Professional Documents
Culture Documents
األمريك السنوي
ي التقرير
-جليل أقديم
-لحسن أبعمران
0
مقدمة
إن الحق في حرية الدين أو المعتقد في إطار منظومة حقوق اإلنسان يرتبط بحرية الفرد في اعتناق
ما يشاء من أفكار دينية أو غير دينيــة ،فقد أشارت اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان في عام -1993وهي لجنة
تقوم باإلشراف على تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية -إلى أن المقصود بالدين أو
المعتقد يتمثل في "معتقدات في ماهية وجود هللا ،أو في عدم وجوده أو معتقدات ملحدة ،بجانب الحق في عدم
ممارسة أي دين أو معتقد".
وقد أكدت األمم المتحدة على اهمية حرية الديانة أو المعتقد في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي
اعتمد عام ،1948حيث تنص المادة 18منه على أن.
" لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين ،ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته،
وحرية اإلعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ،ومراعاتها ،سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة".
كما أقر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمدته الجمعية العامة لألمم المتحدة
1
في عام ،1966بالحق في حرية الدين أو المعتقد وذلك من بين ما أقر به من حقوق وحريات.
وتنص المادة 18من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أربع بنود بهذا الخصوص؛
وهي أن:
.1لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما ،وحريته
في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره ،وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة
والتعليم ،بمفرده أو مع جماعة ،وأمام المأل أو بمفرده.
. 2ال يجوز تعريض أي أحد إلكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما ،أو في حريته في
اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
. 3ال يجوز إخضاع حرية اإلنسان في إظهار دينه أو معتقده ،إال للقيود التي يفرضها القانون والتي
تكون ضرورية لحماية السالمة العامة ،النظام العام ،الصحة العامة ،اآلداب العامة أو حقوق اآلخرين
وحرياتهم األساسية.
. 4تتعهد الدول األطراف في هذا العهد باحترام حرية اآلباء ،أو األوصياء عند وجودهم ،في تأمين
تربية أوالدهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.
وقد اعتمد المغرب سنة ، 2011دستورا يتوخى أن يكون ضامنا للحريات وخصص لها بابا كامال،
كما تضمن اعترافا صريحا بسمو االتفاقيات والعهود الدولية على القوانين الداخلية للبالد ،ال سيما تلك
2
المتعلقة بحقوق اإلنسان.
أما الدستور المصري فهو يقر في المادة الثانية عشرة منه (المادة السادسة واألربعين في دستور )2007
على أن الدولة تكفل حرية االعتقاد وحرية العبادة وفي الوقت ذاته حافظ على نص المادة الثانية من الدستور
1االعالن العالمي لحقوق االنسان ،اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 217الف ،في 10دجنبر 1948
2لفقرة ما قبل األخيرة من ديباجة دستور ،2011الجريدة الرسمية عدد 5964مكرر الصادرة بتاريخ 30يوليوز .2011الظهير الشريف
عدد 1,11,91الصادر بتاريخ 29يوليوز 2011بتنفيذ نص الدستور.
1
السابق والتي تنص على أن اإلسالم دين الدولة وتضيف أن مبادئ الشريعة اإلسالمية هي المصدر الرئيسي
1
للتشريع .
وضمانا لهذا الحق وتتبعا لهذه االلتزامات الدولية يتم إعداد التقرير االمريكي للحريات الدينية حيث
ترفع وزارة الخارجية التقرير السنوي الى الكونغرس امتثاالً للقسم )b(102من قانون الحرية الدينية الدولية
لعام 1998بصيغته ال ُمعدَّلة.
وتعد السفارات األمريكية المسودات األولية للتقارير القطرية بنا ًء على معلومات من مسؤولين
حكوميين ،وجماعات دينية ،ومنظمات غير حكومية ،وصحفيين ،ومراقبي حقوق اإلنسان ،وأكاديميين،
ووسائل اإلعالم ،وغيرهم .ويتعاون مكتب الحرية الدينية الدولية ،ومقره واشنطن ،في جمع وتحليل
المعلومات اإلضافية ،باالعتماد على مشاوراته مع المسؤولين الحكوميين األجانب ،والجماعات الدينية
المحلية واألجنبية ،والمنظمات غير الحكومية المحلية واألجنبية ،والمنظمات متعددة األطراف وغيرها من
المنظمات الدولية واإلقليمية ،والصحفيين ،والخبراء األكاديميين ،وقادة المجتمع ،وغير ذلك من المؤسسات
الحكومية األمريكية ذات الصلة.
-أهداف الموضوع :
إبراز نتائج التقارير األمريكية السنوية للحريات الدينية في بعض البلدان.
جلب مرتكزات وابعاد هذه التقارير إلى دائرة الضوء.
أهمية الموضوع:
تأتي أهمية الموضوع من خالل ما تثيره هذه التقارير من شجب أو ارتياح من دول العالم.
-الفرضيات:
مدى مطابقة التقارير األمريكية حول الحريات الدينية لواقع الدول المستهدفة.
مدى وجود انتقائية في اختيار دول دون أخرى ( حالة الكيان اإلسرائيلي).
عالقة التقارير الخاصة بالعالم االسالمي بمشروع الشرق االوسط الكبير.
-الصعوبات:
قلة المراجع األكاديمية بالعربية التي تعنى بدراسة الخلفيات الثقافية والتاريخية واإليديولوجية لهكذا
التقرير.
-المنهج:
اعتمدنا المنهج االستقرائي لجمع وتصنيف المعطيات والمنهج الوصفي التحليلي لدراستها .
1صدر بمقتضى االستفتاء المصري بتاريخ 19مارس 2011والمعلن عن نتائجه يوم 20مارس 2011
2
إشكالية البحث:
ال شك ان المتابع للتقارير ال يتراءى له اال احكام وردود .لذا كان لزاما التساؤل عن القيمة العلمية لهذه
التقارير.
خطة البحث:
المبحث األول :لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ومرتكزات تقريرها السنوي.
المبحث الثاني :توصيات التقرير األمريكي دراسة في نماذج لدول عربية :المغرب ومصر
المطلب األول :اختالف وضعية الحرية الدينية بالمغرب حسب التقارير األمريكية السنوية
للحريات الدينية.
المطلب الثاني :تقرير اللجة األمريكية لدولة مصر ما قبل الربيع العربي وبعد الربيع العربي
خاتمة
3
المبحث األول :لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ومرتكزات تقريرها السنوي.
تتعدد المؤسسات واللجان والمنظمات األمريكية التي تصدر تقارير سنوية في شتى المجاالت
كاالقتصاد والسياسة والدين...وغيرها ،وبعض هذه التقارير ينشر للعموم وبشكل دوري او سنوي،
وبعضها اآلخر ال يخرج من دهاليز وأروقة البيت األبيض ،ومن بين هذه المؤسسات واللجان نجد لجنة
الواليات المتحدة لحرية الديانات والتي تصدر تقريرا سنويا حول حرية التدين في العالم ،مرتكزة على عدة
معايير ومؤشرات.
