You are on page 1of 3

‫النظم المؤسساتية‪:‬‬

‫إن خصوص ية المجتمع ات التقليدي ة المنغلق ة تتطلب تج اوزا لبنيته ا التنظيمي ة‬


‫المختلف ة ب البحث عن تنمي ة ق دراتها الذاتي ة‪ ،‬إذ يلج أ األف راد إلى االهتم ام‬
‫بالكمالي ات وتط وير الوس ائل ال تي تس اعد بل وغ مرحل ة التقي د في المي دان‬
‫الصناعي واإلنتاجي المتوفر والموَّس ع إلى إعادة تنظيم عالقاتها االجتماعية في‬
‫امتدادها المتشابك والمتداخل مع بيئتها الخارجية متسمة بالنسج التفاعلي الممتد‬
‫في نسق اجتماعي مفتوح تطبعه الصناعة‪ ،‬إذ تصبح متالزمة للحياة الحضرية‬
‫في مجتم ع واس ع تتع دد في ه الوظ ائف في مختل ف المي ادين وتتعق د أك ثر ف أكثر‬
‫بع دما أِلفه ا الف رد ببس اطة تركيبه ا ونس قها وه ذا م ا ع بر علي ه ابن خل دون‬
‫بالعمران الحضاري والعاملين‪.1‬‬

‫ويمكن تقس يم أنس اق المؤسس ة إلى ثالث ة أقس ام األول ه و النس ق المغل ق ال ذي‬
‫يمثل مجموعة من األجزاء المتكاملة وظيفيا والتي تشتغل داخليا وتعم ل منعزل ًة‬
‫عن بيئته ا الخارجي ة وهي أح د منظ ورات التحلي ل المؤسس اتي ال تي تنظ ر إلى‬
‫النسق على أنه مجموعة من العناصر المتوافقة والمترافقة‪ ،‬لها حاجات جزئية‪،‬‬
‫لغ رض تحقي ق أه داف مح ددة‪ ،‬ومن ه ذه األج زاء‪ :‬الفع ل الرس مي والعقالني‪،‬‬
‫القدرة المادية والتقنية واإلدارية والعالقات االجتماعية وجماعات العمل‪.2‬‬

‫فالنس ق المنغل ق ه و نم وذج الم دخالت‪/‬المخرج ات‪Input – Output.:‬‬


‫‪ Modelell‬حيث ال تح دد نظري ات األنس اق المفتوح ة على مث وى المص طلح‬
‫الع ام للنس ق‪ ،‬طبيع ة العالق ات بين النس ق والبيئ ة‪ ،‬فهي تعم ل بتص ور ع ام عن‬
‫البيئة ليس دقيقا فيما يخص وجود شروط خاصة ‪ ...‬فعلى المرء أن يفرق بين‬
‫نم وذج النس ق ‪ -‬بيئ ة وبين الفرض ية العام ة القائل ة ب أن األنس اق ال يس عها إن‬
‫تعين االعتالج إال إذا كانت موجودة في بيئة ما ومتصلة بها من جهة أخرى‬
‫وعالق ات نس ق – نسقـ‪ ،‬أي مس ائل تبعي ة معين ة لش روط بيئي ة أو تبعي ة معين ة‬
‫ضمن نظام اجتماعي ألنساق أخرى‪ ،‬على سبيل المثال خضوع نسق سياسي ما‬

‫‪ - 1‬عز الدين بوكربوط‪ .‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪4 -3‬‬

‫‪ - 2‬ناصر قاسيمي‪ .‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪141‬‬


‫القتصاد ناجح ارتباطا بعائدات الضرائب وكذلك ارتباطا باستخعداع المواطنين‬
‫النتخاب حكومة معينة ‪ ...‬وهي حالة ال مباالة النسق العمل‪.3‬‬

‫النس ق المفت وح يعم ل ع ل إدخ ال متغ يرات البيئ ة الخارجي ة في تحلي ل األنس اق‬
‫المختلف ة ومش اكلها الداخلي ة في نظ رة كلي ة‪ ،‬مفس را ذل ك في ض وء متغ يرات‬
‫المحيط بغرض الوصول إلى عالقة متزنة‪.4‬‬

‫التوازن والميكانزمات الداخلية والخارجية للنسق المؤسساتي‪:‬‬

‫إّن الوضعية الداخلية للنسق تميز بين كل تغير يؤدي إلى تعديل الكل من أجل‬
‫اس ترجاع وض عيته الس ابقة‪ ،‬إذ يعت بر مث ل ه ذا النس ق غائي ا‪Téléonomique‬‬
‫يسعى لتحقيق غاية وهدف إنه يسعى لبلوغ حالة معينة والحفاظ عليها الهدف‬
‫الغاية وتجسد هذه الوضعية صيغة معينة من التوليف بين عناصر النسق‪ ،‬مثال‬
‫على ذل ك‪ :‬تقس يم المجتم ع إلى طبق ات اجتماعي ة‪ ،‬اتج اه نح و توزي ع أدوار‬
‫اجتماعي ة‪ ،‬أم ا الت وازن الخ ارجي ي ؤدي إلى الموازن ة بين م دخالت ومخرج ات‬
‫النسق‪ ،‬مثال الميزان التجاري للدولة‪.5‬‬

