Professional Documents
Culture Documents
آليات الضبط الاقتصادي في التشريع الجزائري
آليات الضبط الاقتصادي في التشريع الجزائري
الشعبية
وزارة التعليم العالي و البحث
العلمي
جامعة محمد البشير اإلبراهيمي –
برج بوعريريج -
كلية الحقوق و العلوم السياسية
قسم الحقوق
مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق – تخصص :قانون أعمال -
الموضوع:
جامعية2020/2019
الشكر الجزيل و الحمد الكثير هلل العلي القدير الذي وفقنا
و أعاننا على إتمام هذا العمل
يسعدنا أن نتقدم بالشكر الجزيل لألستاذ المشرف "أمين نجار" ،و الذي لم يبخل
علينا بتوجيهاته القيمة بمساعدته لنا منذ البداية إلى النهاية فكان نعم األستاذ و نعم
الناصح و قد منحنا وقته وصبره و أحاطنا بمالحظاته القيمة ،فرغم انشغاله و
التزاماته الكثيرة فقد قبل اإلشراف على هذا العمل و مراجعته مع تقديمه
المالحظات القيمة التي أنارت لنا طريق البحث و التقصي فله كل عبارات الشكر
و التقدير،عرفانا منا بالجميل.
و أرجو من هللا سبحانه و تعالى أن يجعله في ميزان حسناته
كما نتقدم بجزيل الشكر إلى لجنة المناقشة التي رضيت أن تمنحنا القليل من وقتها
الثمين ،حرصا منها على تقيم مجهوداتنا ،فلها كل الشكر و التقدير و العرفان.
كما ال يفوتنا أن نتقدم بالشكر الجزيل إلى كل أساتذة تخصص قانون األعمال و إلى
كل طلبة الماستر دفعة .2020/2019
إلهي ال يطيب الليل إال بشكرك و ال يطيب النهار إال بطاعتك...
و ال تطيب اللحظات إال بذكر ..و ال تطيب الجنة إال برؤية هللا جل جالله
إال من بلغ الرسالة و أدى األمانة ...و نصح األمة ...إلى نبي الرحمة و نور
العالمين سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم
أهدي ثمرة عملي إلى التي رآني قلبها قبل عينها ...و حضنتني أحشاؤها قبل
يديها ...إلى التي رفع هللا من مقامها و جعل الجنة تحت أقدامها ،إلى التي
غمرتني بعطفها و حنانها و حبها ...صاحبة القلب الواسع سعة البحر،
صاحبة الفضل عليا " أمي الحنون " أطال هللا في عمرها و حفظها لنا.
إلى أعظم الرجال صبرا و رمز الحب و العطاء ،إلى الذي تعب كثيرا من اجل
راحتي و أفنى حياته من اجل تعليمي و توسم في درجات العلى و السمو
إلى والدي العزيز.
إلى كل إخوتي و أخواتي
و إلى كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاز هذا البحث.
تناح الزهرة
تعلمت من الدنيا أن الحياة الم يخفيه أمل و أمل يحققه عمل و عمل ينهيه
أجل و بعد ذلك يجازي المرء بنا فعل و من هنا اهدي ثمرة جهدي المتواضع
إلى:
من وضع هللا الجنة تحت أقدامها إلى من حملتني و هنا على وهن إلى
من غمرتني بحنانها إلى من يعجز اللسان عن ذكر فضلها إلى من
أتحسس رضاها مع كل صالة و أرجو دعواتها إلى منبع الحب و
التضحية مثلي األسمى " أمي الحبيبة " أطال هللا في عمرها .
إلى رمز الهيبة و الوقار و احمل اسمه بكل افتخار و من أحاطني
بعطفه إلى أعز من في الوجود " أبي أطال هللا في عمره ".
إلى كل من درسني و علمني ،و كان سندا لي في مشواري التعليمي.
فرحاتي نجمة
أ
مقدمة
إن الجزائر بعد فشل النظام السابق القائم على إحتكار الدولة لمعظم النشاطات
اإلقتصادية ،وانعدام روح المبادرة الفردية ،شهد النظام اإلقتصادي الجزائري إصالحات
عميقة تهدف إلى مسايرة وتنشيط عملية اإلندماج في الحركية اإلقتصادية اإلقليمية والعالمية،
وتبني إصالحات إقتصادية عديدة بفتح المجال أمام المبادرة الخاصة واعتماد مبدأ المنافسة
الحرة كمبدأ أساسي لتنظيم الحياة اإلقتصادية ،وكذا التفكير في وضع ميكانيزمات وقواعد
جديدة ذات طابع ليبرالي لضبط النشاط اإلقتصادي.
فتم التفكير في اإلنتقال من الدولة المسيطرة إلى الدولة الضابطة ،وذلك بالتخلي عن فكرة
التسيير اإلداري الممركز للسوق ،واإلنسحاب التدريجي من الحقل اإلقتصادي ،وإحالة عملية
تنظيم النشاط االقتصادي المبادئ وقواعد سوق تتسم بالمرونة ،إلى جانب إيجاد نظم قانونية
تتماشى والتغيرات الداخلية والعالمية الجديدة.
حيث أن أساس كل إصالح مهما كان شكله ينطلق من إعادة النظر في جملة من القوانين
تضمن تحقيق التغيرات المرجوة ،وقد تجسدت بداية في القانون رقم 01-88المؤرخ في 12
الذي يعتبر نقطة تحول 1
جانفي 1988المتعلق بتوجيه المؤسسات العمومية اإلقتصادية
جذري للنظام اإلقتصادي الجزائري من اإلقتصاد المخطط إلى اإلقتصاد الحر.
وفي نفس السياق سنت الجزائر القانون رقم 12-89المؤرخ في 5جويلية 1989
المتعلق باألسعار ،2والذي هدف إلى تحرير األسعار من الرقابة اإلدارية للدولة ،خاصة بعد
إرساء قانون المنافسة سنة ،31995وتكريس مبدأ حرية الصناعة والتجارة الذي تم النص
1القانون رقم 01-88المؤرخ في 12جانفي 1988المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية اإلقتصادية ،ج ر،
عدد ،2صادرة في 13يناير 1988
2القانون رقم 12-89المؤرخ في 05جويلية 1988يتعلق باألسعار ،ج ر ،عدد ،29صادرة بتاريخ 19جويلية .1988
3األمر رقم 06-95المؤرخ في 25جانفي ،1995يتعلق بمجلس المنافسة ،ج ر ،عدد ،9صادرة في 22فيفري 1995
ملغی بموجب األمر رقم 03-03المؤرخ في 19يوليو 2003المتعلق بالمنافسة ،ج ر ،عدد ،43صادرة في 20جويلية
،2003معدل ومتمم بالقانون رقم 12 - 08المؤرخ في 25يونيو ،2008ج ر ،عدد ،36صادرة في 2يوليو ،2008
معدل ومتمم بالقانون رقم 05 - 10المؤرخ في 15أوت ،2010ج ر ،عدد ،46صادرة في 18أوت .2010
ب
مقدمة
عليه صراحة في أحكام المادة 37من دستور ،19961وبذلك تحولت الجزائر من الدولة "
الكل " المحتكر الوحيد لوظائف اإلستغالل والتسيير والرقابة المكرسة في النظام اإلشتراكي،
إلى الدولة " األقل " وهو إنتقال عززه دستور 1996الذي أقر مبدأين هامين ،يتمثل األول
في حرية الصناعة والتجارة ،أما الثاني فيتمثل في حماية الملكية الخاصة وهما مبدآن يشكالن
روح وركيزة النظام الليبرالي لما يسمحان به من تحرير للمبادرة الفردية.
هذا التوجه الجديد ترتب عليه إنسحاب الدولة من الحقل اإلقتصادي ،وتغيير دورها من
دولة متدخلة إلى دولة ضابطة ،وبالنتيجة ظهر ما يعرف " بالضبط اإلقتصادي " ،هذا
األخير تطلب تعويض اإلدارة التقليدية التي يخول لها مهام التنظيم والرقابة على القطاعات
اإلقتصادية ،بهيئات غير معهودة في التقسيمات التقليدية لنظرية التنظيم اإلداري والمعروفة
" بسلطات الضبط المستقلة " ،والتي تختص كل منها بضبط نشاط إقتصادي معين بعيدا عن
أي دور للدولة.
وتبعا لذلك فقد شهدت العشرية األخيرة ظهور متوالي ومكثف لهذه الهيئات يعكس
بوضوح جنوح المشرع الجزائري بهذا الصنف المؤسساتي الجديد في محاولة منه للبحث
عن بدائل يكرس بها الحياد والشفافية في قطاعات هامة بدءا بالقطاع المالي ،بما يتضمنه من
قطاع البنوك والتأمينات والبورصة ،وصوال القطاعات تضم مرافق قاعدية شبكاتية
كاإلتصاالت والطاقة والمناجم والنقل والمياه ،مرورا بمجاالت ذات طابع إجتماعي تكون
فيها الحريات اإلجتماعية مهددة بفعل اإلنفتاح منها قطاعي الصحافة واإلعالم.
هذا التغيير عکس حركة تشريعية واسعة في محاولة لإلستجابة لمعطيات داخلية
وخارجية تجسد تصورا جديدا لدولة نامية تحت تأثير العولمة.
إن دراسة موضوع آليات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري ،يكتسي أهمية بالغة
في التشريع الجزائري ،وهذا نظرا للمرحلة االنتقالية التي يشهدها اإلقتصاد الوطني في
1دستور 28نوفمبر ،1996منشور بموجب المرسوم الرئاسي رقم 438 - 96المؤرخ في 7ديسمبر ،1996ج ر ،عدد
،76صادرة في 8ديسمبر .1996
ج
مقدمة
رحلته نحو ما يسمى بإقتصاد السوق ،كما أن أهمية هذا الموضوع تكمن في أنه يضع إشكالية
الدور االقتصادي الجديد للدولة تحت المجهر ،وهي اإلشكالية التي يكاد يجزم كل باحث
بصعوبتها وتعقيداتها ،ألنها تسلط الضوء على عالقة تفاعلية معقدة بين ثالوث الدولة
واإلقتصاد والقانون.
ولهذا فإختيارنا لهذا الموضوع لم يكن عشوائيا ،وإنما لوجود مبررات موضوعية تمثلت
على الخصوص في اإلصالحات اإلقتصادية التي باشرتها الجزائر والتي أدت إلى إنسحاب
الدولة من الحقل اإلقتصادي ،أثارت مجموعة من اإلشكاليات السيما على الصعيد التطبيقي،
من أهمها إشكالية الضبط من خالل المنظور اإلقتصادي والمنظور القانوني ،إلى جانب
إشكالية المنظومة المؤسساتية الجديدة للدولة وإدراج سلطات للضبط اإلقتصادي والمالي
وكيفية ممارستها لوظائفها ،كل هذه اإلشكاالت كانت تبحث عن إجابات وافية حتى يمكن من
خاللها تحديد فعالية اإلصالحات التي قامت وتقوم بها الدولة في سبيل النهوض باالقتصاد
الوطني .أما مبرراتي الذاتية تمثلت أساسا في ميل شخصية الطالب الباحث إلى مثل هذه
المواضيع للبحث فيها عما سواها من المواضيع.
إن موضوع مذكرتنا يثير العديد من اإلشكاالت نظرا لحداثته من جهة وأهميته من جهة
أخرى سواء على مستوى النظام القانوني أو المؤسساتي ،وهذا ما يدفعنا لطرح اإلشكالية
التالية:
ما مفهوم الضبط اإلقتصادي؟ وماهو اإلطار المؤسساتي لممارسته؟ وباعتبار أن الضبط
اإلقتصادي يتضمن اإلشراف على النشاطات اإلقتصادية ،فكيف نظمه المشرع الجزائري في
قطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية بوصفه قطاع إستراتيجي في الدولة؟
تحديد مدى فعالية آليات الضبط االقتصادي والمالي ونجاحها في تأطير السوق ،وهل
التطبيقي بالجوانب أو القانونية بالنصوص مرهونة الفعالية هذه
د
مقدمة
فيما يخص الوظيفة الضبطية ،فقد تم تحويلها لصالح هيئات الضبط المستقلة ،حيث
شهدت العديد من القطاعات إنشاء هيئات جديدة في القانون الجزائري تتمتع بنظام
قانوني خاص وهي هيئات تنوب عن الدولة في ممارسة وظائفها الضبطية والرقابية
الجديدة .هذه الظاهرة القانونية الجديدة في القانون الجزائري جديرة بالبحث والدراسة
والتأصيل .وبالنظر إلتساع رقعة هذه السلطات حيث بلغ عددها 18سلطة ضبط ،فإن
مجال الدارسة سيقتصر على عينة واحدة منها مكلفة بالضبط القطاع البريد
والمواصالت السلكية والالسلكية وهي سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية
والالسلكية.
ومن أجل إعداد هذا البحث تم الوقوف على بعض الدراسات السابقة التي لها عالقة بهذا
الموضوع والتي ساعدتنا كثيرا وكانت مرجعا مهما نذكر منها على سبيل المثال:
-اآلليات القانون لضبط النشاط اإلقتصادي في الجزائر ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه
العلوم في الحقوق المنصور داود ،حيث تطرق هذا الباحث في رسالته لفكرتين رئيسيتين
تمثلت األولى في ضبط النشاط اإلقتصادي من المنظور اإلقتصادي والقانوني من خالل
البحث في المنظومة المؤسساتية الجديدة " سلطات الضبط اإلقتصادي " كشكل من أشكال
التدخل العمومي ،أما الفكرة الثانية فتمثلت في الممارسة القانونية لهذا الضبط من خالل
التطرق للوظائف الضبطية القمعية والوظائف الضبطية غير القمعية لهذه السلطات مع مدي
خضوعها لرقابة القضائية
-سلطات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري ،رسالة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق
لبوجملين وليد ،حيث تطرق هذا الباحث في مذكرته لطبيعة المعالجة القانونية التي قدمها
المشرع الجزائري لسلطات الضبط المستقلة ،باإلضافة لتحليله الجوانب العضوية والوظيفية
المتعلقة بإستقالليتها ،وكذا تحليله لحجم وطبيعة الصالحيات المخولة لهذه السلطات.
-سلطات الضبط في المجال اإلقتصادي -لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة
الضبط للبريد والمواصالت نموذجين -مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام
هـ
مقدمة
لقوراري مجدوب .حيث تطرق هذا الباحث في مذكرته لإلطار القانوني لسلطات الضبط في
المجال اإلقتصادي من خالل وقوفه على ماهيتها وكذا نظامها القانوني ،وكذا اإلختصاصات
والصالحيات المخولة لها من خالل تطرقه إلختصاصات لجنة تنظيم عمليات البورصة
ومراقبتها وصالحيات سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية - .السلطات
اإلدارية المستقلة في الجزائر ،دراسة حالة :سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية
والالسلكية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام لمداسي خموسة ،.وقد تطرقت هذه
الباحثة في مذكرتها عن أسباب إعتماد المشرع الجزائري لسلطات اإلدارية المستقلة في
القانون الجزائري ،وكذا الطبيعة القانونية السلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية
والالسلكية والمهام الموكلة لها.
-المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في
القانون اإلداري النوبال لزهر ،حيث تطرق هذا الباحث في مذكرته لطبيعة القانونية للجنة
ضبط الكهرباء والغاز التي يحددها المشرع الجزائري صراحة ،وكذا مدى إستقالليتها عن
السلطة التنفيذية بموجب قانون رقم 02 /01
إن البحث في موضوع آليات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري صاحبه عدة
صعوبات وعوائق ،أهمها ندرة الكتابات الوطنية خاصة المتخصصة منها ،و قلة أو عدم
استعمال المؤلفات الورقية بسبب وباء كورونا ،نظرا لحداثة الموضوع نسبيا ،وتسارع
التعديالت التي تحدث كل حين ،وهو ما يضطر أي باحث في الكثير من األحيان إلى
اإلستنجاد بالتجارب األخرى خاصة الفرنسية منها ،بإعتبار أنها قطعت أشواطا كبيرة في هذا
المجال من جهة ،ومن جهة أخرى قد شكلت المرجعية األصلية لهذه الدراسات .غير أن هذا
التأثر البالغ بالفقه األوربي وخاصة الفرنسي منه ،نتج عنه غياب في كثير من األحيان ربط
موضوع ال ضبط وسلطات الضبط المستقلة في الجزائر باإلعتبارات السياسية واإلقتصادية
واإلجتماعية السائدة في الدولة والتي مهدت إلى تغيير دور الدور من متدخلة إلى ضابطة،
وهي أكيد ليست مماثلة لتلك السائدة في البلدان الغربية.
و
مقدمة
ولإلجابة على إشكا لية البحث إستوجبت اإلعتماد على المنهج التحليلي الذي يتالءم مع
دراستنا لما يتوفر عليه من مزايا ،حيث بواسطته نستطيع القيام بدراسة وتحليل النصوص
و
مقدمة
القانونية وفهم فحواها ،باإلضافة إلى المنهج الوصفي الذي بواسطته نقدم صورة واضحة
المعالم عن الموضوع وتبيان صفاته وخصائصه ،كذلك المنهج التاريخي الذي من خالله
نسلط الضوء على التطور التاريخي للضبط اإلقتصادي في الفقه المقارن ثم في التشريع
الجزائري ،واإلستعانة بمناهج البحث األخرى كلما إقتضت الضرورة لذلك.
ونتيجة لذلك فقد تم تقسيم هذا البحث إلى فصلين ،نتناول في الفصل األول اإلطار
المفاهيمي للضبط اإلقتصادي من خالل تحديد ماهيته وإطاره المؤسساتي ،أما الفصل الثاني
فخصصناه لعينة من سلطات الضبط المستقلة وبالتحديد المكلفة بالضبط قطاع البريد
واإلتصاالت السلكية والالسلكية وهي سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية
كنموذج مع تحديد صالحيتها.
ي
الفصل األول:
اإلطار المفاهيمي
للضبط اإلقتصادي
13
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
غير أن هذا اإلنسحاب وإزالة التنظيم ال يعني عدم تدخل الدولة في الحقل االقتصادي الذي
صاحبه إستحداث آليات جديدة غير شبيهة باإلدارات الكالسيكية والمتمثلة في سلطات الضبط
المستقلة ،هي إستجابة قانونية لسياق إقتصادي جديد يتعلق باإلنتقال من اإلحتكار العمومي
إلى المنافسة وحرية السوق ،وتحت غطاء الفعالية فقد منحها المشرع الجزائري سلطات
وصالحيات متنوعية ومختلفة عن تلك الممنوحة للهيئات اإلدارية التقليدية ،وهذا المدى
الواسع من الصالحيات يتفق مع روح الضبط اإلقتصادي ،الذي يقتضي ضرورة تزويد
الضابط بكل السلطات الممكنة ليمارس مهامه على الوجه المطلوب ( المبحث الثاني ).
14
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
المبحث األول:
يشكل الضبط فكرة جديدة مثل فكرة الحكم الرشيد وتوزيع اإلختصاص ،والتي انتشرت
بشكل واسع منذ ثمانينات القرن الماضي من أجل وصف التحوالت العميقة التي ظهرت
آنذاك ،والتي إنفلتت عن الفئات المألوفة للقانون ،لذا تستوجب هذه الدراسة قبل الخوض في
مضمونه وآلياته تحديد مفهومه ( المطلب األول ) ،وكذا تطوره التاريخي في الدول الغربية
ثم في الجزائر ( المطلب الثاني ).
المطلب األول:
يعتبر الضبط مفهوم جديد في العلوم القانونية ،وهو ال يحظى بمعرفة كافية من قبل
القانونيين رغم أهميته في نظرية القانون فهو يعبر عن القانون ما بعد الحداثة ،كما ال يحظى
بتعريف موحد ومنسجم رغم عديد األعمال والدراسات الموجودة في هذا المجال ،هذا األمر
يدفعنا للبحث عن تعريفه ( الفرع األول ) ،وكذا خصائصه ( الفرع الثاني ).
الفرع األول:
نظرا لحداثة مصطلح الضبط فقد تعددت التعريفات المقدمة حوله وإختلفت ،ومن أجل
الوصول لفهم حقيقي لهذا المصطلح تطلب منها األمر تقديم تعريف لغوي له (أوال) ،ثم تقديم
تعاريف فقهية مختلفة حوله (ثانيا) ،تم تعاريف التشريعية له التي منها التشريع الجزائري
(ثالثا).
15
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
ومن خالل هذا التعريف اللغوي نخلص أن مصطلح الضبط يقوم على العناصر التالية :3
الضبط هو عمل رقابي بالدرجة األولى يسعى للحفاظ على وضعية معينة. -
-وجود مجموعة من قواعد تحكم هذا المسار تصدر وتحافظ من طرف سلطة.
