Professional Documents
Culture Documents
أنواع الحقوق
أنواع الحقوق
لقد أعتمد الفقه التقسيم التقليدي للحقوق ،وهو تقسيم الحقوق إلى حقوق مالية وحقوق غير مالية ،ويقوم
هذا التقسيم على مدى توفر أو تخلف القيمة المالية في الحق منها دخول الحقوق المالية وحدها في الذمة
المالية ،فهي قابلة للحجز والتقادم واإلرث خالفا ما هو عليه بالنسبة للحقوق الغير المالية .
أنتقد هذا التقسيم وذلك بوجود حقوقا على الحدود بين الطائفتين ،بالتالي إمكانية التداخل بين الطائفتين ،
وذلك بوجود تقسيما ثالثا للحقوق أي الحقوق المختلطة ( المعنوية أو الذهنية ) التي فيها جانب يقوم بالمال
وآخر ال يقوم بالمال .
الحقوق الغير المالية حقوق ال يمكن تقويمها بالمال أي بالنقود ،فهي حقوق ذات قيمة معنوية ال تقدر
بالمال وليست لها قيمة اقتصادية ،فهي حقوق تعطى لإلنسان باعتباره إنسان .
يمكن تحديد هذه الحقوق الغير المالية إلى ثالث أصناف ،منها حقوق الشخصية ( ، )1الحقوق السياسية
( ، )2حقوق األسرة (. )3
حقوق الشخصية أو ما يطلق عليها بالحقوق اللصيقة بالشخصية هي حقوق تنصب على مقومات وعناصر
الشخصية ذاتها ،تعطى للشخص باعتباره إنسانا ،وهي حقوق تعطى سواء لألجانب أو المواطنين ،ومن
خصائصها أنها تالزم الشخص حتى وفاته ،فيتمتع بها كل شخص دون شرط .
من هنا فهذه الحقوق تقترب إلى حد كبير من الحريات من حيث أنها تمنح لكل إنسان ،لكن هذه الحقوق
تنشئ على خالف الحريات ،ويمكن لنا أن نحدد بعض هذه الحقوق اللصيقة بالشخصية تحديدا نموذجيا
باعتبار هذه الحقوق ليست ثابتة النطاق وفي تزايد وتنوع .
يمكن رد هذه الحقوق إلى نوعين نتناول األول منها الحماية المادية لإلنسان ( جسمه وأعضائه) ،واآلخر
يتناول الحماية المعنوية له ( سمعته وشرفه ).
نتناول بالتالي الحقوق المتعلقة بالكيان المادي للشخصية (أ) ،ثم نعرج إلى الحقوق الخاصة بالكيان
المعنوي للشخصية (ب) ،وننتهي بتحديد خصائص هذه الحقوق اللصيقة بالشخصية (جـ) .
1
يتقدم الحق في الحياة طليعة الحقوق المكرية لحماية الكيان المادي لإلنسان ،والحق في سالمة بدنه أو
جسمه ،فيمنع بالتالي المساس بهذه الحقوق أي بالجسد أو بأعضاء اإلنسان المختلفة .
يترتب عن حماية الكيان المادي لإلنسان في مواجهة الغير أنه يقع لزاما على الغير االمتناع عن المساس
أو االعتداء على جسم اإلنسان سواء بالقتل أو الجرح أو الضرب ،هذا ما كرسه قانون العقوبات
الجزائري ،أضف إلى ذلك الحق في البدن الذي بمقتضاه ال يجوز إجراء جراحة طبية للمريض إال
بموافقته إال في حالة استحالة الحصول على الموافقة نظرا لحالة المريض هنا للطبيب إجراء العملية دون
موافقة المريض ،أضف إلى ذلك يتفرع عن حق الشخص في سالمة جسده وأعضائه عدم جواز إجباره
على إجراء التحاليل الطبية مثال تحليل الدم ما لم ينص القانون على غير ذلك مثل التحاليل المطلوبة قبل
إبرام عقد الزواج .
أما عن حماية الكيان المادي لإلنسان في مواجهة صاحب الحق نفسه ،فقد أعتبر القانون الوضعي ظاهرة
االنتحار التي يقدم عليها اإلنسان عمال يعاقب عليه القانون وذلك العتبارات دينية وأخالقية وإنسانية .
فأخذت معظم التفنينات الحديثة على بطالن كل تصرف يقع على جسم اإلنسان أو على جزء منه إذا كان
من شأنه أن يشكل اعتداء عليه ،أي يشكل خطرا على حياة صاحبه أو على استمرار سالمة واكتمال كيانه
المادي.
هذا ال يمنع أنه يجوز تصرف اإلنسان في جسده وذلك لتحقيق المصلحة العامة مثل التبرع بالدم أو الهبة
ألنقاد حياة اآلخرين ،ويحدد هذا التصرف بشرطين وهما أن ال يؤثر هذا التصرف على حياة الشخص ،
وثاني شرط أن ال يهدف الشخص إلى تحقيق غاية مخالفة للنظام العام واآلداب وإذا كان الهدف هذا يتقرر
البطالن المطلق للتصرف .
امتدت هذه الح ماية للكيان المادي لإلنسان حتى بعد وفاته وذلك حفاظا على الكرامة اإلنسانية ،هذا ال يمنع
أن لإلنسان له أن يوصي بجثثه أو بجزء أو بعضو لم عهد األبحاث العلمية أو أن يوصي بعد وفاته إلى جسم
من يحتاج إليه من المرضى .
إن حماية الكيان المعنوي للشخص ال يقل أهمية عن حماية الكيان المادي ومن أمثلة هذه الحقوق الحق في
االسم ،الحق في الصورة ،الحق في حرمة المسكن ،الحق في السرية ،الحق في الشرف والحق
المعنوي للمؤلف ،وهذه الحقوق تعتبر من مستلزمات شخصية اإلنسان األدبية أي المقومات المعنوية
لشخصية كل إنسان ،وسنتناول البعض منها وليس كلها وذلك لتنوعها ،منها الحق في احترام الحياة
الخاصة ،الحق في الصورة ،الحق في االسم ،الحق في حرمة المسكن ،الحق المعنوي للمؤلف على
نتاجه الفكري .
