You are on page 1of 261

‫و زارة التعليــــــــم العالـــي والبحـــــث العلمــــــــــــــي‬

‫‪LARBI TEBESSI –TEBESSAUNIVERSITY‬‬ ‫جامعة العربي التبسي– تبســـة‬


‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫‪UNIVERSITE LARBI TEBESSI – TEBESSA-‬‬
‫قسم‪:‬الحقوق‬

‫الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية‬


‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في القانون الطور الثالث '' ل‪.‬م‪.‬د''‬
‫تخصص قانوني جنائي اقتصادي‬

‫إشراف األستاذ الدكتور‬ ‫الطالبة‬


‫دلول الطاهر‬ ‫جالب شافية‬

‫لجنــــة المناقشــــة‪:‬‬

‫الصفــــة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتـبـة العلميــــة‬ ‫االسم واللقب‬


‫رئيســـــــــــــــــــــــــا‬ ‫جامعة العربي التبسي ‪ -‬تبسة‪-‬‬ ‫أستـاذ محاضـر ‪ -‬أ ‪-‬‬ ‫ثابت دنيا زاد‬
‫مشـــرفـــا ومقــــررا‬ ‫جامعة العربي التبسي ‪ -‬تبسة‪-‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫دلول الطاهر‬
‫عضـــــــــوا مناقشــــا‬ ‫جامعة باجي مختار ‪ -‬عنابة‪-‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫بوكحيل لخضر‬
‫عضــــــــوا مناقشـــــا‬ ‫جامعة العربي التبسي ‪ -‬تبسة‪-‬‬ ‫أستاذ محاضر ‪ -‬أ‪-‬‬ ‫جبيري ياسين‬
‫عضـــــــوا مناقـشـــــا‬ ‫جامعة محمد الشريف مساعدية ‪-‬‬ ‫أستاذ محاضر ‪ -‬أ‪-‬‬ ‫بخوس هشام‬
‫سوق أهراس‪-‬‬
‫عضــــــــوا مناقشـــــا‬ ‫جامعة ‪ 08‬ماي ‪ - 1945‬قالمة‪-‬‬ ‫أستاذ محاضر ‪ -‬أ‪-‬‬ ‫شرايرية محمد‬

‫السنة الجامعية‪2021 :‬‬


‫شكر وتقدير‬
‫الحمد والشكر هلل الذي تكونت بقدرته األشياء وتتابعت بفضله النعم وانشقت بحكمته السماء‬
‫واستوت بعظمته األرض‪ ،‬وكتبت بمشيئته الشقاوة والهناء والصالة والسالم على سيد خلق هللا‬
‫أصدق من تعلم وخير من تكلم وخير من علم محمد النبي األمي عليه أفضل الصالة وأتم‬
‫التسليم وبعد‪:‬‬
‫أتوجه من باب الشكر والتقدير إلى أستاذي الفاضل الدكتور "دلول الطاهر" على تفضله‬
‫باإلشراف على هذه األطروحة وعلى ما قدمه من توجيهات ومساعدات منهجية وعلمية قيمة‬
‫كانت لي نبراسا ودليال ماديا ومرشدا أسأل هللا أن يمده بالصحة والعافية وطول العمر وأن‬

‫يبقى على الدوام منارا للعلم ينير دروب الباحثين‪.‬‬


‫كما يسعدني ويشرفني أن أتقدم بخالص الشكر وعظيم االمتنان إلى قامات لجنة المناقشة الذين‬
‫تفضلوا بقبول مناقشة هذه األطروحة مع الشكر المسبق على توجيهاتهم وإرشاداتهم التي‬
‫ستثري هذه األطروحة‬
‫والشكر موصول أيضا إلى الصرح العلمي المتميز " كلية الحقوق والعلوم السياسية" لجامعة‬
‫العربي التبسي تبسة" وإلى كافة أساتذته وعماله‪.‬‬

‫لكم مني جزيل الشكر والتقدير‬


‫مقدمة‬

‫يعد االهتمام الملحوظ للعديد من الدول العربية بتأسيس وتطوير بورصات األوراق‬
‫المالية في العقود األخيرة من القرن العشرين‪ ،‬ما هو إال نتيجة للسياسات التي انتهجتها هذه‬
‫الدول لإلصالح االقتصادي وإعادة هيكلة االقتصاد الوطني‪ ،‬حيت إنها أدارت ظهرها لنظام‬
‫االقتصاد المغلق و شرعت في األخذ بنظام االقتصاد الحر أو اقتصاد السوق وإزالة العوائق‬
‫أمام حركة األموال والسلع‪ ،‬وتشجيع االستثمار لتحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬ومع تنفيذ برامج‬
‫الخصخصة في هذه البلدان كان البد من االهتمام بالبورصة كأحد اآلليات المناسبة لتنفيذ‬
‫برامج الخصخصة‪ ،‬وكآلية هامة لتجميع المدخرات وتوجيهها نحو االستثمار في القطاعات‬
‫المختلفة في االقتصاد ضمن سياسات االنفتاح االقتصادي‪.‬‬
‫فبورصة األوراق المالية تعكس االقتصاد الذّي تتواجد فيه‪ ،‬وتعتبر بمثابة المرآة‬
‫الحقيقية التي تعكس حقيقة األوضاع االقتصادية للدولة والشركات المقيدة بها‪ ،‬األمر الذي‬
‫أَلزم الجزائر على التوجه نحو اقتصاد السوق حتى تتماشى مع متطلبات التجارة العالمية‬
‫وعولمة أسواق رأس المال خاصة‪.‬‬
‫ضعت التشريعات المنظمة لها في سنة‬‫ْ‬ ‫وتعتبر بورصة الجزائر حديثة النشأة حيث و‬
‫‪ 1993‬وبدأت انطالقتها الفعلية خالل سنة ‪ ،1999‬ويسهر على إدارتها وتسييرها مجموعة‬
‫من الهياكل التنظيمية والقانونية تتمثل في لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬شركة‬
‫تسيير بورصة القيم المنقولة‪ ،‬المؤتمن المركزي للسندات‪ ،‬ماسكو الحسابات‪ -‬حافظو‬
‫السندات‪ ،‬هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة‪ ،‬وتتكون من أسواق رأس المال وأسواق‬
‫السندات يتم فيها تداول األسهم والسندات في وجود عدد محدود من الشركات المقيدة‪.‬‬

‫ومما الشك فيه أن ألسواق األوراق المالية دورا مهما في جذب االستثمارات‪ ،‬وتجميع‬
‫المدخرات وتنمية االقتصاد‪ ،‬واالستثمار في سوق األوراق المالية‪ ،‬وإن كان بالنسبة للمستثمر‬
‫يعد استثمارا ورقيا‪ ،‬إال أن هذه األموال تستخدم بعد ذلك في استثمارات حقيقية تعود في نهاية‬
‫المطاف على المجتمع بالنفع‪ ،‬إذ تمثل هذه االستثمارات قروضا مباشرة للجهة المصدرة‬
‫لألوراق المالية والتي تطرح أوراقها في السوق‪ ،‬فبدال من لجوئها إلى البنوك لالقتراض فإنها‬
‫تطرح أوراقها المالية بحيث تحصل على السيولة الالزمة الستثماراتها‪.‬‬
‫ولما كان الهدف الرئيسي من التعامل في األوراق المالية بالنسبة للمستثمرين ينحصر‬
‫أساسا في الحصول على أعلى عائد من وراء مدخراتهم‪ ،‬فإن ذلك قد يجعلهم يلهثون وراء‬
‫الحصول على هذا العائد حتى ولو كان بطرق غير مشروعة‪ ،‬وإذا كان ليس بغائب عن‬
‫الذهن أن للمال فتنة قد يضل بها ذوي النفوس الضعيفة‪ ،‬فإن ذلك قد يلقي مزيدا من المخاطر‬
‫على عملية تداول األوراق المالية‪ ،‬مما يعرضها بالتالي للعديد من االنحرافات واألساليب‬
‫غير المشروعة من مثل هذه الفئة‪ ،‬خاصة إذا ما كانت هذه األخيرة من القوى المسيطرة أو‬
‫مقدمة‬

‫المؤثرة على ورقة مالية أو على السوق بمجمله مما ينذر بكارثة اقتصادية بالنسبة لألفراد‪،‬‬
‫أو حتى على اقتصاد الدولة ذاتها‪.‬‬
‫وأضف إلى ذلك ما للتطور التقني الذي نشهده اليوم من تأثير كبير على األوراق‬
‫المالية‪ ،‬حيث أصبحت المعلومات المتعلقة بهذه األوراق والجهات المصدرة لها متوافرة‬
‫لجميع المستثمرين بكافة فئاتهم‪ ،‬إذ بإمكانهم العلم بوقائع سوق األوراق المالية‪ ،‬وإصدار‬
‫أوامر الشراء والبيع وتنفيذها بسرعة مذهلة‪ ،‬بغض النظر عن المكان الذي يتواجدون فيه‪،‬‬
‫مما يؤكد إمكانية تأثر أسواق األوراق المالية بتلك الظواهر السلبية واألزمات التي قد تحدث‬
‫في بعض أو أحد هذه األسواق‪.‬‬
‫وإزاء ذلك عمدت الدول إلى النص في تشريعاتها المنظمة ألسواق األوراق المالية‬
‫ونشاط التداول فيها على إنشاء كيانات معنوية ذات استقالل مالي وإداري تعنى بتنظيم أسواق‬
‫األوراق المالية وتطويرها وحمايتها من المخاطر التي قد تتعرض لها‪ ،‬وكذلك حماية‬
‫المستثمرين في األوراق المالية من الممارسات غير المشروعة التي تنطوي على احتيال أو‬
‫غش أو تدليس‪ ،‬وصوال في النهاية إلى تحقيق العدالة والشفافية في معامالت األوراق المالية‪.‬‬
‫وأمام تكرار وقوع تلك الممارسات والسلوكات غير المشروعة في مجال تداول‬
‫األوراق المالية‪ ،‬ولعظم خطرها وجسامة ضررها على االقتصاد‪ ،‬إذ قد ال تقتصر آثارها‬
‫على تهديد نمو واستقرار هذا األخير‪ ،‬بل تتجاوزها إلى تدميره‪ ،‬أدركت الدول ضرورة تدخل‬
‫القانون الجنائي ليشمل بحمايته نشاط تداول األوراق المالية من الممارسات والسلوكات غير‬
‫المشروعة‪.‬‬
‫فحماية بورصة األوراق المالية من األولويات األساسية لبناء اقتصاد قوي‪ ،‬خاصة أن‬
‫هذه األسواق قد أصبحت عرضة لتقلبات كثيرة بسبب اتجاهها إلى العالمية‪ ،‬واستخدامها‬
‫الكثيف لمعطيات ثورة المعلومات‪.‬‬
‫وإذا كانت التشريعات المختلفة قد نصت على إنشاء أجهزة متخصصة لمكافحة‬
‫الجرائم التي تقع في البورصة مثل لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة في الجزائر‪ ،‬وهيئة‬
‫سوق رأس المال في مصر‪ ،‬و هيئة األسواق المالية الفرنسية‪ ،‬إال أنه يجب أال يغيب عن‬
‫البال أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه أجهزة الشرطة في التصدي لهذه الجرائم والحد منها‪،‬‬
‫واالشتراك مع األجهزة األخرى في مكافحة هذه الجرائم وضبطها بهدف تحقيق الحماية‬
‫المطلوبة لبورصة األوراق المالية‬
‫سيتم دراسة موضوع الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية وفقا للمرسوم‬
‫التشريعي ‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة الجزائري المعدل والمتمم‪ ،‬مع اإلشارة إلى‬
‫نصوص قانون العقوبات الجزائري وقانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وكذا النصوص الخاصة‬
‫مقدمة‬

‫والتنظيمات التي تخص عمليات تداول بورصة األوراق المالية‪ ،‬وذلك للتعرف على أبعاد‬
‫هذه الحماية وما يشوبها من قصور‪ ،‬واقتراح النصوص الموضوعية واإلجرائية التي يجب‬
‫على المشرع أن يضعها نصب عينه لتحقيق الحماية المنشودة‪.‬‬
‫وسيتم التطرق من خالل هذه الدراسة إلى عرض موقف التشريع المصري والفرنسي‬
‫بشأن الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية‪ ،‬بالقدر الذي تتيحه المراجع المتوفرة وفي‬
‫الموضوعات التي تتالئم مع نظامنا القانوني‪ ،‬وذلك لمعرفة الحلول التي أخذ بها كل من‬
‫التشريعين المصري والفرنسي إلضفاء حمايتهما على بورصة األوراق المالية ومقارنة ذلك‬
‫بما نص عليه المشرع الجزائري للوصول إلى أفضل حماية‪.‬‬
‫وتتمثل أهمية دراسة موضوع الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية فيما تحتله‬
‫هذه البورصة من دور فعال في بناء االقتصاديات الحديثة للدول‪ ،‬وما يمثله من أهمية في‬
‫جذب االستثمارات الخارجية وتنمية المدخرات الداخلية‪.‬‬
‫ويعد حدوث أي انتهاكات داخل سوق األوراق المالية مصدر للقلق بالنسبة‬
‫للمستثمرين سواء أفراد أو مؤسسات‪ ،‬وهو ما يؤثر بالسلب على االقتصاد العام للبالد بسبب‬
‫ا لممارسات والسلوكيات غير المشروعة التي تقع في مجال سوق األوراق المالية والتي قد‬
‫تصل حد التأثير فيها إلى تدمير االقتصاد‪.‬‬
‫وتقدم هذه الدراسة المساعدة إلى من يشغلون في مجال تداول األوراق المالية‪ ،‬من‬
‫خالل إبرازها للممارسات والسلوكيات غير المشروعة التي تقع في بورصة األوراق المالية‪،‬‬
‫وكيفية تحقيق الحماية الجزائية بقدر المستطاع واستكمال النقص التشريعي في قوانيننا‬
‫السارية‪ ،‬ال سيما أن التشريعات المنظمة للبورصة في الجزائر ال ترجع إلى وقت بعيد‪،‬‬
‫وبالتالي ال توجد سوابق قضائية يمكن االستفادة منها في القضاء على هذه الممارسات غير‬
‫المشروعة‪.‬‬
‫وتتمثل مشكلة هذه الدراسة في أن جرائم تداول األوراق المالية من الجرائم التي‬
‫تشهد تزايدا ملحوظا في حجمها في يومنا هذا‪ ،‬على الرغم من تلك الجهود التي تبذل‬
‫لمكافحتها والحد من انتشارها‪ ،‬مما ينذر بخطر حقيقي من شأنه زعزعة الثقة في المؤسسات‪،‬‬
‫وبالتالي تهديد نمو واستقرار االقتصاد أو حتى تدميره‪ ،‬ولعل السبب في ذلك التزايد هو‬
‫طبيعة جرائم تداول األوراق المالية‪ ،‬ففي معظم هذه الجرائم تظهر الصعوبة في تحديد أي‬
‫األفعال أو السلوكات يعد مشروعا وأيها ال يعتبر كذلك‪ ،‬فنشاط تداول األوراق المالية من‬
‫األنشطة التي تتصف بالدقة وتتطلب الخبرة الفنية والدراية الكافية‪ ،‬مما يشكل عبئا ثقيال على‬
‫كاهل القاضي للوصول إلى القناعة الكافية من أجل النطق بالحكم‪ ،‬بل قد تكون طبيعة هذا‬
‫النشاط سببا في إفالت العديد من المجرمين‪ ،‬نظرا للشك البسيط في ارتكابهم لسلوك غير‬
‫مشروع في مجال تدول األوراق المالية‪.‬‬
‫مقدمة‬

‫ويطرح موضوع الدراسة إشكالية مفادها‪:‬‬


‫هل ساهمت التشريعات التي أقرها المشرع الجزائري والتي تعمل على تنظيم بورصة‬
‫األوراق المالية في توفير الحماية الجزائية لها‪ ،‬وما مدى تأثير المؤسسات الرقابية في‬
‫الحد من جرائم بورصة األوراق المالية؟‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى‪:‬‬
‫تحديد المصالح الواجب حمايتها في بورصة األوراق المالية وبيان نظامها القانوني‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحديد صور التجريم التي نص عليها المشرع الجزائري في المرسوم التشريعي ‪10-93‬‬ ‫‪-‬‬
‫المتعلق ببورصة القيم المنقولة مع عقد مقارنة لما عليه الوضع في التشريعين المصري‬
‫والفرنسي‪ ،‬حتى يمكن الحكم على مدى كفاية نصوص التجريم في القانون الجزائري‬
‫وبيان ما يشوبها من قصور وتحديد صور السلوك التي يجب النص على تجريمها‪.‬‬
‫بيان مدى انطباق القواعد العامة لقانون العقوبات على جرائم بورصة األوراق المالية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وإبراز االعتبارات والضرورات التي تقتضي الخروج على هذه القواعد إذا ما كانت‬
‫طبيعة جرائم تداول األوراق المالية تتطلب ذلك‪.‬‬
‫بيان الجهات المختصة بإجراءات الضبط والتحقيق في جرائم البورصة‪ ،‬ومدى‬ ‫‪-‬‬
‫اختصاص هذه الجهات والحماية الجزائية المقررة لها‪ ،‬وبيان اختصاص رجال الشرطة‬
‫بضبط هذه الجرائم‪.‬‬
‫التعرض لموضوع الدعوى العمومية في جرائم البورصة‪ ،‬لبيان الجهة المختصة‬ ‫‪-‬‬
‫بتحريكها‪ ،‬ومدى إمكان تحريك الدعوى عن طريق االدعاء المباشر‪ ،‬وممن يجوز له‬
‫االدعاء‪ ،‬وبيان الحاالت الخاصة بانقضاء الدعوى الجنائية في هذه الجرائم‪.‬‬
‫التعرف على الجهة المختصة بالفصل في جرائم البورصة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة طبيعة الركن المعنوي في جرائم البورصة من أجل تحديد المسؤولية الجزائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التعرض إلى صور المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة‪ ،‬وبيان ضوابطها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وبحسب البحث البيبليوغرافي الذي تم إجراءه حول موضوع الحماية الجزائية‬
‫لبورصة األوراق المالية فقد سبقتنا لدراسة الموضوع بعض الدراسات السابقة‪ ،‬نذكر منها‬
‫أطروحة دكتوراه للطالب حمزة عبد الوهاب والموسومة بـ الحماية الجزائية لبورصة‬
‫األوراق المالية في التشريع الجزائري والمقارن والتي نوقشت سنة ‪ 2013‬بجامعة باجي‬
‫مختار عنابة‪ ،‬وقد احتوت األطروحة على باب تمهيدي تضمن الحديث فيه حول النظام‬
‫القانوني لبورصة الجزائر من حيث التنظيم والنشاط وبابين األول جاء تحت عنوان الجرائم‬
‫الماسة بشفافية المعامالت داخل سوق البورصة‪ ،‬اما الباب الثاني فجاء تحت عنوان الجرائم‬
‫الماسة بقواعد سير البورصة‪ ،‬حيث حاول الباحث من خالل دراسة موضوعه الحديث حول‬
‫موقف التشريع الجزائري‪ ،‬والفرنسي واالنجليزي والمصري من توفير الحماية الجزائية‬
‫مقدمة‬

‫للبورصة وهل يمكن أن ترقى هذه الحماية إلى ضمان شفافية المعامالت ونزاهتها داخل‬
‫البورصة‪.‬‬
‫تتفق دراستنا لموضوع الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية من عدة جوانب‬
‫منها دراسة النظام القانوني لبورصة األوراق المالية‪ ،‬وكذلك صور الجرائم التي تقع داخل‬
‫بورصة األوراق المالية وتختلف الدراستين في كون موضوع الباحث حمزة عبد الوهاب‬
‫تناول الموضوع في شقه الموضوعي من خالل عرض صور الجرائم والجزاءات المقررة‬
‫لذلك فقط‪ ،‬أما بالنسبة لموضوعنا فقد اشتمل على دراسة الموضوع في شقه الموضوعي‬
‫واإلجرائي‪.‬‬
‫نذكر كذلك أطروحة دكتوراه للطالبة سليماني صبرينة والموسومة بـ جرائم البورصة‬
‫دراسة مقارنة والتي نوقشت سنة ‪ 2018‬بجامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬حيث درست‬
‫الباحثة الموضوع من خالل بابين تضمن األول الحديث حول صور وأنماط جرائم البورصة‬
‫في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬أما الباب الثاني فقد تضمن دراسة خصوصية المتابعة في‬
‫جرائم البورصة من ها ما تعلق بإجراءات المتابعة ومنها ما تعلق بالعقوبات المقررة‬
‫لردعها‪ ،‬وهو ما يقترب إلى حد كبير موضوع أطروحتنا‪.‬‬
‫وبالتالي بات من الضروري تعميم البحث والدراسة لموضوع الحماية الجزائية‬
‫لبورصة األوراق المالية‪ ،‬حتى نسلط الضوء وبشكل معمق حول النظام القانوني لبورصة‬
‫األوراق المالية ومعرفة أهم صور الجرائم التي تقع في سوق البورصة‪.‬‬
‫وفي سبيل دراسة موضوع الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية استخدمنا‬
‫المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬حيث سيتم وصف مشكلة البحث من خالل التعرض الستقراء‬
‫نصوص التشريعات المنظمة لبورصة األوراق المالية في الجزائر‪ ،‬والوقوف عند النصوص‬
‫القانونية التي تناولت الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية وتحليلها‪.‬‬
‫كما تعتمد هذه الدراسة على المنهج المقارن بدراسة التشريعات الخاصة ببورصة‬
‫األوراق المالية في كل من مصر وفرنسا‪ ،‬واستعراض تعليقات الفقه على تللك التشريعات‬
‫واألحكام‪ ،‬مع مقارنة ذلك بما عليه الوضع في التشريع الجزائري‪ ،‬بهدف الوصول إلى بعض‬
‫التوصيات التي نأمل أن تساهم في توفير الحماية الجزائية المنشودة لبورصة األوراق المالية‬
‫بما يواكب التطورات والمتغيرات المعاصرة‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق سيتم تقسيم موضوع الدراسة إلى بابين سنخصص الباب األول‬
‫لدراسة صور جرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬أما الباب الثاني فيتضمن الحديث حول‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم بورصة األوراق المالية‪.‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬صور جرائم بورصة األوراق المالية‬


‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫تتكون بورصة األوراق المالية من ثالث عناصر‪ ،‬األوراق المالية التي يتم تداولها فيها‬
‫والمتعاملون في هذه األوراق‪ ،‬والمعلومات التي يتم التعامل بناء عليها‪ ،‬وتمثل هذه العناصر‬
‫الثالث الموضوع المادي في جرائم البورصة‪ ،‬وكل عنصر من هذه العناصر يبرر مصلحة أو‬
‫أكثر من المصالح التي يجب حمايتها‪ ،‬وتمثل هذه المصالح الموضوع القانوني في جرائم‬
‫البورصة‪ ،‬حيث تتمثل هذه المصالح في حماية أسعار األوراق المالية من التالعب بها وتحقيق‬
‫المساواة بين المتعاملين في البورصة وإبراز الموقف المالي واالقتصادي للشركات المصدرة‬
‫لألوراق المالية والحفاظ على مصداقية المعلومات المتعلقة باألوراق المالية والشركات‬
‫المصدرة لها‪.‬‬

‫وحتى يمكن حماية البورصة جنائيا فإنه يجب حماية هذه المصالح‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق‬
‫تجريم كافة صور السلوك التي تضر بهذه المصالح أو تهددها‪.‬‬

‫وإلثراء الموضوع أكثر سيتم تقسيم الباب إلى فصلين‪ ،‬يتضمن األول الحديث حول‬
‫جرائم البورصة الماسة بشفافيتها‪ ،‬في حين يتضمن الفصل الثاني الحديث حول جرائم‬
‫البورصة الماسة بحسن سيرها وتنظيمها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬جرائم البورصة الماسة بشفافيتها‬


‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬

‫إن المبدأ األساسي الذي يحكم التعامل بسوق األوراق المالية هو قانون العرض‬
‫والطلب‪ ،‬وهذا القانون لكي يمارس دوره البد من سيادة الشفافية وتحقيق المساواة بين‬
‫المستثمرين وهذا ال يتحقق إال إذا كان هناك نوع من االنسياب في المعلومة المؤثرة في‬
‫التداول‪ ،‬وأن يكون الكافة متساوين في مواجهة هذه المعلومات سواء بالعلم بها أو عدم العلم‬
‫بها‪.‬‬

‫وقد يعمد البعض إلى تجاهل مبدأ الشفافية واإلفصاح بسوق األوراق المالية من خالل‬
‫تعاملهم مع المعلومة المتعلقة بالقيم المنقولة المتداولة بالسوق‪ ،‬وقد يتمثل هذا التجاهل في‬
‫سلوكيات تتنافى مع االلتزامات المفروضة بموجب القوانين واألنظمة واللوائح‪.‬‬

‫هذا التجاهل أو هذه السلوكيات إذا ما خرقت مبدأ الشفافية واإلفصاح الواجب توافره‬
‫بالسوق فإنها قطعا تشكل أفعاال تعد في نظر القانون جريمة‪ ،‬إذ ما نص القانون صراحة على‬
‫تجريمها‪ ،‬وهذا الخرق لمبدأ الشفافية إما أن يكون منصبا على المعلومة ذاتها التي تم تسريبها‬
‫أو استغاللها بشكل يتنافى وااللتزام المفروض على الشخص العالم بها‪ ،‬أو أن يكون منصبا‬
‫على سلوك قام به الشخص أثر من خالله على معيار الشفافية واإلفصاح الواجب توافره‬
‫بالسوق‪.‬‬

‫وتبعا لذلك سيتم تقسيم الفصل إلى مبحثين‪ ،‬نخصص األول للحديث على الجرائم‬
‫المتعلقة بالتعامل مع المعلومة االمتيازية‪ ،‬في حين يتضمن المبحث الثاني الحديث عن جريمة‬
‫نشر معلومات خاطئة أو مغالطة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الجرائم المتعلقة بالتعامل مع المعلومة االمتيازية‬


‫تعتبر المعلومة أحد أهم الركائز األساسية التي تقوم عليها بورصة األوراق المالية فهي‬
‫العنصر الرئيسي الذي يعتمد عليه المستثمر عند اتجاه نيته التخاذ قرار استثماري بشأن‬
‫األوراق المالية‪.‬‬

‫ويترتب على نق ص هذه المعلومات أو التعرض فيها لعملية من عمليات التضليل أو‬
‫الغش أو عدم الصحة إلى إحجام المستثمرين عن التعامل في بورصة األوراق المالية لفقد الثقة‬
‫فيه بسبب عدم توافر المعلومات المطلوبة عن األوراق المالية أو توافرها ولكن بشكل يوجد‬
‫التضليل‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية المعلومات فإن معظم التشريعات حرصت على أن تكون هذه المعلومات‬
‫دقيقة وصادقة‪ ،‬من خالل توفير الحماية لها تحقيقا للمساواة بين المتعاملين في البورصة‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل تجريم بعض األفعال الماسة بها‪.‬‬

‫وتبعا لذلك سيتم التطرق من خالل هذا المبحث إلى مفهوم المعلومة االمتيازية (المطلب‬
‫األول) وجريمة استغالل معلومة امتيازية (المطلب الثاني) وكذا جريمة إطالع الغير على‬
‫معلومة امتيازية (المطلب الثالث) باعتبار أن هذا التجريم هو الذي يحقق الحماية المطلوبة‬
‫للمتعاملين في البورصة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المعلومة االمتيازية‬


‫لمصطلح المعلومة معنيان األول مشتق من الكلمة الالتينية اإلعالم‪ ،‬والتي تعني فعل‬
‫الصياغة أو الوضع في الهيئة أو شكل معين‪ ،‬والثاني مشتق من كلمة التصور والتي تعني‬
‫الرسم والتخطيط وهذان المعنيان هما وجهان لحقيقة واحدة‪ ،‬فاألول يوضح الجانب الفعال‬
‫‪1‬‬
‫للمعلومات أي فعل اإلخبار نفسه‪ ،‬والثاني يوضح الجانب الوصفي أو البياني للمعلومات‪.‬‬
‫وتعرف المعلومات في االصطالح بأنها « كل ما يضيف شيئا إلى النموذج العقلي أو‬
‫‪2‬‬
‫االنطباع الذهني الذي نملكه عن العالم الخارجي في لحظة محددة»‪.‬‬
‫أما بالنسبة لتضيق تلك المعلومات فإن اإلطار العام في ذلك هو ما تتضمنه تلك‬
‫المعلومة من محتوى‪ ،‬فما يدخل تحت باب االقتصاد يكون معلومة اقتصادية‪ ،‬وما يكون تحت‬
‫باب السياسة فهو معلومة سياسية وهكذا‪ ،‬ولكل معلومة قيمة داخل بابها تزيد أو تنقص‪ ،‬ففي‬
‫‪3‬‬
‫الجانب االقتصادي لدينا المعلومات االقتصادية ولدينا القيمة االقتصادية للمعلومات‪.‬‬
‫وتعد معرفة المعلومات الخاصة بالشركات المدرجة بالسوق المالية أو تلك الخاضعة‬
‫لنظام السوق من الحقوق األساسية للمساهمين والمستثمرين على حد سواء‪ ،‬فعلى أساس هذه‬
‫المعلومات يمكن اتخاذ القرارات المناسبة‪ ،‬إما بتملك األوراق المالية التي تصدرها تلك‬
‫الشركات أو التخل ص منها وتكتسب هذه المعلومات أهمية خاصة عندما تكون غير معلنة‪ ،‬ولها‬
‫‪4‬‬
‫تأثير جوهري على األسعار‪.‬‬
‫وتظهر القيمة االقتصادية للمعلومات في مقدار ما تحققه من نفع وفائدة للشخص الحائز‬
‫عليها وتعتبر هذه القيمة فرع عن المعلومات االقتصادية غير المعلنة‪ ،‬وترتبط قيمتها بمدى‬
‫سريتها‪ ،‬إذ تنخفض قيمتها كلما زاد عدد من يعملونها‪ ،‬ترتبط كذلك بمدى صعوبة أو سهولة‬
‫حصول الغير عليها بوسائله الخاصة‪ ،‬بمعنى أنها يجب أن تكون نتيجة جهود لذلك ومبالغ‬
‫أنفقت للتوص ل إليها وهي معلومات تتمتع بالحماية القانونية كاألسرار التجارية وحقوق الملكية‬
‫‪5‬‬
‫الفكرية‪.‬‬
‫وتعرف المعلومات االقتصادية بأنها مجموعة البيانات الخاصة بالسياسة المالية للدولة‬
‫‪6‬‬
‫وحالة المواد التموينية والمخزون اإلستراتيجي من المواد التموينية وكذلك الحالة النقدية‪.‬‬

‫‪ - 1‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬مدى توافق اإلفصاح في البورصة مع مبدأ السرية‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص ‪.98‬‬
‫‪ - 2‬نبيل يوسف‪ ،‬مسؤولية الشخص المطلع الجزائية عن المعلومات الداخلية في أسواق المال " دراسة مقارنة"‪ ( ،‬رسالة‬
‫ماجستير في القانون ‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،)2004 ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ - 3‬مروى محمد العيساوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ - 4‬هواري سويسي‪ « ،‬تقييم فعالية بورصة القيم في تحسين الوضعية المالية للقطاع الخاص بالجزائر‪ -‬دراسة حالة شركة‬
‫أليانس للتأمينات‪ ، »-‬رؤى اقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،05‬ديسمبر‪ ،2013‬ص‪.43‬‬
‫‪ - 5‬تغربيت رزيقة‪ « ،‬ضمان المساواة في المعلومة المالية بين المتدخلين في سوق األوراق المالية»‪ ،‬المجلة األكاديمية للبحث‬
‫القانوني‪ ،‬عدد خاص‪ ،2017 ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ - 6‬قاسم محسن الحبيطي وشكر محمد مصطفى‪ « ،‬تأثير كفاءة سوق المستثمر في تحديد التوازن الظرفي لخصائص المعلومة‬
‫المحاسبية»‪ ،‬مجلة البحوث المستقبلية‪ ،‬عدد‪ ،2005 ،10‬ص‪.103‬‬

‫‪11‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وهناك من يعرف المعلومات االقتصادية بأنها مجموعة األخبار واألرقام والدالالت‬


‫المؤكدة وغير المؤكدة التي تتعلق بواقع اقتصادي معين‪ ،‬سواء كانت تلك المعلومات عامة أو‬
‫‪1‬‬
‫خاصة بصرف النظر على درجة تأثيرها على القرار االستثماري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ويمكن تقسيم هذه المعلومات إلى قسمين‪:‬‬

‫معلومات اقتصادية عامة متاحة للجميع‪ ،‬كالمعلومات االقتصادية المنشورة في الصحف‬ ‫‪‬‬
‫والدوريات والمواقع اإللكترونية المتخصصة‪.‬‬
‫معلومات اقتصادية غير معلنة وهي على نوعان‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫معلومات اقتصادية خاصة‪ ،‬كمن يدفع أمواال للمراكز االستشارية إلجراء العديد من‬ ‫‪-‬‬
‫الدراسات والبحوث التي تمكنه من اتخاذ القرار المناسب في مختلف المجاالت‬
‫االستثمارية‪.‬‬
‫معلومات اقتصادية سرية‪ ،‬وهي المعلومات التي يحظر نشرها أو اطالع الغير عليها إال‬ ‫‪-‬‬
‫وفقا لإلجراءات الرسمية‪ ،‬كالمعلومات التي تساهم في التأثير الجوهري على أسعار‬
‫األسهم أو تلك المعلومات التي يجب االلتزام بالحفاظ على سريتها كاألسرار التجارية‪.‬‬

‫ما يفهم من ذلك أن المعلومات السرية يحظر استغاللها أو إعالنها للجمهور إال وفقا‬
‫إلجراءات خاصة‪ ،‬ولكن ما المقصود بالمعلومة السرية بمعنى آخر ما معنى معلومة امتيازية‬
‫وكيف نظرت إليها بعض التشريعات؟‬

‫ستتم اإلجابة على هذا السؤال من خالل التطرق إلى تعريف المعلومة االمتيازية (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬وبيان شروطها (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف المعلومة االمتيازية‬


‫تطرق المشرع الجزائري لجريمة استغالل معلومة امتيازية في المادة (‪ )60‬من‬
‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ ،‬ولكنه لم يضع‬
‫تعريفا محدد للمعلومة االمتيازية ال في قانون البورصة‪ 3،‬وال في أنظمة وتعليمات لجنة تنظيم‬
‫‪4‬‬
‫عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬بل اكتفى ببيان طبيعتها ومضمونها‪.‬‬

‫لكن بالرجوع إلى بعض التشريعات المقارنة نجدها قد عرفت المعلومة االمتيازية ومن‬
‫ضمنها التشريع الفرنسي‪ ،‬حيث أوردت لجنة عمليات البورصة الفرنسية تعريفا للمعلومة‬

‫‪ - 1‬تغربيت رزيقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.279‬‬


‫‪ - 2‬قاسم محسن الحبيطي وشكر محمد مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة (‪ )60‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 10-93‬المؤرخ في ‪ 23‬مايو ‪ 1993‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل‬
‫والمتمم ج‪.‬ر‪ ،‬العدد‪.34‬‬
‫‪ - 4‬أنظر نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 02- 2000‬المتعلق بالمعلومات الواجب نشرها من طرف‬
‫المؤسسات التي تكون قيمتها مسعرة في البورصة ج‪.‬ر العدد ‪ 50‬في ‪ 16‬أوت ‪2000‬‬

‫‪12‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫االمتيازية في نص المادة األولى من الئحتها رقم ‪ 90/08‬لسنة ‪ 1990‬واعتبرتها بأنها‪« :‬كل‬


‫معلومة غير معممة خاصة‪ ،‬دقيقة تتعلق بواحدة أو أكثر من مصدري األوراق المالية أو بورقة‬
‫مالية أو أكثر والتي لو تم تعميمها لكان لها أثر على سعر الورقة المالية‪ ،‬أو المنتج المالي الذي‬
‫‪1‬‬
‫تتصل به»‪.‬‬

‫أما بخصوص المشرع المصري فلم يتطرق بشكل صريح للمعلومات الداخلية في‬
‫معرض تجريمه لألعمال التي تنطوي على غش أو نصب أو احتيال‪ ،‬وال في العقاب على تلك‬
‫األفعال‪ ،‬إال أنه أشار في المادة ‪ 64‬من القانون ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بإصدار قانون سوق‬
‫شراح‬
‫رأس المال المصري إلى حظر التعامل في المعلومات ذات الطابع السري‪ 2‬مما دعى ﱠ‬
‫ذلك القانون إلى التأسيس على هذه المادة في العقاب على اإلفصاح عن المعلومات الداخلية أو‬
‫التعامل بناءا عليها‪.‬‬

‫ولكن قوا عد العضوية في بورصتي القاهرة واإلسكندرية أوضحت بكل جالء تجريم‬
‫اإلفصاح عن المعلومات الداخلية‪ ،‬أو التعامل بناءا عليها‪ ،‬وعرفتها على أنها المعلومات ذات‬
‫الطبيعة المحددة التي لم يتم اإلعالن عنها لجمهور المتعاملين‪ ،‬ولم يتم نشرها سواء لفئة محددة‬
‫أو لعدة جهات مما ي عني حرمان جمهور المتعاملين من تلك المعلومات الجوهرية التي قد يكون‬
‫‪3‬‬
‫لها تأثير على أسعار األوراق المالية المتداولة‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 2008‬تدارك المشرع المصري النقص الذي كان يميز نص المادة (‪ )64‬من‬
‫القانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بسوق رأس المال‪ ،‬وذلك بتعديله بالقانون رقم ‪ 123‬لسنة‬
‫‪ 2008‬بإضافة نص المادة ‪ 20‬مكرر حيث أصبحت تنص على‪« :‬يحظر على األشخاص الذين‬
‫تتوافر لديهم معلومات عن المراكز المالية للشركات المقيدة بالبورصة أو نتائج أنشطتها‬
‫وغيرها من المعلومات التي يكون من شأنها التأثير على أوضاع هذه الشركات التعامل عليها‬
‫‪4‬‬
‫لحسابهم الشخصي قبل اإلعالن أو اإلفصاح عنها للجمهور»‪.‬‬

‫ومن مجمل تعاريف القوانين المقارنة نجد أنها قد اتفقت في تعريفها للمعلومة االمتيازية‬
‫بأنها « معلومة غير معلنة لعموم الجمهور تتعلق بورقة مالية‪ ،‬ولها تأثير كبير على أسعار تلك‬
‫الورقة عند اإلعالن عنها»‪.‬‬

‫‪ - 1‬حمليل نوارة‪ « ،‬جريمة استغالل معلومات إمتيازية في البورصة بين اختصاص القاضي وسلطة ضبط السوق المالية»‪،‬‬
‫المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬عدد‪ ،02‬جامعة مولود العمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2007 ،‬ص‪.118‬‬
‫‪ - 2‬المادة (‪ )64‬من قانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بقانون سوق رأس المال المصري‪ «:‬مع عدم اإلخالل بأية عقوبة أشد‬
‫منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب بالحبس مدة ال تقل عن سنتين وبغرامة ال تقل عن ‪ 20‬ألف جنيه وال تزيد عن ‪20‬‬
‫مليون جنيه‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أفشى سرا اتصل به بحكم عمله تطبيقا ألحكام هذا القانون أو حقق نفعا منه أو‬
‫زوجه أو أوالده‪ ،‬أو أثبت في تقاريره وقائع غير صحيحة‪ ،‬أو أغفل في هذه التقارير وقائع تؤثر في نتائجها»‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر القرار رقم ‪ 383‬لسنة‪ 2004‬المعدل لقانون سوق رأس المال المصري رقم ‪ 1992/95‬والمتعلق بقواعد العضوية‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 20‬مكرر القانون رقم ‪ 123‬لسنة ‪ 2008‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 1992/95‬المتعلق بسوق رأس المال‬
‫المصري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وفي إطار دراسة جريمة استغالل معلومات امتيازية سيتم التطرق إلى الشروط الواجب‬
‫توافرها في المعلومات المحضور استغاللها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط الواجب توافرها في المعلومات المحضور استغاللها‬


‫إن شفافية سوق األوراق المالية تتطلب إتاحة الفرصة لجميع المتعاملين فيه للوقوف‬
‫على المعلومات الخاصة بالشركة سواء كانوا مساهمين فيها أم ال‪ ،‬وما يمكن مالحظته أن‬
‫أغلب التشريعات التي جرمت استغالل معلومات غير معلنة أي امتيازية لم تعرفها وفي ظل‬
‫غياب ذلك تكفل الفقه والقضاء بتحديد الشروط الالزمة حتى يمكن وصف معلومة ما بأنها‬
‫امتيازية ومن جملة هذه الشروط ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن تكون المعلومات صحيحة غير المعلنة‬


‫يجب أن تكون المعلومة غير المعلنة صحيحة فال يعتبر متداوال بناءا على معلومات‬
‫داخلية من تعامل في الورقة المالية بناءا على معلومات من شخص مطلع‪ ،‬وهي معلومات غير‬
‫صحيحة‪ ،‬ألن مصطلح المعلومة الداخلية يفترض صحتها وما عدا ذلك يصنف تحت اإلشاعات‬
‫‪1‬‬
‫واآلراء‪.‬‬

‫ويقصد بالمعلومات غير المعلنة المعلومات التي ال يعلم بها الجمهور‪ ،‬والتي تكون‬
‫محل حماية القانون الجزائي‪ ،‬طالما بقيت سرا ال يجوز الكشف عنها للكافة‪ ،‬فهي في جعبة عدد‬
‫محدود من األشخاص بحكم وظائفهم‪ ،‬وتنتفي عن المعلومات صفة السرية إذا ما تم اإلعالن‬
‫عنها للجمهور بأية وسيلة كانت ‪ ،‬كوسائل االتصال المرئية والمسموعة أو الصحف اليومية أو‬
‫بنشرات اإلفصاح التي تلتزم بإصدارها الشركات ويقصد بالجمهور هنا مجموعة األشخاص‬
‫‪2‬‬
‫المتعاملين في أسواق األوراق المالية والمهتمين بهذه التعامالت‪.‬‬

‫كما عرف البعض المعلومات السرية بأنها المعلومات التي تتعلق بالشركة المصدرة‬
‫للورقة المالية دون أن تكون معلنة للكافة والتي لو تم اإلعالن عنها ستؤثر بطريقة واضحة في‬
‫سع ر الورقة المالية الخاصة بالشركة‪ ،‬أو من الممكن أن تعتبر كذلك في نظر المستثمر‬
‫‪3‬‬
‫العادي‪.‬‬

‫ولكن المشكلة األساسية في اإلعالن عن المعلومة وإن ظهر مثاليا‪ ،‬إال أنه يجب‬
‫االحتياط إذ أن الفترة بين وجود الواقعة المؤثرة التي هي محل للمعلومة وإذاعتها على هذا‬
‫النحو قد تكون محال الستغاللها‪ ،‬فالفترة الالزمة إلعداد الخبر وطبعه أو إعداد المؤتمر‬
‫الصحفي قد تكون محال لصفقات مشبوهة في السوق حتى من قبل الصحفيين أنفسهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬خالد علي صالح الحبنبي‪ ،‬الحماية الجنائية الخاصة لسوق األوراق المالية‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،2017 ،‬‬
‫ص‪.40‬‬
‫‪ - 2‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪ - 3‬تغربيت رزيقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.279‬‬

‫‪14‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫لذلك يذهب البعض إلى القول بأن المعلومة تكون معلنة إن تم إحاطة المهتمين بها علما‬
‫بمضمونها فالعامة ال يقصد بهم أي شخص وإنما يقصد بهم فقط مجموعة المهتمين‬
‫والمستثمرين في سوق األوراق المالية فالمعلومة تعد معلنة طالما تم إرسال خطاب واضح‬
‫‪1‬‬
‫ومحدد إلى المساهمين في الشركة‪.‬‬

‫ولكن ما يعيب هذا الرأي أن المستثمرين في سوق األوراق المالية ليسوا فقط من حاملي‬
‫أسهم الشركة التي تتعلق بها المعلومة‪ ،‬فاالستثمار مفتوح للكافة فهذا يقود من الناحية العملية‬
‫إلى القول بأن حماية المعلومة سوف تكون فقط في مواجهة المساهمين في الشركة‪.‬‬

‫ويذهب الرأي الغالب إلى أن المعلومة تعد عامة طالما تم إعالنها وفقا للطرق المقررة‬
‫إلعالن المستثمرين والتي ترسمها القوانين واللوائح في هذا الشأن‪.‬‬

‫وبالرجوع ألحكام المادة ‪ 05‬من نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم‬
‫‪ 02-2000‬المتعلق بالمعلومات الواجب نشرها من طرف المؤسسات التي تكون قيمتها مسعرة‬
‫في البورصة فالشركات تقوم بنشر المعلومات بأشكال ووسائل مختلفة منها الجرائد التقارير‬
‫المطبوعات‪ ،‬المراسلة الفردية للكبار المساهمين وغيرها من الوسائل األخرى التي تسمح‬
‫بأوسع نشر ممكن ولكن عدم تحديد طريقة ووسيلة معينة بذاتها يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في‬
‫غموض من الناحية التطبيقية‪ ،‬مما يستتبع استغالل المعلومة اإلمتيازية من قبل أشخاص دون‬
‫‪2‬‬
‫اكتشاف ذلك من جهات الرقابة المعنية‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن جريمة استغالل معلومات امتيازية تقع في الفترة الواقعة بين‬
‫تحديد المعلومة وصيرورتها وإعالنها للجمهور‪ ،‬فهذه الفترة هي التي يمتنع فيها استخدام هذه‬
‫المعلومة إلبرام صفقة ما داخل بورصة القيم المنقولة وتتصف هذه المعلومات بالسرية حتى‬
‫ولو كشفت عنها لعدد محدد فقط من األشخاص مادامت أنها عرفت فيما بينهم بأنها سرية‪،‬‬
‫وطالما أنها لم تفشى رسميا من الشركة ولم تنشر في وسائل اإلعالم المالية‪.‬‬

‫إن اتساع نطاق العلم بالمعلومات ال ينفي عنها صفة غير المعلنة ما دامت لم تبلغ تلك‬
‫المعلومات للجمهور عن طريق الجهات المشرفة على رقابة بورصة القيم المنقولة بناء على‬
‫بيان يسلم لها من قبل الشركة المعنية‪ ،‬ولم ينشر عن طريق وسائل اإلعالم وفي هذا الصدد‬
‫اعتبرت الهيئة العامة لهيئة األسواق المالية الفرنسية المعلومات اإلمتيازية‪ ،‬والتي تكون محل‬

‫‪ - 1‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.118 ،‬‬


‫‪ - 2‬سليماني صبرينة‪ ،‬جرائم البورصة " دراسة مقارنة"‪ ( ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم تخصص قانون‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،)2018 ،‬ص ‪.128‬‬

‫‪15‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫حظر بأنها معلومات سرية لم يتم تعميمها ففي حالة إعالنها سوف تؤثر على سعر الورقة‬
‫‪1‬‬
‫المالية‪.‬‬

‫إذن فطبيعة المعلومة في مجال بورصة األوراق المالية ال تعني معرفة ما ال يعرفه‬
‫اآلخرون‪ ،‬وإنما يعلم بها البعض قبل البعض اآلخر فيقوم باستغاللها قبلهم ومن هنا كانت أهمية‬
‫تجريم استغالل المعلومة قبل علم اآلخرين بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن تكون المعلومة محددة‬


‫تكون معلومة دقيقة ومحددة إذا أشارت إلى وقائع معينة كاستحواذ شركة على شركة أو‬
‫إجراء تعديل رأس المال أو غيرها من المعلومات التي لها تأثير على سعر القيم المنقولة في‬
‫البورصة فاآلراء العامة ال تعتبر معلومات محددة حتى وإن كانت قائمة على تحليل ودراسة‬
‫‪2‬‬
‫علمية‪.‬‬

‫والحقيقة أن التشريع الجزائري لم ينص على هذه الصفة هو وبقية القوانين المقارنة‬
‫ولكنها مستفادة من طبيعة المعلومة في مجال سوق األوراق المالية‪ ،‬ويدلل على صحة هذا‬
‫االستنتاج القضاء المقارن في الدول التي أوردت تجريما مماثال وأهمها فرنسا‪ ،‬فعلى الرغم من‬
‫أن النصوص الفرنسية الخاصة باستقالل المعلومة غير المعلنة لم تتحدث عن خاصية كون‬
‫المعلومة محددة‪ ،‬إال أن القضاء هناك مستقر على ضرورة أن تكون محددة‪.‬‬

‫وقد وضع القضاء الفرنسي قاعدة عامة‪ ،‬هي ضرورة أن تكون المعلومة محددة وأساسية‬
‫ومؤكدة‪ ،‬وفي ضوء ذلك اعتبر من المعلومات المحددة اإلعداد لتقديم عرض عام بالشراء‬
‫وقيام شركتين باإلعداد التخاذ قرار بتأسيس"سوبر ماركت" والعلم بالخسائر الفادحة التي‬
‫تعرضت لها إحدى الشركات المتداولة أوراقها في سوق األوراق المالية‪ ،‬وال يجوز في هذا‬
‫الشأن الخلط بين المعلومة الخاصة والمحددة والمؤكدة في المعنى السابق وبين مجرد‬
‫‪3‬‬
‫اإلشاعات الصحيحة التي تدور حول أنشطة بعض الشركات‪.‬‬

‫كما ذهبت محكمة االستئناف الفرنسية إلى القول بأنه ال يشترط لكي تعد المعلومة‬
‫تفصيلية أو متميزة‪ ،‬أن تصل إلى درجة عالي ة من التحديد فقيام أحد مديري شركة تابعة لشركة‬
‫أمريكية بالسفر إلى أمريكا على أمل الحصول على موافقة الشركة األم على قيام الشركة‬
‫التابعة بإجراء عملية تجارية مهمة من شأنها رفع أسعار األسهم التي تقوم ببيعها فهذه الزيارة‬
‫على الرغم من أنها تهدف إلى الحصول على موافقة الشركة تعد معلومة تفضيلية‪ ،‬وبالتالي‬

‫‪ - 1‬أحمد عبد الراحمن الملحم‪ ،‬حظر استغالل المعلومات غير المعلنة الخاصة بالشركات في التعامل باألوراق المالية‪،‬‬
‫مطبوعات جامعة الكويت‪ ،1998 ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 2‬بالل عبد المطلب بدوي‪ ،‬االلتزام باإلفصاح عن المعلومات في سوق األوراق المالية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 2006‬ص‪.110‬‬
‫‪ - 3‬خالد علي صالح الحبنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫‪16‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫يمتنع على المدير نفسه وعلى كل من علم بهذا القرار ممن حددهم المشرع أن يمتنعوا عن‬
‫شراء أسهم هذه الشركة فمجرد العلم بأن هناك فرصة ألن تؤدي محادثات معينة إلبرام صفقة‬
‫‪1‬‬
‫تعد معلومة تفضيلية‪ ،‬وبالتالي يمتنع استعمالها قبل إعالنها للجمهور‪.‬‬

‫فطالما أن هذه المعلومات وصلت إلى درجة تجعل حائزها يبادر باستغاللها فإننا نكون‬
‫بصدد معلومة محددة تعرض مستعملها للمسؤولية الجنائية‪ ،‬أما غير ذلك من المعلومات غير‬
‫المحددة أو ما يطلق عليها بالمعلومات المفترضة‪ ،‬فال يمكن أن تعد من قبيل المعلومات‬
‫الم تميزة أو المحددة‪ ،‬فالقول بأن شركة ما في أقصر ازدهارها‪ ،‬أو أنه يعتريها بعض‬
‫‪2‬‬
‫المصاعب المالية ال يعد معلومة محددة‪ ،‬وبالتالي فإنها ال تكون معلومة تفضيلية أو داخلية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التأثير الجوهري على األسعار‬


‫تباينت أسواق المال المقارنة في رؤيتها لذلك التأثير‪ ،‬فقد ذهب القانون المصري إلى‬
‫االهتمام بالواقعة بحد ذاتها‪ ،‬حيث نصت المادة الثانية من قواعد بورصتي القاهرة واإلسكندرية‬
‫على أن المعلومات الجوهرية التي يكون لها تأثير ملموس على سعر الورقة المالية المطروحة‬
‫للتداول‪ ،‬أو تأثيرها على القرارات االستثمارية للمتعاملين عليها أو تأثير على اتجاهات التعامل‬
‫‪3‬‬
‫في السوق‪.‬‬

‫أما المشرع الجزائري وبالرجوع للمادة ‪ 60‬ف ‪ 01‬من المرسوم التشريعي ‪10/93‬‬
‫المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ ،‬فلم يشترط في المعلومات االمتيازية التي تكون‬
‫محل استغالل أن تؤثر في أسعار القيم المنقولة‪ ،‬ولكن مادامت معلومات امتيازية فهي بطريقة‬
‫أو أخرى تؤثر في قيمة األوراق المالية ارتفاعا أو انخفاضا‪.‬‬

‫وبالنسبة لهيئة األسواق المالية الفرنسية وفي الئحتها المتعلقة بالتالعب بالسوق‬
‫الصادرة سنة ‪ 2009‬اشترطت أن تكون المعلومة غير المعلنة والتي يتم استغاللها من المحتمل‬
‫أن تؤثر في قيمة القيم المنقولة‪ ،‬وهذا بقولها بأن المعلومة االمتيازية هي معلومة ذات طبيعة‬
‫دقيقة لم يتم اإلعالن عنها للعموم والمتعلقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة بواحدة أو أكثر من‬
‫مصدري األدوات المالية‪ ،‬أو بواحدة أو أكثر من األدوات المالية‪ ،‬والتي إذا تم تعميمها فمن‬
‫المحتمل أن يكون لها تأثير هام في أسعار األدوات المالية الخاصة بها وأسعار األدوات المالية‬
‫‪4‬‬
‫ذات العالقة‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬الحماية الجنائية لبورصة األوراق المالية " دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬األزاريطة‬
‫اإلسكندرية‪ ،2007،‬ص ‪.207‬‬
‫‪ - 2‬بوزوينة هجيرة‪ « ،‬أثر اآلليات لحكومة الشركات على الرفع من جودة المعلومات المالية وكفاءة األسواق المالية»‪ ،‬مجلة‬
‫اإلدارة والتنمية للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد‪،12‬ص‪.217‬‬
‫‪ - 3‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬تداول األوراق المالية الحماية الجزائية د"دراسة مقارنة"‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ 2012‬ص‪.198‬‬
‫‪ - 4‬بوزوينة هجيرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬

‫‪17‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وذهب بعض الباحثين إلى تعريف المعلومات الجوهرية بأنها تلك المعلومات التي‬
‫تكسب من يحوزها ميزة أكبر من غيره نحو االقتراب من التقدير السليم للقيمة السوقية‬
‫المتوقعة لألسهم في المستقبل المنظور أو البعيد في بعض األحيان وال يشترط أن يتوافر في‬
‫تلك المعلومات عنصر الجدة‪ ،‬إذ يكفي أن يتعلق األمر بتعديل معلومات معروفة بالفعل‪ ،‬أما‬
‫‪1‬‬
‫نظام السوق المالية فقد اهتم بالتأثير الجوهري على أسعار األوراق المالية‪.‬‬

‫هناك منهجين يحكمان هذه المسألة األول يتبع التفسير الموسع الذي يكفي فقط بمجرد‬
‫احتمال أن تحدث تلك المعلومات تأثيرا على أسعار األوراق المالية اعتمادا على جوهريتها‬
‫ويعبر عنه في سياق النص القانوني بعبارة "قد يؤثر" أو "ذات أثر" على أسعار األسهم‬
‫وتطبيق هذا المنهج يتطلب الحذر لسهولة إثباته‪ ،‬فهو أقرب ما يكون إلى أنه ضد مصلحة‬
‫المتهم بالتعامل بناءا على معلومات داخلية‪.‬‬

‫أما المنهج الثاني فيتبع التفسير الضيق الذي يتطلب إثبات العالقة بين إعالن المعلومات‬
‫أو استغاللها والتأثير الجوهري على األسعار‪ ،‬وهذا الشك بأنه يخدم مصلحة المتعامل بناء‬
‫على معلومات داخلية لصعوبة إثباته‪ ،‬ولكنه أكثر انسجاما مع متطلبات العدالة السيما وأن ذلك‬
‫‪2‬‬
‫الفعل يعد جريمة يتعين معها أن تتحقق أركانها الجرمية بكل جالء‪.‬‬

‫ويختلف معيار التأثير تبعا الختالف المنهجين السابقين‪ ،‬فمن ينظر إلى جوهرية المعلومات‬
‫يعتمد المعيار الموضوعي الذي يعتمد على قرار الشخص العادي وتصرفه بناء على تلك‬
‫المعلومات‪ ،‬أما من ينظر إلى التأثير الجوهري على األسعار فيعتمد المعيار الشخصي الذي‬
‫‪3‬‬
‫يقوم على علم كل مستثمر على حدى بطبيعة تلك المعلومات وتأثيرها‪.‬‬

‫إذن ونتيجة لما سبق‪ ،‬يمكن القول أن التأثير في أسعار األوراق المالية يقصد به أن‬
‫تكون من شأن المعلومة محل الحماية رفع أو خفض أسعار األوراق إذا ما تم اإلعالن عنها‬
‫وهذه الخاصية تعتبر نتيجة معقولة ومنطقية في مجال حماية المعلومات الداخلية من‬
‫االستغالل‪ ،‬فما الفائدة من حماية هذه المعلومة من اطالع الجمهور عليها طالما أنها لن تؤثر‬
‫في سعر الورقة المالية؟‬

‫رابعا‪ :‬ارتباط المعلومة بالقيم المنقولة أو بمصدرها‬

‫تشترط مختلف التشريعات في المعلومات االمتيازية والتي تكون محل استغالل بأن تكون‬
‫متعلقة بإحدى الجهات المصدرة لقيم منقولة متداولة في بورصة القيم المنقولة أو تمس بقيمتها‬

‫‪ - 1‬خالد علي صالح الحبنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬


‫‪ - 2‬طارق عفيفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ – 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪18‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المنقولة‪ ،‬وبالتالي فإن المعلومات التي ال تتعلق بقيم منقولة للشركة المقيدة في البورصة ال‬
‫‪1‬‬
‫تدخل ضمن المعلومات غير المعلنة والتي يحظر استغاللها‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أن المعلومات االمتيازية والتي يحظر استغاللها تتعلق بكل القيم المنقولة‬
‫المتداولة في البورصة‪ ،‬فهي ال تقتصر على األسهم بل تشمل كذلك سندات االستحقاق وسندات‬
‫المساهمة سواء كانت صادرة من شركة محلية أو دولية‪.‬‬

‫وقد اشترط المشرع الجزائري من أجل قيام جريمة استغالل معلومات امتيازية أن تتعلق‬
‫المعلومات بالقيم المنقولة أو بمصدرها‪ 2،‬أما المشرع الفرنسي فقد كان يشترط في المعلومات‬
‫التي تكون محل استغالل بأن تتعلق بعمل فني أو تجاري أو مالي للشركة وهذا بموجب األمر‬
‫الصادر في ‪ 28‬سبتمبر ‪ 1967‬غير أنه تراجع عن ذلك ونص بأن المعلومات يجب أن تكون‬
‫‪3‬‬
‫متعلقة باألوراق المالية أو بمصدر األوراق المالية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جريمة استغالل المعلومة االمتيازية‬


‫إن عملية استغالل معلومات سرية تعد خرقا حقيقيا لمبدأ المساواة بين المتعاملين في سوق‬
‫‪4‬‬