1وليد بوجملين ،سلطات الضبط االقتصادي في القانون الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،تحت إشراف
األستاذة الغوتي سعاد ،كلية الحقوق جامعة الجزائر ،2007-2006 ،ص .134
2وليد بوجملين ،المرجع السابق ،ص . 134
3المرجع نفسه ،ص ص .135 ،134
4المرجع نفسه ،ص .135
16
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
الضبط اإلقتصادي هو وليد العلوم اإلقتصادية والعلوم االجتماعية ،حيث قدمه مجموعة
من الباحثين الدوليين على أنه وظيفة سلطة عامة ،تهدف إلقامة توافق بين أهداف ذات طبيعة
إقتصادية واجتماعية في إطار سوق تنافسية.1
وقد عرفته M - frison rocheعلى أنه " فرع قانوني جديد يعبر عن عالقة جديدة بين
القانون واإلقتصاد ،يضم مجموع من القواعد الخاصة بضبط القطاعات اإلقتصادية التي
تعجز أن تحقق توازن بنفسها وذلك في إطار تنافسية .2
ويشاطرها في الرأي األستاذ jean yves cherotsلكن دون الخوض في تحديد أساس
هذا الفرع من القانون الجديد .3
أما األستاذ bertrand de maraisفيرى بأن الضبط بمنظور القانون العام ال يمكن
تعريفه بمصطلحات قانونية ،بل بمصطلحات سياسية أو إجتماعية سياسية .4ويفهم من هذا
التعريف بأن مفهوم الضبط يختلف بإختالف العلم الذي يستخدم فيه المصطلح.
أما عن األستاذ didier truchetيعني الضبط على أنه تدخل السلطة العامة في السوق
عن طريق هيئة.
1سليم شيهوب ،سلطة الضبط في القانون الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،كلية الحقوق ،جامعة
جياللي ليابس سيدي بلعباس ،2009-2008 ،ص .3
2
M.frison roche : Définition de droit de la régulation économique, dalloz, 2004,n2,p128 et
129.
3
Jeans yves cherots:droite public economique .economica.2002, p:78
4
. Bertand de marais : droit public de la règulation économique ,dalloz et presses de sciences,
paris
,2004, cfp, 482.
5
Jacques chevallier : la régulation juridique en question , revue droit et sociètè , n 49 / 2001
.http
//WWW, reds.msh ,paris ,12H 2020/07/24 , , p827.
17
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
المقصود األول :الضبط يقوم على تحليل المعطيات من خاللها يستطيع المجتمع -
ضمان المحافظة على تناسقه وتماسكه اإلجتماعي وبقاءه وإستمراره بالرغم من
التنوع وتعدد المصالح المتواجدة بداخله.
-المقصود الثاني :مفاده على أنه يقوم على تحليل العمليات التحوالتية التي تعرفها
المجتمعات الحالية ،حيث المشاكل المعقدة والمتطورة فيه تفرض اللجوء إلى
ميكانيزمات أكثر مرونة وذلك لتحقيق الترابط واإلندماج.
ومما سبق نقول أنه إذا كان كل تعريف من التعارف السابقة يورد مفهوم الضبط من زاوية
معينة ،فإن من المسلم به أنه ينطوي على دمج عمليات ( وظائف ) منفصلة من وظائف
اإلدارة المركزية.
أما المشرع الجزائري نجده تعرض لتعريف الضبط ضمن قانون المنافسة بموجب تعديل
سنة 2008في مادته الثالثة فقرة (ه) على أن " :الضبط هو كل إجراء أي كانت طبيعته
- 1إلهام خرشي ،مقال بعنوان" تمكين الحقوق في ظل السلطات اإلدارية المستقلة -النموذج الفرنسي -دراسات قانونية،
مركز البصيرة اللبحوث واإلستشارات والخدمات التعليمية" ،الجزائر ،العدد ،09نوفمبر ،2010ص 120
. 2المرجع نفسه ،ص .120
18
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
صادر عن هيئة عمومية يهدف بالخصوص إلى تدعيم وضمان توازن قوى السوق ،وحرية
المنافسة ورفع القيود التي بإمكانها عرقلة الدخول إليها وسيرها المرن ،وكذا السماح بالتوزيع
اإلقتصادي األمثل لموارد السوق بين مختلف أعوانها وذلك طبقا ألحكام هذا األمر ".1
وهنا نشير ،على الرغم من أن المشرع الجزائري قد تعرض لتعريف الضبط في قانون
المنافسة فإن بعض الفقهاء الفرنسيين يعتبرون أن الضبط اإلقتصادي ال يقارن بمسألة حماية
المنافسة ألن كالهما ليس لهما نفس األهداف .ويالحظ أن التعريف الجزائري للضبط إهتم
بالجانب الغائي له أي الغاية من الضبط فقط . 2
يرتبط الضبط اإلقتصادي بضمان تحقيق منافسة ناجعة بعد أن تخلت الدول على نظام
اإلقتصاد الموجه نحو إقتصاد السوق ويؤدي ذلك إلى تحرير المنافسة ،حيث أصبحت الدولة
في محاولة تدخلها تشكيل عائق أمام حرية السوق وتنافسيته ،من خالل الصعوبة في
اإلجراءات وكذلك بإعتبارها خصما وحكما في آن واحد ،لذلك أسندت مهمة ضبط السوق
والمرافق العمومية والقطاعات التي فتحت المنافسة والخوصصة للسلطات ضابطة مستقلة
لما تتميز به من خصوصية تختلف عن الهيئات العمومية التقليدية ،والمتمثلة في الحيادة
الشفافية والموضوعية وباألخص اإلستقاللية وتعتبر هذه الخصائص مالئمة ألداء وظيفة
الضبط وهذه المميزات التي جعلت سلطات الضبط اإلقتصادي تمارس عملها في حرية تامة
1األمر رقم 03-03المؤرخ في 19يوليو 2003المتعلق بالمنافسة ،ج ر ،عدد ،43صادرة في 20جويلية ،2003معدل
ومتمم بالقانون رقم 12-08المؤرخ في 25يونيو ،2008ج ر ،عدد ،36صادرة في 2يوليو ،2008معدل ومتمم بالقانون
رقم 05-10المؤرخ في 15أوت ،2010ج ر ،عدد ،46صادرة في 18أوت .2010
2جالل مسعد ،مدى تأثر المنافسة الحرة بالممارسات التجارية ،رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون ،تحت إشراف
األستاذ زوايمية رشيد ،كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،2012 ،ص .240
19
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
دون أيه شروط أو قيود ،و جعلت لها مكانة مستقلة في وضع القواعد اإلشراف على تنفيذها
وذلك بسبب تخلصها من التبعية للسلطات العمومية .1
ومن خالل وظيفة الضبط تقوم هذه السلطات المستقلة باإلشراف على تطبيق القواعد
الضابطة لتلك القطاعات ،مع الرقابة على تصرفات المتدخلين في قطاع المنافسة وذلك من
أجل قمعها إلى حد فرض إجراءات عند اإلخالل هؤالء بإلتزماتهم تجاه نظام المنافسة .2
إن تدخل الدولة عن طريق أجهزتها الكالسيكية لم تعد مؤهلة لضمان حماية التهديدات
التي تواجه األفراد في العديد من المجاالت ،وذلك من خالل نظريتين النظرية األولى المتمثلة
في أن الدولة أصبحت غير قادرة على مواجهة مشاكل األفراد المعقدة في المجتمع ،والنظرة
الثانية تخوف من تعسف أجهزتها عند التدخل في مواجهة األفراد أو توجيه الرقابة عليهم في
مجاالت متعددة.
ونظرا للتعقد وتطور مجال االتصاالت فجاءت الحاجة إلى ضبطه من أجل المحافظة
على المصالح المتواجدة في هذا القطاع وكذلك بغية إضفاء حرية واسعة في التعبير و
االتصاالت.
أما في مجال المحروقات وغيرها فتشكيل سلطة ضبطية في هذه المجاالت يهدف إلى
تقديم ارتياح لدى المستثمرين األجانب بدرجة كبيرة ،ويضمن الحيادية في مواجهة السلطات
العمومية من قبل السلطات الضابطة ،أما في المجال المالي وجود سلطة ضبطية يجعل هناك
توفير حقوق للمتعاملين وحماية المصالح المالية للدولة.3
20
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
حسب األستاذ " زوايمية رشيد " فكرة إنسحاب الدولة من مجال ممارسة النشاط
اإلقتصادي لها معنى مزدوج ،فهي تعني إنسحاب الدولة من مجال ممارسة النشاط
اإلقتصادي من خالل فتح مجموعة من القطاعات على المبادرة الفردية الخاصة ،وتعني
أيضا الحد من تدخل الدولة في تأثيرات النشاطات اإلقتصادية أو التنظيم ،1في حين أن
المسلم به أن تدخل الدولة يبقى ضروري حتى مع تغيير طبيعته ،وابتكار أشكال جديدة بديلة
من التدخل المباشر لها عن طريق السلطات الضبطية .
إرتبط مفهوم الضبط اإلقتصادي بظهور ما يعرف بسلطات الضبط المستقلة ،لذا يفرض
علينا التطور التاريخي للضبط التعرض لظهور هذه السلطات في الواليات المتحدة األمريكية
(أوال) ،وكذلك ظهورها في بريطانيا (ثانيا) ،ثم في القانون الفرنسي (ثالثا).
بداية كانت بظهور ما أصطلح عليه بالوكاالت المستقلة أو لجان الضبط المستقلة سنة
1889بإنشاء الكونغرس أول لجنة مستقلة هي inter states commerce commission
1
Zouaimia rachid: De L état interventionniste à L'état régulateur-l'èxemple Algerien ,
colloque national sur Lès autorites de regulation indépendantes en matiere économique et
financier,université de bejaia, 23.24mai 2007.p 5. 3-Opcit .p19.
21
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
وذلك رغبة منه في فصل هذه الهيئة عن دائرة الداخلية (وزارة ) ،1كما عرف هذا النوع من
الهيئات تسميات مختلفة نذكر منها منها لجان ،2وكاالت .3
ويعود إنشاء الوكاالت المستقلة األمريكية إلى خلفية سياسية تتعلق برغبة الكونغرس في
عزل الهيئات عن تأثير الرئاسة والسلطة التنفيذية.
وسبب إنشاء مثل هذه الهيئات في الجو تنازعي أثاره الرئيس األمريكي " روزفلت " عند
إنهاءه مهام رئيس إحدى سلطات الضبط ،هذا التصرف إعتبره الكونغرس بمثابة مساس
بإستقاللية هذه الهيئات ،ألن هذه األخيرة تتمتع باإلستقاللية عضوية بحد كبير بالنظر إلى
تركيبتها الجماعية ،ومدة عهدة أعضائها والتي تتجاوز مدة رئيسها ،ومن حيث طريقة تعيين
أعضائها والتي تتم بالتشاور بين مجلس الشيوخ والرئيس ،أما من الناحية الوظيفية تبقى هذه
الهيئات خاضعة للكونغرس حيث أنه هو الذي ينشئها ويحدد اختصاصها ،كما يقوم بتقييمات
دورية حول دورها والفائدة من تواجدها ،ومن ثم إمكانية إنهاء وجودها .4
هو حديث مقارنة بنظيره األمريكي ،ويتمثل هذا النموذج فيما أطلق عليه لفظ « qungos
» أي المنظمات الغير الحكومية الشبه مستقلة والتي انتشرت بعد الحرب العالمية الثانية،
وهي عادة ما تتخذ شكل دواوين وهي ديوان ضبط المياه ،ديوان ضبط الكهرباء ،ديوان
ضبط الغاز ،ديوان ضبط اإلتصاالت السلكية والالسلكية .والغاية من إنشاء هذه الدواوين
التي تختلف حسب كل هيئة تتمثل في مجملها في :5
-رغبة الحكومة في تقليص حجم المرفق العام كون موقعها خارج الهيئات التقليدية،
ويعني ذلك حصر مهام الوزراء في المسائل ذات األهمية اإلستراتيجية الكبرى.
22
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
-عدم رضاية الجمهور إتجاه السلطة السياسية ومن ثم البد إنشاء هيئات جديدة لبعث
الثقة وحل المشاكل األكثر الحساسية.
إن النموذج البريطاني ورغم عناصر اإلشتراك التي تجمعه مع النموذج األمريكي إال أنه
يختلف عنه بصفة كبيرة ،حيث أن سلطات الضبط المستقلة في بريطانيا هي هياكل فردية،
فالمدير العام ال يترأس لجنة معينة ،بل هو المسؤول الشخصي والوحيد عن عملها ،وهذا
األسلوب جاء معاكس للنموذج األمريكي بإعتبار أن الجماعية تساهم في طول وتعقيد عملية
إتخاذ القرار.
وكذلك أن قرارات سلطات الضبط البريطانية قابلة للطعن أمام الهيئة المكلفة للمنافسة،
ولقد بلغ عدد المنظمات غير الحكومية شبه مستقلة quangosسنة 1978إلى 252منظمة.
ما يمكن قوله أن سلطات الضبط المستقلة في بريطانيا تشكل تطورا وتحديثا للنظام
اإلداري البريطاني ،بالرغم من اإلختالفات الموجودة فيما بينها واإلنتقادات الشديدة التي
1
وجهت لها وخاصة من طرف حكومة رئيسية الوزراء السابقة M . tatcher
يعود الفضل في ظهور السلطات اإلدارية المستقلة في فرنسا إلى التجربتين السابقتين
سواء األمريكية أو البريطانية تحت تسمية ، independent regulartory agenceyأو
تحت تسمية 2.quasi non gouvernemental organisation autonomousحيث
ظهرت في فرنسا إبتداء من سنة 1941في ظل حكم " فيشي " وتطورت خالل ثالثة فترات
من الزمن نذكرها كاآلتي :3
1مجدوب قوراري ،سلطات الضبط في المجال االقتصادي لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة الضبط البريد
والمواصالت النموذجين ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ،تحت إشراف األستاذ عزاوي عبدالرحمان ،كلية
الحقوق ،جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان ، 2009 / 2010 ،ص .10
2المرجع نفسه ،ص .18
3نور الدين بر ي ،محاضرات في قانون الضبط اإلقتصادي ،ألقيت على طلبة سنة ثانية ماستر تخصص قانون أعمال ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبدالرحمان ميرة ،بجاية ، 2015/2016 ،ص .20
23
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
الفترة األولى :ما بين 1941إلى :1972تميزت بظهور بطيء جدا للسلطات إدارية مستقلة
وعلى فترات متباعدة ،حيث أنشئت وكالة مراقبة البنوك سنة ،1941و وكالة عمليات
البورصة سنة .1967
الفترة الثانية :ما بين 1973إلى :1978تزايد في هذه الفترة إنشاء السلطات اإلدارية
المستقلة في المجال اإلقتصادي ونذكر منها وسيط الجمهورية سنة ،1973واللجنة الوطنية
لالتصال والحريات سنة .11978
الفترة الثالثة :ما بين 1982إلى يومنا هذا :شهدت هذه الفترة وجود عدد كبير من السلطات
اإلدارية المستقلة ونذكر منها وسيط السينما سنة ،1982مجلس المنافسة ،1986المجلس
األعلى للسمعي البصري سنة ،1989سلطة ضبط االتصاالت سنة ،1996سلطة ضبط
األسواق المالية سنة .22003
هذه السلطات أستحدثت بغرض تجنب التدخل المباشر للدولة في القطاعات الحساسة،
فتحرير هذه القطاعات ووضع سلطات إدارية مستقلة يتماشيان معا ،والرجوع إلى هذه
األجهزة مبرر لعدم تطابق اإلدارة التقليدية مع المتطلبات الجديدة للضبط اإلقتصادي
واإلجتماعي وحماية الحريات.
أفرز النظام العالمي الجديد مجموعة من المتغيرات اإلقتصادية ذات األثر الواضح على
القرار اإلقتصادي في دول العالم النامية ،حيث أصبحت ظاهرة العولمة والتوجه نحو تطبيق
إتفاقيات اإلقتصاد الحر وآليات السوق من أهم المتغيرات العالمية .ففي إطار برنامج
اإلصالح االقتصادي إتخذت الحكومة الجزائرية مجموعة من السياسات واإلجراءات من
أجل زيادة قدرة وكفاءة فعالية اإلقتصاد الوطني وفقا آلليات السوق ،حيث تأثر هيكل السوق
1القانون رقم 17-78المؤرخ في 02 / 01 /1978المتعلق باإلعالم اآللي والحريات المنشور على الموقع
WWW.lezgifrance , gouv.fr
هي عبارة عن تجميع لثالث سلطات داخلية عمليات البورصة ،مجلس األسواق المالية ،المجلس التأديبي للتسيير المالي. 2
24
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
في اإلقتصاد الجزائري بتغيير كل من القطاع العام والخاص في النشاط اإلقتصادي ،فقد
إختلف كل منها تبعا للعديد من اإلعتبارات والظروف السائدة في الفترات التالية الستينيات
والسبعينيات والثمانيات.
ففي فترة السبعينيات والثمانينات إرتبط دور القطاع العام في اإلقتصاد الجزائري بسياسة
الدولة في تعبئة الموارد الالزمة ،أين اعتمدت الدولة على مجموعة من المخططات التنموية
ومن هذا ا لمنطق أصبح تدخل الدولة وباإلستناد إلى أسلوب التخطيط شرطا ضروريا لتحقيق
التنمية الشاملة وهو ما أضفى نوعا من الممارسة اإلشكالية والحماية للدولة.1
ومع نهاية الثمانينات وفي ظل إنخفاض أسعار المحروقات المورد الرئيسي للخزينة
العمومية ،كانت له إنعكاسات سلبية على تحريك القطاعات اإلقتصادية ،فبدأت وتيرة
اإلصالح تتصاعد منذ أواخر الثمانينات ومطلع التسعينيات ،وذلك بهدف التوجه واإلعتماد
على آليات السوق في البيئة اإلقتصادية ،وتشجيع القطاع الخاص من أجل الزيادة في
مشاركتة بشكل كبير في النشاط اإلقتصادي ،حيث كان أحد المحاور األساسية في اإلصالح
الهيكلي .2
إن هذه اإلصالحات اإلقتصادية التي رافقتها إصالحات سياسية ماهية في نهاية األمر إال
مرور من الدولة الكل متحيز الوحيد لوظائف التسيير واإلستغالل والرقابة المكرسة عبارة
عن دستور سنة ،1976إلى الدولة األقل أو ما يصطلح عليها بالدولة الضابطة ،وهو انتقال
مهدت له مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية من بينها قانون رقم 01-88المتعلق
باستقاللية المؤسسات العمومية( ،)1والمرسوم 201-88المتضمن إلغاء جميع األحكام
التنظيمية التي أخول للمؤسسات االشتراكية ذات الطابع اإلقتصادي التفرد بأي نشاط
إقتصادي أو إحتكار التجارة.3
25
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
هذه المبادئ تشكل روح و ركيزة أي نظام ليبرالي لما تسمح به من تحرير المبادرة
الفردية ،وفي ظل هذا السياق اإلقتصادي الذي تميز بإقرار مبادئ أكثر ليبرالية ساهم بشكل
كبير بإعادة النظر في الدور اإلقتصادي للدولة ،وطبيعة عالقاتها باإلقتصاد.
فقد ترتب على التدابير القانونية التي اتخذتها الدولة إلى الفصل بين ثالث وظائف كانت
مجتمعة بيدها ،وهي وظيفة اإلستغالل ،ووظيفة التنظيم ،ووظيفة ضبط القطاعات
اإلقتصادية .حيث إنسحبت الدولة من وظيفة اإلستغالل المباشر للقطاعات اإلقتصادية تاركة
هذه المهمة للقطاع الخاص الوطني واألجنبي ،أما وظيفة ضبط النشاطات اإلقتصادية فقد
منحتها لمنظومة مؤسسساتية جديدة إستحدثها تعرف بسلطات الضبط المستقلة تتماشى مع
قواعد إقتصاد السوق وتعمل بدرجة األولى على الحفاظ على النظام العام اإلقتصادي ،بينما
إحتفظت لنفسها وظيفة التنظيم .2
وقد كان الظهور األول لهذه الفئة من السلطات سنة 1990بمناسبة إنشاء المجلس األعلى
لإلعالم بموجب القانون رقم 07-90المتعلق باإلعالم معتمدا في ذلك على التجربة
الفرنسية) ،ثم عمم بعدها هذا النموذج ليشمل مجاالت مختلفة باألخص المجال اإلقتصادي
والمالي ،وجاء إنشاء مثل هذه السلطات ليشكل صورا واقيا ضد التدخلية المباشرة للدولة في
1مرسوم رقم 201 - 88مؤرخ في 18أكتوبر 1988يتضمن إلغاء جميع األحكام التنظيمية التي تخول المؤسسات
اإلشتراكية ذات الطابع اإلقتصادي التفرد بأي نشاط إقتصادي أو إحتكار للتجارة ،ج ر ،عدد ،42صادرة في 19أكتوبر
1988
2دستور 28نوفمبر ،1996المصدر السابق
26
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
عملية التسيير التي تتعارض مع إقتصاد السوق ،وأنشأ المشرع في هذا السياق سلطات
الضبط اآلتية:
مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية سنة 1990يقومان بضبط المجال -
المصرفي .1
1القانون رقم 10-90مؤرخ في 14أفريل 1990المتعلق بالنقد والقرض ،ج ر ،عدد ،16صادرة 18في أفريل .1990
2المرسوم الرئاسي رقم 77-92المؤرخ في 22/ 02 /1992يتضمن إحداث المرصد الوطني لحقوق اإلنسان ،ج ر ،
عدد ،15صادرة 26فبراير .1992
3المرسوم التشريعي رقم 10 - 93المؤرخ في 23ماي 1993يتعلق بالبورصة والقيم المنقولة ،ج ر ،عدد ،34صادرة
في 23ماي ،1993معدل ومتمم بالقانون رقم 04 - 03المؤرخ في 17جانفي ،2004ج ر ،عدد ،11صادرة في 19
فيفري .2003
4األمر رقم 06-95مؤرخ في 25يناير 1995المتعلق بمجلس المنافسة ،المصدر السابق.