إن لكل إنسان حياته الخاصة ( العائلية والعاطفية ) فلكل شخص السيرة الذاتية والحالة الصحية والحياة
المالية أي حالة العسر أو الي سر والمعتقد الديني والحياة المهنية ،لكن المشكل يثار في تحديد حدود هذه
المنطقة الخاصة أي تحديد ما بين الحياة الخاصة والحياة العامة ،فتعتبر من قبيل الحياة العامة الحياة
2
المهنية أو الحياة في أماكن عامة ،أما عن الحق في الحياة الخاصة هو حق الفرد في الخصوصية والسرية
بشأن حياته .
أقر القضاء الفرنسي هذا الحق وأعتبر أن نشر صورة شخص دون موافقته يمكن أن يشكل خرقا لسرية
الحياة الخاصة فمثال أخد الصورة في مكان خاص مثال أخد صورة فنان مطرب أو مسرحي وهو طريح
الفراش .
الحق في االسم ينصب على مصلحة الفرد في تحديد هويته في مختلف تعامالته مع الغير وهي مصلحة
معنوية ،وللحق في االسم حماية قانونية المتمثلة في رفع الدعوى في حالة االعتداء ( المطالبة بوقف
التعدي والتعويض جراء الضرر الحاصل ،وصوال إلى الدعوى الجزائية في حالة انتحال األلقاب
واألسماء.
يقصد بالحق في حرمة المسكن حق الشخص أن يمنع الغير من الدخول إلى مسكنه أي حق كل شخص في
أن يجعل من مسكنه مكانا يلجأ إليه ب عيدا عن تدخل الغير ،فالمسكن هو القلعة الحصينة للفرد.
أقرت التشريعات الوضعية منها قانون العقوبات حماية جنائية منها ما قضت به المادة 295من قانون
العقوبات ،من هنا فالقانون قرر حماية جزائية ضد أي اعتداء على حرمة المسكن ،وهذه الحماية تمتد
لكل شخص سواء كان مالكا أو مستأجرا سواء كان كذلك هذا المسكن أساسي أو فرعي مثل المصيف
والمنزل الريفي وفي مواجهة كل األشخاص .
يرد الحق المعنوي للمؤلف على نتاجه الفكري على الجانب المعنوي للشخص ،فيمس الجانب الذهني أو
الفكري للشخص ،فأ فكار الشخص التي هي من صنعه تعتبر جزءا ال يتجزأ من شخصيته.
إن خصوصية هذا الحق أنه مالزم للشخص لكنه ينتقل إلى ورتثه بعد وفاته .
يمكن لنا أن نستنتج أن الحقوق اللصيقة بالشخصية تنصرف إلى كل األشخاص الطبيعية وحتى األشخاص
المع نوية ولو أنها تتميز ببعض الخصائص ،ويطلق عليها كذلك بالحقوق الطبيعية أو الحقوق العامة أو
حقوق اإلنسان ،ونظرا لطبيعتها واقترانها باإلنسان انفردت بخصائص معينة وهي أنها حقوق ال يجوز
التصرف فيها أي خارجة عن التعامل و حقوق ال تنتقل بالميراث و حقوق ال تسقط وال تكتسب بالتقادم
وحقوق ال يجوز الحجز عليها .
:2الحقوق السياسية
3
يراد بالحقوق السياسية هي الحقوق التي تثبت للشخص لتمكينه من اإلشراك في إدارة شؤون المجتمع ،
فهي تثبت للشخص باعتباره منتميا إلى بلد معين فيخول له اإلشراك في حكمه ،بمعنى آخر إن الحقوق
السياسية هي سلطات تقررها فروع القانون العام لبعض األشخاص لتمكينهم من القيام بأعمال معينة
يشركون بها في إدارة شؤون المجتمع السياسية ،بالتالي ال يتمتع بالحقوق السياسية إال رعايا الدولة دون
األجانب ،ومن بين هذه الحقوق الحق في االنتخاب ،الحق في الترشح ،الحق في تولي الوظائف العامة ،
حق الفرد في اختيار الممثلين له في المجالس المحلية ،الحق في تكوين األحزاب السياسية .
انطالقا من تعريف الحقوق السياسية يمكن إجمال خصائصها فيما يلي :
ـــــ قصور الحقوق السياسية إال على المواطنين فال تقرر للكافة .
ـــــ ال تتقرر الحقوق السياسية لجميع المواطنين إال بتوفر شروط معينة مثل الترشح لعضوية مجلس
الشعب أو مجلس األمة البد من توفر شروط .
ـــــ تتميز الحقوق السياسية بالطابع الغير المالي بالتالي يحضر تداولها .
ــــ إن الطابع الغير المالي للحقوق السياسية يجعل منها غير قابلة للتنازل و التصرف و اكتسابها بالتقادم أو
انتقالها بالميراث .
: 3حقوق األسرة
حقوق األسرة هي الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره عضوا في أسرة معينة ،تنشأ حقوق األسرة عن
مركز الفرد في محيط أسرته ،فهي حقوق تقوم بين أعضاء األسرة بعضهم قبل البعض وتثبت لكل منهم
باعتبار مركزه في األسرة ،فللزوج حق على زوجته ولألب حق على أوالده ولألبناء حقوق على اآلباء ،
فالغرض من تقريرها هي خدمة مصلحة األسرة .
فحقوق األسرة هي مراكز ممتازة أو سلطات أو اختصاصات يعترف بها قانون األحوال الشخصية (
قانون األسرة) لبعض األشخاص بسبب صلة القرابة أو الزواج أو المصاهرة بينهم وبين سائر أفراد
أسرتهم كسلطة األب قبل أوالده وسلطة الزوج قبل زوجته.