‫األوراق المالية لذلك فإن التشريعات المنظمة لنشاط التداول نصت على تجريم ارتكاب هذا‬
‫السلوك في بورصة األوراق المالية‪ ،‬فالوظيفة تتيح لشاغلها اإلطالع على أمور وأسرار‬
‫ومعلومات لم يكن في مقدوره العلم بها لوال اضطالعه بأعباء الوظيفة التي يشغلها‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة أوجبت على الموظف واجب الكتمان وحظرت عليه استغالل الوظيفة التي يتمتع بها‬
‫لتحقيق مآرب شخصية هذا االلتزام إذا ما تم اإلخالل به عدّ الفعل جريمة وأوجب المشرع على‬
‫مرتكبه عقوبة هذه الجريمة هي موضوع هذا العنصر والذي سيتم دراسته وفق ما سيأتي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الركن المفترض‬
‫يقوم الركن المفترض في هذه الجريمة على عنصرين‪ :‬المعلومة غير المعلنة‪ ،‬وقد سبق‬
‫التطرق إليها والى شروطها‪ ،‬وأن يكون الفاعل صاحب منصب (صفة خاصة في الفاعل) وهو‬
‫ما سيتم التفصيل فيه‪.‬‬

‫تفترض هذه الجريمة صفة خاصة في الفاعل‪ ،‬وهي أن يكون موظفا‪ ،‬فوفقا لمدلول نص‬
‫المادة ‪ 60‬ف‪ 01‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة يلزم لقيام‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬الحماية الجنائية لسوق األوراق المالية"دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،2011 ،‬ص‪.158‬‬
‫‪ - 2‬المادة (‪60‬ف‪ )01‬من المرسوم التشريعي‪ 10/93‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 04/03‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪...« :‬كل‬
‫شخص تتوفر له بمناسبة ممارسته مهنته أو وظيفته معلومات إمتيازية من منظور مصدر سندات أو وضعيته‪ ،‬أو منظور‬
‫تطور قيمة منقولة ما‪.»...‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- ART 10-1 ordonnance n°67-833 du 28 septembre 1967 .‬‬
‫‪ - 4‬يمكن تقسيم المتعاملين في البورصة إلى عدة تقسيمات هناك متدخلون مباشرون وآخرون غير مباشرون كما نجد هناك‬
‫متدخلون أفراد وآخرون مؤسسات وشركات أهمهم (صناديق‪ ،‬االستثمار‪ ،‬شركات الوساطة المالية باختالف أنواعها وأنشطتها‬
‫البنوك والمؤسسات المالية المستثمرون األفراد) ‪ ،‬أنظر‪ :‬حريزي رابح‪ ،‬البورصة واألدوات المالية محل التداول فيها‪ ،‬دار‬
‫بلقيس للنشر‪ ،‬الجزائر‪( ،‬د س ن)‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫‪19‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الجريمة أن يكون الجاني كل شخص تتوافر له بمناسبة مهنته أو وظيفته معلومات امتيازية‬
‫غير معلنة للكافة‪.‬‬

‫ويعد مرتكبا لجريمة استغالل معلومات امتيازية األشخاص الذين يتصلون بالمعلومة‬
‫لسبب أو بمناسبة وظيفتهم أو مهنتهم سواء من مديري الشركة وأعضاء مجلس اإلدارة‬
‫وأعضاء مجلس المراقبة‪ ،‬ويطبق هذا الشرط كذلك على األشخاص القائمين على بورصة القيم‬
‫المنقولة من وسطاء في عمليات البورصة‪ ،‬وكذا الجهات التي خولت كل صالحيات الرقابة‬
‫‪1‬‬
‫والتسيير داخل هذه السوق‪.‬‬

‫فالجاني إذن هو أساسا العالم بأسرار الشركة‪ ،‬إذ أن الغرض من هذه الجريمة هو منع‬
‫من تتوفر لديهم أسرار األعمال التدخل في السوق بدون مخاطرة بحكم اطالعهم قبل غيرهم‬
‫اعتبارا لكون الخير محصورا عليهم في بادئ األمر‪.‬‬

‫فالصفة المميزة للمطلع هي قدرته من خالل موقعه الوظيفي داخل الشركة التوصل إلى‬
‫المعلومات غير المعلنة للكافة أو للسوق‪ ،‬ولذلك فإن البحث يدور في الواقع في اإلطار المنوط‬
‫بهم إدارة ورقابة أعمال الشركة وممثليهم ومعاونيهم وعائالتهم وأصدقائهم‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬
‫قد تنتقل بعض البيانات والمعلومات والوثائق ذات الطبيعة السرية لعلم بعض األشخاص‬
‫الخارجين عن إطار الشركة بحكم وظائفهم التي تتصل بالضرورة عن طريق الصدفة بعمل‬
‫‪2‬‬
‫هذه الشركة‪.‬‬

‫أما المشرع المصري الذي يشترط في مادته ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال أن يحصل‬
‫المتهم على المعلومة بحكم عمله ومؤدى ذلك أنه يشترط لقيام الجريمة أن يتم الحصول على‬
‫المعلومة بسبب الوظيفة أو بمناسبتها وأن يكون الحصول على تلك المعلومة قد تم بحكم عمله‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫أو تحقيق نفع من تلك المعلومات له أو لزوجته أو أوالده‪.‬‬

‫وقد عدل المشرع المصري المادة ‪ 64‬بالقانون رقم ‪ 123‬لسنة ‪ 2008‬بإضافة نص‬
‫المادة ‪ 20‬مكرر للقانون رقم ‪ 95‬لسنة‪ ،1992‬وبذلك يكون قد سد الثغرة التي كانت قائمة في‬
‫‪4‬‬
‫القانون القديم والتي تعاقب على إفشاء السر دون ان يطال العقاب المستفيد من السر‪.‬‬

‫شراح قانون سوق رأس المال المصري‪ ،‬إلى القول بأن الهدف‬
‫ذهب بعض الباحثين و ﱠ‬
‫الرئيسي للمشرع من وراء ذلك هو أن يسري الحظر على جميع من يمارس عمله وفقا ألحكام‬
‫قانون سوق رأس المال بدءا من أعضاء الهيئة العامة لسوق المال‪ ،‬وموظفيها وبصفة خاصة‬

‫‪ - 1‬مجاجي سعاد‪ « ،‬حق المساهم في اإلعالم بين مقتضيات الشفافية واإلفصاح وضرورات السرية ‪ -‬الشركات المصدرة‬
‫لألوراق المالية نموذجا‪ ،»-‬مجلة القانون واألعمال‪ ،2014 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ - 3‬أنظر نص المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال المصري رقم ‪ 95‬لسنة ‪.1992‬‬
‫‪ - 4‬خالد علي صالح الجنبيهي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪20‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫موظفي الهيئة الذين يتمتعون بصفة الضبطية القضائية في إثبات الجرائم التي تقع بالمخافة‬
‫ألحكام ذلك القانون والئحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذا له وكذلك العاملون في‬
‫‪1‬‬
‫الشركات المقيدة أوراقها بسوق األوراق المالية‪.‬‬

‫أما المشرع الفرنسي وبالرجوع إلى المادة ‪10‬ف‪ 01‬من األمر ‪ 833 -67‬لم يعط تعريفا‬
‫حقيقيا ومحددا للشخص ال ذي يمكن أن يرتكب جريمة استغالل معلومات امتيازية بل أورد‬
‫فقط بأن مرتكب الجريمة هو كل شخص يحصل بمناسبة وظيفته على معلومات تتعلق بشركات‬
‫‪2‬‬
‫مقيدة في البورصة‪ ،‬ويستخدمها مما يحدث اضطرابات في قانون العرض والطلب‪.‬‬

‫إال أن المشرع الفرنسي قد أدخل تعديالت على األمر ‪ 833-67‬بموجب القانون الصادر‬
‫في ‪ 21‬جويلية ‪ 1996‬المتعلق بتحديث النشاطات المالية وكذلك بصدور القانون النقدي والمالي‬
‫عام ‪ 2000‬ومن بعده قانون األمن المالي عام ‪ 2003‬ثم الالئحة العامة لهيئة سوق المال التي‬
‫دخلت حيز التنفيذ في ‪ 25‬نوفمبر ‪ 2004‬باإلضافة إلى ما ورد في أحكام القانون التجاري‬
‫الفرنسي كل هذه القوانين حاولت تحديد فكرة العالمون بالمعلومات غير المعلنة وقد تم تقسيمهم‬
‫‪3‬‬
‫إلى طائفتين‪:‬‬

‫‪ ‬األشخاص الرئيسيون‪:‬‬
‫وهم الذين يطلعون على أسرار األعمال المتعلقة بحياة الشركة أو بعملية مالية يقوم بها‬
‫مصدر سندات‪ ،‬وذلك بمناسبة ممارسة وظيفتهم أو مهنتهم‪ ،‬وتشمل هذه الطائفة مدير الشركات‬
‫كالرئيس المدير العام والقائمين باإلدارة والمديرين العامين وأعضاء مجلس المديرين‬
‫واألشخاص الطبيعي ة أو المعنوية الذين يمارسون في الشركة مهام إدارية أو عضوية في‬
‫مجلس المراقبة والممثلون الدائمون لألشخاص المعنوية الذين يمارسون هذه المهام‪.‬‬

‫وبالنسبة للوسطاء في عمليات البورصة وبالنظر لموقعهم الهام في بورصة القيم‬


‫المنقولة‪ ،‬وكذا عالقتهم بالشركات المصدرة للقيم المنقولة ومعرفتهم بأهم المعلومات غير‬
‫المعلنة فقد شدد المشرع الفرنسي حيالهم ورتب مسؤوليتهم في حالة استغاللهم بمعلومات‬
‫داخلية بحكم مهنتهم فهناك قرنية مفترضة على مسؤوليتهم وهو نفس األمر بالنسبة للمشرع‬
‫الجزائري الذي رتب مسؤولية الوسيط المالي في حالة استغالله معلومات داخلية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد محمد اللوزي‪ ،‬الحماية الجزائية لتداول األوراق المالية " دراسة مقارنة"‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪129‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- ART10 -01 de l ordonnance n°67-833 du 28 septembre: «…pour les personnes disposant a‬‬
‫‪l’occasion de l’exercice de leur profession ou de leurs fonction , d’information privilégiées sur‬‬
‫‪les perspective ou la situation d’un émetteur dont les titre sont négocies sur un marche‬‬
‫‪réglementé» .‬‬
‫أنظر أيضا‪ - :‬أحسن بوسقسيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ :‬ج ‪ ،02‬ط ‪ ،16‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ، 2017 ،‬ص‪.297‬‬
‫‪ - 3‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫‪21‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ ‬األشخاص الثانويين‪:‬‬
‫هم أولئك الذين تسمح لهم وظيفتهم أو مهنتهم الحصول على سر األعمال سواء تحصلوا‬
‫على المعلومات أثناء أو بمناسبة ممارستهم لوظائفهم أو مهنتهم‪ ،‬وال تقع على عاتقهم أية قرنية‬
‫ولو كانت بسيطة على علمهم بأسرار الشركة‪ ،‬ومن ثم يتعين على القاضي أن يثبت بأن‬
‫المعلومة االمتيازية التي تتوفر لهم قد اكتسبوها بعنوان مهني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المادي‬


‫تعد جريمة إساءة استغالل المعلومة االمتيازية من جرائم السلوك‪ ،‬والتي ال يشترط فيها‬
‫القانون تحقي ق نتيجة إجرامية في المدلول المادي لهذه األخيرة‪ ،‬بل يعتبرها واقعة بمجرد إتيان‬
‫السلوك اإلجرامي‪ ،‬فالركن المادي يتكون من عنصر وحيد وهو السلوك والمتمثل في تداول‬
‫أسهم شركة بيعا أو شراء استنادا لمعلومة غير مفصح عنها اطلع عليها الشخص استغالال‬
‫لمنصبه الوظيفي‪.‬‬

‫وعليه فإن الحديث هنا سيقتصر فقط على النشاط اإلجرامي دون النتيجة المترتبة على‬
‫النشاط ألن النتيجة تعد متحققة لمجرد التهديد بالخطر بالمصلحة المحمية‪ ،‬فبمجرد إتيان‬
‫السلوك اإلجرامي والمتمثل في التعامل باألوراق المالية بناء على معلومة غير معلنة أو مفصح‬
‫عنها تقوم الجريمة دون انتظار ألي نتيجة ضارة قد تتحقق من وراء السلوك‪.‬‬

‫وال مجال لبحث عالقة السببية‪ ،‬فهذه األخيرة تقوم بالربط بين النشاط اإلجرامي والنتيجة ومن‬
‫ثم ال مجال لبحثها في الجرائم ذات الخطر التي ليس لها نتيجة مادية ملموسة‪.‬‬

‫يتمثل النشاط اإلجرامي في جريمة إساءة استغالل المعلومة المتوصل إليها بمناسبة‬
‫ممارسته مهنته أو وظيفته في إبرام صفقة عن طريق بيع أو شراء أسهم إحدى الشركات‬
‫المدرجة بالبورصة استنادا إلى معلومة‪ ،‬وقد حددت المادة ‪60‬ف‪ 01‬من المرسوم التشريعي‬
‫الجزائري رقم ‪10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم صورة السلوك المكون‬
‫للركن المادي للجريمة في قيام الشخص بإنجاز عملية أو عدة عمليات في السوق أو يتعمد‬
‫‪1‬‬
‫السماح بإنجازها قبل أن يطلع الجمهور على تلك المعلومات‪.‬‬

‫وما يفهم من ذلك أن النشاط اإلجرامي لهذه الجريمة يتخذ صورة البيع والشراء للقيم‬
‫المنقولة باالعتماد على المعلومة االمتيازية التي توصل إليها‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 60‬ف‪ 01‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وفي التشريع الفرنسي يتخذ النشاط اإلجرامي لهذه الجريمة صورا ثالث أولها قيام‬
‫الجاني (بنفسه) بإجراء صفقة أو أكثر مستغال معلومة داخلية‪ ،‬وثانيهما قيام الجاني بإجراء‬
‫‪1‬‬
‫صفقة أو أكثر مستغال المعلومة الداخلية وذلك بواسطة شخص آخر‪.‬‬

‫بي نما يتعين لقيام الركن المادي لجريمة استغالل المعلومات الداخلية في قانون سوق‬
‫رأس المال المصري رقم ‪ 95‬لسنة ‪ ،1992‬أن يحقق الجاني منفعة من وراء العملية (بيع‬
‫وشراء) التي أجراها مستغال المعلومات الداخلية أما إذا لم ينتج عنها تحقيق منفعة فال تقوم‬
‫‪2‬‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫وقد تكون المنفعة المتحققة منفعة مادية متمثلة في تحقيق ربح أو توقي خسارة وقد تكون‬
‫منفعة معنوية كالقدرة على المنافسة في العمل‪.‬‬

‫كما يشترط لقيام جريمة استغالل المعلومات الداخلية في قانون سوق رأس المال‬
‫المصري أن يحقق الجاني النفع إما لنفسه أو لزوجه أو ألوالده‪ ،‬وفي هذه الحالة فإنه ال قيام‬
‫للجريمة في حالة تحقيق المنفعة لشخص آخر من غير األشخاص الذين حددهم المشرع‪ ،‬وهذا‬
‫‪3‬‬
‫من شأنه تضييق نطاق الحماية الجزائية للمعلومات الداخلية ولحق المساواة بين المتعاملين‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول أن كل من القانون الجزائري والفرنسي قد جرما فعل التداول ذاته‬
‫بناءا على معلومات داخلية‪ ،‬دون تعليق ذلك على تحقيق النفع من وراء ذلك التداول خالفا‬
‫للقانون المصري‪ ،‬حيث أن قيام الركن المادي في كل منهما يتمثل في تحقيق نفع من وراء ذلك‬
‫استغالل المعلومات الداخلية‪ ،‬وهذا من شأنه تحقيق الحماية الجزائية للمعلومة الداخلية دون‬
‫انتظار تحقيق المنفعة من وراء ذلك االستغالل أو التداول‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الركن المعنوي‬


‫الجريمة وفقا للقواعد العامة يجب أن يتوافر فيها الركن المعنوي إلى جانب الركن المادي‪،‬‬
‫وذلك من أجل أن تقع الجريمة ويستحق العقاب عليها‪ ،‬الركن المعنوي‪ ،‬يتمثل في القصد‬
‫الجنائي أو الخطأ غير العمدي‪ ،‬فهل هذه الجريمة يشترط فيها أن تكون عمدية أم يتصور أن‬
‫تقع ولو بصورة غير عمدية؟‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 60‬من المرسوم التشريعي‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬


‫المنقولة نجد أن المشرع الجزائري اشترط ضرورة توافر القصد الجنائي‪ ،‬وهذا القصد قد‬
‫يكون عاما أو خاصا‪ ،‬ولم ينص على وقوعها بطريق الخطأ غير العمدي‪.‬‬

‫‪ - 1‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.215‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال المصري رقم ‪.1992-95‬‬
‫‪ - 3‬منير بوريشة‪ ،‬المسؤولية الجنائية للوسطاء الماليين في عمليات البورصة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬األزاريطة‬
‫اإلسكندرية‪.139 ،2002 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إن القصد الجنائي يقصد منه اإلرادة المتجهة عن علم إلى إحداث نتيجة يجرمها القانون‬
‫ويعاقب عليها‪ ،‬وبالتحليل الدقيق‪ ،‬يعد القصد الجنائي مزيجا من العلم واإلرادة معا‪ ،‬فاالرتباط‬
‫بينهما وثيق إذ أن العلم يشترط اتجاه اإلرادة إلى النتيجة اإلجرامية‪ ،‬كما أن اتجاه اإلرادة إلى‬
‫‪1‬‬
‫النتيجة رهن بتوقعها‪.‬‬

‫وقد عبر المشرع الجزائري عن القصد الجنائي في جريمة استغالل معلومة امتيازية‬
‫في نص المادة ‪ 60‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬السالف الذكر بقوله‪...« :‬أو يتعمد السماح‬
‫بإنجازها‪ ،»...‬وما يفهم من ذلك أن نص المادة اشترطت ضرورة توافر القصد الجنائي‪،‬‬
‫وبالتالي ال ضرورة إلثبات سوء نية الجاني أو البحث عن الباعث‪ ،‬بل يكفي علم الجاني أن‬
‫المعلومة التي في حوزته معلومة امتيازية ال يعلم بها الجمهور بعد ويقوم باستغاللها بإنجاز‬
‫صفقة أو عدة صفقات في البورصة سواء كان ذلك بنفسه أو عن طريق تسخير الغير لذلك‪.‬‬

‫لكن بالرجوع إلى القانون المصري وتحديدا نص المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال‬
‫المصري رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬نجدها جاءت خالية من اإلشارة إلى الركن المعنوي في هذه‬
‫الجريمة‪ ،‬إال أن هذه األخيرة يمكن أن ترتكز على عنصر العمد والذي يتم تصوره في استغالل‬
‫‪2‬‬
‫المعلومة السرية واتجاه إرادة الشخص المطلع إلى تحقيق نفع منها له أو لغيره‪.‬‬

‫أما التشريع الفرنسي فبالرجوع إلى نص المادة ‪10‬ف‪ 01‬من المرسوم الفرنسي الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 28‬سبتمبر ‪ 1967‬وآخر تعديالته فإنه يتعين توافر عنصر القصد في حالة قيام لجاني‬
‫بإفشاء معلومة داخلية آلخر يستغلها في إجراء عملية بيع وشراء على األوراق المالية التي‬
‫تتعلق بها تلك المعلومة فقد اشترط المشرع لقيام تلك الجريمة بهذه الصورة توافر القصد‬
‫الجنائي لدى المتهم إذ أنه استخدم لفظ (عمدا) بينما لم ينص المشرع على هذا القصد في حالة‬
‫قيام الجاني بإجراء صفقة بيع أو شراء مستغال معلومة داخلية سواء بنفسه أو عن طريق‬
‫شخص وسيط ومع ذلك فإن الغالب من الفقه يعتبر هذه الجريمة جريمة عمدية يتطلب ركنها‬
‫المعنوي توافر القصد الجنائي العام‪ ،‬أي بمعنى علم الشخص بحيازته لمعلومة داخلية مميزة‬
‫‪3‬‬
‫واتجاه إرادته إلى استغاللها قبل علم الجمهور بها‪.‬‬

‫إذن يمكن القول أن جريمة إساءة استغالل المعلومة المتوصل إليها بحكم الوظيفة من‬
‫الجرائم العمدية التي ال تتطلب قصدا جنائيا خاصا‪ ،‬وإنما تكتفي بتوافر عنصري القصد العام‬
‫من علم وإرادة‪ ،‬حيث يتمثل العلم في معرفة الشخص بطبيعة المعلومة وبأنها معلومة غير‬
‫معلنة أو مفصح عنها والتي يكون قد تم التوصل إليها بحكم المنصب الوظيفي الذي أتاح له حق‬

‫‪ - 1‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المسؤولية الجزائية عن الجرائم االقتصادية‪،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن‪ ،2009،‬ص‪.205‬‬
‫‪ - 2‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ - 3‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬

‫‪24‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫اإلطالع على المعلومة‪ ،‬وأن تتجه إرادة الشخص إلى استغالل المعلومة المطلع عليها بإبرامه‬
‫صفقة تداول على أسهم إحدى الشركات‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬جريمة إطالع الغير على المعلومة االمتيازية‬


‫تحقيقا لمبدأ المساواة ببن المتعاملين في الحصول على المعلومات ذهبت التشريعات‬
‫المنظمة لنشاط تداول األوراق المالية إلى تجريم النشاط المتمثل في إفشاء المعلومات الداخلية‬
‫للغير بحيث يعاقب الشخص بمجرد إفشائه للمعلومة الداخلية إلى الغير حتى ولو لم يتم‬
‫استغاللها حيث يرى بعض الفقه أن الهدف من هذا التجريم هو الحماية من اعتداء محتمل على‬
‫‪1‬‬
‫مبدأ المساواة بين المساهمين والمتعاملين بالبورصة‪.‬‬

‫كما اعتبرها البعض اآلخر توسيعا لمجال جريمة استغالل المعلومة االمتيازية والتي‬
‫من الممكن التنصل منها في حاالت عديدة خاصة بالنسبة للمستفيد من المعلومة االمتيازية حالة‬
‫كونه خارج عن دائرة ا لمطلعين‪ ،‬لذلك كان من الضروري تجريم فعل المستفيد الشريك‪ ،‬وذلك‬
‫‪2‬‬
‫خروجا عن األحكام العامة بما يضمن إشارة واضحة إلى خصوصية القانون البورصي‪.‬‬

‫وتقوم جريمة إفشاء المعلومات الداخلية على شرط مفترض وركنين هما الركن المادي‬
‫والركن المعنوي‪ ،‬وفيما يتعلق بالشرط المفترض فإنه يقوم على عنصرين أولهما توافر صفة‬
‫خاصة في الجاني (الشخص المطلع )‪ ،‬وثانيهما أن تكون المعلومة التي تم إفشاؤها داخلية‬
‫وذلك بالمفهوم السابق بيانه بالنسبة لجريمة استغالل المعلومات الداخلية ولذلك ومنعا لتكرار‬
‫سنكتفي باإلحالة إلى ما سبق بحثه بشأن الشرط المفترض لجريمة استغالل معلومات امتيازية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي للجريمة‬
‫يتحقق الركن المادي للجريمة بمجرد قيام الشخص المطلع بإفشاء أو نقل المعلومة‬
‫الداخلية إلى الغير‪ ،‬وبهذا فإن النشاط اإلجرامي لهذه الجريمة هو نشاط إيجابي يتمثل بإفشاء أو‬
‫نقل المعلومات الداخلية إلى الغير سواء كان ذلك شفاهة أو كتابة وأيا كانت الوسيلة المستخدمة‬
‫في نقل أو إفشاء تلك المعلومات كالهاتف أو الفاكس أو عبر شبكة المعلومات الدولية‬
‫(االنترنت) وسواء تم ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر تلقائيا أم بناءا على طلب بمقابل أم‬
‫‪3‬‬
‫دون مقابل‪.‬‬

‫ويستوي أن يكون نقل المعلومة الداخلية إلى شخص واحد أو ألشخاص متعددين معينين‬
‫أم غير معيني ن طالما لم يصل األمر إلى حد إعالم الكافة بها‪ ،‬ألنه في هذه الحالة تنتفي‬
‫الجريمة‪ ،‬إذ أن األصل في المعلومة الداخلية اإلعالن وليس الكتمان‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد عبد الرحمان الملحم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪ - 2‬بن فريحة رشيد‪ ،‬خصوصية التجريم والعقاب للقانون الجنائي لألعمال "جرائم الشركات أنموذجا"( أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،)2017 ،‬ص‪.148‬‬
‫‪ - 3‬غازي مضوي أحمد محمود‪ ،‬الضوابط القانونية لتداول األوراق المالية في أسواق المال‪ ( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪،‬‬
‫جامعة النيلين‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬السودان‪ ،2019 ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪25‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وعليه و إلثراء الموضوع أكثر حول الركن المادي لجريمة اطالع الغير على معلومة امتيازية‬
‫سيتم التطرق إلى موقف كل من التشريع الفرنسي (أوال)‪ ،‬التشريع المصري (ثانيا)‪ ،‬التشريع‬
‫الجزائري (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬جريمة اطالع الغير على معلومة امتيازية في التشريع الفرنسي‬


‫استنادا لنص المادة ‪ 10‬ف ‪ 02‬من المرسوم الفرنسي الصادر بتاريخ ‪ 28‬سبتمبر‪1967‬‬
‫والمعدل بقانون ‪ 531‬الصادر بتاريخ‪ 02‬أغسطس ‪ ،1989‬يتعين أن يكون الشخص الذي نقلت‬
‫إليه المعلومة الداخلية من خارج اإلطار ا لعادي لمهنة أو وظيفة من يحوز المعلومة‪ ،‬ويتمثل‬
‫‪1‬‬
‫هدف المشرع من ذلك منع خروج المعلومات الداخلية من فئة المطلعين عليها‪.‬‬

‫وعليه يجوز نقل المعلومة الداخلية ضمن النطاق العادي للمهنة وفي إطار عالقات‬
‫العمل مما يعني أنه ال قيام للجريمة إذا تم نقل المعلومة في نطاق العادي للمهنة أو الوظيفة‬
‫كنقلها بين أعضاء مجلس إدارة إحدى الشركات أو بينهم وبين مستشاريهم‪ ،‬وبهذه الحالة يصبح‬
‫الجميع من المطلعين على المعلومات الداخلية بسبب مهنتهم أو وظيفتهم فيمتنع عليهم استغاللها‬
‫‪2‬‬
‫أو إفشاؤها للغير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة اطالع الغير على معلومة امتيازية في التشريع المصري‬


‫نص المشرع المصري في المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال على أنه يعاقب‬
‫بالحبس لمدة ال تقل عن سنتين وبغرامة ال تقل عن عشرين ألف جنيه وال تزيد على خمسين‬
‫ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أفشى سرا اتصل به بحكم عمله‪ ،‬أو حقق نفعا منه‬
‫‪3‬‬
‫هو أو زوجته أو أوالده‪.‬‬

‫استنادا لنص المادة فإن المشرع المصري حصر نطاق تطبيقها في إفشاء أو استعمال‬
‫األسرار التي يتم الحصول عليها‪ ،‬فقد اشترط عالقة معينة بين مرتكب الجريمة وبين الحصول‬
‫على السر وهذه العالقة ال تغطي كافة الحاالت التي يمكن فيها استغالل معلومات تفضيلية أو‬
‫‪4‬‬
‫مميزة‪.‬‬

‫كما أن المشرع قد ربط بين استغالل السر وتحقيق الربح في جريمة تحقيق نفع من‬
‫السر‪ ،‬مما يؤدي إلى تضييق نطاق الحماية الجنائية دون مبرر‪ ،‬فالهدف من تجريم التعامل‬
‫على معلومات جوهرية غير معلنة هو تحقيق المساواة بين المتعاملين‪ ،‬واالعتداء على هذه‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬الحماية الجنائية للمتعاملين في بورصة األوراق المالية " دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الفكر‬
‫والقانون‪ ،‬المنصورة‪ ،2017 ،‬ص ‪.217‬‬
‫‪ - 2‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال المصري‪.‬‬
‫‪ - 4‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪.151 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المساواة يتحقق بمجرد القيام بهذا االستغالل‪ ،‬كما أنه في حالة تحقيق نفع من السر وكان‬
‫‪1‬‬
‫الجاني من العاملين بهيئة سوق رأس المال‪ ،‬فإنه ال مجال لتطبيق هذه المادة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة اطالع الغير معلومة امتيازية في التشريع الجزائري‬


‫لم يجرم المشرع الجزائري اطالع الغير على معلومة امتيازية ال في المرسوم رقم‬
‫‪ 10/93‬المتعلق بالبورصة‪ ،‬وال في التعديالت الالحقة‪ ،‬كما لم نجد أي نص يتعلق بها في‬
‫مختلف لوائح وأنظمة لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها فقد اكتفى المشرع ببعض‬
‫النصوص المتعلقة بإفشاء األسرار المهنية‪ ،‬نذكر منها المادة ‪ 39‬من المرسوم رقم ‪10-93‬‬
‫المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪ 2‬المادة ‪ 09‬ف‪ 05‬من نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها رقم ‪ 02-03‬المتعلق بشروط تسجيل األعوان المؤهلين للقيام بتداول القيم المنقولة‬
‫في البورصة‪ 3،‬والمادة ‪ 50‬من نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪01-15‬‬
‫المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ومراقبتهم‪ 4،‬باإلضافة إلى‬
‫نص المادتين ‪ 830 ،227‬من األمر رقم ‪ 59 -75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬المتضمن‬
‫القانون التجاري‪ 5،‬لكن دون وجود أي التزام قانوني على غيرهم من المستثمرين والمتعاملين‬
‫في البورصة بعدم إفشاء األسرار خاصة ما يعتبر منها معلومة امتيازية في نطاق البورصة‪.‬‬

‫بناء على ما سبق من المواد الواردة في النصوص المختلفة نجد أن المشرع الجزائري‬
‫ال ينص على جريمة اطالع الغير على معلومة امتيازية ويحيل في كل النصوص السابقة إلى‬
‫قانون العقوبات الذي يعاقب على جريمة إفشاء السر المهني المنصوص عليها في المادة ‪301‬‬
‫من قانون العقوبات الجزائري مما يستلزم ضرورة دراسة هذه الجريمة وبيان أركانها‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف السر المهني‬
‫يعتبر السر المهني من الحقوق الشخصية لإلنسان والتي تتعلق بكرامته وشرفه واعتباره‬
‫وقد كرس لها القانون حماية من أجل المحافظة عليها‪ ،‬ويعتبر من أهم االلتزامات التي تقع على‬
‫المهني الذي يتعين عليه حفظ أسرار عمالئه الذين وضعوا ثقتهم فيه‪.‬‬

‫ويعرف السر بأنه األمر ا لذي يعده صاحبه سرا وال يبحه إال مضطرا ويفشيه لشخص‬
‫اطلع عليه بحكم مهنته أو وظيفته‪ ،‬وقد اجتهد الفقه في تعريف السر فقد قيل بأنه واقعة أو صفة‬

‫‪ - 1‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 39‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/92‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 09‬ف ‪ 05‬من نظام رقم ‪ 02/03‬المؤرخ في ‪ 18‬مارس ‪ 2003‬المتضمن مسك الحسابات وحفظ السندات‪ ،‬ج‬
‫ر ج ج ‪ ،‬ع ‪.73‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 50‬من نظلم ‪ 01/15‬المؤرخ في ‪ 15‬أفريل ‪ 2005‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة‬
‫وواجباتهم ومراقبتهم‬
‫‪ - 5‬أنظر ‪ 227‬المادتين‪ 830‬من األمر رقم ‪ 59 -75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬المتضمن القانون التجاري المعدل‬
‫والمتمم‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ينحصر نطاق العلم بها في عدد محدد من األشخاص إذا كانت ثمة مصلحة يعترف بها القانون‬
‫‪1‬‬
‫في أن يظل العلم بها محصور في هذا النطاق‪.‬‬

‫وقيل كذلك بأنه إسباغ الدولة على واقعة أو أي شيء ما صفة السرية‪ ،‬بحيث يتعين بقاؤه‬
‫‪2‬‬
‫محجوبا عن غيره من كلف يحفظه‪ ،‬أو استعماله‪ ،‬ما لم تقرر إباحته‪».‬‬

‫وإذا كان االحتفاظ بالسر وعدم إفشائه يمثل التزاما يقع على من علم به بحكم مهنته موظفا‬
‫كان أو غير موظ ف‪ ،‬فإن ما يختص به الموظف من تصديه للخدمة العامة بجملة التزامات‬
‫صارمة في هذا الصدد أكثر من تلك التي تفرض عادة من العاملين خارج اإلرادة العامة من‬
‫‪3‬‬
‫معلومات ينطبق عليها وصف السرية‪ ،‬بل البد من توفر شروط معينة لقيام هذه الصفة‪.‬‬

‫‪ -3‬أركان جريمة إفشاء السر المهني‬


‫جريمة إفشاء السر المهني ككل الجرائم تتطلب لقيامها أركان عامة وأخرى خاصة‪ ،‬يتجسد‬
‫ركنها المادي في إفشاء واقعة ذات طابع سري‪ ،‬فيما يعرف ركنها الثاني بالركن الشخصي‬
‫وهو وقوع فعل اإلفشاء من أشخاص مؤتمنين على السر‪ ،‬أما الركن الثالث فهو الركن‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬إفشاء واقعة ذات طابع سري‬
‫يقصد بفعل اإلفشاء إذاعة معلومات ذات طبيعة سرية من قبل المؤتمن عليها إلى الغير‬
‫وهناك من يعرفه على أنه « اطالع الغير على مكونات النفس من معلومات كان يجب كتمانها‬
‫سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة»‪ 4.‬والقانون لم يشترط الوسيلة التي يتم بها اإلفشاء طالما‬
‫أن من شأنها إخراج السر من النطاق الذي ينبغي أن يظل محصورا فيه‪.‬‬

‫ويتحقق اال طالع بأنه وسيلة‪ ،‬فقد يكون كتابيا مثل رسالة‪ ،‬تقرير‪ ،‬شهادة أو مقال منشور‬
‫في مجلة‪ ،‬وقد يكون شفاهة كأن يكون اإلخبار بالسر أثناء حديث شخصي أومن خالل مناقشة‬
‫‪5‬‬
‫أو مرافعة أو في حديث تلفزيوني‪ ،‬أو حتى خالل دردشة في حوار عبر االنترنت‪.‬‬

‫ولكي يتابع مفشي السر قضائيا يتعين على صاحب السر أن يثبت وقوع اإلفشاء‪ ،‬وال يمكن‬
‫ذلك إذا كان اإلفشاء قد تم شفاهة أي إذا تم في حديث خاص ألن اإلفشاء يجب أن يثبت بمستند‬
‫مكتوب‪.‬‬

‫‪ - 1‬عادل جبري‪ ،‬محمد نجيب‪ ،‬مدى مسؤولية المدنية عن اإلخالل بااللتزام بالسر المهني أو الوظيفي‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرحمان الطويل‪ ،‬ناجح داود رباح‪ ،‬األعمال المصرفية والجرائم الواقعة عليها‪،‬ج‪ ،1‬دار وائل‪ ،‬عمان‪،2000 ،‬‬
‫ص‪.247‬‬
‫‪ - 3‬عادل جبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 4‬غسان رباح ‪ ،‬قانون العقوبات االقتصادي‪ ،‬منشورات بحسون الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،2000 ،‬ص‪.139‬‬
‫‪ - 5‬ساوس خيرة‪« ،‬جريمة إفشاء سرية الحسابات بالبنوك في القانون الجزائري»‪ ،‬مجلة البحوث في الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،02‬جامعة بن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ( ،‬د س ن)‪ ،‬ص ‪.357‬‬

‫‪28‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وتكرار اإلفشاء ال يرفع عنه هذه الصفة حتى ولو فقدت السر أهميته أو فائدته كلها أو‬
‫بعضها‪ ،‬فال يؤثر ذلك على مسؤولية من يفشيه‪ ،‬وال يشترط في اإلفشاء أي وسيلة في اإلشهار‪،‬‬
‫إذ ليس من الضروري أن يكون اإلفشاء في صورة إعالن للناس‪.‬‬

‫وتقوم جريمة إفشاء السر المهني إذا تم اإلفشاء إلى الغير‪ ،‬ويقصد بالغير كل شخص غير‬
‫ذي صفة‪ ،‬وال ينتمي للفئة التي ينحصر فيهم نطاق العلم بالواقعة التي توصف بالسر ومهما زاد‬
‫عدد األفراد الذين يحيطون علما بالسر‪ ،‬فذلك ال يزيل عنه صفة السرية حتى ولو تم اإلفشاء‬
‫لشخص واحد وحتى ولو كان هذا الشخص ممن يلتزمون بكتمان األسرار لكونه يمارس نفس‬
‫‪1‬‬
‫مهنة من أفضى إليه السر‪.‬‬

‫إذن فاإلفشاء ال يقتصر في مفهومه على البوح أو اإلظهار أو اإلذاعة أو اإلخبار فقط‪،‬‬
‫وإنما يمتد إلى تثبيت وتأكيد ما كان مجرد إشاعة وجعلها واقعة محققة ومؤكدة‪ ،‬وال يشترط‬
‫العالنية في هذه الجريمة حيث تقوم ولو كان اإلفشاء لشخص واحد فقط‪.‬‬

‫أ‪ -‬صفة الجاني المؤتمن على السر‬


‫ال تقوم جريمة إفشاء األسرار إال في حق شخص ذي صفة معينة‪ ،‬وهذه الصفة مستمدة‬
‫من نوع المهنة التي يمارسها‪ ،‬أي أنها صفة مهنية والعلة في تطلب هذا الركن أن جوهر‬
‫الجريمة هو إخالل بالتزام ناشئ عن المهنة وما يتفرع عنها من واجبات فضال عن أن علة‬
‫التجريم هي الحرص على المباشرة السليمة المنتظمة لمهن معينة ذات أهمية اجتماعية وهذه‬
‫الصفة متطلبة في فاعل الجريمة‪ ،‬ومن ثم يجوز أن يكون الشريك فيها غير حائز لهذه الصفة‬
‫‪2‬‬
‫وهي متطلبة وقت إيداع السر والعلم به دون وقت إفشائه‪.‬‬

‫إن جوهر جريمة إفشاء األ سرار هو إخالل شخص ملزم قانونا بكتمان ما هو مؤتمن‬
‫عليه بحكم وضعه أو وظيفته أو مهنته أو فنه‪ ،‬وقد ورد هذا التعداد على سبيل المثال ال الحصر‬
‫‪3‬‬
‫فيسري هذا االلتزام على كل من يعد أمينا على واقعة أو معلومات تعد سرا‪.‬‬

‫وتطبيقا لنص المادة ‪ 301‬ف ‪ 01‬من قانون العقوبات الجزائري والتي تجرم فعل‬
‫اإلفشاء السر المهني‪ ،‬ورجوعا إلى نصوص المواد التالية‪ :‬المادة ‪ 39‬من المرسوم التشريعي‬
‫‪ 10/93‬المتعلق ببورصة األوراق المالية‪ ،‬والمادة ‪ 09‬ف ‪ 05‬من نظام ‪ 02/03‬المتعلق بمسك‬
‫الحسابات وحفظ السندات‪ ،‬نجد أن المشرع الجزائري ألزم الوسطاء في عمليات البورصة‬

‫‪ - 1‬براردي سميرة‪ « ،‬الجرائم البنكية ‪ -‬جريمة إفشاء السر البنكي نموذجا‪ ،» -‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪،11‬‬
‫العدد ‪ ، 04‬دب ن ‪ ،2018 ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ - 2‬ماديو نصيرة‪ ،‬إفشاء السر المهني بين التجريم واإلجازة‪ ( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،)2010 ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 301‬ف ‪ 01‬من قانون العقوبات الجزائري‪ « :‬يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من ‪ 20.000‬إلى‬
‫‪ 100.000‬دج األطباء والجراحون والصيادلة والقابالت وجميع األشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو المهنة أو الوظيفة الدائمة‬
‫أو المؤقتة على أسرار أدلى بها إليهم وأفشوها في غير الحاالت التي يوجب عليهم فيها القانون إفشائها ويصرح لهم بذلك‪.»...‬‬

‫‪29‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫والقائمين بإدارتها ومسيريها ومديرها وأعوانها المسجلون ومأمور حساباتها بالتقيد بالسر‬
‫المهني‪ ،‬ويخضع لنفس االلتزام ماسك الحسابات والحافظ لدفتر السندات والنقود لحساب مصدر‬
‫‪.‬‬
‫األوراق‪ ،‬وكل شخص مكلف بأداء خدمة مؤهل وذلك حماية للمستثمرين وسوق رأس المال‬

‫كما يلزم أيضا األعوان الخارجون الذين يمكن أن تستعين بهم اللجنة فيما يخص الوقائع‬
‫واألعمال والمعلومات التي أطلعوا عليها بحكم وظائفهم‪ ،‬وذلك حسب الشروط وتحت طائلة‬
‫العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات‪.‬‬

‫ج‪ -‬الركن المعنوي لجريمة إفشاء السر المهني‬


‫لما كانت هذه الجريمة من الجرائم العمدية فال يكفي لقيامها انتشار السر بل يجب أن‬
‫يكون ذلك اإلفشاء عمديا‪ ،‬ومن ثم يتخذ الركن المعنوي لهذه الجريمة صورة القصد الجنائي‬
‫والنتيجة المترتبة على ذلك أنه ال قيام لهذه الجريمة بدونه‪ ،‬إال أن المشرع الجزائري لم ينص‬
‫صراحة في المادة ‪ 301‬من قانون العقوبات على تطلب القصد الجنائي كشرط لقيام المسؤولية‬
‫الجنائية‪ ،‬إال أن القصد الجنائي هو ركن أساسي في أية جريمة وفقا للقواعد العامة‪ ،‬ألن األصل‬
‫في الجرائم أن تكون عمدية‪ ،‬واالستثناء أن تكون غير عمدية‪.‬‬

‫ومن ثم فإن الركن المعنوي يقتضي ضرورة علم الموظف الذي اطلع على بيان‬
‫األوراق من أن لها صفة السرية‪ ،‬وأن لهذا السر الطابع المهني وأنه يمارس مهنة تجعل منه‬
‫مستودعا لألسرار‪ ،‬كما يجب أن يعلم بأن العميل غير راض عن إفشاء السر‪ ،‬أما إذا اعتقد‬
‫الفاعل أن الواقعة ليست سرا أو ليست لها صلة بمهنته أو اعتقد أن العميل قدر صرح له‬
‫باإلفشاء‪ ،‬فإن القصد الجنائي ينتفي‪ ،1‬ويشترط القانون للعقاب على الجريمة باإلضافة إلى العلم‬
‫عنصر اإلرادة‪ ،‬لذلك يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إفشاء السر‪ ،‬وما يترتب على ذلك من‬
‫مساس بسالمة الحقوق التي حظر القانون االعتداء عليها‪ ،‬فال تقوم المسؤولية الجزائية في حالة‬
‫غياب القصد الجنائي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي‬


‫ال يعاقب القانون على إطالع الغير على معلومة امتيازية في بورصة األوراق المالية‪،‬‬
‫إال إذا كان صادرا عن قصد جنائي‪ ،‬فال عقاب على من أطلع الغير على معلومة امتيازية‬
‫بإهمال منه أو عدم احتياطه‪ ،‬ومن ثم يقوم الركن المعنوي لجريمة إطالع الغير على معلومة‬
‫امتيازية بتوافر عنصرين‪ ،‬وهما العلم واإلرادة المكونين للقصد الجنائي فهما شرطان أساسيان‬
‫لقيام المسؤولية الجزائية التي تنتفي في حالتي الجنون أو القوة القاهرة‪.‬‬

‫‪ - 1‬قديدر إسماعيل‪ ،‬المسؤولية الجزائية لألطباء عن إفشاء األسرار الطبية‪ ( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة تلمسان‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،)2010 ،‬ص ‪.117‬‬

‫‪30‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وال مجال للبحث عن الباعث من وراء ارتكاب هذه الجريمة‪ ،‬فهي تقع حتى ولو ادعى‬
‫الجاني أن مهنته كوسيط لألوراق المالية تفرض عليه خدمة زبائنه وتوجيههم وإعالمهم‬
‫بالمعلومات التي يلم بها ألن االلتزامات القانونية تفرض عليه االمتناع عن ذلك‪ ،‬أما إذا ما تم‬
‫إفشاء تلك المعلومات لضرورات وظيفية كإعطاء المعلومات لمحاسب الشركة أو للمستشار‬
‫‪1‬‬
‫القانوني فإن الجريمة ال تقع‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة‬
‫من أهم ما يجب أن تتصف به المعلومات المفصح عنها حول األوراق المالية والجهة‬
‫المصدرة لها مصداقيتها وسرعة انتقالها‪ ،‬إال أنه قد تنتشر أحيانا بعض المعلومات أو البيانات‬
‫أو التصريحات غير الصحيحة أو المضللة‪ ،‬وقد تبث اإلشاعات عن مصدر األوراق المالية أو‬
‫عن التطورات التي تطرأ على حالة تلك األوراق في سوق األوراق المالية بقصد التأثير على‬
‫أسعار هذه األوراق‪.‬‬

‫لذلك جرمت معظم التشريعات المنظمة لبورصة األوراق المالية الممارسات غير‬
‫المشروعة‪ ،‬من أجل الحفاظ على صحة ودقة المعلومات التي تتعلق بمصدر البورصة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مدى االلتزام باإلفصاح والشفافية في المعلومة‬


‫يعد االلتزام باإلفصاح من ضمن العوامل الفاعلة والمؤثرة في نجاح وتنفيذ واستقرار‬
‫العالقات القانونية‪ ،‬وهذا االلتزام يتسم بأنه قد يقع على عاتق كل ذي شأن أو بعض منهم في‬
‫تلك العالقات أيا كانت طبيعتهم (سواء أكانوا من األشخاص الطبيعيين أو االعتباريين)‪ ،‬وكذلك‬
‫أيا كانت طبيعة العالقات القانونية أو نوعيتها سواء تمثلت في عالقات ذات طبيعة تعاقدية‪ ،‬أو‬
‫كانت تلك العالقات في مجال البورصة التي تقتضيها تداول األوراق المالية بكافة الجوانب‬
‫المتعلقة بها ومصدرها قانون سوق رأس المال‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا المطلب إلى بيان المقصود باإلفصاح (الفرع األول)‪،‬‬
‫وما موقف التشريعات منه(الفرع الثاني)‪ ،‬وكيف يمكن أن يحقق مبدأ اإلفصاح المساواة بين‬
‫المتعاملين في المعلومة‪ ،‬وذلك من خالل التطرق إلى العناصر التالية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإلفصاح‬


‫يقصد باإلفصاح‪ ،‬لغة الفصاحة وتعني البيان‪ ،‬وأفصح أي تكلم بالفصاحة وأفصح‬
‫الصبح أي بدأ ضوئه واستبان وكل ما وضح فقد أفصح وأفصح عن الشيء إفصاحا إذ بينه‬
‫وكشفه كما أن اإلفصاح يقال فصح الرجل أي انطلق لسانه بكالم صحيح واضح وأفصح األمر‬
‫‪2‬‬
‫بمعنى وضح وأفصح عن مراده‪.‬‬

‫‪ - 1‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.234‬‬


‫‪ - 2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ :‬ج ‪ ،1984 ،5‬ص‪ ،3419‬نقال عن األستاذ‪ :‬جمال العزيز العثمان‪ ،‬اإلفصاح‬
‫والشفافية في المعلومات المتعلقة باألوراق المالية المتدوالة في البورصة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2010 ،‬ص‪.124‬‬

‫‪31‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وقد ذهب جانب من الفقه في تعريفه لإلفصاح إلى أنه « التزام يقع على عاتق أحد‬
‫المتعاقدين بأن يقدم المتعاقد اآلخر عند تكوين العقد البيانات الالزمة صحيحة إليجاد رضاء‬
‫سليم كامل متنور على علم بكافة تفصيالت هذا العقد وذلك بسبب ظروف واعتبارات معينة قد‬
‫ترجع إلى طبيعة هذا العقد أو صفة أحد طرفيه أو طبيعة محله أو أي اعتبار آخر يجعل من‬
‫المستحيل على أحدهما أن يلم ببيانات معينة أو يحتم عليه منح ثقة مشروعة للطرف اآلخر‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫الذي يلتزم بناءا على جميع هذه االعتبارات باإلفصاح واإلدالء بتلك البيانات»‪.‬‬

‫كما ذهب جانب آخر من الفقه إلى أن اإلفصاح هو تنبيه أو إعالم طالب التعاقد‬
‫بمعلومات من شأنها إلقاء الضوء على واقعة ما أو عنصر ما من عناصر التعاقد المزمع حتى‬
‫يكون الطالب على بينة من أمره‪ ،‬بحيث يتخذ قراره الذي يراه مناسبا على ضوء حاجته وهدفه‬
‫‪2‬‬
‫من إبرام العقد‪.‬‬

‫وذهب جانب ثالث من الفقه إلى أن اإلفصاح يعني تعهد الجهات المصدرة لألوراق‬
‫المالية بما فيها شركات المساهمة وشركات التوصية باألسهم بنشر وإعالن البيانات‬
‫والمعلومات والتقارير المتعلقة بنشاطاتها وأوضاعها المالية واالقتصادية وتقديمها بصفة‬
‫دورية للجهات المشرفة والرقابية وحملها إلى علم الجمهور‪ ،‬وبشكل خاص إلى المساهمين‬
‫‪3‬‬
‫الحاليين والمحتملين وغيرهم بكافة الوسائل التي تمكنهم من اإلطالع عليها‪.‬‬

‫ويعتبر اإلفصاح بصفة عامة هو الكشف عن المعلومات التي تهم المستثمرين وتؤثر في‬
‫سعر الورقة المالية ويجب أن يكون عاما وللجمهور كافة وليس فقط لحملة األوراق المالية ويتم‬
‫‪4‬‬
‫عن طريق الصحف اليومية من خالل تصريح أو إعالن من قبل الجهة المختصة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫واإلفصاح إما أن يكون‪:‬‬

‫‪ -‬إفصاحا دوريا يتم خالل فترات محددة مرتبطة بالنسبة المالية للجهة ذات العالقة‪،‬‬
‫‪ -‬إفصاحا فوريا ويتم عند حدوث المعلومة وبأسرع وقت ممكن‪.‬‬

‫إذن فاإلفصاح هو عملية الكشف عن معلومات مالية وغير مالية تهم كافة المهتمين‬
‫والمعنيين بالشركة‪ ،‬وتتم إما بصورة فورية عند حدوث المعلومة‪ ،‬وذلك حتى تتوفر المعلومات‬
‫بنفس الوقت للجميع وعدم استفادة أحد األشخاص قبل غيره من المعلومة‪.‬‬

‫‪ - 1‬صفوت عبد السالم‪ ،‬الشفافية واإلفصاح واألثر على كفاءة سوق رأس المال مع التطبيق على سوق الكويت لألوراق‬
‫المالية‪ ،‬دار النهضة العربية‪.19 ،2005 ،‬‬
‫‪ - 2‬عصام حنفي محمود‪ ،‬التزام الشركات بالشفافية واإلفصاح‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2006 ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ - 3‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ - 4‬إسماعيل محمد علي عثمان‪ ،‬النظام القانوني لتداول أسهم شركات المساهمة في البورصة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.214 ،2016 ،‬‬
‫‪ - 5‬خالد أحمد سيف شعراوي‪ ،‬اإلطار القانوني لعمليات التداول في البورصة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2015 ،‬ص‬
‫‪.316‬‬

‫‪32‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إن سياسة اإلفصاح والشفافية كجزء أساسي من السياسة العامة لحوكمة الشركات المساهمة‬
‫‪1‬‬
‫العامة المدرجة في البورصة البد أن تبنى على ركيزتين أساسيتين‪:‬‬

‫‪ -‬اإلعالن عن معلومة صحيحة سليمة منتظمة موثوق بها ومرتبطة بالموضوعات األساسية‬
‫والمهمة في العمل المصرفي بالمنشأة سواء تعلقت بالمركز المالي واألداء العام‪ ،‬حقوق‬
‫الملكية‪ ،‬المعلومات الجوهرية تعامالت األشخاص المطلعين في البنك بما في ذلك أعضاء‬
‫مجالس اإلدارة واإلدارة التنفيذية العليا في األوراق المالية المصدرة من قبل البنك‬
‫وتعامالت األطراف ذوي العالقة واالمتيازات التي يتمتع بها أعضاء المجلس واإلدارة‬
‫التنفيذية في األوراق المالية المصدرة من قبل الشركة‪ ،‬وتعامالت األطراف ذوي العالقة‬
‫واالمتيازات التي بها أعضاء المجلس واإلدارة التنفيذية العليا إضافة إلى التقارير الدورية‬
‫لشركة وسياسة الحكومة المتبعة فيه‪.‬‬
‫‪ -‬أن ت تم عملية اإلعالن في الوقت المناسب وبصورة حقيقية وواضحة وغير مظلة وفي‬
‫األوقات المحددة‪ ،‬وفقا لمتطلبات الجهات الرقابية والتشريعات النافذة مما يمكن المساهمين‬
‫والمستثمرين من اتخاذ قراراتهم‪.‬‬

‫إذن يمكن القول أنه ال يمكن وضع تعريف جامع مانع لتعريف لإلفصاح‪ ،‬حيث أن تعريفه‬
‫يختلف باختالف البيئة أو اإلطار الذي يوضع به‪ ،‬ولكن يمكن في ضوء التعريفات السابقة‬
‫استخالص بعض االعتبارات القانونية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إن االلتزام باإلفصاح يسري على جميع العقود أيا كانت طبيعتها وعمليات البنوك وعمليات‬
‫البورصة‪ ،‬فال يخص عقد بذاته أو عملية بعينها ما دام هناك بيانات ومعلومات تتسم‬
‫بالجوهرية يقتضيها تكوين العقد‪.‬‬
‫‪ -‬إن األساس القانوني لاللتزام باإلفصاح تتعدد مصادره ما بين العقد والقانون والعادات‬
‫واألعراف باإلضافة إلى االستناد إلى القيم األخالقية والدينية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية اإلفصاح‬


‫تلعب المعلومات دورا حاسما في التأثير قرارات المتعاملين في السوق بالبيع أو الشراء‬
‫أو االحتفاظ وتفترض نظريات كفاءة سوق األوراق المالية أن جميع المعلومات عن السوق‬
‫والشركات المسجلة فيها متاحة بشكل عام‪ ،‬وأن المتعاملين في السوق لديهم حرية الوصول إلى‬
‫هذه المعلومات دون تكلفة أو بتكلفة زهيدة‪ ،‬غير أنه من الناحية العملية بعد حصول جميع‬
‫المستثمرين على المعلومات الالزمة لتقييم القرار االستثماري أحد التحديات التي يمكن أن‬

‫‪ -1‬طلبة أميرة‪ ،‬أثر اإلفصاح المحاسبي على القيمة السوقية للسهم " دراسة حالة بعض الشركات المدرجة في البورصة"‪( ،‬‬
‫مذكرة ماجستير في االقتصاد والمناجمنت‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،)2009 ،‬ص‬
‫‪.84‬‬

‫‪33‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫تواجه أي سوق لألوراق المالية خصوصا في الدول النامية حيث أن توفر المعلومات يؤدي إلى‬
‫‪1‬‬
‫استقرار السوق ونمو المعامالت فيها وتدعيم ثقة المتعاملين‪.‬‬

‫في حين أن غياب قوانين اإلفصاح والشفافية يؤدي إلى انتشار حالة من عدم العدالة في‬
‫المعامالت التي تتم في سوق األوراق المالية‪ ،‬وتوفير كل الدوافع الالزمة للعب بمقدرات‬
‫السوق ومن ثم انتشار فئات محددة من المتعاملين خصوصا الذين لديهم حرية الوصول إلى‬
‫المعلومات الداخلية غير المتاحة للعامة‪ ،‬أو الذين يمكنهم من أن يشيعوا في السوق معلومات‬
‫خاطئة‪ ،‬أو يتمكنوا من تسريب معلومات صحيحة تحقق لهم أرباحا ضخمة في حال دخول تلك‬
‫المعلومات في قرارات المتعاملين بالجانب األكبر من األرباح التي يمكن أن تتحقق من‬
‫المعامالت في السوق وذلك على حساب باقي المتعاملين الذين ليس لديهم حرية الوصول إلى‬
‫مثل هذه المعلومات‪ ،‬سواء بالنسبة للمتعاملين في القيم المتداولة أو بالنسبة لمصداقية‬
‫‪2‬‬
‫المعلومات التي يجب أن تقدمها المؤسسات المقيدة في البورصة للجمهور‪.‬‬

‫إذن البد أن تكون هذه المعلومات ذات طابع اقتصادي مالي محاسبي ‪...‬إلخ‪ ،‬وذلك‬
‫بغرض معالجة الوضعية السابقة والحالية والمستقبلية للمؤسسة‪ ،‬وفي حالة الجزائر ال نجد‬
‫نظام معلومات يضمن الشفافية لمستعمليه‪ ،‬يضاف إليه صعوبة الحصول على هذه المعلومات‬
‫التي تسمح للمتعاملين القيام بالعمليات التي يريدونها في الوقت المناسب دون الوقوع في خطر‬
‫فمن خالل العمل على زيادة درجة اإلفصاح وتعديل متطلباته‪ ،‬بما يتالءم مع المعايير الدولية‬
‫بهدف تعزيز الدور الرقابي للسوق من جانب وتوفير تكافؤ الفرص للمتعاملين في السوق من‬
‫‪3‬‬
‫جانب آخر‪.‬‬

‫أما من جانب السوق يتعين توسيع نطاق المعلومات والبيانات التي يتوجب على لجنة‬
‫تنظيم البورصة اإلفصاح عنها سواء تلك المعلومات المتعلقة بأسماء الجهات المصدرة‬
‫لألوراق المالية وأسماء أعضاء السوق باإلضافة إلى البيانات الدورية المتضمنة لحركة‬
‫التداول والمؤشرات المالية الرئيسية وفي هذا الجانب على شركة إدارة البورصة إصدار‬
‫نشرات يومية وأسبوعية شهرية وسنوية تتضمن معلومات عامة عن السوق وقرارات مجلس‬
‫اإلدارة ومعلومات عن أحجام التداول ومؤشرات األسعار‪ ،‬مع إبرام اتفاقيات مع شركات‬
‫‪4‬‬
‫عالمية لنشر المعلومات الخاصة بالتداول بصورة آلية‪.‬‬

‫‪ - 1‬بلعجوز حسين‪ ،‬لقليطي األخضر‪ « ،‬أثر اإلفصاح المحاسبي على اتخاذ القرارات االستثمارية في سوق األوراق المالية»‪،‬‬
‫مجلة البحوث في العلوم المالية والمحاسبية‪ ،‬مجلد ‪ ، 01‬عدد‪ 01‬جامعة المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2016 ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ - 2‬عبد القادر حوة‪ ،‬فتيحة بكطاش‪ « ،‬أثر القياس واإلفصاح عن األدوات المالية في القوائم المالية ومتطلباتها وفق معايير‬
‫اإلبالغ المالي الدولي والنظام المحاسبي المالي»‪ ،‬مجلة أفاق للعلوم‪ ،‬جامعة زيان عاشور ‪ ،‬المجلد ‪ ،04‬العدد ‪ 16‬الجلفة‬
‫الجزائر‪ ،2016 ،‬ص‪..129‬‬
‫‪ - 3‬بلعجوز حسين‪ ،‬لقليطي األخضر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪ - 4‬عزيزة بن سمينة‪ ،‬مريم طبني‪ «،‬دور اإلفصاح المحاسبي والشفافية في تفعيل بورصة الجزائر»‪ ،‬مجلة تاريخ العلوم‪،‬‬
‫العدد السابع‪ ،‬مارس‪ ،2017 ،‬ص‪.332‬‬

