You are on page 1of 200

‫المقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫املسؤولية اجلنائية‬
‫عن أضرار الذكاء االصطناعي‬
‫‪CRIMINAL LIABILITY‬‏‬
‫‪FOR DAMAGES‬‬
‫‪FROM ARTIFICIAL INTELLIGENCE‬‬

‫حممد علي أبو علي‬


‫ماجستيرفي القانون الجنائي‬

‫الناشر‬
‫دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‬
‫‪ 32‬شارع عبد الخالق ثروت – القاهرة‬

‫‪1‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫مجيع احلقوق حمفوظة للمؤلف‬

‫وال يجوزنشرأي جزء من هذا الكتاب أو اختزان مادته بطريقة االسترجاع أو‬
‫نقله على أي نحو أو بأية طريقة سواء كانت إلكترونية أو ميكانيكية أو خالف ذلك‬
‫ً‬
‫ومقدما‪.‬‬ ‫إال بمو افقة املؤلف على هذا كتابة‬

‫املسؤولية اجلنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬ ‫اسم الكتــاب‪:‬‬

‫حممد علي أبو علي‬ ‫إعـــــــــــــداد‪:‬‬


‫األوىل‬ ‫الطبعـــــــــة‪:‬‬

‫‪2024‬‬ ‫سنة الطبــع‪:‬‬

‫‪2023 / 30578‬‬ ‫رقم اإليــداع‪:‬‬

‫‪I.S.B.N. 978-977-04-9712-8‬‬ ‫الرتقيم الدولي‪:‬‬


‫‏‬
‫‏‬
‫الناشر‬
‫دار‏النهضة‏العربية‏للنشر‏والتوزيع ‏‬
‫‪32‬‏شارع‏عبد‏الخالق‏ثروت‏–‏القاهرة ‏‬
‫تليفون‪:‬‏‪ 0020223926931‬‏‬
‫‏فاكس‪:‬‏‪0020223956150‬‬
‫‪info@daralnahda.com‬‬
‫‪www.daralnahda.com‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫‪3‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪4‬‬
‫المقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫االهداء و الشكر‬

‫إىل من صدق الوعد فينا رسولنا حممد ﷺ‬

‫إىل من وقفا جبواري منذ كنت اتعثر يف خطاي‬

‫إىل من تنار الطريق بهم أوالدي و زوجيت‬

‫إىل وطننا احلبيب و نفع العلم فيه‬

‫اللهم يا منزل الكتاب يا من علمتنا «إقرأ»‪،‬‬


‫اللهم احتسب لنا يف هذا العلم صدقة و أنه لوجهك الكريم‬

‫‪5‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪6‬‬
‫المقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫‪F‬‬
‫يعتبر الذكاء االصطناعي موضوع العصر الحالي بناء على ما وصل إليه العلم من‬
‫الثورة الصناعية الرابعة التي نقلت العالم من عصر الصناعة إلى عصر املعلومات‬
‫ً‬
‫الحديث‪ ،‬وتعتبر تقنياته من أهم ضروريات املجتمع‪ ،‬كما أنها التكنولوجيا األكثر تطورا‬
‫في السوق اآلن‪.‬‬
‫يساور العالم القلق ازاء الذكاء االصطناعي‪ ،‬حتى وإن كان يحمل في طياته بعض‬
‫النعم والثروات التقنية إال أنه قد يكون نقمة واداة تشكل ضررا وتهديدا على جميع‬
‫الكائنات الحية على هذه الحياة‪ ،‬واكثرها تهديدا على حياة البشر من األشخاص‪،‬‬
‫واالفراد واملجتمعات على غرار الغريزة والفطرة التي أوجد هللا وخلق هذا االنسان ألجلها‬
‫في أن يجعله خليفة في هذه األرض قائما على إعمارها وبنائها ال إفسادها وهدمها‪.‬‬
‫ويشهد العالم هذه السنوات تطورات متتالية في عالم التكنولوجيا الغير مسبوق‪،‬‬
‫وما يصاحبه من انتاج‪ ،‬وايجاد تقنيات تكنولوجية متنوعة‪ ،‬وأصبح الحديث ما إذا كان‬
‫استخدام هذه التقنيات التكنولوجية يشكل ضررا وتهديدا خاصة على األمن االلكتروني‪،‬‬
‫وفي الحقيقة مع وجود التطور التكنولوجي في مجال الذكاء االصطناعي ظهرت العديد من‬
‫املشاكل فنحن نتحدث اليوم عن قدرات غير مسبوقة في اختراق البيانات والوصول الى‬
‫مراكز املعلومات واستخدام خوارزميات الذكاء االصطناعي في انتاج محتويات كاذبة أو‬
‫مضللة بعدة اشكال سواء كانت على شكل صور‪ ،‬نصوص‪ ،‬فيديو وغيرها وقدرة الذكاء‬
‫االصطناعي في تشتيت الرأي العام العالمي كل هذه االمور تشكل خطورة في امننا‬
‫االلكتروني مما دفع االمين العام لألمم املتحدة في أكثر من تصريح أن يتحدث عن أضرار‬
‫وخطورة الذكاء االصطناعي وأنه سوف يسبب مشاكل باملستقبل سواء في تضليل الرأي‬
‫العام العالمي‪ ،‬ووصول الخوارزميات إلى مراكز معلومات حساسة ولربما ادعت بعض‬
‫دول العالم الكبرى برغبتها عن االنفصال عن شبكة العالم اإلنترنت؛ ملا تعرضت من‬

‫‪7‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التجسس عليها وعلى مراكز معلومات حساسة فيها وكل ما سبق لربما بشكل أو بآخر‬
‫يشكل تهديدا ألمننا االلكتروني‪ .‬فعلى الصعيد الشخص ي على مستوى بياناتنا الشخصية‬
‫التي نستخدمها بشكل يومي فقد أصبحت مهددة باالختراق وبالوصول إلى حواسيبنا‬
‫الشخصية‪ ،‬تضليل الحقيقة بالرغم من قول مصنعو الذكاء االصطناعي على انهم‬
‫يقدمون خدمات جديدة للبشرية على سبيل املثال‪ Google :‬أضافت إلى خدمات‬
‫‪ Google Meet‬مساعد الذكاء االصطناعي(‪ )AI‬الذي يمثل ويحضر عن املستخدمين أي‬
‫اجتماعات ويقدم له الخالصة واملختصر وكل ما جاء في تلك االجتماعات وما إلى ذلك‬
‫بالتفصيل‪ .‬بحيث يتساءل املرء إلى أي مدى ممكن أن تساعد أو إلى أي مدى ممكن ان‬
‫تكون لصالح البشرية مستقبال؟‬
‫يقسم هذا البحث إلى ثالثة مباحث‪ ،‬أولها يتناول الذكاء االصطناعي من ناحية‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‪ ،‬ومفهومه‪ ،‬وتعريفه‪ ،‬ونموذجه وخصائصه‪ ،‬وأهميته وكل ذلك‬
‫في مبحث مستقل‪ .‬ويشكل املبحث الثاني جوهر البحث وإجابة عن قواعد املسؤولية‬
‫الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‪ ،‬واالساس القانوني للمسؤولية الجنائية عن‬
‫أضرار الذكاء االصطناعي‪ ،‬والطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي‪ ،‬والشخصية القانونية‬
‫للذكاء االصطناعي‪ ،‬واملسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي من ناحية‬
‫مسؤولية الغير عن أضرار الذكاء االصطناعي‪ ،‬ومسؤولية الذكاء االصطناعي عن اضراره‪.‬‬
‫واملبحث الثالث يتناول نموذج جرائم الذكاء االصطناعي وجرائم الذكاء االصطناعي‬
‫الذاتية‪ ،‬والجريمة العمدية الناتجة عن الذكاء االصطناعي والجريمة الغير عمدية‬
‫الناتجة عن الذكاء االصطناعي واستخدام الذكاء االصطناعي في ارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫والجريمة العمدية في استخدام الذكاء االصطناعي والجريمة الغير عمدية في استخدام‬
‫الذكاء االصطناعي وأخيرا الخاتمة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫مشكلة الدراسة‪-:‬‬
‫تثور إشكالية الدراسة حول قيام أركان املسؤولية الجنائية على األضرار و األفعال‬
‫الجرمية التي تتم بواسطة الذكاء االصطناعي‪ ،‬و كيف يتم تحقق أركان و قواعد‬
‫املسؤولية الجنائية على كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬بالتالي تحمله نتيجة عقاب أفعاله‬
‫التي يرتكبها سيما أن هذا الكيان هو نتاج بشري ال يمكنه تحمل العقاب كالحبس و‬
‫الحجز وال يملك استقالال ذمة مالية من أجل مواجهته بواسطة دعوى حقوقية أو‬
‫تنفيذيا أو غيره من أشكال املطالبات القانونية من أجل التعويض املادي أو املعنوي عن‬
‫الضرر الناش ئ عن أفعال كيانات الذكاء االصطناعي الضارة املجرمة قانونا‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‬
‫األهمية من الناحية النظرية‬
‫لقد جاءت أهمية الدراس من الناحية النظرية من أجل تحليل القواعد النظرية‬
‫املتعلقة باملسؤولية الجنائية عن األضرار التي يرتكبها الذكاء االصطناعي و تحليل‬
‫النصوص املتعلقة بها و اسقاطها على األفعال التي يرتكبها الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫األهمية العلمية‪:‬‬
‫أما من الناحية العلمية فهي من أجل وضع قواعد فقهية في موضوع املسؤولية‬
‫الجنائية ألضرار الذكاء االصطناعي و تحليل أركان املسؤولية الجنائية على أفعال كيانات‬
‫الذكاء االصطناعي الضارة و تحليل مدى تحمل الذكاء االصطناعي نتيجة فعله و‬
‫التعويض الناش ئ عن أفعاله من الناحية الجزائية‪.‬‬
‫أهداف الدارسة‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى‪:‬‬
‫‪ )1‬الظهور بتعريف للذكاء االصطناعي و ماهيته و مفهومه بصورة عامة‬

‫‪9‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪ )2‬فهم و بيان أهمية و خصائص الذكاء االصطناعي‬


‫‪ )3‬الظهور بماهية شخصية الذكاء االصطناعي‬
‫‪ )4‬استنباط قيام أركان املسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬
‫‪ )5‬استيضاح نماذج جرائم الذكاء االصطناعي‬
‫تساؤالت الدراسة‪:‬‬
‫‪ )1‬ما هو تعريف الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ )2‬ما هي خصائص و أهمية الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ )3‬هل يتحمل كيان الذكاء االصطناعي املسؤولية الجنائية عن أفعاله الضارة؟‬
‫‪ )4‬من يتحمل املسؤولية الجزائية عن األضرار التي يرتكبها الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ )5‬ما هي الجرائم التي يرتكبها الذكاء االصطناعي (نموذجا)؟‬
‫منهج الدراسة‪:‬‬
‫اعتمد الباحث على املنهج التحليلي الوصفي (االستقرائي واالستنباطي) للنصوص‪ .‬و‬
‫ذلك بقراءة القواعد الفقهية املتعلقة بموضوع الدراسة وتحليلها‪ ،‬وتفسيرها‪ ،‬واملقارنة‬
‫ُ‬
‫فيما بينها كما و استرشد الباحث باملنهج املقارن من خالل استعارة بعض الحلول التي‬
‫تناولتها التشريعات املقارنة كلما دعت الحالة الى ذلك‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫املبحث األول‬
‫الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫‪11‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪12‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫املبحث األول‬
‫الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫بات الذكاء االصطناعي يشكل أهم املواضيع واألمور التي تخص علوم الحاسب اآللي‬
‫في القرن الواحد والعشرين الحالي‪ ،‬ويشكل أداة فاعلة ووسيلة قوية والتي اصبحت‬
‫حاضرة‪ ،‬وال يقتصر على جهاز الحاسوب بل هو موجود في العديد من املجاالت‬
‫ً‬
‫والقطاعات املختلفة بدءا من الصحة إلى الصناعة والتجارة وليس انتهاء بالتعليم‬
‫والتعلم واإلدارة‪ .‬وتتمثل تكنولوجيا الذكاء االصطناعي في محاكاة الذكاء اإلنساني من‬
‫خالل برمجة الحاسوب واآللة بحيث تصبح مشابهة ومقاربة لبعض خصائص وجوانب‬
‫الذكاء اإلنساني‪ ،‬فتتم برمجة الحاسوب من خالل تزويده باملدخالت ليقوم بمعالجتها‬
‫ً‬
‫على نحو معين وفق ما تمت برمجته عليه ويخرج حلوال للمشكالت على نمط معين‬
‫ً‬
‫معروف لدى املبرمج غالبا(‪.)1‬‬
‫إن أول دولة عربية اهتمت بالذكاء االصطناعي هي دولة اإلمارات العربية املتحدة‪،‬‬
‫بل تعتبر األولى في العالم التي استثمرت الذكاء االصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واعطته اهتماما خاصا‪ ،‬حيث عملت على‪ :‬استحداث وزارة جديدة باسم استراتيجية‬
‫االمارات للذكاء االصطناعي والتي تهدف إلى تحقيق أهداف مئوية اإلمارات ‪،2071‬‬
‫وتعجيل تنفيذ البرامج واملشروعات التنموية لبلوغ املستقبل‪ ،‬االعتماد على الذكاء‬
‫االصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل ‪ %100‬بحلول عام ‪ ،2031‬االرتقاء‬
‫باألداء الحكومي وتسريع اإلنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة‪ ،‬وسوق جديدة واعدة في‬
‫املنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬عمار البابلي‪ ،‬توظيف تقنيات الذكاء االصطناعي في العمل األمني‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪ ،‬أكاديمية‬
‫شرطة دبي‪ ،‬املجلد ‪ ،28‬عدد ‪2020 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )2‬انظر إلى املوقع االلكتروني استراتيجية االمارات للذكاء االصطناعي‪ ،2023 ،‬تاريخ الزيارة ‪12-10-2023‬‬
‫‪https://u.ae/ar-AE/about-the-uae/strategies-initiatives-and-‬‬

‫‪13‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املطلب األول‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬

‫للتعرف على ماهية الذكاء االصطناعي‪ ،‬البد أوال ً من التعرف على مفهوم الذكاء‬
‫البشري‪ ،‬حيث يعرف الذكاء البشري «‪ »Human Intelligence‬بأنه‪« :‬املقدرة واملهارة على‬
‫وضع وإيجاد الحلول للمشكالت باستخدام الرموز‪ ،‬وطرق البحث املختلفة للمشكالت‪،‬‬
‫والقدرة على استخدام الخبرة املكتسبة في اشتقاق معلومات ومعارف جديدة‪ ،‬تؤدي إلى‬
‫وضع الحلول ملشاكل ما في مجال ٍ معين»‪ ،‬ويتفاوت مستوى الذكاء من شخص إلى آخر‪،‬‬
‫ً‬
‫ويعتبر الذكاء البشري املسؤول عن التطور واإلبداع في نمو الحضارات املختلفة‪ .‬ونظرا‬
‫ألهميته فإن اإلنسان كان وال يزال دائم البحث عن طبيعة هذا الذكاء وكيف يمكن‬
‫قياسه ووضع الخطوات ملحاكاة أساليبه في شكل برامج باستخدام الحاسبات(‪.)1‬‬
‫ولقد اقتصرت دراسة الذكاء البشري لفترة طويلة على علماء النفس‪ ،‬إال أن التقدم‬
‫السريع في جميع فروع العلوم في النصف األخير من القرن املنصرم أدى إلى مساهمة وتالحم‬
‫علوم كثيرة في دراسة ومحاكاة نظم الذكاء اإلنساني وتطويرها‪ ،‬وراود الباحثين األمل في انتقال‬
‫أساليب الذكاء الفطري والخبرة املكتسبة لإلنسان إلى نظم البرمجة للحاسبات حتى يتمكن‬
‫ً‬
‫االستفادة منها في مجاالت الحياة املختلفة‪ ،‬والتي تتطلب قدرا من الذكاء والخبرة الالزمة‬
‫ملسايرة التطور لدى التطبيقات الزراعية‪ ،‬والصناعية والتجارية(‪.)2‬‬

‫‪awards/strategies-plans-and-visions/government-services-and-digital-‬‬
‫‪transformation/uae-strategy-for-artificial-intelligence‬‬
‫(‪ )1‬فايز النجار‪ ،‬نظم املعلومات اإلدارية‪ :‬منظور إداري‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫‪2010‬م‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫(‪ )2‬محمد الخطيب‪ ،‬املسئولية املدنية والذكاء االصطناعي وإمكانية املساءلة‪ ،‬دراسة تحليلية معمقة‬
‫لقواعد املسؤولية املدنية في القانون املدني الفرنس ي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬السنة‬
‫الثامنة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪2020،‬م‪ ،‬ص ‪.120‬‬

‫‪14‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫يقصد بماهية الذكاء االصطناعي‪ :‬أي من ناحية حقيقته‪ ،‬وطبيعته‪ ،‬وما به من صور‬
‫وصفات جوهرية إذ يعتبر الذكاء االصطناعي كيان واكتشاف بشري وتقنية تكنولوجية‬
‫جديدة تتمثل في قدرة اآللة على تقليد السلوك البشري والتعلم من البيئة التي حولها‬
‫وتعويض اليد العاملة كالقيام ببعض املهام واألعمال التي يقوم بها البشر بنفس املستوى‬
‫وأحيانا تكون بشكل أفضل منهم سواء كانت مهام ذهنية كالتفكير‪ ،‬واملنطق‪ ،‬وايجاد‬
‫حلول للعديد من املشاكل‪ ،‬بل واألهم من ذلك كله قد تصل لدرجة اتخاذ القرارات‬
‫بشكل ذاتي‪.‬‬
‫يعتبر البعض أن الحديث عن الذكاء االصطناعي يعني أن الحديث عن أجهزة‬
‫ُ‬
‫الكمبيوتر‪ ،‬إال أن أجهزة الكمبيوتر ليست محور املوضوع‪ ،‬بل تعتبر أدوات تستخدم في‬
‫هذا الشأن‪ ،‬وعلى الرغم من حاجة الذكاء االصطناعي إلى أجهزة مادية مثل أجهزة‬
‫الكمبيوتر‪ ،‬لذلك فاألحرى أن تنصرف األذهان إلى ما يسميه علماء الكمبيوتر باألجهزة‬
‫اإلفتراضية(‪.)1‬‬
‫«إن الذكاء االصطناعي نتاج ‪ 2000‬سنة من تقاليد الفلسفة‪ ،‬واإلدراك والتعلم‪،‬‬
‫و‪ 400‬سنة من الرياضيات التي قادت إلى امتالك نظريات في النطق‪ ،‬واالحتمال‬
‫والحوسبة‪ ،‬وهو تاريخ عريق في تطور علم النفس وما كشفت عن قدرات وطريقة عمل‬
‫الدماغ اإلنساني»(‪.)2‬‬
‫ويعتبر جون ماكارتي ‪ John McCarthy‬أول من أسهم في وضع مصطلح الذكاء‬
‫االصطناعي ألول مرة في عام ‪1956‬م‪ ،‬في جامعة دارتموث ‪ Dartmouth‬في الواليات‬

‫(‪ )1‬مارجريت بودين‪ ،‬الذكاء االصطناعي مقدمة قصيرة جدا‪،‬اململكة املتحدة‪ ،‬جامعة إكسفورد‪2018 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.12‬‬
‫(‪ )2‬أمينة عثامنية ‪ ،‬املفاهيم األساسية للذكاء االصطناعي‪ ،‬كتاب جماعي‪ ،‬اشراف وتنسيق أبو بكر خوالد‪،‬‬
‫تطبيقات الذكاء االصطناعي كتوجه حديث لتعزيز تنافسية منظمات األعمال‪ ،‬املركز الديمقراطي‬
‫العربي للدراسات اإلستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬برلين‪-‬أملانيا‪ ،‬الطبعة األولى بدون عدد‪،2019 ،‬‬
‫ص‪.11‬‬

‫‪15‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫املتحدة األمريكية‪ ،‬وبعجد ذلك قام ماكارتي وزميله ميرفن منسكي بتأسيس مخبرا للذكاء‬
‫االصطناعي باملعهد التكنولوجي بماساشوستس (‪ ،)MIT‬وبعد ذلك انتشر علم الذكاء‬
‫االصطناعي في بقية جامعات العالم(‪.)1‬‬
‫أما من ناحية أساس الذكاء االصطناعي فهو موجود بفعل الذكاء البشري الذي‬
‫تسبب في وجوده عن طريق العقل البشري والذكاء الذي وهبه هللا لإلنسان وبالبحث‬
‫والقراءة والتفكير استطاع برمجة تقنيات الذكاء االصطناعي ووضع أوامر برمجية‬
‫محدودة مع عدم اتاحة كافة الخيارات أمامه‪.‬‬
‫يتمثل جوهر الذكاء االصطناعي في القدرة على تحليل البيانات وأداء وظائف معينة‪،‬‬
‫فو فئة من برامج الكمبيوتر املصممة لحل العديد من املشكالت التي تتطلب التفكير‬
‫االستداللي‪ ،‬وصنع القرارات بناء على تحليل البيانات‪ ،‬والتصنيف والتحسين(‪.)2‬‬
‫وللذكاء االصطناعي صور عديدة ولعل أهمها ما يعرف بالروبوتات الصناعية‪ ،‬وهذه‬
‫الروبوتات تمثل في عالم الصناعة ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة‪« ،‬وقد جسدت‬
‫الروبوت صوفيا الواقع الفعلي الذي وصل إليه الذكاء االصطناعي وتطبيقاته‪ ،‬فقد كانت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اول روبوت صنعته مؤسسة هانسون روبوتيكس حيث أظهرت صوفيا ذكائا اصطناعيا‬
‫أبهر الجميع من خالل تعرفها على الوجوه‪ ،‬والتحاور مع الناس خالل جلسات مؤتمر‬
‫مبادرة مستقبل االستثمار في الرياض ‪2017‬م‪ ،‬حيث تعتبر أول روبوت حصلت على‬
‫جنسية(السعودية) في التاريخ(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬خليفة امليساوي‪ ،‬الذكاء االصطناعي وحوسبة اللغة العربية‪ :‬الو اقع واآلفاق‪ ،‬مجلة مدارات في اللغة‬
‫واألدب الصادرة عن مركز مدارات للدراسات واألبحاث تبسة ‪-‬الجزائر‪ ،‬مجلد ‪ ،1‬عدد ‪2021 ،5‬م‪،‬‬
‫ص‪.14‬‬
‫‪(2) Yavar Bathae- Harvard- THE ARTIFICAL INTELLIGENCE BLACK BOX AND THE FAILUR OF‬‬
‫‪INTENT AND CAUSATION – Journal of Law & Technology Volume 31, 2018, p901.‬‬
‫(‪ )3‬بن عثمان فريدة‪ ،‬الذكاء االصطناعي مقاربة قانونية‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة لونيس ي‬
‫علي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪2020 ،2‬م‪ ،‬ص ‪.159‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫في الحقيقة «أدى التطور الهائل في التكنولوجيا من جهة وبرامج الذكاء االصطناعي‬
‫من جهة أخرى إلى إحداث كائن كائن جديد وهو اإلنسآلة أو الروبوت»(‪.)1‬‬
‫ينبغي اإلشارة إلى أن الذكاء االصطناعي هو نظام من نظم البرمجيات‪ ،‬أما الروبوت‬
‫ً‬
‫فهو جهاز قد يكون الذكاء االصطناعي عنصرا فيه‪ ،‬وحينئذ يطلق عليه الروبوت الذكي‪،‬‬
‫ً‬
‫أي يتجسد الذكاء االصطناعي ماديا في هيئة الروبوت الذكي‪ ،‬وعلى ضوء ذلك فالذكاء‬
‫االصطناعي نوعان‪ :‬نوع يتجسد بهيئة الروبوت‪ ،‬ونوع آخر ال يتجسد في هيئة مادية‪ ،‬إنما‬
‫يكون على شكل خدمة تستخدم الذكاء االصطناعي‪ ،‬مثل‪ :‬برامج محاكاة املحادثة‬
‫الطبيعية املستخدمة من قبل الشركات لتقيم خدماتها املختلفة(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أعراب كميلة‪ ،‬مسؤولية الروبوت في ضل الذكاء االصطناعي‪ ،‬مقال منشور في كتاب أعمال ملتقى‬
‫االستثمار املالي والصناعي في الذكاء االصطناعي‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬الجزائر ‪ ،2022‬ص ‪.115‬‬
‫(‪ )2‬محمد عبد اللطيف‪ ،‬املسؤولية عن الذكاء االصطناعي بين القانون الخاص والقانون العام‪ ،‬بحث‬
‫مقدم إلى مؤتمر الجوانب القانونية واالقتصادية للذكاء االصطناعي وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة املنصورة‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪17‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع األول‬
‫مفهوم الذكاء االصطناعي‬

‫وبالتحديد املفاهيمي للذكاء االصطناعي فإنه يتكون من كلمتين «الذكاء» و‬


‫«االصطناعي»‪ .‬فكلمة «الذكاء ‪ »Intelligence‬تعني‪:‬‬
‫لغة‪ :‬ذكا يذكو ذكاء‪ ،‬وذكو فهو ذكي‪ ،‬فيقال صبي ذكي إذا كان سريع الفطنة‪ ،‬وقال‬
‫ثعلبة بن صعير املازني يصف ظليما ونعامة‪ :‬فتذكرا ثقال رثيدا‪ ،‬بعدما ألقت ذكاء يمينها‬
‫في كافر والذكاء‪ ،‬ممدود‪ :‬حدة الفؤاد‪ .‬والذكاء‪ :‬سرعة الفطنة(‪.)1‬‬
‫أما اصطالحا‪ :‬فهي القدرة على فهم الظروف أو الحاالت الجديدة (أو املتحولة)‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫بتعريف أكثر شموال‪ ،‬يعني الذكاء القدرة على إدراك وفهم وتعلم الحاالت أو الظروف‬
‫الجديدة‪ ،‬أي أن مفاتيح الذكاء هي اإلدراك‪ ،‬الفهم‪ ،‬والتعلم(‪.)2‬‬
‫أما كلمة االصطناعي‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َُْ ُْ ً‬
‫وص ْن ٌع‪َ :‬ع ِمله‪ ،‬ويقال‪ :‬اصط َن َع فالن خاتما‬ ‫ص ٌ‬
‫نوع ُ‬ ‫عا‪ ،‬فهو َم ْ‬ ‫لغة‪ :‬صنعه يصنعه صن‬
‫صنع له خاتما‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﱣﳘﳙﳚﳛﳜﳝﱢ(‪.)3‬‬ ‫إذا سأل رجال أن َي ْ‬

‫وقوله تعالى‪ :‬ﱣ ﲆﲇﱢ(‪.)4‬‬

‫ابن منظور‪« :‬معجم لسان العرب»‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.287‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫هاجر بو عوة‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي الداعمة للقرارات اإلدارية في منظمات األعمال‪ ،‬مقال‬ ‫(‪)2‬‬
‫منشور في الكتاب الجماعي املعنون ب «تطبيقات الذكاء االصطناعي كتوجه حديث لتعزيز تنافسية‬
‫منظمات األعمال»‪ ،‬الناشر املركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬برلين‪ ،‬أملانيا‪ ،‬ط‪ ،2019 ،1‬ص‪.25‬‬
‫القران الكريم‪ ،‬سورة النمل‪ ،‬اآلية ‪ ،88‬ص‪.384‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬سورة طه‪ ،‬اآلية ‪ ،41‬ص‪.314‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫أما التعريف االصطالحي فيعرف بأنه‪« :‬يتكون الذكاء االصطناعي من كلمتين األولى‬
‫ذكاء والثانية اصطناعي‪ ،‬حيث أن الذكاء وحسب قاموس ‪ Webste‬ويعني القدرة على‬
‫فهم الظروف والتطورات الجديدة وإدراكها مع تعلمها‪ ،‬وبالتالي مفاتيح الذكاء متمثلة في‬
‫اإلدراك‪ ،‬الفهم والتعليم‪ ،‬أما بالنسبة لكلمة اصطناعي فهي ناتج األشياء التي تنشأ من‬
‫خالل النشاط أو الفعل الذي يتم من خالل اصطناع وتشكيل األشياء»(‪.)1‬‬
‫أيضا يقصد بمفهوم الذكاء االصطناعي‪ :‬أي عموم املصطلح ويعرف بأنه «املقدرة‬
‫على اكتساب وتطبيق املعرفة على ما اصطنع اإلنسان‪ .‬لذلك فإن الذكاء االصطناعي هو‬
‫الذكاء الذي يصنعه اإلنسان في االلة أو الحاسوب»(‪.)2‬‬
‫أي أنه القيام ببرمجة اآللة ملضاهاة العقل البشري أي جعلها تقوم بنفس األعمال‬
‫التي يقوم بها اإلنسان‪.‬‬
‫بصفة عامة الذكاء االصطناعي‪ :‬هو الذكاء الذي يصنعه أو يصطنعه اإلنسان بيده‬
‫في اآللة أو الحاسوب‪ ،‬بمعنى أنه علم يعرف على أساس هدفه وهو جعل اآلالت‬
‫(منظومات حاسوب) تعمل أشياء تحتاج ذكاء(‪.)3‬‬
‫«ويتكون الذكاء االصطناعي من مفهومين يتم دمجهما ولكنهما مفصوالن من‬
‫الناحية النظرية ويتطوران في بيئة لتكييف السلوك أال وهما‪ ،‬الذاكرة‪ :‬يمثلها التخزين‬
‫وهو شكل من أشكال الذكاء تسمى أيضا الذكاء السلبي ‪.‬واالستدالل‪ :‬وهي القدرة على‬
‫التحليل مع إدراك العالقات بين األشياء واملفاهيم من أجل فهم الحقائق وذلك يكون عن‬
‫طريق استعمال الذاكرة‪ ،‬واملنطق ووسائل أخرى مستسقاة من العلوم الرياضية»(‪.)4‬‬

‫أمينة عثامنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،6‬ص ‪.11‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫ممدوح العدوان‪ ،‬دراسات حول املسؤولية الجنائية عن أفعال كيانات الذكاء االصطناعي غير‬ ‫(‪)2‬‬
‫املشروعة‪ ،‬علوم الشريعة والقانون‪ ،‬املجلد ‪ ،48‬عدد ‪ ،2021 ،4‬صفحة ‪.151‬‬
‫ياسين سعد غالب‪ ،‬أساسيات نظم املعلومات اإلدارية وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬دار املناهج للنشر‬ ‫(‪)3‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2019 ،1‬عمان‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫شهيبي سامية وآخرون‪ ،‬الذكاء االصطناعي بين الواقع واملأمول‪ :‬دراسة تقنية وميدانية‪ ،‬امللتقى =‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪19‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫يرى بعض املختصون أن كلمة أن كلمة ذكاء في عبارة الذكاء االصطناعي هي مجرد‬
‫تعبير مجازي‪ ،‬وذلك أن الذكاء االصطناعي رغم أن لديه القدرة على الحساب بما يتجاوز‬
‫قدرة اإلنسان‪ ،‬إال أن ليس باستطاعته إعطاء مدلول للحسابات التي ينتجها‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫تزال وتبقى فكرة أن تحل اآللة محل اإلنسان والتعويض عنه من باب الالمعقول(‪.)1‬‬
‫والبعض يراه ويعتبر الذكاء املوجود في الذكاء االصطناعي ذكاء كمي تراكمي هائل‬
‫يتجاوز إلى حد كبير الذكاء املعرفي لدى عقل البشر اإلنساني في حياته بمتوسط عمر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بشري ال يتجاوز التسعون عاما بأبسط األحوال‪ ،‬إال أنه ال يزال الذكاء االصطناعي عاجزا‬
‫عن امتالك مقومات التحليل البشري للمفاهيم الفلسفية واالجتماعية التي تتضارب‪،‬‬
‫ُ‬
‫كالتي تتعلق باملماحكة الفلسفية واملحاججة القانونية‪ ،‬وبالتالي يعتبر ذكاء قائم ذكاء‬
‫قائم يتصف بالوجود واالستقالل‪ ،‬ولكنه يعتبر ذكاء غير عاقل أي غير مدرك وغير‬
‫مكتمل‪ ،‬وقد أثار ذلك الكثير من التحفظات القانونية في إطار حماية ذلك الذكاء(الذكاء‬
‫االصطناعي) (‪.)2‬‬

‫= الدولي حول الذكاء االصطناعي‪ :‬تحد جديد للقانون‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )1‬محمد مشعل‪ ،‬الذكاء االصطناعي وآثاره على حرية التعبير في مواقع التواص االجتماعي‪ ،‬مجلة البحوث‬
‫القانونية واإلقتصادية‪ ،‬عدد‪ ،77‬كلية الحقوق جامعة الزقاقيق‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.499‬‬
‫(‪ )2‬محمد الخطيب‪ ،‬الذكاء االصطناعي والقانون‪-‬دراسة نقدية مقارنة في التشريعين املدني الفرنس ي‬
‫والقطري‪-‬في ضوء القواعد األوروبية في القانون املدني لإلنسآلة لعام ‪2017‬والسياسة الصناعية‬
‫األوروبية للذكاء االصطناعي واإلنسآالت لعام ‪ ،2019‬مجلة جامعة بيروت العربية‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫القانونية‪ ،‬املادة ‪2020 ،4‬م‪ ،‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫تعريف الذكاء االصطناعي‬

‫إن مصطلح الذكاء االصطناعي ليس بحديث العهد‪« ،‬فقد تنبأ له الفيلسوف‬
‫الفرنس ي «بول فاليري ‪ »poul Valery‬دفاتره الشهيرة في بداية القرن التاسع عشر بقوله‪:‬‬
‫«كل إنسان هو في الحقيقة طور التحول ليصبح آلة‪ ،‬ال بل األصح هو أن اآللة هي التي‬
‫بصدد تطورها لتتحول إلى إنسان»‪ ،‬فكانت هذه املقولة أول طرح فعلي إلشكالية‬
‫مستقبل اآللة في تعايشها مع اإلنسان‪ ،‬وسجل هذا التساؤل أول طرح في مجال الذكاء‬
‫االصطناعي»(‪.)1‬‬
‫أما بخصوص تناول مصطلح الذكاء االصطناعي في األبحاث فقد ظهر مصطلح‬
‫الذكاء االصطناعي أول مرة في بحث لعالم الحاسوب جون مكارثي‪ ،‬وقد اقترح فيه أنه‬
‫يمكن تحقيق تقدم كبير إذا أمكن لآلالت أن تحل املسائل التي ال يحلها سوى البشر‪،‬‬
‫وقد عرف الذكاء االصطناعي بأنه‪« :‬علم وهندسة صنع اآلالت الذكية»(‪.)2‬‬
‫ويمكن تعريفه كتقنية بأنه عبارة عن استحداث آلة حتى تتمكن من ميكنة‬
‫النشاطات يتطلب الذكاء اإلنساني لتنفيذها‪ ،‬مثل‪ :‬اتخاذ القرارات والقدرة على حل‬
‫املشكالت(‪.)3‬‬
‫ثم سرعان ما زاد استخدام املصطلح بعد ذلك في ظل النهضة التقنية التي شهدها‬

‫(‪ )1‬صابر الهدام‪ ،‬رسالة دبلوم ماستر تحت عنوان القانون في مواجهة الذكاء االصطناعي (دراسة‬
‫مقارنة) ‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بفأس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫‪ ،2021‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )2‬إيناس الخالدي‪ ،‬حوكمة استخدام الذكاء االصطناعي في العمل القضائي‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات‬
‫الشرعية‪ ،‬مجلد ‪ ،10‬عدد ‪2021 ،116‬م‪ ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪(3) Gabrile Hallevy-Liability for Crimes Involving Artificial Intelligence Systems-Springer‬‬
‫‪International publishing Switzerland,2015 -2014,p7.‬‬

‫‪21‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫العالم في مجال تطوير اآلالت‪ ،‬وأصبحت أبحاث الذكاء االصطناعي في القرن الواحد‬
‫والعشرين على درجة عالية من التخصص بحيث يخدم في العديد من املجاالت(‪.)1‬‬
‫يعرف الذكاء االصطناعي بأنه «علم يهتم بصناعة آالت تقوم بتصرفات يعتبرها‬
‫االنسان تصرفات ذكية أو ببساطة أكثر يعرفه رسل بيل‪-‬أحد العاملين في مجال الذكاء‬
‫االصطناعي على انه محاولة جعل اآلالت العادية تتصرف كاآلالت التي نراها في الخيال‬
‫العلمي»(‪.)2‬‬
‫وأيضا يعرف الذكاء االصطناعي بأنه «هو محاولة جعل الكمبيوتر أو اآللة التي‬
‫تعمل بالبرمجة مثل‪ :‬اإلنسان سواء في تفكيره‪ ،‬أو تصرفاته‪ ،‬أو حل ملشكالته‪ ،‬وممارسته‬
‫لكافة حياته اليومية‪ ،‬وذلك عن طريق دراسات تجرى على اإلنسان وتستخلص منها نتائج‬
‫تساعد في تفسير سلوك اإلنسان وبرمجة ذلك لتطبيقه على اآللة»(‪.)3‬‬
‫ويمكن تلخيص التعريفات السابقة للذكاء االصطناعي بأنه‪« :‬فرع من علوم‬
‫الحاسوب يمكن بواسطته خلق وتصميم برامج الحاسبات التي تحاكي أسلوب الذكاء‬
‫ً‬
‫اإلنساني‪ ،‬لكي يتمكن الحاسوب من أداء بعض املهام بدال من اإلنسان‪ ،‬والتي تتطلب‬
‫التفكير والتفهم والسمع والتكلم والحركة بأسلوب منطقي ومنظم»(‪.)4‬‬
‫وبحسب أبسط العبارات يشير مصطلح الذكاء االصطناعي إلى األجهزة أو األنظمة‬
‫التي تحاكي الذكاء البشري للقيام بأداء املهام والتي تتمكن من اصالح والتحسين من‬

‫عائشة عبد الحميد‪ ،‬اإلطار القانوني والتشريعي للرقمنة والذكاء االصطناعي‪ ،‬جمعية التنمية‬ ‫(‪)1‬‬
‫التكنولوجية والبشرية‪ ،‬الجزائر‪2020 ،‬م‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫عادل عبد النور‪ ،‬مدخل إلى عالم الذكاء االصطناعي‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬مدينة امللك عبد‬ ‫(‪)2‬‬
‫العزيز للعلوم والتقنية‪ ،2005 ،‬صفحة ‪.7‬‬
‫يحيى دهشان‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون كلية‬ ‫(‪)3‬‬
‫القانون جامعة اإلمارات‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة‪ ،2019 ،‬ص‪.14‬‬
‫محمود مختار‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬املجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية‪ ،‬املؤسسة‬ ‫(‪)4‬‬
‫الدولية آلفاق املستقبل‪ ،‬مجلد ‪ ،3‬عدد ‪2020 ،4‬م‪ ،‬ص ‪.183‬‬

‫‪22‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫ً‬
‫نفسها استنادا إلى املعلومات التي تقوم بجمعها(‪.)1‬‬
‫لم يتعرض الفقهاء في كتاباتهم عن الذكاء االصطناعي أو تقنياته أو كياناته‪ ،‬فقد‬
‫ُعرف عصر الفقه اإلسالمي بأنه ليس عصر التصنيع واآلالت والتطور الذي يشهده‬
‫عصرنا الحالي ولم يتعرضوا حتى عن املسؤولية الناتجة عن أفعال اآلالت(‪.)2‬‬
‫ويتبين من التعريفات السابقة أن الذكاء االصطناعي‪ :‬علم اآللة الحديثة‪ ،‬وفرع من‬
‫فروع علم الحاسوب وهو عبارة عن قيام االنسان بمحاولة برمجة‪ ،‬وتطوير اآللة‪ ،‬أو‬
‫الحاسوب أو األنظمة‪ ،‬وإيجاد وصنع تقنيات حديثة‪ ،‬بحيث تصبح قادرة ولديها إمكانية‬
‫على أداء بعض املهام التي يقوم بها البشر كالتعلم‪ ،‬والتفكير‪ ،‬واالستنباط‪ ،‬والتنفيذ على‬
‫أرض الواقع وحل املشكالت‪ ،‬والتفهم‪ ،‬والسمع‪ ،‬والتكلم‪ ،‬والحركة بأسلوب منطقي‬
‫ومنظم‪ ،‬والقدرة على محاكاة السلوك البشري املتسم بالذكاء والتكيف مع مرور الوقت‬
‫ً‬
‫وهو موجود في كل مكان حولنا بداية من السيارات ذاتية القيادة‪ ،‬والطيارات املسيرة‬
‫بدون طيار‪ ،‬وبرمجيات الترجمة واالستثمار وغيرها من التطبيقات الكثيرة املنشرة‪.‬‬
‫وال مجال للشك والحديث أنه ومهما حاول اإلنسان إال أنه لن يستطيع إيجاد‬
‫قدرات وخصائص في هذه التقنيات واآلالت إلى درجة اإلتقان الكامل في أن يجعلها‬
‫مطابقة لقدرات اإلنسان؛ فصنع يد البشر يتصف بالنقص‪ ،‬وتبقى مجرد جمادات بال‬
‫ً‬
‫روح أو إحساس أو مشاعر‪ ،‬ودائما وأبدا الكمال لصنع هللا عز وجل الذي أتقن كل ش يء‬
‫أوجده وخلقه ثم هدى‪.‬‬

‫(‪ )1‬طاهر أبو العيد‪ ،‬مقال قانوني حول الذكاء االصطناعي والقانون‪ ،‬مصر‪2023 ،‬م‪ ،‬بدون رقم صفحة‪.‬‬
‫(‪ )2‬إبراهيم‪ ،‬ريهان السيد‪ ،‬مارك‪ ،‬موقع إلكتروني املنظومة ‪« ،ALMANDUMAH‬أساس املسئولية عن فعل‬
‫األشياء غير الحية في الفقه اإلسالمي»‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية‪ ،‬جامعة مدينة السادات‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2022 ،https://search.mandumah.com‬بدون رقم صفحة‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪.12-10-2023‬‬

‫‪23‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املطلب الثاني‬
‫منوذج الذكاء االصطناعي‬

‫وميكن تقسيمه إىل ثالثة مناذج‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ -‬نموذج ذكاء اصطناعي بسيط محدود (الضيق)‪ :‬ويعرف أيضا باسم الذكاء‬
‫االصطناعي الضعيف‪ ،‬وهو من أبسط أشكال وأنواع الذكاء االصطناعي املصممة ألداء‬
‫مهام فردية‪ ،‬متخصص في مجال واحد‪ ،‬ويكون في مجال معين ويحل مشكلة محددة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وحيث «أن الذكاء االصطناعي ليس شيئا واحدا‪ ،‬فتطبيقاته متعددة وإمكانياتها مختلفة‬
‫ومتباينة‪ ،‬فالغالب على تطبيقات الذكاء االصطناعي أنها ال تعمل باستقالل وإنما تعمل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بتحكم اإلنسان فيها‪ ،‬سواء أكان مصنعا أم مبرمجا لها‪ ،‬أم مالكا أم مستخدما غير‬
‫املالك»(‪.)1‬‬
‫وفي هذا النموذج يقوم املبرمج بتعيين وبرمجة املهام داخل بيئة محددة‪ ،‬ويقوم بها‬
‫وال يخرج عن هذه املهام املكلفة بها‪ .‬ومن األمثلة على ذلك االلة الحاسبة‪ ،‬الهاتف‬
‫املحمول‪ ،‬محركات البحث في االنترنت‪ ،‬اآلالت في املصانع وفي الزراعة وغيرها‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن أشهر األمثلة أيضا على تطبيقات الذكاء االصطناعي الضيق الروبوت (ديب‬
‫بلو‪ )DEEP BLUE‬صنع شركة ‪ IBM‬وقد قام بهزيمة بطل العالم للشطرنج غاري‬
‫كاسباروف‪ ،‬ومثال آخر املساعدة االفتراضية سيري )‪ )Siri‬على أجهزة (االيفون ‪،)iPhone‬‬
‫وتعتبر سيري مساعد شخص ي ذكي ومتصفح يعمل كتطبيق لشركة أبل‪ ،‬على نظامه‬
‫التشغيلي أي أو إس‪ ،‬لتنفيذ إجراءات مجموعة من خدمات االنترنت‪ ،‬والرد على األسئلة‬

‫(‪ )1‬سارة إطميزي‪ ،‬الذكاء االصطناعي في ظل القانون الجزائي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬قدمت استكماال‬
‫ملتطلبات درجة املاجستير في القانون العام من كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة القدس‪ ،‬فلسطين‪،‬‬
‫‪2022‬م‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪24‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫وتقديم التوصيات(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬نموذج ذكاء اصطناعي متقدم (القوي)‪ :‬ويعرف أيضا باسم الذكاء االصطناعي‬
‫العام‪« ،‬وهو نوع من الذكاء االصطناعي يعمل باستقالل إلى حد ما‪ ،‬وله القدرة على جمع‬
‫املعلومات وتحليلها ومن ثم اتخاذ قرارات بشكل مستقل وذاتي‪ ،‬لكن هذا االستقالل‬
‫ً‬
‫ليس تاما‪ ،‬فهذه األنظمة التي تخوله العمل باستقالل من صنع اإلنسان‪ ،‬الذي صنع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الذكاء االصطناعي وبرمجه وفقا لنظام خاص يعمل به ووفقا له‪ ،‬حتى فيما يزعمه‬
‫البعض من أنها تعمل فيه باستقالل؛ فهي ال تعمل إال وفق النظام الذي تم برمجتها‬
‫عليه»(‪.)2‬‬
‫يعتبر النموذج املتقدم أكثر شمولية من الذكاء االصطناعي البسيط وال يقتصر‬
‫فقط على تكليف االلة بالقيام بأوامر معينة ومعطاة لها بل ويتم تمكينها وبرمجتها على‬
‫إمكانية االلة من التفكير ذاتيا وتطوير ذلك بناء على خوارزميات برمجية وقواعد بيانات‬
‫ضخمة مما يمكنها من تطوير نفسها واتخاذ قرارات ذاتية وتنفيذ هذه القرارات فبالتالي‬
‫أصبحت شبيهة بالبشر‪ .‬ومن االمثلة على هذا النوع‪ :‬الحواسيب‪ ،‬ماكينات الصرف لدى‬
‫البنوك‪ ،‬الطيارات بدون طيار‪ ،‬والسيارات ذاتية القيادة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬الذكاء االصطناعي الفائق الخارق‪ :‬وهو نموذج يسعى ملحاكاة االنسان تحتوي‬
‫على نمطين األول‪ :‬يفهم األفكار البشرية وتأثيرها على سلوك البشر ولديه القدرة على‬
‫التفاعل االجتماعي‪ .‬وأما النمط الثاني‪ :‬نموذج لنظرية العقل‪ ،‬للتعبير والتبؤ بمشاعر‬
‫االخرين وهذا النموذج ال زال تحت التجربة‪ ،‬ومن املتوقع عند التوصل لصناعتها على‬
‫أرض الواقع أن تكون هي الجيل القادم من اآلالت الفائقة الذكاء(‪.)3‬‬
‫يعتبر نموذج الذكاء االصطناعي الخارق مشروع افتراض ي‪ ،‬غير موجود حتى اآلن‪،‬‬

‫(‪ )1‬عمر إدلبي‪ ،‬املسؤولية الجنائية الناتجة من أعمال الذكاء االصطناعي‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة قطر‪ ،2023 ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )2‬إطميزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬هامش‪ ،31‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )3‬أدلبي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬هامش‪ ،32‬ص‪.25-24‬‬

‫‪25‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ويتوقع العلماء أن يكون موجود على أرض الواقع بحلول عام ‪ ،2060‬إال أنه ثار جدل‬
‫ً‬
‫حاد حوله بين مؤيد ومعارض وانتقادات العتباره خطرا على حيات األفراد واملجتمعات‬
‫ً‬
‫وستكون اآللة تعوض اإلنسان وتحل محله في كل ش يء تقريبا(‪.)1‬‬
‫يتسلل الخوف من املجهول إلينا عندما يصبح الذكاء االصطناعي خارج نطاق‬
‫السيطرة‪ ،‬بمعنى أننا ال نستطيع فهم العمليات التي تحرك نظام أو كيان الذكاء‬
‫االصطناعي ألن عنصر التعلم الذاتي والتدريس يتجاوز فهمنا البشري وهذا ما يسمى‬
‫أيضا في تطوير الذكاء بالوسائل االصطناعية‪،‬‬‫بـالذكاء الفائق‪ ،‬وقد تظهر هذه الزيادة ً‬
‫مما أدى إلى ظهور كيانات فائقة الذكاء ذات طابع رقمي حيوي أو‪ ،‬بالطبع‪ ،‬مظهر لم‬
‫تعرفه البشرية بعد‪ ،‬وقد عرف نيك بوستروم أنظمة الذكاء الفائق بأنها‪« :‬أي عقل يتفوق‬
‫بشكل جذري على أفضل العقول البشرية في كل مجال‪ ،‬بما في ذلك اإلبداع العلمي‬
‫والحكمة العامة واملهارات االجتماعية»(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫ديناميكيا بدأ‬ ‫ً‬
‫متطورا‬ ‫ً‬
‫مفهوما‬ ‫الروبوت ليس فائق الذكاء بعد‪ ،‬ولكن يمكن اعتباره‬
‫كآلة‪ ،‬مدعومة بالذكاء االصطناعي ويتطور باستمرار إلى روبوت معقد يعمل بشكل‬
‫مستقل‪ ،‬وربما في مرحلة الحقة‪ ،‬فائق الذكاء أو نظام شبه بشري‪ ،‬وإن طبيعة هذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عضويا كيميائيا أقل صلة بتوصيفه القانوني وستكون حالة‬ ‫إلكترونيا أو‬ ‫الكيان‬
‫االستقاللية الذكية ووظيفتها في املجتمع أكثر أهمية في تحديد وضعها القانوني‪.‬‬

‫(‪ )1‬امليساوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،7‬ص ‪.16‬‬


‫‪(2) Marcelo Corrales, Mark Fenwick, Robotics, AI and the Future of Law, KYUSHU‬‬
‫‪UNIVERSITY, Springer Nature Singapore, 2018, P 32.‬‬

‫‪26‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫الفرع األول‬
‫خصائص الذكاء االصطناعي‬

‫يتمتع الذكاء االصطناعي بالعديد من الخصائص والسمات األساسية‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫ً ً‬
‫‪ )1‬التمثيل الرمزي‪ :‬أي أنها تستخدم أساسا رموزا غير رقمية في برامجها‪ ،‬فعلى املستوى‬
‫القاعدي فإن الحاسب يتكون من نبائط ثنائية ال تتخذ إال أحد الوضعين يرمز لهما‬
‫ب «‪ 1‬أو صفر»‪.‬‬
‫‪ )2‬التواصل‪ :‬فيمكن لألشخاص التواصل مع كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬وكلما كان‬
‫التواصل أسهل كلما دل على درجة الذكاء أنها أكبر‪.‬‬
‫‪ )3‬والقدرة على االدراك‪ ،‬واالبداع‪ :‬كأنظمة الرياضة والرسم‪ ،‬والقدرة على التعلم من‬
‫األخطاء وتحسين األداء من خالل اإلفادة من األخطاء السابقة بمعنى التعلم من‬
‫املحاولة والخطأ‪ ،‬واالبداع والسلوك املدفوع بالهدف كاتخاذ اإلجراءات بالترتيب‬
‫لتحقيق أهدافه(‪.)1‬‬
‫‪ )4‬إمكانية تمثيل املعرفة‪ :‬وذلك عن طريق احتوائها على أسلوب لتمثيل املعلومات‬
‫باستخدام هيكلية خاصة لوصف املعرفة‪ ،‬وهذه الهيكلية تجمع بين الحقائق‬
‫والقواعد املعرفية(‪.)2‬‬
‫‪ )5‬استخدام األسلوب التجريبي املتفائل‪ :‬من خالل اقتحام برامج الذكاء االصطناعي‬
‫للمسائل التي ليس لها طريقة حل عامة معروفة والتركيز على الحلول الوافية‪ ،‬وال‬
‫تستخدم البرامج خطوات متسلسلة تؤدي للحلول الصحيحة‪ ،‬إنما تختار طريقة‬
‫تبدو جيدة مع احتمالية تغييره إذا اتضح أن الخيار األول ال يعطي الحل‬

‫(‪ )1‬العدوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،17‬ص ‪.151‬‬


‫(‪ )2‬أمينة عثامنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،6‬ص‪.13‬‬

‫‪27‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الصحيح(‪.)1‬‬
‫‪ )6‬البيانات الغير كاملة‪ :‬للذكاء االصطناعي القدرة على التوصل لحل املسائل في حال‬
‫عدم توافر جميع بياناتها الالزمة وقت الحاجة(‪.)2‬‬
‫‪ )7‬البيانات املتضاربة‪ :‬للذكاء االصطناعي القدرة على التعامل مع البيانات املتضاربة‬
‫والتي يشوبها الخطأ والتناقض مع بعضها البعض(‪.)3‬‬
‫‪ )8‬القابلية على التعلم‪ :‬باستطاعة الذكاء االصطناعي التعلم من الخبرات السابقة‬
‫والقدرة والقابلية لها نحو تحسين اآلداء(‪ ،)4‬وتوظيفها في مواقف جديدة‪ .‬القدرة‬
‫على االستنتاج واالستدالل التعلم واملعرفة الخارجية‪ ،‬القدرة على التعلم واملعرفة‬
‫الداخلية كأن يكون لكيانه معرفة عن نفسه‪ ،‬والتعليم واملعرفة الخارجية كأن‬
‫يعرف العالم الخارجي أو يتعلم عنه ويعمل على استخدام تلك املعلومات‪.‬‬
‫‪ )9‬االستدالل‪ :‬عن طريق امتالك القدرة على اكتشاف ش يء ما أو فكرة من خالل‬
‫مستندات ومعطيات إرشادية(‪.)5‬‬
‫‪ )10‬الغموض‪ :‬وذلك عن طريق استخدام تقنيات الذكاء في حل املشكالت املعروضة‪،‬‬
‫والتعامل مع الحاالت الصعبة واملعقدة‪ ،‬املواقف الغامضة في ظل غياب املعلومة‬
‫الكاملة عنها(‪ .)6‬وتعتبر هذه الخاصية ما تميز الذكاء االصطناعي عن اآللة التقليدية‬

‫(‪ )1‬أمينة عثامنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،6‬ص ‪.13‬‬


‫(‪ )2‬آالن بونيه‪ ،‬الذكاء االصطناعي و اقعه ومستقبلية‪ ،‬مطابع السياسة‪ ،‬الكويت‪ ،‬بدون طبعة‪،1993 ،‬‬
‫ص‪.17‬‬
‫(‪ )3‬آالن بونيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬هامش‪ ،40‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )4‬أمينة عثامنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،6‬صفحة ‪.14‬‬
‫‪(5) Pradipta kumar Das, Clandrasekhar Rao, Kishore kumar sahu, Artificial intellence lecture‬‬
‫‪Notes, Bachelor, Departement of computer science and engineering & information‬‬
‫‪technology, veer surendra Sai university of technology, (without a year).‬‬
‫(‪ )6‬إطميزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،31‬ص‪.6‬‬

‫‪28‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫أو البرنامج العادي‪ ،‬وعبر بعض املعلقين عن هذه الخاصية بخاصية الصندوق‬
‫األسود ‪ BlackBox‬وتتسم بعدم الشفافية في عملية صنع القرارات وعدم القدرة‬
‫على التنبؤ بقرارات ومخرجات الذكاء االصطناعي حتى من قبل املصمم أو املبرمج‬
‫لهذه األنظمة ألن خوارزمياتها لديها القدرة على التعلم من ممارساتها(‪.)1‬‬
‫‪ )11‬جعل العالم قرية صغيرة‪ :‬وذلك عن طريق تقنية االنترنت التي دمجت العالم بأسره‬
‫مع البعض‪ ،‬وحررتهم من قيود املكان ونشرت املعلومات في كافة أنحاء العالم‪.‬‬
‫‪ )12‬ثمرة من ثمار العقود الزمنية التي بذل فيها اإلنسان كل ما يمكن من معرفة وأموال‬
‫حتى تمكن من الوصول إلى خلق عقل اصطناعي يفكر مع االنسان‪ ،‬يساعده وينوب‬
‫عنه في بعض املهام(‪.)2‬‬
‫وللذكاء االصطناعي العديد من الخصائص واملميزات في املجال الجنائي(‪ ،)3‬ومنها‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ )1‬تصنيف املجرمين والقبض عليهم بعيدا عن األهواء الشخصية مثل البشر‬
‫(الشرطة الرقمية)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ )2‬والتنبؤ بالجرائم ووقوعها ونسب اإلجرام واألماكن والبؤر اإلجرامية مستقبال‬
‫(الشرطة االستباقية)‪.‬‬
‫‪ )3‬واملساعدة في إجراءات التفتيش في سبيل الحصول على األدلة الجنائية‪ ،‬مثل‪ :‬رادار‬
‫قياس األرض املستخدم للكشف عن املوجود تحت األرض للبحث عن األسلحة‪،‬‬
‫املخدرات وجثث القتلى دون الحاجة للحفر والتنقيب‪ ،‬الرادار املحمول عبر موجات‬
‫الراديو للكشف عن الحركة والتنفس ملسافة أكثر من ‪50‬قدم‪.‬‬
‫‪ )4‬وكذلك جهاز نقار الخشب في املراقبة السمعية والتنصت عن بعد وغيرها‪.‬‬

‫(‪ )1‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص‪.37‬‬


‫(‪ )2‬فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،9‬ص‪.156‬‬
‫(‪ )3‬أدلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،32‬ص‪.31-30‬‬

‫‪29‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪ )5‬وإعادة بناء مسرح الجريمة عبر نموذج شبكة القرار للتنبؤ‪.‬‬


‫«ولعل أبرز ما يميز برامج الذكاء االصطناعي عن غيرها من البرامج األخرى هو قدرتها‬
‫الفائقة على التعلم‪ ،‬واكتساب الخبرة‪ ،‬واتخاذ القرار باستقاللية دون االشراف البشري‬
‫املباشر‪ ،‬فضال عن تمتعها بمهارات التسبيب واالستنباط والتكييف مع البيئة‬
‫املحيطة»(‪.)1‬‬
‫وعلى الرغم من الخصائص‪ ،‬والسمات‪ ،‬واملزايا املتنوعة واملتعددة لتقنيات الذكاء‬
‫االصطناعي إال أن هذه التقنيات تثير العديد من املشكالت والتحديات‪ ،‬وخاصة فيما‬
‫يتعلق بمدى مالءمة التشريعات الحالية لتنظيمها وتوفير الحماية القانونية لألطراف‬
‫أصحاب العالقة‪ ،‬ومدى قدرتها على استيعاب الخصائص الفريدة لهذه التكنولوجيا(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫فضال عما يحتويه الذكاء االصطناعي من سلبيات متعددة ويمكن ذكر هذه‬
‫السلبيات‪ ،‬وبدون حصرها في جانبين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يحل الذكاء االصطناعي محل األيدي البشرية العاملة مما يشكل خطرا‬
‫على شغل الوظائف وتفش ي البطالة‪ ،‬زيادة معدل الجريمة في املجتمع‪ ،‬فاليوم نجد في‬
‫معظم الدول املتقدمة قد استغنت عن موظفيها العمال العاديين من البشر‪ ،‬وانخفض‬
‫الطلب على أصحاب الخبرات واملهارات وأصبحت تعتمد على تقنيات وأجهزة الذكاء‬
‫االصطناعي ففي نظرهم هذه التقنيات توفر وقت وجهد وتؤدي املهام بشكل أسرع وهو‬
‫أكثر إنتاجية وجودة من العمال وجراء هذا حل للذكاء االصطناعي مكان األيدي العاملة‪.‬‬
‫إن الجمع بين تحسين القدرات في تكنولوجيا الذكاء االصطناعي وفضول اإلنسان‬
‫واحتياجات الصناعة هو املسؤول عن التوسع العالمي في استخدام تكنولوجيا الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬ويستمر هذا االتجاه حتى األلفية الثالثة‪ ،‬حيث يتم استبدال الوظائف‬

‫(‪ )1‬عماد الدحيات‪ ،‬نحو تنظيم قانوني للذكاء االصطناعي في حياتنا‪ :‬إشكالية العالقة بين البشر واآللة‪،‬‬
‫مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬مجلد ‪ ،8‬عدد ‪ ،2009 ،5‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )2‬الدحيات‪ ،‬املرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،48‬ص ‪.16‬‬

‫‪30‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫البشرية التقليدية بتقنيات الذكاء االصطناعي‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬تستخدم حكومة كوريا‬
‫الجنوبية اآلن روبوتات الذكاء االصطناعي كجنود لحراسة الحدود مع كوريا الشمالية‪،‬‬
‫وكمعلمين في املدارس؛ ومنذ عام ‪ ،2012‬كحراس سجن(‪.)1‬‬
‫والثاني‪ :‬زيادة انتهاك الذكاء االصطناعي وتقنياته للحياة الشخصية لآلخرين والحق‬
‫في الخصوصية بأشكال مختلفة سواء عن طريق االختراق‪ ،‬والتجسس على بيانات‬
‫األشخاص اآلخرين‪ ،‬من ِقبل أشخاص متخصصين في علوم الحاسوب والبرمجة ومن‬
‫يسمون بالقراصنة اإللكترونيين‪ ،‬أو قد يتم تهديد وابتزاز صاحب البيانات املسروقة‬
‫سواء صور أو مقاطع فيديو خاصة‪ ،‬أو اإلضرار به من خالل إتالف وحذف‪ ،‬أو تعطيل‬
‫البيانات املوجودة على أجهزة حاسوبه أو هاتفه الشخص ي‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما سبق تبقى هناك عدة عواقب سلبية إلدخال الذكاء االصطناعي‬
‫والروبوتات في جميع أنحاء املجتمع‪ ،‬والخوف من فقدان الوظائف وفقدان السيطرة‬
‫والخوف في نهاية املطاف على مستقبل البشرية‪ ،‬لدينا ً‬
‫أيضا ميل إلى إبراز الجوانب‬
‫السلبية ألي تقنية جديدة‪ ،‬وبالتأكيد عندما ال نفهم التكنولوجيا وعواقبها بشكل كامل‪،‬‬
‫وكما ذكر أحد املفكرين الغربيين آرثر كالرك في روايته «ملحات عن املستقبل‪ :‬تحقيق في‬
‫حدود املمكن» ما يسمى بقانونه الثالث‪ :‬أي تكنولوجيا متقدمة بما فيه الكفاية ال يمكن‬
‫تمييزها عن السحر ‪.‬والسحر غير مفهوم‪ ،‬وبالتالي فهو خطير‪ ،‬كما حذرنا ستيفن هوكينج‬
‫وإيلون ماسك وآخرون أن الذكاء االصطناعي هو «أكبر خطر نواجهه كحضارة» و«الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي هو حالة نادرة حيث نحتاج إلى أن نكون استباقيين في التنظيم بدال من‬
‫ذلك»(‪.)2‬‬
‫رد الفعل ألنه إذا كنا نريد رد الفعل في تنظيم الذكاء االصطناعي فقد فات األوان‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبالتالي فإن الذكاء االصطناعي يشكل خطرا أساسيا على وجود الحضارة ككل‪ ،‬كما أكد‬

