You are on page 1of 20

‫ر‬

‫ماست الدبلوماسية الدينية ‪ -‬الفوج الخامس‬

‫عرض يف وحدة‪ :‬الدبلوماسية الدينية المغربية‬


‫تحت عنوان‪:‬‬

‫األمريك السنوي‬
‫ي‬ ‫التقرير‬

‫للحريات الدينية يف العالم‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬

‫د‪ .‬عبد هللا غلي‬ ‫‪ -‬عبدالحفيظ أوجيل‬

‫‪ -‬محمد توفيق مجاهد‬

‫‪ -‬جليل أقديم‬

‫‪ -‬عبد الحق الشبالوي‬

‫‪ -‬لحسن أبعمران‬

‫السنة الجامعية‪2024/2023 :‬‬

‫‪0‬‬
‫مقدمة‬
‫إن الحق في حرية الدين أو المعتقد في إطار منظومة حقوق اإلنسان يرتبط بحرية الفرد في اعتناق‬
‫ما يشاء من أفكار دينية أو غير دينيــة‪ ،‬فقد أشارت اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان في عام ‪ -1993‬وهي لجنة‬
‫تقوم باإلشراف على تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ -‬إلى أن المقصود بالدين أو‬
‫المعتقد يتمثل في "معتقدات في ماهية وجود هللا‪ ،‬أو في عدم وجوده أو معتقدات ملحدة‪ ،‬بجانب الحق في عدم‬
‫ممارسة أي دين أو معتقد"‪.‬‬
‫وقد أكدت األمم المتحدة على اهمية حرية الديانة أو المعتقد في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي‬
‫اعتمد عام ‪ ،1948‬حيث تنص المادة ‪ 18‬منه على أن‪.‬‬
‫" لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين‪ ،‬ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته‪،‬‬
‫وحرية اإلعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر‪ ،‬ومراعاتها‪ ،‬سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة"‪.‬‬
‫كما أقر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمدته الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫‪1‬‬
‫في عام ‪ ،1966‬بالحق في حرية الدين أو المعتقد وذلك من بين ما أقر به من حقوق وحريات‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 18‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أربع بنود بهذا الخصوص؛‬
‫وهي أن‪:‬‬
‫‪ .1‬لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما‪ ،‬وحريته‬
‫في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره‪ ،‬وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة‬
‫والتعليم‪ ،‬بمفرده أو مع جماعة‪ ،‬وأمام المأل أو بمفرده‪.‬‬
‫‪ . 2‬ال يجوز تعريض أي أحد إلكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما‪ ،‬أو في حريته في‬
‫اعتناق أي دين أو معتقد يختاره‪.‬‬
‫‪ . 3‬ال يجوز إخضاع حرية اإلنسان في إظهار دينه أو معتقده‪ ،‬إال للقيود التي يفرضها القانون والتي‬
‫تكون ضرورية لحماية السالمة العامة‪ ،‬النظام العام‪ ،‬الصحة العامة‪ ،‬اآلداب العامة أو حقوق اآلخرين‬
‫وحرياتهم األساسية‪.‬‬
‫‪ . 4‬تتعهد الدول األطراف في هذا العهد باحترام حرية اآلباء‪ ،‬أو األوصياء عند وجودهم‪ ،‬في تأمين‬
‫تربية أوالدهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة‪.‬‬
‫وقد اعتمد المغرب سنة ‪ ، 2011‬دستورا يتوخى أن يكون ضامنا للحريات وخصص لها بابا كامال‪،‬‬
‫كما تضمن اعترافا صريحا بسمو االتفاقيات والعهود الدولية على القوانين الداخلية للبالد ‪ ،‬ال سيما تلك‬
‫‪2‬‬
‫المتعلقة بحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫أما الدستور المصري فهو يقر في المادة الثانية عشرة منه (المادة السادسة واألربعين في دستور ‪)2007‬‬
‫على أن الدولة تكفل حرية االعتقاد وحرية العبادة وفي الوقت ذاته حافظ على نص المادة الثانية من الدستور‬

‫‪ 1‬االعالن العالمي لحقوق االنسان‪ ،‬اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة ‪ 217‬الف ‪،‬في ‪ 10‬دجنبر ‪1948‬‬
‫‪ 2‬لفقرة ما قبل األخيرة من ديباجة دستور ‪ ،2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪ .2011‬الظهير الشريف‬
‫عدد ‪ 1,11,91‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬بتنفيذ نص الدستور‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫السابق والتي تنص على أن اإلسالم دين الدولة وتضيف أن مبادئ الشريعة اإلسالمية هي المصدر الرئيسي‬
‫‪1‬‬
‫للتشريع ‪.‬‬
‫وضمانا لهذا الحق وتتبعا لهذه االلتزامات الدولية يتم إعداد التقرير االمريكي للحريات الدينية حيث‬
‫ترفع وزارة الخارجية التقرير السنوي الى الكونغرس امتثاالً للقسم ‪ )b(102‬من قانون الحرية الدينية الدولية‬
‫لعام ‪ 1998‬بصيغته ال ُمعدَّلة‪.‬‬
‫وتعد السفارات األمريكية المسودات األولية للتقارير القطرية بنا ًء على معلومات من مسؤولين‬
‫حكوميين‪ ،‬وجماعات دينية‪ ،‬ومنظمات غير حكومية‪ ،‬وصحفيين‪ ،‬ومراقبي حقوق اإلنسان‪ ،‬وأكاديميين‪،‬‬
‫ووسائل اإلعالم‪ ،‬وغيرهم‪ .‬ويتعاون مكتب الحرية الدينية الدولية‪ ،‬ومقره واشنطن‪ ،‬في جمع وتحليل‬
‫المعلومات اإلضافية‪ ،‬باالعتماد على مشاوراته مع المسؤولين الحكوميين األجانب‪ ،‬والجماعات الدينية‬
‫المحلية واألجنبية‪ ،‬والمنظمات غير الحكومية المحلية واألجنبية‪ ،‬والمنظمات متعددة األطراف وغيرها من‬
‫المنظمات الدولية واإلقليمية‪ ،‬والصحفيين‪ ،‬والخبراء األكاديميين‪ ،‬وقادة المجتمع‪ ،‬وغير ذلك من المؤسسات‬
‫الحكومية األمريكية ذات الصلة‪.‬‬
‫‪-‬أهداف الموضوع ‪:‬‬
‫إبراز نتائج التقارير األمريكية السنوية للحريات الدينية في بعض البلدان‪.‬‬
‫جلب مرتكزات وابعاد هذه التقارير إلى دائرة الضوء‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تأتي أهمية الموضوع من خالل ما تثيره هذه التقارير من شجب أو ارتياح من دول العالم‪.‬‬
‫‪-‬الفرضيات‪:‬‬
‫مدى مطابقة التقارير األمريكية حول الحريات الدينية لواقع الدول المستهدفة‪.‬‬
‫مدى وجود انتقائية في اختيار دول دون أخرى ( حالة الكيان اإلسرائيلي)‪.‬‬
‫عالقة التقارير الخاصة بالعالم االسالمي بمشروع الشرق االوسط الكبير‪.‬‬
‫‪-‬الصعوبات‪:‬‬
‫قلة المراجع األكاديمية بالعربية التي تعنى بدراسة الخلفيات الثقافية والتاريخية واإليديولوجية لهكذا‬
‫التقرير‪.‬‬
‫‪-‬المنهج‪:‬‬
‫اعتمدنا المنهج االستقرائي لجمع وتصنيف المعطيات والمنهج الوصفي التحليلي لدراستها ‪.‬‬

‫‪ 1‬صدر بمقتضى االستفتاء المصري بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪ 2011‬والمعلن عن نتائجه يوم ‪ 20‬مارس ‪2011‬‬

‫‪2‬‬
‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫ال شك ان المتابع للتقارير ال يتراءى له اال احكام وردود ‪ .‬لذا كان لزاما التساؤل عن القيمة العلمية لهذه‬

‫التقارير‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ومرتكزات تقريرها السنوي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات في العالم‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مرتكزات التقرير ودوره في دعم السياسة الخارجية األمريكية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬توصيات التقرير األمريكي دراسة في نماذج لدول عربية‪ :‬المغرب ومصر‬

‫المطلب األول‪ :‬اختالف وضعية الحرية الدينية بالمغرب حسب التقارير األمريكية السنوية‬

‫للحريات الدينية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقرير اللجة األمريكية لدولة مصر ما قبل الربيع العربي وبعد الربيع العربي‬