من هنا ال تعتبر حقوق األسرة حقوق خالص ة إذ تتميز في مجموعها عن بقية الحقوق اآلخرين بأنها
واجبات في نفس الوقت ،فحق األب في تربية أوالده يتضمن في ذات الوقت واجبا على األب بالتأديب.
ــــــ إن حقوق األسرة بذلك حقوق غير مالية ،غير قابلة للتعامل أي تخرج عن دائرة التعامل أو التنازل
أو التصرف ،أضف إلى ذلك هذه الحقوق ال يكون فيها للدائن توقيع الحجز عليها وال تنتقل للورثة ,
ــــ أن حقوق األسرة ال تخول ألصحابها سلطات فحسب بل تضع على عاتقهم أيضا واجبات في نفس
الوقت.
ــــ إن حقوق األسرة من مسائل األحوال الشخصية ،وهذا ما نظمه المشرع الجزائري في قانون األسرة .
4
ثانيا :الحقوق المالية
يقصد بالحقوق المالية الحقوق التي تقوم بالمال ،ويترتب عن الطابع المالي لهذه الحقوق أنها حقوقا قابلة
للتداول والتعامل والتصرف والتنازل عنها ،فهي حقوق تخضع للتقادم المسقط والمكسب ،تنتقل بالميراث
،وتمثل الجانب اإليجابي للذمة المالية.
تنقسم الحقوق المالية إلى قسمين ،الحقوق العينية ( ، )1والحقوق الشخصية أو حقوق الدائنية (. )2
:1الحقوق العينية
يعرف الحق العيني أنه سلطة مباشرة لشخص معين على شيء معين ،وهذه السلطة المباشرة تخول
صاحب الحق ا إلفادة من هذا الشيء مباشرة ودون توقف على إرادة أحد آخر .
يعرف كذلك الحق العيني أنه استئثار يتقرر لشخص على شيء معين يمكنه من القيام بأعمال معينة بالنسبة
لهذا الشيء ،وذلك تحقيقا لمصلحة يقررها القانون ،فللمالك سلطة االستعمال واالستغالل والتصرف
دون تدخل من الغير لتمكينه من ممارسة حق من حقوق بالنسبة للشيء المملوك له ،فحق المالك صاحب
الحق العيني له أن يباشر حقه دون وساطة أحد بالتالي الحق العيني هو سلطة على الشيء ،والحق العيني
ككل الحقوق يقابله واجب ،ويتمثل هذا الواجب في التزام كافة الناس باحترام هذا الحق وعدم التعرض
لصاحبه ،ولذا فإن هذا الواجب يعتبر واجبا عاما أي يلتزم به الجميع ،كما يعتبر واجبا سلبيا ألن مؤداه
االمتناع عن االعتداء على هذا الحق.
ــــ الحق العيني سلطة على الشيء أي أن يكون الشيء ماديا مثل سيارة أو منزال .
ـــــ إمكانية صاحب الحق العيني التخلي عن الشيء فلصاحب الحق العيني السلطة على محل الحق فله
استعماله أو استغالله أو بيعه أي التصرف فيه ونقل الملكية إلى الغير مثل البيع والهبة .
تنقسم الحقوق العينية إلى قسمين ،حقوق عينية أصلية ،وحقوق عينية تبعية
يقصد بالحقوق العينية األصلية الحقوق التي تقوم بذاتها وهي ال تستند في وجودها إلى حقوق أخرى مثل
حق الملكية والحقوق المتفرعة عنها .
يراد بها كذلك أنها تلك الحقوق التي تخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيء تمكنه من استعماله
واستغالله والتصرف فيه .
ويقصد كذلك بالحقوق العينية األصلية تلك الحقوق التي تكون مستقلة من حيث وجودها فهي حقوق قائمة
بذاتها وال تستند أو تتبع حقا آخرا.
5
ـــ حق الملكية
يعد حق الملكية من أوسع الحقوق العينية نطاقا وأوسع الحقوق المالية ،أي أوسع من حيث الصالحيات
التي يمنحها للمالك ،إذ يخول المالك كل السلطات على الشيء من حيث استعماله واستغالله والتصرف
فيه ،وهذه هي عناصر حق الملكية .
عرف المشرع حق الملكية انطالقا من السلطات التي يتمتع بها المالك ،فلمالك أن يستعمل الشيئ وله
استغالله وله أن يتصرف في الشيء محل حق الملكية .
ويقصد بحق االستعمال استخدام الشيء فيما أعد له كالسكن في الدار أو الركوب في السيارة ،أما عن
استغالل الشيء فيراد به الحصول على ما يدره الشيء من ثمار سواء ثمار مادية مثل نتاج الحيوان دون
تدخل اإلنسان أو ما ينتجه الشيء بتدخل اإلنسان مثل محصول األرض أو ثمار مدنية مثل قيام المالك
بإيجار أرضه للغير ( المستأجر ) بمقابل آخر يتفق عليه.
أما عن سلطة التصرف فهو استعمال الشيء استعماال تستنفد معه سلطات أو حق المالك كليا أو جزئيا ،
ويراد به استخدام الشيء استخداما يستنفذ كال أو بعضا ،وقد يكون إما تصرف مادي مثل استهالك الشيء
أو إتالفه أو تحويل نهائيا لل شيء فيصبح شيء آخر مثل استعمال مواد البناء لبناء منزل أو إضافة طابق
ثاني أو هدم طابق من المبنى أو عمل مادي بمقتضاه ينهي على الشيء المالك مثل هدم المالك لمبناه كلية
،أو يكون تصرفا قانونيا مثل بيع الشيء أو هبته .
لحق الملكية خصائص فهو حق جامع ،حق مانع ،حق دائم ،حق مطلق.
يراد بخاصية أن حق الملكية حق جامع أنه حق يمنح للمالك كل السلطات من استعمال واستغالل وتصرف
،وللمالك بمقتضى هذه السلطات أن يصنع بملكه ما يشاء إال ما منع منه القانون .
