامة في الدولة‬
‫يمكن النظر إلى البيروقراطية من خالل خصائص بناء التنظيم على أساس أنها مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية ‪5-‬‬
‫‪.‬في التنظيم اإلداري والذي يتحقق فيه تقسيم واضح للعمل‬
‫ًا‬
‫‪.‬هناك اتجاه يقول بأن البيروقراطية نمط معين من السلوك الذي يعتمد على القواعد واإلجراءات المحددة سلف ‪6-‬‬
‫قد تتحدد فكرة البيروقراطية على أساس أنها تعني ذلك التنظيم الذي يحقق أكبر قدر من الكفاية في اإلدارة وفي تحديد ‪7-‬‬
‫‪.‬الوسائل التي تحكم التنظيم االجتماعي بدقة‬
‫ًا‬
‫قد يعني مفهوم البيروقراطجية معنى آخر يتسم بالسلبية حيث تعتبر البيروقراطية مصدر للروتين وتعقيد اإلجراءات ‪8-‬‬
‫‪.‬وصعوبة التعامل مع الجماهير‬
‫‪:‬دراسات ماكس ويبر‬
‫يكاد جميع الباحثون في العلوم اإلدارية على أن أهم الدراسات التي أسهم بها ماكس فيبر‪ ،‬فيما يتعلق بالدراسات التنظيمية‬
‫واإلدارية‪ ،‬هي كتاباته الخاصة بنظرية السلطة هذه الدراسات قادته إلى تحليل كثير من التنظيمات وأساليب وانسباب‬
‫خطوط السلطة داخل هذه التنظيمات‪ ،‬وهذه الدراسات كانت تدور في نطاق اهتماماته األساسية التي توضح لماذا يطيع‬
‫األفراد األوامر التي تصدر إليهم؟ ‪ ...‬ولماذا يقوم األشخاص بأداء األعمال وفقًا للتعليمات التي تنساب إليهم في حدود‬
‫األوامر المشددة والتي تتلخص في مفهوم "اصدع بما تؤمر" وقد قام في هذه الدراسة بتوضيح أسلوب إكساب الشرعية‬
‫‪:‬لممارسة السلطة داخل هذه التنظيمات وقسمها إلى ثالثة أنواع‬
‫النوع األول‪ :‬السلطة البطولية‬
‫النوع الثاني‪ :‬السلطة التقليدية‬
‫النوع الثالث‪ :‬السلطة القانونية الرشيدة‬
‫‪.‬وقد أوضح في دراساته الفرق بين هذه األنواع‪ ،‬مع اعترافه بأن هذه األنواع الثالثة يمكن أن يتضمنها تنظيم واحد‬
‫كما أوضح في دراسته‪ ،‬أن النوع األول يمارس السلطة من خالل المواصفات الشخصية التي يتحلى بها القائد‪ ،‬ولذلك‬
‫وهي مقتبسة من اللغة اليونانية والتي توضح مدى تحلى اإلنسان بمواصفات غير عادية‪ Charism ،‬استخدم كلمة‬
‫وتمكنه من ممارسة سلطاته باألسلوب الذي يحقق له قدرًا هائال من ضبط النفس‪ ،‬وطاقة استثنائية في ممارسة هذه‬
‫السلطة في التأثير على العاملين معه بحيث يتقبلون هذه التعليمات أو هذه التوجيهات برحابة صدر ورضى كامل‪ .‬وقد‬
‫أدى هذا إلى اتجاه عدد من العلماء والمفكرين الذين تأثروا بدراسات ماكس فيبر إلى البحث عن سمات وصفات هؤالء‬
‫‪.‬القادة‬
‫أما فيما يتعلق بالنوع الثاني القائم على " العالقات التقليدية" فإن القائد يمارس سلطته من خالل موقعة في التنظيم‪ .‬وكثيرًا‬