تعتمد الواليات المتحدة األمريكية في تقييم سياسات الدول وتوجهاتها ،ومراقبة التطورات في كل
أقطار العالم ،على العديد من اآلليات بوصفها أقوى دولة في العالم ،بل هي شرطي العالم كما يصفها بعض
المحللين ،ومن بين هذه اآلليات ،اعتماد لجان متخصصة ،في كل مجال ،ومن بين هذه اللجان نجد لجنة
الواليات المتحدة حول حرية الديانات في العالم U.S. Commission on International Religious
Freedomوالمعروفة اختصارا ( )USCIRFوالتي تصدر تقريرا سنويا حول مدى احترام دول العالم
للحريات الدينية ،هذا التقرير الذي يصنف الدول إلى دول " ذات اهتمام خاص" أو مثيرة للقلق وقائمة
المراقبة الخاصة.
لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات في العالم هي لجنة حكومية اتحادية أمريكية مستقلة
مكونة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تم إنشاؤها بموجب قانون الحرية الدينية الدولية ( )IRFAلعام
1998الذي يراقب الحق العالمي في حرية الدين أو المعتقد في الخارج .وتستخدم هذه اللجنة المعايير الدولية
لرصد انتهاكات الحرية الدينية على مستوى العالم ،وتقدم توصيات سياسية إلى الرئيس ووزير الخارجية
والكونغرس.
وهي كيان حكومي فيدرالي مستقل يضم الحزبين ،في حين أن مكتب الحرية الدينية الدولية ()IRF
ضا في إطار - IRFAهو جزء من وزارة الخارجية األمريكية .تصدر هذه اللجنة
-الذي تم إنشاؤه أي ً
ووزارة الخارجية تقارير سنوية حول الحرية الدينية الدولية ،ولكن لكل منهما أغراض مختلفة ،حيث يوثق
تقرير وزارة الخارجية انتهاكات الحرية الدينية في كل دولة في العالم ،ويوصي التقرير السنوي للجنة،
بموجب القانون ،بتسمية البلدان على أنها "دول ذات أهمية خاصة" والتي يجب على السلطة التنفيذية أخذها
ضا بلدانًا مختارة ،وبينما يوثق االنتهاكات أي ً
ضا ،فإنه يقدم توصيات سياسية في االعتبار .ويتناول التقرير أي ً
4
ضا على فعالية جهود وزارة الخارجية لتعزيز
إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة ،ويعلق التقرير أي ً
1
الحرية الدينية الدولية.
تعرف اللجنة األمريكية للحريات الدينية ( )USCIRFانتهاكات الحرية الدينية وهل تحاول فرض
كيف ّ
القيم األمريكية أو المفهوم األمريكي للفصل بين الكنيسة والدولة على البلدان األخرى؟
تراقب -لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية -الحرية الدينية من خالل عدسة المعايير الدولية
لحقوق اإلنسان ،مثل تلك الموجودة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق
المدنية والسياسية ،من خالل االعتماد على معايير حقوق اإلنسان الدولية كما هو محدد في قانون الحرية
الدينية الدولية ،فإن لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية ال تحاول فرض القيم األمريكية على الدول
األخرى ،بل تدرس تصرفات الحكومات األجنبية ضد هذه المعايير العالمية والتزاماتها الدولية التي تعهدت
2
بها بحرية.
من خالل التعريف بلجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية ،ومرجعيتها المستقاة من القانون الدولي
واالتفاقيات الدولية ،وعدم ارتباطها بحزب معين جمهوري أو ديموقراطي أو بمؤسسة معينة ،يتضح أنها
آلية وضعت لتستمر وتشتغل بنفس األسلوب ،في ارتباطها مع اإلدارة األمريكية ،مهما تغير الرؤساء أو
الحزب الحاكم في الواليات المتحدة األمريكية.
يطلب قانون الحرية الدينية الدولية من الرئيس ،الذي فوض هذه المهمة إلى وزير الخارجية ،أن
يعين "الدول ذات االهتمام الخاص" ،تلك البلدان التي ترتكب انتهاكات منهجية ومستمرة وفاضحة للحرية
الدينية .وفقًا لقانون الحرية الدينية الدولي ـ ( ،)IRFAبالنسبة للبلدان التي تم تصنيفها كدول مثيرة للقلق
الشديد ،يوفر قانون الحرية الدينية الدولي لوزير الخارجية مجموعة من خيارات السياسة المرنة والمحددة
(يشار إليها باسم اإلجراءات الرئاسية) لمعالجة االنتهاكات الخطيرة للحرية الدينية .وال يتم فرض هذه
3
الخيارات ،التي يمكن أن تشمل العقوبات أو التنازل عن اإلجراءات ،تلقائيًا.
1الموقع الرسمي للجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات -صفحة أسئلة متكررةhttps://www.uscirf.gov -
2الموقع الرسمي للجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات -صفحة أسئلة متكررةhttps://www.uscirf.gov -
3المصدر نفسه
5
وفي تقريرها لسنة 2022أوصت لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية بتصنيف الدول الخمسة عشر
التالية ضمن الدول ذات االهتمام الخاص والمثيرة للقلق وهي:
أفغانستان ،بورما ،الصين ،إريتريا ،الهند ،إيران ،نيجيريا ،كوريا الشمالية ،باكستان ،روسيا ،المملكة
العربية السعودية ،سوريا ،طاجيكستان ،تركمانستان ،وفيتنام.
أما قائمة المراقبة الخاصة ( )SWLفهي مخصصة للبلدان التي تتورط حكوماتها أو تتسامح مع
االنتهاكات الجسيمة للحرية الدينية ،ولكنها ال ترقى إلى مستوى االنتهاك "المنهجي والمستمر والفظيع".
وقد صنف تقرير اللجنة سنة 2022اثنا عشر دولة ضمن هذه الالئحة وهي :الجزائر وأذربيجان وجمهورية
إفريقيا الوسطى وكوبا ومصر وإندونيسيا والعراق وكازاخستان وماليزيا ونيكاراغوا وتركيا وأوزبكستان.
✓ إصدار تقرير سنوي :وفقًا لتفويض الكونجرس ،متا ًح في نسخة ورقية وعلى الموقع الرسمي
للجنة.