‫خاتمة‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ومرتكزات تقريرها السنوي‪.‬‬
‫تتعدد المؤسسات واللجان والمنظمات األمريكية التي تصدر تقارير سنوية في شتى المجاالت‬
‫كاالقتصاد والسياسة والدين‪...‬وغيرها‪ ،‬وبعض هذه التقارير ينشر للعموم وبشكل دوري او سنوي‪،‬‬
‫وبعضها اآلخر ال يخرج من دهاليز وأروقة البيت األبيض‪ ،‬ومن بين هذه المؤسسات واللجان نجد لجنة‬
‫الواليات المتحدة لحرية الديانات والتي تصدر تقريرا سنويا حول حرية التدين في العالم‪ ،‬مرتكزة على عدة‬
‫معايير ومؤشرات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات في العالم‬


‫(‪U.S. Commission on International Religious Freedom )USCIRF‬‬

‫تعتمد الواليات المتحدة األمريكية في تقييم سياسات الدول وتوجهاتها‪ ،‬ومراقبة التطورات في كل‬
‫أقطار العالم‪ ،‬على العديد من اآلليات بوصفها أقوى دولة في العالم‪ ،‬بل هي شرطي العالم كما يصفها بعض‬
‫المحللين‪ ،‬ومن بين هذه اآلليات ‪ ،‬اعتماد لجان متخصصة‪ ،‬في كل مجال‪ ،‬ومن بين هذه اللجان نجد لجنة‬
‫الواليات المتحدة حول حرية الديانات في العالم ‪U.S. Commission on International Religious‬‬
‫‪ Freedom‬والمعروفة اختصارا (‪ )USCIRF‬والتي تصدر تقريرا سنويا حول مدى احترام دول العالم‬
‫للحريات الدينية‪ ،‬هذا التقرير الذي يصنف الدول إلى دول " ذات اهتمام خاص" أو مثيرة للقلق وقائمة‬
‫المراقبة الخاصة‪.‬‬

‫فما هي هذه اللجنة؟ وما هي أدوارها؟ وما هي تصنيفاتها؟‬

‫لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات في العالم هي لجنة حكومية اتحادية أمريكية مستقلة‬
‫مكونة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تم إنشاؤها بموجب قانون الحرية الدينية الدولية (‪ )IRFA‬لعام‬
‫‪ 1998‬الذي يراقب الحق العالمي في حرية الدين أو المعتقد في الخارج‪ .‬وتستخدم هذه اللجنة المعايير الدولية‬
‫لرصد انتهاكات الحرية الدينية على مستوى العالم‪ ،‬وتقدم توصيات سياسية إلى الرئيس ووزير الخارجية‬
‫والكونغرس‪.‬‬

‫وهي كيان حكومي فيدرالي مستقل يضم الحزبين‪ ،‬في حين أن مكتب الحرية الدينية الدولية (‪)IRF‬‬
‫ضا في إطار ‪ - IRFA‬هو جزء من وزارة الخارجية األمريكية‪ .‬تصدر هذه اللجنة‬
‫‪ -‬الذي تم إنشاؤه أي ً‬
‫ووزارة الخارجية تقارير سنوية حول الحرية الدينية الدولية‪ ،‬ولكن لكل منهما أغراض مختلفة‪ ،‬حيث يوثق‬
‫تقرير وزارة الخارجية انتهاكات الحرية الدينية في كل دولة في العالم‪ ،‬ويوصي التقرير السنوي للجنة‪،‬‬
‫بموجب القانون‪ ،‬بتسمية البلدان على أنها "دول ذات أهمية خاصة" والتي يجب على السلطة التنفيذية أخذها‬
‫ضا بلدانًا مختارة‪ ،‬وبينما يوثق االنتهاكات أي ً‬
‫ضا‪ ،‬فإنه يقدم توصيات سياسية‬ ‫في االعتبار‪ .‬ويتناول التقرير أي ً‬

‫‪4‬‬
‫ضا على فعالية جهود وزارة الخارجية لتعزيز‬
‫إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة‪ ،‬ويعلق التقرير أي ً‬
‫‪1‬‬
‫الحرية الدينية الدولية‪.‬‬

‫تعرف اللجنة األمريكية للحريات الدينية (‪ )USCIRF‬انتهاكات الحرية الدينية وهل تحاول فرض‬
‫كيف ّ‬
‫القيم األمريكية أو المفهوم األمريكي للفصل بين الكنيسة والدولة على البلدان األخرى؟‬

‫تراقب ‪-‬لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية‪ -‬الحرية الدينية من خالل عدسة المعايير الدولية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬مثل تلك الموجودة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية‪ ،‬من خالل االعتماد على معايير حقوق اإلنسان الدولية كما هو محدد في قانون الحرية‬
‫الدينية الدولية‪ ،‬فإن لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية ال تحاول فرض القيم األمريكية على الدول‬
‫األخرى‪ ،‬بل تدرس تصرفات الحكومات األجنبية ضد هذه المعايير العالمية والتزاماتها الدولية التي تعهدت‬
‫‪2‬‬
‫بها بحرية‪.‬‬

‫من خالل التعريف بلجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية‪ ،‬ومرجعيتها المستقاة من القانون الدولي‬
‫واالتفاقيات الدولية‪ ،‬وعدم ارتباطها بحزب معين جمهوري أو ديموقراطي أو بمؤسسة معينة‪ ،‬يتضح أنها‬
‫آلية وضعت لتستمر وتشتغل بنفس األسلوب‪ ،‬في ارتباطها مع اإلدارة األمريكية‪ ،‬مهما تغير الرؤساء أو‬
‫الحزب الحاكم في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫ما هي "الدول ذات االهتمام الخاص" ‪ )CPCs( countries of particular concern‬؟‬

‫وما هي الئحة المراقبة الخاصة )‪ Special Watch List (SWL‬؟‬

‫يطلب قانون الحرية الدينية الدولية من الرئيس‪ ،‬الذي فوض هذه المهمة إلى وزير الخارجية‪ ،‬أن‬
‫يعين "الدول ذات االهتمام الخاص"‪ ،‬تلك البلدان التي ترتكب انتهاكات منهجية ومستمرة وفاضحة للحرية‬
‫الدينية‪ .‬وفقًا لقانون الحرية الدينية الدولي ـ (‪ ،)IRFA‬بالنسبة للبلدان التي تم تصنيفها كدول مثيرة للقلق‬
‫الشديد‪ ،‬يوفر قانون الحرية الدينية الدولي لوزير الخارجية مجموعة من خيارات السياسة المرنة والمحددة‬
‫(يشار إليها باسم اإلجراءات الرئاسية) لمعالجة االنتهاكات الخطيرة للحرية الدينية‪ .‬وال يتم فرض هذه‬
‫‪3‬‬
‫الخيارات‪ ،‬التي يمكن أن تشمل العقوبات أو التنازل عن اإلجراءات‪ ،‬تلقائيًا‪.‬‬

‫‪ 1‬الموقع الرسمي للجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ‪-‬صفحة أسئلة متكررة‪https://www.uscirf.gov -‬‬
‫‪ 2‬الموقع الرسمي للجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ‪-‬صفحة أسئلة متكررة‪https://www.uscirf.gov -‬‬
‫‪ 3‬المصدر نفسه‬

‫‪5‬‬
‫وفي تقريرها لسنة ‪ 2022‬أوصت لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية بتصنيف الدول الخمسة عشر‬
‫التالية ضمن الدول ذات االهتمام الخاص والمثيرة للقلق وهي‪:‬‬

‫أفغانستان‪ ،‬بورما‪ ،‬الصين‪ ،‬إريتريا‪ ،‬الهند‪ ،‬إيران‪ ،‬نيجيريا‪ ،‬كوريا الشمالية‪ ،‬باكستان‪ ،‬روسيا‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬سوريا‪ ،‬طاجيكستان‪ ،‬تركمانستان‪ ،‬وفيتنام‪.‬‬

‫أما قائمة المراقبة الخاصة (‪ )SWL‬فهي مخصصة للبلدان التي تتورط حكوماتها أو تتسامح مع‬
‫االنتهاكات الجسيمة للحرية الدينية‪ ،‬ولكنها ال ترقى إلى مستوى االنتهاك "المنهجي والمستمر والفظيع"‪.‬‬

‫وقد صنف تقرير اللجنة سنة ‪ 2022‬اثنا عشر دولة ضمن هذه الالئحة وهي‪ :‬الجزائر وأذربيجان وجمهورية‬
‫إفريقيا الوسطى وكوبا ومصر وإندونيسيا والعراق وكازاخستان وماليزيا ونيكاراغوا وتركيا وأوزبكستان‪.‬‬

