Professional Documents
Culture Documents
تعتبر النظرية البيروقراطية كما وصفها 'ماكس ويبر' هي البداية لنظرية التنظيم العلمية ،وقد هدف ويبر من نظريته
عن البيروقراطية إلى وصف الجهاز اإلداري للتنظيمات وكيف يؤثر على األداء والسلوك التنظيمي وكان ويبر يقصد
بتعبير البيروقراطية أن يصف النموذج المثالي للتنظيم والذي يقوم على اساس من التقسيم االداري والعمل المكتبي0...
ويعتبر مفهوم البيروقراطية من المفاهيم الغامضة نسبيا ً لما تتضمنه من معان متعددة ,وفق الهدف من استعماله ,وذلك
أن مصطلح البيروقراطية يتكون من كلمتين Bureauبمعنى مكتب و Cracyبمعنى حكم والكلمة في مجموعها تعني
سلطة المكتب أو حكم المكتب ,وبعبارة أخرى فإن البيروقراطية تعني أسلوب ممارسة العمل اإلداري من خالل التنظيم
المكتبي الذي يكتسب سلطته من خالل هذا التنظيم ,ومن جهة أخرى ,فإن كلمة Bureaucratsتعني الموظفين المكتبيين0,
أي الذين يعملون في الوظائف المكتبية واإلدارية في المكاتب الحكومية وتتعدد 0معاني المفهوم في االستعماالت التي شاع
فيها ,فعلى سبيل المثال :
-1قد تعني البيروقراطية تنظيما إداريا ضخما ً يتسم بخصائص ومميزات معينة0.
- 2وقد تعني مجموعه اإلجراءات التي يجب إتباعها في مباشرة العمل الحكومي بصورة عامة داخل المكاتب أو
التنظيمات اإلدارية.
- 3وقد تستعمل البيروقراطية السلطة التي يمارسها الموظف العام ,أو التنظيم اإلداري الحكومي.
-4وقد تعني البيروقراطية الدور ( )Roleالذي يمارسه الموظفون العموميون في إطار النظام السياسي وذلك لتنفيذ
السياسة العامة في الدولة.
- 5يمكن النظر إلى البيروقراطية من خالل خصائص بناء التنظيم على أساس أنها مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية (
)Hierarchicalفي التنظيم اإلداري والذي يتحقق فيه تقسيم واضح للعمل.
-6هناك اتجاه يقول بأن البيروقراطية نمط معين من السلوك الذي يعتمد 0على القواعد ( )Rulesواإلجراءات المحددة
سلفاً.
- 7قد تتحدد فكرة البيروقراطية على أساس أنها تعني ذلك التنظيم الذي يحقق أكبر قدر من الكفاية في اإلدارة وفي تحديد
الوسائل التي تحكم التنظيم االجتماعي بدقة0.
-8قد يعني مفهوم البيروقراطجية معنى آخر يتسم بالسلبية حيث تعتبر البيروقراطية مصدراً للروتين وتعقيد اإلجراءات
وصعوبة التعامل مع الجماهير)1(.
دراسات ماكس ويبر:
يكاد جميع الباحثون في العلوم اإلدارية على أن أهم الدراسات التي أسهم بها ماكس فيبر ,فيما يتعلق بالدراسات
التنظيمية واإلدارية ,هي كتاباته الخاصة بنظرية السلطة هذه الدراسات قادته إلى تحليل كثير من التنظيمات وأساليب
وانسباب خطوط السلطة داخل هذه التنظيمات ,وهذه الدراسات كانت تدور في نطاق اهتماماته األساسية التي توضح لماذا
يطيع األفراد األوامر التي تصدر اليهم ؟ ...ولماذا يقوم األشخاص بأداء األعمال وفقا ً للتعليمات التي تنساب إليهم في
حدود األوامر المشددة والتي تتلخص في مفهوم "إصدع بما تؤمر" وقد قام في هذه الدراسة بتوضيح أسلوب إكساب
أن النوع األول يمارس السلطة من خالل المواصفات الشخصية التي يتحلى بها القائد ,ولذلك استخدم كلمة Charism
وهي مقتبسة من اللغة اليونانية والتي توضح مدى تحلي اإلنسان بمواصفات غير عادية 0,وتمكنه من ممارسة سلطاته
باألسلوب الذي يحقق له قدراً هائال من ضبط النفس ,وطاقة استثنائية في ممارسة هذه السلطة في التأثير على العاملين معه
بحيث يتقبلون هذه التعليمات أو هذه التوجيهات برحابة صدر ورضى كامل .وقد أدى هذا إلى اتجاه عدد من العلماء
والمفكرين الذين تأثروا بدراسات ماكس فيبر إلى البحث عن سمات وصفات هؤالء القادة.