‫ما يمارس مثل هذه القائد سلطته من خالل العادات والتقاليد المتوازنة‪ ،‬وقد ضرب ماس فيبر في بحوثه الكثير من األمثلة‬
‫التي توضح هذه األسلوب‪ ،‬ومن بينها األساليب التي أدار بها اإلقطاعيون ممتلكاتهم ومنشآتهم الواسعة‪ ،‬وأوضح أن‬
‫‪.‬المراكز اإلدارية كانت تنتقل بالوراثة من األب إلى االبن‬
‫أما النوع الثالث‪ ،‬وهو ترشيد العالقات القانونية داخل المنشآت والوحدات من خالل الشكل البيروقراطي للتنظيم وهو‬
‫التنظيم الذي يوجد في المنشآت الحديثة‪ ،‬ويرى فيبر أن هذه التعبير يتفق مع التطور الذي وصلت إليه مختلف الوحدات‬
‫في المجتمعات المعاصرة‪ ،‬ذلك أن الشرعية أو قانونية السلطة يمارسها القائد من خالل مجموعة من القواعد‬
‫واإلجراءات‪ .‬هذه القواعد واإلجراءات هي التي تكسبه شرعية ممارسة السلطة في الموقع الذي يتواجد فيه أثناء الفترة‬
‫الزمنية التي يصدر فيها تعليماته ويمارس فيها سلطاته‪ ،‬وهذه المجموعة من القواعد واإلجراءات التي تمارس من خالل‬
‫المراكز التي تشغلها المستويات اإلدارية المختلفة في التنظيمات الضخمة والحديثة‪ ،‬وهي التي أطلق عليها ماس فيبر‬
‫‪.‬كلمة بيروقراطية‬
‫ويالحظ عند االطالع على بحوث ودراسات فاكس فيبر أنه كان يهدف إلى تحقيق تنظيم على أعلى قدر ممكن من الكفاية‬
‫إذ يرى أن البيروقراطية هي خير أسلوب فني إلنجاز األعمال المكتبية واإلدارية بأعلى قدر ممكن من الكفاءة القائمة‬
‫‪.‬على التخصص وتقسيم العمل‪ ،‬وهو ما يجعله يصف البيروقراطية بأنها النموذج المثالي للتنظيمات اإلدارية الضخمة‬
‫‪:‬ويرى ماكس فيبر أن التنظيم البيروقراطي المثالي يقوم على األسس التالية‬
‫‪.‬هناك مجاالت للتخصص الوظيفي محددة رسميًا وثابته‪ ،‬وتنظم القواعد واللوائح عملية تجديد تلك المجاالت الوظيفية ‪1-‬‬
‫توزع النشاطات واألعمال الالزمة لتسيير دفة التنظيم البيروقراطي على أعضاء التنظيم باعتبارها واجبات رسمية ‪2-‬‬
‫‪.‬وبطريقة ثابتة ومحددة‬
‫ًا‬
‫توزع السلطة الالزمة إلعطاء األوامر بتنفيذ الواجبات المحددة بشكل رسمي ثابت ووفق لقواعد واضحة ومحددة‪3- ،‬‬
‫‪.‬وتحدد هذه القواعد مدى السلطة التي تمح لكل موظف‪ ،‬ونوع تلك السلطة‬
‫هناك طرق وأساليب محددة للعمل وتنفيذ المهام والواجبات وبالتالي ال يعين في التنظيم البيروقراطي إال من كان ‪4-‬‬
‫‪.‬مؤهًال ألداء تلك المهام‬
‫ينقسم التنظيم البيروقراطي إلى عدة مستويات متخذا شكًال هرميًا وبالتالي يوحد نظام حاسم ودقيق من الرئاسة‪ ،‬حيث ‪5-‬‬
‫تشرف المستويات العليا من التنظيم البيروقراطي على أعمال ونشاطات المستويات الدنيا‪ .‬ويسمح هذا النظام للعاملين أو‬
