Professional Documents
Culture Documents
تعريف العادة:
في اللغة:
مأخوذة من ال َعود ،وهو يعني االستمرار وتكرار األمر مرة بعد أخرى.
في االصطالح:
تكرر األمر مرة بعد أخرى ،تكررا ً يخرج عن كونه واقعا ً بطريق االتفاق.
وهذا التعريف يجعل )العادة( شاملة لكل متكرر ،سواء كرره الفرد أو الجماعة ،فتشمل العادة
الفردية والعادة الجماعية.
1
ولعل هذا هو القول الراجح ألمرين:
-1املدلول اللغوي في كل منهما
)فالعادة( هي األمر املتكرر مطلقاً ،سواء أكان ذلك التكرار)من فرد أم من جماعة(.
أما )العرف( فهو األمر املتكرر املتتا َبع على فعله )من كثيرين(.
وبهذا يتبني أن )العادة( أوسع دائرة من )العرف(.
-2الواقع العملي والتطبيق الفقهي
فإن هناك أمور تتكرر بصورة )فردية( ،ال يمكن بحال أن يُطلق عليها اسم )العرف( ،يل يُطلق عليها
)عادة( .وذلك مثل :عادة املرأة في حيضها ،وعادة القائف في اإلصابة.
أما )العادة الجماعية( قولية كانت أو فعلية ،فيصح أن يُطلق عليها اسم )العرف( كما يُطلق عليها
اسم )العادة(.
أقسام العرف:
ينقسم العرف إلى عدة تقسيمات باعتبارات مختلفة من أهمها ما يلي:
التقسيم األول :ينقسم العرف باعتبار )من يصدر منه( إلى ثالثة أقسام:
القسم األول :العرف العام
وهو :ما تعارف عليه أكثر الناس في جميع البلدان
مثل) :عقد االستصناع( في أحذية وألبسة ،ونحو ذلك.
القسم الثاني :العرف الخاص
وهو :ما تعارف عليه أكثر الناس في بعض البلدان
مثل :إطالق لفظ )الدابة( على الفَ َرس عند أهل العراق ،بينما ذلك يختلف في مصر.
القسم الثالث :العرف الشرعي
وهو :اللفظ الذي استعمله الشارع مريدا ً منه معنى خاصا،
مثل) :الصالة( ،فإنها في األصل :الدعاء ،ولكن الشارع أراد بها أفعاالً مخصوصة.
2
التقسيم الثاني :ينقسم العرف باعتبار )موضوعه ومتعلقه( إلى قسمني:
حجية العرف:
لقد اختلف في العرف على قولني:
القول األول :أن العرف ُح َّجة ،ودليل شرعي تثبت عن طريقه األحكام الشرعية.
ولكن ليس حجة على إطالقه ،بل هو ُح َّجة بشروط.
فإن توفرت هذه الشروط في العرف كان ُح َّجة ،أما إن تخلفت أو تخلف واحد منها فال يكون ُح َّجة.
وقد ذهب إلى ذلك كثير من العلماء .وهو الراجح.
3
شروط اعتبار العرف واالحتجاج به:
4
أدلة هذا القول على حجية العرف:
ال :أدلة العرف في القرآن) :املطلوب حفظ آية واحدة وفهم األخرى( أو ً
وف( ود َل ُه ِرزْ ُق ُه َّن َو ِك ْ
س َوتُ ُه َّن ِب ْامل َ ْعر ِ -1قوله تعالىَ ) :و َع َلى ْامل َ ْو ُل ِ
ُ
أي نفقة الزوج على الزوجة تكون باملقدار املتعارف عليه.
وف ۖ َح ًقّا َع َلى ْاملُت َّ ِق َ
ني(. ع ِب ْامل َ ْعر ِ
ُ
-2قوله تعالىَ ) :ولِ ْل ُمطَ َّل َق ِ
ات َمتَا ٌ
)املطلوب حفظ حديث واحد وفهم اآلخر( ثانيا ً :أدلة العرف في السنة:
-1ما ورد أن هندا ً بنت عتبة رضي اهلل عنها قالت :يا رسول اهلل ،إن أبا سفيان رجل شحيح،
وليس يعطيني ما يكفيني وولدي ،إال ما أخذته منه وهو ال يعلم ؟
فقال الرسول ) :rخذي ما يكفيك وولدك باملعروف(.
وجه االستدالل :أباح لها rأن تأخذ من مال زوجها كفايتها من النفقة ،وقيّد ذلك بأنه على ضوء
العرف.
-2قوله ) :rاملكيال مكيال أهل املدينة ،والوزن وزن أهل مكة(
وجه االستدالل :أن )أهل املدينة( ملا كانوا أهل زراعة ،اعتُبرت عادتهم في مقدار الكيل،
و)أهل مكة( ملا كانوا أهل تجارة ،اعتُبرت عادتهم في مقدار الوزن،
صب الزكوات ،ومقدار الديات ،وزكاة الفطر، واملراد بذلك :اعتبارها فيما ُيطلب تقديره شرعا ً :كن ُ ُ
والكفارات ،ونحو ذلك .وهذا دليل على اعتبار العرف في بناء األحكام.
5
نوع الخالف وثمرته:
الخالف هنا معنوي؛ حيث إن اعتبار العرف دليالً شرعيا ً كان له أثره في بعض املسائل الفقهية،
ومنها:
- 1بيع املعاطاة:
وهو :دفع ثمن املبيع للبائع وأخذ املبيع عن تراض بينهما ،دون أن يتلفظ أحدهما بشيء.
القول األول :جائز عند أكثر العلماء،
ودليلهم :العرف؛ ألن البيع قد ورد الشرع بحله مطلقاً ،ولم يشترط فيه شيء من األلفاظ ،ولم يبني
كيفيته ،فيرجع ذلك إلى العرف.
القول الثاني :خالف في ذلك الكثير من الشافعية ،وقالوا :ال يجوز بيع املعاطاة؛
ألن الشارع شرط الرضى لصحة البيع ،وهو أمر خفي ال يعرف إال بالتلفظ باإليجاب والقبول.
- 2األجير الصانع لعمل ما ،إذا لم تُذكر األجرة عند العقد ،وكان منتصبا ً للعمل:
القول األول :يستحق أجرة املثل ،هذا عند اإلمام أحمد وأبي حنيفة
واستدلوا بالعرف؛ ألن العرف الجاري في هذا يقوم مقام القول واللفظ ،عمالً بقاعدة) :املعروف
عرفا ً كاملشروط شرطا ً(.
القول الثاني :خالف بعض العلماء في ذلك وقالوا :ال يستحق األجير شيئا ً إذا لم تُذكر
األجرة عند العقد ،ويعتبر متبرعاً؛
)عوضا ً( باللفظ ،أي لم يلتزم بذكر عوض معني باللفظ.ألن صاحب الثوب مثالً لم يلتزم للصانع ِ
6