‫أنشطة لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية‪:‬‬

‫✓ إصدار تقرير سنوي‪ :‬وفقًا لتفويض الكونجرس‪ ،‬متا ًح في نسخة ورقية وعلى الموقع الرسمي‬
‫للجنة‪.‬‬
‫✓ زيارة بلدان في جميع أنحاء العالم لفحص ظروف الحرية الدينية بشكل مباشر ووضع توصيات‬
‫سياسية أكثر تحديدًا للعمل األمريكي‬
‫✓ اإلدالء بشهادتها في جلسات استماع الكونجرس حول العديد من المواضيع بما في ذلك حماية‬
‫الحرية الدينية الدولية‬
‫✓ المشاركة على المستوى الدولي في االجتماعات المتعددة األطراف المتعلقة بالحرية الدينية بما في‬
‫ذلك في األمم المتحدة ومنظمة األمن والتعاون (‪ )OSCE‬في أوروبا‬
‫✓ تسليط الضوء على قضايا الحرية الدينية من خالل وسائل اإلعالم‬
‫✓ إصدار التقارير‪ :‬بخالف التقرير السنوي‪ ،‬تنشر ‪ USCIRF‬تقارير خاصة حول موضوعات‬
‫الحرية الدينية‪.‬‬
‫تعتبر لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية‪ ،‬آلية ذات بعد استراتيجي في السياسة الخارجية األمريكية‪،‬‬
‫ولها األثر الكبير على المستوى السياسي دوليا نظرا لمهامها وأدوارها وتقاريرها البالغة األهمية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مرتكزات التقرير ودوره في دعم السياسة الخارجية األمريكية‬
‫كانت والزالت العوامل المؤثرة والحاسمة في السياسة الخارجية األمريكية اتجاه قضايا دول العالم‬
‫وخصوصا منها تلك التي تعتبر متخلفة‪ ،‬انطالقا من مرحلة ما بعد الحرب الباردة حبيسة البيئة الداخلية‬
‫للقرارات الصانعة لهذه السياسة‪ ،‬وقد ساهمت التطورات واألحداث التي شهدها العالم في الفترة األخيرة في‬
‫ترجيح تقرير السياسة الخارجية األمريكية في قضايا متعددة على حساب تقارير بعض المنظمات الدولية‬
‫الفاعلة‪ .‬حيث أصبحت أمريكا تصنع الحدث وتترك للعالم أن يرد بأفعال عليها‪ ،‬كما أنها من خالل ردود‬
‫األفعال هذه تحاول تقييم استراتيجيتها السياسية ومدى جدواها‪.‬‬
‫وفي ضوء هذه السياسة األمريكية التي تنطلق أساسا من خدمة المشروع القومي األمريكي يأتي‬
‫التقرير السنوي األمريكي للحريات الدينية في العالم‪ ،‬والذي تضغط من أجله على سياسات الدول األخرى‪.‬‬
‫يقول الدكتور محمد عمارة‪" :‬في أكتوبر سنة ‪1998‬م أصدر الكونجرس األمريكي (قانون الحريات الدينية‬
‫في العالم)‪ ،‬وهو القانون الذي مهد له‪ ،‬وسعى إلى إصداره أركان األصولية الصهيونية واليمين الديني‬
‫اإلنجيلي –المسيحية الصهيونية‪ -‬في الواليات المتحدة األمريكية‪ ...‬بهذا القانون أعطت أمريكا نفسها حق‬
‫مراقبة الحريات الدينية في العالم‪ ،‬وإصدار األحكام األمريكية على الدول واألمم والحضارات‪ ،‬بل وتوقيع‬
‫العقوبات؛ أي الحق في اغتصاب الشرعية الدولية‪ ،‬وسلطان األمم المتحدة‪ ،‬والمجلس األممي لحقوق‬
‫اإلنسان"(‪.)1‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق يأتي السؤال المركزي التالي‪ :‬ما مدى جدوى هذا التقرير األمريكي في ظل‬
‫وجود قانون دولي عام‪ ،‬ومنظمات دولية رسمية تقوم بتقييم األوضاع الحقوقية والحريات العامة في العالم؟‬

‫لإلجابة عن هذا السؤال البد من معرفة المرتكزات التي يقوم عليها هذا التقرير‪ ،‬واألهداف التي‬
‫يسعى إلى تحقيقها‪ ،‬خصوصا إذا علمنا أن أمريكيا ليست إال دولة مثلها مثل باقي الدول األخرى ينبغي أن‬
‫تخضع لمقررات منظمة األمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها‪.‬‬
‫إن من أهداف التقرير األمريكي حول الحريات الدينية في العالم هي إرساء أنظمة ديموقراطية شكليا‬
‫ال فعليا‪ ،‬تحافظ من خاللها أمريكا على مصالحها‪ ،‬وتضمن تجديد والءات المجتمعات السياسية والمدنية‬
‫الجديدة‪ .‬وتفرض داخل المجتمعات‪ ،‬أشكاال من التنميط والمطابقة مع قيم ونظم وأنماط الغرب‪ ،‬لتكرس‬
‫االستالب الحضاري تحت مظلة ما يسمى ب "التثاقف"‪ .‬ومن أهدافه أيضا صناعة نمط من التدين الشعبي‪،‬‬
‫لتشجيع مجموعة من الدول على تطبيع عالقاتها مع الكيان الصهيوني‪ .‬إذ "يتماهى الموقف‬
‫األمريكي مع اإلسرائيلي حدّ التطابق"(‪ .)2‬وهذا يدل على أهمية "البعد الديني ودوره في كسب‬
‫تعاطف األمريكيين حكومة وشعبا مع اليهود ودولة إسرائيل"(‪.)3‬‬
‫ويرتكز التقرير في استقاء المعلومات على مسودات التقارير التي تعدها السفارات‬
‫األمريكية انطالقا من تصريحات المسؤولين الحكوميين للدول التي تشتغل بها‪ ،‬وكذا من بيانات‬
‫الحركات الدينية‪ ،‬باإلضافة إلى تقارير بعض المنظمات غير الحكومية‪ ،‬واعتمادا أيضا على ما ينشر في‬

‫(‪ )1‬محمد عمارة‪ ،‬االستغالل األمريكي لألقليات‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2011/1‬م‪ .‬ص‪.3 :‬‬

‫(‪ )2‬ناصيف ياسين‪ ،‬اإلرهاب األمريكي المعولم‪ ،‬دار الفرابي‪ ،‬دون ذكر تاريخ وسنة النشر‪ .‬ص‪.27 :‬‬
‫(‪ )3‬يوسف العاصي طويل‪ ،‬البعد الديني لعالقة امريكا باليهود وإسرائيل وأثره على القضية الفلسطينية خالل فترة (‪،)2009-1948‬‬
‫مكتبة حسن العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2014/1‬م‪ .‬ص‪13 :‬‬