5المرسوم الرئاسي رقم 113-96المؤرخ في 23/ 03 /1996يتضمن تأسيس وسيط الجمهورية ،ج ر ،عدد ،20صادرة
في 31مارس .1996
6القانون رقم 03-2000المؤرخ في 05/ 08 /2000المحدد لق واعد العامة المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية
والالسلكية ،ج ر ،عدد ،48صادر سنة .2000
7القانون رقم 10-01المؤرخ في 03جويلية 2001المتضمن قانون المناجم ،ج ر ،عدد ، 35صادرة في 04يوليو
.2001
8القانون رقم 01-02المؤرخ في 05فيفري 2002المتعلق بتوزيع الكهرباء والغاز بواسطة القنوات ،ج ر ،عدد ،08
صادر في 06فيفري .2002
27
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
2
سلطة ضبط التبغ والمواد التبغية سنة 2004 -
-سلطتي ضبط قطاع المحروقات سنة 2005وتضم الوكالة الوطنية لتثمين موارد
المحروقات ،وسلطة ضبط المحروقات .6
سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وسلطة ضبط السمعي البصري سنة .82012 -
1القانون رقم 11-02المؤرخ 24ديسمبر 2002المتضمن قانون المالية لسنة ،2003ج ر ،عدد ،86صادر في 2002
. 25 / 12 /
2المرسوم التنفيذي رقم 331-04المؤرخ في 18أكتوبر 2004المتضمن تنظيم نشاطات صنع المواد التبغية واسترادها
وتوزيعها ،ج ر ،عدد ،60لسنة .2004
3المرسوم التنفيذي رقم 331-04المؤرخ في 18أكتوبر 2004المتضمن تنظيم نشاطات صنع المواد التبغية واسترادها
وتوزيعها ،ج ر ،عدد ،60لسنة .2004
4القانون رقم 12-05المؤرخ في 04أوت 2005المتعلق بالمياه ،ج ر ،عدد ،60لسنة .2005
- 5القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فبراير 2206المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،ج ر ،عدد ،14سنة .2006
6القانون رقم 04-06المؤرخ في 20فيفري ،2006المتعلق بالتأمينات ،ج ر ،عدد ،15سنة .2006
7القانون رقم 07-05المؤرخ في 28أفريل 2005المتعلق بالمحروقات ،ج ر ،عدد 50صادر في 2005
8القانون رقم 13-08المؤرخ في 03أوت 2008المتعلق بالصحة ،ج ر ،عدد ، 44لسنة .2008
9القانون العضوي رقم 02-12مؤرخ في 12جانفي ، 2012المتعلق باإلعالم ،ج ر ،عدد ،02صادرة في 15جانفي
.2012
28
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
بعد تبني الجزائر نظام إقتصاد السوق ،وما تطلب ذلك بالتبعية من تحرير المنافسة
والقضاء على اإلحتكار العمومي ،وإتباع نظام الخوصصة التي لم تعد تتالئم مع تدخالت
الدولة الكالسيكية التي أصبحت تحدث إضطرابا في النظام الحر ،ظهرت فكرة الضبط
كمهمة أو كنشاط يتمحور حول اإلشراف على القطاعات التي مستها الخوصصة ،بعيدا عن
أجهزة الدولة التقليدية ،حيث أسندت هذه المهمة إلى هيئات تعرف ب " سلطات الضبط
المستقلة " ،وهي هيئات وطنية ال تخضع للسلطة الرئاسية وال للوصاية اإلدارية ( المطلب
األول ) ،وهي تعمل بالدرجة األولى على ضمان إحترام القوانين والتنظيمات المتعلقة
بالنشاطات اإلقتصادية ،وحماية المستهلك في القطاعات المفتوحة على المنافسة ،وضمان
السير التنافسي والشفاف لهذه السوق وحمايتها.
ومن أجل أن تؤدي هذه السلطات مهامها الضبطية بكل فعالية وحياد وموضوعية ،فقد
منحها المشرع الجزائري صالحيات وإختصاصات متنوعة تميزها عن باقي اإلدارات
التقليدية ،والتي لطالما تمسكت بها الدولة ،نظرا ألهميتها في تسيير المنظومة اإلقتصادية (
المطلب الثاني ).
إن المشرع الجزائري ورغم تبنيه لهذا النوع من السلطات التي ال تندرج ضمن
السلطات التقليدية للدولة ،إال أنه بقي مترددا إتجاه المصطلحات التي تطلق عليها وذلك من
خالل إعطاء تكييفات متباينة للطبيعة القانونية لهذه السلطات ،غير أن مصطلح " سلطة
ضبط مستقلة " ورد كثيرا في معظم النصوص القانونية المنشئة لهذه السلطات والتي نذكر
منها قانون البريد والمواصالت السلكية والالسلكية وقانون المحروقات.
29
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
وهنا نشير أن بعض األساتذة أرجع إختالف التسميات التي أطلقها المشرع الجزائري
على غرار نظيره الفرنسي على سلطات الضبط المستقلة بين سلطة ،هيئة ،لجنة ،مجلس،
وكالة ،راجع ربما إلختالف القطاعات التي يتم ضبطها ولخصوصية كل قطاع.1
وإذا كان تردد المشرع واضحا فيما يتعلق بالوصف القانوني الذي يريد منحه لهذه هيئات،
سنحاول البحث عن طبيعتها القانونية من خالل المهام الموكلة لها والسلطات الممنوحة لها،
وهي المعايير المعتمدة من طرف مجلس الدستوري الفرنسي ،ومجلس الدولة الفرنسي في
تحديد وتصنيف الهيئات التي أغفل المشرع النص صراحة على طبيعتها القانونية ومنها لجنة
ضبط الطاقة الفرنسية . 2فهي تعتبر سلطة ( الفرع األولى ) ،ضبط ( الفرع الثانية ) ،مستقلة
( الفرع الثالث ) وهي أهم المميزات اللصيقة بهذه الهيئات والتي تضفي عليها خصوصية
تجعلها مختلفة عن باقي الهيئات التقليدية الموجودة في الدولة.
إن السلطة التي خلت السلطات الضبط اإلقتصادي ليست سلطة بمفهوم السلطة التي تتمتع
بها السلطات التقليدية ( التنفيذية ،التشريعية ،القضائية) ،وال السلطة التي تتمتع بها الهيئات
اإلستشارية كالمجلس اإلسالمي األعلى والمجلس الوطني اإلقتصادي واإلجتماعي ،لكن هي
سلطة بمفهوم إعطاء هذه الهيئات القدرة على إتخاذ قرارات تمكنها من مباشرة
االختصاصات التي استحدثت ألجلها بكل فعالية ومصداقية ،وتبقى أعمالها بمثابة أعمال
اإلدارة .3
- 1نادية رابح ،النظام القانوني لسلطات الضبط المستقلة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،فرع القانون العام ،تحت
إشراف األستاذ زوايمية رشيد ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة عبدالرحمان ميرة ،بجاية ،2012 ،ص
.27
2الزهر نوبال ،المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون
اإلداري ،فرع اإلدارة العامة واقليمية القانون ،تحت إشراف زهية موسی ،كلية الحقوق ،جامعة منتوري ،قسنطينة2011 ،
،2012 -ص .16
- 3زاينة أيت وازو ،دراسة نقدية في سلطات الضبط المستقلة :في شرعية سلطات الضبط ،الملتقى الوطني حول سلطات
الضبط المستقلة في المجال اإلقتصادي والمالي ،جامعة عبدالرحمان ميرة ،بجاية 23 ،و 24ماي ،2007خالصة
المداخالت المقدمة في الملتقى ،ص .348
30
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
ويعرفها البعض على أنها " الحق في التوجه نحو من تمتلك نحوهم هذه السلطة وتأمرهم
باإلستماع إليك وطاعتك بتنفيذ أوامرك وتجنب نواهيك " .1ومن ثم هل يمكن القول أن
سلطات الضبط المستقلة هي سلطات قائمة بذاتها؟
إن الطابع السلطوي السلطات الضبط اإلقتصادي يرتكز أساسا على التمتع بسلطة إتخاذ
قرارات لها صيغة تنفيذية ( أوال ) ،وسلطات أخرى هامة تتمثل في سلطة الرقابة ( ثانيا )،
وسلطة إصدار العقوبات ( ثالثا ) ،وهذا ما يجعل الطابع السلطوي أكثر وضوحا ورسوخا
لدى هذه الهيئات.
تعتبر القرارات اإلدارية الفردية أنجع وأسرع وسيلة في يد سلطات الدولة لتحقيق
المصلحة العامة ،وهو إمتياز من إمتيازات السلطة العامة ،ومن أجل فعالية دور سلطات
الضبط اإلقتصادي ،قام المشرع بتخويلها صالحية إصدار قرارات إدارية فردية تهدف إلى
تسيير النشاطات اإلقتصادية ومن ضمنها نجد مقررات التراخيص اإلدارية .حيث تعتبر
أسلوب تدخل اإلدارة في المجال اإلقتصادي.2
ويمكن تعريفها على أنها وسيلة قانونية تمكن اإلدارة من اإلقرار بإمكانية أو عدم
إمكانية ممارسة نشاط معين من طرف الخواص ،بعد توفر جملة من الشروط حددها القانون.
هذا ويشكل تفويض الترخيص الصالح هذه السلطات من زاوية القانون اإلداري إمتياز
السلطة العامة إعترف به المشرع لها ،وذلك من أجل تأطير مبدأ حرية التجارة واإلستثمار
المكرسين دستوريا .3
31
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
إن سلطة الرقابة تمثل السلطة األكثر أهمية من بين الوسائل التي تملكها سلطات الضبط
اإلقتصادي من أجل ضمان إحترام القوانين واألنظمة التي تهدف إلى حماية اإلقتصاد الوطني
من جهة ،وحماية المستهلك من جهة ثانية.
وتشمل هذه الرقابة التي تمارسها هذه السلطات على رقابة إدارية وتقنية ومن خالل:
-سلطة اإلطالع على الوثائق الرئيسية والتي تراها ضرورية لعملها ،وإلزامها
للمستثمرين إيداع تقارير دورية تتضمن نتائج األشغال المنجزة خالل ممارسة النشاط
اإلقتصادي.
ممارسة الرقابة على أرض الواقع من خالل زيارات الميدانية والمعاينات إلى مواقع
ممارسة النشاطات اإلقتصادي .وهذه الرقابة تتيح لها أن تطلع على السجالت والحسابات
والتقارير لدى المؤسسات الخاضعة لرقابتها أو لدى فروع هذه المؤسسات ،1كما تتيح لها
الزيارات الميدانية من إتخاذ تدابير تحفظية أو وقائية إذا ما تبين لها أن هناك أخطار في
ممارسة هذا النشاط.
تشكل سلطة الرقابة المعترف بها تشريعيا لسلطات الضبط اإلقتصادي إحدى متطلبات
الضبط اإلقتصادي وهي الصالحية الثانية في تدرج هرم صالحيات لهذه الهيئات وهي سلطة
حقيقية تكرس الغاية من وجودها.
تتمتع غالبية سلطات الضبط اإلقتصادي بإختصاصات تأديبية تتمثل في توقيع العقوبات
المالية وغير المالية .ويقصد بسلطة العقاب الممنوحة لتلك السلطات بتلك األهلية القانونية
1سمير حدري ،السلطات اإلدارية المستقلة الفاصلة في المواد اإلقتصادية والمالية ،مذكرة لنيل درجة الماجستير في
القانون ،فرع قانون األعمال ،تحت إشراف األستاذ رشيد ،كلية الحقوق والعلوم التجارية ،قسم الحقوق ،جامعة أمحمد
بوقرة ،بومرداس ،2006 ،ص109
32
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
التي يمنحها القانون لهذه الهيئات للمعاقبة على خرق القوانين واألنظمة أي إلرتكاب
1
المخالفات ،هذه السلطة التي هي أصال مخولة للقضاء
وإختصاصها في توقيع الجزاء يدخل في إطار اختصاص يمكن وصفه بأنه اختصاص
قضائي ضبطي ،Une fonction juridictionnelle de regulationوتقوية سلطاتها
في المجال القمعي ليست إال وسيلة لضمان فعاليتها وحماية حقوق وحريات األفراد
المخاطبين بقراراتها وتنظيماتها .2
كما أن تح ويل السلطة القمعية لهذه الهيئات يعبر عن حياد الدولة في المجال اإلقتصادي
والمالي ويساهم في الحد من تدخالتها.
وقد منح المشرع الجزائري على غرار التشريعات المقارنة سلطة توقيع العقاب للسلطات
الضبط اإلقتصادي التي أنشأها ،حيث منحها سلطة توقيع العقوبات اإلدارية التي قد تكون
مؤقتة ،فتكون في شكل التعليق المؤقت للتراخيص ممارسة النشاط اإلقتصادي ،كما يمكن أن
تكون عقوبة إدارية نهائية ،فتكون في شكل السحب النهائي للترخيص ،وذلك حسب مخالفة
المستثمر لإللتزامات المنصوص عليها قانونا.3
إن تبني الجزائر لسياسة اإلقتصاد السوق ،فرض عليها اإلنسحاب من المجال
اإلقتصادي والمالي ،وانشائها هيئات إدارية تتمثل في سلطات الضبط المستقلة ،ومنحها
إمتيازات السلطة العمومية لتتكفل بمهمة ضبط النشاط اإلقتصادي.
وعلى العموم يمكن أن نعرف الضبط على أنه مجموعة من اآلليات القانونية واإلجتماعية
واإلقتصادية التي تركز على تنظيم العالقات اإلقتصادية في السياق الجديد للمنافسة ووفقا
1عز الدين عيساوي ،الرقابة القضائية على السلطة القمعية للهيئات اإلدارية المستقلة في المجال اإلقتصادي ،أطروحة لنيل
شهادة دكتوراه في العلوم ،تخصص القانون ،تحت إشراف رشيد ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة
مولود معمري ،تيزي وزو ،2015 ،ص.14
- 2زاينة آيت وازو ،المرجع السابق ،ص .348
- 3عبدالقادر خليج ،المرجع السابق ،ص .30
33
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
للتحوالت التي عرفها تسيير المرافق العمومية .ومن هذه اآلليات القانونية نجد سلطات
الضبط المستقلة التي أخذ المشرع الجزائري بنوعين منها هما السلطات اإلدارية المستقلة،
والسلطات التجارية المستقلة.1
ففيما يخص السلطات اإلدارية المستقلة ظهرت في القانون الجزائري مع بداية التسعينات
بمناسبة إنشاء المجلس األعلى لإلعالم بموجب قانون رقم 07 - 90المتعلق باإلعالم ،حيث
إعتبر المجلس سلطة إدارية مستقلة ضابطة ،ثم مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية
المكلفتان بض بط المجال المصرفي ،و واصل المشرع إنشاء هذا النوع من الهيئات طوال
العقدين الماضيين إلى آخر سلطتي التصديق اإللكتروني سنة .22015
وعندما نتحدث عن السلطات اإلدارية المستقلة نقصد من ذلك سلطات ذات الطابع
اإلداري الخاضعة القواعد القانون اإلداري المطبقة على اإلدارة وموظفيها والتي تخضع
بالضرورة أعمالها لرقابة القاضي اإلداري.
أما السلطات التجارية المستقلة ،شكل جديد من السلطات ،إستحدثها المشرع سنة 2006
بمناسبة تعديله للقانون رقم 07 - 05المتعلق بالمحروقات ،وتتمثل في سلطة ضبط
المحروقات و وكالة النفط
أسندت لهما مهمة ضبط قطاع المحروقات ،3وفي سنة 2014بمناسبة إصداره لقانون
المناجم رقم ،05 - 14حيث تمثلتا في وكالة المصلحة الجيولوجيا للجزائر الوكالة الوطنية
للنشاطات المنجمية المكلفتين بضبط قطاع المناجم .4ويترتب على تمتع هذه السلطات بهذه
الخاصية تحديد القانون الواجب التطبيق عليها وعلى مستخدميها.
34
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
إن البحث عن القانون الواجب التطبيق عليها يستدعي الوقوف عند ثالث وضعيات
هي:1
عند الحديث عن العالقة بين هذه الهيئات بالدولة ،فمن البديهي إخضاع هذه العالقة -
إلى أحكام القانون العام القانون اإلداري) تماشيا مع أحكام المادة 800من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية ،وبذلك تكون الجهة القضائية المختصة في هذه الحالة
2
مجلس الدولة إبتدائيا ونهائيا
تخضع عالقتها مع الغير الذي ينتمي للقطاع الخاص إلى أحكام القانون الخاص -
وتحديدا للقانون التجاري ،ومن ثم في حالة حدوث نزاع مع هذا الغير ،فإن تسوية هذا
النزاع تقع تحت طائلة القضاء العادي.3
تخضع العالقة التي تجمع هذه الهيئات بمستخدميها للقانون األساسي للمستخدمين -
الذي يتضمنه النظام الداخلي للهيئة والمؤشر بأحكام القانون رقم 11 - 90المتعلق
بعالقات العمل . 4ومن ثم في حالة حدوث نزاع يختص القضاء العادي بالفصل في
تلك المنازعات.
-كما تخضع محاسبة هذه الهيئات القواعد المحاسبة التجارية بدال من قواعد المحاسبة
العمومية التي تخضع لها السلطات اإلدارية المستقلة.5
1سامية بوقندورة ،سلطة الضبط في قطاع المحروقات في الجزائر ،مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في
الحقوق ،بن ناجي شريف ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ، 2007 /2008 ،1ص .14
2أنظر المادة 2من القانون العضوي رقم 13 -11المؤرخ في 3أوت ،2011المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم - 98
01المؤرخ في 30ماي ،1998يتعلق بإختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله ،ج ر ،العدد ،43صادرة في 3أوت
.2011
- 3سامية بوقندورة ،المرجع السابق ،ص .15
4قانون رقم 11-90المؤرخ في 21أفريل 1990يتعلق بعالقات العمل ،ج ر ،العدد ،17صادر 25أبريل 1990والمتمم
بالمرسوم التشريعي رقم 03 - 94المؤرخ في 11أفريل ،1994ج ر ،العدد ،20صادرة في 14أبريل .1994
5أنظر المادة 38 / 4من القانون رقم 05 - 14المتضمن قانون المناجم ،المصدر السابق.
35
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
لقد خ ول المشرع الجزائري سلطات الضبط اإلقتصادي عدة سلطات من أجل تأدية
وظيفة الضبط ،ومن بين هذه السلطات كما ذكرنا سلطة إصدار قرارات إدارية ،وسلطة
توقيع العقوبات اإلدارية ،كما أضفى عليها الطابع اإلستقاللي الذي يعتبر أهم المميزات
اللصيقة بها والتي تميزها عن باقي الهيئات اإلدارية التقليدية ،وتعتبر من بين المسائل التي
أثارت ومازالت تثير جداالت ونقاشات فقهية وقانونية في نفس الوقت ،خاصة في األنظمة
المقارنة.1
إن القانون المقارن ،خاصة الفقه الفرنسي تطرق إلى المقصود باإلستقاللية ومنهم
األستاذة TEITGEN - COLLY CATRHRINEتوصلت إلى المقصود بهذه الخاصية
وهو عدم خضوع السلطات اإلدارية المستقلة ألي رقابة وصائية كانت أو إدارية ،مع عدم
تلقيها أية تعليمة أو وصاية من أية جهة.2
أما األستاذ . chevallierز فتوصل إلى أن سلطات الضبط تحظى بتشريع ذاتي بحيث
تفلت من التبعية اإلدارية والتدرج الرئاسي فهي سلطات إدارية معزولة ولها منطقها الخاص
في العمل .3
وفي الجزائر ،يرى األستاذ " زوايمية رشيد " إلى أن المقصود باإلستقاللية هو عدم
الخضوع ألية رقابة سلمية كانت أم وصائية ،سواء كانت السلطة المعنية تتمتع بالشخصية
المعنوية أو ال ،على أساس أن الشخصية المعنوية ال تعد معيار أو عامل فعال لتحديد أو قياس
درجة اإلستقاللية.4
36
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
وعموما فإن اإلستقاللية المقصودة التي تتميز بها سلطات الضبط المستقلة تكون في
مواجهة السلطة التنفيذية والتي تكون في شكلين ،إستقاللية عضوية وإستقاللية وظيفية.
