You are on page 1of 6

‫‪ -7‬دليل العرف‬

‫*املذاكرة من األوراق فقط*‬


‫تعريف العرف‪:‬‬
‫في اللغة‪:‬‬
‫بمعنى املعرفة‪ ،‬وهو ضد النكرة‪ ،‬وهو‪ :‬كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه‪.‬‬
‫في االصطالح‪:‬‬
‫ما يتعارفه أكثر الناس ويجري بينهم‪ ،‬من وسائل التعبير‪ ،‬وأساليب الخطاب والكالم‪،‬‬
‫وما يتواضعون عليه من األعمال‪ ،‬ويعتادونه من شؤون املعامالت‪،‬‬
‫مما لم يوجد في نفيه وال إثباته دليل شرعي‪.‬‬

‫تعريف العادة‪:‬‬
‫في اللغة‪:‬‬
‫مأخوذة من ال َعود‪ ،‬وهو يعني االستمرار وتكرار األمر مرة بعد أخرى‪.‬‬
‫في االصطالح‪:‬‬
‫تكرر األمر مرة بعد أخرى‪ ،‬تكررا ً يخرج عن كونه واقعا ً بطريق االتفاق‪.‬‬
‫وهذا التعريف يجعل )العادة( شاملة لكل متكرر‪ ،‬سواء كرره الفرد أو الجماعة‪ ،‬فتشمل العادة‬
‫الفردية والعادة الجماعية‪.‬‬

‫الفرق بني العرف والعادة عند األصوليني‪:‬‬


‫هناك ثالثة أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أنه ال فرق بني العرف والعادة‪.‬‬
‫وهو رأي عبداهلل النسفي )فقيه حنفي( حيث قال في تفريقه بينهما‪:‬‬
‫)العادة والعرف ‪ :‬ما استقر في النفوس‪ ،‬وتلقته الطباع السليمة بالقبول(‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن العرف مخصوص بالقول‪ ،‬والعادة مخصوصة بالفعل‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن النسبة بينهما )العموم والخصوص املطلق(‪ ،‬فالعادة أعم من العرف مطلقاً‪،‬‬
‫حيث تطلق )العادة( على العادة الفردية والعادة الجماعية‪ ،‬أما )العرف( فيطلق على العادة‬
‫الجماعية فقط‪،‬‬
‫فكل عرف )عادة(‪ ،‬وال عكس‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ولعل هذا هو القول الراجح ألمرين‪:‬‬
‫‪ -1‬املدلول اللغوي في كل منهما‬
‫)فالعادة( هي األمر املتكرر مطلقاً‪ ،‬سواء أكان ذلك التكرار)من فرد أم من جماعة(‪.‬‬
‫أما )العرف( فهو األمر املتكرر املتتا َبع على فعله )من كثيرين(‪.‬‬
‫وبهذا يتبني أن )العادة( أوسع دائرة من )العرف(‪.‬‬
‫‪ -2‬الواقع العملي والتطبيق الفقهي‬
‫فإن هناك أمور تتكرر بصورة )فردية(‪ ،‬ال يمكن بحال أن يُطلق عليها اسم )العرف(‪ ،‬يل يُطلق عليها‬
‫)عادة(‪ .‬وذلك مثل‪ :‬عادة املرأة في حيضها‪ ،‬وعادة القائف في اإلصابة‪.‬‬
‫أما )العادة الجماعية( قولية كانت أو فعلية‪ ،‬فيصح أن يُطلق عليها اسم )العرف( كما يُطلق عليها‬
‫اسم )العادة(‪.‬‬

‫الفرق بني العرف واإلجماع‪:‬‬


‫العرف‪:‬‬
‫غير ثابت بل يتغير من زمن آلخر – ال يشترط فيه توفر )مرتبة االجتهاد الشرعي( في أهله –‬
‫ال يشترط فيه اتفاق كل الناس عليه بل يكفي أغلبهم‪.‬‬
‫اإلجماع‪:‬‬
‫ثابت ال تجوز مخالفته ‪ -‬يشترط فيه توفر )مرتبة االجتهاد الشرعي( في أهله –‬
‫البد النعقاده اتفاق كل مجتهدي الزمن عليه‪.‬‬

‫أقسام العرف‪:‬‬
‫ينقسم العرف إلى عدة تقسيمات باعتبارات مختلفة من أهمها ما يلي‪:‬‬

