Professional Documents
Culture Documents
قبل التطّرق إلى محيط المؤسسة نعّرف ّأوال البيئة بمفهومها العام ،حيث يقصد بالبيئة بّأنها كافة المتغ يرات ال تي له ا عالق ة
بأهداف المؤسسة وتؤثر على مستوى كفاءتها وفعاليتها وهذه المتغيرات تخضع لحد كبير لس يطرة اإلدارة مث ل مس توى أداء
العمال وتشغيل عناصر اإلنتاج ،ومنها ما ال يخضع لسيطرة اإلدارة مثل القرارات السياسية ،العاداتوالتقاليد…إلخ .ومن هن ا
يالحظ ّأن البيئة تقّ سم إلى بيئة داخلية تتمثل في الهيكل التنظيمي والموارد المادية والبشرية والثقافة التنظيمية ،وبيئة خارجية
(محيط المؤسسة) تتمثل في جميع العوامل التي تحيط بالمؤسسة والتي ال تخضع لسيطرتها.
يقصد بمحيط المؤسسة ّأنه العوامل المحيطة بالمؤسسة والمؤثّرة عليه ا وعلى اإلدارة ،حيث تعّبر إلى حّد م ا عن مجموع ة
من القيود التي تتحكم جزئيا في توجيه المؤسسة ،وهذه األخيرة تأخذ مت ّغيرات وتأثيرات محيطها كمعطيات خارجية يص عب
التحكم فيها ،وعليه ا أن تعم ل على تحدي د مس ارها من خالل الوس ائل المختلف ة مث ل التخطي ط واالس تراتيجية وغيره ا من
أدوات التسيير واإلدارة ،و ّكلما نجحت في تفادي ض غوط المحي ط في اس تمرار عمله ا بالت أقلم معه ا وتحقي ق توازنه ا في ه،
نجحت في البقاء وتحقيق أهدافها.
كما أن هناك من يرى أن محيط المؤسسة هو مجموعة العوام ل ال تي ت ّؤ دي إلى خل ق الف رص والتهدي دات للمؤسس ة ،حيث
ي ّركز هذا المفهوم على ابراز دور البيئة في رسم استراتيجية المؤسسة.
االستقرار :يختلف محيط المؤسسة من مؤسسة ألخرى حيث قد يكون مستقرا ،كما قد يكون متحركا ،وتساهم بعض .1
العوامل في جعل المحيط غير مستقرا ،كالمتغيرات االقتصادية ،عدم االستقرار الحكومي ،التغيرات غير المرتقب ة
في طلبات الزبائن والمنافسة ،وكذلك الت ّغير السريع في حجم المّؤ سسة نفسها.
التعقيد :قد تكون البيئة الخارجية للمؤسسة (المحيط) بسيطة وقد تكون مركبة ،فبالنس بة لمّؤ سس ة حرفي ة ال تي تنتج .2
منتجات بسيطة باستعمال معارف سهلة وبسيطة ،تكون بيئتها بس يطة مقارن ة بمّؤ سس ة الط يران ال تي يجب عليه ا
استعمال معارف تنتمي إلى مجال علمي متقدم ومتطور جدا لوضع منتجات معق دة ج دا ،ويمكن الق ول أنه ا تمت از
بالتعقيد والتأثير المتداخل للقوى التي تنطوي عليها.
نوع األسواق :تستطيع المّؤ سسة الحصول على أسواق جد متكاملة كما قد تكون متنوعة. .3
العدائية :حضور المنافسين العدائيين (الهجوميين) يسمح بأن يكون محيط المّؤ سسة عدائي جدا. .4
الجودة :محيط المّؤ سسة قد يكون غني ويستطيع تزويد المّؤ سس ة بك ل الم وارد الض رورية ال تي تحتاجه ا إلنج از .5
نشاطاتها ( الموردون ،اليد العاملة المؤهلة ،التكنولوجيا)
أسباب دراسة البيئة
تشترك المّؤ سسات على اختالف أنواعها وأشكالها في العديد من الجوانب والعوامل ،وهذه الجوانب والعوامل هي ال تي تلقي
الضوء على أهمية دراسة البيئة والتي يمكن تلخيصها في اآلتي:
إن جمي ع المّؤ سس ات العاّم ة والخاص ة تعم ل في ظ ل مجموع ة من القي ود أو المتغ يرات البيئي ة (االقتص ادية
والسياسية واالجتماعية والثقافية)
إن كل مّؤ سسة هي بمثابة نظام مفتوح يتأثر بالبيئة ويؤثر فيها.