✓ زيارة بلدان في جميع أنحاء العالم لفحص ظروف الحرية الدينية بشكل مباشر ووضع توصيات
سياسية أكثر تحديدًا للعمل األمريكي
✓ اإلدالء بشهادتها في جلسات استماع الكونجرس حول العديد من المواضيع بما في ذلك حماية
الحرية الدينية الدولية
✓ المشاركة على المستوى الدولي في االجتماعات المتعددة األطراف المتعلقة بالحرية الدينية بما في
ذلك في األمم المتحدة ومنظمة األمن والتعاون ( )OSCEفي أوروبا
✓ تسليط الضوء على قضايا الحرية الدينية من خالل وسائل اإلعالم
✓ إصدار التقارير :بخالف التقرير السنوي ،تنشر USCIRFتقارير خاصة حول موضوعات
الحرية الدينية.
تعتبر لجنة الواليات المتحدة للحريات الدينية ،آلية ذات بعد استراتيجي في السياسة الخارجية األمريكية،
ولها األثر الكبير على المستوى السياسي دوليا نظرا لمهامها وأدوارها وتقاريرها البالغة األهمية.
6
المطلب الثاني :مرتكزات التقرير ودوره في دعم السياسة الخارجية األمريكية
كانت والزالت العوامل المؤثرة والحاسمة في السياسة الخارجية األمريكية اتجاه قضايا دول العالم
وخصوصا منها تلك التي تعتبر متخلفة ،انطالقا من مرحلة ما بعد الحرب الباردة حبيسة البيئة الداخلية
للقرارات الصانعة لهذه السياسة ،وقد ساهمت التطورات واألحداث التي شهدها العالم في الفترة األخيرة في
ترجيح تقرير السياسة الخارجية األمريكية في قضايا متعددة على حساب تقارير بعض المنظمات الدولية
الفاعلة .حيث أصبحت أمريكا تصنع الحدث وتترك للعالم أن يرد بأفعال عليها ،كما أنها من خالل ردود
األفعال هذه تحاول تقييم استراتيجيتها السياسية ومدى جدواها.
وفي ضوء هذه السياسة األمريكية التي تنطلق أساسا من خدمة المشروع القومي األمريكي يأتي
التقرير السنوي األمريكي للحريات الدينية في العالم ،والذي تضغط من أجله على سياسات الدول األخرى.
يقول الدكتور محمد عمارة" :في أكتوبر سنة 1998م أصدر الكونجرس األمريكي (قانون الحريات الدينية
في العالم) ،وهو القانون الذي مهد له ،وسعى إلى إصداره أركان األصولية الصهيونية واليمين الديني
اإلنجيلي –المسيحية الصهيونية -في الواليات المتحدة األمريكية ...بهذا القانون أعطت أمريكا نفسها حق
مراقبة الحريات الدينية في العالم ،وإصدار األحكام األمريكية على الدول واألمم والحضارات ،بل وتوقيع
العقوبات؛ أي الحق في اغتصاب الشرعية الدولية ،وسلطان األمم المتحدة ،والمجلس األممي لحقوق
اإلنسان"(.)1
وتأسيسا على ما سبق يأتي السؤال المركزي التالي :ما مدى جدوى هذا التقرير األمريكي في ظل
وجود قانون دولي عام ،ومنظمات دولية رسمية تقوم بتقييم األوضاع الحقوقية والحريات العامة في العالم؟
لإلجابة عن هذا السؤال البد من معرفة المرتكزات التي يقوم عليها هذا التقرير ،واألهداف التي
يسعى إلى تحقيقها ،خصوصا إذا علمنا أن أمريكيا ليست إال دولة مثلها مثل باقي الدول األخرى ينبغي أن
تخضع لمقررات منظمة األمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها.
إن من أهداف التقرير األمريكي حول الحريات الدينية في العالم هي إرساء أنظمة ديموقراطية شكليا
ال فعليا ،تحافظ من خاللها أمريكا على مصالحها ،وتضمن تجديد والءات المجتمعات السياسية والمدنية
الجديدة .وتفرض داخل المجتمعات ،أشكاال من التنميط والمطابقة مع قيم ونظم وأنماط الغرب ،لتكرس
االستالب الحضاري تحت مظلة ما يسمى ب "التثاقف" .ومن أهدافه أيضا صناعة نمط من التدين الشعبي،
لتشجيع مجموعة من الدول على تطبيع عالقاتها مع الكيان الصهيوني .إذ "يتماهى الموقف
األمريكي مع اإلسرائيلي حدّ التطابق"( .)2وهذا يدل على أهمية "البعد الديني ودوره في كسب
تعاطف األمريكيين حكومة وشعبا مع اليهود ودولة إسرائيل"(.)3
ويرتكز التقرير في استقاء المعلومات على مسودات التقارير التي تعدها السفارات
األمريكية انطالقا من تصريحات المسؤولين الحكوميين للدول التي تشتغل بها ،وكذا من بيانات
الحركات الدينية ،باإلضافة إلى تقارير بعض المنظمات غير الحكومية ،واعتمادا أيضا على ما ينشر في
( )1محمد عمارة ،االستغالل األمريكي لألقليات ،مكتبة وهبة ،القاهرة ،ط2011/1م .ص.3 :
( )2ناصيف ياسين ،اإلرهاب األمريكي المعولم ،دار الفرابي ،دون ذكر تاريخ وسنة النشر .ص.27 :
( )3يوسف العاصي طويل ،البعد الديني لعالقة امريكا باليهود وإسرائيل وأثره على القضية الفلسطينية خالل فترة (،)2009-1948
مكتبة حسن العصرية ،بيروت ،ط2014/1م .ص13 :
7
وسائل اإلعالم المحلية ،باإلضافة إلى الدراسات األكاديمية المنجزة حول الحرية الدينية ،إلى غير ذلك .ثم
يتم التنسيق والتعاون مع مكتب الحرية الدينية الدولية التابع لوزارة الخارجية األمريكية بواشنطن.
يقول الدكتور محمد عمارة" :دأبت الحكومة األمريكية بواسطة وزارة خارجيتها على إصدار
التقارير السنوية ونصف السنوية حول الحريات الدينية في العالم ،بناء على المعلومات التي تجمعها
السفارات األمريكية ،والمنظمات األمريكية ،ومنظمات المجتمع المدني التي تمولها أمريكا ،وبعض سفارات
الدول الغربية ،والعمالء المتعاونون مع أمريكا"(.)1
وكعادته دائما ما يتضمن التقرير إدانات للعديد من الدول ويتهمها بالتحيز الديني أو يتهم بعض
األنظمة بتبني اإلرهاب والتطرف ،داعيا رؤساء أمريكا إلى اتخاذ خطوات جريئة لحماية الحريات الدينية
في العالم ،وفرض عقوبات على الدول التي تتورط في انتهاكات بهذا الخصوص ،لضمان حقوق األقليات
الدينية ،في مقابل إظهار أمريكا على أنها الحامي والضامن الرئيسي لهذه الحقوق ،علما ما ارتكبته من
خروقات في هذا الباب خطير جدا ،يقول ناصيف ياسين" :خاضت الواليات المتحدة ( )140حربا عدوانية
باسم الدور الرسالي األخالقي ،خالل القرنين الماضيين ،خارج حدودها"(.)2
وتكمن خطورة هذا التقرير في كونه يعتبر األساس الذي تنبني عليه عالقات الدول الغربية وفي
مقدمتها أمريكا مع باقي دول العالم األخرى ،بل األدهى من ذلك أن هذا التقرير كان ذريعة لفرض عقوبات
اقتصادية على بعض الدول .وهكذا يعتبر هذا التقرير بمثابة سالح سياسي أمريكي لتوسيع قاعدة األقليات
الدينية في العديد من الدول وتوظيفها كورقة رابحة في دعم السياسة اإلمبريالية األمريكية ،وفي كل ذلك
يظهر عدم احترام الخصوصيات الدينية والثقافية للشعوب األخرى.