‫المرؤوسين بأن يتظلموا من قرارات أحد الرؤساء إلى المستوى اإلداري األعلى منه بطريقة منظمة ومحددة‪ ،‬ويسود هذا‬
‫‪.‬التنظيم الهرمي أشكال التنظيمات الضخمة كافة‪ ،‬العامة والخاصة على حد السواء‬
‫تعتمد إدارة التنظيم البيروقراطي على المستندات وبالتالي يوجد جهاز من الموظفين والكتبة مهمتهم االحتفاظ بالوثائق ‪6-‬‬
‫والمستندات‪ ،‬وعلى هذا األساس يرى فيبر أن مجموعة العاملين بقسم معين وما يستخدمونه من معدات ووثائق (ملفات)‬
‫‪.‬يكونون مكتبًا‬
‫يفصل التنظيم البيروقراطي المكتب عن النشاط الخاص للموظف‪ ،‬بمعنى أن العمل البيروقراطي يجب أن ينفصل ‪7-‬‬
‫ويبتعد عن حياة الموظف الخاصة‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن األموال العامة والمعدات الخاصة بالتنظيم يجب أن ُتفصل‬
‫‪.‬تماما عن الملكية الشخصية للموظف‬
‫إن اإلدارة المكتبية تحتاج إلى خبرة ومران وتدريب‪ ،‬ومن ناحية أخرى فحين يكتمل التنظيم فإنه يتطلب عادة كل ‪8-‬‬
‫نشاط وجهد الموظف حتى ولو كانت ساعات عملة محددة بمعنى أن العمل الرسمي يأتي في المقام األول بالنسبة لوقت‬
‫‪.‬الموظف وال يمكن تأخيره ألداء أعمال خاصة‬
‫تطبق اإلدارة في هذه المنظمات قواعد وتعليمات للعمل وتتصف بالشمول والعمومية والثبات النسبي‪ ،‬كذلك تستخدم ‪9-‬‬
‫اإلدارة أنواع القواعد والتعليمات التي يمكن للموظف تعلمها وفهمها‪ ،‬كلما زاد فهم الموظف لتلك القواعد واإلجراءات‬
‫‪.‬كلما ارتفعت خبرته وكفاءته‬
‫وتلك هي خصائص التنظيم البيروقراطي كما رسمها ماس فيبر في أوائل هذا القرن وتدل على اهتمامه بتقديم نظرية‬
‫‪.‬مثالية تحدد نمط العمل والسلوك الواجب في التنظيم المثالي‬
‫ومن ثم‪ ,‬فإن ماكس فيبر يقصد بالبيروقراطية وصف التنظيم اإلداري الضخم وما يتضمنه من قواعد وتأثيره في اإلدارة‬
‫والسلوك التنظيمي‪ ,‬كل ذلك في إطار ما يجب أن يكون‪ ,‬كما يعدد مزايا كثيره للتنظيم البيروقراطي‪ ,‬أهمها‪ :‬السرعة‪,‬‬
‫االنضباط‪ ,‬االستقرار ‪ ,‬االستمرارية‪ ,‬الدقة في تطبيق مبدأ التخصص‪ ,‬تقسم العمل‪ ,‬المعرفة في مسائل المستندات‪,‬‬
‫الوضوح التام في خطوط السلطة وتسلسلها الهرمي‪ ,‬الخضوع الكامل للرؤساء‪ ,‬تخفيض االحتكاك بين األفراد وتخفيض‬
‫‪.‬التكلفة اإلنسانية واالقتصادية للعمل‬
‫مما سبق‪ ،‬يتضح أن تفكير ماكس فيبر عن البيروقراطية يختلف تمامًا عن المفاهيم الشائعة عنها والتي تربط بينها وبين‬
‫‪.‬انخفاض الكفاءة‪ ،‬وتعقيد اإلجراءات في األجهزة الحكومية وصعوبة التعامل مع الجماهير‬
‫وقد كانت معظم التحليالت الناقدة للنموذج‪ ،‬والموضحة لآلثار السلبية غير المتوقعة التي تترتب عليه‪ ،‬تدور في إطار‬