تستند اإلستقاللية العضوية لسلطات الضبط اإلقتصادي على توفر العديد من العوامل
منها التركيبة البشرية لهذه الهيئات ،وإلى أسلوب تعيينها والجهات التي يعود لها
اإلختصاص في ذلك ،و إلى النظام القانوني الخاص باألعضاء المسيرين لهذه الهيئات .
يعتبر تعدد أعضاء سلطات الضبط اإلقتصادي وإختالف صفاتهم ومراكزهم القانونية
مظهرا يضمن اإلستقاللية العضوية لهذه السلطات ،1إذ بالرجوع إلى تركيبة البشرية للجان
المسيرة لمعظم سلطات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري في تركيبة جماعية حيث
حذي المشرع الجزائر ي حذو المشرع الفرنسي في ذلك ،فنجد على سبيل المثال لجنة ضبط
الكهرباء والغاز تتكون من أربعة 4أعضاء ، 2واللجنة المديرة الوكالتي المحروقات تتكون
من ستة ( )6أعضاء ،3واللجنة المديرة للوكالتين المنجميتين فتتكون من خمسة ( )5أعضاء
4
من بينهم الرئيس
غير أن هذه الضمانة ال يمكن أن تأخذ أثرا فعليا إال إذا سمحت هذه الجماعة بوجود تركيبة
تمثيلية تعددية بشكل يضمن تمثيل كل الجهات المعنية .وهو ليس حال كل هذه السلطات،
حيث نجد في معظمها أنه إكتفى بتحديد عدد أعضاءها دون أي تفصيل حول الشروط
الموضوعية إلختيار أعضاءها ،أو اإلشارة إلى ما يضمن تنوعا في صفات ومراكز هؤالء
األعضاء.
1سمير حدري ،السلطات اإلدارية المستقلة وإشكالية اإلستقاللية ،الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال
اإلقتصادي والمالي ،جامعة عبدالرحمان ميرة ،بجاية 23 ،و 24ماي ،2007خالصة المداخالت المقدمة في الملتقى ،ص
.46
2أنظر المادة 117من قانون رقم 01 - 02المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغار عن طريق القنوات ،المصدر السابق .
3أنظر المادة 12من القانون رقم 01 - 13المعدل والمتمم لقانون رقم 07 - 05المتعلق بالمحروقات ،المصدر السابق.
4أنظر المادة 05 – 14المتضمن قانون المناجم ،المصدر السابق.
37
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
بخالف حالة المجلس األعلى لإلعالم قبل حله سنة 1993والذي إستوحى المشرع
تركيبته من النموذج الفرنسي بموجب المادة 72من قانون اإلعالم رقم 07 - 90الملغي،1
فإن معظم سلطات الضبط اإلقتصادي عرفت تركيزا لسلطة التعيين في يد سلطة واحدة هي
رئيس الجمهورية وإستبعاد هيئات التمثيل الوطني ( البرلمان بغرفتيه ) والهيئات المهنية في
القطاع المضبوط.
إن التجربة الجزائرية في مجال تعيين أعضاء سلطات الضبط تعرف منحنى آخر ،وهو
ما يفرغ النظام القانوني لهذه الهيئات من محتواه خاصة مع إحتكار رئيس الجمهورية لسلطة
تعيين أعضائها.
يشكل النظام القانوني ألعضاء سلطات الضبط اإلقتصادي ركيزة هامة في إستقالليتها
الع ضوية ،خاصة وأن أصالة نموذج سلطات الضبط اإلقتصادي يكرس ضمانة هامة
اإلستقالليتها تتمثل في نظام العهدة التي يقصد بها المدة القانونية المخولة ألعضاء سلطات
الضبط اإلقتصادي لممارسة مهامهم ،حيث ال يمكن عزلهم أو توقيفهم أو تسريحهم إال في
حالة إرتكابهم لخطأ جسيم ،وهذا ضمانا إلستقالليتهم وعدم وقوعهم تحت أي ضغط أو التأثير
عليهم من طرف السلطة التي تملك حق تعيينهم أو فصلهم هذا من جهة ،2كما يشترط في
التعيين لمدة محددة حتى يمارس هذا العضو بأريحية تامة بعيدا عن أي ضغط.
وبالرجوع إلى النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط اإلقتصادي نجد أن المشرع
الجزائري يتأرجح بين نظام العهدة محددة المدة ،والعهدة غير محددة المدة
38
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
وباإلضافة إلى ذلك فإن خصوصية وظيفة هذه السلطات والتي تشترط مقتضيات الحياد
والموضوعية بالنسبة لألعضاء ،أدت بالمشرع إلى إقرار نظام صارم يكرس مبدأ الحياد،
الذي يسع ى من خالله المشرع إلى حماية عضو هذه الهيئات المستقلة من مصالحه الخاصة
ومصالح أخرى يمثلها أيا كانت ،1بهدف تمكينه من أداء مهامه بكل موضوعية وإستقاللية.
لذا نجد أن معظم النصوص القانونية المنشئة للسلطات الضبط اإلقتصادي كرست مبدأ الحياد
الذي يتضمن بدوره نظام التنافي وإجراء اإلمتناع .2
ونظام التنافي يأخذ صورتين :نظام التنافي الجزئي الذي يهدف إلى منع األعضاء من
ممارسة بعض الوظائف بالتوازي مع وظيفتهم ضمن سلطة الضبط اإلقتصادي ،ونظام
التنافي الكلي الذي يقصد به منع األعضاء من ممارسة أي وظيفة عمومية ،أو أية عهدة
إنتخابية ،أو أي نشاط مهني آخر ،باإلضافة إلى منع األعضاء من اإلمتالك لمصالح بصفة
مباشرة أو غير مباشرة أثناء العهدة أو بعدها.
وفيما يخص إجراء اإلمتناع يقصد به تقنية تستثني أعضاء الهيئة من المشاركة في
المداوالت المتعلقة بالمؤسسات محل المتابعة بحجة وضعيتهم الشخصية إتجاهها .3
تتمتع سلطات الضبط اإلقتصادي بدرجة من اإلستقاللية الوظيفية وهو ما يظهر من
خالل صالحياتها الواسعة في إتخاذ القرار ،وهي صالحيات إكتسبتها أصال من السلطة
التنفيذية ،إثر إنتقال الدولة من دولة منظمة إلى دولة ضابطة ،حيث تم إعادة النظر في توزيع
اإلختصاصات والمهام لمسايرة اإلصالحات .ومن أجل ذلك فقد عمل المشرع الجزائري
على منحها الشخصية المعنوية لتمارس تلك صالحياتها بكل إستقاللية ،حيث ترتب عن ذلك
منح هذه السلطات:
39
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
غير أن تجسيد معالم االستقاللية ال ينفي كون هذه األخيرة التي تتمتع بها سلطات الضبط
اإلقتصادي نسبية نظرا لخضوعها لنوع من التبعية إتجاه السلطة التنفيذية ،1وبإعتبار أن هذه
السلطات عبارة عن هيئة إدارية تنتمي في حد ذاتها إلى الدولة ،فمن الطبيعي أن تمارس هذه
األخيرة ممثلة في مختلف أجهزتها الرقابة عليها ،وذلك من خالل الرقابة على أعمالها ،كما
أن معظم اإلعتمادات المالية لميزانيتها تأتي من إعانات الدولة فهي بدورها محل رقابة.
1أحسن غربی "،نسبية اإلستقاللية الوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة " ،مجلة البحوث والدراسات اإلنسانية ،عدد ،11
جامعة 20أوت ،1955سكيكدة ،2015 ،ص .246
40
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
سمحت هيكلة اإلقتصاد الوطني وتحرير السوق من التبعية المباشرة للدولة إلى تفكيك
جهازها اإلداري عن طريق إعادة توزيع اإلختصاصات اإلدارية ،وأصبحت مهمة ترتيب
السوق ليست من أولويات السلطة التقليدية ،فتطور الحياة اإلجتماعية أدى إلى بروز مجاالت
تقنية ومعقدة ،وبالتالي أدى إلى تغيير نظرة في كيفية تسيير ومسايرة هذا التطور ،وعلى إثر
ذلك ظهرت نماذج جديدة في الدولة منها سلطات الضبط اإلقتصادي ولتحقيق طابع فعالية
والحياد ،زودت بآليات وإختصاصات األداء الدور المنشود الذي أنشئت من أجله ،بحيث
تختلف هذه إختصاصات من سلطة ضبط األخرى ،وهي تتمثل بشكل عام في إختصاصات
تنظيمية (الفرع األول) ،وإختصاصات رقابية الفرع الثاني) ،وإختصاصات تحكيمية (الفرع
الثالث) ،واختصاصات العقابية (الفرع الرابع).
إن السلطة التنظيمية تعتبر أسلوب من أساليب العمل اإلداري في الدولة ،التي ينفرد بها
كل من رئيس الجمهورية والوزير األول ،والتي عرفت تطور وتنوع من حيث األنظمة
الصادرة عنها ،لكن تدخل المشرع وخول بعض من هذه األنظمة لهيئات أخرى في الدولة،
التي نذكر منها السلطة التنظيمية الممنوحة السلطات الضبط اإلقتصادي.
ومن أجل تحديد مضمونها يستوجب عليها البحث في تعريف اإلختصاص التنظيمي
لسلطات الضبط اإلقتصادي (أوال) ،ثم صور تطبيقه على هذه السلطات (ثانيا).
41
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
يعرف اإلختصاص التنظيمي لسلطات الضبط اإلقتصادي بأنه " :الوسيلة القانونية
الممنوحة لها في حدود النصوص التشريعية المنشئة لها قصد تمكينها من ضبط النشاطات
اإلقتصادية ،كل سلطة وحسب المجال الخاص بها ".1
يعتبر الفقه المقارن أن ظهور السلطة التنظيمية الفرعية يقترن بتغير أساليب تدخل الدولة
وظهور مصطلح الضبط مما يستلزم إيجاد وسائل قانونية جديدة تهتم بعنصر الفعالية في
تسيير وإدارة األنشطة اإلقتصادية التي أصبحت ال تستجيب للنمط اإلداري التقليدي.2
عند تفحص النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط اإلقتصادي ،نجد أن المشرع
الجزائري يعترف في بعض نصوصه باإلختصاص التنظيمي لهذه السلطات ،والذي ورد في
صور مختلفة ،فمنها من إكتفى باإلشارة إلى مساهمتها في هذا اإلختصاص فقط ،3ومنها من
إعترف لها بممارسته.
1فريد زقموط ،اإلختصاص التنظيمي للسلطات اإلدارية المستقلة ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراة ،زوايمية رشيد،
قسم القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية ، 2015 /2016 ،ص
.48
فريد زقموط ،المرجع السابق ،ص .48
2
خدوجة فتوس ،اإلختصاص التنظيمي السلطات الضبط اإلقتصادي ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،تحت إشراف
3
األستاذ زوايمية رشيد ،كلية الحقوق جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية ،نوقشت 28جوان ،2010ص .46
42
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
تعرف اإلستشارة بأنها إجراء سابق على صدور بعض القرارات من جانب واحد ،فقد
تكون ثابتة بنص وتعد بمثابة إقتراح خال من األثر القانوني ،كما أن مصدر القرار هو من
يطلبها ،وليس لهذا اإلجراء أثر في تقييم اإلختصاص ،وتنقسم اإلستشارة التي تبديها هيئات
اإلختصاص التنظيمي إلى:
-اإلستشارة الوجوبية :وسميت بذلك ألن النصوص القانونية ألزمت السلطة التنفيذية
اللجوء إليها .
إن اإلقتراح أكثر قوة وتأثيرا من الرأي من الناحية القانونية ،فاإلقتراح لغة يعني أن
األمر مقترح ،واقتراح فكرة أي عرضها المناقشة والبحث .أما الرأي فهو ما يظنه المرء أو
يعتقده قوال أو كتابة ،مشورة ،خطة ،فكرة.1
ووفقا لنص المادة 18من القانون رقم 12-08المعدلة والمتممة للمادة 34من األمر رقم
03-03المتعلق بالمنافسة ،يمكن لمجلس المنافسة بمبادرة منه أن يبدي ويقترح آراء عند
إعداد مشروع نص تنظيمي من طرف الحكومة له عالقة بالمنافسة ،ويمكنه إتخاذ هذا
اإلجراء في شكل نظام أو تعليمة أو منشور ينشر في الجريدة الرسمية للمنافسة.2
وكذلك وفقا للمادة 13من المرسوم التنفيذي رقم 113-08المؤرخ في 09 / 04 /2008
الذي يوضح مهام لجنة اإلشراف على التأمينات ،يمكن لجنة اإلشراف على التأمينات
43
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
اإلقتراح على الوزير المكلف بالقطاع التعديالت التي تراها ضرورية للتشريع والتنظيم
المعمول بهما في مجال التأمينات.
تتقاسم السلطات الضبط اإلقتصادي مع السلطة التنفيذية سلطة تنظيمية ثانوية في مجال
إختصاصها في إعداد التنظيمات والنصوص التطبيقية للقوانين التي تخص القطاعات التي
تتدخل لضبطها.
بسبب عدم إمكانية السلطة التنفيذية القيام بمهمة الضبط نظرا لمتطلبات الحياد
والموضوعية ،ظهرت سلطات الضبط اإلقتصادي للقيام بهذه المهمة ،فقام المشرع الجزائري
بمنح اإلختصاص التنظيمي لكل من مجلس النقد والقرض و لجنة تنظيم عمليات البورصة
ومراقبتها ،فهما الهيئتان الوحيدتان اللتان تتمتعان بممارسة اإلختصاص التنظيمي الممنوح
لهما بصفة مباشرة.
ويمارس مجلس النقد والقرض صالحيات هامة ذات تأثير مباشر على النظام المصرفي،
كما يقوم بتجسيد سياسة النقدية واإلشراف عليها ومتابعتها ،ويقوم كذلك بتأطير عمليات البنك
المركزي ،وبتنظيم حركة رؤوس األموال وتشجيع اإلستثمار األجنبي ،وتنظيم سوق
الصرف.
أما عن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها تتمتع بسلطة تنظيمية واسعة ،فهي
تتدخل لوضع قواعد تتعلق بسير سوق القيم المنقولة ،حيث تقوم بوضع ما تراه مناسبا من
أنظمة من أجل سير سوق القيم المنقولة ،وتقوم بنسخها في الجريدة الرسمية مرفقة بالنص
القانوني المتضمن الموافقة عليها من الوزير المكلف بالمالية .
44
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
تعتبر الرقابة إحدى متطلبات الضبط اإلقتصادي ،ألن السهر على وجود بيئة قانونية
تنافسية في إطار الضبط ال يمكن أن تتم إال بإحكام قواعد الرقابة على مختلف المتعاملين
اإلقتصاديين .ويشكل اإلختصاص الرقابي المتعرف به السلطات الضبط اإلقتصادي
الصالحية الثانية في تدرج هرم اإلختصاصات الممنوحة لهذه الهيئات ،ومن أهم
اإلختصاصات التي تعمل على ضمان حسن سير السوق والمنافسة ،وحسن إحترام وتطبيق
التشريعات المنظمة للنشاطات اإلقتصادية ،لذا تستوجب هذه الدراسة تعريفه (أوال) ،ثم
البحث في مجال ممارسته (ثانيا).
يعرف على أنه حق سلطات الضبط اإلقتصادي في الحصول على المعلومات التي تراها
ضرورية في إطار التحقيقات اإلقتصادية التي تؤديها ،وذلك دون أن تفرض اإلدارة الطابع
السري للوثائق التي تملكها.
ويعتبر الفقه الفرنسي أن اإلختصاص الرقابي يمثل اإلختصاص األكثر أهمية من ضمن
الوسائل التي تملكها سلطات الضبط اإلقتصادي ،حيث أن ممارستها للرقابة على أرض
الواقع تمكنها من جمع المعلومات واألدلة الخاصة باإلثبات .1
وبالرجوع إلى التشريع الجزائري ،نجد أنه لم يتعرض لتعريف اإلختصاص الرقابي،
وإنما إهتم بالجانب الذي يخص اإلعتراف التشريعي باإلختصاص الرقابي لسلطات الضبط
في ظل إقتصاد السوق والذي يهدف إلى:2
التأكد من إحترام المتعاملين المبادئ المرفق العام ومدى ضمان الخدمة العامة في -
القطاعات المرافق العامة الشبكية المفتوحة للمنافسة.
45
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
ينقسم مجال ممارسة اإلختصاص الرقابي إلى قسمين ،يتمثل األول في الرقابة السابقة
لإللتحاق بالمهنة( ،)1والثاني في الرقابة الالحقة للسوق (.)2
تتدخل معظم سلطات الضبط اإلقتصادي بصفة مسبقة ،بغرض التحقق من توفر الشروط
المطلوبة ،واحترام المعايير القانونية المنظمة للنشاط اإلقتصادي ،ويأخذ تدخلها المسبق شكل
قرارات فردية متضمنة عدة صور نذكر منها الرفض ،واإلعتماد ،والتراخيص ،والتصريح.1
هذه القرارات هي التي تمكن المتعاملين اإلقتصاديين من الدخول إلى السوق وتفادي
الوقوع في الفوضى أو اإلخالل بالقواعد التي يقوم عليها السوق والنظام اإلقتصادي ،ومثال
ذلك نجد أن مجلس المنافسة يتدخل بصفة مسبقة عن طريق منح قرار يتضمن الترخيص
بالتجمعات اإلقتصادية ،وذلك بعد تقديم طلب من طرف أصحاب التجمعات .ونشير أن
المرسوم التنفيذي رقم 219-05المتعلق بالترخيص لعمليات التجميع ،يحدد شروط
الترخيص وكيفياته وذلك تطبيق لما جاء في المادة 22من األمر 03-03المتعلق بالمنافسة.
ويمكن لمجلس المنافسة أن يرخص بالتجميع أو يرفضه بمقرر معلل بعد أخذ رأي الوزير
المكلف بالتجارة ،والوزير المكلف بالقطاع المعني بالتجميع .2
1زهرة مجامعية ،وظائف الضبط اإلقتصادي ،مذكرة ماجستير في إطار مدرسة دكتوراه تخصص الدولة والمؤسسات
العمومية ،تحت إشراف األستاذ العقون وليد ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ، 2013 /2014 ،1ص .51
2أنظر المادة 21من األمر رقم 03-03المتعلق بالمنافسة ،المصدر السابق.
46
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
هذا ،ويعتبر هذا اإلختصاص من زاوية القانون اإلداري إمتياز السلطة العامة إعترف به
المشرع الجزائري لسلطات الضبط اإلقتصادي قصد تأطير حرية التجارة والصناعة ،من
خالل ربط ممارسة النشاط اإلقتصادي بالحصول على قرار يصدر عن سلطات الضبط
المختصة حسب كل قطاع.
تتم ممارسة الرقابة البعدية أو الالحقة للسوق عند ممارسة النشاط اإلقتصادي من خالل
الحصول على المعلومات والوثائق المتعلقة بممارسة النشاط ،وبالقيام بالتحقيقات الالزمة
التي يتم من خاللها مراقبة مدى إحترام قواعد السوق والمنافسة من طرف الفاعلين .فنجد
على سبيل المثال لجنة ضبط الكهرباء والغاز لها الحق في أن تطلب من المتعاملين
اإلقتصاديين إطالعها كل الوثائق والمستندات المتعلقة بالنشاط ،كما يمكن أن تقوم بمراقبة في
عين المكان.1
وكذلك نجد لجنة اإلشراف على التأمينات وفقا لنص القانون رقم 04-06المتعلق
بالتأمينات ينص على أن مفتشي التأمين هم المؤهلون بإجراء التحقيق في أي وقت باإلستناد
إلى الوثائق أو في عين المكان في جميع العمليات التابعة لنشاط التأمين أو إعادة التأمين ،2
فهنا اللجنة ال تكتفي فقط بالحصول على المحاضر التي تتضمن المخالفات ،بل القيام بكل
بنوعين من التحقيقات من أجل الحصول على المعلومة كاملة ،حيث تتمثل هذه التحقيقات في:
تحقيقات قسرية تتمثل في اإلطالع على الوثائق والمستندات واللجوء إلى األماكن -
المهنية.
