You are on page 1of 104

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬

‫الشعبية‬
‫وزارة التعليم العالي و البحث‬
‫العلمي‬
‫جامعة محمد البشير اإلبراهيمي –‬
‫برج بوعريريج ‪-‬‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬
‫مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق – تخصص‪ :‬قانون أعمال ‪-‬‬
‫الموضوع‪:‬‬

‫آليات الضبط االقتصادي في التشريع‬


‫الجزائري‬

‫إشراف الدكتور(ة)‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين ‪:‬‬


‫‪ ‬أمين نجار‬ ‫‪ ‬تناح الزهرة‬
‫‪ ‬فرحاتي نجمة‬

‫الرتبة‬ ‫الدرجة العلمية‬ ‫االسم و اللقب‬


‫رئيسا‬ ‫استاذ محاضر ب‬ ‫بكيس عبد الحفيظ‬
‫مشرفا‬ ‫استاذ مساعد ب‬ ‫امين نجار‬
‫ممتحنا‬ ‫استاذ مساعد ب‬ ‫حمودي سميرة‬

‫جامعية‪2020/2019‬‬
‫الشكر الجزيل و الحمد الكثير هلل العلي القدير الذي وفقنا‬
‫و أعاننا على إتمام هذا العمل‬

‫يسعدنا أن نتقدم بالشكر الجزيل لألستاذ المشرف "أمين نجار"‪ ،‬و الذي لم يبخل‬
‫علينا بتوجيهاته القيمة بمساعدته لنا منذ البداية إلى النهاية فكان نعم األستاذ و نعم‬
‫الناصح و قد منحنا وقته وصبره و أحاطنا بمالحظاته القيمة‪ ،‬فرغم انشغاله و‬
‫التزاماته الكثيرة فقد قبل اإلشراف على هذا العمل و مراجعته مع تقديمه‬
‫المالحظات القيمة التي أنارت لنا طريق البحث و التقصي فله كل عبارات الشكر‬
‫و التقدير‪،‬عرفانا منا بالجميل‪.‬‬
‫و أرجو من هللا سبحانه و تعالى أن يجعله في ميزان حسناته‬
‫كما نتقدم بجزيل الشكر إلى لجنة المناقشة التي رضيت أن تمنحنا القليل من وقتها‬
‫الثمين‪ ،‬حرصا منها على تقيم مجهوداتنا‪ ،‬فلها كل الشكر و التقدير و العرفان‪.‬‬
‫كما ال يفوتنا أن نتقدم بالشكر الجزيل إلى كل أساتذة تخصص قانون األعمال و إلى‬
‫كل طلبة الماستر دفعة ‪.2020/2019‬‬
‫إلهي ال يطيب الليل إال بشكرك و ال يطيب النهار إال بطاعتك‪...‬‬
‫و ال تطيب اللحظات إال بذكر ‪ ..‬و ال تطيب الجنة إال برؤية هللا جل جالله‬
‫إال من بلغ الرسالة و أدى األمانة‪ ...‬و نصح األمة‪ ...‬إلى نبي الرحمة و نور‬
‫العالمين سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫أهدي ثمرة عملي إلى التي رآني قلبها قبل عينها‪ ...‬و حضنتني أحشاؤها قبل‬
‫يديها‪ ...‬إلى التي رفع هللا من مقامها و جعل الجنة تحت أقدامها‪ ،‬إلى التي‬
‫غمرتني بعطفها و حنانها و حبها‪ ...‬صاحبة القلب الواسع سعة البحر‪،‬‬
‫صاحبة الفضل عليا " أمي الحنون " أطال هللا في عمرها و حفظها لنا‪.‬‬
‫إلى أعظم الرجال صبرا و رمز الحب و العطاء‪ ،‬إلى الذي تعب كثيرا من اجل‬
‫راحتي و أفنى حياته من اجل تعليمي و توسم في درجات العلى و السمو‬
‫إلى والدي العزيز‪.‬‬
‫إلى كل إخوتي و أخواتي‬
‫و إلى كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاز هذا البحث‪.‬‬
‫تناح الزهرة‬
‫تعلمت من الدنيا أن الحياة الم يخفيه أمل و أمل يحققه عمل و عمل ينهيه‬
‫أجل و بعد ذلك يجازي المرء بنا فعل و من هنا اهدي ثمرة جهدي المتواضع‬
‫إلى‪:‬‬

‫‪ ‬من وضع هللا الجنة تحت أقدامها إلى من حملتني و هنا على وهن إلى‬
‫من غمرتني بحنانها إلى من يعجز اللسان عن ذكر فضلها إلى من‬
‫أتحسس رضاها مع كل صالة و أرجو دعواتها إلى منبع الحب و‬
‫التضحية مثلي األسمى " أمي الحبيبة " أطال هللا في عمرها ‪.‬‬
‫‪ ‬إلى رمز الهيبة و الوقار و احمل اسمه بكل افتخار و من أحاطني‬
‫بعطفه إلى أعز من في الوجود " أبي أطال هللا في عمره "‪.‬‬
‫‪ ‬إلى كل من درسني و علمني‪ ،‬و كان سندا لي في مشواري التعليمي‪.‬‬

‫فرحاتي نجمة‬
‫أ‬
‫مقدمة‬

‫إن الجزائر بعد فشل النظام السابق القائم على إحتكار الدولة لمعظم النشاطات‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬وانعدام روح المبادرة الفردية‪ ،‬شهد النظام اإلقتصادي الجزائري إصالحات‬
‫عميقة تهدف إلى مسايرة وتنشيط عملية اإلندماج في الحركية اإلقتصادية اإلقليمية والعالمية‪،‬‬
‫وتبني إصالحات إقتصادية عديدة بفتح المجال أمام المبادرة الخاصة واعتماد مبدأ المنافسة‬
‫الحرة كمبدأ أساسي لتنظيم الحياة اإلقتصادية‪ ،‬وكذا التفكير في وضع ميكانيزمات وقواعد‬
‫جديدة ذات طابع ليبرالي لضبط النشاط اإلقتصادي‪.‬‬

‫فتم التفكير في اإلنتقال من الدولة المسيطرة إلى الدولة الضابطة‪ ،‬وذلك بالتخلي عن فكرة‬
‫التسيير اإلداري الممركز للسوق‪ ،‬واإلنسحاب التدريجي من الحقل اإلقتصادي‪ ،‬وإحالة عملية‬
‫تنظيم النشاط االقتصادي المبادئ وقواعد سوق تتسم بالمرونة‪ ،‬إلى جانب إيجاد نظم قانونية‬
‫تتماشى والتغيرات الداخلية والعالمية الجديدة‪.‬‬

‫حيث أن أساس كل إصالح مهما كان شكله ينطلق من إعادة النظر في جملة من القوانين‬
‫تضمن تحقيق التغيرات المرجوة‪ ،‬وقد تجسدت بداية في القانون رقم ‪ 01-88‬المؤرخ في ‪12‬‬
‫الذي يعتبر نقطة تحول‬ ‫‪1‬‬
‫جانفي ‪ 1988‬المتعلق بتوجيه المؤسسات العمومية اإلقتصادية‬
‫جذري للنظام اإلقتصادي الجزائري من اإلقتصاد المخطط إلى اإلقتصاد الحر‪.‬‬

‫وفي نفس السياق سنت الجزائر القانون رقم ‪ 12-89‬المؤرخ في ‪ 5‬جويلية ‪1989‬‬
‫المتعلق باألسعار ‪ ،2‬والذي هدف إلى تحرير األسعار من الرقابة اإلدارية للدولة‪ ،‬خاصة بعد‬
‫إرساء قانون المنافسة سنة ‪ ،31995‬وتكريس مبدأ حرية الصناعة والتجارة الذي تم النص‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 01-88‬المؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ 1988‬المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية اإلقتصادية‪ ،‬ج ر‪،‬‬
‫عدد ‪ ،2‬صادرة في ‪ 13‬يناير ‪1988‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 12-89‬المؤرخ في ‪ 05‬جويلية ‪ 1988‬يتعلق باألسعار‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،29‬صادرة بتاريخ ‪ 19‬جويلية ‪.1988‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪ 06-95‬المؤرخ في ‪ 25‬جانفي ‪ ،1995‬يتعلق بمجلس المنافسة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،9‬صادرة في ‪ 22‬فيفري ‪1995‬‬
‫ملغی بموجب األمر رقم ‪ 03-03‬المؤرخ في ‪ 19‬يوليو ‪ 2003‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،43‬صادرة في ‪ 20‬جويلية‬
‫‪ ،2003‬معدل ومتمم بالقانون رقم ‪ 12 - 08‬المؤرخ في ‪ 25‬يونيو ‪ ،2008‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،36‬صادرة في ‪ 2‬يوليو ‪،2008‬‬
‫معدل ومتمم بالقانون رقم ‪ 05 - 10‬المؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،2010‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،46‬صادرة في ‪ 18‬أوت ‪.2010‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫عليه صراحة في أحكام المادة ‪ 37‬من دستور ‪ ،19961‬وبذلك تحولت الجزائر من الدولة "‬
‫الكل " المحتكر الوحيد لوظائف اإلستغالل والتسيير والرقابة المكرسة في النظام اإلشتراكي‪،‬‬
‫إلى الدولة " األقل " وهو إنتقال عززه دستور ‪ 1996‬الذي أقر مبدأين هامين‪ ،‬يتمثل األول‬
‫في حرية الصناعة والتجارة‪ ،‬أما الثاني فيتمثل في حماية الملكية الخاصة وهما مبدآن يشكالن‬
‫روح وركيزة النظام الليبرالي لما يسمحان به من تحرير للمبادرة الفردية‪.‬‬

‫هذا التوجه الجديد ترتب عليه إنسحاب الدولة من الحقل اإلقتصادي‪ ،‬وتغيير دورها من‬
‫دولة متدخلة إلى دولة ضابطة‪ ،‬وبالنتيجة ظهر ما يعرف " بالضبط اإلقتصادي "‪ ،‬هذا‬
‫األخير تطلب تعويض اإلدارة التقليدية التي يخول لها مهام التنظيم والرقابة على القطاعات‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬بهيئات غير معهودة في التقسيمات التقليدية لنظرية التنظيم اإلداري والمعروفة‬
‫" بسلطات الضبط المستقلة "‪ ،‬والتي تختص كل منها بضبط نشاط إقتصادي معين بعيدا عن‬
‫أي دور للدولة‪.‬‬

‫وتبعا لذلك فقد شهدت العشرية األخيرة ظهور متوالي ومكثف لهذه الهيئات يعكس‬
‫بوضوح جنوح المشرع الجزائري بهذا الصنف المؤسساتي الجديد في محاولة منه للبحث‬
‫عن بدائل يكرس بها الحياد والشفافية في قطاعات هامة بدءا بالقطاع المالي‪ ،‬بما يتضمنه من‬
‫قطاع البنوك والتأمينات والبورصة‪ ،‬وصوال القطاعات تضم مرافق قاعدية شبكاتية‬
‫كاإلتصاالت والطاقة والمناجم والنقل والمياه‪ ،‬مرورا بمجاالت ذات طابع إجتماعي تكون‬
‫فيها الحريات اإلجتماعية مهددة بفعل اإلنفتاح منها قطاعي الصحافة واإلعالم‪.‬‬

‫هذا التغيير عکس حركة تشريعية واسعة في محاولة لإلستجابة لمعطيات داخلية‬
‫وخارجية تجسد تصورا جديدا لدولة نامية تحت تأثير العولمة‪.‬‬

‫إن دراسة موضوع آليات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري‪ ،‬يكتسي أهمية بالغة‬
‫في التشريع الجزائري‪ ،‬وهذا نظرا للمرحلة االنتقالية التي يشهدها اإلقتصاد الوطني في‬

‫‪ 1‬دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬منشور بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 438 - 96‬المؤرخ في ‪ 7‬ديسمبر ‪ ،1996‬ج ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،76‬صادرة في ‪ 8‬ديسمبر ‪.1996‬‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫رحلته نحو ما يسمى بإقتصاد السوق‪ ،‬كما أن أهمية هذا الموضوع تكمن في أنه يضع إشكالية‬
‫الدور االقتصادي الجديد للدولة تحت المجهر‪ ،‬وهي اإلشكالية التي يكاد يجزم كل باحث‬
‫بصعوبتها وتعقيداتها‪ ،‬ألنها تسلط الضوء على عالقة تفاعلية معقدة بين ثالوث الدولة‬
‫واإلقتصاد والقانون‪.‬‬

‫ولهذا فإختيارنا لهذا الموضوع لم يكن عشوائيا‪ ،‬وإنما لوجود مبررات موضوعية تمثلت‬
‫على الخصوص في اإلصالحات اإلقتصادية التي باشرتها الجزائر والتي أدت إلى إنسحاب‬
‫الدولة من الحقل اإلقتصادي‪ ،‬أثارت مجموعة من اإلشكاليات السيما على الصعيد التطبيقي‪،‬‬
‫من أهمها إشكالية الضبط من خالل المنظور اإلقتصادي والمنظور القانوني‪ ،‬إلى جانب‬
‫إشكالية المنظومة المؤسساتية الجديدة للدولة وإدراج سلطات للضبط اإلقتصادي والمالي‬
‫وكيفية ممارستها لوظائفها‪ ،‬كل هذه اإلشكاالت كانت تبحث عن إجابات وافية حتى يمكن من‬
‫خاللها تحديد فعالية اإلصالحات التي قامت وتقوم بها الدولة في سبيل النهوض باالقتصاد‬
‫الوطني‪ .‬أما مبرراتي الذاتية تمثلت أساسا في ميل شخصية الطالب الباحث إلى مثل هذه‬
‫المواضيع للبحث فيها عما سواها من المواضيع‪.‬‬

‫إن موضوع مذكرتنا يثير العديد من اإلشكاالت نظرا لحداثته من جهة وأهميته من جهة‬
‫أخرى سواء على مستوى النظام القانوني أو المؤسساتي‪ ،‬وهذا ما يدفعنا لطرح اإلشكالية‬
‫التالية‪:‬‬

‫ما مفهوم الضبط اإلقتصادي؟ وماهو اإلطار المؤسساتي لممارسته؟ وباعتبار أن الضبط‬
‫اإلقتصادي يتضمن اإلشراف على النشاطات اإلقتصادية‪ ،‬فكيف نظمه المشرع الجزائري في‬
‫قطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية بوصفه قطاع إستراتيجي في الدولة؟‬

‫إن هذه الدراسة تهدف على الخصوص إلى‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد مدى فعالية آليات الضبط االقتصادي والمالي ونجاحها في تأطير السوق‪ ،‬وهل‬
‫التطبيقي‬ ‫بالجوانب‬ ‫أو‬ ‫القانونية‬ ‫بالنصوص‬ ‫مرهونة‬ ‫الفعالية‬ ‫هذه‬

‫د‬
‫مقدمة‬

‫‪ ‬فيما يخص الوظيفة الضبطية‪ ،‬فقد تم تحويلها لصالح هيئات الضبط المستقلة‪ ،‬حيث‬
‫شهدت العديد من القطاعات إنشاء هيئات جديدة في القانون الجزائري تتمتع بنظام‬
‫قانوني خاص وهي هيئات تنوب عن الدولة في ممارسة وظائفها الضبطية والرقابية‬
‫الجديدة‪ .‬هذه الظاهرة القانونية الجديدة في القانون الجزائري جديرة بالبحث والدراسة‬
‫والتأصيل‪ .‬وبالنظر إلتساع رقعة هذه السلطات حيث بلغ عددها ‪ 18‬سلطة ضبط‪ ،‬فإن‬
‫مجال الدارسة سيقتصر على عينة واحدة منها مكلفة بالضبط القطاع البريد‬
‫والمواصالت السلكية والالسلكية وهي سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪.‬‬

‫ومن أجل إعداد هذا البحث تم الوقوف على بعض الدراسات السابقة التي لها عالقة بهذا‬
‫الموضوع والتي ساعدتنا كثيرا وكانت مرجعا مهما نذكر منها على سبيل المثال‪:‬‬

‫‪ -‬اآلليات القانون لضبط النشاط اإلقتصادي في الجزائر‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه‬
‫العلوم في الحقوق المنصور داود‪ ،‬حيث تطرق هذا الباحث في رسالته لفكرتين رئيسيتين‬
‫تمثلت األولى في ضبط النشاط اإلقتصادي من المنظور اإلقتصادي والقانوني من خالل‬
‫البحث في المنظومة المؤسساتية الجديدة " سلطات الضبط اإلقتصادي " كشكل من أشكال‬
‫التدخل العمومي ‪ ،‬أما الفكرة الثانية فتمثلت في الممارسة القانونية لهذا الضبط من خالل‬
‫التطرق للوظائف الضبطية القمعية والوظائف الضبطية غير القمعية لهذه السلطات مع مدي‬
‫خضوعها لرقابة القضائية‬

‫‪ -‬سلطات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق‬
‫لبوجملين وليد‪ ،‬حيث تطرق هذا الباحث في مذكرته لطبيعة المعالجة القانونية التي قدمها‬
‫المشرع الجزائري لسلطات الضبط المستقلة‪ ،‬باإلضافة لتحليله الجوانب العضوية والوظيفية‬
‫المتعلقة بإستقالليتها‪ ،‬وكذا تحليله لحجم وطبيعة الصالحيات المخولة لهذه السلطات‪.‬‬

‫‪ -‬سلطات الضبط في المجال اإلقتصادي ‪ -‬لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة‬
‫الضبط للبريد والمواصالت نموذجين ‪ -‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‬

‫هـ‬
‫مقدمة‬

‫لقوراري مجدوب‪ .‬حيث تطرق هذا الباحث في مذكرته لإلطار القانوني لسلطات الضبط في‬
‫المجال اإلقتصادي من خالل وقوفه على ماهيتها وكذا نظامها القانوني‪ ،‬وكذا اإلختصاصات‬
‫والصالحيات المخولة لها من خالل تطرقه إلختصاصات لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها وصالحيات سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ - .‬السلطات‬
‫اإلدارية المستقلة في الجزائر‪ ،‬دراسة حالة‪ :‬سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام لمداسي خموسة‪ ،.‬وقد تطرقت هذه‬
‫الباحثة في مذكرتها عن أسباب إعتماد المشرع الجزائري لسلطات اإلدارية المستقلة في‬
‫القانون الجزائري ‪ ،‬وكذا الطبيعة القانونية السلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية والمهام الموكلة لها‪.‬‬

‫‪ -‬المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫القانون اإلداري النوبال لزهر‪ ،‬حيث تطرق هذا الباحث في مذكرته لطبيعة القانونية للجنة‬
‫ضبط الكهرباء والغاز التي يحددها المشرع الجزائري صراحة‪ ،‬وكذا مدى إستقالليتها عن‬
‫السلطة التنفيذية بموجب قانون رقم ‪02 /01‬‬

‫إن البحث في موضوع آليات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري صاحبه عدة‬
‫صعوبات وعوائق‪ ،‬أهمها ندرة الكتابات الوطنية خاصة المتخصصة منها‪ ،‬و قلة أو عدم‬
‫استعمال المؤلفات الورقية بسبب وباء كورونا‪ ،‬نظرا لحداثة الموضوع نسبيا‪ ،‬وتسارع‬
‫التعديالت التي تحدث كل حين‪ ،‬وهو ما يضطر أي باحث في الكثير من األحيان إلى‬
‫اإلستنجاد بالتجارب األخرى خاصة الفرنسية منها‪ ،‬بإعتبار أنها قطعت أشواطا كبيرة في هذا‬
‫المجال من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى قد شكلت المرجعية األصلية لهذه الدراسات‪ .‬غير أن هذا‬
‫التأثر البالغ بالفقه األوربي وخاصة الفرنسي منه‪ ،‬نتج عنه غياب في كثير من األحيان ربط‬
‫موضوع ال ضبط وسلطات الضبط المستقلة في الجزائر باإلعتبارات السياسية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية السائدة في الدولة والتي مهدت إلى تغيير دور الدور من متدخلة إلى ضابطة‪،‬‬
‫وهي أكيد ليست مماثلة لتلك السائدة في البلدان الغربية‪.‬‬

‫و‬
‫مقدمة‬

‫ولإلجابة على إشكا لية البحث إستوجبت اإلعتماد على المنهج التحليلي الذي يتالءم مع‬
‫دراستنا لما يتوفر عليه من مزايا‪ ،‬حيث بواسطته نستطيع القيام بدراسة وتحليل النصوص‬

‫و‬
‫مقدمة‬

‫القانونية وفهم فحواها‪ ،‬باإلضافة إلى المنهج الوصفي الذي بواسطته نقدم صورة واضحة‬
‫المعالم عن الموضوع وتبيان صفاته وخصائصه‪ ،‬كذلك المنهج التاريخي الذي من خالله‬
‫نسلط الضوء على التطور التاريخي للضبط اإلقتصادي في الفقه المقارن ثم في التشريع‬
‫الجزائري‪ ،‬واإلستعانة بمناهج البحث األخرى كلما إقتضت الضرورة لذلك‪.‬‬

‫ونتيجة لذلك فقد تم تقسيم هذا البحث إلى فصلين‪ ،‬نتناول في الفصل األول اإلطار‬
‫المفاهيمي للضبط اإلقتصادي من خالل تحديد ماهيته وإطاره المؤسساتي‪ ،‬أما الفصل الثاني‬
‫فخصصناه لعينة من سلطات الضبط المستقلة وبالتحديد المكلفة بالضبط قطاع البريد‬
‫واإلتصاالت السلكية والالسلكية وهي سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‬
‫كنموذج مع تحديد صالحيتها‪.‬‬

‫ي‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫اإلطار المفاهيمي‬
‫للضبط اإلقتصادي‬

‫‪13‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أدى التطور المتزايد للقنوات اإلقتصادية في ظل إقتصاد الحر‪ ،‬والتحوالت التكنولوجية‪،‬‬


‫وضغوطات المجموعات اإلقتصادية بفعل العولمة‪ ،‬وحماية المصالح الإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية إلى حتمية تغيير أسلوب تدخل الدولة الرئيسي عن طريق التنظيم‪ ،‬حيث لم يعد‬
‫باإلمكان أن تستمر هذه األخيرة في دورها السابق كدولة منتجة لألموال اإلقتصادية وكمسيرة‬
‫للقطاعات الكبري‪ ،‬بسبب فقدانها السيطرة على أدوات التدخل اإلقتصادي‪ ،‬أدى ذلك إلى‬
‫ظهور أسلوب جديد للتدخل يتمثل في "الضبط" الذي يتضمن اإلشراف على القطاعات‬
‫اإلقتصادية من خالل وضع بعض القواعد وتنفيذها بكيفيات مختلفة تتميز بالمرونة والسرعة‬
‫والفعالية‪ ،‬باإلضافة إلى التخلي عن فكرة التسيير اإلداري المركزي للسوق‪ ،‬وإنسحاب الدولة‬
‫تدريجيا من الحقل اإلقتصادي ( المبحث األول )‪.‬‬

‫غير أن هذا اإلنسحاب وإزالة التنظيم ال يعني عدم تدخل الدولة في الحقل االقتصادي الذي‬
‫صاحبه إستحداث آليات جديدة غير شبيهة باإلدارات الكالسيكية والمتمثلة في سلطات الضبط‬
‫المستقلة‪ ،‬هي إستجابة قانونية لسياق إقتصادي جديد يتعلق باإلنتقال من اإلحتكار العمومي‬
‫إلى المنافسة وحرية السوق‪ ،‬وتحت غطاء الفعالية فقد منحها المشرع الجزائري سلطات‬
‫وصالحيات متنوعية ومختلفة عن تلك الممنوحة للهيئات اإلدارية التقليدية‪ ،‬وهذا المدى‬
‫الواسع من الصالحيات يتفق مع روح الضبط اإلقتصادي‪ ،‬الذي يقتضي ضرورة تزويد‬
‫الضابط بكل السلطات الممكنة ليمارس مهامه على الوجه المطلوب ( المبحث الثاني )‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬

‫ماهية الضبط اإلقتصادي‪:‬‬

‫يشكل الضبط فكرة جديدة مثل فكرة الحكم الرشيد وتوزيع اإلختصاص‪ ،‬والتي انتشرت‬
‫بشكل واسع منذ ثمانينات القرن الماضي من أجل وصف التحوالت العميقة التي ظهرت‬
‫آنذاك‪ ،‬والتي إنفلتت عن الفئات المألوفة للقانون‪ ،‬لذا تستوجب هذه الدراسة قبل الخوض في‬
‫مضمونه وآلياته تحديد مفهومه ( المطلب األول )‪ ،‬وكذا تطوره التاريخي في الدول الغربية‬
‫ثم في الجزائر ( المطلب الثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫مفهوم الضبط اإلقتصادي‪:‬‬

‫يعتبر الضبط مفهوم جديد في العلوم القانونية‪ ،‬وهو ال يحظى بمعرفة كافية من قبل‬
‫القانونيين رغم أهميته في نظرية القانون فهو يعبر عن القانون ما بعد الحداثة‪ ،‬كما ال يحظى‬
‫بتعريف موحد ومنسجم رغم عديد األعمال والدراسات الموجودة في هذا المجال‪ ،‬هذا األمر‬
‫يدفعنا للبحث عن تعريفه ( الفرع األول )‪ ،‬وكذا خصائصه ( الفرع الثاني )‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬

‫تعريف الضبط اإلقتصادي‪:‬‬

‫نظرا لحداثة مصطلح الضبط فقد تعددت التعريفات المقدمة حوله وإختلفت‪ ،‬ومن أجل‬
‫الوصول لفهم حقيقي لهذا المصطلح تطلب منها األمر تقديم تعريف لغوي له (أوال)‪ ،‬ثم تقديم‬
‫تعاريف فقهية مختلفة حوله (ثانيا)‪ ،‬تم تعاريف التشريعية له التي منها التشريع الجزائري‬
‫(ثالثا)‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اوال‪ :‬التعريف اللغوي لمصطلح الضبط‬

‫الضبط هو مصطلح انجليزي ‪ regulation‬من الفعل ‪ to regulate‬وهو يرادف معنيين‪:1‬‬


‫المعنى األول‪ :‬رقابة أو محافظة على سرعة آله أو مسار‪ .‬المعنى الثاني‪ :‬الرقابة عن طريق‬
‫مجموعة من القواعد‪.‬‬

‫أما عن كلمة ‪ regulation‬فتعني في القاموس اإلنجليزي معنيين كذلك‪:2‬‬

‫المعنى األول‪ :‬قاعدة أو تعليمة توضع وتحفظها من طرف السلطة‪.‬‬

‫المعنى الثاني‪ :‬عمل أو مسار ضبطي‪.‬‬

‫ومن خالل هذا التعريف اللغوي نخلص أن مصطلح الضبط يقوم على العناصر التالية ‪:3‬‬

‫الضبط هو عمل رقابي بالدرجة األولى يسعى للحفاظ على وضعية معينة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬الضبط هو عمل مساري‪.‬‬

‫‪ -‬وجود مجموعة من قواعد تحكم هذا المسار تصدر وتحافظ من طرف سلطة‪.‬‬

‫وعادة يترجم المصطلح اإلنجليزي إلى الفرنسية ب ‪ reglementation‬أي تنظيم‪ ،‬وهو‬


‫مصطلح تضييقي ألن التنظيم ال يعني إال بعض األشكال الخاصة للتدخل العمومي‪ .‬أما في‬
‫القاموس الفرنسي فإن كلمة ‪ regulation‬فتعني عمل يهدف إلى تنظيم وحسن وسير نظام‬
‫معين ‪.4‬‬

‫‪ 1‬وليد بوجملين‪ ،‬سلطات الضبط االقتصادي في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق‪ ،‬تحت إشراف‬
‫األستاذة الغوتي سعاد‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر‪ ،2007-2006 ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ 2‬وليد بوجملين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 134‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.135 ،134‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.135‬‬

‫‪16‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف الفقهي لمصطلح الضبط‬

‫الضبط اإلقتصادي هو وليد العلوم اإلقتصادية والعلوم االجتماعية‪ ،‬حيث قدمه مجموعة‬
‫من الباحثين الدوليين على أنه وظيفة سلطة عامة‪ ،‬تهدف إلقامة توافق بين أهداف ذات طبيعة‬
‫إقتصادية واجتماعية في إطار سوق تنافسية‪.1‬‬

‫وقد عرفته‪ M - frison roche‬على أنه " فرع قانوني جديد يعبر عن عالقة جديدة بين‬
‫القانون واإلقتصاد‪ ،‬يضم مجموع من القواعد الخاصة بضبط القطاعات اإلقتصادية التي‬
‫تعجز أن تحقق توازن بنفسها وذلك في إطار تنافسية ‪.2‬‬

‫ويشاطرها في الرأي األستاذ ‪ jean yves cherots‬لكن دون الخوض في تحديد أساس‬
‫هذا الفرع من القانون الجديد ‪.3‬‬

‫أما األستاذ ‪ bertrand de marais‬فيرى بأن الضبط بمنظور القانون العام ال يمكن‬
‫تعريفه بمصطلحات قانونية‪ ،‬بل بمصطلحات سياسية أو إجتماعية سياسية ‪ .4‬ويفهم من هذا‬
‫التعريف بأن مفهوم الضبط يختلف بإختالف العلم الذي يستخدم فيه المصطلح‪.‬‬

‫أما عن األستاذ ‪ didier truchet‬يعني الضبط على أنه تدخل السلطة العامة في السوق‬
‫عن طريق هيئة‪.‬‬

‫أما عن األستاذ ‪ jacques chevallier‬فإنه يقترح معنيين للضبط‪:5‬‬

‫‪ 1‬سليم شيهوب‪ ،‬سلطة الضبط في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫جياللي ليابس سيدي بلعباس‪ ،2009-2008 ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪M.frison roche : Définition de droit de la régulation économique, dalloz, 2004,n2,p128 et‬‬
‫‪129.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jeans yves cherots:droite public economique .economica.2002, p:78‬‬
‫‪4‬‬
‫‪. Bertand de marais : droit public de la règulation économique ,dalloz et presses de sciences,‬‬
‫‪paris‬‬
‫‪,2004, cfp, 482.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Jacques chevallier : la régulation juridique en question , revue droit et sociètè , n 49 / 2001‬‬
‫‪.http‬‬
‫‪//WWW, reds.msh ,paris ,12H 2020/07/24 , , p827.‬‬

‫‪17‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المقصود األول‪ :‬الضبط يقوم على تحليل المعطيات من خاللها يستطيع المجتمع‬ ‫‪-‬‬
‫ضمان المحافظة على تناسقه وتماسكه اإلجتماعي وبقاءه وإستمراره بالرغم من‬
‫التنوع وتعدد المصالح المتواجدة بداخله‪.‬‬

‫‪ -‬المقصود الثاني‪ :‬مفاده على أنه يقوم على تحليل العمليات التحوالتية التي تعرفها‬
‫المجتمعات الحالية‪ ،‬حيث المشاكل المعقدة والمتطورة فيه تفرض اللجوء إلى‬
‫ميكانيزمات أكثر مرونة وذلك لتحقيق الترابط واإلندماج‪.‬‬

‫ومما سبق نقول أنه إذا كان كل تعريف من التعارف السابقة يورد مفهوم الضبط من زاوية‬
‫معينة‪ ،‬فإن من المسلم به أنه ينطوي على دمج عمليات ( وظائف ) منفصلة من وظائف‬
‫اإلدارة المركزية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعريف التشريعي لمصطلح الضبط‬

‫عرفه التشريع الفرنسي في قانون البريد و اإلتصاالت اإللكترونية بتاريخ ‪/ 07 / 2004‬‬


‫‪ 09‬كما يلي‪ " :‬وظيفة الضبط مستقلة إلستغالل شبكات الخدمات واإلتصاالت اإللكترونية‬
‫وهي ممارسة بإسم الدولة من طرف الوزير المكلف باإلتصاالت اإللكترونية وسلطة ضبط‬
‫اإلتصاالت ‪.1"art‬‬

‫ويمكننا اإلشارة إلى أن التشريع األلماني في قانون اإلتصاالت المؤرخ في ‪/ 06 /2004‬‬


‫‪ 22‬في المادة الثانية منه عرف الضبط على أنه " مهمة السلطة العمومية الفيدرالية‪ ،‬يهدف‬
‫إلى تحقيق أهداف محددة بالقانون ويتعلق األمر بالتوفيق بين فرض منافسة فعالة ومشروعة‬
‫وتحقيق بعض أهداف المصلحة العامة"‪.2‬‬

‫أما المشرع الجزائري نجده تعرض لتعريف الضبط ضمن قانون المنافسة بموجب تعديل‬
‫سنة ‪ 2008‬في مادته الثالثة فقرة (ه) على أن‪ " :‬الضبط هو كل إجراء أي كانت طبيعته‬