أما في إعتباره حقا مانعا فهو إنفراد أو اقتصار هذا الحق على صاحبه ال ينازعه فيه أحد أي أن المالك
يستأثر بجميع مزايا الملكية دون غيره فال يشاركه أحد في ملكه وليس ألحد أن يتولى شؤون غيره ،مع
العلم أن هناك صورا فيها تكون الملكية لشيء مشترك بين شخصين أو أكثر مثل الملكية على الشيوع
وملكية الورثة قبل تقسيمها .
ويعتبر حق الملكية حق دائم ومؤبد يدوم دوام الشيء المملوك ال ينقضي إال بانقضاء هذا الشيء ،
ويترتب عن هذه الخاصية أن حق الملكية والسلطات المتفرعة منه تبقى بعينها حتى ولو انتقلت الملكية إلى
شخص آخر فانتقال الملكية ال يعني زوالها .
أضف إلى ذلك أن حق الملك الملكية ال يزول بعدم استعماله خالفا لبعض الحقوق األخرى التي تسقط
بالتقادم ( حق االنتفاع ،االستعمال ،السكن ) ،فعدم استعمال حق الملكية ال يسقط مهما طال الزمن .
6
يراد بالحقوق المتفرعة عن حق الملكية تلك الحقوق التي تزود صاحبها بعض مزايا حق الملكية على
الشيء مملوك للغير ،فهي بذلك الحقوق العينية التي تقتطع بعض عناصرها لمصلحة شخص آخر غير
المالك .
تتمثل الحقوق المتفرعة عن حق الملكية في حق االنتفاع فهو حق عيني يخول صاحبه سلطتي استعمال
واستغالل شيء محدد مملوك لغيره سواء عقارا أو منقوال دون سلطة التصرف التي تبقى للمالك ،ويمكن
أن نعرفه كذلك أنه االنتفاع بشيء مملوك للغير كما ينتفع به المالك نفسه لكن مع وجوب المحافظة عليه ،
حق االستعمال وحق السكن ويراد بحق االستعمال أنه حق عيني يخول صاحبه استعمال الشيء الذي يقع
عليه وذلك بالقدر الالزم لما يحتاج إليه وأسرته الخاصة أنفسهم مثال حديقة للشخص حق استعمالها ،فإن
كان فيها الثمار فله القدر الذي يحتاجه هو وأسرته وليس له أن يبيعها ،أما حق السكن هو سلطة مباشرة
لشخص على منزل مملوك للغير يخول صاحبها أن يسكنه لمدة معينة .
أضف إلى ذلك ما يعرف بحق اإلرتفاق فهو حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر
،فينشئ حق االرتفاق عالقة بين عقارين مملوكين لمالكين مختلفين ،فحق االرتفاق تكليف مقرر على
عقار لمنفعة عقار آخر يملكه شخص آخر ،ويسمى العقار المقرر عليه هذا التكليف بالعقار الخادم أو
العقار المرتفق به ويسمى العقار المقرر لمنفعته هذا التكليف بالعقار المخدوم أو العقار المرتفق .
ومن الحقوق المتفرعة عن حق الملكية ما يعرف بحق الحكر أستمد هذا الحق من الشريعة اإلسالمية ،
وهو تسلم أرض في حاجة إلى إصالح إلى شخص يقوم بإصالحها وتعميرها بالبناء عليها أو بالغراس فيها
،ويكون لمن سلم األرض المحتكر عيني يخوله االنتفاع بها في مقابل دفع أجرة المثل أي األجرة التي
تدفع لمثل هذه األرض ،وللمحتكر حق االنتفاع ( استعمال واستغالل) دون ملكية الرقبة.
يراد بالحقوق العينية التبعية التأمينات العينية أي أنها الحقوق التابعة لحق آخر وهو الحق العيني األصلي ،
فال تقوم هذه الحقوق العينية التبعية بذاتها مستقلة عن هذا الحق ،أي أنها الوسائل التي تكفل للدائن
الحصول على حقه قبل غيره من الدائنين من العين أو األعيان التي تقدم ضمانا للدين الذي على المدين.
إن الحقوق العينية التبعية هي ضمان خاص للدائن وإن لم تكن ضمان خاص فهي ضمان عام للدائن .
يراد بالضمان العام أن عند حلول أجل الدين دون أن يستوفي الدائن حقه ،فله أن يستوفي حقه قهرا بالتنفيذ
على أموال المدين ،أما الضمان الخاص ويقصد به الضمان الذي يكون على شيء معين يخول للدائن
استيفاء حقه من قيمته النقدية باألولوية على غيره ،ويخول له حق تتبع ذلك الشيء إذا تصرف فيه المدين
.
ينشأ الرهن الرسمي بمقتضى عقد رسمي ويرد إال على العقار ،وال تنتقل حيازة العقار المرهون الى
الدائن المرتهن بل يبقى المدين الراهن مالكا للعقار المرهون ،عرف المشرع الجزائري الرهن الرسمي
7
في المادة 882منه أنه " الرهن الرسمي عقد يكتسب به الدائن حقا عينيا ،على عقار لوفاء دينه ،يكون له
بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان "
.
ف الرهن الرسمي حق عيني عقاري ،للدائن المرتهن حق التتبع والتقدم عن الدائنين التاليين له ،وتتبع
العقار المرهون في أي يد انتقلت له العقار المرهون ،وهو حق عيني تبعي أي يتتبع الدين الذي يضمنه،
فإن انقضى هذا الدين انقضى هذا الرهن ويبقى إذا بقي الدين .
الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو غيره أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه
المتعاقدان شيئا ير تب عليه الدائن حقا عينيا يخول حبس الشيء لحين استفاء الدين ،وأن يتقدم الدائنين
العاديين والتاليين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون.
بمقتضى الرهن الحيازي يرد هذا الرهن على العقار أو المنقول خالف لرهن الرسمي الذي يرد على
العقار فقط ،فيطلق على الرهن الحيازي الذي يرد على العقار بالرهن العقاري ( مادة 966مدني ) ،أما
إذا ورد على المنقول يطلق عليه برهن المنقول .