‫‪34‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ولتعزيز الشفافية واإلفصاح في بورصة الجزائر يجب‪:‬‬

‫إلزام الشركات بنشر تقارير مالية سنوية (ميزانية حساب أرباح وخسائر‪ ،‬تقرير تدفق‬ ‫‪-‬‬
‫نقدي ‪...‬إلخ) في فترة ال تتجاوز‪ 10‬أيام أو شهر عن انتهاء الفترة وأن تبين التقارير المالية‬
‫بوضوح السياسات المحاسبية التي تستعملها الشركة‪.‬‬
‫أن تكون التقارير المالية المنشورة لسنتين‪ :‬السنة الحالية وسنة سابقة للمقارنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التأكيد على إتباع تبويب محاسبي صحيح في طريقة تقديم التقارير المالية (العناوين‬ ‫‪-‬‬
‫الرئيسية والفرعية‪ ،‬تسلسل وترتيب عرض العناصر‪ ،‬المجاميع الفرعية والكلية) لجعل‬
‫التقارير المالية الربعية خاصة فيما يتعلق باألرباح الحقيقية اإلجمالية وبالسهم ومعادالت‬
‫نموها لتلبية متطلبات المستثمرين في سوق األوراق المالية والتمكن من عمل تحليل مالي‬
‫ذو معنى‪.‬‬
‫التوصل مع وزارة المالية إلى حل مناسب للتضارب مابين رغبة إدارة شركة مساهمة في‬ ‫‪-‬‬
‫التهرب من ضريبة الدخل وبين ضرورة اإلفصاح عن األرباح الحقيقية لتلبية متطلبات‬
‫اإلفصاح الرسمية‪ ،‬وتوفير العوامل الجوهرية لتحليل وتقييم سعر السهم في البورصة‪.‬‬

‫إن التقيد بمبدأ اإلفصاح كما ينص عليه القانون يمنع القائمين على إدارة الشركة‬
‫المسعرة في البورصة من استغالل المعلومات االمتيازية قبل إعالنها للجمهور وذلك تحت‬
‫طائلة الجزاءات العقابية وهكذا فرض القانون على المطلعين على المعلومات االلتزام بعدم‬
‫‪2‬‬
‫استغالل المعلومة التي لم يطلع الجمهور عليها بموجب واجب اإلفصاح‪.‬‬

‫فكلما ازداد العمل بمبدأ اإلفصاح والشفافية ( كلما كانت المعلومات متاحة للجمهور‬
‫والمستثمرين خصوصا) كلما نقص التعامل المحظور لهذه المعلومات االمتيازية فالعالقة هي‬
‫عالقة طردية فالبورصة التي ال تفرض قواعد صارمة لإلفصاح المالي تظهر فيها سلوكات‬
‫غير مشروعة أهمها استغالل معلومات سرية لم تعلن للجمهور لتحقيق مكاسب ولدرء خسائر‬
‫‪3‬‬
‫وهو ما يعرف بجريمة العالم بأسرار الشركة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬موقف التشريعات من اإلفصاح المالي‬


‫تتفق معظم التشريعات المنظمة ألسواق المال على أهمية االلتزام بتطبيق مبدأ الشفافية‬
‫واإلفصاح ولكنها تختلف حول المعايير التي يجب استخدامها في تطبيق هذا المبدأ وتتمثل أهم‬
‫‪4‬‬
‫المعلومات التي يتم اإلفصاح عنها في البورصات العالمية فيما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد القادر فرادي‪« ،‬اإلفصاح المحاسب في النظام المحاسبي المالي وبورصة الجزائر»‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬المجلد ‪،16‬‬
‫العدد‪ 01‬جانفي ‪ ،2019‬جامعة األغواط ‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪ - 2‬حمزة عبد الوهاب‪ ،‬الحماية الجنائية ألوراق البورصة في التشريع الجزائري والمقارن‪( ،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪،‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة‪ ،)2013 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ - 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪35‬‬
‫‪ - 4‬عصام حنفي محمود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪35‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫عرض مختصر التاريخ المنشأة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫قائمة بأهداف المنشأة توقعاتها المستقبلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وصف الممتلكات الرئيسية ويشمل موقعها وظائفها وحجمها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وصف للمنتجات الرئيسية يشمل المنتجات الجديدة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫معلومات عن المحتوى األساسي للعقود الهامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫معلومات عن أي اندماج حديث ومخطط‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫معلومات عن اإلدارة وتشمل‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ‬معلومات عن أعضاء مجلس إدارة الشركة‪.‬‬
‫‪ ‬معلومات عن المديرين‪.‬‬
‫‪ ‬معلومات عن المتعاملين الرئيسين مع أعضاء مجلس اإلدارة‪.‬‬
‫معلومات عن رأس مال الشركة وتشمل‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ‬معلومات عامة عن تمويل رأس المال‪.‬‬
‫‪ ‬قائمة مختصرة بالتغيرات في أسعار األسهم‪.‬‬
‫‪ ‬معلومات عن المساهمين أعدادهم وحجم ملكياتهم‪.‬‬
‫‪ ‬معلومات عن األطراف التي تملك عدد كبير من األسهم بدرجة كافية للتأثير على‬
‫الرقابة على أعمال المنشأة‪.‬‬

‫إن األ همية الكبرى لإلفصاح المالي جعلت الدول تتبنى هذا المبدأ وفقا لظروف كل دولة‬
‫ودرجة تطورها االقتصادي إلى درجة أن بعضا من الدول قد أفردت قانونا خاصا باإلفصاح‬
‫المالي‪ ،‬سيتم توضيح ذلك وفق اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬موقف المشرع المصري‬


‫لقد أولى المشرع المصري عناية خاصة لإلفصاح المالي وتعزيز شفافية المعامالت‬
‫داخل سوق البورصة بإدخال قواعد الحوكمة وفرضها على الشركات المسعرة في البورصة‪،‬‬
‫فقد صدر القانون رقم ‪ 123‬لسنة ‪ 2008‬وأدخل بعض التعديالت على قانون سوق رأس المال‬
‫الصادر بالقانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬وأهم ما جاء به التعديل هو رفع قيمة الغرامات إلى حد‬
‫‪ 20‬مليون جنيه مصري في بعض المخالفات لقواعد السوق وقد جاء في التعديل أيضا إنشاء‬
‫سجل خاص بمراقبي الحسابات الذي يجوز لهم مراقبة ومراجعة الشركات الفاعلة في مجال‬
‫‪1‬‬
‫األوراق المالية‪.‬‬

‫وقد أصدر مجلس إدارة الهيئة في ‪ 21‬فبراير قرار بتعديل قواعد قيد واستمرار قيد‬
‫وشطب األوراق المالية‪ ،‬ويقضي هذا القرار بإلزام الشركات المقيدة بالبورصة بإنشاء موقع‬

‫‪ - 1‬حمزة عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫‪36‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الكتروني لكل منها لنشر القوائم المالية السنوية والدورية واإليضاحات المتممة لها وتقارير‬
‫مراقبي الحسابات وغيرها من البيانات والمعلومات التي تحددها إدارة البورصة‪ ،‬ويتضمن‬
‫القرار مهلة للشركات لاللتزام بإنشاء الموقع اإللكتروني تنتهي في نهاية شهر مارس من عام‬
‫‪1‬‬
‫‪.2013‬‬

‫والجدير بالذكر أن نشر المعلومات المالية وغير المالية من خالل الموقع اإللكتروني‬
‫للشركة ال يعفي الشركة من المسؤولية القانونية إلرسال هذه اإلفصاحات خالل الفترات‬
‫القانونية المحددة‪.‬‬

‫يقترن بتدعيم اإلفصاح والشفافية ما تم تطبيقه بخصوص الشفافية في إطار تطبيق‬


‫الحوكمة وذلك منذ صدور القرار ‪ 11‬لسنة ‪ 2007‬بشأن القواعد التنفيذية لحوكمة الشركات‬
‫العاملة في مجال األوراق المالية‪ ،‬حيث ألزمت البورصة المصرية الشركات بتطبيق الحوكمة‬
‫وأصبحت شرطا من شروط القيد والشطب‪ ،‬وتمثل مبادئ الحوكمة في جوهرها مجموعة من‬
‫القواعد لتحقيق الشفافية والعدالة والمساواة بين المستثمرين وينصرف مفهوم حوكمة الشركات‬
‫إلى القواعد القانونية والمؤسسية التي تحكم العالقة بين إدارة المنشأ من ناحية‪ ،‬وحملة األسهم‬
‫واألطراف المرتبطة بالمنشأ مثل المستهلكين والموردين والعمال وحملة السندات من ناحية‬
‫‪2‬‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف المشرع الجزائري من اإلفصاح المالي‬
‫تعتبر بورصة الجزائر بورصة حديثة النشأة سواء تعلق األمر بالنصوص القانونية‬
‫المسيرة لها أو بمجموع الشركات المتداول أسهمها فيها حيث تنشط بها سوى ثالث شركات‬
‫مساهمة فقط وهو ما يعني ضعف إن لم نقل شبه غياب لتداول هذه الشركات األمر الذي يؤدي‬
‫إلى عدم وجود بديل استثماري يستحق التخلي‪ ،‬االحتفاظ أو شراء أسهم أخرى مما انعكس على‬
‫ضعف طلب المعلومة المالية أو إثرائها وهو أمر ساهم إلى حد بعيد إلى عدم وجود دافع‬
‫‪3‬‬
‫لتشريع نصوص قانونية ملزمة باإلفصاح‪.‬‬

‫وتمثل لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة السلطة التشريعية في بورصة الجزائر‬
‫ومن ثم الواضح لضوابط اإلفصاح ومتطلباته الملزم تطبيقه من طرف الشركات المسجلة بهذه‬
‫البورصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬إيهاب الدسوقي‪ ،‬قياس الشفافية واإلفصاح في البورصة المصرية‪ ،‬ورقة عمل ‪ ،175‬نوفمبر ‪ ،2013‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 2‬دعاء عبد هللا علي السيد‪ ،‬تأثير المعلومات التي يكتسبها الفرد من خالل األنترنت على قرارات االستثمار في السوق‬
‫األوراق المالية "دراسة تطبيقية على البورصة المصرية"‪ (،‬رسالة ماجستير في اإلعالم من قسم العالقات العامة واإلعالن ‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬كلية اإلعالم‪ ،)2016 ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ - 3‬بلعجوز حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.127‬‬

‫‪37‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وقد أنشأت هذه اللجنة بموجب القانون التشريعي رقم ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫المنقولة المعدل والمتمم‪ ،‬إال أنها لم تنصب إال في فيفري ‪ 1996‬وهي تعمل على وضع شروط‬
‫‪1‬‬
‫ومراحل الدخول إلى هذه األخيرة والتزامات الشركات المدرجة قبل وبعد اإلدراج‪.‬‬

‫إن اإلدراج في بورصة القيم يعني توفير معلومات مالية وبيانات عن الشركة من حيث‬
‫نشاطها‪ ،‬أصولها‪ ،‬التزاماتها‪ ،‬مركزها المالي‪ ،‬نتائجها المالية وأهم صفقاتها المبرمة من خالل‬
‫المذكرات والنشرات اإلعالمية المتوفرة‪ ،‬سواء على مستوى البورصة أو على مستوى الشركة‬
‫واليوميات التي يتم نشر فيها هذه المعلومات التي من شأنها اجتذاب عدد أكبر من المتعاملين‬
‫الذين يفضلون االستثمار في شركة يمتلكون عنها معلومات كافية عن االستثمار في أخرى‬
‫يجهلون عنها العديد من المعلومات ذات األهمية والتي يمكن العدول عن اإلفصاح عنها لعدم‬
‫‪2‬‬
‫وجود نص صريح يلزمها بذلك‪.‬‬

‫ويعتبر التسجيل في بورصة القيم المنقولة إعالنا مجانيا للشركة المدرجة ومنتجاتها‬
‫وهو ما يعني تحسين رقم أعمالها من خالل زيادة الطلب على منتجاتها وخدماتها‪ ،‬وهو ما‬
‫ينعكس في ارتفاع أسعار أسهمها المتداولة‪.‬‬

‫إن استفاء شروط اإلدر اج في بورصة القيم المنقولة ستجعل الشركات تتحمل تكاليف‬
‫ثابتة قد ال تتناسب وحجمها‪ ،‬ومن ضمن شروط اإلدراج في البورصة االلتزام باإلفصاح عن‬
‫العديد من المعلومات وهو ما قد يرفض العديد من الشركات في إطار مبدأ السرية والتكتم‬
‫فالدخول إلى البورصة سيمنح بالفعل فرصة أكبر لتعبئة األموال‪ ،‬بالمقابل سيضع الشركة أمام‬
‫خيار تشتيت رأسمالها على عدد كبير من المساهمين وهو ما سيؤثر على عمليات اتخاذ القرار‬
‫‪3‬‬
‫وإستراتجية الشركة‪.‬‬

‫وتلتزم الشركات المقبولة في بورصة الجزائر بتوفير إعالم دائم للمستثمرين لكل‬
‫المعلومات التي تتع لق بها‪ ،‬وكمالحظة جوهرية لم يرد مصطلح اإلفصاح ككلمة واضحة في‬
‫‪4‬‬
‫مختلف النصوص بينما ظهرت مصطلح نشر المعلومة المالية والتي تشمل ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬نشر المراكز المالية نصف السنوية والسنوية في اليوميات ذات النشر الوطني المكتوبة‬
‫باللغتين العربية والفرنسية‪.‬‬

‫‪ - 1‬دواق سميرة‪ ،‬بلعجوز حسين‪ « ،‬اإلفصاح المحاسبي في القوائم المالية للشركات الجزائرية ‪ -‬دراسة حالة الشركات‬
‫المدرجة في البورصة خالل الفترة(‪ ،» -)2017—2015‬مجلة العلوم االقتصادية والتسير والعلوم التجارية‪ ،‬المجلد‪11‬‬
‫العدد‪ ،2018 ،02‬المسيلة‪ ،‬ص‪.237‬‬
‫‪ - 2‬يصنوني حفيظة‪ ،‬بشوندة رفيق‪ « ،‬السوق المالي (البورصة) في ظل تطبيق النظام المحاسبي المالي واقع آفاق»‪ ،‬مجلة‬
‫المالية واألسواق ‪ ،‬المجلد‪ ،03‬العدد‪ ،06‬جامعة بن باديس‪ ،‬مستغانم‪.2017 ،‬‬
‫‪ - 3‬أحمد باز محمد متولي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ - 4‬دواق سميرة‪ ،‬بلعجوز حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.239‬‬

‫‪38‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ -‬يجب على الشركة إعالم الجمهور بجميع البيانات ذات األهمية الجوهرية الخاصة بالشركة‬
‫والتي يمكن أن تؤثر بشكل أو بآخر على أسعار األوراق المالية عموما واألسهم وخصوصا‬
‫أو أي حادث من شأنه أيضا أن يؤثر على أسعار األسهم إلى جانب ذلك تجبر بورصة‬
‫الجزائر الشركات المسجلة بها اإلفصاح عن النسب المالية نذكر منها‪ :‬نسب السيولة العامة‬
‫السيولة الجاهزة‪ ،‬رأس المال العامل‪ ،‬نسب المديونية وربحية السهم الواحد‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري لم يفرد نصا خاصا باإلفصاح المالي بالرغم من‬
‫أهميته وحتى بعد صدور المرسوم التشريعي رقم ‪ 10/93‬المؤرخ في ‪ 1993/05/23‬المتعلق‬
‫ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم حيث لم ينص المشرع بشكل صريح على واجب‬
‫اإلفصاح المالي‪ ،‬إال ما يفهم من القسم الثالث تحت عنوان وظيفة المراقبة والرقابة للجنة تنظيم‬
‫عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬فنصت المادة ‪ 35‬على أن تتأكد اللجنة من تقيد الشركات المسعرة‬
‫في البورصة باألحكام التشريعية والتنظيمية والسيما في مجال النشر القانونية‪.‬‬

‫كما لم ينص المشرع على واجب اإلفصاح في هذا القانون إال على الشركات التي تصدر‬
‫قيما منقولة بالتجائها على التوفير العلني‪ ،‬بأن تنشر قبل ذلك مذكرة إلعالم الجمهور تتضمن‬
‫البيانات اإلجبارية المنصوص عليها في القانون التجاري‪ ،‬إال أنه بعد التعديل الصادر سنة‬
‫‪ 2003‬بموجب القانون ‪ 04/03‬المؤرخ ‪ 2003/02/17‬المعدل والمتمم للمرسوم التشريعي‬
‫‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة أوجب المشرع الجزائري كل شركة أو مؤسسة‬
‫عمومية تصدر أوراقا مالية أو أي منتوج مالي آخر باللجوء العلني لالدخار أن تنشر مسبقا‬
‫مذكرة موجهة إلى إعالم الجمهور تتضمن تنظيم الشركة ووضعيتها المالية وتطور نشاطها‬
‫كما ألزم التعديل كل شركة تطلب قبول سنداتها للتداول في البورصة أن تنشر مسبقا مذكرة‪.‬‬

‫لقد ألزم المشرع الشركات التي تلجأ لالدخار العلني بضرورة إعداد مذكرة إعالمية‬
‫تتضمن كافة المعلومات المتعلقة بالشركة‪ ،‬وهذه األخيرة تمكن المستثمرين من االكتتاب في‬
‫رأس مال الشركة وهم على بنية من وضعيتها وخاصة مركزها المالي‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته أن المشرع لم يترك واجب اإلدالء بالبيانات والمعلومات الواقعة على‬
‫عاتق الشركات التي تلجأ عالنية لالدخار‪ ،‬بل أكثر من ذلك فقد حدد المعلومات التي تلتزم هذه‬
‫‪1‬‬
‫الشركات باإلفصاح عنها‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 16‬من نظام ل ت ع ب م رقم ‪ 03 -97‬المؤرخ في ‪ 18‬نوفمبر ‪ 1997‬بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة ج ر عدد‬
‫‪ 87‬المؤرخ في‪ 1997-12-29 :‬معدل بالنظام رقم ‪ 01-03‬المؤرخ في ‪ 18‬مارس ‪ 2003‬المتعلق بالنظام العام للمؤتمن‬
‫المركزي على السندات ج ر عدد ‪ 73‬المؤرخ في ‪ 2003-11-30‬على ما يلي‪" :‬أن يكون قبول القيم المنقولة في عمليات‬
‫التداول في البورصة محل طلب قبول لدى اللجنة وإيداع مشروع مذكرة إعالمية يخضع لتأشير اللجنة يحرر مشروع المذكرة‬
‫اإلعالمية وفقا للشروط المحددة في تعليمة تصدر عن اللجنة"‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ولقد بينت المادة ‪ 03‬من نظام ل ت ع ب م رقم ‪ 02-96‬المعلومات التي يجب أن‬
‫تتضمنها المذكرة اإلعالمية بقولها عالوة على العناصر اإلجبارية المنصوص عليها في‬
‫‪1‬‬
‫القانون التجاري تتضمن المذكرة اإلعالمية معلومات عن‪:‬‬

‫تقديم مصدر القيم المنقولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫الوضعية المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تطور نشاطه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫موضوع العملية المزمع إنجازها وخصائصها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أركان جريمة نشر المعلومات الخاطئة أو المغالطة‬


‫لضمان صدق ودقة وشفافية المعلومات والبيانات التي تتضمنها الوثائق المقدمة إلى هيئة‬
‫األوراق المالية جرمت التشريعات المنظمة لنشاط تداول األوراق المالية تلك السلوكات غير‬
‫المشروعة التي تؤدي إلى تحريف وتزييف الحقائق التي تتضمنها هذه المعلومات والتي تعتبر‬
‫سند المستثمر في اتخاذ القرار المناسب بشأن شراء األوراق المالية أو بيعها‪.‬‬

‫ولدراسة هذه الجريمة كان البد من التطرق إلى بيان الركن(الفرع األول) ومن ثم البحث‬
‫في ركنها المعنوي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‬


‫يقوم الركن المادي في جريمة تسريب معلومات خاطئة أو مضللة على نشاط إجرامي‬
‫يتمثل في تقديم بيانات أو تصريحات أو معلومات غير صحيحة‪ ،‬وأن يكون من شأن ذلك‬
‫التأثير على القيمة السوقية لألوراق المالية أو على قرار المستثمر باالستثمار فيجب بداية‬
‫التطرق إلى ماهية النشاط ومن ثم طبيعته‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ماهية النشاط اإلجرامي‬

‫يتمثل النشاط اإلجرامي في جريمة تسريب معلومة خاطئة أو مضللة وفقا لنص المادة ‪60‬‬
‫في فقرتها الثانية من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتضمن بورصة القيم المنقولة الجزائري‬
‫المعدل والمتمم باألمر ‪ 04/03‬في نشر معلومات خاطئة مغالطة وسط الجمهور بطرق‬
‫ووسائل شتى وإزاء عموم النص نجد أن النشاط اإلجرامي ال ينحصر في صورة واحدة أو في‬
‫نمط واحد وإنما يتمثل في أنماط سلوك متعددة يمكن للجاني من خاللها اإلخالل بااللتزام‬
‫المفروض عليه بموجب قانون بورصة القيم المنقولة‪.‬‬

‫فتقديم البيانات أو التصريحات أو المعلومات غير صحيحة يمكن أن يتم شفاهة أو كتابة‬
‫وبأي وسيلة أخرى من شأنها إيصال هذه البيانات أو المعلومات غير الصحيحة إلى فئة من‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 03‬من نظام رقم ‪ 02-96‬المتعلق بنظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الناس‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للتصريحات والتي غالبا ما يلجأ إليها الجناة عبر وسائل اإلعالم‬
‫المختلفة‪ ،‬فعن طريق المقابالت الشخصية مع بعض فئات المجتمع أو مع المستثمرين بالسوق‬
‫يعمد هؤالء األشخاص إل نشر تصريح صحفي أو إذاعي لتحقيق أغراض معينة ‪ ،‬فقد يتضمن‬
‫هذا التصريح معلومة خاطئة أو مضللة هذه المعلومة يكون لها انعكاس سلبي على سوق‬
‫‪1‬‬
‫التداول فيتأثر السوق بها‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري استعمل عبارتين خاطئة أو مغالطة ما يعني أن‬
‫كال من العبارتين تحمل معنى مختلف عن األخرى فما المقصود بكل منهما؟‬

‫يقصد بالمعلومة الخاطئة المعلومة غير الصحيحة والكاذبة‪ ،‬والكذب هو إدعاء وزعم‬
‫مخالف للحقيقة الهدف منه تضليل المتلقي عن طريق تزييف الحقيقة أو إصدار تأكيدات غير‬
‫‪2‬‬
‫صحيحة أو غير مطابقة للحقيقة أو ناقصة‪ ،‬وال يمكن الوفاء بها عمال‪.‬‬

‫وعليه تكون البيانات غير صحيحة إذا ما تضمنت تغيير في الحقيقة ومؤدى ذلك انتفاء‬
‫الجريمة إذا كانت جميع البيانات المقدمة أو المثبتة في الوثائق مطابقة للحقيقة‪.‬‬

‫أما المقصود بالمعلومات المضللة هي كل معلومة تدليسية حتى وإن لم تكن كاذبة لكنها‬
‫قدمت بطريقة سيئة من أجل تغرير الغير وإيقاعه في الغلط إن المعلومة المغالطة أو المضللة‬
‫أخطر من المعلومة الخاطئة أو الكاذبة فإذا كانت األولى تنفي حقيقة معينة أو تزييف جزء منها‬
‫فالمعلومة المغالطة تؤدي إلى حمل الغير المتلقي للمعلومة إلى الوقوع في الغلط‪ ،‬وذلك إما‬
‫باتخاذ الكذب شكل النصب أو التزوير باستعمال وسائل احتيالية تعمل جذب الجمهور‬
‫و تشجيعهم لالستثمار في القيم المنقولة المصدرة من قبل الشركة محل المعلومة المغالطة‪ ،‬أو‬
‫‪3‬‬
‫بنشر معلومات بطريقة ملتبسة مشبوهة وغير دقيقة‪.‬‬

‫ومن ثم فإن نشر معلومات خاطئة أو مضللة تعد صورة من صور اإلخالل بااللتزام‬
‫بالشفافية واإلفصاح‪ ،‬وبالتالي اإلخالل بواجب قانوني مقترن بإدراك المخل لذلك الواجب‪.‬‬

‫إن النشاط اإلجرامي لجريمة نشر معلومة خاطئة ومغالطة قد يتمثل في نشر شائعة عن‬
‫بيع أو شراء أسهم تكون ألغراض منها التأثير على أسعار األوراق المالية بالسوق‪.‬‬

‫إذن فاألنشطة اإلجرامية التي يمكن للجاني أن يقوم بها تتعدد صورها بتعدد األنشطة‬
‫التي يمكن أن يمارسها الجاني في سبيل تسريب معلومة خاطئة أو مضللة‪.‬‬

‫‪ - 1‬رغدة عماد أحمد الحاج عبد هللا‪ ،‬اإلفصاح والشفافية في المعلومات المتعلقة باألوراق المالية المتداولة في البورصة‬
‫"دراسة مقارنة"‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة النيلين‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،)2019 ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ - 2‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.254‬‬
‫‪ - 3‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬

‫‪41‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وال يشترط لقيام هذه الجريمة أن تكون جميع البيانات المقدمة في الوثيقة غير صحيحة‬
‫أو مضللة‪ ،‬إذ يكفي لقيامها أن يكون أحد هذه البيانات أو بعضها غير صحيح أو مضلال ولو‬
‫كان البعض اآلخر ص حيحا ومطابقا للحقيقة‪ ،‬فالجريمة تقوم إذا ما تم تقديم نشرة اإلصدار‬
‫متضمنة أسماء أشخاص معينين على غير الحقيقة باعتبارهم من أعضاء مجلس إدارة المصدر‬
‫إذا كان شركة مساهمة عامة أو خاصة أو من الشركاء المؤسسين إذا كانت الشركة في مرحلة‬
‫‪1‬‬
‫التأسيس‪.‬‬

‫ولكن هل يشترط لقيام الجريمة أن تكون البيانات غير الصحيحة أو المضللة متعلقة‬
‫بمعلومات جوهرية بحيث تؤثر في صحة البيان الذي تحمله الوثيقة؟‬

‫استناد النص ‪ 60‬ف‪ 02‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‬
‫الجزائري يتعين أن تكون المعلومات غير الصحيحة أو المضللة تتعلق بالمصدر والذي تكون‬
‫قيمه المنقولة محل تداول في البورصة‪ ،‬أو أن تمس المعلومات الخاطئة أو المضللة الورقة‬
‫المالية في حد ذاتها بحيث من شأنها تضليل المستثمرين‪ ،‬والتأثير على القيمة السوقية لألوراق‬
‫المالية‪.‬‬

‫ومؤدى ذلك أنه ال قيام للجريمة إال إذا كان من شأن البيانات غير الصحيحة أو المضللة‬
‫تغير الحقيقة والتأثير في صحة المعلومة التي تحملها الوثيقة المقدمة للهيئة‪ ،‬وفي قرار‬
‫الشخص بخصوص شراء أو بيع أو االحتفاظ أو بالتصرف بالورقة المالية فإذا ما تضمن‬
‫اإلعالن الصادر عن الشركة نوعا من المبالغة عن نشاطها‪ ،‬كالمبالغة في توقع حجم األعمال‬
‫أو األرباح بهدف تشجيع المستثمرين للتمويل‪ ،‬فال تقع الجريمة مادام أن المبالغة مرسلة وغير‬
‫‪2‬‬
‫مؤيدة بأرقام غير حقيقية وليس من شأنها اإلضرار بالغير‪.‬‬

‫وكذلك ال تقع الجريمة بشأن البيان غير الصحيح الذي يكون قليل األهمية وال يكون من‬
‫شأنه التأثير على قرار المستثمر بيع أو شراء الورقة المالية كما لو تم تقديم بيان غير صحيح‬
‫بخصوص مكان وجود أحد فروع المركز الرئيسي لمقدم طلب الترخيص مادام ذلك ال يضر‬
‫بالغير‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى موقف المشرع المصري بشأن تجريمه لجريمة نشر معلومات خاطئة أو‬
‫مغالطة نجده قد نص على تجريم كافة السلوكيات التي تؤدي إلى تزييف هذه المعلومات وعدم‬
‫مصداقيتها‪ ،‬فالمشرع المصري طبقا لنص المادة ‪ 63‬من قانون سوق رأس المال نص على‬

‫‪ - 1‬خالد علي صالح الجنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬


‫‪ - 2‬أحمد بصري إبراهيم ومحمد حسن علي علوش‪« ،‬التدابير الواقية من جرائم البورصات في االقتصاد الوضعي والفقه‬
‫اإلسالمي ‪-‬دراسة مقارنة‪ ،»-‬بحوث ودراسات التجديد‪ ،‬المجلد‪ ،17‬العدد‪ ،2013 ،33‬ص‪.136‬‬

‫‪42‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫تجريم بعض األفعال‪ 1،‬بهدف الحفاظ على دقة ومصداقية المعلومات الصادرة عن الشركات‬
‫مصدرة األوراق المالية‪ ،‬نظرا ألهمية هذه المعلومات كعنصر من العناصر التي تقوم عليها‬
‫بورصة األوراق المالية‪ ،‬وباعتبارها األساس الذي يعتمد عليه المستثمرون في األوراق المالية‬
‫‪2‬‬
‫عند إصدار قراراتهم االستثمارية‪.‬‬

‫واستنادا لنص المادة ‪ 63‬من القانون المذكور فقد جرم المشرع المصري بعض أنواع من‬
‫األفعال وهي‪:‬‬

‫إثبات بيانات غير صحيحة أو مخالفة ألحكام القانون‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫التغيير في البيانات بعد اعتمادها من هيئة سوق المال أو عرضها عليها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التزوير في سجالت الشركات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عرض تقارير على الجمعية العامة تتضمن بيانات غير صحيحة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ومعنى ذلك أن المشرع المصري يشترط لقيام جريمة إثبات بيانات غير صحيحة أو مخالفة‬
‫ألحكام القانون في نشرات االكتتاب أو الوثائق أو التقارير واإلعالنات المتعلقة بالشركة التي‬
‫تطرح أوراقا ً مالية في اكتتاب عام اتخاذ موقف إيجابي من الجاني يتمثل في إثبات بيانات غير‬
‫صحيحة أو مخالفة للقانون‪.‬‬

‫والمشرع المصري يتطلب الكتابة في الجرائم المتعلقة بتزييف وتحريف المعلومات فهو‬
‫ينص على تجريم إثبات بيانات غير صحيحة‪ ،‬التزوير في سجالت الشركات وعرض تقارير‬
‫تتضمن بيانات غير صحيحة‪ ،‬وتغيير البيانات بعد اعتمادها وبالتالي فاألقوال الشفهية الكاذبة‬
‫والشائعات التي يطلقها البعض أو اإلدالء بأي تصريحات أو استشارات كاذبة أو غير‬
‫صحيحة‪ ،‬ال تدخل تحت نطاق التجريم طبقا لما ورد في نص المادة ‪ 63‬من القانون السابق‬
‫‪3‬‬
‫الذكر‪.‬‬

‫وهذا الوضع ال يتفق مع طبيعة بورصة األوراق المالية‪ ،‬حيث أن هذه األقوال الشفهية‬
‫و التصريحات وغيرها من كافة أشكال التعبير األخرى تؤثر على مصداقية البيانات الصادرة‬
‫عن الشركات المصدرة لألوراق المالية إذا كانت غير صحيحة أو كاذبة مما يؤثر على سالمة‬
‫القرارات االستثمارية للمتعاملين في األوراق المالية إلحاق األضرار بهم‪ ،‬وبالتالي خلق جو‬
‫من عدم الثقة في بورصة األوراق المالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 63‬من القانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بإصدار قانون سوق رأس المال والئحته التنفيذية وفقا آلخر‬
‫التعديالت األول من مارس ‪.1999‬‬
‫‪ - 2‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.256‬‬
‫‪ - 3‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.173‬‬

‫‪43‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫على عكس المشرع الجزائري الذي اعتبر جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة‬
‫قائمة سواء تمت شفاهة أو كتابة أو بأي وسيلة أخرى من شأنها إيصال المعلومات الخاطئة إلى‬
‫فئة من الناس وهذا طبقا لما ورد في نص المادة ‪ 60‬ف ‪ 02‬من المرسوم التشريعي ‪93/10‬‬
‫ولذلك نرى ضرورة امتداد نطاق التجريم إلى األقوال أو التصريحات والشائعات التي قد‬
‫يطلقها البعض والتي تؤثر على دقة المعلومات المتعلقة بالشركات المصدرة لألوراق المالية ‪.‬‬

‫أما في ما يخص المشرع الفرنسي فقد نص على هذه الجريمة في نص المادة ‪01-10‬‬
‫ف‪ 03‬من المرسوم ‪ 28‬سبتمبر ‪ ،1967‬حيث عاقب كل شخص نشر عمدا بين العموم وأذاع‬
‫بأي وسيلة كانت معلومات ز ائفة أو خادعة حول اتجاهات وموقف أحد مصدري األوراق‬
‫المالية المتداولة في السوق المنظم أو حول اتجاهات وتطور ورقة وأداة مالية مقيدة في السوق‬
‫المنظم‪ ،‬يكون من شأنها التأثير على األسعار‪ 1،‬وبهذا فإن المحل المادي للجريمة يشمل كافة‬
‫األوراق المالية المقيدة في السوق سواء كانت في مرحلة اإلصدار أو التداول‪ ،‬وكذلك مصدري‬
‫‪2‬‬
‫األوراق المالية المتداولة في السوق‪.‬‬

‫ولقد اعتبرت الالئحة العامة لمجلس األسواق المالية (‪ (A.M.F‬أن نشر معلومات كاذبة‬
‫أو مضللة هي صورة من صور التالعب باألسعار في سوق البورصة‪ ،‬والذي يؤثر بالسلب‬
‫‪3‬‬
‫على هذه السوق‪.‬‬

‫إن تجريم مختلف التشريعات لنشر معلومات كاذبة أو مضللة يرد سببه األول الحفاظ‬
‫على أمن واستقرار السوق ككل دون انتظار حدوث ضرر مباشر يمس أحد المستثمرين وهذا‬
‫ما حدث في قضية ‪ ) société générale de fonderie( S.G.F‬والتي واجهتها مشاكل‬
‫مالية في الثمانينات‪ ،‬وقد اضطرت الشركة إلعالن خسائر قدرت ب‪ 140‬مليون فرنك في ‪02‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- ART 10_1 alinéa 03 ordonnance du 28 septembre 1967 instituant une commission des‬‬
‫‪opérateurs de Bourse relative à l'information des porteurs de valeurs mobiliéres et à la publicité‬‬
‫‪de certaines opération de Bourse modifie par loi n° 96-597 du21 juillet 1996 art 89 JORF 4‬‬
‫‪juillet 1996 «est puni de prévues au premier alinéa fait pour toute personne de répondre‬‬
‫‪sciemment dans le public par des voies et moyens quelconques des informations fausses ou‬‬
‫‪trompeuses sur les perspectives ou la situation d’un émetteur dont les titres sont négociés sur un‬‬
‫‪marché réglementé ou sur les perspectives d évolution d’un instrument financiérs admis sur un‬‬
‫»‪marché réglementé de nature a agir sur les cours‬‬
‫‪ - 2‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Art 631-1 du régalement général de l’autorité des marchés financiers: «toute personne doit‬‬
‫‪s’abstenir de procéder (Arrêté de 05 juillet 2014 ) a des manipulations de cours constitue une‬‬
‫‪manipulation de cours:‬‬
‫‪1- Le fait d’effectues des opérations ou d’émettre des ordres:‬‬
‫‪a- Qui donnent ou sont susceptibles de donner des indication fausses ou trempeuses sur‬‬
‫‪l’offre, la demande ou la cours (arrête du 05 juillet 2014):«D’instruments financiers ou‬‬
‫»‪le prix ou la valeur de contrat commerciaux‬‬

‫‪44‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ماي ‪ 1986‬األمر الذي أدى إلى انخفاض حاد في سعر أسهم الشركة في البورصة‪ ،‬وبتاريخ‬
‫‪ 17‬مارس ‪ 1986‬أعلن المدير المالي للشركة عن أرباح طفيفة تعرفها الشركة غير أنه و في‬
‫‪ 18‬ديسمبر ‪ 1986‬كشفت لجنة عمليات البورصة )‪ (C.O.B‬عن الممارسات التي قام بها كل‬
‫من المدير العام والمدير المساعد حيث قدموا معلومات كاذبة و مضللة عن الوضع الذي‬
‫أصبحت تعرفه الشركة‪ ،‬وقد أدانت محكمة جنح باريس في ‪ 20‬ديسمبر‪ 1990‬كل من الرئيس‬
‫المدير العام والمدير ال عام المساعد بجريمة نشر معلومات كاذبة‪ ،‬وهذا ما قضت به كذلك‬
‫محكمة استئناف باريس بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪ ،1992‬بالرغم من عدم ادعاءات من طرف‬
‫‪1‬‬
‫المستثمرين بتضررهم من هذه المعلومات الكاذبة التي تم نشرها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬طبيعة النشاط اإلجرامي‬


‫استلزم المشرع الجزائري في النشاط الذي تقوم به هذه الجريمة أن يكون من شأنه‬
‫التأثير على القيمة السوقية لألوراق المالية المدرجة بالسوق أو على قرار المستثمرين‬
‫باالستثمار‪ ،‬وال شك أن هذا التأثير يستلزم اطالع الغير على المعلومة الخاطئة أوال‪ ،‬وما يعنينا‬
‫هنا هو بيان كيفية قيام تأثير تقديم أو نشر معلومة خاطئة أو مضللة على سعر الورقة المالية‬
‫المدرجة بالسوق أو على قرارات المستثمرين باالستثمار من عدمه‪.‬‬

‫من الواضح أن المشرع الجزائري لم يضع ضوابط لذلك‪ ،‬وترك األمر للخبرة سواء‬
‫أكانت إلدارة السوق أو أي جهة أخرى لتقديره لكن السؤال المطروح هنا كيف يتسنى للخبير‬
‫معرف ة ما في أعماق نفوس المستثمرين وقياس مدى تأثير البيانات الخاطئة على قرارهم‬
‫باالستثمار من عدمه؟ أم أن األمر يتطلب تقديم شكوى رسمية من المستثمرين إلدارة السوق‬
‫يوضح من خالله تأثره بالبيانات الخاطئة؟‬

‫إن العبرة في اعتبار معلومة ما كاذبة هو تاريخ القيم بنشرها‪ ،‬فإذا ثبت أن من شأنها‬
‫التأثير على سعر الورقة المالية يقوم الركن المادي للجريمة‪ ،‬فقد تكون المعلومة خاطئة أو‬
‫مغالطة أثناء نشرها وتم ذلك بقصد تحقيق هدف معين ولكن لحسن حظ ناشرها بعد فترة‬
‫وجيزة أصبحت صحيحة‪ ،‬لهذا سيعاقب الفاعل بسبب كون المعلومة كانت خاطئة أو مغالطة‬
‫أثناء نشرها على العموم وال يعتد بمصيرها بعد ذلك‪ ،‬في حين إذا كانت المعلومة صحيحة‬
‫‪2‬‬
‫وقت نشرها‪ ،‬فال مسؤولية على الفاعل حتى وإن أصبحت بعد ذلك خاطئة‪.‬‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 60‬ف‪ 02‬من المرسوم التشريعي‪ 10/93‬المتعلقة ببورصة‬


‫القيم المنقولة الجزائرية نجد أن المشرع لم يشترط وسيلة محددة من أجل نشر المعلومات‬
‫الكاذبة أو المضللة إذ يستوي أن يتم النشر بأي وسيلة فالعبرة بوصول المعلومات وانتشارها‬

‫‪ - 1‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.173‬‬


‫‪ - 2‬خالد علي صالح الجنبي‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.77‬‬

‫‪45‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫في سوق البورصة لذا فإن أغلب التشريعات عند تناولها لهذه الجريمة اكتفت بذكر "بأي‬
‫وسيلة" أي بأية طريقة يتم عن طريقها النشر‪.‬‬

‫إن الو سائل التي تنشر من خاللها المعلومات الكاذبة أو المضللة عديدة ومتنوعة‬
‫كالصحافة والنشرات‪ ،‬المؤتمرات التي تعقد حول موضوع معين‪ ،‬وكذلك الوكاالت‬
‫المتخصصة واإلعالم المتخصص بنشر المعلومات عن الشركات المقيدة في البورصة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫المنشورات‪ ،‬البرقيات‪ ،‬التلفزيون والراديو‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة أن نشر المعلومات الكاذبة أو المضللة عن طريق االنترنت يحقق عالنية‬
‫وانتشار المعلومة‪ ،‬غير أن إحدى المحاكم في فرنسا قضت بعدم مسؤولية إحدى الشركات‬
‫الفرنسية التي قامت بنشر معلومات كاذبة عن إحدى الشركات المقيدة في البورصة‪ ،‬مما انجر‬
‫عنه انخفاض ملحوظ في أسعار أسهم الشركة‪ ،‬إذ رأت المحكمة أن المعلومات المنشورة في‬
‫‪2‬‬
‫االنترنت ال يمكن التأكد من هوية صاحبها وقد أيدتها محكمة االستئناف في حكمها هذا‪.‬‬

‫وعليه فإن البورصة الجزائرية بحاجة ماسة إلى المزيد من الصحافة االقتصادية‬
‫المتخصصة البصرية والسمعية من أجل التحليل المالي واالقتصادي للشركات المسعرة قيمها‬
‫في البورصة ولمختلف األحداث االقتصادية المحلية والعالمية‪ ،‬ومدى تأثيرها على االقتصاد‬
‫المحلي حيث من خاللها يمكن جذب المستثمرين المحليين وحتى األجانب للرفع من مكانة‬
‫‪3‬‬
‫البورصة الجزائرية في االقتصاد ودفع عجلة التنمية فيها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي‬


‫يتضح من النصوص القانونية المجرمة لهذه الجريمة‪ ،‬أن نشر أخبار وتصريحات كاذبة‬
‫ومضللة تعد من الجرائم العمدية التي يجب أن يتوافر فيها القصد الجنائي العام والذي يقوم‬
‫على عنصرين العلم واإلرادة المتجهين إلى عناصر الجريمة‪.‬‬

‫واتفق كل من المشرع الجزائري‪ ،‬المصري والفرنسي في ضرورة توافر القصد‬


‫الجنائي لدى الجاني حتى تقوم الجريمة والذي يتمثل في علم الجاني بأن المعلومات التي‬
‫‪4‬‬
‫ينشرها كاذبة أو مضللة واتجاه إرادته لنشر هذه المعلومات داخل السوق‪.‬‬

‫حيث نجد المشرع الجزائري في نص المادة ‪60‬ف‪ 02‬من المرسوم التشريعي‪10/93‬‬


‫نص على ضرورة توافر القصد الجنائي العام بصريح نص المادة السالفة الذكر بقوله‪...«:‬كل‬
‫شخص يكون قد تعمد نشر معلومات خاطئة أو مغالطة وسط الجمهور»‪.‬‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.213‬‬


‫‪ - 2‬خالد صالح الجنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪ - 3‬وردة شرف الدين‪« ،‬جرائم بورصة القيم المنقولة في التشريع الجزائري‪ ،‬أشكالها والعقوبات المقررة لها‪ ،‬مخبر أثر‬
‫االجتهاد القضائي على حركة التشريع»‪ ،‬مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد‪ ،11‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪ - 4‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪46‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫أما المشرع المصري وبصريح المادة ‪ 63‬ف‪ 03‬من قانون سوق رأس المال المصري‬
‫قد اعتبر هذه الجريمة من الجرائم العمدية‪ ،‬فقد استخدم لفظ عمدا‪ ،‬والقصد الجنائي المتطلب‬
‫لقيام الجريمة هو القصد العام القائم على عنصري العلم واإلرادة‪ 1،‬أي علم الجاني بأنه قد أثبت‬
‫بيانات غير صحيحة أو مخالفة ألحكام قانون سوق رأس المال في نشرة االكتتاب أو أوراق‬
‫التأسيس أو الترخيص أو التقارير أو الوثائق أو اإلعالنات الخاصة بالشركة‪ ،‬أو أنه يقوم‬
‫بتغيير بيانات الوثائق المذكورة بعد اعتمادها من الهيئة العامة لسوق المال أو بعد عرضها‬
‫عليها وكذلك اتجاه إرادته إلى إتيان الفعل المكون للجريمة سواء في حالة إثبات البيانات غير‬
‫الصحيحة أو المخالفة ألحكام القانون أو في حالة تغيير بيانات الوثائق السابقة بعد اعتمادها أو‬
‫‪2‬‬
‫عرضها على الهيئة‪.‬‬

‫وفي ذات السياق اعتبر المشرع الفرنسي هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي تتطلب‬
‫توافر القصد الجنائي العام بعنصريه العلم واإلرادة بكافة عناصر الجريمة‪.‬‬

‫وقد ذهبت بعض التشريعات المنظمة لبورصة األوراق المالية إلى اشتراط توافر القصد‬
‫الجنائي الخاص إلى جانب القصد الجنائي العام‪ ،‬حيث يعرف القصد الجنائي الخاص بأنه الغاية‬
‫‪3‬‬
‫التي يتوخاها الجاني من اقترافه الجريمة‪ ،‬لهذا فهو مرتبط بعنصر التوقع واالحتمال‪.‬‬

‫ويتمثل القصد الخاص في التأثير على سعر الورقة المالية أو قيمتها أو حث اآلخرين‬
‫على شرائها أو بيعها أو االكتتاب فيها أو اإلحجام عنها أو حثهم على ممارسة أية حقوق تمنحها‬
‫‪4‬‬
‫هذه الورقة أو اإلحجام عن ممارستها‪.‬‬

‫ويعد القصد الجنائي الخاص متحققا بترتب األثر المحظور المتمثل بإحداث البيانات‬
‫غير الصحيحة أو المضللة ألثرها في السوق‪ ،‬وإن لم يقربه الجاني صراحة‪ ،‬أما في حال عدم‬
‫إحداث تلك البيا نات ألثرها بأن تم ضبطها قبل اإلعالن عنها ونشرها أو تم نشرها ولكنها لم‬
‫تحدث األثر المنشود فال يقوم القصد الخاص وال مسؤولية على ناشر تلك المعلومات بالرغم‬
‫من أنها ذات طبيعة خاطئة أو مغالطة‪ 5،‬وتقدير مدى احتمال هذا التأثير عائد للسلطة التقديرية‬
‫لقاضي الموضوع استنادا إلى المعلومات المنشورة أوال وإلى حالة الشركة المصدرة وقيمة‬
‫‪6‬‬
‫القيم المنقولة الخاصة بها ثانيا‪ ،‬باإلضافة إلى ظروف البورصة عامة‪.‬‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪2015‬‬


‫‪ - 2‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪ - 3‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ - 4‬رغدة عماد أحمد الحاج عبد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ - 5‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪.261 ،‬‬
‫‪ - 6‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫‪47‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن البعض يرى أنه باإلمكان استخالص القصد الخاص من خالل‬
‫طبيعة المعلومات والبيانات ذاتها التي يتم نشرها للجمهور‪ ،‬إذ ال يشترط لقيام جريمة نشر‬
‫المعلومات الخاطئة أو المضللة أن يتم التأثير فعال على أسعار األوراق المالية أو على سمعة‬
‫الجهة المصدرة وإنما تقوم الجريمة طالما أن الجاني قد قصد ذلك وما دامت اإلشاعة أو‬
‫‪1‬‬
‫المعلومة المضللة كان من الممكن أن تؤثر على سعر األوراق المالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫‪48‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬جرائم البورصة الماسة بحسن سيرها وتنظيمها‬


‫تمهيد وتقسيم‬
‫هناك بعض الممارسات السلبية داخل بورصة األوراق المالية يتم اللجوء إليها من أجل‬
‫الغش أو الخداع أو االحتيال على المستثمرين مما يعرضهم لخسائر كبيرة‪ ،‬ويهز الثقة في‬
‫سوق األوراق المالية‪ ،‬كما يترتب على ذلك آثار سلبية كبيرة في االقتصاد الوطني بصفة هامة‪.‬‬

‫وتتنوع هذه الجرائم في بورصة األوراق المالية فمنها ما يتعلق بممارسة الغش والخداع‬
‫في أسعار األوراق المالية مما يعطي إيهاما كاذبا بوجود ارتفاع في السعر أو انخفاض في‬
‫السعر بشكل غير صحيح وهو ما يعرف بجريمة المضاربة غير المشروعة‪.‬‬

‫وهناك أيضا جرائم متعلقة بممارسة النشاط بالمخالفة لقانون سوق رأس دون ترخيص‬
‫حيث إن أهمية الترخيص تكمن في مدى مصداقية الجهة صاحبة الترخيص يعد انتهاكا صريحا‬
‫لحقوق المتعاملين في سوق األوراق المالية وكذلك للثقة في هذا السوق‪.‬‬

‫ويوجد أيضا شروط من أجل قيد األوراق المالية في البورصة وقيدها بالمخالفة لقانون‬
‫سوق رأس المال يؤدي إلى معاقبة مرتكب هذا الفعل من إضرار بالمستثمرين والمتعاملين في‬
‫بورصة األوراق المالية‪ ،‬ويؤثر أيضا على الثقة في السوق ونشاطه‪.‬‬

‫وهذه الجرائم قد ترتكب من األشخاص الطبيعيين العاملين في بورصة األوراق المالية‪،‬‬


‫أو من العاملين بالشركات المقيدة أسهمها في البورصة‪ ،‬أو حتى المستثمرين‪ ،‬وقد تحث هذه‬
‫الجرائم لحساب األشخاص الطبيعيين أو المعنويين‪.‬‬

‫وعليه سيتم تقسيم الفصل إلى مبحثين يتضمن األول الحديث حول الجرائم الماسة‬
‫بسلوك الوسيط‪ ،‬أما المبحث الثاني فيتضمن الحديث حول التداول غير القانوني للقيم المنقولة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجرائم المتعلقة بسلوك الوسيط‬


‫قد تكون الغاية أو الهدف األسمى والوحيد من قيام األفراد أو المؤسسات بالتعامل‬
‫باألوراق المالية بالسوق هو تحقيق الربح‪ ،‬وهذا الربح قد يكون غير مضمون على الدوام نظرا‬
‫لتغير سعر الورقة المالية‪ ،‬لذلك وفي سبيل الكسب السريع قد يعمد الوسطاء بحكم تعلق‬
‫وظيفتهم بمعامالت السوق إلى التأثير‪ ،‬أو حتى محاولة التأثير على أسعار األوراق بسلوكيات‬
‫تعطل اآللية الطبيعية لمبدأ العرض والطلب‪ ،‬فيكون االرتفاع أو االنخفاض نتيجة لهذه‬
‫السلوكيات وليس لعاملي العرض والطلب‪.‬‬

‫وتحقيقا لغاية الوصول إلى حماية السوق من أي إخالل أو تالعب قد يعتري عملياته‬
‫عمدت التشريعات إلى تجريم هذه الممارسات والتي يقوم بها الوسطاء بسوق األوراق المالية‪.‬‬

‫وعليه سيتم تقسيم المبحث إلى مطلبين يتضمن األول الحديث حول المضاربة غير‬
‫المشروعة‪ ،‬في حين يتضمن الثاني الحديث عن جريمة إعاقة مراقبي الهيئة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬جريمة المضاربة غير المشروعة‬


‫بما أن بورصة األوراق المالية هي من األسواق التي تعتمد على طلبات العرض‬
‫والطلب‪ ،‬والتي بناءا عليها يتحدد نجاح السوق‪ ،‬وتحقيق الفائدة االقتصادية منه‪ ،‬فإن أي تأثير‬
‫يعمل على تعطيل آليات العمل في هذا السوق أو يزيف الحركة الطبيعية لألسعار فيها يؤدي‬
‫إلى أضرار كبيرة وبالغة‪ ،‬وبالتالي فإن المضاربة طالما كانت مشروعة فإنها هي التي تنشط‬
‫البورصة‪ ،‬والمضاربات غير المشروعة من شأنها تضليل القيمة الحقيقية للورقة المالية‬
‫والمساس بالسير الطبيعي والمعتاد للسوق المالية مما يؤدي إلى اضطرابها بل وربما تعطيلها‬
‫ولذلك يكون من الضروري بطبيعة الحال تجريم من هذه المضاربة‪.‬‬

‫ومن أجل التفصيل أكثر في هذه الجريمة سيتم تقسيم المطلب إلى فرعين في األول نقف‬
‫على ماهية المضاربة غير المشروعة‪ ،‬وفي الفرع الثاني أركانها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ماهية المضاربة غير المشروعة‬


‫قد يختلط بلفظ الممارسات غير المشروعة لتداول األوراق المالية في البورصة لفظ‬
‫المضاربة والذي يفهم منه خطأ أنها ممارسة غير مشروعة‪ ،‬ولكنها على العكس من ذلك فإنها‬
‫ممارسة مشروعة تتسق وتتالءم مع وظائف البورصة التي أنشئت من أجلها‪ ،‬ولكن وفقا‬
‫لضوابط معينة‪ ،‬لذلك ارتأينا تقسيم هذا الفرع إلى عنصرين أولهما لمفهوم المضاربة‬
‫المشروعة وثانيهما لمفهوم المضاربة غير المشروعة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم المضاربة المشروعة‬


‫سيتم التطرق من خالل هذا العنصر إلى بيان تعريف المضاربة المشروعة وذكر‬
‫خصائصها وأهميتها‪ ،‬وبيان أنواعها‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ _1‬تعريف المضاربة المشروعة‬


‫ويستعمل مصطلح المضاربة في أسواق المال وفقا للترجمة العربية لكلمة‬
‫)‪ (Speculation‬والتي تعني التفكر والتأمل‪ ،‬كما تعني التخمين والتنبوء‪ ،‬وقيل بأن المقصود‬
‫من لفظ المضاربة وفق هذا المصطلح أن يتنبأ اإلنسان بالفرص المواتية وغير المواتية‪ ،‬أي‬
‫‪1‬‬
‫ينتهز األولى ويحقق الربح من ورائها ويتجنب الثانية حتى ال تحل به الخسارة‪.‬‬

‫ويذهب بعض الباحثين في االقتصاد اإلسالمي إلى القول بأن المجازفة هي الترجمة األكثر‬
‫دقة لتلك الكلمة‪ ،‬نظرا ألن لمفهوم المضاربة في اللغة العربية واالقتصاد اإلسالمي معنا محدد‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي فإن استخدام كلمة مجازفة أكثر مالئمة لواقع الحال في أسواق المال‪.‬‬

‫وقد عرفت المضاربة وفقا لمفهوم سوق األوراق المالية بأنها‪ « :‬عملية بيع أو شراء تتبع‬
‫بعملية أخرى عكسية‪ ،‬يقوم بها أشخاص بناءا على معلومات مسببة مجتهدين في االستفادة من‬
‫الفروق الطبيعية ألسعار السلع‪ ،‬سواء كانت أوراقا مالية أو بضائع‪ ،‬وذلك في الزمان والمكان‬
‫‪3‬‬
‫بغرض الربح من جرائها»‪.‬‬

‫كما عرفت بأنها‪«:‬بيع أو شراء صوريين ال بغرض االستثمار‪ ،‬ولكن االستفادة من‬
‫التغيرات التي تحدث في القيمة السوقية لألوراق في األجل القصير جدا حيث ينخفض شدة‬
‫معدل االرتباط بين القيمة السوقية لألوراق المالية من ناحية وبين القيمة االسمية والدفترية من‬
‫‪4‬‬
‫ناحية أخرى»‪.‬‬

‫ويرى أحد فقهاء الفقه المقارن أن المضاربة في االقتصاد المعاصر هي عملية شراء‬
‫لألسهم في البورصة بغرض التربص مدة من الزمن قليلة أو كثيرة بالغالء طلبا للمكسب أما‬
‫الفقهاء المعاصرين قد اختلفوا فيما بينهم بشأنها إلى اتجاهين أولهما يرى أنها محظورة أو‬
‫محرمة شرعا لما فيها من غرر ومخاطرة برأس المال‪ ،‬وثانيهما يراها جائزة ومشروعة وال‬
‫‪5‬‬
‫حرج فيها ألن البائع يبيع باختياره وألن التجارة قائمة على قبول المكسب والخسارة‪.‬‬

‫لذلك يمكن القول أن المضاربة الصحيحة المبنية على التوقع والدراسة تعد ضرورية‬
‫للبورصات ويمكن للمضارب أن يربح أو يخسر‪ ،‬حيث أنه ال يتدخل بفعله للتأثير على األسعار‬

‫‪ - 1‬حسن األمين‪ ،‬المضاربة الشرعية وتطبيقاتها الحديثة‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪ ،‬ط‪،03‬‬
‫جدة ‪ ،2000‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 2‬حازم حسن الجمل‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية المستحدثة في اقتصاد السوق اإلسالمي‪" ،‬دراسة تحليلية‬
‫تأصيلية مقارنة"‪ ،‬ط ‪ ،01‬دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع والتوزيع ‪ ،2012 ،‬ص‪.49‬‬
‫‪ - 3‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫‪ - 4‬فهد خالد إبداح بوردن‪ ،‬المضاربة والتالعب باألسعار في سوق المالية "دراسة مقارنة"‪ (،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪،‬‬
‫جامعة القاهرة كلية الحقوق‪ ،)2017 ،‬ص‪.04‬‬
‫‪ - 5‬خالد أحمد سيف شعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.394‬‬

‫‪51‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫صعودا أو هبوطا‪ ،‬وهذا ما يفرق بين المضاربة المشروعة وغير المشروعة خاصة أن‬
‫المضاربة المشروعة هي القوة المنشطة لسوق رأس المال وبدونها تظل السوق راكدة‪ ،‬هذا‬
‫‪1‬‬
‫فضال عن أنها تحد من التقلبات والتموجات الشديدة في األسعار‪.‬‬

‫‪ _2‬خصائص المضاربة في البورصة وأهميتها‬


‫سيتم التطرق لخصائص المضاربة المشروعة في البورصة‪ ،‬ونؤكد في هذا المضمار على‬
‫أن هذه الخصائص قد يعتريها في ذات الوقت بعض النقائص والتي قد تؤدي إلى تغيير وصفها‬
‫من مضاربة مشروعة إلى مضاربة غير مشروعة‪ ،‬وتتلخص أهم هذه السمات فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬سرعة التداول‪ ،‬وتعني استمرار شراء وبيع األسهم‪ ،‬بمعدل دوران كبير في وقت قصير‬
‫حتى يحصل المضاربون في كل دورة على ربح‪ ،‬وهذا األمر وإن كان يسهم في تنشيط‬
‫السوق المالية‪ ،‬إال أنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى التأثير غير السليم على أسعار األوراق‬
‫المالية ويضر المتعاملين اآلخرين في تلك السوق‪ ،‬ألنه يجعل سعر األسهم يرتفع في مدة‬
‫قصيرة في حين أن نشاط الشركة المصدرة لألسهم ومركزها المالي لم يتغيرا في تلك‬
‫‪2‬‬
‫المدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬وسيلة لتوجيه المستثمرين‪ ،‬فعن طريقها يتجه المستثمرون إلى االستثمار في‬
‫المشروعات الناجحة ومن ثم فإنها تعتبر بمثابة مؤشر على التغييرات في األسعار في‬
‫المستقبل‪ ،‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إنها تحذر المتعاملين في البورصة من الشركات الخاسرة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وعدم الدخول إلى مجاالت االستثمار غير المناسبة‪.‬‬
‫ج‪ -‬المخاطرة‪ ،‬والتي تعني عدم التيقن‪ ،‬وقد تزيد هذه المخاطرة في بعض الحاالت إلى درجة‬
‫‪4‬‬
‫المراهنة أو المقامرة‪ ،‬وتكون نتيجة التعامل فيها مجهولة العاقبة‪.‬‬