‫‪- 1‬إلهام خرشي‪ ،‬مقال بعنوان" تمكين الحقوق في ظل السلطات اإلدارية المستقلة ‪ -‬النموذج الفرنسي ‪ -‬دراسات قانونية‪،‬‬
‫مركز البصيرة اللبحوث واإلستشارات والخدمات التعليمية"‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،09‬نوفمبر ‪ ،2010‬ص ‪120‬‬
‫‪ . 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.120‬‬

‫‪18‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫صادر عن هيئة عمومية يهدف بالخصوص إلى تدعيم وضمان توازن قوى السوق‪ ،‬وحرية‬
‫المنافسة ورفع القيود التي بإمكانها عرقلة الدخول إليها وسيرها المرن‪ ،‬وكذا السماح بالتوزيع‬
‫اإلقتصادي األمثل لموارد السوق بين مختلف أعوانها وذلك طبقا ألحكام هذا األمر "‪.1‬‬

‫وهنا نشير‪ ،‬على الرغم من أن المشرع الجزائري قد تعرض لتعريف الضبط في قانون‬
‫المنافسة فإن بعض الفقهاء الفرنسيين يعتبرون أن الضبط اإلقتصادي ال يقارن بمسألة حماية‬
‫المنافسة ألن كالهما ليس لهما نفس األهداف‪ .‬ويالحظ أن التعريف الجزائري للضبط إهتم‬
‫بالجانب الغائي له أي الغاية من الضبط فقط ‪. 2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الضبط اإلقتصادي‬

‫يتميز الضبط اإلقتصادي بخاصيتين هامتين‪ ،‬تتمثل األولى في الخاصية الحياد‬


‫والموضوعية ( أوال)‪ ،‬والثانية في حماية أكثر فعالية ( ثانيا )‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحياد والموضوعية‬

‫يرتبط الضبط اإلقتصادي بضمان تحقيق منافسة ناجعة بعد أن تخلت الدول على نظام‬
‫اإلقتصاد الموجه نحو إقتصاد السوق ويؤدي ذلك إلى تحرير المنافسة‪ ،‬حيث أصبحت الدولة‬
‫في محاولة تدخلها تشكيل عائق أمام حرية السوق وتنافسيته‪ ،‬من خالل الصعوبة في‬
‫اإلجراءات وكذلك بإعتبارها خصما وحكما في آن واحد‪ ،‬لذلك أسندت مهمة ضبط السوق‬
‫والمرافق العمومية والقطاعات التي فتحت المنافسة والخوصصة للسلطات ضابطة مستقلة‬
‫لما تتميز به من خصوصية تختلف عن الهيئات العمومية التقليدية‪ ،‬والمتمثلة في الحيادة‬
‫الشفافية والموضوعية وباألخص اإلستقاللية وتعتبر هذه الخصائص مالئمة ألداء وظيفة‬
‫الضبط وهذه المميزات التي جعلت سلطات الضبط اإلقتصادي تمارس عملها في حرية تامة‬

‫‪ 1‬األمر رقم ‪ 03-03‬المؤرخ في ‪ 19‬يوليو ‪ 2003‬المتعلق بالمنافسة ‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،43‬صادرة في ‪ 20‬جويلية ‪ ،2003‬معدل‬
‫ومتمم بالقانون رقم ‪ 12-08‬المؤرخ في ‪ 25‬يونيو ‪ ،2008‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،36‬صادرة في ‪ 2‬يوليو ‪ ،2008‬معدل ومتمم بالقانون‬
‫رقم ‪ 05-10‬المؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،2010‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،46‬صادرة في ‪ 18‬أوت ‪.2010‬‬
‫‪ 2‬جالل مسعد‪ ،‬مدى تأثر المنافسة الحرة بالممارسات التجارية‪ ،‬رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون‪ ،‬تحت إشراف‬
‫األستاذ زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2012 ،‬ص ‪.240‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫دون أيه شروط أو قيود‪ ،‬و جعلت لها مكانة مستقلة في وضع القواعد اإلشراف على تنفيذها‬
‫وذلك بسبب تخلصها من التبعية للسلطات العمومية ‪.1‬‬

‫ومن خالل وظيفة الضبط تقوم هذه السلطات المستقلة باإلشراف على تطبيق القواعد‬
‫الضابطة لتلك القطاعات‪ ،‬مع الرقابة على تصرفات المتدخلين في قطاع المنافسة وذلك من‬
‫أجل قمعها إلى حد فرض إجراءات عند اإلخالل هؤالء بإلتزماتهم تجاه نظام المنافسة ‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬توفير الضبط لحماية أكثر فعالية‬

‫إن تدخل الدولة عن طريق أجهزتها الكالسيكية لم تعد مؤهلة لضمان حماية التهديدات‬
‫التي تواجه األفراد في العديد من المجاالت‪ ،‬وذلك من خالل نظريتين النظرية األولى المتمثلة‬
‫في أن الدولة أصبحت غير قادرة على مواجهة مشاكل األفراد المعقدة في المجتمع‪ ،‬والنظرة‬
‫الثانية تخوف من تعسف أجهزتها عند التدخل في مواجهة األفراد أو توجيه الرقابة عليهم في‬
‫مجاالت متعددة‪.‬‬

‫ونظرا للتعقد وتطور مجال االتصاالت فجاءت الحاجة إلى ضبطه من أجل المحافظة‬
‫على المصالح المتواجدة في هذا القطاع وكذلك بغية إضفاء حرية واسعة في التعبير و‬
‫االتصاالت‪.‬‬

‫أما في مجال المحروقات وغيرها فتشكيل سلطة ضبطية في هذه المجاالت يهدف إلى‬
‫تقديم ارتياح لدى المستثمرين األجانب بدرجة كبيرة‪ ،‬ويضمن الحيادية في مواجهة السلطات‬
‫العمومية من قبل السلطات الضابطة‪ ،‬أما في المجال المالي وجود سلطة ضبطية يجعل هناك‬
‫توفير حقوق للمتعاملين وحماية المصالح المالية للدولة‪.3‬‬

‫‪ 1‬إلهام خرشي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬


‫‪ 2‬علي عيساوي‪ ،‬الضبط االقتصادي وحماية المستهلك‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق‪ ،‬تحت إشراف األستاذ‬
‫عليان بوزيان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ، 2014 /2015 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 3‬علي عيساوي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.14‬‬

‫‪20‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حسب األستاذ " زوايمية رشيد " فكرة إنسحاب الدولة من مجال ممارسة النشاط‬
‫اإلقتصادي لها معنى مزدوج‪ ،‬فهي تعني إنسحاب الدولة من مجال ممارسة النشاط‬
‫اإلقتصادي من خالل فتح مجموعة من القطاعات على المبادرة الفردية الخاصة‪ ،‬وتعني‬
‫أيضا الحد من تدخل الدولة في تأثيرات النشاطات اإلقتصادية أو التنظيم ‪ ،1‬في حين أن‬
‫المسلم به أن تدخل الدولة يبقى ضروري حتى مع تغيير طبيعته‪ ،‬وابتكار أشكال جديدة بديلة‬
‫من التدخل المباشر لها عن طريق السلطات الضبطية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تطور الضبط اإلقتصادي‬

‫ظهرت فكرة الضبط اإلقتصادي نتيجة تراكم مجموعة من العوامل السياسية‬


‫واإلقتصادية عبر مراحل مختلفة‪ ،‬هذا األمر دفعنا للبحث عن التأصيل التاريخي لهذه الفكرة‬
‫التي تزامنت مع األفكار التقليدية الكالسيكية للدولة الحارسة‪ ،‬من خالل البحث في تطوره في‬
‫الدول الغربية (الفرع األول ‪ ،‬ثم البحث في وتطوره في الجزائر (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تطور الضبط اإلقتصادي في الدول الغربية‬

‫إرتبط مفهوم الضبط اإلقتصادي بظهور ما يعرف بسلطات الضبط المستقلة‪ ،‬لذا يفرض‬
‫علينا التطور التاريخي للضبط التعرض لظهور هذه السلطات في الواليات المتحدة األمريكية‬
‫(أوال)‪ ،‬وكذلك ظهورها في بريطانيا (ثانيا)‪ ،‬ثم في القانون الفرنسي (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التطور في الواليات المتحدة األمريكية‬

‫بداية كانت بظهور ما أصطلح عليه بالوكاالت المستقلة أو لجان الضبط المستقلة سنة‬
‫‪ 1889‬بإنشاء الكونغرس أول لجنة مستقلة هي ‪inter states commerce commission‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Zouaimia rachid: De L état interventionniste à L'état régulateur-l'èxemple Algerien ,‬‬
‫‪colloque national sur Lès autorites de regulation indépendantes en matiere économique et‬‬
‫‪financier,université de bejaia, 23.24mai 2007.p 5. 3-Opcit .p19.‬‬

‫‪21‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وذلك رغبة منه في فصل هذه الهيئة عن دائرة الداخلية (وزارة )‪ ،1‬كما عرف هذا النوع من‬
‫الهيئات تسميات مختلفة نذكر منها منها لجان ‪ ،2‬وكاالت ‪.3‬‬

‫ويعود إنشاء الوكاالت المستقلة األمريكية إلى خلفية سياسية تتعلق برغبة الكونغرس في‬
‫عزل الهيئات عن تأثير الرئاسة والسلطة التنفيذية‪.‬‬

‫وسبب إنشاء مثل هذه الهيئات في الجو تنازعي أثاره الرئيس األمريكي " روزفلت " عند‬
‫إنهاءه مهام رئيس إحدى سلطات الضبط‪ ،‬هذا التصرف إعتبره الكونغرس بمثابة مساس‬
‫بإستقاللية هذه الهيئات‪ ،‬ألن هذه األخيرة تتمتع باإلستقاللية عضوية بحد كبير بالنظر إلى‬
‫تركيبتها الجماعية‪ ،‬ومدة عهدة أعضائها والتي تتجاوز مدة رئيسها‪ ،‬ومن حيث طريقة تعيين‬
‫أعضائها والتي تتم بالتشاور بين مجلس الشيوخ والرئيس‪ ،‬أما من الناحية الوظيفية تبقى هذه‬
‫الهيئات خاضعة للكونغرس حيث أنه هو الذي ينشئها ويحدد اختصاصها‪ ،‬كما يقوم بتقييمات‬
‫دورية حول دورها والفائدة من تواجدها‪ ،‬ومن ثم إمكانية إنهاء وجودها ‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬التطور في بريطانيا‬

‫هو حديث مقارنة بنظيره األمريكي‪ ،‬ويتمثل هذا النموذج فيما أطلق عليه لفظ « ‪qungos‬‬
‫» أي المنظمات الغير الحكومية الشبه مستقلة والتي انتشرت بعد الحرب العالمية الثانية‪،‬‬
‫وهي عادة ما تتخذ شكل دواوين وهي ديوان ضبط المياه‪ ،‬ديوان ضبط الكهرباء‪ ،‬ديوان‬
‫ضبط الغاز‪ ،‬ديوان ضبط اإلتصاالت السلكية والالسلكية‪ .‬والغاية من إنشاء هذه الدواوين‬
‫التي تختلف حسب كل هيئة تتمثل في مجملها في ‪:5‬‬

‫‪ -‬رغبة الحكومة في تقليص حجم المرفق العام كون موقعها خارج الهيئات التقليدية‪،‬‬
‫ويعني ذلك حصر مهام الوزراء في المسائل ذات األهمية اإلستراتيجية الكبرى‪.‬‬

‫‪ 1‬وليد بوجملين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬


‫‪ 2‬اللجنة الفيدرالية للتجارة‪ ،‬لجنة ضبطها للطاقة النووية ‪.‬‬
‫‪ 3‬وكالة حماية البيئة‪.‬‬
‫‪ 4‬عبدهللا حنفي‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة‪. .2000 ،‬‬
‫‪ 5‬وليد بوجملين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -‬عدم رضاية الجمهور إتجاه السلطة السياسية ومن ثم البد إنشاء هيئات جديدة لبعث‬
‫الثقة وحل المشاكل األكثر الحساسية‪.‬‬

‫إن النموذج البريطاني ورغم عناصر اإلشتراك التي تجمعه مع النموذج األمريكي إال أنه‬
‫يختلف عنه بصفة كبيرة‪ ،‬حيث أن سلطات الضبط المستقلة في بريطانيا هي هياكل فردية‪،‬‬
‫فالمدير العام ال يترأس لجنة معينة‪ ،‬بل هو المسؤول الشخصي والوحيد عن عملها‪ ،‬وهذا‬
‫األسلوب جاء معاكس للنموذج األمريكي بإعتبار أن الجماعية تساهم في طول وتعقيد عملية‬
‫إتخاذ القرار‪.‬‬

‫وكذلك أن قرارات سلطات الضبط البريطانية قابلة للطعن أمام الهيئة المكلفة للمنافسة‪،‬‬
‫ولقد بلغ عدد المنظمات غير الحكومية شبه مستقلة ‪ quangos‬سنة ‪ 1978‬إلى ‪ 252‬منظمة‪.‬‬

‫ما يمكن قوله أن سلطات الضبط المستقلة في بريطانيا تشكل تطورا وتحديثا للنظام‬
‫اإلداري البريطاني‪ ،‬بالرغم من اإلختالفات الموجودة فيما بينها واإلنتقادات الشديدة التي‬
‫‪1‬‬
‫وجهت لها وخاصة من طرف حكومة رئيسية الوزراء السابقة ‪M . tatcher‬‬

‫ثالثا‪ :‬التطور في فرنسا‬

‫يعود الفضل في ظهور السلطات اإلدارية المستقلة في فرنسا إلى التجربتين السابقتين‬
‫سواء األمريكية أو البريطانية تحت تسمية ‪ ، independent regulartory agencey‬أو‬
‫تحت تسمية ‪ 2.quasi non gouvernemental organisation autonomous‬حيث‬
‫ظهرت في فرنسا إبتداء من سنة ‪ 1941‬في ظل حكم " فيشي " وتطورت خالل ثالثة فترات‬
‫من الزمن نذكرها كاآلتي ‪:3‬‬

‫‪ 1‬مجدوب قوراري‪ ،‬سلطات الضبط في المجال االقتصادي لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة الضبط البريد‬
‫والمواصالت النموذجين ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬تحت إشراف األستاذ عزاوي عبدالرحمان‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ، 2009 / 2010 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 3‬نور الدين بر ي‪ ،‬محاضرات في قانون الضبط اإلقتصادي‪ ،‬ألقيت على طلبة سنة ثانية ماستر تخصص قانون أعمال‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبدالرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ، 2015/2016 ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفترة األولى‪ :‬ما بين ‪1941‬إلى ‪ :1972‬تميزت بظهور بطيء جدا للسلطات إدارية مستقلة‬
‫وعلى فترات متباعدة‪ ،‬حيث أنشئت وكالة مراقبة البنوك سنة ‪ ،1941‬و وكالة عمليات‬
‫البورصة سنة ‪.1967‬‬

‫الفترة الثانية‪ :‬ما بين ‪ 1973‬إلى ‪ :1978‬تزايد في هذه الفترة إنشاء السلطات اإلدارية‬
‫المستقلة في المجال اإلقتصادي ونذكر منها وسيط الجمهورية سنة ‪ ،1973‬واللجنة الوطنية‬
‫لالتصال والحريات سنة ‪.11978‬‬

‫الفترة الثالثة‪ :‬ما بين ‪ 1982‬إلى يومنا هذا‪ :‬شهدت هذه الفترة وجود عدد كبير من السلطات‬
‫اإلدارية المستقلة ونذكر منها وسيط السينما سنة ‪ ،1982‬مجلس المنافسة ‪ ،1986‬المجلس‬
‫األعلى للسمعي البصري سنة ‪ ،1989‬سلطة ضبط االتصاالت سنة ‪ ،1996‬سلطة ضبط‬
‫األسواق المالية سنة ‪.22003‬‬

‫هذه السلطات أستحدثت بغرض تجنب التدخل المباشر للدولة في القطاعات الحساسة‪،‬‬
‫فتحرير هذه القطاعات ووضع سلطات إدارية مستقلة يتماشيان معا‪ ،‬والرجوع إلى هذه‬
‫األجهزة مبرر لعدم تطابق اإلدارة التقليدية مع المتطلبات الجديدة للضبط اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي وحماية الحريات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تطور الضبط اإلقتصادي في الجزائر‬

‫أفرز النظام العالمي الجديد مجموعة من المتغيرات اإلقتصادية ذات األثر الواضح على‬
‫القرار اإلقتصادي في دول العالم النامية‪ ،‬حيث أصبحت ظاهرة العولمة والتوجه نحو تطبيق‬
‫إتفاقيات اإلقتصاد الحر وآليات السوق من أهم المتغيرات العالمية‪ .‬ففي إطار برنامج‬
‫اإلصالح االقتصادي إتخذت الحكومة الجزائرية مجموعة من السياسات واإلجراءات من‬
‫أجل زيادة قدرة وكفاءة فعالية اإلقتصاد الوطني وفقا آلليات السوق‪ ،‬حيث تأثر هيكل السوق‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 17-78‬المؤرخ في ‪ 02 / 01 /1978‬المتعلق باإلعالم اآللي والحريات المنشور على الموقع‬
‫‪WWW.lezgifrance , gouv.fr‬‬
‫هي عبارة عن تجميع لثالث سلطات داخلية عمليات البورصة‪ ،‬مجلس األسواق المالية‪ ،‬المجلس التأديبي للتسيير المالي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫في اإلقتصاد الجزائري بتغيير كل من القطاع العام والخاص في النشاط اإلقتصادي‪ ،‬فقد‬
‫إختلف كل منها تبعا للعديد من اإلعتبارات والظروف السائدة في الفترات التالية الستينيات‬
‫والسبعينيات والثمانيات‪.‬‬

‫ففي فترة السبعينيات والثمانينات إرتبط دور القطاع العام في اإلقتصاد الجزائري بسياسة‬
‫الدولة في تعبئة الموارد الالزمة‪ ،‬أين اعتمدت الدولة على مجموعة من المخططات التنموية‬
‫ومن هذا ا لمنطق أصبح تدخل الدولة وباإلستناد إلى أسلوب التخطيط شرطا ضروريا لتحقيق‬
‫التنمية الشاملة وهو ما أضفى نوعا من الممارسة اإلشكالية والحماية للدولة‪.1‬‬

‫ومع نهاية الثمانينات وفي ظل إنخفاض أسعار المحروقات المورد الرئيسي للخزينة‬
‫العمومية‪ ،‬كانت له إنعكاسات سلبية على تحريك القطاعات اإلقتصادية‪ ،‬فبدأت وتيرة‬
‫اإلصالح تتصاعد منذ أواخر الثمانينات ومطلع التسعينيات‪ ،‬وذلك بهدف التوجه واإلعتماد‬
‫على آليات السوق في البيئة اإلقتصادية‪ ،‬وتشجيع القطاع الخاص من أجل الزيادة في‬
‫مشاركتة بشكل كبير في النشاط اإلقتصادي‪ ،‬حيث كان أحد المحاور األساسية في اإلصالح‬
‫الهيكلي ‪.2‬‬

‫إن هذه اإلصالحات اإلقتصادية التي رافقتها إصالحات سياسية ماهية في نهاية األمر إال‬
‫مرور من الدولة الكل متحيز الوحيد لوظائف التسيير واإلستغالل والرقابة المكرسة عبارة‬
‫عن دستور سنة ‪ ،1976‬إلى الدولة األقل أو ما يصطلح عليها بالدولة الضابطة‪ ،‬وهو انتقال‬
‫مهدت له مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية من بينها قانون رقم ‪ 01-88‬المتعلق‬
‫باستقاللية المؤسسات العمومية(‪ ،)1‬والمرسوم ‪ 201-88‬المتضمن إلغاء جميع األحكام‬
‫التنظيمية التي أخول للمؤسسات االشتراكية ذات الطابع اإلقتصادي التفرد بأي نشاط‬
‫إقتصادي أو إحتكار التجارة‪.3‬‬

‫‪ 1‬علي عيساوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 01 - 88‬المؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ 1988‬المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية اإلقتصادية‪ ،‬ج ر‪،‬‬
‫عدد ‪ ،2‬صادرة في ‪ 13‬يناير ‪.1988‬‬

‫‪25‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتماشيا مع هذه التوجهات أصدرت السلطة المرسوم التشريعي رقم ‪ 12-93‬المتعلق‬


‫بترقية اإلستثمار والذي أزال كافة القيود المعيقة لإلستثمار‪ ،‬فأقر مبدأ حرية اإلستثمار‬
‫وتقديس الملكية الخاصة‪ ،‬وتكريس حرية المنافسة‪ ،‬ثم األمر رقم ‪ 06-95‬المتعلق بالمنافسة‬
‫الذي كرس بصفة كلية قواعد وآليات المنافسة كأداة التنظيم سير السوق‪ ،‬ثم جاء دستور‬
‫‪ 1996‬ليؤكد هذه التحوالت وينص ألول مرة على مبادئ هامة تمثلت في مبدأ حياد اإلدارة‪،‬‬
‫ومبدأ حرية الصناعة والتجارة‪ ،‬ومبدأ حماية الملكية الخاصة‪.1‬‬

‫هذه المبادئ تشكل روح و ركيزة أي نظام ليبرالي لما تسمح به من تحرير المبادرة‬
‫الفردية‪ ،‬وفي ظل هذا السياق اإلقتصادي الذي تميز بإقرار مبادئ أكثر ليبرالية ساهم بشكل‬
‫كبير بإعادة النظر في الدور اإلقتصادي للدولة‪ ،‬وطبيعة عالقاتها باإلقتصاد‪.‬‬

‫فقد ترتب على التدابير القانونية التي اتخذتها الدولة إلى الفصل بين ثالث وظائف كانت‬
‫مجتمعة بيدها‪ ،‬وهي وظيفة اإلستغالل‪ ،‬ووظيفة التنظيم‪ ،‬ووظيفة ضبط القطاعات‬
‫اإلقتصادية‪ .‬حيث إنسحبت الدولة من وظيفة اإلستغالل المباشر للقطاعات اإلقتصادية تاركة‬
‫هذه المهمة للقطاع الخاص الوطني واألجنبي‪ ،‬أما وظيفة ضبط النشاطات اإلقتصادية فقد‬
‫منحتها لمنظومة مؤسسساتية جديدة إستحدثها تعرف بسلطات الضبط المستقلة تتماشى مع‬
‫قواعد إقتصاد السوق وتعمل بدرجة األولى على الحفاظ على النظام العام اإلقتصادي‪ ،‬بينما‬
‫إحتفظت لنفسها وظيفة التنظيم ‪.2‬‬

‫وقد كان الظهور األول لهذه الفئة من السلطات سنة ‪ 1990‬بمناسبة إنشاء المجلس األعلى‬
‫لإلعالم بموجب القانون رقم ‪ 07-90‬المتعلق باإلعالم معتمدا في ذلك على التجربة‬
‫الفرنسية)‪ ،‬ثم عمم بعدها هذا النموذج ليشمل مجاالت مختلفة باألخص المجال اإلقتصادي‬
‫والمالي‪ ،‬وجاء إنشاء مثل هذه السلطات ليشكل صورا واقيا ضد التدخلية المباشرة للدولة في‬

‫‪ 1‬مرسوم رقم ‪ 201 - 88‬مؤرخ في ‪ 18‬أكتوبر ‪ 1988‬يتضمن إلغاء جميع األحكام التنظيمية التي تخول المؤسسات‬
‫اإلشتراكية ذات الطابع اإلقتصادي التفرد بأي نشاط إقتصادي أو إحتكار للتجارة‪ ،‬ج ر ‪ ،‬عدد ‪ ،42‬صادرة في ‪ 19‬أكتوبر‬
‫‪1988‬‬
‫‪ 2‬دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬المصدر السابق‬

‫‪26‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عملية التسيير التي تتعارض مع إقتصاد السوق‪ ،‬وأنشأ المشرع في هذا السياق سلطات‬
‫الضبط اآلتية‪:‬‬

‫مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية سنة ‪ 1990‬يقومان بضبط المجال‬ ‫‪-‬‬
‫المصرفي ‪.1‬‬

‫‪ -‬المرصد الوطني لحقوق االنسان سنة ‪.2 1992‬‬

‫لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها سنة ‪.31993‬‬ ‫‪-‬‬

‫مجلس المنافسة لتنظيم األنشطة التجارية سنة ‪. 41995‬‬ ‫‪-‬‬

‫وسيط الجمهورية سنة ‪.51996‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬سلطة الضبط للبريد والمواصالت سنة ‪.6 2000‬‬

‫هيئة الضبط في المجال المنجمي سنة ‪.20017‬‬ ‫‪-‬‬

‫لجنة الضبط الكهرباء والغاز سنة ‪. 8 2002‬‬ ‫‪-‬‬

‫سلطة ضبط النقل سنة ‪.1 2002‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 10-90‬مؤرخ في ‪ 14‬أفريل ‪ 1990‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،16‬صادرة ‪ 18‬في أفريل ‪.1990‬‬
‫‪ 2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 77-92‬المؤرخ في ‪ 22/ 02 /1992‬يتضمن إحداث المرصد الوطني لحقوق اإلنسان‪ ،‬ج ر ‪،‬‬
‫عدد‪ ،15‬صادرة ‪ 26‬فبراير ‪.1992‬‬
‫‪ 3‬المرسوم التشريعي رقم ‪ 10 - 93‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ 1993‬يتعلق بالبورصة والقيم المنقولة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،34‬صادرة‬
‫في ‪ 23‬ماي ‪ ،1993‬معدل ومتمم بالقانون رقم ‪ 04 - 03‬المؤرخ في ‪ 17‬جانفي ‪ ،2004‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،11‬صادرة في ‪19‬‬
‫فيفري ‪.2003‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم ‪ 06-95‬مؤرخ في ‪ 25‬يناير ‪ 1995‬المتعلق بمجلس المنافسة‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 5‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 113-96‬المؤرخ في ‪ 23/ 03 /1996‬يتضمن تأسيس وسيط الجمهورية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،20‬صادرة‬
‫في ‪ 31‬مارس ‪.1996‬‬
‫‪ 6‬القانون رقم ‪ 03-2000‬المؤرخ في ‪ 05/ 08 /2000‬المحدد لق واعد العامة المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،48‬صادر سنة ‪.2000‬‬
‫‪ 7‬القانون رقم ‪ 10-01‬المؤرخ في ‪ 03‬جويلية ‪ 2001‬المتضمن قانون المناجم‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ، 35‬صادرة في ‪ 04‬يوليو‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ 8‬القانون رقم ‪ 01-02‬المؤرخ في ‪ 05‬فيفري ‪ 2002‬المتعلق بتوزيع الكهرباء والغاز بواسطة القنوات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪،08‬‬
‫صادر في ‪ 06‬فيفري ‪.2002‬‬

‫‪27‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫سلطة ضبط التبغ والمواد التبغية سنة ‪2004‬‬ ‫‪-‬‬

‫سلطة ضبط المصالح العامة للمياه سنة ‪. 3 2005‬‬ ‫‪-‬‬

‫الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته سنة ‪.4 2006‬‬ ‫‪-‬‬

‫لجنة اإلشراف على التأمينات سنة ‪.5 2006‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬سلطتي ضبط قطاع المحروقات سنة ‪ 2005‬وتضم الوكالة الوطنية لتثمين موارد‬
‫المحروقات‪ ،‬وسلطة ضبط المحروقات ‪.6‬‬

‫‪ -‬الوكالة الوطنية للموارد الصيدالنية سنة ‪.7 2008‬‬

‫سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وسلطة ضبط السمعي البصري سنة ‪.82012‬‬ ‫‪-‬‬

‫سلطات التصديق االلكتروني سنة ‪ 2015‬وتضم سلطة الوطنية للتصديق‬ ‫‪-‬‬


‫االلكتروني‪ ،‬والسلطة الحكومية للتصديق االلكتروني‪ ،‬والسلطة اإلقتصادية للتصديق‬
‫االلكترونيه‪.9‬‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 11-02‬المؤرخ ‪ 24‬ديسمبر ‪ 2002‬المتضمن قانون المالية لسنة ‪ ،2003‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،86‬صادر في ‪2002‬‬
‫‪. 25 / 12 /‬‬
‫‪ 2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 331-04‬المؤرخ في ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2004‬المتضمن تنظيم نشاطات صنع المواد التبغية واسترادها‬
‫وتوزيعها‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،60‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ 3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 331-04‬المؤرخ في ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2004‬المتضمن تنظيم نشاطات صنع المواد التبغية واسترادها‬
‫وتوزيعها‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،60‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ 4‬القانون رقم ‪ 12-05‬المؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪ 2005‬المتعلق بالمياه‪ ،‬ج ر ‪ ،‬عدد ‪ ،60‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪ - 5‬القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ 2206‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،14‬سنة ‪.2006‬‬
‫‪ 6‬القانون رقم ‪ 04-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ ،2006‬المتعلق بالتأمينات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،15‬سنة ‪.2006‬‬
‫‪ 7‬القانون رقم ‪ 07-05‬المؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2005‬المتعلق بالمحروقات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ 50‬صادر في ‪2005‬‬
‫‪ 8‬القانون رقم ‪ 13-08‬المؤرخ في ‪ 03‬أوت ‪ 2008‬المتعلق بالصحة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ، 44‬لسنة ‪.2008‬‬
‫‪ 9‬القانون العضوي رقم ‪ 02-12‬مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ، 2012‬المتعلق باإلعالم ‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،02‬صادرة في ‪ 15‬جانفي‬
‫‪.2012‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار المؤسساتي للضبط اإلقتصادي‬

‫بعد تبني الجزائر نظام إقتصاد السوق‪ ،‬وما تطلب ذلك بالتبعية من تحرير المنافسة‬
‫والقضاء على اإلحتكار العمومي‪ ،‬وإتباع نظام الخوصصة التي لم تعد تتالئم مع تدخالت‬
‫الدولة الكالسيكية التي أصبحت تحدث إضطرابا في النظام الحر‪ ،‬ظهرت فكرة الضبط‬
‫كمهمة أو كنشاط يتمحور حول اإلشراف على القطاعات التي مستها الخوصصة‪ ،‬بعيدا عن‬
‫أجهزة الدولة التقليدية‪ ،‬حيث أسندت هذه المهمة إلى هيئات تعرف ب " سلطات الضبط‬
‫المستقلة "‪ ،‬وهي هيئات وطنية ال تخضع للسلطة الرئاسية وال للوصاية اإلدارية ( المطلب‬
‫األول )‪ ،‬وهي تعمل بالدرجة األولى على ضمان إحترام القوانين والتنظيمات المتعلقة‬
‫بالنشاطات اإلقتصادية‪ ،‬وحماية المستهلك في القطاعات المفتوحة على المنافسة‪ ،‬وضمان‬
‫السير التنافسي والشفاف لهذه السوق وحمايتها‪.‬‬

‫ومن أجل أن تؤدي هذه السلطات مهامها الضبطية بكل فعالية وحياد وموضوعية‪ ،‬فقد‬
‫منحها المشرع الجزائري صالحيات وإختصاصات متنوعة تميزها عن باقي اإلدارات‬
‫التقليدية‪ ،‬والتي لطالما تمسكت بها الدولة‪ ،‬نظرا ألهميتها في تسيير المنظومة اإلقتصادية (‬
‫المطلب الثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطبيعة القانونية لسلطات ضبط اإلقتصادي‬

‫إن المشرع الجزائري ورغم تبنيه لهذا النوع من السلطات التي ال تندرج ضمن‬
‫السلطات التقليدية للدولة‪ ،‬إال أنه بقي مترددا إتجاه المصطلحات التي تطلق عليها وذلك من‬
‫خالل إعطاء تكييفات متباينة للطبيعة القانونية لهذه السلطات‪ ،‬غير أن مصطلح " سلطة‬
‫ضبط مستقلة " ورد كثيرا في معظم النصوص القانونية المنشئة لهذه السلطات والتي نذكر‬
‫منها قانون البريد والمواصالت السلكية والالسلكية وقانون المحروقات‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وهنا نشير أن بعض األساتذة أرجع إختالف التسميات التي أطلقها المشرع الجزائري‬
‫على غرار نظيره الفرنسي على سلطات الضبط المستقلة بين سلطة‪ ،‬هيئة‪ ،‬لجنة‪ ،‬مجلس‪،‬‬
‫وكالة‪ ،‬راجع ربما إلختالف القطاعات التي يتم ضبطها ولخصوصية كل قطاع‪.1‬‬

‫وإذا كان تردد المشرع واضحا فيما يتعلق بالوصف القانوني الذي يريد منحه لهذه هيئات‪،‬‬
‫سنحاول البحث عن طبيعتها القانونية من خالل المهام الموكلة لها والسلطات الممنوحة لها‪،‬‬
‫وهي المعايير المعتمدة من طرف مجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬ومجلس الدولة الفرنسي في‬
‫تحديد وتصنيف الهيئات التي أغفل المشرع النص صراحة على طبيعتها القانونية ومنها لجنة‬
‫ضبط الطاقة الفرنسية‪ . 2‬فهي تعتبر سلطة ( الفرع األولى )‪ ،‬ضبط ( الفرع الثانية )‪ ،‬مستقلة‬
‫( الفرع الثالث ) وهي أهم المميزات اللصيقة بهذه الهيئات والتي تضفي عليها خصوصية‬
‫تجعلها مختلفة عن باقي الهيئات التقليدية الموجودة في الدولة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الطابع السلطوي لسلطات ضبط اإلقتصادي‬