إن التقرير األمريكي مبني على خطط محكمة لتوجيه اإلدارة األمريكية نحو التعامل مع بعض دول
العالم وخصوصا منها الدول اإلسالمية والتحكم في سياساتها الدينية والتعليمية ،من خالل رصد كل الموارد
واالستراتيجيات الكفيلة بتحقيق ذلك معتمدة على شركائها من منظمات وجمعيات ممولة من الخزينة
األمريكية ،حيث يتم تقسيم المجتمعات الدينية إلى جماعات أصولية وأخرى تقليدية ،ثم حداثية وعلمانية.
ومن خالل هذا التقسيم يتم انتقاء بعض الجماعات للتحالف معها وتوظيفها لتحقيق االستراتيجية األمريكية
في السياسة الخارجية.
فإذا أخذنا نموذج العالم اإلسالمي نجد أن أمريكا تسعى جاهدة إلى نزع الهوية اإلسالمية عن الشعوب
اإلسالمية" ،عبر المناهج الدراسية والتلقين اإلعالمي الكثيف ،وغرس تربية جاهلية بديلة ،أمريكية األنماط
واألذواق ،وفرض هزيمة معنوية وشعور باليأس واستسالم العدو ،بل وإعجاب برؤيته المادية النفعية
الصرفة للحياة والوجود ،ولوظيفة اإلنسان في العالم"(.)3
فمن خالل التقارير الموجهة مثال للعالم اإلسالمي ،يتم صناعة جماعات متطرفة وتمويلها من أجل
إيجاد سبب للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ،ثم بعد ذلك يتم خلق صراع وهمي مع جماعات أخرى بدعوى
العمل على بناء شبكات مسلمة معتدلة .كما يتم توظيف التعليم ،كذريعة لتوجيه االختيارات الدينية للشعوب،
حيث تتم التوصية بتغيير البرامج الدراسية التي تستخدم نصوص دينية راديكالية وذلك لنشر القيم
الديموقراطية ،ومبادئ التعددية الدينية والثقافية .كما يتم توجيه وسائل اإلعالم من خالل تمويل
()1محمد عمارة ،االستغالل األمريكي لألقليات ،مكتبة وهبة ،القاهرة ،ط2011/1م .ص.4 :
()2ناصيف ياسين ،اإلرهاب األمريكي المعولم ،دار الفرابي ،دون ذكر تاريخ وسنة النشر .ص.354 :
( )3عماد الدين خليل ،أمريكا مرة أخرى ،دار ابن كثير ،ط2006/1م .ص.15 :
8
برامج إذاعية وتلفزية تبرز نوع جديد من التدين الشعبي .باإلضافة إلى الدعوة إلى المساواة بين الجنسين
في بعض القضايا المتعلقة باألحوال الشخصية والتي مستمدها من الشرع واستبدالها بقوانين مدنية وضعية.
وكل ذلك بتشجيع التيارات الدينية التي توافق رؤيتها االستراتيجية األمريكية ،ودعمها للوصول إلى السلطة
لتقطع الطريق على التيارات األخرى المعادية ألمريكا وسياساتها.
ومن األهداف األساسية للتقرير األمريكي هو رسم التغيرات الدينية واالجتماعية المحددة سلفا من
طرف صناع القرار السياسي األمريكي انطالقا من التصور المستقبلي ،بدراسة هذه التغيرات قبل حدوثها
معتمدة في ذلك على دراسات وتقارير مراكز البحث االستراتيجية األمريكية والغربية .يقول توماس
ميدفيتز" :وعلى مستوى أوسع ،أصبحت مراكز األبحاث عنصرا ثابتا في مشهد صنع القرار السياسي
الوطني عن طريق المساعدة في إشباع ما اطلقت عليه صحيفة واشنطن بوست ذات يوم (الحاجة اليومية
الملحة لتوفير الغذاء لجلسات االستماع وللخطابات ومطحنة السياسة التي ال ترحم"(.)1
وتسعى أمريكا من خالل هذا التقرير إلى الدفع باستراتيجية الفوضى الخالقة التي تمكنها من السيطرة
على بعض الدول خصوصا الشرق-أوسطية باعتبار أن االستقرار يمثل عقبة أمام تحقيق المصالح األمريكية،
والفوضى تدعو إلى الحضور األمريكي المستمر في المنطقة .يقول أحد كبار السياسيين األمريكيين" :تنزلق
أمريكا في حفرة تختفي فيها الحريات المدنية .وقد تحتوي الئحة القتل الرسمية اليوم في معظمها مسلمين"(.)2
كما توظف ما يسمى باستراتيجية الحرب االستباقية التي تعمل من خاللها الدوائر السياسية األمريكية على
استباق ظهور التهديدات الكاملة بتسديد ضربة إليها.
إن التقرير األمريكي هذا يطمح إلى التأثير والضغط على الدول المستهدفة وقد أصبحت أكثر فعالية
في نشر الحلول السياسية لصناع القرار األمريكيي .ويرتبط تأثير التقرير في صنع وتوجيه السياسة
الخارجية بتأثير األفكار والتوجهات الفكرية على العملية السياسية انطالقا ً من التوصيات الصادرة عنه.
فدوره يتمثل في توجيه مسار األحداث من خالل تأثيرها على صانع القرار والرأي العام في هذه الدول
المعنية بهذا التقرير.
إن ما تقوم به أمريكا من انفراد باتخاذ القرارات وإصدار التقارير الخاصة في حق الدول األخرى
ما هو إال انعكاس للتطورات الدولية الراهنة التي يمر بها المجتمع الدولي في الوقت الراهن ،والتي تدل على
انفراط العقد الدولي ،وجنوح األعضاء في التنظيم الدولي الحالي إلى التحلل من القيم والمبادئ الدولية
الراسخة التي أرساها ميثاق األمم المتحدة ،واألعراف واألخالق الدولية.