‫د‪ -‬تقلب األسعار باستمرار‪ ،‬حتى تكون هناك فروق أسعار يحصل عليها المضاربون‪ ،‬فأن هذا‬
‫األمر ال يتأتى بالسرعة المطلوبة للمضاربين وبالتالي يعمدون إلى التأثير على األسعار لتزيد‬
‫بنقص العرض ولتقل بنقص الطلب ولو بشكل صوري‪ ،‬وبإتباع الممارسات غير األخالقية‬
‫‪5‬‬
‫والمحرمة‪.‬‬

‫‪ - 1‬إسماعيل محمد علي عثمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.296‬‬


‫‪ - 2‬محمد بن إبراهيم السحيباني‪ ،‬التالعب في األسواق المالية صوره وآثارهن بحث مقدم للدورة العشرين للمجمع الفقهي‬
‫اإلسالمي رابطة العالم اإلسالمي‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،2010 ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 3‬شوقي أحمد دنيا‪ ،‬التالعب في األسواق المالية‪ ،‬الدورة العشرون للمجمع الفقهي اإلسالمي المنعقدة في مكة المكرمة‪،‬‬
‫‪ 2010‬ص‪11‬‬
‫‪ - 4‬فهد خالد ابداح بوردن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ - 5‬عوضية حاج عكاشة‪ ،‬عقد المضاربة في الفقه اإلسالمي والقانون وتطبيقاته في البنوك السودانية‪( ،‬رسالة ماجستير في‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬ب‪ .‬ن‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن )‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫‪52‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ه‪ -‬توفير السيولة‪ ،‬ويكون ذلك حسب توقعات معظم المضاربين‪ ،‬فإذا توقعوا انخفاضا في‬
‫األسعار في المستقبل كانت السيولة في اتجاه واحد‪ ،‬بمعنى أن النشاط في البورصة سيميل إلى‬
‫‪1‬‬
‫الشراء‪.‬‬

‫و‪ -‬التعامل بكميات كبيرة‪ ،‬تسمح هذه الخاصية بالحصول على ربح كبير أو التحكم في األسعار‬
‫لصالح المضاربين‪ ،‬وبذلك يسعى المضاربون إلى االحتكار والتواطؤ بين كبار المتعاملين منهم‬
‫ليعمل السوق لمصالحهم‪ ،‬وهذا أمر ضار‪ ،‬ومما يؤكد ذلك لجوء بعض المضاربين إلى أساليب‬
‫البيع القصير والشراء بالهامش‪ 2‬واالختيارات والمستقبليات‪ ،‬بهدف توظيف أموال تزيد كثيرا‬
‫‪3‬‬
‫على مواردهم‪ ،‬وبهدف تعظيم الكميات التي يتعاملون بها لتعظيم عوائدهم‪.‬‬
‫‪ - 3‬تمييز المضاربة عن المصطلحات المشابهة لها‬
‫أ‪ -‬المضاربة واالستثمار‬
‫يعرف االستثمار بمعناه االقتصادي العام بأنه‪« :‬التوظيف لمنتج لرأس المال‪ ،‬أو هو‬
‫توجيه األموال نحو استخدامات تؤدي إلى إشباع حاجة أو حاجات اقتصادية»‪ 4،‬ويعرف كذلك‬
‫‪5‬‬
‫بأنه «الجهد الذي يبذله اإلنسان لتنمية المال وزيادته»‪.‬‬

‫واالستثمار على نوعين استثمار مادي يكون بإنفاق المال في تملك القيم المنقولة بهدف‬
‫الحصول على العائد السنوي من الربح الموزع‪ ،‬فقد يكون االستثمار المالي عن طريق‬
‫االكتتاب في القيم المنقولة التي تصدرها الشركة عند تأسيسها‪ ،‬أو عند زيادة رأس مالها أو‬
‫شراءها من السوق الثانوية‪ ،‬واالحتفاظ بها بهدف المشاركة في إدارة الشركة‪ ،‬وقد يبيع‬
‫المستثمر أسهمه عند الضرورة ويحقق ربحا رأسماليا وان لم يكن هو األصل عنده‪ ،‬أما‬
‫المضارب فيشتري السهم بغرض بيعه في األجل القصير وذلك عند ارتفاع السعر بنية تحقيق‬
‫‪6‬‬
‫الربح الكبير والسريع‪.‬‬

‫وإذا تمعنا في تعريف المضاربة واالستثمار نجد بأن كليهم يسعى لطلب الربح وتنمية‬
‫المال وزيادته على النحو الذي دفع ببعض الباحثين إلى القول بأن الخط الفاصل بين مفهومي‬

‫‪ - 1‬شوقي أحمد دنيا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ - 2‬المتاجرة بالهامش‪ :‬دفع المشتري جزءا من المال واقتراض جزء آخر منه من السمسار الذي يتعامل معه مقابل فائدة‬
‫شهرية عليه لشراء كمية أكبر من األوراق المالية ثم رهن هذه األوراق المالية المشترية لدى السمسار كضمان للقرض‪ .‬محمد‬
‫صالح الحناوى‪ ،‬جالل إبراه يم العبد‪ ،‬بورصة األوراق المالية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪،2002‬‬
‫ص‪.33‬‬
‫‪ - 3‬حسن األمين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ - 4‬ريان هاشم‪ ،‬التنظيم القانوني للتداول اإللكتروني ألوراق المالية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬األزاريطة‪ ،‬اإلسكندرية‪2013 ،‬‬
‫ص‪.31‬‬
‫‪ - 5‬خالد أحمد سيف الشعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.394‬‬
‫‪ - 6‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪53‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المضاربة واالستثمار غير محدد تحديدا دقيقا‪ ،‬وأنه يعتمد على الدوافع الذاتية وظروف‬
‫‪1‬‬
‫استقرار السوق‪.‬‬

‫كما يرى بعض االقتصاديين أن بعض عمليات أسواق األوراق المالية صممت لتكون‬
‫ميدانا لنشاط المضاربة‪ ،‬وبعضها صمم ليخدم عمليات االستثمار‪ ،‬فالتعامل األجل كالبيع على‬
‫المكشوف‪ 2‬والتجارة بالهامش‪ ،‬تعطي القائم بها صفة المضارب‪ ،‬أما من يتعامل نقدا في السوق‬
‫‪3‬‬
‫العاجلة فهو مستثمر‪.‬‬

‫ويذهب آخرون إلى التمييز بين المضارب والمستثمر‪ ،‬بأن المستثمر هو من يمتلك‬
‫األوراق المالية توقعا الرتفاع العائد المتولد عنها‪ ،‬أو توقعا الرتفاع قيمة األصل االستثماري‬
‫في األجل الطويل بينما يقوم المضارب ببيع وشراء األوراق المالية لإلفادة من التغيرات في‬
‫األسعار السوقية لألوراق المالية في األجل القصير‪ 4،‬ويورد بعض الباحثين عددا من‬
‫‪5‬‬
‫االعتبارات يمكن البناء عليها في التمييز بين المضاربة واالستثمار وذلك على النحو األتي‪:‬‬

‫‪ -‬من حيث العوائد المتوقعة‪ :‬العوائد في االستثمار أقرب إلى الدورية والثبات النسبي ألن‬
‫المستثمر يضع في اعتباره المردود السنوي له والتراكمات الرأس مالية لألصول‪ ،‬أما في‬
‫المضاربة فإن هذه العوائد تكون غير منتظمة ومرتفعة في الغالب ألن المضارب يهتم‬
‫بتحقيق الربح من خالل التحرك السعري للورقة المالية‬
‫‪ -‬من حيث نوع التعامل‪ :‬غالبا ما يكون نطاق عمل المستثمر هو السوق العاجلة‪ ،‬أما‬
‫المضارب فإنه لتحقيق غايته من طلب الربح الكبير والسريع فإن ميدانه قد يكون في السوق‬
‫العاجلة أو اآلجلة وخاصة عمليات الشراء بالهامش والبيع على المكشوف وعقود‬
‫‪1‬‬
‫الخيارات‪ 6‬والمشتقات‪.‬‬

‫‪ - 1‬خالد أحمد سيف الشعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.393‬‬


‫‪ - 2‬البيع على المكشوف‪ ،‬أو البيع الفارغ وهو بيع ورقة مالية قبل تملكها بهدف شرائها الحقا بقيمة أقل وبالتالي تحقيق ربح‬
‫مساو للفرق بين سعر البيع المكشوف وسعر الشراء ناقصا الفائدة التي يدفعها المستثمر نظيرا اقتراض الورقة المالية في‬
‫الفترة مابين البيع والشراء‪ ،‬وتستخدم سياسة البيع المكشوف إذا توقع هبوط سعر ورقة مالية‪ ،‬وهي سياسة معاكسة لسياسة‬
‫الشراء بغرض الربح من ارتفاع األسعار في المستقبل‪ ،‬أنظر‪ :‬محمد فريد العريني‪ ،‬محمد السيد الفقي‪ ،‬الشركات التجارية‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،2005 ،‬ص ‪..232‬‬
‫‪ - 3‬فهد بن محمد النقيعي‪ ،‬الحماية الجنائية للسوق المالية السعودية "دراسة تحليلية مقارنة"‪( ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،)2006 ،‬ص‪276‬‬
‫‪ - 4‬محمد بن إبراهيم السحيباني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 5‬خالد أحمد سيف الشعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.395‬‬
‫‪ - 6‬عقود الخيارات‪ :‬تعتبر من بين أدوات االستثمار الحديثة في األسواق المالية‪ ،‬ونقصد بها عقود تعطي لصاحبها الحق في‬
‫شراء أو بيع أصل مالي محدد خالل فترة معينة‪ ،‬ونظرا إلى أن للمشتري هذا الحق في تنفيذه أو عدم تنفيذه‪ ،‬فإنه يدفع لمن‬
‫أعطاه هذا الحق محرر االختيار مكافأة غير قابلة للرد تدفع عند التعاقد‪ ،‬وال تعتبر جزءا من قيمة العقد‪ ،‬عيساني منصور‪« ،‬‬
‫أثر المشتقات المالية على استقرار األسواق المالية»‪ ،‬مجلة دراسات في االقتصاد والتجارة والمالية‪ ،‬المجلد ‪ ،05‬العدد ‪،02‬‬
‫مخبر الصناعات التقليدية جامعة الجزائر ‪ ،2016 ،3‬ص ‪..525‬‬

‫‪54‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ -‬من حيث المخاطر المحتملة‪ :‬تكون درجة المخاطرة في االستثمار أقل وغالبا ما تكون‬
‫الخسائر طفيفة ويمكن تغطيتها باألرباح االحتياطية‪ ،‬أما المضاربة فإن درجة المخاطرة‬
‫فيها مرتفعة وخسائرها قياسية يمكن أن تؤدي إلى اإلفالس والخروج من السوق‪.‬‬
‫‪ -‬أجل التوظيف‪ :‬غالبا ما يكون االستثمار طويل األجل‪ ،‬أما المضارب فإن أجل توظيفه لماله‬
‫غالبا ما يكون قصيرا ألنه يحاول اإلفادة من تذبذبات األسعار‪.‬‬

‫إذن يمكن القول أن التفرقة بين المضاربة واالستثمار تختلف باختالف الواقعة محل التداول‬
‫على األوراق المالية في البورصة‪ ،‬ألن التعرف على األغراض الحقيقية للمستثمرين في سوق‬
‫المال غير ممكن بصورة دقيقة في ظل دخول المضاربة السوق العاجل وجعلها سمة من‬
‫سماته‪.‬‬

‫ب‪ -‬المضاربة والمقامرة‬


‫يرى البعض أنه يمكن وبسهولة من الناحية النظرية التفريق بين المضاربة والمقامرة أما‬
‫من الناحية العملية فإن ذلك ليس باألمر السهل‪ ،‬ألن المضاربة وأيا كانت براعة الذين‬
‫يمارسونها‪ ،‬ومهما يكن من خبرتهم ودقة حساباتهم‪ ،‬تظل في األساس قرارات بشرية ترتبط‬
‫بالمستقبل على الصعيد الشخصي والسياسي واالقتصادي‪ ،‬وال يمكن أن تكون مستوحاة بتنبؤ‬
‫‪2‬‬
‫رياضي دقيق لفقدان القاعدة لمثل هذا التنبؤ فهي ال تخلو من بعض عناصر الحظ‪.‬‬

‫إذا كان الباعث على التعامل في السوق المالية مجرد الحدس أو التخمين المجرد غير‬
‫المبني على معلومات تؤيده‪ ،‬فإن ذلك السلوك يكون أقرب إلى المقامرة‪ ،‬ويعني هذا المصطلح‬
‫في عرف سوق المال بيع األوراق المالية أو شراؤها بشكل عشوائي دون تقصي احتماالت‬
‫‪3‬‬
‫الربح والخسارة‪.‬‬

‫لذلك يمكن تعريف المقامر بأنه‪ «:‬الشخص الذي يقوم بعقد الصفقات اعتمادا على الحظ‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫دون أية خبرة أو دراسته بل التخمين واالندفاع‪ ،‬فالبورصة في نظره مائدة للقمار»‪.‬‬

‫‪ - 1‬المشتقات‪ :‬هي األوراق التي تشتق قيمتها السوقية من القيمة السوقية ألوراق مالية أخرى محددة مثل السهم العادي أو‬
‫السند‪ ،‬وبالتالي فهي عقود كسائر أنواع العقود‪ ،‬يترتب عليها حق لطرف والتزام على الطرف اآلخر‪ ،‬سامي السويلم‪،‬‬
‫« المشتقات المالية أدوات للتحوط أم لمجازفة»‪ ،‬نشرة توعوية يصدرها معهد الدراسات المصرفية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬الكويت ديسمبر‬
‫‪ ،2009‬ص ‪..122‬‬
‫‪ - 2‬محمد بن إبراهيم السحيباني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪ - 3‬صالح أحمد البربري‪ ،‬المضاربة والتالعب باألسعار في سوق األوراق المالية(دراسة مقارنة بحث مقدم في مؤتمر أسواق‬
‫األوراق المالية والبورصات‪ ،‬في ‪ 08‬مارس ‪ ،2007‬دبي‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ - 4‬علي عبد األحمد أبو البصل‪ « ،‬المضاربة والمقامرة في بيع وشراء األسهم "دراسة فقهية مقارنة"»‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‬
‫للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ 25‬العدد‪ ،2009 ،02‬ص‪.811‬‬

‫‪55‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫كما عرف بأنه‪« :‬الذي يرغب في الثراء السريع عن طريق التعامل في البورصة دون‬
‫‪1‬‬
‫علم أو خبرة خاصة‪ ،‬معتمدا على الحظ والصدفة وحدها»‪.‬‬

‫والشك بأن رواج هذا األمر وانتشاره ليكون أصال‪ ،‬واالستثمار استثناءا إنما هو أمر‬
‫خطير على االقتصاد الوطني وعلى المجتمع بكافة شرائحه‪ ،‬ألن المضاربة عندما تحيد عن‬
‫غرضها األصلي تتحول إلى مقامرة‪ 2،‬وهو أمر يحذر منه كثير من الباحثين بالقول يجب وضع‬
‫قواعد أصولية موضوعية للمضاربة تخرجها من مفهوم المقامرة لتقوم برسالتها في تأمين‬
‫السيولة‪ ،‬كما يجب أن تراقبها الحكومة دون تالعب بعض األفراد بمقدرات البورصة‪.‬‬

‫ج‪ -‬المضاربة والمخاطرة‬


‫يستعمل مصطلح المخاطرة في الميدان االقتصادي للداللة على الحدث غير المتوقع‬
‫الذي يحل بالخطة المرسومة أو بالمشروع االقتصادي‪ ،‬وهو أمر موجود في كل األنشطة‬
‫التجارية‪ ،‬فكل معاملة تجارية تتضمن بالضرورة عنصر عدم التيقن حول ما سيحدث في‬
‫‪3‬‬
‫المستقبل وهي مخاطرة البد أن يتضمنها العمل التجاري‪.‬‬

‫ويذهب البعض إلى إسباغ صفة التطابق على المضاربة والمخاطرة استنادا إلى‬
‫اعتمادهما على التنبؤ لتحقيق الربح‪ ،‬فيقولون بأن االدخار في حد ذاته يتضمن فكرة المضاربة‬
‫ألن المدخر عندما يقوم بشراء األوراق المالية وحفظها انتظارا لتحسن أسعارها للحصول على‬
‫‪4‬‬
‫عائد مجز منها‪ ،‬إنما يعتمد على عنصر المخاطرة الذي هو أساس عمليات المضاربة‪.‬‬

‫فيما يرى البعض أن هذا القول غير دقيق ألن المخاطرة مندمجة في جميع النشاطات‬
‫االقتصادية بنسب متفاوتة‪ ،‬وتحققها أمر ظني‪ ،‬بينما االدخار والمضاربة سلوكيات لممارسة‬
‫‪5‬‬
‫تلك النشاطات‪.‬‬

‫وبالتالي يمكن القول بأن المخاطرة نتيجة ظنية تتفاوت درجتها بحسب العائد المتوقع‬
‫من ورائها فهي في المقامرة أعلى منها في المضاربة أعلى منها في االستثمار واالدخار ولذلك‬
‫يسعى المستثمر الذي تتسم قراراته بالرشد إلى تكوين محفظة استثمارية‪ ،‬يزيد فيها مقدار العائد‬
‫‪6‬‬
‫في ظل مستوى محدد من المخاطرة‪.‬‬

‫‪ - 1‬فهد بن محمد النقيعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.279‬‬


‫‪ - 2‬عبد هللا السلمي‪ ،‬التقرير في المضاربات في بورصة األوراق المالية توصيفه وحكمه‪ ،‬رابطة العالم اإلسالمي المجمع‬
‫الفقهي اإلسالمي‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،2010 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ - 3‬محمد بن إبراهيم السحيباني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 4‬عبد هللا السلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ -5‬صالح أحمد البربري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪ - 6‬أحمد بصري إبراهيم ومحمد حسن علي علوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.140‬‬

‫‪56‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم المضاربة غير المشروعة‬


‫سيتم التطرق من خالل هذا العنصر إلى بيان تعريف المضاربة غير المشروعة ومن ثم‬
‫ذكر آثارها على البورصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬تعريف المضاربة غير المشروعة‬


‫باستقرار نصوص التشريعات المنظمة لألسواق المالية ولنشاط التداول فيها نجدها لم‬
‫تضع تعريفا محددا للمضاربة غير المشروعة‪ ،‬وإنما اكتفت بتقديم عدد من الصور التي‬
‫تمارس بها تلك المضاربة وفي حقيقة األمر أن المضاربة غير المشروعة هي عملية تستهدف‬
‫اإلخالل بقاعدة العرض والطلب التي تقوم على مبدأ احترام المنافسة والعدالة في تكوين‬
‫األسعار‪ ،‬وذلك من خالل القيام بممارسات وسلوكات من شأنها خداع وتضليل المتعاملين في‬
‫األوراق المالية بخصوص السعر الحالي للورقة المالية أو إيهامهم بوجود حركة تداول نشطة‬
‫بيعا أو شراء‪.‬‬

‫وهناك من عرفها بأنها‪ «:‬قيام المضارب بأفعال من شأنها إحداث ارتفاع أو انخفاض‬
‫مصطنع في األسعار‪ ،‬بغرض االستفادة من فروق األسعار باالعتماد على طرق احتيالية تحدث‬
‫‪1‬‬
‫تموجات شديدة في حدودها القصوى بطريقة مفتعلة‪ ،‬بغرض االستفادة من فروق األسعار»‪.‬‬

‫وعرفت أيضا بأنها‪ «:‬ذلك التوجيه الزائف لألسعار‪ ،‬أي التأثير على سعر ورقة مالية‬
‫ما لكي تباع أو تشترى بسعر أعلى أو أقل من السعر الذي يحدث نتيجة العمليات الطبيعية‬
‫للعرض والطلب والمتالعب في سعر ورقة ما يسعى للحصول على أرباح أو تفادي خسائر‬
‫‪2‬‬
‫عن طريق خلق سعر زائف قد يؤدي إلى التأثير على عملية التداول»‪.‬‬

‫وجاء تعريف التالعب أيضا وفقا لهيئة األوراق المالية والبورصة األمريكية)‪)S.E.C‬‬
‫بأنه‪ «:‬سلوك متعمد يهدف خداع المستثمرين من خالل التحكم أو التأثير في السوق على ورقة‬
‫مالية والتالعب يمكن أن ينطوي على عدد من التقنيات للتأثير على العرض أو الطلب على‬
‫األسهم وهو يشمل نشر معلومات كاذبة أو مضللة عن شركة للحد بشكل غير صحيح من عدد‬
‫األسهم المتاحة للجمهور‪ ،‬أو تزوير العروض أو األسعار أو المتاجرات لخلق صورة زائفة أو‬
‫‪3‬‬
‫مضللة عن الطلب على ورقة مالية»‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد نور حمدان‪ ،‬الحماية الجنائية للمعلومات في األسواق المالية (البورصة) دراسة فقهية تأصلية‪(،‬أطروحة دكتوراه في‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬جامعة طرابلس‪ ،‬كلية الشريعة‪ ،)2016،‬ص‪.87‬‬
‫‪ - 2‬طاليبي وهيبة‪ ،‬مفهوم« مصطلح المضاربة الشرعية بين الفقه والقانون المصرفي»‪ ،‬المجلة األكاديمية للبحث القانوني‪،‬‬
‫عدد‪ 01‬جامعة عبد الراحمن ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،2011 ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 3‬أحمد مصطفى الدبوسي‪ « ،‬الدور الرقابي لبورصة األوراق المالية على سوق رأس المال وأثره في نمو السوق "دراسة‬
‫مقارنة في القانونيين المصري واإلماراتي»‪ ،‬مجلة جامعة الشارقة للعلوم القانونية‪ ،‬المجلد‪ ،17‬العدد‪ ،01‬يونيو‪،2020‬‬
‫ص‪.509‬‬

‫‪57‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إذن فالمضاربة غير المشروعة (التالعب بالسوق) هي عملية تستهدف اإلخالل بقانون‬
‫العرض أو الطلب من خالل القيام بسلوكيات من شأنها تضليل المتداول بشأن السعر الحالي‬
‫للورقة المالية أو إيجاد انطباع كاذب بأن هناك تداوال نشطا ببيعها أو شرائها‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول أن الفارق بين المضاربة المشروعة و المضاربة غير المشروعة‬
‫االختالف في الوسيلة المتبعة للوصول لألسعار المتوقعة وإن كان الهدف دائما يبقى واحدا‬
‫وهو االستفادة من فروق األسعار‪ ،‬حيث أنه في المضاربة المشروعة‪ ،‬ال يتدخل المضارب‬
‫للتأثير على السعر الذي تصل فيه األسهم إلى السعر المتوقع‪ ،‬فهو يترك ذلك لقوى وآليات‬
‫العرض والطلب في السوق‪ ،‬وأنه يبني توقعاته المستقبلية لألسعار على معلومات وبيانات‬
‫وأخبار ترتبط بالشركة مصدرة األسهم بينما في المضاربة غير المشروعة هناك ثمة تدخل‬
‫إيجابي من المضارب للتأثير على السعر وعندها تؤدي المضاربة غير المشروعة إلى التالعب‬
‫باألسعار‪ ،‬األمر الذي تجمع غالبية التشريعات على تجريمه‪.‬‬

‫‪ -2‬أثار المضاربة غير المشروعة على بورصة األوراق المالية‬

‫مما الشك فيه أن هناك عالقة طردية بين زيادة الممارسات غير المشروعة لتداول‬
‫األوراق المالية في البورصة‪ ،‬ومدى كفاءة البورصة في القيام بوظائفها على النحو المأمول‪،‬‬
‫فكلما زادت هذه الممارسات ببورصة األوراق المالية وتفشت فيها أضحت البورصة في أدنى‬
‫مراتب البورصات ذات الكفاءة‪ ،‬ومن ثم ال تعد مرآة لالقتصاد‪ ،‬بل على العكس تصبح مرتعا‬
‫‪1‬‬
‫خصبا لكافة أشغال الغش ونهب الثروات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن أهم اآلثار السلبية لهذه الممارسات غير المشروعة ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ضعف البورصة وتوافر حالة من الذعر بين المتعاملين فيها‪ ،‬وهو ما يستتبع في الكثير من‬
‫األحيان انهيار سوق األوراق المالية‪ ،‬نظرا لضعف القدرة الشرائية لفقد كثير من‬
‫المستثمرين لمدخراتهم‪.‬‬
‫‪ -‬أن غالبية ضحايا هذه الممارسات غير المشروعة لتداول األوراق المالية هم صغار‬
‫المتعاملين‪ ،‬وذلك نظرا ألنهم يريدون تحقيق أرباح ال من تشغيل اقتصادي لعوامل اإلنتاج‬
‫في الشركات‪ ،‬بل العمل على رفع أسهم الشركات‪ ،‬بحيث تفوق القيمة السوقية ألنهم غالبا‬
‫ما يدخلون إلى السوق دون دراية بقواعد التعامل آملين تحقيق الثروات بين عشية‬
‫وضحاها‪.‬‬
‫‪ -‬إصابة النشاط االستثماري بمرض عضال‪ ،‬حيث يترتب على هذه الممارسات غير‬
‫المشروعة تشغيل رأس المال في مجال ال يمثل التشغيل األمثل الذي يحقق أقصى فعالية‬

‫‪ - 1‬محمد نور حمدان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.89‬‬


‫‪ - 2‬فهد خالد إبداح بوردن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪58‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ممكنة لموارد اإلنتاج بما يساهم في إهدار وسوء استغالل الموارد‪ ،‬األمر الذي يترتب عليه‬
‫أن يتحول رجال األعمال من االستثمار المباشر واالهتمام بمشروعاتهم االقتصادية إلى‬
‫االستثمار المالي عن طريق المضاربة في األوراق المالية لتحقيق أرباح ضخمة وسريعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أركان المضاربة غير المشروعة‬


‫نظرا لخطورة عمليات التالعب بأسعار األوراق المالية على حسن سير العمل في‬
‫البورصة وسالمة التعامالت فيها‪ ،‬فقد تصدت التشريعات في الدول المختلفة لكافة صور‬
‫وأشكال التالعب في أسعار األوراق المالية(المضاربة غير المشروعة) والتي تؤدي إلى التأثير‬
‫على األداء الطبيعي لقانون العرض والطلب‪ ،‬وبالتالي حدوث خسائر للمتعاملين في البورصة‬
‫وخلق جو من عدم الثقة فيها والتأثير على االقتصاد‪ ،‬لذلك قامت هذه التشريعات بتجريم كافة‬
‫أشكال التالعب في أسعار األوراق المالية‪ ،‬وذلك بهدف حماية األوراق المالية المتداولة في‬
‫البورصة من التالعب بأسعارها‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا العنصر إلى توضيح أركان قيام جريمة‬
‫التالعب(المضاربة غير المشروعة) وموقف التشريعات من ذلك‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الركن المادي‬


‫يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة على أساس وجود عمل معين أو مناورة ما‪ ،‬وذلك‬
‫بتوفر وسائل احتيالية‪ ،‬دون السير السليم لسوق األوراق المالية‪ ،‬بهدف عرقلة السير المنتظم‬
‫للبورصة من خالل تضليل الغير‪ ،‬وهو ما يسمى جريمة المضاربة غير المشروعة أو جريمة‬
‫التالعب حسب اختالف التسميات التي تطلقها بعض التشريعات المقارنة على هذه الجريمة‬
‫والتي تؤ دي إلى تعرض بعض المستثمرين إلى خسائر فادحة في السوق نتيجة تصديقهم لهذه‬
‫اإلشاعات‪.‬‬

‫‪ -1‬موقف التشريعات من جريمة المضاربة غير المشروعة‬


‫سيتم التطرق من خالل هذا العنصر إلى بيان موقف المشرع المصري‪ ،‬المشرع الفرنسي‪،‬‬
‫المشرع الجزائري من هذه الجريمة‪.‬‬

‫أ‪ -‬موقف المشرع المصري‬


‫نظرا لخطورة هذه الممارسات غير المشروعة‪ ،‬فقد اهتم المشرع المصري بها ووضع‬
‫لها أحكاما خاصة في الفصل الثاني من الباب الحادي عشر من الالئحة التنفيذية لقانون سوق‬
‫رأس المال رقم ‪ 95‬لسنة ‪ ،1992‬حيث عرف المشرع المصري التالعب باألسعار بأنه‪ « :‬أي‬

‫‪59‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫عمل أو امتناع عن عمل بقصد التأثير على أسعار تداول األوراق المالية يكون من شأنه‬
‫‪1‬‬
‫اإلضرار بكل أو بعض المتعاملين في سوق األوراق المالية»‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 63‬من قانون سوق رأس المال المصري رقم ‪ 95‬لسنة ‪1992‬‬
‫نجد أن النشاط اإلجرامي لجريمة التالعب أو المضاربة غير المشروعة يقوم على أمرين أوال‪،‬‬
‫أن يكون العمل الغرض منه التأثير على األسعار بشكل غير طبيعي‪ ،‬وثانيا أن يترتب على هذا‬
‫‪2‬‬
‫العمل تضليل للغير‪.‬‬

‫وما يالحظ على المشرع المصري أنه اتخذ نفس المنحى الذي اتخذه المشرع الجزائري‬
‫حيث لم يحدد وسائل معينة يتم بواسطتها ارتكاب هذه الجرائم‪ ،‬وبذلك يكون قد ترك الباب‬
‫مفتوحا ألية وسيلة من الوسائل التي تؤثر على األسعار بطريقة مفتعلة‪.‬‬

‫ومن أمثلة صور جرائم التالعب في مصر قيام المتهمة بإجراء عمليات صورية لتداول‬
‫الورقة المالية لألسهم للشركة وقامت بإجراء عمليات وإدراج أوامر بتنظيم التداول بالبورصة‬
‫بأن قامت بإدراج شراء لعدد كبير من أسهم الورقة المالية المشار إليها بأسعار بعيدة عن سعر‬
‫التنفيذ مع علمها بذلك ودون أن يقابلها أوامر بالتنفيذ مع قيامها بتنفيذ عروض للبيع بغرض‬
‫اإليحاء بوجود تعامل على الورقة المالية محل االتهام‪ ،‬من أجل تسهيل بيعها على النحو المبين‬
‫بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية‪ ،‬وقامت أيضا المتهمة بإدخال أوامر شراء إلى نظم التداول‬
‫بالبورصة بهدف إعطاء صورة مضللة وغير صحيحة عن سعر الورقة المالية محل اإلتهامين‬
‫السابقين وحجم نشاطها في السوق‪ ،‬كي تتمكن بتلك الوسيلة من بيعها وحكمت المحكمة بتغريم‬
‫‪3‬‬
‫المتهمة مبلغ مائة ألف جنيه‪.‬‬

‫ب‪ -‬موقف المشرع الفرنسي‬


‫بالنسبة للمشرع الفرنسي كان يطلق على جريمة التالعب باألسعار بالمضاربات غير‬
‫المشروعة ولقد تصدى لتجريمها في العديد من القوانين‪ ،‬ومن بينها المرسوم الصادر سنة‬

‫‪ - 1‬إسماعيل محمد علي عثمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.298‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 63‬من قانون سوق رأس المال المصري رقم ‪ 95‬لسنة ‪ «:1992‬مع عدم اإلخالل بأية عقوبة أشد منصوص عليها‬
‫في أي قانون آخر يعاقب بالحبس لمدة ال تزيد على خمس سنوات وبغرامة ال تقل عن خمسين ألف جنيه وال تزيد عن عشرين‬
‫مليون جنيه‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين‪...‬كل من عمل على قيد سعر غير حقيقي أو عملية صورية أو حاول بطرق التدليس‬
‫التأثير على أسعار السوق‪.»...‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- ART 10-1aliméa03, ordonnance n67-833 du 28 septembre1967 instituant une commission‬‬
‫‪des opération de Bourse et la relative a l’information des porteurs de valeurs mobilières et a la‬‬
‫‪publicité de certaines opération de bourse: «et puni des peines prévue au premier alinéa le fait‬‬
‫‪pour toute personne, de répondre sciemment dans le public par de voies et moyens quelconque‬‬
‫‪des information fausses ou trompeuses sur le perspectives ou la situation d’un émetteur dont les‬‬
‫‪titres sont négociés sur un marché régalement ou sur les perspectives dévolution d’un‬‬
‫» ‪instrument financier admis sur un marché réglementé de nature a agir sur les cours‬‬

‫‪60‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ ،1967‬والذي استحدث نصا خاصا لمعاقبة الممارسات غير المشروعة وهذا بموجب قانون‬
‫‪ 1996‬حيث ورد فيه تجريم الفعل الذي يقوم به أي شخص لممارسة أو محاولة ممارسة‬
‫بطريق مباشر أو بواسطة شخص وسيط أفعال من شأنها إعاقة األداء المنتظم لسوق األدوات‬
‫‪1‬‬
‫المالية بإيقاع الغير في الخطأ‪.‬‬

‫ومن صور الج رائم التي حدثت في فرنسا ما حدث خالل الفترة من‪ 06‬إلى ‪ 11‬مارس‬
‫‪ 1988‬حينما سجلت أسهم شركة "‪ "Saulnes, Chatillon‬المسجلة في بورصة باريس‬
‫نشاطا غير عادي في البورصة‪ ،‬تمثل في النمو المطرد في التعامل على هذا السهم وارتفاع‬
‫‪2‬‬
‫سعره‪.‬‬

‫وقد تمت عمليات المضاربة هذه من خالل أوامر شراء بواسطة عشرين شركة سمسرة‬
‫لحساب عمالء فتح لهم حسابات بهذه الشركات بأسماء وعناوين وهمية‪ ،‬وأظهرت التحقيقات‬
‫التي قامت بها لجنة عمليات البورصة‪ ،‬وقاضي التحقيق فيما بعد أن ثالثة أشخاص هم من‬
‫قاموا بهذه العمليات باالتفاق فيما بينهم من خالل استخدام تقنية الغالية‪ " Bouillore " 3‬وهي‬
‫طريقة شهيرة لرفع سعر سهم ما‪ ،‬وتستخدم خصوصا على األسهم ذات التداول المحدود‪.‬‬

‫وذكرت محكمة باريس في حيثيات إدانتها للمتهمين‪ ،‬وهم على علم تام بآليات‬
‫البورصة‪ ،‬قد اتفقوا على تزييف األداء الطبيعي لسوق األوراق المالية الخاصة بسهم‬
‫"‪ "Saulnes, Chatillon‬عن طريق الغش مع إرادة إيقاع الغير في الخطأ مع نية االستفادة‬
‫المباشرة من األرباح المتحققة عن العمليات التي أجروها على المكشوف‪ ،‬ولقد تم إدانة‬
‫مرتكبي هذه الجريمة لما سببوه من خسارة مقدارها ‪ 02‬مليون فرنك للشركات العاملة في‬
‫‪4‬‬
‫البورصة‪.‬‬

‫ج ‪ -‬موقف المشرع الجزائري‬


‫لقد تضمن قانون العقوبات الجزائري نصا يمنع المضاربة غير المشروعة بصفة عامة‪،‬‬
‫وليس فقط المضاربة غير المشروعة في مجال أسواق األوراق المالية وذلك في نص المادة‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا موسى المرسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.165‬‬


‫‪ - 2‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫‪ - 3‬طريقة الغالية" ‪ :" Bouillore‬تتلخص هذه الطريقة في إعطاء العديد من أوامر الشراء حتى يقتنع المتعاملون بأهمية‬
‫التعامل على هذا السهم فيقومون بالشراء على هذا السهم ويستمر تصاعد السعر‪ ،‬ويزداد مع كل عملية صورية بالنسبة‬
‫القصوى المسموح بها لالرتفاع حتى يصل إلى السعر الذي يهدف إليه المتالعبون‪ ،‬ثم يعطون بعد ذلك أوامر بيع األسهم التي‬
‫في حوزتهم مسبقا ويحصلون على األرباح التي يحققونها ويخرجون من السوق‪ ،‬سميحة بن محياوي‪ ،‬دور األسواق المالية‬
‫العربية في تمويل التجارة الخارجية " دراسة حالة بعض الدول العربية"‪ ( ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم التجارية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر بسكرة‪ ،)2015 ،‬ص ‪..54‬‬
‫‪ - 4‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.167‬‬

‫‪61‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ 172‬من قانون العقوبات الجزائري‪ 1،‬حيث يالحظ على هذا النص أن المشرع الجزائري لم‬
‫يقصر التجريم على المضاربة غير المشروعة في األوراق المالية فقط‪ ،‬وإنما جعل نطاقه يمتد‬
‫إلى سلع ومواد أخرى‪.‬‬

‫وقد جعل المشرع الجزائري معيار المضاربة غير المشروعة هو ارتفاع أو انخفاض قيمة‬
‫هذه السلع أو القيم المنقولة عن السعر المقرر له في المعامالت التجارية‪ ،‬أي السعر السائد وفقا‬
‫‪2‬‬
‫للمجرى الطبيعي لقانون العرض والطلب‪.‬‬

‫وبالرغم من أن المشرع قد ذكر بعض الوسائل االحتيالية التي تقع بها الجريمة إال أنه‬
‫أطلقها في نهاية النص بقوله‪«:‬أو بأي طرق أو وسائل احتيالية‪ ،‬وترك الباب مفتوحا ألية وسيلة‬
‫أخرى من شأنها أن تؤدي إلى رفع أو خفض األسعار»‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 60‬ف‪ 03‬من المرسوم التشريعي‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫المنقولة المعدل والمتمم على معاقبة كل شخص يكون قد مارس أو حاول أن يمارس مباشرة أو‬
‫عن طريق شخص آخر مناورة ما بهدف عرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة من خالل‬
‫‪3‬‬
‫تضليل الغير‪.‬‬

‫وبالتالي تكون هنا بصدد جريمة التالعب أو المضاربة غير المشروعة أو المناورة‬
‫حسب اختالف تسميات هدفها عرقلة السير المنتظم للبورصة‪ ،‬ولكن ما يالحظ غلى هذه‬
‫الجريمة أننا أمام نصين تجريمين‪ ،‬الجريمة الواردة في المادة ‪ 172‬من قانون العقوبات‬
‫الجزائري والمادة ‪ 60‬ف ‪ 03‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم المتعلق بورصة‬
‫األوراق المالية‪ ،‬والحل في هذه الحالة هو أن النص الخاص يقيد العام في التطبيق‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن النص الواجب التطبيق على جرائم التالعب في أسعار األوراق المالية‬
‫أو المضاربة غير المشروعة هو نص المادة ‪ 60‬ف‪ 02‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬السالف‬
‫الذكر‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 172‬من قانون العقوبات الجزائري‪ :‬يعد مرتكبا لجريمة المضاربة غير المشروعة ويعاقب بالحبس من ستة أشهر‬
‫إلى خمس سنوات وبغرامة من ‪20.000‬دج إلى ‪200.000‬دج كل من أحدث بطريق مباشر أو عن طريق وسيط رفعا أو‬
‫خفضا مصطنعا في أسعار السلع والبضائع أو األوراق المالية العمومية أو الخاصة أو شرع في ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬بترويج أخبار أو أنباء كاذبة أو مغرضة عمدا بين الجمهور‪.‬‬
‫‪ -‬أو بطرح عروض في السوق بغرض إحداث اضطرابات في األسعار‪.‬‬
‫‪ -‬أو بتقديم عروض بأسعار مرتفعة من تلك التي كان يطلبها البائعون‪.‬‬
‫‪ -‬أو بالقيام بصفة فردية أو بناء على اجتماع أو ترابط بأعمال في السوق أو الشروع في ذلك بغرض الحصول على ربح غير‬
‫ناتج عن التطبيق الطبيعي للعرض والطلب ‪.‬‬
‫‪ -‬أو بأي طرق ووسائل احتيالية‪.‬‬
‫‪ - 2‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 60‬ف‪ 03‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ويالحظ على نص ‪ 60‬ف‪ 03‬من القانون المذكور أن المشرع لم يحدد وسائل معينة يتم‬
‫بواسطتها ارتكاب هذه الجرائم‪ ،‬إذ تتسم هذه الجريمة باالبتكار والتنوع والتجديد في أساليب‬
‫ووسائل ارتكابها‪ ،‬وبالتالي تجنب ظهور أي أسلوب أو وسيلة أو عملية لم ينص عليها القانون‬
‫‪1‬‬
‫وبالتالي خروجها من نص التجريم‪.‬‬

‫إذن فال يشترط أن يؤدي ارتكاب الوسائل االحتيالية إلى حدوث تأثير مفتعل على األسعار‬
‫بالفعل بل يكفي محاولة ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬صور وأشكال التالعب (المضاربة غير المشروعة)‬
‫هناك أشكال وصور عديدة للتالعب في أسعار األوراق المالية‪ ،‬ولذلك فإنه من الصعوبة‬
‫بمكان حصر تلك األشكال والصور‪ ،‬ولذلك فإنه سيتم دراسة هذا العنصر من خالل التطرق‬
‫إلى ثالثة أنواع رئيسية للممارسات غير المشروعة وهي‪ :‬البيع الصوري الشراء بقصد‬
‫االحتكار‪ ،‬اتفاقيات التالعب‪.‬‬

‫أ ‪ -‬البيع الصوري‬
‫يقصد بالبيع الصوري‪ 2،‬خلق تعامل مظهري نشط على سهم ما في الوقت الذي ال يوجد‬
‫‪3‬‬
‫فيه تعامل فعلي يذكر على ذلك السهم‪.‬‬

‫كما يعرف البيع الصوري بأنه بيع وهمي ال ينتج عنه تغيير في الملكية وال نتيجة‬
‫اقتصادية حقيقية‪ ،‬ويتم هذا البيع من خالل تنفيذ عمليات تداول لألوراق المالية ال تؤدي إلى‬
‫‪4‬‬
‫تغيير المالك الحقيقي‪ ،‬حيث يكون فيها المشتري إما البائع نفسه أو شخص مرتبط به‪.‬‬

‫ويعد البيع الصوري لألوراق المالية من أول أشكال التالعب في أسعار األوراق المالية‬
‫‪5‬‬
‫بل إنه أكثر شيوعا في بورصة األوراق المالية‪.‬‬

‫ومن أمثلة البيع الصوري قيام الشخص ببيع الورقة المالية صوريا البنه أو أحد أقاربه‪،‬‬
‫وكذلك قيام الشخص بشراء وببيع الورقة في ذات اليوم لشخص يتفق معه على ذلك وتتم‬

‫‪ - 1‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪ - 2‬تعرف الصورية في العقود بأنها‪ :‬اتفاق طرفي التصرف القانوني على إخفاء إرادتهما الحقيقية تحت شعار مظهر كاذب‪،‬‬
‫سواء كانت الصورية مطلقة أو نسبية‪ ،‬وذلك لغرض ما يخفيانه عن الغير‪ ،‬فيكون المتعاقدان في مركزين قانونين متعارضين‬
‫أحدهما ظاهر‪ ،‬ولكنه كاذب‪ ،‬يعتقد الغير أنه هو الحقيقة‪ ،‬واآلخر حقيقي ولكنه خفي عن الغير‪ ،‬علي عبد الغاني الاليذ‪ ،‬إبراهيم‬
‫علي عبد هللا القاضي‪ ،‬طالل مزيد العرادة‪ « ،‬مخاطر استخدام المشتقات المالية على أداء الشركات المساهمة في سوق الكويت‬
‫لألوراق المالية " دراسة تطبيقية"»‪ ،‬مجلة البحوث االقتصادية والمالية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬جامعة أم البواقي‪ ،‬جوان ‪ ،2015‬ص‪.45‬‬
‫‪ - 3‬خالد أحمد سيف شعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.401‬‬
‫‪ - 4‬محمد نور حمدان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ - 5‬غازي منصوري أحمد محمود‪ ،‬الضوابط القانونية لتداول األوراق المالية في أسواق المال‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪،‬‬
‫جامعة النيلين‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم القانون‪ ،)2019 ،‬ص‪51‬‬

‫‪63‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫العملية بأن يقوم المشتري بإعادة بيع الورقة إلى ذات الشخص الذي سبق أن اشتراها منه‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وذلك في نفس اليوم وبسعر أكبر أو أقل حسب االتفاق‪.‬‬

‫وفي ظل التقدم التقني لعمليات تداول األوراق المالية يمكن ظهور أنماط أخرى من البيع‬
‫‪2‬‬
‫الصوري لم يسبق رصدها من قبل‪ ،‬تتمثل هذه األنماط في‪:‬‬

‫‪ -‬تسجيل عروض أو طلبات بكميات كبيرة لألوراق المالية بأسعار مغايرة ألسعار التنفيذ في‬
‫السوق على أوراق مالية نشطة حتى يعطى إيحاء للمتعاملين في السوق بأن هناك كميات كبيرة‬
‫أو معروضة أو مطلوبة على الورقة المالية‪.‬‬

‫‪ -‬أن يقوم متعاملون على األوراق المالية المقيدة في البورصة بتبادل األسهم فيما بينهم على‬
‫أكثر من عملية‪ ،‬بحيث يكون المشتري في العملية األولى بائعا في العملية الثانية والعكس‬
‫لإليحاء بأن السهم من األسهم النشطة أو للتأثير على سعر الورقة المالية‪.‬‬

‫‪ -‬تنفيذ عمليات تطبيقية لدى نفس شركات السمسرة في األوراق المالية لرفع أو خفض سعر‬
‫ورقة مالية عن قصد ودون وجود مبرر واضح لهذا التأثير على ورقة مالية غير نشطة‪.‬‬

‫إن الغرض من البيع الصوري هو إيهام المتعاملين بأن هناك تغيرات سعرية قد حدثت‬
‫للورقة المعنية‪ ،‬وأن تعامال نشطا يجري عليها‪ ،‬وهو بذلك ال يخرج من كونه نوعا من الخداع‬
‫‪3‬‬
‫واالحتيال بغرض الربح‪.‬‬

‫إذن فالغرض األساسي من القيام بعملية البيع الصوري هو خلق سعر زائف للورقة وذلك‬
‫‪4‬‬
‫إما بقصد تحقيق فرص للربح أو تحقيق خسائر دفترية ألغراض ضريبية‪.‬‬

‫ب‪ -‬الشراء بقصد االحتكار‬


‫يقصد بالشراء بغرض االحتكار قيام شخص ما بالعمل على شراء كل الكميات‬
‫المعروضة من ورقة ما‪ ،‬وذلك بقصد تحقيق نوع من االحتكار يمكنه فيما بعد من بيع الورقة‬
‫للراغبين في شرائها بالسعر الذي يراه ‪ ،‬وفي بعض الحاالت يحصر الشخص المذكور نشاطه‬
‫االحتكاري في شراء األسهم التي يبيعها اآلخرون على المكشوف حتى يحتكر تداولها فترتفع‬
‫‪5‬‬
‫قيمتها السوقية ويحقق ربحا مضمونا‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.124‬‬


‫‪ - 2‬محمد بن إبراهيم السحيباني‪ ،‬التالعب في األسواق المالية البعد االقتصادي‪ ،‬ورقة عمل مقدمة في ندوة المضاربة‬
‫والتالعب في األسواق المالية األبعاد االقتصادية والقانونية الشرعية‪ ،‬الهيئة اإلسالمية العالمية لالقتصاد والتمويل‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 3‬خالد أحمد سيف الشعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.404‬‬
‫‪ - 4‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪ - 5‬خالد علي صالح الجنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.94‬‬

‫‪64‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وهناك من يعرفه بأنه التخطيط المسبق ألحد المتعاملين في البورصة فردا كان أو جهة‬
‫لشراء وتجميع ورقة مالية معينة بغرض السيطرة على نسبة مؤثرة في هيكل المساهمين‬
‫بالشركة المصدرة للورقة المالية على نحو يمثل أضرار بمساهمي الشركة المعينة بشراء‬
‫‪1‬‬
‫أوراقها المالية دون إتباع اإلجراءات المقررة قانونا‪.‬‬

‫وغالبا ما يهدف القائمون على احتكار األوراق المالية بقصد احتكارها إلى تحطيم‬
‫المنافسة الشريفة من خالل الشراء المكثف للورقة المالية‪ ،‬وصوال إلى السعر االحتكاري الذي‬
‫يستطيع من خالله إما التحكم في سعر الورقة المالية صعودا أو هبوطا‪ ،‬أو الحصول على نسبة‬
‫معينة تمكنه من السيطرة على الشركة مصدرة الورقة المالية‪ ،‬ويتحقق هذا األمر‪ ،‬سواء من‬
‫‪2‬‬
‫خالل فرد أو جهة واحدة أو أفراد أو جهات خاضعين للسيطرة الفعلية لجهة واحدة‪.‬‬

‫ويرى بعض من الفقه أن هذا النوع من الممارسات يمارس بصفة خاصة في حاالت‬
‫البيع على المكشوف‪ ،‬حيث يعمد المتالعبون إلى شراء واحتكار األسهم التي تباع على‬
‫المكشوف لعلمهم بأن العمالء الذين قاموا بالبيع وفق هذا النظام سيضطرون إلى شراء ما‬
‫‪3‬‬
‫باعوه بأي سعر مهما كان مرتفعا لرد األسهم المقترضة إلى المقرض وقت طلبها‪.‬‬

‫إذن يمكن القول بأن الشراء بقصد االحتكار هو قيام الجاني أو جماعته بشراء كل‬
‫الكم يات المعروضة أو معظمها من القيم المحددة حتى يتمكن الحقا من بيعها بالسعر الذي‬
‫يحقق له الربح المناسب وكذا اإلنفراد بصناعة القرار في الشركة المصدرة‪ ،‬وال يكون أمام‬
‫المستثمر إال الشراء بالسعر الذي حدده المحتكر‪ 4،‬ويحدث هذا عادة في الشركات الصغيرة‬
‫التي يمكن بسهولة تجميع نسبة كبيرة من أسهمها وهو ما دفع بالمشرعين إلى إلزام المساهمين‬
‫‪5‬‬
‫بالتصريح عند تجاوز عتبات المساهمة نسب معينة‪.‬‬
‫ج‪ -‬اتفاقيات التالعب‬
‫على الرغم من أن العديد من النظم القانونية تحظر التالعب باألسعار‪ ،‬وتعاقب عليه إال‬
‫أنه ال يوجد تعريف محدد للتالعب باألسعار يحظى بإجماع الباحثين‪ ،‬ويقرر البعض أنه من‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.168‬‬


‫‪ - 2‬إسماعيل محمد علي عثمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫‪ - 3‬صالح أحمد البربري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 4‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 65‬مكرر من المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة الجزائري المعدل والمتمم‪ ":‬يتعين على‬
‫كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف بمفرده أو مع غيره‪ ،‬وامتلك عدد من األ سهم أو حقوق التصويت‪ ،‬يمثل أكثر من الجزء‬
‫العشرين أو العشر أو الخمس أو الثلث أو النصف أو الثلثين من رأسمال الشركة أو حقوق التصويت‪ ،‬تكون أسهمها متداولة في‬
‫البورصة أن يصرح بالعدد اإلجمالي لألسهم وحقوق التصويت التي يمتلكها للشركة وللجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‬
‫ولشركة تسير بورصة القيم المنقولة في أجل أقصاه ‪ 15‬يوما ابتداء من تاريخ تجاوز الحد األدنى للمساهمة‪ ،‬كما يتم القيام‬
‫بنفس التصريح في نفس األجل وإلى نفس الهيئات عندما تصبح المساهمة في رأسمال الشركة أو عدد حقوق التصويت دون‬
‫مستوى الحدود المنصوص عليها في الفقرة أعاله"‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الصعب وضع تعريف محدد للتالعب باألسعار‪ ،‬لكنه من السهل تحديد الممارسات التي تنطوي‬
‫‪1‬‬
‫على التالعب‪.‬‬

‫ولقد أشارت قواعد العضوية بالبورصة المصرية إلى اتفاقيات التالعب عندما حظرت‬
‫على الشركات العاملة في مجال األوراق المالية التالعب في أسعار األوراق المالية من خالل‬
‫العمليات المتفق عليها مسبقا عن طريق إجراء عمليات أو إدراج أوامر بنظم التداول‬
‫بالبورصة بغرض اإليحاء بوجود تعامل على ورقة مالية أو التالعب في أسعارها من أجل‬
‫‪2‬‬
‫تسهيل بيعها أو شرائها‪.‬‬

‫إذن يمكن تعريف اتفاقيات التالعب بأنها انضمام شخصين أو أكثر من األفراد للعمل‬
‫معا في الصفقات التي تتسم بالتالعب في أسعار األوراق المالية‪.‬‬

‫وتهدف هذه االتفاقيات إلى إحداث تغيرات مفتعلة في أسعار األوراق المالية بغرض‬
‫تحقيق الربح وقد تشتمل تلك االتفاقات على سماسرة وعاملين في بعض المنشئات التي لها‬
‫أوراق مالية يتم تداولها في البورصة‪ ،‬كما قد يساهم بعض هؤالء األعضاء في االتفاقية بالعمل‬
‫‪3‬‬
‫بينما يساهم اآلخرون برأس المال كما قد يتم تعين مدير يتولى تنفيذ االتفاقية‪.‬‬

‫ويوجد نوعان من االتفاقيات هما‪:‬‬


‫‪ -‬اتفاقيات المتاجرة‬
‫يقصد باتفاقية المتاجرة تلك االتفاقية التي بمقتضاها يسعى التنظيم المتالك أكبر قدر ممكن‬
‫من األسهم التي تصدرها منشأة ما‪ ،‬وذلك من خالل ترويج إشاعات عن سوء حالة المنشأة‬
‫المصدرة للورقة أو من خالل قيام السماسرة باإليعاز لعمالئهم بالتخلص من الورقة‪ ،‬وفي ظل‬
‫هذا الوضع يزداد المعروض منها‪ ،‬مما يؤدي إلى انخفاض قيمتها حتى تصل إلى أدنى حد‬
‫‪4‬‬
‫ممكن فيقوم التنظيم بشرائها‪.‬‬

‫وبعد امتالك معظم األسهم‪ ،‬يبدأ أعضاء التنظيم من العاملين بالمنشأة صاحبة الشأن في‬
‫‪5‬‬
‫نشر معلومات عن تحسن ملحوظ في أدائها‪.‬‬

‫كما يسعى األعضاء من السماسرة في نفس الوقت على حث عمالئهم على شراء تلك‬
‫األسهم وكنتيجة لهذه الجهود المكثفة يزداد الطلب وتبدأ القيمة السوقية للسهم في االرتفاع‬

‫‪ - 1‬خالد أحمد سيف الشعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.413‬‬


‫‪ - 2‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫‪ - 3‬رفيق يونس المصري‪ « ،‬المضاربة على األسعار بين المؤيدين والمعارضين»‪ ،‬مجلة جامعة الملك عبد العزيز‪،‬‬
‫المجلد‪ ،20‬عدد ‪ 01‬لسنة ‪ ،2007‬ص‪.69‬‬
‫‪ - 4‬خالد أحمد سيف الشعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ - 5‬رفيق يونس المصري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70‬‬

‫‪66‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫فيسارع أعضاء التنظيم في إجراء المزيد من عمليات البيع الصوري أو المظهري حتى يسود‬
‫‪1‬‬
‫االعتقاد بين المتعاملين على أن هناك تعامل نشط على تلك األسهم‪.‬‬

‫وعندما تصل القيمة السوقية للسهم إلى أقصاها يسعى التنظيم إلى التخلص مما يملكه من تلك‬
‫‪2‬‬
‫األسهم بشكل ال يترك أثرا عكسيا على السعر حتى يتم التخلص مما تبقى من تلك األسهم‪.‬‬

‫‪ -‬اتفاقية االختيار‬
‫عادة ما تتضمن هذه االتفاقيات في عضويتها بعض أعضاء مجلس إدارة المنشأة المصدرة‬
‫للورقة محل االتفاقية‪ ،‬ويتمثل دورهم في المساعدة على إبرام صفقة االختيار بين التنظيم‬
‫والمنشأة يحصل بمقتضاها التنظيم على الحق في شراء كمية كبيرة من أسهم المنشاة مستقبال‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وذلك بالسعر الجاري للسهم وقت إبرام الصفقة‪.‬‬

‫ومن خالل المعلومات المضللة عن مستقبل الشركة أو المنشأة‪ ،‬باإلضافة إلى قيام‬
‫السماسرة باستغالل ثقة عمالئهم‪ ،‬تتجه القيمة السوقية للسهم إلى االرتفاع فيسارع أعضاء‬
‫التنظيم في ممارسة سلسلة من البيوع الصورية أو المظهرية بأسعار أعلى مما يؤدي إلى‬
‫ارتفاع مضطرد في سعر السهم حتى يصل إلى أقصاه‪ ،‬وهنا يسارع أعضاء التنظيم في تنفيذ‬
‫حق االختي ار‪ ،‬حيث يقوم بشراء األسهم من المنشأة بالسعر المتفق عليه‪ ،‬ثم يقوم ببيعها بالسعر‬
‫‪4‬‬
‫السائد محققا أرباحا طائلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المعنوي‬


‫تنتمي جريمة المضاربة غير المشروعة إلى الجرائم العمدية‪ ،‬إذ يتعين لقيامها توافر‬
‫القصد الجنائي العام القائم على عنصري العلم واإلرادة لدى الجاني‪ ،‬فال بد أن يكون هذا‬
‫األخير عالما بأنه يمارس أو يقوم بعمليات أو أفعال غير مشروعة من شأنها التأثير على أسعار‬
‫األوراق المالية أو على السير الطبيعي المعتاد لسوق األوراق المالية‪ ،‬وأن تتجه إرادته إلى‬
‫القيام بتلك العمليات أو األفعال بغرض التأثير على أسعار األوراق المالية ارتفاعا وانخفاضا‬
‫‪5‬‬
‫لتحقيق مآرب شخصية ال يستطيع تحقيقها وفقا آلليات السوق الطبيعية‪.‬‬

‫إلى جانب توافر القصد العام فإن هناك بعض التشريعات تتطلب توافر قصد خاص‬
‫المتمثل في نية التأثير على أسعار األوراق المالية أو حجم تداولها أو اإلخالل بالسير الطبيعي‬

‫‪ - 1‬صالح محمد البربري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬


‫‪ - 2‬محمد إبراهيم السحيباني‪ ،‬التالعب في األسواق المالية البعد االقتصادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 3‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫‪ - 4‬رفيق يونس المصري‪ ،‬المرجع السابق ص‪.70‬‬
‫‪ - 5‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.303‬‬

‫‪67‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المعتاد لسوق األوراق المالية‪ ،‬من خالل إعطاء صورة غير صحيحة عن سعر ورقة مالية أو‬
‫‪1‬‬
‫حجم تداولها أو عن سعر أو حجم تداول أي ورقة مالية أخرى ذات عالقة‪.‬‬

‫وهو ما نص عليه المشرع الجزائري في نص المادة ‪ 60‬ف‪ 03‬من المرسوم التشريعي‬


‫رقم ‪ 10/93‬المعدل والمتمم‪ ،‬إذ تطلب لقيام الجريمة توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في‬
‫نية عرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة من خالل تضليل الغير‪ ،‬باإلضافة إلى توافر‬
‫القصد العام المرتكز على عنصري العلم واإلرادة المنصرفين إلى عناصر الجريمة‪.‬‬