‫إن السلطة التي خلت السلطات الضبط اإلقتصادي ليست سلطة بمفهوم السلطة التي تتمتع‬
‫بها السلطات التقليدية ( التنفيذية‪ ،‬التشريعية‪ ،‬القضائية)‪ ،‬وال السلطة التي تتمتع بها الهيئات‬
‫اإلستشارية كالمجلس اإلسالمي األعلى والمجلس الوطني اإلقتصادي واإلجتماعي‪ ،‬لكن هي‬
‫سلطة بمفهوم إعطاء هذه الهيئات القدرة على إتخاذ قرارات تمكنها من مباشرة‬
‫االختصاصات التي استحدثت ألجلها بكل فعالية ومصداقية‪ ،‬وتبقى أعمالها بمثابة أعمال‬
‫اإلدارة ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬نادية رابح‪ ،‬النظام القانوني لسلطات الضبط المستقلة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬تحت‬
‫إشراف األستاذ زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة عبدالرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،2012 ،‬ص‬
‫‪.27‬‬
‫‪ 2‬الزهر نوبال‪ ،‬المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬فرع اإلدارة العامة واقليمية القانون‪ ،‬تحت إشراف زهية موسی‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪2011 ،‬‬
‫‪ ،2012 -‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 3‬زاينة أيت وازو‪ ،‬دراسة نقدية في سلطات الضبط المستقلة‪ :‬في شرعية سلطات الضبط‪ ،‬الملتقى الوطني حول سلطات‬
‫الضبط المستقلة في المجال اإلقتصادي والمالي‪ ،‬جامعة عبدالرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ 23 ،‬و ‪ 24‬ماي ‪ ،2007‬خالصة‬
‫المداخالت المقدمة في الملتقى‪ ،‬ص ‪.348‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويعرفها البعض على أنها " الحق في التوجه نحو من تمتلك نحوهم هذه السلطة وتأمرهم‬
‫باإلستماع إليك وطاعتك بتنفيذ أوامرك وتجنب نواهيك "‪ .1‬ومن ثم هل يمكن القول أن‬
‫سلطات الضبط المستقلة هي سلطات قائمة بذاتها؟‬

‫إن الطابع السلطوي السلطات الضبط اإلقتصادي يرتكز أساسا على التمتع بسلطة إتخاذ‬
‫قرارات لها صيغة تنفيذية ( أوال )‪ ،‬وسلطات أخرى هامة تتمثل في سلطة الرقابة ( ثانيا )‪،‬‬
‫وسلطة إصدار العقوبات ( ثالثا ) ‪ ،‬وهذا ما يجعل الطابع السلطوي أكثر وضوحا ورسوخا‬
‫لدى هذه الهيئات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬سلطة إصدار القرارات اإلدارية الفردية‬

‫تعتبر القرارات اإلدارية الفردية أنجع وأسرع وسيلة في يد سلطات الدولة لتحقيق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬وهو إمتياز من إمتيازات السلطة العامة‪ ،‬ومن أجل فعالية دور سلطات‬
‫الضبط اإلقتصادي‪ ،‬قام المشرع بتخويلها صالحية إصدار قرارات إدارية فردية تهدف إلى‬
‫تسيير النشاطات اإلقتصادية ومن ضمنها نجد مقررات التراخيص اإلدارية‪ .‬حيث تعتبر‬
‫أسلوب تدخل اإلدارة في المجال اإلقتصادي‪.2‬‬

‫ويمكن تعريفها على أنها وسيلة قانونية تمكن اإلدارة من اإلقرار بإمكانية أو عدم‬
‫إمكانية ممارسة نشاط معين من طرف الخواص‪ ،‬بعد توفر جملة من الشروط حددها القانون‪.‬‬
‫هذا ويشكل تفويض الترخيص الصالح هذه السلطات من زاوية القانون اإلداري إمتياز‬
‫السلطة العامة إعترف به المشرع لها‪ ،‬وذلك من أجل تأطير مبدأ حرية التجارة واإلستثمار‬
‫المكرسين دستوريا ‪.3‬‬

‫‪ 1‬الزهر نوبال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪ 2‬عبد القادر خليج‪ ،‬المرجع السابق‪.27 ،‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬سلطة رقابة النشاطات اإلقتصادية‬

‫إن سلطة الرقابة تمثل السلطة األكثر أهمية من بين الوسائل التي تملكها سلطات الضبط‬
‫اإلقتصادي من أجل ضمان إحترام القوانين واألنظمة التي تهدف إلى حماية اإلقتصاد الوطني‬
‫من جهة‪ ،‬وحماية المستهلك من جهة ثانية‪.‬‬

‫وتشمل هذه الرقابة التي تمارسها هذه السلطات على رقابة إدارية وتقنية ومن خالل‪:‬‬

‫‪ -‬سلطة اإلطالع على الوثائق الرئيسية والتي تراها ضرورية لعملها‪ ،‬وإلزامها‬
‫للمستثمرين إيداع تقارير دورية تتضمن نتائج األشغال المنجزة خالل ممارسة النشاط‬
‫اإلقتصادي‪.‬‬

‫ممارسة الرقابة على أرض الواقع من خالل زيارات الميدانية والمعاينات إلى مواقع‬
‫ممارسة النشاطات اإلقتصادي‪ .‬وهذه الرقابة تتيح لها أن تطلع على السجالت والحسابات‬
‫والتقارير لدى المؤسسات الخاضعة لرقابتها أو لدى فروع هذه المؤسسات ‪ ،1‬كما تتيح لها‬
‫الزيارات الميدانية من إتخاذ تدابير تحفظية أو وقائية إذا ما تبين لها أن هناك أخطار في‬
‫ممارسة هذا النشاط‪.‬‬

‫تشكل سلطة الرقابة المعترف بها تشريعيا لسلطات الضبط اإلقتصادي إحدى متطلبات‬
‫الضبط اإلقتصادي وهي الصالحية الثانية في تدرج هرم صالحيات لهذه الهيئات وهي سلطة‬
‫حقيقية تكرس الغاية من وجودها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬سلطة توقيع العقوبات‬

‫تتمتع غالبية سلطات الضبط اإلقتصادي بإختصاصات تأديبية تتمثل في توقيع العقوبات‬
‫المالية وغير المالية‪ .‬ويقصد بسلطة العقاب الممنوحة لتلك السلطات بتلك األهلية القانونية‬

‫‪ 1‬سمير حدري‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة الفاصلة في المواد اإلقتصادية والمالية‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الماجستير في‬
‫القانون‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬تحت إشراف األستاذ رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم التجارية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة أمحمد‬
‫بوقرة‪ ،‬بومرداس‪ ،2006 ،‬ص‪109‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التي يمنحها القانون لهذه الهيئات للمعاقبة على خرق القوانين واألنظمة أي إلرتكاب‬
‫‪1‬‬
‫المخالفات‪ ،‬هذه السلطة التي هي أصال مخولة للقضاء‬

‫وإختصاصها في توقيع الجزاء يدخل في إطار اختصاص يمكن وصفه بأنه اختصاص‬
‫قضائي ضبطي ‪ ،Une fonction juridictionnelle de regulation‬وتقوية سلطاتها‬
‫في المجال القمعي ليست إال وسيلة لضمان فعاليتها وحماية حقوق وحريات األفراد‬
‫المخاطبين بقراراتها وتنظيماتها ‪.2‬‬

‫كما أن تح ويل السلطة القمعية لهذه الهيئات يعبر عن حياد الدولة في المجال اإلقتصادي‬
‫والمالي ويساهم في الحد من تدخالتها‪.‬‬

‫وقد منح المشرع الجزائري على غرار التشريعات المقارنة سلطة توقيع العقاب للسلطات‬
‫الضبط اإلقتصادي التي أنشأها‪ ،‬حيث منحها سلطة توقيع العقوبات اإلدارية التي قد تكون‬
‫مؤقتة‪ ،‬فتكون في شكل التعليق المؤقت للتراخيص ممارسة النشاط اإلقتصادي‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫تكون عقوبة إدارية نهائية‪ ،‬فتكون في شكل السحب النهائي للترخيص‪ ،‬وذلك حسب مخالفة‬
‫المستثمر لإللتزامات المنصوص عليها قانونا‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الطابع الضبطي لسلطات الضبط اإلقتصادي‬

‫إن تبني الجزائر لسياسة اإلقتصاد السوق‪ ،‬فرض عليها اإلنسحاب من المجال‬
‫اإلقتصادي والمالي‪ ،‬وانشائها هيئات إدارية تتمثل في سلطات الضبط المستقلة‪ ،‬ومنحها‬
‫إمتيازات السلطة العمومية لتتكفل بمهمة ضبط النشاط اإلقتصادي‪.‬‬

‫وعلى العموم يمكن أن نعرف الضبط على أنه مجموعة من اآلليات القانونية واإلجتماعية‬
‫واإلقتصادية التي تركز على تنظيم العالقات اإلقتصادية في السياق الجديد للمنافسة ووفقا‬

‫‪ 1‬عز الدين عيساوي‪ ،‬الرقابة القضائية على السلطة القمعية للهيئات اإلدارية المستقلة في المجال اإلقتصادي‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة دكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص القانون‪ ،‬تحت إشراف رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2015 ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 2‬زاينة آيت وازو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.348‬‬
‫‪ - 3‬عبدالقادر خليج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪33‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫للتحوالت التي عرفها تسيير المرافق العمومية‪ .‬ومن هذه اآلليات القانونية نجد سلطات‬
‫الضبط المستقلة التي أخذ المشرع الجزائري بنوعين منها هما السلطات اإلدارية المستقلة‪،‬‬
‫والسلطات التجارية المستقلة‪.1‬‬

‫ففيما يخص السلطات اإلدارية المستقلة ظهرت في القانون الجزائري مع بداية التسعينات‬
‫بمناسبة إنشاء المجلس األعلى لإلعالم بموجب قانون رقم ‪ 07 - 90‬المتعلق باإلعالم‪ ،‬حيث‬
‫إعتبر المجلس سلطة إدارية مستقلة ضابطة‪ ،‬ثم مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية‬
‫المكلفتان بض بط المجال المصرفي‪ ،‬و واصل المشرع إنشاء هذا النوع من الهيئات طوال‬
‫العقدين الماضيين إلى آخر سلطتي التصديق اإللكتروني سنة ‪.22015‬‬

‫وعندما نتحدث عن السلطات اإلدارية المستقلة نقصد من ذلك سلطات ذات الطابع‬
‫اإلداري الخاضعة القواعد القانون اإلداري المطبقة على اإلدارة وموظفيها والتي تخضع‬
‫بالضرورة أعمالها لرقابة القاضي اإلداري‪.‬‬

‫أما السلطات التجارية المستقلة‪ ،‬شكل جديد من السلطات‪ ،‬إستحدثها المشرع سنة ‪2006‬‬
‫بمناسبة تعديله للقانون رقم ‪ 07 - 05‬المتعلق بالمحروقات‪ ،‬وتتمثل في سلطة ضبط‬
‫المحروقات و وكالة النفط‬

‫أسندت لهما مهمة ضبط قطاع المحروقات ‪ ،3‬وفي سنة ‪ 2014‬بمناسبة إصداره لقانون‬
‫المناجم رقم ‪ ،05 - 14‬حيث تمثلتا في وكالة المصلحة الجيولوجيا للجزائر الوكالة الوطنية‬
‫للنشاطات المنجمية المكلفتين بضبط قطاع المناجم‪ .4‬ويترتب على تمتع هذه السلطات بهذه‬
‫الخاصية تحديد القانون الواجب التطبيق عليها وعلى مستخدميها‪.‬‬

‫‪ 1‬عبدالقادر خليج‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ 2‬منصور داود‪ ،‬اآلليات القانون لضبط النشاط اإلقتصادي في الجزائر‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في‬
‫الحقوق‪ ،‬تخصص قانون أعمال‪ ،‬لشهب حورية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫‪ ،2016 - 2015‬ص ‪.81‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 12‬من قانون رقم ‪ 07 - 05‬مؤرخ في ‪ 28‬فبراير ‪ ،2005‬يتعلق بالمحروقات‪ ،‬المعدل والمتمم بالقانون رقم‬
‫‪ 01 - 13‬مؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ ،2013‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،11‬صادرة في ‪ 24‬فبراير ‪.2013‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة ‪ 38‬من القانون رقم ‪ 05 - 14‬المتضمن قانون المناجم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن البحث عن القانون الواجب التطبيق عليها يستدعي الوقوف عند ثالث وضعيات‬
‫هي‪:1‬‬

‫عند الحديث عن العالقة بين هذه الهيئات بالدولة‪ ،‬فمن البديهي إخضاع هذه العالقة‬ ‫‪-‬‬
‫إلى أحكام القانون العام القانون اإلداري) تماشيا مع أحكام المادة ‪ 800‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وبذلك تكون الجهة القضائية المختصة في هذه الحالة‬
‫‪2‬‬
‫مجلس الدولة إبتدائيا ونهائيا‬

‫تخضع عالقتها مع الغير الذي ينتمي للقطاع الخاص إلى أحكام القانون الخاص‬ ‫‪-‬‬
‫وتحديدا للقانون التجاري‪ ،‬ومن ثم في حالة حدوث نزاع مع هذا الغير‪ ،‬فإن تسوية هذا‬
‫النزاع تقع تحت طائلة القضاء العادي‪.3‬‬

‫تخضع العالقة التي تجمع هذه الهيئات بمستخدميها للقانون األساسي للمستخدمين‬ ‫‪-‬‬
‫الذي يتضمنه النظام الداخلي للهيئة والمؤشر بأحكام القانون رقم ‪ 11 - 90‬المتعلق‬
‫بعالقات العمل ‪ . 4‬ومن ثم في حالة حدوث نزاع يختص القضاء العادي بالفصل في‬
‫تلك المنازعات‪.‬‬

‫‪ -‬كما تخضع محاسبة هذه الهيئات القواعد المحاسبة التجارية بدال من قواعد المحاسبة‬
‫العمومية التي تخضع لها السلطات اإلدارية المستقلة‪.5‬‬

‫‪ 1‬سامية بوقندورة‪ ،‬سلطة الضبط في قطاع المحروقات في الجزائر‪ ،‬مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في‬
‫الحقوق‪ ،‬بن ناجي شريف‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ، 2007 /2008 ،1‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 2‬من القانون العضوي رقم ‪ 13 -11‬المؤرخ في ‪ 3‬أوت ‪ ،2011‬المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم ‪- 98‬‬
‫‪ 01‬المؤرخ في ‪ 30‬ماي ‪ ،1998‬يتعلق بإختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،43‬صادرة في ‪ 3‬أوت‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ - 3‬سامية بوقندورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 4‬قانون رقم ‪ 11-90‬المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 1990‬يتعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،17‬صادر ‪ 25‬أبريل ‪ 1990‬والمتمم‬
‫بالمرسوم التشريعي رقم ‪ 03 - 94‬المؤرخ في ‪ 11‬أفريل ‪ ،1994‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،20‬صادرة في ‪ 14‬أبريل ‪.1994‬‬
‫‪5‬أنظر المادة ‪ 38 / 4‬من القانون رقم ‪ 05 - 14‬المتضمن قانون المناجم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الطابع اإلستقاللي لسلطات الضبط اإلقتصادي‬

‫لقد خ ول المشرع الجزائري سلطات الضبط اإلقتصادي عدة سلطات من أجل تأدية‬
‫وظيفة الضبط‪ ،‬ومن بين هذه السلطات كما ذكرنا سلطة إصدار قرارات إدارية‪ ،‬وسلطة‬
‫توقيع العقوبات اإلدارية‪ ،‬كما أضفى عليها الطابع اإلستقاللي الذي يعتبر أهم المميزات‬
‫اللصيقة بها والتي تميزها عن باقي الهيئات اإلدارية التقليدية‪ ،‬وتعتبر من بين المسائل التي‬
‫أثارت ومازالت تثير جداالت ونقاشات فقهية وقانونية في نفس الوقت‪ ،‬خاصة في األنظمة‬
‫المقارنة‪.1‬‬

‫إن القانون المقارن‪ ،‬خاصة الفقه الفرنسي تطرق إلى المقصود باإلستقاللية ومنهم‬
‫األستاذة‪ TEITGEN - COLLY CATRHRINE‬توصلت إلى المقصود بهذه الخاصية‬
‫وهو عدم خضوع السلطات اإلدارية المستقلة ألي رقابة وصائية كانت أو إدارية‪ ،‬مع عدم‬
‫تلقيها أية تعليمة أو وصاية من أية جهة‪.2‬‬

‫أما األستاذ ‪ . chevallier‬ز فتوصل إلى أن سلطات الضبط تحظى بتشريع ذاتي بحيث‬
‫تفلت من التبعية اإلدارية والتدرج الرئاسي فهي سلطات إدارية معزولة ولها منطقها الخاص‬
‫في العمل ‪.3‬‬

‫وفي الجزائر‪ ،‬يرى األستاذ " زوايمية رشيد " إلى أن المقصود باإلستقاللية هو عدم‬
‫الخضوع ألية رقابة سلمية كانت أم وصائية ‪ ،‬سواء كانت السلطة المعنية تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية أو ال‪ ،‬على أساس أن الشخصية المعنوية ال تعد معيار أو عامل فعال لتحديد أو قياس‬
‫درجة اإلستقاللية‪.4‬‬

‫‪ 1‬عبدالقادر خليج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪35‬‬


‫‪2‬‬
‫‪TEITGEN-COLLY Cathrine , Les autorités administratives indépendantes : histoire d'une‬‬
‫‪institution,. in COLLIARD Claude Albert et TIMSIT Gérard, (sous la direction) les autorités‬‬
‫‪administratives independantes, opcit., p. 50‬‬
‫‪ 3‬زاينة أيت وازو‪ ،‬المرجع السابق‪.350 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ZOUAIMIA Rachid: Les autorités administatives indépendantes et la régulation‬‬
‫‪économique, édition Houma, Alger, 2005, p :25.‬‬

‫‪36‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعموما فإن اإلستقاللية المقصودة التي تتميز بها سلطات الضبط المستقلة تكون في‬
‫مواجهة السلطة التنفيذية والتي تكون في شكلين‪ ،‬إستقاللية عضوية وإستقاللية وظيفية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلستقاللية العضوية لسلطات الضبط اإلقتصادي‬

‫تستند اإلستقاللية العضوية لسلطات الضبط اإلقتصادي على توفر العديد من العوامل‬
‫منها التركيبة البشرية لهذه الهيئات ‪ ،‬وإلى أسلوب تعيينها والجهات التي يعود لها‬
‫اإلختصاص في ذلك ‪ ،‬و إلى النظام القانوني الخاص باألعضاء المسيرين لهذه الهيئات ‪.‬‬

‫‪ -1‬تركيبة بشرية جماعية دون تعددية‬

‫يعتبر تعدد أعضاء سلطات الضبط اإلقتصادي وإختالف صفاتهم ومراكزهم القانونية‬
‫مظهرا يضمن اإلستقاللية العضوية لهذه السلطات ‪ ،1‬إذ بالرجوع إلى تركيبة البشرية للجان‬
‫المسيرة لمعظم سلطات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري في تركيبة جماعية حيث‬
‫حذي المشرع الجزائر ي حذو المشرع الفرنسي في ذلك ‪ ،‬فنجد على سبيل المثال لجنة ضبط‬
‫الكهرباء والغاز تتكون من أربعة‪ 4‬أعضاء‪ ، 2‬واللجنة المديرة الوكالتي المحروقات تتكون‬
‫من ستة (‪ )6‬أعضاء‪ ،3‬واللجنة المديرة للوكالتين المنجميتين فتتكون من خمسة (‪ )5‬أعضاء‬
‫‪4‬‬
‫من بينهم الرئيس‬

‫غير أن هذه الضمانة ال يمكن أن تأخذ أثرا فعليا إال إذا سمحت هذه الجماعة بوجود تركيبة‬
‫تمثيلية تعددية بشكل يضمن تمثيل كل الجهات المعنية‪ .‬وهو ليس حال كل هذه السلطات‪،‬‬
‫حيث نجد في معظمها أنه إكتفى بتحديد عدد أعضاءها دون أي تفصيل حول الشروط‬
‫الموضوعية إلختيار أعضاءها‪ ،‬أو اإلشارة إلى ما يضمن تنوعا في صفات ومراكز هؤالء‬
‫األعضاء‪.‬‬

‫‪ 1‬سمير حدري‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة وإشكالية اإلستقاللية‪ ،‬الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال‬
‫اإلقتصادي والمالي‪ ،‬جامعة عبدالرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ 23 ،‬و ‪ 24‬ماي ‪ ،2007‬خالصة المداخالت المقدمة في الملتقى‪ ،‬ص‬
‫‪.46‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 117‬من قانون رقم ‪ 01 - 02‬المتعلق بالكهرباء وتوزيع الغار عن طريق القنوات‪ ،‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 01 - 13‬المعدل والمتمم لقانون رقم ‪ 07 - 05‬المتعلق بالمحروقات‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة ‪ 05 – 14‬المتضمن قانون المناجم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -2‬إحتكار السلطة التنفيذية لصالحية اإلقتراح و تعيين األعضاء‬

‫بخالف حالة المجلس األعلى لإلعالم قبل حله سنة ‪ 1993‬والذي إستوحى المشرع‬
‫تركيبته من النموذج الفرنسي بموجب المادة ‪ 72‬من قانون اإلعالم رقم ‪ 07 - 90‬الملغي‪،1‬‬
‫فإن معظم سلطات الضبط اإلقتصادي عرفت تركيزا لسلطة التعيين في يد سلطة واحدة هي‬
‫رئيس الجمهورية وإستبعاد هيئات التمثيل الوطني ( البرلمان بغرفتيه ) والهيئات المهنية في‬
‫القطاع المضبوط‪.‬‬

‫إن التجربة الجزائرية في مجال تعيين أعضاء سلطات الضبط تعرف منحنى آخر‪ ،‬وهو‬
‫ما يفرغ النظام القانوني لهذه الهيئات من محتواه خاصة مع إحتكار رئيس الجمهورية لسلطة‬
‫تعيين أعضائها‪.‬‬

‫‪ -3‬النظام القانوني ألعضاء لألعضاء المسيرين لسلطات الضبط اإلقتصادي‬

‫يشكل النظام القانوني ألعضاء سلطات الضبط اإلقتصادي ركيزة هامة في إستقالليتها‬
‫الع ضوية‪ ،‬خاصة وأن أصالة نموذج سلطات الضبط اإلقتصادي يكرس ضمانة هامة‬
‫اإلستقالليتها تتمثل في نظام العهدة التي يقصد بها المدة القانونية المخولة ألعضاء سلطات‬
‫الضبط اإلقتصادي لممارسة مهامهم‪ ،‬حيث ال يمكن عزلهم أو توقيفهم أو تسريحهم إال في‬
‫حالة إرتكابهم لخطأ جسيم‪ ،‬وهذا ضمانا إلستقالليتهم وعدم وقوعهم تحت أي ضغط أو التأثير‬
‫عليهم من طرف السلطة التي تملك حق تعيينهم أو فصلهم هذا من جهة ‪ ،2‬كما يشترط في‬
‫التعيين لمدة محددة حتى يمارس هذا العضو بأريحية تامة بعيدا عن أي ضغط‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط اإلقتصادي نجد أن المشرع‬
‫الجزائري يتأرجح بين نظام العهدة محددة المدة‪ ،‬والعهدة غير محددة المدة‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 72‬من القانون رقم ‪ 07 - 90‬المتعلق باإلعالم‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ 2‬عائشة فارح‪ ،‬المركز القانوني للجنة اإلشراف على التأمينات‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬فرع القانون‬
‫العام‪ ،‬تخصص القانون العام لألعمال‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،2009 ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪38‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وباإلضافة إلى ذلك فإن خصوصية وظيفة هذه السلطات والتي تشترط مقتضيات الحياد‬
‫والموضوعية بالنسبة لألعضاء‪ ،‬أدت بالمشرع إلى إقرار نظام صارم يكرس مبدأ الحياد‪،‬‬
‫الذي يسع ى من خالله المشرع إلى حماية عضو هذه الهيئات المستقلة من مصالحه الخاصة‬
‫ومصالح أخرى يمثلها أيا كانت ‪ ،1‬بهدف تمكينه من أداء مهامه بكل موضوعية وإستقاللية‪.‬‬
‫لذا نجد أن معظم النصوص القانونية المنشئة للسلطات الضبط اإلقتصادي كرست مبدأ الحياد‬
‫الذي يتضمن بدوره نظام التنافي وإجراء اإلمتناع ‪.2‬‬

‫ونظام التنافي يأخذ صورتين‪ :‬نظام التنافي الجزئي الذي يهدف إلى منع األعضاء من‬
‫ممارسة بعض الوظائف بالتوازي مع وظيفتهم ضمن سلطة الضبط اإلقتصادي‪ ،‬ونظام‬
‫التنافي الكلي الذي يقصد به منع األعضاء من ممارسة أي وظيفة عمومية‪ ،‬أو أية عهدة‬
‫إنتخابية‪ ،‬أو أي نشاط مهني آخر‪ ،‬باإلضافة إلى منع األعضاء من اإلمتالك لمصالح بصفة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة أثناء العهدة أو بعدها‪.‬‬

‫وفيما يخص إجراء اإلمتناع يقصد به تقنية تستثني أعضاء الهيئة من المشاركة في‬
‫المداوالت المتعلقة بالمؤسسات محل المتابعة بحجة وضعيتهم الشخصية إتجاهها ‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلستقاللية الوظيفية لسلطات الضبط اإلقتصادي‬

‫تتمتع سلطات الضبط اإلقتصادي بدرجة من اإلستقاللية الوظيفية وهو ما يظهر من‬
‫خالل صالحياتها الواسعة في إتخاذ القرار‪ ،‬وهي صالحيات إكتسبتها أصال من السلطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬إثر إنتقال الدولة من دولة منظمة إلى دولة ضابطة‪ ،‬حيث تم إعادة النظر في توزيع‬
‫اإلختصاصات والمهام لمسايرة اإلصالحات‪ .‬ومن أجل ذلك فقد عمل المشرع الجزائري‬
‫على منحها الشخصية المعنوية لتمارس تلك صالحياتها بكل إستقاللية‪ ،‬حيث ترتب عن ذلك‬
‫منح هذه السلطات‪:‬‬

‫‪ 1‬لزهر نوبال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬


‫‪ 2‬سمير حدري‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة وإشكالية اإلستقاللية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ZOUAIMIA Rachid: » Les fonctions répressives des autorités administratives indépendantes‬‬
‫‪statuant en matière économique », Revue Idara, N°28, 2004,p :15.‬‬

‫‪39‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ذمة مالية مستقلة‬ ‫‪-‬‬

‫أهلية القانونية‬ ‫‪-‬‬

‫موطن محدد ومستقل‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬وجود نائب يعبر عن إرادتها أهلية التقاضي‬

‫التمتع بإمتيازات السلطة العامة‬ ‫‪-‬‬

‫أموالها أموال عمومية‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬موظفيها موظفون عموميون‬

‫غير أن تجسيد معالم االستقاللية ال ينفي كون هذه األخيرة التي تتمتع بها سلطات الضبط‬
‫اإلقتصادي نسبية نظرا لخضوعها لنوع من التبعية إتجاه السلطة التنفيذية‪ ،1‬وبإعتبار أن هذه‬
‫السلطات عبارة عن هيئة إدارية تنتمي في حد ذاتها إلى الدولة‪ ،‬فمن الطبيعي أن تمارس هذه‬
‫األخيرة ممثلة في مختلف أجهزتها الرقابة عليها‪ ،‬وذلك من خالل الرقابة على أعمالها‪ ،‬كما‬
‫أن معظم اإلعتمادات المالية لميزانيتها تأتي من إعانات الدولة فهي بدورها محل رقابة‪.‬‬

‫‪ 1‬أحسن غربی‪ "،‬نسبية اإلستقاللية الوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة "‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات اإلنسانية‪ ،‬عدد ‪،11‬‬
‫جامعة ‪ 20‬أوت ‪ ،1955‬سكيكدة‪ ،2015 ،‬ص ‪.246‬‬

‫‪40‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إختصاصات سلطات الضبط اإلقتصادي‬

‫سمحت هيكلة اإلقتصاد الوطني وتحرير السوق من التبعية المباشرة للدولة إلى تفكيك‬
‫جهازها اإلداري عن طريق إعادة توزيع اإلختصاصات اإلدارية‪ ،‬وأصبحت مهمة ترتيب‬
‫السوق ليست من أولويات السلطة التقليدية‪ ،‬فتطور الحياة اإلجتماعية أدى إلى بروز مجاالت‬
‫تقنية ومعقدة‪ ،‬وبالتالي أدى إلى تغيير نظرة في كيفية تسيير ومسايرة هذا التطور‪ ،‬وعلى إثر‬
‫ذلك ظهرت نماذج جديدة في الدولة منها سلطات الضبط اإلقتصادي ولتحقيق طابع فعالية‬
‫والحياد‪ ،‬زودت بآليات وإختصاصات األداء الدور المنشود الذي أنشئت من أجله‪ ،‬بحيث‬
‫تختلف هذه إختصاصات من سلطة ضبط األخرى‪ ،‬وهي تتمثل بشكل عام في إختصاصات‬
‫تنظيمية (الفرع األول)‪ ،‬وإختصاصات رقابية الفرع الثاني)‪ ،‬وإختصاصات تحكيمية (الفرع‬
‫الثالث)‪ ،‬واختصاصات العقابية (الفرع الرابع)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلختصاص التنظيمي‬

‫إن السلطة التنظيمية تعتبر أسلوب من أساليب العمل اإلداري في الدولة‪ ،‬التي ينفرد بها‬
‫كل من رئيس الجمهورية والوزير األول‪ ،‬والتي عرفت تطور وتنوع من حيث األنظمة‬
‫الصادرة عنها‪ ،‬لكن تدخل المشرع وخول بعض من هذه األنظمة لهيئات أخرى في الدولة‪،‬‬
‫التي نذكر منها السلطة التنظيمية الممنوحة السلطات الضبط اإلقتصادي‪.‬‬

‫ومن أجل تحديد مضمونها يستوجب عليها البحث في تعريف اإلختصاص التنظيمي‬
‫لسلطات الضبط اإلقتصادي (أوال)‪ ،‬ثم صور تطبيقه على هذه السلطات (ثانيا)‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المقصود بإلختصاص التنظيمي لسلطات الضبط االقتصادي‬

‫يعرف اإلختصاص التنظيمي لسلطات الضبط اإلقتصادي بأنه‪ " :‬الوسيلة القانونية‬
‫الممنوحة لها في حدود النصوص التشريعية المنشئة لها قصد تمكينها من ضبط النشاطات‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬كل سلطة وحسب المجال الخاص بها "‪.1‬‬

‫يعتبر الفقه المقارن أن ظهور السلطة التنظيمية الفرعية يقترن بتغير أساليب تدخل الدولة‬
‫وظهور مصطلح الضبط مما يستلزم إيجاد وسائل قانونية جديدة تهتم بعنصر الفعالية في‬
‫تسيير وإدارة األنشطة اإلقتصادية التي أصبحت ال تستجيب للنمط اإلداري التقليدي‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬صور ممارسة سلطات الضبط االقتصادي لإلختصاص التنظيمي‬

‫عند تفحص النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط اإلقتصادي‪ ،‬نجد أن المشرع‬
‫الجزائري يعترف في بعض نصوصه باإلختصاص التنظيمي لهذه السلطات‪ ،‬والذي ورد في‬
‫صور مختلفة‪ ،‬فمنها من إكتفى باإلشارة إلى مساهمتها في هذا اإلختصاص فقط ‪ ،3‬ومنها من‬
‫إعترف لها بممارسته‪.‬‬

‫‪ .1‬مساهمة السلطات الضبط اإلقتصادي في اإلختصاص التنظيمي‬

‫تتجسد مساهمة السلطات الضبط اإلقتصادي في اإلختصاص التنظيمي عن طريق اإلستشارة‬


‫(أ)‪ ،‬وعن طريق تقديم اإلقتراحات واآلراء والتوصيات (ب)‪ ،‬وعن طريق المساهمة في‬
‫إعداد التنظيمات والنصوص التطبيقية (ج)‪.‬‬

‫‪ 1‬فريد زقموط‪ ،‬اإلختصاص التنظيمي للسلطات اإلدارية المستقلة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراة‪ ،‬زوايمية رشيد‪،‬‬
‫قسم القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ، 2015 /2016 ،‬ص‬
‫‪.48‬‬
‫فريد زقموط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪2‬‬