وإذا كانت أمريكا تدعو الدول األخرى إلى احترام األقليات الدينية وإعطاء مساحة أوسع للحريات
الدينية ،فإنها هي نفسها متهمة بارتكاب خروقات ،بل جرائم في هذا الباب ،يقول عماد الدين خليل" :ولقد
كشفت الدراسة التي قام بها المعهد العربي في الواليات المتحدة األمريكية عن أن %58من األقليات العربية
والمسلمة هناك تتعرض للتحقيق والمالحقة ،ونظرات الكراهية والتشكيك من قبل أجهزة األمن ورموز
النظام .وقد كشف تقرير نشرته منظمة هيومان راتس ووتش األمريكية لحقوق اإلنسان عن أن االعتداءات
على المسلمين والعرب في الواليات المتحدة األمريكية قد ارتفعت"(.)3
( )1توماس ميدفيتز ،مراكز البحث في امريكا ،ترجمة :نشوى ماهر كرم هللا ،منتدى العالقات العربية الدولية ،ط2015/1م .ص.22 :
( )2بول فندلي ،مذكرات بول فندلي –أمريكا في خطر ،-ترجمة :انطوان باسيل ،شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ،بيروت
ط2011/1م .ص.361 :
()3عماد الدين خليل ،أمريكا مرة أخرى ،دار ابن كثير ،ط2006/1م .ص.37 :
9
بل إن تقرير منظمة العفو الدولية للعام 23/2022يدين أمريكا ،وقد جاء فيه أنه "قد يكون العام
2022نقطة تحول في النظام الدولي ،فقد شهد بالفعل تجديدا لحلف األطلسي مع مستوى من التعاون بين
الواليات المتحدة األمريكية وغيرها من القوى الغربية كان من الصعب تخيله قبل عام ،في اعقاب االنسحاب
الفوضوي من أفغانستان عام .2021إال أن العام لم يشهد نقطة تحول على صعيد حقوق اإلنسان ،بل استمر
التدهور دون رادع ".وقد أكد التقرير أنه "كان من شأن رد الغرب على الغزو الروسي ألوكرانيا أن يؤكد
مجددا المعايير المزدوجة التي يتبناها هذا الغرب ،وردود األفعال غير المنطقية على كثير من االنتهاكات
األخرى لميثاق األمم المتحدة"( .)1بل سيتم توجيه اتهام مباشر وبعابرة صريحة إلى أمريكا باضطهاد األقليات
باإلشارة إلى أنه "في الواليات المتحدة أيضا ،أشارت البيانات العامة التي توفرت بشكل محدود إلى تضرر
األشخاص السود على نحو غير متناسب من استخدام الشرطة للقوة المميتة"(.)2
( )1تقير منظمة العفو الدولية للعام ، 23/2022حالة حقوق اإلنسان في العالم ،منشورات منظمة العفو الدولية ،لندن ،المملكة المتحدة،
ط .2023/1ص.9-8 :
( )2تقير منظمة العفو الدولية للعام ، 23/2022حالة حقوق اإلنسان في العالم ،منشورات منظمة العفو الدولية ،لندن ،المملكة المتحدة،
ط .2023/1ص.37 :
10
المبحث الثاني :توصيات التقرير األمريكي دراسة في نماذج لدول عربية :المغرب ومصر
تصدر تقارير دورية كل سنة حول الحريات الدينية في العالم من قبل اللجنة األمريكية للحريات الدينية،
ويشمل هذا التقرير حوالي 200دولة في العالم ،وأبرزها دول شرق األوسط وشمال إفريقيا وآسيا ،وفي الغالب
الدول التي ال تتماشى مع السياسة األمريكية كالصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وغيرها ،وقد اخترنا أن
نتناول نموذجين من الدول العربية ،وهما المغرب ومصر.
سنتناول في هذا المبحث الحديث عن التقرير األمريكي لحرية الدين حول وضعية الحرية الدينية لدولة
المغرب وذلك من خالل المطلب األول ،أما المطلب الثاني سنتناول الحديث عن تقرير اللجة األمريكية ما قبل
الربيع العربي وبعد الربيع العربي.
المطلب األول :اختالف وضعية الحرية الدينية بالمغرب حسب التقارير االمريكية السنوية
للحريات الدينية.
أصبح الدين موجها عاما للمجتمعات ومحددا أو دافعا في الوقت ذاته ،وهو يعد أحد المتغيرات التي
تؤثر على السياسات األمريكية ،سواء منها السياسات الداخلية او الخارجية التي أصبحت تهتم بالحرية الدينية
بالموازاة مع باقي الحريات ،ولقد ش ّكل موضوع الحريات الدينية جوهرا لتقارير أمريكية تصدر كل سنة ترصد
فيها وضعية الحرية الدينية الخاصة بكل بلد ،ومن بينها المغرب.
لقد أصدرت الخارجية األمريكية عدة تقارير سنوية تتحدث عن الحرية الدينية في المغرب ،وبعد
الحديث عن انتهاكات للحرية الدينية في تقارير سابقة ،فإن المغرب قد غاب من الئحة الخارجية األمريكية للدول
المنتهكة للحريات الدينية في تقرير .2023
قال تقرير الخارجية األمريكية للحريات الدينية لسنة ،2021إن األقليات الدينية في المغرب بما فيها
المسيحية والشيعية تشكو من تعرضها لمضايقات مجتمعية عديدة ،بما في ذلك النبذ األسري بالنسبة لمن غيروا
دينهم ،والسخرية االجتماعية ،والتمييز في العمل ،والعنف المحتمل ضدهم من قبل المتطرفين ،الشيء الذي
يدفعهم إلى ممارسة معتقداتهم بشكل سري.
وأشار التقرير أنه وفقًا لتقرير الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ،استمرت المضايقات المجتمعية للشيعة،
حيث ذكرت عدة مجموعات منهم أنهم خلدوا عاشوراء سرا لتجنب المضايقات المجتمعية.
وأوضح أن الكثير من المواطنين المغاربة الذين تحولوا للدين المسيحي واجهوا ضغوطا اجتماعية من
عائالتهم وأصدقائهم ،ودعوات للتخلي عن ديانتهم الجديدة واعتناق اإلسالم.
11
وأبرز التقرير أن وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية تواصل توجيه ومراقبة محتوى الخطب في المساجد،
والتعليم الديني اإلسالمي ،ونشر المواد الدينية اإلسالمية من خالل وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة ،وهي
()1
إجراءات قالت إنها تهدف إلى مكافحة التطرف العنيف.
وأكد التقرير أن الحكومة المغربية قيدت توزيع المواد الدينية غير اإلسالمية ،فضال عن المواد اإلسالمية
التي تعتبرها غير متوافقة مع المذهب المالكي لإلسالم السني ،موضحا أنه على الرغم من أن القانون يسمح
بتسجيل الجماعات الدينية كجمعيات ،فإن بعض األقليات الدينية اشتكت من أن الحكومة أخرت أو رفضت طلبات
التسجيل الخاصة بهم.