‫‪(1) GabRiel hallevy, WHEN ROBOTS KILL ARTIFICAL INTELLIGENCE UNDER CRIMINAL‬‬
‫‪LAW, Northastern University Press, Boston,2013 ,p4.‬‬
‫‪(2) Marcelo Corrales, Mark Fenwick, previous reference, footnote 36, p 16.‬‬

‫‪31‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫فالديمير بوتين على كيف يمكن أن يكون الذكاء االصطناعي موضوعا لـسباق تسلح‬
‫جديد في خطاب ألقاه بمناسبة افتتاح العام الدراس ي في روسيا أن‪« :‬الذكاء االصطناعي‬
‫هو املستقبل‪ ،‬ليس فقط بالنسبة لروسيا‪ ،‬بل للبشرية جمعاء ألنه يأتي مع فرص هائلة‪،‬‬
‫ولكن أيضا تهديدات يصعب التنبؤ بها ومن يصبح القائد في هذا املجال سيصبح حاكم‬
‫ً‬
‫العالم‪ ».‬رغم ذلك‪ ،‬وفقا لبوتين‪ ،‬ال داعي للقلق‪« :‬إذا أصبحنا قادة في هذا املجال‪،‬‬
‫فسوف نشارك هذه املعرفة مع العالم أجمع‪ ،‬بنفس الطريقة التي نشارك بها تقنياتنا‬
‫ً‬
‫النووية اليوم»‪ .‬إن كالم بوتين لم يرض ي إيلون ماسك الذي غرد بما يلي ردا عليه‪« :‬مثل‬
‫الصين وروسيا ً‬
‫وقريبا جميع الدول التي تتمتع بعلوم كمبيوتر قوية‪ ،‬ومن املرجح أن تكون‬
‫املنافسة على تفوق الذكاء االصطناعي على املستوى الوطني هي السبب وراء الحرب‬
‫العاملية الثالثة»(‪.)1‬‬

‫‪(1) Marcelo Corrales, Mark Fenwick ,previous reference, footnote 36, p 16-17.‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫أهمية الذكاء االصطناعي‬

‫تعتمد تقنيات الذكاء االصطناعي على عدة تخصصات مثل‪ :‬علم الكمبيوتر‪،‬‬
‫والبيولوجيا‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬والرياضيات‪ ،‬واللغويات‪ ،‬والهندسة حيث يتمثل الهدف‬
‫الرئيس ي للذكاء االصطناعي في تطوير وظائف الكمبيوتر املرتبطة بالذكاء البشري‬
‫كالتعليم‪ ،‬والتفكير‪ ،‬وحل املشكالت(‪.)1‬‬
‫ولحصر تلك الجوانب‪ ،‬وعلينا االعتراف بأن الذكاء االصطناعي قد يكون أكثر قدرة‬
‫حتى على البحوث العلمية فقد يتسلم القيادة حتى يتم التوصل للعديد من االكتشافات‬
‫املفيدة في حياتنا وبالتالي املساهمة في التطور والنمو في شتى ميادين الحياة العلمية‬
‫والعملية‪.‬‬
‫في الحقيقة ال يكاد يخلو أي مجال من مجاالت حياتنا اليومية من الذكاء‬
‫االصطناعي كونه يعتبر احدى ضروريات العصر مما يحقق العديد من الفوائد التي‬
‫تسهل وتبسط الحياة اليومية للناس وتحقق الكفاءة العالية في انجاز معظم املهام‬
‫واألعمال التي يصعب على االنسان القيام بها‪ ،‬فيمكن االستفادة من الذكاء االصطناعي‬
‫في مجاالت أساسية‪:‬‬
‫في املجال الصحي وذلك بتشخيص األمراض ووصف األدوية بتقليل نسبة األمراض‬ ‫‪-‬‬
‫املزمنة والخطيرة واجراء العمليات الجراحية‪.‬‬
‫في املجال الطبي الجيني وذلك باملساعدة في الرفع من كفاءة التشخيص والعالج‬ ‫‪-‬‬
‫للمرض ى‪ ،‬والتعامل مع مجموعة كبيرة من البيانات الصحية‪ ،‬والقدرة الكبيرة على‬
‫تتبع السريع للجينوم بأكمله في الجينات وجمع أكبر قدر من املعلومات عنها‪ ،‬ومن‬
‫ثم تطوير العالجات وتحديد أهداف جديدة لألدوية بما يمتلك مقدار أكبر من‬

‫(‪ )1‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.12‬‬

‫‪33‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التأثير لها‪ ،‬ويوفر الوقت والتكاليف(‪.)1‬‬


‫في قطاع النقل من خالل تقليل الحوادث والتكاليف التشغيلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في املجال التعليمي في تعلم العلوم والتقليل من التكاليف وزيادة الرغبة في التعلم‬ ‫‪-‬‬
‫واملهارات واللغات املختلفة‪.‬‬
‫في قطاع الفضاء بإجراء التجارب الدقيقة وتقليل نسب األخطاء املكلفة‪ ،‬وقطاع‬ ‫‪-‬‬
‫الطاقة املتجددة عبر إدارة املرافق واالستهالك الذكي‪.‬‬
‫في قطاع املياه عبر إجراء التحليل والدراسات الدقيقة لتوفير املوارد وقطاع‬ ‫‪-‬‬
‫التكنولوجيا من خالل رفع نسبة اإلنتاج واملساعدة في الصرف العام‪.‬‬
‫في قطاع البيئة عبر زيادة نسبة التشجير وزراعة النباتات املناسبة وتحسين الغطاء‬ ‫‪-‬‬
‫النباتي وإدخال تقنيات الزراعة الحديثة‪.‬‬
‫في قطاع املرور تطوير آليات وقائية كالتنبؤ بالحوادث واالزدحام املروري‪ ،‬ووضع‬ ‫‪-‬‬
‫سياسات مرورية أكثر فاعلية‪ ،‬وفي مراقبة أنماط حركة املرور لتفادي‬
‫اإلصطدامات‪.‬‬
‫في مجال العمل الخيري‪ ،‬يمكن استخدام الكثير من ادوات الذكاء االصطناعي في‬ ‫‪-‬‬
‫فهم حاجات االنسان‪ ،‬وتسهيل االستجابة لألزمات‪.‬‬
‫في تسهيل عملية البحث العلمي من ناحية ترجمة النصوص‪ ،‬وتحديد املصادر‬ ‫‪-‬‬
‫القانونية وتحليلها وإعادة منهجيتها وفق املستوى العلمي‪ ،‬وتقديم النصح القانوني‬
‫التحليلي‪ ،‬وليس االحصائي اإلستبياني ألطراف الخصومة‪ ،‬وهناك الهديد من‬
‫ً‬
‫محركات البحث التي تقدم نصائح قانونية للناس في إطار إرشادي بعيدا عن الصفة‬
‫الرسمية مما يتوجب تعديل القوانين والتشريعات‪ ،‬ففي املستقبل سيقوم الذكاء‬

‫(‪ )1‬زهرة الجابري‪ ،‬إسماعيل العيساوي‪ ،‬الذكاء االصطناعي ودوره في مشروع الجينوم البشري اإلماراتي‬
‫(دراسة في ضوء الفقه األسالمي)‪ ،‬الصراط‪ ،‬املجلد ‪ ،22‬العدد‪ ،1‬جامعة الشارقة‪ ،‬كلية الشريعة‬
‫والدراسات اإلسالمية‪ ،‬اإلمارات‪2020 ،‬م‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪34‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫االصطناعي بدور كبير وما يعرف اليوم بالعدالة التنبئية ووضع مؤشرات تحليلية‬
‫تبين مدى النسب املتوقعة لكسب الدعوى أو خسارتها(‪.)1‬‬
‫وأيضا تحقيق فائدة عظيمة في مجال الدعوة الى الدين االسالمي فال بد للدعاة‬ ‫‪-‬‬
‫واملؤسسات الدعوية من املسارعة إلى فهم واستيعاب الذكاء االصطناعي وأدواته‬
‫ومعرفة مجاالته وتوظيفها لصالح الدعوة إلى هللا وإيصال دين هللا تعالى إلى كافة‬
‫الناس إن إتقان استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي سيوفر على االنسان الكثير‬
‫من الوقت والجهد واملال وسيوصل الرسالة بطرق مبتكرة وفعالة‪.‬‬
‫أيضا للذكاء االصطناعي دور مهم جدا في مساهمته في «تصنيف املجرمين بسهولة‬ ‫‪-‬‬
‫بعيدا عن االهواء الشخصية‪ ،‬وإنجاز املهام القضائية ومساعدة العدالة في طرق‬
‫االثبات الجنائي وفحصها وتحديد الحقيقي منها واملزور بسهولة ويسر‪ ،‬مما يكون له‬
‫عظيم األثر في سرعة تحقيق العدالة»(‪.)2‬‬
‫في النظام القضائي عبر انشاء السجالت‪ ،‬واألنظمة االلكترونية ومثال ذلك‪ :‬نظام‬ ‫‪-‬‬
‫إدارة سير الدعوى االلكتروني(امليزان) بما يرتب تحقيق العدالة واملساواة‪ .‬في بعض‬
‫الدول تساعد تقنيات الذكاء االصطناعي في النظام القضائي الجنائي وكشف‬
‫الغموض في أي جريمة أو واقعة معينة‪ ،‬تصوير موقع الجريمة‪ ،‬دراسة وفحص‬
‫الحالة الصحية والعقلية للمتهم‪ ،‬تطوير تقنيات التعرف على الوجه والبصمات‬
‫ووضع قواعد كاميرات مراقبة متنوعة والكثير من الفوائد‪.‬‬
‫في علم الذكاء االصطناعي هناك العديد من التطبيقات املهمة واألكثر شيوعا به‬ ‫‪-‬‬
‫ومنها‪« :‬تطبيقات األلعاب‪ ،‬وتطبيقات مكينة التعليل‪ ،‬واثبات النظريات‪ ،‬تطبيقات‬

‫(‪ )1‬الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،21‬بدون رقم صفحة‪.‬‬


‫‪(2) Dorola Jelonek Agata Mesjas-Iechcezary Stepniak Tomasz Turekleszek Ziora, The Artifical‬‬
‫‪Intelligence Application in the Management of Contemporary Organization,‬‬
‫‪Theoretical Assumptions, Current practices and Research Review Spiring, Cham 2019,‬‬
‫‪p.24.‬‬

‫‪35‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫األنظمة الخبيرة‪ ،‬باإلضافة إلى تطبيقات ُ‬


‫تعرف الصوت‪ ،‬تطبيقات الرؤية عن طريق‬
‫اآللة‪ ،‬صياغة أداء اإلنسان‪ ،‬التخطيط‪ ،‬تعليم اآلالت‪ ،‬والحوسبة الظاهرة‪،‬‬
‫واملعالجة املوزعة املتوازية»(‪.)1‬‬
‫ومن التطبيقات املهمة األخرى األكثر شيوعا مثل‪ :‬السيارات ذاتية القيادة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والروبوتات الطبية التي تقوم بالعمليات الجراحية الخطرة‪ ،‬والروبوتات‬
‫االصطناعية‪ ،‬واملنزلية وروبوتات العناية التي منحت األمل ملعاقي الحركة باملش ي‬
‫مجددا‪ ،‬روبوت املرور مثل املوجودة في اليابان‪ ،‬أما الطائرات بدون طيار فما زال‬
‫ً‬
‫اعتبارها روبوتا محل للنقاش ألنها تسير بتوجه بشري(‪.)2‬‬
‫للذكاء االصطناعي أهمية عند استخدامه على نحو محمود ومثال على ذلك‪ :‬على‬ ‫‪-‬‬
‫الصعيد الطبي «عمدت بعض املستشفيات العاملية إلى استخدام الروبوتات‬
‫الجراحية على نحو محمود في العمليات السريرية التي تتطلب دقة متناهية وسرعة‬
‫فائقة‪ ،‬أما على الصعيد التعليمي فقد ظهر الروبوت املعلم القادر على تمييز الطلبة‬
‫والتفاعل معهم من خالل قراءة تعبيرات وجوههم وتحليل نشاطهم الدماغي ومن ثم‬
‫تعليمهم مساقات جديدة حسب مسار كل تلميذ»(‪.)3‬‬
‫كما للذكاء االصطناعي أهمية في وضع أنظمة املؤسسات الرقابية واألمنية ككاميرات‬ ‫‪-‬‬
‫املراقبة‪ ،‬وأجهزة اإلنذار‪ ،‬والتسجيل وحتى في األنظمة الوقائية كأنظمة اإلنذارات‬
‫وإطفاء الحرائق‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وللذكاء االصطناعي أهمية كبيرة جدا في ميدان اللغات وخصوصا اللغة العربية‬ ‫‪-‬‬
‫وذلك في استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي في مجال املعالجة اآللية للغة في‬
‫العديد من املستويات‪ ،‬منها‪ :‬في مستوى الكتابة الرقمية‪ ،‬ومستوى معالجة‬

‫(‪ )1‬العدوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،17‬ص‪.152‬‬


‫(‪ )2‬العدوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،17‬ص ‪.153‬‬
‫(‪ )3‬أعراب كميلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،10‬ص ‪.115‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫األصوات‪ ،‬ومستوى معالجة النظام الفونولوجي‪ ،‬ومستوى معالجة النظام املعجمي‪،‬‬


‫ومستوى معالجة النظام الصرفي‪ ،‬ومستوى معالجة النظام النحوي‪ ،‬ومنصات‬
‫التعليم االلكتروني التعلم عن بعد وغيرها(‪.)1‬‬
‫دور الذكاء االصطناعي وتقنياته الكبير في مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬ويعتر أكثر‬ ‫‪-‬‬
‫كفاءة في تحديد املحتوى غير املناسب وغير القانوني أو الضار الواجب إزالته‪،‬‬
‫وإزالة املحتوى املتطرف وخطاب الكراهية بما يشمله من خطاب تحريض ي وترويج‬
‫للعنف وااليذاء بأشكاله املختلفة‪ ،‬ومواجهة املعلومات والشائعات املضللة‪،‬‬
‫والكشف عن الخروقات التي تنتهك حرية التعبير عبر املواقع‪ ،‬وحسب التقارير فقد‬
‫طورت اململكة املتحدة أداة تكشف وتزيل املحتوى اإلرهابي في نقطة التحميل(‪.)2‬‬
‫للذكاء االصطناعي وتقنياته أهمية كبيرة في استخدامه لدى مؤسسات اإلصالح‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتسهيل تنفيذ العقاب‪ ،‬وتسهيل التنفيذ الفعال لدوريات الشرطة‪ ،‬وكذلك‬
‫ُ‬
‫تستخدم تقنياته في التقارير الخاصة بالسجناء‪ ،‬في مجال تحليل البيانات املجمعة‬
‫عليهم في مؤسسات اإلصالح‪ ،‬وتقييم تطور السلوك‪ ،‬والوصول لقرارات سليمة‬
‫ً‬
‫لإلفراج الشرطي(‪ .)3‬أيضا من ناحية إعتماد أنظمة الشرطة للتطبيقات الذكية فيما‬
‫يخص برنامج السالمة املرورية‪ ،‬وأنظمة املراقبة عبر الفيديو باستخدام الذكاء‬
‫االصطناعي القائم عليه‪ ،‬والتحليل اآللي للصور وكل هذه األمور خير دليل أننا‬
‫قائمون على ما يعرف باملدن الذكية وغيرها(‪ .)4‬وكذلك في تطبيقات التنبؤ الشرطي‪.‬‬
‫ً‬
‫وأيضا األهمية الكبيرة في مجال اإلعالم والصحافة وخاصة في جمع األخبار‪ ،‬وكتابتها‬ ‫‪-‬‬
‫وقرائتها‪ ،‬للتقليل من عدد العاملين في هذا املجال‪ ،‬وأصبح هناك صحف الكترونية‬

‫امليساوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،7‬ص ‪.20-18‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫مشعل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،20‬ص‪.560‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.16‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مراد حسكر‪ ،‬إشكالية تطبيق أحكام املسؤولية الجنائية على جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬مجلة‬ ‫(‪)4‬‬
‫الحقوق والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مجلد ‪ ،15‬عدد‪ ،1‬جامعة تلمسان‪ ،‬الجزائر‪2022 ،‬م‪ ،‬ص ‪.203‬‬

‫‪37‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫مزودة بتقنات عديدة منها‪ :‬تقنية القراءة والكتابة اآللية بدون حاجة للمذيعين مما‬
‫أتاح القدرة على التفاعل مع الجمهور‪ ،‬وجمع البيانات الالزمة منهم التي تخص إبداء‬
‫الرأي مما يحدد االتجاهات لألفراد‪ ،‬وامليول املختلفة واستخدام هذه البيانات في‬
‫األغراض الدعائية(‪.)1‬‬
‫للذكاء االصطناعي أهمية كبيرة في فهم اللغات الطبيعية والتحدث إلى الحاسب اآللي‬ ‫‪-‬‬
‫مشافهة مما يسهل التواصل مع اآللة والحاسب ال سيما من ال يستطيع التعامل‬
‫معه‪ ،‬باإلضافة للسرعة الفائقة في كتابة مئات الكلمات في الدقيقة الواحدة(‪.)2‬‬
‫األهمية الكبيرة في التخفيف على اإلنسان للعديد من املخاطر والضغوطات‬ ‫‪-‬‬
‫النفسية الكثيرة‪ ،‬وخاصة في امليادين التي توصف بالتعقيد‪ ،‬وتحتاج لتركيز وجهد‬
‫عقلي متعب‪ ،‬وحضور ذهني دائم ومتواصل‪ ،‬والتوجيه لإلنسان وتركيزه إلى ما هو‬
‫أكثر أهمية وإنسانية(‪.)3‬‬
‫قام عدد من الباحثين في عام ‪2018‬م بنشر دراسة ًاستشرافية عن تأثير الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي على وظائف املستقبل‪ ،‬حيث تضمنت تحليال ً آلراء ‪ ١٦٣٤‬خبيرا‪ ،‬اتفق ‪٣٥٢‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شخصا منهم على أن الذكاء االصطناعي سيغير شكل الحياة مستقبال‪ ،‬وتوقعوا أن شكل‬
‫وظائف النقل والصحة والعلوم والقوات املسلحة سيتغير بنسب مختلفة على مدد زمنية‬
‫ً‬
‫مختلفة‪ ،‬ولكنها جميعا ليست بالبعيدة‪ ،‬فالسمة الغالبة على هذا التغير هي السرعة‬
‫الفائقة بسبب التطور السريع للذكاء االصطناعي‪ ،‬وتوقعوا أن يفوق الذكاء االصطناعي‬
‫ذكاء البشر خالل السنوات العشر القادمة‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ :‬بحلول عام ‪٢٠٢٤‬‬
‫ستكون الروبوتات املترجمة أكثر دقة وسرعة من األشخاص العاملين في مجال الترجمة‪،‬‬

‫(‪ )1‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.18‬‬


‫(‪ )2‬أروى الجلعود‪ ،‬أحكام تطبيقات الذكاء االصطناعي في القضاء‪ ،‬دراسات قضائية‪ ،‬الجمعية العلمية‬
‫القضائية السعودية‪ ،‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز قضاء للبحوث‬
‫والدراسات‪2023-2022 ،‬م‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫(‪ )3‬الجلعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،65‬ص ‪.46‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬

‫ومع حلول عام ‪ 2026‬ستستطيع الروبوتات كتابة املقاالت‪ ،‬ومع حلول عام ‪2027‬‬
‫ستقتحم الروبوتات مجال السيارات‪ ،‬وبحلول عام ‪ 2031‬ستدخل الروبوتات مجال البيع‬
‫ً‬
‫بالتجزئة‪ ،‬ومع قدوم عام ‪ 2049‬سيكون الكتاب األكثر مبيعا في العالم من تأليف‬
‫روبوت‪ ،‬وفي عام ‪ 2053‬سوف يستطيع الروبوت إجراء العمليات الجراحية‪ .‬وهناك‬
‫ً‬
‫اعتقادا أن هناك فرصة بنسبة ‪ %50‬لتفوق الذكاء االصطناعي على البشر في جميع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املهام خالل ‪ 45‬عاما‪ ،‬والقدرة على أتمته جميع الوظائف البشرية خالل ‪ 120‬عاما‪ ،‬حيث‬
‫يتوقع املشاركون اآلسيويون هذه التواريخ في وقت أقرب بكثير من األمريكيين‬
‫الشماليين(‪.)1‬‬
‫تبدو الحاجة املاسة اآلن في الدول العربية إلى إجراء تدخالت تشريعية تنظم‬
‫الروبوتات أكثر من أي وقت مض ى‪ ،‬حيث غدت العديد من الدول العربية منفتحة بشكل‬
‫الفت على االستخدام املدني للروبوتات في العديد من القطاعات الخدمية واملجتمعية‬
‫كما في املشافي‪ ،‬والطرقات‪ ،‬واملطارات وغيرها‪ ،‬وتعتبر دولة اإلمارات العربية املتحدة من‬
‫أوائل الدول العربية التي استخدمت الروبوتات في العديد من املجاالت‪ ،‬مثل‪ :‬مترو دبي‬
‫ً‬
‫اآللي‪ ،‬والذي ُيصنف كأطول شبكة مترو مؤتمنه بالكامل حول العالم‪ ،‬وتسعى أيضا‬
‫للوصول بنسبة رجال الشرطة اآلليين إلى ‪ %25‬من قوى الشرطة بحلول ‪2030‬م(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫ولربما يوجد حاليا بعض الجهود املتنامية في العالم العربي نحو االهتمام بالذكاء‬
‫االصطناعي وتقنياته وخاصة علم الروبوتات وصناعته‪ ،‬حيث قامت دولة اإلمارات‬
‫ً‬
‫العربية املتحدة باالنضمام إلى املجلس االستشاري العالمي للروبوت كعضو دائما فيه‪،‬‬
‫كما أعلنت مطلع عام ‪ 2019‬عن أول مختبر عالمي من نوعه لصناعة تشريعات ضابطة‬

‫(‪ )1‬أحمد فولى‪ ،‬مواجهة القانون الدولي للروبوتات املقاتلة وضبط استخدام الذكاء االصطناعي في‬
‫صناعة األسلحة‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي‪ ،‬مجلد ‪ ،29‬عدد‪2021 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫(‪ )2‬أيوب البلغيتي‪ ،‬املسؤولية القانونية لروبوتات الذكاء االصطناعي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بفاس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪2022-2021 ،‬م ص ‪.34‬‬

‫‪39‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫لتقنيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬وفي اململكة العربية السعودية تم إنشاء املركز الوطني‬
‫ً‬
‫للروبوت واألنظمة الذكية‪ ،‬أيضا في مصر تم انشاء أول كلية للذكاء االصطناعي في الشرق‬
‫األوسط بجامعة كفر الشيخ‪.)1( .‬‬
‫وعلى الرغم من الفوائد وامليزات التي تحققت وتتحقق كل يوم بفضل الذكاء‬
‫اإلصطناعي وتقنياته في مختلف مجاالت وميادين الحياة املعاصرة‪ ،‬إال أن ظهور الثورة‬
‫التكنولوجية املتنامية صاحبها عدة سلبيات وانعكاسات خطيرة بسبب سوء استخدام‬
‫الذكاء االصطناعي وتقنياته‪ ،‬واالنحراف عن األغراض املتواخاة منه مما أدى إلى تفش ي‬
‫طائفة من الظواهر اإلجرامية املستحدثة مثل الجرائم املعلوماتية واالعتداء على أمن‬
‫املعلومات الحكومية رغم انها تكون محمية بشيفرة بالرغم من ذلك يدخل املجرم الى‬
‫أنظمة الكمبيوتر دون الحصول على تصريح مسبق من الجهات املختصة وذلك‬
‫بالقرصنة(‪.)2‬‬
‫وباإلضافة ملا سبق‪ ،‬إن التطور والتقدم لتقنيات الذكاء االصطناعي لم يأت على‬
‫البشرية بالخير فقط‪ ،‬بل يحمل في طياته العديد من املخاطر‪ ،‬أي أنه حتى لو كان يعمل على‬
‫مواز يعرقل هذه الحياة‬
‫تيسير حياة البشر‪ ،‬وتسهيلها وتنمية املجتمعات‪ ،‬إال أنه في نطاق ٍ‬
‫واملجتمع‪ ،‬ويزيد من مصاعبها ويدمرها‪ ،‬فعندما قام الفرد نوبل باختراع الديناميت كان بهدف‬
‫مساعدة عمال املناجم‪ ،‬والتخفيف عنهم وتقليل مشقة عملهم‪ ،‬إال أنه سرعان ما أصبح‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ذلك الديناميت أخطر أسلحة الحروب وأشدها ضررا وتدميرا لها(‪.)3‬‬
‫وفي نهاية املطاف وبالرغم من كل املزايا واألهمية الكبيرة للذكاء االصطناعي‪ ،‬إال أنه‬
‫هناك شخص ما مسؤول عن إيجاد‪ ،‬وتصنيع وتشغيل هذه التقنيات التكنولوجية‬
‫وبالتالي قد ينتج عن خطئه في تشغيلها جرائم تحتم املسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬املرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.34‬‬


‫(‪ )2‬عبد هللا الفالس ي‪ ،‬املسؤولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي‪ ،‬املجلة القانونية‪،،‬‬
‫‪2021‬م‪ ،‬ص ‪.2890‬‬
‫(‪ )3‬فولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪40‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املبحث الثاني‬
‫قواعد املسؤولية اجلنائية‬
‫عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪41‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪42‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املبحث الثاني‬
‫قواعد املسؤولية اجلنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬
‫يعتبر ما حدث في منتصف القرن املاض ي وما شهد من ثورة معلوماتية في ظهور‬
‫مجال افتراض ي للمعامالت ومسرح الكتروني للجرائم بما يتجاوز مادية السلوك وعبر‬
‫حدود الزمان واملكان‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك ظل اإلنسان هو الالعب الرئيس ي للسلوك‪،‬‬
‫وظلت ارادته هي أساس املسؤولية الجنائية(‪.)1‬‬
‫حيث يثور الجدل حول القواعد التقليدية للمسؤولية الجنائية والتي تعتمد على‬
‫اإلرادة املوجودة لدي األنسان وقصده الجنائي(‪.)2‬‬
‫تبرز أهمية البحث عن املسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي الناتجة‬
‫عن استخدام تقنياته واآلتة‪ ،‬فمن الضروري بحث املسؤول عنها فيما إذا كان املصنع‬
‫واملبرمج أو املستخدم أو تقنية الذكاء االصطناعي ذاتها أو الغير‪.‬‬
‫ُيقصد باملسؤولية الجنائية أنها‪« :‬تلك الرابطة التي تقوم بين الواقعة اإلجرامية التي‬
‫تعد جريمة في نظر القانون من جهة‪ ،‬واملتهم بتلك الواقعة من جهة أخرى»(‪.)3‬‬
‫وحتى تقوم املسؤولية الجنائية ويتم إسنادها يجب أن يكون هناك مجرم وجريمة‬
‫تقوم بينهما روابط وهي الرابطة السببية تجعل املتهم يتحمل تبعية الفعل املنسوب له‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتبين أن املتهم نفسه هو الذي تسبب سلبا أو إيجابا بالواقعة‪ ،‬وكذلك الروابط املعنوية‬
‫التي تكون الصورة التي تسند الواقعة اإلجرامية إلى عقالنية املتهم‪ ،‬بل وأكثر من ذلك وقد‬

‫(‪ )1‬رحاب عميش‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬أكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا‬
‫القرية الذكية‪ ،‬كلية الحقوق لغة انجليزية‪ ،‬املنصورة‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )2‬عميش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )3‬الفالس ي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.2839‬‬

‫‪43‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ال يمكن إسناد املسؤولية رغم قيامها‪ ،‬إال إذا توافرت في املتهم شروط تتكون منهت ما‬
‫يسمى بأهلية التكليف باملسؤولية الجنائية(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ويمكن تعريف املسؤولية الجنائية أيضا على أنها «ذاك األثر القانوني املترتب عن‬
‫الجريمة‪ ،‬كواقعة قانونية أي يعتد بها القانون وتقوم على أساس تحمل الفاعل للجزاء‬
‫الذي تفرضه القواعد القانونية الجنائية بسبب خرقه لألحكام التي تقررها هذه‬
‫القواعد(‪.)2‬‬
‫واملسؤولية فكرة فلسفية اقبل على دراستها كافة أقطاب العلم الجنائي في القرنين‬
‫األخيرين من دون أن يعرفوا غوامضها بصورة نهائية‪ ،‬وال يزالون حتى هذا اليوم‬
‫يتناقشون دون الوصول إلى مفهوم واحد يتفقون عليه‪.‬‬
‫يقول الكثير من العاملين في مجال الذكاء االصطناعي أنه وحسب اتجاههم وتيارهم‬
‫الفكري أن الروبوت اآللة يجب أن يتحلى بالعديد من الصفات والقوانين حتى ال تنقلب‬
‫عليهم التقنية بعواقب وخيمة ويجب القيام ببرمجة وصناعة الروبوتات وفقها‪ ،‬ومن هذه‬
‫القوانين‪ :‬القانون األول أنه ال يجوز للروبوت إيذاء البشر أو حتى أن يسمح بذلك‪،‬‬
‫وبالنسبة للقانون الثاني فإنه يتوجب على الروبوت طاعة أوامر البشر باستثناء ما‬
‫يتعارض مع ما ذكر في القانون األول‪ ،‬أما القانون الثالث فإنه على الروبوت أن يحافظ‬
‫على استمراريته في العمل وسالمته من العطل إال إذا تعارض هذا مع القانون األول‬
‫والثاني(‪.)3‬‬
‫علينا التسليم بحقيقة التحول الكبير الذي أحدثه الذكاء االصطناعي في مجال‬
‫ُ‬
‫املسؤولية‪ ،‬ومثال على ذلك برامج املساعدة في التشخيصات الطبية والتي تظهر املدى‬
‫الكبير الذي يمكن ألجهزة الحاسب اآللي تنفيذ أعباء مركبة‪ ،‬مثل‪ :‬التحليل‪ ،‬املساعدة في‬

‫(‪ )1‬الفالس ي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.2840-2839‬‬


‫(‪ )2‬الفالس ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2840‬‬
‫(‪ )3‬أبو العيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫القرار‪ ،‬ومن ثم يتحول املستخدم إلى مجرد مالحظ‪ ،‬ولم يعد األمر ينحصر في جزئية‬
‫مساندة النشاط البشري‪ ،‬بل ربما تعديله والحلول محله‪ ،‬وثم تأخذ املسؤولية الناتجة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عن تدخل الذكاء االصطناعي بعدا جديدا(‪.)1‬‬
‫إن الجرائم الجنائية أو أي سلوكيات إنسانية األساس فيها أنها مباحة لجميع البشر‬
‫لكن من أجل انتظام الحياة واملجتمعات ومن أجل حدوث استقرار في االوضاع‬
‫االجتماعية نجد أن بعض هذه السلوكيات التي تضر باملجتمع يجب القيام بتجريمها‬
‫وبالتالي فإن الحكم بأن األساس اإلباحة واالستثناء التجريم فال نستطيع القول عن أي‬
‫سلوك أنه مجرم إال إذا نص القانون على ذلك والجرائم باملجمل تخضع ملبدأ الشرعية‬
‫الجنائية بأنه ال جريمة وال عقوبة إال بنص فبالتالي فإننا ال نستطيع القول عن جرائم‬
‫الذكاء االصطناعي مجرم ونعاقب عليه إال إذا نص القانون على ذلك واملشرع ينص على‬
‫ذلك من خالل الدراسات البحثية التي يتم تقديمها وبعد البيان للمشرع السلوكيات التي‬
‫تشكل جرائم وتمس باملجتمع يتم الطلب من املشرع بوضع هذه السلوكيات في تشريع‬
‫معين بحيث يمكن من معاقبة أي من يرتكب هذه السلوكيات مستقبال‪.‬‬
‫وحسب توقعات أنصار الذكاء االصطناعي في الدول الغربية أنه يجب علينا كمجتمع‬
‫أن نقاوم االستسالم للحتمية التكنولوجية (وهي نظرية تقول باختصار أن التكنولوجيا‬
‫ال رجعة فيها‪ ،‬وال مفر منها) وانهم حتى لو آمنو بهذه النظرية فإنه كلما كان فهمنا لتأثيرات‬
‫تلك التكنولوجيا على املجتمع وحقوقهم بشكل أفضل كلما تمكنا بشكل أكثر فعالية من‬
‫محاولة كيفية انشاء هذه التكنولوجيا وتنفيذها(‪.)2‬‬
‫للمسؤولية الجنائية متطلبات محددة‪ ،‬ال أكثر وال أقل‪ ،‬بحيث أنه إذا استوفى كيان‬
‫ما جميع هذه املتطلبات‪ ،‬فال يوجد سبب يمنع فرض املسؤولية الجنائية عليه‪ ،‬بالرغم‬
‫من قدرة الذكاء االصطناعي على تلبية املتطلبات بنفس الطريقة التي يفعلها املخالفون‬

‫(‪ )1‬عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3‬‬


‫‪( 2 ) Ryan calo,A.Michael Froomkin and Ian Kerr, ROPOT LAW, Edward Elagar‬‬
‫‪PUPLISHING,USA,2016,p.210.‬‬

‫‪45‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫من البشر‪ ،‬والشركات لكن ليس الحيوانات‪ ،‬بحيث يمكن فرض املسؤولية الجنائية على‬
‫كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬فإما أن نفرض املسؤولية الجنائية على كيانات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬أو يتعين علينا أن نغير التعريف األساس ي للمسؤولية الجنائية كما تطور‬
‫على آالف السنين‪ ،‬ونتخلى عن الفهم التقليدي للمسؤولية الجنائية(‪.)1‬‬

‫‪(1) GabRiel hallevy ،previous reference, footnote 50, p177-178.‬‬

‫‪46‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املطلب األول‬
‫األساس القانوني للمسؤولية اجلنائية‬
‫عن أضرار الذكاء االصطناعي‬
‫ُ‬
‫«تعتبر املسؤولية هي األساس القانوني التي ُيبنى عليها توجيه أصابع االتهام بالجريمة‬
‫إلى شخص معين‪ ،‬لذلك ال بد أن يكون هناك عناصر معينة تقوم عليها‪ ،‬كوجود نص‬
‫قانوني (يصور الجريمة)‪ ،‬أو ارتكاب فعل أو عدة أفعال مادية‪ ،‬والحالة العقلية بأن تقع‬
‫من شخص ُمكلف‪ ،‬وقيام الركن املعنوي الالزم الرتكاب جريمة والعقاب عليها في أغلب‬
‫األنظمة اإلجرامية‪ ،‬كذلك العنصر الذهني الذي يدفع الرتكاب الجريمة»(‪.)1‬‬
‫ومن املعلوم أن املسؤولية الجنائية ال تقوم على فكرة الضرر بخالف املسؤولية‬
‫املدنية التي تقوم عليها‪ ،‬كون املسؤولية الجنائية ال تحدد العقوبة على أساس أهمية‬
‫الضرر وجسامته‪ ،‬إنما على أساس جسامة الفعل املؤثم من الناحية األدبية‪ ،‬وال تتدخل‬
‫فكرة الضرر عند وقوعه إال بصفة تبعية في هذه املؤاخذة‪ ،‬فاملسؤولية الجنائية تبقى‬
‫مستقلة عن الضرر الذي نشأ عن الفعل‪ ،‬واملتهم في أغلب األحيان يحاسب عن خطئه‬
‫فحسب مجرد عن الضرر‪ ،‬وبالرغم من ذلك ال يعني أن املشرع الجنائي ال يأخذ بنظر‬
‫االعتبار الضرر عندما يعاقب على التصرفات اإلجرامية‪ ،‬إال أنه ينظر إلى الضرر نظرة‬
‫ُ‬
‫متميزة أطلق عليها فقهاء القانون اسم الجسامة املادية للخطأ الجنائي(‪.)2‬‬
‫وقد عرفت محكمة النقض الفلسطينية في الدعوى الحقوقية رقم (‪)2014/1076‬‬
‫الضرر على أنه‪...« :‬الضرر وفق أحكام الفقه واملجلة هو ذلك األذى الذي يلحق الشخص‬

‫(‪ )1‬هبة الزهراني‪ ،‬املوقع االلكتروني املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي‪ ،‬شركة مال اإلعالمية الدولية‪،‬‬
‫صحيفة مال‪ ،2020 ،/ https://maaal.com/2020/12/167055-2،‬بدون رقم صفحة‪ ،‬تاريخ الزيارة‬
‫‪.2023/10/20‬‬
‫(‪ )2‬الفالس ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2891‬‬

‫‪47‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫في حق أو في مصلحة مشروعة له‪.)1(»...‬‬


‫وعلى كل حال ومن أجل فرض املسؤولية الجنائية على أي شخص ما يجب أن يكون‬
‫هناك عنصران رئيسيان‪ ،‬األول‪ :‬هو العنصر الخارجي أو العنصر الواقعي أي السلوك‬
‫اإلجرامي (الفعل اإلجرامي)‪ ،‬والعنصر الثاني‪ :‬هو العنصر الداخلي أو العقلي أي وهو‬
‫املعرفة أو القصد العام تجاه عنصر السلوك اإلجرامي‪ ،‬حيث أنه إذا كان عنصر واحد‬
‫ً‬
‫مفقودا من أحد تلك العناصر‪ ،‬فال يمكن فرض أي مسؤولية جنائية‪ ،‬ويتم التعبير عن‬
‫شرط الفعل الفعلي بشكل أساس ي عن طريق األفعال أو السهو في بعض األحيان‪ ،‬هناك‬
‫حاجة لعناصر خارجية أخرى باإلضافة إلى السلوك‪ ،‬مثل النتائج املحددة لهذا السلوك‬
‫والظروف املحددة التي تكمن وراء هذا السلوك(‪.)2‬‬
‫يجب على الجاني أن يبدأ السلوك لتحقيق النتائج‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن‬
‫تكنولوجيا الذكاء االصطناعي قادرة على تلبية متطلبات مكون النتيجة للعنصر الواقعي‪،‬‬
‫ويشكل ارتكاب السلوك النتائج‪ ،‬ويتم فحص النتائج بشكل موضوعي لتحديد ما إذا‬
‫كانت مستمدة من ارتكاب السلوك‪ ،‬وهكذا عندما يرتكب الجاني السلوك‪ ،‬وقد تم تنفيذ‬
‫السلوك‪ ،‬فإنه السلوك‪ ،‬وليس الجاني‪ ،‬الذي هو سبب النتائج‪ ،‬إذا كانت هناك نتيجة(‪.)3‬‬
‫في الحقيقة وال ُيطلب من مرتكب الجريمة أن يتسبب‪ ،‬بشكل منفصل‪ ،‬في أية نتائج‪،‬‬
‫بل فقط أن يرتكب السلوك‪ ،‬وعلى الرغم من أن الجاني يبدأ العملية الفعلية التي تشكل‬
‫ً‬
‫النتائج‪ ،‬إال أن هذه العملية ال تبدأ إال من خالل تكليف عنصر السلوك‪ ،‬ونظرا ألن‬
‫تكنولوجيا الذكاء االصطناعي قادرة على ارتكاب جميع أنواع السلوكيات‪ ،‬فإنها في سياق‬
‫القانون الجنائي قادرة على التسبب في نتائج مستمدة من هذا السلوك(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬محكمة النقض الفلسطينية‪ ،‬الدعوى الحقوقية‪ ،‬القضية رقم (‪ ،)2014/1076‬تاريخ الفصل‪:‬‬
‫‪2017/12/12‬م‪ ،‬قسطاس‪.‬‬
‫(‪ )2‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 44.‬‬
‫‪(4) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 44.‬‬

‫‪48‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫وعلى سبيل املثال‪ ،‬عندما يقوم الروبوت بتشغيل سالح ناري ويجعله يطلق رصاصة‬
‫باتجاه فرد بشري‪ ،‬فإن هذا يفي بمتطلبات عنصر السلوك في جرائم القتل عند هذه‬
‫النقطة‪ ،‬يتم استخدام اختبار العالقة السببية لفحص السلوك وتحديد ما إذا كان قد‬
‫تسبب في وفاة ذلك الفرد‪ .‬فإذا حدث ذلك‪ ،‬فسيتم استيفاء متطلبات مكون النتيجة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جسديا سوى ارتكاب السلوك ونظرا‬ ‫والسلوك‪ ،‬على الرغم من أن الروبوت «لم يفعل»‬
‫ألن تلبية متطلبات مكون السلوك تقع ضمن قدرات األجهزة كما تمت مناقشتها بالفعل‪،‬‬
‫أيضا ضمن قدراتها(‪.)1‬‬‫أيضا هي ً‬‫فإن تلبية متطلبات مكون النتائج ً‬
‫ً‬
‫يتم التعبير عن أعلى مستوى عن طريق املعرفة‪ ،‬ويكون أحيانا مصاحب بمتطلب‬
‫نية أو نية محددة‪ ،‬وال يلزم لفرض املسؤولية الجنائية معايير أو قدرات أخرى‪ ،‬وليس من‬
‫البشر‪ ،‬وال أي نوع آخر من الكيانات‪ ،‬بما في ذلك الشركات والكيانات املسئولة‪ ،‬ال يكفي‬
‫أن يكون الشخص قادر على العمل حتى تقوم املسؤولية الجنائية‪ ،‬فالعنكبوت قادر على‬
‫العمل إال أنه غير قادر على صياغة متطلبات تفاعلية لهذا الفعل لذلك ال تحمل لدغة‬
‫العنكبوت أي مسؤولية جنائية‪ ،‬وكذلك الببغاء فهو يقدر على تكرار الكلمات التي‬
‫يسمعها‪ ،‬لكنه غير قادر على صياغة متطلبات جديدة من تلقاء نفسه‪ .‬ولكي يتم فرض‬
‫املسؤولية الجنائية على أي نوع من كيانات الذكاء االصطناعي يجب إثبات وجود‬
‫العنصرين القدرة على العمل واإلرادة الفعلية فيها(‪.)2‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فمن الواضح أن هيكل املسؤولية الجنائية مصمم للبشر‪ ،‬مع وضع‬
‫قدرات البشر‪ ،‬وليس املخلوقات األخرى في االعتبار‪ .‬ويعتمد متطلب العنصر العقلي على‬
‫روح اإلنسان ونفسه وعقله‪ .‬فهل يمكن بالتالي فحص اآلالت على أساس املعايير البشرية‬
‫للروح والنفس والعقل؟ في ضوء هذه الرؤى‪ ،‬كيف يمكن فرض املسؤولية الجنائية على‬
‫كيانات فاقدة للروح والروح؟ ومع ذلك‪ ،‬من املهم أن نتذكر أنه على الرغم من أن الرؤى‬
‫املتعلقة باملسؤولية الجنائية تعتمد على الروح اإلنسانية والروح‪ ،‬فإن فرض املسؤولية‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 44.‬‬


‫(‪ )2‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬

‫‪49‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الجنائية في حد ذاته ال يعتمد على هذه املصطلحات التي تحمل معنى نفسيا عميقا(‪.)1‬‬
‫فإذا استوفى كيان ما‪ ،‬أي كيان‪ ،‬متطلبات الركن الفعلي والعقلي للجريمة‪ ،‬فيمكن‬
‫ً‬
‫فرض املسؤولية الجنائية بالروح أو بدونها‪ ،‬في الحقيقة إن هذا الفهم ليس جديدا‪ ،‬وربما‬
‫ً‬
‫ال يكون جديدا إلى حد كبير في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬فقد وتم التوصل إلى فهم‬
‫مماثل في القرن السابع عشر‪ ،‬قبل وقت طويل من ظهور تكنولوجيا الذكاء االصطناعي‬
‫الحديثة‪ ،‬ولكن في وقت ارتكبت فيه كائنات أخرى غير بشرية جرائم وكان من الضروري‬
‫إخضاعها للقانون الجنائي‪ .‬هذه املخلوقات ليس لها روح وال روح‪ ،‬لكن لديها القدرة على‬
‫موضوعا للمسؤولية الجنائية التي تفرض عليها حتى يومنا هذا‪ ،‬وإن هذه‬ ‫ً‬ ‫أن تكون‬
‫املخلوقات هي الشركات(‪.)2‬‬
‫يتطلب فرض املسؤولية الجنائية عن الجرائم املتعمدة استيفاء متطلبات العناصر‬
‫الوقائعية والعقلية‪ .‬الشرط العقلي للجرائم املتعمدة هو القصد العام‪ ،‬املعروف بشكل‬
‫ً‬
‫أكثر دقة باسم القصد الجنائي‪ ،‬ويعني «العقل الشرير» في الالتينية‪ ،‬ونظرا ألنه يمكن في‬
‫بعض األحيان الخلط بين مصطلح العمدية العامة والقصد أو القصد املحدد‪ ،‬فإننا‬
‫نفضل استخدام املصطلح األكثر دقة‪ ،‬وهو القصد الجنائي‪ ،‬فإذا كانت تكنولوجيا‬
‫الذكاء االصطناعي قادرة على تلبية متطلبات القصد الجنائي‪ ،‬فمن املمكن فرض‬
‫املسؤولية الجنائية على كيانات الذكاء االصطناعي عن الجرائم املتعمدة(‪.)3‬‬
‫يتسارع الذكاء االصطناعي املتقدم في االنتشار في هذه اآلونة كالسيارات ذاتية‬
‫القيادة والطائرات بدون طيار وغيرها فأصبحت هناك إشكاليات عديدة في تحديد‬
‫املسؤولية الجنائية عن األضرار الناتجة من خاللها ألن الذكاء االصطناعي تطور وأصبح‬
‫قادرا على اتخاذ قرارات ذاتية وتنفيذها مما يسمح بافتراض حصول مسؤولية جنائية‬
‫ذاتية لها‪.‬‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 34.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 34.‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 44- 45.‬‬

‫‪50‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫إن اعتماد الذكاء االصطناعي وتقنياته في معظم مجاالت الحياة املتعددة يؤثر على‬
‫النظام القانوني‪ ،‬فالقانون هو مجموعة من القواعد التي تنظم للعالقات اإلنسانية في‬
‫املجتمع‪ ،‬وتشمل هذه العالقات كافة مجاالت الحياة‪ ،‬وكلما ظهرت تقنيات واختراعات‬
‫جديدة ثار النقاش حول مدى التنظيم القانوني لها‪ ،‬ومدى شمول النصوص القانونية‬
‫ً‬
‫لها‪ ،‬ونظرا ألن تكنولوجيا الذكاء االصطناعي لها تأثير على أغلب مجاالت الحياة التي‬
‫دخلتها‪ ،‬كاملجاالت الطبية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬واالقتصادية والصناعية والعسكرية وغيرها؛‬
‫فقد استدعى هذا األمر ضرورة السؤال عن التنظيم القانوني للذكاء االصطناعي‪ ،‬وعن‬
‫اإلشكاليات القانونية الناتجة عن إدخال تكنولوجيا الذكاء االصطناعي لهذه املجاالت‪،‬‬
‫والتحديات القانونية التي تترتب عليه(‪.)1‬‬
‫ولعل أبرز وأهم املوضوعات املطروحة للنقاش فيما يخص التنظيم القانوني للذكاء‬
‫االصطناعي وطبيعته القانونية واإلشكاليات الناتجة عنه؛ مسألة الشخصية القانونية‬
‫للذكاء االصطناعي‪ ،‬وكذلك املسؤولية الجنائية حين تشكل األفعال التي يقوم بها هذا‬
‫الذكاء االصطناعي جرائم ُيعاقب عليها في القانون‪ ،‬وال سيما وأن مجاالت الذكاء‬
‫االصطناعي قد تعددت وشملت العديد من املجاالت‪ ،‬وخاصة الطبية والعسكرية التي‬
‫ً‬
‫تؤثر سلبا على حيات اإلنسان وسالمة صحته((‪.)2‬‬
‫وحيث أنه أصبح من الضروري بيان التكييف القانوني الذي تقوم عليه املسؤولية‬
‫الجنائية في حالة خطأ الذكاء االصطناعي ال بل أصبح أمر ضروري تحتمه متطلبات‬
‫التقدم التكنولوجي‪ ،‬باعتبار املسؤولية الجنائية أثر قانوني مترتب عن الجريمة كواقعة‬
‫يعتد بها القانون‪ ،‬وبالتالي تحميل الجزاء للفاعل الذي تفرضه هذه القواعد القانونية‬
‫ً‬
‫الجزائية‪ ،‬إال أنه مع وجود تقنيات الذكاء االصطناعي ُيفترض أحيانا وجود أشخاص‬
‫يتدخلون به وبداية من الشركة املنتجة‪ ،‬ومن ثم املالك املستخدم واملستفيد من هذه‬
‫التقنيات مما يؤدي ذلك للتأثير على املسؤولية القانونية لكيانات الذكاء االصطناعي‪،‬‬

‫(‪ )1‬الدحيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20-19‬‬


‫(‪ )2‬فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.163‬‬

‫‪51‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫والطبيعة الخاصة للذكاء االصطناعي‪ ،‬والذي نجده أحيانا فاعال للجريمة أو أداة لها في‬
‫أحيان أخرى(‪.)1‬‬
‫إن فرض املسؤولية يعتمد على استيفاء متطلباتها‪ .‬بحيث تنشأ مسألة العقاب فقط‬
‫في حالة استيفاء هذه املتطلبات‪ ،‬إال أن املسؤولية الجنائية ال تتطلب بالضرورة توافر‬
‫ً‬
‫مجرما‪ ،‬ال يحتاج إلى استخدام جميع املهارات‬ ‫كافة املهارات اإلنسانية‪ .‬لكي يصبح املرء‬
‫البشرية‪ ،‬بغض النظر عما إذا كان يمتلك هذه املهارات أم ال(‪.)2‬‬
‫يجب استيفاء نوعين تراكميين من املتطلبات لفرض املسؤولية الجنائية‪ :‬األول‬
‫يتعلق بالقانون‪ ،‬والثاني يتعلق بالجاني‪ .‬ويجب استيفاء كال النوعين من املتطلبات من‬
‫أجل فرض املسؤولية الجنائية‪ ،‬وإذا تم استيفاءهما‪ ،‬فال توجد شروط إضافية مطلوبة ‪.‬‬
‫املتطلبات األساسية ألي جريمة يتضمن أربعة متطلبات منفصلة يجب أن تستوفيها كل‬
‫جريمة‪ ،‬على النحو املحدد في القانون‪ .‬إذا فشلت الجريمة في تلبية حتى واحد من هذه‬
‫املتطلبات‪ ،‬فال يمكن ألي محكمة أن تفرض مسؤولية جنائية على األفراد عن تلك‬
‫الجريمة‪ .‬املتطلبات األربعة هي‪ :‬الشرعية‪ ،‬السلوك‪ ،‬الذنب واملسؤولية الشخصية(‪.)3‬‬
‫ويمثل كل من هذه املتطلبات األربعة مبدأ أساسيا في القانون الجنائي‪ ،‬وهو مبدأ‬
‫الشرعية‪ ،‬ومبدأ السلوك‪ ،‬ومبدأ الذنب‪ ،‬ومبدأ املسؤولية الشخصية ‪.‬الشرعية هي‬
‫شرط العتبار الجريمة قانونية (ال جريمة بقانون)‪ .‬إن الشرعية هي التي تشكل القواعد‬
‫ً‬
‫جنائيا‪ .‬لكي تعتبر الجريمة قانونية‪ ،‬يجب‬ ‫املستخدمة لتحديد ما هو «صحيح» و«خطأ»‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن تستوفي الشروط األربعة التراكمية التالية‪ :‬أوال مصدر قانوني مشروع‪ ،‬ثانيا قابلية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التطبيق في الوقت املناسب‪ ،‬ثالثا قابلية التطبيق في مكان واخيرا تفسير مشروع‪ ،‬فقط‬
‫عندما استيفاء جميع الشروط األربعة تعتبر الجريمة قانونية(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.188‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 19-20.‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 26.‬‬
‫‪(4) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 26.‬‬

‫‪52‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫أن القانون الجنائي الحالي كاف للتعامل مع تكنولوجيا الذكاء االصطناعي‪ .‬عالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬إذا تقدمت التكنولوجيا بشكل كبير‪ ،‬وبشكل كبير نحو إنشاء اآلالت العاقلة‪،‬‬
‫فإن هذا من شأنه أن يجعل القانون الجنائي الحالي أكثر صلة بمعالجة تكنولوجيا الذكاء‬
‫االصطناعي ألن هذه التكنولوجيا تحاكي العقل البشري‪ ،‬والعقل البشري يخضع بالفعل‬
‫للقانون الجنائي الحالي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬كلما اقتربت تكنولوجيا الذكاء االصطناعي من التقليد‬
‫الكامل للعقل البشري‪ ،‬كلما أصبح القانون الجنائي الحالي أكثر أهمية(‪.)1‬‬
‫وبناء على ما سبق نالحظ أنه ال يكفي لقيام املسؤولية الجزائية أن يرتكب الجاني أي‬
‫فعل مادي يترتب عليه نتيجة ضارة‪ ،‬بل ال بد أن تتحقق الجريمة بالشروط التي يفرضها‬
‫الفقه الجنائي املعاصر على اعتبار أنها نشاط مادي ونشاط نفس ي مخالفان ألهداف‬
‫الجماعة‪ ،‬وتكسب صفتها الغير مشروعة من تناقضها مع قاعدة قانونية مجرمة تجرم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هذا النشاط‪ ،‬وبالتالي يلزم لقيام هذه الجريمة دائما توافر الركن املادي واملعنوي معا‪.‬‬
‫تنص املادة (‪ )67‬فقرة ‪ 1‬من قانون التجارة املصري رقم (‪ )17‬لسنة ‪1999‬م على أنه‪:‬‬
‫«يسأل منتج السلع أو موزعها قبل كل من يلحقه ضرر بدني أو مادي يحدثه املنتج إذا‬
‫أثبت هذا الشخص أن الضرر نشأ بسبب عيب في املنتج»(‪.)2‬‬
‫ويتبين من نص املادة أعاله أنه إذا تعذر تحديد الشخص املسؤول عن العيب في‬
‫املنتج فأن بائع املنتج أو املزود أو املورد وفي جميع األحوال يكونوا مسؤولين عن هذا‬
‫العيب مسؤولية تضامنية‪ ،‬إال أنه عندما يتم تطبيق هذه القاعدة على أنظمة الذكاء‬
‫االصطناعي سيترتب على ذلك إشكالية تتعلق في صعوبة تحديد منتج أنظمة الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬إذ أن عملية إنتاج تلك األنظمة تتوزع ما بين املصمم واملبرمج واملصنع‪،‬‬
‫لذلك يصعب تحديد املنتج النهائي ألنظمة الذكاء االصطناعي األمر الذي يؤدي إلى تحديد‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 22.‬‬


‫(‪ )2‬قانون التجارة املصري‪ ،‬رقم (‪ ،)17‬لسنة ‪ ،1999‬غير منشور في مجلة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬ع‪ ،19‬تاريخ‬
‫اإلصدار‪1999/5/17 :‬م‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫على من تقع املسؤولية بالكامل(‪.)1‬‬


‫عند الحديث عن ماهية العيب الخفي في كيانات الذكاء االصطناعي وتقنياته فال بد‬
‫أن نتناول بصورة جلية األحكام الخاصة بالعيب الخفية‪ ،‬إذ نجد أن املشرع الفلسطيني‬
‫نظم األحكام الخاصة للعيب الخفي في مجلة األحكام العدلية (‪.)2‬بشكل خاص‪ ،‬وتناول‬
‫بعض األحكام في قانون حماية املستهلك الفلسطيني‪ ،‬والالئحة التنفيذية من ذات‬
‫القانون‪ .)3(،‬كذلك الحال فيما يتعلق بالقانون املدني األردني رقم (‪ )43‬لسنة ‪1976‬م‪.‬‬
‫عالجت مجلة األحكام العدلية في القانون الفلسطيني معظم األحكام الخاصة‬
‫بالعيب في املواد (‪ )336‬حتى (‪ ،)350‬كذلك الحال فيما يتعلق بالقانون املدني األردني‬
‫الذي عالج أحكام العيب في املواد (‪ )512‬حتى (‪ ،)521‬وبالرجوع إلى القانون املدني‬
‫املصري(‪ .)4‬نجد بأنه عالج األحكام الخاصة بالعيب في عدة مواد متفرقة‪ ،‬وكما أن جميع‬
‫القوانين السابقة تحدثت عن األحكام الخاصة املتعلقة بضمان العيوب مما يقودنا هذا‬
‫األمر لبيان تعريف العيب‪ ،‬وباإلضافة لشروط العيب بداية‪ ،‬ومن ثم تطبيق مفهوم‬
‫العيب على أنظمة الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫عرفت املادة (‪ )1‬من قانون حماية املستهلك الفلسطيني رقم (‪ )21‬لسنة ‪2005‬‬
‫العيب على أنه‪« :‬خطأ أو نقص من حيث الجودة والكمية والكفالة‪ ،‬أو عدم مطابقة‬
‫للمعايير واملقاييس التي يتوجب االلتزام بها بموجب القانون أو األنظمة السارية املفعول‬

‫محمد‪ ،‬فتح الباب‪ ،‬الطبيعة القانونية للمسؤولية املدنية عن أضرار الروبوتات‪ :‬دراسة تحليلية‬ ‫(‪)1‬‬
‫مقارنة‪ ،‬مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬عدد خاص باملؤتمر الدولي السنوي العشرون‪ ،‬جامعة‬
‫املنصورة‪ ،‬مصر‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫مجلة األحكام العدلية لسنة ‪1876‬م‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫قانون حماية املستهلك الفلسطيني‪ ،‬رقم (‪ ،)21‬لسنة ‪ ،2005‬منشور في مجلة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد‬ ‫(‪)3‬‬
‫املجلة ‪ ،21‬تاريخ صدور املجلة‪2005/11/1( :‬م)‪ ،‬ص‪ ،30‬قرار بقانون رقم (‪ ،)13‬لسنة ‪ ،2009‬بالالئحة‬
‫التنفيذية لقانون حماية املستهلك‪ ،‬منشور في مجلة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد املجلة ‪ ،86‬تاريخ صدور‬
‫املجلة‪2009/11/23( :‬م)‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫القانون املدني املصري رقم (‪ )131‬لسنة ‪1948‬م‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪54‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫فيما يتعلق باملنتج»‪.‬‬


‫كما عرفت املادة (‪ )20‬فقرة ‪ 3‬من القرار بقانون رقم (‪ )13‬لعام ‪ 2009‬بالالئحة‬
‫التنفيذية لقانون حماية املستهلك العيب الخفي على أنه‪« :‬التي تنقص من قيمة السلعة‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أو الخدمة نقصا محسوسا أو تجعلها غير صالحة لالستعمال الذي أعدت له وفقا‬
‫لطبيعتها أو ألحكام العقد»‪.‬‬
‫ً‬
‫وأيضا لقد عرفت محكمة النقض الفلسطينية في الدعوى الحقوقية رقم‬
‫(‪( )2019/1472‬العيب الخفي) على أنه‪« :‬العيوب الخفية التي ال تعرف بشاهد ظاهر‬
‫املبيع وال يكتشفها إال الخبراء بعد الفحص»(‪.)1‬‬
‫باإلضافة إلى أنه قد قضت محكمة النقض الفلسطينية في الدعوى الحقوقية رقم‬
‫(‪ )2019/402‬على أنه‪« :‬والخفي هو الذي ال يعرف بمشاهدة ظاهرة املبيع والذي ال‬
‫يتبينه الشخص العادي او ال يكتشفه غير خبير»(‪.)2‬‬
‫ويعرف من قبل الفقه على أنه‪« :‬علة عارضة متعذر كشفها لدى أواسط الناس‬
‫ً‬
‫يخلو أمثال املبيع منها‪ ،‬تنقص من قيمته أو نفعه أو قانونا عما هو ظاهر من طبيعته‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الغرض الذي أعد له‪ ،‬أو يفوت غرضا صحيحا»(‪.)3‬‬
‫ويتضح من خالل التعاريف السابقة أن األثر الذي يسببه العيب الخفي هو إلحاق‬
‫الضرر بالسلعة والتأثير على قيمتها السوقية دون علم املستهلك عند شرائه املنتج بهذا‬
‫العيب‪ ،‬وينتج عن ذلك وقوع الضمان على صاحب املنتج بتعويض املستهلك عن الضرر‬

‫(‪ )1‬محكمة النقض الفلسطينية‪ ،‬الدعوى الحقوقية‪ ،‬رقم (‪ ،)2019/1472‬تاريخ الفصل (‪2022/5/9‬م)‪،‬‬
‫قسطاس‪.‬‬
‫(‪ )2‬محكمة النقض الفلسطينية‪ ،‬الدعوى الحقوقية‪ ،‬رقم (‪ ،)2019/402‬تاريخ الفصل (‪،)2021/6/13‬‬
‫قسطاس‪.‬‬
‫(‪ )3‬وضاح‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬نظرة حديثة إلى التزام البائع بضمان العيوب الخفية‪ ،‬املركز العربي للنشر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫املركز العربي للنشر‪ ،‬مصر‪2019 ،‬م‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪55‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الحاصل من املنتج املعيب(‪.)1‬‬