‫خدوجة فتوس‪ ،‬اإلختصاص التنظيمي السلطات الضبط اإلقتصادي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬تحت إشراف‬
‫‪3‬‬
‫األستاذ زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬نوقشت ‪ 28‬جوان ‪ ،2010‬ص ‪.46‬‬

‫‪42‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أ‪ .‬المساهمة في اإلختصاص التنظيمي عن طريق اإلستشارة‬

‫تعرف اإلستشارة بأنها إجراء سابق على صدور بعض القرارات من جانب واحد‪ ،‬فقد‬
‫تكون ثابتة بنص وتعد بمثابة إقتراح خال من األثر القانوني‪ ،‬كما أن مصدر القرار هو من‬
‫يطلبها‪ ،‬وليس لهذا اإلجراء أثر في تقييم اإلختصاص‪ ،‬وتنقسم اإلستشارة التي تبديها هيئات‬
‫اإلختصاص التنظيمي إلى‪:‬‬

‫‪ -‬اإلستشارة الوجوبية‪ :‬وسميت بذلك ألن النصوص القانونية ألزمت السلطة التنفيذية‬
‫اللجوء إليها ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلستشارة اإلختيارية‪ :‬وسميت باإلختيارية كون أن اإلدارة من تطلبها تلقائيا ألنها‬


‫غير مفروضة بنص قانوني يعطيها صفة اإللزام‪ ،‬وال تعتبر نفسها ملزمة بالرأي الذي‬
‫تطلبه‪.‬‬

‫ب‪ .‬سلطة تقديم اإلقتراحات والتوصيات‬

‫إن اإلقتراح أكثر قوة وتأثيرا من الرأي من الناحية القانونية‪ ،‬فاإلقتراح لغة يعني أن‬
‫األمر مقترح‪ ،‬واقتراح فكرة أي عرضها المناقشة والبحث‪ .‬أما الرأي فهو ما يظنه المرء أو‬
‫يعتقده قوال أو كتابة‪ ،‬مشورة‪ ،‬خطة‪ ،‬فكرة‪.1‬‬

‫ووفقا لنص المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 12-08‬المعدلة والمتممة للمادة ‪ 34‬من األمر رقم‬
‫‪ 03-03‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬يمكن لمجلس المنافسة بمبادرة منه أن يبدي ويقترح آراء عند‬
‫إعداد مشروع نص تنظيمي من طرف الحكومة له عالقة بالمنافسة‪ ،‬ويمكنه إتخاذ هذا‬
‫اإلجراء في شكل نظام أو تعليمة أو منشور ينشر في الجريدة الرسمية للمنافسة‪.2‬‬

‫وكذلك وفقا للمادة ‪ 13‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 113-08‬المؤرخ في ‪09 / 04 /2008‬‬
‫الذي يوضح مهام لجنة اإلشراف على التأمينات‪ ،‬يمكن لجنة اإلشراف على التأمينات‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 12 - 08‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪ 2‬خدوجة فتوس‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪60‬‬

‫‪43‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اإلقتراح على الوزير المكلف بالقطاع التعديالت التي تراها ضرورية للتشريع والتنظيم‬
‫المعمول بهما في مجال التأمينات‪.‬‬

‫ج‪ .‬المساهمة في إعداد التنظيمات والنصوص التطبيقية‬

‫تتقاسم السلطات الضبط اإلقتصادي مع السلطة التنفيذية سلطة تنظيمية ثانوية في مجال‬
‫إختصاصها في إعداد التنظيمات والنصوص التطبيقية للقوانين التي تخص القطاعات التي‬
‫تتدخل لضبطها‪.‬‬

‫‪ .2‬ممارسة اإلختصاص التنظيمي‬

‫بسبب عدم إمكانية السلطة التنفيذية القيام بمهمة الضبط نظرا لمتطلبات الحياد‬
‫والموضوعية‪ ،‬ظهرت سلطات الضبط اإلقتصادي للقيام بهذه المهمة‪ ،‬فقام المشرع الجزائري‬
‫بمنح اإلختصاص التنظيمي لكل من مجلس النقد والقرض و لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها‪ ،‬فهما الهيئتان الوحيدتان اللتان تتمتعان بممارسة اإلختصاص التنظيمي الممنوح‬
‫لهما بصفة مباشرة‪.‬‬

‫ويمارس مجلس النقد والقرض صالحيات هامة ذات تأثير مباشر على النظام المصرفي‪،‬‬
‫كما يقوم بتجسيد سياسة النقدية واإلشراف عليها ومتابعتها‪ ،‬ويقوم كذلك بتأطير عمليات البنك‬
‫المركزي‪ ،‬وبتنظيم حركة رؤوس األموال وتشجيع اإلستثمار األجنبي‪ ،‬وتنظيم سوق‬
‫الصرف‪.‬‬

‫أما عن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها تتمتع بسلطة تنظيمية واسعة‪ ،‬فهي‬
‫تتدخل لوضع قواعد تتعلق بسير سوق القيم المنقولة‪ ،‬حيث تقوم بوضع ما تراه مناسبا من‬
‫أنظمة من أجل سير سوق القيم المنقولة‪ ،‬وتقوم بنسخها في الجريدة الرسمية مرفقة بالنص‬
‫القانوني المتضمن الموافقة عليها من الوزير المكلف بالمالية ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلختصاص الرقابي‬

‫تعتبر الرقابة إحدى متطلبات الضبط اإلقتصادي‪ ،‬ألن السهر على وجود بيئة قانونية‬
‫تنافسية في إطار الضبط ال يمكن أن تتم إال بإحكام قواعد الرقابة على مختلف المتعاملين‬
‫اإلقتصاديين‪ .‬ويشكل اإلختصاص الرقابي المتعرف به السلطات الضبط اإلقتصادي‬
‫الصالحية الثانية في تدرج هرم اإلختصاصات الممنوحة لهذه الهيئات‪ ،‬ومن أهم‬
‫اإلختصاصات التي تعمل على ضمان حسن سير السوق والمنافسة‪ ،‬وحسن إحترام وتطبيق‬
‫التشريعات المنظمة للنشاطات اإلقتصادية‪ ،‬لذا تستوجب هذه الدراسة تعريفه (أوال)‪ ،‬ثم‬
‫البحث في مجال ممارسته (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف اإلختصاص الرقابي‬

‫يعرف على أنه حق سلطات الضبط اإلقتصادي في الحصول على المعلومات التي تراها‬
‫ضرورية في إطار التحقيقات اإلقتصادية التي تؤديها‪ ،‬وذلك دون أن تفرض اإلدارة الطابع‬
‫السري للوثائق التي تملكها‪.‬‬

‫ويعتبر الفقه الفرنسي أن اإلختصاص الرقابي يمثل اإلختصاص األكثر أهمية من ضمن‬
‫الوسائل التي تملكها سلطات الضبط اإلقتصادي‪ ،‬حيث أن ممارستها للرقابة على أرض‬
‫الواقع تمكنها من جمع المعلومات واألدلة الخاصة باإلثبات ‪.1‬‬

‫وبالرجوع إلى التشريع الجزائري‪ ،‬نجد أنه لم يتعرض لتعريف اإلختصاص الرقابي‪،‬‬
‫وإنما إهتم بالجانب الذي يخص اإلعتراف التشريعي باإلختصاص الرقابي لسلطات الضبط‬
‫في ظل إقتصاد السوق والذي يهدف إلى‪:2‬‬

‫التأكد من إحترام المتعاملين المبادئ المرفق العام ومدى ضمان الخدمة العامة في‬ ‫‪-‬‬
‫القطاعات المرافق العامة الشبكية المفتوحة للمنافسة‪.‬‬

‫‪ 1‬علي عيساوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.132‬‬


‫‪ 2‬وليد بوجملين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.162‬‬

‫‪45‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -‬التأكد من عدم وجود وضعيات منافية للمنافسة ( وضعيات إحتكارية‪ ،‬وضعيات‬


‫الهيمنة‪ ،‬التجمعات اإلقتصادية)‪.‬‬

‫‪ -‬ضمان إحترام المتعاملين اإلقتصاديين للقواعد المؤطرة للقطاعات اإلقتصادية‪.‬‬

‫حماية النظام العام اإلقتصادي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬مجال ممارسة اإلختصاص الرقابي‬ ‫‪-‬‬

‫ينقسم مجال ممارسة اإلختصاص الرقابي إلى قسمين‪ ،‬يتمثل األول في الرقابة السابقة‬
‫لإللتحاق بالمهنة(‪ ،)1‬والثاني في الرقابة الالحقة للسوق (‪.)2‬‬

‫‪ .1‬الرقابة السابقة لإللتحاق بالمهنة‪:‬‬

‫تتدخل معظم سلطات الضبط اإلقتصادي بصفة مسبقة‪ ،‬بغرض التحقق من توفر الشروط‬
‫المطلوبة‪ ،‬واحترام المعايير القانونية المنظمة للنشاط اإلقتصادي‪ ،‬ويأخذ تدخلها المسبق شكل‬
‫قرارات فردية متضمنة عدة صور نذكر منها الرفض‪ ،‬واإلعتماد‪ ،‬والتراخيص‪ ،‬والتصريح‪.1‬‬

‫هذه القرارات هي التي تمكن المتعاملين اإلقتصاديين من الدخول إلى السوق وتفادي‬
‫الوقوع في الفوضى أو اإلخالل بالقواعد التي يقوم عليها السوق والنظام اإلقتصادي ‪ ،‬ومثال‬
‫ذلك نجد أن مجلس المنافسة يتدخل بصفة مسبقة عن طريق منح قرار يتضمن الترخيص‬
‫بالتجمعات اإلقتصادية‪ ،‬وذلك بعد تقديم طلب من طرف أصحاب التجمعات‪ .‬ونشير أن‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 219-05‬المتعلق بالترخيص لعمليات التجميع‪ ،‬يحدد شروط‬
‫الترخيص وكيفياته وذلك تطبيق لما جاء في المادة ‪ 22‬من األمر ‪ 03-03‬المتعلق بالمنافسة‪.‬‬
‫ويمكن لمجلس المنافسة أن يرخص بالتجميع أو يرفضه بمقرر معلل بعد أخذ رأي الوزير‬
‫المكلف بالتجارة‪ ،‬والوزير المكلف بالقطاع المعني بالتجميع ‪.2‬‬

‫‪ 1‬زهرة مجامعية‪ ،‬وظائف الضبط اإلقتصادي‪ ،‬مذكرة ماجستير في إطار مدرسة دكتوراه تخصص الدولة والمؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬تحت إشراف األستاذ العقون وليد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ، 2013 /2014 ،1‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 21‬من األمر رقم ‪ 03-03‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫هذا‪ ،‬ويعتبر هذا اإلختصاص من زاوية القانون اإلداري إمتياز السلطة العامة إعترف به‬
‫المشرع الجزائري لسلطات الضبط اإلقتصادي قصد تأطير حرية التجارة والصناعة‪ ،‬من‬
‫خالل ربط ممارسة النشاط اإلقتصادي بالحصول على قرار يصدر عن سلطات الضبط‬
‫المختصة حسب كل قطاع‪.‬‬

‫‪ .2‬الرقابة الالحقة للسوق‪:‬‬

‫تتم ممارسة الرقابة البعدية أو الالحقة للسوق عند ممارسة النشاط اإلقتصادي من خالل‬
‫الحصول على المعلومات والوثائق المتعلقة بممارسة النشاط‪ ،‬وبالقيام بالتحقيقات الالزمة‬
‫التي يتم من خاللها مراقبة مدى إحترام قواعد السوق والمنافسة من طرف الفاعلين‪ .‬فنجد‬
‫على سبيل المثال لجنة ضبط الكهرباء والغاز لها الحق في أن تطلب من المتعاملين‬
‫اإلقتصاديين إطالعها كل الوثائق والمستندات المتعلقة بالنشاط‪ ،‬كما يمكن أن تقوم بمراقبة في‬
‫عين المكان‪.1‬‬

‫وكذلك نجد لجنة اإلشراف على التأمينات وفقا لنص القانون رقم ‪ 04-06‬المتعلق‬
‫بالتأمينات ينص على أن مفتشي التأمين هم المؤهلون بإجراء التحقيق في أي وقت باإلستناد‬
‫إلى الوثائق أو في عين المكان في جميع العمليات التابعة لنشاط التأمين أو إعادة التأمين ‪،2‬‬
‫فهنا اللجنة ال تكتفي فقط بالحصول على المحاضر التي تتضمن المخالفات‪ ،‬بل القيام بكل‬
‫بنوعين من التحقيقات من أجل الحصول على المعلومة كاملة‪ ،‬حيث تتمثل هذه التحقيقات في‪:‬‬

‫تحقيقات قسرية تتمثل في اإلطالع على الوثائق والمستندات واللجوء إلى األماكن‬ ‫‪-‬‬
‫المهنية‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيقات غير قسرية تتمثل في البحث عن المخالفات مع إمكانية التفتيش والحجز‪.‬‬

‫‪ 1‬زهرة مجامعية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 212‬من القانون رقم ‪ 04-06‬المتعلق بالتأمينات‪ ،‬المصدر السابق ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إال أنه ليس لهذه اللجنة أن تتدخل أو تأمر المفتشين للقيام بالتحقيقات وهذا يعتبر نقيض‬
‫عما هو معمول به في باقي السلطات التي تتمتع باإلختصاص الرقابي بحيث تقوم هذه‬
‫الهيئات بأمر الموظفين للقيام بالتحقيقات‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬اإلختصاص التحكيمي‬

‫يعتبر التحكيم ضمانة رئيسية بالنسبة لإلستثمار‪ ،‬خاصة لألجنبي المباشر‪ ،‬وذلك في ظل‬
‫إقت صاد سوق مفتوح يعامل فيه المتعاملون العموميون والخواص‪ ،‬المحليون واألجانب على‬
‫قدم المساواة‪.1‬‬

‫ولقد كرس المشرع الجزائري ضمانة التحكيم وجعلها من أهم الضمانات الممنوحة‬
‫للمستثمرين األجانب من خالل األمر رقم ‪ 03-03‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬خصوصا أن الجزائر‬
‫إنضمت ووافقت على معظم اإلتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم وسبب اإلنفتاح على‬
‫اإلستثمار األجنبي لمعظم القطاعات اإلقتصادية ‪ ،2‬لذا فقد خول المشرع الجزائري لمعظم‬
‫سلطات الضبط االقتصادي سلطة تحكيم حقيقية بهدف إلى تسوية النزاعات بين المتعاملين‪،‬‬
‫ومن هذا المنطلق سوف نتطرق إلى تعريف التحكيم (أوال)‪ ،‬ثم ممارسته من طرف سلطات‬
‫الضبط اإلقتصادي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف التحكيم‬

‫عرف الفقهاء التحكيم بأنه‪ " :‬نظام تعاقدي بموجبه يتفق الخصوم على حل الخالف الذي‬
‫ينشأ بينهما على محكمين ليفصلوا فيه بعيدا عن إجراءات القضاء العادي "‪.‬‬

‫ويعرفه البعض اآلخر على أنه‪ " :‬إحتكام الخصوم إلى شخص أو أكثر لفصل النزاع بينهم‬
‫"‪.3‬‬

‫‪ 1‬موسی رحموني‪ ،‬الرقابة القضائية على سلطات الضبط المستقلة في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل درجة‬
‫الماجستير في العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬دراجي عبدالقادر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،2013 - 2012 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 17‬من األمر ‪ 03-03‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬منصور داود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪48‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كما يعرف التحكيم على أنه‪ " :‬إتفاق أطراف عالقة قانونية معينة‪ ،‬عقدية أو غير عقدية‪،‬‬
‫على أن يتم تسوية المنازعة التي ثارت بينهم بالفعل أو التي يحتمل أن تثور عن طريق‬
‫أشخاص يتم إختيارهم كمحكمين‪ ،‬ويتولى األطراف العالقة القانونية تحديد األشخاص‬
‫المحكمين أو على األقل يضمنون إتفاقهم على التحكيم مع تبيان لكيفية إختيار المحكمين‪ ،‬أو‬
‫أن يعهدوا للهيئة من الهيئات أو مركز من مراكز التحكيم الدائمة تتولى تنظيم عملية التحكيم‬
‫وفقا للقواعد و اللوائح الخاصة بهذه الهيئات أو المراكز ‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬ممارسة سلطات الضبط اإلقتصادي لإلختصاص التحكيمي‬

‫من أهم سلطات الضبط اإلقتصادي التي منحت إختصاص فض النزاعات عن طريق‬
‫التحكيم الذي يلجأ إليه المتعاملين اإلقتصاديين عند حدوث خالفات بينهم‪ ،‬نجد سلطة ضبط‬
‫البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬سلطة ضبط الكهرباء والغاز‪ ،‬ولجنة تنظيم عمليات‬
‫البورصة‪ ،‬وسلطة ضبط نشاط السمعي البصري‪.‬‬

‫ففي مجال التحكيم في إطار لجنة تنظيم عمليات البورصة‪ ،‬تتدخل اللجنة عن طريق غرفة‬
‫التأديب والتحكيم لممارسة سلطة التحكيم داخل هذه اللجنة‪ ،‬وهذا اإلختصاص أكثر مرونة‬
‫وبساطة ألنه يضع حدا للنزاع بأسلوب أخف‪ ،‬حيث يستهدف حفظ العالقات الودية بين‬
‫األطراف ومرونتها‪.‬‬

‫وقد قيد المشرع الجزائري ممارسة هذا اإلختصاص في القطاع المالي بشروط تتعلق‬
‫بعضها بموضوع النزاع‪ ،‬وأخرى تتعلق بأطراف النزاع‪ ،‬حيث حصر المشرع الجزائري‬
‫دائرة األشخاص التي تتدخل فيما بينهم غرفة التأديب والتحكيم وهم ‪:2‬‬

‫الوسطاء في عمليات البورصة‪ ،‬الوسطاء في عمليات البورصة وشركة تسيير‬ ‫‪-‬‬


‫البورصة القيم المنقولة‪ ،‬والوسطاء في عملية البورصة والشركات المصدرة لألسهم‪،‬‬
‫الوسطاء في عمليات البورصة واآلمرون بالسحب في البورصة‪.‬‬

‫محمد مختار أحمد بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫نور الدين بري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪49‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما الشروط المتعلقة بالموضوع النزاع ال تتدخل غرفة التأديب والتحكيم كحكم في تسوية‬
‫جميع النزاعات القائمة على مستوى بورصة القيم المنقولة‪ ،‬بل تحكم فقط تلك النزاعات ذات‬
‫الطابع التقنية الناتجة عن تفسير القوانين والتنظيمات سارية المفعول على سير البورصة‪.‬‬
‫بمعنى أنه عند قيام خالف في تفسير القوانين واللوائح المتعلقة بالبورصة‪ ،‬تتدخل غرفة‬
‫التأديب والتحكيم لوضع حد عن طريق إصدار حكم التحكيم‪.‬‬

‫أما سلطة ضبط الغاز والكهرباء‪ ،‬فقد أوكل المشرع الجزائري لهذه اللجنة سلطة التحكيم‬
‫وتسوية النزاعات عن طريق جهاز ضمن هياكلها يعرف ب" غرفة التحكيم "‪ ،‬والتي أنشئت‬
‫من أجل ضمان السرعة في فصل الخالفات المتعلقة بالحقوق والواجبات التعاقدية‪ ،‬حيث‬
‫تتولى الفصل في هذه الخالفات بطلب من أحد األطراف ‪.1‬‬

‫وقد دعمت غرفة التحكيم بكل اإلمكانيات والصالحيات للقيام بهذا اإلختصاص‪ ،‬إذ يمكنها‬
‫القيام بكل التحريات التي تراها ضرورية بنفسها أو بواسطة غيرها‪ ،‬كما يمكنها اإلستعانة‬
‫بخبراء عند الحاجة واإلستماع إلى الشهود‪ ،‬بل وبإمكانها حتى أن تأمر عند اإلستعجال‬
‫بتدابير تحفظية‪.‬‬

‫وحسب المادة ‪ 114‬من القانون رقم ‪ 01-02‬المتعلق بالتوزيع الكهرباء والغاز عبر‬
‫القنوات‪ ،‬فقد منح المشرع الجزائري هذه الغرفة كل األدوات القانونية والوسائل المادية‬
‫لتمكينها من فرض سلطتها التحكيمية في مجال إختصاصها على كل المتعاملين‪ ،‬وجعل‬
‫قراراتها غير قابلة للطعن وبذلك فهي واجبة التنفيذ ‪.2‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬اإلختصاص العقابي‬

‫يتمثل اإلختصاص العقابي في أنه عبارة عن إزاحة السلطة القمعية للقاضي الجنائي‬
‫لصالح سلطات الضبط اإلقتصادي‪ ،‬التي تعتبر فكرة حديثة تتجسد في رفض تدخل القضاء‬
‫في القطاعات اإلقتصادية‪ ،‬ويعود السبب في ذلك العوامل المرونة والسرعة والتطور التي‬

‫‪ 1‬الزهر نوبال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 114‬من القانون رقم ‪ 01-02‬المتعلق بتوزيع الكهرباء والغاز عبر القنوات المصدر السابق‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تتمتع بها هذه السلطات وعلى هذا األساس سوف نتطرق في هذا الفرع إلى تعريف العقوبة‬
‫(أوال)‪ ،‬ثم ألنواع العقوبات المقررة من طرف سلطات الضبط اإلقتصادي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف اإلختصاص العقابي‬

‫يقصد باإلختصاص العقابي الممنوح لسلطات الضبط اإلقتصادي باألهلية القانونية التي‬
‫يمنحها القانون لهذه الهيئات للمعاقبة على خرق القوانين واألنظمة أي إلرتكاب المخالفات ‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع العقوبات المقررة من طرف سلطات الضبط‬

‫تعمل العقوبات المقررة من طرف سلطات الضبط اإلقتصادي على إعادة عملية التوازن‬
‫بين الفعل المرتكب واإلساءة إلى المجتمع‪ ،‬ويمكن لهذه السلطات أن توقع نوعين من‬
‫العقوبات‪ ،‬حيث يتمثال في عقوبات المالية (‪ ،)1‬وعقوبات غير المالية (‪.)2‬‬

‫‪ .1‬العقوبات المالية‪:‬‬

‫هي تلك العقوبة التي تمس األمة المالية للشخص مرتكب المخالفة‪ ،2‬فهي عبارة عن مبلغ‬
‫مالي يدفعه إلى الدولة عن طريق الخزينة العمومية‪.‬‬

‫وقد نص المشرع الجزائري في مختلف النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط‬


‫اإلقتصادي على أهليتها في إتخاذ العقوبات المالية‪ .‬فنجد على سبيل المثال لجنة ضبط‬
‫الكهرباء والغاز تختص بفرض عقوبات مالية على المتعاملين الذين ال يحترمون القواعد‬
‫التقنية لإلنتاج والتصميم وتشغيل ربط وإستخدام شبكات النقل والتوزيع‪ ،‬والقواعد التي تحدد‬
‫الكيفيات التقنية والتجارية لتمويل الزبائن والتي تحتويها دفاتر الشروط‪ ،‬وقواعد النظافة‬
‫واألمن وحماية البيئة‪ ،‬وذلك في حدود ‪ %03‬من رقم أعمال السنة الفارطة للمتعامل مرتكب‬

‫‪ 1‬عز الدين عيساوي‪ ،‬الرقابة القضائية على السلطة القمعية للهيئات اإلدارية المستقلة في المجال اإلقتصادي‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة دكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص القانون زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2015 ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 2‬نادية رابح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.125‬‬

‫‪51‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المخالفات دون أن يفوق خمسة آالف دينار ( ‪ 5,000‬دج)‪ ،‬ويرفع إلى ‪ %05‬في حالة العود‬
‫دون أن يفوق عشرة أالف دينار ( ‪ 10.000‬دج)‪.1‬‬

‫ونجد كذلك اللجنة المصرفية تختص بفرض العقوبات المالية على المتعاملين المخالفين‬
‫للتشريعات المنظمة للنشاط المصرفي تكون مساوية على األكثر لرأس المال األدنى الذي‬
‫يلتزم البنك أو المؤسسة المالية بتوفيره وتقوم الخزينة بتحصيل المبالغ الموافقة ‪.2‬‬

‫إن المساس بالذمة المالية للشخص المعني بالعقوبة ال يتوقف عند العقوبات المالية‬
‫المباشرة ويمكن إضافة العقوبات التي لها أثار مالية بشكل غير مباشر‪ ،‬رغم عدم تكييف‬
‫المشرع الجزائري لها على أنها مالية كالنشر والتعليق‪ ،‬واللذان يعتبران عقوبات ذات صلة‬
‫بالذمة المالية للشخص المعاقب‪ ,‬فنشر القرار في جريدة يومية في صفحة كاملة‪ ،‬أو اإلعالن‬
‫في قناة تلفزيونية سوف يحمل صاحبه أعباء مالية كبيرة‪ ،‬حيث تتضخم العقوبة المالية غير‬
‫المباشرة مع تضخم العقوبة المالية المباشرة التي يوقعها مجلس المنافسة‪ ،‬والذي يمكنه أن‬
‫يوقع عقوبة النشر أو التعليق على عاتق الشخص المخالف وفقا لنص المادة ‪ 245‬من األمر‬
‫رقم ‪ 03 - 03‬المتعلق بالمنافسة‪.3‬‬

‫‪ .2‬العقوبات الغير المالية‪:‬‬

‫تعتبر نقيض العقوبات المالية والتي عرفها األستاذ " زوايمية رشيد " بأنها العقوبات‬
‫السالبة للحقوق‪ . 4‬فهي ال تمس بالذمة المالية للشخص‪ ،‬وإنما تمس نشاطه المهني أو مركزه‬
‫القانوني‪ .‬وتطبق العقوبات الغير المالية تطبق على األشخاص الطبيعيين كما تطبق على‬
‫األشخاص اإلعتباريين (الشركات التجارية )‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 141‬من القانون رقم ‪ 01-02‬المتعلق بالكهرباء والغاز بواسطة القنوات‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 114‬من األمر رقم ‪ 01-03‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬مجدوب قوراري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Zouaimia rachid : De la responsabilitè sucipfnaire les agents économique lènèmple du‬‬
‫‪secteur financier, opv, alger, 2010, p: 66 .‬‬

‫‪52‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ففي القطاع البنكي يمكن أن نميز بين نوعين من العقوبات بالنسبة للشخص المعنوي‪،‬‬
‫فإنه في حال إخالل أي بنك أو مؤسسة مالية باألحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالنشاط‬
‫المالي‪ ،‬فتتراوح العقوبة بين اإلنذار والتوبيخ وسحب اإلعتماد ‪ ،1‬حيث وقعت لجنة النقد‬
‫والقرض عقوبة سحب اإلعتماد على عدة بنوك خاصة منها " بنك الخليفة والبنك التجاري‬
‫والصناعي"‪.2‬‬

‫أما عن العقوبات التي تمس األشخاص الطبيعية والمتعلقة بمسيري المؤسسات المالية‪،‬‬
‫تترواح بين المنع من ممارسة بعض العمليات‪ ،‬والتوقيف المؤقت لمسير أو أكثر مع تعيين‬
‫قائم باإلدارة مؤقت‪ ،‬إنهاء مهام شخص أو أكثر من هؤالء األشخاص ‪.3‬‬

‫أما بخصوص قطاع البورصة‪ ،‬فقد منحت لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها من‬
‫توقيع عقوبات تمس بالنشاط المهني للوسطاء في عمليات البورصة والمتمثلة في اإلنذار‬
‫والتوبيخ‪ ،‬باإلضافة إلى حظر النشاط كلي أو جزئي مؤقتا أو نهائيا‪ .‬كما أنه يمكنها أن توقع‬
‫أقصى عقوبة وهي سحب اإلعتماد‪.4‬‬

‫وفي األخير ما يمكن مالحظته أن العقوبات المفروضة من قبل السلطات الضبط‬


‫االقتصادي هي متنوعة ومختلفة الخطورة‪ ،‬حيث أن معظم هذه العقوبات تحتوي على‬
‫عقوبات معنوية تتمثل في اإلنذار والتوبيخ وسحب االعتماد‪ ،‬وعقوبات ذات طابع ردعي أو‬
‫قمعي بنوعيها سواء عقوبات مالية أو غير مالية‪ ،‬وهذا يكشف عن التدرج في االختصاص‬
‫العقابي ويستجيب لفكرة الضبط اإلقتصادي‪.5‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 114‬من األمر رقم ‪ 11-03‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 2‬أحمد أعراب‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة في المجال المصرفي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬فرع قانون‬
‫األعمال‪ ،‬كاشير عبدالقادر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أمحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪ ،2007 - 2006 ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 114‬من األمر رقم ‪ 11-03‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة ‪ 55‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪ ،‬المصدر السابق‬
‫‪ 5‬منصور داوود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.180‬‬

‫‪53‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للضبط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خالصة الفصل األول‪:‬‬

‫إن اإلنتقال من الدولة المتدخلة إلى الدولة الضابطة جاء باللجوء إلى هيئات ضبط‬
‫مستقلة تعرف في الفقه اإلداري بسلطات الضبط المستقلة‪ ،‬وهي شكل جديد يضاف إلى‬
‫األشكال التقليدية لتسيير المرافق العمومية‪ ،‬وكان ظهور هذه األخيرة من أجل اإلستجابة‬
‫للعديد من اإلنشغاالت أهمها تجنب اإلفراط الكبير في تسييس اإلدارة الكالسيكية والتي تعتبر‬
‫تابعة مباشرة للسلطة التنفيذية وبالتالي ال تتمتع باإلستقاللية سواء العضوية أو الوظيفية‪،‬‬
‫وعلى هذا األساس فهي ال توفر لألعوان اإلقتصاديين ضمانات عدم اإلنحياز والحياد التي‬
‫يتطلبها إقتصاد السوق‪.‬‬

‫وقد ظهرت فكرة سلطات الضبط المستقلة تحت تأثير اإليديولوجية الليبيرالية‪ ،‬التي‬
‫تفرض الفصل بين من يتولى الضبط واألعوان اإلقتصاديين‪ ،‬وبناء عليه تم فتح المجال‬
‫لبعض النشاطات اإلقتصادية للمنافسة‪ ،‬خاصة تلك التي كانت تشكل مركز النشاط المرفق‬
‫خصوصا نحو اإلستثمارات األجنبية‪.‬‬

‫ومن أجل ذلك فقد خص المشرع الجزائري هذه السلطات الضابطة بنظام قانوني خاص‬
‫ومتميز‪ ،‬باإلضافة إلى سلطة تقديرية واسعة‪ ،‬لتعمل بطريقة مستقلة‪ ،‬فهي تقوم بكل المهام‬
‫التي كانت مخولة للدولة بداية بوضع الضوابط والتنظيمات‪ ،‬ثم السهر على تطبيق وإحترام‬
‫هذه التنظيمات‪ ،‬إضافة إلى الدور الوقائي الذي تقوم به عن طريق محاولة الصلح بين‬
‫المتعاملين اإلقتصادين‪.‬‬

‫كما تلعب سلطات الضبط المستقلة دورا تحکيميا في ما يتعلق بالخالفات التي تنشب بين‬
‫المتعاملين‪ ،‬وسلطة معاقبة كل من يخالف النصوص القانونية المؤطرة للنشاطات اإلقتصادية‪.‬‬

‫إن الجمع بين كل هذه االختصاصات بين أيدي سلطات الضبط المستقلة الضابطة‬
‫للنشاطات االقتصادية له هدف رئيسي هو معاصرة ومسايرة متطلبات السوق وتطوراته‬
‫المستمرة‪ ،‬كما تعتبر بداية تحديث اإلدارة الجزائرية في المجال االقتصادي‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت‬
‫السلكية والالسلكية‬
‫نموذجا‬

‫‪55‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعتبر سلطات الضبط اإلقتصادي مؤسسات جديدة من مؤسسات الدولة في الجزائر‪ ،‬وهي‬
‫تجربة حديثة مقارنة بالنماذج الكبرى الرائدة في هذا المجال‪ ،‬حيث تم إنشاءها لتشرف على‬
‫العديد من المجاالت التي كانت حكرا على الدولة في ظل إنسحاب الدولة من الحقل‬
‫اإلقتصادي لصالح السوق وهو حال قطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬الذي كان‬
‫حكرا للدولة ممثلة في الوزارة الوصية المكلفة بقطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‬
‫قبل ‪.2000‬‬
‫وبصدور القانون رقم ‪ 03-2000‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت‬
‫السلكية والالسلكية‪ ،‬تضمن هذا األخير عدة إصالحات هيكلية تضمن تغيير مؤسساتي يعتمد‬
‫أساسا على التمييز بين مهام اإلستغالل ومهام الضبط‪ ،‬والذي نص على إستحداث مؤسسات‬
‫تتولى هذه المهام التي كانت ملقاة على الدولة‪ ،‬والمعبر عنها في المادة ‪ 10‬و ‪ 12‬من الفصل‬
‫الثالث من هذا القانون تحت عنوان " مؤسسات البريد والمواصالت السلكية والالسلكية "‪،‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 10‬منه على أنه‪ " :‬تنشأ سلطة ضبط مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية‬
‫واإلستقالل المالي‪ .‬يكون مقر سلطة الضبط بالجزائر العاصمة "‪.‬‬
‫وقد جاء إنشاء هذه السلطة على هرم المؤسسات المستحدثة لتسيير قطاعي البريد‬
‫والمواصالت السلكية والالسلكية بهدف ضمان فعالية التسيير وتحقيق الحياد المطلوب بين‬
‫المتعاملين اإلقتصاديين‪ ،‬والتوفيق بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة اإلقتصادية‬
‫(المبحث األول)‪ ،‬وتتولى مهمة ضبط قطاع البريد والمواصالت السلكية والالسلكية من‬
‫خالل إختصاصات وأدوات كانت حكرا للدولة قبل إنشاء هذه السلطة المبحث الثاني )‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الطبيعة القانونية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬


‫األصل إن البحث عن الطبيعة القانونية ألي سلطة من سلطات الضبط اإلقتصادي يكون‬
‫باإلعتماد على المعايير المعتمدة من طرف الفقه والقضاء المقارن في تحديد الطبيعة القانونية‬
‫ألي سلطة من السلطات التي أغفل المشرع صراحة تحديد وصفها القانوني‪ ،‬وبإعتبار أن‬
‫القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت قد حدد صراحة الطبيعة القانونية‬
‫لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬سنحاول التطرق لها من خالل العناصر المكونة له‪ ،‬فهي‬
‫تعتبر سلطة ( المطلب األول )‪ ،‬إدارية ( المطلب الثاني )‪ ،‬مستقلة ( المطلب الثالث )‪ ،‬وهي‬
‫أهم المميزات اللصيقة بهذه الهيئات والتي تضفي عليها خصوصية تجعلها مختلفة عن باقي‬
‫الهيئات التقليدية الموجودة في الدولة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطابع السلطوي للجنة ضبط البريد والمواصالت‬
‫إن كلمة السلطة تعني في اللغة القدرة على القيادة وإتخاذ القرار‪ ،‬وتعني الحق في التوجه‬
‫نحو من تمتلك نحوهم هذه السلطة‪ ،‬وتأمرهم لإلستماع إليك وطاعتك بتنفيذ أوامر وتجنب‬
‫نواهيك ‪.1‬‬
‫وبالرجوع إلى القانون رقم ‪ 03-2000‬المحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد‬
‫والمواصالت‪ ،‬نجده منح الهيئة المكلفة بضبط البريد والمواصالت وصف سلطة الضبط‪ ،‬كما‬
‫يمكن تأكيد هذا الوصف من خالل بعض المعايير الفرع األول ‪ ،‬ومن خالل تمتع هذه الهيئة‬
‫بمظاهر السلطة العامة (الفرع الثاني )‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬معايير تحديد الطابع السلطوي لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫إن البحث في المعايير التي تحدد الطابع السلطوي لسلطة ضبط البريد والمواصالت يكون‬
‫بالرجوع إلى الموقف الفقهي (أوال)‪ ،‬وموقف التشريعي منها ( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬موقف الفقه‬
‫لقد إختلف شراح القانون اإلداري في تحديد مدلول السلطة التي حولت لسلطات الضبط‬
‫اإلقتصادي‪ ،‬فبعض األساتذة يرى أن مفهوم السلطة يحيل إلى سلطة إتخاذ قرارات معروفة‬
‫بالتنفيذ‪ ،‬قابلة أن تؤدي إلى الطعن بسبب تجاوز السلطة‪.‬‬
‫أما البعض آخر يرى أن السلطة ال يجب أن نحصرها في مدلولها القانوني‪ ،‬إذ يمكن أن‬
‫تكون سلطة معنوي‪ .‬إال أن الذي يعني باألجهزة ال يكون محصورا فقط في الدراسة واإلرشاد‬
‫وال تقتصر على إصدار آراء سابقة على القرارات‪ ،‬فبالعكس هذه التدخالت بالرغم من أنها‬

‫‪ 1‬نوبال لزهر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪16‬‬

‫‪57‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال تترجم بقرارات لها مضمون وتتدخل في نشاط متناسق‪ ،‬وهي تفرض بقوة وتعمل إذن‬
‫‪1‬‬
‫كسلطة‪ ،‬بمعنى لها سلطة إتخاذ القرارات التنفيذية أي سبطة تقرير مستقلة‬
‫بالعودة إلى اآلراء الفقهية المتعلقة بما إذا كانت صالحيات اإلقتراح لوحدها كافية إلعتبار‬
‫الهيئة التي تتمتع بها سلطة فعلية أم ال‪ ،‬نجد أن هناك اتجاهين فقهيين مختلفين ‪:2‬‬
‫الرأي األول‪ :‬يرى أصحاب هذا اإلتجاه ومنهم الفقيه ‪ chapus .R‬أن منح وصف السلطة‬
‫لهيئة ضبط ما ال يمكن أن يكون مبررا إال إذا كانت هذه الهيئة تتمتع بسلطة قرار فعلية‬
‫بمناسبة ممارستها لمهامها‪.‬‬
‫الرأ ي الثاني‪ :‬يذهب بعض الفقهاء عكس الرأي األول‪ ،‬إذ يرى أصحاب هذا اإلتجاه أنه ال يهم‬
‫أن تصدر هيئة ضبط ما قرارات نافذة لتعتبر كسلطة‪ ،‬ويكفي إلعتبارها كذلك أن تؤدي‬
‫صالحية التأثير واإلقناع لديها إلى نفس النتائج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف المشرع‬
‫يمثل الرأي الفقهي الثاني‪ ،‬الموقف الذي تبناه المشرع الفرنسي‪ ،‬الذي لم يتردد من إعطاء‬
‫وصف السلطة لبعض الهيئات التي ال تملك سلطة قرار فعلية مثل المجلس الوطني لتقييم‬
‫الجامعات‪ ،‬هذه الهيئات وعلى الرغم من عدم إمتالكها صالحية التدخل المباشر بإعتبارها ال‬
‫تمتلك سلطة وضع التنظيمات‪ ،‬أو سلطة إتخاذ القرارات الفردية‪ ،‬ولكن باعتبار تشكيلتها التي‬
‫تضم شخصيات بارزة وذات ثقل في الحكومة‪ ،‬أو في المجتمع‪ ،‬وبالتالي غالبا ما تأخذ‬
‫اإلستشارات التي تقدمها هذه الهيئات بعين اإلعتبار السلطة التي طلبتها أو سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت السلكية والالسكية نموذجا قدمت لها‪ ،‬وهي تتمتع بطابع سلطوي حقيقي‬
‫مصدره المركز المعنوي ألعضائها‪.3‬‬
‫ونجد أن المشرع الجزائري أيضا لم يتردد بإعطاء وصف السلطة للهيئة الوطنية للمكلفة‬
‫للوقاية من الفساد على رغم من أن مختلف االختصاصات الممنوحة ال تتعدى الطابع‬
‫االستشاري‪ ،‬وهذا ما يمكن مالحظته من خالل المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 01-06‬المتعلق‬
‫بالوقاية من الفساد والتي تكيف هذه الهيئة على أنها سلطة اإلدارية المستقلة ‪.4‬‬

‫‪ 1‬مجدوب قوراري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ 2‬لزهر نوبال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 3‬فضيلة براهيمي‪ ،‬المركز القانوني لمجلس المنافسة بين األمرين ‪ 03-03‬وقانون رقم ‪ ،12-08‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير فرع قانون األعمال‪ ،‬زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪،‬‬
‫بجاية‪،‬‬
‫‪ ، 2009 - 2010‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ 2006‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،14‬صادرة في ‪ 08‬مارس ‪.2006‬‬

‫‪58‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما سلطة ضبط البريد والمواصالت محل الدراسة فتتدخل في تنظيم سوق البريد‬
‫والمواصالت‪ ،‬من خالل ما تقدمه للسلطات العمومية من إقتراحات وآراء في إطار القوانين‬
‫المعمول بها‪ ،‬فهي بذلك تقترح خدمات تتعلق بنوعية العرض وخدمة الزبون وتدابير الرقابة‪،‬‬
‫كما أنها تتدخل من خالل رأيها المسبق بأي عملية تكتل المؤسسات لما لهذه العملية من تهديد‬
‫المنافسة وإحتماالت لنشأة اإلحتكارات‪ ،‬وتستشار في عملية فرض الرقابة على المؤسسات‪.‬‬
‫وبناءا على ما تملكه سلطة ضبط البريد والمواصالت من صالحيات في تقديم اإلقتراحات‬
‫واإلستشارات‪ ،‬والسلطة العمومية في مجال إختصاصها ‪ ،1‬والمقيدة في إتخاذ بعض قرارات‬
‫على الرأي أو اإلقتراح المسبق‪ .‬فإننا نقول أن سلطة ضبط البريد والمواصالت وبعض النظر‬
‫عن إمتالكها السلطة قرار فعلية بمناسبة أدائها لمهامها أو ال‪ ،‬يمكن إعتبارها سلطة فعلية‬
‫وليست مجرد هيئة إستشارية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مظاهر ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت للسلطة‬
‫إن سلطة ضبط البريد والمواصالت وعلى الرغم من المهمة اإلستشارية التي تقوم بها‬
‫لدى السلطات العمومية فيما يخص تنظيم وتأطير سوق البريد والمواصالت‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من منحها صالحية المساهمة في إعداد التنظيمات التطبيقية المنصوص عليها في القانون رقم‬
‫‪ ،03-2000‬وإبداء اآلراء وتقديم اإلقتراحات في إطار القوانين المعمول بها‪ ،‬إال أنها ليست‬
‫مجرد هيئة إستشارية ألنها وباإلضافة إلى كل هذه الصالحيات تمتلك سلطة إتخاذ القرارات‬
‫الفردية‪ ،‬وتمتلك صالحية القيام بكل مبادرة تقوم بها في إطار المهام التي أوكلت لها في مجال‬
‫تنظيم سوقي البريد والمواصالت‪ .‬وتتجلى أهم مظاهر ممارستها للسلطة في النقاط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬سلطة إصدار قرارات إدارية‬
‫لقد قام المشرع الجزائري بتخويل سلطة ضبط البريد والمواصالت كما هو حال باقي‬
‫سلطات الضبط المستقلة‪ ،‬صالحية إصدار قرارات إدارية فردية تهدف إلى تسيير قطاع‬
‫البريد والمواصالت التي تأخذ شكل‪ - :‬نظام الترخيص‪ :‬حيث تنص المادة ‪ 39‬من القانون‬
‫رقم ‪ 03-2000‬على أنه‪ " :‬يمنح الترخيص لكل شخص طبيعي أو معنوي يلتزم بإحترام‬
‫الشروط التي تحددها سلطة الضبط في مجال إنشاء وإستغالل أو تقديم الخدمات الخاضعة‬
‫لنظام الترخيص "‪.‬‬
‫‪ -‬نظام التصريح البسيط‪ :‬حيث تنص المادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬على أنه‪" :‬‬
‫كل متعامل يريد إستغالل خدمة المواصالت السلكية والالسلكية الخاضعة لنظام‬
‫التصريح البسيط ملزم بإيداع تصريح برغبته في االستغالل التجاري لهذه الخدمة‬
‫لدی سلطة الضبط "‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‬

‫‪59‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬نظام االعتماد‪ :‬حيث تنص المادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬على أنه‪ " :‬يمنح‬
‫اإلعتماد من قبل السلطة الضبط‪ ،‬أو من قبل مخبر تجاري وقياسات معتمدة قانونا من‬
‫طرف هذه السلطة وفق شروط محددة عن طريق التنظيم "‪.‬‬
‫‪ -‬نظام الرخصة‪ :‬حيث تنص المادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬على أنه‪ " :‬تمنح‬
‫الرخصة لكل شخص طبيعي أو معنوي يرسى عليه المزاد إثر إعالن المنافسة ويلتزم‬
‫بإحترام الشروط المحددة في دفتر الشروط"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سلطة رقابة نشاطات إستغالل قطاعي البريد والمواصالت‬
‫تظهر سلطة الرقابة التي تمارسها سلطة ضبط البريد والمواصالت من خالل إلزام‬
‫المتعاملين اإلقتصاديين المستفدين من الرخصة أو الترخيص أو اإلعتماد أو التصريح‬
‫البسيط‪ ،‬أن يضعوا تحت تصرفها المعلومات أو الوثائق التي يمكنها من التأكد مدى إحترام‬
‫هؤالء المتعاملين اإللتزامات المفروضة عليهم بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية‪ ،‬كما‬
‫أهلت سلطة الضبط البريد والمواصالت بإجراء تحقيقات لدى نفس المتعاملين لما في ذلك‬
‫التحقيقات التي تتطلب تدخالت مباشرة‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬سلطة توقيع العقوبات‬
‫لقد منح المشرع الجزائري على غرار التشريعات المقارنة سلطة توقيع العقوبات السلطة‬
‫ضبط البريد والمواصالت بموجب المادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد‬
‫والمواصالت التي نصت على أنه‪ " :‬في حالة عدم إحترام المتعامل المستفيد لرخصة إنشاء‬
‫واستغالل شبكات عمومية للشروط المقررة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية تعذره‬
‫سلطة الضبط لإلمتثال للشروط المحددة في هذه الرخصة من أجل ثالثين يوم‪.‬‬
‫فإذا لم يتمثل المتعامل لإلعذار وشروط الرخصة يتخذ ضده الوزير المكلف بالمواصالت‬
‫السلكية والالسلكية وعلى نفقته بموجب قرار مسبب بإقتراح من سلطة الضبط إحدى‬
‫العقوبات التاليتين‪:‬‬
‫‪ -‬التعليق الكلي أو الجزئي لهذه الرخصة ال تتعدى ‪ 30‬يوما‪.‬‬
‫‪ -‬التعليق المؤقت لهذه الرخصة لمدة تتراوح مابين شهر إلى ‪ 3‬أشهر أو تخفيض مدتها‬
‫في حدود معينة"‪.‬‬
‫وإذا لم يمثل المتعامل عند إنقضاء هذه اآلجال‪ ،‬يمكن أن يؤخذ ضده قرار سحب نهائي‬
‫لهذه الرخصة في نفس األشكال التي أتبعت في منحها‪ ،‬وفي هذه الحالة تتخذ سلطة الضبط‬
‫تدابير الالزمة لضمان إستمرارية الخدمة وحماية مصالح المرتفقين ‪.2‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 57‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫أنظر المادة ‪ -3‬من القانون رقم ‪ 03 -2000‬المتعلق بالبريد و المواصالت السلكية و الالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‬ ‫‪2‬‬

‫‪60‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطابع اإلداري لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬


‫بخالف بعض سلطات الضبط المستقلة كمجلس المنافسة‪ ،‬وسلطة ضبط المياه‪ ،‬ووكالتي‬
‫ضبط النشاط المنجمي التي أقر لها المشرع الجزائري صراحة الطابع اإلداري‪ ،‬فإن هناك‬
‫سلطات تخرج عن هذه الفئة كما حال سلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬حيث نجد هناك‬
‫غياب تام للتكييف التشريعي لها‪.‬‬
‫وفي ظل غياب هذا التكييف‪ ،‬تدخل الفقه والقضاء وتكفل بتحديد طبيعة سلطة الضبط‬
‫سواء باالعتماد على المعيار الشكلي (الفرع األول)‪ ،‬وذلك بتحديد طبيعة الجهة المختصة‬
‫واإلجراءات المتبعة أمامها‪ ،‬وباالعتماد على المعيار المادي الفرع الثاني) بتحديد مهامها‬
‫وطابعها التخصصي‪ ،‬وباإلعتماد على معيار المنازعات الفرع الثالث من خالل تحديد مدى‬
‫خضوع القرارات الصادرة عن سلطة الضبط اإلختصاص القضاء اإلداري‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المعيار الشكلي‪:‬‬
‫يستند المعيار الشكلي إلى تحديد الطبيعة القانونية لسلطة الضبط البريد و المواصالت إلى‬
‫مجموعة من المرتكزات تتمثل أساسا في التشكيلة البشرية و الهيكل اإلداري لهذه السلطة (‬
‫أوال )‪ ،‬و اإلجراءات المتبعة أمام هذه الهيئة ( ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬التشكيلة البشرية و الهيكل االداري‪:‬‬
‫تعتبر التشكيلة البشرية وتركيبتها من أهم العناصر التي تحدد طبيعة أعضاء سلطة‬
‫الضبط‪ ،‬وتبين مدى إصباغ هؤالء األعضاء الطبيعة اإلدارية لسلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت‪.‬‬
‫و ال يقل الهيكل اإلداري لسلطة ضبط البريد والمواصالت أهمية في تحديد طبيعتها‬
‫القانونية وهذا ما يوضح اإلختالف التام بين ما هو إداري و ما هو قضائي هيكليا‪.‬‬
‫فمن خالل المعيار العضوي ال نجد في تشكيلة سلطة ضبط البريد والمواصالت أي‬
‫عنصر قضائي وذلك في ظل المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد‬
‫والمواصالت‪ ،‬وهو ما يبعد عنها الطابع القضائي ويثبت لها الطابع اإلداري‪.‬‬
‫وبالنسبة للهيكل اإلداري لسلطة الضبط‪ ،‬نجد أن المشرع الجزائري قد زودها بجهاز‬
‫المدير العام الذي تساعده من أجل القيام بمهامه مديريات تعمل تحت سلطته‪.1‬‬

‫‪ 1‬مديرية اإلدارة والموارد البشرية‪ ،‬المديرية التقنية‪ ،‬مديرية المتعاملين ومزودي الخدمات‪ ،‬مديرية اإلقتصاد والمنافسة‬
‫واإلستشراف‪ ،‬مديرية اإلعالم اآللي واألنظمة المعلوماتية‪ ،‬مديرية البريد‪ ،‬مديرية التصديق اإللكتروني‪ ،‬مديرية المالية‬
‫والمحاسبة‪ ،‬مديرية الشؤون القانونية نقال عن منصور داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.127‬‬

‫‪61‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلجراءات المتبعة أمام سلطة ضبط البريد والمواصالت‬


‫فيما يتعلق باإلجراءات المتبعة أمام سلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬يظهر من خالل‬
‫نص المادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت وجود مبدأ معمول‬
‫به في الهيئات القضائية هو مبدأ حق الدفاع‪ ،‬إال أن تطبيق هذا المبدأ ال يعني بالضرورة‬
‫إضفاء الصبغة القضائية على سلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬ذلك أن تكريس هذا المبدأ‬
‫هو بمثابة ضمانة لحماية حقوق األفراد وحرياتهم ومنع تعسف اإلدارة‪.‬‬
‫كما أن سلطة ضبط البريد والمواصالت تملك إجراءات إدارية بحتة ال تملكها الهيئات‬
‫القضائية من أهمها إجراءات منح التراخيص وإجراءات التصريح البسيط‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المعيار المادي‬
‫يعتبر المعيار المادي أساس يمكن األخذ به التحديد الطبيعة القانونية لسلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت‪ ،‬حيث يرتكز هذا المعيار على تحديد طبيعة النشاط الموكل لهذه السلطة والذي‬
‫ينظر له من زاويتين‪ ،‬األولى هدف النشاط‪ ،‬والثانية وسائل تحقيق الضبط اإلقتصادي‬
‫والمالي‪.‬‬
‫‪ -‬نشاط سلطة ضبط البريد والمواصالت هدفه تحقيق المنفعة العامة‪ :‬إن نشاط سلطة‬
‫ضبط البريد والمواصالت يهدف إلى السهر على تطبيق القانون في المجال‬
‫المخصص لها‪ ،‬هذا الهدف الذي يعتبر خاصية من خصائص اإلدارة التي تمارس‬
‫اختصاصاتها وذلك بهدف تحقيق المنفعة العامة‪ ،‬والتي تتغير من وقت إلى آخر‪،‬‬
‫وحسب األشكال اإلجتماعية والمعطيات السيكولوجية والتقنيات وأن كل مضمون‬
‫يتغير إال أن الهدف يبقى نفسه‪.1‬‬
‫حيث تتولى سلطة الضبط البريد والمواصالت مهمة السهر على وجود منافسة فعلية‬
‫ومشروعة في سوقي البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬وذلك بإتخاذ كل التدابير‬
‫الضرورية لترقية المنافسة في السوق ‪ ،2‬وبالتالي تأمين اإلقتصاد الوطني وحماية المتعاملين‬
‫من الوضعيات المنافية لمنافسة سوق اإلتصاالت خاصة وضعيات الهيمنة‪ ،‬وال يكون ذلك إال‬
‫عن طريق إلزام المتعاملين المستفيدين من الرخصة أو الترخيص أن يضعوا تحت تصرف‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت المعلومات والوثائق التي تمكنها من التأكد من مدى إحترام‬
‫هؤالء المتعاملين اإللتزامات المفروضة عليهم بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية ‪،3‬‬

‫‪ 1‬منصور داود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 57‬من القانون رقم ‪ ،03-2000‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫باإلضافة إلى تحضير مشاريع النصوص التنظيمية التي تتعلق بقطاعي البريد والمواصالت‬
‫السلكية والالسلكية خاصة فيما يتعلق بتحضير دفاتر الشروط ‪.1‬‬
‫‪ -‬وسائل تحقيق الضبط اإلقتصادي والمالي‪ :‬تعتبر المهمة األساسية للدولة تحقيق‬
‫المصلحة العامة ولذلك فهي تحتاج لمجموعة من الوسائل للقيام بهذه المسؤولية‪ ،‬وهذه‬
‫الوسائل سواء كانت ذات طابع مالي‪ ،‬أو طابع بشري أو قانوني تمكنها من القيام‬
‫ببعض التصرفات واألعمال من بينها القرارات اإلدارية‪.2‬‬
‫إذ نجد أن القانون منع السلطات الضبط ومن ضمنها سلطة الضبط البريد والمواصالت‬
‫إمتيازات السلطة العامة ‪ ،3‬تتمثل أساسا في إصدار القرارات التنظيمية والفردية بغية تحقيق‬
‫المصلحة العامة والمصالح الخاصة لألفراد‪ ،‬حيث تمارس سلطة البريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية الصالحيات المنقولة إليها بإسم الدولة ولحسابها وذلك من خالل قرارات إدارية‬
‫تتميز بالتنوع نتيجة تنوع صالحيات هذه السلطة‪ ،‬فيمكن أن تصدر سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت قرارات إدارية فردية موضوعها منح رخص إستغالل أو إنشاء شبكات‬
‫عمومية أو منشآت المواصالت السلكية والالسلكية وتوفير خدمات المواصالت بنوعيها‪ ،‬كما‬
‫يمكنها إصدار قرارات فردية موضوعها منح الترخيص إستغالل‪.4‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬معيار منازعات سلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫تعتبر سلطة ضبط البريد والمواصالت من ضمن الهيئات اإلدارية العامة التي تخضع‬
‫منازعاتها إلى إختصاص القضاء اإلداري كأصل عام وذلك بموجب المادة ‪ 17‬من القانون‬
‫رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت والتي تنص على أنه‪ " :‬يجوز الطعن في‬
‫قرارات سلطة الضبط أمام مجلس الدولة في أجل شهر واحد ابتداءا من تاريخ تبليغها وليس‬
‫الطعن اثر موقف"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فمن خالل ما سبق ذكره في هذه المعايير يتضح الطابع اإلداري الصريح لسلطة‬
‫ضبط البريد والمواصالت‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الطابع اإلستقاللي لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫إذا كانت هذه اإلستقاللية التي نصت عليها صراحة جل القوانين المنشئة السلطات الضبط‬
‫المستقلة ال تثير إشكاالت حادة فيما يتعلق بتعريفها من زاوية المقاربة القانونية والتي تعني‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ ،03-2000‬المصدر نفسه‪.‬‬


‫‪ - 2‬منصور داود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪ 3‬تعرف إمتيازات السلطة العامة بكونها نظام قانوني متميز بالشروط واإلجراءات الغير مألوفة في القانون العادي‬
‫والمعترف بها لألشخاص التي تمارس نشاطها في إطار السيادة الوطنية‪.‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادتين ‪ 38‬و ‪ 39‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ببساطة خروج هذه الهيئات عن السلطة السلمية ووصاية الحكومة‪ ،‬فهي ال تحقق نفس‬
‫اإلجماع وليست بنفس البساطة فيما يتعلق بالمقاربة التي تعني طريقة إخراج هذه اإلستقاللية‬
‫من قوة النصوص إلى قوة الملموس كممارسة على أرض الواقع‪ ،‬وهنا يشير الكثير من‬
‫الفقهاء أن اإلستقاللية الفعلية ألي سلطة ضبط والتي من ضمنها سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت تجد دعائمها في مستويين أحدهما عضوي ( الفرع األول ‪ ،‬واآلخر وظيفي (‬
‫الفرع الثاني )‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلستقاللية العضوية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫تستند اإلستقاللية العضوية السلطة ضبط البريد والمواصالت على توفر العديد من‬
‫العوامل وتكاملها‪ ،‬ومن ضمن هذه العوامل نشير إلى التركيبة البشرية لهذه السلطة (أوال)‪،‬‬
‫وإلى أسلوب تعيينها والجهات التي يعود لها اإلختصاص في ذلك (ثانيا)‪ ،‬وإلى النظام‬
‫القانوني الخاص بأعضاء مجلس إدارة سلطة الضبط البريد والمواصالت (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التركيبة البشرية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫يعتبر تعدد أعضاء سلطات الضبط المستقلة وإختالف صفاتهم ومراكزهم القانونية مظهر‬
‫يضمن اإلستقاللية العضوية لهذه السلطات ‪ ،1‬إذ بالرجوع إلى تركيبة مجلس إدارة سلطة‬
‫ضبط البريد والمواصالت مثل باقي سلطات الضبط المستقلة في التشريع الجزائري هي‬
‫تركيبة جماعية‪ ،‬حيث حذي المشرع الجزائري حذو المشرع الفرنسي في ذلك‪ ،‬فنجد على‬
‫سبيل المثال لجنة ضبط الكهرباء والغاز تتكون من ‪ 04‬أعضاء ‪ ،2‬واللجنة المديرة لوكالتي‬
‫المحروقات تتكون من ‪ 06‬أعضاء ‪ ،3‬أما مجلس إدارة سلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫فتتكون من ‪ 07‬أعضاء من بينهم الرئيس‪ ،‬وهذا ما تنص عليه المادة ‪ 15‬من القانون رقم‬
‫‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت والتي جاء فيها‪ " :‬يتشكل مجلس سلطة الضبط من‬
‫سبعة أعضاء من بينهم الرئيس يعيينهم رئيس الجمهورية "‪.‬‬
‫هذا التوجه وإن كان في ظاهره على األقل الرغبة في البحث عن التعددية والسعي إلى‬
‫خلق توازن في تركيبة هذه الهيئة لكي يضمن لها ولقراراتها عدم الوقوع تحت سيطرة‬
‫شخص واحد وهذا دعما لإلستقالليتها ‪.4‬‬

‫‪ 1‬سمير حدري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 117‬من القانون رقم ‪ 01-02‬المتعلقة بالكهرباء وتوزيع الغاز عن طريق القنوات‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 01-13‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 07-05‬المتعلق بالمحروقات‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 4‬عبد القادر خليج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪64‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسلوب تعيين أعضاء سلطة ضبط البريد والمواصالت‬


‫إن ضمان أصالة النظام القانوني لسلطة ضبط البريد والمواصالت يبدو وإن يمر عضويا‬
‫بضمان تركيبتها البشرية‪ ،‬وذلك من خالل إستعمال عدة آليات‪ ،‬لعل من أهمها التعديد في‬
‫تركيبتها البشرية والتنويع في جهات االقتراح والتعيين بما يكفل تعددها وتوازنها‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ويعرف النموذج الفرنسي في تعيين التركيبة البشرية لهذه السلطات عدة طرق منها‬
‫إشراك هيئات مختلفة على غرار هيئات التمثيل الوطني الجمعية الوطنية لمجلس الشيوخ‬
‫والهيئات المهنية للقطاع المضبوط ‪.1‬‬
‫غير أن التجربة الجزائرية في مجال تعيين سلطات الضبط اإلقتصادي تعرف منحنى‬
‫آخر‪ ،‬وهو ما يفرغ النظام القانوني لهذه السلطات من محتواه خاصة مع إحتكار رئيس‬
‫الجمهورية لسلطة تعيينها وهو حال مجلس إدارة سلطة ضبط البريد والمواصالت بموجب‬
‫المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬سالفة الذكر‪.‬‬
‫فمن خالل هذه المادة نالحظ أن طريقة تعيين أعضاء مجلس إدارة سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت ال تعمل الصالح إستقالليتها ذلك أنه تم إقصاء الهيئات التمثيلية الوطنية‬
‫والمتمثلة في المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ومجلس األمة في إقتراح أعضاء مجلس اإلدارة‪،‬‬
‫وكذلك الهيئات المهنية المعنية بالقطاعي البريد والمواصالت‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬النظام القانوني الخاص بأعضاء مجلس اإلدارة‬
‫يشكل النظام القانوني الخاص بأعضاء مجلس إدارة سلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫ركيزة هامة في إستقالليتها العضوية‪ ،‬خاصة وأن أصالة نموذج سلطات الضبط المستقلة‬
‫يكرس ضمانة هامة إلستقالليتها تتمثل في نظام العهدة‪ ،‬والتي تفرض وجود حصانة بالنسبة‬
‫لألعضاء خالل كامل مدة العهدة‪ ،‬مع عدم إمكانية تدخل سلطة التعيين بالتسريح أو اإلقالة إال‬
‫في حاالت مثبتة قانونا وهي حاالت عادة ما يحددها القانون بدقة‪.2‬‬
‫بالرجوع للنصوص القانونية المنشئة لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬نجد أن المشرع‬
‫الجزائري لألسف قد حرم أعضاء مجلس إدارتها من نظام العهدة وفق ما جاء في المادة ‪15‬‬
‫من القانون رقم ‪ 03-2000‬سالفة الذكر‪.‬‬
‫وألن المشرع الجزائري لم يكرس أي عهدة ألعضاء هذه السلطة فال يمكننا الحديث عن‬
‫تجديدها‪ ،‬أما بالنسبة لشرط عدم قابلية أعضاء مجلس اإلدارة للعزل‪ ،‬نجد أن المشرع لم‬
‫يضمن لهؤالء األعضاء أية حصانة إتجاه صالحية السلطة التنفيذية إلحالتهم على مهام‬
‫أخرى أو عزلهم من خالل سكوته وعدم التطرق لهذه المسالة في القانون رقم ‪.03-2000‬‬

‫‪ 1‬وليد بوجملين‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪ 2‬وليد بوجملين‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪65‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بإضافة إلى نظام العهدة فإن خصوصية وظيفة سلطة ضبط البريد والمواصالت والتي‬
‫تشترط الحياد والموضوعية بالنسبة لألعضاء ‪ ،‬أدت بالمشرع الجزائري إلى قرار نظام‬
‫صارم يكرس مبدأ الحياد يتمثل في نظام التنافي‪ ،‬حيث يسعى هذا المبدأ إلى حماية عضو‬
‫مجلس اإلدارة من مصالحه الخاصة ومصالح أخرى يمثلها أين كانت‪ ،‬بهدف تمكينه تأدية‬
‫مهامه بكل موضوعية وإستقاللية‪.1‬‬
‫و بالرجوع إلى القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت‪ ،‬نجد أن المشرع‬
‫الجزائري يكرس نظام التنافي على أعضاء مجلس إدارة سلطة الضبط بموجب المادة ‪ 18‬من‬
‫ذات القانون‪ ،‬والتي نصت على أنه‪ " :‬تتنافى وظيفة العضو في المجلس مع أي نشاط مهني‬
‫أو منصب عمومي آخر ومع كل إمتالك مباشر أو غير مباشر لمصالح مؤسسة تابعة‬
‫لقطاعات البريد والمواصالت السلكية والالسلكية والسمعي البصري والمعلوماتية"‪ .‬وعليه‬
‫نقول أن األخذ بنظام التنافي بالنسبة ألعضاء مجلس اإلدارة سيساهم بالتأكيد في تحصين‬
‫هؤالء األعضاء من تأثيرات المصالح المختلفة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلستقاللية الوظيفية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫تتمتع سلطة ضبط البريد والمواصالت بدرجة من اإلستقاللية الوظيفية وهو ما يظهر في‬
‫صالحية إتخاذ القرا ر وهي صالحية إكتسبتها من السلطة التنفيذية‪ ،‬إثر إنتقال الدولة من دولة‬
‫منظمة إلى دولة ضابطة‪ ،‬حيث تم إعادة النظر في جميع اإلختصاصات والمهام لمسايرة‬
‫اإلصالحات‪.2‬‬
‫فبالرجوع إلى القانون رقم ‪ 03-2000‬المنشئ لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬نجد أن‬
‫في نصوصه ما يكرس اإلستقاللية الوظيفية ألعضاء مجلس إدارة هذه السلطة ‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل اإلعتراف لها بالشخصية المعنوية بموجب المادة ‪ 10‬من ذات القانون‪ ،‬والغاية من ذلك‬
‫ضمان ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت مهامها بكل إستقاللية حياد‪ ،‬حيث جاء في‬
‫نص المادة على أنه‪ " :‬تنشأ سلطة ضبط تتمتع بالشخصية المعنوية واإلستقالل المالي "‪.‬‬
‫ويترتب على اإلعتراف بالشخصية المعنوية لسلطة ضبط البريد والمواصالت عدة نتائج‬
‫نصت عليها المادة ‪ 50‬من القانون المدني‪ ،‬وتتمثل على الخصوص في‪: 3‬‬