‫‪7‬‬
‫وسائل اإلعالم المحلية‪ ،‬باإلضافة إلى الدراسات األكاديمية المنجزة حول الحرية الدينية‪ ،‬إلى غير ذلك‪ .‬ثم‬
‫يتم التنسيق والتعاون مع مكتب الحرية الدينية الدولية التابع لوزارة الخارجية األمريكية بواشنطن‪.‬‬
‫يقول الدكتور محمد عمارة‪" :‬دأبت الحكومة األمريكية بواسطة وزارة خارجيتها على إصدار‬
‫التقارير السنوية ونصف السنوية حول الحريات الدينية في العالم‪ ،‬بناء على المعلومات التي تجمعها‬
‫السفارات األمريكية‪ ،‬والمنظمات األمريكية‪ ،‬ومنظمات المجتمع المدني التي تمولها أمريكا‪ ،‬وبعض سفارات‬
‫الدول الغربية‪ ،‬والعمالء المتعاونون مع أمريكا"(‪.)1‬‬
‫وكعادته دائما ما يتضمن التقرير إدانات للعديد من الدول ويتهمها بالتحيز الديني أو يتهم بعض‬
‫األنظمة بتبني اإلرهاب والتطرف‪ ،‬داعيا رؤساء أمريكا إلى اتخاذ خطوات جريئة لحماية الحريات الدينية‬
‫في العالم‪ ،‬وفرض عقوبات على الدول التي تتورط في انتهاكات بهذا الخصوص‪ ،‬لضمان حقوق األقليات‬
‫الدينية‪ ،‬في مقابل إظهار أمريكا على أنها الحامي والضامن الرئيسي لهذه الحقوق‪ ،‬علما ما ارتكبته من‬
‫خروقات في هذا الباب خطير جدا‪ ،‬يقول ناصيف ياسين‪" :‬خاضت الواليات المتحدة (‪ )140‬حربا عدوانية‬
‫باسم الدور الرسالي األخالقي‪ ،‬خالل القرنين الماضيين‪ ،‬خارج حدودها"(‪.)2‬‬
‫وتكمن خطورة هذا التقرير في كونه يعتبر األساس الذي تنبني عليه عالقات الدول الغربية وفي‬
‫مقدمتها أمريكا مع باقي دول العالم األخرى‪ ،‬بل األدهى من ذلك أن هذا التقرير كان ذريعة لفرض عقوبات‬
‫اقتصادية على بعض الدول‪ .‬وهكذا يعتبر هذا التقرير بمثابة سالح سياسي أمريكي لتوسيع قاعدة األقليات‬
‫الدينية في العديد من الدول وتوظيفها كورقة رابحة في دعم السياسة اإلمبريالية األمريكية‪ ،‬وفي كل ذلك‬
‫يظهر عدم احترام الخصوصيات الدينية والثقافية للشعوب األخرى‪.‬‬
‫إن التقرير األمريكي مبني على خطط محكمة لتوجيه اإلدارة األمريكية نحو التعامل مع بعض دول‬
‫العالم وخصوصا منها الدول اإلسالمية والتحكم في سياساتها الدينية والتعليمية‪ ،‬من خالل رصد كل الموارد‬
‫واالستراتيجيات الكفيلة بتحقيق ذلك معتمدة على شركائها من منظمات وجمعيات ممولة من الخزينة‬
‫األمريكية‪ ،‬حيث يتم تقسيم المجتمعات الدينية إلى جماعات أصولية وأخرى تقليدية‪ ،‬ثم حداثية وعلمانية‪.‬‬
‫ومن خالل هذا التقسيم يتم انتقاء بعض الجماعات للتحالف معها وتوظيفها لتحقيق االستراتيجية األمريكية‬
‫في السياسة الخارجية‪.‬‬
‫فإذا أخذنا نموذج العالم اإلسالمي نجد أن أمريكا تسعى جاهدة إلى نزع الهوية اإلسالمية عن الشعوب‬
‫اإلسالمية‪" ،‬عبر المناهج الدراسية والتلقين اإلعالمي الكثيف‪ ،‬وغرس تربية جاهلية بديلة‪ ،‬أمريكية األنماط‬
‫واألذواق‪ ،‬وفرض هزيمة معنوية وشعور باليأس واستسالم العدو‪ ،‬بل وإعجاب برؤيته المادية النفعية‬
‫الصرفة للحياة والوجود‪ ،‬ولوظيفة اإلنسان في العالم"(‪.)3‬‬
‫فمن خالل التقارير الموجهة مثال للعالم اإلسالمي‪ ،‬يتم صناعة جماعات متطرفة وتمويلها من أجل‬
‫إيجاد سبب للتدخل في الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬ثم بعد ذلك يتم خلق صراع وهمي مع جماعات أخرى بدعوى‬
‫العمل على بناء شبكات مسلمة معتدلة‪ .‬كما يتم توظيف التعليم‪ ،‬كذريعة لتوجيه االختيارات الدينية للشعوب‪،‬‬
‫حيث تتم التوصية بتغيير البرامج الدراسية التي تستخدم نصوص دينية راديكالية وذلك لنشر القيم‬
‫الديموقراطية‪ ،‬ومبادئ التعددية الدينية والثقافية‪ .‬كما يتم توجيه وسائل اإلعالم من خالل تمويل‬

‫(‪)1‬محمد عمارة‪ ،‬االستغالل األمريكي لألقليات‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2011/1‬م‪ .‬ص‪.4 :‬‬
‫(‪)2‬ناصيف ياسين‪ ،‬اإلرهاب األمريكي المعولم‪ ،‬دار الفرابي‪ ،‬دون ذكر تاريخ وسنة النشر‪ .‬ص‪.354 :‬‬

‫(‪ )3‬عماد الدين خليل‪ ،‬أمريكا مرة أخرى‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬ط‪2006/1‬م‪ .‬ص‪.15 :‬‬

‫‪8‬‬
‫برامج إذاعية وتلفزية تبرز نوع جديد من التدين الشعبي‪ .‬باإلضافة إلى الدعوة إلى المساواة بين الجنسين‬
‫في بعض القضايا المتعلقة باألحوال الشخصية والتي مستمدها من الشرع واستبدالها بقوانين مدنية وضعية‪.‬‬
‫وكل ذلك بتشجيع التيارات الدينية التي توافق رؤيتها االستراتيجية األمريكية‪ ،‬ودعمها للوصول إلى السلطة‬
‫لتقطع الطريق على التيارات األخرى المعادية ألمريكا وسياساتها‪.‬‬
‫ومن األهداف األساسية للتقرير األمريكي هو رسم التغيرات الدينية واالجتماعية المحددة سلفا من‬
‫طرف صناع القرار السياسي األمريكي انطالقا من التصور المستقبلي‪ ،‬بدراسة هذه التغيرات قبل حدوثها‬
‫معتمدة في ذلك على دراسات وتقارير مراكز البحث االستراتيجية األمريكية والغربية‪ .‬يقول توماس‬
‫ميدفيتز‪" :‬وعلى مستوى أوسع‪ ،‬أصبحت مراكز األبحاث عنصرا ثابتا في مشهد صنع القرار السياسي‬
‫الوطني عن طريق المساعدة في إشباع ما اطلقت عليه صحيفة واشنطن بوست ذات يوم (الحاجة اليومية‬
‫الملحة لتوفير الغذاء لجلسات االستماع وللخطابات ومطحنة السياسة التي ال ترحم"(‪.)1‬‬
‫وتسعى أمريكا من خالل هذا التقرير إلى الدفع باستراتيجية الفوضى الخالقة التي تمكنها من السيطرة‬
‫على بعض الدول خصوصا الشرق‪-‬أوسطية باعتبار أن االستقرار يمثل عقبة أمام تحقيق المصالح األمريكية‪،‬‬
‫والفوضى تدعو إلى الحضور األمريكي المستمر في المنطقة‪ .‬يقول أحد كبار السياسيين األمريكيين‪" :‬تنزلق‬
‫أمريكا في حفرة تختفي فيها الحريات المدنية‪ .‬وقد تحتوي الئحة القتل الرسمية اليوم في معظمها مسلمين"(‪.)2‬‬
‫كما توظف ما يسمى باستراتيجية الحرب االستباقية التي تعمل من خاللها الدوائر السياسية األمريكية على‬
‫استباق ظهور التهديدات الكاملة بتسديد ضربة إليها‪.‬‬
‫إن التقرير األمريكي هذا يطمح إلى التأثير والضغط على الدول المستهدفة وقد أصبحت أكثر فعالية‬
‫في نشر الحلول السياسية لصناع القرار األمريكيي‪ .‬ويرتبط تأثير التقرير في صنع وتوجيه السياسة‬
‫الخارجية بتأثير األفكار والتوجهات الفكرية على العملية السياسية انطالقا ً من التوصيات الصادرة عنه‪.‬‬
‫فدوره يتمثل في توجيه مسار األحداث من خالل تأثيرها على صانع القرار والرأي العام في هذه الدول‬
‫المعنية بهذا التقرير‪.‬‬
‫إن ما تقوم به أمريكا من انفراد باتخاذ القرارات وإصدار التقارير الخاصة في حق الدول األخرى‬
‫ما هو إال انعكاس للتطورات الدولية الراهنة التي يمر بها المجتمع الدولي في الوقت الراهن‪ ،‬والتي تدل على‬
‫انفراط العقد الدولي‪ ،‬وجنوح األعضاء في التنظيم الدولي الحالي إلى التحلل من القيم والمبادئ الدولية‬
‫الراسخة التي أرساها ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬واألعراف واألخالق الدولية‪.‬‬
‫وإذا كانت أمريكا تدعو الدول األخرى إلى احترام األقليات الدينية وإعطاء مساحة أوسع للحريات‬
‫الدينية‪ ،‬فإنها هي نفسها متهمة بارتكاب خروقات‪ ،‬بل جرائم في هذا الباب‪ ،‬يقول عماد الدين خليل‪" :‬ولقد‬
‫كشفت الدراسة التي قام بها المعهد العربي في الواليات المتحدة األمريكية عن أن ‪ %58‬من األقليات العربية‬
‫والمسلمة هناك تتعرض للتحقيق والمالحقة‪ ،‬ونظرات الكراهية والتشكيك من قبل أجهزة األمن ورموز‬
‫النظام‪ .‬وقد كشف تقرير نشرته منظمة هيومان راتس ووتش األمريكية لحقوق اإلنسان عن أن االعتداءات‬
‫على المسلمين والعرب في الواليات المتحدة األمريكية قد ارتفعت"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬توماس ميدفيتز‪ ،‬مراكز البحث في امريكا‪ ،‬ترجمة‪ :‬نشوى ماهر كرم هللا‪ ،‬منتدى العالقات العربية الدولية‪ ،‬ط‪2015/1‬م‪ .‬ص‪.22 :‬‬
‫(‪ )2‬بول فندلي‪ ،‬مذكرات بول فندلي –أمريكا في خطر‪ ،-‬ترجمة‪ :‬انطوان باسيل‪ ،‬شركة المطبوعات للتوزيع والنشر‪ ،‬بيروت‬
‫ط‪2011/1‬م‪ .‬ص‪.361 :‬‬
‫(‪)3‬عماد الدين خليل‪ ،‬أمريكا مرة أخرى‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬ط‪2006/1‬م‪ .‬ص‪.37 :‬‬