47
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
إال أنه ليس لهذه اللجنة أن تتدخل أو تأمر المفتشين للقيام بالتحقيقات وهذا يعتبر نقيض
عما هو معمول به في باقي السلطات التي تتمتع باإلختصاص الرقابي بحيث تقوم هذه
الهيئات بأمر الموظفين للقيام بالتحقيقات.
يعتبر التحكيم ضمانة رئيسية بالنسبة لإلستثمار ،خاصة لألجنبي المباشر ،وذلك في ظل
إقت صاد سوق مفتوح يعامل فيه المتعاملون العموميون والخواص ،المحليون واألجانب على
قدم المساواة.1
ولقد كرس المشرع الجزائري ضمانة التحكيم وجعلها من أهم الضمانات الممنوحة
للمستثمرين األجانب من خالل األمر رقم 03-03المتعلق بالمنافسة ،خصوصا أن الجزائر
إنضمت ووافقت على معظم اإلتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم وسبب اإلنفتاح على
اإلستثمار األجنبي لمعظم القطاعات اإلقتصادية ،2لذا فقد خول المشرع الجزائري لمعظم
سلطات الضبط االقتصادي سلطة تحكيم حقيقية بهدف إلى تسوية النزاعات بين المتعاملين،
ومن هذا المنطلق سوف نتطرق إلى تعريف التحكيم (أوال) ،ثم ممارسته من طرف سلطات
الضبط اإلقتصادي (ثانيا).
عرف الفقهاء التحكيم بأنه " :نظام تعاقدي بموجبه يتفق الخصوم على حل الخالف الذي
ينشأ بينهما على محكمين ليفصلوا فيه بعيدا عن إجراءات القضاء العادي ".
ويعرفه البعض اآلخر على أنه " :إحتكام الخصوم إلى شخص أو أكثر لفصل النزاع بينهم
".3
1موسی رحموني ،الرقابة القضائية على سلطات الضبط المستقلة في التشريع الجزائري ،مذكرة مكملة لنيل درجة
الماجستير في العلوم القانونية واإلدارية ،دراجي عبدالقادر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة الحاج
لخضر ،باتنة ،2013 - 2012 ،ص .75
2أنظر المادة 17من األمر 03-03المتعلق بالمنافسة ،المصدر السابق.
3منصور داود ،المرجع السابق ،ص .23
48
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
كما يعرف التحكيم على أنه " :إتفاق أطراف عالقة قانونية معينة ،عقدية أو غير عقدية،
على أن يتم تسوية المنازعة التي ثارت بينهم بالفعل أو التي يحتمل أن تثور عن طريق
أشخاص يتم إختيارهم كمحكمين ،ويتولى األطراف العالقة القانونية تحديد األشخاص
المحكمين أو على األقل يضمنون إتفاقهم على التحكيم مع تبيان لكيفية إختيار المحكمين ،أو
أن يعهدوا للهيئة من الهيئات أو مركز من مراكز التحكيم الدائمة تتولى تنظيم عملية التحكيم
وفقا للقواعد و اللوائح الخاصة بهذه الهيئات أو المراكز .1
من أهم سلطات الضبط اإلقتصادي التي منحت إختصاص فض النزاعات عن طريق
التحكيم الذي يلجأ إليه المتعاملين اإلقتصاديين عند حدوث خالفات بينهم ،نجد سلطة ضبط
البريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،سلطة ضبط الكهرباء والغاز ،ولجنة تنظيم عمليات
البورصة ،وسلطة ضبط نشاط السمعي البصري.
ففي مجال التحكيم في إطار لجنة تنظيم عمليات البورصة ،تتدخل اللجنة عن طريق غرفة
التأديب والتحكيم لممارسة سلطة التحكيم داخل هذه اللجنة ،وهذا اإلختصاص أكثر مرونة
وبساطة ألنه يضع حدا للنزاع بأسلوب أخف ،حيث يستهدف حفظ العالقات الودية بين
األطراف ومرونتها.
وقد قيد المشرع الجزائري ممارسة هذا اإلختصاص في القطاع المالي بشروط تتعلق
بعضها بموضوع النزاع ،وأخرى تتعلق بأطراف النزاع ،حيث حصر المشرع الجزائري
دائرة األشخاص التي تتدخل فيما بينهم غرفة التأديب والتحكيم وهم :2
محمد مختار أحمد بريري ،التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة ،القاهرة ،مصر ،2004 ،ص.5 1
49
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
أما الشروط المتعلقة بالموضوع النزاع ال تتدخل غرفة التأديب والتحكيم كحكم في تسوية
جميع النزاعات القائمة على مستوى بورصة القيم المنقولة ،بل تحكم فقط تلك النزاعات ذات
الطابع التقنية الناتجة عن تفسير القوانين والتنظيمات سارية المفعول على سير البورصة.
بمعنى أنه عند قيام خالف في تفسير القوانين واللوائح المتعلقة بالبورصة ،تتدخل غرفة
التأديب والتحكيم لوضع حد عن طريق إصدار حكم التحكيم.
أما سلطة ضبط الغاز والكهرباء ،فقد أوكل المشرع الجزائري لهذه اللجنة سلطة التحكيم
وتسوية النزاعات عن طريق جهاز ضمن هياكلها يعرف ب" غرفة التحكيم " ،والتي أنشئت
من أجل ضمان السرعة في فصل الخالفات المتعلقة بالحقوق والواجبات التعاقدية ،حيث
تتولى الفصل في هذه الخالفات بطلب من أحد األطراف .1
وقد دعمت غرفة التحكيم بكل اإلمكانيات والصالحيات للقيام بهذا اإلختصاص ،إذ يمكنها
القيام بكل التحريات التي تراها ضرورية بنفسها أو بواسطة غيرها ،كما يمكنها اإلستعانة
بخبراء عند الحاجة واإلستماع إلى الشهود ،بل وبإمكانها حتى أن تأمر عند اإلستعجال
بتدابير تحفظية.
وحسب المادة 114من القانون رقم 01-02المتعلق بالتوزيع الكهرباء والغاز عبر
القنوات ،فقد منح المشرع الجزائري هذه الغرفة كل األدوات القانونية والوسائل المادية
لتمكينها من فرض سلطتها التحكيمية في مجال إختصاصها على كل المتعاملين ،وجعل
قراراتها غير قابلة للطعن وبذلك فهي واجبة التنفيذ .2
يتمثل اإلختصاص العقابي في أنه عبارة عن إزاحة السلطة القمعية للقاضي الجنائي
لصالح سلطات الضبط اإلقتصادي ،التي تعتبر فكرة حديثة تتجسد في رفض تدخل القضاء
في القطاعات اإلقتصادية ،ويعود السبب في ذلك العوامل المرونة والسرعة والتطور التي
50
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
تتمتع بها هذه السلطات وعلى هذا األساس سوف نتطرق في هذا الفرع إلى تعريف العقوبة
(أوال) ،ثم ألنواع العقوبات المقررة من طرف سلطات الضبط اإلقتصادي (ثانيا).
يقصد باإلختصاص العقابي الممنوح لسلطات الضبط اإلقتصادي باألهلية القانونية التي
يمنحها القانون لهذه الهيئات للمعاقبة على خرق القوانين واألنظمة أي إلرتكاب المخالفات .1
تعمل العقوبات المقررة من طرف سلطات الضبط اإلقتصادي على إعادة عملية التوازن
بين الفعل المرتكب واإلساءة إلى المجتمع ،ويمكن لهذه السلطات أن توقع نوعين من
العقوبات ،حيث يتمثال في عقوبات المالية ( ،)1وعقوبات غير المالية (.)2
.1العقوبات المالية:
هي تلك العقوبة التي تمس األمة المالية للشخص مرتكب المخالفة ،2فهي عبارة عن مبلغ
مالي يدفعه إلى الدولة عن طريق الخزينة العمومية.
1عز الدين عيساوي ،الرقابة القضائية على السلطة القمعية للهيئات اإلدارية المستقلة في المجال اإلقتصادي ،أطروحة لنيل
شهادة دكتوراه في العلوم ،تخصص القانون زوايمية رشيد ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة مولود
معمري ،تيزي وزو ،2015 ،ص .14
2نادية رابح ،المرجع السابق ،ص .125
51
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
المخالفات دون أن يفوق خمسة آالف دينار ( 5,000دج) ،ويرفع إلى %05في حالة العود
دون أن يفوق عشرة أالف دينار ( 10.000دج).1
ونجد كذلك اللجنة المصرفية تختص بفرض العقوبات المالية على المتعاملين المخالفين
للتشريعات المنظمة للنشاط المصرفي تكون مساوية على األكثر لرأس المال األدنى الذي
يلتزم البنك أو المؤسسة المالية بتوفيره وتقوم الخزينة بتحصيل المبالغ الموافقة .2
إن المساس بالذمة المالية للشخص المعني بالعقوبة ال يتوقف عند العقوبات المالية
المباشرة ويمكن إضافة العقوبات التي لها أثار مالية بشكل غير مباشر ،رغم عدم تكييف
المشرع الجزائري لها على أنها مالية كالنشر والتعليق ،واللذان يعتبران عقوبات ذات صلة
بالذمة المالية للشخص المعاقب ,فنشر القرار في جريدة يومية في صفحة كاملة ،أو اإلعالن
في قناة تلفزيونية سوف يحمل صاحبه أعباء مالية كبيرة ،حيث تتضخم العقوبة المالية غير
المباشرة مع تضخم العقوبة المالية المباشرة التي يوقعها مجلس المنافسة ،والذي يمكنه أن
يوقع عقوبة النشر أو التعليق على عاتق الشخص المخالف وفقا لنص المادة 245من األمر
رقم 03 - 03المتعلق بالمنافسة.3
تعتبر نقيض العقوبات المالية والتي عرفها األستاذ " زوايمية رشيد " بأنها العقوبات
السالبة للحقوق . 4فهي ال تمس بالذمة المالية للشخص ،وإنما تمس نشاطه المهني أو مركزه
القانوني .وتطبق العقوبات الغير المالية تطبق على األشخاص الطبيعيين كما تطبق على
األشخاص اإلعتباريين (الشركات التجارية ).
1أنظر المادة 141من القانون رقم 01-02المتعلق بالكهرباء والغاز بواسطة القنوات ،المصدر السابق.
2أنظر المادة 114من األمر رقم 01-03المتعلق بالنقد والقرض ،المصدر السابق.
3مجدوب قوراري ،المرجع السابق ،ص .139
4
Zouaimia rachid : De la responsabilitè sucipfnaire les agents économique lènèmple du
secteur financier, opv, alger, 2010, p: 66 .
52
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
ففي القطاع البنكي يمكن أن نميز بين نوعين من العقوبات بالنسبة للشخص المعنوي،
فإنه في حال إخالل أي بنك أو مؤسسة مالية باألحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالنشاط
المالي ،فتتراوح العقوبة بين اإلنذار والتوبيخ وسحب اإلعتماد ،1حيث وقعت لجنة النقد
والقرض عقوبة سحب اإلعتماد على عدة بنوك خاصة منها " بنك الخليفة والبنك التجاري
والصناعي".2
أما عن العقوبات التي تمس األشخاص الطبيعية والمتعلقة بمسيري المؤسسات المالية،
تترواح بين المنع من ممارسة بعض العمليات ،والتوقيف المؤقت لمسير أو أكثر مع تعيين
قائم باإلدارة مؤقت ،إنهاء مهام شخص أو أكثر من هؤالء األشخاص .3
أما بخصوص قطاع البورصة ،فقد منحت لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها من
توقيع عقوبات تمس بالنشاط المهني للوسطاء في عمليات البورصة والمتمثلة في اإلنذار
والتوبيخ ،باإلضافة إلى حظر النشاط كلي أو جزئي مؤقتا أو نهائيا .كما أنه يمكنها أن توقع
أقصى عقوبة وهي سحب اإلعتماد.4
1أنظر المادة 114من األمر رقم 11-03المتعلق بالنقد والقرض ،المصدر السابق.
2أحمد أعراب ،السلطات اإلدارية المستقلة في المجال المصرفي ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،فرع قانون
األعمال ،كاشير عبدالقادر ،كلية الحقوق ،جامعة أمحمد بوقرة ،بومرداس ،2007 - 2006 ،ص .142
3أنظر المادة 114من األمر رقم 11-03المتعلق بالنقد والقرض ،المصدر السابق.
4أنظر المادة 55من المرسوم التشريعي رقم ،10-93المتعلق ببورصة القيم المنقولة ،المصدر السابق
5منصور داوود ،المرجع السابق ،ص .180
53
اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي الفصل األول:
إن اإلنتقال من الدولة المتدخلة إلى الدولة الضابطة جاء باللجوء إلى هيئات ضبط
مستقلة تعرف في الفقه اإلداري بسلطات الضبط المستقلة ،وهي شكل جديد يضاف إلى
األشكال التقليدية لتسيير المرافق العمومية ،وكان ظهور هذه األخيرة من أجل اإلستجابة
للعديد من اإلنشغاالت أهمها تجنب اإلفراط الكبير في تسييس اإلدارة الكالسيكية والتي تعتبر
تابعة مباشرة للسلطة التنفيذية وبالتالي ال تتمتع باإلستقاللية سواء العضوية أو الوظيفية،
وعلى هذا األساس فهي ال توفر لألعوان اإلقتصاديين ضمانات عدم اإلنحياز والحياد التي
يتطلبها إقتصاد السوق.
وقد ظهرت فكرة سلطات الضبط المستقلة تحت تأثير اإليديولوجية الليبيرالية ،التي
تفرض الفصل بين من يتولى الضبط واألعوان اإلقتصاديين ،وبناء عليه تم فتح المجال
لبعض النشاطات اإلقتصادية للمنافسة ،خاصة تلك التي كانت تشكل مركز النشاط المرفق
خصوصا نحو اإلستثمارات األجنبية.
ومن أجل ذلك فقد خص المشرع الجزائري هذه السلطات الضابطة بنظام قانوني خاص
ومتميز ،باإلضافة إلى سلطة تقديرية واسعة ،لتعمل بطريقة مستقلة ،فهي تقوم بكل المهام
التي كانت مخولة للدولة بداية بوضع الضوابط والتنظيمات ،ثم السهر على تطبيق وإحترام
هذه التنظيمات ،إضافة إلى الدور الوقائي الذي تقوم به عن طريق محاولة الصلح بين
المتعاملين اإلقتصادين.
كما تلعب سلطات الضبط المستقلة دورا تحکيميا في ما يتعلق بالخالفات التي تنشب بين
المتعاملين ،وسلطة معاقبة كل من يخالف النصوص القانونية المؤطرة للنشاطات اإلقتصادية.
إن الجمع بين كل هذه االختصاصات بين أيدي سلطات الضبط المستقلة الضابطة
للنشاطات االقتصادية له هدف رئيسي هو معاصرة ومسايرة متطلبات السوق وتطوراته
المستمرة ،كما تعتبر بداية تحديث اإلدارة الجزائرية في المجال االقتصادي.
54
الفصل الثاني:
سلطة ضبط البريد
والمواصالت
السلكية والالسلكية
نموذجا
55
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
تعتبر سلطات الضبط اإلقتصادي مؤسسات جديدة من مؤسسات الدولة في الجزائر ،وهي
تجربة حديثة مقارنة بالنماذج الكبرى الرائدة في هذا المجال ،حيث تم إنشاءها لتشرف على
العديد من المجاالت التي كانت حكرا على الدولة في ظل إنسحاب الدولة من الحقل
اإلقتصادي لصالح السوق وهو حال قطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،الذي كان
حكرا للدولة ممثلة في الوزارة الوصية المكلفة بقطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية
قبل .2000
وبصدور القانون رقم 03-2000المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت
السلكية والالسلكية ،تضمن هذا األخير عدة إصالحات هيكلية تضمن تغيير مؤسساتي يعتمد
أساسا على التمييز بين مهام اإلستغالل ومهام الضبط ،والذي نص على إستحداث مؤسسات
تتولى هذه المهام التي كانت ملقاة على الدولة ،والمعبر عنها في المادة 10و 12من الفصل
الثالث من هذا القانون تحت عنوان " مؤسسات البريد والمواصالت السلكية والالسلكية "،
حيث نصت المادة 10منه على أنه " :تنشأ سلطة ضبط مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية
واإلستقالل المالي .يكون مقر سلطة الضبط بالجزائر العاصمة ".
وقد جاء إنشاء هذه السلطة على هرم المؤسسات المستحدثة لتسيير قطاعي البريد
والمواصالت السلكية والالسلكية بهدف ضمان فعالية التسيير وتحقيق الحياد المطلوب بين
المتعاملين اإلقتصاديين ،والتوفيق بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة اإلقتصادية
(المبحث األول) ،وتتولى مهمة ضبط قطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية من
خالل إختصاصات وأدوات كانت حكرا للدولة قبل إنشاء هذه السلطة المبحث الثاني ).
56
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
57
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
ال تترجم بقرارات لها مضمون وتتدخل في نشاط متناسق ،وهي تفرض بقوة وتعمل إذن
1
كسلطة ،بمعنى لها سلطة إتخاذ القرارات التنفيذية أي سبطة تقرير مستقلة
بالعودة إلى اآلراء الفقهية المتعلقة بما إذا كانت صالحيات اإلقتراح لوحدها كافية إلعتبار
الهيئة التي تتمتع بها سلطة فعلية أم ال ،نجد أن هناك اتجاهين فقهيين مختلفين :2
الرأي األول :يرى أصحاب هذا اإلتجاه ومنهم الفقيه chapus .Rأن منح وصف السلطة
لهيئة ضبط ما ال يمكن أن يكون مبررا إال إذا كانت هذه الهيئة تتمتع بسلطة قرار فعلية
بمناسبة ممارستها لمهامها.
الرأ ي الثاني :يذهب بعض الفقهاء عكس الرأي األول ،إذ يرى أصحاب هذا اإلتجاه أنه ال يهم
أن تصدر هيئة ضبط ما قرارات نافذة لتعتبر كسلطة ،ويكفي إلعتبارها كذلك أن تؤدي
صالحية التأثير واإلقناع لديها إلى نفس النتائج.
ثانيا :موقف المشرع
يمثل الرأي الفقهي الثاني ،الموقف الذي تبناه المشرع الفرنسي ،الذي لم يتردد من إعطاء
وصف السلطة لبعض الهيئات التي ال تملك سلطة قرار فعلية مثل المجلس الوطني لتقييم
الجامعات ،هذه الهيئات وعلى الرغم من عدم إمتالكها صالحية التدخل المباشر بإعتبارها ال
تمتلك سلطة وضع التنظيمات ،أو سلطة إتخاذ القرارات الفردية ،ولكن باعتبار تشكيلتها التي
تضم شخصيات بارزة وذات ثقل في الحكومة ،أو في المجتمع ،وبالتالي غالبا ما تأخذ
اإلستشارات التي تقدمها هذه الهيئات بعين اإلعتبار السلطة التي طلبتها أو سلطة ضبط البريد
والمواصالت السلكية والالسكية نموذجا قدمت لها ،وهي تتمتع بطابع سلطوي حقيقي
مصدره المركز المعنوي ألعضائها.3
ونجد أن المشرع الجزائري أيضا لم يتردد بإعطاء وصف السلطة للهيئة الوطنية للمكلفة
للوقاية من الفساد على رغم من أن مختلف االختصاصات الممنوحة ال تتعدى الطابع
االستشاري ،وهذا ما يمكن مالحظته من خالل المادة 18من القانون رقم 01-06المتعلق
بالوقاية من الفساد والتي تكيف هذه الهيئة على أنها سلطة اإلدارية المستقلة .4
58
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
أما سلطة ضبط البريد والمواصالت محل الدراسة فتتدخل في تنظيم سوق البريد
والمواصالت ،من خالل ما تقدمه للسلطات العمومية من إقتراحات وآراء في إطار القوانين
المعمول بها ،فهي بذلك تقترح خدمات تتعلق بنوعية العرض وخدمة الزبون وتدابير الرقابة،
كما أنها تتدخل من خالل رأيها المسبق بأي عملية تكتل المؤسسات لما لهذه العملية من تهديد
المنافسة وإحتماالت لنشأة اإلحتكارات ،وتستشار في عملية فرض الرقابة على المؤسسات.