‫وحتى يرتب العيب الضمان ويحق للمشتري املطالبة بالتعويض عن ذلك العيب‬
‫ً‬
‫الخفي‪ ،‬فأن هناك شروط محددة يجب توافرها‪ ،‬منها‪ :‬أن يكون العيب خفيا‪ ،‬وأن يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العيب مؤثرا‪ ،‬وأن يكون العيب قديما وأال يكون البائع أشترط البراءة من العيب‪.‬‬
‫إن الحديث عن مدى إمكانية تطبيق مفهوم العيب الوارد في املنتجات على أنظمة‬
‫الذكاء االصطناعي مع األخذ بعين االعتبار بأن تلك األنظمة ال يشترط في ذلك أن يحدث‬
‫بها عيب في التصنيع‪ ،‬بمعنى أن هذه األنظمة قد توفر األمان‪ ،‬ورغم ذلك يتسبب تشغيلها‬
‫في إصابة الغير بالضرر أذا لم يتم األخذ باالعتبار للطريقة التي تعمل بها تلك األنظمة(‪.)2‬‬
‫لقد نصت املادة (‪ )20‬من قانون حماية املستهلك الفلسطيني رقم (‪ )21‬لسنة‬
‫‪« :)3(2005‬على كل مزود ضمان العيوب الخفية التي تنقص من قيمة السلعة أو الخدمة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نقصا محسوبا أو تجعلها غير صالحة لالستعمال فيما أعدت إليها وفقا لطبيعتها أو‬
‫ألحكام العقد»‪.‬‬
‫ً‬
‫نالحظ من خالل النص السابق أن املشرع قد ذهب إلى اعتبار املنتج معيبا الذي من‬
‫شأنه أن ينقص من قيمة السلعة أو الخدمة أو جعل تلك السلعة غير صالحة‬
‫لالستخدام الذي أعدت من أجله‪ ،‬مثل‪« :‬الدواء غير صالح لالستعمال بسبب فوات‬
‫الوقت على استعماله»‪ ،‬كما أن النص جاء بشكل مطلق بحيث أنه تناول مصطلح «غير‬
‫صالحة لالستعمال فيما أعدت إليها»‪ ،‬فهذا من شأنه أن يشمل الذكاء االصطناعي فقد‬
‫يكون الذكاء صمم للقيام بالعمليات الجراحية إال أن العيب الحاصل به أدى إلى عدم‬
‫القيام بوظائفه املطلوبة‪ ،‬كما أنه يخلق التز ًاما على املنتج أو املوزع لتجنب عيوب‬

‫(‪ )1‬فارس‪ ،‬الجبوري‪ ،‬العيب الخفي في ضوء قوانين حماية املستهلك‪ ،‬دروب املعرفة للنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪2022 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.19‬‬
‫(‪ )2‬فتح الباب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،100‬ص‪.87‬‬
‫(‪ )3‬قانون حماية املستهلك الفلسطيني‪ ،‬رقم (‪ ،)21‬لسنة ‪ ،2005‬منشور في مجلة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد‬
‫املجلة ‪ ،21‬بتاريخ ‪2005/11/1‬م‪ ،‬ص‪.37‬‬

‫‪56‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التصنيع أو اإلنتاج‪ ،‬ويشمل ذلك املنتجات العادية الغير خطرة أو املنتجات الضارة‬
‫بطبيعتها فتصبح منتجات ضارة أو خطرة بسبب النقص أو الخلل الذي وقع عليها مثل‪:‬‬
‫أنظمة الذكاء االصطناعي‪ ،‬و املنتجات الخطرة بطبيعتها فتصبح منتجات معيبة بسبب‬
‫النقص أو الخلل الذي قد أصابها مما يؤدي إلى عدم أداء املهام التي صنعت من أجلها(‪.)1‬‬
‫وبالرجوع إلى املادة (‪ )73‬فقرة ‪ 2‬من مشروع قانون التجارة الفلسطيني نجد بأنها‬
‫تحدثت عن الحاالت التي تتعلق باملنتج املعيب ومن ضمن هذه الحاالت‪« :‬أذا كان املنتج‬
‫عند صناعته أو تصميمه أو تركيبه لم يتم أتخاذ كافة اجراءات الحيطة والحذر التي‬
‫من شأنها أن تمنع وقوع الضرر‪ ،‬تناول النص سابق عدة مصطلحات من شأنها أن‬
‫تشمل الذكاء االصطناعي «تصميمه أو صنعه أو تركيبه أو إعداده‪ ،»..‬فالصناعة‬
‫والتركيب واإلعداد كلها قد تتضمن املنتجات الصناعية وعلى رأسها الذكاء االصطناعي‬
‫باعتباره أحد املنتجات الذكية الذي صمم ألداء املهام على أعلى مستوى من األبداع(‪،)2‬‬
‫نرى من خالل ذلك أن ما ذهبت إليه املادة (‪ )73‬من مشروع قانون التجارة الفلسطيني‬
‫تختص باملنتجات الخطرة‪ ،‬مما يؤدي إلى أمكانية تطبيق مفهوم العيب على أنظمة الذكاء‬
‫االصطناعي(‪.)3‬‬
‫عرفت املادة األولى من قانون حماية املستهلك املصري رقم (‪ )181‬لسنة ‪2018‬‬
‫العيب على أنه‪« :‬كل نقص في قيمة أو منفعة أي من املنتجات بحسب الغاية املقصودة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منها‪ ،‬ويؤدي بالضرورة إلى حرمان املستهلك كليا أو جزئيا من االستفادة بها فيما أعدت‬
‫من أجله‪ ،‬بما في ذلك النقص الذي ينتج من خطأ في مناولة السلعة أو تخزينها‪ ،‬وذلك كله‬

‫(‪ )1‬سالم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مسؤولية املنتج في القوانين املدنية واالتفاقيات الدولية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫(‪ )2‬املذكرة اإليضاحية ملشروع قانون التجارة الفلسطيني‪ ،‬لسنة ‪ ،2004‬ديوان الفتوى والتشريع‬
‫ً‬
‫الفلسطيني‪ ،‬ص‪ ،47‬نصت املادة(‪ )73‬فقرة ‪ 2‬على أنه‪« :‬يكون املنتج معيبا على وجه الخصوص إذا لم‬
‫تراع في تصميمه أو صنعه أو تركيبه أو إعداده لالستهالك أو حفظه أو تعبئته أو طريقة عرضه أو طريقة‬
‫استعماله الحيطة الكافية ملنع وقوع الضرر أو للتنبيه إلى احتمال وقوعه»‪.‬‬
‫(‪ )3‬العزاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،110‬ص‪.116‬‬

‫‪57‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ما لم يكن املستهلك قد تسبب في وقوع هذا النقص»(‪.)1‬‬


‫لكل ما سبق يتبين أن مصطلح العيب في التشريع الفلسطيني واملصري جاء بشكل‬
‫مطلق وليس مقيد‪ ،‬بحيث أن قانون حماية املستهلك الفلسطيني قد تناول في نص املادة‬
‫ً‬
‫(‪« :)20‬تجعلها غير صالحة لالستعمال فيما أعدت إليها وفقا لطبيعتها‪ ،»...‬وقانون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حماية املستهلك املصري تناول في نص املادة (‪« :)1‬حرمان املستهلك كليا أو جزئيا من‬
‫االستفادة بها فيما أعدت من أجله»‪ ،‬فمصطلح «أعدت من أجله» مصطلح واسع‬
‫بحيث أنه يستوعب كافة املنتجات سواء كانت منتجات غير خطرة‪ ،‬أو منتجات خطرة‬
‫مثل‪ :‬املنتجات الصناعية‪ ،‬ومن شان هذا األمر أن يقودنا إلى إمكانية تطبيق مفهوم‬
‫املنتجات املعيبة على أنظمة الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫تعتبر املسؤولية عن أضرار الذكاء االصطناعي في فرنسا قائمة على أساس فعل‬
‫ً‬
‫املنتجات املعيبة استنادا إلى ما ذهب إليه املعهد البرملاني الفرنس ي الصادر في تاريخ‬
‫‪2017/3/15‬م والذي تضمن أن املسؤولية عن أضرار الذكاء االصطناعي تقع على‬
‫املصمم أو املصنع حسب الضرر الذي يقع من قبل ذلك الذكاء(‪.)2‬‬
‫وفي عام (‪ )2018‬اقامت عائلة هوانغ (‪ )Huang‬الذي كان يعمل مهندس شركة أبل‬
‫دعوى قضائية امام محكمة كاليفورنيا العليا على شركة تيسال بعد أن توفي في حادث‬
‫سير‪ ،‬ناتج عن اصطدام سيارة من نوع (‪ )Tesla Model X‬بحاجز خرساني على الطريق‬
‫السريع‪ ،‬وتضمنت موضوع الدعوى القتل الخطأ كون أن نظام مساعد السائق اآللي هو‬
‫ً‬
‫الذي تسبب بوقوع الخطأ‪ ،‬بحيث أنه لم يقم بتحديد موقع الحاجز مسبقا‪ ،‬ولم‬
‫يستخدم نظام املكابح اآللي للسيارة للتوقف‪ ،‬إال أنه تم التوصل ما بين الشركة وعائلة‬

‫(‪ )1‬قانون حماية املستهلك املصري‪ ،‬رقم (‪ )181‬لسنة ‪2018‬م‪ ،‬عدد‪ ،37‬تاريخ اإلصدار‪2018/9/13( :‬م)‪،‬‬
‫ص‪.4‬‬
‫(‪ )2‬معمر بن طرية‪ ،‬قادة شهيدة‪ ،‬أضرار الروبوتات وتقنيات الذكاء االصطناعي‪ :‬تحد جديد لقانون‬
‫املسؤولية املدنية الحالي ملحات في بعض مستجدات القانون املقارن دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة كلية‬
‫القانون الكويتية العاملية‪ ،‬العدد ‪2018 ،22‬م‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪58‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫هوانغ إلى تعويضهم بناء على قواعد املسؤولية عن املنتجات املعيبة باعتبار أن الضرر‬
‫الحاصل من قبل األنظمة املساعدة اآللية ناتج عن خطأ في تصنيعها واألمر الذي يؤدي‬
‫إلى إلقاء عبئ التعويض على عاتق مصنعها(‪.)1‬‬
‫كذلك الحال في الدعوى الحاصلة ما بين شركة (‪ )VANTAGE POINT‬بصفتها‬
‫مدعى عليها و (‪ )WEISTER JASON‬بصفته املدعي في الواليات املتحدة األمريكية لسنة‬
‫‪ ،2022‬قامت الشركة بالترويج ملؤتمر يتعلق بالذكاء االصطناعي من خالل أرسال أعالن‬
‫إذاعي‪ ،‬أرسل املدعي رسالة نصية إلى املدعى عليها لتجربة اإلعالن األذاعي ملرة واحدة‪،‬‬
‫وبعد ذلك قرر ويستر عدم املشاركة في حضور املؤتمر الخاص بالذكاء االصطناعي‪ ،‬ولم‬
‫يقم في إدخال أية معلومات شخصية له على الصفحة األلكترونية لحضور ذلك املؤتمر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إال أنه حدث ما لم يكن متوقع بالنسبة إلى ويستر بحيث أنه تلقى ‪ 15‬بريدا صوتيا بال‬
‫رنين وبدون أذنه األمر الذي يؤدي إلى وقوع مسؤولية الشركة بموجب قانون حماية‬
‫املستهلك اإللكتروني‪ ،‬كما أنه «يحظر قانون االتصاالت الهاتفية لسنة ‪ 1999‬من اجراء‬
‫أية مكاملة باستخدام أي نظام اتصال هاتفي أو بالذكاء االصطناعي إلى أي رقم هاتف‬
‫باستثناء املكاملات التي خصصت لحاالت الطوارئ أو التي أجريت بمو افقة صريحة‬
‫مسبقة من الشخص املتصل» وقد أقام املدعي دعوى ضد الشركة بسبب أضرار‬
‫الذكاء االصطناعي على أساس املنتجات املعيبة(‪.)2‬‬
‫ومما سبق نجد انه يمكن تطبيق قواعد املسؤولية التقصيرية على أضرار الذكاء‬
‫االصطناعي بفعل املنتجات املعيبة حتى يحين إيجاد قواعد تستوعب تنظم تلك‬
‫التقنيات الذكية‪ ،‬ملا في ذلك من التخفيف على املضرور والتي تسهل عليه مقاضاة‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪Jimin Shaw, Tesla's Autopilot System Responsibility Under The California Injury Act,‬‬
‫‪Boston College of Intellectual Property And Technology Forum, 2017, P.17‬‬
‫‪(2) WEISTER v. VANTAGE POINT AI, LLC, Case No. 8:21-cv-1250-SDM-AEP, United States District‬‬
‫‪Court, M.D. Florida, Tampa Division, August 3, 2022‬‬
‫‪https://www.leagle.com/decision/infdco20220808910‬‬

‫‪59‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املصمم أو املصنع على األضرار التي لحقت به بسبب تلك األنظمة الذكية‪ ،‬فاملنتج ومن‬
‫ثم املصمم‪.‬‬
‫يرى الباحث‪ ،‬أن كل ما نص عليه املشرع الفلسطيني واملشرع املصري من شأنه أن‬
‫يعمل على حماية املضرور من املنتجات املعيبة‪ ،‬والتي قد تتسبب في إلحاق الضرر‬
‫باملستهلك‪ ،‬وكذلك األمر ينطبق ذلك على أنظمة الذكاء االصطناعي باعتبارها من ضمن‬
‫املنتجات والتي قد يكون بها عيب خفي من شأنها أن تعمل على الحاق الضرر باملستهلك‬
‫مما يسمح للمضرور مطالبة املنتج بالتعويضات التي تعرض لها بسبب الذكاء‬
‫االصطناعي على أساس قواعد املسؤولية التقصيرية بفعل املنتجات املعيبة‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع األول‬
‫الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي‬

‫يعتبر موضوع الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي موضوعا مهما يحتاج ملعرفة‬
‫على وجه كبير من الدقة‪ ،‬حيث أن التشريعات التي تتناول الذكاء االصطناعي وتقنياته‬
‫وآالته قليلة بشكل عام‪.‬‬
‫يمثل الذكاء االصطناعي تحد جديد في العديد من املستويات في القانون‪ ،‬خصوصا‬
‫من ناحية مدى إمكانية تطبيق القواعد القانونية املوجودة بجميع املسائل القانونية‬
‫املثارة عبر الذكاء االصطناعي‪ ،‬مثل‪ :‬امللكية الفكرية‪ ،‬ونظام املسؤولية العقدية أو‬
‫التقصيرية إلى جانب املسؤولية الجزائية‪ ،‬واملنافسة وحماية املعطيات الشخصية وغيرها‬
‫من املسائل التي عالجها القانون بكون اإلنسان وبحكمه فاعال فيها‪ ،‬فكيف سيكون األمر‬
‫لو كان محركها األساس ي هو الذكاء االصطناعي(‪.)1‬‬
‫دعا العديد من األشخاص الفاعلين في ميدان الذكاء االصطناعين‪ ،‬وحاولوا لفت‬
‫انتباه القانونيين إلى ضرورة استبعاد تطبيق القواعد التقليدية‪ ،‬والعمل على خلق قواعد‬
‫قانونية جديدة خاصة بالذكاء االصطناعي وذلك بحجة الطبيعة الخاصة التي تتميز بها‬
‫تكنولوجيا الذكاء االصطناعي‪ ،‬وقد بدأت بعض االستجابات والبوادر بالسير فعال ولكن‬
‫على خطى بطيئة متخوفة‪ ،‬ومثال علد ذلك‪ :‬قيام السعودية بمنح الجنسية السعودية‪،‬‬
‫للروبوت صوفيا سنة ‪2017‬م‪ ،‬وقيام البرملان األوروبي بإقرار قواعد مدنية خاصة‬
‫بالروبوتات في مجال املسؤولية‪ ،‬وأوص ى بضرورة منح شخصية قانونية خاصة بها وذلك‬
‫ً‬
‫بين مؤيد ومعارض‪ ،‬وأيضا طالبت مجموعة من مصممي الذكاء االصطناعي باالعتراف‬
‫بحقوق امللكية الفكرية للذكاء االصطناعي‪ ،‬باعتباره قد وصل لحد االبتكار واإلبداع(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،9‬ص‪.157‬‬


‫(‪ )2‬فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،9‬ص‪.157‬‬

‫‪61‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫ونظرا لحداثة ظهور الذكاء االصطناعي في حياة البشر‪ ،‬فلم تتطرق التشريعات التي‬
‫تناولت الذكاء االصطناعي إلى تحديد طبيعته‪ ،‬فأصبحت هذه املهمة للفقه القانوني‬
‫ً ً‬
‫الذي أثار نقاشا كبيرا حولها(‪.)1‬‬
‫فذهب رأي إلى أنه يتم تحديد الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي بناء على‬
‫الطبيعة القانونية لألموال‪ ،‬وذلك من حيث تقسيمها إلى‪ :‬عقارات ومنقوالت‪ ،‬فاستقر‬
‫رأيهم على اعتبارها من طبيعة خاصة(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وذهب رأي آخر إلى تحديد الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي استنادا إلى أحد‬
‫مجاالتها‪ ،‬وهو املجال العسكري الذي بدأ استخدام الذكاء االصطناعي منه‪ ،‬حيث أوجد‬
‫وصنعوا له الروبوت اآللة املقاتل‪ ،‬والطائرات املقاتلة دون طيار‪ ،‬وغيرها من تطبيقات‬
‫الذكاء االصطناعي في املجال العسكري(‪.)3‬‬
‫أيضا لقد ذهب اتجاه فقهي إلى قياس الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي على‬
‫ً‬
‫الطبيعة القانونية للسفن مع الفارق‪ ،‬فالفقه يعتبر السفينة منقوال لكنها تتمتع ببعض‬
‫ً‬
‫خصائص العقار‪ ،‬أي أنه مال من طبيعة خاصة‪ ،‬فالسفينة وفقا لهذا االتجاه ذات‬
‫طبيعة منقولة وعقارية في آن واحد‪ ،‬ومن ثم تتمتع ببعض خصائص األموال املنقولة‬
‫وبعض خصائص األموال العقارية(‪.)4‬‬
‫تخرج السفينة عن القواعد املقررة للمنقول وتقترب من أحكام العقار في مسائل‬
‫ً‬
‫معينة‪ ،‬ويجوز القيام برهنها رسميا مثل العقار‪ ،‬إال أن نقل ملكيتها ال يتم إال بمحرر‬
‫رسمي‪ ،‬وتتشابه إجراءات حجز السفينة مع إجراءات الحجز العقاري‪ ،‬وللدائن العادي‬

‫إطميزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،31‬صفحة ‪.10‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫دعاء حاتم‪ ،‬ولمى العزاوي‪ ،‬الذكاء االصطناعي واملسؤولية الجنائية الدولية‪ ،‬مجلة املفكر‪ ،‬كلية‬ ‫(‪)2‬‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد بسكرة‪ ،‬عدد ‪2006 ،18‬م‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫أحمد إبراهيم‪ ،‬املسؤولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي في التشريع اإلماراتي‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪2020 ،‬م‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫حاتم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،120‬ص ‪.28‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪62‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫حق تتبع على السفينة‪ ،‬على الرغم من أن هذا الحق غير مقرر سوى للدائنين املمتازين‬
‫أو املترهنين دون الدائنين العاديين‪ ،‬وقد أدى هذا التشابه بين السفينة والعقار إلى‬
‫اقتراح بعض الفقهاء تسمية السفينة بعقارات البحر(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وبناء على ما سبق فإن تكنولوجيا وتقنيات الذكاء االصطناعي تعد منقوال في أصلها‬
‫ألنها معدة لالنتقال من مكان آلخر بطبيعتها‪ ،‬مثل‪ :‬الروبوت أو الحاسوب أو اآلالت‪.‬إلخ‪،‬‬
‫فتلك التقنيات يستطيع اإلنسان نقلها من مكانها بسهولة حتى لو لم تكن وظيفتها قائمة‬
‫ً‬
‫على االنتقال أصال‪.‬‬
‫ورأي آخر قد تأخذ تكنولوجيا وتقنيات الذكاء االصطناعي صفة العقار إذا تم‬
‫ً‬
‫رصدها لخدمة عقار‪ ،‬فتصبح عقارا بالتخصيص‪ ،‬فتتمتع بصفات العقارات واملنقوالت‬
‫على حد سواء‪ ،‬أو تتمتع ببعض صفات العقار بنص القانون‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫جواز الرهن الرسمي بحقها‪ ،‬أو اشتراط التسجيل لنقل ملكيتها‪ ،‬وهذا الرأي يتفق مع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الرأي الفقهي الذي اعتبرها ماال ذو طبيعة خاصة قياسا على الطبيعة القانونية‬
‫للسفن(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫أما بالنسبة ملن حدد الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي استنادا إلى أحد‬
‫مجاالتها‪ ،‬وهو املجال العسكري فقد اعتبر هذا االتجاه بالذكاء االصطناعي باعتباره‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سالحا أي استخدامه بديال عن اإلنسان في املجال العسكري‪ ،‬فتطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي متعددة ومنها املجال العسكري واألمني‪ ،‬فقد بدأت بعض الدول املتقدمة‬
‫بتسخير تقنيات الذكاء االصطناعي وإدخالها في املجال العسكري وفي الحروب‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل الروبوت العسكري القاتل والطائرات املقاتلة بدون طيار أو ما تسمى بالدرونز(‪.)3‬‬
‫والسالح الفتاك كالسالح النووي وأسلحة الدمار الشامل فكل هذه التقنيات املذكورة‬
‫تجعله بطبيعته أنه سالح‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمود الشرقاوي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪1978 ،‬م‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )2‬إطميزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،31‬ص‪.14‬‬
‫(‪ )3‬إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،121‬ص ‪.69‬‬

‫‪63‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫بشكل عام إن الذكاء االصطناعي بكافة مسمياته سواء كان كيان‪ ،‬تقنية‪ ،‬نظام أو‬
‫أنظمة‪ ،‬الروبوت اآللة‪ ،‬اإلنسان اآللي(‪ .)1‬أو أي مسمى له إذا اعتبرنا هذا التطبيق (الذكاء‬
‫االصطناعي) أنه عبارة عن ش يء بالتالي معناه أنه سوف ينطبق عليه الطبيعة القانونية‬
‫لألشياء سواء كان ماديا أو معنويا‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويثير االستقالل الذاتي للروبوت الذي يمكنه من اتخاذ قرارات بشكل مستقل‬
‫ً‬
‫مسألة الشخصية القانونية لهذا الروبوت‪ ،‬بحيث يثار تساؤال حول ماهية هذه‬
‫الشخصية‪ ،‬أهي شخصية طبيعية أم هو من قبيل األشياء‪ ،‬أم هي شخصية من نوع‬
‫خاص‪ ،‬وهل يمكنها أن تتحمل الحقوق وتؤدي االلتزامات؟(‪.)2‬‬
‫الروبوت بشكل عام لو أخذناه كنموذج هو ال يعتبر بأي حال من األحوال أنه عبارة‬
‫عن انسان وهو ليس بشخص إطالقا وال تحتاج األمور ألي توضيح في ذلك فهل يعتبر‬
‫بش يء؟! هل يفكر؟ هل يستنبط؟ هل يتعلم من تجاربه السابقة؟ هل يتخذ قرارات‬
‫بنفسه وبذاته بمنأى عمن قام ببرمجته أو صنعه أو إنشائه أو استخدامه؟ الجواب‪:‬‬
‫ً‬
‫نعم‪ .‬اذا هذا ليس عبارة عن ش يء!!ولو قلنا انه عبارة عن ش ٍيء لكنا طبقنا عليه نظرية‬
‫الحراسة بمعنى مسؤولية التابع عن أعمال تابعه ومسؤولية الغير مثال‪ .‬لكن في الحقيقة‬
‫ً‬
‫هو ليس بش يء اذا فهو عبارة عن شخصية فريدة يترتب عليها انشاء شخصية جديدة‬
‫وهي الشخص االلكترونية‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلنسان اآللي أو الروبوت‪ :‬هو كل عامل اصطناعي نشيط يكون محيطه العالم الطبيعي‪ ،‬جهاز ميكانيكي‬
‫مبرمج للعمل مستقال عن السيطرة البشرية‪ ،‬ومصمم ألداء األعمال وإنجاز املهارات الحركية واللفظية‬
‫التي يقوم بها اإلنسان‪ ،‬فضال عن استخداماته األخرى املتعددة باملفاعالت النووية‪ ،‬وتمديد السالح‪،‬‬
‫وإصالح التمديدات السلكية التحت أرضية‪ ،‬واكتشاف األلغام‪ ،‬وصناعة السيارات وغيرها من املجاالت‬
‫الدقيقة‪ ،‬وللروبوتات عدة أنواع‪ ،‬منها‪ :‬الروبوتات التشغيلية‪ ،‬والروبوتات الصناعية‪ ،‬والروبوتات‬
‫التعليمية‪ ،‬والروبوتات الطبية‪ ،‬والروبوتات املنزلية‪ ،‬والروبوتات املستخدمة في ميدان العدالة والشرطة‪،‬‬
‫والروبوتات العسكرية وغيرها‪.‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،121‬ص ‪.74‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪64‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫«لقد فرق القانون بين األشخاص واالشياء‪ ،‬فالش يء أكثر التصاقا وأشد ارتباطا‬
‫بالحق العيني منه بالحق الشخص ي‪ ،‬فالحق العيني سلطة قانونية مباشرة على الش يء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫محل الحق ومن ثم يتصل صاحب الحق بالش يء اتصاال مباشرا دون وسيط‪ ،‬فالش يء هو‬
‫ً‬
‫كل ما يصلح أن يكون محال للحقوق املالية(‪.)1‬‬
‫عرفت املادة (‪ )81‬فقرة ‪ 1‬من القانون املدني املصري(‪ .)2‬الش يء على أنه‪« :‬كل ش يء‬
‫يمكن غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محال للحقوق‬
‫‪.‬‬
‫املالية»‬
‫ُويعرف الش يء على أنه‪« :‬كل ش يء مادي غير حي وليس معنوي بحاجة إلى حراسة‬
‫خاصة‪ ،‬ويستثنى من ذلك األشياء املعنوية‪ ،‬والحيوان‪ ،‬والبناء‪ ،‬ملا أفرده املشرع من‬
‫قواعد خاصة للحيوان والبناء»(‪ ،)3‬فاألشياء تنقسم إلى عدة أقسام أهمها الثبات‬
‫واالستقرار‪ ،‬وتنقسم إلى‪ :‬عقارات‪ ،‬ومنقوالت‪ ،‬وعقارات بالتخصيص‪ ،‬ومنقوالت بحسب‬
‫ً‬
‫سواء كانت‬ ‫املآل‪ ،‬ويشترط للتعامل في هذه األشياء أن تكون صالحة للتعامل فيها‬
‫بطبيعتها أو بحكم القانون كما وضحت ذلك املادة (‪ )81‬فقرة ‪ 2‬من القانون املدني‬
‫املصري‪ ،‬أما «األشياء الخارجة عن التعامل بطبيعتها فال يستطيع أحد أن يتملكها‪،‬‬
‫ن ً‬
‫محال للحقوق‬ ‫كذلك األشياء الخارجة عن التعامل معها بنص القانون فال تصح أن تكو‬
‫املالية»(‪ ،)4‬فقد ذهب مشروع القانون املدني الفلسطيني إلى األخذ بما ذهب إليه املشرع‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪-‬حق امللكية‪ ،-‬الجزء ‪ ،8‬دار احياء التراث‬ ‫(‪)1‬‬
‫العربي‪ ،‬لبنان‪1952 ،‬م‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫القانون املدني املصري‪ ،‬رقم‪ ،131‬سنة‪1948‬م‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫قرار محكمة التمييز األردنية‪ ،‬الدعوى الحقوقية‪ ،‬هيئة خماسية‪ ،‬رقم ‪ ،2477‬لسنة ‪ ،2002‬تاريخ‬ ‫(‪)3‬‬
‫الفصل‪2007/4/12:‬م‪ ،‬أشار إليه دواس‪ ،‬أمين‪ ،‬في كتاب مجلة األحكام العدلية وقانون املخالفات‬
‫املدنية «‪ ،»2‬املعهد القضائي الفلسطيني‪ ،‬لسنة ‪ ،2012‬ص‪.281‬‬
‫القانون املدني املصري‪ ،‬رقم (‪ ،)131‬لسنة‪ 1948‬م‪ ،‬نصت املادة (‪ )81‬فقرة ‪« :2‬واألشياء التي تخرج عن‬ ‫(‪)4‬‬
‫التعامل بطبيعتها هي التي ال يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها‪ ،‬وأما الخارجة بحكم القانون فهي التي ال‬
‫يجيز القانون أن تكون محال للحقوق املالية»‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املصري(‪ ،)1‬واملشرع األردني(‪.)2‬‬


‫نصت املادة (‪ )291‬من القانون املدني األردني على أنه‪« :‬كل من كان تحت تصرفه‬
‫ً ُ‬
‫أشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها أو آالت ميكانيكية يكون ضامنا ملا تحدثه‬
‫هذه األشياء من ضرر إال ما ال يمكن التحرز منه‪ ،‬هذا مع عدم اإلخالل بما يرد في ذلك‬
‫من أحكام خاصة»(‪.)3‬‬
‫يتبين من النص القانوني السابق ّأن املشرع األردني اتجه إلى اعتبار الش يء هو كل‬
‫ش يء مادي غير حي‪ ،‬ولو أردنا تطبيق مفهوم الش يء على الذكاء االصطناعي لوجدنا أنه‬
‫يمكن تصنيفه من ضمن األشياء باعتبار ّأن الذكاء هو ش يء مادي غير حي‪.‬‬
‫يذهب البعض إلى اعتبار الذكاء االصطناعي من ضمن األشياء بحيث أنه يكون‬
‫لذلك الذكاء حارس خاص به‪ ،‬ويتم تحديد هذا الحارس من خالل أحد األشخاص‬
‫القائمين على صناعة ذلك الذكاء حتى يتم حراسة ذلك الذكاء(‪ ،)4‬ويذهب اتجاه آخر إلى‬
‫أنه ال يمكن تصنيفه ضمن مفهوم الش يء من عدة جوانب‪ :‬الجانب الشخص ي‪ :‬ألنه‬
‫يصعب تحديد حارس تلك التقنيات الذكية بسبب تدخل أشخاص عدة في صناعة تلك‬
‫األنظمة وتصميمها(‪ ،)5‬الجانب املوضوعي‪ :‬أنها تعتبر من قبيل األشياء غير املادية أي‬
‫املعنوية ألنها من ضمن العناصر الغير ملموسة كونها تقوم على خوارزمية عالية‬
‫الدقة(‪ ،)6‬الجانب الفعلي‪ :‬ألنه يصعب السيطرة على تلك األنظمة الذكية التي تقوم على‬

‫(‪ )1‬عبد القادر الفار‪ ،‬املدخل لدراسة العلوم القانونية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪/‬األردن‪،‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫(‪ )2‬القانون املدني األردني‪ ،‬رقم (‪ ،)43‬لسنة ‪ ،1976‬نص املادة (‪ ،)55‬تاريخ النفاذ (‪1977/1/1‬م)‬
‫(‪ )3‬القانون املدني األردني‪ ،‬رقم (‪ ،)43‬لسنة ‪ ،1976‬تاريخ النفاذ (‪1977/1/1‬م)‬
‫(‪ )4‬أحمد عثمان‪ ،‬انعكاسات الذكاء االصطناعي على القانون املدني دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة البحوث‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،76‬جامعة املنصورة‪ ،‬كلية الحقوق‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.1585‬‬
‫(‪ )5‬طرية‪ ،‬شهيدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،114‬ص‪.129‬‬
‫(‪ )6‬طرية‪ ،‬شهيدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،114‬ص‪.129‬‬

‫‪66‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫اتخاذ القرارات من تلقاء نفسها بعد االنتهاء من صناعتها(‪.)1‬‬


‫وبناء على ما سبق يتبين أن مفهوم الجمود ال ينطبق على الذكاء االصطناعي‪ ،‬حيث‬
‫ّأن مفهوم الجمود يعني عدم القدرة على الحركة‪ ،‬إال أن الذكاء االصطناعي يبني عمله‬
‫على طبيعة الحركة‪ ،‬وهذا االمر ُيخرجه من أطار الجمود‪ ،‬أما فيما يتعلق بالش يء فأذا‬
‫أردنا وصف الش يء على الذكاء االصطناعي فهو معرض اختالف‪ ،‬من جهة فال يمكن ذلك‬
‫ألن الذكاء االصطناعي قائم على التحليل والتفكير بشكل مستقل عن اإلنسان‪ ،‬ومن‬
‫ألن الش يء هو كل ش يء يدخل‬ ‫جهة أخرى يمكن وصف الش يء على الذكاء االصطناعي ّ‬
‫ضمن املاديات وليس املعنويات‪ ،‬ويكون هذا الش يء غير حي(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬عثمان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬هامش ‪ ،135‬ص‪.1585‬‬


‫(‪ )2‬الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،‬ص‪.130-128‬‬

‫‪67‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع الثاني‬
‫الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي‬

‫تتضمن فكرة الشخصية القانونية وضع الكيان كشخص أمام القانون‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى االعتراف ببعض الحقوق وااللتزامات بموجب القانون‪.‬‬
‫ً‬
‫تقليديا‪ ،‬أشخاص القانون نوعان هما الشخص الطبيعي‪ ،‬والشخص االعتباري‬
‫حيث ال يعترف القانون إال بوجود هذان النوعين من األشخاص القانونيين‪ ،‬وقد منح‬
‫كال من النوعين مركز قانوني يتماش ى مع خصوصيته وطبيعته‪ ،‬فالنوع األول‬ ‫ن ً‬
‫القانو‬
‫يكون مادي ملموس املتمثل باإلنسان بوجوده املادي الحقيقي املفترض‪ ،‬والثاني‬
‫الشخص املعنوي غير املحسوس الذي يفترض القانون وجوده ألغراض معينة مثل‬
‫الكيانات القانونية كالهيئات العامة‪ ،‬الوزارات‪ ،‬شركات‪ ،‬جمعيات‪ ،‬مؤسسات‪ ،‬وغيرها(‪.)1‬‬
‫ولربما بعض تقنيات الذكاء االصطناعي لها وجود مادي محسوس‪ ،‬إال أنه مختلف‬
‫ً‬
‫بفارق كبير جدا مع الوجود املادي الحس ي لإلنسان‪ ،‬ولو أردنا وصف شخصيته أو منحه‬
‫أي مركز قانوني فإن ذلك من املستحيالت حتى لو كان مادي ملموس إال أنه بال روح أو‬
‫لحم أو دم حتى‪ ،‬وال حتى يمكننا اعتباره بكائن اعتباري أو افتراض ي حتى لو نراه أو نشعر‬
‫به كمن حولنا‪.‬‬
‫إن الشخص الطبيعي هو اإلنسان‪ ،‬وهذا هو األصل في الشخصية القانونية‪،‬‬
‫ً‬
‫وهناك أيضا شخص معنوي وهو عبارة عن طائفة مجتمعة من الناس أو مجموعة من‬
‫األموال‪ ،‬ويترتب على وجود الشخصية القانونية العديد من اآلثار‪ ،‬مثل‪ :‬الحق في االسم‪،‬‬
‫والحق في امللكية‪ ،‬والحق في النسب‪ ،‬والحق في املوطن والجنسية(‪.)2‬‬
‫ويمكن تعريف الشخص في املفهوم القانوني هو كل كائن تثبت له صالحية اكتساب‬

‫(‪ )1‬الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،21‬بدون رقم صفحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬علم أصول القانون‪ ،‬مطبعة فتح هللا نوري‪ ،‬مصر‪1936 ،‬م‪ ،‬ص ‪.190- 181‬‬

‫‪68‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الحقوق وتحمل الواجبات‪ ،‬وينصرف مدلول مصطلح الشخص ابتداء إلى اإلنسان وهو‬
‫الشخص الطبيعي‪ ،‬وقد ينصرف إلى مجموعة من األشخاص أو األموال التي تتوافر لها‬
‫الشخصية القانونية‪ ،‬وهو ما يسمى بالشخص االعتباري‪ ،‬مثل‪ :‬الدولة‪ ،‬والشركة‬
‫والجمعية(‪.)1‬‬
‫وبالتالي نالحظ أنه وال يمكن إضفاء الشخصية القانونية على الذكاء االصطناعي‬
‫وتقنياته‪ ،‬ألنها مع قدرتها الكبيرة واملتطورة لم تصل بعد إلى درجة من التطور الذي يجعل‬
‫ً‬
‫تحديد أعمالها على وجه الدقة ممكنا‪ ،‬حتى يتم أو يمكن أن نحملها املسؤولية القانونية‬
‫عن أفعالها بمعزل عن مصنعها‪ ،‬ومبرمجها ومستخدمها‪ ،‬إضافة إلى أن هذه التكنولوجيا‬
‫ً‬
‫تفتقد إلى اإلدراك الذي يتمتع به اإلنسان املسؤول قانونيا‪ ،‬وتفتقد كذلك إلى اإلرادة‬
‫الحرة التي هي مناط املسؤولية الجنائية(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫تقوم فلسفة القانون على ارتباط فكرة استحقاق الحق ونسبته أوال‪ ،‬وحماية الحق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ ،‬واملسؤولية عنه ثالثا‪ ،‬بفكرة الشخصية القانونية التي ال تزال والتي ال تزال بالنسبة‬
‫ً‬
‫للبعض حكرا على اإلنسان دون سواه‪ ،‬باعتباره الكائن الوحيد الذي يمتلك الوعي ملا‬
‫يقوم به من أعمال ومهام(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫إن منح الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي يتأثر أيضا باالقتناع البشري بأن‬
‫هذا من شأنه أن يزيد من خطر فقدان السيطرة و انتفاضة الروبوتات‪ ،‬بحيث يخاف‬
‫ً‬
‫اإلنسان كما هو الحال دائما من خروج التكنولوجيا عن السيطرة وهو مقتنع بتفوقه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبالتالي يريد دائما أن يظل مسيطرا‪ ،‬وفي هذا السياق‪ ،‬تتم مناقشة الحاجة إلى شخصية‬
‫اعتبارية معينة في إطار قانوني مستقبلي‪ ،‬مع األخذ في االعتبار املسؤولية املدنية وحتى‬
‫املسؤولية الجنائية ألنها تخضع ً‬
‫أيضا العتبارات البرملان األوروبي‪ ،‬مما يؤدي في النهاية إلى‬

‫(‪ )1‬أنور سلطان‪ ،‬املبادئ القانونية العامة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪2005 ،‬م‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫(‪ )2‬الدحيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،48‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )3‬الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،21‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫مقترحات في القانون األوروبي(‪.)1‬‬


‫ال مجال للشك في أن فكرة الذكاء االصطناعي الذي يقترن فيه عمل هذه اآلالت‪ ،‬ال‬
‫سيما اآلالت ذات التعلم العميق والذاتي‪ ،‬هو ما دفع املشرع األوروبي ملنحها هذه‬
‫ً‬
‫الخصوصية ال لحمايتها في ذاتها فقط‪ ،‬ولكن أيضا لحماية املجتمع من االستخدام غير‬
‫العقالني أو غير القانوني لآلالت‪ ،‬كونها لها وجود مادي ملموس ووجود عقلي موجه ال‬
‫يمكن تجاهله(‪.)2‬‬
‫وبالتالي هي ليست مجرد آلة شيئية فحسب‪ ،‬وإنما آالت ذكية لديها مهارات عديدة‬
‫وقدرة هائلة على التفاعل مع محيطها واتخاذ القرارات‪ ،‬واألهم من ذلك أن امتالكها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ملوهبة التعلم‪ ،‬ما يجعل منها كائنا شيئيا فريدا‪ ،‬يحتاج إلى شخصية قانونية متميزة تمكن‬
‫من تحديد طبيعة املسؤولية الناجمة عنها ال املسؤولية املترتبة عليها‪ ،‬ولعل هذا التحليل‬
‫كان وراء املوقف الذي تبناه املجلس االقتصادي واالجتماعي األوروبي حول منح‬
‫ً‬
‫الشخصية القانونية املستقلة للروبوت مفضال استخدام مصطلح الشخص املنقاد على‬
‫مصطلح الشخصية القانونية والذي رأى فيه وسيلة عقالنية تساعد على تأمين تطور‬
‫منطقي ومتدرج لهذه اآلالت ال يخرج عن هذه املحددات بكونها محكومة حصرا في اإلرادة‬
‫اإلنسانية ومنقادة وفق توجيهات هذه اإلرادة(‪.)3‬‬
‫إن الشخصية القانونية وتجلب معها الحقوق والتزامات‪ ،‬وهو أمر غير ممكن مع‬
‫الذكاء االصطناعي؛ ألنه غير قادر على تحمل هذه الحقوق وااللتزامات‪ ،‬وفي عام ‪2017‬م‬
‫ً‬
‫اتخذ البرملان األوروبي قرارا وشمل هذا القرار عدم منح الشخصية القانونية للذكاء‬
‫االصطناعي ألنه غير مناسب من منطق أخالقي‪ ،‬وقانوني‪.‬‬
‫وألن الذكاء االصطناعي يعمل على نظام آلي قائم على ذكاء متقدم‪ ،‬مما يجعل‬

‫‪(1) Marcelo Corrales, Mark Fenwick ,previous reference, footnote 36, p 15.‬‬
‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ )3‬البلغيتي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.35-34‬‬

‫‪70‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫التعامل معه أكثر صعوبة‪ ،‬وفي عام ‪2020‬م نشر البرملان األوربي تقريرا تضمن أن كل‬
‫ش يء يتعلق بالذكاء االصطناعي محمي بموجب حقوق النشر‪ ،‬وبالتالي ال يمكن اعتبار‬
‫الذكاء االصطناعي ذات اعتبار شخص ي والقانوني(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وإن كان منح الروبوت الشخصية القانونية في الوقت الراهن يراها البعض شكال‬
‫ً‬
‫من أشكال الترف القانوني غير املبرر معتبرا أن القواعد القانونية املنظمة لألشياء كفيلة‬
‫بالتعامل القانوني الصحيح معها‪ ،‬فإن الجدل القانوني القائم اآلن في األوساط القانونية‬
‫الغربية قد أثير في وقت سابق حول منح الشخصية القانونية للشخص االعتباري‪ ،‬ليجد‬
‫املشرع نفسه بعد حين أمام واقع ال مفر منه تمثل في نقص قانوني و فراغ تشريعي في‬
‫مسائل القانونية عديدة دفعت به إلى تبني هذه الشخصية القانونية‪ ،‬والتأكيد بأن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشخصية القانونية هي إقرار قانوني وليس ابتكارا قانونيا‪ ،‬وهو ما حدث بالنسبة ملنح‬
‫ً‬
‫بعض من الصفات الشخصية القانونية للحيوان في التشريعات الغربية في وقت الحقا‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق نرى أنه ال يمكننا االعتراف بالشخصية القانونية للذكاء‬
‫االصطناعي وذلك‪ ،‬لعدم وجود وتوافر أي عنصر من عناصر الشخصية القانونية فيه‬
‫سواء اإلدراك أو التمييز‪ ،‬فهو على كل األحوال تقنية أو آلة مصطنعة أو جهاز مبتكر‪،‬أو‬
‫نماذج وعلى فرض احتمال انتاج تقنيات تعمل بشكل مستقل مستقبال فإن هذا اإلنتاج‬
‫مصنع ومبرمج يقوم بصناعته وبرمجته كي يعمل‬ ‫ّ‬ ‫واالستقاللية تعتمد بداية على‬
‫ً‬
‫باستقالل‪ ،‬وهو ما يجعل إمكانية االعتراف له بالشخصية القانونية مستحيال‪.‬‬
‫واستثناء على ما تم ذكره يمكن منح الذكاء االصطناعي شخصية قانونية استثنائية‬
‫ً‬
‫كتلك التي تمنح لألشخاص االعتبارية‪ ،‬وذلك تماشيا مع ضبط الحالة القانونية الناتجة‬
‫عن أفعاله وتصرفاته‪.‬‬

‫(‪ )1‬عائشة‪ ،‬شقفة‪ ،‬الحماية القانونية للمصنفات الناشئة عن برامج الذكاء االصطناعي‪ ،‬رسالة مقدمة‬
‫لنيل درجة املاجستير‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬قسم القانون الخاص‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪2021 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.76‬‬

‫‪71‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫هناك بعض اآلراء التي تعتبر الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي قائمة ال يمكن‬
‫نفيها عنه مطلقا‪ ،‬وسيأتي في املستقبل القريب البحث عن إقرارها‪ ،‬وما هي إال رؤية‬
‫استشرافية وبالرغم من عدم وجود إطار قانوني ينص على إمكانية منح الشخصية‬
‫القانونية للكائن الذكي من عدمه‪ ،‬فإن التوجه األوروبي الحالي هو الوحيد الذي نص على‬
‫منح الشخصية للكائن الذكي ولم يكن عندهم أي مانع في ذلك(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وقد أشار القانون املدني األوروبي للروبوتات بإمكانية االعتراف مستقبال للروبوت‬
‫بشخصية مستقلة‪ ،‬وذلك في الحاالت التي يصل فيها إلى القدرة على اتخاذ قرارات بشكل‬
‫مستقل عن مستخدمه‪ ،‬وهذا يعني أن الروبوت يمكنه أن يتمتع بالشخصية القانونية‬
‫ً‬
‫املستقلة مستقبال‪ ،‬وذلك إذا ظهرت أجيال جديدة منه قادرة على التفكير والتعلم‬
‫واتخاذ قرار بشكل مستقل عن اإلنسان ودون تدخل منه(‪.)2‬‬
‫وعلى سبيل املثال فيما يخص الكائن الجديد (الروبوت) لم تتحدد أطره القانونية‬
‫بعد‪ ،‬حيث أنه جمع بين ذكاء اإلنسان وقدرة اآللة‪« ،‬فاملنظومة القانونية لم تنظم هذه‬
‫الحاالت‪ ،‬ومازال القانون في معظم البلدان لم يحدد نظامها في املنظومة القانونية خاصة‬
‫ً‬
‫إذا كانت مصدرا للضرر‪ ،‬وذلك باقتراح إيجاد لها شخصية قانونية وميكانيزم للمسؤولية‬
‫التضامنية بدون خطأ وغيرها من االقتراحات»(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫يوص ي املشرع األوروبي أيضا بمجموعة من الضوابط القانونية املحددة ملنح‬
‫الروبوت الشخصية القانونية في املستقبل‪ ،‬وهناك تأكيد على أن يكون لكل آلة شخصية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إلكترونية تحمل تسلسال رقميا يتضمن االسم‪ ،‬واللقب‪ ،‬والرقم التعريفي وباإلضافة إلى‬
‫وجود علبة سرية تسمى العلبة السوداء‪ ،‬حيث تتضمن هذه العلبة كامل املعلومات‬

‫(‪ )1‬الهدام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،22‬ص ‪.87‬‬


‫(‪ )2‬الكرار جهلول‪ ،‬وحسام عودة‪ ،‬املسؤولية املدنية عن األضرار التي يسببها الروبوت‪ ،‬مجلة الطريق‬
‫التعليمية واالجتماعية‪ ،‬عدد ‪ ،6‬ص ‪.744‬‬
‫(‪ )3‬فطيمة نساخ‪ ،‬الشخصية القانونية للكائن الجديد‪ :‬الشخص االفتراض ي الروبوت‪ ،‬مجلة األستاذ‬
‫الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬مجلد ‪ ،5‬عدد‪ ،2020 ،1‬ص ‪.213‬‬

‫‪72‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املتعلقة باإلنسان اآللي‪ ،‬وشهادة التأمين التي تغطي أي ضرر يلحقه‪ ،‬وخالصة وصفوة‬
‫القول إن أنصار هذا االتجاه يرون ضرورة اعتماد شخصية قانونية للروبوت‪ ،‬وأنه‬
‫أصبح أمر حتمي بسبب حرية صنع القرار في الروبوتات املزودة بأنظمة الذكاء‬
‫االصطناعي(‪.)1‬‬
‫وفي الحقيقة تزداد املطالبات اليوم باالعتراف بالشخصية القانونية للذكاء‬
‫االصطناعي ويتم اسناد هذه املطالبات إلى حجة أن الذكاء االصطناعي بات يتسم‬
‫بالتحكم الذاتي واالستقاللية في املخرجات بدون أي تدخل بشري‪ ،‬وهناك حجة ثانية أنه‬
‫ومع التطور السريع والواسع لتقنيات الذكاء االصطناعي اقتض ى أن يحدد وضعه‬
‫ً‬
‫القانوني وإن كان على املدى الطويل‪ ،‬وأيضا قد أكد البرملان األوروبي ضرورة منح‬
‫الروبوتات املستقلة مركز األشخاص اإللكترونيين املسؤولين عن إحداث أي ضرر قد‬
‫يتسببون به‪ ،‬وربما تطبيق هذه الشخصية االلكترونية على الروبوتات التي تتخذ قرارات‬
‫مستقلة أو التي تتفاعل مع أطراف ثالثة بشكل مستقل(‪.)2‬‬
‫ومن التوصيات األخرى التي اصدرها البرملان األوروبي في عام ‪2017‬م‪ ،‬والتي تتعلق‬
‫بقواعد القانون املدني بشأن الروبوتات‪ ،‬والتي قد جاء من بينها‪ :‬التوصية بمنح الروبوت‬
‫الشخصية اإللكترونية‪ ،‬وذلك على اعتباره أحد تطبيقات أنظمة الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫وإنشاء وضع قانوني محدد له على املدى الطويل حتى يمكن اثبات أن الروبوتات املستقلة‬
‫ً‬
‫األكثر تعقيدا على األقل لها وضع األشخاص اإللكترونية واملسؤولين عن إحداث أي‬
‫ضرر قد يتسببون فيه‪ ،‬كما أن التوجه القانوني للدول األوروبية عامة يدرك أن هناك‬
‫اتجاه عام إلعادة النظر في القواعد القانونية لآلالت التي تعتمد على الذكاء االصطناعي‬
‫بتمييزها عن مفهوم الش يء امللتصق بها منذ عقد طويل من الزمن‪ ،‬من خالل منحها‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.37‬‬


‫(‪ )2‬نهاية العبيدي‪ ،‬مصنفات الذكاء االصطناعي وإمكانية الحماية بقانون حق املؤلف‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫تكريت للحقوق‪ ،‬مجلد‪ ،5‬عدد‪ ،4‬الجزء ‪ ،2‬مركز القانون الدولي للتنمية املستدامة‪ ،‬مونتريال‪ ،‬كندا‪،‬‬
‫‪2021‬م‪ ،‬ص ‪.236‬‬

‫‪73‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫مركزا قانونيا مختلفا عن مفهوم الش يء في القانون ربما تمهيدا واستشرافا من املشرعين‬
‫في هذه الدول ملا هو آت في األيام القادمة(‪.)1‬‬
‫وعلى الرغم من اآلراء السابقة التي تدعم وتشجع فكرة منح الشخصية االلكترونية‬
‫ً‬
‫للذكاء االصطناعي وتقنياته والروبوتات مثال‪ ،‬إال أنه هناك اتجاه معارض لهذه الفكرة‪،‬‬
‫يعتبر معظم رجال القانون أن األنظمة اآللية الحالية ليست ذكية بالقدر الكافي لكي‬
‫تستحق منحها الشخصية القانونية‪ ،‬فلم يتطور الذكاء االصطناعي إلى درجة البرمجة‬
‫للوضع املوجود عليه البشر‪ ،‬باإلضافة إلى الوضع الحالي للتشريعات الوضعية عاجزة‬
‫عن قبول أو االعتراف بالروبوت كشخص إلكتروني(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وأيضا يذهب االتجاه املعارض إلى وجود شخصية قانونية للروبوتات إل وجود‬
‫التشكيك في التمييز الثابت بين الناس واألشياء‪ ،‬هذا التمييز الذي يعتبر أساس الحضارة‬
‫واإلنسانية‪ ،‬كما أن الخلط بين الناس واألشياء مم املمكن أن يؤدي إلى قتل الجنس‬
‫البشري وإبادته‪ ،‬مما يعني اختفاء اإلنسان ملصلحة الروبوت‪ ،‬وزوال أو اندثار العلوم‬
‫اإلنسانية مثل الطب أو القانون أو الفنون‪ .‬كما أن أنصار االتجاه الرافض ملنح الروبوت‬
‫الشخصية القانونية يرون أن القائلين بمنحها لديهم بشأنها رؤية خيالية تميزت بروايات‬
‫أو سينما الخيال العلمي في الوقت الذي حذر فيه العديد من الخبراء العاملين في مجال‬
‫الذكاء االصطناعي من خطر منح الروبوتات الشخصية القانونية في رسالة تم توجيهها‬
‫لالتحاد األوروبي في ‪ 14‬ابريل ‪2017‬م‪ ،‬بأن هذا الخطر ال يقتصر فقط على منح حقوق‬
‫وااللتزامات ألداة بسيطة ولكن يتمثل في طمس الحدود بين اإلنسان واآللة‪ ،‬وبالتالي فتح‬
‫الطريق إلى الخلط بين األحياء واألشياء الخاملة أو الجامدة أي بين اإلنسان‬
‫والالإنسان(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص‪.33‬‬


‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق هامش‪ ،68‬ص ‪.38‬‬
‫(‪ )3‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.38‬‬

‫‪74‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫يرى جانب من بعض الفقهاء أن الروبوت ال يوجد لديه إرادة حرة يمكن من خاللها‬
‫أن تؤدي إلى ارتكاب أفعال محظورة‪ ،‬وبالتالي ال يمكن أن يتم تحمله باملسؤولية عن‬
‫األضرار الناشئة عن تلك األفعال‪ ،‬وقد دعم هذا الفريق رأيه بأمثلة‪ :‬في حالة وقوع حادث‬
‫بسبب سيارة مستقلة‪ ،‬أو األضرار الناشئة عن سوء تصرف من الروبوتات الجراحية‪،‬‬
‫وفي نفس الوقت ذكرت اللجنة العاملية لألخالقيات املعرفة العلمية والتكنولوجية في‬
‫تقاريرها لعام ‪ 2017‬والصادر عن الروبوتات أنه سيكون من العبث وصفها كاألشخاص‬
‫ً‬
‫كون الروبوتات تفتقر إلى بعض الصفات األخرى املرتبطة عموما بالبشر مثل‪ ،‬اإلرادة‬
‫الحرة‪ ،‬والقصد‪ ،‬والوعي الذاتي‪ ،‬واإلحساس األخالقي والشعور بالهوية الشخصية(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ودعما ملا سبق فيرى جانب آخر من الفقه بأن الروبوتات ال تملك إرادة حرة مماثلة‬
‫إلرادة اإلنسان حتى ولو كانت قادرة على التفكير فإنها ستظل مشروطة بالخوارزميات‬
‫التي تمت برمجتها بها‪ ،‬كما أن هناك بعض املعايير املطبقة على البشر ال يمكن تطبيقها‬
‫على الروبوت مثل‪ :‬املشاعر واألحاسيس التي ال يمكن برمجتها عليها واألهم من دلك أن‬
‫الروبوتات هي في األساس خوارزميات تم وضع معايير لها ال تستطيع الهروب منها‪ ،‬وبتالي‬
‫فإن غياب اإلرادة الحرة لها يعيق تأهيلها ملنحها الشخصية القانونية‪ ،‬لذلك يجب البحث‬
‫عن بديل آخر كأساس للمسؤولية التقصيرية للروبوتات الذكية للغاية(‪.)2‬‬
‫كذلك ويرى جانب من الفقه املعارض لفكرة منح الشخصية القانونية لتقنيات‬
‫الذكاء االصطناعي أن االعتراف بالشخصية القانونية االعتبارية للروبوت يفتح الباب‬
‫بمصراعيه أمام املصنعين حتى يتخلصون من املسؤولية عن أفعال أجهزتهم‪ ،‬وعن‬
‫العيوب التي تتعلق ببيانات البرامج والتدريب‪ ،‬وعن الضرر الذي يمكن أن تسببه‬
‫للغير(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص‪.39‬‬


‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،68‬ص‪.39‬‬
‫(‪ )3‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،68‬ص‪.39‬‬

‫‪75‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً ً‬
‫خالصة القول؛ إن منح الشخصية القانونية للروبوتات الذكية يعتبر أمرا مهما ألنه‬
‫يحد من مسؤولية املالك‪ ،‬إال ان هذا الخيال القانوني ال يفي باملعايير التقليدية‬
‫للشخصية القانونية‪ ،‬وذلك للمبالغة في تقدير القدرات الفعلية للروبوتات‪ .‬فضال على‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫أن منح الشخصية القانونية للروبوتات مثل الشخص الطبيعي أمرا صعبا جدا ألن‬
‫الروبوت سيتمتع بحقوق اإلنسان مثل الحق في الكرامة واملواطنة‪ .‬وهذا األمر يتعارض‬
‫مع ميثاق الحقوق األساسية لالتحاد األوروبي واتفاقية حماية حقوق اإلنسان والحريات‬
‫األساسية ‪.‬كما أنه ال يمكن منحه الشخصية القانونية على غرار الشخص املعنوي‪،‬‬
‫وذلك ألن الشخص املعنوي يخضع لتوجيه األشخاص الذين يمثلونه‪ ،‬وهذا ال ينطبق‬
‫على الروبوتات الذكية‪ ،‬وبالتالي فإن االعتراف بالشخصية القانونية للذكاء االصطناعي‬
‫ككيان قانوني‪ ،‬سيؤدي إلى تخلص املنتجين والجهات املسؤولية األخرى من مسؤوليته(‪.)1‬‬
‫حينما نتحدث عن روبوت الذي يفكر‪ ،‬يستنبط‪ ،‬يتخذ القرارات بنفسه فيجب‬
‫عمل شخصية له (الشخص الذكي) وهي غير الشخصية الطبيعية (االنسان)‪ ،‬وغير‬
‫الشخصية االعتبارية (املعنوية) فمن الضروري انشاء شخصية جديدة لتطبيقات‬
‫وكيانات الذكاء االصطناعي وهي الشخصية االلكترونية لتطبيقات الذكاء االصطناعي‬
‫حتى تتحمل بعض الحقوق وااللتزامات كون هذه االلة أصبحت تتخذ قرارات ذاتيه‬
‫بنفسها فيجب أن يتم إعطائها‪ ،‬الجنسية‪ ،‬اسم‪ ،‬بعض الحقوق املالية‪ ،‬وفرض عليها‬
‫بعض االلتزامات ومن هنا نستطيع ترتيب وفرض عليها قواعد املسؤولية ومن هنا يتوجب‬
‫االعتراف بالشخصية االلكترونية للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫إال أن التوجه ملنح شخصية قانونية للذكاء االصطناعي حتى يتحمل بنفسه هو‬
‫ً‬
‫املسؤولية‪ ،‬فإن األمر يستوجب ذمة مالية خاصة به‪ ،‬فالبعض يقترح أن يكون تأمينا‬
‫ً‬
‫كاف باعتبار التأمين ذو قيمة محددة‪ ،‬ويكون بذات الوقت خدعة قانونية‬
‫عينيا فهو غير ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للبشر تسمح لهم بالتنصل من املسؤولية إذا كان الذكاء االصطناعي قادرا فعال على‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،68‬ص ‪.40-39‬‬

‫‪76‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫االختراع‪ ،‬واالبداع وبالتالي التفكير في منحه حق امللكية‪ ،‬وإن ما توصل إليه في حقيقة‬
‫ً‬
‫األمر هو مجموعة جهود بشرية منحته القدرة‪ ،‬وعليه فإن األمر يبقى مبهما ملن له الحق‬
‫ً‬
‫فعال في حقوق امللكية(‪.)1‬‬
‫ومن األمثلة على بعض الدول التي منحت الشخصية االلكترونية للذكاء االصطناعي‬
‫اململكة العربية السعودية‪ ،‬ففي عام ‪2017‬م تم منح (الروبوت صوفيا) الجنسية‬
‫السعودية‪ ،‬إال أنه تم انتقاده على نطاق واسع والسبب في ذلك هو أن معظم األكاديميين‬
‫متشككون و يتفقون على أن صوفيا ليس لديها معايير كافية ألي أخالقي أو قانوني‪ ،‬على‬
‫ً‬
‫الرغم من االنتقادات‪ ،‬وبالتالي فإن اململكة العربية السعودية هي أول دولة تمنح روبوتا‬
‫ً‬
‫يقوم على الذكاء االصطناعي شكال من أشكال الشخصية القانونية‪ ،‬كما قامت منطقة‬
‫شوبويا في طوكيو بتخصيص محل إقامة للذكاء االصطناعي‪ ،‬ومنحه الحقوق الكاملة‬
‫التي يتمتع بها الشخص الطبيعي(‪.)2‬‬
‫وكما ورد فيما سبق عند تناول تعريف الذكاء االصطناعي ّ‬
‫ومكوناته أنه عبارة عن‬
‫محاولة ملحاكاة الذكاء اإلنساني إلى درجة مقاربة‪ ،‬عن طريق برمجة اآللة أو الحاسوب‬
‫على نمط معين يجعلها قادرة على التعلم والبحث وتحليل البيانات وفق اآللية التي‬
‫يصنعها املصنع لهذه التقنية‪ّ ،‬‬
‫وتبين من لفظ اصطناعي أن هذا النوع من الذكاء ال يوجد‬
‫وحده وإنما هناك من يقوم بتصنيعه وبرمجته على نحو معين ليتمكن من تأدية‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫مبرمجا‪،‬‬
‫الوظائف التي هو معد لها‪ ،‬وهذا الشخص هو اإلنسان سواء أكان مصنعا أم ِ‬
‫ً‬
‫كما وأن تطبيقات الذكاء االصطناعي ال تعمل باستقالل ذاتي غالبا‪ ،‬فهناك من يتحكم‬

‫(‪ )1‬حمادي العطرة‪ ،‬نون الزاهر‪ ،‬تحديات الذكاء االصطناعي للقانون‪ ،‬مذكرة مقدمة الستكمال شهادة‬
‫املاستر أكاديمي حقوق‪ ،‬تخصص قانون أعمال‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬كلية العلوم الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪2021-2020 ،‬م‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫(‪ )2‬محمد خزيمية‪ ،‬املسؤولية املدنية عن أضرار الذكاء االصطناعي دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة قدمت‬
‫ً‬
‫استكماال ملتطلبات درجة املاجستير في القانون املدني‪ ،‬الجامعة العربية األمريكية‪ ،‬كلية الدراسات‬
‫العليا‪ ،‬جنين‪2023 ،‬م‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪77‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫مستخدما فقط‪ ،‬وقد أثارت هذه النقاط فكرة النائب‬
‫ِ‬ ‫بها سواء أكان مالكا لها أم‬
‫اإلنساني املسؤول عن أفعال الذكاء االصطناعي(‪.)1‬‬
‫في املسؤولية املدنية نظرية النائب اإلنساني‪ :‬وهي عبارة عن نظرية انشأها‬
‫األوروبيون سنة ‪2017‬م وتجعل املبرمج‪ ،‬املستخدم‪ ،‬املصنع‪ ،‬نائب عن التطبيق أو‬
‫الكيان أو النظام وضمنيا االعتراف بشخصية جديدة وتمهيد الطريق لالعتراف بوجود‬
‫شخصية ثالثة في القانون اال وهي الشخصية االلكترونية للذكاء االصطناعي أوروبا عن‬
‫طريق هذه النظرية حملت املسؤولية للنائب اإلنساني بقوة القانون عن روبوته النائب‬
‫اإللكتروني‪.‬‬
‫ففي عام ‪2016‬م ذهب القضاء األمريكي إلى العثور على مصطلح النائب االلكتروني‬
‫والذي يدل على برامج الحاسوب املستقلة(‪ .)2‬وفي عام (‪ )2018‬ذهبت محكمة النقض‬
‫ً‬
‫الفرنسية أيضا للعثور على روبوت يطلق عليه (روبوت الرد على رسائل البريد اإللكتروني)‬
‫عرف على أنه‪« :‬برنامج حاسوبي معلوماتي‪ ،‬دون منحه أي صفة نيابية عن مشغله؛ أي‬ ‫ُوي َّ‬
‫مجرد وسيلة تسهم في تدفق البيانات في الفضاء الرقمي خدمة للحاجات العامة من جهة‬
‫أخرى»(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫وفي الحقيقة يذهب اتجاه نظرية النائب اإلنساني «للقول بأن الروبوت ليس شيئا أو‬
‫ً‬
‫جمادا‪ ،‬بل إنه كائن آلي بمنطق بشري مبتدئ قابل للتطور والتعقل‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫برزت فكرة النائب اإلنساني املسؤول عن الروبوت والتي تختلف عن فكرة حارس األشياء‬