‫‪ 1‬عبدالقادر خليج‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ 2‬عبدالقادر خليج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 50‬من القانون رقم ‪ 01-05‬المؤرخ في ‪ 20‬يونيو ‪ 2005‬المتضمن القانون المدني‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،44‬صادر‬
‫في ‪ 26‬يونيو ‪.2005‬‬

‫‪66‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬اإلستقالل المالي‬


‫يترتب على إكتساب سلطة ضبط البريد والمواصالت الشخصية المعنوية تمتعها بميزانية‬
‫خاصة بها منفصلة عن الميزانية العامة للدولة‪ ،‬حيث يكون لها إستقاللية تسيير ميزانيتها‪،‬‬
‫وإستقاللية برمجتها وتنفيذها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األهلية القانونية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫يتمتع الشخص المعنوي باألهلية القانونية في الحدود التي رسمها له القانون‪ ،‬والتي تمكنه‬
‫من إكتساب الحقوق وتحمل اإلتزامات وهي مقيدة بممارسة التصرفات القانونية التي تدخل‬
‫في نشاط ميدانه وتخصصه‪ ،1‬وهذا ما تنص عليه المادة ‪ 50‬من القانون المدني‪.‬‬
‫ومن ثمة فسلطة ضبط البريد والمواصالت تتمتع باألهلية القانونية في الحدود التي يعينها‬
‫عقد إنشائها‪ ،‬فيكون لها الحق في التعاقد أي إمكانية إبرامها للعقود واالتفاقيات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬موطن لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫للشخص المعنوي موطن خاص به يختلف عن األشخاص المكونين له‪ ،‬وهو عادة المكان‬
‫الذي يوجد فيه مركز إدارته‪ ،‬وال يقصد بذلك المكان الذي يوجد فيه مركز اإلستغالل بل إن‬
‫المقصود بمركز اإلدارة هو مركز النشاط القانوني واإلداري الذي توجد فيه الهيئة‬
‫الرئيسية)‪ ،‬وهو عادة يكون بالجزائر العاصمة بإعتبار إن غالبا ما تكون المؤسسات والهيئات‬
‫التي تكتسي أهمية كبيرة متواجدة على مستوى للعاصمة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 10‬من‬
‫القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت التي نصت على أنه‪ .... ":‬يكون مقر‬
‫سلطة ضبط بالجزائر العاصمة‬
‫ونشير أن أهمية تحديد موطن سلطة ضبط البريد والمواصالت تسمح بتحديد جنسيتها من‬
‫جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى وتحديد الجهة القضائية المختصة بالنظر في المنازعات التي تكون‬
‫طرفا فيها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وجود نائب يعبر عن إرادة سلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫يترتب على اإلعتراف بالشخصية المعنوية لسلطة ضبط البريد والمواصالت وجود‬
‫شخص طبيعي يمثلها ويتصرف بإسمها‪ ،‬ويتمثل في مجلس اإلدارة المتكون من ‪ 07‬أعضاء‬
‫وفقا لنص المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت‪.‬‬
‫ووفقا للقواعد العامة تكون لمجلس اإلدارة سلطة ضبط البريد والمواصالت مسؤولية‬
‫أصلية ومباشرة عن األعمال المادية والقانونية الصادرة عنه‪ .‬فطابع االستقاللية التي تتميز به‬
‫هذه السلطة ال يعفيه من المسؤولية‪.‬‬

‫د‪ .‬مازن راضي ليلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪67‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خامسا‪ :‬أهلية سلطة ضبط البريد والمواصالت في التقاضي‬


‫تنص المادة ‪ 50‬من القانون المدني على أن الشخص المعنوي يتمتع بجميع الحقوق بما في‬
‫ذلك حق التقاضي‪ ،‬وعليه السلطة ضبط البريد والمواصالت أن تلجأ إلى القضاء بصفتها‬
‫مدعية أو مدعى عليها‪ ،‬ويمكن للغير سواء كان مستثمر أو متعامل عادي في الطعن في‬
‫قراراتها وفق اإلجراءات المحددة قانونا‪.‬‬
‫كما يمكن إدخاله في خصومة قضائية قائمة‪ ،‬وباعتبار أن سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت من الهيئات الوطنية‪ ،‬يعود اإلختصاص بالنظر في الطعون المقدمة ضد‬
‫قراراتها لمجلس الدولة بناءا على نص المادة ‪ 09‬من القانون العضوي رقم ‪ 02-18‬المعدل‬
‫‪1‬‬
‫والمتمم للقانون العضوي رقم ‪ 01-98‬المتعلق لمجلس الدولة‬
‫سادسا‪ :‬تمتع سلطة ضبط البريد والمواصالت بإمتيازات السلطة العامة‬
‫لقد أحاط المشرع الجزائري سلطة ضبط البريد والمواصالت بمجموعة من اإلمتيازات‬
‫تساعدها على القيام بمهامها‪ ،‬فهي تملك سلطة تقريرية عند ممارستها إلختصاصها‪ ،‬فلها مثال‬
‫أن تقرر منح تراخيص اإلستغالل إذا توفرت الشروط الالزمة في المتعامل اإلقتصادي‬
‫بإعتبار أنه ال يمكن ممارسة أي نشاط متعلق بالبريد والمواصالت إال بترخيص منها‪ ،‬كما‬
‫تملك السلطة التقديرية في تعديل وتجديد الترخيص لما تراه متناسبا مع المصلحة العامة‪.‬‬
‫كما تملك سلطة ضبط البريد والمواصالت سلطات اإلدارة اإلستثنائية في مجال توقيع‬
‫العقوبات‪ ،‬حيث لها أن تعلق وتسحب تراخيص ممارسة النشاط من المستثمرين المخالفين‬
‫للنصوص التشريعية التنظيمية المعمول بهما‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬أموال سلطة ضبط البريد والمواصالت أموال عمومية‬
‫تحتاج سلطة ضبط البريد والمواصالت من أجل القيام بمهامها الضبطية إلى أموال‪ ،‬من‬
‫حيث طبيعتها تنقسم إلى أموال عقارية كاألراضي والمباني‪ ،‬وأموال منقولة كالسيارات‬
‫والمكاتب التي تستعملها سلطة الضبط في ممارسة نشاطها وكذا األموال النقدية المودعة في‬
‫حسابها البنكي‪.‬‬
‫وتعد هذه األموال أمالك عمومية تخضع لذات النظام القانوني الذي تخضع له أمالك‬
‫الدولة ‪ ،‬فال يمكن وفقا ألحكام المادة ‪ 689‬من القانون المدني ‪ ،2‬والمواد ‪ 4 /1‬و ‪/ 2‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 9‬من القانون العضوي رقم ‪ 02-18‬على أنه‪ ":‬يفصل مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة بفصل في‬
‫الدعاوى اإللغاء والتفسير وفحص المشروعية في القرارات باختصاصات اإلدارية الصادرة عن السلطات اإلدارية‬
‫المركزية والهيئات العمومية والمنظمات المهنية الوطنية‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 689‬من القانون رقم ‪ 11-05‬المتضمن القانون المدني‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 12‬و المادة ‪ 66‬من قانون األمالك الوطنية ‪ ،1‬التصرف فيها وال الحجز عليها بأي وسيلة‬
‫كانت‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬موظفي سلطة ضبط البريد والمواصالت موظفون عموميون‬
‫تحتاج سلطة ضبط البريد والمواصالت من أجل القيام بوظائفها إلى أشخاص طبعيين‬
‫يتولون تنفيذ مهامها‪ ،‬وتتحدد صفة العاملين بها تبعا لنظامهم القانوني‪ .‬فالرجوع إلى أحكام‬
‫القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت يعد مستخدمي سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت موظفون عموميون يخضعون ألحكام األمر رقم ‪ 03-06‬المتضمن القانون‬
‫األساسي العام للوظيفة العمومية وللقانون األساسي الخاص بهم‪.2‬‬
‫إن تجسيد معالم اإلستقاللية بالمفهوم السابق ال ينفي كون اإلستقاللية التي تتمتع بها سلطة‬
‫ضبط البريد والمواصالت نسبية‪ ،‬نظرا لخضوعها لنوعا من التبعية للسلطة التنفيذية‪.3‬‬
‫فبإعتبار سلطة ضبط البريد والمواصالت عبارة عن هيئة إدارية تنتمي في حد ذاتها إلى‬
‫الدولة‪ ،‬فمن الطبيعي أن تمارس هذه األخيرة ممثلة في مختلف أجهزتها الرقابة عليها‪.‬‬

‫‪1‬أنظر المواد ‪ 4 /1‬و ‪ 12 / 2‬و ‪ 66‬من القانون رقم ‪ 30-90‬المؤرخ في ‪ 01 / 12 /1990‬المتضمن قانون األمالك‬
‫الوطنية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،52‬الصادرة في ‪ 1990 /12/ 2‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 14-08‬المؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪ ،2008‬ج ر‪،‬‬
‫عدد ‪ ،44‬صادر في ‪ 3‬أوت ‪.2008‬‬
‫‪ 2‬األمر رقم ‪ 03-06‬المؤرخ في ‪ 16‬جويلية ‪ 2006‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪،66‬‬
‫صادرة في سنة ‪2006‬‬
‫‪ 3‬أحسن غربي‪ ،‬المرجع السابق‬

‫‪69‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إختصاصات سلطة الضبط البريد والمواصالت‬


‫جاء إنشاء سلطة ضبط البريد والمواصالت حالها حال باقي سلطات الضبط المستقلة‬
‫بغرض ضبط مجموعة من القطاعات اإلقتصادية الحساسة للحيلولة دون تدخل الدولة‬
‫المباشر‪ ،‬وذلك لتحقيق المزيد من الفعالية والشفافية‪ ،‬وتحت رقابة السلطة القضائية والتي‬
‫يهدف من خاللها إلى المزيد من الشرعية عند ممارستها لوظائفها‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار منح المشرع الجزائري سلطة ضبط البريد والمواصالت بوصفها سلطة‬
‫ضبط قطاع البريد والمواصالت سلطات ضبطية لطالما تمسكت الدولة نظرا ألهميتها في‬
‫تسيير المنظومة اإلقتصادية‪ ،‬وتتمثل على الخصوص في سلطات ذات طابع إداري ( المطلب‬
‫األول )‪ ،‬وسلطات ذات طابع جزائي ( المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬سلطات ذات طابع إداري‬


‫تتمتع سلطة ضبط البريد والمواصالت بصالحيات تنظيمية وغير تنظيمية هامة‪ ،‬وهذه‬
‫الصالحيات أوكلت لها إستنادا إلى التحوالت اإلقتصادية والقانونية التي فرضت نفسها على‬
‫الدولة وجعلتها تغير إستراتجيتها‪ ،‬وذلك لتوفير كل اآلليات القانونية لهذه السلطات من أجل‬
‫مباشرة مهامها على الوجه المطلوب وتتمثل أساسا في سلطات تنظيمية (الفرع األول ‪،‬‬
‫وسلطات شبه تنظيمية (الفرع الثاني )‪ ،‬وسلطات تحكيمية (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬السلطة التنظيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬

‫تعمل سلطة ضبط البريد والمواصالت على أخذ كافة التدابير الضرورية لتشجيع‬
‫المنافسة في سوقي البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬ولن يتأتى ذلك إال عن طريق‬
‫منح سلطة ضبط البريد والمواصالت صالحية إصدار التنظيمات‪ .‬فسلطة الضبط مكلفة‬
‫بتطبيق النصوص القانونية التي تسمح لنشاطات البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‬
‫باإلنفتاح على اإلقتصاد الحر مع ضبط المنافسة وجعلها مشروعة‪.‬‬

‫وتمارس سلطة ضبط البريد والمواصالت اإلختصاص التنظيمي العام عن طريق إقتراح‬
‫القوانين والتنظيمات المتعلقة بقطاعي البريد والمواصالت السلكية والالسلكية بموجب نص‬
‫المادة ‪ 13‬من القانون رقم‪ 2000 - 03‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت‬

‫‪70‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والتي تنص على أنه‪ ":‬يستشير الوزير المكلف بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‬
‫سلطة ضبط بخصوص ما يأتي‪ - :‬تحضير المشاريع والنصوص التنظيمية المتعلقة بقطاعي‬
‫البريد والمواصالت السلكية والالسلكية "‪.‬‬

‫واإلستشارة المقدمة من طرف سلطة ضبط البريد والمواصالت ليست واحدة‪ ،‬إذ تأخذ شكل‬
‫اإلستشارة اإلجبارية (أوال)‪ ،‬أو اإلستشارة اإلختيارية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬اإلستشارة اإلجبارية‬

‫هي إستشارة تقدمها سلطة ضبط البريد والمواصالت للوزير المكلف بالبريد‬
‫والمواصالت‪ ،‬فباإلضافة إلى اإلستشارة الخاصة بتحضير نصوص المشاريع التنظيمية‬
‫المتعلقة بقطاعي البريد والمواصالت ملزم بإستشارة سلطة الضبط في تحضير دفتر‬
‫الشروط‪ ،‬وكذا تحضير إنتقاء المترشحين إلستغالل رخص المواصالت السلكية والالسلكية‬
‫وهذا بموجب المادة ‪ 13‬الفقرة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت‬
‫بغرض توافق النصوص والمبادىء التي يقوم عليها هذا القطاع‪ ،‬وهي إحترام مبدأ المنافسة‬
‫المشروعة وإحترام مبدأ الشفافية وعدم التمييز ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬اإلستشارة اإلختيارية‬


‫تقدمها سلطة ضبط البريد والمواصالت في الميادين المنصوص عليها في المادة ‪ 13‬من‬
‫قانون رقم ‪ 2000 - 03‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬جمع القضايا المتعلقة بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد التعريفات القصوى للخدمات العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪.‬‬
‫كما يمكن لسلطة ضبط البريد والمواصالت أن تقدم توصيات واقتراحات المتعلقة‪:‬‬
‫تقديم كل توصية للسلطة المختصة قبل منح الرخصة أو تعليقها أو سحبها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬إقتراح مبالغ المساهمات لتمويل إلتزامات الخدمة العامة‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬السلطة الشبه التنظيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬


‫تتمثل السلطة الغير التنظيمية الممنوحة لسلطة ضبط البريد والمواصالت أساسا في‬
‫سلطتي الرقابة (أوال) والمراقبة (ثانيا)‪ ،‬هاتين السلطتين تعتبر هامتين على غرار السلطة‬
‫التنظيمية فهما يعتبران سد لفراغ كبير تركته مؤسسات الدولة التقليدية‪.1‬‬
‫أوال ‪ -‬سلطة رقابة الدخول إلى السوق‬
‫إن اإلجراءات القبلية على منح الترخيص واإلعتماد ليست مجرد مرحلة شكلية أو روتينية‬
‫بل أكثر من ذلك إنها ضمانة بحد ذاتها هدفها حماية النشاط اإلقتصادي والمالي‪ .‬حيث أن‬
‫مهام سلطة ضبط البريد والمواصالت ترتكز أساسا على التأكد من المعلومات التي يمكن‬
‫منحها من خالل الوثائق التي تطلبها من المستثمر‪ ،‬وهذه الوثائق وإن تظهر شكلية للبعض إال‬
‫أنها في األصل ضبط للنشاط‪.2‬‬
‫إن الدخول إلى السوقي البريد والمواصالت من طرف المتعاملين ال يمكن إال بترخيص‬
‫مسبق من طرف سلطة ضبط البريد والمواصالت بموجب نص المادة ‪ 13‬من القانون رقم‬
‫‪ ،03-2000‬والتي تنص على أنه‪ ...." :‬منح ترخيصات اإلستغالل واإلعتماد تجهيزات‬
‫البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪."...‬‬
‫وتنص المادة ‪ 28‬من نفس القانون على أربع (‪ )4‬أنظمة إلستغالل المواصالت السلكية‬
‫والالسلكية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬نظام الرخصة‬
‫حسب المادة ‪ 32‬من القانون أعاله فهي رخصة تمنح لكل شخص طبيعي أو معنوي‬
‫يرسي عليه المزاد إثر إعالن المنافسة ويلتزم وفق الشروط المحددة في دفتر الشروط‬
‫وقد حددت المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 157-04‬المحدد للنشاطات الخاضعة لنظام‬
‫الرخصة حيث نصت على أنه تخضع إقامة أو إستغالل الشبكات العمومية للمواصالت‬
‫السلكية والالسلكية أو توفير الخدمات الهاتفية بالحصول على رخصة تسلم بموجب مرسوم‬
‫تنفيذي‪.3‬‬

‫‪ 1‬منصور داود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.235‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪ 3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 157-04‬المؤرخ في ‪ 21‬يوليو ‪ 2004‬المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي ‪ 123-01‬المتعلق بنظام‬
‫اإلستغالل المطلق على كل أنواع الشبكات بينما فيما الشبكات السلكية والالسلكية وعلى مختلف الخدمات السلكية‬
‫والالسلكية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،35‬صادرة في ‪ 02‬يونيو ‪.2004‬‬

‫‪72‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما يتضمن المرسوم التنفيذي رقم ‪ 124-01‬اإلجراءات المطبقة على المزايدة في إعالن‬
‫المنافسة من أجل منح رخص في مجال المواصالت السلكية والالسلكية وتتمثل في ‪:1‬‬
‫ففيما يخص إجراءات الرخصة التمهيدية‪ ،‬لقد حدد المشرع الجزائري إنجاز المزايدة‬
‫بإعالن المنافسة المنح الرخصة‪ ،‬والتي يتخذها الوزير إما بمبادرته الخاصة بعد إستشارة‬
‫سلطة الضبط ‪ ،‬أو بناء على إقتراح هذه األخيرة التي تعمل على أساس ملف المالئمة والتي‬
‫يصدر بشأنها الوزير قراره في أجل شهر واحد ‪.2‬‬
‫أما فيما يخص إجراءات الرخصة النهائية ‪ ،‬في هذه المرحلة وبعد تقرير الوزير المكلف‬
‫بالمواصالت مباشرة إجراء المزايدة إلعالن المنافسة‪ ،‬عليه تبليغ قراره إلى سلطة الضبط‬
‫من أجل إجراء المزايدة إلعالن المنافسة والتي تتم على مرحلتين ‪ :3‬مرحلة التأهيل األولي‪،‬‬
‫ثم مرحلة التقييم العروض‪ ،‬ثم إعالن لسلطة الضبط رسو المزاد‪ ،‬لتعمل في األخير سلطة‬
‫الضبط البريد والمواصالت على تبليغ المستفيدين من الرخصة في أقرب اآلجال على أن ال‬
‫يتجاوز ذلك أجل أقصاه ‪ 03‬أشهر من تاريخ نشر المرسوم ‪.4‬‬
‫‪ - 2‬نظام الترخيص‬
‫تنص المادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬على أنه‪ " :‬يمنح الترخيص لكل شخص‬
‫طبيعي أو معنوي يلتزم بإحترام الشروط التي تحددها سلطة الضبط في مجال إنشاء‬
‫وإستغالل الشبكات و‪/‬أو تقديم الخدمات الخاضعة للترخيص "‪.‬‬
‫وتخضع إجراءات منح التراخيص إلى‪:‬‬
‫إجراءات تمهيدية تتمثل في أنه على كل شخص طبيعي أو معنوي يريد ممارسة نشاط‬
‫من بين النشاطات الخاضعة للترخيص‪ ،‬بدءا بتكوين ملف إداري وإرساله إلى سلطة الضبط‬
‫البريد والمواصالت‪ ،‬حيث يخضع لتحقيق من طرف مصالحها المختصة‪ ،‬إلى إجراءات‬
‫الترخيص النهائية حيث أنه بعد االنتهاء من دراسة الملف تصدر سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت قرارها بالموافقة أو الرفض وتعلنه لطالبه كتابيا في رسالة مضمنة مع إشعار‬
‫بالوصول وهذا في أجل أقصاه شهرين من تاريخ إستالم الطلب ‪.5‬‬

‫‪ - 1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 124-01‬المؤرخ في ‪ 09‬ماي ‪ 2001‬المتضمن تحديد اإلجراءات المطبق على المزايدة في‬
‫إعالن المنافسة من أجل منح رخص في مجال المواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،27‬صادرة في ‪ 13‬ماي ‪.2001‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 03‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،124-01‬المصدر نفسه‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 09‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،124-01‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة ‪ 17‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 5‬أنظر المادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ - 3‬نظام التصريح البسيط‬


‫تنص المادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬على أنه‪ " :‬كل متعامل يريد إستغالل خدمة‬
‫المواصالت السلكية والالسلكية الخاضعة لنظام التصريح البسيط‪ ،‬إيداع تصريح برغبة في‬
‫اإلستغالل التجاري لهذه الخدمة لدى سلطة الضبط "‪.‬‬
‫وقد حددت المادة ‪ 4‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 123-01‬المعدل والمتمم الخدمات التي‬
‫تخضع للترخيص البسيط ‪ ،1‬حيث تتمثل هذه الخدمات السلكية والالسلكية المقدمة للجمهور‬
‫في ( رسائل صوتية‪ ،‬رسالة اإللكترونية‪ ،‬فيديوتاکس‪ ،‬أوديوتاکس‪ ،‬خدمة التيلكس )‪.‬‬
‫كما حددت المادة ‪ 04‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 418-01‬الخدمات التي تخضع لنظام‬
‫التصريح البسيط فيما يخص إنشاء واحد خالل توفير الخدمات واألداءات البريدية‪.2‬‬
‫أما فيما يتعلق إجراءات التصريح البسيط‪ ،‬فيجب على كل شخص معنوي أو طبيعي يريد‬
‫ممارسة خدمة من خدمات التي تخضع للتصريح‪ ،‬إيداع ملف إداري لسلطة الضبط أجل‬
‫شهرين من تاريخ إستالم التصريح المثبت بوصل إشعار إستالم من أجل تحقق من خضوع‬
‫هذه الخدمة لنظام التصريح البسيط‪ ،‬وفي حالة رفضها تسجيل التصريح يكون لزاما عليها‬
‫تقديم تسبيب لذلك‪ ،‬وفي حالة قبولها تسجيل التصريح تمنح سلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫للمتعامل شهادة تسجيل مقابل دفع اإلتاوة المتعلقة بها‪.3‬‬
‫‪ - 4‬نظام اإلعتماد‬
‫نصت المادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬على الخدمات الخاضعة لنظام اإلعتماد‬
‫وبينت اإلجراءات الخاضعة لها‪ ،‬حيث يمنح اإلعتماد من قبل سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت أو من طرف مخبر تجارب وقياسات معتمد قانونا من طرف السلطة سالفة‬
‫الذكر وفق شروط محددة عن طريق التنظيم‪.‬‬
‫فعلى كل شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون الجزائري الذي يرغب في الحصول‬
‫على شهادة إعتماد جهاز مطرفي أو منشأة السلكية كهربائية أن يقدم طلبه في شكل ملفين‬
‫إحداهما إداري وآخر تقني لدى سلطة ضبط البريد والمواصالت‪.‬‬
‫عندما يكون الجهاز موضوع طلب اإلعتماد موافقا للمتطلبات األساسية والمواصفات‬
‫التقنية التي تطلبها سلطة ضبط البريد والمواصالت فيما يخص سالمة المستعملين‪ ،‬فلهذه‬
‫األخيرة أن تسلم شهادة اإلعتماد الطالبها‪ ،‬حيث يبلغ اإلعتماد في أجل أقصاه شهرين (‪ )2‬من‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 04‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 157-04‬المتعلق بنظام اإلستغالل المطلق على كل أنواع الشبكات بينما فيما‬
‫الشبكات السلكية والالسلكية وعلى مختلف الخدمات السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 04‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 418-01‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2001‬المتعلق بنظام اإلستغالل المطبق على‬
‫كل خدمة من خدمات البريد وكل أداءاته‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،80‬صادرة في ‪ 26‬ديسمبر ‪.2001‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تاريخ إيداع الطلب بوصل إشعار باإلستالم وفي حالة رفض اإلعتماد يجب على السلطة‬
‫الضبط تسبيب ذلك ‪.1‬‬
‫ثانيا ‪ -‬سلطة مراقبة السوق وسير المنافسة‬
‫بالرجوع إلى قانون رقم ‪ 03-2000‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت‪،‬‬
‫نجد أن المشرع يستعمل مصطلحات تدل على الدور الرقابي لسلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت مثل " المراقبة " و " السهر " و " المصادقة " و " تؤهل "‪.2‬‬
‫ووسائل الرقابة الممنوحة لسلطة ضبط البريد والمواصالت متنوعة ومتعددة تهدف على‬
‫الخصوص إيجاد منافسة فعلية ومشروعة في سوقي البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪.‬‬
‫فمن خالل نص المادة ‪ 13‬من القانون سالف الذكر نستخلص وسائل الرقابة الممنوحة‬
‫لسلطة ضبط البريد والمواصالت والتي تتمثل في‪ :‬المعلومات العامة الواجب تقديمها (‪،)1‬‬
‫باإلضافة إلى إجراء تحقيقات (‪ ،)2‬وإلى التقرير السنوي (‪.)3‬‬
‫‪ -1‬المعلومات العامة الواجب تقديمها‬
‫على صاحب الرخصة أن يضع تحت تصرف سلطة الضبط المعلومات والوثائق التقنية‬
‫والتجارية الالزمة للتأكد من مدى إحترامه لإللتزامات المفروضة عليه بموجب النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية والخاصة بدفتر الشروط‪ ،‬فيلتزم صاحب الرخصة بتبليغ المعلومات‬
‫التالية لسلطة الضبط‪:3‬‬
‫الالزمة للتأكد من مدى إحترامه لإللتزامات المفروضة عليه بموجب النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية والخاصة بدفتر الشروط‪ ،‬فيلتزم صاحب الرخصة بتبليغ المعلومات‬
‫التالية لسلطة الضبط ‪:4‬‬
‫‪ ‬كل تعديل مباشر في تشكيلة رأس مال الشركة وحقوق التصويت الخاصة بصاحب‬
‫الرخصة‪.‬‬
‫‪ ‬وصف مجموعة الخدمات الموفرة‪.‬‬
‫‪ ‬التعريفات والشروط العامة والخاصة بتوفير الخدمات‪.‬‬
‫‪ ‬معطيات حول حركة ورسم األعمال‪.‬‬
‫‪ ‬معلومات حول إستعمال الموارد الممنوحة السيما الذبذبات واألرقام‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬مجدوب قوراري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 3‬مجدوب قوراري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪2‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪75‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬أية معلومة أخرى أو وثيقة أخرى ينص عليها دفتر الشروط والنصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية المعمول بها‪.‬‬
‫كما يجب على صاحب الرخصة أن يضع تحت تصرف هذه السلطة إذا طلبت منه ذلك‬
‫اإلحتجاجات المرتبطة بالفواتير الصادرة بشأن الخدمات واألجوبة المقدمة عن هذه‬
‫اإلحتجاجات‪ ،‬ويطلع سلطة الضبط مرة في السنة على األقل على تحليل إحصائي‬
‫لإلحتجاجات المشتملة واألجوبة المعطاة‪ ،‬كما يضع صاحب الرخصة إجراءات شفافة‬
‫لمعالجة المنازعات القائمة بينه وبين مشتركيه‪ ،‬ويقدمها لسلطة الضبط لإلطالع عليها ‪.1‬‬
‫كما يلتزم صاحب الرخصة فور تشغيل شبكة ‪ gsm‬منظومة معلوماتية لتخزين‬
‫المعطيات التجارية ومعطيات الفاتورة وتسجيل التحصيالت‪ ،‬هذا ما يسمح لسلطة الضبط‬
‫بتحصيل المساهمات الدورية من عند صاحب الرخصة وتراقب كذلك التصريحات التي يدل‬
‫بها صاحب الرخصة‪.‬‬
‫‪ - 2‬إجراء تحقيقات‬
‫تنص المادة ‪ 57‬من الفقرة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬على أنه‪ " :‬تؤهل سلطة الضبط‬
‫بإجراء التحقيقات لدى نفس المتعاملين بما في ذلك التحقيقات التي تتطلب تدخالت مباشرة أو‬
‫توصيل تجهيزات خارجية بشبكاتهم الخاصة "‪ .‬ومن خالل هذه المادة نجد أن المشرع‬
‫الجزائري يمنح إختصاص سلطة الضبط بإجراء تحقيقات لدى المتعاملين المستعملين‬
‫للرخصة والترخيص بما في ذلك التدخالت مباشرة أو توصيل تجهيزات خارجية لشبكاتهم‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫ونشير أن التحقيق التي تقوم به سلطة الضبط الذي يمكن وصفه باإلداري والتقني فيما‬
‫يخص التدخالت مباشر‪ ،‬وتوصيل تجهيزات خارجية بشبكات المتعاملين الخاصة‪ ،‬يختلف‬
‫عن ذلك الذي يقوم به األعوان المؤهلين المنصوص عليهم في الباب الرابع من هذا القانون‬
‫تحت عنوان " شرطة البريد والمواصالت السلكية والالسلكية " التي تنصب معاينتهم وبحثهم‬
‫عن المخالفات المرتكبة من خالل إستعمالهم لشبكة البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‬
‫ولهم إختصاص مشابه لسلك الضبطية القضائية‪.2‬‬
‫‪ - 3‬التقرير السنوي‬
‫وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 36‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪-01‬‬
‫‪ 219‬المتضمن الموافقة على رخصة اإلقامة وإستغالل شبكة عمومية للمواصالت السلكية‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.123‬‬


‫‪ 2‬خموسة مداسي‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة في الجزائر‪ ،‬دراسة حالة سلطة الضبط البريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪ ،‬مذكرة مقدمة تنفيذ لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬تحت إشراف األستاذ بوذراع بلقاسم‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،2014-2013 ،1‬ص‪.130‬‬

‫‪76‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الخلوية من نوع ‪ gsm‬ولتوفير خدمات المواصالت السلكية للجمهور‪ ،‬فإنه يجب على‬
‫صاحب الرخصة أن يقدم سنويا لسلطة الضبط في أجل أقصاه ثالثة أشهر إبتداءه من نهاية‬
‫كل سنة مالية تقريرا سنويا في ثماني (‪ )08‬نسخ وكشوف مالية سنوية مصادق عليها‪ ،‬ويحب‬
‫أن يتضمن هذا التقرير السنوي معلومات مفصلة حول الجوانب اآلتية‪:1‬‬
‫‪ -‬تطوير الشبكة والخدمات موضوع الرخصة خالل السنة األخيرة‪.‬‬
‫‪ -‬شروح حول كل خلل في تنفيذ االلتزامات المقررة في دفتر الشروط هذا‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك تقرير حول وقت تصحيح الخلل‪ ،‬إذا كان الخلل ناتجا عن ظروف خارجة عن‬
‫إرادة صاحب الرخصة فيجب عليه أن يدرج كل مستند يبرر ذلك‪.‬‬
‫مخطط تنفيذ إستغالل ‪ gsm‬والخدمات بالنسبة للسنة المقبلة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬أية معلومات يراها صاحب الرخصة مالئمة أو تطلبها سلطة ضبط‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كان صاحب الرخ صة شركة مدرجة في البورصة يذكر كل إجتياز يسجله كل‬
‫مساهم في حد إمتالك رأس مال صاحب الرخصة‪ ،‬يكون مضروبا في ‪،%10 ،%5‬‬
‫‪ ،.....%15‬وذلك تنفيذا لتنظيم البورصة المطبق‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬السلطات التحكيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫لقد حدد المشرع الجزائري من خالل القانون رقم ‪ 03-2000‬شروط ممارسة التحكيم من‬
‫قبل سلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬حيث إنه إنطالقا من نص المادة ‪ 13‬من الفقرتين ‪-12‬‬
‫‪ 13‬المحدد للمهام لقد إشترط أن يكون موضوع النزاع متعلق بالتوصيل البيني (أوال)‪ ،‬وأن‬
‫يكون التحكيم حول النزاعات القائمة بين المتعاملين أو المستعملين (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الشروط المتعلقة بموضوع النزاع‬
‫لقد نص القرار المتعلق باإلجراءات في حالة النزاع المتعلق بالربط البيني‪ ،‬وكذلك في‬
‫حالة التحكيم في مادته األولى على أنه يخضع للتحكيم في نزاعات التوصيل البيني ونزاعات‬
‫تقاسم منشآت اإلتصاالت باإلضافة إلى هذا هنا نزاع آخر محدد في دفاتر الشروط وهو‬
‫النزاع المتعلق بتأخير سعات التراسل ‪.2‬‬
‫ولقد عرف المشرع الجزائري التوصيل البيني في المادة ‪ 8‬من القانون رقم ‪03-2000‬‬
‫على أنه‪ " :‬خدمات متبادلة يقدمها متعامالن تابعان لشبكة عمومية أو خدمات يقدمها تابع‬
‫لشبكة عمومية لمقدم الخدمة الهاتفية للجمهور‪ ،‬تسمح لكافة المستعملين بالتهاتف بكل حرية‬
‫فيما بينهم‪ ،‬مهما كانت الشبكات الموصولة بها أو الخدمات التي يستعملونها"‪.‬‬

