Professional Documents
Culture Documents
مدى أخذ الشافعية في المصلحة المرسلة
مدى أخذ الشافعية في المصلحة المرسلة
االستدالل (املصلحة) هو :معنى مشعر باحلكم مناسب له فيام يقتضيه الفكر العقيل من غري
واالستدالل (املصلحة) املقبول هو املعنى املناسب الذي ال خيالف مقتضاه أصال من أصول
()1
الرشيعة.
وما ال يستند إىل أصل فهو استدالل خمتلف فيه ولكنهم ما اعتنوا إال بذكر املعاين فاكتفوا
بإطالقها عن ذكر أصوهلا وما تكلفوا مجعا وإن كان اجلمع معتربا باتفاق النظار واملسائل ال
تشهد بصورها ما مل تربط الفروع هبا والذي حتصل منهم التوصل إىل ابتغاء غلبة الظن يف بغية
()2
الشارع عىل أقىص اجلهد.
متكلمي األصحاب.
والثاين :جواز إتباع وجوه االستصالح واالستصواب قربت من موارد النص أو بعدت إذا مل
يصد عنها أصل من األصول الثالثة الكتاب والسنة واإلمجاع .ذهب إليه اإلمام إمام دار
اهلجرة مالك بن أنس حتى جره ذلك إىل استحداث القتل وأخذ املال بمصالح تقتضيها يف
غالب الظن وإن مل جيد لتلك املصالح مستندا إىل أصول ثم ال وقوف عنده بل الرأي رأيه ما
والثالث :هو املعروف من مذهب الشافعي ومعظم أصحاب أيب حنيفة :التمسك باملعنى وإن
()3
مل يستند إىل أصل عىل رشط قربه من معاين األصول الثابتة.
أدلة الشافعية
.1لو انحرصت مآخذ األحكام يف املنصوصات واملعاين املستثارة منها ملا اتسع باب
االجتهاد فإن املنصوصات ومعانيها املعزوة إليها ال تقع من متسع الرشيعة غرفة من
بحر ،ولو مل يتمسك املاضون بمعان يف وقائع مل يعهدوا أمثاهلا لكان [وقوفهم عن]
احلكم يزيد عىل جرياهنم وهذا [إذا] صادف تقريرا مل يبق ملنكري االستدالل
()6
مضطربا.
.2من سرب أحوال الصحابة ريض اهلل عنهم وهم القدوة واألسوة يف النظر مل ير لواحد
منهم يف جمالس االشتوار متهيد أصل واستثارة معنى ثم بناء الواقعة عليه ولكنهم
خيوضون يف وجوه الرأي من غري التفات إىل األصول كانت أو مل تكن ،فإذا ثبت
.3إذا استندت املعاين إىل األصول فالتمسك هبا جائز وليست األصول وأحكامها
حججا وإنام احلجج يف املعنى ثم املعنى ال يدل بنفسه حتى يثبت بطريق [إثباته]
وأعيان املعاين ليست منصوصة وهي [املتعلق] فقد خرجت املعاين عن ضبط
النصوص وهي متعلق النظر واالجتهاد وال حجة يف انتصاهبا إال متسك الصحابة
ريض اهلل عنهم بأمثاهلا وما كانوا يطلبون األصول يف وجوه الرأي فإن كان االقتداء
()6
هبم فاملعاين كافية وإن كان التعلق باألصول فهي غري دالة ومعانيها غري منصوصة.
.6حديث معاذ :قال له الرسول عليه السالم ملا بعثه إىل اليمن ["بم حتكم يا معاذ؟ "
قال :بكتاب اهلل ،قال" :فإن مل جتد؟ " ،قال :بسنة رسول اهلل ،قال" :فإن مل جتد؟ "،
قال :أجتهد رأيي ،فقال عليه الصالة والسالم" :احلمد هلل الذي وفق رسول رسوله
ملا يرضاه رسول اهلل"] وهو مدون يف الصحاح وهو متفق عىل صحته ال يتطرق إليه
التأويل ،فإنه ريض اهلل عنه انتقل من الوحي والتنزيل إىل سنة رسول اهلل صىل اهلل
عليه وسلم ثم انتقل منهام عند تقديره فقدمها إىل الرأي وال جيوز أن يقال :أراد بالرأي
رأي استنباط من كتاب اهلل تعاىل وسنة رسوله عليه السالم فإن ذلك لو كان عىل هذا
()7
الوجه لكان متعلقا بالكتاب والسنة.
« :إن الغاية القصوى يف جمال الظنون غلبتها متعلقة بقصد الشارع قال إمام احلرمني
واملصالح التي تعلق هبا صحب الرسول صىل اهلل عليه وسلم مل يصادفوا يف أعياهنم تنصيصا
من رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وختصيصا هلا بالذكر ولو صادفوا ذلك ملا كانوا متمسكني
بالنظر والرأي فإن معاذا حرب األمة مل يذكر الرأي يف القصة املشهورة إال بعد فقدان كل ما
يتعلق به من الكتاب والسنة وال نراهم كانوا يرون التعلق بكل مصلحة فالوجه يف حتسني
الظن هبم أهنم كانوا يعلقون األحكام بام يظنونه موافقا لقول الرسول عليه السالم يف منهاج
رشعه وكانوا يبغون ذلك يف مسالكهم وال يكاد خيفى عىل ذي بصرية أن الطرد والعكس
يغلب عىل الظن انتصاب اجلاري فيهام علام يف وضع الرشع فمن أنكر ذلك يف طرق الظنون
فقد عاند ،ومن ادعى أن الصحابة ريض اهلل عنهم كانوا يأبون التعلق بطريق يغلب عىل الظن
()8
مراد الشارع وكانوا خيصصون نظرهم بمغلب دون مغلب فقد ادعى بدعا».
« :ومن تتبع كالم الشافعي مل يره متعلقا بأصل ولكنه ينوط األحكام وقال إمام احلرمني
باملعاين املرسلة فإن عدمها التفت إىل األصول [مشبها] كدأبه إذ قال طهارتان فكيف يفرتقان؟
()9
وال بد يف التشبيه من األصل».
« :أن األشباه املغلبة عىل الظن وإن كانت ال تناسب األحكام فهي وقال إمام احلرمني
تناسب اقتضاء تشابه الفرع واألصل يف احلكم فهذا هو الرس األعظم يف الباب فكأن املعنى
مناسب للحكم من غري فرض ذكر أصل نظرا إىل املصالح الكلية واألصل يعني النحصار
املصلحة يف أصول الرشيعة فإن كل مصلحة ال تنتهض علة والشبه لو جرد ال يقتيض احلكم
علام وال ظنا وإذا ثبت التيمم فذكر احلدث يناسب مشاهبة الوضوء للتيمم والشبه من
رضروته مشبه ومشبه به واملعنى مستقل إذا ناسب اقتضاء احلكم لو ثبت االستدالل والقول
()10
به».
اخلالصة :
-الشافعية ينوط األحكام باملصلحة املرسلة إذا قرب من النصوص ،فهم يسلك مسلك
-املصلحة ينقسم إىل قسمني :املصلحة اخلاصة وهي ماليس هلا أصل وقرب من املعنى