‫(‪ )1‬مختار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،28‬ص ‪.182‬‬


‫‪(2) Newsom V. Branch Banking And Trust Company, United States District Court, E.D, North‬‬
‫‪Carolina, Eastern Division, January 9 ,2019.‬‬
‫(‪ )3‬محمد‪ ،‬املشد‪ ،‬نحو إطار قانوني شامل للمسؤولية املدنية من أضرار نظم الذكاء االصطناعي غير‬
‫املر اقب‪ ،‬مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬عدد خاص باملؤتمر الدولي السنوي العشرون‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪2021‬م‪ ،‬ص‪.331‬‬

‫‪78‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫وتختلف أيضا عن فكرة القيم أو الوص ي»(‪.)1‬‬


‫ً‬
‫تختلف صور النائب اإلنساني وفقا للقانون األوروبي ويعود ذلك إلى حسب ظروف‬
‫الحادث الذي قد يتسبب به الروبوت من جهة‪ ،‬ودرجة السيطرة الفعلية للنائب عليه‬
‫التي ستقيم وجود خطأ النائب من عدمه من جهة أخرى‪ ،‬بما يخالف نظرية حارس‬
‫األشياء التي افترضت الخطأ‪ ،‬وقد أقر املشرع األوروبي أمثله عن النائب اإلنساني‬
‫املسؤول عن أخطاء تشغيل الروبوت كالتالي‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬صاحب املصنع‪ : Manufacturer– fabricant:‬ووفقا لهذه الحالة فإنه ُيسأل صانع‬
‫الروبوت عن قيود أو عيوب اآللة الناتجة عن سوء التصنيع والتي أدت إلى انفالت‬
‫الروبوت وقيامه بأفعال خارجة عن إطار استخدامه الطبيعي‪ ،‬ومن األمثلة على‬
‫ذلك‪ :‬كأن يؤدي عيب في روبوت العناية الطبية إلى تحريك املريض بشكل خاطئ مما‬
‫أثر عليه وأدى لتفاقم حالته الصحية‪ ،‬ومثال أخر اإلضرار باملريض بسبب سوء‬
‫تواصل الروبوت الطبي مع مخبر التحاليل‪ ،‬أو إهمال صيانة الروبوت من الشركة‬
‫الصانعة‪ ،‬وفي جميع األحوال ال يستطيع صاحب املصنع الرجوع على العامل الذي‬
‫ً‬
‫ال يفقه شيئا بالروبوتات(‪.)2‬‬
‫املشغل ‪: Operator‬وهو عبارة عن الشخص املحترف الذي يعمل ويقوم على‬ ‫‪-‬‬
‫استغالل الروبوت مثل‪ :‬إدارة البنك التجاري االفتراض ي الذي يشغل تطبيق ذكي‬
‫يعتمد على الروبوت في إدارة بعض العمليات املصرفية‪ ،‬فمن املمكن أن يحدث خطأ‬
‫في إدارة حسابات العمالء فيقوم ذلك الروبوت بالتزويد العميل ببيانات عميل‬
‫أخر(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫املالك‪: Owner‬وهو الشخص الذي يعمل على القيام بتشغيل الروبوت شخصيا‬ ‫‪-‬‬

‫(‪ )1‬همام القوص ي‪ ،‬االفتراضية للروبوت وفق املنهج اإلنساني‪-‬دراسة تأصيلية تحليلية استشرافية في‬
‫القانون املدني الكويتي واألوروبي‪ ،‬مجلة جيل األبحاث القانونية املعمقة‪ ،‬عدد‪ ،2019 ،35‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.31-30‬‬
‫(‪ )3‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.31‬‬

‫‪79‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫لخدمه عمالئه‪ ،‬كالطبيب مالك املستشفى الذي يملك ويشغل روبوت طبي للقيام‬
‫بعمليات جراحية ُفيسأل املالك إذا وقع خطأ من الروبوت على سالمة أي شخص أو‬
‫أحد من األشخاص املرض ى(‪.)1‬‬
‫لم يقم قانون الروبوت األوروبي بوضع املالك في بداية الوكالء اإلنسانين بل وضعه‬
‫بعد الصانع واملشغل‪ ،‬وعلى عكس نظرية حارس األشياء التي تفرض املسؤولية على‬
‫املالك حيث تقوم عليه قرينة لحراسة الش يء حتى وإن حصل الحادث مع املشغل وقد‬
‫ذهب جانب من الفقه إلى فرض املسؤولية املحدودة على مالك الروبوت صاحب القرار‬
‫املستقل‪ ،‬فيتم مساءلة املالك في حدود قيمه الروبوت دون أن يتم الرجوع على كامل‬
‫ذمته املالية‪ ،‬وذلك بغرض ان يتم حصر مخاطر تشغيل الروبوت(‪.)2‬‬
‫‪ -‬املستعمل ‪: User-Utilisateur‬وهو الشخص التابع الذي يقوم على استعمال‬
‫ً‬
‫الروبوت شخص غير املالك أو املشغل‪ ،‬ويكون املستعمل مسؤوال عن سلوك الروبوت‬
‫ً‬
‫الذي قد سبب ضررا للناس‪ ،‬في حين اتجاه القانون املدني للروبوتات إلى غير اتجاه نظرية‬
‫حارس األشياء التي كانت تفرض املسؤولية على املالك وحتى إن تسبب التابع بالحادث إثر‬
‫ً‬
‫استعماله للش يء‪ ،‬وذلك خالفا لنظرية مسؤولية املتبوع(املالك) عن أعمال التابع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(املستعمل)‪ ،‬وخالفا أيضا لالعتبار املالك حارسا مفترضا في جانبه الخطأ وفقا للقواعد‬
‫العامة(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وعلى كل حال يجب التنبيه إلى إمكانية أن يكون املستعمل شخصا منتفعا‬
‫بالروبوت‪ ،‬ومثاله‪ :‬كأن يحدث أن يستعمل الحافلة الروبوت ذاتية القيادة مجموعة من‬
‫األشخاص املسافرين عبر لوحة إلكترونية‪ ،‬فيقوم أحد األشخاص بإرسال أمر خاطئ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للحافلة ما يتسبب بوقوع حادث مروري‪ ،‬أو قد يتخذ املشغل املحترف مستخدما بشريا‬

‫(‪ )1‬همام القوص ي‪ ،‬إشكالية الشخص املسؤول عن تشغيل الروبوت‪ ،‬مجلة جيل األبحاث القانونية‬
‫املعمقة‪ ،‬العدد ‪2018 ،25‬م‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫(‪ )2‬القوص ي‪ ،‬املرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،169‬ص‪.7‬‬
‫(‪ )3‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.32‬‬

‫‪80‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫الستعمال الروبوت بحيث يكون مساعدا له‪ ،‬فقد يقاض ي املستعمل وهو مستخدم تابع‬
‫لدى الشركة املشغلة للروبوت بسبب إهمالها في صيانته‪ ،‬وحيث أنه قد اقترح القانون‬
‫األوروبي فرض التأمين اإللزامي على املالك أو الصانع في سبيل نقل املسؤولية املدنية عن‬
‫كاهلهم مهما كانت طبيعتها‪ ،‬لنقل عبء املسؤولية عنهم وحل تلك املشكلة(‪.)1‬‬
‫انتشر في أحد املجالت األجنبية بأن قد وقعت حادثة في شهر فبراير من عام ‪،2016‬‬
‫حيث قامت سيدة من كوريا الجنوبية بشراء مكنسة آلية قد تم برمجة هذه املكنسة على‬
‫ً‬
‫أن تتحرك فورا وتنظف املكان بشكل تلقائي بمجرد سقوط أي ش يء على األرض‪ ،‬وفي‬
‫أحد األيام صادف أن قامت السيدة الكورية بالنوم على األرض فتحركت املكنسة اآللية‬
‫بشكل تلقائي بعد استشعارها بوجود ش يء على األرض وشفطت املكنسة اآللية شعر تلك‬
‫السيدة الكورية مما اضطر األمر االتصال بخدمة الطوارئ لكي يتم إنقاذها(‪.)2‬‬
‫بالتالي فإن فكرة جلب أجهزة آلية للمنزل تبعث لنا رسالة مفادها‪ :‬أنه في الوقت‬
‫الذي تصبح فيه أجهزة الروبوت متصلة باإلنترنت بشكل متزايد‪ ،‬وقادرة على االستجابة‬
‫ً‬
‫للغة البشر الطبيعية‪ ،‬فإن الشخص سيكون في حاجة إلى أن يصبح أكثر حذرا بشأن‬
‫تخمين ماهية ذلك الشخص أو الش يء الذي يتحدث إليه(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تبنى قانون العقوبات املغربي اتجاها مغايرا ملوقف القانون املدني االوروبي‬
‫للروبوتات‪ ،‬فقد طبق نظرية حارس األشياء التي تفرض املسؤولية على املالك‪ ،‬إلعتبار أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املالك حارسا مفترضا في جانبه الخطأ وفقا للقواعد العامة‪ ،‬أما القانون املدني األوروبي‬
‫فقد استند على فكرة الخطأ الواجب اإلثبات‪ ،‬واعتبر فيه أن النائب هو املسؤول عن‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.32‬‬


‫(‪ )2‬انظر إلى املوقع االلكتروني إيفان سلينغيز‪ ،‬درو هارتزوغ‪ ،‬مخاطر الثقة في أجهزة الروبوت‪2015،‬م‪ ،‬تاريخ‬
‫الزيارة‪2023/11/27:‬م‪ ،‬بدون رقم صفحة‬
‫‪https://www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2015/08/150820_vert_fut_dangers_of_trus‬‬
‫‪ting_robots .‬‬
‫(‪ )3‬سيلينغيز‪ ،‬درو هارتزوغ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬هامش ‪ ،173‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التعويض بسبب تشغيل الروبوت على أساس الخطأ الواجب اإلثبات على النائب الذي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قد يكون صانعا أو مشغال أو مالك أو مستعمال للروبوت(‪.)1‬‬
‫يرى بعض القانونيين أن الحديث عن منح الشخصية القانونية آلالت الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي وتقنياته يعتبر شكال من أشكال الترف القانوني الغير مبرر واملثير للجدل‬
‫بشكل كبير‪ ،‬مؤكدين على أنه ال حاجة ملنح هذه الشخصية للذكاء االصطناعي‪ ،‬مع‬
‫االكتفاء بتوصيفه واعتباره القائم أنه بحكم األشياء‪ ،‬مع األخذ باالعتبار أن القواعد‬
‫القانونية الناظمة لهذه األشياء تكفل التعامل القانوني الصحيح معها(‪.)2‬‬
‫«إن فكرة التشخيص القانوني للروبوت كما تقول محكمة استئناف باريس ال تفعل‬
‫سوى نقل املشكلة‪ ،‬بمعنى أن األشخاص الذين يقع عليهم املساهمة في تغذية الذمة‬
‫املالية للروبوت بهدف التمكين من تعويض الضحايا سيكونوا على األرجح نفس‬
‫األشخاص الذين ستنعقد مسؤوليتهم في حال تطبيق القواعد العامة في املسؤولية»(‪.)3‬‬
‫أي أن نقل املسؤولية للروبوت سيؤدي لظهور مشكلة أخرى تتعلق بإعاقة وظيفة‬
‫املسؤولية املدنية في تحقيق الردع والوقاية‪ ،‬كون أن الفاعلين أو األطراف التقليدية لن‬
‫يتحملوا على األرجح عبئ دعاوى املسؤولية التي ستوجه إليهم‪.‬‬
‫كما أن محكمة باريس تذهب بالقول الراجح ّأن فكرة التشخيص القانوني للذكاء‬
‫ألن مسؤولية التعويض ستنسب إلى‬ ‫االصطناعي تسبب مشكلة من حيث التعويض‪ّ ،‬‬
‫األشخاص الطبيعيين وليس على الذكاء االصطناعي‪ ،‬لذلك يرفض هذا االتجاه بشكل‬
‫مطلق منح الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي(‪ ،)4‬كما أنه يذهب (املشرع الفرنس ي)‬
‫ُ ً‬
‫إلى اعتبار الذكاء االصطناعي والحيوان واحد بحيث ّأن كال من الحيوان والذكاء‬
‫االصطناعي ال يمكن منحهما الشخصية القانونية‪ ،‬فالحيوان ال يمكن أن يكون قائم على‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،68‬ص ‪.33‬‬


‫(‪ )2‬الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،21‬بدون رقم صفحة‪.‬‬
‫(‪ )3‬عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،11‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )4‬عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،11‬ص‪.9‬‬

‫‪82‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫االعتبار الشخص ي كذلك الحال فيما يتعلق بالذكاء االصطناعي‪ ،‬فاملشرع الفرنس ي يرى‬
‫ّأن ما ينطبق على الحيوان ينطبق على الذكاء االصطناعي(‪.)1‬‬
‫ومع ذلك فإنه قد يقوم الذكاء االصطناعي بالتسبب بحدوث بعض األخطاء التي قد‬
‫تلحق الضرر باآلخرين‪ ،‬والتي يصعب التعامل معها وحسب القوانين الحالية‪ ،‬وأن هذا‬
‫الخطأ من املمكن أن يكون بسبب حقيقة اتخاذ الذكاء االصطناعي لقراراته بنفسه دون‬
‫أن يتلقاها من قبل صاحبه‪ ،‬أو حدوث خلل ما في برمجته‪ ،‬وهذه األسباب التي تجعله‬
‫مصدر خطر على املجتمع‪ ،‬وبالتالي ال يمكن تحديد السبب الذي أدى إلى ظهور هذا‬
‫الخطأ‪ ،‬مما يدفعنا إلى التفكير في شخصية الذكاء االصطناعي‪ ،‬حتى يمكن تحديد‬
‫الشخص املسؤول عن حدوث هذا الضرر والتعويض عنه(‪.)2‬‬
‫وبناء على ما سبق نالحظ أنه ال يتمتع الذكاء االصطناعي وتقنياته بالشخصية‬
‫القانونية‪ ،‬ألنها أنظمة مستقلة‪ ،‬والضرر الذي تحدثه هذه األنظمة يمكن بل ويجب أن‬
‫ينسب إلى أشخاص أو منظمات قائمة‪ ،‬وهناك مخاطر معنوية وغير مقبولة من هذا‬
‫األمر‪ ،‬إال أنه توجد عدة دعوات ووجهات نظر تدعو وترنو إلى املستقبل مضمونها‬
‫االعتراف بالشخصية القانونية لها‪ ،‬وذلك من أجل أن يتم إلقاء املسؤولية عليها‪ ،‬حتى‬
‫يتم التمكن من تعويض الضحايا نتيجة األضرار الناتجة بشكل فعال وسريع‪ ،‬بحيث ال‬
‫يكون هناك أي أعباء إلثبات االضرار بتكلفة كبيرة أو لفترة طويلة حتى إال أنها كانت‬
‫ً‬
‫وجهة محال للنقد وغير مفيدة‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد‪ ،‬مجاهد‪ ،‬املسؤولية املدنية عن الروبوتات ذات الذكاء االصطناعي «دراسة مقارنة»‪ ،‬املجلة القانونية‪،‬‬
‫عدد‪ 2021 ،2‬من ص‪.309‬‬
‫(‪ )2‬خزيمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،162‬ص‪.2‬‬

‫‪83‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املطلب الثاني‬
‫املسؤولية اجلنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫إن املسؤولية القانونية هي األساس القانوني الذي يتم بناء عليه توجيه االتهام‬
‫بارتكاب الجريمة لشخص معين‪ ،‬وال بد أن تكون هناك عناصر معينة تقوم عليها‪ ،‬ففي‬
‫الركن املادي يكون بارتكاب فعل أو عدة أفعال مادية تمثل الفعل الغير مشروع ويعاقب‬
‫القانون على ارتكابه‪ ،‬والركن املعنوي الالزم الرتكاب الجريمة(‪.)1‬‬
‫تقوم املسؤولية الجنائية على تحمل الشخص لتبعات أفعاله التي تعد جرائم‪،‬‬
‫ً‬
‫وتعتبر هذه املسؤولية ال تطال كمبدأ عام إال اإلنسان املرتكب للفعل الجرمي تكريسا‬
‫ألحد املبادئ املؤطرة للقانون الجنائي الكالسيكي أال وهو مبدأ شخصية العقوبة‬
‫الجنائية‪ ،‬إال أنه وأمام التطورات والتحوالت التي عرفها األفراد واملجتمعات‪ ،‬واستيعابها‬
‫ألنشطة صناعية جديدة‪ ،‬وزيادة مساحة الخطر الذي يهدد األفراد بسبب هذه‬
‫ً‬
‫األنشطة‪ ،‬وتبعا لذلك طرح تساؤل قانوني عن إمكانية مسائلة الروبوت كأحد الفاعلين‬
‫لهذه األنشطة(‪.)2‬‬
‫وال مجال للشك في أنه ال تقتصر املسؤولية الجنائية على الفعل اإليجابي‪ ،‬بل تنتج‬
‫ً‬
‫وتنجم أيضا عن الفعل السلبي كما اإليجابي على حد سواء‪ ،‬ما دام القانون يقوم بتجريم‬
‫ُ‬
‫ذلك الفعل أو تركه‪ ،‬وحتى تفرض املسؤولية الجنائية على شخص ما‪ ،‬فإنه ينبغي توافر‬
‫عنصران رئيسيان‪ ،‬أولهما العنصر الواقعي أو الخارجي أي السلوك اإلجرامي أو الفعل‬
‫االجرامي‪ ،‬ويتمثل العنصر الثاني في العنصر الداخلي أو العقلي أي النية اإلجرامية‪ ،‬وإذا‬
‫تخلف أي عنصر من هذه العناصر فإنه يؤدي النتفاء املسؤولية الجنائية(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أبو العيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،29‬بدون رقم صفحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.62‬‬
‫(‪ )3‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.82-81‬‬

‫‪84‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫فعلى سبيل املثال عندما يفي الروبوت الذكي بجميع عناصر الجريمة على‬
‫الصعيدين الخارجي والداخلي‪ ،‬فال يوجد أي سبب يمنع فرض املسؤولية الجنائية على‬
‫الروبوتات الذكية عن تلك الجريمة املرتكبة‪ ،‬وعندما يعمل الروبوت الذكي من خالل‬
‫البرمجيات والخوارزميات بشكل صحيح‪ ،‬فال يوجد يمنعه من استخدام جميع ملفات‬
‫القدرة على تحليل البيانات الواقعية الواردة من خالل مستقبالته‪ ،‬ومن ثم ُيسأل جنائيا ‪.‬‬
‫وبالنسبة لبعض الدفوع فيجب تعديل النصوص املنظمة لها على نحو يتماش ى مع‬
‫ً‬
‫طبيعة الروبوتات‪ ،‬فمثال يتم تطبيق الدفع بانعدام املسؤولية حال ارتكاب الجريمة تحت‬
‫تأثير مادة مسكرة مثل الكحول واملخدرات أو بسبب الجنون‪ ،‬فمثل هدا التأثير يتشابه‬
‫مع تأثير فيروس إلكتروني على عمل ما لتلك الروبوتات(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وانطالقا ملا سبق فإنه ترتبط املسؤولية الجنائية ارتباطا وثيقا بالعقاب وال تنفصل‬
‫ً‬
‫عنه‪ ،‬ونظرا لخطورة األفعال الجنائية ومساسها بالنظام العام فإن العقوبات التي‬
‫حددها املشرع لذلك غالبا ما تكون صارمة تتراوح بين الغرامات الزجرية والعقوبات‬
‫السالبة للحرية قد تصل إلى حد اإلعدام في بعض الحاالت الخاصة(‪.)2‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك في مجال الذكاء االصطناعي وجود روبوت يقوم بعمل معين‪،‬‬
‫وحدث عطب أو خطأ ما مما أدى لتعرض شخص إلصابة وتوفي على الفور‪ ،‬ففي هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جدال حول‬ ‫الحالة من الصعب تحديد من هو املسؤول جنائيا‪ ،‬كونه ما زال هناك‬
‫الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي‪ ،‬إال أننا يمكننا تبسيط االمر واعتبار عمل‬
‫الروبوتات وما في حكمها دخل نطاق املسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫إن إتاحة فرض املسؤولية الجنائية على الكيانات باعتبارها مرتكبي الجرائم املباشرة‬
‫ً‬
‫يقر أيضا بإمكانية كون الكيانات املستقلة متواطئة‪ ،‬أو مرتكبة مشتركة‪ ،‬أو محرضة‪ ،‬أو‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.106‬‬


‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.62‬‬

‫‪85‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫شريكة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬طاملا تم استيفاء متطلبات العناصر الفعلية والعقلية بالكامل(‪.)1‬‬
‫إال انه وألهمية التكليف يمكن أن تنعدم أو تصير في حكم العدم فيتعذر إسناد‬
‫املسؤولية الجنائية للروبوتات‪ ،‬هناك حاالت تبطل فيها املسؤولية الجنائية بحكم‬
‫القانون ورغم توفير الشروط املوضوعية لقيامها‪ ،‬وتعرف هذه الحاالت بحاالت اإلباحة‬
‫في التشريع الجنائي(‪.)2‬‬
‫بشكل عام‪ ،‬وعلى املستوى األوروبي فإنه تغطي القواعد الحالية للمسؤولية‬
‫الحاالت التي يمكن فيها إرجاع أفعال الروبوتات أو إغفالها إلى وكيل بشري معين كالشركة‬
‫املصنعة‪ ،‬أو املالك أو املستخدم‪ ،‬بحيث يمكن أن يكون إمكانية لتنبؤ الوكيل بذلك‪،‬‬
‫وقد تم وضع بعض التصورات للمسؤولية الجنائية فيما يخص كيانات وبرامج الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬أولها أن تكون املسؤولية الرتكاب الجريمة بواسطة شخص آخر‪ ،‬وستكون‬
‫التهمة حينها موجهة للمنتج‪ ،‬أو املبرمج أو املستخدم النهائي‪ ،‬والتصور اآلخر في حالة‬
‫املسؤولية املحتملة والعواقب غير املتوقعة وهنا يتم استبعاد املبرمج أو العنصر البشري‬
‫من تحمل املسؤولية وذلك لعدم تورطه‪ ،‬ويتم ارجاع السبب إلى وجود خلل بالطريقة التي‬
‫كان يجب أن يفكر بها الكيان(‪.)3‬‬
‫يعتبر القانون الجنائي الفعل أنه أي أداء مادي له مظهر خارجي واقعي‪ ،‬سواء كان‬
‫ذلك بإرادة أو بغير قصد‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن تكنولوجيا الذكاء االصطناعي قادرة‬
‫على القيام بأفعال تلبي متطلبات السلوك‪ .‬وهذا ال ينطبق فقط على تكنولوجيا الذكاء‬
‫االصطناعي القوية‪ ،‬ولكن ً‬
‫أيضا على التقنيات األقل بكثير‪ ،‬فعندما يقوم الروبوت‬
‫بتحريك ذراعيه أو أي من أجهزته األخرى‪ ،‬فإنه يعتبر أنه يتصرف‪ .‬وهذا صحيح عندما‬
‫تكون الحركة نتيجة لحسابات داخلية يقوم بها الروبوت‪ ،‬ولكن ليس عندها فقط‪ ،‬وحتى‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 69.‬‬


‫(‪ )2‬بدر لويس‪ ،‬أثر التطور التكنولوجي مع الحريات الشخصية في النظم السياسية‪ ،‬رسالة الدكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪1982 ،‬م‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫(‪ )3‬أبو العيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،29‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫لو تم تشغيل الروبوت بالكامل بواسطة مشغل بشري من خالل جهاز التحكم عن بعد‪،‬‬
‫ً‬
‫فإن أي حركة للروبوت تعتبر عمال‪ .‬ولذلك‪ ،‬فحتى الروبوتات غير املتخصصة في‬
‫تكنولوجيا الذكاء االصطناعي لديها القدرة الفعلية على أداء األفعال‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫ً‬
‫دوافع الفعل أو أسبابه‪ .‬وهذا ال يعني بالضرورة أن هذه الروبوتات مسؤولة جنائيا عن‬
‫ً‬
‫أفعالها‪ ،‬ألن فرض املسؤولية الجنائية يجب أن يستوفي أيضا شرط الركن العقلي‪ ،‬ولكن‬
‫فيما يتعلق بأداء فعل من أجل استيفاء شرط عنصر السلوك‪ ،‬فإن أي أداء مادي ذو‬
‫ً ً‬
‫تمثيل خارجي واقعي يعتبر فعال‪ ،‬سواء كان املؤدي الجسدي كيانا قويا أم ال(‪.)1‬‬
‫عرف التقصير على أنه تقاعس عن العمل يتعارض مع الواجب‬ ‫في القانون الجنائي‪ُ ،‬ي ّ‬
‫املشروع للتصرف‪ .‬ووفقا لهذا التعريف فإن مصطلح الواجب الشرعي له أهمية كبيرة‪.‬‬
‫وعكس العمل ليس اإلغفال‪ ،‬بل التقاعس عن العمل‪ ،‬وملا كان القيام بش يء ما هو عمل‪،‬‬
‫فإن عدم القيام بأي ش يء هو تقاعس عن العمل‪ ،‬والتقصير هو درجة متوسطة من‬
‫السلوك بين الفعل والتقاعس‪ ،‬ويعتبر اإلغفال ليس مجرد تقاعس عن الفعل‪ ،‬بل هو‬
‫تقاعس يتناقض مع واجب الفعل املشروع‪ :‬فاملذنب الذي يتجاهل مطلوب منه أن‬
‫يتصرف‪ ،‬لكنه يفشل في القيام بذلك‪ ،‬إذا لم يرتكب أي فعل‪ ،‬ولكن لم يتم فرض واجب‬
‫التصرف‪ ،‬فال وقد ارتكبت اإلغفال(‪.)2‬‬
‫ال يعترف املفهوم الحديث للسلوك في القانون الجنائي بأي اختالفات جوهرية أو‬
‫وظيفية بين األفعال واإلغفاالت لفرض املسؤولية الجنائية‪ ،‬لذلك يمكن ارتكاب أي‬
‫جريمة عن طريق الفعل أو االمتناع‪ .‬ومن الناحية االجتماعية والقانونية‪ ،‬فإن ارتكاب‬
‫الجرائم عن طريق االمتناع ال يقل خطورة عن ارتكابها عن طريق الفعل‪ ،‬إن معظم‬
‫النظم القانونية تقبل هذا النهج الحديث‪ ،‬وليست هناك حاجة صراحة إلى اشتراط أن‬
‫جزءا من الركن الفعلي للجريمة‪ ،‬فقد تحدد الجريمة السلوك املحظور‪،‬‬ ‫يكون اإلغفال ً‬
‫الذي يمكن ارتكابه من خالل األفعال أو من خالل اإلغفال وعلى هذا األساس‪ ،‬يمكن‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 39 - 40.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 40.‬‬

‫‪87‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫لتقنية الذكاء االصطناعي إجراء عمليات إهمال تلبي متطلبات السلوك‪ .‬وهذا ال ينطبق‬
‫فقط على تكنولوجيا الذكاء االصطناعي القوية‪ ،‬ولكن ً‬
‫أيضا التقنيات األقل بكثير‪.)1( .‬‬
‫جسديا‪ ،‬التكليف باإلغفال يتطلب عدم القيام بأي ش يء‪ ،‬وليس هناك شك في أن‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫جسديا على ارتكاب أي‬ ‫أي آلة غير قادرة على فعل أي ش يء؛ ولذلك‪ ،‬فإن أي آلة قادرة‬
‫ً‬
‫إغفال‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬لكي يعتبر التقاعس تقصيرا‪ ،‬ال بد من وجود واجب قانوني‬
‫وناشئا عن قانون أو عقد‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫يناقض التقاعس‪ ،‬فإذا كان هذا الواجب مو ً‬
‫جودا‪،‬‬
‫ً‬
‫موجها إلى اآللة‪ ،‬فال شك أن اآللة قادرة على ارتكاب تقصير فيما يتعلق بذلك‬ ‫الواجب‬
‫الواجب(‪.)2‬‬
‫أيضا فيما يتعلق بالتقاعس عن العمل‪ .‬التقاعس عن العمل هو‬‫وهذا هو الوضع ً‬
‫العكس الواقعي الكامل للفعل‪ ،‬إذا كان الفعل هو فعل ش يء‪ ،‬فإن التقاعس عن الفعل‬
‫ال يعني القيام به‪ ،‬أو عدم القيام بأي ش يء‪ .‬وفي حين أن اإلغفال هو تقاعس عن العمل‬
‫يتناقض مع واجب مشروع في التصرف‪ ،‬فإن التقاعس عن العمل ال يتطلب مثل هذا‬
‫ً‬
‫التناقض‪ .‬فالترك ليس فعال عندما يكون هناك التزام بفعل ما‪ ،‬في حين أن التراخي ليس‬
‫ً‬
‫فعال عندما ال يكون هناك التزام بفعل أي ش يء‪ .‬يتم قبول التقاعس عن العمل كشكل‬
‫مشروع من أشكال السلوك فقط في املسؤولية الجنائية املشتقة (على سبيل املثال‪،‬‬
‫الشروع‪ ،‬أو ارتكاب الفعل املشترك‪ ،‬أو ارتكاب الفعل من خالل شخص آخر‪ ،‬أو‬
‫التحريض‪ ،‬أو التواطؤ)‪ ،‬وليس في الجرائم الكاملة واملستقلة ‪.‬في هذه الحاالت‪ ،‬عندما‬
‫ً‬
‫جسديا بنفس‬ ‫يتم قبول التقاعس كشكل مشروع من أشكال السلوك‪ ،‬فإنه يتم ارتكابه‬
‫طريقة التقصير(‪.)3‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬إذا كانت تكنولوجيا الذكاء االصطناعي قادرة على ارتكاب الفعل من خالل‬
‫أيضا على ارتكاب الفعل من خالل التقاعس عن‬ ‫اإلغفال عن السلوك‪ ،‬فهي قادرة ً‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 40.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 41.‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 41.‬‬

‫‪88‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫تلقائيا عن هذا‬ ‫ً‬
‫جنائيا‬ ‫الفعل‪ ،‬وهذا ال يعني بالضرورة أن اآلالت أو الروبوتات مسؤولة‬
‫اإلغفال أو التقاعس عن العمل‪ ،‬ألنه لفرض املسؤولية الجنائية‪ ،‬من الضروري أيضاً‬
‫تلبية متطلبات الركن العقلي‪ ،‬وال يكفي لتلبية متطلبات الركن الفعلي ‪.‬وبالتالي‪ ،‬يمكن‬
‫لآلالت تلبية العنصر اإللزامي لشرط العنصر الفعلي أي السلوك(‪.)1‬‬
‫وال يلزم أن تكون هذه اآلالت متطورة للغاية أو حتى تعتمد على تقنية الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬فاآلالت البسيطة قادرة على التصرف بموجب تعريفات ومتطلبات القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬ولفرض املسؤولية الجنائية على أي كيان‪ ،‬فهذه خطوة أساسية‪ ،‬حتى لو لم‬
‫تكن كافية‪ ،‬وال يمكن فرض أي مسؤولية جنائية إذا لم يتم استيفاء شرط السلوك‪،‬‬
‫ولكن السلوك وحده ال يكفي لفرض املسؤولية الجنائية(‪.)2‬‬
‫تنشأ مسألة املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي عادة عندما تكون السيارات‬
‫ذاتية القيادة متورطة في القتل نتيجة حوادث السيارات‪ ،‬والروبوتات الجراحية عندما‬
‫ترتكب أخطاء جراحية‪ ،‬أو عندما تشارك خوارزمية التداول في عمليات االحتيال‪ ،‬وكل ما‬
‫ً‬
‫سبق يترتب عليه سؤال قانوني مهم جدا‪ ،‬وهو من الذي سوف يتحمل املسؤولية‬
‫الجنائية عن جرائم هذه التقنيات وأضرارها‪ ،‬هل ستترتب املسؤولية الجنائية على‬
‫الشركة املصنعة أم املبرمج أم املستخدم أم الذكاء االصطناعي نفسه أم سيتحمل الغير‬
‫ذلك‪ ،‬كل ذلك سوف يتم الحديث واإلجابة عنه‪.‬‬
‫إن القانون الجنائي يقوم على مبدأ الجريمة الفردية‪ ،‬ومن ناحية أخرى ال تمتلك‬
‫آالت الذكاء االصطناعي أي وعي أو أية ضمير‪ ،‬وال تزال املسائل العملية املتعلقة بالقانون‬
‫املدني سائدة خاصة التي تتعلق بالسيارات ذاتية القيادة بالكامل‪ ،‬أو في بعض عملياتها‬
‫يقول نيكوالس وولتمان‪ ،‬وهو املساعد في مركز أبحاث قانون الروبوت في جامعة أملانية‪،‬‬
‫إن «قائد السيارة يكون في الوقت الحالي مسؤوال أيضا عن الحوادث املتعلقة بسيارته‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 41‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 41.‬‬

‫‪89‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫حتى ولو لم يكن متورطا فيها‪ ،‬ولكن هل من الصائب توجيه اتهام جنائي لشخص عندما‬
‫ً‬
‫يكون الذكاء االصطناعي هو املسؤول عن قيادة السيارة ومتحكما فيها»؟ ‪ .‬وأضاف قائال‬
‫إن «الشركة يمكن أن تكون أيضا مسؤولة عن الحوادث في القانون املدني» بعكس‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬ووضح أن «األفراد فقط يمكنهم ارتكاب جرائم وليس الشركات أو‬
‫اآلالت(‪.)1‬‬
‫وملواجهة تلك املشكلة طرح خبراء املسائل األخالقية والقانونية مفهوم «السيطرة‬
‫البشرية ذات املغزى» حيث تقول سوزان بيك‪ ،‬أحد أستاذة القانون الجنائي وفلسفة‬
‫القانون بجامعة هانوفر األملانية‪« :‬قبل إلقاء املسؤولية الجنائية على شخص ما يجب‬
‫إلقاء نظرة متفحصة على ما إذا كان قد مارس أية سيطرة على اآللة» (‪.)2‬‬
‫ُيرجح أنصار املذهب التقليدي في الفقه القانوني الجنائي املسؤولية الجنائية إلى‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫مجرما يكون لدى هذا االنسان‬ ‫حرية االختيار‪ ،‬فاإلنسان عندما يرتكب سلوكا يعتبر‬
‫خيار بين ارتكاب الجريمة وبين االمتناع عن ارتكابها‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فهو يقدم على‬
‫ً‬
‫ارتكاب الجريمة مختارا‪ ،‬وهذا األمر هو أساس املسؤولية الجنائية‪ ،‬فإذا ثبت أن هذا‬
‫االنسان قد ارتكب تلك الجريمة نتيجة لعوامل أفضت إلى فقدانه حرية االختيار فعندها‬
‫ال يكون هناك مجال للمساءلة الجنائية(‪.)3‬‬
‫تتفق التعريفات الفقهية للمسؤولية الجنائية على‪ ،‬أنه‪ :‬ال تنشأ املسؤولية الجنائية‬
‫ً‬
‫إال إذا توافرت جميع أركان الجريمة‪ ،‬فهي أثر الجتماعهما وليست ركنا من أركانها‪ ،‬وعلى‬
‫ً‬
‫هذا يعد ارتكاب الجريمة ركنا مقدمة ال بد منها لتحمل املسؤولية الجنائية وقيامها في‬
‫حق الفاعل‪ ،‬وبمفهوم املخالفة فإنه في حال عدم وجود جريمة ال يمكن القول بوجود‬

‫(‪ )1‬انظر إلى املوقع اإللكتروني‪ ،‬إذا كان خصمك إنسان آلي «روبوت» فمن تقاض ي؟‪،Deutsche Welle ،‬‬
‫‪ ،2019،https://p.dw.com/p/3LJ8O‬تاريخ الزيارة ‪ ،2023 /10 /26‬بدون رقم صفحة‪.2023 ،‬‬
‫(‪ )2‬موقع الكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬إذا كان خصمك إنسان آلي «روبوت» فمن تقاض ي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬هامش‬
‫‪ ،196‬بدون رقم صفحة‪.‬‬
‫(‪ )3‬هشام فريد‪ ،‬الدعائم الفلسفية للمسؤولية الجنائية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪1981 ،‬م‪ ،‬ص ‪.237‬‬

‫‪90‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املسؤولية الجنائية‪ ،‬وتعني املسؤولية مساءلة وسؤال مرتكب الجريمة عم فعله وتقرير‬
‫عقوبة له(‪.)1‬‬
‫ويرى جانب من فقهاء القانون الجنائي أن الجريمة تتكون من ثالثة أركان‪ ،‬األول‪:‬‬
‫ركن القانوني املتمثل في النص القانوني الذي يجرم الفعل ويقرر له عقوبة‪ ،‬والثاني‪ :‬ركن‬
‫مادي يتمثل في السلوك اإلجرامي الذي يرتكبه الجاني وتتحقق به النتيجة الجرمية‪،‬‬
‫والثالث‪ :‬ركن معنوي يتمثل في القصد الجنائي أو الخطأ‪ .‬وهناك جانب آخر من الفقه‬
‫الجنائي يرى أن للجريمة ركنان اثنان فقط‪ ،‬وهما‪ :‬الركن املادي والركن املعنوي‪ ،‬فال‬
‫يمكن بحال أن يعد نص التجريم الذي هو األساس العتبار الفعل جريمة أو غير جريمة‬
‫ً‬
‫ركنا من أركانها(‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫ومجرم ويتم‬ ‫وتتمثل جرائم الذكاء االصطناعي في كل سلوك يكون غير قانوني‬
‫بواسطة استخدام أجهزة الذكاء االصطناعي‪ ،‬ويترتب عليه حصول الجاني على فوائد‬
‫مادية أو معنوية ووقوع أضرار كبيرة على املجني عليه‪ ،‬وفي الغالب والشائع يكون هدف‬
‫هذه الجرائم القرصنة من أجل القيام بسرقة أو إتالف املعلومات املوجودة على هذه‬
‫األجهزة(‪.)3‬‬
‫وملا كان الذكاء االصطناعي وتقنياته يتميز بالغموض‪ ،‬ويتخذ قراراته بناء على ما‬
‫تعلمه مما ال يمكن معه التنبؤ بتصرفاته‪ ،‬بالتالي فقد يخترع استراتيجيات أو يتخذ‬
‫ً‬
‫قرارات غير متوقعة ويتعلم أن يحدث خطئا فيقوم بإصدار قرارات خاطئة يترتب عنها‬

‫(‪ )1‬محمود حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات اللبناني‪ ،‬القسم العام‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار النهضة العربية‪1984 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪.469‬‬
‫(‪ )2‬واثبة السعدي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬النظرية العامة للجريمة والعقاب‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬دار اليازوري‪2012 ،‬م‪ .‬ص ‪.71‬‬
‫(‪ )3‬خضر دولي‪ ،‬ناصري نفيسة‪ ،‬دور الذكاء االصطناعي في مواجهة الجرائم اإللكترونية‪ ،‬مجلة املؤشر‬
‫للدراسات االقتصادية‪ ،‬جامعة ظاهري محمد بشار‪ ،‬الجزائر‪ ،2018-2017 ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪91‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ارتكاب جريمة‪ ،‬مما يحتم اتخاذ أكبر قدر من االحتياط(‪.)1‬‬


‫تقوم املسؤولية الجنائية بتحقق النتيجة الجرمية التي تترتب على السلوك اإلجرامي‬
‫املرتكب‪ ،‬وال يكفي مجرد تحقق النتيجة الجرمية فقط‪ ،‬بل البد من وجود عالقة سببية‬
‫بين هذا السلوك اإلجرامي املرتكب والنتيجة الجرمية‪.‬‬
‫إن األحكام العامة للركن املادي للمسؤولية الجنائية تنطبق على أحكام الركن‬
‫املادي للمسؤولية الجنائية في جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬فال بد لقيام املسؤولية أن‬
‫يصدر فعل وسلوك مجرم عن إحدى تقنيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬وأن يفض ي هذا الفعل‬
‫إلى تحقق النتيجة الجرمية‪ ،‬ويشترط توفر عالقة السببية بين ذلك الفعل املجرم الذي‬
‫صدر عن الذكاء االصطناعي وبين النتيجة الجرمية املترتبة عليه‪.)2( .‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫تعتبر املهام التي يقدمها الذكاء االصطناعي مهاما متعددة يعجز اإلنسان عن القيام‬
‫بها‪ .‬والتطور الكبير فيه والتجديد الدائم قد يجعل أضراره أكبر وأكثر من نفعه وفوائده‬
‫خاصة إذا قامت بارتكاب جرائم مستقلة عما وضعه مبرمجها أو مصنعها أو‬
‫مستخدمها(‪.)3‬‬
‫يؤثر الذكاء االصطناعي بشكل ما على املسؤولية الجنائية‪ ،‬ألن األفعال التي تصدر‬
‫عن الذكاء االصطناعي‪ ،‬وتقنياته وآالته والتي تعتبر جرائم جنائية هي التي تثير اإلشكالية‬
‫ً‬
‫والتساؤل عن الشخص املسؤول عن هذه األفعال جنائيا؟‪.‬‬
‫في الحقيقة إن معرفة نماذج وأنماط عمل الذكاء االصطناعي وتقنياته تسهل مهمة‬

‫‪(1) Matilda— Artificial Intelligence and the External Element of the Crime An Analysis‬‬
‫‪of the Liability Problem- Spring 2017- JURIDICUM – JU101A, Final Thesis for the Law‬‬
‫‪Program, Second Cycl.-26.‬‬
‫(‪ )2‬إطميزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،31‬ص‪.35-34‬‬
‫(‪ )3‬مشاعل القايدي‪ ،‬املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي‪ ،‬بحث مقدم ضمن متطلبات مقرر مشروع‬
‫التخرج (حقوق ‪ )498‬في برنامج بكالوريوس الحقوق‪ ،‬جامعة طيبة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪1442 ،‬ه‪،‬‬
‫ص‪.4‬‬

‫‪92‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫تحديد املسؤول جنائيا عن هذه األفعال‪ ،‬وكذلك تأثير الذكاء االصطناعي على النظام‬
‫القانوني(‪.)1‬‬
‫لقد تحدثنا في املبحث األول املطلب الثاني عن عدة أنماط من نماذج الذكاء‬
‫االصطناعي وتمت التفريق بينهما‪ ،‬ففي النموذج البسيط الغالب على تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي فيها أنها ال تعمل باستقالل وإنما تعمل بتحكم اإلنسان فيها‪ ،‬غالبا املسؤولية‬
‫الجنائية واالضرار في هذه النوع تقع على عاتق مستخدم هذه اآلالت لحظة حدوث‬
‫الضرر أثناء استخدامها مثل مستخدم الهاتف املحمول بشرط أن يكون املبرمج قد عمل‬
‫على تعيين وبرمجة املهام التي يقوم بها هذه االلة من غير وجود أي إهمال منه أو أي‬
‫تالعب بحيث ال تخرج هذه التقنيات عن املهام املكلفة بها وإال أصبحت هناك مسؤولية‬
‫جنائية أخرى قد تقع على املصنع أو املبرمج أو الذكاء االصطناعي نفسه بل وحتى طرف‬
‫خارجي غيرهم وسوف أوضح ذلك الحقا‪.‬‬
‫أما بالنسبة لنموذج الذكاء االصطناعي املتقدم قد يعمل باستقالل إلى حد ما لكنه‬
‫بشكل غير تام‪ ،‬قام املصنع بصنع الذكاء االصطناعي في هذا النوع وعمل على برمجته‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وفقا لنظام خاص يعمل به ووفقا له‪ ،‬وقد تحدثنا سابقا أن هذا النموذج املتقدم يعتبر‬
‫أكثر شمولية من النموذج البسيط وال يقتصر فقط على تكليف االلة بالقيام بأوامر‬
‫معينة ومعطاة لها بل و يتم تمكينها وبرمجتها على إمكانية االلة من التفكير ذاتيا وتطوير‬
‫ذلك بناء على خوارزميات برمجية وقواعد بيانات ضخمة مما يمكنها من تطوير نفسها‬
‫واتخاذ قرارات ذاتية وتنفيذ هذه القرارات فبالتالي أصبحت شبيهة بالبشر‪ .‬في هذه‬
‫الحالة في جميع السلوكيات تقريبا فذلك ادى إلى القول بأنه بمقدار الجزء املتيقن من‬
‫السلوك تكون املسؤولية الجنائية وبالتالي في هذه االوضاع أصبح الجزء املتيقن من‬
‫السلوك يقع على عاتق هذا الذكاء االصطناعي ومن االمثلة على هذا النوع‪ :‬الحواسيب‪،‬‬
‫والسيارات ذاتية القيادة وغيرها فبالتالي هنا يجب خلق مسؤولية جنائية للذكاء‬

‫(‪ )1‬إطميزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،31‬ص‪.10‬‬

‫‪93‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫االصطناعي نفسه وهذا غير موجود في القانون وال جريمة وال عقوبة اال بنص فبالتالي‬
‫يجب تنبيه املشرع في أن يبدأ باستحداث مسؤولية الذكاء االصطناعي نفسه حتى‬
‫يستطاع ان يتم معاقبة تقنيات الذكاء االصطناعي على الجرائم املرتكبة منها وكل هذه‬
‫األمور سوف يتم توضيحها بشكل مفصل الحقا‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق نالحظ أنه مهما كان االختالف في أنماط ونماذج عمل الذكاء‬
‫االصطناعي فإن هذا ال يعفيه من املسؤولية القانونية‪ ،‬ألن أفعال الذكاء االصطناعي قد‬
‫ً‬
‫تشكل ضررا بالغير أو جريمة‪ ،‬وهي بطبيعتها ال تنفك عن اإلنسان الذي قام بصنعها‬
‫وبرمجها أو الذي يملكها ويستخدمها‪ ،‬والذي يفترض فيه العلم بنتائج هذه األفعال‬
‫تحمل هو مسؤوليتها بنسبة‬‫وبالتالي عليه أن يسعى ويبذل الجهد لتجنبها‪ ،‬وإذا وقعت ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫مصنعا أم مبرمجا أم مالكا أم‬ ‫مساهمته فيها‪ ،‬وكل شخص حسب موقعه سواء أكان‬
‫ً‬
‫مستخدما وهكذا‪.‬‬
‫توصف املسؤولية الجنائية بالنسبة ألضرار الذكاء االصطناعي بأنها كثيرة التعقيد‬
‫فهناك أربعة أطراف ترتبط بهم املسؤولية الجنائية وهم‪ :‬املصنع أو املبرمج لتقنيات‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬واملالك لتقنية الذكاء االصطناعي‪ ،‬وتقنية الذكاء االصطناعي نفسها‪،‬‬
‫وطرف خارجي غير هؤالء األطراف الثالثة‪.‬‬
‫تعتبر املسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي موضوعا مهما‪« .‬هل تقع‬
‫على الشركة املنتجة أم على املالك‪ ،‬أم حرية اإلرادة واتخاذ القرار املتوفر للذكاء‬
‫االصطناعي تجعله مسؤوال بصورة منفردة عن أفعاله‪ ،‬وإذا توافرت هذه الحالة األخيرة‪،‬‬
‫فهل يمكن واقعيا مسائلته جنائيا؟»(‪.)1‬‬
‫إن الخطورة األكبر تكمن في انترنت األشياء‪ .‬فعندما يتم إعطاء لتطبيق معين أو‬
‫كيان ما املسؤولية والشخصية التي تترتب عليها املسؤولية بمعنى ذلك هل يستطيع‬
‫الروبوت أن يتقاض ى؟ أو يكون مجني عليه؟ أو أن يدعي بالحق املدني؟ هل يمكن القيام‬

‫(‪ )1‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬صفحة ‪.5‬‬

‫‪94‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫باستجوابه من قبل النيابة العامة؟ هل يمكن لهذا الروبوت (املحامي الروبوت االلة) أن‬
‫يقوم بعمله كمحامي وأن يتلقى توكيال من الخصوم؟ وأن يمثل أمام املحاكم‪...‬الخ؟ هل‬
‫نستطيع فرض عقوبة عليه؟‬
‫تتمثل أغراض العقوبة في نظريات العقوبة مثل‪ :‬الردع العام‪ ،‬والردع الخاص‪،‬‬
‫وتحقيق العدالة‪.‬‬
‫فعليا وحتى تاريخ هذا اليوم لم توضع قواعد في املسؤولية الجنائية على عكس‬
‫املدنية والدولية ففي املسؤولية الدولية على سبيل املثال اعتبروا االلة التي تقوم بقتل‬
‫الناس أفضل من اإلنسان نفسه‪ :‬ألنها تستطيع التفرقة بين املدني والعسكري لذلك‬
‫القواعد الدولية تذهب إلى مسؤولية القائد العام وإلى مسؤولية املوجود في املعركة‬
‫والحروب‪ .‬بالرغم من محاولة بعض الدول في اميركا وأوروبا في تطبيق السيارات ذاتية‬
‫القيادة بوضع قواعد املسؤولية الجنائية لها من دون باقي تطبيقات الذكاء االصطناعي لم‬
‫تضع لها‪.‬‬
‫إذا تم االعتراف بوجود شخص الكتروني فإن الركن املادي الرتكاب الجريمة وبداية‬
‫يتوجب معرفة عدة أمور أوال تطبيق القواعد العامة سوف يتم القيام بإنزال القواعد‬
‫العامة على جرائم تقنيات الذكاء االصطناعي واألمر االخر يجب أن يكون معلوما أن هذا‬
‫أيضا به مساسا بقاعدة الشرعية أنه ال جريمة وال عقوبة إال بنص‪ .‬وأيضا أنه يجب أال‬
‫يجوز التوسع في قواعد التجريم‪.‬‬
‫فكرة املسؤولية الجنائية أنه يجب أن يكون هناك نص عقابي (الركن الشرعي)‬
‫والذي هو التجريم والعقاب مبدأ الشرعية وأيضا هناك ركن مادي وركن معنوي ففي‬
‫الركن املادي ليس هناك أي إشكالية كونه تعتد بالسلوك أكثر من الركن املعنوي‬
‫والرابطة النفسية واإلرادة وهذه األمور ال تطبق على تقنيات الذكاء االصطناعي ألنه مهما‬
‫تطور البشر ووصل إلى أي علم لن يعطوا لهذا الكيان اإلدراك (األهلية)‪ ،‬واإلرادة بين‬
‫الخير والشر‪ ،‬والوعي عدم الجنون‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫يجب علينا فحص كيفية تلبية تكنولوجيا الذكاء االصطناعي للجانب املعرفي‬
‫ملتطلبات القصد الجنائي وهل الروبوت االصطناعي قادر على إدراك السلوك أو الظروف‬
‫أو إمكانية حدوث النتائج في سياق القانون الجنائي‪ ،‬يمكن تقسيم عملية الوعي إلى‬
‫مرحلتين‪ ،‬األولى من استيعاب البيانات الواقعية عن طريق الحواس‪ .‬وفي هذه املرحلة‪،‬‬
‫تلعب األجهزة املستخدمة الستيعاب البيانات الواقعية الدور األساس ي‪ ،‬وأجهزة اإلنسان‬
‫عبارة عن أعضاء‪ ،‬كالعينين (لتحسس الضوء)‪ ،‬واألذنين (لتحسس الصوت)‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪ .‬تمتص هذه األعضاء البيانات الواقعية (مثل املشاهد والضوء واألصوات والضغط‬
‫وامللمس) وتنقلها إلى الدماغ ملعالجتها(‪.)1‬‬
‫تتمتع تقنية الذكاء االصطناعي بالقدرة واألجهزة ذات الصلة الستيعاب أي بيانات‬
‫واقعية يمكن جمعها بواسطة الحواس البشرية الخمس‪ ،‬حيث أنه تمتص الكاميرات‬
‫ً‬
‫ميكروفونا األصوات‪ ،‬ويستشعر ‪41‬‬ ‫الضوء وتنقل البيانات إلى املعالجات‪ ،‬ويلتقط ‪40‬‬
‫ً‬
‫محوال الضغط‪ ،‬وتستشعر موازين الحرارة درجة الحرارة‪ ،‬وتستشعر أجهزة قياس‬
‫الرطوبة‪ ،‬وفي الواقع‪ ،‬فإن التقنيات املتقدمة قادرة على استشعار أكثر دقة من األعضاء‬
‫البشرية املقابلة لها على سبيل املثال قد تمتص الكاميرات موجات الضوء بترددات ال‬
‫تستطيع العين البشرية اكتشافها‪ ،‬ويمكن للميكروفونات استشعار موجات صوتية غير‬
‫مسموعة لألذن البشرية(‪.)2‬‬
‫تكمن العديد من االضرار في تقنيات الذكاء االصطناعي (االلة الذكية) وعلى سبيل‬
‫املثال قضية حصلت في بريطانيا تمت محاكمة العديد من األشخاص على احدى‬
‫تطبيقات الذكاء االصطناعي التي أدت إلى الوفاة قام محاميهم للدفاع عن املتهمين قائال‪:‬‬
‫أن التطبيق االلة الذكية قد أصيب بفايروس وأن هذا الفايروس أدى إلى إخالل بطريقة‬
‫عمل تطبيق الذكاء االصطناعي مما أدى الرتكاب الجريمة وذلك يعتبر عذر قهري وعذر‬
‫مفاجئ مثل الجنون وال يتم االعتداد بفعله وبالتالي هم غير مسؤولين جنائيا وبالفعل تم‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 52.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 52.‬‬

‫‪96‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الحكم لصالحهم بالبراءة وهنا األمر قد تعلق بالركن املعنوي بالرغم من كونها الة ذكية‬
‫بالرغم من أن الركن املعنوي يجب أن يكون معلوما وفي الذكاء االصطناعي لديه إدراك‬
‫ولكن ليس إدراكا طبيعيا إنما إدراكا اصطناعيا فهو يستنبط‪ ،‬وهو يحلل‪ ،‬ويفكر‪ ،‬ويتعلم‬
‫من تجاربه السابقة‪ ،‬ويتخذ القرارات بمفرده‪.‬‬
‫وتتطور االشكالية والتساؤالت أنه في حال ارتكب الذكاء االصطناعي أي جريمة ترتب‬
‫عنها أي ضرر فمن سيكون املسؤول جنائيا عن تلك األضرار؟ حتى يمكن إيجاد حل‬
‫وجواب لذلك التساؤل يمكن السير في عدة فرضيات‪.‬‬
‫إن املسؤولية الجنائية لجرائم الذكاء االصطناعي تتسم بالتعقيد‪ ،‬فاألطراف الذين‬
‫ّ‬
‫املصنعة واملبرمجة للذكاء االصطناعي‪،‬‬ ‫تقوم املسؤولية بحقهم متعددون‪ ،‬كالشركة‬
‫واملالك أو املستخدم لهذه التقنيات‪ ،‬وكيان الذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬والطرف الخارجي‬
‫ً‬
‫الذي يقوم باختراق منظومة الذكاء االصطناعي‪ ،‬نظرا لطبيعة هذه التقنيات التي تجعلها‬
‫عرضة لالختراق من ِقبل الغير(‪.)1‬‬
‫مسؤولية املصنع أو املنتج للذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫سواء أكانت الشركة أو املبرمج الذي برمج هذا الذكاء االصطناعي فممكن اسناد لهم‬
‫املسؤولية الجنائية عن الجريمة التي ارتكبها الذكاء االصطناعي وذلك عن طريق أنه قصر‬
‫في الجهد البرمجي ولم يعطي أوامر كافية أو وضع وبرمجة محظورات في الكود البرمجي‬
‫للذكاء االصطناعي املتقدم في أنه مثال أن يبرمج فيه انه ال يجوز االعتداء على حياة أي‬
‫انسان إذا كان هناك أي تفضيل بين حياة وبين تدمير نفس والعديد من األولويات طبقا‬
‫للمعايير البرمجية فيجب أن يكون الكود البرمجي أو املبرمج أن يضع هذه املحظورات‬
‫ويبرمجها في كود البرمجة وبالتالي فإن املبرمج إذا لم يضع ويبرمج كافة املحظورات أو أثر‬
‫أو لم يتبع القواعد القانونية التي تنظم إنتاج وتصنيع االت الذكاء االصطناعي فإنه‬
‫سيكون مسؤول عنها وعن كافة أضرارها املرتكبة والناتجة عنها جنائيا‪.‬‬

‫(‪ )1‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.35‬‬

‫‪97‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫تعتبر املسؤولية الجنائية ملصنع الذكاء االصطناعي من األمور املهمة والتي غالبا ما‬
‫تثار عند ارتكاب ذلك املصنع ألي سلوك يشكل جريمة طبقا للقانون‪ ،‬و بالتالي إن البحث‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في املسؤولية الجنائية للمصنع موضوعا ضروريا لتوضيح مدى دوره في املسؤولية‬
‫الجنائية حيث أنه قد يقوم املصنع بحماية نفسه من خالل وضع بنود يذكرها في اتفاقية‬
‫االستخدام‪ ،‬والتي بدوره يوقع عليها املالك‪ ،‬وبعد توقيع املالك واستخدامه لتلك التقنية‬
‫يتحمل املالك وحده املسؤولية الجنائية عن الجرائم املرتكبة من خالل هدا الكيان‪،‬‬
‫الذي يعمل بالذكاء االصطناعي و تخلى مسؤولية املصنع عن أي جريمة ترتكب من قبل‬
‫املالك‪ .‬غير أنه قد تحدث جريمة نتيجة خطأ برمجي من مبرمج برنامج الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫كأن يحدث أن يصدر املبرمج تقنية الذكاء االصطناعي بأخطاء تتسبب في جرائم وبالتالي‬
‫يكون املبرمج هو املسؤول عنها جنائيا‪ ،‬ويجب التفرقة بين تعمد سلوكه هذا أم ال حتى‬
‫يتبين معرفة وقوع الجريمة عن طريق العمد أم الخطأ ألنه تختلف العقوبة املقررة في كل‬
‫منها(‪.)1‬‬
‫قد يقوم املبرمج بتصميم كيان الذكاء االصطناعي الرتكاب جرائم من خالله‪ .‬على‬
‫سبيل املثال‪ ،‬يقوم أحد املبرمجين بتصميم برنامج للروبوت الستخدامه في املصنع‪ ،‬ويتم‬
‫ً‬
‫برمجة برنامجه إلشعال املصنع ليال عندما ال يكون هناك أحد‪ .‬لقد قام الروبوت بإحراق‬
‫الحريق‪ ،‬لكن املبرمج يعتبر هو مرتكب الجريمة ولم يقم املستخدم النهائي ببرمجة‬
‫البرنامج‪ ،‬بل استخدم كيان الذكاء االصطناعي‪ ،‬بما في ذلك برمجياته‪ ،‬ملصلحته‬
‫ً‬
‫الخاصة‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بارتكاب الجريمة‪ ،‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬يشتري املستخدم روبوتا‬
‫يعرف الروبوت املستخدم على أنه السيد‪،‬‬‫منزلي ًا مصمم ًا لتنفيذ أي أمر يصدره سيده‪ّ ،‬‬
‫ويأمر السيد الروبوت بمهاجمة أي متسلل إلى املنزل‪ ،‬يقوم الروبوت بتنفيذ األمر ً‬
‫وفقا‬
‫متعد‪،‬‬
‫تماما‪ .‬وال يختلف هذا الوضع عن موقف من تأمر كلبها بمهاجمة أي ٍ‬ ‫للتعليمات ً‬
‫يرتكب الروبوت االعتداء‪ ،‬لكن املستخدم يعتبر مرتكب الجريمة(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،63‬ص ‪.198‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 73.‬‬

‫‪98‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ففي املثال السابق عندما يستخدم املبرمجون أو املشغلون أحد كيانات الذكاء‬
‫االصطناعي كوسيلة‪ ،‬فإن ارتكاب جريمة من قبل كيان الذكاء االصطناعي ُينسب إليهم‪،‬‬
‫إن الركن العقلي املطلوب للجريمة موجود بالفعل في أذهانهم‪ ،‬فقد كان لدى املبرمج نية‬
‫إجرامية عندما أمر بارتكاب عملية الحرق‪ ،‬وكان لدى املستخدم نية إجرامية عندما‬
‫ً‬
‫جسديا بواسطة الروبوت‪ ،‬وهو‬ ‫أمرت بارتكاب االعتداء‪ ،‬حتى لو تم ارتكاب هذه الجرائم‬
‫ً ً‬
‫كيان ذكاء اصطناعي‪ ،‬وعندما يستخدم املستخدم النهائي عميال بريئا الرتكاب جريمة‪،‬‬
‫يعتبر املستخدم النهائي هو مرتكب الجريمة الفعلي وال يوجد فرق قانوني بين كيان‬
‫ً‬
‫الذكاء االصطناعي ومفك البراغي والحيوان الذي يستخدمه الجاني ذريعة‪ ،‬فمثال عندما‬
‫يستخدم اللص مفك البراغي لفتح النافذة‪ ،‬فإنه يفعل ذلك بطريقة مفيدة‪ ،‬وال يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مفك البراغي مسؤوال جنائيا‪« .‬فعل» مفك البراغي هو عمليا عمل اللص‪ .‬وهذا هو نفس‬
‫الوضع القانوني عند استخدام الحيوان كوسيلة‪ .‬يعتبر االعتداء الذي يرتكبه الكلب بأمر‬
‫سيده بمثابة اعتداء من سيده‪.)1( .‬‬
‫وبناء على املثال السابق فإنه يتم استخدام كيان الذكاء االصطناعي بسبب قدرته‬
‫على تنفيذ أمر بارتكاب الجريمة‪ ،‬ففي املثال ال يستطيع مفك البراغي تنفيذ مثل هذا‬
‫األمر‪ ،‬لكن الكلب يستطيع ذلك‪ ،‬وال يستطيع الكلب تنفيذ أمر معقد‪ ،‬لكن كيان الذكاء‬
‫االصطناعي يستطيع ذلك(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا كان نظام الذكاء االصطناعي قويا‪ ،‬وقادرا على حساب ارتكاب جريمة إضافية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يعتبر نظام الذكاء االصطناعي مسؤوال جنائيا عن تلك الجريمة وفقا للقواعد القياسية‬
‫للمسؤولية الجنائية‪ ،‬وهذا يكمل املسؤولية الجنائية للمسؤول نظام الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫ً‬
‫ويتم تحديد املسؤولية الجنائية للمبرمج وفقا للمسؤولية املترتبة على العواقب املحتملة‬
‫التي سبق وصفها‪ ،‬وبالتالي إذا كانت الجريمة اإلضافية‪ ،‬من وجهة نظر املبرمج‪ ،‬نتيجة‬
‫محتملة للجريمة املخطط لها‪ ،‬فسيتم فرض املسؤولية الجنائية على املبرمج عن الجريمة‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 73-74.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 74.‬‬