صا بتهم جنائية في شهر رمضان المنصرم ،بعد اعتقالهم في إحدى وتطرق التقرير إلى متابعة 79شخ ً
مقاهي البيضاء ،مسجال في نفس الوقت أن الملك محمد السادس أطلق مبادرة لترميم مواقع التراث اليهودي في
البالد ،لتشمل مئات المعابد والمقابر ومواقع أخرى في عدة مدن.
وفي 14ديسمبر قدم الملك محمد السادس مبادرة لترميم مواقع التراث اليهودي في البالد ،لتشمل مئات
()2
المعابد والمقابر ومواقع أخرى في عدة مدن.
وأضاف أنه من جهتها ،أطلقت منظمة المسيحيون المغاربة حملة لمراجعة القوانين التي تقيد القدرة على
إقامة الشعائر وحضورها في الكنائس الرسمية والحق في الزواج الكنسي أو المدني .كما دعت المجموعة الحكومة
إلى السماح للمسيحيين المغاربة بدفنهم في مقابر مسيحية وحمل أسماء مسيحية.
ولفت أنه وفقًا لتقرير 2021-2020الصادر عن الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ،كانت هناك مضايقات
مجتمعية مستمرة لألفراد الشيعة واإلسالم الشيعي في الصحافة وفي خطب الجمعة بالمغرب ،ونتيجة لذلك ،فإن
الكثيرين منهم يتعبدون ن في أماكن خاصة ويتجنبون اإلفصاح عن انتمائهم الديني.
وشدد التقرير على أن المواطنين اليهود يصرحون بأنهم يعيشون بكل حرية ويحضرون في المناسبات
الدينية في المعابد بأمان ،وقالوا إنهم تمكنوا من زيارة المواقع الدينية بانتظام وإقامة االحتفاالت السنوية.
وأشار التقرير أن 99في المائة من السكان المغاربة هم من المسلمين السنة ،وأقل من 0.1في المائة من
السكان هم من المسلمين الشيعة ،والمجموعات التي تشكل معًا أقل من 1في المائة من السكان تمثل المسيحيين
واليهود والبهائيين.
ووفقًا لمسؤولي الطائفة اليهودية ،هناك ما يقدر بـ 2000إلى 3500يهودي في المغرب ،يعيش حوالي
2500منهم في الدار البيضاء ،في حين يقدر بعض قادة المجتمع المسيحي أن هناك ما بين 2000و6000
مواطن مسيحي موزعين على جميع أنحاء البالد.
وأوضح التقرير أنه استنادا لبعض المسلمين الشيعية ،فإن هناك عدة آالف من المواطنين الشيعة في
المغرب ،مع وجود النسبة األكبر في الشمال ،وباإلضافة إلى ذلك هناك ما يقدر بنحو 1000إلى 2000مقيم
()3
أجنبي شيعي في البالد من لبنان وسوريا وتونس والعراق.
1موقع lakome2.com
2موقع 03 ،alhurra.comيونيو 2022
3موقع lakome2.com
12
ثانيا :وضعية الحرية الدينية حسب تقرير 2023
"الخارجية األمريكية تشيد بوضعية الحريات الدينية وتعزيز قيم التسامح بالمغرب"
أصدرت وزارة الخارجية األمريكية ،يوم اإلثنين 15ماي ،2023التقرير السنوي للحريات الدينية في
العالم برسم العام الماضي ،يتضمن تقييما لظروف حرية الدين والمعتقد في حوالي 200دولة ،مصنفا ا
كال من
السعودية وإيران ضمن الدول التي “تثير قلقا خاصا” ،فيما وضع الجزائر ومصر والعراق ضمن قائمة المراقبة.
بخصوص المغرب ،أشاد التقرير بالتقدم الذي أحرزته البالد في مجال الحريات الدينية وفق الرؤية الملكية
في هذا اإلطار ،مؤكدا عقد لقاءات عدة بين مسؤولين أمريكيين ونظرائهم المغاربة إضافة إلى ممثلين عن األقليات
الدينية ،بشكل منتظم ،من أجل تعزيز قيم التسامح والحوار بين األديان.
الوثيقة ذاتها أشارت إلى أن أكثر من 99في المائة من المغاربة مسلمون سنة ،في حين يشكل المسيحيون
واليهود والبهائيون مجتمعين ما نسبته 1في المائة ،من مجموع السكان ،أما نسبة المسلمين الشيعة في البالد ،فال
()1
تتجاوز 0,1في المائة.
وأورد التقرير أن الحكومة المغربية واصلت مراجعة المناهج التربوية المعتمدة في تعليم الدين بالمدارس،
وإدخال إصالحات قائمة على القيم الكونية المتعارف عليها بشأن الحرية والتضامن والتسامح بين األديان.
على صعيد آخر ،أفاد التقرير نقال عن ممثلي بعض األقليات المسيحية ،بأن "الحكومة رفضت أو أخرت
طلبات تسجيلهم كجمعيات" ،كما سجل "مواصلة رفض السلطات المغربية السماح بتأسيس جماعات شيعية في
البالد".
المصدر ذاته وقف على مواصلة "جماعة العدل واإلحسان" ،المحظورة في المغرب ،أنشطتها عبر عقد
مؤتمرات ولقاءات وإصدار بيانات صحافية ،إضافة إلى المشاركة في المظاهرات وإدارة مواقعها على الشبكة
العنكبوتية.
ونقل تقرير الخارجية األمريكية عن ممثلين لبعض األقليات الدينية اضطرارهم إلى "ممارسة شعائرهم
الدينية في تكتم وبعيدا عن األنظار ،خوفا من المضايقات المجتمعية التي يتعرضون لها".
وفيما يخص اليهود المغاربة ،سجلت الخارجية األمريكية استمرار ممارستهم لطقوسهم التعبدية وزيارة
دور العبادة وإقامة احتفاالتهم السنوية دونما تضييف أو حظر من طرف السلطات المغربية.
يذكر أن الدستور المغربي لسنة 2011نص في فصله الثالث على أن "اإلسالم دين الدولة ،والدولة تضمن
لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية" ،إضافة إلى أن المملكة طرف في عدد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية
في هذا اإلطار ،على رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب بتاريخ
()2
3ماي .1979
13
في خطاب أمير المؤمنين الملك محمد السادس بمناسبة زيارة البابا والذي نوه فيه على التعددية وتالحم
الديانات السماوية الثالثة في المملكة والذي يتجلى في المساجد والكنائس والبيع ،أوضح الملك أنه أمير جميع
المؤمنين حيث جاء في نص خطابه ” وبصفتي ملك المغرب ،وأمير المؤمنين ،فإنني مؤتمن على ضمان حرية
ممارسة الشعائر الدينية .وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين ،على اختالف دياناتهم.