وبناءا على ما تملكه سلطة ضبط البريد والمواصالت من صالحيات في تقديم اإلقتراحات
واإلستشارات ،والسلطة العمومية في مجال إختصاصها ،1والمقيدة في إتخاذ بعض قرارات
على الرأي أو اإلقتراح المسبق .فإننا نقول أن سلطة ضبط البريد والمواصالت وبعض النظر
عن إمتالكها السلطة قرار فعلية بمناسبة أدائها لمهامها أو ال ،يمكن إعتبارها سلطة فعلية
وليست مجرد هيئة إستشارية.
الفرع الثاني :مظاهر ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت للسلطة
إن سلطة ضبط البريد والمواصالت وعلى الرغم من المهمة اإلستشارية التي تقوم بها
لدى السلطات العمومية فيما يخص تنظيم وتأطير سوق البريد والمواصالت ،وعلى الرغم
من منحها صالحية المساهمة في إعداد التنظيمات التطبيقية المنصوص عليها في القانون رقم
،03-2000وإبداء اآلراء وتقديم اإلقتراحات في إطار القوانين المعمول بها ،إال أنها ليست
مجرد هيئة إستشارية ألنها وباإلضافة إلى كل هذه الصالحيات تمتلك سلطة إتخاذ القرارات
الفردية ،وتمتلك صالحية القيام بكل مبادرة تقوم بها في إطار المهام التي أوكلت لها في مجال
تنظيم سوقي البريد والمواصالت .وتتجلى أهم مظاهر ممارستها للسلطة في النقاط التالية:
أوال :سلطة إصدار قرارات إدارية
لقد قام المشرع الجزائري بتخويل سلطة ضبط البريد والمواصالت كما هو حال باقي
سلطات الضبط المستقلة ،صالحية إصدار قرارات إدارية فردية تهدف إلى تسيير قطاع
البريد والمواصالت التي تأخذ شكل - :نظام الترخيص :حيث تنص المادة 39من القانون
رقم 03-2000على أنه " :يمنح الترخيص لكل شخص طبيعي أو معنوي يلتزم بإحترام
الشروط التي تحددها سلطة الضبط في مجال إنشاء وإستغالل أو تقديم الخدمات الخاضعة
لنظام الترخيص ".
-نظام التصريح البسيط :حيث تنص المادة 40من القانون رقم 03-2000على أنه" :
كل متعامل يريد إستغالل خدمة المواصالت السلكية والالسلكية الخاضعة لنظام
التصريح البسيط ملزم بإيداع تصريح برغبته في االستغالل التجاري لهذه الخدمة
لدی سلطة الضبط "
1أنظر المادة 13من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر السابق
59
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
-نظام االعتماد :حيث تنص المادة 41من القانون رقم 03-2000على أنه " :يمنح
اإلعتماد من قبل السلطة الضبط ،أو من قبل مخبر تجاري وقياسات معتمدة قانونا من
طرف هذه السلطة وفق شروط محددة عن طريق التنظيم ".
-نظام الرخصة :حيث تنص المادة 32من القانون رقم 03-2000على أنه " :تمنح
الرخصة لكل شخص طبيعي أو معنوي يرسى عليه المزاد إثر إعالن المنافسة ويلتزم
بإحترام الشروط المحددة في دفتر الشروط".
ثانيا :سلطة رقابة نشاطات إستغالل قطاعي البريد والمواصالت
تظهر سلطة الرقابة التي تمارسها سلطة ضبط البريد والمواصالت من خالل إلزام
المتعاملين اإلقتصاديين المستفدين من الرخصة أو الترخيص أو اإلعتماد أو التصريح
البسيط ،أن يضعوا تحت تصرفها المعلومات أو الوثائق التي يمكنها من التأكد مدى إحترام
هؤالء المتعاملين اإللتزامات المفروضة عليهم بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية ،كما
أهلت سلطة الضبط البريد والمواصالت بإجراء تحقيقات لدى نفس المتعاملين لما في ذلك
التحقيقات التي تتطلب تدخالت مباشرة.1
ثالثا :سلطة توقيع العقوبات
لقد منح المشرع الجزائري على غرار التشريعات المقارنة سلطة توقيع العقوبات السلطة
ضبط البريد والمواصالت بموجب المادة 35من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد
والمواصالت التي نصت على أنه " :في حالة عدم إحترام المتعامل المستفيد لرخصة إنشاء
واستغالل شبكات عمومية للشروط المقررة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية تعذره
سلطة الضبط لإلمتثال للشروط المحددة في هذه الرخصة من أجل ثالثين يوم.
فإذا لم يتمثل المتعامل لإلعذار وشروط الرخصة يتخذ ضده الوزير المكلف بالمواصالت
السلكية والالسلكية وعلى نفقته بموجب قرار مسبب بإقتراح من سلطة الضبط إحدى
العقوبات التاليتين:
-التعليق الكلي أو الجزئي لهذه الرخصة ال تتعدى 30يوما.
-التعليق المؤقت لهذه الرخصة لمدة تتراوح مابين شهر إلى 3أشهر أو تخفيض مدتها
في حدود معينة".
وإذا لم يمثل المتعامل عند إنقضاء هذه اآلجال ،يمكن أن يؤخذ ضده قرار سحب نهائي
لهذه الرخصة في نفس األشكال التي أتبعت في منحها ،وفي هذه الحالة تتخذ سلطة الضبط
تدابير الالزمة لضمان إستمرارية الخدمة وحماية مصالح المرتفقين .2
1أنظر المادة 57من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر السابق.
أنظر المادة -3من القانون رقم 03 -2000المتعلق بالبريد و المواصالت السلكية و الالسلكية ،المصدر السابق 2
60
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
1مديرية اإلدارة والموارد البشرية ،المديرية التقنية ،مديرية المتعاملين ومزودي الخدمات ،مديرية اإلقتصاد والمنافسة
واإلستشراف ،مديرية اإلعالم اآللي واألنظمة المعلوماتية ،مديرية البريد ،مديرية التصديق اإللكتروني ،مديرية المالية
والمحاسبة ،مديرية الشؤون القانونية نقال عن منصور داود ،مرجع سابق ،ص .127
61
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
62
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
باإلضافة إلى تحضير مشاريع النصوص التنظيمية التي تتعلق بقطاعي البريد والمواصالت
السلكية والالسلكية خاصة فيما يتعلق بتحضير دفاتر الشروط .1
-وسائل تحقيق الضبط اإلقتصادي والمالي :تعتبر المهمة األساسية للدولة تحقيق
المصلحة العامة ولذلك فهي تحتاج لمجموعة من الوسائل للقيام بهذه المسؤولية ،وهذه
الوسائل سواء كانت ذات طابع مالي ،أو طابع بشري أو قانوني تمكنها من القيام
ببعض التصرفات واألعمال من بينها القرارات اإلدارية.2
إذ نجد أن القانون منع السلطات الضبط ومن ضمنها سلطة الضبط البريد والمواصالت
إمتيازات السلطة العامة ،3تتمثل أساسا في إصدار القرارات التنظيمية والفردية بغية تحقيق
المصلحة العامة والمصالح الخاصة لألفراد ،حيث تمارس سلطة البريد والمواصالت السلكية
والالسلكية الصالحيات المنقولة إليها بإسم الدولة ولحسابها وذلك من خالل قرارات إدارية
تتميز بالتنوع نتيجة تنوع صالحيات هذه السلطة ،فيمكن أن تصدر سلطة ضبط البريد
والمواصالت قرارات إدارية فردية موضوعها منح رخص إستغالل أو إنشاء شبكات
عمومية أو منشآت المواصالت السلكية والالسلكية وتوفير خدمات المواصالت بنوعيها ،كما
يمكنها إصدار قرارات فردية موضوعها منح الترخيص إستغالل.4
الفرع الثالث :معيار منازعات سلطة ضبط البريد والمواصالت
تعتبر سلطة ضبط البريد والمواصالت من ضمن الهيئات اإلدارية العامة التي تخضع
منازعاتها إلى إختصاص القضاء اإلداري كأصل عام وذلك بموجب المادة 17من القانون
رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت والتي تنص على أنه " :يجوز الطعن في
قرارات سلطة الضبط أمام مجلس الدولة في أجل شهر واحد ابتداءا من تاريخ تبليغها وليس
الطعن اثر موقف".
وعليه ،فمن خالل ما سبق ذكره في هذه المعايير يتضح الطابع اإلداري الصريح لسلطة
ضبط البريد والمواصالت.
المطلب الثالث :الطابع اإلستقاللي لسلطة ضبط البريد والمواصالت
إذا كانت هذه اإلستقاللية التي نصت عليها صراحة جل القوانين المنشئة السلطات الضبط
المستقلة ال تثير إشكاالت حادة فيما يتعلق بتعريفها من زاوية المقاربة القانونية والتي تعني
63
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
ببساطة خروج هذه الهيئات عن السلطة السلمية ووصاية الحكومة ،فهي ال تحقق نفس
اإلجماع وليست بنفس البساطة فيما يتعلق بالمقاربة التي تعني طريقة إخراج هذه اإلستقاللية
من قوة النصوص إلى قوة الملموس كممارسة على أرض الواقع ،وهنا يشير الكثير من
الفقهاء أن اإلستقاللية الفعلية ألي سلطة ضبط والتي من ضمنها سلطة ضبط البريد
والمواصالت تجد دعائمها في مستويين أحدهما عضوي ( الفرع األول ،واآلخر وظيفي (
الفرع الثاني ).
الفرع األول :اإلستقاللية العضوية لسلطة ضبط البريد والمواصالت
تستند اإلستقاللية العضوية السلطة ضبط البريد والمواصالت على توفر العديد من
العوامل وتكاملها ،ومن ضمن هذه العوامل نشير إلى التركيبة البشرية لهذه السلطة (أوال)،
وإلى أسلوب تعيينها والجهات التي يعود لها اإلختصاص في ذلك (ثانيا) ،وإلى النظام
القانوني الخاص بأعضاء مجلس إدارة سلطة الضبط البريد والمواصالت (ثالثا).
أوال :التركيبة البشرية لسلطة ضبط البريد والمواصالت
يعتبر تعدد أعضاء سلطات الضبط المستقلة وإختالف صفاتهم ومراكزهم القانونية مظهر
يضمن اإلستقاللية العضوية لهذه السلطات ،1إذ بالرجوع إلى تركيبة مجلس إدارة سلطة
ضبط البريد والمواصالت مثل باقي سلطات الضبط المستقلة في التشريع الجزائري هي
تركيبة جماعية ،حيث حذي المشرع الجزائري حذو المشرع الفرنسي في ذلك ،فنجد على
سبيل المثال لجنة ضبط الكهرباء والغاز تتكون من 04أعضاء ،2واللجنة المديرة لوكالتي
المحروقات تتكون من 06أعضاء ،3أما مجلس إدارة سلطة ضبط البريد والمواصالت
فتتكون من 07أعضاء من بينهم الرئيس ،وهذا ما تنص عليه المادة 15من القانون رقم
03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت والتي جاء فيها " :يتشكل مجلس سلطة الضبط من
سبعة أعضاء من بينهم الرئيس يعيينهم رئيس الجمهورية ".
هذا التوجه وإن كان في ظاهره على األقل الرغبة في البحث عن التعددية والسعي إلى
خلق توازن في تركيبة هذه الهيئة لكي يضمن لها ولقراراتها عدم الوقوع تحت سيطرة
شخص واحد وهذا دعما لإلستقالليتها .4
64
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
65
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
بإضافة إلى نظام العهدة فإن خصوصية وظيفة سلطة ضبط البريد والمواصالت والتي
تشترط الحياد والموضوعية بالنسبة لألعضاء ،أدت بالمشرع الجزائري إلى قرار نظام
صارم يكرس مبدأ الحياد يتمثل في نظام التنافي ،حيث يسعى هذا المبدأ إلى حماية عضو
مجلس اإلدارة من مصالحه الخاصة ومصالح أخرى يمثلها أين كانت ،بهدف تمكينه تأدية
مهامه بكل موضوعية وإستقاللية.1
و بالرجوع إلى القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت ،نجد أن المشرع
الجزائري يكرس نظام التنافي على أعضاء مجلس إدارة سلطة الضبط بموجب المادة 18من
ذات القانون ،والتي نصت على أنه " :تتنافى وظيفة العضو في المجلس مع أي نشاط مهني
أو منصب عمومي آخر ومع كل إمتالك مباشر أو غير مباشر لمصالح مؤسسة تابعة
لقطاعات البريد والمواصالت السلكية والالسلكية والسمعي البصري والمعلوماتية" .وعليه
نقول أن األخذ بنظام التنافي بالنسبة ألعضاء مجلس اإلدارة سيساهم بالتأكيد في تحصين
هؤالء األعضاء من تأثيرات المصالح المختلفة.
الفرع الثاني :اإلستقاللية الوظيفية لسلطة ضبط البريد والمواصالت
تتمتع سلطة ضبط البريد والمواصالت بدرجة من اإلستقاللية الوظيفية وهو ما يظهر في
صالحية إتخاذ القرا ر وهي صالحية إكتسبتها من السلطة التنفيذية ،إثر إنتقال الدولة من دولة
منظمة إلى دولة ضابطة ،حيث تم إعادة النظر في جميع اإلختصاصات والمهام لمسايرة
اإلصالحات.2
فبالرجوع إلى القانون رقم 03-2000المنشئ لسلطة ضبط البريد والمواصالت ،نجد أن
في نصوصه ما يكرس اإلستقاللية الوظيفية ألعضاء مجلس إدارة هذه السلطة ،وذلك من
خالل اإلعتراف لها بالشخصية المعنوية بموجب المادة 10من ذات القانون ،والغاية من ذلك
ضمان ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت مهامها بكل إستقاللية حياد ،حيث جاء في
نص المادة على أنه " :تنشأ سلطة ضبط تتمتع بالشخصية المعنوية واإلستقالل المالي ".
ويترتب على اإلعتراف بالشخصية المعنوية لسلطة ضبط البريد والمواصالت عدة نتائج
نصت عليها المادة 50من القانون المدني ،وتتمثل على الخصوص في: 3
66
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
67
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
- 1تنص المادة 9من القانون العضوي رقم 02-18على أنه ":يفصل مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة بفصل في
الدعاوى اإللغاء والتفسير وفحص المشروعية في القرارات باختصاصات اإلدارية الصادرة عن السلطات اإلدارية
المركزية والهيئات العمومية والمنظمات المهنية الوطنية
2أنظر المادة 689من القانون رقم 11-05المتضمن القانون المدني ،المصدر السابق.
68
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
12و المادة 66من قانون األمالك الوطنية ،1التصرف فيها وال الحجز عليها بأي وسيلة
كانت.
ثامنا :موظفي سلطة ضبط البريد والمواصالت موظفون عموميون
تحتاج سلطة ضبط البريد والمواصالت من أجل القيام بوظائفها إلى أشخاص طبعيين
يتولون تنفيذ مهامها ،وتتحدد صفة العاملين بها تبعا لنظامهم القانوني .فالرجوع إلى أحكام
القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت يعد مستخدمي سلطة ضبط البريد
والمواصالت موظفون عموميون يخضعون ألحكام األمر رقم 03-06المتضمن القانون
األساسي العام للوظيفة العمومية وللقانون األساسي الخاص بهم.2
إن تجسيد معالم اإلستقاللية بالمفهوم السابق ال ينفي كون اإلستقاللية التي تتمتع بها سلطة
ضبط البريد والمواصالت نسبية ،نظرا لخضوعها لنوعا من التبعية للسلطة التنفيذية.3
فبإعتبار سلطة ضبط البريد والمواصالت عبارة عن هيئة إدارية تنتمي في حد ذاتها إلى
الدولة ،فمن الطبيعي أن تمارس هذه األخيرة ممثلة في مختلف أجهزتها الرقابة عليها.
1أنظر المواد 4 /1و 12 / 2و 66من القانون رقم 30-90المؤرخ في 01 / 12 /1990المتضمن قانون األمالك
الوطنية ،ج ر ،عدد ،52الصادرة في 1990 /12/ 2المعدل والمتمم للقانون 14-08المؤرخ في 20يوليو ،2008ج ر،
عدد ،44صادر في 3أوت .2008
2األمر رقم 03-06المؤرخ في 16جويلية 2006يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ،ج ر ،عدد ،66
صادرة في سنة 2006
3أحسن غربي ،المرجع السابق
69
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
وفي هذا اإلطار منح المشرع الجزائري سلطة ضبط البريد والمواصالت بوصفها سلطة
ضبط قطاع البريد والمواصالت سلطات ضبطية لطالما تمسكت الدولة نظرا ألهميتها في
تسيير المنظومة اإلقتصادية ،وتتمثل على الخصوص في سلطات ذات طابع إداري ( المطلب
األول ) ،وسلطات ذات طابع جزائي ( المطلب الثاني).
تعمل سلطة ضبط البريد والمواصالت على أخذ كافة التدابير الضرورية لتشجيع
المنافسة في سوقي البريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،ولن يتأتى ذلك إال عن طريق
منح سلطة ضبط البريد والمواصالت صالحية إصدار التنظيمات .فسلطة الضبط مكلفة
بتطبيق النصوص القانونية التي تسمح لنشاطات البريد والمواصالت السلكية والالسلكية
باإلنفتاح على اإلقتصاد الحر مع ضبط المنافسة وجعلها مشروعة.
وتمارس سلطة ضبط البريد والمواصالت اإلختصاص التنظيمي العام عن طريق إقتراح
القوانين والتنظيمات المتعلقة بقطاعي البريد والمواصالت السلكية والالسلكية بموجب نص
المادة 13من القانون رقم 2000 - 03المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت
70
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
والتي تنص على أنه ":يستشير الوزير المكلف بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية
سلطة ضبط بخصوص ما يأتي - :تحضير المشاريع والنصوص التنظيمية المتعلقة بقطاعي
البريد والمواصالت السلكية والالسلكية ".
واإلستشارة المقدمة من طرف سلطة ضبط البريد والمواصالت ليست واحدة ،إذ تأخذ شكل
اإلستشارة اإلجبارية (أوال) ،أو اإلستشارة اإلختيارية (ثانيا).
هي إستشارة تقدمها سلطة ضبط البريد والمواصالت للوزير المكلف بالبريد
والمواصالت ،فباإلضافة إلى اإلستشارة الخاصة بتحضير نصوص المشاريع التنظيمية
المتعلقة بقطاعي البريد والمواصالت ملزم بإستشارة سلطة الضبط في تحضير دفتر
الشروط ،وكذا تحضير إنتقاء المترشحين إلستغالل رخص المواصالت السلكية والالسلكية
وهذا بموجب المادة 13الفقرة 12من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت
بغرض توافق النصوص والمبادىء التي يقوم عليها هذا القطاع ،وهي إحترام مبدأ المنافسة
المشروعة وإحترام مبدأ الشفافية وعدم التمييز .
71
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
72
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
كما يتضمن المرسوم التنفيذي رقم 124-01اإلجراءات المطبقة على المزايدة في إعالن
المنافسة من أجل منح رخص في مجال المواصالت السلكية والالسلكية وتتمثل في :1
ففيما يخص إجراءات الرخصة التمهيدية ،لقد حدد المشرع الجزائري إنجاز المزايدة
بإعالن المنافسة المنح الرخصة ،والتي يتخذها الوزير إما بمبادرته الخاصة بعد إستشارة
سلطة الضبط ،أو بناء على إقتراح هذه األخيرة التي تعمل على أساس ملف المالئمة والتي
يصدر بشأنها الوزير قراره في أجل شهر واحد .2
أما فيما يخص إجراءات الرخصة النهائية ،في هذه المرحلة وبعد تقرير الوزير المكلف
بالمواصالت مباشرة إجراء المزايدة إلعالن المنافسة ،عليه تبليغ قراره إلى سلطة الضبط
من أجل إجراء المزايدة إلعالن المنافسة والتي تتم على مرحلتين :3مرحلة التأهيل األولي،
ثم مرحلة التقييم العروض ،ثم إعالن لسلطة الضبط رسو المزاد ،لتعمل في األخير سلطة
الضبط البريد والمواصالت على تبليغ المستفيدين من الرخصة في أقرب اآلجال على أن ال
يتجاوز ذلك أجل أقصاه 03أشهر من تاريخ نشر المرسوم .4
- 2نظام الترخيص
تنص المادة 39من القانون رقم 03-2000على أنه " :يمنح الترخيص لكل شخص
طبيعي أو معنوي يلتزم بإحترام الشروط التي تحددها سلطة الضبط في مجال إنشاء
وإستغالل الشبكات و/أو تقديم الخدمات الخاضعة للترخيص ".