‫‪9‬‬
‫بل إن تقرير منظمة العفو الدولية للعام ‪ 23/2022‬يدين أمريكا‪ ،‬وقد جاء فيه أنه "قد يكون العام‬
‫‪ 2022‬نقطة تحول في النظام الدولي‪ ،‬فقد شهد بالفعل تجديدا لحلف األطلسي مع مستوى من التعاون بين‬
‫الواليات المتحدة األمريكية وغيرها من القوى الغربية كان من الصعب تخيله قبل عام‪ ،‬في اعقاب االنسحاب‬
‫الفوضوي من أفغانستان عام ‪ .2021‬إال أن العام لم يشهد نقطة تحول على صعيد حقوق اإلنسان‪ ،‬بل استمر‬
‫التدهور دون رادع‪ ".‬وقد أكد التقرير أنه "كان من شأن رد الغرب على الغزو الروسي ألوكرانيا أن يؤكد‬
‫مجددا المعايير المزدوجة التي يتبناها هذا الغرب‪ ،‬وردود األفعال غير المنطقية على كثير من االنتهاكات‬
‫األخرى لميثاق األمم المتحدة"(‪ .)1‬بل سيتم توجيه اتهام مباشر وبعابرة صريحة إلى أمريكا باضطهاد األقليات‬
‫باإلشارة إلى أنه "في الواليات المتحدة أيضا‪ ،‬أشارت البيانات العامة التي توفرت بشكل محدود إلى تضرر‬
‫األشخاص السود على نحو غير متناسب من استخدام الشرطة للقوة المميتة"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬تقير منظمة العفو الدولية للعام ‪ ، 23/2022‬حالة حقوق اإلنسان في العالم‪ ،‬منشورات منظمة العفو الدولية‪ ،‬لندن‪ ،‬المملكة المتحدة‪،‬‬
‫ط‪ .2023/1‬ص‪.9-8 :‬‬
‫(‪ )2‬تقير منظمة العفو الدولية للعام ‪ ، 23/2022‬حالة حقوق اإلنسان في العالم‪ ،‬منشورات منظمة العفو الدولية‪ ،‬لندن‪ ،‬المملكة المتحدة‪،‬‬
‫ط‪ .2023/1‬ص‪.37 :‬‬

‫‪10‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬توصيات التقرير األمريكي دراسة في نماذج لدول عربية‪ :‬المغرب ومصر‬
‫تصدر تقارير دورية كل سنة حول الحريات الدينية في العالم من قبل اللجنة األمريكية للحريات الدينية‪،‬‬
‫ويشمل هذا التقرير حوالي ‪ 200‬دولة في العالم‪ ،‬وأبرزها دول شرق األوسط وشمال إفريقيا وآسيا‪ ،‬وفي الغالب‬
‫الدول التي ال تتماشى مع السياسة األمريكية كالصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وغيرها‪ ،‬وقد اخترنا أن‬
‫نتناول نموذجين من الدول العربية‪ ،‬وهما المغرب ومصر‪.‬‬

‫سنتناول في هذا المبحث الحديث عن التقرير األمريكي لحرية الدين حول وضعية الحرية الدينية لدولة‬
‫المغرب وذلك من خالل المطلب األول‪ ،‬أما المطلب الثاني سنتناول الحديث عن تقرير اللجة األمريكية ما قبل‬
‫الربيع العربي وبعد الربيع العربي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اختالف وضعية الحرية الدينية بالمغرب حسب التقارير االمريكية السنوية‬

‫للحريات الدينية‪.‬‬
‫أصبح الدين موجها عاما للمجتمعات ومحددا أو دافعا في الوقت ذاته‪ ،‬وهو يعد أحد المتغيرات التي‬
‫تؤثر على السياسات األمريكية‪ ،‬سواء منها السياسات الداخلية او الخارجية التي أصبحت تهتم بالحرية الدينية‬
‫بالموازاة مع باقي الحريات‪ ،‬ولقد ش ّكل موضوع الحريات الدينية جوهرا لتقارير أمريكية تصدر كل سنة ترصد‬
‫فيها وضعية الحرية الدينية الخاصة بكل بلد‪ ،‬ومن بينها المغرب‪.‬‬

‫لقد أصدرت الخارجية األمريكية عدة تقارير سنوية تتحدث عن الحرية الدينية في المغرب‪ ،‬وبعد‬
‫الحديث عن انتهاكات للحرية الدينية في تقارير سابقة‪ ،‬فإن المغرب قد غاب من الئحة الخارجية األمريكية للدول‬
‫المنتهكة للحريات الدينية في تقرير ‪.2023‬‬

‫أوال‪ :‬وضعية الحرية الدينية حسب تقرير ‪2021‬‬

‫"تقرير الخارجية األمريكية للحريات الدينية لسنة ‪ 2021‬بالمغرب"‬

‫قال تقرير الخارجية األمريكية للحريات الدينية لسنة ‪ ،2021‬إن األقليات الدينية في المغرب بما فيها‬
‫المسيحية والشيعية تشكو من تعرضها لمضايقات مجتمعية عديدة‪ ،‬بما في ذلك النبذ األسري بالنسبة لمن غيروا‬
‫دينهم‪ ،‬والسخرية االجتماعية‪ ،‬والتمييز في العمل‪ ،‬والعنف المحتمل ضدهم من قبل المتطرفين‪ ،‬الشيء الذي‬
‫يدفعهم إلى ممارسة معتقداتهم بشكل سري‪.‬‬

‫وأشار التقرير أنه وفقًا لتقرير الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬استمرت المضايقات المجتمعية للشيعة‪،‬‬
‫حيث ذكرت عدة مجموعات منهم أنهم خلدوا عاشوراء سرا لتجنب المضايقات المجتمعية‪.‬‬

‫وأوضح أن الكثير من المواطنين المغاربة الذين تحولوا للدين المسيحي واجهوا ضغوطا اجتماعية من‬
‫عائالتهم وأصدقائهم‪ ،‬ودعوات للتخلي عن ديانتهم الجديدة واعتناق اإلسالم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وأبرز التقرير أن وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية تواصل توجيه ومراقبة محتوى الخطب في المساجد‪،‬‬
‫والتعليم الديني اإلسالمي‪ ،‬ونشر المواد الدينية اإلسالمية من خالل وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة‪ ،‬وهي‬
‫(‪)1‬‬
‫إجراءات قالت إنها تهدف إلى مكافحة التطرف العنيف‪.‬‬

‫وأكد التقرير أن الحكومة المغربية قيدت توزيع المواد الدينية غير اإلسالمية‪ ،‬فضال عن المواد اإلسالمية‬
‫التي تعتبرها غير متوافقة مع المذهب المالكي لإلسالم السني‪ ،‬موضحا أنه على الرغم من أن القانون يسمح‬
‫بتسجيل الجماعات الدينية كجمعيات‪ ،‬فإن بعض األقليات الدينية اشتكت من أن الحكومة أخرت أو رفضت طلبات‬
‫التسجيل الخاصة بهم‪.‬‬

‫صا بتهم جنائية في شهر رمضان المنصرم‪ ،‬بعد اعتقالهم في إحدى‬ ‫وتطرق التقرير إلى متابعة ‪ 79‬شخ ً‬
‫مقاهي البيضاء‪ ،‬مسجال في نفس الوقت أن الملك محمد السادس أطلق مبادرة لترميم مواقع التراث اليهودي في‬
‫البالد ‪ ،‬لتشمل مئات المعابد والمقابر ومواقع أخرى في عدة مدن‪.‬‬

‫وفي ‪ 14‬ديسمبر قدم الملك محمد السادس مبادرة لترميم مواقع التراث اليهودي في البالد‪ ،‬لتشمل مئات‬
‫(‪)2‬‬
‫المعابد والمقابر ومواقع أخرى في عدة مدن‪.‬‬