‫وفي التشريع الفرنسي وقبل تاريخ ‪ 02‬يوليو‪ 1996‬كان المشرع يستخدم كلمة "عمدا"‬
‫في تجريم عمليات التالعب بأسعار األوراق المالية‪ ،‬إال أنه وبصدور قانون ‪ 02‬يوليو‪1996‬‬
‫المعدل لمرسوم ‪ 28‬سبتمبر‪ 1967‬تم حذف كلمة"عمدا" من نص المادة ‪ 10‬ف‪ 03‬من هذا‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم المجرمة لنشاط المضاربة غير المشروعة أو التالعب باألسعار‪.‬‬

‫ورغم ذلك التعديل إال أن الفقه الفرنسي يذهب إلى أن القصد المطلوب في جريمة‬
‫التالعب باألسعار هو قصد خاص يتطلب باإلضافة إلى نية العلم واإلرادة‪ ،‬نية اإلضرار‬
‫بالسوق‪ ،‬أي نية إعاقة األداء الطبيعي للسوق وتعطيل آليات السوق مما يؤدي إلى اإلضرار‬
‫باآلخرين‪ ،‬وهو ما قضت به محكمة جنح باريس ببراءة متهمين من التالعب باألسعار في‬
‫أسهم أحد الشركات‪ ،‬وذلك لعدم توافر نية التأثير على السوق أو اإلضرار به‪ ،‬بل أنهم أقدموا‬
‫‪3‬‬
‫على هذا الفعل من أجل ضمان استقرار السوق والمحافظة على سعر السهم الحقيقي‪.‬‬

‫أما في مصر فيذهب رأي فقهي إلى أن نص المادة ‪ 63‬ف‪ 03‬من قانون سوق رأس‬
‫المال رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المؤثم لجريمة المضاربة غير المشروعة‪ ،‬يتطلب لقيام هذه األخيرة‬
‫توافر القصد الخاص الذي يستلزم توافر عنصري العلم واإلرادة انصرافهما إلى واقعة ال تعد‬
‫‪4‬‬
‫طبق القانون من أركان الجريمة وهي التأثير على أسعار السوق‪.‬‬

‫بينما يذهب رأي آخر إلى أن قيام هذه الجريمة ال يتطلب قصدا خاصا‪ ،‬فيكفي لقيامها‬
‫توافر القصد العام القائم على عنصري العلم واإلرادة وسيستطرد قائال إن نية التأثير على‬
‫أسعار السوق هي عنصر نفسي يدخل في تكوين اإلرادة باعتبارها أحد عناصر القصد العام‪،‬‬
‫فضال عن أن التأثير على أسعار السوق يعتبر النتيجة المجرمة التي تحدثها عمليات التالعب‬
‫‪5‬‬
‫في األسعار‪ ،‬والتي ينصرف إليها عنصرا العلم واإلرادة‪.‬‬

‫‪ - 1‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.203‬‬


‫‪ - 2‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪130‬‬
‫‪ - 3‬مازن محمد رضا المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪ - 4‬أحمد محمد اللوزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ - 5‬خالد علي الجنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪68‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إذن يمكن القول أن االكتفاء بالقصد الجنائي العام المرتكز على عنصري العلم واإلرادة‬
‫حيث أن التأثير ع لى األسعار هو النتيجة المجرمة التي تفضي إليها عمليات التالعب والتي‬
‫ينصرف إليها عنصري العلم واإلرادة لتمام جريمة المضاربة غير المشروعة أو التالعب‬
‫بأسعار األوراق المالية من شأنه عدم إفالت الجناة من دائرة العقاب عند ارتكابهم للجريمة‪ ،‬إذ‬
‫أنه ليس بالعسير على القاضي إثبات علم الجاني باألفعال واألساليب التي من شأنها التأثير على‬
‫أسعار األوراق المالية أو اإلخالل بالسير الطبيعي المعتاد للسوق‪ ،‬وكذلك اتجاه إرادته إلى تلك‬
‫األفعال واألساليب‪.‬‬

‫في حين يعد إثبات توافر نية التأثير على األسعار أو اإلخالل بالسير الطبيعي للسوق‬
‫لدى الجاني أمرا في غاية الصعوبة‪ ،‬مما يؤدي إلى إفالت الجناة من دائرة العقاب وبالتالي تفقد‬
‫النصوص الجزائية المؤثمة للمضاربة غير المشروعة فاعليتها‪ ،‬فيتسع نطاق استخدام تلك‬
‫األساليب غير المشروعة التي من شأنها التأثير على أسعار األوراق المالية أو اإلخالل بالسير‬
‫الطبيعي المعتاد لقوى العرض والطلب‪ ،‬وتكون بالنتيجة هذه األساليب معول هدم للبناء‬
‫االقتصادي للدول بشكل عام في ظل تحول سوق األوراق المالية إلى قناة استثمارية ألغلب‬
‫‪1‬‬
‫المجتمعات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جريمة إعاقة مراقبي الهيئة‬


‫إن من أغراض إنشاء هيئة األوراق المالية مراقبة وضمان حسن سير التعامل بسوق‬
‫األوراق المالية‪ ،‬ولن نستطيع القيام بهذا الدور الرقابي‪ ،‬إال من خالل صالحيات تكفل لها‬
‫النجاح في المهام الموكلة لها‪ ،‬وفي سبيل هذا األمر أقرت بعض التشريعات المقارنة بحقها في‬
‫القيام بكل ما من شأنه كشف التعامالت التي تتم بعيدا عن التطبيق السليم للقانون وأوجب على‬
‫الكافة اإلفصاح العلني والخاص‪ ،‬وتقديم كافة المعلومات والبيانات التي تطلبها الهيئة‪ ،‬والتي‬
‫تكون ذات صلة بأنشطة األوراق المالية‪ ،‬وأن االمتناع عن تقديم هذه البيانات أو إعاقة أعضاء‬
‫الهيئة في كشف التعامالت غير المشروعة يشكل جريمة‪ ،‬هذه الجريمة هي موضوع هذا‬
‫المطلب والذي سيتم تقسيمه إلى فرعين األول يتضمن الركن المادي للجريمة والثاني يتضمن‬
‫الركن المعنوي‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 59‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‬
‫المعدل والمتمم‪ 2،‬فإن الركن المادي لجريمة إعاقة مهام وصالحيات لجنة تنظيم عمليات‬

‫‪ - 1‬رغدة عماد أحمد الحاج عبد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 59‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ «:‬يعاقب كل شخص يعترض‬
‫سبيل ممارسة صالحيات اللجنة وأعوانها المؤهلين المنصوص عليهم في المواد من ‪ 35‬إلى ‪ 50‬من هذا النص‪ ،‬بالحبس من‬
‫‪ 30‬يوما إلى ثالث سنوات وبغرامة قدرها ‪30.000‬دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪».‬‬

‫‪69‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫البورصة يتحقق باإلتيان بأي فعل يعيق هذه المهام سواء كان فعل إيجابي أو سلبي فالمشرع‬
‫الجزائري لم يحدد األفعال التي تؤدي إلى قيام هذه الجريمة باستعمال "عبارة يعترض سبيل"‬
‫‪1‬‬
‫مجرد االعتراض يعاقب عليه القانون‪.‬‬

‫لكن باستقراء مختلف النصوص الواردة في هذا الموضوع نجد أن الركن المادي لجريمة‬
‫إعاقة الوسيط المالي المحققي ومراقبي عمليات البورصة التي تقوم بها المسؤولية الجزائية‬
‫لهذا الوسيط يكون صورة من الصور الثالث‪:‬‬

‫‪ -‬إعاقة دخول أعضاء الهيئة أو مفوضيهم لمقر شركة الوساطة‪.‬‬


‫‪ -‬إعاقة حق اإلطالع على الدفاتر والوثائق‪.‬‬
‫‪ -‬إعاقة حق سماعهم ألي شخص قادر على إنقاذهم بمعلومات ذات صلة بموضوع‬
‫التحقيق‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إعاقة الدخول إلى مقر شركة الوساطة المالية‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 55‬من النظام ‪ 01/05‬المتعلق شروط اعتماد الوسطاء في عمليات‬
‫البورصة لمراقبة اللجنة‪ ،‬نجد أن المشرع الجزائري أخضع نشاطات الوسطاء في عمليات‬
‫البورصة لمراقبة اللجنة‪ ،‬حيث أجاز لهذه األخيرة الحق في إجراء تحقيقات لدى الوسطاء‬
‫الماليين في عمليات البورصة‪ ،‬والحق في اإلطالع على كل وثيقة ضرورية‪ ،‬وكذا إمكانية‬
‫‪2‬‬
‫الدخول إلى المحالت ذات الصبغة المهنية خالل ساعات العمل العادية‪.‬‬

‫وبالتالي فإذا عمد الوسيط المالي أو أحد العاملين لديه إلى منع أعضاء أو مفوضين‬
‫اللجنة من الدخول إلى مقر الشركة‪ ،‬سواء كان هذا المنع يتعلق بدخول المقر برمته‪ ،‬أو أحد‬
‫األماكن التابعة له‪ ،‬فإن ه ذا المنع يشكل الركن المادي والذي تتحقق به الصورة لجريمة إعاقة‬
‫‪3‬‬
‫مراقبي هيئة سوق رأس المال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعاقة حق اإلطالع والمعاينة‬


‫تتمثل هذه الصورة في إعاقة الوسيط المالي أعضاء الهيئة أو ممثليهم من االطالع على‬
‫الدفاتر أو األوراق أو الوثائق عند طلب إبرازها أو حتى إعاقتهم من االطالع على كل من‬
‫شأنه أن يساعدهم في القيام بمهامهم‪ ،‬وليس ثمة شك في أن هذه الصورة لن تتحقق إال في حالة‬
‫تحقق الصورة األولى‪ ،‬أي أن يكون دخول مقر الشركة قد تم بشكل قانوني‪ ،‬وعمد بعد ذلك‬
‫‪4‬‬
‫الوسيط المالي إلى إعاقة حق اإلطالع‪.‬‬

‫‪ - 1‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.188‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 55‬من النظام ‪ 01/05‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء الماليين وواجباتهم‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 3‬طارق عفيفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪250‬‬
‫‪ - 4‬خالد علي صالح الحنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫‪70‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إن إعاقة االطالع على الدفاتر واألوراق والوثائق ما هو إال نوع من أنواع عرقلة‬
‫عملية التحقيق التي يجريها أعضاء الهيئة وممثليهم‪ ،‬ومن شأن هذه الممارسة أن تمثل صورة‬
‫من صور الركن المادي لجريمة إعاقة مراقبي هيئة سوق األوراق المالية‪ ،‬حيث تشكل فعل‬
‫مادي يرمي إلى رفض تقديم المساعدة للتمكين من القيام بالتفتيش والتحقيق السيما إذا كان‬
‫‪1‬‬
‫قائما بشكل قانوني أي بعد الحصول على اإلذن القضائي بذلك‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إعاقة سماع األشخاص‬


‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 38‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫المنقولة نجد أن المشرع الجزائري أعطى الحق للجنة تنظيم عمليات البورصة استدعاء أي‬
‫شخص من شأنه أن يقدم لها معلومات في القضايا المطروحة عليها أو تأمر أعوانها‬
‫‪2‬‬
‫باستدعائه‪.‬‬

‫إذن فتبعا لنص المادة أعاله فإن أي تقصير من طرف الوسطاء الماليين فيما يخص‬
‫استجوابهم وتقديم المعلومات المهمة في القضايا المطروحة من شأنه أن يوقع عليهم المسؤولية‬
‫الجزائية المنصوص عليها في المادة ‪ 59‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي‬


‫يعد الركن المعنوي إرادة إجرامية تتجه إلى ماديات غير مشروعة‪ ،‬تقوم على المساس‬
‫بحق معين‪ ،‬وال يمكن أن يكون هذا االتجاه اإلجرامي قصد جنائيا يقوم به الركن المعنوي‬
‫للجريمة إال إذا تم عن عمد‪.‬‬

‫وبالتالي فإن هذه الجريمة يفترض فيها توافر القصد الجنائي‪ ،‬وذلك ألن جل نصوص‬
‫المواد ألزمت الوسيط المالي بإطالع اللجنة على البيانات والمعلومات التي من شأنها أن تفيدها‬
‫في التحقيق ومن ثم فإن إعاقته لهم ال يمكن أن تكون إال عمدا‪.‬‬

‫هذا وال يقتصر الركن المعنوي للجريمة القائم على العمد‪ ،‬على العلم بوقائع معينة‬
‫فحسب‪ ،‬بل يتطلب العلم بالتكييف القانوني للفعل وعلى تجريم المشرع له‪ ،‬ليقوم الركن‬
‫المعنوي للفعل إذ ال تنسب إرادة مخالفة القانون إال لمن علم بوجود قواعده التي خالفها وأدرك‬
‫‪3‬‬
‫قوتها اإللزامية‪.‬‬

‫‪ - 1‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.217‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 38‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 3‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪71‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫وال يثير إثبات العلم بتجريم المشرع إلعاقة محققي اللجنة صعوبة‪ ،‬ألنه غالبا ما يكون‬
‫الوسيط المالي يعلم بتجريم القانوني لهذا الفعل خاصة وأن هذا القانون يهم فئة معينة وهي فئة‬
‫الوسطاء الماليين الذي ينتسب إليهم الجاني‪ ،‬الذي عادة ما يكون متمتعا بمستوى عال من‬
‫‪1‬‬
‫المعرفة بالقوانين والتنظيمات التي تحكم نشاط البورصة‪.‬‬

‫وال يكفي العلم وحده لقيام الركن المعنوي للفعل بل يجب توافر اإلرادة المجرمة لذلك‪،‬‬
‫والتي هي نشاط نفسي يصدر عن وعي إدراك لتحقيق غرض معين‪ ،‬وهو إخفاء الحقيقة أو‬
‫جانب منها للتهرب من جرائمه التي تمس شفافية سوق األوراق المالية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬


‫ال ريب في أن عمليات سوق األوراق المالية هي المحور الرئيسي الذي تدور حوله‬
‫فاعلية السوق‪ ،‬وإذا كانت هذه العمليات هي الجسد فإن األموال هي روح هذا الجسد‪ ،‬لذلك‬
‫ارتبطت عمليات السوق وجودا وعدما بهذا العنصر لضمان استقرار بقائها‪.‬‬

‫غير أن هذه األموال قد تتداول بالسوق بطريقة تمس بالمصداقية الواجب توافرها‬
‫بالمعامالت الجارية‪ ،‬مما يشكل جريمة في نظر القانون‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا المبحث إلى إبراز العمليات التي تمس بسالمة تداول‬
‫األوراق المالية وفق اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنظيم القانوني لتداول القيم المنقولة في البورصة‬


‫البورصة سوق له قواعد قانونية وفنية تحكم أداءها وكيفية اختيار ورقة مالية معينة‬
‫وتوقيت التصرف فيها‪ ،‬ومن ثم فإن األوراق المالية على اختالف أنواعها يحكمها عند تداولها‬
‫بالبورصة عدة أطر ومبادئ قانونية حتى ال يساء تداولها وتخرج عن الهدف المنشود لها‪.‬‬

‫لذلك ينبغي دراسة وبحث هذه القواعد القانونية التي تنظم هذا السوق كي يضع كل من‬
‫الباحث والمتعامل في مجال بورصة األوراق المالية وقبله الجهة القائمة على مراقبته بين‬
‫ناظريهما هذه القواعد القانونية والعمل في إطارها كي يحقق تداول األوراق المالية النفع‬
‫المرجو والمأمول الذي يحقق‪ ،‬عدالة السوق وعدم اإلضرار بالغير‪.‬‬

‫لذا سيتم التطرق بالبحث والدراسة من خالل هذا الفرع إلى القيم المنقولة محل‬
‫التداول(الفرع األول) ثم وسطاء التداول في البورصة (الفرع الثاني) وقيد األوراق المالية‬
‫(الفرع الثالث)‪.‬‬

‫‪ - 1‬خالد علي صالح الحنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬

‫‪72‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القيم المنقولة محل التداول في البورصة‬


‫تعتبر القيم المنقولة أدوات ادخار تختلف عن الشيك والسفتجة باعتبارها تمثل ضنف‬
‫خاص من األدوات المالية‪ ،‬فهي وسيلة تهدف إلى تحصيل أرباح على خالف سابقتها التي‬
‫تعتبر وسائل من وسائل الدفع‪ ،‬أصبحت هذه القيم المنقولة التي يطلق عليها أحيانا األدوات‬
‫المالية وأحيانا أخرى السندات المالية أهم ميزة تتميز بها السوق المالية والمحرك األساسي لها‬
‫سواء على مستوى السوق األولية باعتبارها سوق إلصدارها‪ ،‬أو في البورصة باعتبارها‬
‫السوق الثانوية لها‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا العنصر إلى بيان تعريف القيم المنقولة (أوال) وبيان‬
‫خصائصها (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف القيم المنقولة‬


‫نصت مختلف القوانين على تعاريف للقيم المنقولة‪ ،‬إال أن كل تعريف يركز فيها القانون إما‬
‫على خاصية معينة من خصائصها أو على كيفية إصدارها أو كيفية تداولها وهو ما سيتم‬
‫توضيحه وفق ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬تعريف القيم المنقولة في القانون الفرنسي‬


‫وردت في القانون الفرنسي عدة تعاريف نذكر منها ما نصت عليه المادة ‪ 264‬من‬
‫القانون المؤرخ في ‪ 24‬جويلية ‪ 1966‬المتعلق بالشركات التجارية‪ ،‬حيث عرفت القيم المنقولة‬
‫كما يلي‪ " :‬مصطلح القيم المنقولة تعني بالمفهوم الضيق المعروف عمليا السندات الصادرة عن‬
‫‪1‬‬
‫الهيئات العامة أو الخاصة القابلة للتسعيرة والتداول في سوق البورصة‪.‬‬

‫كما عرفتها التعليمة الصادرة في ‪ 08‬أوت ‪ 1983‬في المادة ‪ 09‬مكرر‪ ،02‬حيث‬


‫اعتبرت القيم المنقولة بأنها مجموع السندات من نفس النوع مسعرة أو قابلة للتسعيرة وصادرة‬
‫من نفس المصدر تخول ألصحابها حقوق متساوية وكل حق ناتج عن قيمة منقولة قابلة للتداول‬
‫‪2‬‬
‫تعتبر قيمة منقولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-«le terme valeurs mobilières désigne dans son sens restreint consacré par la pratique, les titres‬‬
‫‪émis par les collectivités publiques ou privées qui sont susceptibles de cotation et négociation‬‬
‫» ‪sur un marché de bourse‬‬
‫‪Cité par: Vidal Dominique, droit des sociétés, LGdJ , paris, 1993. P383.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-«valeurs mobilières s’entend un ensemble de titres de même nature, cotés ou susceptibles de‬‬
‫‪l’être issues d’un mémé émetteur et conférant des droits identiques a leur détenteur, tous droits‬‬
‫‪détachés d’une valeur mobilière et négociable sont eux-mêmes assimilables a une valeur‬‬
‫»‪mobilière‬‬
‫‪Circulaire du 08 aout 1983, relative a l’application des dispositions de l’article 94.II de la loi‬‬
‫‪n°81-1160 du 30 décembre 1981 et du décret n°83-259 du mars 1983. WWW.legifrance.gouv.fr‬‬

‫‪73‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫عرفت القيم المنقولة بعد ذلك في القانون رقم‪ 371-84‬الصادر في ‪ 23‬ماي ‪1984‬‬
‫المتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة في المادة ‪ 03‬منه كما يلي‪" :‬القيم المنقولة هي‬
‫مجموعة من السندات من نفس النوع مفيدة في البورصة أو قابلة لذلك صادرة من نفس‬
‫‪1‬‬
‫المصدر والتي تخول حقوق مماثلة ألصحابها‪.‬‬

‫جاء المشرع الفرنسي ألول مرة بتعريف قانوني للقيم المنقولة بصدور القانون رقم ‪-88‬‬
‫‪ 1201‬الصادر في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ،1988‬يتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة في‬
‫المادة ‪ 01‬منه‪ ،‬التي تنص على‪ " :‬تعتبر قيما منقولة نظرا لهذا القانون السندات الصادرة عن‬
‫األشخاص المعنوية والخاصة والقابلة للتداول بتسجيلها في الحساب أو بالمناولة اليدوية والتي‬
‫تعطي صاحبها حقوقا مماثلة لصنفها الذي هو من إصدار واحد والتي تعطي له الحق في ملكية‬
‫جزء من رأسمال الشخص المعنوي المصدر لها‪ ،‬أو حقوق مديونية عامة على أصولها وذلك‬
‫‪2‬‬
‫بصفة مباشرة أو غير مباشرة"‪.‬‬

‫إذن يمكن القول أن القانون الفرنسي جعل القيم المنقولة كل ما يمكن تداوله وملكيته‬
‫بالقيد في الحساب وحتى بالمناولة اليدوية‪ ،‬شرط أن يكون محل التداول يمثل جزء من رأسمال‬
‫األشخاص المعنوية الخاصة أو العامة‪.‬‬
‫‪ - 2‬تعريف القيم المنقولة في القانون المصري‬
‫لم يعرف المشرع المصري القيم المنقولة ال في قانون سوق رأس المال المصري رقم‬
‫‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬وال في الئحته التنفيذية المعدل سنة ‪ 2015‬بينما بين أنواع القيم المنقولة بصفة‬
‫‪3‬‬
‫ضمنية حيث تطرق إلى ذكر أنواعها وحصرها في األسهم والسندات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-L’article 03 du régalement de la sicovam homologué par L’arrêté du23 mai dispose: «pour‬‬
‫‪l’application du présent régalement général le terme de valeurs mobilières s’entend, d’un‬‬
‫‪ensemble de titre de même nature coté ou susceptible de l’être, issus d’un même émetteur, et‬‬
‫‪conférant par eux- même des droits identiques a tous leurs détenteurs » www.legifrance .gouv.fr‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- L’article 01, de la loi n°88-1201 de23 décembre 1988 relative aux organismes de placement‬‬
‫‪collectif en valeurs mobilières et du régalement général de la sicovam dispose: «sont considérés‬‬
‫‪comme valeurs mobilières pour l’application de la présente loi les titres émis par des personnes‬‬
‫‪morales, publiques ou privées, transmissibles par inscription en compte ou tradition, qui‬‬
‫‪confèrent des droits identiques par la catégorie et qui donne accè directement ou indirectement,‬‬
‫‪a une quantité du capital de la personne morale émettrice ou a un droit de créance général sur‬‬
‫‪son patrimoine ».‬‬
‫‪Cite par: Rivière Isabelle, les contrats portant sur les valeurs mobilières, )thèse de doctorat uni‬‬
‫‪vde paris, I panthéon, Sorbonne,1997(, p08.‬‬
‫‪ - 3‬عصام أحمد البهجى‪ ،‬الموسوعة القانونية لبورصة األوراق المالية في التشريعات العربية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫األزاريطة ‪ ،2009‬ص‪.138‬‬

‫‪74‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ -3‬تعريف القيم المنقولة في القانون الجزائري‬


‫عرف القانون الجزائري ألول مرة القيم المنقولة في المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 169/91‬المتضمن تنظيم المعامالت الخاصة بالقيم المنقولة‪ ،‬حيث تعتبر قيما منقولة‬
‫بحسب طبيعتها الديون المعينة المقدار والمستحقة لشركات رؤوس األموال والسندات مهما‬
‫كانت طبيعتها‪ ،‬وحصص الشركاء في شركة التوصية وأسهم التمتع وسندات الرسمية وسندات‬
‫‪1‬‬
‫المشاركة في األرباح وبصفة عامة كل منتوج مالي قابل للتفاوض في البورصة‪.‬‬

‫ما يالحظ على التعريف أن المشرع الجزائري في هذه المادة لم يعطي تعريفا للقيم‬
‫المنقولة‪ ،‬بل ذكر أنواع السندات التي يمكن أن تكون قيما منقولة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أنه لم يذكرها‬
‫على سبيل الحصر وهذا ما يفهم من سياق عبارة "وبصفة عامة كل منتوج مالي قابل للتفاوض‬
‫في البورصة خاصة أن المنتجات المالية القابلة للتفاوض في البورصة عديدة"‪.‬‬

‫لقد حدد هذا التعريف مصدر القيم المنقولة في شركات األموال التي تكون إما في شكل‬
‫شركات أسهم أو شركات التوصية‪ ،‬بالرغم من أن شركات األسهم وحدها لها الحق في إصدار‬
‫القيم المنقولة هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى أقصى أشخاصا آخرين هم الدولة واألشخاص‬
‫‪2‬‬
‫المعنوية التابعة لها مثل الهيئات المحلية واألشخاص العمومية االقتصادية‪.‬‬

‫جاء بعد ذلك المرسوم التشريعي رقم ‪ 08-93‬المتضمن تعديل للقانون التجاري بتعريف‬
‫آخر مغاير لسابقه معتمدا في تعريفه للقيم المنقولة على تحديد خصائصها المتمثلة في خاصية‬
‫قابليتها للتداول‪ ،‬وقابليتها للتسعيرة في البورصة‪ ،‬حيث عرفت القيم المنقولة بأنها السندات‬
‫القابلة للتداول تصدرها شركات المساهمة وتكون مسعرة في البورصة‪ ،‬أو يمكن أن تسعر‬
‫وتمنح حقوقا مماثلة حسب الصنف‪ ،‬وتسمح بالدخول بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حصة‬
‫‪3‬‬
‫معينة من رأس مال الشركة المصدرة أو حق مديونية عام على أموالها‪.‬‬

‫ما يالحظ على هذا التعريف أن المشرع الجزائري حصر الشركات المصدرة للقيم‬
‫المنقولة في شركات األسهم فقط مقصيا شركات التوصية‪ ،‬التي خول لها ذلك وفقا للمرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 169/91‬السالف الذكر‪ ،‬إال أنه أبقى الدولة والهيئات التابعة لها غير مؤهلة‬
‫إلصدار هذه األوراق المالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي ‪ 169/91‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ 1991‬ج‪.‬ر عدد‪ 26‬المؤرخة في ‪ 01‬جوان ‪1991‬‬
‫المتضمن تنظيم المعامالت الخاصة بالقيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ - 2‬حمليل نورة‪ ،‬النظام القانوني للسوق المالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.251‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 715‬مكرر ‪ 30‬من األمر‪ 59-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬معدل ومتمم المتضمن القانون التجاري‬
‫‪.‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ 100‬صادر في‪ 19‬ديسمبر‪.1975‬‬

‫‪75‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫تدارك المشرع خطأه فصحح ذلك بمناسبة إصداره المرسوم التشريعي رقم ‪10-93‬‬
‫‪1‬‬
‫حيث أجاز في مادته األولى الدولة والهيئات المحلية بإصدار قيم منقولة‪.‬‬

‫عاد القانون الجزائري مرة أخرى على موقفه المتمثل في عدم السماح للدولة والهيئات‬
‫المحلية بإصدار أوراق مالية قابلة للتداول وقابلة للتسعيرة في البورصة في النظام العام‬
‫‪2‬‬
‫لبورصة القيم المنقولة التي حصرت مصدر األوراق المالية في شركات األسهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع القيم المنقولة‬


‫القيم المنقولة هي األوراق المالية األساسية المتداولة في بورصة األوراق المالية كالسهم‬
‫السندات‪ ،‬حصص التأسيس‪.‬‬

‫‪ - 1‬األسهم‪ :‬تشكل األسهم أحد أصناف األدوات المالية المتداولة في سوق األوراق المالية‬
‫ويندرج ضمن هذا الصنف عدة أنواع سيتم التطرق إليه وفق اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أ‪ -‬تعريف األسهم‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫هناك من يعرف السهم بأنه‪ ":‬صك يمثل نصيب المساهم في شركات األموال ويقابل‬
‫حصة الشريك في شركة األشخاص(‪ ،)4‬كما يقصد بالسهم أيضا الصك الذي تصدره الشركة‬
‫(‪)5‬‬
‫ويمثل حق المساهم فيه"‪.‬‬

‫ويعرف أيضا بأنه‪ " :‬حصة الشخص في الشركة‪ ،‬والتيي تمثيل حقوقيه والتزاماتيه التيي‬
‫(‪)6‬‬
‫يتم تعيينها في قانون الشركات‪ ،‬وفي النظام األساسي للشركة"‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 01‬من المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ ،‬السابق ذكره‪«:‬تعد بورصة القيم‬
‫المنقولة إطار لتنظيم وسير العمليات فيما يخص القيم المنقولة التي تصدرها الدولة واألشخاص اآلخرون من القانون العام‬
‫والشركات ذات األسهم»‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 30‬من النظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 03-97‬المؤرخ في ‪ 18‬نوفمبر‪ 1997‬يتعلق بالنظام‬
‫العام لبورصة القيم ج‪.‬ر العدد ‪ 87‬المؤرخة في ‪ 29‬ديسمبر‪ « :1997‬ال تقبل في التداول في البورصة إال القيم المنقولة‬
‫الصادرة عن الشركات باألسهم طبقا لألحكام المنصوص عليها في القانون التجاري»‪.‬‬
‫(‪ - )3‬شركة األموال هي التي ال تقوم على االعتبار الشخصي‪ ،‬بل على االعتبار المالي‪ ،‬وال يعتد فيها بشخصية الشريك بل‬
‫العبرة فيها بما يقدمه كل شريك من حصة مالية‪ ،‬وهي نوعان شركة المساهمة‪ ،‬وشركة التوصية باألسهم‪ ،‬عصام أحمد‬
‫البهجى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ -)4‬تشمل شركات األشخاص شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة المحاصة‪ ،‬وتتميز هذه الشركات بأنها تقوم‬
‫على االعتبار الشخصي والثقة المتبادلة بين الشركاء‪ ،‬وهي في العادة شركات صغيرة تتألف بين أفراد يعرف بعضهم بعضا‬
‫ويثق كل منهم في اآلخر‪ ،‬وتجمعهم في الغالب صلة القرابة أو الصداقة‪ ،‬نادية فضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الجزائري‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‪ ،2008،‬ص ‪.188‬‬
‫(‪ -)5‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.185‬‬
‫(‪ -)6‬علي توفيق الحاج‪ ،‬عامر علي الخطيب‪ ،‬إدارة البورصات المالية‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.32‬‬

‫‪76‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫كما يعرف أيضا بأنه‪ ":‬صكوك متساوية القيمية وقابلية للتيداول بيالطرق التجاريية والتيي‬
‫يتمثل فيها حق المساهم في الشركة التيي أسيهم فيي رأسيمالها‪ ،‬ويخيول ليه بصيفته هيذه ممارسية‬
‫(‪)1‬‬
‫حقوقه في الشركة‪ ،‬السيما حقه في الحصول على األرباح‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المشرع الجزائري بشأن تعريف السيهم نجيد قيد اعتبيره بأنيه‪ " :‬كيل سيند‬
‫(‪)3‬‬
‫قابل للتداول تصدره شركة مساهمة(‪ ،)2‬كتمثيل لجزء من رأسمالها"‪.‬‬
‫علييى عكييس التشييريع المصييري الييذي لييم يييرد تعريييف لألسييهم‪ ،‬إال بعييض الفقييه عرفهييا‬
‫بأنهييا‪ ":‬صييكوك تمنحهييا الشييركة نتيجيية االكتتيياب فيهييا‪ ،‬وعرفهييا الييبعض اآلخيير ميين الفقييه بأنهييا‬
‫صكوك لها قيمة اسمية متساوية وقابلية للتيداول بيالطرق التجاريية‪ ،‬وتمثيل الحصيص النقديية أو‬
‫(‪)4‬‬
‫العينية التي يقدمها المساهمون للشركة‪.‬‬
‫وعلى هذا يصبح السهم هو القيمة المالية في رأس المال التيي تعبير عين حصية الشيريك‬
‫في رأس مال الشركة المساهمة‪.‬‬
‫فييي حييين ذهييب جانييب ميين الفقييه إلييى أن السييهم ه يو‪ ":‬صييك يثبييت لصيياحبه الحييق فييي‬
‫الحصول على حصة شائعة في ملكية باقي أصول شركة مساهمة‪ ،‬أو شيركة التوصيية باألسيهم‬
‫بحسب األحوال‪ ،‬ويضيمن الحيق فيي الحصيول عليى حصية مين أربياح الشيركة تتناسيب ميع ميا‬
‫(‪) 5‬‬
‫يمتلكه من أسهم‪ ،‬وتكون ملكية المساهم محددة بمقدار ما يملكه من أسهم‪.‬‬
‫فالسهم إذن حق المساهم فيي شيركة األميوال‪ ،‬وهيو الصيك اليذي يثبيت هيذا الحيق القابيل‬
‫للتييداول وفقييا لقواعيييد القييانون التجيياري‪ ،‬ويمثيييل حييق المسيياهم فيييي االشييتراك فييي الجمعييييات‬
‫العمومية‪ ،‬وحق التصويت فيهيا‪ ،‬وحيق االنتخياب‪ ،‬حيق األولويية فيي االكتتياب عنيد زييادة رأس‬
‫المال‪ ،‬كما أنه يعطي حق الحصول على جزء من أرباح الشركة عند تصفيتها بسبب االنقضاء‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أنواع األسهم‬
‫تتنوع األسهم تبعا لطبيعتها‪ ،‬ويمكن تقسيم األسيهم إليى ثيالث أقسيام رئيسيية تتفيرع عنهيا‬
‫أقسام فرعية‪:‬‬
‫‪ ‬أسهم من حيث طبيعة الحصة المقدمة‬
‫تنقسم األسهم بهذا االعتبار إلى قسمين‪:‬‬

‫(‪ - )1‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬تداول األوراق المالية " دراسة قانونية مقارنة"‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،2009 ،‬ص ‪.67‬‬
‫(‪ - )2‬جاء تعريف شركة المساهمة في المادة ‪ 592‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 08-93‬المؤرخ في ‪ 25‬أبريل ‪1993‬‬
‫والمتضمن القانون التجاري المعد ل والمتمم بأنها‪ :‬شركة التي ينقسم رأس مالها إلى أسهم‪ ،‬وتتكون من شركاء ال يتحملون‬
‫الخسائر إال بقدر حصتهم‪ ،‬وال يمكن أن يقل عدد الشركاء عن سبعة‪.‬‬
‫(‪ -)3‬أنظر المادة ‪ 715‬مكرر ‪ 40‬من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬
‫(‪ - )4‬صالح السيد جودة‪ ،‬بورصة األوراق المالية علميا وعمليا‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة ومطبعة اإلشعاع الفنية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2000 ،‬ص‬
‫‪.17‬‬
‫(‪ - )5‬محمد يوسف ياسين‪ ،‬البورصة " عمليات البورصة‪ ،‬تنازع القوانين‪ ،‬اختصاص المحاكم"‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2004 ،‬ص‪.43‬‬

‫‪77‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ -‬األسهم النقدية‬
‫السهم النقدي هو السهم الذي يمثل حصة نقدية في رأس مال شركة المساهمة‪ ،‬إذ يدفع‬
‫المكتتب قيمته نقدا‪ ،‬ويجيز قانون الشركات الوفاء بقيمته على أقسام‪ ،‬حيث ال يقل القسم الواجب‬
‫سداده عند االكتتاب عن ربع القيمة االسمية‪ ،‬ويجوز تداول هذا النوع من األسهم ويكون جميع‬
‫(‪)1‬‬
‫من تداول بينهم السهم مسؤولين بالتضامن عن سداد الجزء الذي لم يسدد بعد قيمته‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد حدد المشرع الجزائري نوعية األسهم النقدية تحديدا دقيقا‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫(‪)2‬‬
‫أسهما نقدية‪:‬‬
‫‪ -‬األسهم التي تم وفاؤها نقدا أو عن طريق المقاصة‪.‬‬
‫‪ -‬األسهم التي تصدر بعد ضمها إلى رأس المال االحتياطي أو األرباح أو عالوة اإلصدار‪.‬‬
‫‪ -‬األسهم التي يتكون مبلغها في جزء منه نتيجة ضمه إلى االحتياطات أو الفوائد أو عالوة‬
‫اإلصدار‪ ،‬وفي جزء منه عن طريق الوفاء نقدا‪ ،‬على أن يتم وفاؤها عند االكتتاب‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ويشترط في السهم النقدي الذي يكون حصة في رأسمال الشركة عدة شروط منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون معلوما‪ ،‬فال تصح الشركة على مال مجهول‪ ،‬ويشترط فيه أن يكون معلوما قدرا‬
‫وجنسا وصفة‪ ،‬دفعا لجهالة الربح‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون السهم مشتمال على الغرر‪ ،‬لئال يؤدي ذلك إلى التنازع واالختالف‪.‬‬
‫‪ -‬األسهم العينية‬
‫السهم العيني يمثل حصة عينية في رأس مال الشركة‪ ،‬وتصدر الشركة األسهم العينية مقابل‬
‫أصول عينية ( عقارات‪ ،‬آالت‪ ،‬بضاعة‪ )...‬يقدمها المكتتب وتخضع األسهم العينية لنفس قواعد‬
‫األسهم النقدية‪ ،‬وتختص بوجوب تقييم الحصة العينية والتأكد من صحة هذا التقييم‪ ،‬حتى يصل‬
‫مقدم الحصة على أسهم تناسب قيمتها االسمية مع القيمة الحقيقية للحصة المقدمة‪ ،‬ويجب الوفاء‬
‫بقيمة األسهم العينية بالكامل عن االكتتاب‪ ،‬وال يجوز تداول هذه األسهم قبل نشر ميزانية‬
‫(‪) 4‬‬
‫الشركة‪ ،‬وحساب األرباح والخسائر‪.‬‬
‫وعليه فاألسهم العينية هي التي تمثل حصصا عينية في رأس مال الشركة يجب الوفاء‬
‫بقيمتها كاملة عند التأسيس خالفا لما هو حاصل بالنسبة لألسهم النقدية السابق توضيحها‪.‬‬
‫‪ ‬أسهم من حيث نوع الحقوق‬
‫مبدئيا تتمتع كل األسهم بنفس الحقوق‪ ،‬لكن يمكن أن تنشأ في بداية حياة الشركة أو‬
‫خالل تواجدها أسهم تتمتع بحقوق ال تتمتع بها األسهم العادية‪ ،‬وعليه تنقسم األسهم من حيث‬
‫الحقوق إلى قسمين‪:‬‬

‫(‪ - )1‬ريان هاشم حمدون‪ ،‬التنظيم القانوني للتداول االلكتروني لأل وراق المالية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬األزاريطة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ -)2‬أنظر المادة ‪ 715‬مكرر ‪ 41‬من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬
‫(‪ - )3‬نادية فضيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.190‬‬
‫(‪ -)4‬وليد محمد على كرسون‪ ،‬أحكام محافظ األوراق المالية االستثمارية " دراسة مقارنة"‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2011،‬ص ‪.54‬‬

‫‪78‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ -‬األسهم العادية‬
‫هي النوع األول من األسهم التي تطرحها الشركة وتعطي لصاحبها حقوق المساهم العادية‬
‫دون أن تكون له أي امتيازات أو أولويات إضافية سواء في األرباح أو التصويت على الحقوق‬
‫عند التصفية‪.‬‬
‫‪-‬األسهم الممتازة‬
‫هي شهادات تصدرها الشركات للتزود برؤوس األموال عند الحاجة‪ ،‬مثلها في ذلك مثل‬
‫األسهم العادية‪ ،‬إذ تمثل هي األخرى ملكية المساهم الممتاز لجزء من الشركة يتوقف ذلك‬
‫الجزء على ما بحوزته من تلك األسهم‪ ،‬كما أن للسهم الممتاز قيمة اسمية قيمة دفترية وأخرى‬
‫(‪) 1‬‬
‫سوقية وليس له تاريخ استحقاق‪.‬‬
‫ويختلف المساهم العادي عن المساهم الممتاز في كون أن لهذا األخير األولوية في‬
‫الحصول على األرباح المقررة للتوزيع‪ ،‬وكذا األسبقية في استرجاع أمواله المستثمرة عند‬
‫تصفية الشركة‪ ،‬وله أيضا الحق في أرباح سنوية تحدد بنسبة مئوية من القيمة االسمية للسهم‪،‬‬
‫أما إذا لم تحقق الشركة أرباحا فهي غير ملزمة بدفع تلك النسبة وأكثر من هذا فإنه في حالة‬
‫تحقيق أرباح ورأت اإلدارة أنه من مصلحة الشركة عدم توزيع األرباح في تلك السنة‪ ،‬فإنه ال‬
‫(‪)2‬‬
‫يتم توزيعها على نوعين من األسهم العادية والممتازة‪.‬‬
‫‪ ‬تقسيم األسهم بحسب شكلها‬
‫‪ -‬األسهم االسمية‬
‫هي األسهم التي يدور فيها اسم المالك وثبت ملكيته للسهم بقيد اسمه في سجل المساهمين‬
‫لدى الشركة التي أصدرت تلك األسهم‪ ،‬ويتم تداول هذا النوع من األسهم أي التنازل عن ملكية‬
‫(‪)3‬‬
‫السهم االسمي بطريق تغيير القيد في سجل الشركة‪.‬‬
‫والسهم االسمي هو الذي يصدر باسم شخص معين وتثبت ملكيته عن طريق قيد اسم‬
‫المساهم في دفاتر الشركة(‪ ،)4‬ويتم نقل ملكية األسهم االسمية بعد إتمام قيدها في سوق القيم‬
‫المنقولة وفق للوسائل المعدة لذلك‪ ،‬وبالنسبة لألسهم االسمية غير المقيدة في البورصة فيتم نقل‬
‫(‪)5‬‬
‫ملكيتها بقيدها في دفاتر الشركة ويحرر لصاحب الشأن ما يفيد انتقال الملكية‪.‬‬

‫(‪ - )1‬جبار محفوظ‪ ،‬سلسلة التعريف بالبورصة " األوراق المالية المتداولة في البورصات واألسواق المالية‪:‬ج‪ ،2‬ط ‪ ،1‬دار‬
‫هومة للطباعة والنشر‪ ،‬الجزائر‪ ( ،‬د س ن)‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ - )2‬سيف شعراوى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫(‪ - )3‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ -)4‬المادة ‪ 715‬مكرر‪ 34‬من القانون التجاري الجزائري ‪":‬تكتسي القيم المنقولة التي تصدرها شركات المساهمة تشكل سندات‬
‫للحامل أو سندات اسمية ويمكن أن يفرض الشكل االسمي للقيم المنقولة عن طريق أحكام قانونية وأحاكم القانون األساسي"‬
‫(‪ -)5‬محمد العريني‪ ،‬محمد السيد الفقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬

‫‪79‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪-‬األسهم لحاملها‬
‫األسهم لحاملها هي األسهم التي ال يكتب عليها اسم مالكها وتنتقل ملكيتها بمجرد المناولة‬
‫وتسري عليها قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية‪ ،‬بمعنى أن الحق الثابت في السهم يندمج‬
‫(‪) 1‬‬
‫في الصك ذاته فتصبح حيازته دليال على الملكية‪.‬‬
‫وقد أجاز المشرع الجزائري في القانون التجاري إصدار أسهم لحاملها إلى جانب األسهم‬
‫االسمية وهذا بصريح نص المادة ‪ 715‬مكرر ‪ 34‬في فقرتها األولى(‪ ،)2‬كما أشار المشرع‬
‫الجزائري في نص المادتين ‪ 715‬مكرر ‪ 37‬والمادة ‪ 715‬مكرر ‪ 38‬إلى أن نقل ملكية األسهم‬
‫لحاملها ال يتم بمجرد التسليم باليد‪ ،‬وإنما بمقتضى أمر تحويل من حساب إلى حساب بناء على‬
‫(‪)3‬‬
‫أمر يوجه إلى الوسيط المالي بنك أو مؤسسة مالية‪.‬‬
‫‪ -‬األسهم ألمر‬
‫السهم ألمر هو الصك أو السند الذي يصدر ألمر شخص معين ويتم تداوله عن طريق‬
‫التظهير لكن نادرا ما يصدر السهم ألمر شخص معين‪ ،‬فالمتعامل به هي األسهم االسمية‬
‫(‪)4‬‬
‫واألسهم لحاملها‪.‬‬
‫ويعتبر هذا النوع من األسهم أكثر ضمانا من األسهم لحاملها‪ ،‬حيث يقوم مالكها عند التنازل‬
‫عنها بتظهيرها بالكتابة على ظهر الصك‪ ،‬بما يفيد نقل ملكيتها كالسندات التجارية دون الحاجة‬
‫(‪)5‬‬
‫إلى الرجوع للشركة‪.‬‬
‫‪ -2‬السندات‬
‫تعد السندات من أهم وأقدم األوراق المالية التي أوجدتها ضرورات التعامل التجاري‬
‫وعليه سيتم تحديد تعريف السندات‪ ،‬وبيان خصائصها‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريف السندات‬
‫أورد الفقه تعريفات عديدة للسندات تبعا الختالف النظر إلى هذه السندات فمنهم من عرفها‬
‫على أنها‪ " :‬صكوك متساوية القيمة وقابلة للتداول تمثل قرضا طويل األجل يعقد عن طريق‬
‫(‪)6‬‬
‫االكتتاب العام"‪.‬‬
‫وعرف السند أيضا بأنه‪ " :‬صك قابل للتداول تصدره الشركة ويتعلق بقرض طويل‬
‫األجل يعقد عادة عن طريق دعوة الجمهور لالكتتاب ويعطي صاحبه الحق في استيفاء الفوائد‬
‫(‪)7‬‬
‫السنوية‪ ،‬وفي استرداد قيمته عند حلول األجل وفي وقت تعينه الشركة"‪.‬‬

‫(‪ -)1‬خالد أحمد سيف شعراوى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬


‫(‪ - )2‬أنظر المادة ‪ 715‬مكرر ‪ 34‬فقرة (‪ )01‬من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬
‫(‪ -)3‬أنظر المادتين ‪ 715‬مكرر ‪ 715 ،37‬مكرر ‪ 38‬من نفس القانون‪.‬‬
‫(‪ - )4‬نادية فضيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫(‪ - )5‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫(‪ – )6‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫(‪ -)7‬وليد محمد على كرسون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.101‬‬

‫‪80‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫كما عرف السند بأنه‪ " :‬شهادة تثبت دينا على الشركة أو الحكومة أو الجماعات المحلية‬
‫المصدرة للسند مقابل أن يحصل صاحب السند على فائدة سنوية ثابتة‪ ،‬كما أنه يستطيع‬
‫استرجاع المبلغ األصلي للهيئة المصدرة للسند إذا احتفظ به إلى غاية تاريخ االستحقاق فيمكنه‬
‫(‪)1‬‬
‫بيع تلك السندات في البورصة"‪.‬‬
‫وهناك من يعرف السند على أنه‪ " :‬صك متساوي القيمة قابل للتداول بالطرق التجارية‬
‫وغير قابل للتجزئة‪ ،‬يمثل قرضا جماعيا طويل األجل يعقد عن طريق االكتتاب العام ويجري‬
‫العمل على أن تصدر السندات في شكل شهادات اسمية أو لحاملها قابلة للتداول ويوقع عليها‬
‫(‪) 2‬‬
‫من مجلس اإلدارة"‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها ‪ C .O.S.O.B‬نجدها عرفت‬
‫السند كما يلي‪" :‬سند الدين هو سند مالي قابل للتداول‪ ،‬يجسد التزام مقرض إزاء مقرض يضع‬
‫في مقابل ذلك أمواال تحت تصرفه ويتجسد هذا االلتزام بموجب عقد إصدار يحدد خصائص‬
‫(‪)3‬‬
‫االقتراض وكيفيات تسديد األموال وطريقة مكافأة المقرض"‪.‬‬
‫وعلى هذا يصبح السند عبارة عن صك مديونية يثبت لحامله حق اقتضاء ما قدمه من‬
‫أموال على سبيل القرض‪ ،‬كما يثبت حقه في الحصول على الفوائد التي تترتب على هذه‬
‫المديونية في المواعيد المحددة في الصك ويكون هذا الصك قابل للتداول وتكون هذه الصكوك‬
‫متساوية القيمة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬خصائص السندات‬
‫كما هو الشأن بالنسبة لبقية األوراق المالية‪ ،‬فإن للسندات خصائص مميزة نذكر أهمها فيما‬
‫(‪)4‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬السندات هي فئة من األوراق المالية ذات دخل ثابت‪ ،‬إذ تدفع الفوائد لحملة السندات سنويا‬
‫سواء حققت الشركة أرباحا أو خسائر‪.‬‬
‫‪ -‬السندات‪ ،‬وثائق تمثل اتفاقا بين الشركة المصدرة ( الحكومة) وبين المستثمرين( المدخرين‬
‫من جمهور ومؤسسات مالية) تلتزم بمقتضاه الشركة أو الحكومة بإرجاع قيمة القرض‪ ،‬أي‬
‫القيمة االسمية للسندات المصدرة في فترة محددة على قسيمة السند‪ ،‬أي تاريخ االستحقاق‪،‬‬
‫فعلى الهيئة المصدرة ادخار جزء من أرباحها سنويا يسمح لها في نهاية تلك الفترة من‬
‫تسديد ما عليها من ديون في شكل سندات مصدرة‪.‬‬

‫(‪ - )1‬حريزي رابح‪ ،‬البورصة واألدوات محل التداول فيها‪ ،‬دار بلقيس‪ ،‬الجزائر‪ ( ،‬د س ن )‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ -)2‬محمد يوسف ياسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫(‪ - )3‬حريزي رابح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ - )4‬شمعون شمعون‪ ،‬البورصة " بورصة الجزائر"‪ ،‬دار أطلس للنشر‪ ( ،‬د ب ن )‪ ( ،‬د س ن )‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫أنظر أيضا‪ - :‬جبار محفوظ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -‬وعصام أحمد البهجى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 222‬‬

‫‪81‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ -‬السند يكون محدد بوقت‪ ،‬وبالتالي يحصل صاحبه على قيمة سنده وفوائده في التاريخ الذي‬
‫حدد له دون النظر إلى تصفية الشركة‪ ،‬وتختلف مدة السند أقصرها تسعون يوما وبعضها‬
‫يمتد إلى مئة عام‪.‬‬
‫‪ -‬يمثل السند دينا على الشركة‪ ،‬فإذا أفلست أو قامت بأعمال تضعيف التأمينات الخاصة‬
‫الممنوحة من قبلها لحملة السند سقط أجل الدين واشترك حامل السند مع باقي الدائنين‬
‫للشركة‬
‫‪ -‬ال يحق لحملة السند التدخل في الدعاوى القائمة ما بين الشركة والغير‪ ،‬ما لم يكونوا‬
‫حائزين على تأمينات خاصة يخشى عليها من نتيجة الدعوى القائمة‪.‬‬
‫‪ -‬لحامل السند حق األولوية في استيفاء قيمة السند عند التصفية‪.‬‬
‫‪ - 3‬حصص التأسيس‬
‫حصص التأسيس أو حصص األرباح هي صكوك تعطي الحق في الحصول على‬
‫نصيب من أرباح الشركة دون أن يقابلها تقديم حصة في رأس المال‪ ،‬وتمنح حصص التأسيس‬
‫(‪) 1‬‬
‫عادة لمكافأة خدمات أداء المؤسسون للشركة‪.‬‬
‫كما عرفها البعض بأنها‪ ":‬صكوك قابلة للتداول ليس قيمة اسمية تخول حامليها الحق‬
‫في الحصول على نسبة من األرباح‪ ،‬وتمنح ألشخاص قدموا خدمات ومساعدات للشركة‬
‫(‪)2‬‬
‫ساعدت على تأسيسها"‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وتتميز حصص التأسيس بعدة خصائص تميزها عن غيرها من األوراق المالية وهي‪:‬‬
‫‪ -‬حصص التأسيس ال تدخل في تكوين رأس مال الشركة‪ ،‬وذلك لعدم وجود ما يقابلها من‬
‫رأس مال مقدم للشركة إذ تعطي ألصحابها مقابل ما قدموه من خدمات أو ما بذلوه من‬
‫مجهودات ساعدت في تأسيس الشركة‪ ،‬وذلك بخالف األسهم التي تمثل حصة نقدية أو‬
‫عينية في رأس مال الشركة‪.‬‬
‫‪ -‬حصص التأسيس صكوك اسمية أو لحاملها‪ ،‬ولكن ليست لها قيمة اسمية‪.‬‬
‫‪ -‬حصص التأسيس قابلة للتداول وفقا لتداول أسهم الشركة العادية فيحق لصاحبها بيعها‬
‫والتنازل عنها‪.‬‬
‫‪ -‬حصص التأسيس قابلة لإللغاء من قبل الشركة‪ ،‬وذلك لعدم مشاركة حامليها في رأس مال‬
‫الشركة‪ ،‬إذا قررت الشركة إلغائها فإن ذلك يكون مقابل تعويض تحدده لجنة التقدير في‬
‫الشركة وبعد مضي ثلث مدة الشركة‪.‬‬

‫(‪ -)1‬محمد فريد العريني‪ ،‬محمد السيد الفقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.260‬‬
‫(‪ -)2‬خالد أحمد سيف شعراوي‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ – )3‬محمد فريد العريني‪ ،‬محمد السيد الفقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.281‬‬
‫‪ -‬أنظر أيضا‪ :‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.391‬‬

‫‪82‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ -‬ال تستحق حصص التأسيس أية أرباح إذا لم تحقق الشركة أرباح صافية بالفعل‪ ،‬وذلك‬
‫بخالف السندات التي تمثل دينا على الشركة‪ ،‬وبالتالي يستحق حامل السند عائده سواء‬
‫توفرت األرباح أو لم تتوفر‪.‬‬
‫‪ -‬ال تخول حصص التأسيس أصحابها أي حق في إدارة الشركة أو االشتراك في التصويت‬
‫في الجمعيات العمومية للشركة بخالف األمر بالنسبة لألسهم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬وسطاء التداول في البورصة‬
‫تقوم أعمال البورصة على تداول األوراق المالية عن طريق الوسطاء الماليين‪ ،‬لذلك‬
‫نجد القانون قد أناط هذه المهنة ألشخاص ذو خبرة واختصاص في مجال األوراق المالية حيث‬
‫يقوم المدخرون الذين يرغبون باالستثمار في القيم المنقولة باللجوء إلى فئة الوسطاء لتوكيلهم‬
‫بمهمة إبرام الصفقات والعمليات داخل البورصة وعليه سيتم التطرق من خالل هذا العنصر‬
‫إلى تعريف الوسيط المالي وبيان شروط وإجراءات اعتماده وكذا دوره في عمليات البورصة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الوسيط المالي‬


‫تعددت تعريفات الوسيط عند الفقهاء‪ ،‬حيث عرفه البعض‪ ":‬بأنه شخص ذو دراية‬
‫وكفاية في سوق األوراق المالية ويقوم بعقد عمليات بيع وشراء األوراق المالية في بورصة‬
‫األوراق المالية في المواعيد الرسمية‪ ،‬وذلك لحساب الزبائن ومقابل عمولة يتلقاها من البائع‬
‫‪1‬‬
‫والمشتري ويعتبر مسؤوال وضامنا لصحة كل عملية تم تنفيذها بيعا وشراء"‪.‬‬

‫المالحظ على هذا التعريف أنه لم يحدد طبيعة الوسيط هل هو من األشخاص الطبيعية‬
‫أو المعنوية عند وصفه بمصطلح شخص‪ ،‬كما تم تقييد عمل الوسيط بيع وشراء األوراق المالية‬
‫دون اإلشارة إلى باقي العمليات األخرى المناطة بهم كتقديم االستشارات وغيرها‪.‬‬

‫وعرف أيضا الوسيط بأنه الشخص المكلف دون سواه بتداول (بيع وشراء) األوراق‬
‫المالية والحقوق المرتبطة بها واألدوات المالية بالبورصة‪ ،‬كما يمكن لهم القيام بالعمليات التي‬
‫‪2‬‬
‫لها ارتباط بتلك المهام‪.‬‬

‫المالحظ من التعريف أنه لم يشر هو اآلخر إلى طبيعة الوسيط إن كان شخص طبيعي‬
‫أو معنوي إال أنه لم يقيد عمل الوسيط في مهمة البيع والشراء‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى موقف المشرع الجزائري نجده قد عرف الوسيط في عمليات البورصة‬
‫في نص المادة الثانية من النظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات‬
‫البورصة وواجباتهم ومراقبتهم حيث اعتبره بأنه كل وسيط معتمد يقوم بالتفاوض في القيم‬

‫‪ - 1‬محمد يوسف ياسين‪ ،‬البورصة "عمليات البورصة‪ -‬تنازع القوانين‪ -‬اختصاص المحاكم"‪ ،‬ط‪ ،01‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية بيروت –لبنان‪ ،2004 ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ - 2‬حريزي رابح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.166‬‬

‫‪83‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫المنقولة والمنتجات المالية األخرى القابلة للتداول والحقوق المتعلقة بها لحساب زبائنه أو‬
‫‪1‬‬
‫لحسابه الخاص‪.‬‬

‫كما يمكن للوسيط في عمليات البورصة ممارسة نشاط واحد أو عدة نشاطات مما يأتي‪:‬‬

‫االستشارة في مجال توظيف القيم المنقولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫التسيير الفردي للحافظة بموجب عقد مكتوب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تسيير حافظة هيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫توظيف القيم المنقولة والمنتجات المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ضمان النجاح في المسعى واالكتتاب المضمون في إصدار السندات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التداول للحساب الخاص للوسيط‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حفظ القيم المنقولة وإدارتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إرشاد المؤسسات في مجال هيكلة رأسمال وإدماج وإعادة شراء المؤسسات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أي نشاط آخر تحدده لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وفي هذا الصدد نشير إلى أن المشرع الجزائري كان قد تعرض لمفهوم الوسيط في عمليات‬
‫البورصة‪ ،‬حيث ميز بين الوسيط في عمليات البورصة ذي النشاط غير المحدود وبين الوسيط‬
‫في عمليات البورصة ذي النشاط المحدود في نص المادة ‪ 02‬من النظام رقم ‪ 03/96‬المتعلق‬
‫بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة الملغى بالنظام ‪.01/15‬‬

‫ويقصد بالوسيط في عمليات البورصة ذي النشاط غير المحدود‪ ،‬كل وسيط يمارس إضافة‬
‫إلى مهمة التفاوض المتعلقة بالقيم المنقولة القابلة للتداول في البورصة وبالمنتجات المالية‬
‫‪2‬‬
‫األخرى‪ ،‬أحد النشاطات التالية أو العديد منها‪:‬‬
‫‪-‬عملية شراء أو بيع قيم منقولة لصالحه سواء بصفة رئيسية أو ثانوية‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف القيم المنقولة لحساب الغير‪.‬‬
‫‪ -‬تسيير حافظات للقيم بموجب توكيل‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بسعي مصفقي مرتبط بأحد النشاطات المذكورة أعاله‪.‬‬
‫‪ -‬كل نشاط آخر تحدده لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 02‬ف‪ 01‬من نظام رقم ‪ 01/15‬المؤرخ في ‪ 15‬أفريل ‪ 2015‬والمتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات‬
‫البورصة وواجباتهم ومراقبتهم‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 02‬ف‪ 01‬من نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 03-96‬المؤرخ في ‪ 03‬يوليو ‪ 1996‬المتعلق‬
‫بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ومراقبتهم ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 03‬المؤرخ في ‪.1997/06/01‬‬