‫المنظمة الواحدة‪ ،‬وقد أوضحت هذه التحليالت أن المنظمة البيروقراطية مثلما تؤدي إلى الضبط واالستقرار وزيادة‬
‫القدرة على التنبؤ‪ ،‬فهي تؤدي أيضًا إلى إمكانية الجمود وإلى خطر إحالل الوسائل محل األهداف النهائية‪ ،‬وإلى تقييد‬
‫‪.‬كفاءة األداء‪ ،‬فهناك إذن‪ ,‬آثار سلبية غير متوقعة تترتب على األخذ بالنمط البيروقراطي للتنظيم‬
‫في األعوام ‪1939‬م وما بعدها‪ ،‬وسلزنيك عام ‪1943‬م وجولدنر عام ‪1954‬م‪ .‬من أوائل )‪ (Merton‬وكان ميرتون‬
‫علماء االجتماع الذين تنبهو إلى ما بالنموذج المثالي من نقاط ضعف‪ ،‬فقد كان فيبر يعتقد أن اإلشراف الدقيق والرقابة‬
‫التامة على أعمال وسلوك أعضاء التنظيم‪ ،‬وتطبيق القواعد والتعليمات يؤدي إلى استقرار سلوك األفراد وإمكان التنبؤ‬
‫بالسلوم البيروقراطي‬
‫ولعل الصفة األساسية التي تميز هذه االتجاهات الحديثة في دراسة البيروقراطية‪ ،‬هي إدخال العنصر اإلنساني والبيئة‬
‫‪.‬المحيطة كمحددات أساسية للسلوك البيروقراطي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تقيم المدرسة الكالسيكية‬


‫إن افكار المدرسة الكالسيكية لقت نجاحات كبيرة كما انها ال تخلو من سلبيات سنحاول دراستها‬
‫المطلب األول‪ :‬مساهمات المدرسة الكالسيكية في التسيير‬
‫يمكن حصر اهم المساهمات من خالل تسلسل النظريات‬
‫مساهمات فردريك تايلور‪ :‬أرسى قواعد حركة اإلدارة العلمية‪ ،‬فهو الذي حدد المبادئ التي يقوم عليها‪ ،‬وهو الذي أعلن‬
‫األهداف الحقيقية التي تسعى إليها وهي زيادة اإلنتاج وإحالل السالم والتفاهم محل الخصام والتطاحن بين اإلدارة‬
‫والعمال‪ ،‬وإقناع الطرفين بأن الذي يحكم العالقة بينهما مصالح مشتركة وليست مصالح متضاربة ال يمكن التوفيق بينها‪.‬ـ‬
‫‪:‬وكانت المساهمة األساسية لتايلور في إرساء المبادئ األساسية لإلدارة العلمية هي‬
‫‪.‬إحالل الطرق العلمية محل الطرق البدائية في العمل ‪1-‬‬
‫‪.‬االختبار العلمي للعمال وتدريبهم على أساس علمي ‪2-‬‬
‫‪.‬تعاون كل من اإلدارة والعمال طبقا للطريقة العلمية ‪3-‬‬
‫‪.‬تقسيم عادل للمسؤولين بين المديرين والعمال مع قيام المديرين بتخطيط وتنظيم العمل‪ ،‬وقيام العمل بالتنفيذ ‪4-‬‬
‫مساهمات هنري فايول في تكوين نظرية اإلدارة‪ :‬تتركز هذه المساهمات في اآلتي‪:‬ـأـ تقسيم أوجه النشاط التي تقوم بها‬
‫‪:‬المشروعات الصناعية إلى‬
‫‪:‬أ‪ -‬فنية كاإلنتاج‬
‫ـ تجارية كالشراء ـ البيع ـ المبادلة مالية كالحصول على رأس المال‪ ،‬االستخدام األمثل له‬
‫تأمينية كحماية األفراد والممتلكات محاسبية كالتكاليف واإلحصاءات إدارية كالتخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ التنسيق ـ ‪-‬‬