‫وأضاف أنه من جهتها‪ ،‬أطلقت منظمة المسيحيون المغاربة حملة لمراجعة القوانين التي تقيد القدرة على‬
‫إقامة الشعائر وحضورها في الكنائس الرسمية والحق في الزواج الكنسي أو المدني‪ .‬كما دعت المجموعة الحكومة‬
‫إلى السماح للمسيحيين المغاربة بدفنهم في مقابر مسيحية وحمل أسماء مسيحية‪.‬‬

‫ولفت أنه وفقًا لتقرير ‪ 2021-2020‬الصادر عن الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬كانت هناك مضايقات‬
‫مجتمعية مستمرة لألفراد الشيعة واإلسالم الشيعي في الصحافة وفي خطب الجمعة بالمغرب‪ ،‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن‬
‫الكثيرين منهم يتعبدون ن في أماكن خاصة ويتجنبون اإلفصاح عن انتمائهم الديني‪.‬‬

‫وشدد التقرير على أن المواطنين اليهود يصرحون بأنهم يعيشون بكل حرية ويحضرون في المناسبات‬
‫الدينية في المعابد بأمان‪ ،‬وقالوا إنهم تمكنوا من زيارة المواقع الدينية بانتظام وإقامة االحتفاالت السنوية‪.‬‬

‫وأشار التقرير أن ‪ 99‬في المائة من السكان المغاربة هم من المسلمين السنة‪ ،‬وأقل من ‪ 0.1‬في المائة من‬
‫السكان هم من المسلمين الشيعة‪ ،‬والمجموعات التي تشكل معًا أقل من ‪ 1‬في المائة من السكان تمثل المسيحيين‬
‫واليهود والبهائيين‪.‬‬

‫ووفقًا لمسؤولي الطائفة اليهودية‪ ،‬هناك ما يقدر بـ ‪ 2000‬إلى ‪ 3500‬يهودي في المغرب‪ ،‬يعيش حوالي‬
‫‪ 2500‬منهم في الدار البيضاء‪ ،‬في حين يقدر بعض قادة المجتمع المسيحي أن هناك ما بين ‪ 2000‬و‪6000‬‬
‫مواطن مسيحي موزعين على جميع أنحاء البالد‪.‬‬

‫وأوضح التقرير أنه استنادا لبعض المسلمين الشيعية‪ ،‬فإن هناك عدة آالف من المواطنين الشيعة في‬
‫المغرب‪ ،‬مع وجود النسبة األكبر في الشمال‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك هناك ما يقدر بنحو ‪ 1000‬إلى ‪ 2000‬مقيم‬
‫(‪)3‬‬
‫أجنبي شيعي في البالد من لبنان وسوريا وتونس والعراق‪.‬‬

‫‪ 1‬موقع ‪lakome2.com‬‬
‫‪ 2‬موقع ‪ 03 ،alhurra.com‬يونيو ‪2022‬‬
‫‪ 3‬موقع ‪lakome2.com‬‬

‫‪12‬‬
‫ثانيا‪ :‬وضعية الحرية الدينية حسب تقرير ‪2023‬‬
‫"الخارجية األمريكية تشيد بوضعية الحريات الدينية وتعزيز قيم التسامح بالمغرب"‬

‫أصدرت وزارة الخارجية األمريكية‪ ،‬يوم اإلثنين ‪ 15‬ماي ‪ ،2023‬التقرير السنوي للحريات الدينية في‬
‫العالم برسم العام الماضي‪ ،‬يتضمن تقييما لظروف حرية الدين والمعتقد في حوالي ‪ 200‬دولة‪ ،‬مصنفا ا‬
‫كال من‬
‫السعودية وإيران ضمن الدول التي “تثير قلقا خاصا”‪ ،‬فيما وضع الجزائر ومصر والعراق ضمن قائمة المراقبة‪.‬‬

‫بخصوص المغرب‪ ،‬أشاد التقرير بالتقدم الذي أحرزته البالد في مجال الحريات الدينية وفق الرؤية الملكية‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬مؤكدا عقد لقاءات عدة بين مسؤولين أمريكيين ونظرائهم المغاربة إضافة إلى ممثلين عن األقليات‬
‫الدينية‪ ،‬بشكل منتظم‪ ،‬من أجل تعزيز قيم التسامح والحوار بين األديان‪.‬‬

‫الوثيقة ذاتها أشارت إلى أن أكثر من ‪ 99‬في المائة من المغاربة مسلمون سنة‪ ،‬في حين يشكل المسيحيون‬
‫واليهود والبهائيون مجتمعين ما نسبته ‪ 1‬في المائة‪ ،‬من مجموع السكان‪ ،‬أما نسبة المسلمين الشيعة في البالد‪ ،‬فال‬
‫(‪)1‬‬
‫تتجاوز ‪ 0,1‬في المائة‪.‬‬

‫وأورد التقرير أن الحكومة المغربية واصلت مراجعة المناهج التربوية المعتمدة في تعليم الدين بالمدارس‪،‬‬
‫وإدخال إصالحات قائمة على القيم الكونية المتعارف عليها بشأن الحرية والتضامن والتسامح بين األديان‪.‬‬

‫على صعيد آخر‪ ،‬أفاد التقرير نقال عن ممثلي بعض األقليات المسيحية‪ ،‬بأن "الحكومة رفضت أو أخرت‬
‫طلبات تسجيلهم كجمعيات"‪ ،‬كما سجل "مواصلة رفض السلطات المغربية السماح بتأسيس جماعات شيعية في‬
‫البالد"‪.‬‬

‫المصدر ذاته وقف على مواصلة "جماعة العدل واإلحسان"‪ ،‬المحظورة في المغرب‪ ،‬أنشطتها عبر عقد‬
‫مؤتمرات ولقاءات وإصدار بيانات صحافية‪ ،‬إضافة إلى المشاركة في المظاهرات وإدارة مواقعها على الشبكة‬
‫العنكبوتية‪.‬‬

‫ونقل تقرير الخارجية األمريكية عن ممثلين لبعض األقليات الدينية اضطرارهم إلى "ممارسة شعائرهم‬
‫الدينية في تكتم وبعيدا عن األنظار‪ ،‬خوفا من المضايقات المجتمعية التي يتعرضون لها"‪.‬‬

‫وفيما يخص اليهود المغاربة‪ ،‬سجلت الخارجية األمريكية استمرار ممارستهم لطقوسهم التعبدية وزيارة‬
‫دور العبادة وإقامة احتفاالتهم السنوية دونما تضييف أو حظر من طرف السلطات المغربية‪.‬‬

‫يذكر أن الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬نص في فصله الثالث على أن "اإلسالم دين الدولة‪ ،‬والدولة تضمن‬
‫لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية"‪ ،‬إضافة إلى أن المملكة طرف في عدد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬على رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب بتاريخ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ 3‬ماي ‪.1979‬‬

‫‪ 1‬هسبريس جريدة إلكترونية مغربية‪ ،‬مقال توفيق بوفرتيح‪17 ،‬ماي ‪2023‬‬


‫‪ 2‬هسبريس جريدة إلكترونية مغربية‬

‫‪13‬‬
‫في خطاب أمير المؤمنين الملك محمد السادس بمناسبة زيارة البابا والذي نوه فيه على التعددية وتالحم‬
‫الديانات السماوية الثالثة في المملكة والذي يتجلى في المساجد والكنائس والبيع‪ ،‬أوضح الملك أنه أمير جميع‬
‫المؤمنين حيث جاء في نص خطابه ” وبصفتي ملك المغرب‪ ،‬وأمير المؤمنين‪ ،‬فإنني مؤتمن على ضمان حرية‬
‫ممارسة الشعائر الدينية‪ .‬وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين‪ ،‬على اختالف دياناتهم‪.‬‬

‫وبهذه الصفة‪ ،‬ال يمكنني الحديث عن أرض اإلسالم‪ ،‬وكأنه ال وجود هنا لغير المسلمين‪ ،‬فأنا الضامن‬
‫لحرية ممارسة الديانات السماوية‪ ،‬وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة‪ ،‬والمسيحيين القادمين من الدول‬
‫‪1‬‬
‫األخرى‪ ،‬الذين يعيشون في المغرب‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬لقد عرف المغرب هويات دينية وعقائدية وثقافية تعايشت مع بعضها بسالم دون صراع‬
‫أو حروب‪ ،‬وتعد مؤسسة إمارة المؤمنين الوصية على الشأن الديني بالمغرب‪ ،‬وقد أحدثت إصالحات جوهرية‬
‫في الحقل الديني‪ ،‬فراكم المغرب تقدما في تدبير ملف الحرية الدينية‪ ،‬وصارت لألقليات الدينية قابلية للظهور‬
‫والتعبير والنقاش‪ ،‬ورغم سلبيات بعض التقارير حول الحرية الدينية بالمغرب إال أن آخرها لسنة ‪ 2023‬قد أشاد‬
‫بالمكانة المتميزة لليهود المغاربة في المغرب وممارستهم لشعائرهم الدينية بكل حرية منذ وجودهم في المجال‬
‫المغربي‪.‬‬