‫أما النسق المنغلق فهو انغالق عملياتي ‪ ،‬أين يتم التمييز بين النسق والبيئة من‬
‫قبل النسق ذاته وال يستبعد ذلك وجود جهة أخرى تراقب هذا التمييز‪،‬أي جهة‬
‫ت راقب وج ود نس ق م ا في بيئ ة م ا‪ ،‬تكمن النقط ة المهم ة في س ياق فرض ية‬
‫االنغالق لعملي اتي بالنس بة لن ا في أن النس ق يخ ط ح دوده ع بر عمليات ه النوعي ة‬
‫الخاص ة ويم يز نفس ه عن البيئ ة‪ ،‬كم ا ال يمكن مراقبت ه كنس ق إال بع د أن يق وم‬
‫ب ذلك‪ ،‬به ذه الطريق ة‪ ،‬يح دث على نح و خ اص‪ ،‬ليس كم ا اتف ق‪ ،‬بعب ارة أخ رى‬
‫ينتج النسق فيه ذاته من خالل عمليات نوعية خاصة بالنسق العمل‪.6‬‬

‫‪ - 3‬نيكالس لومان‪ .‬مدخل إلى نظرية األنساق‪ ،‬منشورات الجمل‪ ،‬ط‪ ،1‬ترجمة يوسف فهمي حجازي‪،‬‬
‫كولونيا‪ ،‬ألمانيا‪ ،2010 :‬ص ‪62‬‬

‫‪ - 4‬ناصر قاسيمي‪.‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪130‬‬

‫‪ - 5‬جاك هارمان‪ .‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪90‬‬

‫‪ - 6‬نيكالس لومان‪ .‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪115‬‬


‫أم ا النس ق نص ف المفت وح فه و أح د مص طلحات التحلي ل النس قي ال ذي ج اء من‬
‫خالل إدراك ت أثير البيئ ة الخارجي ة‪ ،‬لكن ه أعطى األس بقية للمتغ يرات التنظيمي ة‬
‫الداخلية في تفسير الظواهر التنظيمية‪ ،‬مثل التكنولوجيا والمكافآت‪ ،‬فهي أنساق‬
‫ذات سمات مكتفية جزئيا‪.7‬‬

‫إّن التنظيم ات المؤسس اتية هي تنظيم ات مفتوح ة‪ ،‬عمله ا ال يرتب ط بش روط‬


‫داخلي ة مث ل البني ة التسلس لية فحس ب‪ ،‬وإ نم ا ك ذلك بمب ادالت التنظيم م ع البيئ ة‬
‫الخارجي ة‪ ،‬تتعل ق باختي ارات األش خاص وتموي ل الم وارد الض رورية لعم ل‬
‫المؤسس ة‪ ،‬كم ا تت أثر ه ذه المب ادالت بص ورة التنظيم أم ام الجمه ور‪ ،‬أو أم ام‬
‫الس لطات ال تي يرتب ط به ا ‪ ...‬أم ا فيم ا يتعل ق بالتموي ل فالتنظيم ات على غ رار‬
‫المشاريع ترتبط بمصداقية السوق‪ ،‬في حين أن البيروقراطيات العامة تتحصل‬
‫على مواردها من السلطات السياسية‪ ،‬فالكسب يصادق على نوعية التكيف بين‬
‫المؤسسة والمحيط‪.8‬‬

‫فمن خالل ه ذا المنظ ور يتض ح لن ا أن التب ادل يش كل م د وج زر تف اعلي يجس د‬


‫فيهم ا الت وازن حال ة من الثب ات أو ع دم التن وع ال تي يحققه ا النس ق االجتم اعي‬
‫في مواجه ة محيط ه‪ ،‬لكن ذل ك ال يع ني وض عية لجم وده‪ ،‬غن األنس اق‬
‫االجتماعية أنساق مفتوحة ال تستطيع حماية حدودها والحفاظ على بنيانها‪ ،‬إال‬
‫بفض ل تع ديالت داخلي ة مس تمرة تحق ق حال ة من الت وازن واالس تقرار‬
‫‪ Homéostatique‬النسبيين‪.9‬‬

‫‪ - 7‬ناصر قاسيمي‪ .‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪130‬‬

‫‪- 8‬ر‪ .‬بودون‪ .‬فـ ‪ .‬بوّريكو‪ .‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪203‬‬

‫‪ - 9‬جاك هارمان‪ .‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪90‬‬

You might also like