‫التقسيم األول‪ :‬ينقسم العرف باعتبار )من يصدر منه( إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬العرف العام‬
‫وهو‪ :‬ما تعارف عليه أكثر الناس في جميع البلدان‬
‫مثل‪) :‬عقد االستصناع( في أحذية وألبسة‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬العرف الخاص‬
‫وهو‪ :‬ما تعارف عليه أكثر الناس في بعض البلدان‬
‫مثل‪ :‬إطالق لفظ )الدابة( على الفَ َرس عند أهل العراق‪ ،‬بينما ذلك يختلف في مصر‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬العرف الشرعي‬
‫وهو‪ :‬اللفظ الذي استعمله الشارع مريدا ً منه معنى خاصا‪،‬‬
‫مثل‪) :‬الصالة(‪ ،‬فإنها في األصل‪ :‬الدعاء‪ ،‬ولكن الشارع أراد بها أفعاالً مخصوصة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫التقسيم الثاني‪ :‬ينقسم العرف باعتبار )موضوعه ومتعلقه( إلى قسمني‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬العرف القولي أو اللفظي‬


‫وهو‪ :‬أن يتعارف أكثر الناس على إطالق )لفظ( على )معنى ليس موضوعا ً له(‪ ،‬بحيث يتبادرإلى‬
‫الذهن عند سماعه من غير قرينة‪ ،‬وال عالقة عقلية‪.‬‬
‫مثل‪ :‬لفظ )الدابة(‪ ،‬فإنه في اللغة يطلق على )كل ما يدب على األرض(‪ ،‬وقد خصصه بعضهم‬
‫بالفَ َرس‪ ،‬وبعضهم بالحمار‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬العرف الفعلي‬
‫وهو‪ :‬ما كان موضوعه‪ :‬بعض )األعمال( التي اعتادها الناس في أفعالهم العادية‪ ،‬أو معامالتهم‪.‬‬
‫مثل‪ :‬بيع املعاطاة‪.‬‬
‫وھﻮ أن ﯾﺘﻔﻖ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺪان ﻋﻠﻰ ﺛﻤﻦ وﻣﺒﯿﻊ‪ ،‬وﯾﻌﻄﯿﺎ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﺗﻠﻔﻆ ﺑﺈﯾﺠﺎب وﻻ ﻗﺒﻮل‪ ،‬أو ﻗﺪ ﯾﻮﺟﺪ ﻟﻔﻆ ﻣﻦ‬
‫أﺣﺪھﻤﺎ ﻓﻘﻂ‪.‬‬
‫أي ﯾﺄﺧﺬ اﻟﻤﺸﺘﺮي اﻟﻤﺒﯿﻊ‪ ،‬وﯾﺪﻓﻊ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ اﻟﺜﻤﻦ‪ ،‬أو ﯾﺪﻓﻊ اﻟﺒﺎﺋﻊ اﻟﻤﺒﯿﻊ‪ ،‬ﻓﯿﺪﻓﻊ ﻟﮫ اﻟﻤﺸﺘﺮي ﺛﻤﻨﮫ‪) ،‬ﻣﻦ ﻏﯿﺮ‬
‫ﺗﻜﻠﻢ(‪.‬‬

‫حجية العرف‪:‬‬
‫لقد اختلف في العرف على قولني‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أن العرف ُح َّجة‪ ،‬ودليل شرعي تثبت عن طريقه األحكام الشرعية‪.‬‬
‫ولكن ليس حجة على إطالقه‪ ،‬بل هو ُح َّجة بشروط‪.‬‬
‫فإن توفرت هذه الشروط في العرف كان ُح َّجة‪ ،‬أما إن تخلفت أو تخلف واحد منها فال يكون ُح َّجة‪.‬‬
‫وقد ذهب إلى ذلك كثير من العلماء‪ .‬وهو الراجح‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫شروط اعتبار العرف واالحتجاج به‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون العرف مطردا ً أو أكثريا ً‪.‬‬