‫‪99‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫غير املخطط لها باإلضافة إلى املسؤولية الجنائية عن الجريمة املخطط لها(‪.)1‬‬
‫إذا لم يعتبر نظام الذكاء االصطناعي قويا‪ ،‬وغير قادر على حساب ارتكاب الجريمة‬
‫اإلضافية‪ ،‬فال يمكن اعتبار نظام الذكاء االصطناعي مسؤوال جنائيا عن الجريمة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلضافية‪ .‬وفي ظل هذه الظروف‪ ،‬يعتبر نظام الذكاء االصطناعي عامال بريئا تبقى‬
‫املسؤولية الجنائية عن الجريمة اإلضافية تقع على عاتق املبرمج وحده‪ ،‬على نفس أساس‬
‫املسؤولية عن العواقب املحتملة التي سبق وصفها‪ ،‬وبالتالي إذا كانت الجريمة اإلضافية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نتيجة محتملة للجريمة املخطط لها من وجهة نظر املبرمج‪ ،‬يكون املبرمج مسؤوال جنائيا‬
‫عن الجريمة غير املخطط لها باإلضافة إلى مسؤوليته الجنائية عن الجريمة املخطط‬
‫لها(‪.)2‬‬
‫وإذا كان ليس لدى املبرمج أي نية الرتكاب أي جريمة‪ ،‬ومن وجهة نظر املبرمج‪ ،‬فإن‬
‫ً‬
‫حدوث الجريمة ليس أكثر من مجرد حادث غير مقصود ونظرا ألن مبادرة املبرمج لم تكن‬
‫إجرامية فإن املسؤولية عن العواقب املحتملة غير مناسبة‪ ،‬إن وجود جريمة مخطط لها‬
‫أمر بالغ األهمية لفرض املسؤولية عن العواقب املحتملة‪ ،‬كما تمت مناقشته ألن‬
‫املسؤولية عن العواقب املحتملة تهدف إلى معالجة التطورات غير املخطط لها لحدث‬
‫جانح مخطط له وتكون بمثابة رادع ضد املشاركة في األنشطة املنحرفة(‪.)3‬‬
‫عندما ال تكون نقطة بداية املبرمج جانحة ومن وجهة نظره أن حدوث املخالفة‬
‫يكون عرضيا‪ ،‬فإن الردع غير مناسب وغير ذي صلة‪ ،‬إن تطبيق مثل هذه اآللية للتعامل‬
‫ً‬
‫مع األخطاء والحوادث التي ال يوجد وراءها نية إجرامية سيكون أمرا غير متناسب‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبالتالي إذا كان نظام الذكاء االصطناعي الذي ارتكب الجريمة بالفعل‪ ،‬يعتبر قويا وقادرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫على تعزيز متطلبات الجريمة‪ ،‬فقد يكون مسؤوال جنائيا عن تلك الجريمة باعتباره‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مرتكبا مباشرا وإذا لم يكن األمر كذلك فإن نظام الذكاء االصطناعي ليس مسؤوال جنائيا‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 81.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 81.‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 81.‬‬

‫‪100‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫عن الجريمة(‪.)1‬‬
‫في هذا النوع من الحاالت املبرمج في أقص ى حاالت اإلهمال‪ ،‬ال تعتمد املسؤولية‬
‫الجنائية للمبرمج على املسؤولية الجنائية لنظام الذكاء االصطناعي‪ ،‬بغض النظر عما إذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان نظام الذكاء االصطناعي مسؤوال جنائيا‪ ،‬يتم فحص املسؤولية الجنائية للمبرمج عن‬
‫الجريمة غير املخطط لها بشكل منفصل‪ ،‬وألن املبرمج لم يقصد وقوع أي جريمة فإن‬
‫الركن العقلي للقصد الجنائي ال ينطبق عليه‪ ،‬ويجب فحص مسؤوليته الجنائية بمعايير‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلهمال‪ ،‬حتى يكون مسؤوال جنائيا عن جرائم اإلهمال على األكثر(‪.)2‬‬
‫أكد بعض الفقهاء على وجوب البحث في اآلثار الجانبية للبرمجيات على عملية‬
‫الذكاء االصطناعي لإلنسآلة‪ ،‬بمعنى أنه عندما يتم وضع برنامج معين في إطار الذكاء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫االصطناعي املعتمد على التعليم بالتتابع مثال‪ ،‬يجب أوال أن يتم وضع هذه البرامج تحت‬
‫التجربة ولفترة زمنية معقولة‪ ،‬والبحث في آثاره الجانبية في هذا املجال‪ ،‬لتحديد مدى‬
‫كفائته وصحته وبعد ذلك يتم اعتماده مثل مراحل االختبارات السريرية لألدوية ملعرفة‬
‫مدى نجاعتها واآلثار الجانبية املترتبة عنها(‪.)3‬‬
‫تداخل الذكاء االصطناعي مع العمل البشري له دور كبير في النتائج التي قد تترتب‬
‫ً‬
‫على عمله‪ ،‬وفي نفس الوقت نظرا لفقدان الذكاء االصطناعي لعنصر اإلدراك‪ ،‬فال يكون‬
‫ً‬
‫مسؤوال عن اعماله‪ ،‬لكن هذه األعمال ُيسأل عنها العنصر البشري الذي ساهم في‬
‫تكوينه‪ ،‬وكل ذلك سيقودنا إلى مجموعة من العناصر البشرية املساهمة في تكوينه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبلورته‪ ،‬بدئا من الصانع‪ ،‬إلى املروج‪ ،‬إلى املبرمج‪ ،‬إلى املطور‪ ،‬وصوال إلى املالك ومن ثم‬
‫املستخدم‪ ،‬مثل حال وإطار الحوادث التي يمكن أن تقع من قبل السيارات الذكية تجاه‬
‫الغير‪ ،‬أو املنصات الرقمية التي يكون لديها قدرة املحاكاة‪ ،‬وإعطاء االرشادات والنصائح‪،‬‬
‫بل وحتى تقديم التقييمات‪ ،‬والتي يمكن فيها االعتداء على الحياة الخاصة لألفراد أو‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 81- 82.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 82.‬‬
‫(‪ )3‬الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،21‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التجريح بهم وما نحو ذلك(‪.)1‬‬


‫تعتبر املسؤولية الجنائية للشركة املصنعة واملبرمجة للذكاء االصطناعي من أول‬
‫املسائل املثارة عند حدوث جريمة بفعل سلوك صادر عن كيانات الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫فقد تعمل هذه الشركات املصنعة واملبرمجة على حماية نفسها من املسؤولية عن طريق‬
‫ّ‬
‫بنود تذكرها في اتفاقية االستخدام عند عملية الشراء ويوقع عليها املالك‪ ،‬فيتحمل‬
‫املسؤولية الجنائية وحده عن هذه الجرائم املرتكبة بفعل سلوك صادر عن كيانات‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬وعندئذ تخلي هذه الشركات املصنعة واملبرمجة التي لها اإلسهام‬
‫املباشر فيما انتهى إليه فعل الذكاء االصطناعي من خالل تصنيعها وبرمجتها على نحو‬
‫ّ‬
‫معين أدى بها إلى هذه الفعل الذي شكل جريمة جنائية(‪.)2‬‬
‫وقد تكون املسؤولية الجنائية عن أفعال الذكاء االصطناعي غير واضحة‪ ،‬فالقوانين‬
‫املنظمة للمسؤولية الجنائية عن املنتجات غير واضحة في مجال الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫ويترتب على هذا إعفاء املصنعين من املسؤولية الجنائية‪ ،‬ال سيما وأن تقنيات الذكاء‬
‫االصطناعي اليوم كالروبوتات قد وصلت إلى مرحلة متقدمة تحاكي العمل البشري إلى حد‬
‫ً‬
‫ما‪ ،‬ولكن ال يمكنها أن تتصرف كالبشر بشكل تام أبدا‪ ،‬وعليه فال يمكن تحميلها‬
‫املسؤولية الجزائية كما يتحملها اإلنسان‪ ،‬ذلك أن املسؤولية الجنائية تستلزم أن يكون‬
‫ً‬
‫املسؤول أهال لها وصاحب إرادة وإدراك‪ ،‬وهذا ما ال يتوافر في الذكاء االصطناعي بشكل‬
‫تام ومطلق(‪.)3‬‬
‫وتسعى الشركات املصنعة واملبرمجة لتقنيات الذكاء االصطناعي إلى التهرب والتحلل‬
‫من املسؤولية الجنائية‪ ،‬وذلك من خالل وسيلتين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫أن تقوم الشركة املصنعة واملبرمجة لتقنيات الذكاء االصطناعي بتقديم التوضيح‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )1‬الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،21‬بدون رقم صفحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.36‬‬
‫(‪ )3‬حاتم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،120‬ص ‪.32‬‬

‫‪102‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ملشتري هذه التقنيات عن إمكانية قيامها بمهاجمة أهداف خاطئة‪ ،‬وبذلك يمكنهم‬
‫التخلص من املسؤولية املترتبة عن هذه األفعال‪ ،‬ومن ثم إلقاء مسؤوليتها وتبعتها‬
‫على املشتري لها أو من يقوم بإرسالها إلى ميدان املعركة‪.‬‬
‫أن تدعي تلك الشركات املصنعة واملبرمجة لتلك التقنيات بأن هذه التقنيات‬ ‫‪‬‬
‫واألسلحة تتمتع باستقالل ذاتي‪ ،‬وبالتالي فهي من تتحمل املسؤولية الجنائية عن‬
‫أفعالها‪ ،‬ال النائب أو الوكيل عنها ألنها تعمل باستقالل ذاتي‪ ،‬وال يمكن مساءلة‬
‫ً‬
‫الغير عنها‪ ،‬وإنما تتحمل تلك الكيانات املسؤولية عن أفعالها نظرا لهذا‬
‫االستقالل(‪.)1‬‬
‫وفي بعض األحيان ليس من العدل أن يتم تحميل املسؤولية عن أخطاء الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي للمصنع واملبرمج دائما‪ ،‬فبعض من الحاالت ال يكون الخطأ الصادر عن‬
‫ً‬
‫الذكاء االصطناعي راجعا إلى املصنع أو املبرمج‪ ،‬وإنما يرجع ألسباب أخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫وبناء على ما سبق تتعدد املسؤولية الجنائية وفقا لظروف كل حالة‪ ،‬وحيث يتحمل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املصنع واملبرمج املسؤولية الجنائية في حال كان الفعل الذي شكل جريمة نتيجة‬ ‫كل من‬
‫ً‬
‫إلى ما قاموا به من تصنيع وبرمجة‪ ،‬بحيث تكون تلك األفعال املجرمة جزءا من اآللية أو‬
‫التقنية التي تمت صناعة الذكاء االصطناعي وبرمجته عليها‪ ،‬كما هو في حال الروبوت‬
‫صنع لوظيفة محددة وهي القتال(‪.)2‬‬ ‫املقاتل‪ ،‬الذي ُ‬

‫مسؤولية املالك أو املستخدم‪:‬‬


‫املالك أو املستخدم هو الشخص الذي يتمتع ويستخدم تقنيات الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫وهو من يحتمل أن يقوم بإساءة استخدام الذكاء االصطناعي‪ ،‬بحيث يصدر عنه سلوك‬
‫ً‬
‫مجرم قانونا ومعاقب عليه‪ ،‬ويأخذ سلوك املالك واملستخدم للذكاء االصطناعي عدة‬
‫حاالت وصور‪:‬‬

‫(‪ )1‬حاتم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،120‬ص ‪.33‬‬


‫(‪ )2‬إطميزي‪ ،‬سارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪.48-31،47‬‬

‫‪103‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الصورة األوىل‪:‬‬
‫أن تحدث الجريمة نتيجة لسلوك املالك أو املستخدم وحده‪ ،‬بحيث يتوقف وجود‬
‫الفعل املشكل للجريمة على هذا السلوك‪ ،‬فيتحمل املالك أو املستخدم املسؤولية‬
‫الجنائية بشكل تام‪.‬‬
‫ُ‬
‫أي وهي أن تقوم الجريمة نتيجة املالك أو املستخدم لوحده فلوال سلوكه املرتكب‬
‫من قبله ملا وقعت الجريمة وهنا تقع املسؤولية الجنائية كاملة عليه‪ ،‬ومثال على ذلك كأن‬
‫يقوم املستخدم او املالك بتعطيل التحكم اآللي في السيارة ذاتية القيادة واإلبقاء فقط‬
‫على التوجيهات الصوتية التي تصدر من برنامج الذكاء االصطناعي وبالتالي يكون هنا هو‬
‫وحده املتحكم في السيارة فأثناء القيادة صدر له تنبيه من البرنامج بأمر معين لتجنب‬
‫حادثة إال أنه لم ينفد هذا األمر فتقع املسؤولية الجنائية عليه لوحده(‪.)1‬‬
‫ومثال آخر قضية ‪ V.U.S IN Klein‬التي تتلخص وقائعها في قيام طيار بوضع الطائرة‬
‫على الطيار اآللي أثناء الهبوط على الرغم من تحذير اللوائح من أن يقوم باستخدامه في‬
‫ذلك مما أدى إللحاق ضرر جسيم بالطائرة بسبب ذلك الهبوط الس يء من قبل الطيار‬
‫اآللي‪ ،‬وعلى الرغم من وجود خطأ من جانب الطيار اآللي إال أن الطيار كان وراء هذا‬
‫ً‬
‫الخطأ وبالتالي يكون مسؤوال عن األضرار التي أصابت الطائرة(‪.)2‬‬
‫الصورة الثانية‪:‬‬
‫أن تحدث الجريمة نتيجة لسلوك املالك أو املستخدم باالشتراك مع طرف آخر‬
‫ّ‬
‫كاملصنع أو كيان الذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬أو طرف خارجي‪ ،‬فتكون املسؤولية الجنائية‬
‫في هذه الصورة مشتركة‪ .)3( .‬ومن األمثلة على ذلك كأن يقوم مالك سيارة بتغيير أوامر‬
‫التشغيل املوجودة في السيارة ذاتية القيادة بمساعدة متخصص في هذا املجال من أجل أن‬

‫(‪ )1‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،63‬ص ‪.198‬‬


‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.97‬‬
‫(‪ )3‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.38‬‬

‫‪104‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫يقوم باستغاللها في ارتكاب جريمة ونفي املسؤولية الجنائية عنه وإلصاق تلك املسؤولية‬
‫بالسيارة ومصنعها ففي هذه الحالة تكون املسؤولية الجنائية مشتركة(‪.)1‬‬
‫وقد ذهب جانب من الفقه القانوني إلى أن املالك واملستخدم هو من يتحمل‬
‫املسؤولية الجنائية عن أفعال الذكاء االصطناعي التي تشكل جرائم‪ ،‬ألنه هو من يس يء‬
‫استخدام هذه التقنيات‪ ،‬وعليه فاملستخدم للتقنية هو من يتحمل املسؤولية الجنائية‬
‫عن تلك األفعال الناتجة عن استخدامه‪ ،‬وفي املجال العسكري للذكاء االصطناعي فإن‬
‫املسؤولية الجنائية يتحملها القائد العسكري الذي أعطى األوامر باستخدام السالح‬
‫الذي يعتمد على الذكاء االصطناعي‪ ،‬في حال نتج عن أفعاله جريمة جنائية(‪.)2‬‬
‫وبناء على تقييم الدول للمادة ‪ 36‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ ،1977‬امللحق‬
‫باتفاقيات جنيف لعام ‪ ،1949‬فإن الدول التي تنشر روبوتات في ميدان القتال عليها‬
‫اصدار تعليمات واضحة لقادتها العسكريين بشأن توقيت استخدام الروبوتات‬
‫والظروف التي يمكن استخدامها فيها إذ ال يتطلب منهم فهم البرمجة املعقدة للروبوت‬
‫وإنما فهم النتيجة وهي ما يجب على الروبوت فعله من عدمه(‪.)3‬‬
‫ويرى جانب آخر من الفقه القانوني بأنه‪ :‬ال يمكن القول بمسؤولية مالك كيانات‬
‫ً‬
‫الذكاء االصطناعي استنادا إلى نظريات تنتمي إلى عصر اآلالت التقليدية ما قبل ظهور‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬وذلك الختالف طبيعتها وآلية عملها‪ ،‬فاملالك لكيانات الذكاء‬
‫االصطناعي ال يسيطر حقيقة سيطرة الحارس للش يء‪ ،‬وليس له حق التوجيه والرقابة‬
‫ً‬
‫بشكل مطلق على الذكاء االصطناعي‪ ،‬كما هو معروف في اآلالت التقليدية وفقا لنظرية‬
‫حارس األشياء‪ ،‬لذلك ال بد من تطوير القواعد العامة للمسؤولية عن أفعال الذكاء‬

‫(‪ )1‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص ‪.198‬‬


‫(‪ )2‬حاتم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،120‬ص ‪.33‬‬
‫(‪ )3‬عمر مكي‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني في النزاعات املسلحة املعاصرة‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪،‬‬
‫‪2017‬م‪ ،‬ص ‪.150‬‬

‫‪105‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫االصطناعي بوجه عام‪ ،‬واملسؤولية الجنائية منها بوجه خاص(‪.)1‬‬


‫فعلى سبيل املثال اشترى شخصا سيارة ذاتية القيادة بالتالي تفرض عليه شراء هذه‬
‫السيارة العديد من االلتزامات في أن يدقق ويرى إرشادات تشغيل هذه املركبة بحيث‬
‫يعرف األمور املباحة واملحظورات فيها‪ ،‬يتابع بشكل دوري صيانة هذا النوع من السيارات‬
‫فيمكن ان يتحكم ويتالعب في الكود البرمجي حتى يستخدم هذه االلة (السيارة ذاتية‬
‫القيادة) في عمل جريمة جنائية على سبيل املثال شخص قد تشاجر مع شخص اخر في‬
‫اي موضوع ويخاف ان يقتله بنفسه وان يترتب عليه مسؤولية جنائية فيحضر سيارته‬
‫ويتالعب باإلعدادات والكود البرمجي ويقوم بتشغيلها عن بعد ومسافة من ذلك الشخص‬
‫بحيث يكون موجهها ألن تصطدم ذلك الشخص فتصيبه وتعمل حادث جنائي ففي هذه‬
‫الحادثة شخص استخدم هذه األلة بحجة أن املسؤولية الجنائية سوف تقع عليها في‬
‫ارتكاب الجريمة الجنائية ففي هذه الحالة ومن خالل الكود البرمجي املستخدم يمكن‬
‫املالك أنه قد تحكم وتالعب في الكود البرمجي الخاص بهذه السيارة وتحكم فيه وأصبح‬
‫متدخال في أوامرها اثناء القيادة فبالتالي يمكن اسناد املسؤولية الجنائية واالضرار‬
‫الناجمة للمالك‪.‬‬
‫وعليه‪« ،‬يمكن أن تتحدد املسؤولية الجنائية بمستعمل الذكاء االصطناعي وذلك‬
‫على نحو مخالف من أجل ارتكاب جريمة معينة أو دفعه الرتكباها بحيث يصبح‬
‫املستخدم أو املالك هو الفاعل املعنوي بينما يكون الذكاء الصناعي أو الروبوت هو‬
‫الفاعل املادي وهنا يمكن تطبيق نظرية الفاعل املعنوي وإسناد املسؤولية الجنائية كاملة‬
‫للمالك أو املستخدم‪.) 2(».‬‬
‫كما يتفق أغلب الفقهاء على أن الفاعل املعنوي هو الذي يقوم بتنفيذ الجريمة‬
‫بواسطة غيره الذي لم يكن سوى آلة في يده وقد حركها للوصول إليه إلى مأربه‪ ،‬فالفاعل‬

‫(‪ )1‬محمد بلتاجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،‬ص ‪.1906‬‬


‫(‪ )2‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص‪.198‬‬

‫‪106‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املعنوي يقوم باستغالل حسن النية لدى منفذ الفعل املادي للجريمة أو يستغل عدم‬
‫إدراكه لألمور‪ ،‬كأن يكون عديم األهلية لصغر سنه أو لعلة في عقله‪ ،‬فليس من املتصور‬
‫تحريض مثل هؤالء األشخاص على ارتكاب الجريمة لذا فإن من يدفع أحدهم على تنفيذ‬
‫الركن املادي للجريمة يكون فاعال معنويا لها‪ ،‬وكذلك يمكن تطبيق هذه االحكام على‬
‫املالك و املستخدم للذكاء االصطناعي و الذي يستعمله في ارتكاب جريمة ما أو يبرمجه‬
‫لهدا الغرض ‪.‬وفي هذا اإلطار أيضا يطرح تساؤل هام حول طبيعة مسؤولية املالك او‬
‫املستخدم للذكاء االصطناعي الذي يحوزه إذا ما كانت مسؤولية مفترضة أم انه يجب‬
‫اثباتها(‪.)1‬‬
‫وحسب الرأي الراجع هو أنه البد من اعتبار تلك املسؤولية مفترضة في الجرائم التي‬
‫يقوم بارتكابها املالك او املستخدم عن طريق الذكاء االصطناعي و عليه هو أن يثبت‬
‫العكس و هدا يعني التوجه من نظام املسؤولية املبنية على نظام الخطأ إلى املسؤولية‬
‫املبنية على نظام املخاطر(‪.)2‬‬
‫نص التشريع الفلسطيني في القرار بقانون رقم (‪ )10‬لسنة ‪2018‬م وتعديالته بشأن‬
‫الجرائم اإللكترونية على عدد من الجرائم اإللكترونية وقرر لها عقوبات مختلفة على‬
‫ً‬
‫مستخدمي األجهزة اإللكترونية تنفيذا لفعل إجرامي يعاقب القانون عليه‪ ،‬وهذه الجرائم‬
‫ً‬
‫تدخل ضمن جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬وفقا للتعريف السابق ذكره للذكاء االصطناعي‬
‫ً‬
‫من أنها تلك الجرائم التي يكون الحاسوب وسيطا فيها أو أداة لها‪.‬‬
‫عرف قانون الجرائم اإللكترونية تكنولوجيا املعلومات بأنها‪« :‬أي وسيلة‬ ‫فقد ّ‬
‫إلكترونية مغناطيسية بصرية كهرو كيميائية‪ ،‬أو أي وسيلة أخرى سواء أكانت مادية أم‬
‫غير مادية‪ ،‬أو مجموعة‪ ،‬أو مجموعة وسائل مترابطة أو غير مترابطة تستخدم ملعالجة‬
‫البيانات وأداء املنطق والحساب أو الوظائف التخزينية‪ ،‬وتشمل قدرة تخزين بيانات أو‬

‫(‪ )1‬دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص‪.37‬‬


‫(‪ )2‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص‪.199‬‬

‫‪107‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫اتصاالت تتعلق أو تعمل باالقتران مع مثل هذه الوسيلة»(‪.)1‬‬


‫ّ‬
‫وعرف الشبكة اإللكترونية بأنها‪« :‬ارتباط بين أكثر من وسيلة لتكنولوجيا املعلومات‬
‫للحصول على املعلومات وتبادلها‪ ،‬بما في ذلك الشبكات الخاصة أو العامة أو الشبكة‬
‫العاملية (اإلنترنت) (‪.)2‬‬
‫وعرف البيانات واملعلومات اإللكترونية بأنها‪« :‬كل ما يمكن تخزينه أو معالجته أو‬ ‫ّ‬
‫إنشاؤه أو توريده أو نقله باستخدام تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬بوجه خاص الكتابة أو‬
‫الصور أو الصوت أو األرقام أو الحروف أو الرموز أو اإلشارات وغيرها»(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وعرف بعض األفعال التي تشكل نشاطا إجراميا‪ ،‬كاالختراق‪ :‬وهو الدخول غير‬
‫املصرح به أو غير املشروع لنظم تكنولوجيا املعلومات أو الشبكة اإللكترونية»(‪ ،)4‬وعرف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلتالف‪ :‬وهو تدمير البرامج اإللكترونية سواء أكان كليا أم جزئيا‪ ،‬أو جعلها على نحو غير‬
‫صالحة لالستعمال»‪ ،‬كما وعرف االلتقاط بأنه‪« :‬مشاهدة البيانات أو املعلومات أو‬
‫الحصول عليها»(‪.)5‬‬
‫وسوف نتناول بعض العقوبات التي قررها املشرع الفلسطيني في قانون الجرائم‬
‫اإللكترونية كي توقع على مستخدمي الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ً‬
‫يعاقب قانون الجرائم اإللكترونية كل من يدخل عمدا دون وجه حق بأي وسيلة إلى‬
‫موقع إلكتروني أو نظام أو شبكة إلكترونية أو وسيلة تكنولوجيا معلومات بالحبس أو‬
‫بغرامة ال تقل عن مائتي دينار أردني‪ ،‬وال تزيد على ألف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة‬
‫ً‬
‫املتداولة قانونا‪ ،‬أو بكلتا العقوبتين(‪ .)6‬كما يعاقب قانون الجرائم اإللكترونية بالحبس أو‬

‫املادة (‪ )1‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫املادة (‪ )1‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫املادة (‪ )1‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫املادة (‪ )1‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫املادة (‪ )1‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫املادة (‪ )4‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪108‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫بغرامة ال تقل عن مائتي دينار أردني وال تزيد على ألف دينار أردني‪ ،‬أو ما يعادلها بالعملة‬
‫ً‬
‫املتداولة قانونا أو بكلتا العقوبتين‪ ،‬كل من يعيق أو يعطل الوصول إلى الخدمة أو‬
‫الدخول إلى األجهزة أو البرامج أو مصادر البيانات أو املعلومات بأي وسيلة كانت عن‬
‫طريق الشبكة اإللكترونية أو إحدى وسائل تكنولوجيا املعلومات(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ويعاقب قانون الجرائم اإللكترونية من يقوم عمدا بفك بيانات مشفرة في غير‬
‫ً‬
‫األحوال املصرح بها قانونا بالحبس أو بغرامة ال تقل عن مائتي دينار أردني‪ ،‬وال تزيد على‬
‫ً‬
‫ألف دينار أردني‪ ،‬أو ما يعادلها بالعملة املتداولة قانونا‪ ،‬أو بكلتا العقوبتين(‪.)2‬‬
‫كما ويعاقب القانون ذاته بالحبس وبغرامة ال تقل عن مائتي دينار أردني‪ ،‬وال تزيد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫على ألف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة املتداولة قانونا‪ ،‬كل من يقوم عمدا عبر‬
‫استخدام الشبكة العنكبوتية أو إحدى وسائل تكنولوجيا املعلومات بإنشاء أو نشر‬
‫شهادة صحيحة أو قدم بيانات غير صحيحة عن هويته إلى الجهات املختصة بموجب‬
‫القوانين الخاصة بإصدار الشهادات بغرض طلب استصدار شهادة أو إلغائها أو‬
‫إيقافها(‪.)3‬‬
‫ويعاقب القانون ذاته على جريمة تزوير مستند إلكتروني رسمي من مستندات‬
‫الدولة أو الهيئات أو املؤسسات العامة بالسجن مدة ال تقل عن خمس سنوات‪ ،‬وبغرامة‬
‫ال تقل عن ثالثة آالف دينار أردني‪ ،‬وال تزيد عن خمسة آالف دينار أردني‪ ،‬أو ما يعادلها‬
‫ً‬
‫بالعملة املتداولة قانونا(‪.)4‬‬
‫ويعاقب قانون الجرائم اإللكترونية بعقوبة بالحبس مدة ال تقل عن ستة أشهر‪ ،‬أو‬
‫بغرامة ال تقل عن خمسمائة دينار أردني‪ ،‬وال تزيد على ألف دينار أردني‪ ،‬أو ما يعادلها‬

‫املادة (‪ )5‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫املادة (‪ )1/8‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫املادة (‪ )10‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫املادة (‪ )11‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪109‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫بالعملة املتداولة قانونا‪ ،‬أو بكلتا العقوبتين(‪.)1‬‬
‫ويعاقب بالعقوبة السابقة كل من زور وسيلة تعامل إلكترونية بأي وسيلة إلكترونية‬
‫كانت‪ ،‬أو صنع أو حاز بدون ترخيص أجهزة أو مواد تستخدم في إصدار أو تزوير بطاقة‬
‫التعامل اإللكتروني(‪.)2‬‬
‫ويعاقب قانون الجرائم اإللكترونية كل من يستعمل الشبكة اإللكترونية أو إحدى‬
‫وسائل تكنولوجيا املعلومات في سرقة أموال أو اختالسها؛ بالسجن أو بغرامة ال تقل عن‬
‫ثالثة آالف دينار أردني‪ ،‬وال تزيد على خمسمائة آالف دينار أردني‪ ،‬أو ما يعادلها بالعملة‬
‫ً‬
‫املتداولة قانونا‪ ،‬أو بكلتا العقوبتين(‪.)3‬‬
‫ويعاقب القانون بالحبس أو بغرامة ال تقل عن مائتي دينار وال تزيد على ألف دينار‬
‫أردني‪ ،‬كل من استعمل الشبكة اإللكترونية أو إحدى وسائل تكنولوجيا املعلومات في‬
‫تهديد شخص آخر‪ ،‬أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو االمتناع عنه‪ ،‬ولو كان هذا‬
‫ً‬
‫الفعل أو االمتناع مشروعا(‪.)4‬‬
‫وبناء على ما سبق من نصوص قانونية فإنه يتبين أن العقوبات التي توقع على‬
‫ً‬
‫مستخدمي الذكاء االصطناعي وفقا لنصوص التشريع الفلسطيني من خالل قانون‬
‫الجرائم اإللكترونية تنحصر في عقوبة الحبس الذي يقل عن ثالث سنوات‪ ،‬وعقوبة‬
‫السجن الذي يزيد على ثالث سنوات وال يزيد عن خمسة عشر سنة‪ ،‬وعقوبة الغرامة‬
‫املالية التي ال تزيد عن خمسة آالف دينار‪.‬‬
‫وفيما يخص الجزاء الواقع على كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬بداية فقد نص قانون‬
‫العقوبات الفلسطيني رقم (‪ )16‬لعام ‪1960‬م(‪ .)5‬على العقوبات‪ ،‬وقسمها إلى عقوبات‬

‫املادة (‪ )1/12‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫املادة (‪ )2/12‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫املادة (‪ )13‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫املادة (‪ )15‬من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫قانون العقوبات الفلسطيني رقم (‪ )16‬لعام ‪1960‬م‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪110‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫جنائية وهي‪ :‬اإلعدام‪ ،‬واألشغال الشاقة املؤبدة‪ ،‬واالعتقال املؤبد‪ ،‬واألشغال الشاقة‬
‫املؤقتة‪ ،‬واالعتقال املؤقت(‪ ،)1‬وعقوبات جنحية وهي‪ :‬الحبس‪ ،‬والغرامة‪ ،‬والربط‬
‫بكفالة(‪ ،)2‬ثم العقوبات التكديرية وهي‪ :‬الحبس التكديري‪ ،‬والغرامة(‪.)3‬‬
‫تطبق هذه العقوبات املذكورة على اإلنسان الطبيعي‪ ،‬وال يمكن تصور تطبيقها على‬
‫كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬لتعذر تطبيقها من حيث اختالف طبيعة كيانات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬ومن حيث استحالة تحقيق الغاية من تطبيق العقوبة الجنائية التي ألجلها‬
‫قررت‪.‬‬
‫ونص قانون العقوبات على عقوبات أخرى في الفصل الثاني منه بعنوان التدابير‬
‫االحترازية‪ ،‬منها عقوبة املصادرة العينية(‪ ،)4‬فجاء في املادة (‪ )30‬من القانون ذاته‪« :‬مع‬
‫مراعاة حقوق الغير ذي النية الحسنة‪ ،‬يجوز مصادرة جميع األشياء التي حصلت نتيجة‬
‫لجنائية أو جنحة مقصودة‪ ،‬أو التي استعملت في ارتكابها أو كانت معدة القترافها‪ ،‬أما في‬
‫الجنحة غير املقصودة أو في املخالفة فال يجوز مصادرة هذه األشياء إال إذا ورد في‬
‫القانون نص على ذلك»‪.‬‬
‫وقد حصر قانون العقوبات التي توقع على الشخصية االعتبارية‪ ،‬أي على ما دون‬
‫الشخصية الطبيعية املتمثلة في اإلنسان بعقوبتي املصادرة والغرامة‪ ،‬حيث جاء في املادة‬
‫(‪ .3« :)74‬ال يحكم على األشخاص املعنويين إال بالغرامة أو املصادرة»‪.‬‬
‫ُ‬
‫«إن اإلشكاالت الناجمة عن تعويض األضرار التي تسببها الروبوتات تحل من خالل‬
‫إقرار نظام تأمين إلزامي عن حوادث الروبوت‪ ،‬إضافة إلى إلزامية إنشاء صناديق خاصة‬
‫لتغطية أضرارها كنظام مكمل للتأمين في حال عدم وجود غطاء تأميني»(‪.)5‬‬

‫املادة (‪ )14‬من قانون العقوبات الفلسطيني‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫املادة (‪ )15‬من قانون العقوبات الفلسطيني‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫املادة (‪ )16‬من قانون العقوبات الفلسطيني‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫املادة (‪ )28‬من قانون العقوبات الفلسطيني‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫كوثر منسل‪ ،‬وفاء شناتلية‪ ،‬إثبات الخطأ الطبي في مجال الجراحة الروبوتية‪-‬نظام دافنش ي نموذجا‪=،-‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪111‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫أما بالنسبة للعقوبات املفروضة على تطبيقات الذكاء االصطناعي وحسب ما ذهب‬
‫اغلب الفقهاء إلى أنه يجب أن تطبق عقوبات خاصة ومن األمثلة عليها‪ :‬منع املزاولة لذلك‬
‫البرنامج ملدة محددة أو الحل أو اإليقاف إذا كان يمثل خطرا أو مصادرته وإذا تمت‬
‫الترتيب عليه الشخصية االلكترونية‪.‬‬
‫ومن املمكن فرض عليه بعض االلتزامات املادية والجزاءات املالية‪ ،‬مثل‪ :‬دفع غرامة‬
‫مالية لصالح خزينة الدولة‪ ،‬بحيث يتم دفعها من الذمة املالية املستقلة املفترضة لكيان‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬وقد أقرت التشريعات األوروبية ذلك(‪.)1‬‬
‫ومن املتوقع استحداث عقوبات جديدة تتناسب مع أنواع الجرائم العصرية‬
‫لكيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬مثل‪ :‬إنهاء الخدمة‪ ،‬أو تعطيل جزء‪ ،‬أو إعادة هيكتلة‬
‫وبرمجته‪ ،‬فمثال الروبوت وتقنيات الذكاء االصطناعي األخرى جمادات ال يمكن معاقبتها‬
‫بالسجن أو الغرامة أو اللوم أو اإلنذار وغيرها من العقوبات التي تعتمد على أسلوب‬
‫الردع والكف القائم على املشاعر اإلنسانية‪ ،‬والخوف‪ ،‬والشعور بالذنب أو تقييد‬
‫الحريات‪ ،‬فجميعها غير مجدية وال تؤثر نهائيا في كيانات الذكاء االصطناعي(‪.)2‬‬
‫زعم بعض الفقهاء األوروبيين التقليديين عدم جواز إيقاع العقوبات على االنسآلة‬
‫(الروبوت) فهذه العقوبات بطبيعتها ليست جامدة بل مطردة ومتغيرة بتغير الواقع‬
‫والحال‪ ،‬األمر الذي أوجب إنشاء ووجود الترخيص ووقف النشاط على سبيل املثال‪،‬‬
‫وهذا يعني أنه ال مراد في جواز إنشاء عقوبات تتناسب مع الطبيعة القانونية الخاصة‬
‫لالنسآلة (الروبوت) (‪.)3‬‬

‫= مداخلة قدمت في امللتقى الوطني عبئ إثبات الخطأ الطبي املرفقي في املؤسسات العمومية للصحة‬
‫وتطبيقاته القضائية في الجزائر‪ ،2021 ،‬ص‪.4‬‬
‫(‪ )1‬إدلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،32‬ص‪.109‬‬
‫(‪ )2‬الزهراني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،81‬بدون رقم صفحة‪.‬‬
‫(‪ )3‬محمود الشريف‪ ،‬املسؤولية الجنائية لألنسآلة‪ :‬دراسة تأصيلية مقارنة‪Arab Journal of Fornsic and ،‬‬
‫‪ ،2001 ،issu 1 ،Medcine‬ص‪.11‬‬

‫‪112‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫أيضا اختلف الفقه القانوني حول مسألة استقالل الروبوت بعمله من حيث‬
‫التفكير واتخاذ القرارات على اعتبار أنها آلة تحاكي الذكاء البشري‪ ،‬وهذه الفرضية‬
‫ّ‬
‫كاملصنع‪،‬‬ ‫تستدعي القول بعدم إمكانية مساءلة األشخاص القائمين على إيجاد الروبوت‪،‬‬
‫واملبرمج‪ ،‬واملالك واملستخدم؛ ألن هذه الروبوتات مستقلة بذاتها‪ ،‬وتعمل بمعزل عن‬
‫هؤالء األشخاص في هذه الحاالت(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ويرى االتجاه القانوني الذي يضع فرضية استقالل الروبوت بعمله يثير تحديا‬
‫ً‬
‫قانونيا يتعلق باملسؤولية القانونية بوجه عام‪ ،‬كاملسؤولية املدنية التي تقوم نتيجة‬
‫ً‬
‫إحداث الروبوت ضررا بالغير‪ ،‬واملسؤولية الجنائية التي تثور عند ارتكاب هذه‬
‫التكنولوجيا ألفعال تشكل جرائم جنائية يعاقب عليها قانون العقوبات(‪.)2‬‬
‫وعلى الرغم من أن تعريف الذكاء االصطناعي في حقيقته عبارة عن سلوك يسعى‬
‫ملحاكاة الذكاء البشري إلحداث آثار محددة عبر اتخاذ قرارات مستقلة وبحرية؛ إال أن‬
‫ً‬
‫هذا الذكاء االصطناعي يعتمد أساسا في برمجته على الخوارزميات التي تتكون من‬
‫مدخالت ومخرجات ال تتم إال بمجموعة من الوسائل املادية‪.)3( .‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وال يمكن وصف الذكاء االصطناعي وصفا دقيقا‪ ،‬فهو ظاهرة ال يمكن مالحظتها‬
‫بشكل مباشر‪ ،‬إال من خالل نتائجه‪ ،‬فال يزال الذكاء االصطناعي حتى يومنا هذا يعتمد‬
‫على اإلنسان ليزوده بالخوارزميات الالزمة لعمله ولتشغيله‪ ،‬مما يعني عدم استقالل‬
‫كيانات الذكاء االصطناعي بذاتها‪ ،‬وأنها تعمل بناء على تحكم اإلنسان فيها(‪.)4‬‬
‫ً‬
‫إن مصطلح الذكاء االصطناعي نفسه يشير إلى أن هذا النوع من الذكاء ليس عاديا‪،‬‬
‫وأنه مصنوع من ومخترع من ِقبل جهة ما‪ ،‬فكلمة «اصطناعي» و«مصطنعة» تعني أن هذا‬
‫النوع من الذكاء هو من صنع اإلنسان‪ ،‬ويقوم هذا الذكاء على استخدام العقل‪ ،‬ولديه‬

‫حاتم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،120‬ص ‪.32‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،9‬ص ‪.162‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،9‬ص ‪.160‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،9‬ص ‪.165‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪113‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫القدرة على تطبيق التعلم واملعرفة في التعامل والتفكير والفهم والتعامل مع املواقف‪،‬‬
‫وبإمكانه اتخاذ قراراته بشكل مستقل في بعض األحيان‪ ،‬وهذا يستلزم القول بوجود‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املسؤولية القانونية عن أفعال الذكاء االصطناعي‪ ،‬تحديدا الروبوت الذي يشكل نموذجا‬
‫يحاكي الذكاء البشري إلى حد ما(‪.)1‬‬
‫فعلى صعيد املستوى األوروبي هناك اتفاق على قواعد املسؤولية عن فعل‬
‫الروبوت‪ ،‬والتي تقوم على أساس أن أفعال الروبوت ترجع إلى وكيل أو نائب بشري‪،‬‬
‫كالشركة املص ّنعة أو املبرمج‪ ،‬أو املالك واملستخدم له‪ ،‬وأن هذا الوكيل يفترض فيه أن‬
‫ّ‬
‫املجرم الناتج عن فعل الروبوت‪ ،‬ويجب عليه أن يبتعد عنه‬ ‫يتوقع السلوك الضار أو‬
‫و ّ‬
‫يتجنبه(‪.)2‬‬
‫وفي إحدى النقاشات داخل لجنة الشؤون القانونية في االتحاد األوروبي قامت هذه‬
‫اللجنة بإثارة وطرح بعض املسائل املتعلقة باملسؤولية عن أفعال الروبوت‪ ،‬إلى أن انتهت‬
‫اللجنة وعمدت إلى إصدار مجموعة من التوصيات وقدمتها إلى اللجنة املختصة بإصدار‬
‫القوانين‪ ،‬وقد أصدرت قواعد القانون املدني للروبوتات في فبراير عام ‪2017‬م‪ ،‬واتجه‬
‫االتحاد األوروبي حينها إلى تبني فكرة أن الذكاء االصطناعي تكنولوجيا مسخرة لخدمة‬
‫ً‬
‫اإلنسان وأنه خادم مطيع لإلنسان‪ ،‬وأنه ليس جمادا ال يعقل‪ ،‬بل هو عبارة عن كائن آلي‬
‫يعمل بمنطق بشري مبتدئ قابل للتطوير‪ ،‬فابتكر االتحاد األوروبي في هذا القانون فكرة‬
‫ً‬
‫النائب اإلنساني ليكون مسؤوال عن أفعال الذكاء االصطناعي‪ ،‬وبموجبه تقوم املسؤولية‬
‫ً‬
‫القانونية عن أفعال الروبوت على نائب إنساني‪ ،‬نظرا لعدم إمكانية مساءلة الروبوت ألنه‬
‫ال يتمتع بالشخصية القانونية‪ ،‬وال يتمتع باإلدراك واألهلية(‪.)3‬‬
‫أما بالنسبة لنظرة الفقه اإلسالمي فلم يتحدثوا عن املسؤولية الجنائية عن أضرار‬

‫(‪ )1‬إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،121‬ص ‪.74‬‬


‫(‪ )2‬إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،121‬ص ‪.74‬‬
‫(‪ )3‬محمد البلتاجي‪ ،‬أثر الذكاء االصطناعي في سوق األوراق املالية‪ ،‬مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪،‬‬
‫جامعة املنصورة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬عدد ‪2021 ،75‬م‪ ،‬ص ‪.1923‬‬

‫‪114‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الذكاء االصطناعي ألنه لم يشهد عصرهم الذكاء االصطناعي الذي في عصرنا إال أنهم قد‬
‫تحدثوا بشكل عام عن «أساس املسؤولية الشيئية من منظور الفقهاء املسلمين (في حالة‬
‫اصطدام السفن‪ ،‬وفي حالة الجمادات الخطرة) يتمثل في الضرر سواء كان هذا التعدي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عمدا أو غير عمدا وهو مفترض فرضا قابال إلثبات العكس ويجب على املعتدي ضمان‬
‫هذا الضرر وتعويض املضرور عنه) (‪.)1‬‬
‫بات الوضع التشريعي الحالي ال يواكب التطور التكنولوجي املتالحق في نظم الذكاء‬
‫االصطناعي ويتضح ذلك من خالل الفرضية اآلتية‪ :‬قيام روبوت بارتكاب أحدى الجرائم‬
‫ً‬
‫املعاقب عليها عقوبة سالبة للحرية وهذا فرض ال محالة له كجريمة القتل مثال‪ ،‬وبالتالي‬
‫تظهر هناك عدة تساؤالت أهمها كيفية التحقيق مع الروبوت‪ ،‬بما في ذلك سؤاله‪،‬‬
‫واستجوابه‪ ،‬والقيام بتفتيشه‪ ،‬ومعاينة مسرح الجريمة‪ ،‬ورفع بصمات الروبوت‪،‬‬
‫وتحليلها‪ ،‬والحصول على الدليل الجنائي الذي هو محور اهتمام العدالة الجنائية‪،‬‬
‫وكذلك حضور الجلسات والحبس املؤقت والكفالة‪ ،‬وعناصر الركن املادي املتمثلة في‬
‫السلوك اإلجرامي للروبوت والنتيجة االجرامية وكذلك التساؤل عن الركن املعنوي لتلك‬
‫الجريمة بما في ذلك إرادة ارتكاب الجريمة‪ ،‬والعلم بعناصرها‪،..‬إلخ‪.)2( .‬‬
‫ويترتب على قيام املسؤولية عن أضرار الذكاء تحقق التعويض سواء كان تعويض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ماديا أو أدبيا‪ ،‬بحيث يحصل املضرور على التعويض من خالل القضاء‪ ،‬ويقوم القاض ي‬
‫بتقدير التعويض على أساس الضرر وليس ال أساس الفعل الضار‪ ،‬مع مراعاة الحالة‬
‫املالية واالجتماعية للمضرور‪ ،‬ويتم تعويض الضحية املتعرضة للضرر من خالل التأمين‬
‫اإلجباري في مجال الذكاء االصطناعي وعن طريق صناديق التعويض‪ ،‬وهو ما أطلق عليه‬
‫الفقهاء بالتعويض التلقائي(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬إبراهيم‪ ،‬السيد‪ ،‬مارك‪ ،‬موقع إلكتروني املنظومة ‪ ،ALMANDUMAH‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،‬بدون رقم‬
‫صفحة‪.‬‬
‫(‪ )2‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص‪.195‬‬
‫(‪ )3‬أبو العيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،29‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫وأيا ما كان االختالف في عمل الذكاء االصطناعي فإن هذا ال يعفيه من املسؤولية‬
‫ً‬
‫القانونية‪ ،‬فأفعال الذكاء االصطناعي قد تشكل ضررا بالغير أو جريمة‪ ،‬وهي بطبيعتها ال‬
‫تنفك عن اإلنسان الذي صنعها وبرمجها أو الذي يملكها ويستخدمها‪ ،‬والذي يفترض‬
‫تحمل هو‬‫فيه العلم بنتائج هذه األفعال وبالتالي عليه أن يسعى لتجنبها‪ ،‬وإذا وقعت ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫مصنعا أم مبرمجا أم مالكا‬ ‫مسؤوليتها بنسبة مساهمته فيها‪ ،‬وبحسب موقعه سواء أكان‬
‫ً‬
‫ومستخدما‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن فرض املسؤولية الجنائية على كيانات الذكاء االصطناعي وعلى‬
‫روبوتات الذكاء االصطناعي من شأنه أن يحقق العديد من املزايا والتي تتجلى أهمها في(‪:.)1‬‬
‫‪ -‬إلزام مصنعي ومستخدمي الروبوتات الذكية باملشاركة الفعالة والعمل على التعاون‬
‫بشكل كامل مع سلطات التحقيق للوقوف على األسباب الحقيقية وراء ارتكاب‬
‫الروبوت الذكي لهذه األفعال املجرمة‪ ،‬كما أنه يعتبر بمثابة أداة لضبط النفس من‬
‫قبل مصنعي ومستخدمي هذه الروبوتات لتوخي الحذر اليقظة أثناء التعامل مع‬
‫هذه الكيانات في مرحلة التصنيع‪ ،‬والصيانة واالستخدام‪ ،‬وكذلك إتخاذ أكتر‬
‫فعالية وأمانا الكتشاف ومنع أو التخفيف من األضرار املحتملة لهذه الروبوتات على‬
‫األقل‪.‬‬
‫العمل على تحديد املعايير التي يتم في ضوئها القيام بتقييم سلوكيات هذه‬ ‫‪-‬‬
‫الروبوتات وتحديد األفعال املسموح بها واملحظورة‪.‬‬
‫كما يوفر إطار قانوني خاص بهذه الروبوتات مزايا للشركة املصنعة لها والتي تتولى‬ ‫‪-‬‬
‫القيام بإنشاء الخوارزميات والبرمجيات التي تعمل هذه الروبوتات عن طريقها وفي‬
‫اإللتزام باملعايير القانونية التي يتطلبها املشرع للسماح لهذه الروبوتات بالعمل‪،‬‬
‫وذلك لتجنيبهم املسؤولية الجنائية عن الجرائم الواقعة بسبب هذه الروبوتات‪.‬‬
‫‪ -‬وجود قانون جنائي خاص بالروبوتات من شأنه أن يقوم باملساعدة على توفير الحد‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.107-106‬‬

‫‪116‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫األدنى من املعايير الحاكمة لهذه الروبوتات‪ ،‬والتي يعتبر من الواجب اإللتزام بها في‬
‫عملية التصنيع األساسية بحيث ال ينبغي ترك هذه املعايير لصانع الروبوت أو‬
‫مدربه‪ ،‬كونه مما قد يجعل هناك اختالف في هذه املعايير على نحو يصعب تحديد‬
‫كيفية التعامل مع هذه الروبوتات‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع األول‬
‫مسؤولية الغري عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫أي وهي مسؤولية الطرف الخارجي‪ ،‬بحيث يكون «التطور املطروح في هذه الحالة هو‬
‫قيام طرف خارجي بالدخول إلى نظام الذكاء االصطناعي عن طريق اختراقه بأي طريقة‬
‫والسيطرة عليه واستغالله في ارتكاب الجريمة»(‪.)1‬‬
‫ويعود سبب هذه اإلشكالية أنه لم تصل تكنولوجيا الذكاء االصطناعي من الناحية‬
‫التقنية إلى درجة الكمال القصوى‪ ،‬فال تزال برامجها عرضة لإلصابة بالفيروسات‬
‫واألعطال الفنية واالختراقات من جهات خارجية‪ ،‬وهو ما يجعلها تعمل بطريقة غير‬
‫متوقعة وغير مخولة‪ ،‬فيلحق الضرر بجميع مستخدميها(‪.)2‬‬
‫فإن السؤال الذي يطرح نفسه‪ ،‬إذا تم استخدام كيان الذكاء االصطناعي من قبل‬
‫شخص آخر (إنسان أو شركة أو كيان آخر من الذكاء االصطناعي) كأداة الرتكاب جريمة‪،‬‬
‫فكيف سيتم تقسيم املسؤولية الجنائية بينهما؟ أما ارتكاب الجريمة عن طريق الغير فال‬
‫ً‬
‫يعتبر الشخص الذي ارتكب الجريمة جسديا متحليا بأية صفات إنسانية‪ ،‬ويعتبر كيان‬
‫ً‬
‫عميال ً‬
‫بريئا‪ ،‬لكن ال يمكننا تجاهل قدرات كيان الذكاء االصطناعي‬ ‫الذكاء االصطناعي‬
‫ً‬
‫جسديا‪ .‬وال تكفي هذه اإلمكانيات العتبار الجهة املستقلة مرتكبة‬ ‫على ارتكاب الجريمة‬
‫للجريمة‪ ،‬ألن الجهة تفتقد الوعي أو اإلرادة املطلوبة(‪.)3‬‬
‫تعتبر تصرفات الغير أحدى صور السبب األجنبي والتي تؤدي إلى قطع العالقة‬
‫السببية ما بين الخطأ‪ ،‬والضرر‪ ،‬فقد قضت محكمة استئناف القدس الفلسطينية في‬
‫القضية رقم (‪ )2016/653‬على أنه‪ ...« :‬فيما يتعلق بعبء اإلثبات‪ ،‬يقع على عاتق‬

‫(‪ )1‬وفاء صقر‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي ‪-‬دراسة تحليلية استشرافية‪ ،-‬مجلة روح‬
‫القوانين‪ ،2021 ،‬صفحة ‪.145‬‬
‫(‪ )2‬الدحيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،48‬ص ‪.16‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 72.‬‬

‫‪118‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املضرور عبء إثبات أن الضرر قد حدث نتيجة لسلوك أو انتهاك املسؤول‪/‬املدعى عليه‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وفقا ملبدأ أن املدعي يجب أن يثبت دعواه ومتى كان الضرر الذي أصاب املضرور متصال‬
‫بفعل شخص آخر افترضت العالقة السببية بينما إال أذا قام هذا األخير الدليل على‬
‫عكس ذلك باثبات وجود أسباب خارجية مثل القوة القاهرة أو أفعال املضرور أو أفعال‬
‫اآلخرين‪.)1( »...‬‬
‫فالخطأ الذي وقع من قبل حارس الذكاء االصطناعي لم يكن هو السبب الوحيد في‬
‫وقوع الضرر‪ ،‬وإنما تداخل معه فعل شخص ثالث ليس من أطراف التعاقد ويطلق عليه‬
‫الغير‪ ،‬أي أنه ليس املضرور واملتسبب بالضرر‪ ،‬وحتى تنقطع العالقة السببية وتنتفي‬
‫ً‬
‫املسؤولية عن الحارس يجب أن يكون الغير هو الذي يعتد بخطئه ويكون مسؤوال عن‬
‫هذا الخطأ(‪.)2‬‬
‫نصت املادة (‪ )165‬من القانون املدني املصري على أنه‪« :‬إذا أثبت الشخص أن‬
‫الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي ال يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من‬
‫املضرور أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق‬
‫على غير ذلك»(‪.)3‬‬
‫فإذا تمكن الحارس من إثبات أن الضرر الحاصل نشأ بواسطة شخص من الغير‬
‫يعفى بهذه الحالة من املسؤولية وتنقطع العالقة السببية ما بين الخطأ والضرر(‪.)4‬‬

‫محكمة استئناف القدس الفلسطينية‪ ،‬استئناف حقوق‪ ،‬القضية رقم (‪ ،)2016/653‬تاريخ الفصل‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪2017/3/27‬م‪ ،‬قسطاس‪.‬‬
‫أمين‪ ،‬دواس‪ ،‬مجلة األحكام العدلية وقانون املخالفات املدنية «‪ ،»2‬املعهد القضائي الفلسطيني‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫لسنة ‪2012‬م‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫القانون املدني املصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،129‬بدون رقم صفحة‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫رائد‪ ،‬النمر‪ ،‬الحراسة في نطاق املسؤولية عن فعل األشياء دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار وائل للنشر‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫األردن‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.89‬‬

‫‪119‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫اختلف الفقه حول طبيعة األثر الذي يرتبه فعل الغير من التعويض‪ ،‬فالبعض‬
‫يذهب إلى إعفاء حارس الذكاء االصطناعي بشكل كلي‪ ،‬والبعض اآلخر يذهب إلى إعفاء‬
‫الحارس بشكل جزئي‪ ،‬فيما يتعلق باإلعفاء الكلي‪ :‬أذا كان فعل الغير هو الفعل الوحيد‬
‫الذي تسبب في وقوع الضرر ولم يتداخل معه فعل الحارس‪ ،‬ففي تلك الحالة يعفى‬
‫الحارس بشكل كلي من التعويض(‪ ،)1‬أما اإلعفاء الجزئي‪ :‬أذا تداخل خطأ الحارس مع‬
‫ً‬
‫فعل الغير وتسبب كالهما في إلحاق الضرر باملضرور‪ ،‬فتقع املسؤولية على كال منهما‬
‫ويحق للمضرور مطالبة الحارس بالتعويض‪ ،‬كما يتشارك الغير مع الحارس بالتعويض‪،‬‬
‫ً‬
‫ويقع على املحكمة املختصة تقدير قيمة التعويض على كال منهما(‪.)2‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬أن الحارس يستطيع أن يدفع املسؤولية عن أضرار الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي أذا تمكن من إثبات وجود السبب األجنبي‪ ،‬واإلعفاء أما أن يكون كليا أو‬
‫ً‬
‫جزئيا وذلك مرتبط بتدخل فعل الحارس مع فعل الغير‪ ،‬أو فعل املضرور‪ ،‬وباملحصلة‬
‫أذا لم يرتكب الحارس أي خطأ يعفى من املسؤولية بشكل كلي‪ ،‬أما أذا أرتكب خطأ‬
‫وتداخل معه سبب أجنبي فيعفى من املسؤولية بشكل جزئي(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫إن قدرات كيان الذكاء االصطناعي على ارتكاب الجريمة جسديا تشبه القدرات‬
‫ً‬
‫عقليا‪ ،‬أو‬ ‫عقليا‪ ،‬مثل الرضيع‪ ،‬أو الشخص غير الكفء‬ ‫ً‬ ‫املقابلة لشخص محدود‬
‫الشخص الذي يفتقر للحالة الذهنية إجرامية‪ ،‬ومن الناحية القانونية عندما يرتكب‬
‫جريمة من قبل عميل بريء رضيع‪ ،‬أو شخص غير مؤهل عقليا‪ ،‬أو شخص يفتقر إلى‬
‫الحالة العقلية الجنائية الرتكاب جريمة فإنه ال يتم فرض أي مسؤولية جنائية على‬
‫مرتكب الجريمة الجسدي‪ ،‬وفي مثل هذه الحاالت يعتبر ذلك الشخص بمثابة أداة وإن‬
‫كانت متطورة‪ ،‬في حين أن الطرف الذي يقوم بالجريمة (الفاعل عن طريق آخر) هو‬

‫(‪ )1‬عبد هللا‪ ،‬الوالي‪ ،‬املسؤولية املدنية عن أضرار تطبيقات الذكاء االصطناعي في القانون اإلماراتي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار النهضة العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬دبي‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫(‪ )2‬مجاهد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،179‬ص‪.367-366‬‬
‫(‪ )3‬الوالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،276‬ص‪.245‬‬

‫‪120‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الفاعل الفعلي باعتباره فاعال أصليا من الدرجة األولى‪ ،‬ويحاسب على السلوك من‬
‫العميل البريء(‪.)1‬‬
‫فمن املمكن أن يكون هناك طرف خارجي شخص يرغب في ارتكاب جريمة جنائية‬
‫فيتوجه لسيارة ذاتية القيادة فيدخل إلى برمجتها ويقوم بتهكيرها والتالعب وباإلعدادات‬
‫املوجودة ويعطيها ويدخل فيها بيانات وأوامر مغايرة لترتكب الجريمة التي يريدها ففي‬
‫هذه الحالة أصبح هذا الطرف الخارجي (الغير) الذي ليس له عالقة فال هو املالك وال هو‬
‫املصنع وال الذكاء االصطناعي نفسه‪ .‬وبالتالي فإنه يمكن في هذه الحالة وضع فرضيتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬في حالة أن يقوم هذا الطرف الخارجي باستغالل أي ثغرة ما في الذكاء‬
‫االصطناعي‪ُ ،‬وجدت بإهمال من املنتج أو املبرمج‪ ،‬أيضا لدى قيام املالك بإعطاء شفرات‬
‫الدخول على نظام التحكم في تقنية الذكاء االصطناعي لهذا الطرف الخارجي مما يسهل‬
‫عليه إصدار أوامر الذكاء االصطناعي وارتكاب الجريمة‪ ،‬فتكون هنا املسؤولية الجنائية‬
‫قائمة بصورة مشتركة بين كافة األطراف(‪.)2‬‬
‫ثانيا‪ :‬في حالة قيام هذا الطرف الخارجي بتخصيص في استغالل ثغرة في الذكاء‬
‫االصطناعي وجدت من غير أن يكون هناك إهمال من املالك أو املصنع فهنا املسؤولية‬
‫الجنائية تقع على الطرف الخارجي وحده‪ ،‬مثال‪ :‬كأن يقوم الطرف الخارجي بإعطاء أمر‬
‫برمجي للذكاء االصطناعي باالعتداء على أشخاص يحملون صفات معينة مثل لون‬
‫ً‬
‫البشرة وغيرها(‪ ،)3‬أيضا مثاله اختراق الطرف الخارجي للسحابة االلكترونية(‪ ،)4‬والتي يتم‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 72.‬‬


‫(‪ )2‬عمري موس ى‪ ،‬ويس بالل‪ :‬اآلثار القانونية املترتبة عن استخدام الذكاء االصطناعي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫املاستر في الحقوق تخصص قانون االعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة زيان عاشور‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2020 ،‬ص‪.41‬‬
‫(‪ )3‬الهدام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،22‬ص ‪.146‬‬
‫(‪ )4‬السحابة االلكترونية‪ :‬وهي عبارة عن منطقة الشحنة السالبة املحيطة بنواة الذرة‪ ،‬واملرتبطة باملدار‬
‫الذري‪ ،‬وتصف سحابة اإللكترون منطقة احتواء اإللكترونات‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫تخزين و إرسال األمور من خاللها لتقنية الذكاء االصطناعي و قيامه بإصدار أوامر للذكاء‬
‫االصطناعي لحمله على ارتكاب جريمة معينة كإعطاء أمر برمجي باالعتداء على أشخاص‬
‫يحملون صفاة معينة يحملون لون بشرة معين مثال أو ذوي زي معين(‪.)1‬‬
‫ووفق الحالتان السابقة إذا تم التثبت أن الجريمة وقعت بسبب الطرف الخارجي‬
‫(الغير) فإن هذا الطرف هو الذي يكون مسؤوال جزائيا ويتم اعفاء نظام الذكاء‬
‫االصطناعي من هذه املسؤولية‪.‬‬
‫يعد الذكاء االصطناعي مسؤوال عن جميع الجرائم التي يرتكبها بنفسه باستقاللية‬
‫وبقدرته على التعلم العميق بناء على عنصر اإلدراك االصطناعي الذي سيتم برمجته‬
‫فيه‪ ،‬ويستثنى من ذلك إذا لم يكن لإلنسان يد فيها(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص‪.200‬‬