أما فيما يتعلق بالنوع الثاني القائم على " العالقات التقليدية" فإن القائد يمارس سلطته من خالل موقعة في التنظيم.
وكثيراً ما يمارس مثل هذه القائد سلطته من خالل العادات والتقاليد المتوازنة ,وقد ضرب ماكس ويبر في بحوثه الكثير
من األمثلة التي توضح هذه األساليب ،ومن بينها األساليب التي أدار بها اإلقطاعيون ممتلكاتهم ومنشآتهم الواسعة ,وأوضح
أن المراكز اإلدارية كانت تنتقل بالوراثة من األب إلى اإلبن.
أما النوع الثالث ,وهو ترشيد العالقات القانونية داخل المنشآت والوحدات من خالل الشكل البيروقراطي للتنظيم وهو
التنظيم الذي يوجد في المنشآت الحديثة ,ويرى ويبر أن هذا التعبير يتفق مع التطور الذي وصلت إليه مختلف الوحدات في
المجتمعات المعاصرة ،ذلك أن الشرعية أو قانونية السلطة يمارسها القائد من خالل مجموعة من القواعد واإلجراءات.
هذه القواعد واإلجراءات هي التي تكسبه شرعية ممارسة السلطة في الموقع الذي يتواجد فيه أثناء الفترة الزمنية التي
يصدر فيها تعليماته ويمارس فيها سلطاته ,وهذه المجموعة من القواعد واإلجراءات التي تمارس من خالل المراكز التي
تشغلها المستويات اإلدارية المختلفة في التنظيمات الضخمة والحديثة 0,وهي التي أطلق عليها ماكس فيبر كلمة
بيروقراطية.
ويالحظ عند اإلطالع على بحوث ودراسات فاكس ويبر أنه كان يهدف إلى تحقيق تنظيم على أعلى قدر ممكن من
الكفاءة إذ يُرى أن البيروقراطية هي خير أسلوب فني إلنجاز األعمال المكتبية واإلدارية بأعلى قدر ممكن من الكفاءة
القائمة على التخصص وتقسيم العمل ،وهو ما يجعله يصف البيروقراطية بأنها النموذج المثالي للتنظيمات اإلدارية
الضخمة)2(.
ويرى ماكس ويبر أن التنظيم البيروقراطي المثالي يقوم على األسس التالية:
-1هناك مجاالت للتخصص الوظيفي محددة رسميا ً وثابته ,وتنظم القواعد واللوائح عملية تجديد 0تلك المجاالت الوظيفية.
- 2توزع النشاطات واألعمال الالزمة لتسيير دفة التنظيم البيروقراطي على أعضاء التنظيم باعتبارها واجبات رسمية
وبطريقة ثابتة ومحددة.
( :)2عال األطرش .ما هي البيروقراطية ؟ . 2017-01-10 .
- 3توزع السلطة الالزمة إلعطاء األوامر بتنفيذ الواجبات المحددة بشكل رسمي ثابت ووفقا ً لقواعد واضحة ومحددة0,
وتحدد هذه القواعد مدى السلطة التي تمح لكل موظف ,ونوع تلك السلطة.
- 4هناك طرق وأساليب محددة للعمل وتنفيذ المهام والواجبات وبالتالي ال يعين في التظيم البيروقراطي إال من كان مؤهالً
ألداء تلك المهام.
-5ينقسم التنظيم البيروقراطي إلى عدة مستويات متخذا شكالً هرميا ً وبالتالي يوحد نظام حاسم ودقيق من الرئاسة ,حيث
تشرف المستويات العليا من التنظيم البيروقراطي على أعمال ونشاطات المستويات الدنيا .ويسمح هذا النظام للعاملين أو
المرؤوسين بأن يتظلموا من قرارات أحد الرؤساء إلى المستوى اإلداري األعلى منه بطريقة منظمة ومحددة ,ويسود هذا
التنظيم الهرمي أشكال التنظيمات الضخمة كافة ,العامة والخاصة على حد السواء.
- 6تعتمد إدارة التنظيم البيروقراطي على المستندات وبالتالي يوجد جهاز من الموظفين والكتبة مهمتهم االحتفاظ بالوثائق
والمستندات ,وعلى هذا األساس يرى فيبر أن مجموعة العاملين بقسم معين ومايستخدمونه من معدات ووقائق (ملفات)
يكونون مكتباً.
- 7يفصل التنظيم البيروقراطي المكتب عن النشاط الخاص للموظف ,بمعنى أن العمل البيروقراطي يجب أن ينفصل
ويبتعد عن حياة الموظف الخاصة ,وعلى هذا األساس فإن األموال العامة والمعدات الخاصة بالتنظيم يجب أن ُتفصل تماما
عن الملكية الشخصية للموظف.