إن بناء وتنفيذ السياسات واالستراتيجيات التسويقية وكذلك ممارسة أو تنفيذ الوظ ائف والمه ام اإلداري ة المتع ارف
عليها في مجال التسويق أو أي مج ال آخ ر (التخطي ط والتنظيم والتنس يق والتوجي ه والرقاب ة واتخ اذ الق رارات)،
بجميع المّؤ سسات على اختالف أنواعها ،يجب أن تتم في ضوء المتغ يرات أو القي ود البيئي ة الم ؤثرة على ك ل من
مدخالت ومخرجات كل مّؤ سسة.
بغض النظر عن اختالف المؤسسات فيما يختص بنوعي ة وأه داف أط راف التعام ل ف إن ك ل مّؤ سس ة هي بمثاب ة
تح الف أو ائتالف بين مجموع ة من األط راف ال تي تس عى لتحقي ق مجموع ة من األه داف ،تختل ف في طبيعته ا
وتتعارض كثيرا في طرق تحقيقها ،فأهداف المستهلكين ليس ت نفس ها أه داف الم وردين وك ذلك أه داف الحكوم ة
والعمال ،وفي هذا الشأن يمكن القول ّأن بقاء المّؤ سسة ونجاحها يتوق ف إلى ح د كب ير على م دى ق درتها من أج ل
تحقيق أهداف أطراف هذا االئتالف ،رغم تعّددها وتباينها وتعارضها في نفس الوقت.
إن مدى تأثير المتغيرات البيئية على تنفيذ األنشطة وتحقيق األهداف لجمي ع المّؤ سس ات يختل ف في الدرج ة وليس
في النوع.
إن جميع المّؤ سسات تتأثر بشكل مباشر أو غير مباش ر وب درجات متفاوت ة ب الكثير من القي ود والمتغ يرات البيئي ة
الخارجية ،وعلى المستوى ال ّدولي ،كما هو على المستوى الوطني.
إن درجة تأثير المتغيرات أو القيود البيئية تختلف باختالف أهداف المّؤ سسات ،فانخفاض متوسط دخ ل الف رد مثال
قد يؤثر -مع بقاء عوامل أخرى ثابتة -على الطلب على سلعة ما أو على هدف الربحية ،بينما ال يت أثر ه ذا اله دف
بانخفاض الوعي الديني أو الثقافي.
إن اختالف درجة السيطرة على السوق أو المحافظة على المركز التنافسي بصفة عامة ،قد يختلف ب اختالف ق درة
المّؤ سسة على التكيف مع معطيات مت ّغيرات البيئة ،وقدرتها على تحقيق أو مقابلة أهداف أطراف التعامل ال داخلي
والخارجي معها ،كما ّأن القدرة على استغالل الف رص التس ويقية المتاح ة أو المرتقب ة وك ذلك مواجه ة التهدي دات
يجعل من المحتمل جّدا تحقيق المّؤ سسة درجة عالية من الفعالية أو السيطرة التسويقية.
إن التخطيط التسويقي يبدأ في األصل بتحليل الفرص التسويقية الحالية والمرتقبة داخل البيئة.