وبهذه الصفة ،ال يمكنني الحديث عن أرض اإلسالم ،وكأنه ال وجود هنا لغير المسلمين ،فأنا الضامن
لحرية ممارسة الديانات السماوية ،وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة ،والمسيحيين القادمين من الدول
1
األخرى ،الذين يعيشون في المغرب.
وخالصة القول ،لقد عرف المغرب هويات دينية وعقائدية وثقافية تعايشت مع بعضها بسالم دون صراع
أو حروب ،وتعد مؤسسة إمارة المؤمنين الوصية على الشأن الديني بالمغرب ،وقد أحدثت إصالحات جوهرية
في الحقل الديني ،فراكم المغرب تقدما في تدبير ملف الحرية الدينية ،وصارت لألقليات الدينية قابلية للظهور
والتعبير والنقاش ،ورغم سلبيات بعض التقارير حول الحرية الدينية بالمغرب إال أن آخرها لسنة 2023قد أشاد
بالمكانة المتميزة لليهود المغاربة في المغرب وممارستهم لشعائرهم الدينية بكل حرية منذ وجودهم في المجال
المغربي.
وقد عمل ملوك المغرب على حماية المكون العبري في إطار السياسة الدينية المغربية ،كما عمل أمير
المؤمنين على حماية التراث المادي وغير المادي العبري باعتباره جزء ال يتجزأ من التراث الوطني من خالل
تأهيل بعض المواقع والفضاءات الدينية ،مما يرفع من مؤشر الحرية الدينية بالمغرب.
المطلب الثاني :تقرير اللجة األمريكية لدولة مصر ما قبل الربيع العربي وبعده
في كل سنة تصدر تقارير دورية حول الحريات الدينية في العالم من قبل اللجنة األمريكية للحريات الدينية،
وكان انشغالها بالخصوص حول تجاوزات -حسب تعبيرها -في حق حريات الرأي والعقيدة الدينية.
وفي هذا المطلب نود أن نقتصر على مصر العربية التي عرفت في السنوات األخيرة عدة تحوالت ،وقد
اخترنا أن نتناول بعض التقارير حول مصر.
ولقد اخترنا هذه التقارير التي صدرت ما بعد أحداث 2001 /9 /11أي الفترة التي تعيش فيها أغلب الدول
اإلسالمية والدول العربية اإلسالمية ضغطا رهيبا من أمريكا .وكان نتيجة ذلك تغيير أغلب هذه الدول المناهج
2
الدراسية ،بل وحذف بعض العناوين الرئيسية للتربية اإلسالمية.
1نص-الخطاب الذي ألقاه أمير المؤمنين خالل مراسم االستقبال الرسمي لقداسة-البابا فرانسيس ،المنشور في الموقع الرسمي رئاسة الحكومة
بتاريخ 31مارس 2019
سجالت سي آي إيي وزارة الخارجية األمريكية التقرير حول الحريات الدينية في العالم مصر سبتمر .2004 2
14
وفي هذا الوقت بالذات انتقل وفد من اللجنة األمريكية إلى مصر للحديث مع المصريين صيف 2004حول
مجهودات األمة لتطوير حرية الديانة والعقيدة وحرية اإلنسان وفق مطابقة لالتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان التي
1
كانت دولة مصر طرف فيها.
ولقد تلقى هذا الوفد خالل هذه الزيارة بشخصيات بارزة في الحكومة المصرية آنذاك ،والتقى كذلك
2
بشخصيات في الشأن الديني وحقوق اإلنسان ومؤيدي حقوق المرأة ومثقفين ومربيين وخبراء في القانون.
ونشطاء آخرين في المجتمع المدني .فهذه المعلومات التي تم جمعها من خالل هذه الزيارة إضافة إلى
3
األبحاث واالستطالعات التي تم القيام بها...
ورغم هذا كله فاللجنة األمريكية لم تقتنع بما قامت به السلطات المصرية من إصالحات في الحقل الديني
الحريات وحقوق اإلنسان االنسان ،وقد اتخذت اللجنة قرارا بإدراج مصر العربية في قائمة الدول التي تستحق
المتابعة لسنة ،2004وادعت أن مصر وإن قامت بتلك الخطوات المشجعة في التقرير المذكور فقد تدهورت في
4
مجاالت أخرى.
ورغم ذلك فإن العالقات بين البلدين قوية بما فيها من التعاون في مجال االستقرار اإلقليمي ،والحرب ضد
اإلرهاب بحيث تحتل مصر المرتبة الثانية عالميا للبلدان المنفعة من المساعدات األمريكية بما يقارب ملياري
دوالر من التعاونية االقتصادية واألمنية.
وفي عهد بوش االبن كان ينادي مصر إلى فتح المجال للديمقراطية في الشرق األوسط منذ ،2003وال
يفوت فرصة اال وجدد هذا النداء .ورغم هذا كله فإن اللجنة األمريكية ترى قوة العالقات الثنائية بين البلدين وهي
فرصة للجنة األمريكية من أجل تحقيق تطوير حماية الحقوق المعترف بها دوليا من حرية الديانة والعقيدة ،وهذا
5
بالغ األهمية للسياسة األمريكية في تشجيع الحرية والديمقراطية في الشرق األوسط حسب هذا التقرير.
ولكن حسب بعض التقارير التي اطلعت عليها فما زالت تطالب مصر بمزيد من الحريات الدينية ،حيث
جاء في عدة تقارير ومنها لسنة 2202في سبتمبر حكمت محكمة طرة على رجل بالسجن 14عاما الرتكابه
3وزارة الخارجية األمريكية خاص بالبالد حول مقاربات حقوق اإلنسان مصر 2005
4المصدر نفسه
5المصدر نفسه
6تقرير حول الحرية الدينية الدولية في مصر موقع سفارة الوالية المتحدة األمريكية
15
جريمة قتل عام 2013وثالثة من اتباعه ،وفي يونيو حكمت محكمة القاهرة على الداعية السلفي محمود شعبان
15عاما بتهمة التحريض على العنف ومعارضة الدولة.
وفي ردود األفعال داخل مصر من جماعات وصفت بأنها لحقوق االنسان وان قوانين ازدراء األديان
1
متصف الغموض وموسع للغاية ،ويشكل هذا تهديدا لحرية التعبير -حسب قول التقرير -ودعت إلى الغائها.
وأما ردود األفعال من قبل الدولة المصرية فقد أطلقت سراح الناشط المصري القبطي رامي كمال المحتجز
منذ 2019بتهمة الكفر ،والناشط رضا عبد الرحمان ،4المحتجز منذ 2020بتهم من بينها االنتماء إلى داعش
إلى غير ذلك من األحكام التي أطلق بسببها سراح العديد من المحتجزين منذ 2013والى اآلن.
