Professional Documents
Culture Documents
التعريف بكتاب تهافت التهافت لابن رشد
التعريف بكتاب تهافت التهافت لابن رشد
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تهافت التهافت كتاب من تأليف الفيلسوف المسلم ابن رشد للرد على الغزالى في كتابه تهافت الفالسفة.
لم يعش أبو الوليد ابن رشد ،في زمن أبي حامد الغزالي ،ولم يتجادل معه .كل ما في األمر انه في كتابه
األشهر تهافت التهافت رد مباشرة على كتاب الغزالي تهافت الفالسفة ،وعلى االرجح بعد نحو ثالثة أرباع
القرن من ظهور هذا الكتاب األخير الذي كان وال يزال يعتبر أكبر هجوم شنه على الكالم على الفكر
العقالني الفلسفي في تاريخ الحضارة اإلسالمية .والحال ان كتاب الغزالي كان من الشهرة والحضور
والتأثير في البيئة الفكرية اإلسالمية ،حيث ان األمر استدعى من ابن رشد ذلك الرد العنيف والدقيق الذي
أورده في تهافت التهافت.
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
قصة كتاب تهافت التهافت لالمام القاضي الحكيم ابي الوليد ابن رشد
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆︎▪︎▪☆☆☆☆
بعد أن طالع الفلسفة لسنتين في بغداد كتب اإلمام أبو حامد الغزالي ( )1111-1059مؤلفه "مقاصد
الفالسفة" ُيظهر به إلمامه بفلسفة أفالطون وأرسطو وأتباعهم الفارابي وأبن سينا .وكان هدفه ينحصر في
تبيان أخطائهم وضالل مذاهبهم التي تبحث في ما وراء الطبيعة .ثم أعقبه كتاب "تهافت الفالسفة" حيث حدد
فيه عشرين مسألة يشكك فيها على براهين الفالسفة .ولقد نقدهم بقساوة ال تخلو من الشتم واللعن وصلت إلى
حد تكفير الفارابي وأبن سينا في ثالث مسائل هي :القول بِقدم العالم ،وإن هللا ال يعلم الجزئيات ،وفي تأويل
المعاد الجسماني .وبهذا العمل وجه الغزالي ضربة عنيفة للفلسفة استمرت ألكثر من ثمانية عقود من الزمن
(.)1180-1095
وطيلة هذه الفترة الزمنية لم يتمكن أحد ما من مفكري وفالسفة اإلسالم أن يرد على كتاب الغزالي .بل أخذت
فيها الفلسفة باالنكماش التدريجي ،وتراجع االحترام االجتماعي للمشتغلين فيها .حتى جاء القاضي أبو الوليد
أبن رشد ( )1198-1126فرد بكتابه "تهافت التهافت" على المسائل العشرين .حيث دحض حجج الغزالي
وأبطل التكفير بحق الفارابي وأبن سينا وأعاد للفلسفة اعتبارها .ورغم إنه في حاالت قليلة يؤيد موقف
الغزالي ،إال إن مهاجمته له كانت شديدة وحادة حيث يصفه بضعف البرهان وركاكة الحجة ،ويتهمه في تغير
وتبديل أقوال الفالسفة ويأخذ ما يالئمه ويهمل ما ال يعجبه .بل أن أبن رشد قد نعت الغزالي بالشرير الجاهل
وبالخبث والسفسطة وأخرجه من نطاق الفلسفة .وهي ألفاظ ال تليق به وال يستحقها الغزالي ،وربما أراد بها
أن يرد حتى على نابية الغزالي المحدودة.
يقول أبن رشد في مطلع كتابه :إن "الغرض في هذا القول أن نبين مراتب األقاويل المثبتة في كتاب التهافت
ألبي حامد في التصديق واإلقناع وقصور أكثرها عن رتبة اليقين والبرهان"( .ص55 ،
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نبذة
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يمثل ردة الفعل الفلسفية على الهجمة القوية على الفلسفة التي أقدم عليها الغزالي .فابن رشد يمثل محاولة رد
اعتبار الفلسفة بعد أن أصابها الغزالي في كتابه تهافت الفالسفة ووضع هذا الجهد في كتابه تهافت التهافت.