وتخضع إجراءات منح التراخيص إلى:
إجراءات تمهيدية تتمثل في أنه على كل شخص طبيعي أو معنوي يريد ممارسة نشاط
من بين النشاطات الخاضعة للترخيص ،بدءا بتكوين ملف إداري وإرساله إلى سلطة الضبط
البريد والمواصالت ،حيث يخضع لتحقيق من طرف مصالحها المختصة ،إلى إجراءات
الترخيص النهائية حيث أنه بعد االنتهاء من دراسة الملف تصدر سلطة ضبط البريد
والمواصالت قرارها بالموافقة أو الرفض وتعلنه لطالبه كتابيا في رسالة مضمنة مع إشعار
بالوصول وهذا في أجل أقصاه شهرين من تاريخ إستالم الطلب .5
- 1المرسوم التنفيذي رقم 124-01المؤرخ في 09ماي 2001المتضمن تحديد اإلجراءات المطبق على المزايدة في
إعالن المنافسة من أجل منح رخص في مجال المواصالت السلكية والالسلكية ،ج ر ،عدد ،27صادرة في 13ماي .2001
2أنظر المادة 03من المرسوم التنفيذي رقم ،124-01المصدر نفسه
3أنظر المادة 09من المرسوم التنفيذي رقم ،124-01المصدر نفسه.
4أنظر المادة 17من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر السابق.
5أنظر المادة 39من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر السابق.
73
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
1أنظر المادة 04من المرسوم التنفيذي رقم 157-04المتعلق بنظام اإلستغالل المطلق على كل أنواع الشبكات بينما فيما
الشبكات السلكية والالسلكية وعلى مختلف الخدمات السلكية والالسلكية ،المصدر السابق.
2أنظر المادة 04من المرسوم التنفيذي رقم 418-01المؤرخ في 20ديسمبر 2001المتعلق بنظام اإلستغالل المطبق على
كل خدمة من خدمات البريد وكل أداءاته ،ج ر ،عدد ،80صادرة في 26ديسمبر .2001
3أنظر المادة 40من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر السابق.
74
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
تاريخ إيداع الطلب بوصل إشعار باإلستالم وفي حالة رفض اإلعتماد يجب على السلطة
الضبط تسبيب ذلك .1
ثانيا -سلطة مراقبة السوق وسير المنافسة
بالرجوع إلى قانون رقم 03-2000المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت،
نجد أن المشرع يستعمل مصطلحات تدل على الدور الرقابي لسلطة ضبط البريد
والمواصالت مثل " المراقبة " و " السهر " و " المصادقة " و " تؤهل ".2
ووسائل الرقابة الممنوحة لسلطة ضبط البريد والمواصالت متنوعة ومتعددة تهدف على
الخصوص إيجاد منافسة فعلية ومشروعة في سوقي البريد والمواصالت السلكية والالسلكية.
فمن خالل نص المادة 13من القانون سالف الذكر نستخلص وسائل الرقابة الممنوحة
لسلطة ضبط البريد والمواصالت والتي تتمثل في :المعلومات العامة الواجب تقديمها (،)1
باإلضافة إلى إجراء تحقيقات ( ،)2وإلى التقرير السنوي (.)3
-1المعلومات العامة الواجب تقديمها
على صاحب الرخصة أن يضع تحت تصرف سلطة الضبط المعلومات والوثائق التقنية
والتجارية الالزمة للتأكد من مدى إحترامه لإللتزامات المفروضة عليه بموجب النصوص
التشريعية والتنظيمية والخاصة بدفتر الشروط ،فيلتزم صاحب الرخصة بتبليغ المعلومات
التالية لسلطة الضبط:3
الالزمة للتأكد من مدى إحترامه لإللتزامات المفروضة عليه بموجب النصوص
التشريعية والتنظيمية والخاصة بدفتر الشروط ،فيلتزم صاحب الرخصة بتبليغ المعلومات
التالية لسلطة الضبط :4
كل تعديل مباشر في تشكيلة رأس مال الشركة وحقوق التصويت الخاصة بصاحب
الرخصة.
وصف مجموعة الخدمات الموفرة.
التعريفات والشروط العامة والخاصة بتوفير الخدمات.
معطيات حول حركة ورسم األعمال.
معلومات حول إستعمال الموارد الممنوحة السيما الذبذبات واألرقام.
1أنظر المادة 41من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر نفسه.
2مجدوب قوراري ،المرجع السابق ،ص .121
3مجدوب قوراري ،المرجع السابق ،ص 2
4المرجع نفسه ،ص .123
75
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
أية معلومة أخرى أو وثيقة أخرى ينص عليها دفتر الشروط والنصوص التشريعية
والتنظيمية المعمول بها.
كما يجب على صاحب الرخصة أن يضع تحت تصرف هذه السلطة إذا طلبت منه ذلك
اإلحتجاجات المرتبطة بالفواتير الصادرة بشأن الخدمات واألجوبة المقدمة عن هذه
اإلحتجاجات ،ويطلع سلطة الضبط مرة في السنة على األقل على تحليل إحصائي
لإلحتجاجات المشتملة واألجوبة المعطاة ،كما يضع صاحب الرخصة إجراءات شفافة
لمعالجة المنازعات القائمة بينه وبين مشتركيه ،ويقدمها لسلطة الضبط لإلطالع عليها .1
كما يلتزم صاحب الرخصة فور تشغيل شبكة gsmمنظومة معلوماتية لتخزين
المعطيات التجارية ومعطيات الفاتورة وتسجيل التحصيالت ،هذا ما يسمح لسلطة الضبط
بتحصيل المساهمات الدورية من عند صاحب الرخصة وتراقب كذلك التصريحات التي يدل
بها صاحب الرخصة.
- 2إجراء تحقيقات
تنص المادة 57من الفقرة 2من القانون رقم 03-2000على أنه " :تؤهل سلطة الضبط
بإجراء التحقيقات لدى نفس المتعاملين بما في ذلك التحقيقات التي تتطلب تدخالت مباشرة أو
توصيل تجهيزات خارجية بشبكاتهم الخاصة " .ومن خالل هذه المادة نجد أن المشرع
الجزائري يمنح إختصاص سلطة الضبط بإجراء تحقيقات لدى المتعاملين المستعملين
للرخصة والترخيص بما في ذلك التدخالت مباشرة أو توصيل تجهيزات خارجية لشبكاتهم
الخاصة.
ونشير أن التحقيق التي تقوم به سلطة الضبط الذي يمكن وصفه باإلداري والتقني فيما
يخص التدخالت مباشر ،وتوصيل تجهيزات خارجية بشبكات المتعاملين الخاصة ،يختلف
عن ذلك الذي يقوم به األعوان المؤهلين المنصوص عليهم في الباب الرابع من هذا القانون
تحت عنوان " شرطة البريد والمواصالت السلكية والالسلكية " التي تنصب معاينتهم وبحثهم
عن المخالفات المرتكبة من خالل إستعمالهم لشبكة البريد والمواصالت السلكية والالسلكية
ولهم إختصاص مشابه لسلك الضبطية القضائية.2
- 3التقرير السنوي
وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 36من المرسوم التنفيذي رقم -01
219المتضمن الموافقة على رخصة اإلقامة وإستغالل شبكة عمومية للمواصالت السلكية
76
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
الخلوية من نوع gsmولتوفير خدمات المواصالت السلكية للجمهور ،فإنه يجب على
صاحب الرخصة أن يقدم سنويا لسلطة الضبط في أجل أقصاه ثالثة أشهر إبتداءه من نهاية
كل سنة مالية تقريرا سنويا في ثماني ( )08نسخ وكشوف مالية سنوية مصادق عليها ،ويحب
أن يتضمن هذا التقرير السنوي معلومات مفصلة حول الجوانب اآلتية:1
-تطوير الشبكة والخدمات موضوع الرخصة خالل السنة األخيرة.
-شروح حول كل خلل في تنفيذ االلتزامات المقررة في دفتر الشروط هذا.
-كذلك تقرير حول وقت تصحيح الخلل ،إذا كان الخلل ناتجا عن ظروف خارجة عن
إرادة صاحب الرخصة فيجب عليه أن يدرج كل مستند يبرر ذلك.
مخطط تنفيذ إستغالل gsmوالخدمات بالنسبة للسنة المقبلة. -
-أية معلومات يراها صاحب الرخصة مالئمة أو تطلبها سلطة ضبط.
-وإذا كان صاحب الرخ صة شركة مدرجة في البورصة يذكر كل إجتياز يسجله كل
مساهم في حد إمتالك رأس مال صاحب الرخصة ،يكون مضروبا في ،%10 ،%5
،.....%15وذلك تنفيذا لتنظيم البورصة المطبق.
الفرع الثالث :السلطات التحكيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت
لقد حدد المشرع الجزائري من خالل القانون رقم 03-2000شروط ممارسة التحكيم من
قبل سلطة ضبط البريد والمواصالت ،حيث إنه إنطالقا من نص المادة 13من الفقرتين -12
13المحدد للمهام لقد إشترط أن يكون موضوع النزاع متعلق بالتوصيل البيني (أوال) ،وأن
يكون التحكيم حول النزاعات القائمة بين المتعاملين أو المستعملين (ثانيا).
أوال :الشروط المتعلقة بموضوع النزاع
لقد نص القرار المتعلق باإلجراءات في حالة النزاع المتعلق بالربط البيني ،وكذلك في
حالة التحكيم في مادته األولى على أنه يخضع للتحكيم في نزاعات التوصيل البيني ونزاعات
تقاسم منشآت اإلتصاالت باإلضافة إلى هذا هنا نزاع آخر محدد في دفاتر الشروط وهو
النزاع المتعلق بتأخير سعات التراسل .2
ولقد عرف المشرع الجزائري التوصيل البيني في المادة 8من القانون رقم 03-2000
على أنه " :خدمات متبادلة يقدمها متعامالن تابعان لشبكة عمومية أو خدمات يقدمها تابع
لشبكة عمومية لمقدم الخدمة الهاتفية للجمهور ،تسمح لكافة المستعملين بالتهاتف بكل حرية
فيما بينهم ،مهما كانت الشبكات الموصولة بها أو الخدمات التي يستعملونها".
77
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
78
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
1كريمة زعاتري ،المركز القانوني لسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة أحمد بوقرة ،بومرداس ، 2011/2012 ،ص .102
2المرجع نفسه ،ص .103
3سمير حدري ،السلطات الضبط المستقلة ودورها في إستقرار التشريع والتنظيم المتعلق باإلستثمار" ،مجلة اإلدارة ،عدد
،40الجزائر ،2010 ،ص .48
79
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
وقد رسم المجلس الدستوري الفرنسي المعالم الرئيسية للوظيفة القمعية لسلطات الضبط،
وضع شروط من أجل ممارستها (الفرع األول) ،وتكريسا لإلختصاص القمعي لسلطات
الضبط المستقلة نص المشرع الجزائري في القانون رقم 03-2000المحدد للقواعد العامة
المتعلقة بالبريد والمواصالت على جملة من اإللتزامات والتدابير على أصحاب الرخص
اإلدارية ،واإلخالل بها وعدم تنفيذها يشكل مخالفة ،يترتب عليها إتخاذ إجراءات عقابية
ردعية من شأنها أن تؤدي إلى تعليق الترخيص أو سحبه (الفرع الثاني).
الفرع األول :شروط ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت السلطة العقاب
يظهر من خالل قرارات المجلس الدستوري الفرنسي خاصة المتعلقة بلجنة تنظيم ومراقبة
عمليات البورصة ،بأن المشرع حر في تنظيم نطاق العقوبات اإلدارية ،فمرونة تدخل الدولة
في المجال اإلقتصادي واإلجتماعي تتطلب هذا النوع من سلطة العقاب ،لكن القاضي
الدستوري الفرنسي إشترط من أجل ممارسة سلطات الضبط المستقلة لسلطة العقاب شرطين
،1يتمثال في أن ال تكون هذه الجزاءات سالبة للحرية (أوال) ،وأن تخضع هذه السلطة العقابية
لذات المبادئ العقابية الدستورية (ثانيا).
أوال :أال تكون الجزاءات سالبة للحرية
حسب قضاء المجلس الدستوري الفرنسي ،فإن سلطة توقيع العقوبات الممنوحة لسلطات
الضبط المستقلة ال تمثل مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات طالما هذه السلطات ال توقع
عقوبات سالبة للحرية كالحبس والسجن ،ففي هذه الحالة تكون سلطات الضبط المستقلة قد
إقتحمت مجال كان يحتكره القضاء.2
إن هذا القرار يضع حدود فاصلة بين سلطة القاضي وسلطة اإلدارة في مجال العقاب،
فالقاضي وحده من يستأثر بسلطة توقيع العقوبات السالبة للحرية ،في حين أن اإلدارة ال
يمكنها ذلك ،ومن ثم فالمجلس الدستوري يكون حدد معالم مفهوم وظيفي مؤاده أن الجزاء
يمكن أن يعهد به ألي جهة بشرط إحترام الدور المحجوز للقضاء والذي يتجلى في
إختصاصه االنفرادي بالحكم بالعقوبات السالبة للحرية.3
ثانيا :خضوع سلطة العقاب لذات المبادئ العقابية الدستورية
باإلضافة إلى التأطير الدستوري العام فإن اإلجتهاد القضائي الفرنسي كرس جملة من
القواعد اإلجرائية الواجبة اإل حترام في ممارسة اإلجراء العقابي لسلطات الضبط ،ويتجلى في
القرار المؤرخ في 19جانفي 1989حول المجلس األعلى السمعي البصري ،حيث إعتبره
المجلس الدستوري الفرنسي أنه حتى العقوبات التي تسلط من طرف هيئة ولو غير قضائية
سمير حدري ،السلطات اإلدارية المستقلة الفاصلة في المواد اإلقتصادية والمالية ،المرجع السابق ،ص .132 1
80
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
تخضع حسب المادة 8من اإلعالن العالمي للحقوق اإلنسان والمواطن 1789لنفس
الضمانات التي تحكم تسليط العقوبات القضائية وهي:1
عدم رجعية القانون.
قاعدة تناسب العقوبات مع الوقائع.
ضمان حقوق الدفاع.
مبدأ الخضوع لرقابة القاضي.
مبدأ تسبيب العقوبات.
وبالرجوع إلى المشرع الدستوري الجزائري نجده يكرس هذه المبادئ في دستوره ،وفي
النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط المستقلة ومن ضمنها قانون رقم 03-2000
المتعلقة بالبريد والمواصالت الذي تضمن اإلجراءات المتبعة في تسليط العقوبات ،حيث
نص على:
-نظام إجرائي حمائي يتعلق باستقاللية وحياد سلطة ضبط البريد والمواصالت ،حيث
أوجد المشرع
مجموعة اليات من شأنها ضمان حياد وإستقاللية سلطة الضبط إتجاه األطراف المعنية،
سواء في منح الرخص أو الرقابة على إستغالل ممارسات النشاطات المتعلقة بالبريد
والمواصالت ،أو إجراء تحقيق ،أو تسليط عقوبات إدارية ،وذلك بإقرار نظام التنافي بين
الوظائف بموجب المادة 18من القانون رقم ،03-2000وهو يشكل ضمانة هامة لحياد
وإستقاللية أعضاء مجلس إدارة سلطة الضبط عن أي مصالح خارجية أو خاصة قد تؤثر
على مهامه الوظيفية .2
-نظام إجرائي حمائي لحق الدفاع وهو مبدأ كالسيكي يخضع له كل إجراء يهدف إلى
معاقبة شخصا ما جنائيا أو مدنيا أو تأديبيا ،3وألن هذا الحق مكفول دستوريا فإن
المشرع الجزائري أوجد آلية حمائية وتكريسية له في إطار اإلجراء العقابي المتبع
أمام سلطة ضبط البريد والمواصالت ،ويتجلى ذلك من خالل إلزام هذه األخيرة
بإعذار المستثمر بالمخالفات التي يرتكبها مع تبليغه ومنحه أجال لتقديم دفوعه ،وكذلك
من خالل إخضاع قرار التعليق أو سحب رخص ممارسة النشاط للرقابة القضائية.
-
1
Brisson J.F, Les pouvoirs de sanction des autorities de regulation, le voie d'une
juridictionnalisateur sur le site internet: www.gip - recherche - justice.fr
2عبد القادر خليج ،المرجع السابق ،ص ص .111 ،110
3وليد بوجملين ،المرجع السابق ،ص .177
81
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
1أنظر المادة 37/ 1من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر السابق.
2أنظر المادة 37 / 2من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر نفسه.
3أنظر المادة 38من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر السابق .
4أنظر المادة 35/ 1من القانون رقم 03-2000المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،المصدر نفسه.
82
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
الوزير المكلف بالبريد والمواصالت فيثمل في توقيع العقوبة .1كما تكون سلطة ضبط البريد
والمواصال ت مؤهلة بالسحب النهائي للرخصة إذا لم يمتثل المتعامل عند إنقضاء اآلجال
المقررة له ،وتكون مؤهلة كذلك التعليق الفوري للرخصة بعد إعالن الوزير المكلف
بالمواصالت السلكية والالسلكية في حالة إنتهاك المقتضيات التي يتطلبها الدفاع الوطني
واألمن العمومي.
83
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
84
سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا الفصل الثاني:
85
الخاتمة
إن دراسة موضوع آليات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري ،أفضى بنا إلى
نتيجة رئيسية ،وهي أن هذا النوع الجديد من سلطات الضبط المستقلة ،إرتبط ظهوره بظهور
وظيفة جديدة للدولة ،هذه الوظيفة لم تكن لتظهر لوال التطور الذي عرفه الدور اإلقتصادي
للدولة.
فتطور الدور اإلقتصادي للدولة ،جعل هذه األخيرة تبحث عن بدائل مؤسساتية جديدة
لإلضطالع بدورها الجديد ،الذي ال تقوى اإلدارة التقليدية على أدائه ،فالدور اإلقتصادي
الجديد للدولة يقتضي جملة من المتطلبات والضمانات التي ال تتماشى مع طبيعة الهيئات
اإلدارية التقليدية ،ومن بين أهم هذه المتطلبات والضمانات نجد تلك التي تتعلق باإلستقاللية
والحياد واإلحترافية والمرونة والفعالية ،وإشراك الفاعلين في الحقل اإلقتصادي من متعاملين
إقتصاديين ومستهلكين في عملية ضبط النشاط اإلقتصادي.
وتجربة سلطات الضبط كأسلوب للتسيير أثبت فعاليتها وإستجابت لمتطلبات ومبادئ
التسيير الحديث ،إذ تضمن تجاوز اإلنتقادات الموجهة إلى اإلدارة التقليدية من جهة ،ومن
جهة أخرى تضمن الشفافية والحياد في ممارسة النشاط اإلقتصادي.
وقد إكتسبت هذه السلطات مشروعيتها من الحاجة إلى الفعالية في التدخل في القطاعات
اإلقتصادية ،والتي تحققها هذه السلطات من خالل نظامها األساسي الذي يضمن لها قدر من
اإلستقاللية سواء في مواجهة الحكومة أو السوق ،والتي تضمن لها قدرا من الحياد من خالل
مجموعة من العناصر تختلف في مضمونها ومداها بين األنظمة المقارنة.
وإسقاط ذلك على التجربة الجزائرية ،ظهر أن المشرع الجزائري كان طموحا بإنشاء مثل
هذه السلطات ،واعتبارها من بين إحدى مساعي إصالح هياكل الدولة التي إقتنع أنها كانت
أكثر من الضرورة داخليا وخارجيا .غير أن الطريقة التي تم تجسيد بها هذه اإلرادة ال تخرج
عن إطار العام المتمثل في نقل آليات ليبيرالية وإفراغها من محتواها ،فإذا كانت النصوص
القانونية تتشابه مع النصوص في النظام القانوني الفرنسي لحد كبير ،فإن المحتوى أو البيئة
التي تطبق فيها تختلف كثيرا .لذلك فالتجربة الجزائرية في هذا المجال قد يعاب عليها بعض
النقائص التي من شأنها تصغير دور سلطات الضبط المستقلة في الدولة ،مما ينعكس ال
محالة على أداء القطاعات محل الضبط ،والتي نذكر منها:
-إن البحث عن إستقاللية األعضاء المسيرين السلطات الضبط المستقلة في الواقع هي
إستقاللية يمكن اإللتفاف عليها بسهولة من طرف السلطة التنفيذية ،هذا ألن المشرع لم
يحظ هذه اإلستقاللية بما يكفي من الضمانات لحماية أعضاء هذه السلطات من التدخل
في عملها من طرف السلطة التنفيذية ،وبالعكس ما يمكن مالحظته دون عناء هو أن
المشرع قد منح السلطة التنفيذية األدوات القانونية التي تجعلها قادرة على إخضاع هذه
السلطات لسيطرتها وإمالءاتها ،وهذا من خالل منحها ولوحدها صالحية إقتراح
86
الخاتمة
87
الخاتمة
العمل على تفعيل الضبط وتدعيمه من خالل منح األجهزة القائمة عليه إستقاللية أكبر
من التي موجودة عليه اآلن ،خاصة السلطات التي تضبط قطاعات إقتصادية حساسة،
والتي عرفت مسارات مهمة في مجال اإلنفتاح على القطاع الخاص كما هو حال
قطاع اإلتصاالت السلكية والالسلكية .وتدعيم إستقاللية السلطات القائمة بالضبط لن
يتأتى إال من خالل تكريس نظام قانوني قوي وفعال يضمن لألعضاء المسيرين لهذه
السلطات أكبر قدر من اإلستقاللية في إطار إختيار أعضاءها كالتعديد في جهات
اإلقتراح ،واإلبتعاد عن التعيين السياسي ،وتعزيز تشكيلتها بأهل اإلختصاص مع منح
األعضاء حرية إختيار رئيسهم وتكريس نظام العهدة والحصانة من النقل أو العزل،
وتكريس الشفافية والمسؤولية والمحاسبة لهؤالء األعضاء.