‫أي يكون العمل بالعرف‪ :‬مستمرا ً في جميع الحوادث ال يتخلف أبداً‪،‬‬
‫أو مستمرا ً في أكثر الحوادث بحيث ال يتخلف العمل به إال قليالً‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون العرف موجودا ً عند إنشاء التصرف‪.‬‬
‫أي موجودا ً عند حدوث املوقف الذي نريد معرفة حكمه‪.‬‬
‫فال عبرة باألعراف السابقة القديمة‪ ،‬وال باألعراف املتأخرة الجديدة‪.‬‬
‫فمثالً‪ :‬لو أقر شخص في بالدنا )بأن في ذمته لفالن ألف ريال‪ ،‬من دين كان قبل ‪ 70‬سنة(‬
‫فسر الريال بما كان معروفا ً ذلك الوقت‪ ،‬أي وقت إنشاء التصرف‪ ،‬وهو )الريال املعدني(‪،‬‬
‫الحكم‪ُ :‬ي َّ‬
‫فسر )بالريال الورقي(‪ ،‬ألن تفسيره بذلك يُعد عرفا ً متأخرا ً حدث بعد إنشاء التصرف‪.‬‬
‫وال يصح أن يُ َّ‬
‫فس ر )بــالــريــال املــعدنــي(‪ ،‬ولــكن ُيــق َّدر و ُيــعطى )بــالــريــال الــورقــي(‪ ،‬ألن املــعدنــي غــير مــوجــود‬
‫مــلحوظــة‪ُ :‬ي َّـ‬
‫اآلن‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون العرف مل ِزما‪ ،‬أي‪ :‬يتحتم العمل بمقتضاه في نظر الناس‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ال يعارضه تصريح بخالفه‪.‬‬
‫فمثالً‪ :‬لو صرح مؤجر )الشاحنة التي جرى العرف باستعمالها في حمل األمتعة(‪ ،‬بمنع املستأجر‬
‫من استعمالها في ذلك‬
‫الحكم‪ :‬اليجوز للمستأجر )استعمالها في حمل األمتعة استنادا ً إلى العرف(‪ ،‬وذلك لوجود‬
‫التصريح بخالفه‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ال يخالف العرف دليالً شرعيا معتمدا ً‪.‬‬
‫فمثالً‪ :‬لوجرى التعامل في بلد ما بتجارة الخمر أو الربا‬
‫الحكم‪ :‬ال اعتبار لهذا العرف ألنه يصادم النصوص الشرعية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أدلة هذا القول على حجية العرف‪:‬‬

‫ال‪ :‬أدلة العرف في القرآن‪) :‬املطلوب حفظ آية واحدة وفهم األخرى(‬ ‫أو ً‬
‫وف(‬ ‫ود َل ُه ِرزْ ُق ُه َّن َو ِك ْ‬
‫س َوتُ ُه َّن ِب ْامل َ ْعر ِ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪َ ) :‬و َع َلى ْامل َ ْو ُل ِ‬
‫ُ‬
‫أي نفقة الزوج على الزوجة تكون باملقدار املتعارف عليه‪.‬‬
‫وف ۖ َح ًقّا َع َلى ْاملُت َّ ِق َ‬
‫ني(‪.‬‬ ‫ع ِب ْامل َ ْعر ِ‬
‫ُ‬
‫‪ -2‬قوله تعالى‪َ ) :‬ولِ ْل ُمطَ َّل َق ِ‬
‫ات َمتَا ٌ‬
‫)املطلوب حفظ حديث واحد وفهم اآلخر(‬ ‫ثانيا ً‪ :‬أدلة العرف في السنة‪:‬‬
‫‪ -1‬ما ورد أن هندا ً بنت عتبة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إن أبا سفيان رجل شحيح‪،‬‬
‫وليس يعطيني ما يكفيني وولدي‪ ،‬إال ما أخذته منه وهو ال يعلم ؟‬
‫فقال الرسول ‪) :r‬خذي ما يكفيك وولدك باملعروف(‪.‬‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أباح لها ‪ r‬أن تأخذ من مال زوجها كفايتها من النفقة‪ ،‬وقيّد ذلك بأنه على ضوء‬
‫العرف‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله ‪) :r‬املكيال مكيال أهل املدينة‪ ،‬والوزن وزن أهل مكة(‬
‫وجه االستدالل‪ :‬أن )أهل املدينة( ملا كانوا أهل زراعة‪ ،‬اعتُبرت عادتهم في مقدار الكيل‪،‬‬
‫و)أهل مكة( ملا كانوا أهل تجارة‪ ،‬اعتُبرت عادتهم في مقدار الوزن‪،‬‬
‫صب الزكوات‪ ،‬ومقدار الديات‪ ،‬وزكاة الفطر‪،‬‬ ‫واملراد بذلك‪ :‬اعتبارها فيما ُيطلب تقديره شرعا ً‪ :‬كن ُ ُ‬
‫والكفارات‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬وهذا دليل على اعتبار العرف في بناء األحكام‪.‬‬