‫‪ 1‬مجدوب قوراري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬


‫‪ 2‬منصور داوود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.325‬‬

‫‪77‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يثير التوصيل البيني إشكاالت في حالتين ‪:1‬‬


‫الحالة األولى‪ :‬رفض طلب التوصيل البيني‪ :‬في حالة قبول طلب التوصيل البيني يتم اإلتفاق‬
‫المتعاملين في إطار إتفاقية تبرم بينهما‪ ،‬تخضع لمصادقة سلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫غير أن اإلشكال يقع في حالة رفض الطلب‪ ،‬مع أن المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪03-2000‬‬
‫ترتب إلتزاما على عاتق متعاملي الشبكات العمومية وفق شروط موضوعية وشفافة وتميز‬
‫الطلبات التوصيل البيني الذي يقدمها متعاملون آخرون وموفر الخدمات العاملين طبقا‬
‫األحكام هذا القانون‪ ،‬و من ثم رفض التوصيل البيني يعد إخالل بإلتزام مقرر قانونا ‪ .‬غير أن‬
‫القانون يجيز الرفض بشروط ‪ :2‬أن يكون مبررا بالنظر إلى حاجات الطالب وطاقة المتعامل‬
‫لتلبيتها من جهة‪ ،‬من جهة ثانية أن يكون الرفض مسبب‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬اإلختالف حول الشروط التوصيل البيني‪ ،‬حيث يخضع التوصيل البيني إلى‬
‫مجموعة من القواعد المالية والتقنية‪ ،‬وفي هذا اإلطار يوجب القانون على المتعاملين‬
‫بالشبكات العمومية إلتزامين أساسين هما‪:3‬‬
‫‪ -‬أن ينشروا وفق الشروط المحددة بموجب دفتر الشروط‪ ،‬الفهرس المرجعي للتوصيل‬
‫البيني الذي تتضمنه المناقصة التقنية وتعريفة التوصيل البيني‪.‬‬
‫‪ -‬أن يطبقوا التعريفات الخاصة بالتوصيل البيني والخدمات المطابقة للتوصيل البيني‬
‫ومبادئ تحديد التعريفة المنظمة من طرف سلطة ضبط البريد والمحدد عن طريق‬
‫التنظيم‪.‬‬
‫وفي إطار ممارستها هذا اإلختصاص تلقت سلطة ضبط البريد والمواصالت ‪04‬‬
‫إخطارات ألحكام القرار المتعلقة باإلجراءات النزاع المتعلق بالربط البيني منها النزاع حول‬
‫التوصيل البيني بين متعاملين شبكة اإلتصاالت وأوراسكوم الجزائر‪ ،‬حيث أصدرت سلطة‬
‫الضبط بشأنها قرار يلزم فيه إتصاالت الجزائر بتسديد المبالغ المخصوصة بقيمة ‪%30‬‬
‫و‪ %10‬في فواتير إنهاء المكالمات لشهر ديسمبر ‪ 2002‬والفصل األول من سنة ‪2002‬‬
‫والفصل األول من سنة ‪ ،2003‬كما ألزمت أوراسكوم الجزائر بتجسيد المبالغ المتبقية‬
‫إتصاالت الجزائر لتكملت الفواتير التي تعدها إتصاالت الجزائر على أساس حسابها‬
‫الخاصة‪.4‬‬

‫‪ 1‬خموسة مداسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 25/ 2‬و ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬خموسة مداسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.140‬‬

‫‪78‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط المتعلقة بأطراف النزاع‬


‫حصرت المادة ‪ 13 / 8‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬األطراف التي تتدخل في‬
‫اإلختصاص التحكيمي السلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية وهم‪ :‬المتعاملين‬
‫فيما بينهم أو مع المستعملين‪.‬‬
‫‪ o‬المتعاملين فيما بينهم‪ :‬وهو كل شخص طبيعي أو معنوي يشغل شبكة عمومية‬
‫للمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬أو يقدم للجمهور خدمة المواصالت السلكية‬
‫والالسلكية يمكن أن يثور النزاع فيما بين المتعاملين نتيجة العامل التنافسي القائم‬
‫بينهم‪ .‬ومن صور النزاعات تقاسم المنشآت السلكية والالسلكية‪ ،‬فتتدخل سلطة الضبط‬
‫في التحكيم في النزاع القائم بين المتعاملين‪ ،‬بإستناء النزاعات المتعلقة بالتوصيل‬
‫للبيني والتي أرجع القانون الفصل فيها لسلطة الضبط دون ترك مجال اإلختيار‬
‫للمتعاملين‪ ،‬حيث يكون أمام المتعاملين حرية اإلختيار في اللجوء إلى التحكيم أو‬
‫القضاء ‪ . 1‬إضافة إلى النزاعات التي تحدث بين المتعاملين فيما بينهم يمكن أن تحدث‬
‫نزاعات بين المتعاملين والمستخدمين‪.‬‬
‫‪ o‬المتعاملون والمستخدمون‪ :‬يمكن تصور النزاع الذي قد يثور بين المتعاملين‬
‫والمستخدمين‪ ،‬أن يكون ح ول نوعية الخدمة التي يقدمها المتعامل‪ ،‬خاصة عندما ال‬
‫تكون على مستوى تطلعات المستعمل‪ ،‬أو بسبب إخالل المتعاملين أو المستعملين‬
‫بإلتزاماتهم‪ ،‬فسلطة الضبط هي تتولى حل هذه النزاعات‪ ،‬فالمتعامل وفي غير‬
‫النزاعات المتعلقة بالتوصيل البيني يكون له الخيار بين اللجوء إلى التحكيم أو‬
‫القضاء‪ ،‬إال أن المتعاملين والمستعملين يفضلون التحكيم‪ ،‬فيمكن التفسير هذا اإلختيار‬
‫لطبيعته التقنية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى سلطة ضبط هي التي تملك الخبرة‬
‫والتخصص في هذا المجال ما يؤهلها للفصل في مثل هذه النزاعات ألن القاضي‬
‫ومهما بلغت درجة تكوينه ال يمكنه إلهام بمثل هذه المسائل التقنية ‪.2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سلطات ذات طابع جزائي‬
‫إن جميع السلطات المخولة لسلطات الضبط المستقلة تهدف إلى السير الحسن للقطاعات‬
‫التي تشرف عليها‪ ،‬وهذا هو دور الوقائي لسلطة العقاب المخولة لسلطات الضبط المستقلة‪،‬‬
‫لكن في حالة وقوع مخالفات فإن اآللة الوقائية ال تعد صالحة ويجب عندئذ توقيع العقوبات‪.3‬‬

‫‪ 1‬كريمة زعاتري‪ ،‬المركز القانوني لسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة أحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪ ، 2011/2012 ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ 3‬سمير حدري‪ ،‬السلطات الضبط المستقلة ودورها في إستقرار التشريع والتنظيم المتعلق باإلستثمار"‪ ،‬مجلة اإلدارة‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،40‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪79‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد رسم المجلس الدستوري الفرنسي المعالم الرئيسية للوظيفة القمعية لسلطات الضبط‪،‬‬
‫وضع شروط من أجل ممارستها (الفرع األول)‪ ،‬وتكريسا لإلختصاص القمعي لسلطات‬
‫الضبط المستقلة نص المشرع الجزائري في القانون رقم ‪ 03-2000‬المحدد للقواعد العامة‬
‫المتعلقة بالبريد والمواصالت على جملة من اإللتزامات والتدابير على أصحاب الرخص‬
‫اإلدارية‪ ،‬واإلخالل بها وعدم تنفيذها يشكل مخالفة‪ ،‬يترتب عليها إتخاذ إجراءات عقابية‬
‫ردعية من شأنها أن تؤدي إلى تعليق الترخيص أو سحبه (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت السلطة العقاب‬
‫يظهر من خالل قرارات المجلس الدستوري الفرنسي خاصة المتعلقة بلجنة تنظيم ومراقبة‬
‫عمليات البورصة‪ ،‬بأن المشرع حر في تنظيم نطاق العقوبات اإلدارية‪ ،‬فمرونة تدخل الدولة‬
‫في المجال اإلقتصادي واإلجتماعي تتطلب هذا النوع من سلطة العقاب‪ ،‬لكن القاضي‬
‫الدستوري الفرنسي إشترط من أجل ممارسة سلطات الضبط المستقلة لسلطة العقاب شرطين‬
‫‪ ،1‬يتمثال في أن ال تكون هذه الجزاءات سالبة للحرية (أوال)‪ ،‬وأن تخضع هذه السلطة العقابية‬
‫لذات المبادئ العقابية الدستورية (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أال تكون الجزاءات سالبة للحرية‬
‫حسب قضاء المجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬فإن سلطة توقيع العقوبات الممنوحة لسلطات‬
‫الضبط المستقلة ال تمثل مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات طالما هذه السلطات ال توقع‬
‫عقوبات سالبة للحرية كالحبس والسجن‪ ،‬ففي هذه الحالة تكون سلطات الضبط المستقلة قد‬
‫إقتحمت مجال كان يحتكره القضاء‪.2‬‬
‫إن هذا القرار يضع حدود فاصلة بين سلطة القاضي وسلطة اإلدارة في مجال العقاب‪،‬‬
‫فالقاضي وحده من يستأثر بسلطة توقيع العقوبات السالبة للحرية‪ ،‬في حين أن اإلدارة ال‬
‫يمكنها ذلك‪ ،‬ومن ثم فالمجلس الدستوري يكون حدد معالم مفهوم وظيفي مؤاده أن الجزاء‬
‫يمكن أن يعهد به ألي جهة بشرط إحترام الدور المحجوز للقضاء والذي يتجلى في‬
‫إختصاصه االنفرادي بالحكم بالعقوبات السالبة للحرية‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬خضوع سلطة العقاب لذات المبادئ العقابية الدستورية‬
‫باإلضافة إلى التأطير الدستوري العام فإن اإلجتهاد القضائي الفرنسي كرس جملة من‬
‫القواعد اإلجرائية الواجبة اإل حترام في ممارسة اإلجراء العقابي لسلطات الضبط‪ ،‬ويتجلى في‬
‫القرار المؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ 1989‬حول المجلس األعلى السمعي البصري‪ ،‬حيث إعتبره‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي أنه حتى العقوبات التي تسلط من طرف هيئة ولو غير قضائية‬
‫سمير حدري‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة الفاصلة في المواد اإلقتصادية والمالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬عبد القادر خليج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬


‫‪ 3‬عز الدين عيساوي‪ ،‬السلطة القمعية للهيئات اإلدارية المستقلة‪ ،‬المرجع السابق‪.70 ،‬‬

‫‪80‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تخضع حسب المادة ‪ 8‬من اإلعالن العالمي للحقوق اإلنسان والمواطن ‪ 1789‬لنفس‬
‫الضمانات التي تحكم تسليط العقوبات القضائية وهي‪:1‬‬
‫‪ ‬عدم رجعية القانون‪.‬‬
‫‪ ‬قاعدة تناسب العقوبات مع الوقائع‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان حقوق الدفاع‪.‬‬
‫‪ ‬مبدأ الخضوع لرقابة القاضي‪.‬‬
‫‪ ‬مبدأ تسبيب العقوبات‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المشرع الدستوري الجزائري نجده يكرس هذه المبادئ في دستوره‪ ،‬وفي‬
‫النصوص القانونية المنشئة لسلطات الضبط المستقلة ومن ضمنها قانون رقم ‪03-2000‬‬
‫المتعلقة بالبريد والمواصالت الذي تضمن اإلجراءات المتبعة في تسليط العقوبات‪ ،‬حيث‬
‫نص على‪:‬‬
‫‪ -‬نظام إجرائي حمائي يتعلق باستقاللية وحياد سلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬حيث‬
‫أوجد المشرع‬
‫مجموعة اليات من شأنها ضمان حياد وإستقاللية سلطة الضبط إتجاه األطراف المعنية‪،‬‬
‫سواء في منح الرخص أو الرقابة على إستغالل ممارسات النشاطات المتعلقة بالبريد‬
‫والمواصالت‪ ،‬أو إجراء تحقيق‪ ،‬أو تسليط عقوبات إدارية‪ ،‬وذلك بإقرار نظام التنافي بين‬
‫الوظائف بموجب المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ ،03-2000‬وهو يشكل ضمانة هامة لحياد‬
‫وإستقاللية أعضاء مجلس إدارة سلطة الضبط عن أي مصالح خارجية أو خاصة قد تؤثر‬
‫على مهامه الوظيفية ‪.2‬‬
‫‪ -‬نظام إجرائي حمائي لحق الدفاع وهو مبدأ كالسيكي يخضع له كل إجراء يهدف إلى‬
‫معاقبة شخصا ما جنائيا أو مدنيا أو تأديبيا‪ ،3‬وألن هذا الحق مكفول دستوريا فإن‬
‫المشرع الجزائري أوجد آلية حمائية وتكريسية له في إطار اإلجراء العقابي المتبع‬
‫أمام سلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬ويتجلى ذلك من خالل إلزام هذه األخيرة‬
‫بإعذار المستثمر بالمخالفات التي يرتكبها مع تبليغه ومنحه أجال لتقديم دفوعه‪ ،‬وكذلك‬
‫من خالل إخضاع قرار التعليق أو سحب رخص ممارسة النشاط للرقابة القضائية‪.‬‬
‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Brisson J.F, Les pouvoirs de sanction des autorities de regulation, le voie d'une‬‬
‫‪juridictionnalisateur sur le site internet: www.gip - recherche - justice.fr‬‬
‫‪ 2‬عبد القادر خليج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.111 ،110‬‬
‫‪ 3‬وليد بوجملين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.177‬‬

‫‪81‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬توقيع سلطة ضبط البريد والمواصالت للعقوبات اإلدارية‬


‫تتمتع سلطة ضبط البريد والمواصالت بصالحية فرض العقوبات وهذا في حالة إخالل‬
‫صاحب الرخصة باإللتزامات الملقاة على عاتقه‪ ،‬حيث يتعرض صاحب الرخصة للعقوبات‬
‫المقررة في دفتر الشروط والتشريع والتنظيم المعمول بهما‪ ،‬ودون المساس بالمتابعات‬
‫القضائية المحتملة‪ ،‬فإذا لم يمتثل المتعامل عند إقتضاء هذه األجال يمكن أن يتخذ ضده قرار‬
‫سحب الرخصة في نفس األشكال المتبعة في منحها‪ .‬وفي هذه الحالة تتخذ سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت التدابير الالزمة لضمان إستمرارية الخدمة وحماية مصالح المرتفقين وال تطبق‬
‫هذه العقوبات على المعني إال بعد إبالغه بالمآخذ الموجهة إليه وإطالعه على الملف وتقديم‬
‫مبرراته كتابة‪.1‬‬
‫وال يمكن سحب الرخصة من المتعامل إال في الحاالت اآلتية ‪:2‬‬
‫‪ -‬عدم اإلحترام المستمر والمؤكد لصاحب الرخصة لإللتزامات األساسية المنصوص‬
‫عليها في هذا القانون‪.‬‬
‫‪ -‬عدم دفع الحقوق أو الرسوم المترتبة عليه‪.‬‬
‫‪ -‬إثبات عدم كفاءة صاحب الرخصة بإستغالل الرخصة بطريقة فعالة السيما الحل‬
‫المسبق أو التصفية القضائية أو إفالس صاحبها‪.‬‬
‫وفي حالة إنتهاك المقتضيات التي يتطلبها الدفاع الوطني واألمن العمومي‪ ،‬تكون سلطة‬
‫الضبط مؤهلة للتعليق الفوري للرخصة بعد إعالن الوزير المكلف باإلتصاالت السلكية‬
‫والالسلكية‪ ،‬كما تكون التجهيزات موضوع الرخصة محل تدابير تحفظية وفق التشريع‬
‫المعمول به‪ ،‬وهذا دون المساس بالمتابعات القضائية المحتملة‪.3‬‬
‫غير أن سلطة ضبط البريد والمواصالت ال يمكنها مباشرة العقوبات إال إذا توفرت‬
‫مجموعة من الشروط تتمثل في ‪:4‬‬
‫‪ -‬إعذار سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية للمتعامل باإلمتثال‬
‫للشروط المحددة في هذه الرخصة في أجل ‪ 30‬يوما إلطالع المتعامل على ملفه‪- .‬‬
‫تقديم مبرراته كتابة‪.‬‬
‫ويتجلى مما سبق أن دور سلطة ضبط البريد والمواصالت في هذه الحالة يتمثل في إنذار‬
‫المتعامل‪ ،‬وكذلك تقديم إقتراح إلى الوزير بطبيعة العقوبة المفروضة على المتعامل‪ ،‬أما دور‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 37/ 1‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 37 / 2‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 38‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫‪ 4‬أنظر المادة ‪ 35/ 1‬من القانون رقم ‪ 03-2000‬المتعلق بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الوزير المكلف بالبريد والمواصالت فيثمل في توقيع العقوبة ‪ .1‬كما تكون سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصال ت مؤهلة بالسحب النهائي للرخصة إذا لم يمتثل المتعامل عند إنقضاء اآلجال‬
‫المقررة له‪ ،‬وتكون مؤهلة كذلك التعليق الفوري للرخصة بعد إعالن الوزير المكلف‬
‫بالمواصالت السلكية والالسلكية في حالة إنتهاك المقتضيات التي يتطلبها الدفاع الوطني‬
‫واألمن العمومي‪.‬‬

‫‪ 1‬عائشة نشادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪83‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‪:‬‬


‫من خالل ما تقدم من معالجة لسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‬
‫كنموذج لسلطات الضبط المستقلة المنظومة المؤسساتية الجديدة التي حلت محل اإلدارة‬
‫التقليدية في تسيير النشاطات اإلقتصادية‪ ،‬والتي هي كإستجابة قانونية للدور الجديد للدولة‬
‫أواله ا المشرع مهمة ضبط قطاع البريد والمواصالت في إطار تفعيل هذا المرفق العمومي‬
‫ليتماشى مع مصلحة المرتفقين‪.‬‬
‫وتحت غطاء الفعالية‪ ،‬فقد منح القانون رقم ‪ 03-2000‬سلطة ضبط البريد والمواصالت‬
‫السلكية والالسلكية سلطات وصالحيات متنوعية ومختلفة عن تلك الممنوحة للهيئات اإلدارية‬
‫التقليدية‪ ،‬وهذا المدى الواسع في صالحيات يتفق مع روح الضبط اإلقتصادي‪ ،‬الذي يقتضي‬
‫ضرورة تزويد الضابط بكل سلطات الممكنة ليمارس مهامه على الوجه المطلوب‪ ،‬وهي‬
‫سلطات لطالما تمسكت بها الدولة نظرا ألهميتها في تسيير المنظومة اإلقتصادية والمتمثلة‬
‫أساسا في‪:‬‬
‫‪ .1‬سلطات ذات طابع إداري تتمثل على الخصوص في سلطة إصدار قرارات إدارية‬
‫فردية غير قمعية تكون في شكل رخص إدارية تخول صاحبها ممارسة نشاط البريد‬
‫والمواصالت السلكية والالسلكية بصفة قانونية‪ ،‬كما أهل المشرع الجزائري سلطة‬
‫ضبط سلطة مراقبة السوق وسير المنافسة من خالل المراقبة اإلدارية المستمرة لتلك‬
‫النشاطات المرخصة‪.‬‬
‫‪ .2‬سلطات ذات طابع جزائي تتمثل أساسا في سلطة إتخاذ إجراءات عقابية ردعية عند‬
‫إخالل المتعامل اإلقتصادي باإللتزامات المفروضة عليه في رخصة ممارسة النشاط‬
‫ودفتر الشروط والتي تكون في صورة‪:‬‬
‫‪ -‬عقوبات إدارية مؤقتة تتمثل في التعليق المؤقت لرخصة ممارسة النشاط مع تحديد‬
‫مدته ‪.‬‬
‫‪ -‬وعقوبات إدارية نهائية تكون في صورة السحب النهائي لرخصة ممارسة النشاط‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫الخاتمة‬

‫إن دراسة موضوع آليات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري ‪ ،‬أفضى بنا إلى‬
‫نتيجة رئيسية‪ ،‬وهي أن هذا النوع الجديد من سلطات الضبط المستقلة‪ ،‬إرتبط ظهوره بظهور‬
‫وظيفة جديدة للدولة‪ ،‬هذه الوظيفة لم تكن لتظهر لوال التطور الذي عرفه الدور اإلقتصادي‬
‫للدولة‪.‬‬
‫فتطور الدور اإلقتصادي للدولة‪ ،‬جعل هذه األخيرة تبحث عن بدائل مؤسساتية جديدة‬
‫لإلضطالع بدورها الجديد‪ ،‬الذي ال تقوى اإلدارة التقليدية على أدائه‪ ،‬فالدور اإلقتصادي‬
‫الجديد للدولة يقتضي جملة من المتطلبات والضمانات التي ال تتماشى مع طبيعة الهيئات‬
‫اإلدارية التقليدية‪ ،‬ومن بين أهم هذه المتطلبات والضمانات نجد تلك التي تتعلق باإلستقاللية‬
‫والحياد واإلحترافية والمرونة والفعالية‪ ،‬وإشراك الفاعلين في الحقل اإلقتصادي من متعاملين‬
‫إقتصاديين ومستهلكين في عملية ضبط النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫وتجربة سلطات الضبط كأسلوب للتسيير أثبت فعاليتها وإستجابت لمتطلبات ومبادئ‬
‫التسيير الحديث‪ ،‬إذ تضمن تجاوز اإلنتقادات الموجهة إلى اإلدارة التقليدية من جهة‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى تضمن الشفافية والحياد في ممارسة النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫وقد إكتسبت هذه السلطات مشروعيتها من الحاجة إلى الفعالية في التدخل في القطاعات‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬والتي تحققها هذه السلطات من خالل نظامها األساسي الذي يضمن لها قدر من‬
‫اإلستقاللية سواء في مواجهة الحكومة أو السوق‪ ،‬والتي تضمن لها قدرا من الحياد من خالل‬
‫مجموعة من العناصر تختلف في مضمونها ومداها بين األنظمة المقارنة‪.‬‬
‫وإسقاط ذلك على التجربة الجزائرية‪ ،‬ظهر أن المشرع الجزائري كان طموحا بإنشاء مثل‬
‫هذه السلطات‪ ،‬واعتبارها من بين إحدى مساعي إصالح هياكل الدولة التي إقتنع أنها كانت‬
‫أكثر من الضرورة داخليا وخارجيا‪ .‬غير أن الطريقة التي تم تجسيد بها هذه اإلرادة ال تخرج‬
‫عن إطار العام المتمثل في نقل آليات ليبيرالية وإفراغها من محتواها‪ ،‬فإذا كانت النصوص‬
‫القانونية تتشابه مع النصوص في النظام القانوني الفرنسي لحد كبير‪ ،‬فإن المحتوى أو البيئة‬
‫التي تطبق فيها تختلف كثيرا‪ .‬لذلك فالتجربة الجزائرية في هذا المجال قد يعاب عليها بعض‬
‫النقائص التي من شأنها تصغير دور سلطات الضبط المستقلة في الدولة‪ ،‬مما ينعكس ال‬
‫محالة على أداء القطاعات محل الضبط‪ ،‬والتي نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬إن البحث عن إستقاللية األعضاء المسيرين السلطات الضبط المستقلة في الواقع هي‬
‫إستقاللية يمكن اإللتفاف عليها بسهولة من طرف السلطة التنفيذية‪ ،‬هذا ألن المشرع لم‬
‫يحظ هذه اإلستقاللية بما يكفي من الضمانات لحماية أعضاء هذه السلطات من التدخل‬
‫في عملها من طرف السلطة التنفيذية‪ ،‬وبالعكس ما يمكن مالحظته دون عناء هو أن‬
‫المشرع قد منح السلطة التنفيذية األدوات القانونية التي تجعلها قادرة على إخضاع هذه‬
‫السلطات لسيطرتها وإمالءاتها‪ ،‬وهذا من خالل منحها ولوحدها صالحية إقتراح‬

‫‪86‬‬
‫الخاتمة‬

‫وتعيين أعضاء هذه السلطات‪ ،‬وغياب المعايير الموضوعية في اإلقتراح والتعيين‪،‬‬


‫وباإلضافة إلى عدم توفير الحماية القانونية لهؤالء األعضاء من خالل عدم تكريس‬
‫نظام العهدة بالنسبة في كل سلطات الضبط المستقلة‪ ،‬والتي يجب أن تكون محددة‬
‫المدة فال تقبل التجديد أو القطع أو العزل أثناء ممارسة المهام الوظيفية‪ .‬ورغم تأكيد‬
‫كل القوانين على ضرورة تكريسها ما يجعلهم معرضين في أي وقت للعزل أو‬
‫اإلحالة إلى مهام أخرى‪ ،‬وهنا نتساؤل كيف يمكن لهؤالء األعضاء ممارسة مهامهم‬
‫الوظيفية بكل شفافية وحياد وإستقاللية التي يتحدث عنها المشرع‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حيث الصالحيات‪ ،‬إن اإلضطالع بوظيفة الضبط تقتضي ضرورة تزويد‬
‫الضابط بكل سلطات الالزمة للقيام بالدور الضبطي بكل فعالية‪ ،‬وهي بالضرورة‬
‫تكون مختلفة عن تلك الممنوحة لإلدارة التقليدية‪ ،‬إال أن سلطات الضبط المستقلة‬
‫المستحدثة في الجزائر كآلية لضبط السوق لم تشهد تحويل كلي لصالحيات الضبط‬
‫لمصلحتها‪ ،‬وهذا على رغم إتساع حجم إختصاصها اإلستشاري‪ ،‬الرقابي‪ ،‬العقابي‪،‬‬
‫إال أنها تفتقر اإلختصاص معياري حقيقي يمكنها من تأطير قطاعاتها بقواعد قانونية‬
‫أكثر مالئمة وتكيف وهو إختصاص ال زالت تحتفظ به السلطة التنفيذية وعلى رأسها‬
‫اإلختصاص التنظيمي واإلختصاص العقابي كما هو الحال في سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬وهذا ما يجعل من اإلدارة المركزية حاضرة‬
‫وفاعلة في وظيفة الضبط بشكل مباشر أو غير مباشر والتفاف عن فكرة حياد الدولة‬
‫وانسحابها كلبا من تأطير النشاطات اإلقتصادية‪.‬‬
‫ورغ م وجود كل هذه اإلشكاالت‪ ،‬هناك من الظروف ما تجعل من الضبط في الجزائر‬
‫يكتسي خصوصية معينة‪ ،‬فصحيح أن التشريع الجزائري تأثر بالتقنيات المؤسساتية‬
‫والوظيفية للضبط الموجودة في الفقه المقارن وعلى الخصوص الفرنسي منه‪ ،‬لكن القراءة‬
‫العميقة والفاحصة للنصوص التشريعية الجزائرية الخاصة بالضبط ومؤسساته تكشف عن‬
‫وجود نظام إقتصادي في الجزائر يتراوح بين التطلع نحو بلوغ إقتصاد حر من جهة‪،‬‬
‫والخوف من جهة أخرى من اإلنعكاسات التي قد يحدثها اإلنتقال المباشر إلى هذا النظام على‬
‫الواقع اإلجتماعي للمواطن الجزائري الذي تعود على سياسية إجتماعية تدخلية من طرف‬
‫الدولة في العديد من المجاالت‪ ،‬وبالتالي باتت لديه بمثابة ثابت من الثوابت الوطنية الذي ال‬
‫يجب الحيدة عنه‪ ،‬وهذا ما جعل سياسة الضبط في الجزائر تتسم بإستقاللية نسبية‪ ،‬فبحضور‬
‫السلطة التنفيذية في ممارسة الضبط على المستوى الوظيفي أو على المستوى المؤسساتي‬
‫نكون أمام ضبط مشترك‪ ،‬تشترك فيه السلطة التنفيذية مع الفاعلين اإلقتصاديين‪.‬‬
‫ومع ذلك يمكن تقديم العديد من توصيات من شأنها تصويب مسار العمل الضبطي في‬
‫الجزائر والتي يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪87‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ ‬العمل على تفعيل الضبط وتدعيمه من خالل منح األجهزة القائمة عليه إستقاللية أكبر‬
‫من التي موجودة عليه اآلن‪ ،‬خاصة السلطات التي تضبط قطاعات إقتصادية حساسة‪،‬‬
‫والتي عرفت مسارات مهمة في مجال اإلنفتاح على القطاع الخاص كما هو حال‬
‫قطاع اإلتصاالت السلكية والالسلكية‪ .‬وتدعيم إستقاللية السلطات القائمة بالضبط لن‬
‫يتأتى إال من خالل تكريس نظام قانوني قوي وفعال يضمن لألعضاء المسيرين لهذه‬
‫السلطات أكبر قدر من اإلستقاللية في إطار إختيار أعضاءها كالتعديد في جهات‬
‫اإلقتراح‪ ،‬واإلبتعاد عن التعيين السياسي‪ ،‬وتعزيز تشكيلتها بأهل اإلختصاص مع منح‬
‫األعضاء حرية إختيار رئيسهم وتكريس نظام العهدة والحصانة من النقل أو العزل‪،‬‬
‫وتكريس الشفافية والمسؤولية والمحاسبة لهؤالء األعضاء‪.‬‬
‫‪ ‬منح تلك السلطات الضابطة الوسائل الالزمة ألداء مهامها الضبطية بكل فعالية‪ ،‬كونها‬
‫المناسبة للتكيف مع ظاهرة العولمة أين أصبح الضبط والحرية اإلقتصادية مثل عالقة‬
‫الشكل بالمضمون والسبيل الوحيد اإلصالح الدولة وتجسيد دورها اإلقتصادي الجديد‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إخضاع سلطات الضبط المستقلة للرقابة السياسية كما هو معمول به في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وهذا من خالل مطالبة المكلفين بإدارتها بالمثول أمام‬
‫البرلمان لعرض إقتراحاتهم وطلباتهم بغية تحسين مردود هذه الهيئات‪ ،‬مع تمكين‬
‫نواب غرفتي البرلمان من إستدعاء هؤالء المسيرين للمساءلة كما هو الشأن بالنسبة‬
‫ألعضاء الحكومة حتى تراقب سير وتطور األعمال التي تؤديها ومدى إحترامها‬
‫للدستور وللتنظيم القانوني الذي أوجدها‪.‬‬
‫‪ ‬مراجعة اإلختالالت الموجودة في النصوص المتعلقة بسلطات الضبط‪ ،‬كتوضيح‬
‫صالحياتها بدقة وتبسيط إجراءات عملها‪ ،‬وتدعيم الضمانات الممنوحة لألطراف‬
‫الخاضعة إلى سلطاتها وتنظيم العالقة التي تربط هذه السلطات فيما بينها‪ ،‬خاصة‬
‫العالقة بين سلطات الضبط القطاعية ومجلس المنافسة‪ ،‬حيث يتوجب توطيد وتدعيم‬
‫التنسيق والتكامل بينهما‪.‬‬
‫‪ ‬توسيع الضبط إلى مجاالت أخرى إقتحمها القطاع الخاص بشكل ملفت والمثال هنا‬
‫ينطبق على القطاع الصحي من خالل إنتشار العيادات الخاصة‪ ،‬وكذلك في المجال‬
‫الصيدالني حيث إقتحم القطاع الخاص مجاالت إنتاج الدواء وتسويقه‪ ،‬وربما المستقبل‬
‫القريب سيظهر ضرورة اللجوء إلى الضبط في قطاعي التربية والتعليم العالي بحكم‬
‫أنهما مجالين مفتوحين أمام القطاع الخاص‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬فإن الحكم على نجاح أو فشل سلطات الضبط اإلقتصادي كآلية لضبط النشاطات‬
‫اإلقتصادية تقدير مبكر‪ ،‬بإعتبار أن وجودها عموما يمثل تجربة حديثة أو كما يسميها البعض‬
‫بتجربة فتية لم يكتمل نضوجها بعد‪ ،‬ومع ذلك ال يمكن إنكار الدور الذي تقوم به في سياق‬

‫‪88‬‬
‫الخاتمة‬

‫منح التجربة الجزائرية ‪ -‬في مجال مسايرة معطيات إقتصاد السوق ‪ -‬آليات جديدة في مجال‬
‫التدبير والتصرف تجسيدا لمبدأ حرية اإلستثمار والصناعة المكرس دستوريا‪ ،‬والتوفيق بينه‬
‫و بين الدور المراقب والمرافق المعترف به للدولة في المجال اإلقتصادي والمستند‬
‫المؤسساتها في إطار أشمل هو النظام السياسي واإلقتصادي والقانوني الجزائري‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫الخاتمة‬

‫الملخص باللغة العربية‪:‬‬


‫تميز النشاط االقتصادي الجزائري لفترة معتبرة من الزمن بهيمنة الدولة وسيطرتها على‬
‫كل جوانبه‪ ،‬حيث كانت المنظم والمنفذ‪ ،‬ولقد أدى هذا األسلوب التدخلي إلى آثار سلبية تسببت‬
‫في أزمة اقتصادية مست جميع الميادين‪ ،‬فأصبح من الضروري إعادة النظر في الوظائف‬
‫وتكييفها بصورة جديدة تتأقلم مع التحوالت الداخلية والعالمية الجديدة‪ ،‬ليبرز تطور دور‬
‫الدولة من دولة مسيرة إلى دولة ضامنة‪ .‬هذا التطور أدى إلى انسحاب الدولة وحل محلها في‬
‫المجال الضبطي سلطات ضبط النشاط االقتصادي العمود الفقري للضبط االقتصادي في‬
‫مختلف القطاعات‪.‬‬

‫هذه السلطات التي ولدت من رحم أزمة النظام الليبرالي جاءت من أجل لعب دور ضبط‬
‫االقتصاد وتكييفه وما يتالءم مع االتجاه االقتصادي العالمي نحو العولمة‪ ،‬ليس فقط هذا‪ ،‬فهذه‬
‫السلطات هي تصور جديد للعالقة بين الدولة والسوق‪ ،‬فرضتها مقتضيات الحوكمة والتي‬
‫تعبر عن ضرورة تعويض الفتيات االستبدادية بأساليب جديدة تعتمد على التشاور والمشاركة‬
‫للفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬تتمتع سلطات الضبط باإلختصاص التنظيمي واالختصاص في منح‬
‫االعتمادات وكذا االختصاص الرقابي واالختصاص القمعي واالختصاص في حل التراعات‪،‬‬
‫فيسمح لها تعدد االختصاصات باإلشراف على قطاع النشاط بأكثر فعالية بفضل التماسك‬
‫المحتمل بين تدخالتها وقراراتها‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫الخاتمة‬

:‫الملخص باللغة الفرنسية‬


L'activité économique algérienne se caractérisait pendant une période
de temps par la prédominance de l'états et son contrôle sur tous les
aspects, où il a été interventionniste .Cette méthode d'intervention a
conduit à des effets négatifs, ces derniers ont provoqué une crise
économique qui a touché tous les domaines, pour cela , il semblait
nécessaire de réexaminer les fonctions et les faire adapter face aux
nouvelles transformations nationales et internationales, Pour mettre en
évidence l'évolution du rôle de l'Etat providence à l'Etat régulateur.
Ce développement a mené au retrait de l'état qui a été remplacé dans
le domaine de la régulation par des autorités de régulation de l'activité
économique et financière qui symbolisent la base de la régulation
économique dans des secteurs économiques divers
Ces autorités, qui sont nées au sein d'une crise d'un régime libéral sont
venues pour contrôler et faire adapter l'économie et que cette dernière
soit compatible avec la tendance économique mondiale vers la
mondialisation.
Non seulement ça, ces autorités sont une nouvelle vision de la relation
entre l'État et le marché, imposées par les exigences de gouvernance,
qui expriment la nécessité de compenser les méthodes tyranniques
anciennes par des nouvelles méthodes basées sur la consultation et la
participation des a économiques et sociaux.
Sur cette base, les autorités de régulation doit être dotée de toutes les
prérogatives nécessaires à l'exercice de sa mission régulatrice: un
pouvoir réglementaire des compétences répressives, des pouvoirs
d'autorisation ou des décisions individuelles, des pouvoirs d'injonction
, des pouvoirs d'enquête , un pouvoir d'arbitrage et de règlement des
différends , les différents disciplines lui a permis de superviser le
secteur d'activité de manière plus efficace grâce à la cohésion entre les
interventions et les décisions possibles.