‫‪84‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫أما الوسيط في عمليات ذي النشاط المحدود فهو كل وسيط ينوي تحديد نشاطه على‬
‫الوساطة في التفاوض في القيم المنقولة ليس لحسابه الخاص بل لحساب الغير فقط دون إمكانية‬
‫‪1‬‬
‫تقديم خدمات في مجال تسيير حافظات للقيم المنقولة‪ ،‬أو في التوظيف أو السعي المصفقي‪.‬‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 06‬من المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬المعدل بالقانون ‪ 04/03‬فإن‬


‫الوسيط في عمليات البورصة هو شخص معنوي يتخذ صفة بنك أو مؤسسة مالية أو شركة‬
‫‪2‬‬
‫تنشأ خصيصا لغرض ممارسة نشاط الوساطة في البورصة‪.‬‬

‫ونشير هنا إلى أن المشرع الجزائري كان يسمح للشخص الطبيعي بأن يكون وسيطا في‬
‫عمليات البورصة‪ ،‬حيث كانت المادة ‪ 06‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬قبل تعديلها بالقانون‬
‫‪ 04/03‬تنص على أنه يمارس نشاط الوسيط في عمليات البورصة بعد موافقة اللجنة‬
‫األشخاص الطبيعيون أو شركات أسهم منشأة أساسا لهذا الغرض‪.‬‬

‫وقد كانت المادة ‪ 05‬من النظام ‪ 03/96‬السابقة الذكر تحدد الشروط التي يجب أن تتوفر في‬
‫‪3‬‬
‫الشخص الطبيعي لممارسة نشاط الوسيط في عمليات البورصة وتتمثل هذه الشروط في‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون عمره ‪ 25‬سنة على األقل عند تاريخ تقديم الطلب‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتمتع بأخالق حسنة‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتوفر لديه الكفاءة التالية‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون حائزا لشهادة ليسانس في التعليم العالي أو شهادة معادلة لها وأن يكون‬
‫قد تابع بنجاح تكوينا في ميدان تجارة وتسيير القيم المنقولة وكسب تجربة مهنية‬
‫تمنح من وجهة نظر اللجنة تحضير مهني كافي‪.‬‬
‫‪ ‬أن يقدموا طلب اعتماد لدى اللجنة‪.‬‬

‫وبالرجوع لنص المادة‪ 61‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬يمكن وبصفة انتقالية ولمدة‬
‫ال تتجاوز خمس سنوات ابتداء من تاريخ صدور هذا النص‪ ،‬أن تعتمد اللجنة كوسطاء في‬
‫‪4‬‬
‫عمليات البورصة األشخاص المعنويين التابعين لفئات محددة في مرسوم تنفيذي‪.‬‬

‫وتنفيذا لهذه المادة صدر المرسوم التنفيذي رقم ‪ 176/94‬المتضمن تطبيق المادة ‪61‬‬
‫من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬حيث نصت المادة ‪ 02‬منه على أنه يمكن أن تعتمد لجنة تنظيم‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 02‬ف‪ 02‬من النظام ‪ 03/96‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة السابق ذكره‪..‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 06‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 05‬من النظام ‪ 03/96‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة السابق ذكره‪.‬‬
‫‪- 4‬أنظر المادة ‪ 61‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫عمليات البورصة ومراقبتها بصفة انتقالية كوسطاء في عمليات البورصة والبنوك والمؤسسات‬
‫‪1‬‬
‫المالية شركات التأمين المستقرة قانونا في الجزائر وكذا صناديق المساهمة‪.‬‬

‫إذن فالمشرع الجزائري فضل العمل بنظام الشخص المعنوي من أجل ضمان حماية‬
‫السوق‪ ،‬ومن أجل ضرورة تطوير مهنة الوسيط في البورصة للقيام بنشاطات أخرى تعود عليه‬
‫بالفائدة كنشاط تسيير الحافظة أو اإلرشاد في مجال توظيف القيم المنقولة‪.‬‬

‫ويعتبر الوسيط في البورصة ذو هيكل وشكل تجاري فقط الشركات الجارية تستطيع أن‬
‫تمارس نشاط الوساطة في عمليات على غرار البنوك‪ 2،‬وال تعتبر تاجرة فقط من حيث شكلها‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وإنما من حيث موضوعها كذلك‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫أما بالنسبة للتشريعات المقارنة فلم يتطرق المشرع المصري لتعريف الوسطاء الماليين‪،‬‬
‫وال المشرع الفرنسي بل اكتفى هذا األخير بتوضيح خدمات االستثمار حيث عرفها بأنها‬
‫‪5‬‬
‫خدمات تتعلق بالتعامل في األدوات المالية وتشمل‪:‬‬
‫‪ -‬تلقي وتحويل األوامر لحساب الغير‪.‬‬
‫‪ -‬تنفيذ األوامر لحساب الغير‪.‬‬
‫‪ -‬التداول واإليجار لحساب الغير‪.‬‬
‫‪ -‬إدارة محافظ األوراق المالية‪.‬‬
‫‪ -‬شراء اإلصدارات‪.‬‬
‫‪ -‬التوظيف في األدوات المالية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط ممارسة نشاط الوساطة في البورصة‪.‬‬
‫العتماد الوسطاء الماليين في عمليات البورصة البد أن تتوفر فيهم شروط خاصة وهو ما‬
‫سيتم التطرق إليه‪.‬‬

‫‪ - 1‬شخص معنوي لديه المالئمة‬


‫كما سبق اإلشارة إليه سابقا إلى أن المشرع الجزائري كان يجيز أن يكون األشخاص‬
‫الطبيعية وسطاء في البورصة بعد اعتمادهم من طرف ل‪.‬ت‪.‬ع‪.‬ب‪.‬م ولكن بعد التعديل‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 176-94‬مؤرخ في ‪ 13‬يونيو ‪ 1994‬المتضمن تطبيق المادة ‪ 61‬من المرسوم‬
‫التشريعي رقم ‪ 10/93‬والمتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 83‬من األمر ‪ 04/10‬المؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪ 2010‬المتضمن قانون النقد والقرض المعدل والمتمم "يجب أن تؤسس‬
‫البنوك والمؤسسات المالية الخاضعة للقانون الجزائري في شكل شركات مساهمة‪"...‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 02‬من القانون التجاري الجزائري‪" :‬يعد عمال تجاريا بحسب موضوعه بكل عملية توسط لشراء وبيع العقارات أو‬
‫المحاالت التجارية أو القيم المنقولة"‬
‫‪ - 4‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫‪ - 5‬مازن محمد رضا المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬

‫‪86‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫التشريعي بالقانون ‪ 04/03‬حصر ممارسة نشاط الوساطة المالية في الشركات التجارية التي‬
‫تنشأ خصيصا لهذا الغرض والبنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬

‫واشترط أن يكون الوسطاء أشخاص معنوية فيه ضمان وحماية المستثمرين المتعاملين‬
‫حيث يجب أن يتمتع الوسطاء بمالئمة مالية معينة يستطيعون من خاللها الوفاء بهذه االلتزامات‬
‫وهذا االلتزام يستوجب ما يلي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬توفير أعوان مؤهلين للتداول في األوراق المالية‬


‫بما أن الوسطاء الماليين هم أشخاص معنوية بالضرورة كان البد من تعيين من ينوب‬
‫عنهم في التداول وإبرام التصرفات المختلفة داخل البورصة‪ ،‬حيث اشترط المشرع الجزائري‬
‫‪1‬‬
‫في الشخص الراغب في ممارسة نشاط الوساطة المالية جملة من الشروط تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬أن يبلغ من العمر ‪ 25‬سنة على األقل‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتمتع بأخالق حسنة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون حائزا على شهادة في التعليم العالي أو شهادة معادلة لها‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون ناجحا في امتحان الكفاءة المهنية المنظم من طرف اللجنة‪.‬‬
‫يدرج طلب تسجيل المترشح حسب الكيفيات المحددة من طرف اللجنة وسلم بطاقة‬
‫‪2‬‬
‫مهنية من طرف اللجنة لألشخاص الذين توفرت فيهم شروط التسجيل‪.‬‬

‫ب ‪ -‬التفرغ لنشاط الوساطة‬


‫خولت القوانين المتعلقة بالبورصة مهمة الوساطة المالية إلى فئة معينة من خبراء في‬
‫المجال الذي تتوفر فيهم الشروط الالزمة‪ ،‬لذلك أكد المشرع على مسألة التفرع لنشاط‬
‫الوساطة‪ ،‬فبالرجوع إلى المادة ‪ 06‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬نجد أن المشرع الجزائري‬
‫قد حصر نشاط الوساط ة في الشركات ذات أسهم والتي أنشأت لهذا الغرض أي التفرغ لنشاط‬
‫الوساطة وحتى بعد تعديله لنص المادة ‪ 06‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬بموجب القانون‬
‫‪ 04/03‬أبقى على مبدأ التفرع للوساطة رغم استبدال شركات األسهم بالشركات التجارية‪ ،‬وما‬
‫يعاب على ذلك أن المشرع بنصه على التفرغ لنشاط الوساطة للشركات التجارية فإن ذلك‬
‫يعتبر بمثابة قيد بالنسبة للبنوك والمؤسسات المالية التي تمارس نشاط الوساطة‪ ،‬فهي تمارس‬
‫نشاطها األساسي المتمثل في النشاط المصرفي ولها دور هام في حركة األسواق المالية‪ ،‬فال‬
‫يمكن تطبيق مبدأ التفرع في مواجهتها وإقصائها من ممارسة نشاط الوساطة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 03‬من النظام رقم ‪ 02-97‬المتعلق شروط تسجيل األعوان المؤهلين للقيام بتداول القيم المنقولة في البورصة‪،‬‬
‫ج‪.‬ر العدد ‪ 87‬الصادر في ‪.1997/12/29‬‬
‫‪ - 2‬انظر المادة ‪ 04‬من نفس النظام‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ج ‪ -‬أصناف الشخص المعنوي‬


‫بموجب التعديل التشريعي للمرسوم التشريعي ‪ 10/93‬بالقانون رقم ‪ 04/03‬المتعلق‬
‫ببورصة القيم المنقولة‪ ،‬نجد المشرع الجزائري حصر ممارسة نشاط الوساطة من طرف‬
‫الشخص المعنوي في األصناف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الشركات التجارية التي تنشأ خصيصا لهذا الغرض‬


‫وسع المشرع الجزائري من الشركات التجارية التي تمارس نشاط الوساطة المالية‬
‫وبالتالي يأخذ شكل شركات الوسطاء كل أنواع الشركات باستثناء شركة المحاصة ألنها شركة‬
‫غير ظاهرة مستترة‪ 1،‬فبالرغم من الطابع التجاري لهذه الشركات التجارية إال أن المشرع قد‬
‫خص ها بتنظيم خاص وجعلها مستقلة عن القانون التجاري حيث يتولى تنظيمها القانون‬
‫المصرفي‪ ،‬وهو ما يستفاد في نص المادة ‪ 05‬من النظام ‪ ،01/15‬حيث يؤكد المشرع‬
‫الجزائري وبطريقة غير مباشرة على الشروط الالزم توافرها لمنح االعتماد بالنسبة للشركات‬
‫التجارية المرخص لها ممارسة مهنة الوساطة‪.‬‬

‫‪ ‬البنوك‬
‫هي شركات تجارية في شكل شركة مساهمة تنصب عملياتها الرئيسية على تجميع‬
‫النقود الفائضة عن حاجة الجمهور ومنشئات األعمال بغرض إقراضها لآلخرين‪ ،‬كما تعتبر‬
‫من أهم الوسطاء الماليين وذلك راجع ألصل عملها الطبيعي والتقليدي‪ ،‬الذي يتمثل في‬
‫‪2‬‬
‫الوساطة بين طائفتين من األفراد المقرضين والمقترضين‪.‬‬

‫‪ ‬المؤسسات المالية‬
‫لم يعرفها المشرع الجزائري بل اكتفى باإلشارة إليها من خالل وظيفتها في نص المادة‬
‫‪ 71‬من األمر‪ 11/03‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬حيث أشار إلى أنه ال يمكن للمؤسسات المالية‬
‫تلقي األموال من العموم وال إدارة وسائل الدفع أو وضعها تحت تصرف زبائنها وبإمكانها‬
‫‪3‬‬
‫القيام بسائر العمليات األخرى‪.‬‬

‫ويتخذ شكل شركة الوساطة المالية كما سبق اإلشارة البنوك والمؤسسات المالية الذي‬
‫يوجد على مستواها قسم مستقل للوساطة في عمليات البورصة‪ 4،‬نظرا لعدم خضوعها‬

‫‪ - 1‬حدد المشرع الجزائري أنواع الشركات في المادة ‪ 544‬من القانون التجاري والتي نصت "يحدد الطابع التجاري للشركة‬
‫إما بشكلها أو بموضوعها تعد شركات التضامن وشركات التوصية والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات المساهمة‬
‫التجارية بحكم شكلها ومهما يكن موضوعها‪.‬‬
‫‪ - 2‬حريزي رابح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.166‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 71‬من األمر ‪ 11/03‬المؤرخ في ‪ 2003/08/26‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬ج‪.‬ر العدد رقم ‪ 52‬صادر في‬
‫‪ 2003/08/27‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 60‬من نظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم‪ ،‬السابق ذكره ‪" :‬على‬
‫البنوك والمؤسسات المالية التي تقدم طلب العتمادها من أجل ممارسة نشاط الوساطة في عمليات البورصة تبرير وجود قسم‬

‫‪88‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫لحصرية النشاط الذي تنشأ ألجله بل يعتبر نشاطها األساسي مختلف األنشطة المصرفية التي‬
‫تخضع من خاللها لقانون النقد والقرض عكس شركات ذات أسهم تنشأ خصيصا لهذا الغرض‪.‬‬

‫أما رأس مالها توافق ل‪.‬ت‪.‬ع‪.‬ب‪.‬م على منح الترخيص لمزاولة مهنة الوساطة المالية‬
‫بعد تقديم الضمانات الكافية خاصة فيما يتعلق بتكوين رأس مال شركة الوساطة حيث نصت‬
‫المادة‪ 05‬ف‪ 02‬من النظام ‪ 01-15‬على ضرورة امتالك رأس مال اجتماعي حد أدنى قدره‬
‫عشرة ماليين دينار ‪ 10.000.000‬دج يدفع كليا ونقدا‪ 1،‬أو إخضاع رأس مال الشركة لمقاييس‬
‫‪2‬‬
‫تحددها اللجنة‪.‬‬

‫ولممارسة نشاط الوساطة يجب أن تكون حيازة مقر الشركة في الجزائر لتتمكن من‬
‫طلب االعتماد لمباشرة نشاطها‪ ،‬لحماية السوق من الشركات الوهمية أما الشركات األجنبية‬
‫الراغبة في الحصول على االعتماد من اللجنة لممارسة نشاط الوساطة في السوق الجزائرية‬
‫‪3‬‬
‫يجب أن تثبت وجود فرع لها بالجزائر‪.‬‬

‫‪ - 2‬تقديم التأمينات واالكتتاب ودفع اشتراكات صندوق الضمان‬


‫وتتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬تقديم التأمينات الالزمة‬


‫زيادة على اشتراطه أن يكون الوسطاء أشخاصا معنوية لديها المالئمة المالية اشترط‬
‫المشرع الجزائري على الوسطاء االكتتاب في عقد تأمين ضد مخاطر ضياع وتلف األموال‬
‫واألوراق المالية‪ 4‬وهو ما أكدته المادة ‪ 09‬ف‪ 01‬من النظام ‪ 5،01/15‬بإدراجها شرط إرفاق‬
‫وثائق إثبات الضمانات المطلوبة في المادة ‪ 54‬من هذا النظام‪ ،‬هذه األخيرة التي تنص على‬
‫عقود التأمين تضمن المسؤولية تجاه الزبائن‪ 6،‬زيادة اشترط المشرع الجزائري ضرورة إثبات‬
‫ملكية واستئجار محالت مخصصة لنشاط الوسطاء‪ 7،‬فبرغم من أن الوسطاء الماليين هم‬

‫= مرتبط مباشرة باإلدارة العامة لضمان استقاللية التسيير‪ ،‬السيما المحاسبية‪ ،‬بين نشطات الوساطة في عمليات البورصة‬
‫والنشطات األخرى للبنك أو للمؤسسة المالية"‪.‬‬
‫‪- 1‬أنظر المادة ‪ 05‬ف‪ 02‬من النظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 2‬عند العودة إلى المادة ‪ 06‬من النظام ‪ 03-96‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم الملغى‬
‫بنظام ‪ 01/15‬نجدها تنص على أنه يجب على شركات المساهمة امتالك رأسمال أدنى قدره مليون دينار‬
‫جزائري‪1.000.000‬دج‪ ،‬حيث ارتفعت قيمة رأسمال الشركة إلى ‪10.000.000‬دج مقارنة بنظام السابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬حمليل نوارة‪ ،‬النظام القانوني للسوق المالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 65‬من المرسوم ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ " :‬يتعين على الوسطاء في عمليات‬
‫البورصة‪...‬أن يكتتبوا تأمينا يضمن مسؤوليتهم إزاء زبائنهم"‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 09‬ف‪ 01‬من نظام ‪ 01 /15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 6‬المادة ‪ 54‬من نفس النظام ‪ ":‬يجب على الوسطاء في عمليات البورصة االكتتاب في عقود تأمين تضمن مسؤوليتهم تجاه‬
‫زبائنهم وخاصة ضد محاصر ضياع وإتالف وسرقة األموال والقيم المودعة لديهم من طرف زبائنهم"‪.‬‬
‫‪ - 7‬أنظر المادة ‪ 09‬ف‪ 03‬من نفس النظام‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫بالضرورة شركات تجارية أو بنك أو مؤسسة مالية فهم يخضعون حتما اللتزامات الشركة‬
‫‪1‬‬
‫التجارية‪ ،‬وعلى رأسها وجود مقر اجتماعي‪.‬‬

‫ب‪ -‬االكتتاب في شركة تسيير بورصة القيم ودفع اشتراكات الضمان‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 17‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‬
‫المعدل والمتمم نجد أن المشرع الجزائري نص على أن اعتماد الوسيط في عمليات البورصة‬
‫ال يصبح اعتمادا فعليا إال إذا اقتنى الوسيط أو اكتتب قسطا من رأسمال شركة إدارة بورصة‬
‫‪2‬‬
‫القيم المنقولة‪.‬‬

‫إال أن صدور االعتماد وسريان مفعوله عمليا ال يكون إال بعد االكتتاب في رأسمال‬
‫الشركة دون ربط ذلك باشتراكات صندوق الضمان‪ 3،‬حيث تكتفي في المادة ‪ 13‬من نظام‬
‫‪ 01/15‬بالنص على أال يصبح االعتماد فعليا إال إذا تم االكتتاب في ش‪.‬ت‪.‬ب‪.‬ق‪.‬م وبعد ذلك‬
‫يعلم من طرف اللجنة بأن االعتماد أصبح نهائيا‪.‬‬

‫وفي حالة عدم الوفاء بهذا االلتزام تستطيع اللجنة القيام بالسحب النهائي لالعتماد أو‬
‫حصره لبعض النشاطات أو إيقافه في حالة ما إذا لم يعد الوسيط في عمليات البورصة يفي‬
‫‪4‬‬
‫بشروط االعتماد المحددة في هذا النظام‪.‬‬

‫ومعنى ذلك أن من صالحيات اللجنة السحب النهائي لالعتماد أو حصره في بعض‬


‫النشاطات أو إيقافه في حالة لم يعد الوسطاء قادرين على الوفاء بشروط االعتماد كدفع‬
‫اشتراكات الصندوق‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حقوق والتزامات الوسطاء الماليين في البورصة‬


‫إن التعامل في البورصة يتم عن طريق الوسطاء الماليين والذين يقومون بإبرام اتفاق‬
‫مع زبائنهم المستثمرين بعد تلقيهم لألوامر إما بالبيع والشراء أو بإحدى العمليتين‪ ،‬ويستلزم‬
‫عليهم تنفيذ هاته األوامر‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 06‬من نظام ‪ 01 /15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم‪ ،‬السابق ذكره‪ " :‬على‬
‫البنوك والمؤسسات المالية التي تقدم طلبا العتمادها من أجل ممارسة نشاط الوساطة في عمليات البورصة تبرير وجود قسم‬
‫مرتبط مباشرة باإلدارة العامة لضمان استقاللية التسيير‪"...‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 17‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 02‬من النظام ‪ 04/03‬المؤرخ في ‪ 09‬سبتمبر ‪ 2004‬والمتعلق بصندوق الضمان" يوجه صندوق الضمان الذي‬
‫ينشأ في شكل حساب مصر في تسيره لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪"...‬‬
‫والمادة ‪ 05‬من نفس النظام " يتعين على الوسيط في عمليات البورصة ماسك الحساب أن يدفع إلى صندوق الضمان كل ستة‬
‫أشهر اشتراكا يحتسب على أساس وضعية الزبون من حيث النقود والسندات‪"...‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 17‬من نظام رقم ‪ 01/15‬المتعلق بشروط إعتماد ال وسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ومراقبتهم السابق‬
‫ذكره‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ولكي يستطيع الوسطاء الماليين القيام بوظيفتهم التي وجدوا من أجلها فقد رتبت األنظمة‬
‫القانونية لبورصة األوراق المالية في الجزائر أحكام عديدة عن التزامات الوسطاء في‬
‫البورصة لحماية المتعاقدين فيه‪ ،‬ومراعاة لمصلحة هؤالء العمالء المستثمرين وحماية لحقوقهم‬
‫بالدرجة األولى‪.‬‬

‫وقبل التطرق للواجبات التي فرضها المشرع الجزائري على الوسطاء في البورصة البد‬
‫من اإلشارة إلى الضمانات والحقوق التي يتمتع بها الوسطاء‪.‬‬
‫‪ -1‬حقوق الوسطاء الماليين في البورصة‬
‫لقد منح المشرع الجزائري للوسطاء الماليين حقوقا وضمانات نتيجة لما يقومون به في‬
‫سبيل مباشرة عملهم‪ ،‬داخل البورصة‪ ،‬أهمها الحق في احتكار عمليات الوساطة والحق في‬
‫العمولة‪ ،‬وضمانات الحق في التنفيذ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الحق في احتكار عمليات الوساطة والحق في العمولة‬


‫الحق في احتكار عمليات الوساطة هو مبدأ قانوني كرس من أجل حماية المصلحة‬
‫العامة وحماية االدخار من خالل ممارسة عمليات البورصة من طرف وسطاء مهنيين‬
‫معتمدين وخاضعين لرقابة الدولة‪ 1،‬حيث يكون هؤالء األشخاص هم الوحيدون المؤهلون‬
‫للتدخل في سوق البورصة للقيام بعمليات معينة تشمل قانونا فقط عمليات التفاوض على القيم‬
‫المنقولة في البورصة‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 05‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬


‫المنقولة نجد المشرع الجزائري قد نص على هذا المبدأ‪ ،‬حيث اشترط أن تتم عملية التفاوض‬
‫التي يكون محلها فيما منقولة مقبولة في البورصة عن طريق أشخاص حددهم القانون يشغلون‬
‫‪2‬‬
‫صفة الوسطاء‪.‬‬

‫فالقانون منح للوسطاء الماليين حق احتكار عمليات تداول القيم المنقولة داخل البورصة‬
‫بموجب عقد الوساطة المبرم مع عمالئهم‪ ،‬باإلضافة إلى احتكارهم في التعامل حول القيم‬
‫المنقولة التي تطرح ألول مرة للتداول‪ ،‬أي التي تكون في سوق اإلصدار وليس سوق التداول‬
‫‪3‬‬
‫حتى خالل اإلصدار واإلدخال ألول مرة في السوق‪.‬‬

‫‪ - 1‬خاضعين لرقابة الدولة أي عن طريق هيئات مكلفة بذلك تتمثل في لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتهم لإلطالع أنظر‬
‫المادة ‪ 37‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 05‬من نفس المرسوم‪ " :‬ال يجوز إجراء أية مفاوضات تتناول قيما منقولة مقبولة في البورصة إال داخل البورصة‬
‫ذاتها وعن طريق وسطاء في عمليات البورصة‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 03‬من النظام رقم ‪ 01-12‬تعدل المادة ‪ 17‬من النظام ‪ 03-97‬المؤرخ في ‪ 18‬نوفمبر‪ 1997‬والمتعلق بالنظام العام‬
‫لبورصة القيم المنقولة " يجب على أي شركة تطلب قبول سنداتها في عمليات التداول في السوق الرئيسية أن تعين وسيطا في‬
‫عمليات البورصة يكلف بمساعدة المصدر في إجراءات القبول واالدخار"‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إال أن هذا الحق ليس مطلق بل ترد عليه استثناءات‪ ،‬حيث نص المشرع الجزائري على‬
‫استثنائيين على مبدأ الحق في االحتكار‪:‬‬
‫‪ ‬التداول خارج البورصة السندات المسعرة في البورصة‪ ،‬في حالة التداول خارج البورصة‬
‫يتوفر شروط معينة‪ 1،‬يجوز للبنوك والمؤسسات المالية الغير مرخص لها بالوساطة في‬
‫عمليات البورصة التداول حول القيم والسندات المسعرة في البورصة التي تصدرها الدولة‬
‫واألشخاص اآلخرين التابعين للقانون العام وكذلك شركات األسهم خارج البورصة وفقا‬
‫إلجراءات التراضي بين المتدخلين في السوق وهم الوسطاء الماليين والبنوك والمؤسسات‬
‫‪2‬‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ ‬تداول السندات الشبيهة للخزينة‪ ،‬بالرجوع إلى المادة ‪ 14‬من النظام ‪ 01-12‬والتي تعدل‬
‫المادة ‪77‬ف‪ 01‬نجد أن المشرع الجزائري قد خرج على مبدأ الحق االحتكار للوسطاء‬
‫الماليين في التداول حول السندات الشبيهة للخزينة حيث نصت المادة على أن عملية قبول‬
‫السندات الشبيهة للخزينة للتداول تتم على مستوى بورصة الجزائر تلقائيا في قسم‬
‫المعامالت بالجملة بطلب من وزير المالية‪ ،‬أي دون الحصول على موافقة لجنة تنظيم‬
‫‪3‬‬
‫عمليات البورصة‪.‬‬

‫أما الحق في الحصول على العمولة فالوسطاء الماليين يتقاضون مقابل العمل الذي يقدموه‬
‫لعمالئهم مبلغا من المال يسمى العمولة وهي ما يتقاضاه الوسطاء الماليين من المستثمرين من‬
‫مبلغ نقدي مقابل قيامهم بتنفيذ األوامر الصادرة إليهم بخصوص األمر المكلفين به بالبيع أو‬
‫الشراء‪ 4،‬والذي من المستلزم أن يتم االتفاق عليه مسبقا في عقد الوساطة ويقع على عاتق‬
‫الوسطاء بصفة إلزامية أن يتأكدوا من وجود هاته العمولة في حسابهم قبل أن يتم تنفيذ األمر‬
‫‪5‬‬
‫الذي كلفوا به‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة‪ 03‬من نظام رقم ‪ 02/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬المتعلق بشروط التداول خارج البورصة للسندات المسعرة‬
‫في البورصة‪ " :‬يتم التداول خارج البورصة على السندات المسعرة في البورصة بالشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن ال يقل مبلغ الصفقة عن حد أدنى تحدده لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬
‫‪ -‬يتم إنجاز صفقة على ألساس القيمة المسعرة األخيرة يضاف إ ليها أو يقتطع منها هامش تحدد نسبته القصوى لجنة تنظيم‬
‫عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 02‬نظام رقم ‪ 02/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬المتعلق بشروط التداول خارج البورصة للسندات‬
‫المسعرة في البورصة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 14‬من نظام ‪ 01-12‬المعدل والمتمم للنظام ‪ 03-97‬والمتعلق بالنظام العام لبورصة الجزائر‪.‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 37‬من نظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم السابق الذكر‪ ":‬يتقاضى‬
‫الوسطاء في عمليات البورصة بعنوان العمليات والخدمات المقدمة للزبائن‪ ،‬عموالت تعلق تعريفاتها داخل محاالت الوسطاء‬
‫أو المتفق عليها تعاقديا مع الزبائن‪.‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 22‬من نفس النظام " يجب على الوسطاء في عمليات البورصة أن يتحققوا‪ ،‬قبل تنفيذ أوامر الزبائن الخاصة‬
‫بالشراء أو البيع وطيلة فترة صالحية األوامر قيد التنفيذ‪ ،‬من وجود مقابل في حساباتهم النقدية أو المالية‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫أما فيما يخص تحديد العمولة‪ ،‬فاألصل العام أنه يتم االتفاق حيث لم يتدخل المشرع في‬
‫تحديد العمولة التي يتقاضها الوسطاء‪ ،‬إنما ترك لهم حرية تحديدها أي أن العمولة تحدد‬
‫‪1‬‬
‫باإلرادة المنفردة للوسطاء ويلزم عليهم بتعليقها داخل محالتهم وبتسليم نسخة للجنة والزبون‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الحق في ضمانات التنفيذ‬


‫ينفذ الوسطاء التزاماتهم القانونية المتبعة في بورصة القيم المنقولة‪ ،‬حيث يمنح لهم القانون‬
‫الحق في الحصول على ضمانات التنفيذ‪ ،‬ألن من حق الوسطاء حماية أنفسهم من عدم تنفيذ‬
‫العمالء اللتزاماتهم أو من نتائج إعسارهم أو إفالسهم وهذه الضمانات إما أن تكون مقررة وفقا‬
‫للقواعد العامة وإما ضمانات خاصة مقررة وفقا لقواعد البورصة‪.‬‬

‫‪ ‬ضمانات التنفيذ الممنوحة للوسطاء وفقا للقواعد العامة‬

‫تتمثل في حق الحبس‪ 2،‬وهي أحد وسائل الضمان العام وهو الحق في الحبس للضمان‬
‫ومضمون هذا الحق في االمتناع عن تسليم الشيء محل الحبس حتى يتمكنوا من استيفاء حقهم‬
‫في العمولة أو المصاريف المستحقة وينقضي الحق في الحبس بقيام العميل بتسديد مستحقات‬
‫‪3‬‬
‫الوسطاء‪.‬‬

‫أما حق االمتياز فهو أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته‪ ،‬وال يكون للدين‬
‫امتياز إال بمقتضى نص قانوني‪ ،‬ومحل هذا االمتياز هي األوراق المالية التي يتم تسليمها إلى‬
‫‪4‬‬
‫الوسطاء‪.‬‬

‫‪ ‬ضمانات التنفيذ الممنوحة للوسطاء وفقا لقواعد البورصة‬


‫باإلضافة إلى الضمانات الممنوحة للوسطاء وفقا للقواعد العامة‪ ،‬فإن قوانين وأعراف‬
‫البورصة تقرر لوسطاء األوراق المالية ضمانات منها‪:‬‬
‫‪ -‬الحق في طلب الغطاء‬
‫يعرف الغطاء بأنه عبارة عن مبلغ من المال أو األوراق المالية التي يسهل تحويلها إلى‬
‫نقود تتسلمها شركة الوساطة من المستثمر ضمانا لتنفيذ هذا األخير اللتزاماته‪ 5،‬ولقد سمحت‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 25‬من النظام ‪ 03-96‬بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة "يكافأ الوسطاء بعنوان العمليات والخدمات‬
‫المقدمة للزبائن عن طريق عموالت تعلق تعريفتها داخل محاالت الوسطاء وتطلع عليها اللجنة"‪.‬‬
‫‪ - 2‬يعرف الحق في الحبس للضمان أنه حق للدائن الذي يكون مدينا ل مدينه في الوقت نفسه باالمتناع عن الوفاء بالتزامه حتى‬
‫ينفذ المدين التزاما ترتب في ذمته بمناسبة التزام الدائن وارتباط به ومضمون هذا الحق في البورصة هو قيام الوسيط بمباشرة‬
‫هذا الحق في الحبس الستفتاء حقه من العميل‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 200‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 982‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 5‬صالح بن إبراهيم عبد هللا التويجري‪ ،‬مسؤولية الوسيط في سوق األوراق المالية في النظام السعودي (دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫(أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه تخصص شريعة وقانون‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض ‪،)2014 ،‬‬
‫ص‪.37‬‬

‫‪93‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ل‪.‬ت‪.‬ع‪.‬ب للوسطاء أن يطلبوا من زبائنهم الغطاء‪ 1،‬أي أن الغطاء بمثابة ضمان لينفذ الزبائن‬
‫التزامهم اتجاه الوسطاء الماليين‪ ،‬وعليه فالوظيفة األساسية الغطاء المالي تتمثل في حماية‬
‫الوسطاء من العمالء الزبائن في حالة إخاللهم بالتزاماتهم إما باالمتناع عن الوفاء بالعمولة أو‬
‫لعجز منهم ‪.‬‬

‫‪ -‬حق التنفيذ على األوراق المالية لديه‬


‫يقصد بالتنفيذ داخل البورصة قيام الوسطاء بعملية عكسية للعملية التي قاموا بها داخل‬
‫البورصة لحساب العمالء فإذا كانت العملية المنجزة تتمثل في شراء القيم المنقولة لحساب‬
‫العمالء ولم يقوموا بالوفاء بثمنها‪ ،‬فللوسطاء إعادة بيعها مرة أخرى داخل البورصة ومن ثمنها‬
‫يوفي االلتزام األول مع الوسيط الذي باعه تلك القيم‪ ،‬ويتحمل العمالء فارق األسعار وكل‬
‫المصاريف في حال كانت قيمة األوراق المباعة أكبر من ثمن شرائها فال يستفيد الزبائن من‬
‫‪2‬‬
‫فارق األسعار‪.‬‬

‫ويعتبر حق التنفيذ في السوق أحد ضمانات الوسطاء في الحصول على حقهم من المستثمر‪،‬‬
‫ويأتي استعمال هذا الحق في حال امتناع أو عجز المستثمر عن الوفاء بالتزاماته‪ 3،‬ووفقا‬
‫للقواعد العامة إذا قام الوسطاء بتنفيذ أوامر المستثمر ولم يوف هذا األخير التزامه سواء بعدم‬
‫دفع الثمن في حالة األمر بشراء األوراق المالية أو عدم تسليم األوراق المالية في حالة األمر‬
‫‪4‬‬
‫ببيعها جاز للوسطاء أن يطلبوا التنفيذ من القضاء أو فسخ العقد‪.‬‬

‫‪ - 2‬التزامات الوسطاء الماليين في البورصة‬


‫بما أن الوسطاء تربطهم عالقة تعاقدية مع زبائنهم بموجب الوكالة الممنوحة لهم فهم‬
‫ملزمون على تنفيذ األوامر‪ ،‬ومن هذه االلتزامات ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 119‬من النظام ‪ 03-97‬المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة ‪ ،‬السابق ذكره‪" :‬يحقق للوسيط المالي في‬
‫البورصة أن يشترط على زبونه تسليم أموال أو سندات قبل إرسال أمره إلى السوق"‪.‬‬
‫‪ - 2‬حمليل نوارة‪ ،‬النظام القانوني للسوق المالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.268‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 121‬من النظام ‪ 03-97‬المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة السابق الذكر‪" :‬تستعمل بقوة القانون النقود‬
‫والسندات المودعة لدى الوسطاء في عمليات البورصة لحساب الزبون في تسديد النقود أو تسليم السندات الناتجة عن التعهدات‬
‫التي عقدها في السوق‪ ،‬وتخصص بقوة القانون كل السندات أو القيم المحتفظ بها تحت حساب أو حسابات األمرين أو الوفاء‬
‫بتعهداته‪.‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 119‬من القانون المدني الجزائري‪ ":‬في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين التزاماته جاز المتعاقد‬
‫اآلخر اعذراه المدين أن يطالب بتنفيذ ال عقد أو فسخه‪ ،‬مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى األمر ذلك‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫أ ‪ -‬االلتزام بتنفيذ أوامر الزبائن‬


‫وهو من االلتزامات الجوهرية واألساسية‪ ،‬حيث ال تبدأ عمليات التداول إال عندما يوجه‬
‫الزبون إلى الوسطاء أمر يوكلهم به رغبة في إجراء عملية بيع أو شراء في حدود نوع األمر‬
‫‪1‬‬
‫الذي كلفوا به‪.‬‬

‫وبانتهاء تنفيذ الوسطاء لألوامر التي كلفوا بها‪ ،‬يترتب عليهم التزام آخر وهو إعالم‬
‫‪2‬‬
‫زبائنهم بتنفيذ األوامر عن طريق إشعار بالتنفيذ‪.‬‬

‫كما أن الوسطاء ملزمون بقوة القانون بذكر مجال االعتماد الممنوح لهم في كل الوثائق‬
‫التعاقدية وغير التعاقدية التي يسلمونها للزبون‪ ،‬وأن يمارسوا نشاطهم في حدود االعتماد‬
‫الممنوح لهم‪ 3،‬مع ضرورة مسكهم للدفاتر بصفة إجبارية يدونون فيها كل ما يتعلق بنشاطهم‬
‫‪4‬‬
‫بدءا باألوامر التي يتلقوها من الزبائن‪.‬‬
‫ب ‪ -‬االلتزام بالحفاظ على أموال الزبائن‬
‫ويتمثل هذا االلتزام في ضرورة احتفاظ الوسطاء باألموال التي تسلموها من الزبائن‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫وذلك عن طريق االكتتاب في عقود التأمين والتي تكون ضامنة في مثل هذه الحالة‪.‬‬

‫كما يجب على الوسطاء في عمليات البورصة الذين يمثلون شركة تجارية وبغض‬
‫النظر عن البنوك‪ ،‬حفظ األموال التي استلموها من الزبائن في إطار توظيف وتداول األسهم‬
‫في البورصة في حساب مخصص لهذا الغرض على مستوى البنك‪ 6،‬ويجب أن تفصل أموال‬
‫زبائنهم المستثمرين عن األموال الوسطاء الخاصة وأال يستعملونها في غير ما خصصت له‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 43‬من النظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ‪ ،‬السابق ذكره‪ ":‬في إطار‬
‫عالقاتهم تجاه الزبائن وتنفيذا للوكالة الممنوحة إياهم‪ ،‬على الوسطاء في عمليات البورصة الحرص على تنفيذ األوامر في‬
‫أحسن ظروف السوق وذلك اعتبارا ألوامر الزبائن"‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 44‬من نفس النظام ‪ " :‬فور تنفيذ األوامر يرسل الوسطاء في عمليات البورصة لزبائنهم‪ ،‬خالل يومي العمل‪ ،‬ابتداء‬
‫من تاريخ التسديد التسليم إشعار بالتنفيذ يحتوي على المعلومات‪"...‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادتين ‪ 40‬و‪ 41‬من نفس النظام‪.‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 42‬من نفس النظام ‪ ":‬يمسك الوسطاء في عمليات البورصة الدفاتر اإلجبارية المتعلقة بنشاطاتهم حسب الكيفيات‬
‫المحددة من طرف اللجنة"‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 54‬من نفس النظام‪ « :‬يجب على الوسطاء في عمليات البورصة االكتتاب في عقود تأمين تضمن مسؤوليتهم تجاه‬
‫زبائنهم ضد مخاطر ضياع وإتالف وسرقة األموال والقيم المودعة لديهم من طرف زبائنهم»‪.‬‬
‫‪ - 6‬أنظر المادة ‪ 15‬من نفس النظام‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ج ‪ -‬االلتزام بالسر المهني‬


‫سر المهنة عبارة عن ما يكمنه الشخص في نفسه من معلومات أو بيانات تتعلق بمهنته أو‬
‫شخصه‪ 1،‬فهو التزام قانوني بعدم إفشاء المعلومات التي تصل إلى الشخص بحكم ممارسة‬
‫‪2‬‬
‫لمهنته‪.‬‬

‫ونتيجة لكون وسيط األوراق المالية عضوا في السوق ويتعامل باألوراق المالية لصالح‬
‫العمالء (المستثمرين) فإنه قد تصل إليه معلومات تتمتع بخصوصية معينة ويتطلع عليها بحكم‬
‫كونه وسيطا‪ ،‬وإن القوانين عادة تؤكد على االلتزام بحفظ هذه المعلومات وإحاطتها بنوع من‬
‫السرية ألهميتها في سوق األوراق‪ ،‬وتعلق مصالح المستثمرين بها‪ ،‬وإن خرقها وعدم‬
‫‪3‬‬
‫المحافظة عليها تترتب المسؤولية على الشخص الذي يفشي سر المهنة‪.‬‬

‫وقد أقر المشرع الجزائري على ضرورة التزام الوسطاء الماليين بالسر المهني السيما إذا‬
‫‪4‬‬
‫تعلق األمر بمعلومات يقدمها المستثمر‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬قيد األوراق المالية‬


‫من بين خصائص األوراق المالية قابليتها للتداول‪ ،‬ومن شروط التداول قيد األوراق‬
‫المالية في سوق تسمى بورصة األوراق المالية‪ ،‬فالحكمة من اشتراط قبول وقيد األوراق‬
‫المالية في البورصة قبل إجراء التعامل عليها وتداولها بواسطة الوسطاء المخولين هو إضفاء‬
‫نوع من الرقابة على الشركة المصدرة للورقة المالية‪ ،‬مما ينعكس إيجابا ببث روح الثقة‬
‫والطمأنينة في نفوسهم‪ ،‬وإن األوامر المختلفة الصادرة من المستثمرين داخل البورصة‬
‫للوسطاء ال يقع إال على أوراق مالية مقيدة فيها‬

‫وألهمية هذا الموضوع سيتم التطرق إلى تعريفه(أوال)‪ ،‬وبيان أنواعه(ثانيا)‪ ،‬ومن ثم‬
‫التطرق إلى شروطه في كل من مصر‪ ،‬فرنسا‪ ،‬والجزائر( ثالثا)‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.249‬‬


‫‪ - 2‬محمد يوسف ياسين‪ ،‬القانون الصرفي والنقدي‪ ،‬ط‪ ،01‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2007 ،‬ص‪.103‬‬
‫‪ - 3‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.250‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 12‬من المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم"يلزم الوسطاء في عمليات‬
‫البورصة والقائمون بإدارتهم ومسيروهم وهم ومديروهم وأعوانهم المسجلون ومأمور حساباتهم بالسر المهني‪ ،‬ويعاقب على‬
‫عدم التقيد بالسر المهني وفقا لقانون العقوبات"‪.‬‬
‫المادة ‪ 50‬من النظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ومراقبتهم ‪ ،‬السابق ذكره‪":‬‬
‫يخضع الوسيط في عمليات البورصة أعوانه لاللتزامات اآلتية "‪....‬كتم السر المهني فيما يتعلق بجميع المعلومات التي يقدمها‬
‫الزبون"‬

‫‪96‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف القيد‬


‫قيد األوراق المالية في البورصة يعني تسجيل األوراق المالية في سجالت البورصة‬
‫‪1‬‬
‫لكي يتم السماح لها بالتداول في البورصة‪.‬‬

‫وتأكيدا لهذا فقد ذهب جانب من الفقه إلى تعريف القيد بأنه «العملية القانونية التي من‬
‫‪2‬‬
‫خاللها يتم تسجيل األوراق المالية داخل البورصة»‪.‬‬

‫أو أنه يقصد بقيد األوراق المالية إدراجها في الجداول الخاصة ببورصة األوراق المالية‬
‫ويترتب عليه التزام الجهة المصدرة بالقيود والقواعد التي تتطلبها القوانين واللوائح التنفيذية‬
‫والقرارات التي تصدرها الهيئة العامة لسوق المال والبورصة ‪ ،‬ويتم قيد األوراق المالية في‬
‫سوق األوراق المالية بناء على طلب من الشركة المصدرة لهذه األوراق ويتوقف قبول أو‬
‫شطب القيد على إدار ة البورصة مع مراعاة القواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة العامة‬
‫‪3‬‬
‫لسوق المال‪.‬‬

‫وذلك ألنه ال يجوز التعامل في البورصة في غير األوراق المالية المقيدة في جداول‬
‫البورصة‪ ،‬كما ال يجوز تداول هذه األوراق خارج البورصة‪ ،‬وإال وقع التداول باطال‪ ،‬كما ال‬
‫يجوز تداول هذه األوراق في غير المكان المخصص لعقد العمليات‪ ،‬أو في غير المواعيد‬
‫‪4‬‬
‫المحددة لذلك‪.‬‬

‫أي أن عملية القيد تعني التسجيل واإلدراج وقبول إدارة البورصة للورقة المالية للقيد‬
‫في سجالت البورصة وما يترتب على ذلك من تداول هذه الورقة في جدول األسعار الرسمي‬
‫وهو األساس الذي تقوم عليه عمليات البورصة‪ ،‬وقد يتصور البعض أن قبول إدارة البورصة‬
‫لقيد الورقة المالية في سجالت التداول يعني أن هذه الورقة مضمونة من الناحية االستثمارية‬
‫وقد يفهم من هذا أنه نوع من الدعوة للمستثمرين والمدخرين لالدخار واالستثمار في هذه‬
‫‪5‬‬
‫الورقة‪.‬‬

‫وحقيقة األمر أن قيد الورقة المالية في سجالت البورصة والسماح بتداول هذه الورقة‬
‫يعني إعالم إدارة البورصة لجمهور المدخرين والمستثمرين بالتعامل في هذه الورقة‪ ،‬وهذا‬

‫‪ - 1‬عصام أحمد البهجى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.326‬‬


‫‪ - 2‬عبد الباسط كريم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫‪ - 3‬هشام فضلي‪ ،‬تداول األوراق المالية والقيد في الحساب «دراسة قانونية مقارنة في نظام اإليداع والقيد المركزي في‬
‫األوراق المالية»‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬األزاريطة‪،‬اإلسكندرية‪ ، 2005 ،‬ص‪.66‬‬
‫‪ - 4‬يوسف حسن يوسف‪ ،‬األوراق المالية وسوق المال العالمي(البورصات‪،‬أسواق‪ ،‬صرف العمالت‪ ،‬التحليل المالي‬
‫الحوكمة)‪ ،‬دار التعليم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪ 2007 ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ - 5‬خالد أحمد سيف الشعرواي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.157‬‬

‫‪97‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫يعني إعالم المستثمرين بأن الشركة مصدرة الورقة المالية قد التزمت باشتراطات اإلفصاح‬
‫والشفافية التي تتطلبها قواعد القيد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع القيد‬
‫يوجد نوعان من القيد في بورصة األوراق المالية هما القيد اإلجباري والقيد االختياري‪،‬‬
‫والقيد االختياري‪ ،‬فأيهما األفضل‪ ،‬إلزام الشركات على قيد أوراقها المالية في البورصة‪ ،‬أم‬
‫ترك األمر لحريتهم واختيارهم ؟‬

‫الشك أن اللجوء إلى القيد اإلجباري من شأنه أن يفقدنا المعيار السليم للحكم على مدى‬
‫نجاح البورصة في تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله‪ ،‬ألن القيد اإلجباري يؤدي إلى زيادة‬
‫عدد األوراق المالية المقيدة بالبورصة‪ ،‬وبذلك قد يصعب التحكم بمدى فاعليته ونجاح‬
‫البورصة في تحقيق هدفها الرئيسي وهو التخصص الكفئ للموارد المتاحة‪ ،‬بما يضمن توجيه‬
‫‪1‬‬
‫تلك الموارد إلى المجاالت األكثر ربحية‪.‬‬

‫أما القيد االختياري‪ ،‬فإنه يمكننا من الحكم على كفاءة السوق من خالل طلبات القيد التي‬
‫تتقدم بها الشركات‪ ،‬فالكفاءة العالية لبورصة األوراق المالية يتوقع منها أن تؤدي إلى زيادة‬
‫عدد طلبات القيد فيها وبالعكس فإن الكفاءة المتدنية للبورصة قد تؤدي بالشركات إلى شطب‬
‫‪2‬‬
‫قيد أوراقها المالية في البورصة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬شروط قيد األوراق المالية بالبورصة‬


‫إن قيد األوراق المالية يتطلب توافر العديد من الشروط في الشركة المصدرة لألوراق‪،‬‬
‫بحيث إذا توافرت هذه الشروط في الشركة الراغبة في القيد يتم اتخاذ إجراءات قيدها‪ ،‬وعليها‬
‫سيتم التطرق إلى شروط القيد في كل من التشريع الجزائري‪ ،‬التشريع المصري والفرنسي‬
‫وفق ما سيأتي‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد الباسط‪ ،‬كريم مولد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.329‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.330‬‬

‫‪98‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ - 1‬شروط القيد في التشريع المصري‬


‫تتخذ شروط القيد بالنسبة للتشريع المصري بنوعين من الشروط أحدها عامة واألخرى‬
‫خاصة وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الشروط العامة لقيد األوراق المالية‬
‫يشترط للقيد بجداول البورصة التسجيل المسبق لدى الهيئة‪ ،‬واستيفاء الشروط العامة‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون األوراق المالية مقيدة بنظام اإليداع والقيد المركزي‪.‬‬
‫‪ -‬أال يتضمن النظام األساسي للجهة المصدرة أو شروط اإلصدار أية قيود على تداول‬
‫األوراق المالية المطلوب قيدها مع عدم اإلخالل بالقيود الواردة بالتشريعات المنظمة‬
‫‪3‬‬
‫لبعض األنشطة أو مناطق جغرافية معينة‪.‬‬

‫أن يتم القيد لجميع األوراق المالية المصدرة من ذات النوع‪ ،‬وكذا قيد اإلصدارات التالية‬ ‫‪-‬‬
‫وحق األولوية في االكتتاب وفقا لألحكام الواردة بهذه القواعد‪.‬‬
‫أن يتم تقديم طلب القيد ومرفقاته من خالل الممثل القانوني للجهة طالبة القيد أو من‬ ‫‪-‬‬
‫خالل وكيل قيد معتمد لدى البورصة وفقا للضوابط التي تحددها اإلجراءات التنفيذية‬
‫لهذه القواعد‪.‬‬
‫أن تبرم الجهة طالبة قيد أوراقها المالية عقدا مع البورصة ينظم حقوق والتزامات كل‬ ‫‪-‬‬
‫منهما بما في ذلك التزامات الجهة طالبة القيد المترتبة على مخالفة قواعد وإجراءات‬
‫القيد أو نصوص العقد‪.‬‬
‫وجوب استخدام أسلوب التصويت التراكمي في انتخاب أعضاء مجلس اإلدارة بما يسمح‬ ‫‪-‬‬
‫بالتمثيل النسبي في عضوية مجلس اإلدارة كلما أمكن ذلك‪.‬‬
‫أن يتضمن تشكيل مجلس إدارة الشركة عنصر نسائيا على األقل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حظر الجمع بين منصب رئيس مجلس اإلدارة ومنصب العضو المنتدب أو الرئيس‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫التنفيذي للشركة‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 01‬مكرر ف‪ 01‬من قرار مجلس إدارة الهيئة رقم ‪ 124‬المؤرخ في ‪ 26‬نوفمبر ‪ 2015‬المتضمن قواعد قيد وشطب‬
‫األوراق المالية بالبورصة المصرية‪ «:‬تلتزم الشركات والجهات الراغبة في قيد أو طرح أوراقها المالية بالبورصة المصرية‬
‫بالتسجيل المسبق لدى الهيئة وفقا للقواعد التي يحددها مجلس إدارة الهيئة‪ ،‬وعلى الشركات والجهات المشار إليها بعد تسجيلها‬
‫التقدم للبورصة المصرية لقيد وطرح أوراقها المالية‪»...‬‬
‫‪ -2‬أنظر المادة ‪ 06‬من قرار مجلس إدارة الهيئة رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 2014‬المعدل والمتمم المتضمن قواعد قيد األوراق المالية‬
‫بالبورصة‪.‬‬
‫‪ -3‬ومؤدى هذا الشرط أنه يلزم إتمام القيد في البورصة إال يكون هناك ثمة قيود اتفاقية على تداول األسهم‪ ،‬كالقيود على أسهم‬
‫المؤسسين واألسهم التي تعطي مقابل الحصة ا لعينية‪ ،‬وفي كل حال إذا ما تقدمت الشركة برغبتها لقيد أسهمها قبل مدة السنتين‬
‫من تاريخ التأسيس وقبل مضيء هذه المدة ال تتداول كل من أسهم المؤسسين واألسهم العينية‪ ،‬و الحال هذه فإنه يتم التجميد أو‬
‫القفل على هذه األسهم منعا لتداولها‪ .‬أنظر إسماعيل محمد علي عثمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫‪99‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫ب ‪ -‬الشروط الخاصة لقيد أسهم الشركات المصرية‬


‫وهذه الشروط مطلوب توافرها في الشركة الراغبة في القيد‪ ،‬وهي بمثابة شروط مالية يتم‬
‫من خاللها اختيار الشركات للقيد في جداول البورصة وقت تقديم طلب القيد‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫‪2‬‬
‫الشروط فيما يلي‪:‬‬

‫أن ال تقل أسهم الشركة المطروحة‪ 3،‬عن ‪ %10‬من إجمالي األسهم المقيدة للشركة وتعتبر‬ ‫‪-‬‬
‫الشركة مستوفية لهذا الشرط إذا كان هيكل مساهميها عند تقديم طلب القيد يتضمن تملك‬
‫‪ % 10‬على األقل من رأسمالها لمساهمين بخالف المؤسسين والمساهمين الرئيسيين‪ ،‬وأال‬
‫تكون أي من األسهم المتضمنة في تلك النسبة مرهونة‪.‬‬
‫أال يقل عدد المساهمين بالشركة من ‪ 200‬مساهم مع مراعاة أن تكون األسهم المخصصة‬ ‫‪-‬‬
‫لهؤالء مو زعة في ضوء الضوابط التي تحددها البورصة بهدف التحقق من عدم صورية‬
‫الطرح‪.‬‬
‫أن ال تقل نسبة األسهم حرة التداول عن ‪ %5‬على األقل من إجمالي أسهم الشركة‪ ،‬أي بعد‬ ‫‪-‬‬
‫استبعاد نسب أسهم المؤسسين وأسهم المساهمين الرئيسين‪ ،‬بمعنى آخر األسهم التي ال ترد‬
‫عليها قيود زمنية على تداولها‪.‬‬
‫أال يقل عدد األسهم المصدرة المطلوب قيدها عن ‪ 05‬مليون سهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن تقدم الشركة طالبة القيد القوائم المالية لسنتين ماليتين سابقتين على طلب القيد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن يكون رأس المال المصدر مدفوعا بالكامل‪ ،‬وأال يقل عن ‪ 50‬مليون جنيه مصري أو ما‬ ‫‪-‬‬
‫يعادلها من العمالت األجنبية‪.‬‬
‫تقدي م تعهدات بأن ال تقل نسبة احتفاظ المساهمين الرئيسين بالشركة عن ‪ %51‬من األسهم‬ ‫‪-‬‬
‫المملوكة لهم في رأسمال الشركة حال توافرها‪ ،‬وإذا كان إجمالي األسهم المحتفظ بها وفقا‬
‫لذلك نسبته أقل من ‪ % 25‬من أسهم رأسمال الشركة المصدرة يتم استكمال نسبة ‪ %25‬من‬
‫مساهمات أعضاء مجلس اإلدارة ومؤسسي الشركة أو غيرهم من مساهمي الشركة‪ ،‬وذلك‬
‫لمدة ال تقل عن سنتين ماليتين من تاريخ الطرح بالبورصة أو من تاريخ القيد بالنسبة‬
‫للشركات التي طرحت أسهمها لالكتتاب العام‪.‬‬

‫‪ -1‬تم إضافة البند الخاص بحظر الجمع بين منصب رئيس مجلس اإلدارة ومنصب العضو المنتدب أو الرئيس التنفيذي للشركة‬
‫بموجب قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (‪ )47‬بتاريخ ‪.2020/03/22‬‬
‫‪ - 2‬قواعد قيد وشطب األوراق المالية بالبورصة المصرية وفقا لقرار مجلس إدارة الهيئة رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 2014‬وتعديالته‪،‬‬
‫نسخة محدثة في يوليو ‪ ،2016‬الهيئة العامة للرقابة المالية‪ ،‬متاح على الموقع ‪ WWW.Fra.gov.eg‬بتاريخ ‪ 20‬أفريل‬
‫‪ 2019‬على الساعة ‪13:00‬‬
‫‪ - 3‬ويقصد بالطرح في تطبيق هذا الشرط عرض أسهم الشركة للبيع في البورصة بناء على تقرير اإلفصاح بغرض الطرح‬
‫وفقا للنموذج المعد من قبل الهيئة على أن ينشر في جريدتين يوميتين واسعتين االنتشار‪ ،‬على أن توافق البورصة عليه قبل‬
‫النشر وذلك بعد صدور عدم مبالغة الهيئة على دراسة المستشار المالي المستقل للقيمة العادلة للسهم من حيث إتباع األسس‬
‫والمنهجية المتعارف عليها في إعداد تلك الدراسات‪ .‬يوسف حسن يوسف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬

‫‪100‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إذن وبعد التحقق من توافر جميع الشروط تقدم الشركة المصدرة ملفها الذي يحوي جميع‬
‫الم ستندات الضرورية مع طلب القيد إلى لجنة القيد بالبورصة‪ ،‬فإن صدر قرار بعدم قبولها‬
‫يمكن للجهة المصدرة التظلم أمام مجلس إدارة البورصة خالل ‪ 15‬يوما‪ ،‬بعدها أمام الهيئة‬
‫‪1‬‬
‫العامة للرقابة المالية‪ ،‬وأخيرا أمام لجنة التظلمات‪.‬‬

‫‪ -2‬شروط القيد في التشريع الفرنسي‬


‫أخذ القانون الفرنسي كقاعدة عامة بمبدأ القيد االختياري وتعدد الجداول وشبه القيد‬
‫المصري من حيث الجداول الجدول الرسمي والجدول غير الرسمي‪.‬‬

‫وقد ركز المشرع الفرنسي على نسبة األسهم وعدد المساهمين كشرطين أساسيين‬
‫لضمان انتشار هذه القيم بين الجمهور‪ ،‬ومنع استئثار جماعة بها فاشتراط أن يتم طرح ‪%25‬‬
‫على األقل من أسهم الشركة المصدرة مع ضرورة نشر ميزانية وحساب األرباح والخسائر‬
‫عن ثالث سنوات سابقة عن طلب القيد‪ ،‬وأن تكون حسابات سنتين األخيرتين مصادق عليها‬
‫‪2‬‬
‫من طرف محافظي الحسابات‪.‬‬

‫وتبدأ إجراءات قبول الورقة المالية وقيدها‪ ،‬بتقديم الطلب من الشركة المعينة إلى مجلس‬
‫األسواق المالية والذي يحيله إلى الشركات الخاصة بتقديم خدمات االستثمار لفحصه وإعادة‬
‫عرضه على المجلس مشفوعا بالرأي‪ ،‬ومجلس األسواق المالية له في ذلك أن يلزم كل شركة‬
‫تقدمت بأوراقها بالقيد في البورصة بأن تتعهد بااللتزام بالتنظيمات واللوائح القانونية المقررة‬
‫من قبل لجنة عمليات البورصة‪ ،‬ولهذه اللجنة صالحية رفض األوراق المالية وقبولها‪ ،‬إذا رأت‬
‫من طرف الشركة إحداث أضرار بالمستثمرين السيما إذا كانت الناحية اإلعالمية غير كافية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وهي بصدد ذلك عليها استشارة اللجنة النقابية للوسطاء‪.‬‬

‫تشطب الورقة المالية في البورصات الفرنسية‪ ،‬إذا أصبحت ال تمثل فائدة للسوق تبرر‬
‫‪4‬‬
‫استمرار قيدها‪ ،‬وكذالك تشطب إذا لم تحترم الشركة المصدرة تعهداتها‪.‬‬