ـــ حق التخصيص
حق التخصيص حق عيني تبعي يتقرر بأمر من القضاء على عقار المدين لفائدة الدائن ضمانا ألصل الدين
والمصاريف ( المادة 937مدني ) .
حق التخصيص حق عيني تبعي للدائن على عقار أو أكثر من عقارات المدين بمقتضى حكم واجب التنفيذ
صادر بإلزام المدين بالدين ،ويخول الدائن التقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في
استفاء حقه من المقابل النقدي لذلك العقار في أي يد يكون .
ــــ حق االمتياز
االمتياز أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة مثال لصفته ،وال يكون حق االمتياز إال بمقتضى نص
في القانون ،نص عليه المشرع الجزائري في المادة 982مدني .
يراد باألولوية هو استفاء أو تسديد الدين الممتاز باألفضلية قبل استفاء الديون األخرى ودون مزاحمة
الدائنين اآلخرين ،وقد يكون هذا المال عقار كامتياز بائع العقار ضمانا لحقه بالنسبة لباقي من الثمن ،وقد
يكون منقول كامتياز بائع المنقول أو يكون الث من دينا ممتازا على هذا المنقول ،مع العلم انه في حالة
ورود حق االمتياز على العقار فإنه البد من قيده .
8
:2الحقوق الشخصية ( حقوق الدائنية )
تعد الحقوق الشخصية من الحقوق المالية محلها قابل للتقويم ،ويراد بالحق الشخصي " استئثار غير
مباشر بأداء معين ،يتقرر لشخص يسمى الدائن قبل شخص آخر يسمى المدين ،وبمقتضاه يكون للدائن
القدرة على أن يطالب المدين بالقيام بأداء معين يلزم به قبله.
إن العالقة في الحق الشخصي قائمة ما بين الدائن والمدين ،وهذه العالقة عالقة اقتضاء وليست عالقة
تسلط كما هو األمر بالنسبة للحق العيني ،فللدائن إذن الحق في مطالبة المدين بالوفاء بالدين دون أن يكون
له أي حق على شخص المدين .
تتنوع الحقوق الشخصية بتنوع األداء الذي للدائن الحق في اقتضائه ،ويكون األداء دائما القيام بعمل معين
من جانب المدين ،وقد يكون إيجابيا أو سلبيا ،أما بالنسبة للعمل اإليجابي هو ما يسمى بااللتزام بعمل ،
أما السلبي فهو ما يطلق عليه بااللتزام باالمتناع عن عمل .
ف تتنوع مصادر الحقوق الشخصية عكس مصادر الحقوق العينية التي حددها المشرع على سبيل الحصر ،
فمصادر الحقوق الشخصية تناولتها نظرية االلتزام ،تتمثل في العقد ( توافق إرادتين أو أكثر على إحداث
أثر قانوني معين ) ،يتمثل كذلك في اإلرادة المنفردة هنا تكون اإلرادة الواحدة قادرة على إنشاء حق
شخصي مثل الوعد بالجائزة ،أو مصدر العمل الغير المشروع أي الفعل الضار الذي يعتبر مصدرا للحق
الشخصي ( المادة 124مدني) ،التي ينشأ بمقتضاه حق المضرور في التعويض ،أضف إلى ذلك اإلثراء
بال سبب يطلق عليه بالفعل النافع ،هنا يلتزم كل شخص أثرى على حساب شخص آخر بدون سبب
مشروع يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ( مادة 141مدني ) ،
كذلك من الحقوق الشخصية ما ينشأ مباشرة بمقتضى قاعدة قانونية مثل إلزام األب باإلنفاق على أبنائه.
انتهينا فيما سبق في تعريف كل من الحق العيني و الحق الشخصي ،فالحق العيني يوجد صاحب الحق و
الشيء الذي يرد عليه ،أما الحق الشخصي فهو عالقة بين شخصين ( دائن ومدين ) وال يستطيع الدائن
الحصول على حقه إال بتدخل المدين .
انطالقا من التعريف كال من الحقين يتضح الفارق بينهما ،لكن هذا لم يمنع الفقه أن يحاول التقريب بينهما
وهذا ما سنتناوله ،ثم نحدد الفوارق بينهما.
انقسمت محاولة التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي إلى طائفتين ،طائفة تعتنق فكرة التقريب بين
الحق العيني من الحق الشخصي وهذا ما يطلق عليه بالمذهب الشخصي ( الفرع األول ) ،وطائفة تعتمد
على فكرة التقريب بين الحق الشخصي من الحق العيني وهذا ما يطلق عليه بالمذهب المادي أو
الموضوعي ( الفرع الثاني ) .
يتزعم هذا االتجاه الفقيه بالنيول فيرى أن الحق العيني رابطة ما بين شخصين كالحق الشخصي ألن
القانون إنما ينظم الروابط بين األشخاص وال يمكن أن يقال هنا أن الحق العيني رابطة بين شخص وشيء
9
إنما الرابطة تكون بين األشخاص ،أضف إلى ذلك أن الحق العيني مثل الحق الشخصي له ثالث عناصر
" موضوع الحق أي محله ،الدائن وهو صاحب الحق ،والمدين وهم جميع الناس ما عدا صاحب الحق )
،فمثال حق الملكية فيكون المالك هو صاحب الحق أي هو الدائن ،أما المدين فهم كافة الناس إال الدائن ،
أما عن موضوع هذه المديونية هو االمتناع عن التعرض للدائن الذي هو المالك في تمتعه بحقه .
لم تلق هذه النظرية نجاحا كبيرا بل انتقدت وأهم نقد وجه إليها هو اختالف الحق العيني على الحق
الشخصي من حيث المحل ،فيرد الحق الشخصي على عمل إيجابي أو سلبي يلتزم به المدين ،أضف إلى
ذلك أن في الحق الشخصي نجد دائن ومدين و ال يمكن للدائن الحصول على حقه إال بتدخل المدين والمدين
معلوم للدائن ،واألمر خالف ذلك في الحق العيني ألنه ال يوجد مدين محدد معين يلتزم قبل صاحب الحق
وقت نشوء هذا الحق .