☆☆☆☆☆︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪☆☆☆☆☆☆
تقسيم الكتاب
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
على نحو ما فعل الغزالي في تهافت الفالسفة يقسم ابن رشد تهافت التهافت الي قسمين (االلهيات
والطبيعيات) يتناول فيهما المسائل العشرين التي تناولها أبو حامد ،من مسألة القدم والحدوث الي مسألة
الخلود ،ثم صدور الكثرة عن الواحد ،واالستدالل على وجود صانع العالم ،وفي ان هللا واحد ونفي الكثرة في
ذاته ثم الصفات :هل هي عين الذات ام غيرها؟ ومسألة الوحدانية ثم الوجود والماهية في الذات االلهية،
والتنزيه والتجسيم ،ثم الصانع ام الدهر؟ وبعد ذلك تأتي ثالث مسائل تحت عنوان في العلم االلهي :العلم
بالكليات ــ هل يعقل األول ذاته؟ ــ ثم العلم بالجزئيات .ثم تأتي مسألة طاعة السماء والغرض المحرك للسماء
واللوح المحفوظ ونفوس السماوات قبل أن ينتقل أبو الوليد الي مسائل الطبيعيات فيبحث في السببية ثم
روحانية النفس ومسألة الخلود ومسألة فناء النفوس البشرية وأخيرًا البعث :للنفوس ام لها ولالجساد.اذا كان
الغزالي يتساءل في خاتمة كتابه عما إذا كان الفالسفة الذين يتحدث عنهم كافرين ويقول :فإن قال قائل :قد
فصلتم مذاهب هؤالء افتقطعون القول بكفرهم ووجوب القتل لمن يعتقد اعتقادهم؟ فإنه يجيب :تكفيرهم ال بد
منه في ثالث مسائل احدها مسألة قدم العالم ،والثانية قولهم ان هللا ال يحيط علمًا بالجزئيات الحادثة من
األشخاص ،والثالثة في انكارهم بعث األجساد وحشرها ألن هذه المسائل الثالث ال تالئم اإلسالم بوجه
ومعتقدها معتقد كذب األنبياء .في المقابل يرى ابن رشد ان دين الفالسفة انما يقوم أصًال على اإليمان بوجود
هللا وعبادته وان مذهب السببية الذي ينقضه أبو حامد وينفيه ،انما هو المذهب الذي يوصل إلى معرفة هللا،
ومعرفة خلقه معرفة واقعية .اما بالنسبة إلى الكثير من المسائل المتعلقة بالتصورات الشعبية للدين ،فيجب
في رأي ابن رشد تفسيرها تفسيرًا روحيًا ال عقالنيًا ،ألن الغاية منها ،أصًال ،حث اإلنسان على اتباع سبيل
الفضيلة .فاإلنسان يبدأ ،دائمًا ،بأن يعيش معتقدات عامة ،قبل أن يعيش حياته الخاصة .ولكن حتى حين يصل
اإلنسان إلى هذا المستوي فإنه ،بدًال من أن يستخف بالمعتقدات التي كان يؤمن بها ،عليه ان يسعى إلى فهمها
فهمًا صحيحًا .ومن هنا واضح ان القضية األساسية التي تهيمن على تهافت التهافت وكذلك ،طبعًا ،على
تهافت الفالسفة ،انما هي قضية العالقة بين الدين والمجتمع كما طرحت في التاريخ العربي اإلسالمي ،كما
يذكرنا الجابري.
☆☆☆☆☆︎▪☆☆☆☆☆︎▪︎▪︎▪
تاريخ
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
لم ُيعرف تمامًا التاريخ الذي كتب فيه ابن رشد كتابه المهم هذا تهافت التهافت ولكن من المرجح ،بالنظر إلى
ما في هذا الكتاب من سعة اطالع ونضج تفكير بحسب الباحث االب يوحنا قمير في كتاب وضعه عن
التهافتين ،ال يمكن نسبة الكتاب الي عهد الشباب ،خصوصًا ان ابن رشد ال يذكره في كتابه فصل المقال كما
ال يذكره في مناهج األدلة الذي كتبه بعد فصل المقال وأنهاه في اشبيلية سنة 1179ــ .1180وعليه ــ ودائمًا
بحسب قمير ــ نستبعد تأليف تهافت التهافت قبل سنة ،1180وحينها كان ابن رشد في الرابعة والخمسين من
عمره.