‫ومما تقدم يمكن القول أن المشرع المصري والفرنسي يتطلبان طرح نسبة معينة من‬
‫أسهم الشركة في البورصة‪ ،‬وحد معين لرأس المال كشرط أساسي لقيد الشركة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫ضرورة تقديم بيان عن الحالة المالية للشركة من خالل القوائم المالية لسنتين سابقتين على القيد‬
‫في القانون المصري‪ ،‬وثالث سنوات في القانون الفرنسي‪.‬‬

‫‪ - 1‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫‪ - 3‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.348‬‬
‫‪ - 4‬إسماعيل محمد علي عثمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪101‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪ - 3‬شروط قيد األوراق المالية في التشريع الجزائري‬

‫حددت لجنة تنظيم عمليات البورصة‪ ،‬ومراقبتها شروط القيد في النظام رقم ‪03-97‬‬
‫المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة‪ ،‬المعدل والمتمم بموجب النظام‪ 01/12‬وهي‬
‫شروط عامة‪ ،‬وأخرى خاصة‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الشروط العامة لقيد األوراق المالية‬


‫يشترط للقيد بجداول البورصة التسجيل المسبق لدى اللجنة من خالل إيداع مشروع مذكرة‬
‫إعالمية من أجل التأشير عليها من طرفها‪ 1،‬والبد أن تكون هذه المذكرة تحوي الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬يجب على شركة تطلب قبول سنداتها في عمليات التداول في السوق الرئيسية‪ ،‬تعيين وسيط‬
‫‪2‬‬
‫في عمليات البورصة‪ ،‬يكلف بمساعدة المصدر في إجراءات القبول واإلدخال‪.‬‬
‫‪ -‬يجب تقديم طلب قبول القيم المنقولة في أجل ‪ 60‬يوما قبل تاريخ التسعيرة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على الشركة التي تطلب قبول سنداتها في عمليات التداول في البورصة إثبات إيداع‬
‫‪3‬‬
‫سنداتها لدى المؤتمن المركزي قبل اإلدخال في البورصة‪.‬‬
‫‪ -‬تتخذ اللجنة قرارها بالقبول خالل شهرين الالحقين لتقديم الملف‪ ،‬أو خالل شهر من‬
‫‪4‬‬
‫الحصول على المعلومات التكميلية المطلوبة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتضمن طلب القبول الوثائق القانونية واالقتصادية والمالية والحسابية للشركة التي‬
‫تطلب قبول قيمها المنقولة في عمليات التداول في البورصة‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الشروط الخاصة‬
‫تختلف شروط القيد هنا باختالف السوق المراد القيد فيها وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬بالنسبة لشروط القيد في السوق الرسمية‪ ،‬وتحكمها المواد من ‪ 30‬إلى ‪ 44‬من نظام ‪-97‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ 03‬المعدل بالنظام ‪ 01/12‬السابق الذكر وتتمثل هذه الشروط فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬على الشركة التي تطلب قبول قيمها نشر الكشوف المالية المصادق عليها للسنتين الماليتين‬
‫السابقتين للسنة التي تم خاللها تقديم طلب القبول‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال تقل قيمة رأسمالها التي تم وفاؤه عن خمسمائة مليون دينار (‪500.000.000‬دج)‬
‫‪ -‬أن توزع على الجمهور سندات تمثل ‪ %20‬على األقل من رأسمال الشركة وذلك يوم‬
‫اإلدراج‪.‬‬
‫‪ -‬يجب توزيع سندات رأس المال الموزعة على الجمهور على عدد أدناه مائة وخمسون‬
‫مساهما‪ ،‬وذلك يوم اإلدراج على أبعد تقدير‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 16‬من النظام‪ 03-97‬المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة ‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 17‬من نفس النظام‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 21‬مكرر من النظام ‪ 01/12‬المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم للنظام ‪.03-97‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 23‬من النظام‪ 03-97‬المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة ‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة من‪ 30‬إلى المادة ‪ 44‬من نفس النظام‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ ‬أما القيد في سوق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬فتتمثل شروطه وفق ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون المؤسسة الصغيرة والمتوسطة ذات نظام شركة أسهم‪.‬‬
‫‪ -‬تعيين مستشار راعي مرافق لمدة ‪5‬سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون الراعي في البورصة وسيطا معتمداً في عمليات البورصة‪ ،‬أو بنكا‬
‫أو مؤسسة مالية أو شركة استشارة في المالية والقانون وإستراتيجية المؤسسات‪.‬‬
‫‪ -‬على الشركة إبرام اتفاقية مع الراعي لمدة أدناها سنتين‪.‬‬
‫‪ -‬على الشركة نشر كشوفها المالية المصادق عليها عن السنتين الماليتين‪.‬‬
‫‪ -‬على الشركة فتح رأسمالها االجتماعي على مستوى أدناه ‪ %10‬وذلك يوم اإلدراج‬
‫على أبعد تقدير‪.‬‬

‫بعد التحقق من توافر شروط القيد يكون قبول القيم المنقولة في عمليات التداول في‬
‫البورصة محل مقرر يصدر عن اللجنة‪ ،‬ويتم إدخال القيم المعينة بإتباع اإلجراءات القانونية‬
‫المفروضة‪ ،‬وقد حدد النظام العام ثالث أنواع من اإلجراءات التقليدية هي اإلجراء العادي‪،‬‬
‫إجراء العرض العمومي للبيع بأدنى سعر‪ ،‬هذا التعدد يستجيب لخصائص في غاية التنوع‬
‫‪2‬‬
‫لشركات ترعب في االنضمام إلى البورصة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أركان جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬


‫تعد جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة من الجرائم التي تمثل خطرا على سوق‬
‫األوراق المالية‪ ،‬وذلك لما يمكن أن تخلفه هذه الجريمة من عدم استقرار وفقد الثقة في هذا‬
‫السوق‪.‬‬

‫لذلك لجأت التشريعات إلى فرض حماية جزائية وتجريم كل تداول غير قانوني للقيم‬
‫المنقولة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي لجريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬
‫يتخذ الركن المادي لجريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة عدة صور تتمثل في‬
‫ممارسة أعمال الوساطة‪ ،‬دون اعتماد‪ ،‬أو ممارسة أعمال الوساطة غير المرخصة في االعتماد‬
‫باإلضافة إلى التفاوض في القيم المنقولة دون أمر من صاحبها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ممارسة أعمال الوساطة دون اعتماد‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 05‬من المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‬
‫الجزائري المعدل والمتمم نجد أن المشرع الجزائري نص على عدم جواز إجراء مفاوضات‬

‫‪ - 1‬أنظر المواد من ‪ 46‬إلى ‪ 46‬مكرر ‪ 06‬من نظام ‪ 01/12‬المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 2‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫‪103‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫تتناول قيما مقبولة في البورصة إال داخل البورصة ذاتها وعن طريق وسطاء ماليين‪ 1‬وبمفهوم‬
‫المخالفة فإن كل من يجري مفاوضات تخالف نص المادة ‪ 05‬يتعرض لعقوبات سوء االئتمان‬
‫‪2‬‬
‫المنصوص عليها في قانون العقوبات وبغرامة تساوي ضعف قيمة السندات المعينة بالمخالفة‪.‬‬

‫إذن فجريمة ممارسة أعمال الوساطة في القيم المنقولة دون اعتماد (ترخيص) بقيام الجاني‬
‫بالتفاوض على إبرام صفقة بيع أو شراء قيم منقولة مقيدة بالبورصة دون أن يحصل على‬
‫االعتماد من طرف السلطة المختصة‪ ،‬لذلك فخرق حق االحتكار الممنوح للوسيط في عمليات‬
‫‪3‬‬
‫البورصة هو خرق للقانون يضع الشخص تحت طائلة المسؤولية الجزائية‪.‬‬

‫فالجريمة تقوم بمجرد قيام الشخص بالتوسط بين البائع والمشتري إلبرام تعامل على القيم‬
‫المنقولة المقيدة بالبورصة‪ ،‬دون أن يكون مرخصا له بذلك ألنه بهذا يكون قد استنفذ جميع‬
‫‪4‬‬
‫أوجه نشاطه‪ ،‬وال عبرة بنتيجة سلوكه ألننا بصدد جريمة شكلية أو جريمة سلوك‪.‬‬

‫فبمجرد إتيان السلوك تعتبر الجريمة تامة بغض النظر عن تحققها أو عدم تحققها‪ ،‬حيث أن‬
‫المشرع لم ينص على اشتراط أن تتحقق أي نتائج أو حدوث أي أضرار نتيجة ارتكاب هذا‬
‫السلوك‪.‬‬

‫إن الركن المادي الذي تقوم عليه المسؤولية الجزائية ال يقوم إال إذا كان موضوع التداول‬
‫أسهما مدرجة بالسوق‪ ،‬ولكن األمر يختلف بالنسبة لألسهم غير المدرجة‪ ،‬إذ أن الوساطة في‬
‫تداول األسهم غير المدرجة بالسوق ال تقع تحت طائلة الحماية الجنائية وعلى هذا األساس فال‬
‫مجال للحديث عن المسؤولية الجزائية للشخص غير المرخص له من قبل السوق‪ ،‬إذا عمد‬
‫‪5‬‬
‫للوساطة في تداول أسهم غير مدرجة‪.‬‬

‫استثناء من هذا األصل العام‪ ،‬يمكن إجراء معامالت وفق إجراء التراضي بين المتدخلين‬
‫في السوق عندما يتعلق األمر بالقيم المنقولة التي تصدرها الدولة واألشخاص اآلخرون‬
‫التابعون للقانون العام‪ ،‬أو تلك المتعلقة بشركات األسهم خارج البورصة‪ 6،‬بتوفر مجموعة من‬
‫الشروط منها ما نصت عليه المادة الثانية من نظام ‪ 02-04‬المتعلق بشروط التداول خارج‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 05‬من المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ ،‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 58‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫‪ - 3‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ - 4‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ - 5‬خالد علي صالح الحنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪ - 6‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.152‬‬

‫‪104‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫البورصة للسندات المسعرة في البورصة وأخرى حددتها المادة الثالثة التي يتم بها هذا‬
‫‪1‬‬
‫التداول‪.‬‬

‫إذن المشرع الجزائري بسط حمايته حتى على السندات التي يتم تداولها خارج البورصة‪،‬‬
‫مما يسمح بتفادي االنعكاسات السلبية على البورصة واالقتصاد الوطني بترك الحرية في‬
‫‪2‬‬
‫التداول خارج البورصة‪.‬‬

‫والمالحظ أيضا على هذه الجريمة أنه ال يوجد شروع في ارتكابها حيث أنها تقع بالقيام‬
‫بعمل يدخل في نطاق األنشطة الواردة على سبيل الحصر في نطاق سوق رأس المال‪ ،‬وال تقع‬
‫‪3‬‬
‫باألعمال التمهيدية أو التحضيرية أو حتى محاولة القيام به دون وقوعه فعال‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى موقف المشرع المصري نجده قد اعتبر مباشرة النشاط في سوق رأس‬
‫المال المصري دون ترخيص جريمة يعاقب عليها القانون‪ 4،‬فهي جريمة بسيطة وال يشترط‬
‫لتمامها اعتياد إتيان الفعل‪ ،‬إذ يكفي لقيامها مزاولة أو مباشرة أي من األنشطة المذكور في‬
‫‪5‬‬
‫المادة ‪ 27‬من قانون سوق رأس المال المصري‪ ،‬مرة واحدة‪.‬‬

‫ويستثني من ذلك انتقال األوراق المالية بطريق اإلرث أو التبرع إذ ال يوجد ما يبرر‬
‫ضرورة تدخل وسيط مالي مرخص له إلتمام هذه العمليات خشية من وجود مخاطر في هذا‬
‫التداول أو تحقق هدف من األهداف التي راعاها المشرع عند حظر مزاولة عمل الوساطة دون‬
‫ترخيص كما استثنى المشرع المصري من هذا الحظر حاالت تداول األوراق المالية غير‬
‫‪6‬‬
‫المقيدة بجداول البورصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 02‬من نظام ‪ 02-04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬المتعلق بشروط التداول خارج البورصة للسندات المسعرة في‬
‫البورصة جريدة الرسمية عدد‪ 22‬صادر‪ 27‬مارس ‪« 2005‬يقتصر التداول البورصة للسندات المسعرة في البورصة وفق‬
‫إجراء التراضي على الوسطاء في عمليات البورصة والبنوك والمؤسسات المالية» ‪.‬‬
‫المادة ‪ 03‬من نفس النظام” سيتم التداول خارج البورصة على السندات المسعرة في البورصة بالشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن ال يقل مبلغ الصفقة عن حد أدنى تحدده لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬
‫‪ -‬يتم إنجاز الصفقة على أساس القيمة المسعرة األخيرة يضاف إليها أو يقتطع منها هامش تحدد نسبته القصوى لجنة تنظيم‬
‫عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬
‫‪ - 2‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪ - 3‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 63‬ف‪ 01‬من القانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق رأس المال المصري‪ «:‬مع عدم اإلخالل بأية عقوبة أشد‬
‫منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب بالحبس لمدة ال تزيد على خمس سنوات وبغرامة ال تقل عن خمسين ألف جنيه وال‬
‫تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ”:‬كل من باشر نشاطا من األنشطة الخاضعة ألحكام هذا القانون دون أن‬
‫يكون مرخصا له في ذلك‪»...‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 27‬من القانون ‪ 95‬لسنة ‪.1992‬‬
‫‪ - 6‬عبد الباسط كريم مولود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪105‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إذ أن المشرع المصري لم يضع ضابطا لجواز تداول هذه األوراق إال إخطار البورصة‬
‫بواسطة أيا من البائع أو المشتري‪ ،‬أو كليهما معا بالعملية التي تمت‪ ،‬ويتم اإلعالن في‬
‫‪1‬‬
‫البورصة عن تلك العملية بطريقة واضحة وفي مكان محدد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ممارسة أعمال الوساطة غير المرخص في االعتماد‬

‫ألزم المشرع الجزائري الوسيط‪ ،‬االلتزام بإطار قانوني لتداول القيم المنقولة بالبورصة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وفرض عليه جوانب شكلية وأخرى موضوعية لعمليات التداول‪.‬‬

‫فأمام االلتزامات المفروضة على الوسيط والواجب عليه احترامها ومراعاتها‪ ،‬قد يعمد إلى‬
‫جملة من الممارسات تمثل إخالال بااللتزامات المفروضة عليه سعيا منه وراء الربح‪ ،‬فتنشأ‬
‫مسؤوليته الجنائية عند مخالفة اإلطار القانوني لعمليات التداول‪ ،‬كقيامة بتنفيذ أوامر البيع‬
‫والشراء خارج قاعة التداول أو كقيامه بتنفيذ أوامر الشراء والبيع لحسابه الشخصي أو لحساب‬
‫الجهات التي يعمل لديها‪ ،‬أو لحساب أع ضاء مجالس إدارتها أو موظفيها أو لحساب أزواجهم‬
‫‪3‬‬
‫أو أصولهم أو فروعهم حتى الدرجة الثانية ودون الحصول على موافقة مدير عام السوق‪.‬‬

‫فالركن المادي للجريمة يقوم بمجرد إتمام الصفقة عمدا في محاولة للتحايل على أحكام‬
‫وأنظمة القانون‪.‬‬

‫إذن فحينما يعمد الوسيط المالي إلى إخفاء حقيقة العالقة بين أطراف عملية التداول على‬
‫إدارة السوق‪ ،‬حتى يتسنى له إتمام الصفقة المراد تنفيذها فإنه يكون قد أخل بمقتضيات عملية‬
‫التداول وعمد إلى التحايل والكذب لتنفيذ الصفقة مما يوقعه تحت طائلة المسؤولية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التفاوض في القيم المنقولة دون أمر من صاحبها‬
‫تعد هذه الجريمة من الجرائم اإليجابية التي يتحقق ركنها المادي عند القيام بسلوك‬
‫إيجابي من قبل المرخص له أو المعتمد‪ ،‬ويقصد بالمرخص له‪ ،‬الشخص المرخص من هيئة‬
‫‪4‬‬
‫األوراق المالية طبيعيا كان أو معنويا‪.‬‬
‫ويتمثل السلوك اإلجرامي المكون للجريمة في قيام أحد األشخاص المرخص لهم أو‬
‫المعتمدين بالتصرف في األوراق المالية دون تفويض خطي من صاحبها‪ ،‬ومن المتصور أن‬
‫يكون هذا التصرف في صورة بيع األوراق المالية أو شرائها أو إصدارها أو تسويقها أو‬

‫‪ - 1‬طارق عفيفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.239‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 02‬من نظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 3‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫‪ - 4‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.190‬‬

‫‪106‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫حفظها أو إدراجها أو إقراضها أو رهنها‪ ،‬أو بأية صورة أخرى طالما أنها تفضي إلى‬
‫‪1‬‬
‫التصرف باألوراق دون تفويض من مالكها‪.‬‬

‫إذن هذه الجريمة ال تقع باالمتناع أو بسلوك سلبي‪ ،‬وإنما تقع بسلوك إيجابي يتمثل بقيام‬
‫المرخص له أو المعتمد بالتصرف في األوراق المالية المملوكة للغير دون تفويض خطي أو‬
‫اتفاقية خطية تمنحه الحق بذلك التصرف‪ ،‬وعندئذ يعتبر المرخص له أو المعتمد مرتكبا لجرم‬
‫التزوير واالحتيال إذ أنه يتعامل مع الغير من خالل التصرف بأوراق مالية ليس له صفة‬
‫للتصرف بها‪ ،‬فهي مملوكة للغير‪ ،‬وال يملك ذلك التفويض أو االتفاقية الخطية التي تمنحه الحق‬
‫في التصرف بهذه األوراق مما يؤدي إلى خداع وتضليل كافة المتعاملين في السوق األوراق‬
‫‪2‬‬
‫المالية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬جريمة التوسط في عمليات غسل األموال وعدم اإلبالغ عنها‬
‫تعتبر جريمة التوسط في عمليات غسيل األموال وعدم اإلبالغ عنها من أخطر جرائم‬
‫عصر االقتصاد الرقمي التي تهدد اقتصاديات الدول وأمنها الوطني‪ ،‬نظرا لما تمثله من‬
‫خطورة بالغة على صعيد المجتمع الدولي خاصة فيما يتعلق بالناحيتين االقتصادية‬
‫واالجتماعية إذ أنها تؤثر على حركة االدخار واالستثمار بالسلب‪ 3،‬كما أنها تزيد من معدالت‬
‫‪4‬‬
‫التضخم و تنامي االستهالك‪.‬‬

‫لذلك فقد حرصت الدول والحكومات على محاربة هذه الظاهرة ومعاقبة مرتكبيها ومن‬
‫يتدخلون للتوسط في إتمامها‪ ،‬ووضعت رقابة صارمة على المؤسسات التي يستطيع غاسلوا‬
‫األموال إتمام عملياتهم من خاللها‪ ،‬مثل أسواق المال والبنوك وشركات التأمين باإلضافة إلى‬
‫وضع ضوابط رقابية داخل هذه المؤسسات مع وضع نصوص التجريم والعقاب لممارسي هذه‬
‫‪5‬‬
‫الجريمة والمشاركين فيها‪.‬‬

‫وجريمة غسيل األموال تتعدد أنماطها‪ ،‬إذ ال تقف عند حد امتالك شخص لمال غير‬
‫مشروع وإدخاله في النظام المالي للدولة‪ ،‬بل تتعداه إلى كل من ارتكب أو ساهم في مثل هذه‬
‫الجريمة باعتباره منفذ ألوامر العميل ومطلعا على ما يريده‪ ،‬وال يكون الفاعل األصلي في هذه‬
‫‪6‬‬
‫الجريمة ولكنه بهذا الفعل يعتبر مسهما فيها‪ ،‬ويستحق عقوبة مماثلة لعقوبة الفاعل األصلي‪.‬‬

‫‪ - 1‬طارق عفيفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.239‬‬


‫‪ - 2‬خالد أحمد سيف شعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪ - 3‬طارق عفيفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ - 4‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ - 5‬خالد علي صالح الحنبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 6‬خوجة جمال‪ ،‬جريمة تبيض األموال‪" ،‬دراسة مقارنة"‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون الخاصة‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪،‬‬
‫تلمسان ‪ ،)2008‬ص‪13‬‬

‫‪107‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 02‬من القانون ‪ 01/ 05‬المتعلق بالوقاية من تبيض األموال وتمويل‬
‫اإلرهاب ومكافحتها نجدها قد اعتبرت جريمة تبيض األموال كل من قام باألفعال اآلتية‪:‬‬

‫تحويل الممتلكات أو نقلها مع علم الفاعل بأنها عائدات إجرامية بغرض إخفاء أو تمويه‬ ‫‪-‬‬
‫المصدر غير المشروع لتلك الممتلكات أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة‬
‫األصلية التي تحصلت منها هذه الممتلكات على اإلفالت من اآلثار القانونية ألفعاله‪.‬‬
‫إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقة للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫حركتها أو الحقوق المتعلقة بها مع علم الفاعل أنها عائدات إجرامية‪.‬‬
‫اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع علم الشخص القائم بذلك وقت تلقيها أنها‬ ‫‪-‬‬
‫تشكل عائدات إجرامية‪.‬‬
‫المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا لهذه المادة أو التواطؤ أو التآمر على‬ ‫‪-‬‬
‫ارتكابها أو محاولة ارتكابها والمساعدة أو التحريض على ذلك وتسهيله وإسداء المشورة‬
‫بشأنه‬

‫هذه المادة صريحة في تجريم عمل الوسيط‪ ،‬فهذا األخير عند إجراء أي عملية مالية أو‬
‫غيرها للمستثمر مع علمه بأنها ناتجة عن غسيل أموال أو غيره يعتبر كأنه فاعل أصلي لها‪،‬‬
‫فهو بذلك يخفي ويقوم بتمويه األموال غير المشروعة ويعاقب بذلك وفق نص المادة ‪389‬‬
‫‪2‬‬
‫مكرر‪.‬‬

‫وفيما يخص جريمة عدم التبليغ عن عمليات غسيل األموال فبالرجوع إلى المادة ‪19‬‬
‫من القانون ‪ 01/05‬المتعلق بالوقاية من تبيض األموال وتمويل اإلرهاب السالف الذكر نجد أن‬
‫المشرع الجزائري أخضع كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم في إطار مهنته باالستشارة أو‬
‫بإجراء عمليات إيداع أو مبادالت أو توظيفات أو تحويالت أو أية حركة لرؤوس األموال‪،‬‬
‫السيما على مستوى المهن الحرة المنظمة من ضمنها مهن أعوان الصرف والوسطاء في‬
‫‪3‬‬
‫عمليات البورصة إلى واجب اإلخطار بالشبهة‪.‬‬

‫وبالمقابل ألزم المشرع الجزائري في المادة ‪ 49‬من النظام ‪ 01/15‬الوسطاء في عمليات‬


‫البورصة وضع اإلجراءات والوسائل الالزمة لكشف مخاطر تبيض رؤوس األموال وتمويل‬
‫‪4‬‬
‫اإلرهاب وإرسال تصريحاتهم إلى خلية معالجة االستعالمات المالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 02‬من القانون رقم ‪ 01/05‬المؤرخ ‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬المتعلق بالوقاية من تبيض األموال وتمويل اإلرهاب‬
‫ومكافحتها‪ ،‬لجريدة رسمية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬المؤرخ في ‪.2005/02/09‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 389‬مكرر ‪ 01‬قانون العقوبات الجزائري”يعاقب كل من قام بتبييض األموال بالحبس من ‪ 05‬إلى ‪ 10‬سنوات‬
‫وبغرامة من ‪ 1000.000‬دج إلى ‪ 3000.000‬دج‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 19‬من القانون ‪ 01/05‬المتعلق بقانون تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 4‬انظر المادة ‪ 49‬من نظام ‪ 01/15‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫إذن فالوسيط المالي الذي يمتنع عمدا عن اإلخطار عن جريمة غسيل األموال يعتبر‬
‫مجرما ويسأل جزائيا عن ارتكابه هذه الجريمة‪ ،‬وتوقع في حقه عقوبة الغرامة دون اإلخالل‬
‫‪1‬‬
‫بعقوبات أشد أو بأية عقوبة تأديبية‪.‬‬

‫والمالحظ هنا أن الوسيط المالي قد يسهم بشكل واضح في جريمتين تتعلقان بعمليات‬
‫غسيل األموال‪ ،‬هما (التوسط في جريمة غسيل األموال‪ ،‬وعدم اإلبالغ عن غسيل األموال‬
‫فالجريمة األولى يساهم فيها الوسيط المالي إسهاما فعاال ويعتبر مشاركا فيها كالفاعل األصلي‬
‫بينما الجريمة الثانية ال يشترط المشاركة وإنما قد يعلم ولكن ال يبلغ عن هذه الجريمة‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن سكوته وفق النصوص التي أوردناها يعتبر مجرما‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن عملية اإلخطار بالشبهة التي يقوم بها الوسيط المالي عندما تصل‬
‫إليه معلومات بأنها أموال غير مشروعة ال تتعارض ومبدأ االلتزام بالسرية وبالتالي ال توقع‬
‫عليه جريمة إفشاء السر المهني‪ ،‬وهذا بصريح المادة ‪ 23‬من القانون ‪ 01/05‬المتعلق بتبييض‬
‫األموال وتمويل اإلرهاب والتي نصت على أنه ال يمكن اتخاذ أية متابعة من أجل انتهاك السر‬
‫البنكي أو المهني ضد األشخاص أو المسيرين واألعوان الخاضعين لإلخطار بالشبهة الذين‬
‫‪2‬‬
‫أرسلوا بحسن نية المعلومات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وبالتالي المشرع الجزائري أعفى الوسيط المالي من أية مسؤولية إدارية أو مدنية أو جزائية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي لجريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬
‫إن جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة في صورها ثالث األولى وهي جريمة‬
‫ممارسة نشاط دون ترخيص‪ ،‬جريمة ممارسة النشاط غير المرخص في االعتماد وجريمة‬
‫التفاوض في القيم المنقولة دون أمر من صاحبها‪ ،‬كل هذه الصور يتطلب لتوافرها القصد‬
‫الجنائي العام بعنصريه العلم واإلرادة‪ ،‬أي العلم من قبل الوسيط المالي بأن فعله يعد إخالال‬
‫‪4‬‬
‫بأحكام وأنظمة وتعليمات قانون سوق األوراق المالية‪ ،‬وانصراف إرادته نحو إتيان هذا الفعل‪.‬‬

‫إن عدم احترام الوسيط المالي للجوانب الشكلية والموضوعية‪ ،‬والتي يتجلى بها الركن‬
‫المعنوي ال يمكن أن تكون إال عمدا‪ ،‬حيث أن اإلخالل بأحكام التداول ال يمكن أن يتم إهماال‪،‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 32‬من القانون ‪ 01/05‬المتعلق بتبيض األموال وتمويل اإلرهاب ‪ ،‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 23‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 24‬من نفس القانون‪ «:‬يعفى األشخاص الطبيعيون والمعنويون الخاضعون لإلخطار بالشبهة والذين تصرفوا بحسن‬
‫نية من أية مسؤوليته إدارية أو مدنية أو جزائية»‬
‫‪ - 4‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪178‬‬

‫‪109‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫أو من غير عمد بالنظر إلى طبيعة عمل الوسيط المالي ومعرفته بأحكام وقوانين وأنظمة‬
‫‪1‬‬
‫السوق‪.‬‬

‫بالرجوع إلى موقف المشرع الجزائري من ذلك نجده قد أحالنا في نص المادة ‪ 58‬من‬
‫المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة األوراق القيم المنقولة إلى جريمة خيانة األمانة‬
‫والمنصوص عليها في المادة ‪ 376‬من قانون العقوبات‪ 2،‬حيث تعتبر هذه الجريمة من الجرائم‬
‫العمدية التي تتطلب قصد خاص يتمثل في نية تملك الشيء محل الجريمة وهو األوراق المالية‪.‬‬

‫إن اشتراط المشرع الجزائري للقصد الجنائي الخاص جعل مهمة القاضي جد صعبة‬
‫فهو ملزم بالبحث في نية الجاني وإثبات أن وراء العملية نية اإلضرار بمالك القيم المنقولة أو‬
‫واضعي اليد عليها أو حائزها‪ ،‬وهو ليس باألمر الهين‪ ،‬مما سيؤدي ال محالة إلى إفالت الكثير‬
‫‪3‬‬
‫من مرتكبي هذا النوع من الجرائم من العقاب‪.‬‬

‫أما بالنسبة لجريمة التوسط في غسيل األموال وعدم اإلبالغ عنها فبالرجوع إلى المادة‬
‫‪ 389‬من قانون العقوبات والمادة ‪ 02‬من األمر ‪ 01/05‬المتعلق بتبييض األموال نجد أن‬
‫المشرع اشترط لقيام الجريمة توافر القصد الجنائي العام والذي يتمثل في معرفة الجاني أي‬
‫الوسيط المالي في عمليات البورصة أن األموال ناتجة عن جريمة واتجاه إرادته إلى إضفاء‬
‫الشرعية عليها‪ ،‬أي الغرض من إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقة للممتلكات غير المشروعة‪.‬‬

‫فالوسيط في هذه الجريمة يعلم أن األموال غير مشروعة ومن واجبه اإلبالغ عنها‬
‫وإخطار الجهة المعنية بذلك‪ ،‬ولكن على الرغم من ذلك تتجه إرادته إلى الكتمان والتساهل مع‬
‫الشخص مرتكب الجريمة‪ ،‬فتقوم في حقه جريمة عدم اإلبالغ وتقديم تسهيالت يمنحها نشاطه‬
‫المهني‪.‬‬

‫كما تقوم في حق الوسيط المالي جريمة التوسط في غسيل األموال عند القيام بإخفاء‬
‫وتمويه الطبيعة الحقيقة للممتلكات ويعتبر شريكا في الجريمة‪ ،‬ويعاقب كالفاعل األصلي وفي‬
‫هذه الحالة يشترط المشرع قصد خاص أال وهو نية اإلخفاء والتمويه للمصدر غير المشروع‪.‬‬

‫‪ - 1‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.282‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 376‬من قانون العقوبات الجزائري‪ « :‬كل من اختلس أو بدد بسوء نية أوراقا تجارية أو نقودا أو بضائع أو أوراق‬
‫مالية أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت التزاما أو إجراء لم تكن قد سلمت إليه على سبيل اإلجارة أو‬
‫الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية االستعمال‪ ،‬أو ألداء عمل باجر أو بغير أجر شرط ردها أو تقديمها أو الستعمالها أو‬
‫الستخدامها في عمل معين‪ ، ،‬وذلك إضرار بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها يعد مرتكبا لجريمة خيانة األمانة‬
‫ويعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ثالثة سنوات وبغرامة ‪20.000‬دج و‪100.000‬دج »‬
‫‪ - 3‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.164‬‬

‫‪110‬‬
‫صور جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫خالصة الباب األول‬


‫مما الشك فيه أن كفاءة البورصة تعتمد بشكل أساسي على مدى تدفق المعلومات‬
‫وانسيابها بشكل عادل بين الفاعلين في المجال البورصي‪ ،‬وعليه فإن تقديم المعلومات‬
‫الصحيحة بالطرق العادلة يمكن جميع المتعاملين في البورصة من اتخاذ القرارات المناسبة‬
‫على ضوء تلك المعلوما ت‪ ،‬لذا فقد جرمت معظم التشريعات من ضمنها التشريع الفرنسي‬
‫المصري والجزائري أي انحراف في استعمال المعلومة مما يشكل مساسا بمبدأ الشفافية‬
‫والمساواة في استغالل معلومة مالية على شاكلة جريمة استغالل معلومات امتيازية وجريمة‬
‫نشر معلومات خاطئة أو مغالطة‪ ،‬والتي تمس بصورة مباشرة بصدق وشفافية المعلومات‪.‬‬

‫وكذا الجرائم الماسة بحسن سير وتنظيم عمليات البورصة والتي تتم على يد الوسطاء‬
‫الماليين الذين اشترط فيهم المشرع الحصول على ترخيص أو اعتماد من قبل الجهة المختصة‬
‫في السوق لمزاولة النشاط وبتفويض من مالكها ليستطيع التصرف‪ ،‬وعلى هذا األساس قد يلجأ‬
‫الوسيط لمخالفة هذه الشروط الجوهرية في ممارسة نشاطه سواء هو أو أحد المتعاملين‬
‫اآلخرين في السوق المالي وقيامهم بجملة من النشاطات غير المشروعة والتي يمكن أن تتجسد‬
‫من خالل التالعب باألسعار والمضاربة غير المشروعة‪ ،‬والتداول غير القانوني للقيم المنقولة‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬


‫تمهيد وتقسيم‬
‫تعتبر اإلجراءات الجزائية الوسيلة الضرورية لتطبيق قانون العقوبات ونقله من حالة‬
‫السكون إلى حالة الحركة‪ ،‬وهذه اإلجراءات هي التي تكشف مدى االتحاد بين الجزء الخاص‬
‫بالتجريم والجزء الخاص بالعقاب في قواعد قانون العقوبات‪.‬‬
‫وتهدف اإلجراءات الجزائية للوصول إلى الحقيقة من خالل التوفيق بين حق المجتمع‬
‫في عقاب مرتكبي الجريمة وحق المتهم في الدفاع عن نفسه وإثبات براءاته إن كان كذلك‪ ،‬ومن‬
‫أجل ذلك كله من الواجب مراعاة الوضوح في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬هذه األخيرة ال تختلف‬
‫بحسب نوع الجرائم‪ ،‬وإنما نجد االختالف في بعض القواعد التفصيلية نظرا للطبيعة الخاصة‬
‫لبعض الجرائم‪.‬‬
‫وتعتبر جرائم البورصة مثاال واضحا على ذلك‪ ،‬فهي بسبب تعقدها وتشعبها والتقنيات‬
‫المستخدمة في ارتكابها وصعوبة إثباتها تستوجب الخروج على القواعد العامة في بعض‬
‫الحاالت‪.‬‬
‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا الباب إلى توضيح إجراءات المتابعة الجزائية في‬
‫جرائم البورصة (الفصل األول)‪ ،‬ومن ثم دراسة كيفية الفصل في جرائم البورصة (الفصل‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬إجراءات المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬


‫تمهيد وتقسيم‬
‫يتطلب تحقيق العدالة واستقرار المجتمع اإلمساك بالجاني وتوقيع العقاب عليه‪ ،‬وتحقيق‬
‫ذلك ال يتم دفعة واحدة‪ ،‬حيث تقوم جهات الضبط باألعمال التي تمكنها من الكشف عن‬
‫الجريمة‪ ،‬وضبط الجاني والحفاظ على أدلة االتهام ثم بعد ذلك تقوم باإلحالة إلى النيابة العامة‬
‫للتحقيق معه‪ ،‬وتقدير األدلة‪ ،‬األمر الذي يترتب عليه صدور أمر بأن ال وجه إلقامة الدعوى أو‬
‫إحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا الفصل إلى الحديث عن هذه المراحل بخصوص‬
‫جرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬ومقدار ما تتسم به كل مرحلة من ذاتية تفرضها طبيعة تلك‬
‫الجرائم وفق مبحثين يتضمن األول الحديث عن مرحلة جمع االستدالالت في جرائم بورصة‬
‫األوراق‪ ،‬أما المبحث الثاني فيتضمن الحديث عن مرحلة التحقيق في جرائم البورصة‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مرحلة جمع االستدالالت في جرائم بورصة األوراق‬


‫تستقل الجرائم االقتصادية بصفة عامة وجرائم البورصة بصفة خاصة بأحكام إجرائية‬
‫جنائية متميزة عن أحكام القانون العام فيما يتعلق بمباشرة الدعوى العمومية‪ ،‬والبحث عن‬
‫الجرائم وضبطها والتحقيق فيها‪ ،‬تبرزها طبيعة المصلحة محل الحماية الجنائية‪ ،‬فبوقوع‬
‫الجريمة ينشأ للدولة الحق في معاقبة الجاني‪ ،‬وتبدأ على أثرها مرحلة الضبط القضائي التي‬
‫يقوم عليها رجال الضبط القضائي من أجل جمع االستدالالت‪.‬‬

‫وقد اقتضت الطبيعة الخاصة لجريمة البورصة ترك إجراءات التحري والبحث‬
‫والتحقيق في هذا النوع من الجرائم إلى جهة متخصصة وتدعيمها بالوسائل القانونية التي تكفل‬
‫تأدية هذه الوظيفة‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا المبحث إلى بيان خصوصية مرحلة الضبط القضائي‬
‫في جرائم البورصة (المطلب األول)‪ ،‬وكذا معرفة الجهات المختصة بمكافحة جرائم البورصة‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مرحلة الضبط القضائي في مجال جرائم البورصة‬


‫تحرص الدولة بمختلف أجهزتها على إقرار األمن والسكينة والوقاية من الجرائم‬
‫وضبطها حال وقوعها ومعاقبة مرتكبيها طبقا للقانون‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق قيام الضبط‬
‫القضائي بالبحث والتحري عن الجرائم والتحقيق وجمع االستدالالت عنها‪ ،‬فبعد االنتهاء من‬
‫إجراءات البحث والتحري يقوم الضبط القضائي بتقديم ذلك في محاضر إلى النيابة العامة‬
‫للتصرف فيها‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا المبحث إلى بيان مفهوم الضبط القضائي(الفرع‬
‫األول) وبيان سلطاتهم وواجباتهم (الفرع الثاني)‪ ،‬مع اإلشارة إلى التزاماتهم‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الضبط القضائي‬

‫تعتبر وظيفة الجرائم وتقديم مرتكبيها للمساءلة الجزائية من أعقد الوظائف التي يلقي‬
‫المجتمع بثقلها على أجهزة األمن والقضاء‪ ،‬ومن أجل حسن القيام بهذه المهمة البد من تناسق‬
‫هذه األجهزة المختلفة‪ ،‬كل جهاز منها مناط به جانب من هذه المهمة االجتماعية‪.‬‬

‫لذلك يجدر بنا التطرق إلى معرفة ما معنى الضبط القضائي‪ ،‬وتشكيلته وفق ما سيتم‬
‫التطرق إليه في هذا المطلب‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الضبط القضائي‬


‫لم يحدد قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري تعريفا للضبط القضائي ‪ ،‬لكنه ذكر‬
‫الضبط القضائي ورجال الضبط القضائي وصفة الضبطية القضائية وصالحياتهم‪ ،‬وحدد وظيفة‬
‫الضبط القضائي في جمع االستدالالت والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات وجمع‬
‫األدلة عنها‪ ،‬والبحث عن مرتكبيها مادام لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي‪ ،‬وفي حاالت بعينها القيام‬
‫ببعض أعمال التحقيق كالتفتيش والقبض‪.‬‬

‫وبشكل عام فهم مكلفون بالتحري عن الجرائم وتعقب مرتكبيها وفحص البالغات‬
‫والشكاوى وجمع االستدالالت والمعلومات المتعلقة بها وإفراغها في محاضر وإرسالها إلى‬
‫‪1‬‬
‫النيابة العامة‪.‬‬

‫ويراد بعبارة الضبط القضائي الدور األولي الذي يسبق التحقيق واألعمال الالزمة لتسهيل‬
‫التحقيق‪ ،‬أي هي األعمال التي تأتي بعد التبليغ عن الجريمة أو العلم بوقوعها أو باحتمال‬
‫‪2‬‬
‫وقوعها‪.‬‬

‫إذن فمهمة الضبط القضائي تتمثل في البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع االستدالالت‬
‫الالزمة عنهم وتقديم ذلك إلى النيابة العامة لتقوم بما تراه وفقا للقانون‪.‬‬

‫ويشمل أعضاء الضبط القضائي ما يلي‪:‬‬


‫‪3‬‬

‫‪ -‬ضباط الشرطة القضائية‪.‬‬


‫‪ -‬أعوان الضبط القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬الموظفين واألعوان المنوط بهم قانونا بعض مهام الضبط القضائي‪.‬‬

‫ويقوم بمهمة البحث والتحري عن الجرائم ومرتكبيها ضباط الشرطة القضائية حيث يبدأ‬
‫دورهم بعد وقوع الجريمة وينتهي عند فتح التحقيق القضائي أو إحالة المتهم إلى جهة الحكم‪.‬‬

‫وقد نص قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري على األشخاص الذين يتمتعون بصفة ضباط‬
‫‪4‬‬
‫الشرطة القضائية وهم‪:‬‬
‫‪ -‬رؤساء المجالس الشعبية البلدية‪.‬‬
‫‪ -‬ضباط الدرك الوطني‪.‬‬

‫‪ - 1‬خديجة عبد الحميد مصطفى القطيشات‪ « ،‬السلطات االستثنائية لمأمور الضبط القضائي في الجرم المشهود في نظام‬
‫اإلجراءات الجزائية "دراسة مقارنة لبعض القوانين"« ‪ ،‬مجلة العلوم االقتصادية واإلدارية والقانونية‪ ،‬العدد ‪ ،06‬المجلد األول‪،‬‬
‫أغسطس‪ ،2017 ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ - 2‬علي عدنان الفيل‪ " ،‬مهام الضبط القضائي الخاص في الجرائم البيئية في التشريعات العربية"دراسة مقارنة"‪ ،‬المجلة‬
‫العربية للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد ‪ ،54‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،‬العراق‪( ،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 14‬من اإلجراءات الجزائية الجزائري المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 15‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ -‬الموظفين التابعين لألسالك الخاصة للمراقبين ومحافظي وضباط الشرطة لألمن الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬ضباط الصف الذين أمضوا في سلك الدرك الوطني ثالث سنوات على األقل وتم تعينهم‬
‫بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل حافظ األختام ووزير الدفاع الوطني بعد‬
‫موافقة لجنة خاصة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويعد من أعوان الضبط القضائي ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬موظفو مصالح الشرطة وضباط الصف في الدرك الوطني‪.‬‬


‫‪ -‬مستخدمي المصالح العسكرية لألمن الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية‪.‬‬

‫إذن يقصد بالضبط القضائي تلك المهمة التي يضطلع بها أفراد الضبط القضائي بعد وقوع‬
‫الجريم ة للبحث عن الجرائم والتحقق منها ثم إجراء التحريات وجمع االستدالالت المختلفة‬
‫للتعرف إلى مرتكبيها بغية التوصل من خالل هذا الطريق إلى مباشرة الدعوى الجنائية ضد‬
‫الفاعل ومؤاخذته عما اقترفه من جرم‪.‬‬

‫كما يتمتع بصفة ضابط للشرطة القضائية الموظفون وأعوان اإلدارات والمصالح العمومية‬
‫‪2‬‬
‫وهذا بموجب قوانين خاصة ووفقا لألوضاع والحدود المبنية بتلك القوانين ونذكر منهم‪:‬‬

‫‪ -‬أعوان إدارة الضرائب المكلفون بالبحث عن الجرائم التي تمس بالنظام الجبائي وإثباتها‪.‬‬
‫‪ -‬الموظفون واألعوان المكلفون بمعاينة المخالفات المتعلقة بالبيئة‪.‬‬
‫‪ -‬أعوان مديرية التجارة المكلفون بالتحقيقات االقتصادية والمنافسة واألسعار والجودة وقمع‬
‫الغش والمقررون التابعون لمجلس المنافسة‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة أن المشرع الجزائري وفي جرائم البورصة خاصة وبعد اإلطالع على جملة‬
‫نصوصه ال يوجد نص يمنح فيه صراحة لموظفي لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‬
‫صفة الضبطية القضائية عكس ما هو عليه الحال في الكثير من التشريعات الخاصة منها ما هو‬
‫متعلق بالصرف ومنها ما هو متعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬

‫لكن بالرجوع إلى المادة ‪ 37‬و‪ 38‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫المنقولة‪ 3‬يمكن استنتاج أن أعوان وموظفي اللجنة يتمتعون بصالحيات الضبط القضائي والتي‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 19‬من اإلجراءات الجزائية الجزائري المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر المادة ‪ 27‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 37‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة «تجري اللجنة‪...‬ويمكن لألعوان المؤهلين أن‬
‫يطلبوا إمدادهم بأية وثائق أيا كانت دعامتها‪ ،‬وأن يحصلوا على نسخ منها‪ ،‬ويمكنهم الوصول إلى جميع المجال ذات‬
‫االستعمال المهني»‬
‫والمادة ‪ 38‬من نفس المرسوم‪ «:‬يمكن للجنة عقب مداولة خاصة أن تستدعي أي شخص من شأنه أن يقدم لها معلومات في‬
‫القضايا المطروحة عليها أو تأمر أعوانها باستدعائه»‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫تبدأ بعد وقوع الجريمة بالبحث والتحقيق‪ ،‬وهذا االعتراف جاء بصيغة ضمنية تطبيقا لنص‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 14‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التمييز بين الضبط القضائي والضبط اإلداري‬


‫‪2‬‬
‫يتجه الفقه إلى األخذ بمفهومين للضبط القضائي مفهوم موضوعي وآخر شكلي‪:‬‬

‫‪ ‬المعيار الموضوعي‪:‬‬
‫الضبط القضائي هو مجموعة اإلجراءات التي تهدف إلى التحري عن الجريمة والبحث ن‬
‫مرتكبيها‪ ،‬وجمع كافة العناصر والدالئل الالزمة للتحقيق في الدعوى الجنائية للتصرف على‬
‫ضوئه‪ ،‬فإذا كانت وظيفة الضبط اإلداري ذات طبيعة وقائية وغايتها حفظ النظام العام واآلداب‬
‫العامة بمنع األفعال التي من شأنها اإلخالل به قبل وقوعها‪ ،‬فوظيفة الضبط القضائي هي‬
‫الكشف عن الجرائم ومرتكبيها تمهيدا لتقديمهم للمحاكمة وإنفاذ حكم القانون فيها عقابا لهم‬
‫وتخويفا لغيرهم‪.‬‬

‫‪ ‬المعيار الشكلي‪:‬‬
‫يقصد به جميع الموظفين الذين خولهم القانون جمع االستدالالت وأوكل إليهم ضبط الوقائع‬
‫التي يحدد لها القانون جزاء جنائيا‪ ،‬وكذا جمع األدلة عنها وعن من ارتكبها‪ ،‬ثم ضبطه شخصيا‬
‫في بعض الظروف‪.‬‬

‫أما الضبط اإلداري فهو اآلخر يمكن تعريفه وفق معيارين‪:‬‬


‫‪3‬‬

‫‪ ‬معيار عضوي (شكلي)‪ :‬هو مجموعة األجهزة والهيئات التابعة للسلطة التنفيذية‪ ،‬والتي‬
‫يعهد إليها القيام بالتدابير واإلجراءات التي تهدف إلى المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫‪ ‬معيار وظيفي (موضوعي)‪ :‬هو مجموع ما تفرضه اإلدارة العامة من قيود على األفراد تحد‬
‫بها من حرياتهم بهدف صيانة النظام العام‪.‬‬

‫واستنادا إلى المعايير المحددة لمفهوم الوظيفتين يمكن القول بأن الضبط اإلداري يتميز عن‬
‫الضبط القضائي بجملة من الخصائص نوردها وفق ما يأتي‪:‬‬

‫‪ - 1‬آيت مولود فاتح‪ ،‬حماية االدخار المستثمر في القيم المنقولة في القانون الجزائري‪( ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص قانون‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،)2012 ،‬ص‪.455‬‬
‫أنظر أيضا‪ - :‬المادة ‪ 14‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‬
‫‪ - 2‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط المالي في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،7.‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1996 ،‬ص‪.332‬‬
‫‪ - 3‬علي عدنان الفيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.270‬‬

‫‪118‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ :1‬من حيث الهدف‬


‫تهدف الدولة من خالل نشاط مرافقها العامة المتمثل في الضبط اإلداري إلى الحفاظ‬
‫على النظام العام (وإن اشترك هنا الضبط اإلداري والقضائي في الهدف بالنظر إلى أن كالهما‬
‫‪1‬‬
‫نظام غايته البعيدة الحفاظ على النظام العام بمعناه الواسع)‪ ،‬بعناصره الثالثة‪:‬‬

‫‪ -‬السكينة العامة‪ ،‬وذلك بمنع كافة أشكال الفوضى‪ ،‬وعدم االستقرار‪ ،‬وكذا الضوضاء‬
‫والصخب‪.‬‬
‫‪ -‬األمن العام‪ ،‬يقصد باألمن العام استتباب األمن والنظام في المدن والقرى واألحياء‪ ،‬بما‬
‫يحقق االطمئنان لدى الجمهور على أنفسهم وأوالدهم وأعراضهم وأموالهم من كل خطر قد‬
‫يتعرضون له في المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬الصحة العامة‪ ،‬ويراد بها وقاية صحة الجمهور من خطر األمراض بمقاومة أسبابها غير‬
‫أن هذا الوضع لم يبق على حاله‪ ،‬حيث أصبحت األغراض السابق اإلشارة إليها أغراضا‬
‫تقليدية للضبط اإلداري‪ ،‬وظهرت إلى جانبها أغراض مستحدثة‪.‬‬

‫انكب الفقه اإلداري على دراستها وأولوها االهتمام‪ ،‬والتي من بينها في مجال الدراسة‬
‫الحفاظ على النظام العام االقتصادي في مجال سوق السلع والخدمات وأسواق المال المنظمة‬
‫(البورصة) بالحفاظ على شفافية التعامالت المبرمة في سوق السلع والخدمات‪ ،‬والتزام‬
‫‪2‬‬
‫متعامليها بنصوص القوانين واللوائح المنظمة‪.‬‬

‫وتتدخل اإلدارة حينها بمفهومها التقليدي والمستحدث لضبط مجاالت االقتصاد الحيوية‬
‫وتباشر اختصاصها بموجب ما تملكه من حق في إصدار القرارات اإلدارية‪ ،‬التي تأخذ صورة‬
‫‪3‬‬
‫قرارات تنظيمية (لوائح الضبط) أو قرارات فردية‪:‬‬

‫‪ ‬لوائح الضبط‬
‫ومثالها لوائح الهيئات الضابطة لمجال سوق األوراق المالية الممثلة في هيئة األسواق‬
‫المالية الفرنسية‪ ،‬والهيئة العامة للرقابة المالية المصرية ولجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها الجزائرية وتتخذ لوائح الضبط عدة مظاهر منها حظر ممارسة نشاط معين‪ ،‬اشتراط‬
‫الحصول على إذن سابق قبل ممارسة النشاط‪ ،‬وإخطار السلطة مسبقا أو تنظيم النشاط الفردي‪.‬‬
‫‪ ‬أوامر الضبط اإلداري‬
‫وهي القرارات الصادرة عن السلطة المختصة للتطبيق على فرد معين بذاته‪ ،‬أو أفراد معينين‬
‫بذواتهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬قانون حماية البيئة في ضوء التشريعات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪ ،2009 ،‬ص‪.84‬‬
‫‪ - 2‬علي عدنان الفيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.268‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.266‬‬

‫‪119‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أما عن أغراض الضبط القضائي‪ ،‬وبالنظر إلى أن مهمته ال تبدأ إال بتحقق الجريمة‬
‫الماسة بأحد المصالح المعتبرة التي يصبغ عليها المشرع حمايته بنصوص عقابية‪ ،‬فوظيفته‬
‫قمعية مما يعني بالضرورة أنه ال يجوز مباشرة إجراءات الضبط القضائي لتحقيق أهداف‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬وإال كان مصير هذه اإلجراءات البطالن‪ ،‬ألنها بوشرت دون توافر السبب‬
‫‪1‬‬
‫القانوني المنشئ للحق في إجرائها‪.‬‬

‫‪ :2‬من حيث الخصائص‬


‫‪2‬‬
‫يتميز الضبط اإلداري عن الضبط القضائي بجملة من الخصائص نوردها فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬الضرورة والمرونة‬
‫إن قيام أي من المجتمعات يقتضي فرض قدر محدد من القيود لغاية الحفاظ على النظام‬
‫(األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة)‪ ،‬فالضبط اإلداري ضرورة من ضرورات الحياة‬
‫فرضتها غاية التنظيم‪ ،‬أما المرونة فيعني أن أغراض الضبط اإلداري في تطور مستمر‪.‬‬

‫‪ ‬الوقاية أو المنع قبل الردع‬


‫تهدف إجراءات الضبط اإلداري ووسائله (القانونية والمادية) إلى توقي وقوع الجريمة‬
‫ومنعها باتخاذ تدابير الوقائية الالزمة‪ ،‬واحتياطات األمن العام‪.‬‬

‫كما يمتاز الضبط القضائي بجملة من الخصائص نوجزها فيما يلي‪:‬‬


‫‪3‬‬

‫‪ -‬ال تتخذ السلطات التي يخولها القانون لرجال الضبط القضائي إال بصدد واقعة ينطبق‬
‫عليها وصف الجريمة‪ ،‬ومن ثم يخرج من دائرة اختصاصهم أشكال المخالفات التي ينطبق‬
‫عليها هذا الوصف‪ ،‬وإن ترتب عنها ضرر‪ ،‬فهو ذو طبيعة قمعية‪.‬‬
‫‪ -‬ال تعد إجراءات الضبط القضائي من إجراءات الدعوى الجنائية‪ ،‬إنما هي من اإلجراءات‬
‫األولية السابقة لتحريك الدعوى الجنائية وال تؤدي إلى تحريكها حتى وإن كانت الجريمة‬
‫متلبسا بها على اعتبار أن الدعوى الجنائية ال تتحرك بإتيان إجراء من إجراءات التحقيق‬
‫الذي تجريه السلطة المختصة سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط‬
‫القضائي‪ ،‬لذلك ال تتسم هذه اإلجراءات بحسب األصل بالطبيعة القضائية مع العلم أن‬
‫الدعوى الجنائية ملك للدولة بسلطاتها القضائية‪.‬‬
‫الفرع الثاني سلطات وواجبات مأموري الضبط القضائي في جرائم البورصة‪.‬‬
‫تتميز اإلجراءات الخاصة بمالحقة مرتكبي جرائم البورصة بنوع من الخصوصية‬
‫والذاتية بالنظر لصفة القائمين بها من جهة ومن جهة ثانية بالنظر إلى طبيعة اإلجراء في حد‬

‫‪ - 1‬رشيدة محمود سيد أحمد‪« ،‬االختصاص االستثنائي لسلطة الضبط القضائي في النظام السعودي والقانون السوداني»‪،‬‬
‫المجلة العربية للنشر العلمي‪ ،‬العدد ‪ ،16‬يناير ‪ ،2020‬ص‪.141‬‬
‫‪ - 2‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ - 3‬خديجة عبد الحميد مصطفى القطشيات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪120‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ذاته إذ نجد أن المشرع يمنح مأموري الضبط القضائي المختصين بعض السلطات التي تقترب‬
‫‪1‬‬
‫من وظيفة الضبط اإلداري أكثر من كونها إجراءات ضبط قضائي‪.‬‬

‫وهو ما عبر عنه بعض الفقه بالقول إن اإلجراءات الواردة بموجب القوانين االقتصادية‬
‫ذات وجهين‪ ،‬وجه غير قضائي يتوضح في اإلجراءات التي تخولها تلك القوانين لرجال الضبط‬
‫القضائي المكلفين بتنفيذه والتي تختلف عن السلطات التي يخولها قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫لمأموري الضبط القضائي ذوي االختصاص العام‪ ،‬إذ يقوم مأمور الضبط القضائي المختص‬
‫‪2‬‬
‫بجمع التحريات الالزمة بصدد إثبات الجريمة التي وقعت أو لمنع وقوعها إذ كانت وشيكة‬
‫ووجه قضائي يتلخص في إجراء تحرير المحاضر بالواقعة وأعمال الخبرة إلى أن ينتهي إما‬
‫برفع الدعوى الجنائية والحكم فيها وإما بعدم السير فيها‪.‬‬

‫إذن المشرع يمنح لمأموري الضبط القضائي المكلفين بتنفيذ تشريعات البورصة سلطات‬
‫متميزة تبررها الطبيعية المتميزة الجرائم المرتكبة بالمخالفة ألحكام تلك التشريعات‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن السلطات التي يمنحها لهم كل من المشرع الفرنسي والجزائري‬
‫اختصاصات محددة‪ ،‬إذ ال يسمح لهم باتخاذ إجراء لم يرد النص عليه بالتشريعات الخاصة‬
‫وذلك على خالف توجه المشرع المصري الذي لم يحددا اختصاصهم حصرا‪ ،‬بل أعطى لهم‬
‫الحق في القيام بكافة اختصاصات مأموري الضبط القضائي الواردة بقانون اإلجراءات‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬سلطة دخول األماكن‬


‫أكد المشرع الفرنسي بموجب التقنين النقدي والمالي على حق األعوان القائمين بمهمة‬
‫التحري في الدخول إلى األماكن ذات االستخدام المهني‪ 3،‬كما نصت المادة ‪ 37‬من المرسوم‬
‫التشريعي رقم ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة الجزائري بفقرتها الثانية على هذا‬
‫اإلجراء حيث‪ ،‬أجاز المشرع الجزائري ل‪.‬ت‪.‬ع‪.‬ب‪.‬م عن طريق مداولة خاصة القيام بتحقيقات‬
‫لدى كل شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬ويرخص لألعوان المكلفين بالتحقيقات في إطار مهامهم‬
‫بدخول للمحالت المهنية‪ ،‬والقيام بكل المعاينات الالزمة وطلب إمدادهم واالستظهار بأية وثائق‬
‫كانت دعامتها الضرورية للتحريات والمعاينات والحصول على نسخ منها وهذا الحق في‬
‫الدخول للمحاالت والحصول على أية وثائق مهما كان نوعها‪ ،‬وهذا الذي كرسه المشرع‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.302‬‬


‫‪ - 2‬محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.287‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 10-621‬من التقنين النقدي والمالي القانون ‪344/2014‬الصادر في ‪ 17‬مارس ‪ 2014‬والمتعلق باالستهالك‪،‬‬
‫راجع الالئحة العامة لهيئة األسواق المالية‪.‬‬
‫‪- régalement général de l’autorité des marchés financiers.‬‬
‫منشورة على موقع هيئة األسواق المالية الفرنسية على االنترنت‪:‬‬
‫‪http://www.amf.france.org‬‬

‫‪121‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ألعوان اللجنة الذين يتمتعون بحرية في مباشرة مهامهم التي يجب أن ال تكون في أي حال من‬
‫األحوال دافعا للتعسف‪ ،‬يجد تبريرا له في ضرورة تحقيق الفعالية في العمل ففضال عن مباشرة‬
‫هذه السلطات تتمكن ل ت‪.‬ع‪.‬ب‪.‬م من إقامة الدليل بوجود ممارسات غير مشروعة وهو الشيء‬
‫‪1‬‬
‫الذي يدعمه حق اللجنة في االستدعاء والسماع‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالمشرع المصري أكدت المادة ‪ 04‬والمادة ‪ 06‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة‬
‫‪ 2009‬على حق العاملين بالهيئة ممن لهم صفة الضبط القضائي في التفتيش على الجهات التي‬
‫يرخص لها بالعمل في األنشطة واألسواق المالية غير المصرفية‪ ،‬وهو ما يخولهم حق الدخول‬
‫‪2‬‬
‫لتلك الجهات‪.‬‬

‫لم يتعرض المشرع الجزائري بموجب نصوص قوانين البورصة‪ ،‬وكذا نظيره الفرنسي‬
‫بموجب التقنين النقدي والمالي إلى األوقات التي يسمح خاللها لمأموري الضبط القضائي‬
‫المختصين بمباشرة حقهم في الدخول إلى األماكن ذات االستخدام المهني وفي حالة سكوت‬
‫النص الخاص يرجع إلى األحكام العامة التي تقضي بأن الوقت المسموح فيه بالدخول ألعضاء‬
‫الضبط القضائي هو ساعات العمل الرسمية في المؤسسة‪ 3،‬فال يتاح دخولها بعد ذلك‪.‬‬