‫(‪ )2‬الهدام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،22‬ص ‪.147‬‬

‫‪122‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع الثاني‬
‫مسؤولية الذكاء االصطناعي عن اضراره‬

‫ومع استبعاد فرضية مالمسة النظام الذكي مباشرة مع الكيان أو الش يء املتضرر‪،‬‬
‫وهي في الحالة التي يقوم فيها النظام الذكي بالتسبب بضرر مباشر وواضح‪ ،‬فإنه يصعب‬
‫إثبات املسؤولية في الحاالت األخرى‪ ،‬ويقع على املضرور إثبات في أنه إما أن الش يء قد‬
‫تخلله عيب‪ ،‬أو أن يقوم بإثبات الوضع غير املألوف للش يء الذكي أو أن يثبت إنحراف‬
‫سلوكه‪ ،‬مع العلم واألخذ بعين االعتبار أن إثبات هذه الفرضيات من النادر من أن يكون‬
‫ممكن القيام به وإثباته وذلك يعود لعدم دراية املضرور بخبايا هذه األنظمة(‪.).)1‬‬
‫يمكن بطبيعة األحوال في مجال الذي يحدد فيه نوع املسؤولية عن األضرار الناجمة‬
‫عن استخدام الذكاء االصطناعي أن يتم بحث املسؤولية في ضوء قواعد املسؤولية عن‬
‫ً‬
‫األعمال الشخصية ملستخدم الذكاء االصطناعي أو املنتج‪ ،‬وذلك وفقا للقاعدة التي‬
‫ً‬
‫أكدتها املادة ‪ 1382‬من التقنين املدني الفرنس ي والتي تنص على أنه‪ :‬أي فعل لإلنسان أيا‬
‫ً‬
‫كان‪ ،‬ويسبب للغير أضرارا يلزم من تسبب فيه بالتعويض‪ .‬وهذا النص يتوافق مع املادة‬
‫ً‬
‫‪ 163‬من التقنين املدني املصري والتي تنص على‪ :‬أن كل خطأ سبب ضررا للغير ُيلزم من‬
‫ارتكبه بالتعويض(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫يعتبر كل خطأ نتج عنه ضررا للغير يجوز فيه للغير أن يطالب بالتعويض الذي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لحقه سواء كان ضررا ماديا أو ضررا معنويا‪ ،‬فالضرر املادي الناجم عن أفعال الروبوت‬
‫ً‬
‫مثال قد يتمثل بضرر قد يصيب اإلنسان في ماله‪ ،‬أي الذي يلحق به خسارة مالية تؤدي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إلى نقص في ذمته املالية‪ ،‬إن مساس بالحق املالي للمضرور يكون ضررا ماديا إذا نجم عن‬
‫هذا املساس انتقاص للمزايا املالية التي يخولها هذا الحق‪ ،‬إما إذا لم يترتب عليه مثل‬

‫(‪ )1‬بن طرية‪ ،‬شهيدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،114‬ص ‪.130‬‬


‫(‪ )2‬عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،11‬ص ‪.10‬‬

‫‪123‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ذلك االنتقاص فال يترتب أي ضرر مادي(‪.)1‬‬


‫ولربما قد تؤدي بعض أفعال الروبوت إلى عدة أضرار قد تلحق بجسد املضرور‪،‬‬
‫ويقصد بالضرر الجسدي «هو األذى الذي ينتج عن االعتداء على سالمة وحرمة الجسم‬
‫باملوت أو الجرح أو الضرب»‪ ،‬مما ينتج عن هذه اإلصابات تعطيل أو عجز دائم‬
‫للمضرور املصاب فال يستطيع بإمكانه العمل كما كان قبل اإلصابة األمر الذي قد‬
‫يتسبب له أيضا أضرارا مالية‪ ،‬كانقطاع الدخل بسبب اإلصابة أو النقص من الدخل‬
‫بسبب عطل دائم تركته اإلصابة(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫إن بحث املسؤولية الشخصية عن الخطأ ممكنا وذلك من خالل البحث عن معايير‬
‫جديدة‪ ،‬مثل‪ :‬تعقد النظام‪ ،‬درجة مساعدته في اتخاذ القرار وإمكانية التدخل التي يعهد‬
‫ً‬
‫بها املستخدم‪ ،‬حيث يجب وفقا للقواعد العامة إثبات الخطأ‪ ،‬والضرر والعالقة‬
‫السببية‪ ،‬أما فيما يتعلق بالخطأ بوجه خاص يجب إثبات خطأ املستخدم في االستعمال‪،‬‬
‫أو إثبات خطأ املنتج في برمجة الروبوت‪ ،‬سوء كان الخطأ عمدي أو غير عمدي‪ ،‬إال أن‬
‫الصعوبة تكمن في صعوبة اإلثبات من جهة ومن جهة أخرى إذا ارتكب الروبوت الذكي‬
‫خطأ في اتخاذ قرار دون وقوع سلوك متنازع فيه من جانب املالك أو املستخدم أو املنتج‬
‫فال يمكن عندئذ تطبيق املسؤولية القائمة على أساس الخطأ(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫شهدت تقنيات الذكاء االصطناعي حديثا عدة تطورات كبيرة ومذهلة أدت لوصول‬
‫تقنية الذكاء االصطناعي إلى مرحلة اإلدراك االصطناعي فأصبح لديها القدرة على التعلم‬
‫الذاتي‪ ،‬والتحليل‪ ،‬والتمييز واتخاذ القرارات باستقاللية عن البشر‪ ،‬نتيجة التشبع‬
‫بخوارزميات ذكية تتعلم من املجتمع املحيط بها‪ ،‬وقد أصبح أيضا لها القدرة على التعبير‬
‫من خالل الوجه بشكل ذاتي ويمكنها التحاور مع البشر وفهم لغتهم وتركيب إجابات‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.42-41‬‬


‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ )3‬عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،11‬ص ‪.10‬‬

‫‪124‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫منطقية تحاكي إجابات البشر(‪.)1‬‬


‫أثار موضوع استخدام برامج الذكاء االصطناعي في مختلف املجاالت عدة مشكالت‪،‬‬
‫ً‬
‫خصوصا تلك املتعلقة باملسؤولية القانونية عن أعمال هذه البرامج‪ ،‬ومدى مالءمة‬
‫التشريعات الحالية وقدرتها على تنظيم كافة املسائل املتعلقة بها‪ ،‬كما أن الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي يمكن أن يكون وسيلة الرتكاب جريمة أو أن يشكل انتهاكا للحياة الخاصة(‪.)2‬‬
‫وعلى سبيل املثال ال الحصر ويستخدم الذكاء االصطناعي في مجاالت لها آثار خطيرة‬
‫ً‬
‫كالروبوتات في املجال الطبي‪ ،‬ويثار حول ذلك االستخدام نقاشا حول مدى املسؤولية عن‬
‫اإلصابات والوفيات التي تتسبب بها هذه الروبوتات‪ ،‬فعلى وجه الخصوص تلك التقنيات‬
‫(الروبوتات) لها القدرة على التعلم والعمل واتخاذ القرارات باستقالل عن مستخدمها‪،‬‬
‫ً‬
‫وفقا ملتطلبات الحالة الصحية للمريض‪ ،‬وال تزال القواعد القانونية بمعزل عن تنظيم‬
‫مدى املسؤولية لكل من املستشفى واألطباء‪ ،‬وللشركة املصنعة واملبرمجة لهذه التقنيات‪،‬‬
‫فتصبح األدوار في هذا املجال متداخلة وغير معلومة على وجه الدقة‪ ،‬وذلك يعود‬
‫لحداثة استخدام الذكاء االصطناعي في املجال الطبي(‪.)3‬‬
‫إضافة إلى أن األخطاء الطبية الناتجة عن استخدام الذكاء االصطناعي في املجال‬
‫الطبي قد ترجع إلى فشل في برنامج هذه التقنيات‪ ،‬وال عالقة له بخطأ أو تقصير في عملية‬
‫البرمجة‪ ،‬كطبيعة البرنامج نفسه‪ ،‬أو إلى عوامل أخرى يصعب تحديدها‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫الفيروسات واألعطال الفنية(‪.)4‬‬
‫يستخدم الذكاء االصطناعي في املجاالت العسكرية‪ ،‬وألغراض قتالية‪ ،‬كالروبوت‬
‫القاتل الذي ال هدف له سوى رصد األهداف املطلوبة وقتلها‪ ،‬وذهب جانب من الفقه‬
‫القانوني إلى تحميل املستخدم لهذه الروبوتات القاتلة املسؤولية عنها في حال حدوث‬

‫البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.99‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫الدحيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،48‬ص‪.14‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الدحيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،48‬ص ‪.18‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الدحيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،48‬ص ‪.20‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪125‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫خطأ أو مشكلة فيها‪ ،‬ألنه يجب عليه أن يعرف طريقة عمل هذه الروبوتات‪ ،‬إضافة إلى أن‬
‫ً‬
‫التحكم في هذه الروبوتات ليس مباشرا‪ ،‬فهي مبرمجة على إصابة أشخاص معينين‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تتعرض لخلل في نظامها يجعلها تصيب شخصا لم يكن مقصودا إصابته‪ ،‬وترتبط‬
‫املسؤولية عن إطالق النار من ِقبل هذه الروبوتات بالقائد العسكري(‪.)1‬‬
‫إن مسألة الحديث عن ارتكاب الذكاء االصطناعي لجريمة من تلقاء نفسه بدون‬
‫خطا برمجي و نتيجة لحذوت تطور ذاتي في نظام الذكاء االصطناعي الذي يعمل به أصبح‬
‫ً‬
‫من األمور املمكنة حاليا وأكبر مثال على ذلك ما حدث في عام ‪1981‬م تم قتل موظف‬
‫ً‬
‫ياباني في مصنع للدراجات النارية يبلغ من العمر ‪ 37‬عاما على يد روبوت ذكاء اصطناعي‬
‫كان يعمل بالقرب منه‪ ،‬حيث قد حدد الروبوت بشكل خاطئ املوظف على انه يشكل‬
‫ً‬
‫تهديدا ملهمته‪ ،‬وبحسب أن الطريقة األكثر فعالية للقضاء على هذا التهديد هو من دفعه‬
‫إلى آلة تشغيل مجاورة باستخدام ذراعه الهيدروليكي القوي للغاية‪ ،‬وقد هاجم وحطم‬
‫ً‬
‫الروبوت العامل املفاجئ في آلة التشغيل‪ ،‬وقتله فورا‪ ،‬ثم استأنف الروبوت مهامه من‬
‫دون أن يتدخل أحد(‪.)2‬‬
‫إن ارتكاب الجريمة من قبل الذكاء االصطناعي بنفسه بدون خطأ برمجي من املصنع‬
‫أو تدخل أي طرف‪ ،‬وذلك بواسطة تقنيات حديثة تمكن الذكاء االصطناعي من التفكير‬
‫وإصدار قرارات ذاتية‪ ،‬يكون هو وحده املسؤول عن إصدارها ففي هده الحالة من‬
‫املفترض أن تكون املسؤولية الجنائية واقعة على الذكاء االصطناعي وحده‪ .‬وبالتالي نجد‬
‫أنفسنا أمام إشكال هام يتمحور حول إمكانية توقيع عقوبة ذات طابع جزائي على‬
‫كيانات الذكاء االصطناعي من عدمه(‪.(3‬‬
‫ولإلجابة عن هذا اإلشكال يتطلب منا املعرفة والتأكد من توافر عناصر املسؤولية‬
‫الجنائية التي يتم تطبيقها على البشر ما إذا كان يوجد هناك إمكانية لتطبيقها على‬

‫(‪ )1‬حاتم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،120‬ص ‪.33‬‬


‫(‪ )2‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص ‪.200‬‬
‫(‪ )3‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص ‪.200‬‬

‫‪126‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫أجهزة وكيانات الذكاء االصطناعي‪.‬‬


‫من املعلوم أنه عندما ترتبط األنشطة االجرامية مع كيانات الذكاء االصطناعي فإنه‬
‫تنشأ املسؤولية الجنائية من وجود عاملين الجرمية والفاعلية‪ .‬وهي تكون النتيجة املادية‬
‫للفعل وفي حالة الذكاء املصطنع‪ ،‬بحيث ينشأ التحدي الرئيس ي في إمالء الجرمية التي هي‬
‫العامل العقلي‪ .‬فهل نستطيع فرض القوانين البشرية على كيانات الذكاء االصطناعي مثل‬
‫تلك التي يتم فرضها على الشخصيات القانونية كالشركات التي يمكن بموجبها إصدار‬
‫العقوبات عن طريق إجراء التعديالت الالزمة‪.‬‬
‫ً‬
‫يتطلب أوال التأكد من مدى توافر األهلية الجنائية لكيانات الذكاء االصطناعي كما‬
‫هو الحال بالنسبة للبشر حتى تطبق عناصر املسؤولية الجنائية عليها‪ ،‬بداية إن فاألهلية‬
‫الجنائية والتي تعتبر أساس املسؤولية الجزائية تقوم على قدرة الشخص على فهم ماهية‬
‫أفعاله وتقدير نتائجها‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬إن األهلية الجنائية هي مناط املسؤولية أي أن‬
‫اليسأل جنائيا إال إذا كان أهال للمساءلة‪ ،‬وال يكون كذلك إال بتوفر صفتين فيه‬ ‫اإلنسان ُ‬
‫هما‪ :‬التمييز أو اإلدراك وحرية االختيار(‪.)1‬‬
‫تنص املادة ‪ 47‬من قانون العقوبات الجزائري على أنه‪« :‬ال عقوبة على من كان في‬
‫ً‬
‫حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة» وأيضا تنص املادة ‪ 48‬على أنه‪« :‬ال عقوبة على من‬
‫اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ألقبل له بدفعها»(‪.)2‬حيث أنه تبين هذه املواد أن انتفاء‬
‫حرية االختيار في حالة الجنون واإلكراه والصغر يؤدي إلى امتناع املسؤولية الجنائية‬
‫كون أن املشرع الجزائري لم يعرف املسؤولية الجنائية واكتفى بتعداد أسباب امتناعها‪.‬‬
‫كما أن أغلب التشريعات العربية لم تتعرض لتعريف املسؤولية الجنائية تاركة ذلك‬
‫للفقه واكتفت في نصوصها برفع املسؤولية الجنائية عن فاقدي اإلدراك أو اإلرادة مثل‬
‫املجنون والصغير غير املميز واملكره لعدم توافر األهلية الجنائية والتي تعتبر ركيزة‬

‫(‪ )1‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص ‪.201-200‬‬


‫(‪ )2‬األمر رقم ‪ 66 – 156‬املؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1386‬املوافق ‪ 8‬يونيو سنة ‪ 1966‬واملتضمن قانون‬
‫العقوبات الجزائري‪ ،‬املعدل واملتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد‪ 49،‬سنة ‪.1966‬‬

‫‪127‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫أساسية لقيام املسؤولية الجنائية‪ ،‬فال يسأل الشخص جنائيا إال إذا كان أهال للمساءلة‬
‫الجنائية وذلك بتوفر عنصري اإلرادة أو االختيار واإلدراك لديه(‪.)1‬‬
‫وبالتالي يبقى هناك تساءل حول إن كان يمكن تطبيق عنصر العلم واإلرادة على‬
‫الجرائم التي يرتكبها الذكاء االصطناعي كما هو مذكور سابقا؟‬
‫إن اإلجابة على هذا السؤال تختزل في أن القانون الجنائي ال يتصور تطبيقه إال على‬
‫البشر وبالتالي ال نستطيع طبقا للقوانين الحالية القيام بإيقاع الجزاء جنائي على كيانات‬
‫الذكاء االصطناعي وحيث أنه إن ما قد يحدث عمليا انه يمكن للقاض ي أن يأمر بمصادرة‬
‫هده اآللة التي تعمل بالذكاء االصطناعي والتي حدثت الجريمة عن طريقها ‪.‬ولكن هناك‬
‫نموذج من املسؤولية‪ ،‬وهو مسؤولية االحتمال الطبيعي للنتائج‪ ،‬الذي يفترض التورط‬
‫العميق للمبرمجين أو املستخدمين في األنشطة اليومية لكيان الذكاء االصطناعي‪ ،‬ولكن‬
‫دون أي نية ارتكاب أي مخالفة عبر كيان الذكاء االصطناعي ‪.)2(.‬‬
‫لقد حصر قانون العقوبات التي توقع على الشخصية االعتبارية‪ ،‬أي على ما دون‬
‫الشخصية الطبيعية املتمثلة في اإلنسان بعقوبتي املصادرة والغرامة‪ ،‬حيث جاء في املادة‬
‫(‪« :)74‬ال يحكم على األشخاص املعنويين إال بالغرامة أو املصادرة»(‪.)3‬‬
‫واملصادرة هي نقل ملكية مال أو أكثر من املحكوم عليه إلى الدولة‪ ،‬وهي بذلك عقوبة‬
‫ناقلة للملكية تحل الدولة فيها محل املحكوم عليه أو غيره في ملكية املال‪ ،‬وقد تكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عقوبة مالية أو عينية‪ ،‬وقد تكون املصادرة عقوبة كما قد تكون تدبيرا احترازيا‪ ،‬فحين‬
‫ترد املصادرة على أشياء مشروعة الحيازة بحسب األصل لكن قامت بينها وبين الجريمة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صلة فتكون عقوبة‪ ،‬وحين ترد على أشياء حيازتها غير مشروعة تكون تدبيرا احترازيا‪.)4( .‬‬

‫حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص ‪.201‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،121‬ص‪.132‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫قانون العقوبات الفلسطيني رقم (‪ )16‬لعام ‪1960‬م‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫محمود حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪1982‬م‪ ،‬ص ‪.769‬‬

‫‪128‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫وقد قرر قانون الجرائم اإللكترونية الفلسطيني عقوبة املصادرة لألجهزة اإللكترونية‬
‫والبرامج والوسائل املستخدمة في ارتكاب جريمة من تلك الجرائم املنصوص عليها في‬
‫القانون ذاته‪ ،‬حيث جاء في املادة (‪ )2/50‬منه‪« :‬دون اإلخالل بالعقوبات املنصوص عليها‬
‫ً‬
‫في هذا القرار بقانون‪ ،‬وحقوق الغير حسن النية‪ ،‬على املحكمة أن تصدر قرارا يتضمن‬
‫اآلتي‪ :‬مصادرة األجهزة أو البرامج أو الوسائل املستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم‬
‫املنصوص عليها في هذا القرار بقانون أو األموال املتحصلة منها‪ ،‬على أن تكون إزالة‬
‫املخالفة على نفقة الفاعل(‪.)1‬‬
‫وتشمل املصادرة األشياء التي يعد استعمالها وتداولها غير مشروع‪ ،‬وإن كانت ال‬
‫تعود ملكيتها للمتهم(‪ ،)2‬وهذا ما أكدته املادة (‪ )31‬من قانون العقوبات الفلسطيني‪،‬‬
‫حيث جاء فيها‪« :‬يصادر من األشياء ما كان صنعة أو اقتناؤه أو بيعه أو استعماله غير‬
‫ً‬
‫مشروع وإن لم يكن ملكا للمتهم أو لم تفض املالحقة إلى حكم»‪.‬‬
‫ً‬
‫واملصادرة نوعان‪ ،‬مصادرة عامة مجلها جميع ثروة املحكوم عليه‪ ،‬وقد طبقت قديما‬
‫وتحظرها التشريعات اليوم‪ ،‬ومصادرة خاصة وهي عقوبة تكميلية يكون الحكم بها‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وجوبيا أحيانا فتكون لها خصائص التدابير االحترازية‪ ،‬وقد يكون الحكم بها جوازيا‬
‫أحيان أخرى فيكون لها خصائص العقوبة(‪.)3‬‬
‫وال تتم املصادرة في التشريع الفلسطيني إال بحكم قضائي يقض ي بها‪ ،‬فقد جاء في‬
‫نص املادة (‪ )4/21‬من القانون األساس ي الفلسطيني‪« :‬ال مصادرة إال بحكم قضائي»(‪.)4‬‬
‫ومما سبق بيانه من نصوص قانونية فإن عقوبة املصادرة تشمل األجهزة‬
‫اإللكترونية والبرامج والوسائل املستخدمة في ارتكاب جريمة من الجرائم املنصوص عليها‬

‫املادة (‪ )52‬فقرة ‪ 2‬من من قرار بقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2018‬بشأن الجرائم االلكترونية و تعديالته‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫السعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،200‬ص ‪.163‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫عبد القادر جرادة‪ ،‬مبادئ قانون العقوبات الفلسطيني‪ ،‬فلسطين‪ ،‬مكتبة آفاق‪2013 ،‬م‪ ،‬ص ‪.810‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫القانون األساس ي الفلسطيني لعام ‪2005‬م‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪129‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫في قانون الجرائم اإللكترونية‪ ،‬مثل جريمة اختراق موقع أو نظام إلكتروني‪ ،‬أو جريمة‬
‫إتالف موقع أو بيانات أو ملفات‪ ،‬أو كجريمة التهديد عبر وسيلة أو جهاز إلكتروني وغيرها‬
‫من الجرائم األخرى في هذا القانون‪ ،‬وهذه الجرائم بطبيعتها تتم بواسطة الذكاء‬
‫االصطناعي سواء كان جهاز حاسوب‪ ،‬أو هاتف‪ ،‬محمول ذكي أو غيره من أجهزة الذكاء‬
‫االصطناعي املعروفة‪ ،‬فتقع عليها عقوبة املصادرة وحتى إن كانت حيازتها مشروعة‪ ،‬وال‬
‫تشكل جريمة في ذاتها‪ ،‬ألنها وسيلة وأداة الرتكاب جريمة من جرائم الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫وهذه العقوبة تكون تكميلية إلى جانب العقوبة التي توقع على مستخدم أجهزة الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي الذي ارتكب الفعل اإلجرامي‪ ،‬وهي عقوبة تشكل ردعا ملن يفكر في اقتراف‬
‫ً‬
‫مثل هذه الجرائم‪ ،‬خصوصا ما تمثله من اعتداء على خصوصية اإلنسان‪ ،‬كجرائم‬
‫االختراق‪ ،‬وإتالف البيانات‪ ،‬أو التالعب بها وتزويرها‪ ،‬ويندرج هذا ضمن السياسية‬
‫الجنائية الحديثة ملواجهة هذا النوع من الجرائم‪.‬‬
‫عندما يقوم الذكاء االصطناعي بتنفيذ مهامه اليومية‪ ،‬قد مسؤولية يرتكب جريمة‬
‫لم يكن املبرمجون أو املستخدمون على علم بالجريمة إال بعد ارتكاب الفعل؛ فهم لم‬
‫يخططوا الرتكاب أي جريمة‪ ،‬ولم يشاركوا في أي جزء من ارتكاب تلك الجريمة املحددة ‪.‬‬
‫في مثل هذه الحاالت‪ ،‬قد يخلق النموذج الثاني استجابة قانونية مناسبة‪ ،‬ويعتمد هذا‬
‫النموذج على قدرة املبرمجين أو املستخدمين على توقع ارتكاب الجرائم املحتملة‪ً .‬‬
‫ووفقا‬
‫لهذا النموذج‪ ،‬يكون هناك إمكانية ملحاسبة الشخص عن جريمة‪ ،‬إذا كانت تلك الجريمة‬
‫نتيجة طبيعية ومن املحتمل أن تكون نتيجة لسلوك هذا الشخص ‪.‬وقد تم استخدام‬
‫نموذج مسؤولية االحتمال الطبيعي للنتائج لفرض املسؤولية الجنائية على املتواطئين‪،‬‬
‫عندما يرتكب الشخص جريمة لم يخطط لها جميعهم ولم تكن ً‬
‫جزءا من مؤامرة‪ .‬ويبقى‬
‫ً‬
‫هناك تساؤال حول ما هي املسؤولية الجنائية للكيان نفسه عند تطبيق نموذج االحتمالية‬
‫الطبيعية؟‬
‫في الحقيقة‪ ،‬توجد نتيجتان محتملتان لإلجابة على هذا السؤال‪ :‬في حالة ما إذا‬
‫تصرف الذكاء االصطناعي باعتباره عامل مسالم وبرئ من غير معرفة أي ش يء عن ما‬

‫‪130‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫يتعلق بالحظر اإلجرامي‪ ،‬فهو في هذه الحالة ال يحاسب جنائيا على الجريمة التي ارتكبها‬
‫في ظل هذه الظروف وهو ما يعرف في هذه الحالة بــ‪( :‬نموذج املسؤولية عبر الجرم عن‬
‫طريق آخرز ولكن إذا لم يكن كيان الذكاء االصطناعي يتصرف باعتباره عامل مسالم‬
‫وفقا للطبيعة‬‫وبريء‪ ،‬فعندئذ باإلضافة إلى املسؤولية الجنائية للمبرمج أو املستخدم ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املحتملة للنتائج‪ ،‬فإن الكيان أيضا يكون مسؤوال ويمكن أن توقع عليه عقوبات ‪.‬وال‬
‫يفترض في هذه الحالة أي اعتماد من كيان الذكاء الصناعي على مبرمج أو على مستخدم‬
‫معين‪ ،‬كما يركز هذا النموذج الثالث على كيان الذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬كما تتكون‬
‫املسؤولية الجنائية عن جريمة معينة بشكل رئيس ي من خالل العنصر الخارجي وهو‬
‫(الفعل الجرمي) وكذلك من خالل العنصر الداخلي (الجرم الرجعي) لتلك الجريمة‪،‬‬
‫وينسب لكليهما عناصر الجريمة املحددة الخاضعة للمساءلة الجنائية ‪.‬ولكي يتم فرض‬
‫املسؤولية الجنائية على أي نوع من الكيانات‪ ،‬ال بد من إثبات وجود هذه العناصر في‬
‫الكيان املحدد‪ ،‬وبيان األسئلة ذات الصلة التي تتعلق باملسؤولية الجنائية الخاصة‬
‫بكيانات الذكاء‪ .‬والتي تتمحور حول كيف يمكن لهذه الكيانات أن تتوفر فيها متطلبات‬
‫املسؤولية الجنائية؟ وهل تختلف كيانات الذكاء االصطناعي عن البشر في هذا السياق؟‬
‫وبال شك أنه يقدر كل كيان الذكاء االصطناعي على تلبية متطلبات كل من العنصر‬
‫الخارجي والعنصر الداخلي‪ ،‬والواقع أنه يفي بهما بالفعل‪ ،‬فال يوجد ما يمنع من فرض‬
‫ً‬
‫املسؤولية الجنائية على كيان الذكاء االصطناعي هذا حتى تكون مسئولة جنائيا‪ ،‬ال بد‬
‫ً‬
‫من معاملة كيانات الذكاء االصطناعي هذه باعتبارها أشخاص اعتباريين تماما مثل‬
‫ً‬
‫الشركات كأشخاص اعتبارية قانونا‪ ،‬حيث أن املنطق األولي وراء منح الشخصية‬
‫االعتبارية للشركات الترويج للنشاط التجاري وإزالة مسؤولية الشركات من األكتاف‬
‫الفردية(‪.)1‬‬
‫من نفس املنطلق‪ ،‬ال بد أن يتم منح الذكاء االصطناعي الحريات الدستورية‬

‫(‪ )1‬إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،121‬ص ‪.137‬‬

‫‪131‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫األساسية بما يتماش ى مع تلك املمنوحة للشركات‪ .‬وبما يهدف بشكل أساس ي من وراء‬
‫ذلك‪ ،‬هو أنه مع التطور الخاص بالذكاء االصطناعي وبدء التفكير‪ ،‬فإن املسؤولية املدنية‬
‫ً‬
‫والجنائية الناشئة عن أفعالهم لن تعود فقط إلى املبرمج أو املالك ‪.‬فمثال في مسؤولية‬
‫الطيار اآللي على أساس تقنية الذكاء االصطناعي‪ ،‬فماذا لو قام مطور طائرة حربية بعمل‬
‫برنامج طيار آلي يقوم بنفسه بإزالة أي عقبات في مهمته وفي إحدى املهام يقوم طيار‬
‫الطائرة بإبطال املهمة بسبب سوء األحوال الجوية لكن الطيار اآللي يعترف بالطيار‬
‫االصطناعي باعتباره عقبة ويخرج الطيار خارج املقصورة التي تقتل الطيار‪ ،‬ففي هده‬
‫الحالة لم يكن لدى املطور أي نية لقتل الطيار والقوانين الحالية تعتبرهم مسؤولون‪،‬‬
‫وسيكون الخيار الصحيح هو فرض املسؤولية الجنائية على الطيار اآللي وتصحيح‬
‫خوارزميات لبرامجه‪ ،‬وهذا ال ينقذ مطوري الذكاء االصطناعي واملالكي من املسؤولية‬
‫ً‬
‫الجنائية عن األفعال التي لم يقصدوها أبدا‪ ،‬بل يدفع املطورين لجلب املزيد من‬
‫االبتكارات(‪.)1‬‬
‫إن املسؤولية اجلنائية للذكاء االصطناعي عن أضراره يكون يف عدة حاالت‪:‬‬
‫األولى‪ :‬تكون املسؤولية الرتكاب الجريمة عن طريق شخص آخر‪ ،‬وقد تتوجه التهمة‬
‫للمنتج أو املبرمج أو املستخدم النهائي(‪.)2‬‬
‫بمعنى آخر أن يكون هناك طرف آخر يشارك الذكاء االصطناعي في ارتكاب الجريمة‬
‫فمن املفترض أن يتحمل الطرف االخر كامل املسؤولية لكن مستقبال سوف تكون‬
‫املسؤولية مشتركة‪-‬ومثال ذلك في الهواتف الذكية يقوم املصنع على برمجة هذه الهواتف‬
‫بحيث ال يعطيها صالحيات مطلقة في تصرفاتها بحيث يضع فيها قيود تمنعه من ارتكاب‬
‫الجرائم فيأتي املستخدم للهواتف الذكية ويعمل على التالعب في كود برمجة وبأجراء‬
‫عملية برمجية تسمى بالروبوت (‪ )Root‬للهاتف وخاصة في أنظمة األندرويد مما يفتح‬

‫(‪ )1‬حسكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،63‬ص ‪.202‬‬


‫(‪ )2‬الزهراني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،81‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املجال للعديد من التطبيقات أن تتحكم بالبيانات والوصول لجذر النظام لتستطيع‬


‫التغيير والتعديل والتحكم في الهواتف الذكية والوصول لدرجة أن يعطي الهاتف أمر‬
‫ً‬
‫بتدمير نفسه برمجيا‪.‬‬
‫أما الحالة الثانية فهي‪ :‬ارتكاب الجريمة من قبل الذكاء االصطناعي نفسه بنفسه‬
‫من دون أن يكون هناك أخطاء برمجية من املصنع ومن دون تدخل أي طرف إنما عن‬
‫طريق تقنياته الحديثة التي تمكنه من اصدار قراراته الذاتية ويكون الذكاء االصطناعي‬
‫وحده مسؤوال عن إصدار هذه القرارات وأيضا تكون املسؤولية الجنائية تقع عليه وحده‪.‬‬
‫وتكون فيه املسؤولية محتملة والعواقب غير متوقعة‪ ،‬ويستبعد العنصر البشري أو‬
‫املبرمج من تحمل املسؤولية لعدم تورطهم في ذلك‪ ،‬ويتم إرجاع السبب إلى خلل بالطريقة‬
‫التي كان يجب على الكيان االصطناعي أن يفكر فيها(‪.)1‬‬
‫والحالة الثالثة‪ :‬املسؤولية املباشرة‪ ،‬ويتم في هذه الحالة إلحاق املسؤولية لكيان‬
‫الذكاء االصطناعي مباشرة‪ ،‬وأيضا تحمل لألفراد عادة‪ ،‬إلى أنها القت الكثير من‬
‫االنتقادات مفادها أن هذه الكيانات ال تقدر على تحمل املسؤولية كاملة بسبب العجز‬
‫عندها‪ ،‬مثل‪ :‬األطفال‪ ،‬واملجانين ومن في حكمهم(‪.)2‬‬
‫في الحقيقة إن الذكاء االصطناعي لم يصل بعد إلى درجة من اإلدراك تؤهله لتحمل‬
‫ً‬
‫املسؤولية الجنائية‪ ،‬ألنه عبارة عن آلة ُمصنعة ُومبرمجة ال تستطيع تأدية املهام إال وفقا‬
‫ملا تم برمجتها عليه‪ ،‬وقد تتعرض للخطأ وللعطل الفني‪ ،‬ويمكنها أن تقوم بارتكاب أفعال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تشكل جريمة‪ ،‬ونظرا لعدم إمكان مساءلتها جنائيا وذلك ال يعني إفالتها من املساءلة‪،‬‬
‫فاملسؤولية هنا تقع على النائب اإلنساني الذي ساهم في وجود هذا الخلل املؤدي إلى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ارتكاب جريمة‪ ،‬سواء أكان هذا النائب مص ّنعا ومبرمجا‪ ،‬أو كان املستخدم لهذه‬
‫التقنيات‪ ،‬فيجب عليهم معرفة كيفية عمل هذه التقنية‪ ،‬ومعرفة كيفية التعامل مع‬

‫(‪ )1‬الزهراني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،81‬بدون رقم صفحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬الزهراني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ‪ ،81‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫األعطال‪ ،‬إضافة إلى ضرورة وجود قواعد استخدام محددة يتم من خاللها تفادي وقوع‬
‫أخطاء تشكل جريمة في حال حدوث خلل فني‪ ،‬كنشر الروبوتات القاتلة في أوقات‬
‫محددة‪ ،‬بحيث تضبط حركتها(‪.)1‬‬
‫ولكن مع عدم القدرة على عقاب اآلالت في حالة تسببت في حوادث أن يهدد ذلك‬
‫استقرار املجتمع‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول نيكوالس وولتمان‪ ،‬املساعد في مركز أبحاث‬
‫قانون الروبوت بجامعة فيرزبورغ بأملانيا‪« :‬على املستوى الفردي فمن املؤكد أن عدم‬
‫القدرة على توجيه اتهام جنائي بعد وقوع حادث خطير سيكون أمرا غير مقبوال‪ ،‬وهذا‬
‫يمثل مأزقا»(‪.)2‬‬
‫سوزان بيك أستاذ القانون الجنائي وفلسفة القانون بجامعة هانوفر األملانية‪ :‬ترى‪،‬‬
‫«أنه قد يتعين علينا إلى حد كبير أن نتخلى مستقبال عن إصدار أحكام قضائية حول‬
‫الحوادث التي تتسبب فيها اآلالت»‪ ،‬وتقر بأنه «من املؤكد أن عدم إمكانية العثور على‬
‫عقوبة سيكون أمرا مزعزعا الستقرار املجتمعات»‪ .‬وتقترح «التفكير في حلول أخرى‪ ،‬مثل‬
‫التوسط بين الضحية ومرتكب الجريمة أو حلول تتضمنها أنظمة قانونية أخرى مثل‬
‫القانون املدني»(‪.)3‬‬
‫«وحسب وولتمان فقد بدأ الباحثون في مجال القانون على سبيل التجربة في‬
‫مناقشة ما إذا كان نبغي علينا‪ ،‬أن نتخلى عن املبدأ الذي يقول إن األفراد وحدهم هم‬
‫الذين يمكنهم التصرف بشكل يمثل جريمة»‪ .‬ويتابع الرأي السائد هو أنه في املرحلة‬
‫الحالية من التطور التكنولوجي ليست هناك ضرورة للتخلي عن القاعدة القانونية‬

‫(‪ )1‬إطميزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،31‬ص‪.25‬‬


‫(‪ )2‬موقع الكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬إذا كان خصمك إنسان آلي «روبوت» فمن تقاض ي‪ ،‬هامش ‪ ،196‬بدون رقم‬
‫صفحة‪.‬‬
‫(‪ )3‬موقع الكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬إذا كان خصمك إنسان آلي «روبوت» فمن تقاض ي‪ ،‬هامش ‪ ،196‬بدون رقم‬
‫صفحة‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الراسخة»(‪.)1‬‬
‫ويتحدث وولتمان عن وجود «منطقة رمادية يمكننا من خاللها أن نتكهن بكيفية‬
‫تطور االجتهاد التشريعي في املستقبل‪ ،‬وقد تكون هذه املنطقة الرمادية مقبولة من‬
‫املجتمع بشكل عام في حالة تراجع عدد الحوادث املرورية‪ ،‬عندما تصبح السيارات ذاتية‬
‫القيادة أكثر انتشارا نتيجة فوائدها الكلية للمجتمع»‪ ،‬ويتابع بالقول «أنه ـمن املؤكد أن‬
‫عدم القدرة على توجيه اتهام جنائي بعد وقوع حادث خطير سيكون أمرا غير مقبوال‪،‬‬
‫ً‬
‫وهذا يمثل مأزقا‪.)2( .‬‬
‫االساس في القانون الجنائي أن تكون العقوبات رادعة حتى تؤتي ثمارها وتردع‬
‫االشخاص االخرين عن ارتكاب أي سلوك جرمي‪ ،‬فعلى سبيل املثال في قانون العقوبات‬
‫هناك عقوبات سالبة للحرية وعقوبات تصل لإلعدام فال يعقل تطبيق هذه العقوبات‬
‫على آالت الذكاء االصطناعي أو أن تكون رادعة آلالت الذكاء االصطناعي األخرى أو تمنعها‬
‫من ارتكاب هذه الجريمة أو تنشر االستقرار في املجتمع وتقليل الجرائم فنجد أن هذا‬
‫األمر أو الصورة ليست واضحة وكاملة في حالة الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫لكن يمكننا في هذه الحالة الدمج بين مسؤولية املالك املصنع مع مسؤولية الذكاء‬
‫االصطناعي نفسه فالذكاء االصطناعي املصنع ينتجه وبعدها يمكن عمل له ذمة مالية‬
‫مستقلة بحيث أن جزء من ثمن الذكاء االصطناعي هذا أن يبقى في ذمة مالية مستقلة‬
‫للذكاء االصطناعي يمكن عمل صندوق تأمين أو تضامن في الدولة ككل‪ ،‬بحيث أن أي‬
‫ذكاء اصطناعي يرتكب جريمة ويسبب ضرر للغير يتم اخذ تعويض مالي من هذا‬
‫الصندوق واعطائه للمضرور وهذا جزء من انواع العقوبات للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫وهناك نوع اخر على سبيل املثال يمكن ايقاف الذكاء االصطناعي عن الخدمة‪ ،‬مثال‪:‬‬

‫(‪ )1‬موقع الكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬إذا كان خصمك إنسان آلي «روبوت» فمن تقاض ي‪ ،‬هامش ‪ ،196‬بدون رقم‬
‫صفحة‪.‬‬
‫(‪ )2‬موقع الكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬إذا كان خصمك إنسان آلي «روبوت» فمن تقاض ي‪ ،‬هامش ‪ ،196‬بدون رقم‬
‫صفحة‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫توقيف خط االنتاج له او كان هناك تكرار للسلوكيات املرتكبة للذكاء االصطناعي املنتج‬
‫من هذه الشركة ومما سبق يتبين ان هناك حلول لكنها تحتاج للعديد من الدراسات‬
‫املعينة‪ ،‬ووضع ضوابط معينة‪ ،‬وأن تقوم الدولة بتبني هذه الجزئيات بحيث أنه يكون‬
‫عندها تشريعات استباقية تستبق املستقبل في املوضوع‪.‬‬
‫تتيح تكنولوجيا الذكاء االصطناعي مجموعة من االستخدامات الصناعية والخاصة‬
‫للروبوتات‪ .‬من املؤكد أن التكنولوجيا ستصبح أكثر ً‬
‫تقدما في املستقبل مع تطور أبحاث‬
‫الذكاء االصطناعي بمرور الوقت‪ ،‬وسيؤدي االستخدام الصناعي والخاص لهذه‬
‫التكنولوجيا إلى توسيع نطاق املهام التي ستتوالها روبوتات الذكاء االصطناعي‪ ،‬يث انه‬
‫كلما كانت املهام متقدمة ومعقدة‪ ،‬كلما زادت فرص الفشل في إنجازها‪ ،‬إن الفشل‬
‫ً‬
‫مصطلح واسع يشمل مواقف مختلفة في هذا السياق‪ ،‬وأكثرها شيوعا املوقف هو أن‬
‫املهمة التي قام بها الروبوت لم يتم إنجازها بنجاح‪ .‬لكن بعض حاالت الفشل يمكن أن‬
‫تنطوي على ضرر وخطر على األفراد واملجتمع ‪.‬على سبيل املثال‪ ،‬تم تعريف مهمة‬
‫الروبوتات لحراسة السجن على أنها منع الهروب باستخدام الحد األدنى من القوة ضد‬
‫السجناء‪ .‬قد يتم تقييد السجين الذي يحاول الهروب من قبل حارس الروبوت‪ ،‬الذي‬
‫يمسك السجين بقوة ولكنه يسبب اإلصابة؛ قد يجادل السجين بعد ذلك بأن الروبوت‬
‫قد استخدم قوته بشكل مفرط‪ .‬قد يكشف تحليل تصرفات الروبوت أنه كان بإمكانه‬
‫اختيار إجراء أكثر اعتداال‪ ،‬ولكن الروبوت قام بتقييم الخطر على أنه أكبر مما كان عليه‬
‫في الواقع‪ .‬وفي هذه الحالة من املسؤول عن الضرر(‪.)1‬‬
‫يثير هذا النوع من األمثلة أسئلة مهمة والعديد من الحجج حول مسؤولية كيان‬
‫الذكاء االصطناعي‪ .‬إذا تم تحليله من خالل عدسة األخالق‪ ،‬فإن الفشل في هذه الحالة‬
‫هو فشل املبرمج أو املصمم‪ ،‬كما يقول معظم العلماء‪ ،‬وليس فشل الروبوت نفسه‪ .‬ألنه‬
‫ً‬
‫ال يستطيع الروبوت ترسيخ املسؤولية األخالقية الالزمة ليكون مسؤوال عن أي ضرر ناتج‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p17-18.‬‬

‫‪136‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫عن أفعاله‪ .‬ووفقا لوجهة النظر هذه‪ ،‬فإن البشر وحدهم هم القادرون على ترسيخ مثل‬
‫هذه املسؤولية األخالقية‪ .‬فالروبوت ليس إال أداة في يد مبرمجه‪ ،‬بغض النظر عن جودة‬
‫برمجياته أو قدراته املعرفية‪ .‬ترتبط هذه الحجة بالنقاش حول اآللة العاقلة(‪.)1‬‬
‫دائما مسألة مسؤولية كيانات الذكاء االصطناعي إلى‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬ستعود ً‬
‫الجدل الدائر حول القدرة املفاهيمية لآلالت على أن تصبح شبيهة باإلنسان‪ ،‬بحيث‬
‫يصبح البحث الذي ال نهاية له عن اآلالت العاقلة ً‬
‫سعيا ال نهاية له ملساءلة الذكاء‬
‫االصطناعي‪ .‬والسؤال ذو الصلة هنا يتجاوز السؤال التكنولوجي‪ ،‬وهو في الغالب سؤال‬
‫اجتماعي‪ .‬كيف نختار كمجتمع إنساني تقييم املسؤولية في حاالت األذى والخطر على‬
‫الفرد واملجتمع؟ األداة االجتماعية الرئيسية املتاحة للتعامل مع مثل هذه املواقف في‬
‫الحياة اليومية هي القانون الجنائي‪ ،‬الذي يحدد املسؤولية الجنائية لألفراد ظهور الذين‬
‫يضرون املجتمع أو يعرضونه للخطر(‪.)2‬‬
‫أيضا قيمة اجتماعية تعليمية ألنه يعلم األفراد كيفية التصرف‬‫وللقانون الجنائي ً‬
‫داخل مجتمعهم‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬يحظر القانون الجنائي القتل؛ بمعنى آخر‪ ،‬يحدد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مسبقا‪،‬‬ ‫القانون ما يعتبر قتال‪ ،‬ويحرمه‪ .‬وهذا له قيمة معاقبة األفراد على جرائم القتل‬
‫مسبقا‪ ،‬كجزء من قواعد العيش ً‬
‫معا في‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مستقبليا على عدم القتل‬ ‫وتثقيف األفراد‬
‫ً‬
‫مهيمنا في السيطرة االجتماعية(‪.)3‬‬ ‫املجتمع‪ .‬وهكذا‪ ،‬إذ يلعب القانون الجنائي ً‬
‫دورا‬
‫ً‬
‫وعلى الرغم مما سبق إال انه هناك انتقادا لفكرة املسؤولية الجنائية لكيانات الذكاء‬
‫ً‬
‫االصطناعي‪ ،‬إن املسؤولية الجنائية لكيانات الذكاء االصطناعي ترتبط عموما بعنصرين‬
‫النقاط أولها غياب الصفات غير املطلوبة لفرض املسؤولية الجنائية على سبيل املثال‪،‬‬
‫الروح‪ ،‬والشر‪ ،‬والخير‪ ،‬والثاني هو ضحالة تعريفات القانون الجنائي من منظور علوم‬
‫أخرى غير القانون الجنائي‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬علم النفس‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والالهوت‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p18.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p18-19.‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 19.‬‬

‫‪137‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫والعلوم املعرفية(‪.)1‬‬
‫يمكن الرد على نقطتي النقد بشكل منهجي يمكن دحض النقد األول من خالل‬
‫ً‬
‫اإلشارة إلى الجانب البنيوي ملصفوفة القانون الجنائي‪ ،‬ومالحظة أن أيا من السمات‬
‫الغائبة ليست مطلوبة لفرض املسؤولية الجنائية على البشر والشركات والكيانات‬
‫املستقلة على حد سواء‪ ،‬ويمكن الرد على النقد الثاني من خالل الجانب املوضوعي‬
‫ملصفوفة القانون الجنائي‪ ،‬حيث تكون تعريفات املصطلحات القانونية من خارج مجال‬
‫القانون الجنائي غير ذات صلة على اإلطالق بتسوية مسألة املسؤولية الجنائية‪ ،‬وهذا‬
‫يفتح الباب أمام فرض املسؤولية الجنائية على كيانات الذكاء االصطناعي باعتبارها من‬
‫مرتكبي الجرائم املباشرة(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وهناك أيضا اتجاه معارض لتقرير املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي وتقنياته‬
‫ً‬
‫وتحديدا للروبوتات حيث انطلق االتجاه املعارض للمسؤولية الجنائية للروبوتات من‬
‫قاعدة مفادها أنه ال يمكن اسناد املسؤولية الجنائية إال لإلنسان الذي يتمتع باإلرادة‬
‫املطلوبة لخلق السلوك املكون للركن املادي للجريمة‪ ،‬وأيضا اإلرادة وهي قوام الركن‬
‫املعنوي‪ ،‬ومن ثم ال مؤاخذة من ارتكب الجريمة دون إرادته‪ ،‬وعليه فقد استند هذا‬
‫االتجاه املعارض على مجموعة من الحجج تتمثل بعضها في عدم قدرة الروبوتات على‬
‫ارتكاب أفعال غير مشروعة من الناحية القانونية‪ ،‬فهي ال تمتلك امللكات العقلية لديها‬
‫كما هو الحال بالنسبة ألشخاص الطبيعيين‪ ،‬ناهيك عن عدم القدرة والقابلية على‬
‫تطبيق العقوبات الجنائية على الروبوت وتعارضها مع فلسفة الجزاء الجنائي‪ ،‬إضافة إلى‬
‫االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات يتعارض مع الحق في الخصوصية(‪.)3‬‬
‫في حين أنه يرى أنصار االتجاه املؤيد لتقرير املسؤولية الجنائية للروبوتات أن‬
‫الروبوتات التي تعمل بتقنيات الذكاء االصطناعي متى صدر عنها سلوكيات مجرمة فإنها‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 68.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 68‬‬
‫(‪ )3‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.63‬‬

‫‪138‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬قواعد المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫تكون مسؤولة من الناحية الجنائية وفق حكم القانون الجنائي‪ ،‬شريطة أن تكون هذه‬
‫الروبوتات قادرة على اتخاد القرار والتصرف واالتصال مع قراراتها من الناحية املعنوية‪،‬‬
‫أما إذا لم يتوافر لدى هذه الكيانات الذكية الحد األدنى من األسس املتطلبة لذلك فال‬
‫مسؤولية جنائية عليها(‪.)1‬‬
‫باإلضافة إلى أنهم يرون أن تقرير املسؤولية لهذه الكيانات يساعد ويحقق لوظيفة‬
‫القانون الجنائي في الرقابة على السلوك املجرم‪ ،‬وتخفيف األضرار الواقعة على املجني‬
‫عليه‪ ،‬مع العلم بأن اقرار املسؤولية الجنائية للروبوتات ال يعفي مصنعيها‪ ،‬أو مالكيها أو‬
‫مدربيها من مسؤوليتهم الجنائية الفردية‪ ،‬وال يشترط وجود هذا االرتباط ألنه قد يوجد‬
‫ثمة خطأ من جانب املصنع‪ ،‬أو املدرب أو املالك يتسبب في ارتكاب هذه الكيانات‬
‫ً‬
‫للجرائم‪ ،‬باإلضافة إلى أن اقرار املسؤولية الجنائية لهذه الروبوتات يساعد كثيرا في‬
‫تحديد األشخاص املذنبين‪ ،‬ويمثل رقابة ذاتية لحماية األفراد الذين يتعاملون مع هذه‬
‫الروبوتات(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.72‬‬


‫(‪ )2‬البلغيتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش‪ ،68‬ص ‪.72‬‬

‫‪139‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪140‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫املبحث الثالث‬
‫منوذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫‪141‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪142‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫املبحث الثالث‬
‫منوذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫تعتبر جرائم الذكاء االصطناعي من إحدى جرائم املستقبل القريب بل إن بعضها‬


‫بدأ من اآلن بحيث تتنوع وتتعدد هذه الجرائم نظرا للتطور التكنولوجي الذي بدأ باملاض ي‬
‫وتسارعت وتيرته في الحاضر‪.‬‬
‫تقوم تجاه تصرفات وأفعال الذكاء االصطناعي أو تلك الناتجة عن عمله مسؤولية‬
‫قانونية بوجه عام‪ ،‬ومنها املسؤولية الجنائية بشكل خاص‪ ،‬وذلك إذا شكل الفعل جريمة‬
‫جرم الفعل‬‫من تلك الجرائم املنصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون عقابي آخر ّ‬
‫وقرر له عقوبة(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ولعل أبرز جرائم الذكاء االصطناعي هي جريمة تزوير البيانات‪ ،‬وتعتبر األكثر شيوعا‬
‫بين أنواع الجرائم التي ترتكب عبر أجهزة الذكاء االصطناعي‪ ،‬فال تخلو جريمة من جرائم‬
‫ً‬
‫الذكاء االصطناعي أو جرائم الحاسوب عموما من عملية تزوير للبيانات‪ ،‬وتحدث هذه‬
‫الجريمة وتكون بدخول الجاني إلى قاعدة البيانات على وجه غير مشروع ليقوم بإجراء‬
‫تعديل للبيانات وتدميرها‪ ،‬سواء بإلغاء البيانات املوجودة أو بإضافة أخرى لم تكن‬
‫موجودة قبل ذلك‪ ،‬واختراق البريد اإللكتروني‪ ،‬واملواق الرسمية والخصصية‪ ،‬واألرقام‬
‫السرية وارسال الفيروسات وغيرها(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وعامليا من أشهر نماذج الجرائم الجنائية التي ارتكبت عن طريق الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫نماذج عن جرائم لسيارات ذاتية القيادة‪ ،‬ونماذج عن جرائم لروبوتات ذكية وغيرها‪.‬‬

‫(‪ )1‬دهشان‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.35‬‬


‫(‪ )2‬رصاع فتيحة‪ ،‬الحماية الجنائية للمعلومات على شبكة اإلنترنت‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستير في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪-‬تلمسان‪ ،‬الجمهورية الجزائرية‪ ،2012-2011 ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪143‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الجريمة الجنائية التي ارتكبت عن طريق الذكاء االصطناعي في والية ايروزونا عام‬ ‫‪-‬‬
‫صدمت سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة أوبر ‪ UBER‬بسيدة في‬ ‫‪ ،2018‬حيث َ‬
‫الطريق تقود دراجتها مما أدى إلى وفاتها متأثرة بجراحها‪ ،‬بالرغم من أن السيارة‬
‫كانت في وض القيادة الذاتية تحت إشراف سائق بشري إال أنها لم تستطي التعرف‬
‫على حركة جسد السيدة أثناء قيادتها للدراجة فقتلتها(‪.)1‬‬
‫قضية املوظف الياباني‪ :‬في سنة ‪ 1981‬قتل موظف ياباني في مصن للدراجات‬ ‫‪-‬‬
‫النارية يبلغ من العمر ‪37‬سنة على يد أحد الروبوتات التي تعمل بالقرب منه‪ ،‬فقد‬
‫تم تحديد الروبوت على نحو خاطئ فاملوظف شعر بتهديد ملهمته‪ ،‬واحتسب أن‬
‫الطريقة األكثر فعالية للقضاء على هذا التهديد ودفعه إلى آلة تشغيل مجاورة‬
‫باستخدام ذراعه الهيدروليكي القوي للغاية‪ ،‬وقد حطم الروبوت العامل املفاجئ في‬
‫تشغيل الجهاز وهو ما أسفر عن مقتله على الفور‪ ،‬ثم استئناف مهامه دون أن‬
‫يتدخل أحد في مهمته‪ .‬وعليه‪ ،‬نجد العديد من الجرائم التي ال يمكن حصرها ومن‬
‫املتوق أن ترتكبها كيانات الذكاء االصطناعي(‪.)2‬‬
‫قضية روبوت ويليامز‪ :‬وهو أول شصص ُيقتل بواسطة روبوت‪ ،‬وق الحادث في‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫مصن فورد في فالت روك بوالية ميشيغان في ‪ 25‬يناير ‪ ،1979‬وقد قتل شصص‬
‫ً‬
‫ُيدعى ويليامز بعد أن اصطدم بذراع الروبوت عندما تسلق رفا السترداد أحد‬
‫القوالب التي من املفرض أن يكون الروبوت هو من استردها ولكنه استمر في تقديم‬
‫معلومات خاطئة بشأن عدد القوالب املتبقية على الرف مما اضطر ويليامز‬
‫للتسلق(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬عبد الوهاب مريم‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬جامعة املدية‪ ،‬مجلة القانون‬
‫والعلوم البيئية‪ ،‬عدد‪ ،2‬الجزائر‪ ،2023 ،‬ص ‪.688‬‬
‫(‪ )2‬عدوان‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،17‬صفحة ‪.154-153‬‬
‫(‪ )3‬أنظر إلى املوق اإللكتروني مصطفى السداوي‪ ،‬أشخاص قتلتهم الروبوتات الذكية‪ ،‬مجلة سيدتي‪2018 ،‬‬
‫‪ ،https://www.sayidaty.net‬بدون رقم صفحة‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪.2023/10/20‬‬

‫‪144‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫قضية وشوا براون‪ :‬وهو أول شصص ُيقتل في حادث سيارة ذاتية القيادة تيسال‬ ‫‪-‬‬
‫موديل‪ ، S‬توفي عام ‪ 2016‬عندما كان يقود سيارته في والية فلوريد بسبب عدم‬
‫تمكن سيارته من التفريق بين عربة مقطورة ذات ‪ 18‬عجلة والسماء الساطعة‪،‬‬
‫حيث مرت تحت جانب واحد من مقطورة جرار وظهرت من الجانب اآلخر‬
‫وتحطمت‪ ،‬وقد تسبب الحادث في ضجة حول مدى السالمة التي توفرها السيارات‬
‫ذاتية القيادة(‪.)1‬‬
‫نجد العديد من الدول التي تستخدم نماذج وتقنيات وآالت الذكاء االصطناعي في‬
‫مجتم عها‪ ،‬ففي أمريكا نجد هناك املحامي اإللكتروني الذي يتم الدفاع بتفويض من قبل‬
‫األشصاص‪ ،‬وفي اإلمارات نجد املأذون اآللة الذكية حيث يتم إدخال البيانات الخصصية‬
‫للطرفين ومن ثم يتم الزواج بينهما‪ ،‬وفي مصر يوجد املحاكمات عن بعد كأن يكون‬
‫القاض ي في مكان‪ ،‬وأن يكون باقي األطراف في مكان آخر وقد سبقت مصر كافة الدول في‬
‫هذا األمر‪.‬‬
‫أما في الصين فتمتلك أكثر من مئة روبوت موزعة في املحاكم في كافة أنحاء البالد‬
‫الصينية‪ ،‬ومنها الروبوت (زياوفا) والتي تقدم املشورة القانونية وتعرف اإلجابات عن أكثر‬
‫من أربعين ألف سؤال في مجال النزاعات القضائية‪ ،‬ويمكنها أن تتعامل م ثالثين ألف‬
‫مشكلة قانونية(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫كذلك دولة أستونيا فقد صممت قاضيا على شكل روبوت يمكنه النظر في النزاعات‬
‫املالية الصغيرة والتي تقل قيمتها عن ‪ 7000‬يورو‪ ،‬والتركيز على نزاعات العقود‪ ،‬عن‬
‫طريق تحميل األطراف املتنازعة كافة الوثائق الالزمة‪ ،‬حتى تقرر الصوارزميات في األمر‪،‬‬
‫قاض بشري‪ ،‬وكان مقرر أن يتم تجربته‬‫ومن ثم يصدر الحكم الذي يمكن استئنافه أمام ٍ‬
‫م نهاية عام ‪2019‬م‪ ،‬وفي الواليات املتحدة األمريكية الفدرالية تم تصميم برنامج ذكاء‬

‫(‪ )1‬املوق االلكتروني‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬هامش ‪ ،330‬بدون رقم صفحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬الجلعود‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،65‬ص ‪.71‬‬

‫‪145‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫اصطناعي يتنبأ بقرارات القضاة في املحاكم األمريكية‪ ،‬وتم تقدير بما نسبته من ‪-20‬‬
‫‪ %30‬من القضايا يمكن استبدالها بالذكاء االصطناعي‪ ،‬إال أنه كان هناك تحيز عنصري‬
‫كبير‪ ،‬وإساءة تقدير للمخاطر ومعاودة االجرام لدى مختلف املدانين بالقضايا‪ ،‬فقد كان‬
‫يجري تصنيف املدانين السود أعلى من غير السود‪ ،‬حتى عندما يرتكب املدانون البيض‬
‫غير السود جرائم أشد خطورة(‪.)1‬‬
‫وفي سنغافورة يطبق فيها القاض ي الذكي بمعنى أن يتوجه األشصاص للقاض ي اآللة‬
‫حتى يمدونه باملعلومات ويحكم بين املتقاضين‪ ،‬وحتى اجراءات التحكيم‪ ،‬وفي السعودية‬
‫روبوت انسان آلة (صوفيا) فقد أطلقوا عليه هذا االسم‪ ،‬واعطوه الجنسية السعودية‪،‬‬
‫واعطوه حق التصرف وامللكية في بعض األمور‪.‬‬
‫ترتبط االشكاليات القانونية بالعادة في نموذج الذكاء االصطناعي املتقدم أكثر من‬
‫النموذج البسيط‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ :‬السيارات ذاتية القيادة واملنتشرة حاليا بكثرة في‬
‫الدول األوروبية واإلمارات‪ ،‬بحيث تقوم فكرة هذه السيارات القائمة على نموذج الذكاء‬
‫االصطناعي املتقدم أنها تقوم بالقيادة بنفسها بدون أي تدخل بشري‪ ،‬سواء كان‬
‫الخصص يجلس فيها فإنه ليس له أي تحكم في هذه السيارة فهي تمش ي بشكل ذاتي‬
‫بنفسها عبر األكواد البرمجية التي تتحكم في حركتها‪.‬‬
‫في حين أنه في الوض الطبيعي السيارات غير ذاتية القيادة‪ ،‬عندما يكون الخصص‬
‫يقودها ويتحكم في قيادتها‪ ،‬فإنه يكون مسؤول عن أي حوادث تحدثها هذه السيارة لكن‬
‫وعلى العكس‪ ،‬أو كان الذكاء االصطناعي يقود هذه املركبة و أحدث أي حادث أو إصابة‬
‫دهس لخصص ما فمن يكون املسؤول جنائيا في هذه الحالة‪ ،‬في حين أنه ال يمكننا إسناد‬
‫أي مسؤولية جنائية للذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬ألنه ال يوجد لدينا اي نص على ذلك‬
‫وطبقا ملبدأ الشرعية الجنائية بأنه ال جريمة وال عقوبة إال بنص قانوني فقانون‬
‫العقوبات لم ينص على مسؤولية اآللة إنما نص على مسؤولية األشصاص‪.‬‬

‫(‪ )1‬الجلعود‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،65‬ص ‪.72-70‬‬

‫‪146‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫يجب التفكير في هذه الحالة في فرضيات موجودة وواقعية حتى يتم اسناد السلوك‬
‫أو الضرر املرتكب طبقا للتشريعات املوجودة وهذا دور الباحثين في أن يخلق حل يسند‬
‫هذا السلوك ملرتكب معين حتى لو كان بصورة غير مباشرة إلى جانب تنبيه املشرع إلى‬
‫فرضيات مستقبلية بالبحث وعقد مؤتمرات وورشات عمل مبحث فيها املسؤولية‬
‫الجنائية لهذه اآللة نفسها وننبه املشرع في أن يض تشريعات ونصوص قانونية في‬
‫مسؤولية اآللة‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املطلب األول‬
‫جرائم الذكاء االصطناعي الذاتية‬

‫تعتبر جرائم الذكاء االصطناعي من إحدى جرائم املستقبل القريب وم تسارع وتيرة‬
‫التطور التكنولوجي وخاصة في الوقت الحالي وما تبعه من ظهور العديد من الجرائم‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ومثال على جرائم الذكاء االصطناعي الذاتية‪ ،‬جرائم اآلالت‪ :‬ومثال على ذلك‬
‫السيارات ذاتية القيادة التي تقود ذاتيا فهذه السيارة يكون فيها الخصص جالس بكل‬
‫اريحية وهي تسير بنفسها باألجهزة االستشعارية التي لديها وبالصوارزميات التي عندها‬
‫وبتطبيقات الذكاء االصطناعي وحتى الطرق والشوارع تكون ممهدة لها فمن الضروري‬
‫جدا ان يتم تحديد اذا ارتكبت هذه السيارة اي جريمة جنائية كان تصطدم بخصص‬
‫مثال نتيجة انها تلقت اشارات خاطئة نتيجة عاصفة جوية أو رملية وتطبيقها لم يعمل‬
‫بشكل جيد فصدمت ذلك الخصص وقتلته فمن سيكون املسؤول حينئذ وبعد قيام‬
‫النيابة العامة بتوجيه اتهام للسائق بالتسبب بالوفاة عن غير قصد لكن في الحقيقة‬
‫السائق لم يكن صاحب السيطرة على السيارة انما كانت تلك االلة الذكية السيارة ذاتية‬
‫القيادة فسيحكم القاض ي حينئذ بالبراءة على السائق‪ .‬وعلى ضوء ذلك فيما يخص‬
‫موضوع السيارات الذاتية القيادة التقنية هذا يستتب في القريب العاجل وفقا لقانون‬
‫املرور أو السير أن تقوم الدول بإدخال وتعديل حالة ووض السيارة ذاتية القيادة‬
‫واملسؤولية الجنائية واملدنية والتأمين والتعويضات عن ذلك وهذا يستتب أن يتم وض‬
‫وتعديل قوانين السير في ذلك األمر مثل ما قامت به بعض الدول مثل فرنسا والعديد من‬
‫الواليات في اميركا قامت بوض قواعد للسيارات ذاتية القيادة ; ألنها أصبحت جزء من‬
‫الحياة وليس طرفا فكريا‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع األول‬
‫اجلرمية العمدية الناجتة عن الذكاء االصطناعي‬