‫وقد عمل ملوك المغرب على حماية المكون العبري في إطار السياسة الدينية المغربية‪ ،‬كما عمل أمير‬
‫المؤمنين على حماية التراث المادي وغير المادي العبري باعتباره جزء ال يتجزأ من التراث الوطني من خالل‬
‫تأهيل بعض المواقع والفضاءات الدينية‪ ،‬مما يرفع من مؤشر الحرية الدينية بالمغرب‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقرير اللجة األمريكية لدولة مصر ما قبل الربيع العربي وبعده‬
‫في كل سنة تصدر تقارير دورية حول الحريات الدينية في العالم من قبل اللجنة األمريكية للحريات الدينية‪،‬‬
‫وكان انشغالها بالخصوص حول تجاوزات ‪ -‬حسب تعبيرها ‪ -‬في حق حريات الرأي والعقيدة الدينية‪.‬‬

‫وفي هذا المطلب نود أن نقتصر على مصر العربية التي عرفت في السنوات األخيرة عدة تحوالت‪ ،‬وقد‬
‫اخترنا أن نتناول بعض التقارير حول مصر‪.‬‬

‫‪ -1‬نماذج من التقارير ما قبل الربيع العربي‬


‫فهذه التقارير للجنة السالفة الذكر فكثيرا ما تستهدف مصر العربية‪ ،‬وسواء كانت هذه األخيرة خاضعة‬
‫السياسية األمريكية أم ال‪.‬‬

‫ولقد اخترنا هذه التقارير التي صدرت ما بعد أحداث ‪ 2001 /9 /11‬أي الفترة التي تعيش فيها أغلب الدول‬
‫اإلسالمية والدول العربية اإلسالمية ضغطا رهيبا من أمريكا‪ .‬وكان نتيجة ذلك تغيير أغلب هذه الدول المناهج‬
‫‪2‬‬
‫الدراسية‪ ،‬بل وحذف بعض العناوين الرئيسية للتربية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 1‬نص‪-‬الخطاب الذي ألقاه أمير المؤمنين خالل مراسم االستقبال الرسمي لقداسة‪-‬البابا فرانسيس‪ ،‬المنشور في الموقع الرسمي رئاسة الحكومة‬
‫بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬

‫سجالت سي آي إيي وزارة الخارجية األمريكية التقرير حول الحريات الدينية في العالم مصر سبتمر ‪.2004‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫وفي هذا الوقت بالذات انتقل وفد من اللجنة األمريكية إلى مصر للحديث مع المصريين صيف ‪ 2004‬حول‬
‫مجهودات األمة لتطوير حرية الديانة والعقيدة وحرية اإلنسان وفق مطابقة لالتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان التي‬
‫‪1‬‬
‫كانت دولة مصر طرف فيها‪.‬‬

‫ولقد تلقى هذا الوفد خالل هذه الزيارة بشخصيات بارزة في الحكومة المصرية آنذاك‪ ،‬والتقى كذلك‬
‫‪2‬‬
‫بشخصيات في الشأن الديني وحقوق اإلنسان ومؤيدي حقوق المرأة ومثقفين ومربيين وخبراء في القانون‪.‬‬

‫ونشطاء آخرين في المجتمع المدني‪ .‬فهذه المعلومات التي تم جمعها من خالل هذه الزيارة إضافة إلى‬
‫‪3‬‬
‫األبحاث واالستطالعات التي تم القيام بها‪...‬‬

‫ورغم هذا كله فاللجنة األمريكية لم تقتنع بما قامت به السلطات المصرية من إصالحات في الحقل الديني‬
‫الحريات وحقوق اإلنسان االنسان‪ ،‬وقد اتخذت اللجنة قرارا بإدراج مصر العربية في قائمة الدول التي تستحق‬
‫المتابعة لسنة ‪ ،2004‬وادعت أن مصر وإن قامت بتلك الخطوات المشجعة في التقرير المذكور فقد تدهورت في‬
‫‪4‬‬
‫مجاالت أخرى‪.‬‬

‫ورغم ذلك فإن العالقات بين البلدين قوية بما فيها من التعاون في مجال االستقرار اإلقليمي‪ ،‬والحرب ضد‬
‫اإلرهاب بحيث تحتل مصر المرتبة الثانية عالميا للبلدان المنفعة من المساعدات األمريكية بما يقارب ملياري‬
‫دوالر من التعاونية االقتصادية واألمنية‪.‬‬

‫وفي عهد بوش االبن كان ينادي مصر إلى فتح المجال للديمقراطية في الشرق األوسط منذ ‪ ،2003‬وال‬
‫يفوت فرصة اال وجدد هذا النداء‪ .‬ورغم هذا كله فإن اللجنة األمريكية ترى قوة العالقات الثنائية بين البلدين وهي‬
‫فرصة للجنة األمريكية من أجل تحقيق تطوير حماية الحقوق المعترف بها دوليا من حرية الديانة والعقيدة‪ ،‬وهذا‬
‫‪5‬‬
‫بالغ األهمية للسياسة األمريكية في تشجيع الحرية والديمقراطية في الشرق األوسط حسب هذا التقرير‪.‬‬

‫‪ -2‬نماذج من التقارير فيما بعد الربيع العربي‬


‫عرفت مصر العربية تغييرا جذريا في السياسة والحكم فيما بعد الربيع العربي ولقد استطاعت الثورة‬
‫المصرية بقيادة حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لإلخوان المسلمين اإلحاطة بالرئيس الراحل حسني‬
‫مبارك‪ ،‬بل استطاع الحزب الفوز باالنتخابات الديمقراطية األولى في هذا البلد العربي‪ ،‬لكن لم تدم طويال‪ ،‬وقد‬
‫مضى اآلن عقد من الزمن على أحداث انقالب مصر واألحداث الدموية في معتصم رابعة‪ 6،‬ولم يذكر أي تقرير‬
‫لتك للجنة األمريكية حسب علمي‪.‬‬

‫ولكن حسب بعض التقارير التي اطلعت عليها فما زالت تطالب مصر بمزيد من الحريات الدينية‪ ،‬حيث‬
‫جاء في عدة تقارير ومنها لسنة ‪ 2202‬في سبتمبر حكمت محكمة طرة على رجل بالسجن ‪ 14‬عاما الرتكابه‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪2006/3 /16‬‬


‫‪ 2‬المصدر نفسه‬

‫‪ 3‬وزارة الخارجية األمريكية خاص بالبالد حول مقاربات حقوق اإلنسان مصر ‪2005‬‬
‫‪ 4‬المصدر نفسه‬
‫‪ 5‬المصدر نفسه‬
‫‪ 6‬تقرير حول الحرية الدينية الدولية في مصر موقع سفارة الوالية المتحدة األمريكية‬

‫‪15‬‬
‫جريمة قتل عام ‪ 2013‬وثالثة من اتباعه‪ ،‬وفي يونيو حكمت محكمة القاهرة على الداعية السلفي محمود شعبان‬
‫‪ 15‬عاما بتهمة التحريض على العنف ومعارضة الدولة‪.‬‬

‫وفي ردود األفعال داخل مصر من جماعات وصفت بأنها لحقوق االنسان وان قوانين ازدراء األديان‬
‫‪1‬‬
‫متصف الغموض وموسع للغاية‪ ،‬ويشكل هذا تهديدا لحرية التعبير ‪ -‬حسب قول التقرير‪ -‬ودعت إلى الغائها‪.‬‬

‫وأما ردود األفعال من قبل الدولة المصرية فقد أطلقت سراح الناشط المصري القبطي رامي كمال المحتجز‬
‫منذ ‪ 2019‬بتهمة الكفر‪ ،‬والناشط رضا عبد الرحمان‪ ،4‬المحتجز منذ ‪ 2020‬بتهم من بينها االنتماء إلى داعش‬
‫إلى غير ذلك من األحكام التي أطلق بسببها سراح العديد من المحتجزين منذ ‪ 2013‬والى اآلن‪.‬‬