‫الرقابة‬
‫ب ـ تقديم مبادئ عامة لإلدارة تتصف بالمرونة ولكنها ليست مطلقه‪ ،‬ويجب أن تستخدم في ضوء الظروف المتغيرة‬
‫والخاصة بكل مشروع‪ ،‬ومن أهم هذه المبادئ التخصص‪ ،‬وحدة األمر‪ ،‬السلطة والمسؤولية‪ ،‬االلتزام بالقواعد‪ ،‬المركزية‪،‬‬
‫‪ .‬تسلسل القيادة‪ ،‬العدالة‪ ،‬العمل بروح الفريق‪ ،‬خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة‬
‫‪:‬مساهمات ماكس فيبر‪ :‬ومن أهم المبادئ التي قدمها ويبر ما يلي‬
‫أـ تدرج السلطة‪ :‬ويقصد به ضرورة االلتزام بالخط الرسمي للسلطة حيث يجب أن تنساب السلطة من أعلى إلى أسفل‪،‬‬
‫‪.‬ويكون محل فرد مسؤًال أمام رئيسه عن تصرفات وقرارات مرؤوسيه‬
‫‪.‬ب ـ وجود معايير رشيدة للتوظف‬
‫جـ ـ ارتفاع درجة الرسمية‪ :‬ويشير هذا المبدأ إلى وجود قواعد محددة وثابتة مكتوبة توجه العمل وتحكم عملية اتخاذ‬
‫‪.‬القرارات في المنظمة‬
‫د ـ وجود سجالت رسمية ونظام معلومات مركزي في زيادة درجة توثيق البيانات والمستندات‪ :‬مما يعطي صورة‬
‫‪.‬محددة ودقيقة عن المنظمة‬
‫تقييم المدخل الكالسيكي‪ :‬مما سبق نجد أن المدرسة الكالسيكية بصفة عامة قدمت عدة إسهامات إيجابية ال زالت سارية‬
‫حتى اآلن‪ ،‬واالتجاه نحو االعتماد على األسلوب العلمي بدًال من الطرق العشوائية سواء في تصميم العمل أو اختيار‬
‫العاملين أو في التدريب‪ .‬ـ ولكن يؤخذ على هذه المدرسة انخفاض اهتمام روادها بالعنصر اإلنساني والتركيز على كيفية‬
‫تحسين اإلنتاج فقط‪ ،‬األمر الذي أثار العديد من المشاكل في بدايات القرن العشرين بين العمال وأصحاب العمل‬
‫وكذلك افتراض أن المنظمة واألداء اإلداري بها يمثل نظاًما مغلًق ا ال يتأثر بالعوامل الخارجية‪ ،‬وكذلك افتراض وجود‬
‫وظائف إدارية ومبادئ لها صفة العمومية مهمًال أثر‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االنتقادات الموجهة إلى المدرسة الكالسيكية‬
‫يمكن حصر اهم االنتقادات الموجهة لمدرسة حيث نظر أصحاب هذه المدرسة إلى الفرد على أنه مخلوق رشيد‪ ،‬يلتزم‬
‫بالقوانين واألنظمة‪ ،‬وأنه إنسان مادي سلبي‪ ،‬وغير محب للعمل بطبعه‪ ،‬ولكن يمكن استثارته وحفزه بواسطة المادة‬
‫وتجاهلت أهمية التنظيم غير الرسمي بين الجهاز اإلداري والعاملين‪ ،‬وبين العاملين وبعضهم البعض‪ ،‬وبين العاملين‬
‫والسلطة‪ .‬ولم تهتم بالحاجات اإلنسانية واالجتماعية والنفسية للفرد والعامل‪ ،‬ونظرت إليه نظرة مادية بحته كأداة من‬
‫أدوات اإلنتاج‪ .‬حيث ركزت على السلطة والقوانين الرسمية‪ ،‬ولم تدع مجاال لمشاركة العاملين في اتخاذ القرارات‬
‫‪.‬اإلدارية وغيرها‬

You might also like