‫بشكل عام‪ ،‬يتطلب فرض املسؤولية الجنائية عن الجرائم ذات النية الجرمية‬
‫(الجرائم املتعمدة) استيفاء العناصر الفعلية والعقلية لهذه الجرائم‪ ،‬حيث يشارك‬
‫البشر في إنشاء تكنولوجيا وكيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬في تصميمها وبرمجتها وتشغيلها‪،‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬عندما يستوفي كيان ما العناصر الفعلية والعقلية للجريمة‪ ،‬فمن الذي‬
‫يجب أن يتحمل املسؤولية الجنائية؟ اإلجابات املحتملة هي كيان الذكاء االصطناعي‪ ،‬أو‬
‫البشر املتورطون في كيان الذكاء االصطناعي‪ ،‬أو كليهما(‪.)1‬‬
‫ُ‬
‫تفرض املسؤولية الجنائية عن تلك الجريمة إذا استوفى مرتكب الجريمة من البشر‬
‫املتطلبات الفعلية والعقلية للجريمة‪ ،‬ومن خالل القيام بذلك‪ ،‬ال تحتاج املحكمة إلى‬
‫شريرا»‪ ،‬أو ما إذا كانت هناك سمة أخرى تميز ارتكاب‬ ‫التحقيق فيما إذا كان الجاني « ً‬
‫الجريمة‪ ،‬حيث أن استيفاء هذه املتطلبات هو الشرط الوحيد لفرض املسؤولية‬
‫الجنائية‪ ،‬ومعلومات أخرى قد تؤثر على العقوبة‪ ،‬ولكن ليس على املسؤولية الجنائية(‪.)2‬‬
‫قد تتوجه إرادة الجاني إلى السلوك اإلجرامي الذي باشره‪ ،‬وكذلك تتجه إلى النتيجة‬
‫املترتبة عليه م علمه بها وبكافة العناصر التي يشترطها القانون لقيام الجريمة أي أن‬
‫الجاني قد تعمد إحداث النتيجة املعاقب عليها‪ ،‬أي أنه قد اتخذ الركن املعنوي صورة‬
‫القصد الجنائي بالتالي تكون الجريمة عمدية(‪.)3‬‬
‫إن أغلب جرائم الذكاء االصطناعي أو الجرائم التي تستخدم بوسائل الكترونية‬
‫تكون نتيجتها معروفة فيها وتكون ظاهرة في العالم املادي الذي نعيش فيه‪ .‬وفي مثال‬
‫السيارة ذاتية القيادة وعند التفريق بين أطراف الدعوى‪ :‬منتج السيارة‪ ،‬مبرمج السيارة‪،‬‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 64.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 64.‬‬
‫(‪ )3‬حسن ربي ‪ ،‬املبادئ العامة للجريمة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪.242‬‬

‫‪149‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫مستخدم أو مستعمل أو مالك السيارة‪ ،‬وتطبيق الذكاء االصطناعي‪ .‬تقسم الجرائم إلى‬
‫نوعان إما أن تكون جريمة عمدية أو جريمة غير العمدية (جرائم الصطأ)‪.‬‬
‫تقوم املسؤولية الجنائية في القانون الجنائي بتحقق الجريمة بركنيها املادي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واملعنوي‪ ،‬وفي جرائم الذكاء االصطناعي ال يثير الركن املادي جدال قانونيا نظرا لتحقق‬
‫الفعل الجرمي املتمثل في ارتكاب الجريمة نتيجة الستخدام الذكاء االصطناعي‪ ،‬إال ان‬
‫الركن املعنوي هو الذي يثير الجدل كأساس لقيام املسؤولية الجنائية‪ ،‬والذي يجب أن‬
‫يتحقق الركن املعنوي في احدى صورتيه العمد أو الصطأ‪ ،‬فإن القصد الجنائي بعنصريه‬
‫العلم واإلرادة هو الذي يمثل الركن املعنوي للجرائم العمدية‪ ،‬وذلك أي أن يعلم الجاني‬
‫ماهية الفعل و أن يريد تحقق النتيجة االجرامية(‪.)1‬‬
‫في الجريمة املادية لو قام املبرمج ببرمجة جهازا للتجسس على االخرين أن يبرمجه في‬
‫وقت محدد لينتهك خصوصية االخرين بحرق املكان املوجود فيه ففي هذه الحالة هذه‬
‫جريمة عمدية ناتجة عن الذكاء االصطناعي من احدى اطراف الدعوى سواء كان املبرمج‬
‫سواء كان املستخدم فممكن له أن يدخل للبرمجة واستخدمه ألغراض إجرامية ففي‬
‫تلك الحالة هذه جريمة عمدية وااللة الذكية في تلك الحالة هي عبارة عن أداة مثل‬
‫تطبيق الفاعل املعنوي كأن يقوم شصص طبيعي باستخدام شصص اخر وهذا الخصص‬
‫إما أن يكون حسن النية واستخدم في ارتكاب الجريمة أو يكون غير مميز مثل الطفل‬
‫ليس لديه ادراك وهو الذي ارتكب الجريمة ولكن الذي يرتكب الجريمة فعليا هو من قام‬
‫باستخدام تلك الوسيلة وكذلك تطبيق تقنيات الذكاء االصطناعي في تلك الحالة هي‬
‫عبارة عن وسيلة وال غبار في انزال القواعد العامة في تلك الحالة على حسب من قام‬
‫بالفعل كجريمة عمدية‪ .‬لكن حينما يقوم تطبيق الذكاء االصطناعي باتخاذ قراره تلقائيا‬
‫بمعزل عن اطرافه الثالثة املبرمج واملصن واملستخدم وتكمن هنا اإلشكالية‪.‬‬
‫ومن األمثلة األخرى هناك صورة للتعدي على الحياة الصاصة بواسطة الذكاء‬
‫(‪ )1‬احمد بالل‪ ،‬مبادئ قانون العقوبات املصري‪-‬القسم العام‪ ،-‬دار النهضة العربية للطب والنشر‬
‫والتوزي ‪2006 ،‬م‪ ،‬ص ‪.692‬‬

‫‪150‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫االصطناعي بواسطة التجسس اإللكتروني‪ ،‬وذلك من خالل قيام املتخصصين بإعداد‬


‫برامج عبارة عن فايروس يهدف إلى تزوير البيانات املصزنة داخل الحاسوب‪ ،‬أو تعطيلها‬
‫أو تحريفها‪ ،‬أو سحبها وحذفها‪ ،‬كما قد يتمكن هؤالء املصتصون من الوصول إلى‬
‫معلومات شصصية عن مستخدم الحاسوب‪ ،‬ومن ثم استخدامها بشكل غير مشروع في‬
‫تهديد وابتزاز صاحبها‪ ،‬كذلك الحصول على بيانات شصصية كتلك املتعلقة بالحسابات‬
‫البنكية وسرقتها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬سوزان األستاذ‪ ،‬انتهاك حرمة الحياة الخاصة عبر اإلنترنت‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد الثالث‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪.436‬‬

‫‪151‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع الثاني‬
‫اجلرمية الغري عمدية الناجتة عن الذكاء االصطناعي‬

‫يمثل الصطأ الركن املعنوي في الجرائم الغير عمدية‪ ،‬وذلك يعكس العالقة النفسية‬
‫ً‬
‫بين الجاني والركن املادي على نحو يجعل إرادته محل لوم املشرع‪ ،‬كونه يعد خروجا عن‬
‫واجبات الحذر والحيطة التي أدت وأفضت إلى وقوع النتيجة اإلجرامية(‪.)1‬‬
‫بشكل عام الجرائم الغير عمدية (الجرائم الصطأ) والتي تتمثل في السلوك وتتمثل في‬
‫احدى صور الصطأ مثل‪ :‬الرعونة‪ ،‬وعدم االنتباه‪ ،‬ومخالفة القوانين واألنظمة وهكذا‪،..‬‬
‫فلو افترضنا تطبيق هذا الحديث على أطراف الدعوى في تطبيق الذكاء االصطناعي الذي‬
‫تمت صناعته كمنتج يجب أن يكون املنتج صحيحا‪ ،‬وال يسبب ضرر وفقا لقانون حماية‬
‫املستهلك‪ ،‬ووفقا للقواعد العامة في كافة الدول‪ .‬عند القيام بتصني الذكاء االصطناعي‬
‫وكان به خطأ فإن املبرمج يتحمل مسؤوليته كخطأ غير عمدي‪ .‬في السيارة ذاتية القيادة‬
‫فلو قام املستخدم بالتالعب في البرمجة مما دف السيارة لعمل حادث فتتم حينها‬
‫مسائلة املستخدم بخطأ غير عمدي نتيجة ارتكابه لذلك الفعل‪ .‬وأيضا عند قيام تطبيق‬
‫الذكاء االصطناعي نفسه بارتكاب فعال وذلك الفعل نتيجة الصطأ فهنا أيضا تثار‬
‫إشكالية‪.‬‬
‫حاول فقهاء القانون ان يضعوا عدة نظريات لتحديد مسؤوليات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬فبالنسبة لنظرية الفاعل املعنوي ويمكن تطبيقها على أطراف الدعوى‬
‫ولكن ال يمكن تطبيقها على تطبيقات الذكاء االصطناعي ألنها عبارة عن الة وليس‬
‫شصصا‪ .‬وأيضا فشلت نظرية مسؤولية أفعال الغير في تطبيقها‪ :‬ألنه وحتى يسأل شصص‬
‫عن مسؤولية الغير كخصص عنده حيوان وهذا الحيوان قام بعض شصص اخر نتيجة‬
‫عدم حراسته فيسأل صاحب الكلب جنائيا ففي بعض الدول استخدمت هذا األمر‬

‫(‪ )1‬بالل‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،‬ص‪.692‬‬

‫‪152‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫بشكل مفرط مما أدى للمساس بمبدأ الخصصية اعتبرتها بعض الدول نصوصا غير‬
‫دستورية‪ .‬مثال اخر هناك جريدة قام فيها صحفي بالطعن في شصص ما ُفيسأل حينئذ‬
‫صاحب الصحيفة وذلك األمر غير جيد وبالتالي ذهبت بعض الدول إلى أن التعويض‬
‫املدني أفضل ودعت لالبتعاد عن موضوع املسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫وبخصوص تطبيق فكرة القصد االحتمالي كأن يريد شصص فعل ما ويتوقعه وال‬
‫توجد فيه أي مشكلة فيه‪ .‬ولكن حينما ال يرغب الخصص بالنتيجة ويكون متوق الفعل‬
‫ويعتمد الخصص على مهاراته ويقوم بعمل شرط أساس ي باملن من وقوعها فهذا اسمه‬
‫خطأ واعي مدرك يكون قريبا من الصطأ االحتمالي وتشدد الدول العقوبة فيه بالرغم من‬
‫أنه احدى صور الصطأ لذلك حين تطبيق ذلك على أطراف تقنيات الذكاء االصطناعي‬
‫نجد أنه من الجائز أن يتم تطبيق الصطأ الواعي حينما قام الخصص بصناعة تلك االلة‬
‫وكان يعلم أنه من الجائز أنها ترتكب جريمة فيتحمل املسؤولية حينها املصن ‪ ،‬ويتحمل‬
‫املبرمج‪ ،‬ويتحمل املستخدم الصطأ الواعي وليس القصد االحتمالي‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املطلب الثاني‬
‫استخدام الذكاء االصطناعي يف ارتكاب اجلرمية‬

‫يوصف اإلجرام اإللكتروني بالذكاء الصارق على العكس ومقارنة باإلجرام التقليدي‬
‫الذي يتسم بالعنف‪ ،‬لهذا يطلق عليه بإجرام األذكياء‪ ،‬كونه يعتمد على وسائل‬
‫تكنولوجية متطورة في القيام بالتدمير‪ ،‬أو اختراق املواق الحكومية‪ ،‬أو قرصنة‬
‫املعلومات الصاصة باألفراد ويقوم باالعتداء على خصوصيات األشصاص‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫نجاح أمن املعلومات يعتمد على نجاح أنظمة الحماية املعتمد لدى الشركات واملنشات‬
‫االقتصادية‪ ،‬والذي يجب أن يكون حماية مدنية‪ ،‬ومعلوماتية وجنائية على نحو ذا‬
‫فعالية‪ ،‬ويمكن تحقيق الحماية املعلوماتية بتطوير األبحاث العلمية للنظم األمنية لكي‬
‫يتم تأمين بياناتها ومعلوماتها من القرصنة وإساءة االستعمال واكتشاف ذلك‪.)1( .‬‬
‫تعمل البرمجة املتطورة للذكاء االصطناعي على إعطاء االته وتقنياته قدرات هائلة‬
‫لالستخدام البشري وقد تشكل بعضها خطرا وما يصاحبها من ارتكاب للجريمة‪.‬‬
‫لم يعد األمر مجرد خيال‪ ،‬بل اصبح اقرب للحقيقة على أرض الواق حيث نجد‬
‫االستغالل الكبير للعصابات للذكاء االصطناعي كالروبوتات و أجهزة االتصال اإللكتروني‬
‫في ارتكاب الجرائم‪ ،‬مثل‪ :‬القتل‪ ،‬الدهس‪ ،‬اإلضرار باآلخرين‪ ،‬انتحال صور وأصوات‬
‫أشصاص‪ ،‬بهدف ارتكاب تلك الجرائم من غير أن تطالهم العقوبة‪ ،‬ألن القانون ال يعاقب‬
‫إال الخصص الطبيعي‪ ،‬أما اآللي واالفتراض ي مثل الروبوتات فال يقوم القانون بمعاقبتها‪،‬‬
‫وبعض عرض هذا املوضوع على العديد من القانونيين‪ ،‬أكدوا وجود فراغ تشريعي‬
‫ً‬
‫بخصوص هذا االمر ويتطلب العمل على إغالقه‪ ،‬حتى ال يكون الذكاء االصطناعي ممرا‬
‫ً‬
‫ومنفذا للعصابات واملافيات الرتكاب الجرائم املصتلفة(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬خضر‪ ،‬نفيسة‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،201‬ص ‪.65‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪ )2‬حسين العبد هللا‪ ،‬موق الكتروني‪ :‬خبراء قانونيون لـ الجريدة‪ :‬على الدولة االستعداد قانونيا وفنيا‬
‫للتعامل مع أنظمة الذكاء االصطناعي‪ ،‬الجريدة‪ ،‬خاص محليات‪ /‬قصر العدل‪2021 ،‬م‪= ،‬‬

‫‪154‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫ومثال على أحد األشصاص الذين تم سؤالهم عن املوضوع هو عميد كلية القانون‬
‫ً‬
‫الكويتية العاملية د‪ .‬فيصل الكندري تحدث قائال‪« :‬أنه ملواجهة األخطاء التي ترتكب‬
‫بواسطة كيان الذكاء االصطناعي‪ ،‬والتي قد تشكل جرائم عمدية أو غير عمدية علينا أن‬
‫نحدد ثالثة احتماالت بكيفية ارتكاب الجريمة‪ ،‬لنحدد بعدها الخصص الذي ستسند‬
‫إليه املسؤولية الجزائية‪ ،‬وباملثالين التاليين نستطي أن نفهم االحتماالت الثالثة‪ :‬سيارة‬
‫بقيادة ذاتية صدمت شصصا فأصابته‪ ،‬وروبوت يجري عملية جراحية فيحدث خطأ نتج‬
‫عنه إصابة أو وفاة»(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫وأضاف الكندري قائل‪« :‬إذن لنا أن نحدد اآلتي‪:‬‬
‫االحتمال األول‪ :‬املسؤولية الجزائية الرتكاب الجريمة بواسطة شصص آخر‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وستكون التهمة موجهة للمنتج واملصن أو املبرمج‪ ،‬والروبوت أو السيارة ذاتية‬
‫القيادة وسيلة في ارتكاب جريمة‪.‬‬
‫االحتمال الثاني‪ :‬املسؤولية الجزائية على من يس يء استخدام كيان الذكاء‬ ‫‪-‬‬
‫االصطناعي الرتكاب جريمة‪ ،‬وهنا يستبعد املبرمج واملنتج واملصن من تحمل‬
‫املسؤولية الجزائية‪ ،‬لعدم نسبة أي خطأ من جانبه‪ ،‬ويتم إرجاع السبب ملن‬
‫يستخدم اإلجراءات العادية لنظام الذكاء االصطناعي بشكل غير مناسب ألداء عمل‬
‫إجرامي‪.‬‬
‫االحتمال الثالث‪ :‬املسؤولية املباشرة‪ ،‬ويتم إلحاق املسؤولية مباشرة بكيان الذكاء‬ ‫‪-‬‬
‫االصطناعي‪ ،‬كما يتم تحميلها لألفراد عادة‪ ،‬ومعلوم أن كيانات الذكاء االصطناعي‬
‫تعتبر غير قادرة على تحمل املسؤولية الجزائية‪ ،‬بسبب عجزها كاألطفال واملجانين‬
‫ومن في حكمهم‪ ،‬فيلزم عندها إثبات ما إذا كان نظام الذكاء االصطناعي يتخذ إجراء‬
‫يؤدي إلى عمل إجرامي أو يخفق في اتخاذ اإلجراء‪ ،‬ويعتبر تحديد القصد الجنائي‬

‫= بدون رقم صفحة‪،https://www.aljarida.com/articles/16194496363229763 ،‬‬


‫تاريخ الزيارة ‪2023/11/2‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬العبد هللا‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬هامش ‪ ،341‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫إلثبات ما إذا كان البرنامج يعمل بشكل خاطئ فيدف عن نفسه باملسؤولية كدفاع‬
‫الخصص الطبيعي بحجة الجنون‪ ،‬وهل يمكن للذكاء االصطناعي املتأثر بفيروس‬
‫إلكتروني أن يدف عن نفسه باملسؤولية بسبب اإلكراه»(‪.)1‬‬
‫وقد أشار الكندري إلى أن هذه هي االحتماالت الثالثة من إسناد املسؤولية الجزائية‬
‫عندما يرتكب كيان الذكاء الصناعي أي فعل يعد جريمة‪ ،‬وحيث أن التشريعات الحالية‬
‫تستوعب بعض االحتماالت‪ ،‬لكن من املمكن إجراء دراسات أعمق لبحث احتماالت‬
‫أخرى قد تحتاج الى تدخل تشريعي(‪.)2‬‬
‫من جانبه‪ ،‬أكد رئيس قسم القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د‪.‬‬
‫ً‬
‫حسين بوعركي قائال‪« :‬أن استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي وما تشهده الثورة‬
‫الصناعية والتقدم التكنولوجي من أهم ما يواجه املشرع الجنائي‪ ،‬في كل التشريعات‪،‬‬
‫ً‬
‫ليس فقط ملا يتيحه هذا التطور من وسائل جديدة في ارتكاب الجرائم‪ ،‬بل أيضا ملا‬
‫يفرضه من ضرورة إضفاء الحماية الجنائية على املصلحة الجديدة التي قد تتولد عن‬
‫هذا التطور‪ ،‬أو في عبارة أدق‪ ،‬قيامه بتجريم األفعال التي من شأنها اإلضرار بهذه‬
‫املصالح‪ ،‬وأنه إذا كانت هذه الحقيقة تنطبق‪ ،‬بداهة‪ ،‬على كل أنواع القوانين‪ ،‬إال أن آثار‬
‫هذا التطور تنعكس‪ ،‬بصورة خاصة‪ ،‬على القانون الجنائي الذي يقوم بحماية النظام‬
‫العام والحقوق األساسية للمجتم واألفراد‪ ،‬على النحو الذي يؤدي الى اإلضرار الجسيم‬
‫بهذا النظام‪ ،‬وتلك الحقوق‪ ،‬حال غياب التنظيم القانوني‪ ،‬لظاهرة إجرامية جديدة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬العبد هللا‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،341‬بدون رقم صفحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬العبد هللا‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،341‬بدون رقم صفحة‪.‬‬
‫(‪ )3‬العبد هللا‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،341‬بدون رقم صفحة‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع األول‬
‫اجلرمية العمدية يف استخدام الذكاء االصطناعي‬

‫يصعب إقامة املسؤولية عن الصطأ العمدي في حالة استخدام الذكاء االصطناعي‪،‬‬


‫ما لم يتم االثبات بأن اإلنسان قد وض الذكاء االصطناعي في وض إحداث الضرر‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬
‫يفترض العلم املؤكد بوقوع الضرر‪ ،‬إال أن هذا األمر ال يحدث إال نادرا‪ ،‬ومن ذلك قضت‬
‫محكمة النقض في ‪ 30‬يونيو ‪2011‬م‪ ،‬على أنه‪ :‬بأن إشعال آلة قص ذاتية في حديقة‬
‫عامة تميز بقصد اإلضرار‪ .‬غير أنه وبمقابل ذلك فقد قضت املحكمة بأنه‪ :‬ما دام الفعل‬
‫هو نتيجة لعملية آلية في تشغيل اآللة‪ ،‬ومن ثم يتحرد ظهور البيانات املعنية من أي‬
‫قصد من جانب مشغل محرك البحث‪ ،‬وبعد ذلك رفضت محكمة النقص تقرير‬
‫مسؤولية جوجل عن اإلعالن‪ ،‬ويعود ذلك إلى أن طبيعته آلية‪ ،‬وهو نتيجة للكلمات‬
‫ً‬
‫األكثر تداوال على اإلنترنت(‪.)1‬‬
‫تكتفي بعض املستشفيات الطبية باستخدام السجالت االلكترونية الطبية بدال من‬
‫احضار وتشغيل العديد من األطباء بحجة انها أكثر توفيرا للوقت‪ ،‬والجهد‪ ،‬واملال‪ ،‬وأكثر‬
‫سرعة وكفاءة حيث يتم ادخال البيانات الخصصية في تلك السجالت التي تحتوي على‬
‫كافة بيانات املريض وعالجه ومدة العالج‪« ،‬وتستخدم تلك املعلومات ملصلحة املريض‪،‬‬
‫حيث يستطي الذكاء االصطناعي دعم اتخاذ القرارات اإلكلينيكية املتعلقة باملريض بناء‬
‫على املعلومات السابقة‪ ،‬وبالتالي تظهر مشكلة تتعلق بانتهاك الصصوصية للمرض»(‪.)2‬‬
‫تمتلك جمهورية كوريا الجنوبية نظام معلومات ذكي للحجر الصحي استخدمته سنة‬
‫‪2015‬م بعد تفش ي متالزمة الشرق األوسط ‪ MERs‬حيث كان الوافدين إليها يخضعون‬
‫لفحص الكتروني‪ ،‬ويملئون استبيانات صحية بحيث يتم وض املسافرين الذين يعانون‬
‫من االعراض‪ ،‬أو الذين من وإلى بلد موبوء حيث ألزمتهم بتحميل تطبيق على هواتفهم‬

‫(‪ )1‬عبد اللطيف‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،11‬ص ‪.11‬‬


‫(‪ )2‬دهشان‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬صفحة ‪.6‬‬

‫‪157‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫للتحقق من الصحة الذاتية‪ ،‬أيضا تطوير نظام ذكي يصنف الحاالت املؤكدة التي كانت‬
‫مصابة بفيروس ‪ COVID-19‬الكورونا‪ ،‬واستخدمت وقتها الروبوت أو اإلنساني في ذلك‬
‫الوقت للقيام بالعديد من املهام املساعدة مثال توزي املعقمات وقياس درجة الحرارة‬
‫للمصابين بالكورونا في تلك الفترة(‪.)1‬‬
‫وعلى الرغم من أن استخدام آليات الذكاء االصطناعي في مواجهة فيروس كورونا له‬
‫إيجابيات عديدة وخاصة في توفير الوقت‪ ،‬والجهد وتقلص عدد الضحايا‪ ،‬إال أن‬
‫املدافعون عن حقوق اإلنسان يرون أن االستعانة بمجموعة من البيانات ذات الطاب‬
‫الخصص ي عن الحاالت املصابة واملصالطين تعتبر فكرة مهددة لحريات اإلنسان‬
‫األساسية‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بالحق في الصصوصية الذي أصبح على املحك بفعل هذه‬
‫التقنية‪ ،‬حيث أصبحنا نتحدث اليوم عن نهاية الصصوصية‪ ،‬في ثنائية جدلية تحاول‬
‫التوفيق بين مطلب الحرية كحق من حقوق اإلنسان األصيلة والدواعي األمنية للدول‬
‫ألجل صون استقرارها وحفظ سالمتها(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫وأيضا ال ننفي هنا وجود بعض البرمجيات التي راعت في تصميمها واشتغالها مسألة‬
‫األمن الخصص ي وحماية املعطيات الخصصية‪ ،‬كالبرنامج التي وضعته غوغل بالتعاون م‬
‫برنامج آبل لهذا الغرض‪ ،‬بحيث يقوم التطبيق بتخزين املعلومات حول األجهزة املتصلة‬
‫فيما بينها دون تحويل هذه املعلومات إلى خادم )‪ (Server‬مركزي كما هو الحال في‬
‫التطبيقات األخرى‪ ،‬لكن حتى هذه الفكرة ال تخلو من تهديدات لصصوصية األشصاص‬
‫ً‬
‫وأمنهم‪ ،‬كون أن تشغيل هذه التطبيقات انطالقا من واجهة برمجة التطبيقات )‪(API‬‬
‫سيقوم بتهديد و فتح الباب للعديد من الثغرات األمنية الجديدة املستهدفة للصصوصية‬

‫(‪ )1‬أبو بكر خوالد‪ ،‬خيرالدين بو زرب‪ ،‬فعالية استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي الحديثة في مواجهة‬
‫فيروس كورونا )‪ :)COVID-19‬تجربة كوريا الجنوبية نموذجا‪ ،‬مجلة بحوث اإلدارة واالقتصاد‪،‬‬
‫مجلد‪ ،2‬عدد‪ ،2‬الجزائر ‪2020‬م‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫(‪ )2‬محمد السهيلي‪ ،‬تطورات الذكاء االصطناعي ومقتضيات حماية الحقوقق والحريات األساسية‪ ،‬إدارة‬
‫الشؤون القانونية بمنظمة االيسيسكو‪ ،‬اململكة املغربية‪ ،‬الرباط‪2019 ،‬م‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪158‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫الخصصية‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬إظهار تطبيقات تتب املتصلين للحالة الصحية ملستخدم ما عبر‬
‫إمكانية ربط األشصاص املصابين بصورهم عبر كاميرا ثابتة متصلة بجهاز ‪ Bluetooth‬في‬
‫األماكن العامة(‪.)1‬‬
‫وبناء على ما سبق قد يترتب على نظام املعلومات الذكي‪ ،‬والفحوصات االلكترونية‬
‫وملئ االستبيانات وااللزام بتحميل تطبيقات على الهواتف جرائم عمدية في استخدام‬
‫الذكاء االصطناعي انتهاك خصوصية االنسان وبياناتهم الخصصية في ذلك‪.‬‬
‫ويفترض أن تكون الحاجة إلى املراقبة والتتب تقتصر على بيانات األفراد الخصصية‬
‫وحياتهم الخصصية بما يخدم حاجة الحفاظ على الصحة العامة فقط دون أن يتجاوزها‬
‫إلى أكثر من ذلك‪ ،‬وذلك من أجل صد أي تسريب لهذه البيانات الخصصية أو توظيفها‬
‫دون إذن رسمي أو مسوغ معقول وسليم‪.‬‬
‫فلو حدث في دولة معينة أن انتشر وباء معين وتمت االستعانة بتقنيات الذكاء‬
‫االصطناعي للتتب والرصد فيفترض أن يتم تحديد الفترة الزمنية الالزمة التي سيتم فيها‬
‫توظيف تلك التقنيات ومواعيد االستغناء عنها‪ ،‬وأن تقدم الدولة ضمانات عادلة‬
‫ومقنعة لدف أي سوء توظيف لهذه املعطيات الخصصية بحيث يقتصر مقدار التدخل‬
‫في معطيات األفراد الخصصية على ما يحقق غاية صد الوباء فقط وحصريا دون سواه‪،‬‬
‫وفي جمي األحوال ينبغي الحرص على حسن توظيف هذه البيانات الخصصية لألفراد‬
‫صد الوباء والسهر على حماية املعطيات من أي استغالل أو إيذاء أو‬ ‫بما يخدم غاية ّ‬
‫انتهاك لحرمة الحياة الخصصية لألفراد‪ ،‬بحيث إن توظيف هده البيانات من قبل أجهزة‬
‫وأشصاص آخرين بغض النظر عن فائدتها‪ ،‬من شأنه أن يهدم الثقة العامة الضرورية‬
‫ملواجهة مثل هذه الظروف(‪.)2‬‬
‫يشكل االستعمال الكبير للتقنيات الذكية للتتب واملراقبة خالل فترة الوباء‬

‫(‪ )1‬السهيلي‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬هامش ‪ ،349‬ص ‪.17‬‬


‫(‪ )2‬السهيلي‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،349‬ص ‪.62‬‬

‫‪159‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫والصالحيات التي يتم منحها للحكومات في السماح لها باستعمال كل الوسائل املتاحة‬
‫ً‬
‫للحد من انتشاره تهديدا لحقوق اإلنسان وحرياته‪ ،‬مما دف بعض الصبراء للقول بأننا‬
‫أمام أكبر موجة تعقب اجتماعي ومالحقة للمرض ى في العالم‪ ،‬عبر نشر كل الوسائل‬
‫التكنولوجية الكفيلة بتحقيق هذا الغرض‪ ،‬والتخوف الكبير بشأن انتهاكات حقوق‬
‫االنسان كالتشهير‪ ،‬والتمييز‪ ،‬والعنف والعنصرية‪ ...‬وبالتالي فإن التساهل في الحفاظ‬
‫على البيانات الخصصية لألفراد ونشر املعلومات والهويات يمكن أن يسبب مشاكل كبيرة‬
‫سواء على املدى املتوسط أو البعيد‪ ،‬وقد اعتبر تقرير للهيئة الهولندية لحماية البيانات‬
‫أن استعمال تطبيقات تتب االتصال يشكل انتهاكا طويل األمد للحق األساس ي في الحياة‬
‫ً‬
‫الصاصة للمواطنين‪ ،‬خصوصا أنه يعالج معطيات لها عالقة بصحة املريض وهي تدخل‬
‫في خانة البيانات الحساسة(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬السهيلي‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،349‬ص ‪.61-60‬‬

‫‪160‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫الفرع الثاني‬
‫اجلرمية الغري عمدية يف استخدام الذكاء االصطناعي‬
‫ً‬
‫يعتبر إقامة املسؤولية على أساس الصطأ الغير عمدي أوس نطاقا من الصطأ‬
‫العمدي‪ ،‬ألنه يكفي فيه اإلهمال أو عدم التبصر‪ ،‬ويتمثل هذا الصطأ في عدم توق‬
‫ً‬
‫الضرر أو تحمل مخاطره إذا كان متوقعا ضرره‪ .‬وبناء على ذلك يكون إهمال املستخدم أو‬
‫ً‬
‫املالك للذكاء االصطناعي أساسا لتحمل املسؤولية‪ ،‬وبالرغم من ذلك يضل إثبات‬
‫ً‬
‫اإلهمال أو عدم التبصر صعبا‪ ،‬كون أن استعمال الذكاء االصطناعي أو إتاحته حتى لو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان ناقصا من النادر أن يشكل بذاته إهماال‪ ،‬حيث أن كل برمجة الكترونية تحتوي على‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عيوب وهذا أمرا بات مفروغا منه‪ ،‬وبالتالي ممكن أن تحدث أضرارا في مواجهة أي موقف‬
‫غير مسبوق‪ ،‬ويعبر من الصعب افتراض الرقابة أو اإلهمال في البرمجة ملجرد وقوع‬
‫الضرر(‪.)1‬‬
‫من املمكن أن يأخذ الركن املعنوي للجريمة صورة الصطأ غير العمدي‪ ،‬فتتجه إرادة‬
‫الجاني إلى السلوك الجراميز دون تحقق النتيجة سواء لم يتوق حدوثها‪ ،‬أو توق إمكانية‬
‫حدوث ذلك إال أنه لم يتخذ االحتياط الكافي لتالفي حدوث ذلك(‪.)2‬‬
‫يترتب على استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي دون ضوابط انتهاك الحياة الصاصة‬
‫ً‬
‫والتعدي على الصصوصية‪ ،‬وهذا األمر يعتبر آفة األجهزة والتقنيات اإللكترونية عموما‪،‬‬
‫فهي تفرض على مستخدميها املوافقة على السماح بسحب بيانات معينة من الهاتف‬
‫املستخدم أو من الوسيلة أو البرنامج الذي يستخدمه عبر الهاتف‪ ،‬وتقوم هذه التقنيات‬
‫بتحليل تلك املعلومات والحصول على اهتمامات املستخدم الستغاللها ألهداف تجارية‬
‫ودعائية واستخبارية(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬عبد اللطيف‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،11‬ص ‪.11‬‬


‫(‪ )2‬ربي ‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،336‬ص ‪.242‬‬
‫(‪ )3‬دهشان‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،27‬ص ‪.20‬‬

‫‪161‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫نحن في العادة عندما نسجل دخول على أي موق من مواق التواصل االجتماعي‬
‫مثل الفيسبوك أو التويتر أو أي موق الكتروني خصوصا التي تكون مجانية ونقوم‬
‫بإنشاء حساب نوق فيه على اتفاقية استخدام هذه املواق التي تكون افتراضية و تعطي‬
‫املوق صالحيات أن يستخدم املعلومات الخصصية للمستخدم كاالسم‪ ،‬العنوان‪ ،‬رقم‬
‫الهاتف‪ ،‬ويتتب البحث الخصص ي عند استخدامها بحيث يتمكن من معرفة اهتمامات‬
‫هذا الخصص املستخدم فيصبح عنده بيانات كبيرة متعلقة بالخصص املستخدم وذلك‬
‫عن طريق خوارزميات معينة يعمل على فلترة كافة البيانات فيها فيعرف كافة االهتمامات‬
‫ويستغلها في ابسط موضوع في النشاط واالستخدام التجاري للمعلومات وفي االعالنات‬
‫ويجعل االعالنات على هذه املواق تتوافق م االهتمامات للخصص فمثال شصص وجد‬
‫إعالن سيارات على الفيس بوك ودخل على هذا االعالن فسيجد أن كل االعالنات التي‬
‫تأتي أمامه تكون سيارات أو إعالن مالبس أو إعالن شوكوالتة معينة سيجد أيضا أن كل‬
‫االعالنات تخص نفس املوضوع الذي دخل كتب أو بحث عنه‪.‬‬
‫وفي الحقيقة ان التطور الذي وصل الصوارزميات ال يشترط أن يقوم الخصص‬
‫بالبحث أو الكتابة بل وحتى لو فان شصص باالتصال م شصص معين عبر الهاتف أنهم‬
‫يقررون لقضاء رحلة على جبل أو الساحل أو في دولة معينة سيجد أن الهاتف قد قام‬
‫بفلترة كالمهما واملحادثة الصوتية بينهما وأصب يعرض إعالنات لشركات أو شقق‬
‫بالقرب من الساحل أو الدولة التي تكلموا عنها ففي هذه الحالة اصبح هناك حالة ضرر‬
‫وانتهاك للبيانات الخصصية والتي باألصل يحميها الدستور و القانون وهذا االنتهاك‬
‫يشكل جريمة جنائية مرتكبة فمن سيكون املسؤول عن هذه الجريمة افتراضيا بحكم‬
‫قيام الخصص باملوافقة على اتفاقية االستخدام للفيس بوك مثال من غير التيقن عن‬
‫هذه االتفاقية في انه سيقوم باستخدام للمعلومات والبيانات الخصصية للمستخدم‬
‫فيصبح الفيس بوك في منأى عن أي مسؤولية جنائية ففي هذه الحالة يشبه فيها كأن‬
‫الخصص قام بإمضاء عقد بينه وبين الفيس بوك أن يقوم باستغالل البيانات‬
‫الخصصية للخصص املستخدم له فال يعقل اسناد مسؤولية جنائية للفيس بوك في هذه‬

‫‪162‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫الحالة بل من املمكن اسناد للفيسبوك نوع من أنواع االكراه املعنوي‪.‬‬


‫توسعت االمور بل ألكثر من ذلك بعيدا عن االستخدام التجاري للمعلومات فهناك‬
‫استخدام سياس ي للمعلومات وظهرت في االنتخابات الرئاسية القبل أخيرة في أمريكا بين‬
‫ً‬
‫دونالد ترامب وهيالري كلينتون كانوا يستخدمون البيانات بصورة فضيعة جدا‪ ،‬فعرفوا‬
‫وقتها جمي األشصاص املوجودون في أمريكا وعندهم انتخابات يعرف املرشح البنود‬
‫الرئيسية في البرنامج الرئاس ي له مثال بند االسعار‪ ،‬االستيراد والتصدير‪ ،‬رف املستوى‬
‫املعيش ي في الدولة فيرون اهتمامات كل شصص عن طريق الفيس بوك مثال شصص‬
‫مهتم باالستيراد فيعرضون للخصص اعالنات خاصة بمرشح معين الذي من ضمن‬
‫خطته الرئاسية أي البرنامج الرئاس ي الصاص به أنه هو سيعمل تسهيالت كبيرة جدا في‬
‫كافة مجاالت االستيراد فهنا يظهر التأثير الكبير في عقول األشصاص بناء على بياناتهم‬
‫الخصصية التي عن طريق الذكاء االصطناعي تم برمجتها بصورة معينة بحيث اثر في‬
‫عاطفة الخصص أو في ش يء مهتم به حتى ينتخب املرشح‪.‬‬
‫وبالتالي يعتبر ما حصل في الواليات املتحدة األمريكية في االنتخابات فضيحة تسريب‬
‫البيانات الصاصة باملستخدمين وقد تم استغاللهم واستهدافهم في تلك االنتخابات‬
‫والتأثير عليهم الرقمي والتحول الديمقراطي وتغيرات سياسية وما صاحبها من تعزيز‬
‫تقنيات الذكاء االصطناعي واألتمتة من كفاءة ونطاق التضليل اإلعالمي بشكل واس (‪.)1‬‬
‫وال يخفى عما أصبحنا نالحظه من العديد من اإلعالنات واملحتويات اإلعالنية التي ال‬
‫تحترم اآلداب العامة وال حتى الذوق العام‪ ،‬وذلك بما تحتويه من بعض العروضات‬
‫الصادشة للحياء مثل ما يعرضه موق ‪ marketplace‬ملتصفحي الفيس بوك من أمور غير‬
‫مرغوبة بها‪ ،‬ال تتماش ى م ما يتم عرضه م ميول ورغبات املعروض له كونها مجرد‬
‫محتويات منافية لآلداب وخادشة للحياء أو ألي سبب آخر(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مشعل‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش‪ ،20‬ص ‪.518‬‬


‫(‪ )2‬عثمان‪ ،‬مرج سابق‪ ،‬هامش ‪ ،135‬ص ‪.1550 -1549‬‬

‫‪163‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫أصبح الذكاء االصطناعي ليس مجرد ان يستخدم في الدعاية واالعالن ايضا‬


‫يستخدم في تشكيل األمة فلو هناك بعض األموال والبرمجة الجيدة وأشصاص يفهمون‬
‫فمن املمكن أن يحدد الذكاء االصطناعي الخصص الذي ممكن أن ينتخبه الخصص‬
‫مستقبال وذلك لتشعبه بصورة رهيبة في شتى املجاالت‪.‬‬
‫إن كان يمثل راحة للناس أيضا يمثل خطورة فيجب أن يتم وض ضوابط قانونية‬
‫إلنتاج وتطوير الذكاء االصطناعي فهي ان كان بها مميزات أيضا لها عيوب وسيشكل‬
‫خطورة في املجتم إن لم يتم نشر ووض ضوابط قانونية لها‪.‬‬
‫روبوتا يعمل بالذكاء االصطناعي ُم ً‬
‫دانا بالقتل غير العمد‪ .‬وبعد أن‬ ‫وبمثال يصف ً‬
‫تقوم املحكمة بإدانة الروبوت بتهمة القتل غير العمد‪ ،‬تستمر العملية الجنائية كما لو‬
‫إنسانا‪ ،‬واملرحلة التالية هي مرحلة إصدار الحكم‪ .‬ويجوز لالدعاء والدفاع‬‫ً‬ ‫كان الجاني‬
‫املطالبة بعقوبة قاسية أو مخففة‪ ،‬وفي نهاية املطاف تقرر املحكمة العقوبة املناسبة بناء‬
‫على ظروف القضية‪ ،‬وبعد تقييم الظروف‪ ،‬توصلت املحكمة إلى استنتاج مفاده أنه إذا‬
‫إنسانا‪ ،‬فإن العقوبة ذات الصلة ستكون السجن ملدة ثالث سنوات‪ .‬ولو‬ ‫ً‬ ‫كان الروبوت‬
‫كان الروبوت شركة‪ ،‬لكانت املحكمة قد فرضت عليه عقوبة السجن ملدة ثالث سنوات‪،‬‬
‫والتي كان سيتم تنفيذها كما هو موضح ً‬
‫سابقا‪ .‬وينبغي أن يكون األمر نفسه بالنسبة‬
‫للروبوت الذي يعمل بالذكاء االصطناعي‪ .‬ولذلك‪ ،‬إذا أفض ى التقدير القضائي للمحكمة‬
‫إلى فرض عقوبة السجن ملدة ثالث سنوات‪ ،‬فهذه هي العقوبة التي يجب توقيعها‪ ،‬بغض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫النظر عما إذا كان املدعى عليه إنسانا أو شركة أو مجرما بذاته‪.‬‬
‫سابقا‪ ،‬فإن فرض السجن على أنظمة‬ ‫ويجب تنفيذ العقوبة بعد فرضها‪ .‬وكما ذكرنا ً‬
‫الذكاء االصطناعي يأخذ شكل حرمانها من حريتها في التصرف من خالل تقييد نشاطها‬
‫للمدة املطلوبة وتحت رقابة صارمة‪ .‬خالل هذا الوقت‪ ،‬يمكن إصالح نظام الذكاء‬
‫االصطناعي ملن ارتكاب املزيد من الجرائم قد يكون نظام الذكاء االصطناعي أكثر كفاءة‬
‫عاجزا وعندما يحدث ذلك بموجب أمر من املحكمة‪ .‬يخدم هذا الوض‬ ‫ً‬ ‫إذا كان النظام‬
‫كال من أغراض إعادة التأهيل والعجز‪ ،‬وهي أغراض إصدار األحكام ذات الصلة في حالة‬

‫‪164‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫ومقيدا‪،‬‬ ‫أنظمة الذكاء االصطناعي‪ .‬عندما يكون نظام الذكاء االصطناعي رهن االحتجاز‪،‬‬
‫ً‬
‫وخاضعا لإلشراف‪ ،‬تصبح قدرته على اإلساءة عاجزة‪.‬‬
‫إن إصالح نظام الذكاء االصطناعي من خالل التغييرات الداخلية‪ ،‬التي تبدأ بعوامل‬
‫خارجية (على سبيل املثال‪ ،‬املبرمجون الذين يعملون بموجب أمر من املحكمة) ويختبرها‬
‫النظام كتقييد‪ ،‬هو إعادة تأهيل جوهرية ألن فرص تورط النظام في مزيد من االنحراف‬
‫تتزايد‪ .‬وإن القيمة االجتماعية لفرض السجن على نظام الذكاء االصطناعي حقيقية‪.‬‬
‫فتتم إزالة النظام الصطير من املجتم إلصالحه‪ ،‬وخالل هذه الفترة ال يكون ً‬
‫قادرا على‬
‫التسبب في املزيد من الضرر للمجتم ‪ .‬وعند اكتمال العملية‪ ،‬في نهاية املدة التي تحددها‬
‫املحكمة‪ ،‬يمكن إعادة النظام إلى النشاط الكامل‪ ،‬بنفس الطريقة التي يتم بها إعادة‬
‫السجين الذي انتهى من تنفيذ العقوبة إلى املجتم (‪.)1‬‬
‫تأخذ بعض الدول بطريقة الصدمة العامة أو املجتمعية بدأل عن السجون‪ ،‬بحيث‬
‫تم تطوير هذه الطريقة لتخفيف من اكتظاظ السجون‪ ،‬بحيث يجوز للمحكمة في‬
‫ً‬
‫الجرائم غير الجسيمة أن تقوم بفرض خدمة عامة على الجاني بدال من العقوبات‬
‫األخرى بحيث يدل على أنه جزء من املجتم وأن التسبب في الضرر باملجتم يرتد على‬
‫الجاني‪ ،‬ففي كثير من الحاالت تضاف الصدمة العامة إلى فترة املراقبة من أجل فرض‬
‫تحسين إعادة تأهيل الجاني بشكل كامل داخل املجتم ‪ ،‬فهي أكثر من مجرد قيمة‬
‫تعويضية‪ ،‬بل تهدف لجعل الجاني يفهم احتياجات املجتم وإعادة اإلدماج له(‪.)2‬‬
‫تتمت كل من الشركات وأنظمة الذكاء االصطناعي بتفاعالت قوية م املجتم ‪،‬‬
‫بحيث تعمل الصدمة العامة على تمكين هذه التفاعالت وتعزيزها‪ ،‬وجعلها األساس‬
‫ً‬
‫للتغيير الداخلي املطلوب‪ ،‬فعلى سبيل املثال طبيا يتم استخدام نظام خبير طبي‪ ،‬مجهز‬
‫بقدرات التعلم اآللي في عيادة خاصة لتخصيص املرض ى‪ ،‬ففي حال تم اعتبار أن هذا‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 175-176.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 171-172‬‬

‫‪165‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫النظام مهمال‪ ،‬تفرض املحكمة عليه وحتى يتم تنفيذ هذه العقوبة‪ ،‬يجوز استخدام ذلك‬
‫النظام من قبل الصدمات الطبية أو املستشفيات العامة‪ ،‬وهذا األمر يمكن أن يخدم‬
‫هدفين رئيسين‪ ،‬أولها يتعرض النظام ملزيد من الحاالت ومن خالل التعليم اآللي يمكنه‬
‫ً‬
‫تحسين أدائه‪ ،‬وثانيها أنه يمكن اعتبار عملها تعويضا للمجتم عن الضرر الذي سببته‬
‫الجريمة‪ ،‬وفي نهاية مدة الصدمة العامة يكون نظام الذكاء االصطناعي أكثر خبرة إذا كانت‬
‫عملية التعليم اآللي فعالة ويتم تحسين النظام‪ ،‬وألن الصدمة العامة تخض لإلشراف‪،‬‬
‫بغض النظر عما إذا كانت مصحوبة باملراقبة فإن عملية التعلم اآللي وغيرها من‬
‫العمليات الداخلية يتم توجيهها نحو من ارتكاب املزيد من الجرائم أثناء الصدمة العامة‪،‬‬
‫وبحلول نهاية فترة الصدمة العامة سيكون نظام الذكاء االصطناعي قد ساهم بالوقت‬
‫ً‬
‫واملوارد لصالح املجتم ‪ ،‬ويمكن اعتبار ذلك تعويضا عن الضرر االجتماعي الناجم عن‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فإن الصدمة العامة ألنظمة الذكاء االصطناعي تشبه الصدمة‬
‫ً‬
‫العامة لإلنسان في جوهرها‪ ،‬بحيث يكون تعويض مساهما في املمارسة العملية لها(‪.)1‬‬
‫وكذلك تعتبر املراقبة أحد البدائل الشائعة للسجون التي اعتمدتها بعض املنظمات‬
‫الصيرية والدينية الصاصة لرعاية املجرمين املدانين من خالل منحهم األدوات االجتماعية‬
‫التي يحتاجونها للتخلي عن االنحراف وإعادة االندماج في املجتم ‪ ،‬بحيث كانت والية‬
‫ماساتشوستس أول والية أمريكية تفعل ذلك في عام ‪1878‬م‪ ،‬وتختلف األدوات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫االجتماعية املقدمة من حالة ألخرى‪ ،‬فمثال عندما يكون الجاني مدمنا للمخدرات فإن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األدوات االجتماعية تشمل إعادة تأهيله من املصدرات‪ ،‬وأيضا عندما يكون الجاني عاطال‬
‫عن العمل فإن األدوات االجتماعية تشمل التدريب املنهي وخالل تلك الفترة التي يكون‬
‫فيها الجاني تحت املراقبة من السلطات لضمان باإلشراف عليه ومراقبته لضمان عدم‬
‫ارتكاب أي جرائم أخرى‪ .‬املراقبة هي في الغالب إعادة تأهيل‪ ،‬وهي مناسبة للمجرمين‬
‫الذين لديهم إمكانية عالية إلعادة التأهيل‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تحتاج املحكمة إلى تقييم دقيق‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 172-173.‬‬

‫‪166‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫لتلك اإلمكانية‪ ،‬أعدته خدمة املراقبة‪ ،‬قبل الحكم على الجاني باملراقبة(‪.)1‬‬
‫عندما يرتكب نظام الذكاء االصطناعي جريمة ما‪ ،‬يجب تخصيص النظام لتحديد ما‬
‫إذا كان من املمكن تصحيحها‪ .‬في هذه املرحلة‪ ،‬يتم تخصيص املجرمين من البشر‬
‫لتحديد إمكانية إعادة تأهيلهم‪ .‬يتم إجراء كال النوعين من التخصيص من قبل‬
‫املتخصصين‪ ،‬ف تخصيص املجرمين من البشر يتم من قبل موظفي خدمة املراقبة‪،‬‬
‫واألخصائيين االجتماعيين‪ ،‬وعلماء النفس‪ ،‬واألطباء النفسيين‪ ،‬واألطباء‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬
‫يمكن تخصيص مرتكبي جرائم نظام الذكاء االصطناعي من قبل خبراء التكنولوجيا‪ .‬وإذا‬
‫أظهر التخصيص عدم وجود إمكانية إلعادة التأهيل‪ ،‬فإن الغرض النهائي من إصدار‬
‫الحكم يصبح العجز‪ ،‬ألن املجتم يرغب في من املزيد من الضرر‪ ،‬ولكن إذا كان لدى‬
‫الجاني إمكانية كبيرة إلعادة التأهيل‪ ،‬عندها يتم أخذ املراقبة وإعادة التأهيل كهدف‬
‫للحكم في االعتبار(‪.)2‬‬
‫وينطبق هذا بنفس القدر على املجرمين من البشر‪ ،‬والشركات‪ ،‬وأنظمة الذكاء‬
‫االصطناعي‪ .‬السؤال األساس ي لتخصيص نظام الذكاء االصطناعي هو ما إذا كان من‬
‫املمكن إصالح النظام بتكوينه الحالي‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬من خالل التعلم اآللي إذا كان‬
‫االستنتاج هو أن العقوبة املناسبة هي االختبار‪ ،‬فيجب تطبيقها م اإلشارة إلى املشاكل‬
‫التي أثارها الجنوح‪ .‬وهذا ينطبق على جمي أنواع املجرمين‪ ،‬إن الهدف من العالج هو‬
‫عالج مشكلة معينة‪ ،‬لذلك يجب أن يتناسب العالج م املشكلة‪ .‬والفرق بين املراقبة‬
‫أيضا‪ ،‬هو عجز الجاني عن قدراته املنحرفة خالل مدة‬ ‫والسجن‪ ،‬والذي يشمل العالج ً‬
‫ً‬
‫مناسبا‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬
‫خطيرا أثناء فترة العالج‪ ،‬فقد يكون املراقبة‬ ‫العقوبة‪ .‬إذا لم يكن الجاني‬
‫ً‬
‫عاجزا أثناء العالج‪ ،‬فقد يكون السجن أكثر مالءمة(‪.)3‬‬ ‫إذا كان الجاني‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 169-170.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 170.‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 170-171.‬‬

‫‪167‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ذلك‪ ،‬إذا وجد املجتم أن نظام الذكاء االصطناعي يمكنه االستمرار في العمل أثناء‬
‫جدا على املجتم ‪ ،‬فقد يكون‬ ‫خطيرا ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مناسبا‪ .‬وإذا كان األمر‬ ‫العالج‪ ،‬فقد يكون االختبار‬
‫مناسبا‪ .‬عندما يتم فرض املراقبة ً‬
‫أخيرا‪ ،‬يجب على نظام الذكاء االصطناعي أن‬ ‫ً‬ ‫السجن‬
‫يبدأ العالج‪ ،‬الذي يتكون من إصالح عملياته الداخلية بحيث تتطلب بعض األنظمة‬
‫التدخل في عملية التعلم اآللي‪ ،‬والبعض اآلخر يتطلب ترقية أجهزتها‪ ،‬والبعض اآلخر‬
‫يتطلب التدخل في البرامج األساسية للنظام‪ .‬خالل هذه العملية‪ ،‬يواصل نظام الذكاء‬
‫االصطناعي نشاطه الروتيني تحت اإلشراف الذي تفرضه املحكمة ‪.‬من الناحية‬
‫االجتماعية والوظيفية‪ ،‬فإن املراقبة متطابقة بالنسبة للمجرمين من البشر والشركات‬
‫وأنظمة الذكاء االصطناعي(‪.)1‬‬
‫وتتطلب سمات كل مجرم معاملة مختلفة‪ ،‬ولكن هذا صحيح بالنسبة للمجرمين‬
‫أيضا‪ ،‬وبطبيعة الحال‪ ،‬يمكن للمصنعين واملبرمجين ومستخدمي النظام البدء‬ ‫من البشر ً‬
‫في عملية اإلصالح دون تدخل املحكمة‪ ،‬ولكن عندما تأمر املحكمة بالتدخل‪ ،‬فهذا يعني‬
‫أن هذه إرادة املجتم وبنفس الطريقة‪ ،‬يجوز ملدمن املصدرات أو عائلة املدمن البدء في‬
‫عملية إعادة تأهيل من املصدرات دون أمر من املحكمة‪ ،‬ولكن عندما تفرض املحكمة‬
‫ذلك‪ ،‬وتعتبر هذه هي إرادة املجتم (‪.)2‬‬
‫أما فيما يخص عقوبة اإلعدام فإن جوهرها هو موت الجاني‪ ،‬فعندما يكون الجاني‬
‫ً‬
‫إنسانا‪ ،‬فإن الحياة تعني وجود الخصص كمخلوق فاعل‪ ،‬أما اذا كان الجاني شركة أو‬
‫نظام ذكاء اصطناعي‪ ،‬فيمكن تحديد حياته من خالل نشاطه‪ ،‬وإن نظامه الحي هو نظام‬
‫فعال‪ ،‬وبالتالي فإن «حياة» نظام الذكاء االصطناعي هي قدرته على العمل على هذا‬
‫النحو‪ ،‬إن إيقاف نشاط نظام الذكاء االصطناعي ال يعني بالضرورة «موت» النظام‪ ،‬كون‬
‫املوت يعني العجز الدائم عن حياة النظام‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإن عقوبة اإلعدام لنظام الذكاء‬
‫االصطناعي تعني إغالقه الدائم‪ ،‬بحيث ال يمكن توق املزيد من الجرائم أو أي نشاط‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 171.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 171.‬‬

‫‪168‬‬
‫المبحث الثالث ‪ -‬نموذج جرائم الذكاء االصطناعي‬

‫آخر من جانب النظام‪ .‬عندما يتم إغالق نظام الذكاء االصطناعي بأمر من املحكمة‪،‬‬
‫جدا على املجتم ‪.‬‬ ‫خطيرا ً‬
‫ً‬ ‫فهذا يعني أن املجتم يحظر تشغيل ذلك الكيان ألنه يعتبر‬
‫يخدم تطبيق عقوبة اإلعدام على أنظمة الذكاء االصطناعي كال من أغراض عقوبة‬
‫اإلعدام والعجز (كغرض عام للحكم) فيما يتعلق بأنظمة الذكاء االصطناعي(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ويقرر املجتم فرض عقوبة اإلعدام عندما يكون الجاني خطيرا عليه‪ ،‬م كون‬
‫العقوبة مقبولة في النظام القانوني املعين‪ ،‬بقصد تحقيق العجز التام والنهائي للجاني‪.‬‬
‫وينطبق هذا على املجرمين من البشر والشركات وأنظمة الذكاء االصطناعي‪ .‬بالنسبة‬
‫ألنظمة الذكاء االصطناعي‪ ،‬يعني العجز الدائم اإلغالق التام بموجب أمر من املحكمة‪،‬‬
‫م عدم وجود خيار إلعادة تنشيط النظام مرة أخرى ‪.‬لن يشارك النظام الذي يعاني من‬
‫العجز الدائم في املزيد من األحداث الجانحة(‪.)2‬‬
‫قد يقال إن مثل هذا اإلغالق قد يؤثر على أشصاص أبرياء آخرين على سبيل املثال‪،‬‬
‫الشركة املصنعة للنظام‪ ،‬أو مبرمجيه ومستخدميه‪ ،‬وال ينطبق هذا على أنظمة الذكاء‬
‫ً‬ ‫االصطناعي فحسب‪ ،‬بل ينطبق ً‬
‫أيضا على املجرمين من البشر والشركات أيضا‪ ،‬بحيث‬
‫أيضا على عائلته البريئة (في حالة الجاني البشري) أو يؤثر على‬ ‫يؤثر إعدام الجاني ً‬
‫املوظفين واملديرين واملساهمين وما إلى ذلك (في حالة الشركة)‪ ،‬عندما يكون الجاني عبارة‬
‫أيضا على أشصاص أبرياء آخرين‪،‬‬ ‫عن نظام ذكاء اصطناعي‪ ،‬فإن إيقاف التشغيل يؤثر ً‬
‫لكن هذا ال يقتصر على أنظمة الذكاء االصطناعي ولذلك‪ ،‬قد تنطبق عقوبة اإلعدام على‬
‫أنظمة الذكاء االصطناعي(‪.)3‬‬

‫‪(1) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 166.‬‬


‫‪(2) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 166-167.‬‬
‫‪(3) GABRIEL HALLEVY ,previous reference, footnote 50, p 167.‬‬

‫‪169‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪170‬‬
‫الخاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫اخلامتة‬

‫علينا أن ندرك أوال وقبل كل ش يء في هذه الحياة أنه مهما تطور الذكاء االصطناعي‬
‫وكافة تقنياته فلن يستطيع البشر أن يسأل أو يضع لهذه التقنيات ملكة العقل البشري‪،‬‬
‫أو أي ذرة من املشاعر‪ ،‬أو اإلنسانية‪ ،‬أو األخالق‪ ،‬أو اإلحساس‪ ،‬أو الروح التي هي من أمر‬
‫هللا ومعجزاته الت ي تحدى كافة البشرية أن يخلقوا ذبابة ولم يستطيعوا ولن يستطيعوا‬
‫ألن الكمال هلل عز وجل والنقص لكافة مخلوقاته‪.‬‬
‫تعتبر ذروة الثروة التكنولوجية فيما قدمه الذكاء االصطناعي وخوارزمياته اليوم من‬
‫تحديث واستحداث شكل جديد من الخدمات لم تكن موجودة من قبل وهذه االمور كلها‬
‫تشكل وبما ينعكس بتحسين األداء بزيادة االنتاجية‪،‬بتوفير الوقت‪ ،‬والجهد‪ ،‬واملال هو‬
‫حقيقة ش يء غير مسبوق‪ ،‬لربما في الوضع الطبيعي على سبيل املثال صنع اآللة التي‬
‫تبحث في قواعد البيانات وتعيد البيانات بما هو مقارب لعملية البحث فإن دل ذلك عن‬
‫خلق محتوى جديد فعندما يكون هذا الروبوت أو اآللة موجود في اجتماع مثال فإنه‬
‫ينوب عن اإلنسان وهو قادر على أن يتفاعل مع املعطيات املوجودة في محيطه وأن‬
‫يستخرج أجوبة ولربما بعض النتائج الغير موجودة في قاعدة بياناته إنما التي قام‬
‫بتحليلها وخلق محتوى جديد غير موجود في قاعدة بياناته كل هذا يعتبر عند الكثير انه‬
‫ذروة ما توصل إليه الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأخيرا‪ ،‬وليس آخرا نستطيع القول بأن عصر الجغرافيا في هذا العالم بدأ يتضاءل‬
‫لصالح عصر بال حدود‪ ،‬تتالش ى فيه سيادات الدول‪ ،‬ويغلب ويسود فيه الذكاء‬
‫االصطناعي واختراعات األقمار الصناعية‪ ،‬والهواتف‪ ،‬والفاكس والحاسب اآللي‪ ،‬مع‬
‫تواصل التخوف لدى العالم من أن يصبح الذكاء االصطناعي تقنية للدمار الشامل‪ ،‬وأن‬
‫ً‬
‫يصبح البشر عبدا لتقنيات الذكاء االصطناعي وتحديدا لخدمة االنسان االلي مستقبال‪،‬‬
‫أو أن تقودنا إلى حرب عاملية ثالثة‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫النتائج‪:‬‬
‫لقد توصل الباحث إلى العديد من النتائج‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫يعرف الذكاء االصطناعي بأنه‪ :‬علم اآلالت الحديثة‪ ،‬مفهوم جديد‪ ،‬ذو طبيعة‬ ‫‪)1‬‬
‫خاصة‪ ،‬وفرع من فروع علم الحاسوب‪ ،‬وسلوك يحاكي الذكاء البشري في أغلب‬
‫تطبيقاته عبر قيام االنسان بمحاولة برمجة‪ ،‬وتطوير اآللة أو الحاسوب‪ ،‬وإيجاد‬
‫وصنع تقنيات حديثة‪ ،‬بحيث تصبح قادرة على أداء بعض املهام التي يقوم بها البشر‬
‫كالتعلم‪ ،‬والتفكير‪ ،‬واالستنباط‪ ،‬والتنفيذ على أرض الواقع وحل املشكالت‪،‬‬
‫والتفهم والسمع والتكلم والحركة بأسلوب منطقي ومنظم‪.‬‬
‫أصبح الذكاء االصطناعي واقعا ملموسا بعد أن كان مجرد خيال علمي موجود‪،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫وكثرة االستخدام له وتطوره أدت إلى استقالليته‪ ،‬مما يشكل الخطر على األفراد‬
‫واملجتمعات‪.‬‬
‫للذكاء االصطناعي نماذج منها‪ ،‬النموذج البسيط وهو ال يعمل باستقالل وإنما‬ ‫‪)3‬‬
‫يعمل بتحكم اإلنسان فيه بتكليف االلة بالقيام بأوامر معينة ومعطاة لها مثل‪:‬‬
‫اآللة الحاسبة والهاتف وغيرها‪ .‬والنموذج املتقدم الذي يعمل باستقالل إلى حد ما‪،‬‬
‫ً‬
‫وله القدرة على اتخاذ قرارات بشكل مستقل‪ ،‬لكن هذا االستقالل ليس تاما‪ ،‬وفيه‬
‫قد تكلف االلة بالقيام بأوامر معينة ومعطاة لها باإلضافة إلى تمكينها وبرمجتها على‬
‫إمكانية االلة من التفكير ذاتيا وتطوير ذلك بناء على خوارزميات برمجية وقواعد‬
‫بيانات ضخمة مما يمكنها من تطوير نفسها واتخاذ قرارات ذاتية وتنفيذ هذه‬
‫القرارات فبالتالي أصبحت شبيهة بالبشر‪ .‬ومن االمثلة على هذا النوع‪ :‬الحواسيب‪،‬‬
‫ماكينات الصرف لدى البنوك‪ ،‬الطيارات بدون طيار‪ ،‬والسيارات ذاتية القيادة‬
‫وغيرها‪ ،‬والنموذج الخارق الفائق املستقبلي‪.‬‬
‫يتميز الذكاء االصطناعي بعدة خصائص‪ ،‬أهمها‪ :‬التمثيل الرمزي‪ ،‬القدرة الفائقة‬ ‫‪)4‬‬
‫على التواصل‪ ،‬التعلم‪ ،‬واإلدراك‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬واالستدالل‪ ،‬واكتساب الخبرة‪،‬‬
‫واكتساب وتمثيل املعرفة وتطبيقها‪ ،‬واتخاذ القرار باستقاللية دون االشراف‬