‫فدولة مصر لديها عدة تحديات من قبل هذه المنظمات الدولية‪ ،‬وخاصة التقارير التي تصدرها هذه األخيرة‬
‫والتي تتعلق بالحريات وحقوق اإلنسان‪ ،‬ولذلك ترى دولة مصر تخضع لهذه التوصيات وهذه التقارير‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫ستبقى التقارير األمريكية للحريات الدينية مثارا للردود ما بقيت الواليات األمريكية شرطي العالم وذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬الختالف مفهوم حرية التدين والحريات الشخصية بين الثقافات واالديان ‪.‬فحرية التدين‪ ،‬مثل كل الحريات‪،‬‬
‫ليس لها مدلول مطلق فإن آراء الناس قد تختلف فيما يعتبر من السلوك انتهاكا ً للحرية وماال يعتبر كذلك‪.‬‬

‫فالسلوك الذي يقيد حرية شخص أو طائفة معينة‪ ،‬في فعل أمر يوجبه دين ذلك الشخص أو تلك الطائفة‪ ،‬إذا‬
‫اعتبر انتهاكا ً للحرية‪ ،‬فإن السلوك الذي يفرض عليهم افعل أمر يحرمه دينهما يعد أيضا ً انتهاكا للحرية‪.‬‬

‫ومن المتفق عليه أيضا ً أن منع الشخص من أن يتعدى على حرية غيره ال يعتبر انتهاكا لحريته ‪ ،‬وإن كان‬
‫األمر يبغض الطرف عنه أحيانا ً حينما ال يوجد تناسب معتبر بين الحريتين‪ ،‬كما ال يعتبر انتهاكا ً لحرية الشخص‪،‬‬
‫منعه من اإلخالل بالقانون أو اإلخالل بالنظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬أو اإلخالل باألمن القومي والسلم االجتماعي‪.‬‬
‫على أن األمر يغض الطرف عنه أحيانا ً عندما نالحظ أن اعتبار فعل ما يوافق النظام العام أو اآلداب العامة أو‬
‫يخالفها هو أمر نسبي يختلف باختالف الثقافات أو األهواء‪.‬‬

‫ويالحظ أن دعوى اإلخالل بالنظام العام أو اآلداب العامة أو األمن القومي‪ ،‬قد تكون دعوى يقصد منها‬
‫التبرير وليس الحقيقة‪ ،‬وفي هذه الحالة كثيرا ً ما تكشف الظروف المالبسة حقيقة مثل هذه الدعوى؛‬

‫ومن أمثلة ذلك ‪:‬‬

‫إن أثر النظام العام واآلداب فيما يتعلق بتقييد الحرية قد يختلف أثره قوة وضعفا ً بين مجال ومجال‪ ،‬فقد‬
‫يكون مؤثراً‪ ،‬بحيث يقتضي في الواليات المتحدة األمريكية حرمان المواطن األمريكي الذي يمارس تعدد‬
‫الزوجات من شغل منصب القضاء دون أن تقبل دعواه أن هذا الحرمان يقيد حريته الدينية أو يميز ضده‪ ،‬ولكنه‬
‫ال يكون مؤثرا ً بحيث يقتضي حرمانه من حقوقه المدنية األخرى‪.‬‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه‬

‫‪16‬‬
‫‪ -2‬تصريح الخارجية األمريكية على موقعها ‪US DEPARTEMENT of state1‬‬

‫إن المبدأ الموجه لها "هو ضمان تقديم كافة المعلومات ذات الصلة بشكل موضوعي وكامل ومنصف قدر‬
‫اإلمكان‪ .‬غير أن الدوافع ودقة المصادر تختلف‪ ،‬ووزارة الخارجية األمريكية ليست في وضع يسمح لها بالتحقق‬
‫بشكل مستقل من جميع المعلومات الواردة في التقارير‪.‬‬

‫وتستخدم التقارير‪ ،‬قدر المستطاع‪ ،‬مصادر متعددة لتعزيز الشمول وتقليل احتماالت التحيز‪ .‬إن وجهات‬
‫نظر أي مصدر معين ليست بالضرورة وجهات نظر حكومة الواليات المتحدة‪ .‬ولقد تم تصميم التقرير لتسليط‬
‫سِّد القضايا التي يتم اإلبالغ عنها في كل بلد‬‫الضوء على أمثلة لإلجراءات الحكومية والمجتمعية التي تُج ّ‬
‫وتوضحها‪ .‬ويجب أال يُفسَّر تضمين حالة معينة أو حذفها باعتباره مؤشرا ً على أن حالة معينة تحظى بأهمية‬
‫أكبر أو أقل بالنسبة لحكومة الواليات المتحدة‪ ،‬أو أن حالة ما هي المثال الوحيد المتوفر‪ .‬ولكن الهدف هو تسليط‬
‫الضوء على طبيعة ونطاق وشدة اإلجراءات التي تؤثر على الحرية الدينية من خالل تقديم أمثلة توضيحية'‪.‬‬

‫‪US DEPARTEMENT OF state 1‬‬

‫‪17‬‬
‫الئحة المراجع والمصادر‪:‬‬

‫‪ -‬االعالن العالمي لحقوق االنسان ‪،‬اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة ‪ 217‬الف ‪،‬في ‪ 10‬دجنبر ‪1948‬‬

‫‪ -‬الفقرة ما قبل األخيرة من ديباجة دستور ‪ ،2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 30‬يوليوز ‪ . 2011‬الظهير الشريف عدد ‪ 1,11,91‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬بتنفيذ نص الدستور‬

‫‪ -‬صدر بمقتضى االستفتاء المصري بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪ 2011‬والمعلن عن نتائجه يوم ‪ 20‬مارس ‪2011‬‬

‫‪US DEPARTEMENT OF state -‬‬

‫‪-‬صالح بن عبد الرحمن الحصين التميمي ‪ :‬الحرية الدينية ؛ مكتبة نور‬

‫‪ -‬محمد عمارة‪ ،‬االستغالل األمريكي لألقليات‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2011/1‬م‪.‬‬

‫‪-‬يوسف العاصي طويل‪ ،‬البعد الديني لعالقة امريكا باليهود وإسرائيل وأثره على القضية الفلسطينية خالل‬
‫فترة (‪ ،)2009-1948‬مكتبة حسن العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2014/1‬م‪.‬‬

‫_تقير منظمة العفو الدولية للعام ‪ ،23/2022‬حالة حقوق اإلنسان في العالم‪ ،‬منشورات منظمة العفو الدولية‪،‬‬

‫لندن‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬ط‪.2023/1‬‬

‫‪-‬تقير منظمة العفو الدولية للعام ‪ ،23/2022‬حالة حقوق اإلنسان في العالم‪ ،‬منشورات منظمة العفو الدولية‪،‬‬

‫لندن‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬ط‪.2023/1‬‬

‫‪ -‬توماس ميدفيتز‪ ،‬مراكز البحث في امريكا‪ ،‬ترجمة‪ :‬نشوى ماهر كرم هللا‪ ،‬منتدى العالقات العربية الدولية‪،‬‬
‫ط‪2015/1‬م‪.‬‬

‫‪-‬بول فندلي‪ ،‬مذكرات بول فندلي –أمريكا في خطر‪ ،-‬ترجمة‪ :‬انطوان باسيل‪ ،‬شركة المطبوعات للتوزيع‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2011/1‬م‪.‬‬

‫‪-‬عماد الدين خليل‪ ،‬أمريكا مرة أخرى‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬ط‪2006/1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬هسبريس جريدة إلكترونية مغربية‪ ،‬مقال توفيق بوفرتيح‪17 ،‬ماي ‪2023‬‬

‫‪ -‬موقع ‪ 03 ،alhurra.com‬يونيو ‪2022‬‬

‫‪-‬موقع ‪lakome2.com‬‬

‫‪ -‬الموقع الرسمي للجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ‪-‬صفحة أسئلة متكررة‪-‬‬
‫‪https://www.uscirf.gov‬‬

‫‪18‬‬
‫الفهرس‬
‫المقدمة ‪1 ..........................................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ومرتكزات تقريرها السنوي‪4 ....... .‬‬

‫العالم ‪4.....................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات في‬

‫األمريكية ‪7....................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مرتكزات التقرير ودوره في دعم السياسة الخارجية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬توصيات التقرير األمريكي دراسة في نماذج لدول عربية‪ :‬المغرب ومصر ‪11 .‬‬

‫‪11..‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اختالف وضعية الحرية الدينية بالمغرب حسب التقارير االمريكية السنوية‬

‫وبعده ‪14...................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تقرير اللجة األمريكية لدولة مصر ما قبل الربيع العربي‬

‫الخاتمة ‪16 ........................................................................................................‬‬

‫‪19‬‬

You might also like