منح تلك السلطات الضابطة الوسائل الالزمة ألداء مهامها الضبطية بكل فعالية ،كونها
المناسبة للتكيف مع ظاهرة العولمة أين أصبح الضبط والحرية اإلقتصادية مثل عالقة
الشكل بالمضمون والسبيل الوحيد اإلصالح الدولة وتجسيد دورها اإلقتصادي الجديد.
ضرورة إخضاع سلطات الضبط المستقلة للرقابة السياسية كما هو معمول به في
الواليات المتحدة األمريكية ،وهذا من خالل مطالبة المكلفين بإدارتها بالمثول أمام
البرلمان لعرض إقتراحاتهم وطلباتهم بغية تحسين مردود هذه الهيئات ،مع تمكين
نواب غرفتي البرلمان من إستدعاء هؤالء المسيرين للمساءلة كما هو الشأن بالنسبة
ألعضاء الحكومة حتى تراقب سير وتطور األعمال التي تؤديها ومدى إحترامها
للدستور وللتنظيم القانوني الذي أوجدها.
مراجعة اإلختالالت الموجودة في النصوص المتعلقة بسلطات الضبط ،كتوضيح
صالحياتها بدقة وتبسيط إجراءات عملها ،وتدعيم الضمانات الممنوحة لألطراف
الخاضعة إلى سلطاتها وتنظيم العالقة التي تربط هذه السلطات فيما بينها ،خاصة
العالقة بين سلطات الضبط القطاعية ومجلس المنافسة ،حيث يتوجب توطيد وتدعيم
التنسيق والتكامل بينهما.
توسيع الضبط إلى مجاالت أخرى إقتحمها القطاع الخاص بشكل ملفت والمثال هنا
ينطبق على القطاع الصحي من خالل إنتشار العيادات الخاصة ،وكذلك في المجال
الصيدالني حيث إقتحم القطاع الخاص مجاالت إنتاج الدواء وتسويقه ،وربما المستقبل
القريب سيظهر ضرورة اللجوء إلى الضبط في قطاعي التربية والتعليم العالي بحكم
أنهما مجالين مفتوحين أمام القطاع الخاص.
وأخيرا ،فإن الحكم على نجاح أو فشل سلطات الضبط اإلقتصادي كآلية لضبط النشاطات
اإلقتصادية تقدير مبكر ،بإعتبار أن وجودها عموما يمثل تجربة حديثة أو كما يسميها البعض
بتجربة فتية لم يكتمل نضوجها بعد ،ومع ذلك ال يمكن إنكار الدور الذي تقوم به في سياق
88
الخاتمة
منح التجربة الجزائرية -في مجال مسايرة معطيات إقتصاد السوق -آليات جديدة في مجال
التدبير والتصرف تجسيدا لمبدأ حرية اإلستثمار والصناعة المكرس دستوريا ،والتوفيق بينه
و بين الدور المراقب والمرافق المعترف به للدولة في المجال اإلقتصادي والمستند
المؤسساتها في إطار أشمل هو النظام السياسي واإلقتصادي والقانوني الجزائري.
89
الخاتمة
هذه السلطات التي ولدت من رحم أزمة النظام الليبرالي جاءت من أجل لعب دور ضبط
االقتصاد وتكييفه وما يتالءم مع االتجاه االقتصادي العالمي نحو العولمة ،ليس فقط هذا ،فهذه
السلطات هي تصور جديد للعالقة بين الدولة والسوق ،فرضتها مقتضيات الحوكمة والتي
تعبر عن ضرورة تعويض الفتيات االستبدادية بأساليب جديدة تعتمد على التشاور والمشاركة
للفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين.
وعلى هذا األساس ،تتمتع سلطات الضبط باإلختصاص التنظيمي واالختصاص في منح
االعتمادات وكذا االختصاص الرقابي واالختصاص القمعي واالختصاص في حل التراعات،
فيسمح لها تعدد االختصاصات باإلشراف على قطاع النشاط بأكثر فعالية بفضل التماسك
المحتمل بين تدخالتها وقراراتها.
90
الخاتمة
91
قائمة المصادر و المراجع
92
قائمة المصادر و المراجع
93
قائمة المصادر و المراجع
94
قائمة المصادر و المراجع
95
قائمة المصادر و المراجع
أحمد أعراب ،السلطات اإلدارية المستقلة في المجال المصرفي ،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير في القانون ،فرع قانون األعمال ،األستاذ كاشير عبدالقادر ،كلية الحقوق،
جامعة أمحمد بوقرة ،بومرداس.2007 - 2006 ،
خدوجة فتوس ،اإلختصاص التنظيمي لسلطات الضبط اإلقتصادي ،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير في القانون ،زوايمية رشيد ،كلية الحقوق ،جامعة عبد الرحمان ميرة،
بجاية ،نوقشت 28جوان .2010
خموسة مداسي ،السلطات اإلدارية المستقلة في الجزائر ،دراسة حالة سلطة الضبط
البريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،مذكرة مقدمة تنفيذ لنيل شهادة الماجستير في
القانون العام ،األستاذ بوذراع بلقاسم ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق،
جامعة قسنطينة .2014-2013 ،1
زهرة مجامعية ،وظائف الضبط اإلقتصادي ،مذكرة ماجستير في إطار مدرسة
دكتوراه تخصص الدولة والمؤسسات العمومية ،األستاذ العقون وليد ،كلية الحقوق
جامعة الجزائر .2014-2013 ،1
سامية بوقندورة ،سلطة الضبط في قطاع المحروقات في الجزائر ،مذكرة من أجل
الحصول على شهادة الماجستير في الحقوق ، ،األستاذ بن ناجي شريف ،فرع الدولة
والمؤسسات العمومية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.2008 - 2007 ،
سليم شيهوب ،سلطة الضبط في القانون الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في
الحقوق ،كلية الحقوق ،جامعة جياللي ليابس ،سيدي بلعباس.2009-2008 ،
سمير حدري ،السلطات اإلدارية المستقلة الفاصلة في المواد اإلقتصادية والمالية،
مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون ،فرع قانون األعمال ،األستاذ زوايمية رشيد،
كلية الحقوق والعلوم التجارية ،جامعة أمحمد بوقرة ،بومرداس.2006 ،
عائشة فارح ،المركز القانوني للجنة اإلشراف على التأمينات ،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير في القانون ،فرع القانون العام ،تخصص القانون العام لألعمال ،كلية
الحقوق ،جامعة عبدالرحمان ميرة ،بجاية.2009 ،
عبد القادر خليج ،النظام القانوني للوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية ،مذكرة لنيل
شهادة الماجستير في إطار مدرسة الدكتوراه تخصص الدولة والمؤسسات العمومية،
تحت إشراف األستاذ العقون وليد ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر .2016-2015 ،1
علي عيساوي ،الضبط اإلقتصادي وحماية المستهلك ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير
في الحقوق ،األستاذ عليان بوزيان ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق
جامعة ابن خلدون ،تيارت.2015-2014 ،
96
قائمة المصادر و المراجع
فضيلة براهيمي ،المركز القانوني لمجلس المنافسة بين األمرين 03-03وقانون رقم
،12-08مذكرة النيل شهادة الماجستير فرع قانون األعمال األستاذ زوايمية رشيد،
جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية.2010-2009 ،
كريمة زعاتري ،المركز القانوني لسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية
والالسلكية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم
الحقوق جامعة أحمد بوقرة ،بومرداس.2012 /2011 ،
لزهر نوبال ،المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر ،مذكرة لنيل
شهادة الماجستير في القانون اإلداري ،فرع اإلدارة العامة وإقليمية القانون ،تحت
إشراف زهية موسی ،كلية الحقوق
مجدوب قوراري ،سلطات الضبط في المجال اإلقتصادي لجنة تنظيم ومراقبة عمليات
البورصة وسلطة الضبط للبريد والمواصالت نموذجين
مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ،األستاذ عزاوي عبد الرحمان ،كلية
الحقوق ،جامعة أبوبكر بلقايد ،تلمسان.2010 – 2009 ،
موسی رحموني ،الرقابة القضائية على سلطات الضبط المستقلة في التشريع
الجزائري ،مذكرة مكملة النيل درجة الماجستير في العلوم القانونية واإلدارية ،األستاذ
دراجي عبدالقادر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق جامعة الحاج لخضر،
باتنة.2013 - 2012 ،
نادية رابح ،النظام القانوني لسلطات الضبط المستقلة ،مذكرة لنيل درجة الماجستير
في القانون ،فرع القانون العام ،تخصص القانون العام لألعمال ،األستاذ زوايمية
رشيد ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبدالرحمان ميرة ،بجاية.2012 ،
وليد بوجملين ،سلطات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري ،رسالة لنيل شهادة
الماجستير في الحقوق ،الغوتي سعاد ،فرع الدولة والمؤسسات العمومية ،كلية الحقوق
والعلوم اإلدارية ،جامعة الجزائر.2007-2006 ،
المقاالت العلمية :
أحسن غربي " ،نسبية اإلستقاللية الوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة " ،مجلة
البحوث والدراسات اإلنسانية ،عدد ،11جامعة 20أوت ،1955سكيكدة.2015 ،
إلهام خرشي " ،تمكين الحقوق في ظل السلطات اإلدارية المستقلة -النموذج
الفرنسي -دراسات قانونية " ،مركز البصيرة للبحوث واإلستشارات والخدمات
التعليمية ،الجزائر ،العدد ،09نوفمبر .2010
97
قائمة المصادر و المراجع
" سلطات الضبط المستقلة ودورها في إستقرار التشريع والتنظيم، سمير حدري
.2010 ،40 العدد، مجلة اإلدارة،"المتعلق باإلستثمار
:الملتقيات
في شرعية سلطات: دراسة نقدية في سلطات الضبط المستقلة، زاينة أيت وازو-1
الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال،الضبط المستقلة
،2007 ماي24 و23 ، بجاية، جامعة عبدالرحمان ميرة،اإلقتصادي والمالي
خالصة المداخالت المقدمة في الملتقى
الملتقى الوطني حول، السلطات اإلدارية المستقلة وإشكالية اإلستقاللية، سمير حدري-2
، جامعة عبدالرحمان ميرة،سلطات الضبط المستقلة في المجال اإلقتصادي والمالي
خالصة المداخالت المقدمة في الملتقى،2007 ماي24 و23 ،بجاية
: محاضرات
ألقيت على طلبة سنة ثانية، محاضرات في قانون الضبط اإلقتصادي، نور الدين بري-
جامعة عبد الرحمان، كلية الحقوق والعلوم السياسية، تخصص قانون أعمال،ماستر
.2016-2015 ، بجاية،ميرة
:ثالثا – المراجع باللغة الفرنسية
A-Les ouvrages :
1-Bertand de marais : droit public de la régulation économique ,dalloz
et presses de sciences, paris,2004. 2- TEITGEN-COLLY Cathrine ,
Les autorités administratives indépendantes : histoire d'une institution,
in COLLIARD Claude Albert et TIMSIT Gérard, (sous la direction)
les autorités administratives indépendantes , PUF, Paris, 1988
3 - ZOUAIMIA Rachid : les autorités administratives indépendantes
et la règulation économique en Algérie , édition Houma , Alger , 2005.
B-Les Articles :
1- Brisson J.F, Les pouvoirs de sanction des autorities de règulation, le
voie d'une juridictionnalisateur sur le site internet: www.gip -
recherche - justice.fr
2- Jacques chevallier : la regulation juridique en question , revue droit
et sociétè , n 49/2001 .http//www, reds.msh ,paris.
3 -Jeans yves chèrots:droite public economique .economica.2002 .
98
قائمة المصادر و المراجع
99
اإلهداء
شكر وتقدير
مقدمة 5 ....................................................................................................
الفصل األول :اإلطار المفاهيمي للضبط اإلقتصادي13...............................................
المبحث األول :ماهية الضبط اإلقتصادي15...........................................................
المطلب األول :مفهوم الضبط اإلقتصادي15....................................... .......
الفرع األول :تعريف الضبط اإلقتصادي 15.........................................................
-أوال :التعريف اللغوي لمصطلح الضبط 16.................................................
-ثانيا :التعريف الفقهي لمصطلح ضبط 17...................................................
-ثالثا :التعريف التشريعي لمصطلح الضبط18...............................................
الفرع الثاني :خصائص الضبط اإلقتصادي19 .......................................................
-أوال :خاصية الحياد والموضوعية 19........................................................
-ثانيا :توفير الضبط لحماية أكثر فعالية20....................................................
المطلب الثاني :تطور الضبط اإلقتصادي 21.............................................
الفرع األول :تطور الضبط اإلقتصادي في الدول الغربية 21.....................................
-أوال :التطور في الواليات المتحدة األمريكية 21...........................................
-ثانيا :التطور في بريطانيا22...................................................................
-ثالثا :التطور في فرنسا23.......................................................................
الفرع الثاني :تطور الضبط اإلقتصادي في الجزائر 24 .........................................
المبحث الثاني :اإلطار المؤسساتي للضبط اإلقتصادي29 .........................................
المطلب األول :الطبيعة القانونية لسلطات الضبط اإلقتصادي 29 .....................
الفرع األول :الطابع السلطوي 30 ...................................................................
-أوال :سلطة إصدار القرارات اإلدارية الفردية31..........................................
-ثانيا :سلطة رقابة النشاطات اإلقتصادية 32................................................
-ثالثا :سلطة توقيع العقوبات 32...............................................................
الفرع الثاني :الطابع الضبطي 33....................................................................
الفرع الثالث :الطابع اإلستقاللي 36 ...................................................................
-أوال :اإلستقاللية العضوية 37.................................................................
.1تركيبة بشرية جماعية دون تعددية 37......................................................
.2إحتكار السلطة التنفيذية الصالحية اإلقتراح و تعيين األعضاء 38......................
100
.3النظام القانوني األعضاء لألعضاء المسيرين لسلطات الضبط المستقلة38......... ...
ثانيا :اإلستقاللية الوظيفية .39..................................................................
المطلب الثاني :إختصاصات سلطات الضبط اإلقتصادي 41 ..........................
الفرع األول :اإلختصاص التنظيمي 41......... ....................................................
-أوال :المقصود باإلختصاص التنظيمي لسلطات الضبط اإلقتصادي42...............
-ثانيا :صور ممارسة سلطات الضبط اإلقتصادي لإلختصاص التنظيمي 42..........
.1مساهمة السلطات الضبط اإلقتصادي لإلختصاص التنظيمي 42....................
أ .المساهمة في اإلختصاص التنظيمي عن طريق اإلستشارة43..................
ب .سلطة تقديم اإلقتراحات والتوصيات 43............................................
ت .المساهمة في إعداد التنظيمات التطبيقية 44........................................
.2اإلختصاص التنظيمي عن طريق المساهمة 44......................................
الفرع الثاني :اإلختصاص الرقابي 45................................................................
-أوال :تعريف الرقابة45........................................................................
-ثانيا :مجاالت ممارسة اإلختصاص التنظيمي46...........................................
.1الرقابة السابقة لإللتحاق بالمهنة 46.....................................................
.2الرقابة الالحقة للسوق 47.................................................................
الفرع الثالث :اإلختصاص التحكيمي 48............................................................
-أوال :تعريف التحكيم48..................................................................... .
-ثانيا :ممارسة سلطات الضبط اإلقتصادي لإلختصاص التحكيمي49..................
الفرع الرابع :اإلختصاص العقابي 50 ..............................................................
-أوال :تعريف العقوبة 51......................................................................
-ثانيا :أنواع العقوبات المقررة من طرف سلطات الضبط 51...........................
.1العقوبات المالية .51.......................................................................
.2العقوبات غير المالية 52..................................................................
101
الفرع الثاني :مظاهر ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت للسلطة 59 ...................
-أوال :سلطة إصدار قرارات إدارية59........................................................
-ثانيا :سلطة رقابة نشاطات إستغالل قطاعي البريد والمواصالت60...................
-ثالثا :سلطة توقيع العقوبات60................................................................
المطلب الثاني :الطابع اإلداري لسلطة ضبط البريد والمواصالت 61................
الفرع األول :المعيار الشكلي 61.......................................................................
-أوال :تركيبة بشرية جماعية دون تعددية 61...............................................
-ثانيا :اإلجراءات المتبعة أمام سلطة ضبط البريد والمواصالت62....................
الفرع الثاني :المعيار المادي 62.......................................................................
الفرع الثالث :معيار منازعات سلطة ضبط البريد والمواصالت 63 ...........................
المطلب الثالث :الطابع اإلستقاللي لسلطة ضبط البريد والمواصالت63..............
الفرع األول :اإلستقاللية العضوية لسلطة ضبط البريد والمواصالت 64 .....................
-أوال :التركيبة البشرية لسلطة ضبط البريد والمواصالت64............................
-ثانيا :أسلوب تعيين أعضاء سلطة ضبط البريد والمواصالت65......................
-ثالثا :النظام القانوني الخاص بأعضاء مجلس اإلدارة65................................
الفرع الثاني :اإلستقاللية الوظيفية لسلطة ضبط البريد والمواصالت 66.....................
-أوال :اإلستقالل المالي 67.....................................................................
-ثانيا :األهلية القانونية لسلطة ضبط البريد والمواصالت67.............................
-ثالثا :موطن لسلطة ضبط البريد والمواصالت67........................................
-رابعا :وجود نائب يعبر عن إرادة سلطة ضبط البريد والمواصالت67..............
-خامسا :أهلية سلطة ضبط البريد والمواصالت في التقاضي68.......................
-سادسا :تمتع سلطة ضبط البريد والمواصالت بإمتيازات السلطة العامة68.........
-سابعا :أموال سلطة ضبط البريد والمواصالت أموال عمومية68.....................
-ثامنا :موظفي سلطة ضبط البريد والمواصالت موظفون عموميون69.............
المبحث الثاني :إختصاصات سلطة ضبط البريد والمواصالت70............................
المطلب األول :سلطات ذات طابع إداري 70..........................................
الفرع األول :السلطة التنظيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت70 ........................
-أوال -اإلستشارة اإلجبارية 71.............................................................
-ثانيا -اإلستشارة اإلختيارية 71............................................................
الفرع الثاني :السلطة الشبة تنظيمي لسلطة ضبط البريد والمواصالت 72..................
-أوال :سلطة رقابة الدخول إلى السوق72..................................................
.1نظام الرخصة72............................................................................
.2نظام الترخيص 72............................................................................
102
.3نظام التصريح البسيط74................................................................. .
.4نظام اإلعتماد74............................................................................ .
-ثانيا :سلطة مراقبة السوق وسير المنافسة75......................................... .
.1المعلومات العامة الواجب تقديمها 75.....................................................
.2إجراء التحقيقات76........................................................................ .
.3التقرير السنوي76...........................................................................
الفرع الثالث :السلطات التحكيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت77 .....................
-أوال :الشروط المتعلقة بموضوع النزاع77..............................................
-ثانيا :الشروط المتعلقة بأطراف النزاع79.............................................. .
المطلب الثاني :إختصاصات ذات طابع جزائي79...................................
الفرع األول :شروط ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت السلطة العقاب80........
-أوال :أال تكون الجزاءات سالبة للحرية80................................................
-ثانيا :خضوع سلطة العقاب لذات المبادئ العقابية الدستورية80.....................
الفرع الثاني :توقيع سلطة ضبط البريد والمواصالت للعقوبات اإلدارية82 ...............
خالصة الفصل الثاني84 ...........................................................................
خاتمة 85 .............................................................................................
الملخص باللغة العربية 90................ ............................ ............................
الملخص باللغة الفرنسية91.........................................................................
قائمة المصادر و المراجع 92.......................................................................
الفهرس
103
104