‫‪172‬‬
‫الخاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫البشري املباشر‪ ،‬تمتعها بمهارات التسبيب واالستنباط‪ ،‬وسهولة التكييف مع‬


‫البيئة املحيطة‪ ،‬وحل املشكالت املعروضة‪ ،‬والتعلم والفهم من التجارب والخبرات‬
‫السابقة‪ ،‬واستخدام الخبرات القديمة وتوظيفها في مواقف جديدة‪ ،‬واالستجابة‬
‫السريعة للمواقف والظروف الجديدة‪ ،‬والتعامل مع الحاالت الصعبة‪ ،‬واملعقدة‬
‫والغامضة‪ ،‬والبيانات املتضاربة والغير كاملة‪.‬‬
‫‪ )5‬للذكاء االصطناعي أهمية كبيرة‪ ،‬ومنها‪ :‬العمل على تطوير وظائف الكمبيوتر‬
‫املرتبطة بالذكاء البشري كالتعليم‪ ،‬والتفكير‪ ،‬وحل املشكالت وغيرها‪ ،‬وحيث تشمل‬
‫أهمية الذكاء االصطناعي العديد من الجوانب وفعال ليس من السهل حصر تلك‬
‫الجوانب‪ ،‬وقد يكون الذكاء االصطناعي أكثر قدرة حتى على البحوث العلمية‪ ،‬فقد‬
‫يتسلم القيادة حتى يتم التوصل للعديد من االكتشافات املفيدة في حياتنا وبالتالي‬
‫التطور والنمو في شتى ميادين الحياة العلمية والعملية‪ ،‬واألنظمة الرقابية‪،‬‬
‫واألمنية‪ ،‬وتحقيق العديد من الفوائد التي تسهل وتبسط الحياة اليومية للناس‬
‫وتحقق الكفاءة العالية في انجاز معظم املهام واألعمال التي يصعب على االنسان‬
‫القيام بها‪.‬‬
‫‪ )6‬يترتب على انتشار الذكاء االصطناعي دون وضع أي ضوابط عدة مشكالت‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫حلول الذكاء االصطناعي محل األيدي البشرية العاملة‪ ،‬مما يترتب عليه زيادة نسبة‬
‫البطالة بفعل تسريح هؤالء العمال‪ .‬كذلك فإن الذكاء االصطناعي يستخدم من‬
‫قبل بعض املبرمجين املتخصصين ألغراض غير مشروعة تشكل جرائم كالتجسس‬
‫على األشخاص وانتهاك خصوصيتهم‪.‬‬
‫‪ )7‬تشعب وانتشار الذكاء االصطناعي بكافة أنظمته وتقنياته في كافة املجاالت املجتمعية‬
‫املحسوسة وغير املحسوسة‪ ،‬والبسيطة واملعقدة‪ ،‬وقطاعات الحياة املختلفة البعيدة‬
‫عن الحصر واملتشعبة بشكل كبير سواء الصحة أو التعليم أو االمن وغيرها‪ ،‬حيث أن‬
‫هذا التشعب قد تم بدون أي ضوابط قانونية مما ساعد في ظهور الكثير من جرائم‬
‫الذكاء االصطناعي نتيجة االستخدام الس يء لتلك الوسائل والتقنيات‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التقدم والتطور الهائل وما صاحبه من إتاحة الفرصة لتقنيات الذكاء االصطناعي‬ ‫‪)8‬‬
‫فأصبحت هذه التقنيات تفكر وتتخذ القرارات بنفسها وتنفذها ذاتيا مما أدى إلى‬
‫صعوبة إسناد املسؤولية الجنائية الناشئة عن جرائم هذه التقنيات‪.‬‬
‫يتميز الذكاء االصطناعي بطبيعة قانونية خاصة‪ ،‬فهو ال يعد من املنقوالت وال من‬ ‫‪)9‬‬
‫ً‬
‫العقارات‪ ،‬وإنما يعد وفقا لرأي الفقه القانوني من طبيعة خاصة تشبه الطبيعة‬
‫ً‬
‫القانونية للسفن‪ ،‬فهو يحظى بميزات املنقوالت والعقارات معا‪.‬‬
‫تتعدد مجاالت استخدام الذكاء االصطناعي‪ ،‬منها املجال العسكري‪ ،‬وهو ما يجعل‬ ‫‪)11‬‬
‫ً‬
‫الذكاء االصطناعي يعد سالحا في ذاته‪ ،‬فتستخدم تقنية الذكاء االصطناعي في‬
‫الروبوت املقاتل‪ ،‬وهو ربوت يحل محل الجندي املقاتل وله قدرة على تحديد‬
‫األهداف وإصابتها بدقة‪ ،‬كذلك تستخدم في الطائرات املقاتلة دون طيار وهي أبرز‬
‫وأحدث تطبيقات الذكاء االصطناعي في املجال العسكري‪ ،‬وتقوم هذه الطائرات‬
‫برصد األهداف وتصويرها بدقة كبيرة‪ ،‬وإصابتها بشكل دقيق‪ ،‬دون الحاجة إلى‬
‫وجود طيار يقودها‪.‬‬
‫ً‬
‫يثير وجود الذكاء االصطناعي عددا من اإلشكاليات القانونية منها‪ :‬تحديد الطبيعة‬ ‫‪)11‬‬
‫القانونية والشخصية القانونية له‪ ،‬فبالنظر إلى أنماط عمله وطبيعتها فإنه ال يمكن‬
‫القول بوجود شخصية قانونية مستقلة للذكاء االصطناعي‪ ،‬ألن الشخصية‬
‫القانونية قوامها اإلدراك والتمييز وحرية االختيار‪ ،‬وهو ما ال يتوفر في الذكاء‬
‫االصطناعي الذي يقوم على ضرورة وجود وكالء عنه يتحكمون به ويستخدمونه‪.‬‬
‫يتعدد أطراف املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي‪ ،‬وهم‪ :‬الشركة املصنعة‬ ‫‪)12‬‬
‫واملبرمجة‪ ،‬ومالك التقنية أو مستخدمها‪ ،‬والذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬وتقوم‬
‫مسؤولية كل من الشركة املصنعة واملبرمجة ومالك التقنية ومستخدمها في حال‬
‫ثبوت نسبة العمل الذي صدر عن الذكاء االصطناعي الذي يشكل جريمة جنائية‪،‬‬
‫ويكون له إسهام فيه‪ ،‬كما لو كان تصنيع لو كان تصنيع الذكاء االصطناعي وبرمجته‬
‫قد تمت على نحو يجعله يرتكب جريمة‪ ،‬أو كما لو كانت الجريمة راجعة إلى سلوك‬

‫‪174‬‬
‫الخاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫املالك أو املستخدم بفعل إرادي‪ ،‬فال تعدو تقنية الذكاء االصطناعي أن تكون‬
‫وسيلة الرتكاب الجريمة‪ ،‬والجاني هو املتسبب بالفعل واملتحكم به‪.‬‬
‫‪ )13‬تقوم املسؤولية الجنائية عن أفعال الذكاء االصطناعي في حال اكتمال الركن املادي‬
‫للجريمة املتمثل في السلوك اإلجرامي الذي يرتب نتيجة جرمية تربطهما عالقة‬
‫سببية‪ ،‬واكتمال الركن املعنوي املتمثل في القصد الجنائي املكون من علم الجاني‬
‫بحقيقة الفعل الذي يرتكبه ومع ذلك تتجه إرادته إلى ارتكابه رغم علمه به‪ ،‬فتكون‬
‫ً‬
‫املسؤولية الجنائية أثرا لوجود الجريمة‪ ،‬أي أنه يجب أن يتوافر الركن املعنوي في‬
‫جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬فال يكفي تحقق الركن املعنوي والركن القانوني‪ ،‬فال بد‬
‫من وجود القصد الجنائي في الجرائم القصدية كأن يعلم مستخدم الذكاء‬
‫االصطناعي بموضوع وطبيعة الفعل الذي يرتكبه وأن يعلم بأنه فعل مجرم معاقب‬
‫ً‬
‫عليه قانونا‪ ،‬ثم تتجه إرادته إلى ارتكاب هذا الفعل‪ ،‬كما يجب أن يتوافر الخطأ في‬
‫جرائم الذكاء االصطناعي التي تقوم على أساس الخطأ‪ ،‬فتتجه إرادة الجاني الذي‬
‫يستخدم الذكاء االصطناعي إلى الفعل دون النتيجة التي يتوقعها وليس بإمكانه‬
‫تفاديها وتجنبها‪ ،‬ويترتب على هذا أن غياب الركن املعنوي بنوعيه القصدي وغير‬
‫القصدي في األفعال التي تشكل جرائم في ذاتها انتفاء املسؤولية الجنائية عنها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫املصنع واملبرمج‬ ‫‪ )14‬تتعدد املسؤولية الجنائية وفقا لظروف كل حالة‪ ،‬فقد يتحمل‬
‫ّ‬
‫املسؤولية الجنائية في حال كان الفعل الذي شكل جريمة راجع إلى ما قاموا به من‬
‫ً‬
‫تصنيع وبرمجة‪ ،‬بحيث تكون تلك األفعال املجرمة جزءا من اآللية التي تمت‬
‫صناعة الذكاء االصطناعي وبرمجته عليها‪ ،‬كما هو في حال الروبوت املقاتل‪ ،‬الذي‬
‫ُ‬
‫صنع لوظيفة محددة وهي القتال‪.‬‬
‫‪ )15‬كذلك قد يتحمل املالك أو املستخدم لتقنيات الذكاء االصطناعي املسؤولية‬
‫ً‬
‫الجنائية عن أفعال الروبوت إذا كان الفعل الذي شكل جريمة راجعا إلى‬
‫استخدامه‪ ،‬ال سيما وأن الشركات املصنعة واملبرمجة ّ‬
‫تنبه املالك واملستخدم إلى ما‬
‫قد يترتب على استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي من أخطار‪ ،‬في سبيل رفع‬

‫‪175‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫املسؤولية الجنائية عن نفسها عما قد يصدر عن تلك التقنيات من أفعال مجرمة‪.‬‬


‫ّ‬
‫املصنع واملبرمج وبين املالك أو‬ ‫وقد تكون املسؤولية الجنائية مشتركة بين كل من‬ ‫‪)16‬‬
‫ً‬
‫املستخدم‪ ،‬إذا كان الفعل الذي شكل جريمة راجعا إلى أفعالهم املباشرة‪ ،‬كما لو‬
‫معين ثم قام مالك الذكاء‬ ‫كان الفعل بسبب التصنيع والبرمجة على نحو ّ‬
‫االصطناعي أو مستخدمه باستخدامه مع علمه بما سيترتب عليه من نتيجة مجرمة‬
‫بسبب فعله‪ ،‬فتقع املسؤولية الجنائية مشتركة بين الطرفين‪.‬‬
‫كما ويمكن أن تكون املسؤولية الجنائية على كيان الذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬وذلك‬ ‫‪)17‬‬
‫في تلك األنواع من الذكاء االصطناعي التي تعمل باستقالل ذاتي‪ ،‬وال تحتاج‬
‫ً‬
‫مستخدما يسيرها‪.‬‬
‫توقع على الوكالء املتسببين بارتكاب جريمة بواسطة الذكاء االصطناعي عقوبتي‬ ‫‪)18‬‬
‫ً‬
‫السجن والغرامة املالية‪ ،‬وفقا ملا ورد في قانون الجرائم اإللكترونية‪ ،‬ما لم ينص‬
‫قانون آخر على عقوبة إضافية‪ ،‬وتوقع على الذكاء االصطناعي عقوبة املصادرة إذا‬
‫كان وسيلة الرتكاب جريمة‪ ،‬وهي العقوبة الوحيدة املقررة عليه‪.‬‬
‫ً‬
‫أن العقوبات التي توقع على مستخدمي الذكاء االصطناعي وفقا لنصوص التشريع‬ ‫‪)19‬‬
‫الفلسطيني من خالل قانون الجرائم اإللكترونية تنحصر في عقوبة الحبس الذي‬
‫يقل عن ثالث سنوات‪ ،‬وعقوبة السجن الذي يزيد على ثالث سنوات وال يزيد عن‬
‫خمسة عشر سنة‪ ،‬وعقوبة الغرامة املالية التي ال تزيد عن خمسة آالف دينار‪.‬‬
‫أن العقوبات الواقعة على كيانات الذكاء االصطناعي في التشريع الفلسطيني هي‬ ‫‪)21‬‬
‫ً‬
‫عقوبة املصادرة دون غيرها من العقوبات املقررة‪ ،‬وذلك نظرا لطبيعة كيانات‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬فال يمكن تطبيق أي من العقوبات األخرى التي تطبق على‬
‫اإلنسان الطبيعي‪ ،‬لتعذر تطبيقها من الناحية العملية‪ ،‬إضافة إلى أن اإلنسان‬
‫ً‬
‫الطبيعي هو محل املسؤولية الجنائية ومحل العقاب وفقا لألصل‪.‬‬
‫إن املسؤولية الجنائية ال تقوم في مواجهة كيانات الذكاء االصطناعي عن أفعالها‬ ‫‪)21‬‬
‫التي تشكل جريمة جنائية‪ ،‬ألنها ال تتمتع بعنصري اإلدراك واإلرادة اللذين تقوم‬

‫‪176‬‬
‫الخاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫عليهما املسؤولية الجنائية‪ ،‬فال يمكن لكيانات الذكاء االصطناعي أن تتحمل‬


‫املسؤولية الجنائية ألنها ال تملك إدراك يمكنها من اختيار أفعالها وفهم ماهيتها‪ ،‬وال‬
‫تمتلك إرادة تمكنها من ارتكاب الفعل بشكل حر مستقل‪ ،‬ألن أفعالها تتم من خالل‬
‫الوكالء الين يقومون بالتحكم فيها‪ ،‬ولذلك ال تقوم مسؤولية كيانات الذكاء‬
‫االصطناعي عما تقوم به من أفعال‪ ،‬وإنما تقوم املسؤولية الجنائية في مواجهة‬
‫هؤالء الوكالء املستخدمين‪.‬‬
‫‪ )22‬أن الذكاء االصطناعي لم يصل بعد إلى درجة من اإلدراك تؤهله لتحمل املسؤولية‬
‫الجنائية‪ ،‬فهو آلة مخترعة ال تملك سوى العمل وفق ما تم برمجتها عليه‪ ،‬وهي‬
‫ً‬
‫عرضة للخطأ وللعطل الفني‪ ،‬ويمكنها أن تقوم بارتكاب أفعال تشكل جريمة‪ ،‬ونظرا‬
‫ً‬
‫لعدم إمكان مساءلتها جنائيا فإن هذا ال يعني اإلفالت من املساءلة‪ ،‬فاملسؤولية هنا‬
‫تقع على النائب اإلنساني الذي ساهم في وجود هذا الخلل املؤدي إلى ارتكاب جريمة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫مصنعا ومبرمجا‪ ،‬أو كان املستخدم لهذه التقنيات فيجب عليهم معرفة‬ ‫سواء أكان‬
‫كيفية عمل هذه التقنية‪ ،‬ومعرفة كيفية التعامل مع األعطال‪ ،‬إضافة إلى ضرورة‬
‫وجود قواعد استخدام محددة يتم من خاللها تفادي وقوع أخطاء تشكل جريمة في‬
‫حال حدوث خلل فني‪ ،‬كنشر الروبوتات القاتلة في أوقات محددة‪ ،‬بحيث تضبط‬
‫حركتها‪.‬‬
‫‪ )23‬عدم وجود تشريعات قانونية تنظم الذكاء االصطناعي فال نقدر على تحديد‬
‫املسؤولية الجنائية ألي جريمة التي ارتكبها الذكاء االصطناعي ذاتيا فيجب تنظيم‬
‫كل هذه األمور‪.‬‬
‫‪ )24‬زيادة انتهاك خصوصية االنسان واالعتداء على حياتهم الشخصية في ظل تقنيات‬
‫الذكاء االصطناعي‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫يوص ي الباحث إلى أنه يجب أن يتم االعتراف بالشخصية القانونية املحدودة للذكاء‬ ‫‪)1‬‬
‫االصطناعي‪ ،‬وتقنياته‪ ،‬وكياناته بالقدر الذي يسمح أن تكون هناك مسؤولية جناية‬
‫مشتركة مع املبرمج واملستخدم حال ارتكاب أي جريمة ما‪.‬‬
‫يجب على املشرع أن يبدأ في عمل الدراسات ووضع تشريعات التي تنظم انتاج وعمل‬ ‫‪)2‬‬
‫الذكاء االصطناعي وتحدد املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي ألي جريمة ارتكبها‬
‫ذاتيا وملواجهة كافة املستجدات التي قد تحدث نتيجة لتطبيقات هذا الذكاء‬
‫االصطناعي‪.‬‬
‫ونهيب املشرعين إلى ضرورة وضع قواعد قانونية متخصصة يكون من شأنها أن‬ ‫‪)3‬‬
‫توافر الحماية للمضرورين من األضرار التي تسببها كيانات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ضرورة تدخل املشرع الفوري ووضع تصور يسمح بإمكانية تطبيق قواعد املسؤولية‬ ‫‪)4‬‬
‫الجنائية الناشئة عن أضرار وجرائم الذكاء االصطناعي على كل األطراف سواء‬
‫ُ‬
‫املصنع أو املبرمج‪ ،‬واملستخدم‪ ،‬والذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬مع وضع عقوبات‬
‫تناسبهم‪.‬‬
‫ضرورة نشر ثقافة الذكاء االصطناعي من خالل التدريس في مادة التكنولوجيا‬ ‫‪)5‬‬
‫ضمن املناهج الدراسية وبالتحديد في السنوات الدراسية املبكرة من أجل فتح آفاق‬
‫في مجال العلوم والتكنولوجيا الحديثة‪.‬‬
‫ضرورة اعتراف الدولة في تشريعاتها الوطنية بالطبيعة القانونية الخاصة للذكاء‬ ‫‪)6‬‬
‫االصطناعي وتقنياته وخاصة الروبوتات املقاتلة ذاتية التشغيل‪ ،‬حتى يتم تحديد‬
‫الجهة املسؤولة عن األضرار التي تحدثها‪ ،‬واالعتراف بمبدأ مسؤولية البشر عن‬
‫القرارات التي تتخذها كيانات الذكاء االصطناعي كالروبوتات املستقلة‪.‬‬
‫يجب إبرام املعاهدات الدولية التي تنظم مسؤولية الدول عن األضرار التي تحدثها‬ ‫‪)7‬‬
‫كيانات الذكاء االصطناعي وتقنياته‪ ،‬خاصة األضرار التي تحدثها األسلحة ذاتية‬
‫التشغيل‪ ،‬بحيث يتم اتخاذ كافة إجراءات التأمين الالزمة لها‪ ،‬مع اتخاذ كافة‬

‫‪178‬‬
‫الخاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫إجراءات األمن السيبراني ليتم حماية كافة برامج الذكاء االصطناعي املستخدمة‪.‬‬
‫ضرورة ووجوب وضع الذكاء االصطناعي‪ ،‬واآلتة‪ ،‬وتقنياته‪ ،‬وكياناته وكل ما يشمله‬ ‫‪)8‬‬
‫ُ‬
‫تحت التأمين اإلجباري وإصدار شهادة بأسماء املصنع‪ ،‬واملبرمج‪ ،‬واملستخدم‪،‬‬
‫وشهادة تضمن كافة املخاطر‪.‬‬
‫تزايد تأثير تقنيات الذكاء االصطناعي على حياة الناس في الوقت الحالي أصبح من‬ ‫‪)9‬‬
‫الضروري القيام بالتدخل القانوني ووضع القواعد الالزمة واإلطار القانوني ليتمكن‬
‫من خالل هذا اإلطار محاسبة تقنيات الذكاء االصطناعي على جرائمه التي يرتكبها‬
‫وضبط هذا األمر بكافة الطرق القانونية ويتوجب على املشرع أن يضع بعض املواد‬
‫القانونية التي تضبط هذا األمر بشأن الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ضرورة عقد وقيام ورشات العمل واملؤتمرات والندوات واملراكز‪ ،‬والدوائر البحثية‬ ‫‪)11‬‬
‫والقانونية حول الذكاء االصطناعي وتقنياته والتطرق والحديث عن جرائم الذكاء‬
‫االصطناعي واألطر القانونية للمسؤولية الجنائية الناشئة عن تلك الجرائم وتقديم‬
‫نتائج دراساتها وبحوثها وتوصياتها إلى السلطة التشريعية كمرجع متخصص تستند إليه‬
‫في فهم آلية وطريقة عمل الذكاء االصطناعي ومجاالته‪ ،‬وصوره‪ ،‬ومستحدثاته وأخطائه‪.‬‬
‫إنشاء جهات رقابية وتنظيمية ووقائية تعمل على مراقبة وتطوير الذكاء االصطناعي‬ ‫‪)11‬‬
‫وتقنياته وتطبيقاته‪ ،‬واالشراف على كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ومكافحة كافة‬
‫وجوه االستغالل الس يء لهم ليتم حماية كل شخص طبيعي واعتباري من ذلك‪.‬‬
‫العمل على إنشاء وبناء فريق عمل رأس اهتمامه وشؤون عمله االهتمام بتقنيات‬ ‫‪)12‬‬
‫الذكاء االصطناعي وتشكيل مجلس الذكاء االصطناعي للدولة وإنشاء فرق عمل مع‬
‫الرؤساء التنفيذيين لالبتكار في الجهات الحكومية وأن يتم وصياغة الخطط‬
‫االستراتيجية ونشرها في القمة العاملية للحكومات لألعوام املقبلة‪.‬‬
‫تفعيل العديد من البرامج واملبادرات وورش العمل في جميع الجهات الحكومية‬ ‫‪)13‬‬
‫واألهلية حول اآلليات التطبيقية للذكاء االصطناعي‪ ،‬وبيان مخاطر استخدام‬
‫الذكاء االصطناعي وتقنياته‪ ،‬وتنظيم قمة عاملية سنوية‪ ،‬وإطالق املسرعات‬

‫‪179‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الحكومية للذكاء االصطناعي‪.‬‬


‫العمل على تنمية قدرات القيادات الحكومية التي يقع عليها التعامل مع مجاالت‬ ‫‪)14‬‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬على طريقة عمله وآليته ومجاالته‪ ،‬ورفع مهارات جميع‬
‫الوظائف املتصلة بالتكنولوجيا‪ ،‬وتنظيم دورات تدريبية للموظفين الحكوميين‬
‫بهدف رفع مستوى املعرفة بالذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫توفير العديد من خدمات الخط األول للجمهور من خالل الذكاء االصطناعي‪ ،‬ودمج‬ ‫‪)15‬‬
‫الذكاء االصطناعي بنسبة معقولة في الخدمات الطبية‪ ،‬واألمنية الخاصة بتحديد‬
‫الهوية‪ ،‬وزيادة االعتماد على الذكاء االصطناعي في الوظائف الروتينية‪.‬‬
‫ُ‬
‫ضرورة إفراد املشرع الجزائي نصوص إجرائية خاصة ملالحقة الجرائم املرتبطة‬ ‫‪)16‬‬
‫ً‬
‫بالذكاء االصطناعي‪ ،‬وخصوصا قواعد اإلثبات الجزائي بما في ذلك إجراءات خاصة‬
‫بالتفتيش والضبط‪ .‬فيجب تخصيص نصوص قانونية تنظم مسألة وقف أو‬
‫تجميد بعض األجهزة (املوصومة بأجهزة الذكاء االصطناعي) عن العمل لحين‬
‫االنتهاء من املالحقة القضائية‪.‬‬
‫ضرورة أن تتوافر الخبرة في كيفية إنشاء حلول للذكاء االصطناعي‪ ،‬وإدارتها على‬ ‫‪)17‬‬
‫نطاق واسع ألن مشروع الذكاء االصطناعي يتطلب أكثر من مجرد توظيف عالم‬
‫بيانات‪ ،‬إذ يجب على املنظمات القيام بتنفيذ األدوات‪ ،‬والعمليات واستراتيجية‬
‫اإلدارة وذلك لضمان نجاح تقنيات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫العمل على إنشاء انشاء إدارة مستقلة في وزارة الداخلية وإطالق عليها اسم إدارة‬ ‫‪)18‬‬
‫مكافحة جرائم االعتداء وخاصة االعتداء على أمن املعلومات الحكومية‪ ،‬بحيث‬
‫تختص في مالحقة ذلك النمط االجرامي بالتحري‪ ،‬والتحقيق‪ ،‬واالستعداد الدائم‬
‫ملواجهة متغيراتها‪ ،‬وأسلوب ارتكابها‪ ،‬والوقوف على كل تطور تقني او علمي يمكن ان‬
‫ُيستخدم لإلضرار باألمن العام‪.‬‬
‫ضرورة القيام بإنشاء صناديق ضمان خاصة بتعويض األضرار الناجمة عن‬ ‫‪)19‬‬
‫حوادث كيانات الذكاء االصطناعي وتقنياته‪ ،‬وفتح االشتراك فيه من قبل جميع‬

‫‪180‬‬
‫الخاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫الفاعلين في قطاع الذكاء االصطناعي سواء شركات التصميم‪ ،‬والتصنيع‪ ،‬والشركات‬


‫البائعة‪ ،‬والداعمة وغيرهم في هذا النشاط‪ ،‬وحتى املستعملين املهنيين لهذه األنظمة‬
‫مثل األطباء‪ ،‬وذلك لضمان وكفالة حصول املضرورين على التعويض‪ ،‬وديمومة‬
‫هذا النشاط ودعم مالئمتهم املالية الالزمة‪.‬‬
‫‪ )21‬العمل على دعوة الجهات القضائية إلى االستفادة من تطبيقات الذكاء االصطناعي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتقنياته املهمة في املجال القضائي‪ ،‬والعناية بهذه التكنولوجيا دراسة وتطبيقا بما‬
‫ً‬
‫ال يتعارض مع األحكام الثابتة قضائيا‪.‬‬
‫‪ )21‬حقيقة هناك عدة حلول أوال ومع وجود قانون الجرائم االلكترونية عندنا يجب ان‬
‫يتم االعتراف فيه بالشخصية االلكترونية لتطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ويجب أن‬
‫يتم وضع فيه مادة قانونية تبين تطبيقات لجرائم تقنيات الذكاء االصطناعي مفهوم‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬ويستقص ي أبرز أجهزة وتطبيقات الذكاء االصطناعي املوجودة‬
‫واملعتمدة‪ ،‬وينظم املسؤولية الجنائية املترتبة على أفعالها‪ ،‬وحاالتها‪ ،‬وتحديد‬
‫األفعال التي تعد جرائم جنائية‪ ،‬وتحديد العقوبات الجنائية التي توقع على مرتكب‬
‫جرائم الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫أما الحل الثاني‪ :‬يجب دعوة املشرع الحكيم إلى التدخل التشريعي وسن ووضع‬
‫قانون وتشريع خاص للذكاء االصطناعي اجرائيا وموضوعيا وتقنين أوضاعه لتسهيل‬
‫كشف املسؤول جنائيا عن الجرائم التي ترتكبها كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬وليستوعب‬
‫تغطية جميع متطلبات املسؤولية القانونية بحيث يتم ضمان الحقوق ويحافظ على‬
‫القاعدة الخالدة في القانون املدني بأن كل أضرار بالغير يلزم فاعله بضمان الضر‪ ،‬وكل‬
‫هذا سوف يتم العمل به في املستقبل‪.‬‬
‫وثالثا‪ :‬يجب التشجيع والعمل على إدخال تقنيات الذكاء االصطناعي في العديد من‬
‫املجاالت ومن جهة أخرى املوازنة بين التشجيع والتطوير ووضع القواعد القانونية‬
‫الالزمة لتوفير الحماية للمجتمع من األشخاص الذين يستغلون الذكاء االصطناعي‬
‫وتقنياته في أعمال الشر وما يتبعه من عواقب وأضرار كبيرة‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪182‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫قائمة املصادر واملراجع‬


‫املصادر‪:‬‬
‫مجلة األحكام العدلية لسنة ‪1876‬م‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫القانون املدني املصري‪ ،‬رقم (‪ ،)131‬لسنة ‪1948‬م‪ ،‬عدد ‪1948/7/29 ،108‬م‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قانون العقوبات الفلسطيني رقم (‪ )16‬لسنة ‪1960‬م‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قانون التجارة املصري‪ ،‬رقم (‪ ،)17‬لسنة ‪1999‬م‪ ،‬عدد‪ ،19‬تاريخ اإلصدار‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪1999/5/17‬م‪.‬‬
‫املذكرة اإليضاحية ملشروع قانون التجارة الفلسطيني‪ ،‬لسنة ‪2004‬م‪ ،‬ديوان‬ ‫‪‬‬
‫الفتوى والتشريع الفلسطيني‪.‬‬
‫القانون األساس ي الفلسطيني لعام ‪2005‬م‪ ،‬الوقائع الفلسطينية‪ ،‬العدد ممتاز‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قانون حماية املستهلك الفلسطيني‪ ،‬رقم (‪ ،)21‬لسنة ‪ ،2005‬منشور في مجلة‬ ‫‪‬‬


‫الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد املجلة ‪ ،21‬بتاريخ ‪2005/11/1‬م‪.‬‬
‫قانون حماية املستهلك الفلسطيني‪ ،‬رقم (‪ ،)21‬لسنة ‪ ،2005‬منشور في مجلة‬ ‫‪‬‬
‫الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد املجلة ‪ ،21‬بتاريخ ‪2005/11/1‬م‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫قرار بقانون‪ ،‬رقم (‪ ،)13‬لسنة ‪ ،2009‬بالالئحة التنفيذية لقانون حماية املستهلك‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫منشور في مجلة الوقائع الفلسطينية‪ ،‬عدد املجلة ‪ ،86‬بتاريخ ‪2009/11/23‬م‪.‬‬
‫قرار بقانون رقم (‪ )10‬لسنة ‪2018‬م‪ ،‬بشأن الجرائم اإللكترونية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قانون حماية املستهلك املصري‪ ،‬رقم (‪ )181‬لسنة ‪2018‬م‪ ،‬عدد‪ ،37‬تاريخ اإلصدار‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪2018/9/13‬م)‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الكتب‪:‬‬
‫الجبوري‪ ،‬فارس‪ ،‬العيب الخفي في ضوء قوانين حماية املستهلك‪ ،‬دروب املعرفة‬ ‫‪‬‬
‫للنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪2022 ،‬م‪.‬‬
‫السعدي‪ ،‬واثبة‪ ،‬الوجيز في شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬النظرية العامة‬ ‫‪‬‬
‫للجريمة والعقاب‪ ،‬عمان‪ ،‬دار اليازوري‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪-‬حق امللكية‪ ،-‬الجزء ‪،8‬‬ ‫‪‬‬
‫دار احياء التراث العربي‪ ،‬لبنان‪1952 ،‬م‪.‬‬
‫السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬علم أصول القانون‪ ،‬مطبعة فتح هللا نوري‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪1936‬م‪.‬‬
‫خزيمية ‪ ،‬محمد منصور‪ ،‬املسؤولية املدنية عن أضرار الذكاء االصطناعي دراسة‬ ‫‪‬‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الشامل للنشر و التوزيع – فلسطين‪ ،‬جنين‪2023 ،‬م‪.‬‬
‫الشرقاوي‪ ،‬محمود‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪1978 ،‬م‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الفار‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬املدخل لدراسة العلوم القانونية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ط‪ ،1‬عمان‪/‬األردن‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫النجار‪ ،‬فايز‪ ،‬نظم املعلومات اإلدارية‪ :‬منظور إداري‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة الرابعة‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫النمر‪ ،‬رائد‪ ،‬الحراسة في نطاق املسؤولية عن فعل األشياء دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬ ‫‪‬‬
‫وائل للنشر‪ ،‬األردن‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫الوالي‪ ،‬عبد هللا‪ ،‬املسؤولية املدنية عن أضرار تطبيقات الذكاء االصطناعي في‬ ‫‪‬‬
‫القانون اإلماراتي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النهضة العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬دبي‪،‬‬
‫‪2021‬م‪.‬‬
‫أمين‪ ،‬دواس‪ ،‬مجلة األحكام العدلية وقانون املخالفات املدنية «‪ ،»2‬املعهد‬ ‫‪‬‬

‫‪184‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫القضائي الفلسطيني‪ ،‬لسنة ‪2012‬م‪ ،‬ص‪.117‬‬


‫بالل‪ ،‬احمد‪ ،‬مبادئ قانون العقوبات املصري‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار النهضة العربية‬ ‫‪‬‬
‫للطبع والنشر والتوزيع‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫جرادة‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬مبادئ قانون العقوبات الفلسطيني‪ ،‬فلسطين‪ ،‬مكتبة آفاق‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2013‬م‪.‬‬
‫حسن ربيع‪ ،‬املبادئ العامة للجريمة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1996 ،‬م‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حسني‪ ،‬محمود‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫حسني‪ ،‬محمود‪ ،‬شرح قانون العقوبات اللبناني‪ ،‬القسم العام‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫النهضة العربية‪1984 ،‬م‪.‬‬
‫سالم‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مسؤولية املنتج في القوانين املدنية واالتفاقيات الدولية‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الثقافة‪ ،‬عمان‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫آالن‪ ،‬بونيه‪ ،‬الذكاء االصطناعي واقعه ومستقبلية‪ ،‬مطابع السياسة‪ ،‬الكويت‪ ،‬بدون‬ ‫‪‬‬
‫طبعة‪1993 ،‬م‪.‬‬
‫سلطان‪ ،‬أنور‪ ،‬املبادئ القانونية العامة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2005‬م‪.‬‬
‫عبد القادر‪ ،‬وضاح‪ ،‬نظرة حديثة إلى التزام البائع بضمان العيوب الخفية‪ ،‬املركز‬ ‫‪‬‬
‫العربي للنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬املركز العربي للنشر‪ ،‬مصر‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫عبد النور‪ ،‬عادل‪ ،‬مدخل إلى عالم الذكاء االصطناعي‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫عثامنية‪ ،‬أمينة‪ ،‬املفاهيم األساسية للذكاء االصطناعي‪ ،‬كتاب جماعي‪ ،‬اشراف‬ ‫‪‬‬
‫وتنسيق أبو بكر خوالد‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي كتوجه حديث لتعزيز‬
‫تنافسية منظمات األعمال‪ ،‬املركز الديمقراطي العربي للدراسات اإلستراتيجية‬

‫‪185‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫والسياسية واالقتصادية‪ ،‬برلين‪-‬أملانيا‪ ،‬الطبعة األولى بدون عدد‪2019 ،‬م‪.‬‬


‫فريد‪ ،‬هشام‪ ،‬الدعائم الفلسفية للمسؤولية الجنائية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪‬‬
‫العربية‪1981 ،‬م‪.‬‬
‫السهيلي‪ ،‬محمد‪ ،‬تطورات الذكاء االصطناعي ومقتضيات حماية الحقوقق‬ ‫‪‬‬
‫والحريات األساسية‪ ،‬إدارة الشؤون القانونية بمنظمة االيسيسكو‪ ،‬اململكة‬
‫املغربية‪ ،‬الرباط‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫مارجريت بودين‪ ،‬الذكاء االصطناعي مقدمة قصيرة جدا‪ ،‬اململكة املتحدة‪ ،‬جامعة‬ ‫‪‬‬
‫إكسفورد‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫غالب‪ ،‬ياسين‪ ،‬أساسيات نظم املعلومات اإلدارية وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫املناهج للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫الرسائل العلمية‪:‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬أحمد‪ ،‬املسؤولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي في‬ ‫‪‬‬
‫التشريع اإلماراتي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪2020 ،‬م‪.‬‬
‫البلغيتي‪ ،‬أيوب‪ ،‬املسؤولية القانونية لروبوتات الذكاء االصطناعي‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪‬‬
‫شهادة املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بفاس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪2022-2021 ،‬م‬
‫إدلبي‪ ،‬عمر‪ ،‬املسؤولية الجنائية الناتجة من أعمال الذكاء االصطناعي‪ ،‬رسالة‬ ‫‪‬‬
‫ماجستير في القانون العام‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة قطر‪ ،2023 ،‬ص‪.109‬‬
‫إطميزي‪ ،‬سارة‪ ،‬الذكاء االصطناعي في ظل القانون الجزائي‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫استكماال ملتطلبات درجة املاجستير في القانون العام من كلية الدراسات العليا‪،‬‬
‫جامعة القدس‪ ،‬فلسطين‪2022 ،‬م‪.‬‬
‫العطرة‪ ،‬حمادي‪ ،‬الزاهر‪ ،‬نون‪ ،‬تحديات الذكاء االصطناعي للقانون‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪‬‬

‫‪186‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫مقدمة الستكمال شهادة املاستر أكاديمي حقوق‪ ،‬تخصص قانون أعمال‪ ،‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬كلية العلوم الحقوق والعلوم السياسية‪2021-2020 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪.67‬‬
‫القايدي‪ ،‬مشاعل‪ ،‬املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي‪ ،‬بحث مقدم ضمن‬ ‫‪‬‬
‫متطلبات مقرر مشروع التخرج (حقوق ‪ )498‬في برنامج بكالوريوس الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫طيبة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪1442 ،‬ه‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫الهدام‪ ،‬صابر‪ ،‬رسالة دبلوم ماستر تحت عنوان القانون في مواجهة الذكاء‬ ‫‪‬‬
‫االصطناعي (دراسة مقارنة)‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بفأس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫عائشة‪ ،‬شقفة‪ ،‬الحماية القانونية للمصنفات الناشئة عن برامج الذكاء‬ ‫‪‬‬
‫االصطناعي‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة املاجستير‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬قسم القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫فتيحة‪ ،‬رصاع‪ ،‬الحماية الجنائية للمعلومات على شبكة اإلنترنت‪ ،‬مذكرة لنيل‬ ‫‪‬‬
‫شهادة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪-‬تلمسان‪ ،‬الجمهورية‬
‫الجزائرية‪.2012-2011 ،‬‬
‫لويس‪ ،‬بدر‪ ،‬أثر التطور التكنولوجي مع الحريات الشخصية في النظم السياسية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫رسالة الدكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫موس ى‪ ،‬عمري‪ ،‬بالل‪ ،‬يس‪ ،‬اآلثار القانونية املترتبة عن استخدام الذكاء‬ ‫‪‬‬
‫االصطناعي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في الحقوق تخصص قانون االعمال‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجزائر‪2020 ،‬م‪.‬‬
‫أحباث و دوريات‪:‬‬
‫دهشان‪ ،‬يحيى‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‪ ،‬مجلة الشريعة‬ ‫‪‬‬
‫والقانون كلية القانون جامعة اإلمارات‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة‪2019 ،‬م‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫أحمد‪ ،‬عثمان‪ ،‬انعكاسات الذكاء االصطناعي على القانون املدني دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،76‬جامعة املنصورة‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫‪2021‬م‪.‬‬
‫العدوان‪ ،‬ممدوح‪ ،‬دراسات حول املسؤولية الجنائية عن أفعال كيانات الذكاء‬ ‫‪‬‬
‫االصطناعي غير املشروعة‪ ،‬علوم الشريعة والقانون‪ ،‬املجلد ‪ ،48‬عدد ‪2021 ،4‬م‪.‬‬
‫األستاذ‪ ،‬سوزان‪ ،‬انتهاك حرمة الحياة الخاصة عبر اإلنترنت‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‬ ‫‪‬‬
‫للعلوم القانونية واالقتصادية‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد الثالث‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫الدحيات‪ ،‬عماد‪ ،‬نحو تنظيم قانوني للذكاء االصطناعي في حياتنا‪ :‬إشكالية العالقة‬ ‫‪‬‬
‫بين البشر واآللة‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬مجلد ‪ ،8‬عدد‬
‫‪2009 ،5‬م‪.‬‬
‫عبد اللطيف‪ ،‬محمد‪ ،‬املسؤولية عن الذكاء االصطناعي بين القانون الخاص‬ ‫‪‬‬
‫والقانون العام‪ ،‬بحث مقدم إلى مؤتمر الجوانب القانونية واالقتصادية للذكاء‬
‫االصطناعي وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة املنصورة‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫عمار‪ ،‬توظيف تقنيات الذكاء االصطناعي في العمل األمني‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫أكاديمية شرطة دبي‪ ،‬املجلد ‪ ،28‬عدد ‪2020 ،1‬م توظيف تقنيات الذكاء‬
‫االصطناعي في العمل األمني‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي‪ ،‬املجلد‬
‫‪ ،28‬عدد ‪2020 ،1‬م‪.‬‬
‫البلتاجي‪ ،‬محمد‪ ،‬أثر الذكاء االصطناعي في سوق األوراق املالية‪ ،‬مجلة البحوث‬ ‫‪‬‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬جامعة املنصورة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬عدد ‪2021 ،75‬م‪.‬‬
‫الجلعود‪ ،‬أروى‪ ،‬أحكام تطبيقات الذكاء االصطناعي في القضاء‪ ،‬دراسات قضائية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الجمعية العلمية القضائية السعودية‪ ،‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مركز قضاء للبحوث والدراسات‪2023-2022 ،‬م‪.‬‬
‫الخالدي‪ ،‬إيناس‪ ،‬حوكمة استخدام الذكاء االصطناعي في العمل القضائي‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬

‫‪188‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫البحوث والدراسات الشرعية‪ ،‬مجلد ‪ ،10‬عدد ‪2021 ،116‬م‪.‬‬


‫الخطيب‪ ،‬محمد‪ ،‬الذكاء االصطناعي والقانون‪-‬دراسة نقدية مقارنة في التشريعين‬ ‫‪‬‬
‫املدني الفرنس ي والقطري‪-‬في ضوء القواعد األوروبية في القانون املدني لإلنسآلة‬
‫لعام ‪2017‬والسياسة الصناعية األوروبية للذكاء االصطناعي واإلنسآالت لعام‬
‫‪ ،2019‬مجلة جامعة بيروت العربية‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية‪ ،‬املادة ‪2020 ،4‬م‪.‬‬
‫الخطيب‪ ،‬محمد‪ ،‬املسئولية املدنية والذكاء االصطناعي وإمكانية املساءلة‪ ،‬دراسة‬ ‫‪‬‬
‫تحليلية معمقة لقواعد املسؤولية املدنية في القانون املدني الفرنس ي‪ ،‬مجلة كلية‬
‫القانون الكويتية العاملية‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪2020 ،‬م‪.‬‬
‫الشريف‪ ،‬محمود‪ ،‬املسؤولية الجنائية لألنسآلة‪ :‬دراسة تأصيلية مقارنة‪Arab ،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2001 ،issu 1 ،Journal of Fornsic and Medcine‬م‪.‬‬
‫العبيدي‪ ،‬نهاية‪ ،‬مصنفات الذكاء االصطناعي وإمكانية الحماية بقانون حق املؤلف‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬مجلد‪ ،5‬عدد‪ ،4‬الجزء ‪ ،2‬مركز القانون الدولي‬
‫للتنمية املستدامة‪ ،‬مونتريال‪ ،‬كندا‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫الفالس ي‪ ،‬عبد هللا‪ ،‬املسؤولية الجنائية الناتجة عن أخطاء الذكاء االصطناعي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫املجلة القانونية‪ ،‬مجلة علمية محكمة‪ ،‬مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث‬
‫القانونية‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫القوص ي‪ ،‬همام‪ ،‬إشكالية الشخص املسؤول عن تشغيل الروبوت‪ ،‬مجلة جيل‬ ‫‪‬‬
‫األبحاث القانونية املعمقة‪ ،‬العدد ‪2018 ،25‬م‪.‬‬
‫القوص ي‪ ،‬همام‪ ،‬االفتراضية للروبوت وفق املنهج اإلنساني‪-‬دراسة تأصيلية تحليلية‬ ‫‪‬‬
‫استشرافية في القانون املدني الكويتي واألوروبي‪ ،‬مجلة جيل األبحاث القانونية‬
‫املعمقة‪ ،‬عدد‪2019 ،35‬م‪.‬‬
‫محمد‪ ،‬املشد‪ ،‬نحو إطار قانوني شامل للمسؤولية املدنية من أضرار نظم الذكاء‬ ‫‪‬‬
‫االصطناعي غير املراقب‪ ،‬مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬عدد خاص‬

‫‪189‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫باملؤتمر الدولي السنوي العشرون‪ ،‬مصر‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.331‬‬


‫امليساوي‪ ،‬خليفة‪ ،‬الذكاء االصطناعي وحوسبة اللغة العربية‪ :‬الواقع واآلفاق‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫مدارات في اللغة واألدب الصادرة عن مركز مدارات للدراسات واألبحاث تبسة ‪-‬‬
‫الجزائر‪ ،‬مجلد ‪ ،1‬عدد ‪2021 ،5‬م‪.‬‬
‫أبو العيد‪ ،‬طاهر‪ ،‬مقال قانوني حول الذكاء االصطناعي والقانون‪ ،‬مصر‪2023 ،‬م‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫بن طرية‪ ،‬معمر‪ ،‬شهيدة‪ ،‬قادة‪ ،‬أضرار الروبوتات وتقنيات الذكاء االصطناعي‪ :‬تحد‬ ‫‪‬‬
‫جديد لقانون املسؤولية املدنية الحالي ملحات في بعض مستجدات القانون املقارن‪،‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬العدد ‪2018 ،22‬م‪.‬‬
‫جهلول‪ ،‬الكرار‪ ،‬عودة‪ ،‬وحسام‪ ،‬املسؤولية املدنية عن األضرار التي يسببها‬ ‫‪‬‬
‫الروبوت‪ ،‬مجلة الطريق التعليمية واالجتماعية‪ ،‬عدد ‪.6‬‬
‫حاتم‪ ،‬دعاء‪ ،‬العزاوي‪ ،‬لمى‪ ،‬الذكاء االصطناعي واملسؤولية الجنائية الدولية‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫املفكر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد بسكرة‪ ،‬عدد ‪2006 ،18‬م‪.‬‬
‫حسكر‪ ،‬مراد‪ ،‬إشكالية تطبيق أحكام املسؤولية الجنائية على جرائم الذكاء‬ ‫‪‬‬
‫االصطناعي‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مجلد ‪ ،15‬عدد‪2022 ،1‬م‪.‬‬
‫خضر‪ ،‬دولي‪ ،‬نفيسة‪ ،‬ناصري‪ ،‬دور الذكاء االصطناعي في مواجهة الجرائم‬ ‫‪‬‬
‫اإللكترونية‪ ،‬مجلة املؤشر للدراسات االقتصادية‪ ،‬جامعة ظاهري محمد بشار‪،‬‬
‫الجزائر‪2018-2017 ،‬م‪.‬‬
‫خوالد‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬بو زرب‪ ،‬خيرالدين‪ ،‬فعالية استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي‬ ‫‪‬‬
‫الحديثة في مواجهة فيروس كورونا )‪ :)COVID-19‬تجربة كوريا الجنوبية نموذجا‪،‬‬
‫مجلة بحوث اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬مجلد‪ ،2‬عدد‪ ،2‬الجزائر ‪2020‬م‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫عميش‪ ،‬رحاب‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬أكاديمية العربية‬ ‫‪‬‬
‫للعلوم والتكنولوجيا القرية الذكية‪ ،‬كلية الحقوق لغة انجليزية‪ ،‬املنصورة‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫محمد‪ ،‬فتح الباب‪ ،‬الطبيعة القانونية للمسؤولية املدنية عن أضرار الروبوتات‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪190‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬عدد خاص باملؤتمر‬
‫الدولي السنوي العشرون‪ ،‬جامعة املنصورة‪ ،‬مصر‪2021 ،‬م‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫فريدة‪ ،‬بن عثمان‪ ،‬الذكاء االصطناعي مقاربة قانونية‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة‬ ‫‪‬‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة لونيس ي علي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪2020 ،2‬م‪.‬‬
‫فولى‪ ،‬أحمد‪ ،‬مواجهة القانون الدولي للروبوتات املقاتلة وضبط استخدام الذكاء‬ ‫‪‬‬
‫االصطناعي في صناعة األسلحة‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي‪ ،‬مجلد ‪ ،29‬عدد‪2021 ،1‬م‪.‬‬
‫صقر‪ ،‬وفاء‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي ‪-‬دراسة تحليلية‬ ‫‪‬‬
‫استشرافية‪ ،-‬مجلة روح القوانين‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫عبد الحميد‪ ،‬عائشة‪ ،‬اإلطار القانوني والتشريعي للرقمنة والذكاء االصطناعي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫جمعية التنمية التكنولوجية والبشرية‪ ،‬الجزائر‪2020 ،‬م‪.‬‬
‫عبد الوهاب مريم‪ ،‬املسؤولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬مجلة القانون‬ ‫‪‬‬
‫والعلوم البيئية‪ ،‬عدد‪ ،2‬جامعة املدية‪ ،‬الجزائر‪.2023،‬‬
‫فطيمة‪ ،‬نساخ‪ ،‬الشخصية القانونية للكائن الجديد‪ :‬الشخص االفتراض ي الروبوت‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬مجلد ‪ ،5‬عدد‪2020 ،1‬م‪.‬‬
‫كميلة‪ ،‬أعراب‪ ،‬مسؤولية الروبوت في ضل الذكاء االصطناعي‪ ،‬مقال منشور في كتاب‬ ‫‪‬‬
‫أعمال ملتقى االستثمار املالي والصناعي في الذكاء االصطناعي‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬الجزائر ‪2022‬م‪.‬‬
‫مجاهد‪ ،‬محمد‪ ،‬املسؤولية املدنية عن الروبوتات ذات الذكاء االصطناعي «دراسة‬ ‫‪‬‬
‫مقارنة»‪ ،‬املجلة القانونية‪ ،‬العدد ‪2021 ،2‬م‪.‬‬
‫محمد‪ ،‬مشعل‪ ،‬الذكاء االصطناعي وآثاره على حرية التعبير في مواقع التواص‬ ‫‪‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬مجلة البحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬عدد‪ ،77‬كلية الحقوق جامعة‬
‫الزقاقيق‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫مختار‪ ،‬محمود‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬املجلة الدولية للبحوث في العلوم‬ ‫‪‬‬

‫‪191‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫التربوية‪ ،‬املؤسسة الدولية آلفاق املستقبل‪ ،‬مجلد ‪ ،3‬عدد ‪2020 ،4‬م‪.‬‬


‫مكي‪ ،‬عمر‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني في النزاعات املسلحة املعاصرة‪ ،‬اللجنة الدولية‬ ‫‪‬‬
‫للصليب األحمر‪2017 ،‬م‪.‬‬
‫منسل‪ ،‬كوثر‪ ،‬شناتلية‪ ،‬وفاء إثبات الخطأ الطبي في مجال الجراحة الروبوتية‪-‬نظام‬ ‫‪‬‬
‫دافنش ي نموذجا‪ ،-‬مداخلة قدمت في امللتقى الوطني عبئ إثبات الخطأ الطبي املرفقي‬
‫في املؤسسات العمومية للصحة وتطبيقاته القضائية في الجزائر‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫بو عوة‪ ،‬هاجر‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي الداعمة للقرارات اإلدارية في منظمات‬ ‫‪‬‬
‫األعمال‪ ،‬مقال منشور في الكتاب الجماعي املعنون ب «تطبيقات الذكاء االصطناعي‬
‫كتوجه حديث لتعزيز تنافسية منظمات األعمال»‪ ،‬الناشر املركز الديمقراطي العربي‬
‫للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬برلين‪ ،‬أملانيا‪ ،‬ط‪2019 ،1‬م‪.‬‬
‫املواقع االلكرتونية‪:‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬السيد‪ ،‬مارك‪ ،‬موقع إلكتروني املنظومة ‪« ،ALMANDUMAH‬أساس‬ ‫‪‬‬
‫املسئولية عن فعل األشياء غير الحية في الفقه اإلسالمي»‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫القانونية‪ ،‬جامعة مدينة السادات‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪2022 ،‬م‪https://search.mandumah.com .‬‬
‫الزهراني‪ ،‬هبة‪ ،‬املوقع االلكتروني املسؤولية الجنائية للذكاء االصطناعي‪ ،‬شركة مال‬ ‫‪‬‬
‫اإلعالمية الدولية‪ ،‬صحيفة مال‪،‬‬
‫‪https://maaal.com/2020/12/167055-2/ ،2020 ،‬‬
‫بدون رقم صفحة‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪.2023/10/20‬‬
‫السداوي‪ ،‬مصطفى‪ ،‬موقع الكتروني أشخاص قتلتهم الروبوتات الذكية‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫سيدتي‪،‬‬
‫‪،https://www.sayidaty.net ،2018‬‬

‫‪192‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫بدون رقم صفحة‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪2023/10/20‬م‪.‬‬


‫العبد هللا‪ ،‬حسين‪ ،‬موقع الكتروني‪ :‬خبراء قانونيون لـ الجريدة‪ :‬على الدولة‬ ‫‪‬‬
‫االستعداد قانونيا وفنيا للتعامل مع أنظمة الذكاء االصطناعي‪ ،‬الجريدة‪ ،‬خاص‬
‫محليات‪ /‬قصر العدل‪2021 ،‬م‪،‬‬
‫‪https://www.aljarida.com/articles/16194496363229763 ،‬‬
‫تاريخ الزيارة ‪2023/11/2‬م‪.‬‬
‫انظر إلى املوقع اإللكتروني‪ ،‬إذا كان خصمك إنسان آلي «روبوت» فمن تقاض ي؟‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪Deutsche Welle ،https://p.dw.com/p/3LJ8O2019، ،‬‬


‫تاريخ الزيارة ‪.2023 /10 /26‬‬
‫انظر إلى املوقع االلكتروني إيفان سلينغيز‪ ،‬درو هارتزوغ‪ ،‬مخاطر الثقة في أجهزة‬ ‫‪‬‬
‫الروبوت‪2015 ،‬م‪ ،‬تاريخ الزيارة‪2023/11/27:‬م‪،‬‬
‫‪https://www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2015/08/150820_vert_fu‬‬
‫‪t_dangers_of_trusting_robots.‬‬
‫املوقع االلكتروني‪ ،‬استراتيجية االمارات للذكاء االصطناعي‪2023 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪https://u.ae/ar-AE/about-the-uae/strategies-initiatives-and-‬‬
‫‪awards/strategies-plans-and-visions/government-services-and-digital-‬‬
‫‪transformation/uae-strategy-for-artificial-intelligence.‬‬
‫األحكام القضائية‪:‬‬
‫قرار محكمة التمييز األردنية‪ ،‬الدعوى الحقوقية‪ ،‬هيئة خماسية‪ ،‬رقم ‪،2477‬‬ ‫‪‬‬
‫لسنة ‪ ،2002‬تاريخ الفصل‪2007/4/12:‬م‪ ،‬أشار إليه دواس‪ ،‬أمين‪ ،‬في كتاب مجلة‬
‫األحكام العدلية وقانون املخالفات املدنية «‪ ،»2‬املعهد القضائي الفلسطيني‪ ،‬لسنة‬
‫‪2012‬م‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫ القضية رقم‬،‫ استئناف حقوق‬،‫محكمة استئناف القدس الفلسطينية‬ 


.‫ قسطاس‬،‫م‬2017/3/27:‫ تاريخ الفصل‬،)2016/653(
،)2014/1076( ‫ القضية رقم‬،‫ الدعوى الحقوقية‬،‫محكمة النقض الفلسطينية‬ 
.‫ قسطاس‬،‫م‬2017/12/12 :‫تاريخ الفصل‬
‫ تاريخ الفصل‬،)2019/402( ‫ رقم‬،‫ الدعوى الحقوقية‬،‫محكمة النقض الفلسطينية‬ 
.‫ قسطاس‬،)2021/6/13(
‫ تاريخ‬،)2019/1472( ‫ الدعوى الحقوقية رقم‬،‫محكمة النقض الفلسطينية‬ 
.‫ قسطاس‬،)‫م‬2022/5/9( ‫الفصل‬
:‫ املراجع باللغة األجنبية‬:‫ثانيا‬
 Dorola Jelonek Agata Mesjas-Iechcezary Stepniak Tomasz Turekleszek
Ziora, The Artifical Intelligence Application in the Management of
Contemporary Organization, Theoretical Assumptions, Current
practices and Research Review Spiring, Cham 2019, p.24.
 GabRiel hallevy, WHEN ROBOTS KILL ARTIFICAL INTELLIGENCE
UNDER CRIMINAL LAW, Northastern University Press, Boston,2013.
 Gabrile Hallevy -Liability for Crimes Involving Artificial Intelligence
Systems-Springer International publishing Switzerland,2015 -2014.
 Matilda— Artificial Intelligence and the External Element of the Crime
An Analysis of the Liability Problem- Spring 2017- JURIDICUM –
JU101A, Final Thesis for the Law Program, Second Cycl.-26.
 Marcelo Corrales, Mark Fenwick, Robotics, AI and the Future of Law,

194
‫قائمة المصادر والمراجع‬

KYUSHU UNIVERSITY, Springer Nature Singapore, 2018.


 Ryan calo,A.Michael Froomkin and Ian Kerr, ROPOT LAW, Edward
Elagar PUPLISHING,USA,2016.
 Pradipta kumar Das, Clandrasekhar Rao, Kishore kumar sahu, Artificial
intellence lecture Notes, Bachelor, Departement of computer science
and engineering & information technology, veer surendra Sai
university of technology, (without a year).
 Newsom V. Branch Banking And Trust Company, United States District
Court, E.D, North Carolina, Eastern Division, January 9 ,2019.
 Yavar Bathae - Harvard- THE ARTIFICAL INTELLIGENCE BLACK BOX
AND THE FAILUR OF INTENT AND CAUSATION – Journal of Law &
Technology Volume 31, 2018.
 Jimin Shaw, Tesla's Autopilot System Responsibility Under The
California Injury Act, Boston College of Intellectual Property And
Technology Forum, 2017.
 WEISTER v. VANTAGE POINT AI, LLC, Case No. 8:21-cv-1250-SDM-
AEP, United States District Court, M.D. Florida, Tampa Division, August
3, 2022
https://www.leagle.com/decision/infdco20220808910.

195
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪196‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫فهرس احملتويات‬

‫الصفحة‬ ‫املوضــــــــــــــــــوع‬
‫‪7‬‬ ‫املقدمة ‪.................................................................................................................‬‬
‫املبحث األول‬

‫‪11‬‬ ‫الذكاء االصطناعي‬


‫‪14‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬ماهية الذكاء االصطناعي ‪..........................................................‬‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الذكاء االصطناعي ‪.............................................................‬‬
‫‪21‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الذكاء االصطناعي ‪..........................................................‬‬
‫‪24‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬نموذج الذكاء االصطناعي ‪.........................................................‬‬
‫‪27‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬خصائص الذكاء االصطناعي ‪........................................................‬‬
‫‪33‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية الذكاء االصطناعي‪..............................................................‬‬
‫املبحث الثاني‬

‫‪41‬‬ ‫قواعد املسؤولية اجلنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬


‫املطلب األول‪ :‬االساس القانوني للمسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء‬
‫االصطناعي ‪47 ...........................................................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي ‪61 ...........................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي‪68 .....................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي ‪84 ..................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مسؤولية الغير عن أضرار الذكاء االصطناعي ‪118 ..............................‬‬

‫‪197‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫الصفحة‬ ‫املوضــــــــــــــــــوع‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مسؤولية الذكاء االصطناعي عن اضراره ‪123 .....................................‬‬
‫املبحث الثالث‬

‫‪141‬‬ ‫منوذج جرائم الذكاء االصطناعي‬


‫‪148‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬جرائم الذكاء االصطناعي الذاتية ‪..............................................‬‬
‫‪149‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الجريمة العمدية الناتجة عن الذكاء االصطناعي ‪........................‬‬
‫‪152‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الجريمة الغير عمدية الناتجة عن الذكاء االصطناعي ‪................‬‬
‫‪154‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬استخدام الذكاء االصطناعي في ارتكاب الجريمة‬
‫‪157‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الجريمة العمدية في استخدام الذكاء االصطناعي ‪.......................‬‬
‫‪161‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الجريمة الغير عمدية في استخدام الذكاء االصطناعي ‪..............‬‬
‫‪171‬‬ ‫الخاتمة و النتائج و التوصيات‪............................................................................‬‬
‫‪183‬‬ ‫قائمة املصادر واملراجع‪........................................................................................‬‬
‫‪197‬‬ ‫فهرس املحتويات ‪..................................................................................................‬‬

‫‪198‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬

‫‪4‬‬

You might also like