يتزعم هذا االتجاه الفقيه سالي الذي يقوم على فكرة إضعاف الرابطة التي تنشأ بين طرفي الحق الشخصي
أي تقوم هذه النظرية على أساس النظر إلى أن الحقوق الشخصية تعتبر عنصر من عناصر الذمة المالية
،أي العبرة ليس بأشخاص الحق بل بمحله بمعنى أن المهم في الحق هو قيمته المالية ،
فينتهي هذا الرأي إلى أنه البد النظر إلى جميع الحقوق باعتبارها حقوقا عينية .
أنتقد هذا المذهب ألنه لم يهدم التفرقة بين الحق الشخصي والحق العيني ألنه من غير اإلمكان التقليل من
دور الدائن والمدين في الحق الشخصي ،مثال في حالة إذا كان المدين يتوفر فيه المؤهالت والشهرة
والسمعة ،فهنا يكون محل اعتبار في نظر الدائن ،لذلك ال يمكن القول أن العبرة في الحق الشخصي
قيمته المالية وليست بأطرافه.
رغم النظريات التي سعت إلى التفريق بين الحق العيني والحق الشخصي إال أن التشريعات الوضعية
ضلت تفرق بين الحقين مثل ما فعل المشرع الجزائري ،الذي تناول الحقوق الشخصية في المواد 53ـــ
، 653أما الحقوق العينية في المواد 674ــــ ، 881أما عن الحقوق العينية التبعية في المواد 882ـــ
. 1001
يمكن إجمال الفوارق بين الحق الشخصي والحق العيني فيما يلي :
ـــ ــ الحقوق العينية واردة على سبيل الحصر عكس الحقوق الشخصية فهي متعددة ومتنوعة نظرا لكون
أنه ال يمكن حصر األعمال اإليجابية أو السلبية التي قد يلتزم بها المدين.
ـــــ الحق العيني يرتكز على شيء معين لصاحبه سلطة عليه ،أما الحق الشخصي فمحله عمل المدين .
10
ـــــ الحق الشخصي منقوال دائما ألن محله التزام بعمل أو االمتناع عن عمل ،أما الحق العيني فيكون
منقوال أو عقارا بحسب طبيعة الشيء المادي الذي ينصب عليه.
ـــــ ليس للحق الشخصي ميزة التتبع واألولوية وا للدائن إال الضمان العام ،في حين الحق العيني فيخول
صاحبه الميزتين أي التقدم والتتبع ألنه حق مرتبط بعين معينة باعتباره سلطة مباشرة لشخص على شيء
مادي معين .
ـــــ الحق الشخصي حق مؤقت يرفض أن يكون التزام المدين التزام مؤبدا ،في حين الحق العيني قد يكون
مؤبدا كحق الملكية أو مؤقتا كالحق العيني التبعي .
ــــ الحق العيني حق مطلق بينما الحق الشخصي أو حق الدائنية حق نسبي ،فالحق العيني يحتج به وينتج
أثره في مواجهة الجميع ،في حين الحق الشخصي يحتج به إال في مواجهة شخص واحد أو أشخاص
معينين.
ـــــ الحق الشخصي ال ي كتسب بالتقادم ألن التقادم يقوم على الحيازة ،في حين في الحق العيني يمكن
اكتسابه بالتقادم مثل حالة واضع اليد ،العبرة بالحيازة أي وضع اليد على شيء مادي .
ظهر إلى جانب الحقوق التقليدية السابقة العينية والشخصية حقو قا من طائفة معينة يطلق عليها بالحقوق
الذهنية أو المعنوية ،تتميز هذه الحقوق بأنها ترد على أشياء غير مادية محلها معنوي غير محسوس من
خلق الذهن ونتاج الفكر.
تؤكد هذه الحقوق فكرة أن التقسيم الذي عرفناه بين الحقوق المالية والغير المالية تقسيم غير حاسم ،فهذه
الحقوق أي الحقوق الذهنية توجد ما بين الطائفتين .
لقد اختلف الفقه في ترتيب هذه الحقوق ،فأدخلت أوال في جانب التقسيمات التقليدية الموجودة وأطلق عليها
بالملكية األدبية أو الفنية أو الصناعية ،ثم ا ستدرك األمر وذلك باختالف هذه الحقوق عن حق الملكية في
المفهوم التقليدي وأطلق عليها اسم الحقوق المعنوية أو األدبية ،ثم شاع استخدام مصطلح الحقوق الذهنية .
يعرف الحق الذهني أنه " ذلك النوع من الحقوق التي ترد على أشياء معنوية غير محسوسة من نتاج
الذهن وقريحة الفكر وذلك كحق المؤلف على أفكاره وحق المخترع على مبتكراته وحق الملحن على
أنغامه.
يراد كذلك بالحقوق الذهنية هي اختصاص الشخص باالستئثار فيما ينسب إليه من إنتاج ذهني سواء كان
هذا اإلنتاج أدبيا أم فنيا أم براءة اختراع ،ويقال لهذا اإلنتاج الفكري أو الذهني في االصطالح ( المصنف
).
11
ــــ أنواع الحقوق الذهنية
هناك عدة أنواع من الحقوق الذهنية ،تختلف باختالف أصنافها هذا ما يوجب تعدد أحكام كال منها ،فهناك
حق المؤلف على مؤلفه وحق المخترع على اختراعه ،وهذه توصف أنها حقوق ذهنية ألنها ترد على
نتاج ذهني هذا ما يرتب من جهة أخرى أنها أدبية تربط المؤلف أو المخترع ارتباطا وثيقا ،أما الناحية
الثانية فهي مالية ألن النتاج المذكور له قيمة مالية.