فدولة مصر لديها عدة تحديات من قبل هذه المنظمات الدولية ،وخاصة التقارير التي تصدرها هذه األخيرة
والتي تتعلق بالحريات وحقوق اإلنسان ،ولذلك ترى دولة مصر تخضع لهذه التوصيات وهذه التقارير.
الخاتمة
ستبقى التقارير األمريكية للحريات الدينية مثارا للردود ما بقيت الواليات األمريكية شرطي العالم وذلك:
-1الختالف مفهوم حرية التدين والحريات الشخصية بين الثقافات واالديان .فحرية التدين ،مثل كل الحريات،
ليس لها مدلول مطلق فإن آراء الناس قد تختلف فيما يعتبر من السلوك انتهاكا ً للحرية وماال يعتبر كذلك.
فالسلوك الذي يقيد حرية شخص أو طائفة معينة ،في فعل أمر يوجبه دين ذلك الشخص أو تلك الطائفة ،إذا
اعتبر انتهاكا ً للحرية ،فإن السلوك الذي يفرض عليهم افعل أمر يحرمه دينهما يعد أيضا ً انتهاكا للحرية.
ومن المتفق عليه أيضا ً أن منع الشخص من أن يتعدى على حرية غيره ال يعتبر انتهاكا لحريته ،وإن كان
األمر يبغض الطرف عنه أحيانا ً حينما ال يوجد تناسب معتبر بين الحريتين ،كما ال يعتبر انتهاكا ً لحرية الشخص،
منعه من اإلخالل بالقانون أو اإلخالل بالنظام العام أو اآلداب العامة ،أو اإلخالل باألمن القومي والسلم االجتماعي.
على أن األمر يغض الطرف عنه أحيانا ً عندما نالحظ أن اعتبار فعل ما يوافق النظام العام أو اآلداب العامة أو
يخالفها هو أمر نسبي يختلف باختالف الثقافات أو األهواء.
ويالحظ أن دعوى اإلخالل بالنظام العام أو اآلداب العامة أو األمن القومي ،قد تكون دعوى يقصد منها
التبرير وليس الحقيقة ،وفي هذه الحالة كثيرا ً ما تكشف الظروف المالبسة حقيقة مثل هذه الدعوى؛
إن أثر النظام العام واآلداب فيما يتعلق بتقييد الحرية قد يختلف أثره قوة وضعفا ً بين مجال ومجال ،فقد
يكون مؤثراً ،بحيث يقتضي في الواليات المتحدة األمريكية حرمان المواطن األمريكي الذي يمارس تعدد
الزوجات من شغل منصب القضاء دون أن تقبل دعواه أن هذا الحرمان يقيد حريته الدينية أو يميز ضده ،ولكنه
ال يكون مؤثرا ً بحيث يقتضي حرمانه من حقوقه المدنية األخرى.
1المصدر نفسه
16
-2تصريح الخارجية األمريكية على موقعها US DEPARTEMENT of state1
إن المبدأ الموجه لها "هو ضمان تقديم كافة المعلومات ذات الصلة بشكل موضوعي وكامل ومنصف قدر
اإلمكان .غير أن الدوافع ودقة المصادر تختلف ،ووزارة الخارجية األمريكية ليست في وضع يسمح لها بالتحقق
بشكل مستقل من جميع المعلومات الواردة في التقارير.
وتستخدم التقارير ،قدر المستطاع ،مصادر متعددة لتعزيز الشمول وتقليل احتماالت التحيز .إن وجهات
نظر أي مصدر معين ليست بالضرورة وجهات نظر حكومة الواليات المتحدة .ولقد تم تصميم التقرير لتسليط
سِّد القضايا التي يتم اإلبالغ عنها في كل بلدالضوء على أمثلة لإلجراءات الحكومية والمجتمعية التي تُج ّ
وتوضحها .ويجب أال يُفسَّر تضمين حالة معينة أو حذفها باعتباره مؤشرا ً على أن حالة معينة تحظى بأهمية
أكبر أو أقل بالنسبة لحكومة الواليات المتحدة ،أو أن حالة ما هي المثال الوحيد المتوفر .ولكن الهدف هو تسليط
الضوء على طبيعة ونطاق وشدة اإلجراءات التي تؤثر على الحرية الدينية من خالل تقديم أمثلة توضيحية'.
17
الئحة المراجع والمصادر:
-االعالن العالمي لحقوق االنسان ،اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 217الف ،في 10دجنبر 1948
-الفقرة ما قبل األخيرة من ديباجة دستور ،2011الجريدة الرسمية عدد 5964مكرر الصادرة بتاريخ
30يوليوز . 2011الظهير الشريف عدد 1,11,91الصادر بتاريخ 29يوليوز 2011بتنفيذ نص الدستور
-صدر بمقتضى االستفتاء المصري بتاريخ 19مارس 2011والمعلن عن نتائجه يوم 20مارس 2011
-يوسف العاصي طويل ،البعد الديني لعالقة امريكا باليهود وإسرائيل وأثره على القضية الفلسطينية خالل
فترة ( ،)2009-1948مكتبة حسن العصرية ،بيروت ،ط2014/1م.
_تقير منظمة العفو الدولية للعام ،23/2022حالة حقوق اإلنسان في العالم ،منشورات منظمة العفو الدولية،
-تقير منظمة العفو الدولية للعام ،23/2022حالة حقوق اإلنسان في العالم ،منشورات منظمة العفو الدولية،
-توماس ميدفيتز ،مراكز البحث في امريكا ،ترجمة :نشوى ماهر كرم هللا ،منتدى العالقات العربية الدولية،
ط2015/1م.
-بول فندلي ،مذكرات بول فندلي –أمريكا في خطر ،-ترجمة :انطوان باسيل ،شركة المطبوعات للتوزيع
والنشر ،بيروت ،ط2011/1م.
-عماد الدين خليل ،أمريكا مرة أخرى ،دار ابن كثير ،ط2006/1م.
-موقع lakome2.com
-الموقع الرسمي للجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات -صفحة أسئلة متكررة-
https://www.uscirf.gov
18
الفهرس
المقدمة 1 ..........................................................................................................
المبحث األول :لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات ومرتكزات تقريرها السنوي4 ....... .
العالم 4..................................... المطلب األول :لجنة الواليات المتحدة حول حرية الديانات في
األمريكية 7.................... المطلب الثاني :مرتكزات التقرير ودوره في دعم السياسة الخارجية
المبحث الثاني :توصيات التقرير األمريكي دراسة في نماذج لدول عربية :المغرب ومصر 11 .
11.. المطلب األول :اختالف وضعية الحرية الدينية بالمغرب حسب التقارير االمريكية السنوية
وبعده 14................... المطلب الثاني :تقرير اللجة األمريكية لدولة مصر ما قبل الربيع العربي
19