-8إن اإلدارة المكتبية 0تحتاج إلى خبرة ومران وتدريب ,ومن ناحية أخرى فحين يكتمل التنظيم فإنه يتطلب عادة كل نشاط
وجهد الموظف حتى ولو كانت ساعات عملة محددة بمعنى أن العمل الرسمي يأتي في المقام األول بالنسبة لوقتالموظف
وال يمكن تأخيره ألداء أعمال خاصة.
- 9تطبق اإلدارة في هذه المنظمات قواعد وتعليمات للعمل وتتصف بالشمول والعمومية والثبات النسبي ,كذلك تستخدم
اإلدارة أنواع القواعد والتعليمات التي يمكن للموظف تعلمها وفهمها ,كلما زاد فهم الموظف لتلك القواعد واإلجراءات كلما
ارتفعت خبرته وكفاءته.
وتلك هي خصائص التنظيم البيروقراطي كما رسمها ماكس ويبر في أوائل هذا القرن وتدل على اهتمامه بتقديم نظرية
مثالية تحدد نمط العمل والسلوك الواجب في التنظيم المثالي)3(.
ومن ثم ،فإن ماكس ويبر يقصد بالبيروقراطية وصف التنظيم اإلداري الضخم وما يتضمنه من قواعد وتأثيره في
اإلدارة والسلوك التنظيمي ،كل ذلك في إطار ما يجب أن يكون ,كما يعدد 0مزايا كثيره للتنظيم البيروقراطي ،أهمها:
السرعة ،اإلنضباط ،االستقرار ،االستمرارية ،الدقة في تطبيق مبدأ التخصص ،تقسم العمل ،المعرفة في مسائل
المستندات ،الوضوح التام في خطوط السلطة وتسلسلها الهرمي ،الخضوع الكامل للرؤساء ،تخفيض اإلحتكاك بين األفراد
وتخفيض التكلفة اإلنسانية واالقتصادية للعمل.
مما سبق ,يتضح أن تفكير ماكس ويبر عن البيروقراطية يختلف تماما ً عن المفاهيم الشائعة عنها والتي تربط بينها وبين
انخفاض الكفاءة ،وتعقيد اإلجراءات في األجهزة الحكومية وصعوبة التعامل مع الجماهير .وقد كانت معظم التحليالت
الناقدة للنموذج ،والموضحة لآلثار السلبية غير المتوقعة التي تترتب عليه ،تدور في إطار المنظمة الواحدة ،وقد أوضحت
هذه التحليالت أن المنظمة البيروقراطية مثلما تؤدي إلى الضبط واالستقرار وزيادة القدرة على التنبؤ ،فهي تؤدي أيضا ً
(.What Is the Bureaucracy? - Role, Structure & Characteristics . www.study.com :)3
إلى إمكانية الجمود وإلى خطر إحالل الوسائل محل األهداف النهائية ,وإلى تقييد كفاءة األداء ،فهناك إذن آثار سلبية غير
متوقعة تترتب على األخذ بالنمط البيروقراطي للتنظيم ،وكان ميرتون ( )Mertonفي األعوام 1939م وما بعدها،
وسلزنيك عام 1943م وجولدنر عام 1954م .من أوائل علماء االجتماع الذين تنبهو إلى ما بالنموذج المثالي من نقاط
ضعف ،فقد كان ويبر يعتقد أن اإلشراف الدقيق والرقابة التامة على أعمال وسلوك أعضاء التنظيم ،وتطبيق القواعد
والتعليمات يؤدي إلى استقرار سلوك األفراد وإمكان التنبؤ بالسلوم البيروقراطي ولعل الصفة األساسية التي تميز هذه
االتجاهات الحديثة 0في دراسة البيروقراطية ،هي إدخال العنصر اإلنساني والبيئة المحيطة كمحددات أساسية للسلوك
البيروقراطي)4(.
هناك بعض االنتقادات على النظرية كحال غيرها من النظريات والتي ال تخلو من أشياء سلبية وخاصة حال تطبيقها،
ومن تلك االنتقادات:
إهمالها للجانب اإلنساني في التعامل مع الموظف أو العامل.
تركيز سلطة اتخاذ القرارات في يد مجموعة قليلة من القادة والرؤساء في اإلدارة العليا.
النموذج البيروقراطي ال يعترف بأثر المجتمع على التنظيم ،وتعده نظاما ً مغلقا ً ال يتأثر بالبيئة أو يؤثر فيها.
عزل الموظف في عمله عن حياته الخاصة وعدمن فتح مجال للتداخل بينهما0.
االلتزام بالبيروقراطية يقود إلى آثار ونتائج غير متوقعة مناقضة للكفاءة المفترضة فيها ،كما أنه يؤدي إلى
الجمود وإلى خطر إحالل الوسائل كغايات محل األهداف)5(.