عناصر محيط المؤسسة
المحيط المباشر :ويسمى أيضا بالمحيط الخ اص (البيئ ة الخارجي ة الخاص ة أو المباش رة أو البيئ ة التنافس ية) وه و
يتك ون من عوام ل ذات ت أثير مباش ر على أداء المؤسس ة ،مث ل الم وردون والعمالء والموزع ون والوك االت أو
المنظمات الحكومية ذات العالقة ،والمنافسون الذين يجب أن تتفاعل معهم المؤسسة.
وبشكل عام يقصد بالبيئة الخاصة أو بيئة التنافس (المحيط المباشر) بأنها مجموعة المتغيرات التي تمتلك تأثيرا مباش را على
جميع المّؤ سسات العاملة في صناعة ما.
المحيط غير المباشر :ويسمى أيضا بالمحيط العام (البيئة الخارجية العامة أو غير المباشرة) وهو اإلط ار الجغ رافي
الذي تعمل فيه جميع المؤسسات بما فيها المؤسسة المعنية ،وبالتالي فإن تأثير هذا المحيط ينسحب على جمي ع ه ذه
المؤسسات ،ومن بين عناصر هذا المحيط نجد ما يلي:
أ -البيئة االقتصادية :وتتمثّل القوى االقتصادية التي ت ؤثّر في البيئ ة ال ّكلي ة للمّؤ سس ات في قيم ة العمالت األجنبي ة ومعّدل
التضخم والسياسات االقتصادية والض رائب والرس وم وم يزان الم دفوعات وغيره ا ،ومن أمثل ة ت أثير بعض ه ذه العوام ل
االقتصادية على المّؤ سسات نجد مثالً في ظل الركود االقتصادي ينخفض شراء العديد من المنتج ات المعّم رة إلى أدنى حّد
ممكنّ ،مما يترتب عليه انخفاض أرباح المّؤ سسات وانخفاض قدرتها على تشغيل األفرادّ ،أما في مرحلة الّرواج االقتص ادي
فّإن المّؤ سسات الصناعية والتجارية ت ّوسع من برامجها اإلنتاجية والتسويقية محاولة فتح أسواق جديدة.
ب -البيئة التكنولوجية :بفضل التطّورات التكنولوجية تّم تق ديم العدي د من المنتج ات للمس تهلكين من أج ل إش باع حاج اتهم
ورغباتهم .فأغلب المّؤ سسات تنظر نظرة ايجابية إلى التكنولوجي ا المتعّلق ة بخ ط عمله ا وت رى ب ّأن ذل ك ي ّؤ دي إلى تط وير
منتجاتها ،رغم أن التغيرات التكنولوجية ال تؤثر على كل المؤسسات بطريقة متس اوية ،حيث هن اك بعض المؤسس ات تت أثّر
بقّوة كالمؤسسات التي تنشط في مجال األسلحة واإللكتروني ات ،في حين نج د بعض المؤسس ات أق ل ت أثّرا ك التي تنش ط في
مجال الصناعات الغذائية والمالبس وغيرها.
وتتعّلق التكنولوجيا بالوسائل الفّنية المستحدثة في تحويل المدخالت إلى مخرجات ،باإلضافة إلى التكنولوجيا التي يس تخدمها
المنافسون ،والمؤسسات الرائدة في استخدام التكنولوجيا ،والتكنولوجيا الحديثة في اإلنتاج ،واالستثمارات المطلوبة للحصول
على التكنولوجيا وغيرها وهي ّكلها عوامل وقوى تؤثّر س لبا أو ايجاب ا في البيئ ة التكنولوجي ة كم ا ت ؤثّر في ص نع الف رص
والتهديدات.
ج -البيئة الطبيعية :يساعد تحليل البيئة الطبيعية على معرفة المتغيرات الخاص ة ب األحوال الجوي ة وطبوغرافي ة األرض،
حيث هناك بعض المدخالت ونواتج العملي ة اإلنتاجي ة ال تي تت أثّر ب درجات الح رارة ونس ب الرطوب ة ،كم ا أن طبوغرافي ة
األرض تؤثّر على اختيار مواقع المؤسسات .فمثال ال يمكن تسويق المالبس الصوفية في المناطق الصحراوية ،كم ا ال يمكن
تسويق السيارات بدون م ّكيف في المناطق العالية الرطوبة وغيرها.