فأنواع الحقوق الذهنية تتمثل في حق المؤلف والحقوق المجاورة يطلق عليه بالملكية األدبية والفنية ،
أضف إلى ذلك الحق في ملكية العالمة أو الحق في براءة االختراع ،والحق في إيداع التصاميم الشكلية ،
الحق في الرسوم والنم اذج المنظمة بمقتضى القانون ويطلق على هذه الحقوق بالملكية الصناعية .
نقتصر إذن الدراسة للحقوق المختلطة أو الذهنية لحق المؤلف وسنتناول فيه المقصود بالمؤلف وعناصره
ثم مضمونه وطبيعته ثم الحماية القانونية لهذا الحق.
يقصد بالمؤلف " هو كل من ينتج إنتاجا ذهنيا أي كان نوعه وأيا كانت طريقة التعبير عنه ـو أهميته وأيا
كان الغرض منه " .
أما عن حق المؤلف هو حق شخصي على مصنفه من نتاجه الذهني ،وقد يتنوع هذا النتاج الفكري أدبيا ،
علميا أو أي كانت طريقة التعبير سواء كتابة في الكتب المختلفة أو الرسم أو التصوير.
نظم المشرع حق المؤلف وفق أحكام األمر رقم 05/03وفيه حدد نطاق حق المؤلف ومحتواه والحماية
المقررة له .
فعناصر حق المؤلف تتمثل في المؤلف ،والمصنف الذي قام به ،وصفة االبتكار التي يجب أن يتميز بها
هذا المصنف .
ـــ المؤلف
عرف المشرع الجزائري المؤلف وفق المادة 3الفقرة 2من األمر " 05/03هو كل من ينتج انتاجا ذهنيا
أي كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير عنه " .
نستنتج أن مدلول المؤلف ينصرف للشخص الذي أنشأ أو صنع نتاجا ذهنيا وذلك عن طريق إبداعاته
الفكرية أو الصوتية أو اليدوية ،فينصرف لفظ المؤلف إلى الكاتب والمخترع والرسام و الملحن بل وإلى
المترجم الذي يتولى ترجمة المصنف إلى لغة أخرى أو يقوم بتلخيصه أو تحويره أو شرحه أو التعليق
عليه بطريقة تبرزه في شكل جديد يضفي عليه طابع اإلبتكار الذي هو شرط حماية القانون لحق المؤلف ،
وقد يكون المؤلف شخص طبيعي ،وقد منح المشرع الجزائري صفة المؤلف كذلك للشخص المعنوي مثل
المصنف الجماعي تم إنجازه تحت إشراف شخص معنوي وبمبادرة منه وتنشر تحت اسمه.
ـــ المصنف
12
المصنف هو كل إنتاج ذهني أيا كانت طريقة التعبير عنه ،كتابة أو صوتا أو رسما أو تصويرا أو أية
طريقة أخرى يظهر بها اإلنتاج إلى الوجود ،فالمصنف إنتاج ذهني أفرغ في صورة مادية .
حدد المشرع الجزائري مختلف المصنفات منها المصنفات األدبية والفنية والمصنفات التراث الثقافي
التقليدي والمصنفات الوطنية.
يقصد بصفة االبتكار هو كل مجهود ذهني يقوم به المؤلف ويتجلى فيه شخصيته ،فالمصنف الجدير
بالحماية هو ما كان يتضمن قسطا من االبتكار أي أن يتجلى الطابع الشخصي للمؤلف في طريقة معالجة
هذه األفكار والتعبير عنها ،من هنا االبتكار هو االبتكار في الشكل ال في الجوهر ،مثال تناول وضع
البطالة في الجزائر وهي فكرة قديمة تناولها الغير سابقا وفي تناولها مؤلف آخر بأفكار جديدة بالتالي لم
يقتصر على ما أنتجه غيره في إطار هذا الموضوع ،من هنا إذا أنتفت خاصية االبتكار فليس للمصنف
الحماية مثال التجميع المادي لما هو معروف من قبل .
يراد البحث في مضمون حق المؤلف تلك السلطات التي يخولها هذا الحق لصاحبه ،فحق المؤلف له
طبيعة مزدوجة فله حق أدبي وحق مالي.
يكون للمؤلف بمقتضى هذا الحق مصلحة ذاتية في حماية شخصيته التي تتجلى في إنتاجه الفكري ،
والجانب األدبي يبرر الصلة بين اإلنتاج الذهني وبين شخص مبدعه ومفكره ،هذا الذي يجعل هذا الحق
من الحقوق المتعلقة بالشخصية .
للمؤلف وحده الحق في تقرير نشر مصنفه أو عدم نشره أو إعادة نشره ،فالمؤلف وحده هو الحكم في
نشر أو عدم نشر أو إعادة نشر مصنفه ،وذلك لعدة أسباب منها أنه يعتبر أن نشر المصنف يعد مساسا
بسمعته العلمية واألدبية أو أن الظروف لم تعد تسمح بإعادة نشره ،فالعبرة إذن بالتقدير الشخصي
ل صاحب النتاج تحديد وقت الكشف عنه فقد يختار مناسبة أو ظروفا معينة .
للمؤلف كذلك سلطة نسب نتاج الذهني وذلك سواء أستعمل أسمه الحقيقي أو أسمه المستعار أو أسم الشهرة
،ويرجع هذا الوضع أن اإلنتاج الذهني أو الفكري يعد انعكاسا لشخصية المؤلف ،فتنشأ بذلك للمؤلف
مصلحة معنوية على مصنفه .
للمؤلف كذلك سلطة سحب نتاج الذهني خاصة إذا أصبحت المصنفات ال تتطابق مع قناعته فله أن يسحبها
من التداول .
أما عن سلطة احترام سالمة نتاج الذهني فيراد بها به أن للمؤلف وحده إدخال ما يراه مناسبا من التعديالت
على مصنفه سواء حذفا أو إضافة .