91
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫أوال ‪ -‬المصادر‪:‬‬
‫‪ .1‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدساتير‪:‬‬
‫‪ -‬دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬صادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪438 - 96‬‬
‫المؤرخ في ‪ 7‬ديسمبر ‪ ،1996‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،76‬صادرة في ‪ 8‬ديسمبر ‪ ،1996‬معدل‬
‫ومتمم بالقانون رقم ‪ 01 - 16‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ ،2016‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،14‬صادرة‬
‫في ‪ 7‬مارس ‪.2016‬‬
‫ب‪ -‬النصوص التشريعية‬
‫‪ ‬القانون العضوي رقم ‪ 18-12‬المؤرخ في ‪ 30‬ماي ‪ ،1998‬يتعلق بإختصاصات‬
‫مجلس الدولة وتنظيمه وعمله‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،37‬صادرة في ‪ 01‬جوان ‪ ،1998‬المعدل‬
‫والمتمم بالقانون العضوي رقم ‪ 13 - 11‬المؤرخ في ‪ 26‬يوليو ‪ ،2011‬ج ر‪،43 ،‬‬
‫صادرة في ‪ 3‬أوت ‪.2011‬‬
‫‪ ‬القانون العضوي رقم ‪ 02-12‬مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬المتعلق باإلعالم‪ ،‬ج ر‪،‬‬
‫عدد ‪ ،02‬صادرة في ‪ 15‬جانفي ‪.2012‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 01-88‬المؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،1988‬المتضمن القانون التوجيهي‬
‫للمؤسسات العمومية اإلقتصادية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،2‬صادرة في ‪ 13‬يناير ‪1988‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 12-89‬المؤرخ في ‪ 05‬جويلية ‪ 1988‬يتعلق باألسعار‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪،29‬‬
‫صادرة بتاريخ ‪ 19‬جويلية ‪.1988‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 07-90‬المؤرخ في ‪ 3‬أبريل ‪ ،1990‬يتعلق باإلعالم‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪،14‬‬
‫صادرة في ‪ 4‬أبريل ‪ ،1990‬معدل بالمرسوم التشريعي رقم ‪ 13 - 93‬المؤرخ في ‪26‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1993‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،69‬صادرة في ‪ 27‬أكتوبر ‪ ،1993‬ملغى بالقانون رقم‬
‫‪ 05 - 12‬المؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪ ،2012‬يتعلق باإلعالم‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،2‬صادرة في‬
‫‪ 15‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 10-90‬المؤرخ في ‪ 14‬أفريل ‪ ،1990‬يتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،16‬صادرة في ‪ 18‬أبريل ‪ ،1990‬معدل ومتمم باألمر رقم ‪ 01 - 01‬المؤرخ في ‪27‬‬
‫فبراير ‪ ،2001‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،14‬صادرة في ‪ 28‬فبراير ‪ ،2001‬ملغي باألمر رقم ‪03‬‬
‫‪ 11 -‬المؤرخ ‪ 26‬أوت ‪ ،2003‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،52‬صادرة في ‪ 27‬أوت ‪.2003‬‬

‫‪92‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 11-90‬المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 1990‬يتعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد‬


‫‪ ،17‬صادر ‪ 25‬أبريل ‪ 1990‬والمتمم بالمرسوم التشريعي رقم ‪ 03 - 94‬المؤرخ في‬
‫‪ 11‬أفريل ‪ ،1994‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،20‬صادرة في ‪ 14‬أبريل ‪.1994‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 30-90‬المؤرخ في ‪ 01 / 12 /1990‬المتضمن قانون األمالك الوطنية‪،‬‬
‫ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،52‬الصادرة في ‪ 1990 /12/ 2‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 14-08‬المؤرخ‬
‫في ‪ 20‬يوليو ‪ ،2008‬ج ر‪ ،‬عدد‪ ،44‬صادر في ‪ 3‬أوت ‪.2008‬‬
‫‪ ‬األمر رقم ‪ 06-95‬المؤرخ في ‪ 25‬جانفي ‪ ،1995‬يتعلق بمجلس المنافسة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،9‬صادرة في ‪ 22‬فيفري ‪( 1995‬ملغی)‪.‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 03-2000‬المؤرخ في ‪ 5‬أوت ‪ ،2000‬يحدد القواعد العامة المتعلقة‬
‫بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،48‬صادرة في ‪ 8‬أوت ‪.2000‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 01-02‬المؤرخ في ‪ 5‬فبراير ‪ ،2002‬يتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز‬
‫بواسطة القنوات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،8‬صادرة في ‪ 6‬فبراير ‪.2002‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 11-02‬المؤرخ ‪ 24‬ديسمبر ‪ 2002‬المتضمن قانون المالية لسنة‬
‫‪ ،2003‬ج ر‪ ،‬عدد عدد ‪ ،86‬صادر في ‪. 25 / 12 /2002‬‬
‫‪ ‬األمر رقم ‪ 03-03‬المؤرخ في ‪ 19‬يوليو ‪ 2003‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪،43‬‬
‫صادرة في ‪ 20‬جويلية ‪ ،2003‬معدل ومتمم بالقانون رقم ‪ 12 - 08‬المؤرخ في ‪25‬‬
‫يونيو ‪ ،2008‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،36‬صادرة في ‪ 2‬يوليو ‪ ،2008‬معدل ومتمم بالقانون رقم‬
‫‪ 05 - 10‬المؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،2010‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،46‬صادرة في ‪ 18‬أوت ‪.2010‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 10-05‬المؤرخ في ‪ 20‬يونيو ‪ 2005‬المتضمن القانون المدني‪ ،‬ج ر‪،‬‬
‫عدد ‪ ،44‬صادر في ‪ 26‬يونيو ‪.2005‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 07-05‬المؤرخ في ‪ 28‬فبراير ‪ ،2005‬يتعلق بالمحروقات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،50‬صادرة في ‪ 19‬يوليو ‪ ،2005‬معدل و متمم باألمر رقم ‪ 10 - 06‬المؤرخ في‬
‫‪ 29‬يوليو ‪ ،2006‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،48‬صادرة في ‪ 30‬يوليو ‪ ،2006‬معدل و متمم‬
‫بالقانون رقم ‪ 01 - 13‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ ،2013‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،11‬صادرة في‬
‫‪ 24‬فبراير ‪.2013‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 12-05‬المؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪ 2005‬المتعلق بالمياه‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،60‬لسنة‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ 2006‬المتعلق بالوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،14‬صادرة في ‪ 08‬مارس ‪.2006‬‬

‫‪93‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ ‬األمر ‪ 03-06‬المؤرخ في ‪ 16‬جويلية ‪ 2006‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة‬


‫العمومية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،66‬صادرة في سنة ‪ .2006‬قانون رقم ‪ 04-06‬المؤرخ في‬
‫‪ 20‬فيفري ‪ ،2006‬المتعلق بالتأمينات‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،15‬سنة ‪.2006‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 13-08‬المؤرخ في ‪ 03‬أوت ‪ 2008‬المتعلق بالصحة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪، 44‬‬
‫لسنة ‪.2008‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 04-15‬مؤرخ في ‪ 01‬فبراير ‪ 2015‬يحدد للقواعد العامة المتعلقة للتوقيع‬
‫والتصديق االلكترونيين‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،6‬صادرة في ‪ 10‬فيفري ‪.2015‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 10-01‬المؤرخ في ‪ 03‬جويلية ‪ 2001‬المتضمن قانون المناجم‪ ،‬ج ر‪،‬‬
‫عدد ‪ ، 35‬صادرة في ‪ 04‬يوليو ‪ 2001‬الملغي بالقانون رقم ‪ 05 - 14‬المؤرخ في ‪24‬‬
‫فبراير ‪ 2014‬يتضمن قانون المناجم‪ ،‬جر‪ ،‬عدد ‪ ،18‬صادرة في ‪ 30‬مارس ‪. 2014‬‬
‫ج‪ .‬النصوص التنظيمية‪:‬‬
‫المراسيم الرئاسية‪:‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 77-92‬المؤرخ في ‪ 22 / 02 /1992‬يتضمن إحداث‬
‫المرصد الوطني الحقوق اإلنسان‪ ،‬ج ر ‪ ،‬عدد‪ ،15‬صادرة ‪ 26‬فبراير ‪.1992‬‬
‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 10-93‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ 1993‬يتعلق بالبورصة والقيم‬
‫المنقولة‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،34‬صادرة في ‪ 23‬ماي ‪ ،1993‬معدل ومتمم بالقانون رقم ‪03‬‬
‫‪ 04 -‬المؤرخ في ‪ 17‬جانفي ‪ ،2004‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،11‬صادرة في ‪ 19‬فيفري ‪.2003‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 113-96‬المؤرخ في عدد ‪ ،20‬صادرة في ‪ 31‬مارس‬
‫‪.1996‬‬
‫المراسيم التنفيذية‪:‬‬
‫‪ ‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 124-01‬المؤرخ في ‪ 09‬ماي ‪ 2001‬المتضمن تحديد‬
‫اإلجراءات المطبق على المزايدة في إعالن المنافسة من أجل منح رخص في مجال‬
‫المواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،27‬صادرة في ‪ 13‬ماي ‪.2001‬‬
‫‪ ‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 418-01‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2001‬المتعلق بنظام‬
‫اإلستغالل المطبق على كل خدمة من خدمات البريد وكل إداءاته‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪،80‬‬
‫صادرة في ‪ 26‬ديسمبر ‪.2001‬‬
‫‪ ‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 157-04‬المؤرخ في ‪ 21‬يوليو ‪ 2004‬المعدل والمتمم‬
‫للمرسوم التنفيذي ‪ 01123‬المتعلق بنظام اإلستغالل المطلق على كل أنواع الشبكات‬
‫بينما فيما الشبكات السلكية والالسلكية وعلى مختلف الخدمات السلكية والالسلكية‪ ،‬ج‬
‫ر‪ ،‬عدد ‪ ،35‬صادرة في ‪ 02‬يونيو ‪.2004‬‬

‫‪94‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ ‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 331-04‬المؤرخ في ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2004‬المتضمن تنظيم‬


‫نشاطات صنع المواد التبغية واسترادها وتوزيعها‪ ،‬جر‪ ،‬عدد ‪ ،60‬لسنة ‪.2004‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ o‬حنفي عبدهللا‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪ -‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.2002 ،‬‬
‫‪ o‬مازن راضی ليلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬منشورات األكاديمية العربية بالدنمارك‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ o‬محمد مختار أحمد بريري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النهضة‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،‬مصر‪2004،‬‬
‫الرسائل والمذكرات‪:‬‬
‫أ‪ -‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ ‬جالل مسعد‪ ،‬مدى تأثر المنافسة الحرة بالممارسات التجارية‪ ،‬رسالة لنيل درجة‬
‫الدكتوراه في القانون‪ ،‬تحت إشراف األستاذ زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2012 ،‬‬
‫‪ ‬زقموط فريد‪ ،‬اإلختصاص التنظيمي للسلطات اإلدارية المستقلة‪ ،‬أطروحة مقدمة‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬تخصص القانون العام لألعمال‪،‬‬
‫زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة عبد الرحمان‬
‫ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬نوقشت يوم ‪. 13 12 /2016‬‬
‫‪ ‬عزالدين عيساوي‪ ،‬الرقابة القضائية على السلطة القمعية للهيئات اإلدارية المستقلة‬
‫في المجال اإلقتصادي‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص القانون‪،‬‬
‫زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪،‬‬
‫تيزي وزو‪.2015 ،‬‬
‫‪ ‬منصور د اود‪ ،‬اآلليات القانون لضبط النشاط اإلقتصادي في الجزائر‪ ،‬أطروحة‬
‫مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون أعمال ‪ ،‬لشهب‬
‫حورية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫‪.2016 - 2015‬‬
‫ب‪ -‬المذكرات الجامعية‬

‫‪95‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ ‬أحمد أعراب‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة في المجال المصرفي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬األستاذ كاشير عبدالقادر‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة أمحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪.2007 - 2006 ،‬‬
‫‪ ‬خدوجة فتوس‪ ،‬اإلختصاص التنظيمي لسلطات الضبط اإلقتصادي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون‪ ،‬زوايمية رشيد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪،‬‬
‫بجاية‪ ،‬نوقشت ‪ 28‬جوان ‪.2010‬‬
‫‪ ‬خموسة مداسي‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة في الجزائر‪ ،‬دراسة حالة سلطة الضبط‬
‫البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬مذكرة مقدمة تنفيذ لنيل شهادة الماجستير في‬
‫القانون العام‪ ،‬األستاذ بوذراع بلقاسم‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪،‬‬
‫جامعة قسنطينة ‪.2014-2013 ،1‬‬
‫‪ ‬زهرة مجامعية‪ ،‬وظائف الضبط اإلقتصادي‪ ،‬مذكرة ماجستير في إطار مدرسة‬
‫دكتوراه تخصص الدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬األستاذ العقون وليد‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫جامعة الجزائر ‪.2014-2013 ،1‬‬
‫‪ ‬سامية بوقندورة ‪ ،‬سلطة الضبط في قطاع المحروقات في الجزائر‪ ،‬مذكرة من أجل‬
‫الحصول على شهادة الماجستير في الحقوق‪ ، ،‬األستاذ بن ناجي شريف‪ ،‬فرع الدولة‬
‫والمؤسسات العمومية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2008 - 2007 ،‬‬
‫‪ ‬سليم شيهوب‪ ،‬سلطة الضبط في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة جياللي ليابس‪ ،‬سيدي بلعباس‪.2009-2008 ،‬‬
‫‪ ‬سمير حدري‪ ،‬السلطات اإلدارية المستقلة الفاصلة في المواد اإلقتصادية والمالية‪،‬‬
‫مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬األستاذ زوايمية رشيد‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة أمحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪.2006 ،‬‬
‫‪ ‬عائشة فارح‪ ،‬المركز القانوني للجنة اإلشراف على التأمينات‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬تخصص القانون العام لألعمال‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة عبدالرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪.2009 ،‬‬
‫‪ ‬عبد القادر خليج‪ ،‬النظام القانوني للوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في إطار مدرسة الدكتوراه تخصص الدولة والمؤسسات العمومية‪،‬‬
‫تحت إشراف األستاذ العقون وليد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2016-2015 ،1‬‬
‫‪ ‬علي عيساوي‪ ،‬الضبط اإلقتصادي وحماية المستهلك‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‬
‫في الحقوق‪ ،‬األستاذ عليان بوزيان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‬
‫جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪.2015-2014 ،‬‬

‫‪96‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ ‬فضيلة براهيمي‪ ،‬المركز القانوني لمجلس المنافسة بين األمرين ‪ 03-03‬وقانون رقم‬
‫‪ ،12-08‬مذكرة النيل شهادة الماجستير فرع قانون األعمال األستاذ زوايمية رشيد‪،‬‬
‫جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪.2010-2009 ،‬‬
‫‪ ‬كريمة زعاتري‪ ،‬المركز القانوني لسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم‬
‫الحقوق جامعة أحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪.2012 /2011 ،‬‬
‫‪ ‬لزهر نوبال‪ ،‬المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في القانون اإلداري‪ ،‬فرع اإلدارة العامة وإقليمية القانون‪ ،‬تحت‬
‫إشراف زهية موسی‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫‪ ‬مجدوب قوراري‪ ،‬سلطات الضبط في المجال اإلقتصادي لجنة تنظيم ومراقبة عمليات‬
‫البورصة وسلطة الضبط للبريد والمواصالت نموذجين‬
‫‪ ‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬األستاذ عزاوي عبد الرحمان‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة أبوبكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2010 – 2009 ،‬‬
‫‪ ‬موسی رحموني‪ ،‬الرقابة القضائية على سلطات الضبط المستقلة في التشريع‬
‫الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة النيل درجة الماجستير في العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬األستاذ‬
‫دراجي عبدالقادر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق جامعة الحاج لخضر‪،‬‬
‫باتنة‪.2013 - 2012 ،‬‬
‫‪ ‬نادية رابح‪ ،‬النظام القانوني لسلطات الضبط المستقلة‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الماجستير‬
‫في القانون‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬تخصص القانون العام لألعمال‪ ،‬األستاذ زوايمية‬
‫رشيد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبدالرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪.2012 ،‬‬
‫‪ ‬وليد بوجملين‪ ،‬سلطات الضبط اإلقتصادي في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في الحقوق‪ ،‬الغوتي سعاد‪ ،‬فرع الدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2007-2006 ،‬‬
‫المقاالت العلمية ‪:‬‬
‫‪ ‬أحسن غربي‪ " ،‬نسبية اإلستقاللية الوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة "‪ ،‬مجلة‬
‫البحوث والدراسات اإلنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،11‬جامعة ‪ 20‬أوت ‪ ،1955‬سكيكدة‪.2015 ،‬‬
‫‪ ‬إلهام خرشي‪ " ،‬تمكين الحقوق في ظل السلطات اإلدارية المستقلة ‪ -‬النموذج‬
‫الفرنسي ‪ -‬دراسات قانونية "‪ ،‬مركز البصيرة للبحوث واإلستشارات والخدمات‬
‫التعليمية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،09‬نوفمبر ‪.2010‬‬

‫‪97‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫ " سلطات الضبط المستقلة ودورها في إستقرار التشريع والتنظيم‬،‫ سمير حدري‬
.2010 ،40 ‫ العدد‬،‫ مجلة اإلدارة‬،"‫المتعلق باإلستثمار‬
:‫الملتقيات‬
‫ في شرعية سلطات‬:‫ دراسة نقدية في سلطات الضبط المستقلة‬،‫ زاينة أيت وازو‬-1
‫ الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال‬،‫الضبط المستقلة‬
،2007 ‫ ماي‬24 ‫ و‬23 ،‫ بجاية‬،‫ جامعة عبدالرحمان ميرة‬،‫اإلقتصادي والمالي‬
‫خالصة المداخالت المقدمة في الملتقى‬
‫ الملتقى الوطني حول‬،‫ السلطات اإلدارية المستقلة وإشكالية اإلستقاللية‬،‫ سمير حدري‬-2
،‫ جامعة عبدالرحمان ميرة‬،‫سلطات الضبط المستقلة في المجال اإلقتصادي والمالي‬
‫ خالصة المداخالت المقدمة في الملتقى‬،2007 ‫ ماي‬24 ‫ و‬23 ،‫بجاية‬
: ‫محاضرات‬
‫ ألقيت على طلبة سنة ثانية‬،‫ محاضرات في قانون الضبط اإلقتصادي‬،‫ نور الدين بري‬-
‫ جامعة عبد الرحمان‬،‫ كلية الحقوق والعلوم السياسية‬،‫ تخصص قانون أعمال‬،‫ماستر‬
.2016-2015 ،‫ بجاية‬،‫ميرة‬
:‫ثالثا – المراجع باللغة الفرنسية‬
A-Les ouvrages :
1-Bertand de marais : droit public de la régulation économique ,dalloz
et presses de sciences, paris,2004. 2- TEITGEN-COLLY Cathrine ,
Les autorités administratives indépendantes : histoire d'une institution,
in COLLIARD Claude Albert et TIMSIT Gérard, (sous la direction)
les autorités administratives indépendantes , PUF, Paris, 1988
3 - ZOUAIMIA Rachid : les autorités administratives indépendantes
et la règulation économique en Algérie , édition Houma , Alger , 2005.
B-Les Articles :
1- Brisson J.F, Les pouvoirs de sanction des autorities de règulation, le
voie d'une juridictionnalisateur sur le site internet: www.gip -
recherche - justice.fr
2- Jacques chevallier : la regulation juridique en question , revue droit
et sociétè , n 49/2001 .http//www, reds.msh ,paris.
3 -Jeans yves chèrots:droite public economique .economica.2002 .
98
‫قائمة المصادر و المراجع‬

4 - M.frison roche : Définition de droit de la regulation économique,


dalloz, n 2, ,2004.
5 - Rachid ZOUAIMIA :Les fonctions repressives des autorités
administratives indépendantes statuant en matière économique ,Revue
IDARA, ENA ,N 28 , 2004.
6- Rachid ZOUAIMIA : De la responsabilitè sucipfnaire les agents
économique lènèmple du secteur financier, opv, alger, 2010.
D- des colloque : 1- Rachid ZOUAIMIA: De L état interventionniste à
L'état régulateurl'exemple Algerien , colloque national sur Lès
autorites de règulation indépendantes en matiere économique et
financier, université de bejaia, 23.24mai 2007.

99
‫اإلهداء‬
‫شكر وتقدير‬
‫مقدمة ‪5 ....................................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للضبط اإلقتصادي‪13...............................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الضبط اإلقتصادي‪15...........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلقتصادي‪15....................................... .......‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الضبط اإلقتصادي ‪15.........................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التعريف اللغوي لمصطلح الضبط ‪16.................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬التعريف الفقهي لمصطلح ضبط ‪17...................................................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬التعريف التشريعي لمصطلح الضبط‪18...............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الضبط اإلقتصادي‪19 .......................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬خاصية الحياد والموضوعية ‪19........................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬توفير الضبط لحماية أكثر فعالية‪20....................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تطور الضبط اإلقتصادي ‪21.............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تطور الضبط اإلقتصادي في الدول الغربية ‪21.....................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التطور في الواليات المتحدة األمريكية ‪21...........................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬التطور في بريطانيا‪22...................................................................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬التطور في فرنسا‪23.......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تطور الضبط اإلقتصادي في الجزائر ‪24 .........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار المؤسساتي للضبط اإلقتصادي‪29 .........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطبيعة القانونية لسلطات الضبط اإلقتصادي ‪29 .....................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الطابع السلطوي ‪30 ...................................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬سلطة إصدار القرارات اإلدارية الفردية‪31..........................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬سلطة رقابة النشاطات اإلقتصادية ‪32................................................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬سلطة توقيع العقوبات ‪32...............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الطابع الضبطي ‪33....................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الطابع اإلستقاللي ‪36 ...................................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬اإلستقاللية العضوية ‪37.................................................................‬‬
‫‪ .1‬تركيبة بشرية جماعية دون تعددية ‪37......................................................‬‬
‫‪ .2‬إحتكار السلطة التنفيذية الصالحية اإلقتراح و تعيين األعضاء ‪38......................‬‬

‫‪100‬‬
‫‪ .3‬النظام القانوني األعضاء لألعضاء المسيرين لسلطات الضبط المستقلة‪38......... ...‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلستقاللية الوظيفية ‪.39..................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إختصاصات سلطات الضبط اإلقتصادي ‪41 ..........................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬اإلختصاص التنظيمي ‪41......... ....................................................‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬المقصود باإلختصاص التنظيمي لسلطات الضبط اإلقتصادي‪42...............‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬صور ممارسة سلطات الضبط اإلقتصادي لإلختصاص التنظيمي ‪42..........‬‬
‫‪ .1‬مساهمة السلطات الضبط اإلقتصادي لإلختصاص التنظيمي ‪42....................‬‬
‫أ‪ .‬المساهمة في اإلختصاص التنظيمي عن طريق اإلستشارة‪43..................‬‬
‫ب‪ .‬سلطة تقديم اإلقتراحات والتوصيات ‪43............................................‬‬
‫ت‪ .‬المساهمة في إعداد التنظيمات التطبيقية ‪44........................................‬‬
‫‪ .2‬اإلختصاص التنظيمي عن طريق المساهمة ‪44......................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلختصاص الرقابي ‪45................................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬تعريف الرقابة‪45........................................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬مجاالت ممارسة اإلختصاص التنظيمي‪46...........................................‬‬
‫‪ .1‬الرقابة السابقة لإللتحاق بالمهنة ‪46.....................................................‬‬
‫‪ .2‬الرقابة الالحقة للسوق ‪47.................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اإلختصاص التحكيمي ‪48............................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬تعريف التحكيم‪48..................................................................... .‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬ممارسة سلطات الضبط اإلقتصادي لإلختصاص التحكيمي‪49..................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬اإلختصاص العقابي ‪50 ..............................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬تعريف العقوبة ‪51......................................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬أنواع العقوبات المقررة من طرف سلطات الضبط ‪51...........................‬‬
‫‪ .1‬العقوبات المالية ‪.51.......................................................................‬‬
‫‪ .2‬العقوبات غير المالية ‪52..................................................................‬‬

‫خالصة الفصل األول ‪54 .............................................................................‬‬


‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية نموذجا‪55 ............................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الطبيعة القانونية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪57 ........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطابع السلطوي للجنة ضبط البريد والمواصالت ‪57..............‬‬
‫الفرع األول‪ :‬معايير تحديد الطابع السلطوي لسلطة ضبط البريد والمواصالت ‪57 ......‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬موقف الفقه ‪57...........................................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬موقف المشرع ‪58.......................................................................‬‬

‫‪101‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مظاهر ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت للسلطة ‪59 ...................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬سلطة إصدار قرارات إدارية‪59........................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬سلطة رقابة نشاطات إستغالل قطاعي البريد والمواصالت‪60...................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬سلطة توقيع العقوبات‪60................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطابع اإلداري لسلطة ضبط البريد والمواصالت ‪61................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المعيار الشكلي ‪61.......................................................................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬تركيبة بشرية جماعية دون تعددية ‪61...............................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬اإلجراءات المتبعة أمام سلطة ضبط البريد والمواصالت‪62....................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المعيار المادي ‪62.......................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬معيار منازعات سلطة ضبط البريد والمواصالت ‪63 ...........................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الطابع اإلستقاللي لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪63..............‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلستقاللية العضوية لسلطة ضبط البريد والمواصالت ‪64 .....................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التركيبة البشرية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪64............................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬أسلوب تعيين أعضاء سلطة ضبط البريد والمواصالت‪65......................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬النظام القانوني الخاص بأعضاء مجلس اإلدارة‪65................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلستقاللية الوظيفية لسلطة ضبط البريد والمواصالت ‪66.....................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬اإلستقالل المالي ‪67.....................................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬األهلية القانونية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪67.............................‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬موطن لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪67........................................‬‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬وجود نائب يعبر عن إرادة سلطة ضبط البريد والمواصالت‪67..............‬‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬أهلية سلطة ضبط البريد والمواصالت في التقاضي‪68.......................‬‬
‫‪ -‬سادسا‪ :‬تمتع سلطة ضبط البريد والمواصالت بإمتيازات السلطة العامة‪68.........‬‬
‫‪ -‬سابعا‪ :‬أموال سلطة ضبط البريد والمواصالت أموال عمومية‪68.....................‬‬
‫‪ -‬ثامنا‪ :‬موظفي سلطة ضبط البريد والمواصالت موظفون عموميون‪69.............‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إختصاصات سلطة ضبط البريد والمواصالت‪70............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سلطات ذات طابع إداري ‪70..........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬السلطة التنظيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪70 ........................‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ -‬اإلستشارة اإلجبارية ‪71.............................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ -‬اإلستشارة اإلختيارية ‪71............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬السلطة الشبة تنظيمي لسلطة ضبط البريد والمواصالت ‪72..................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬سلطة رقابة الدخول إلى السوق‪72..................................................‬‬
‫‪ .1‬نظام الرخصة‪72............................................................................‬‬
‫‪ .2‬نظام الترخيص ‪72............................................................................‬‬
‫‪102‬‬
‫‪ .3‬نظام التصريح البسيط‪74................................................................. .‬‬
‫‪ .4‬نظام اإلعتماد‪74............................................................................ .‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬سلطة مراقبة السوق وسير المنافسة‪75......................................... .‬‬
‫‪ .1‬المعلومات العامة الواجب تقديمها ‪75.....................................................‬‬
‫‪ .2‬إجراء التحقيقات‪76........................................................................ .‬‬
‫‪ .3‬التقرير السنوي‪76...........................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬السلطات التحكيمية لسلطة ضبط البريد والمواصالت‪77 .....................‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬الشروط المتعلقة بموضوع النزاع‪77..............................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬الشروط المتعلقة بأطراف النزاع‪79.............................................. .‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬إختصاصات ذات طابع جزائي‪79...................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط ممارسة سلطة ضبط البريد والمواصالت السلطة العقاب‪80........‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬أال تكون الجزاءات سالبة للحرية‪80................................................‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬خضوع سلطة العقاب لذات المبادئ العقابية الدستورية‪80.....................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬توقيع سلطة ضبط البريد والمواصالت للعقوبات اإلدارية‪82 ...............‬‬
‫خالصة الفصل الثاني‪84 ...........................................................................‬‬
‫خاتمة ‪85 .............................................................................................‬‬
‫الملخص باللغة العربية ‪90................ ............................ ............................‬‬
‫الملخص باللغة الفرنسية‪91.........................................................................‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع ‪92.......................................................................‬‬
‫الفهرس‬

‫‪103‬‬
104

You might also like