د -البيئة السياسية والقانونية :تعتبر القوى السياس ية هي الق وى ال تي تحّركه ا الق رارات والق وانين الس يادية والسياس ات
الحكومية ،مثل منح الحكومة معونات لصناعة ما ،او اعفاءات ضريبية حتى تت ّمكن من المنافس ة العالمي ة ّمم ا يعت بر تهدي دا
للمّؤ سسات األجنبية التي تعمل في الصناعة وفي نفس الوقت فرصة للمؤسسات الوطنية .كما تعتبر قوانين حماية البيئة ومنع
التل وث إح دى التهدي دات للمؤسس ات الص ناعية ال تي عليه ا أن ت راعي ذل ك ،حيث تعت بر الق وانين والقواع د ال تي تض عها
الحكومات المختلفة مصدرا رئيسيا للفرص والتهديدات لجميع المؤسسات.
هـ -البيئة االجتماعية والثقافية :تتعّلق القوى االجتماعية والثقافية بالقّيم والعادات والتقاليد والخصائص السّكانية والمكانية
والحضارية السائدة في البيئة المحلية والعالمية ،فاألفراد ينشطون في مجتمع صعب ،وال ذي يق وم بتش كيل هيك ل معتق داتهم
وقّيمهم األساسية ،وتنصب دراسة العوامل االجتماعية والثقافية على الناس أنفسهم :من هم؟ أين يتواجدون؟ كي ف يمارس ون
حياتهم؟ وما هي عاداتهم وتقاليدهم وقّيمهم التي تؤثر على أنماطهم السلوكية واتجاهاتهم نحو اآلخرين؟
العالق ة بين المحي ط والمؤسس ة عالق ة تبادلي ة اعتمادي ة تتمث ل بأس اليب الع رض والطلب ،الف رص أو التهدي دات ،و ّكلم ا
استطاعت المؤسس ة أن تت ّكي ف م ع البيئ ة أو تعم ل على تغي ير بعض مفرداته ا األساس ية اس تطاعت البق اء والنم و ومن ثّم
االزدهار في تلك البيئة ،وتتمثل في:
اّألول :أن هذه العوامل تفرض أو تضع حدودا معينة لعمل المؤسسة ،ومن هنا جاءت أهمية امتالك المديرين لمقاييس معينة
هدفها السيطرة على البيئات االقتصادية واالجتماعية والفنية .ولتحقيق ذلك ال بّد من استخدام المهارات اإلدارية في مجاالت
اتخاذ القرارات والتخطيط والتنبؤ والعمل باستمرار على استمرار االبتكارات واإلبداعات ذات العالقة بتطوير أنشطة
المؤسسة ووضعها في موقف أحسن.
أما الثاني :فإن عوامل المحيط تقّدم للمؤسسة فرصا ومجاالت مختلفة للتحّدي ،فالمحيط قد ي ّحدد سلوكيات المؤسسة ،ولهذا
يجب على المؤسسة أن تتحّلى بالمرونة والت ّكيف وغير ذلك من األشياء أو المتطلبات التي تضمن للمؤسسة البقاء في بيئة
معينة.
كما يؤثّ ر المحيط والعوامل الخارجية غير المؤكدة في المؤسسة وفي استراتيجيتها ونوع هيكلها التنظيمي.
تأثير المؤسسة في المحيط :إن التأثيرات بين المؤسسة والمحيط متبادلة وفي ت ّغير مستمر من حيث النوع والدرجة،
فحينما توجد المؤسسة في محيط معّين فّإن كل السلع والخدمات والنقود والمتغيرات األخرى المناسبة عبر
مخرجاتها تؤثر في المحيط وتخلق حاالت معّينة من التوازن أو عدم التوازن فيه.