‫بح َّجة‪ ،‬وال يصلح أن يكون دليالً تُبنى عليه األحكام‪.‬‬


‫القول الثاني‪ :‬أن العرف ليس ُ‬
‫وهو مذهب بعض العلماء‪.‬‬
‫دليل هذا القول‪:‬‬
‫بح َّجة‪،‬‬
‫هو نفس دليل القائلني‪ :‬إن سد الذرائع ليس ُ‬
‫وهو أن العرف ليس من األدلة املعتمدة في )حديث معاذ ‪ ،(t‬فال يكون دليالً شرعا ً‪.‬‬
‫جوابه‪:‬‬
‫• أن العرف دليل معتبر‪ ،‬دل على اعتباره القران والسنة‪ ،‬وقد سبق بيان ذلك في أدلة القول‬
‫األول‪.‬‬
‫• أن العرف ليس دليالً مستقالً‪ ،‬وانما راجع إلى النصوص الصحيحة‪ ،‬كما أنه يرجع إلى‬
‫اعتبار املصالح واملفاسد واملنافع واملضار‪ ،‬فيكون العرف حجة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫نوع الخالف وثمرته‪:‬‬
‫الخالف هنا معنوي؛ حيث إن اعتبار العرف دليالً شرعيا ً كان له أثره في بعض املسائل الفقهية‪،‬‬
‫ومنها‪:‬‬

‫‪ - 1‬بيع املعاطاة‪:‬‬
‫وهو‪ :‬دفع ثمن املبيع للبائع وأخذ املبيع عن تراض بينهما‪ ،‬دون أن يتلفظ أحدهما بشيء‪.‬‬
‫القول األول‪ :‬جائز عند أكثر العلماء‪،‬‬
‫ودليلهم‪ :‬العرف؛ ألن البيع قد ورد الشرع بحله مطلقاً‪ ،‬ولم يشترط فيه شيء من األلفاظ‪ ،‬ولم يبني‬
‫كيفيته‪ ،‬فيرجع ذلك إلى العرف‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬خالف في ذلك الكثير من الشافعية‪ ،‬وقالوا‪ :‬ال يجوز بيع املعاطاة؛‬
‫ألن الشارع شرط الرضى لصحة البيع‪ ،‬وهو أمر خفي ال يعرف إال بالتلفظ باإليجاب والقبول‪.‬‬

‫‪ - 2‬األجير الصانع لعمل ما‪ ،‬إذا لم تُذكر األجرة عند العقد‪ ،‬وكان منتصبا ً للعمل‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬يستحق أجرة املثل‪ ،‬هذا عند اإلمام أحمد وأبي حنيفة‬
‫واستدلوا بالعرف؛ ألن العرف الجاري في هذا يقوم مقام القول واللفظ‪ ،‬عمالً بقاعدة‪) :‬املعروف‬
‫عرفا ً كاملشروط شرطا ً(‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬خالف بعض العلماء في ذلك وقالوا‪ :‬ال يستحق األجير شيئا ً إذا لم تُذكر‬
‫األجرة عند العقد‪ ،‬ويعتبر متبرعاً؛‬
‫)عوضا ً( باللفظ ‪ ،‬أي لم يلتزم بذكر عوض معني باللفظ‪.‬‬‫ألن صاحب الثوب مثالً لم يلتزم للصانع ِ‬

‫قواعد فقهية مبنية على دليل العرف ‪:‬‬


‫منها‪) :‬املطلوب حفظ قاعدة واحدة فقط(‬
‫‪ -1‬قاعدة ) العادة ُمح َّكمة ( وهي من القواعد الكبرى األساسية في الفقه‪.‬‬
‫‪ -2‬قاعدة ) املعروف عرفا ً كاملشروط شرطا ً (‪.‬‬
‫‪ -3‬قاعدة ) الحقيقة تُترك بداللة العادة (‪.‬‬
‫‪ -4‬قاعدة ) التعيني بالعرف كالتعيني بالنص ( أو ) الثابت بالعرف كالثابت بالنص (‪.‬‬
‫وهذه القواعد هي )قواعد صغرى( متفرعة عن القاعدة الكبرى ) العادة ُمح َّكمة (‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like