13
يمكن حصر خصائص الحق األدبي للمؤلف في فكرتين ،أن الحق األدبي للمؤلف هو من الحقوق اللصيقة
بالشخصية ينتقل بالميراث استثناءا ،وأنه من الحقوق اللصيقة بالشخصية فهو حق غير مالي
فالمعروف أن الحقوق اللصيقة بالشخصية ال تتنقل بالميراث لكن استثناءا بالنسبة لحق المؤلف باعتباره
حق أذبي من جهة ،قرر المشرع انتقاله إلى الورثة بعد وفاته ،والغاية من ذلك هو تمديد الحماية للحق
األدبي للمؤلف حتى بعد وفاته ،ويبقى للورثة مؤبدا غير محدد بمدة ،لكن الورثة ال يتمتعون بكافة
السلطات التي كا نت للمؤلف ،فالورثة لهم فقط المحافظة على سمعة المؤلف األدبية أو الفنية ،فلهم دفع
كل اعتداء على المصنف والمطالبة بالتعويض عن الضرر األدبي ،وليس للورثة أن يسحبوا المصنف من
التداول مادام مورثهم ارتضى ذلك .
يترتب عن اعتبار الحق األدبي للمؤلف من الحقوق اللصيقة بالشخصية ما يلي :
ـــــ إن الحق األدبي هي من الحقوق اللصيقة بالشخصية هذا ما يجعلها غير قابلة للتصرف فيها أو التنازل
عنها ،رغم تنازل المؤلف عن حقه المالي في استغالل المصنف لكنه يبقى دائما له الحق المعنوي .
ــــ ال يجوز الحجز على هذا الحق وذلك ألن الحجز يؤدي إلى بيعه مما يشكل اعتداءا على هذا الحق .
ــــ ال يسقط الحق األدبي بالتقادم أو بعم استعماله مهما طال الزمن .
للمؤلف وحده الحق في استغالل مصنفه ماليا بأية طريقة من طرق االستغالل ،وال يجوز ممارسة هذا
الحق دون إذنه الكتابي سابق منه أو ممن يخلفه .
يراد به كذلك أنه " الحق المالي يعبر عن الجانب المادي لحق المؤلف أي المصلحة المالية التي تخول
لصاحبه استغالل مصنفه ماليا بأية طريقة من طرق االستغالل .
تناول المشرع الجزائري هذا الحق المالي في المادة 1/ 27مشكل من األمر " 05/03يحق للمؤلف
استغالل مصنفه بأي شكل من أشكال االستغالل والحصول على عائد مالي منه "
تدور السلطات التي تمكن المؤلف من استغالل مصنفه استغالال ماليا في أنه له الحق نشر المصنف
ونسخه ،ويكون عن طريق تنازل المؤلف للناشر عن حقه المالي وذلك مقابل نسبة مئوية من قيمة البيع
ويطلق على هذا العقد بعقد النشر ،وللمؤلف كذلك حق تقرير ترجمة مصنفه .
للمؤلف وضع رهن التداول عن طريق التأجير ،وله كذلك إيصال المصنف للجمهور عن طريق
المسرحيات ،النوادي والساحات العمومية.
للمؤلف كذلك وحده إدخال ما يلزم من التعديالت على مصنفه سواء بالحذف أو باإلضافة ،للمؤلف كذلك
التنازل الكلي أو الجزئي عن حقوقه ،فالمؤلف يستفيد من حماية حقوقه طوال حياته في حين يستفيد ذوي
حقوقه من هذه الحماية مدة 50سنة ابتداء من مطلع السنة المدنية التي تلي وفاته .
نستخلص وفق ما ورد خصائص الحق المالي أنه قابل للتصرف والتنازل عليه بكافة أنواع التصرف (
تصرفا نهائيا أو مقيد بزمن معين ) ،ويكون هذا التصرف سواء حال حياته أو بعد وفاته عن طريق
الوصية .
14
أضف إلى ذلك أن الحق المالي للمؤلف يدخل في الذمة المالية ،من هنا بعد نشره يجوز الحجز عليه أي
على النسخ التي تم نشرها ،كذلك انتقال الحق المالي إلى الورثة ،فالحق المالي للمؤلف عنصر من
عناصر الذمة المالية يخضع للميراث لكنه حق موقوتا لمضي 50سنة على وفاة المؤلف ،أما بالنسبة
للمصنف المشترك فإن مدة 50سنة تحسب من تاريخ وفاة آخر من بقي حيا من المشتركين.
أن حق المؤلف هو حق من نوع خاص له طبيعة مزدوجة ،حق معنوي وحق مالي ،فوفق هذا االتجاه
أن حق المؤلف حق من نوع خاص يقوم إلى جانب الحقوق العينية والحقوق الشخصية ،ويحمل مصلحتين
،مصلحة أدبية أو معنوية تتمثل في حماية شخصية المؤلف ،ومصلحة مادية أو مالية التي تمثل الجانب
المالي والمادي للمؤلف وما يدره هذا الحق من مزايا مالية للمؤلف.
إضافة أن حق المؤلف له من الحماية الحماية الدولية أساسها اتفاقية برن لعام ، 1886هذا ال يعني أن
التشريعات الوطنية لم تهتم بحمايته بل أولت هذه التشريعات الحماية مدنيا وجنائيا .
يمكن لنا أن ننتهي أنه إلى جانب الحقوق الذهنية يوجد ما يسمى بالحقوق المجاورة أي حقوق الفنانين عن
األداءات الفنية المختلفة ( عزف ،غناء ،رقص ) ،فهذه الحقوق المجاورة تخول ألصحابها حقوقا معنوية
مثل الحق في ذكر االسم العائلي أو المستعار ،وحقوق مادية منها حقوق الترخيص باستنساخ ولها هذه
الحقوق الحماية القانونية .
إلى جانب ما يعرف كذلك بالرسوم والنماذج الصناعية واالسم التجاري من هنا تنصرف الملكية الصناعية
الستئثار الصانع والتاجر ببراءة االختراع والرسوم و النماذج الصناعية والعالمات التجارية واالسم
التجاري.
15