‫أما المشرع المصري فقد حدد ذلك بموجب أحكام الالئحة التنفيذية لقانون حماية‬
‫المنافسة ومنع الممارسات االحتكارية األوقات المسموح فيها بدخول المنشأة‪ ،‬إذ نصت المادة‬
‫‪ 38‬منها على التزام أعضاء الضبط القضائي العاملين بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات‬
‫االحتكارية بالدخول خالل ساعات العمل الرسمية‪ ،‬وتتحدد ساعات العمل العادية بالنسبة‬
‫للمنشآت والشركات بموجب لوائح يلتزم بها العمال التابعون لها‪ ،‬أما بالنسبة للمنشآت الفردية‬
‫التي ال يلتزم أصحابها بوقت معين فيرجع في تحديد أوقات العمل ألمر الواقع المستمد من‬
‫‪4‬‬
‫طبيعة النشاط الذي تباشره المنشأة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬سلطة اإلطالع على األوراق والمستندات‬


‫يتضمن حق اإلطالع في ذاته مساسا بحق الفرد في االحتفاظ بسرية بعض المسائل‬
‫الخاصة به والمتعلقة بأعماله‪ ،‬إال أنه يجب تبريره في ضرورة تفعيل دور الهيئات اإلدارية‬
‫‪5‬‬
‫التقليدية والمستحدثة المتمثل في ضمان حسن سير التعامالت التجارية والمالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 37‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادتين ‪ 06/04‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير‬
‫المتخصصة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-André marie, les enquêtes de la DGCCRF en matière des pratique, anticoncuréntielles- revue‬‬
‫‪Lamy de la concurrence, janvier/ mars 2008 n°14 P113, sur le site d’internet:‬‬
‫‪http://www.economie.gouv.fr‬‬
‫‪ - 4‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬الجرائم االقتصادية في القانون المقارن(جرائم الصرف)‪ ،‬ج‪ ،02‬ط‪ ،02‬مطبعة جامعة القاهرة‬
‫(د‪.‬س‪.‬ن)‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ - 5‬رشيدة محمود سيد أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.149‬‬

‫‪122‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫وال يجدر الخلط بين اإلطالع وبين التفتيش الذي ال يمكن االلتجاء إليه إال في حالة‬
‫جريمة وقعت فعال‪ ،‬ويجري جمع االستدالالت أو التحقيق بشأنها‪ ،‬فاألول ال يتعدى أن يكون‬
‫إجراء من إجراءات االستدالل ال يخول صاحبه سوى طلب األوراق التي يريد اإلطالع عليها‬
‫فإذا رفض صاحبها ذلك‪ ،‬فال يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يقوم بالبحث عنها في األماكن‬
‫التي يعتيرها صاحبها مستودعا للسر‪ ،‬ألن البحث في هذه الحالة يكون من قبل التفتيش الذي ال‬
‫‪1‬‬
‫تملكه الضبطية القضائية في هذه الحالة‪.‬‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على‬
‫األسواق واألدوات المالية غير المصرفية نجد أن المشرع المصري أعطى الحق للهيئة في‬
‫اإلطالع على ال سجالت والدفاتر والمستندات والبيانات في مقار الشركات والمؤسسات المالية‬
‫واألشخاص الخاضعة لرقابة الهيئة واألماكن التي توجد بها‪ ،‬وعلى المسؤولين في الجهات‬
‫المذكورة أن يقدموا إلى الموظفين المذكورين البيانات والمستخرجات وصور المستندات التي‬
‫‪2‬‬
‫يطلبونها لهذا الغرض‪.‬‬

‫كما أكد المشرع الفرنسي بموجب نص المادة ‪ 621-10‬من التقنين النقدي والمالي على‬
‫حق األعوان المكلفين بالتحري‪ ،‬في اإلطالع على كافة المستندات على اختالف نوع المستند‬
‫وعلى البيانات المخزنة والمعالجة‪ 3،‬بواسطة معالج االتصاالت وفقا ً لنص المادة ‪ 01-34‬من‬
‫تقنين البريد واالتصاالت الرقمية أو مقدمي الخدمات المعلوماتية المشار إليهم بالفقرتين ‪01‬‬
‫و‪ 02‬من المادة ‪ 06‬من القانون رقم ‪ 575-2004‬الصادر في ‪ 21‬يونيو ‪ 2004‬والمتعلق بتدعيم‬
‫الثقة في مجال االقتصاد االلكتروني‪ ،‬كما تخولهم المادة نفسها حق الحصول على نسخة من‬
‫المستند‪.‬‬

‫وقد نص المشرع الفرنسي بموجب نص المادة ‪ 621-10-01‬من التقنين النقدي والمالي‬


‫المستحدثة بالقانون رقم ‪ 272-2013‬الصادر في ‪ 26‬يوليو ‪ 2013‬المتعلق بفصل وتنظيم‬
‫األنشطة البنكية على حكم جديد يدعم به سلطات األعوان المكلفين بالتحري واألشخاص‬
‫القائمين بالرقابة‪ ،‬إذ من حهم الحق في استخدام أسماء مستعارة لإلطالع على المعلومات‬
‫والبيانات المتعلقة بالخدمات التي تقدمها األشخاص المهنية الخاضعة لرقابة هيئة األسواق‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.399‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 15‬من القانون ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير المصرفية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Article L621-10 «les enquêteurs et les contrôleurs peuvent, pour les nécessités de l’enquête‬‬
‫‪ou du contrôleurs peuvent, pour les nécessités de l’enquête ou du contrôle, se faire‬‬
‫‪communiquer les données conservées et traitées par les operateurs de télécommunication dans le‬‬
‫‪cadre de l’article 34-01 du code des postes et des communications électroniques et les‬‬
‫‪prestataires mentionnés aux 01et 02 du l’article 06 de la loi n°2004-575 du 21 juin2004 pour la‬‬
‫‪confiance dans l’ économie numérique et obtenir la copie».‬‬

‫‪123‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫المالية‪ ،‬كما منحهم القانون الحق في استدعاء كل شخص من شأنه أن يزودهم بمعلومات تفيد‬
‫‪1‬‬
‫التحقيق واالستماع إليهم بهدف الحصول على اإليضاحات‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالمشرع الجزائري فقد منح لألعوان المؤهلين أن يطلبوا إمدادهم بأية وثائق‬
‫أيا كانت دعامتها وأن يحصلوا على نسخ منها‪ ،‬وهذا ما تضمنه المادة ‪ 37‬من المرسوم‬
‫التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تحرير المحاضر‬


‫أكدت المادة ‪ 621-12‬من التقنين النقدي والمالي (الفقرة ‪ )12‬على واجب أعوان هيئة‬
‫األسواق المالية بتحرير محاضر التفتيش والضبط‪ ،‬وتعد محاضر جمع االستدالل التي يحررها‬
‫أعوان الهيئة حجة بالنسبة للوقائع التي يثبتونها إلى أن يثبت ما ينفيها بالكتابة وشهادة الشهود‪.2‬‬

‫في حين أغفل المشرع الجزائري بموجب المادة ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‬
‫المعدل والمتمم وعلى غرار المشرع المصري في قانون سوق رأس المال أو قانون تنظيم‬
‫الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير المصرفية‪ :‬النص على اختصاص أعوان لجنة‬
‫تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها أو الموظفين التابعين للهيئة العامة للرقابة المالية‪ ،‬والذين‬
‫منحوا صفة الضبط القضائي بتحرير المحاضر‪.‬‬

‫وفي حال غياب الحكم الخاص يرجع الحكم القاعدة العامة المنصوص عليها بموجب‬
‫قواعد قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬والتي تمنح رجال الضبط القضائي االختصاص بتحرير‬
‫محاضر‪ ،‬وليس الحال كذلك بالنسبة للمشرع الجزائري فاختصاصهم مقصور على ما ورد‬
‫بالقوانين الخاصة وفقا لألحكام العامة الواردة بقانون اإلجراءات الجزائية الجزائري لذلك ال بد‬
‫من أن يتدخل المشرع الجزائري للنص صراحة بموجب القوانين الخاصة على سلطة األعوان‬
‫بتحرير المحاضر‪ ،‬وفي حال تم ذلك تكون للمحاضر التي يحررها األعوان حجية إلى حين‬
‫إثبات العكس بالكتابة أو شهادة الشهود‪.‬‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.299‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪300‬‬

‫‪124‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التزامات مأموري الضبط القضائي في مجال البورصة‬


‫يقع على عاتق مأموري الضبط القضائي العديد من االلتزامات عند قيامهم بعملهم داخل‬
‫سوق األوراق المالية‪ ،‬وهذه االلتزامات قد يكون مصدرها القواعد العامة (مثل قواعد‬
‫االختصاص وشرعية الوسيلة)‪ ،‬أو القوانين الخاصة بتنظيم بورصة األوراق المالية‪ ،‬وعليه‬
‫سيتم التطرق إلى االلتزامات الواردة في بورصة األوراق المالية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام بعدم إفشاء سر المهنة‬


‫يجوز لمأموري الضبط القضائي اإلطالع على السجالت والدفاتر الخاصة بالمتعاملين‬
‫في سوق األوراق المالية‪ ،‬ويترتب على ذلك معرفتهم للعديد من المعلومات الجوهرية التي‬
‫تستخدم في تحقيق أرباح طائلة‪ ،‬أو تحمل خسائر فادحة‪ ،‬وكان مقابل ذلك هو التزامهم بعدم‬
‫‪1‬‬
‫إفشاء األسرار التي تصل إليهم بحكم عملهم‪ ،‬وإال كانوا محال للمسؤولية الجزائية‪.‬‬

‫بالرجوع إلى األحكام العامة نجد أن المشرع يقرر حماية جنائية لألسرار المهنية‬
‫بموجب نصوص قانون العقوبات‪ ،‬إذ يعاقب كل من كان مودعا لديه بمقتضى وظيفته أو‬
‫صناعته سر خصوصي أو أفشاه في غير األحوال التي يبيح فيها القانون ذلك‪ ،‬حيث نص‬
‫المشرع المصري في المادة ‪ 310‬من قانون العقوبات المصري على ضرورة االلتزام بكتمان‬
‫السر المهني‪ ،‬حيث ألزم األطباء والجراحين والصيادلة والقوابل وغيرهم بضرورة كتمان السر‬
‫الذي ائتمنوا عليه بمقتضى صناعتهم أو وظيفتهم‪ ،‬وإال فستوقع في حقهم عقوبة الحبس لمدة ال‬
‫‪2‬‬
‫تزيد على ستة أشهر وغرامة ال تتجاوز خمسمائة جنيه مصري‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالمشرع الجزائري فقد أخذ نفس اتجاه المشرع المصري‪ ،‬حيث ألزم هو‬
‫اآلخر األطباء والجراحون والصيادلة والقابالت وجميع األشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو‬
‫المهنة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة على أسرار أدلي بها إليهم وأفشوها في غير الحاالت التي‬
‫يوجب فيها القانون إفشائها‪ ،‬وإال كانوا محال للمسؤولية الجزائية وتوقع عليهم عقوبة الحبس من‬
‫‪3‬‬
‫شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من ‪500‬دج إلى ‪5000‬دج‪.‬‬

‫في حين نص المشرع الفرنسي بموجب المادة ‪ 13 -226‬من قانون العقوبات على‬
‫جريمة إفشاء السر المهني‪ ،‬واعتبر كل من أفشى معلومة ذات طابع سري توافرت لديه بحكم‬
‫الواقع أو المهنة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة يعاقب بالحبس لمدة سنة وبغرامة قدرها ‪1500‬‬
‫يورو‪.‬‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.415‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 310‬من قانون العقوبات المصري‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 301‬من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ويلتزم كل شخص ساهم في إجراءات التحري والتحقيق بالحفاظ على السر المهني‬
‫‪1‬‬
‫(القضاة وقضاة التحقيق‪ ،‬ضباط وأعوان الشرطة القضائية)‪.‬‬

‫والسؤال الذي يطرح هل أكد المشرع بموجب التشريعات الخاصة بالبورصة على‬
‫ضرورة التزام أعضاء الضبط القضائي المختصين‪ ،‬وغيرهم من المكلفين بتطبيق أحكامه‬
‫باألسرار المهنية أم أنه أغفل التأكيد على هذا االلتزام ‪ ،‬ومن ثم يطبق حكم القاعدة العامة‬
‫الواردة في قانون العقوبات؟‬

‫يرى بعض الفقه ضرورة النص صراحة بموجب تشريعات البورصة على التزام‬
‫الموظفين المكلفين بتطبيق أحكامه بالمحافظة على كافة األسرار التي تصل إلى علمهم بسبب أو‬
‫أثناء تأدية أعمالهم والعقاب على خرق هذا االلتزام بعقوبات تزيد عن تلك تقضي بها القواعد‬
‫العامة في قانون العقوبات وحجتهم في ذلك العواقب الوخيمة التي قد تترتب عن مخالفة هذا‬
‫االلتزام‪ 2،‬جسامة األضرار التي من الممكن أن تترتب عن خرق ذلك االلتزام‪ ،‬فالموظفون‬
‫المختصون بتطبيق أحكام التشريعات الخاصة في المجالين االقتصادي والمالي بصفة عامة‬
‫والقائمون على تنفيذ تشريعات البورصة يتمتعون بسلطات واسعة ومتميزة‪ ،‬تمكنهم من‬
‫اإلطالع على كافة ما بداخل المؤسسات المالية والشركات التجارية‪ ،‬والشركات العاملة بمجال‬
‫سوق األوراق المالية المنظمة القائمة بنشاط االستثمار المالي في األوراق المالية مما يسهم في‬
‫إمداد هم بمعلومات تتعلق بنشاط الشركات التجارية والصناعية مثال ذلك اإلطالع على عمليات‬
‫الشراء والبيع التي تكون الشركة مقبلة على إبرامها‪ ،‬أو حتى شروط الصفقات أو العقود‬
‫اإلدار ية التي ستبرمها‪ ،‬والتي من الممكن أن يستغلها العاملون بالهيئة ممن لهم صفة الضبط‬
‫القضائي للتربح من ورائها أو اإلطالع على معلومة متميزة قبل علم الجمهور بها والتي من‬
‫شأنها التأثير على سعر أوراقها المالية المقيدة بسوق البورصة‪.‬‬

‫عدم الثقة الخاضعين ألحكام التشريعات االقتصادية والمالية في القائمين على تطبيقها‬
‫مما يؤدي إلى التجائهم للتحايل والغش في المحررات والدفاتر التجارية والمستندات الرسمية‬
‫لتفادي استغالل المعلومات الحقيقة لصالح منافسيهم ما يشكل عقبة أمام التطبيق السليم‬
‫لتشريعات البورصة‪.‬‬

‫بالرجوع إلى موقف المشرع المصري من ذلك نجده قد أكد بموجب نص المادة ‪ 64‬من‬
‫قانون سوق رأس المال على ضرورة التزام العاملين بالهيئة العامة للرقابة المالية بعدم استقالل‬
‫السر‪ ،‬الذي اتصل به ب حكم وظيفته لتحقيق النفع لنفسه أو لزوجه أو أوالده وتنطوي هذه‬

‫‪ - 1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.258‬‬


‫‪ - 2‬طارق عفيفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫وأنظر أيضا‪ :‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬

‫‪126‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الجريمة تحت إطار جريمة التربح من أعمال الوظيفة‪ ،‬التي نصت عليها المادة ‪ 115‬من قانون‬
‫‪1‬‬
‫العقوبات‪.‬‬

‫ويمكن أن يتخذ النفع المحقق من وراء جريمة استغالل الوظيفة طابعا ماديا‪ ،‬كما لو سلم‬
‫الربح إلى الجاني يد بيد‪ ،‬أو أودع الربح في حسابه بالبنك أو سلمت له شقة على وجه الملكية أو‬
‫اإليجار أو طابعا حكميا‪ ،‬كما لو تمثل الربح في دين أسقط عنه أو في منفعة ليست ذات طبيعة‬
‫‪2‬‬
‫مادية ندبت بالفعل للموظف كالتعاقد معه للعمل مستشارا أو خبيرا‪.‬‬

‫أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري من ذلك فقد تضمنت المادة ‪ 39‬من المرسوم‬
‫التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة ألزام أعضاء اللجنة وأعوانهم بالسر المهني‬
‫فيما يخص الوقائع واألعمال والمعلومات التي اطلعوا عليها بحكم وظيفتهم‪ ،‬وذلك حسب‬
‫‪3‬‬
‫الشروط وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات‪.‬‬

‫ومن ثم فإن المشرع الجزائري تضمن النص على هذا االلتزام‪ .‬بالنسبة لألعوان اللجنة‬
‫والمكلفين بحق اإلطالع على أي وثيقة تهمهم في ضبط المعامالت غير المشروعة في‬
‫البورصة ولكنه أحالنا على قانون العقوبات في حالة مخالفة هذا االلتزام من أجل توقيع العقوبة‬
‫على مرتكبيها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االلتزام بصدق عند إعداد التقارير‬


‫أكد المشرع المصري بموجب نص المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال على ضرورة‬
‫التزام العاملين بالهيئة العامة للرقابة المالية‪ ،‬السيما من تثبت لهم صفة الضبط القضائي بواجب‬
‫الدقة واألمانة في إعدادهم للتقارير التي تأخذ صورة محاضر الضبط المحررة من طرفهم عقب‬
‫القيام بسلطتهم في الدخول واالطالع‪ ،‬سواء المثبتة منها لجرائم البورصة‪ ،‬أم التي تؤكد التزام‬
‫‪4‬‬
‫المتعاملين في سوق األوراق المالية بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية المنظمة‪.‬‬

‫تعد هذه الجريمة صورة خاصة من صور جريمة التزوير‪ ،‬وال تقوم إال في حالة إثبات‬
‫وقائع غير صحيحة أو إغفال وقائع تؤثر في نتائجها‪ ،‬وفي هذه الحالة يعد الموظف أو مأمور‬
‫‪5‬‬
‫الضبط القضائي المسؤول عن تحرير المحضر مرتكبا لجريمة التزوير في المحررات‪.‬‬

‫وبالرجوع لألحكام العامة نجدها تؤكد بأن التزوير يتحقق باإلضافة أو الحذف إذ كان‬
‫من شأنها تغير الحقيقة مع العلم أن جوهر التزوير هو تغيير الحقيقة‪ ،‬أي إبدالها بما يغايرها فال‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.240‬‬


‫‪ - 2‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬قانون العقوبات‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2007 ،‬ص ‪.267‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 39‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال المصري (‪.1992)95‬‬
‫‪ - 5‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.136‬‬

‫‪127‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫يعد تغييرا لها أي إضافة لمضمون المحرر أو حذف منه‪ ،‬طالما ظلت الحقيقة المنبعثة منه‬
‫‪1‬‬
‫بحالتها نفسها قبل اإلضافة أو الحذف‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بمحل هذه الجريمة فهو كل محرر مكتوب من شخص ظاهر معروف‬
‫‪2‬‬
‫ويتضمن سردا لواقعة أو تعبيرا عن إرادة أو رغبة‪.‬‬

‫ويقع التزوير وإن كان حاصال في محرر باطل شكال الحتمال حصول الضرر منه‬
‫للغير أو للجميع‪ ،‬فالمحرر الباطل وإن جرده القانون من كل أثر فقد تتعلق به ثقة الغير ممن ال‬
‫يتضح أمامهم ما يشوبه من عيوب‪ ،‬ويصح أن ينخدع به كثير من الناس الذين يفوتهم مالحظة‬
‫ما فيه من نقص‪ ،‬وهذا وحده كاف لتوقع حصول الضرر للغير بسب هذا المحرر‪ .‬ومن ثم‬
‫يعاقب موظفوا الهيئة ومن بينهم من تثبت لهم صفة الضبط القضائي الرتكابهم جريمة إثبات‬
‫وقائع غير صحيحة في التقارير المعدة من قبلهم أو إغفال وقائع تؤثر في نتائجها بالحبس مدة ال‬
‫‪3‬‬
‫تقل عن سنتين وبغرامة ال تقل على عشرين ألف جنيه وال تزيد على مليون جنيه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األجهزة المختصة بمكافحة جرائم البورصة‬


‫تلعب األسواق المالية في الوقت الحالي دورا هاما في مجال االقتصاد باعتبارها مضخة‬
‫مالية لكبرى المشروعات واالستثمارات‪ ،‬وهو األمر الذي دفع بالمشرع إلى تتتبع السبل التي‬
‫تؤدي إلى ضبطها وتنظيمها‪ ،‬وقد كان المشرع الفرنسي سباقا لتبني جهاز يقوم على هذه‬
‫المهمة‪ ،‬هو هيئة األسواق المالية (الفرع األول) بموجب قانون األمن المالي الصادر في األول‬
‫من أغسطس ‪ ،2003‬نتيجة الندماج لجنة عمليات البورصة‪ ،‬مجلس األسواق المالية ومجلس‬
‫تأديب المتعاملين في التسيير المالي‪.‬‬

‫في حين عهد المشرع المصري بهذه المهمة للهيئة العامة لسوق رأس المال (الفرع‬
‫الثاني) بموجب المادة ‪ 42‬من قانون سوق رأس المال‪ ،‬التي استبدلها مؤخرا بالهيئة العامة‬
‫للرقابة المالية بموجب القانون رقم ‪ 10‬لسنة‪ 2009‬الخاص بتنظيم الرقابة على األسواق‬
‫واألدوات المالية غير المصرفية‪.‬‬

‫وعلى غرار كل من المشرعين الفرنسي والمصري‪ ،‬اعتمد المشرع الجزائري لجنة‬


‫تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها( الفرع الثالث) بموجب المادة ‪ 20‬من المرسوم‬
‫التشريعي‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.269‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.267‬‬
‫‪ - 3‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.302‬‬

‫‪128‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬هيئة األسواق المالية الفرنسية‬


‫سيتم التطرق من خالل هذا الفرع إلى بيان تشكيلة هذه الهيئة (أوال)‪ ،‬والسلطات التي‬
‫خولها القانون لها (ثانيا)‪ ،‬وكذا معرفة االختصاصات التي منحت لها ( ثالثا) بموجب‬
‫النصوص القانونية للسهر على ضمان وشفافية وحسن سير المعامالت والتعامالت المبرمة‬
‫داخل األسواق المالية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تشكيلة هيئة األسواق المالية الفرنسية‬
‫تؤدي هيئة األسواق المالية المهام الموكلة إليها عن طريق ثالثة تشكيالت أساسية "‬
‫مجلس الهيئة"‪ ،‬لجنة العقوبات‪ ،‬وكذا لجان متخصصة‪ ،‬ولجان استشارية‪.‬‬

‫‪ :1‬مجلس الهيئة‬
‫‪1‬‬
‫يضم مجلس الهيئة ستة عشر عضوا موزعين كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬رئيس معين بموجب مرسوم لمدة ‪ 5‬سنوات من تاريخ التعيين غير قابلة للتجديد يتولى‬
‫رئاسة هيئة األسواق المالية وكذا تمثيلها أمام الجهات القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار من مجلس الدولة يعين من طرف نائب رئيس مجلس الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار من محكمة النقض يعين من طرف الرئيس األول لمحكمة النقض‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار من محكمة المحاسبات يعين من طرف الرئيس األول لمحكمة المحاسبات‪.‬‬
‫‪ -‬ممثل عن بنك فرنسا معين من قبل محافظ البنك‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس المجلس القومي للمحاسبة‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثة أعضاء يعينون لخبرتهم في المجال المالي والقانوني‪ ،‬وكذا لخبرتهم وتجربتهم في‬
‫مجال الدعوة العامة لالكتتاب في القيم المالية‪ ،‬وقبول األدوات المالية للتفاوض عليها‬
‫ضمن أسواق منظمة‪ ،‬وكذا استثمار االدخار في األدوات المالية من قبل رئيس مجلس‬
‫الشيوخ‪ ،‬رئيس الجمعية الوطنية‪ ،‬رئيس المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪.‬‬
‫‪ -‬ستة أعضاء يعينون لخبرتهم المالية والقانونية‪ ،‬وكذا لتجربتهم العملية في مجال الدعوة‬
‫العامة لالكتتاب في القيم المنقولة وقبول األدوات المالية للتفاوض عليها ضمن أسواق‬
‫منظمة‪ ،‬وكذا استثمار االدخار في األدوات المالية من قبل وزير االقتصاد‪ ،‬بعد أخذ رأي‬
‫المنظمات التمثيلية للشركات الصناعية والتجارية التي تعرض قيمها المنقولة الكتتاب عام‬
‫والمقبولة للتفاوض عليها في إطار سوق منظمة‪ ،‬وكذا شركات تسيير هيئات التوظيف‬
‫الجماعي وباقي المستثمرين‪ ،‬ومقدمي خدمات االستثمار وشركات السوق وغرف‬
‫المقاصة ومديري أنظمة التسليم مقابل الدفع وأمناء الحفظ‪.‬‬
‫‪ -‬ممثل عن العاملين أصحاب األسهم يعين بقرار من وزير االقتصاد بعد استشارة المنظمات‬
‫النقابية والجمعيات التمثيلية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 621-02‬من التقنين النقدي والمالي الفرنسي المعدلة بموجب القانون رقم‪ 672-2013‬المتعلقة بفصل وتنظيم‬
‫األنشطة البنكية متاح على الموقع‪http:www.senat-fr/rap/r05-404-1/r05-404-14 :‬‬

‫‪129‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫مدة عمل باقي األعضاء غير الرئيس وغير األعضاء المنصوص عليهم بموجب البندين ‪5‬‬
‫و‪( 6‬ممثل بنك فرنسا ورئيس المجلس القومي للمحاسبة) خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة‬
‫بعد انتهائها‪.‬‬

‫يستطيع المجلس تفويض اختصاصه للجان المتخصصة وفقا للشروط التي يحددها مرسوم‬
‫صادر من مجلس الدولة‪ ،‬وتضم أعضاء المجلس ويترأسها رئيس هيئة األسواق المالية التخاذ‬
‫قرارات فردية بأغلبية األصوات‪ ،‬وفي حالة تساوي األصوات باستثناء حالة اتخاذ قرار بجزاء‬
‫‪1‬‬
‫إداري يكون صوت الرئيس هو المرجح‪.‬‬

‫في حالة االستعجال التي يقدرها رئيس المجلس باستثناء موضوع العقوبات) يستطيع‬
‫المجلس البث في الموضوع بعد استشارة كتابية‪ ،‬كما يستطيع المجلس تشكيل لجان استشارية‬
‫تضم خبراء يعينهم الستصدار قرارات فردية‪ ،‬ويحق للمجلس أن يطلب من األطراف المخالفة‬
‫تقديم شروحات ويأمر األطراف المخالفة لألحكام المتعلقة بالوقاية من جرائم العالم بأسرار‬
‫الشركة أو جرائم التالعب باألسعار‪ ،‬أو جريمة نشر معلومات خاطئة ومضللة بالتوقف عن هذه‬
‫‪2‬‬
‫الممارسات‪.‬‬

‫‪ :2‬لجنة العقوبات‬
‫وهي اللجنة التي خول لها المشرع الفرنسي سلطة توقيع العقوبات المنصوص عليها‬
‫‪3‬‬
‫بموجب المادتين ‪ 621-15‬و‪ 621-17‬وتضم ‪ 12‬عضوا موزعين كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬مستشارين من مجلس الدولة معينين من طرف نائب رئيس مجلس الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬مستشارين من محكمة النقض معينين من قبل الرئيس األول لمحكمة النقض‪.‬‬
‫‪ -‬أعضاء معينين لمهارتهم المالية والقانونية ولخبرتهم في مجال الدعوة العامة لالكتتاب في‬
‫القيم المالية‪ ،‬وقبول األدوات المالية للتفاوض عليها ضمن أسواق منظمة‪ ،‬وكذا استثمار‬
‫االدخار في األدوات المالية بموجب قرار صادر من وزير االقتصاد بعد أخذ رأي‬
‫المنظمات التمثيلية للشركات الصناعية و التجارية التي تعرض قيمها المنقولة الكتتاب‬
‫عام أو المقبولة للتفاوض عليها في إطار سوق منظمة‪ ،‬وكذا شركات تسيير هيئات‬
‫التوظيف الجماعي وباقي المستثمرين‪ ،‬ومقدمي خدمات االستثمار وشركات السوق‬
‫وغرف المقاصة ومديري أنظمة التسليم مقابل الدفع وأمناء الحفظ‪.‬‬
‫‪ -‬ممثلين عن األجراء العاملين في شركات أو مؤسسات تقديم خدمات االستثمار وشركات‬
‫تسيير هيئات التوظيف الجماعي‪ ،‬وشركات السوق غرفة المقاصة ومسيرو أنظمة التسليم‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 621-03‬التقنين النقدي والمالي الفرنسي‪.‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 621-04‬من نفس التقنين‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد أحمد محمود عمارنة‪ ،‬رقابة هيئة سوق رأس المال على الشركات المساهمة (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز القومي‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص ‪.110‬‬

‫‪130‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫مقابل الدفع وأمناء الحفظ‪ ،‬معينون بقرار من وزير االقتصاد بعد أخذ استشارة المنظمات‬
‫النقابية والجمعيات التمثيلية‪.‬‬
‫‪ -‬ينتخب رئيس اللجنة من بين أعضائها المشار إليهم بالبندين ‪ 1‬و‪.2‬‬
‫‪ -‬مدة عضويتهم ‪ 05‬سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة‪ ،‬وبعد انتهاء مدة ‪ 5‬سنوات يستمر‬
‫األعضاء في العمل حتى أول اجتماع للجنة العقوبات بتشكيلها الجديد‪ ،‬وفي حالة غياب‬
‫أحد األعضاء ألي سبب تقرر اللجنة استبداله لباقي المدة‪ ،‬كما يتم تجديد أعضاء اللجنة‬
‫نصفيا كل ثالثين شهرا‪.‬‬

‫‪ :3‬اللجان المتخصصة‬
‫يستطيع مجلس هيئة األسواق المالية‪ ،‬كما سبقت اإلشارة إليه تفويض اختصاصاته للجان‬
‫متخصصة وفقا لنص المادة ‪ 03‬من قانون األمن المالي رقم ‪ 706-2003‬والمادة ‪ 621-02‬من‬
‫التقنين النقدي والمالي الفرنسي الستصدار قرارات فردية‪.‬‬

‫تضم كل لجنة خمسة أعضاء غير رئيسها على األقل‪ ،‬وقد قرر المجلس إنشاء ثالث‬
‫لجان متخصصة في ‪ 26‬نوفمبر ‪ 2003‬مهمتها فحص تقارير الضبط والرقابة‪ ،‬كما يمكنها أن‬
‫تقرر إبالغ األشخاص المعنية بتلك التقارير‪ ،‬وإعالم الجهات القضائية المعنية بما يتوافر لديها‬
‫‪1‬‬
‫من معلومات‪.‬‬

‫تجتمع كل لجنة متخصصة بدعوة من رئيس هيئة األسواق المالية أو بطلب من نصف‬
‫األعضاء‪ ،‬وفي حال غياب الرئيس يفوض أحد أعضائها لترأسها‪ ،‬وال تكون المداولة صحيحة‬
‫‪2‬‬
‫إال بحضور نصف األعضاء على األقل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬اللجان االستشارية‬


‫يحق لمجلس الهيئة تشكيل لجان استشارية تقوم بإعداد تقارير عن ردود األفعال‬
‫للموضوعات المتعلقة بحركة األسواق‪ ،‬وتضم في تشكيلها خبراء وتصدر قرارات بأعمالها‪.‬‬

‫تم تشكيل عدد خمسة لجان استشارية من أعضاء مجلس الهيئة ومن ذوي الخبرة لمدة ثالث‬
‫‪3‬‬
‫سنوات‪ ،‬وتجتمع هذه اللجان في المتوسط مرة شهريا واللجان االستشارية الخمس هي‪:‬‬
‫‪ -‬لجنة تنظيم وسير األسواق المالية‪.‬‬
‫‪ -‬لجنة استشارية ألنشطة المقاصة والحفظ والتسليم مقابل الدفع‪.‬‬
‫‪ -‬لجنة استشارية للتسيير والمستثمرين المؤسسين‪.‬‬
‫‪ -‬لجنة العمليات واإلعالم المالي للشركات المصدرة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 621-03‬من القسم التنظيمي للتقنين النقدي والمالي الفرنسي‪.‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 621-04‬من نفس التقنين‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 621-05‬من نفس التقنين‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ -‬لجنة استشارية للمدخرين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اختصاصات هيئة األسواق المالية الفرنسية‬


‫تعتمد هيئة األسواق المالية للقيام بمهمتها الئحة عامة تنشر في الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الفرنسية بعد أن يوافق عليها وزير االقتصاد بموجب قرار‪ ،1‬ويمكن بداية إجمال‬
‫‪2‬‬
‫اختصاصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حماية االدخار المستثمر في مجال األدوات المالية المعروضة في اكتتاب عام أو للتفاوض‬
‫في إطار سوق منظمة‪.‬‬
‫‪ -‬إعالم المستثمرين‪.‬‬
‫‪ -‬الحفاظ على حسن سير أسواق األدوات المالية وانتظامها‪.‬‬

‫ومن أجل القيام بهذه المهام منح القانون هيئة األسواق المالية سلطة إصدار الئحة لحماية‬
‫المستثمرين‪ ،‬وكذا تنظيم عمل المهنيين ( مقدمي خدمات االستثمار) الذين يعملون تحت سلطة‬
‫‪3‬‬
‫األسواق المالية وفقا لإلطار العام لقواعد سير األسواق المنظمة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬سلطات هيئة األسواق المالية الفرنسية‬


‫تتمتع هيئة األسواق المالية الفرنسية بمجموعة من السلطات منحها إياها المشرع وهي‬
‫سلطة الرقابة‪ ،‬سلطة التحقيق‪ ،‬سلطة توقيع جزاءات إدارية عقابية‪.‬‬

‫‪ :1‬سلطة الرقابة‬
‫تسهر هيئة األسواق المالية على احترام األشخاص المعنوية الخاضعة لرقابتها‬
‫واألشخاص الطبيعية التي تعمل تحت سلطتها أو لحسابها لاللتزامات المهنية الملقاة على عاتقهم‬
‫‪4‬‬
‫وهم‪:‬‬
‫‪ -‬مقدمو خدمات االستثمار المعتمدون أو الممارسون لنشاطهم في مؤسسات حرة داخل‬
‫فرنسا‪ ،‬وكذا األشخاص المعنوية الخاضعة لسلطتها أو التي تعمل لحسابها‪.‬‬
‫‪ -‬األشخاص المسموح لهم بممارسة نشاط حفظ أو إدارة أدوات مالية‪.‬‬
‫‪ -‬أمناء الحفظ‪ ،‬وكذا مسيرو نظام تنظيم وتسليم األدوات المالية‪.‬‬
‫‪ -‬أعضاء السوق المنظمة الذين ال يقدمون خدمات االستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬شركات السوق‪.‬‬
‫‪ -‬غرف مقاصة األدوات المالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 621-06‬من القسم التنظيمي للتقنين النقدي والمالي الفرنسي‪..‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 621 -01‬من نفس التقنين‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 07-621‬من التقنين النقدي والمالي معدلة بموجب األمر رقم ‪ 676-2013‬الصادر في ‪ 25‬يوليو ‪2013‬‬
‫المعدل لإلطار القانوني لتسيير األصول المالية‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر الموقع الرسمي لهيئة األسواق المالية الفرنسية‪ ،‬السابق الذكر‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ -‬هيئات التوظيف الجماعي‪ ،‬وشركات إدارة هيئات التوظيف الجماعي وشركات إدارة‬
‫الصناديق المشتركة للتوظيف‪ ،‬شركات إدارة الشركات المدنية لالستثمار العقاري‬
‫وشركات إدارة شركات االستثمار في الغابات‪.‬‬
‫‪ -‬شركات إدارة المحافظ المالية التابعة إلحدى دول االتحاد األوربي أو العضو في اتفاقية‬
‫المنظمة االقتصادية األوربية‪ ،‬التي لها فرع بفرنسا أو تقدم خدمة على إقليمها‪ ،‬والتي تقوم‬
‫بمهمة تسيير واحدة أو أكثر من هيئات التوظيف الجماعي في القيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ -‬الوسطاء في القيم المختلفة‪.‬‬

‫ولقد منح المشرع الفرنسي لهيئة األسواق المالية نوعين من الرقابة‪ ،‬بغية ضمان إحكام‬
‫رقابتها على سوق األوراق المالية‪ ،‬وضبط سلوك المتعاملين داخلها بما يتوافق واألحكام‬
‫‪1‬‬
‫التشريعية والتنظيمية المنظمة‪:‬‬

‫‪ ‬رقابة تمثيلية داخلية‬


‫تفوض من خاللها هيئة األسواق المالية سلطاتها الرقابية لشركات السوق وغرف المقاصة‬
‫لرقابة العمليات المنفذة من طرف أعضاء السوق المنظمة للبورصة‪ ،‬أو المنفذة من طرف‬
‫مقدمي خدمات االستثمار بناءا على األوامر الموجهة إليهم‪.‬‬

‫‪ ‬رقابة خارجية‬
‫تقوم هيئة األسواق المالية بمهمة الرقابة والتحري من خالل هيئات خارجية‪ ،‬إذ تمنح هذه‬
‫المهمة لمراقبي الحسابات ولخبراء مقيدين ضمن الئحة الخبراء القضائيين‪ ،‬أو هيئات مختصة‬
‫ويتحصل هؤالء لقاء أدائهم لوظيفة الرقابة على مكافآت تمنحها هيئة األسواق المالية‪.‬‬

‫‪ :2‬سلطة التحقيق‬
‫يفتتح السكرتير لعام لهيئة األسواق المالية الفرنسية إجراءات التحقيق أمام هيئة األسواق‬
‫المالية‪ ،‬بعد تلقيه شكاوى من أطراف خارجية متضررة من أفعال منافية لالئحة العامة‪ ،‬أو من‬
‫مؤسسات القرض أو الشركات المستثمرة‪ ،‬أو بعد إتمامها لمهمتها الرقابية‪ ،‬إذ يقوم بتكليف‬
‫المحققين إلثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة للقوانين المنظمة لبورصة األوراق المالية‪ ،‬أو أي‬
‫‪2‬‬
‫مخالف ألحكام الالئحة العامة لهيئة األسواق المالية‪.‬‬

‫ولهم في سبيل قيامهم بمهامهم سلطات تتشابه إلى حد بعيد بمهام الضبط اإلداري‬
‫وإجراءات أخرى هي في حقيقتها إجراءات قضائية يشترط لصحة إتيانها صدور إذن من‬
‫جهات قضائية مختصة‪ ،‬تسفر في األخير عن تحرير محاضر ضبط وتقارير مكتوبة‪ ،‬ترفع‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.402‬‬


‫‪ - 2‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.366‬‬

‫‪133‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫لهيئة األسواق المالية الفرنسية لتفتح إجراءات استصدار العقوبات اإلدارية في حق المخالفين‬
‫‪1‬‬
‫ألحكام التقنين النقدي والمالي‪ ،‬وألحكام الالئحة العامة لهيئة األسواق المالية‪.‬‬

‫وفي حال ما إذا قرر المجلس افتتاح إجراءات النطق بالعقوبات اإلدارية ضد مرتكبي‬
‫األفعال التي تشكل مخالفة ألحكام الالئحة العامة لهيئة األسواق المالية‪ ،‬يعلن أسباب الدعوى‬
‫لألشخاص المعنية برسالة موصى عليها بعلم الوصول مرفقة بتقارير التحري والرقابة‪ ،‬تلتزم‬
‫األشخاص المعلنة بأسباب الدعوى بإرسال مالحظاتها المكتوبة في ظرف شهرين لرئيس هيئة‬
‫األسواق المالية‪ ،‬يقوم هذا األخير بإخطار لجنة العقوبات بإعالن أسباب الدعوى والتي تعين‬
‫بدورها مقررا من بين أعضائها‪.‬‬

‫‪ :3‬السلطة العقابية‬
‫يخول المشرع الفرنسي لرئيس هيئة األسواق المالية الحق في أن يطلب من رئيس‬
‫محكمة المرافعة الكبرى باريس (محكمة الجنح) إصدار أمر إلى أحد األشخاص المخالفة‬
‫باالمتثال للنصوص التشريعية والتنظيمية‪ ،‬وبالتوقف عن األفعال المنافية‪ ،‬أو إزالة أثر‬
‫‪2‬‬
‫المخالفات التي أتتها إذا كان من شأن تلك األفعال التسبب في‪:‬‬
‫‪ -‬اإلضرار بحقوق المدخرين‪.‬‬
‫‪ -‬التأثير على أداء السوق‪.‬‬
‫‪ -‬حصول أصحاب الشأن على مصلحة غير مبررة‪ ،‬والتي من غير الممكن أن يحصلوا‬
‫عليها في ظل األداء الطبيعي للسوق‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاك مبدأ المساواة في الحصول على المعلومة أو تعامل المستثمرين والوسطاء بالمخالفة‬
‫لاللتزامات المهنية المفروضة عليهم‪.‬‬

‫وتعتبر من بين أهم صور السلطات سلطة التوصية المباشرة والتي تسهم في ضبط مجال‬
‫سوق األوراق المالية‪ ،‬والحد من الضرر قبل تفشيه وانتشاره‪ ،‬وبموجبها يكون لمجلس الهيئة أن‬
‫يأمر األشخاص المخالفة بالتوقف ( داخل فرنسا وخارجها) عن كافة أشكال التعدي والمخالفة‬
‫لاللتزامات المنصوص عليها بموجب التنظيمات األوربية واألحكام التشريعية والتنظيمية أو‬
‫‪3‬‬
‫القواعد المهنية التي تهدف لحماية المستثمرين من األفعال المخالفة‪.‬‬

‫‪ - 1‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ، ،‬ص ‪.367‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 621-14‬من التقنين النقدي والمالي الفرنسي‪ ،‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.403‬‬

‫‪134‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الهيئة العامة للرقابة المالية‬


‫الهيئة العامة لسوق المال هي هيئة عامة تتبع وزير االقتصاد والتجارة الخارجية‪ ،‬مقرها‬
‫مدينة القاهرة‪ ،‬ويجوز بقرار من الوزير بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة إنشاء فروع ومكاتب لها‬
‫‪1‬‬
‫داخل وخارج البالد‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن الهيئة العامة لسوق المال حلت محلها الهيئة العامة للرقابة المالية‬
‫بموجب القانون ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير‬
‫المصرفية‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬تشكيلة الهيئة العامة للرقابة المالية‬


‫‪3‬‬
‫يتشكل مجلس إدارة الهيئة من‪:‬‬
‫رئيسا‪.‬‬ ‫‪ -‬رئيس الهيئة‬
‫نائب للرئيس‪.‬‬ ‫‪ -‬نائب رئيس الهيئة‬
‫‪ -‬نائب محافظ البنك المركزي عضوا‪.‬‬
‫‪ -‬وأربعة أعضاء من ذوي الخبرة يصدر بتعينهم وتحديد مكافآتهم لمدة سنتين قابلة للتجديد‬
‫بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير‪.‬‬
‫‪ -‬وي صدر بتعيين رئيس الهيئة ونائبه وتحديد المعاملة المالية لهما قرار من رئيس‬
‫الجمهورية لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد لمدد أخرى‪.‬‬

‫ويتولى رئيس الهيئة إدارتها وتصريف أمورها‪ ،‬ويمثلها أمام القضاء وفي مواجهة الغير‬
‫‪4‬‬
‫وله أن يفوض واحدا أو أكثر من شاغلي الوظائف العليا بعض اختصاصاته‪.‬‬

‫وقد نص قانون سوق رأس المال المصري على أن يكون لموظفي الهيئة الذين يصدر‬
‫بتحديد أسمائهم أو وظائفهم قرار من وزير العدل باالتفاق مع الوزير صفة الضبطية القضائية‬
‫في إثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة ألحكام القانون والئحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذا‬
‫له‪ ،‬ولهم في سبيل ذلك اإلطالع على السجالت والدفاتر والمستندات والبيانات في مقر الشركة‬
‫‪5‬‬
‫أو مقر البورصة أو الجهة التي توجد بها‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 42‬من قانون سوق رأس المال (‪ )95‬لسنة ‪..)1992‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 03‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير المتخصصة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 45‬من قانون سوق رأس المال المصري رقم ‪ 95‬لسنة ‪.1992‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 46‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 49‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬اختصاصات الهيئة العامة للرقابة المالية‬


‫أنشئت الهيئة العامة للرقابة المالية بموجب القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ ،2009‬وتختص‬
‫بالرقابة واإلشراف على األسواق واألدوات المالية غير المصرفية‪ ،‬بما في ذلك أسواق رأس‬
‫المال‪.‬‬
‫تهدف الهيئة العامة من خالل أدائها لعملها ومهامها المتعددة إلى الحفاظ على سالمة‬
‫واستقرار األسواق المالية غير المصرفية وتنظيمها وتنميتها‪ ،‬وعلى توازن حقوق المتعاملين‬
‫فيها وتوفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه األسواق وشفافية األنشطة‬
‫‪1‬‬
‫التي تمارس فيها‪.‬‬

‫وتختص الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها ما يلي‪:‬‬


‫‪2‬‬

‫‪ -‬الترخيص بمزاولة األنشطة المالية غير المصرفية‪.‬‬


‫‪ -‬التفتيش على الجهات التي يرخص لها بالعمل في األنشطة واألسواق المالية غير‬
‫المصرفية‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار القواعد التي تتضمن كفاءة األسواق المالية وشفافية األنشطة التي تمارس فيها‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان المنافسة والشفافية في تقديم الخدمات المالية غير المصرفية من خالل الرقابة على‬
‫األسواق‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشراف على تدريب العاملين في األسواق المالية غير المصرفية وعلى رفع كفاءتها‪.‬‬
‫‪ -‬االتصال والتعاون مع هيئة الرقابة المالية غير المصرفية في الخارج والجمعيات‬
‫والمنظمات التي تحميها أو تنظم عملها‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في نشر الشفافية والتوعية المالية االستثمارية‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى اختصاصها الذي تضمنها قانون سوق رأس المال رقم ‪ 95‬لسنة ‪1992‬‬
‫‪3‬‬
‫وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬تنظيم وتنمية سوق رأس المال‪ ،‬ويجب أخذ رأي الهيئة في مشروعات القوانين والقرارات‬
‫المتعلقة بسوق رأس المال‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم أو اإلشراف على دورات تدريبية للعاملين في سوق رأس المال أو الراغبين في‬
‫العمل به‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشراف على توفير ونشر المعلومات والبيانات الكافية عن سوق رأس المال والتحقق من‬
‫سالمتها ووضوحها وكشفها عن الحقائق التي تعبر عنها‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.307‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 04‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير المتخصصة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 43‬من قانون سوق رأس المال المصري ‪ 95‬لسنة ‪.1992‬‬

‫‪136‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ -‬مراقبة سوق رأس المال للتأكد من أن التعامل يتم على أوراق مالية سليمة‪ ،‬وأنه غير‬
‫مشوب بالغش أو النصب أو االحتيال أو االستغالل أو المضاربات الوهمية‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمتابعة تنفيذ أحكام القانون و القرارات الصادرة تنفيذا له‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬سلطات الهيئة العامة للرقبة المالية‬


‫يباشر موظفي الهيئة الذين يملكون صفة الضبطية القضائية سلطاتهم في الضبط في‬
‫الحدود المقررة للضبطية العامة‪ ،‬وهي التحري عن الجرائم واكتشافها‪ ،‬جمع االستدالالت‬
‫وتحرير المحاضر‪ ،‬اإلطالع على السجالت والمستندات‪.‬‬

‫‪ :1‬التحري عن الجرائم واكتشافها‬


‫يختص موظفو هيئة سوق المال ممن منحوا صفة الضبطية القضائية بالقيام بكل ما من‬
‫شأنه الكشف عن الجرائم التي تقع بالمخالفة لقانون سوق المال ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬واللوائح‬
‫والقرارات الصادرة تنفيذا له‪ ،‬فهم مختصون بجمع التحريات الالزمة للكشف عما ارتكب من‬
‫‪1‬‬
‫جرائم ومن قام بارتكابها‪.‬‬

‫وتلك المهمة تمثل واجبا على رجل الضبط القضائي سواء كان ينتمي إلى الضبطية‬
‫العادية أم إلى طائفة الموظفين الذين أسند القانون لهم مهمة القيام بضبط وكشف الجرائم التي‬
‫‪2‬‬
‫تقع بالمخالفة لقانون سوق المال واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا له‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن مأموري الضبط القضائي من موظفي الهيئة يجب عليهم أن يقوموا‬
‫بأنفسهم أو بواسطة معاونيهم بعمل التحريات على الوقائع التي تصل إليهم بأية طريقة‪ ،‬سواء‬
‫كانت عن طريق قيامهم بمراقبة العمليات التي تتم في بورصة األوراق المالية‪ ،‬أو عن طريق‬
‫قيامهم بمراجعة التقارير التي تقدم من الشركات التي تطرح أوراقا مالية في اكتتاب عام‪ ،‬أو‬
‫عن طريق الشكاوى والبالغات التي تقدم لهم ويجب أن تتضمن هذه التحريات كافة القرائن‬
‫‪3‬‬
‫التي تفيد في معرفة الحقيقة إثباتا أو نفيا لواقعة معينة‪.‬‬

‫كما يجب على مأموري الضبط من موظفي الهيئة تلقي البالغات والشكاوى التي ترد‬
‫إليهم بخصوص الجرائم التي تقع بالمخالفة لقانون سوق رأس المال واللوائح والقرارات‬
‫الصادرة تنفيذا له‪.‬‬

‫ويجب عليهم أيضا عن د قيامهم بإجراءات التحري وكشف الجرائم التقيد ببعض الضوابط‬
‫التي يجب مراعاتها عند ممارسة اختصاصاتهم‪ ،‬ومن أهم هذه الضوابط االلتزام بمشروعية‬
‫الوسائل التي يستعملونها في الكشف عن الجرائم‪ ،‬وذلك من أجل ضمان سالمة عملية الضبط‬

‫‪ - 1‬محمد أحمد محمود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪200‬‬


‫‪ - 2‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.322‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.406‬‬

‫‪137‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫وخلوها من المطاعن التي يمكن أن تثار بعد ذلك في المراحل التالية للخصومة الجنائية‪ ،‬وتؤدي‬
‫إلى بطالن الضبط‪ ،‬وإذا بطل الضبط لعدم مشروعية الوسائل المستخدمة فيه‪ ،‬بطل كل إجراء‬
‫‪1‬‬
‫ترتب على الضبط الباطل‪ ،‬ألن كل ما يترتب على الضبط الباطل يكون مشابا بعيب البطالن‪.‬‬

‫‪ :2‬جمع االستدالالت وتحرير المحاضر‬


‫بمجرد اكتشاف الجريمة وعلم مأمور الضبط بها سواء كان ذلك نتيجة التحريات التي‬
‫قام بها أو للبالغ الذي تقدم به صاحب الشأن‪ ،‬فإن على مأموري الضبط القضائي جمع‬
‫االستدالالت الالزمة ويتضمن هذا الواجب تجميع كافة العناصر والقرائن واألدلة الالزمة‬
‫للتحقيق‪ ،‬والتي تسهل القيام به فيما بعد‪ ،‬وعلى الموظف الذي قام بالضبط في سبيل تحقيق هذا‬
‫الهدف أن يحصل على جمع اإليضاحات ويجري المعاينات الالزمة لتسهيل إثبات الوقائع التي‬
‫‪2‬‬
‫اكتشفها‪.‬‬

‫فيجب على مأموري الضبط القضائي أن يجمع اإليضاحات الالزمة من جميع‬


‫األشخاص المتصلين بالواقعة ممن لديهم معلومات عنها‪ ،‬المبلغ‪ ،‬المشتبه فيه‪ ،‬الشهود وغيرهم‬
‫ويجب دعوتهم إلعطاء هذه اإليضاحات بأسلوب واحد دون تمييز‪ ،‬وتتم هذه الدعوة بإخطارهم‬
‫‪3‬‬
‫بأية طريقة أو بالطريق اإلداري‪.‬‬

‫وعلى مأموري الضبط إثبات جميع ما يقوم به من إجراءات االستدالل في محاضر‬


‫موقع عليها منه‪ ،‬يبن فيها وقت اتخاذ اإلجراءات ومكان حصولها‪ ،‬ويجب أن تشتمل المحاضر‬
‫زيادة على ما تقدم تو قيع الشهود والخبراء الذين سمعوا‪ ،‬وترسل المحاضر إلى النيابة مع‬
‫‪4‬‬
‫األوراق واألشياء المضبوطة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‬


‫لقد أوكلت مهمة ضبط السوق المالية للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها أنشئت‬
‫بموجب المرسوم التشريعي رقم ‪ 10/93‬ثم أعاد القانون رقم‪ 03/04‬تنظيم السوق‪ ،‬بإعادة‬
‫تكييف ل‪.‬ت‪.‬ع‪.‬ب‪.‬م واعتبارها سلطة ضبط مستقلة‪ ،‬لها صالحية تنظيم السوق بقواعد مهنية‬
‫حيث منح المشرع للجنة مهمة حماية ادخار المستثمر في القيم المنقولة والسير الحسن للسوق‬
‫وشفافيتها كما خول أيضا سلطة المراقبة من أجل احترام التنظيم الساري المفعول به‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق إلى تشكيلة اللجنة(أوال)‪ ،‬وبيان اختصاصاتها (ثانيا)‪ ،‬ومن ثم‬
‫التطرق على سلطاتها (ثالثا)‪.‬‬

‫‪ - 1‬صالح البربري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬


‫‪ - 2‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.346‬‬
‫‪ - 3‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪.396 ،‬‬
‫‪ - 4‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.388‬‬

‫‪138‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تشكيلة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‬


‫لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها هي سلطة ضبط مستقلة تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية واالستقالل المالي‪ 1،‬وتتولى مهمة السهر على حماية االدخار المستثمر في القيم‬
‫المنقولة‪ ،‬أو أي منتوج مالي آخر يؤدي إلى اللجوء العلني لالدخار والسير الحسن للسوق‬
‫وشفافيتها وتتكون هذه اللجنة من رئيس وستة أعضاء‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرئيس‬
‫يعين رئيس اللجنة لمدة نيابة تدوم ‪ 04‬سنوات بمرسوم تنفيذ يتخذ في مجلس الحكومة‬
‫بناء على اقتراح الوزير المكلف بالمالية‪ 2،‬وتنهى مهامه بنفس الطريقة‪ ،‬غير أنه ال يمكن أن‬
‫تنهي مهامه أثناء ممارسة النيابة إال في حالة ارتكاب خطئ مهني جسيم أو لظروف استثنائية‬
‫‪3‬‬
‫تعرض رسميا في مجلس الحكومة‪.‬‬

‫ويمارس رئيس اللجنة مهمته كامل الوقت وهي تتنافى مع أية إنابة انتخابية أو وظيفة‬
‫حكومية‪ ،‬أو ممارسة وظيفة عمومية أو أي نشاط آخر باستثناء أنشطة التعليم أو اإلبداع الفني‬
‫‪4‬‬
‫أو الفكري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األعضاء‬
‫يعين أعضاء اللجنة حسب قدراتهم في المجالين المالي والبورصي‪ ،‬لمدة ‪ 04‬سنوات وفق‬
‫‪5‬‬
‫الشروط المحددة عن طريق التنظيم وتبعا للتوزيع اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬قاض يقترحه وزير العدل‪.‬‬
‫‪ -‬عضو يقترحه الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬
‫‪ -‬أستاذ جامعي يقترحه الوزير المكلف بالتعليم العالي‪.‬‬
‫‪ -‬عضو يقترحه محافظ بنك الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عضو مختار من بين المسيرين لألشخاص المعنوية المصدرة للقيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ -‬عضو يقترحه المصنف الوطني للخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات والمحاسبين‬
‫المعتمدين‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 20‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 175-94‬المؤرخ في ‪ 13‬يونيو ‪ 1994‬يتضمن تطبيق المواد ‪ 29 ،22 ،21‬من‬
‫المرسوم التشريعي‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 03‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 24‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 22‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ويعين أعضاء لجنة تنظيم عمليات البورصة‪ ،‬ومراقبتها بقرار من الوزير المكلف‬
‫‪1‬‬
‫بالمالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اختصاصات لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‬


‫تتولى لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬مهمة تنظيم سوق القيم المنقولة ومراقبتها‬
‫‪2‬‬
‫بالسهر خاصة على‪:‬‬
‫‪ -‬حماية االدخار المستثمر في القيم المنقولة أو المنتوجات المالية األخرى في إطار اللجوء‬
‫العلني لالدخار‪.‬‬
‫‪ -‬ال تخضع لرقابة اللجنة المنتجات المالية المتداولة في السوق التي هي تحت سلطة بنك‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬السير الحسن لسوق القيم المنقولة وشفافيتها‪.‬‬

‫وبهذه الصفة‪ ،‬تقدم لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها تقريرا سنويا عن نشاط سوق‬
‫القيم المنقولة إلى الحكومة‪ ،‬وتقوم لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها بتنظيم سير سوق‬
‫‪3‬‬
‫القيم المنقولة وبسن تقنيات متعلقة على وجه الخصوص بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬رؤوس األموال التي يمكن استثمارها في عمليات البورصة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة والقواعد المهنية المطبقة عليهم‪.‬‬
‫‪ -‬نطاق مسؤولية الوسطاء ومحتواها والضمانات الواجب اإليفاء بها اتجاه زبائنهم‪.‬‬
‫‪ -‬الشروط والقواعد التي تحكم العالقات بين المؤتمن المركزي على السندات والمستفيدين‬
‫‪4‬‬
‫من خدماته المذكورة في المادة ‪ 19‬مكرر أعاله‪.‬‬
‫‪ -‬القواعد المتعلقة بحفظ السندات وتسيير وإدارة الحسابات الجارية للسندات‪.‬‬
‫‪ -‬القواعد المتعلقة بتسيير نظام التسوية وتسليم السندات‪.‬‬
‫‪ -‬شروط التأهيل وممارسة نشاط حفظ وإدارة السندات‪.‬‬

‫تتأكد اللجنة من أي الشركات المقبول تداول قيمها في بورصة القيم المنقولة تتقيد‬
‫باألحكام التشريعية والتنظيمية السارية عليها‪ ،‬السيما في مجال القيم المنقولة وعقد الجمعيات‬
‫‪5‬‬
‫العامة وتشكيلة أجهزة اإلدارة والرقابة وعمليات النشر القانونية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 06‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 175-94‬المتضمن تطبيق المواد ‪ 29 ،22 ،21‬من المرسوم التشريعي‬
‫‪ ،10/93‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 30‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادتين ‪ 26‬و‪ 32‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 19‬مكرر من نفس المرسوم‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 35‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫تسهر اللجنة لحماية السوق على مراعاة قواعد وأخالقيات المهنة التي تفرض نفسها‬
‫على المتعاملين في السوق‪ 1،‬وتحدد قواعد وأخالقيات المهنة الواجب مراعاتها في الئحة‬
‫تصدرها اللجنة‪ ،‬ويمكن لرئيس اللجنة في حالة وقوع عمل يخاف األحكام التشريعية أو‬
‫التنظيمية‪ ،‬ومن شأنه اإلضرار بحقوق المستثمرين في القيم المنقولة‪ ،‬أن يطلب من المحكمة‬
‫إصدار أمر للمسؤولين بامتثال هذه األحكام‪ ،‬ووضع حد للمخالفة أو إبطال آثارها ويحيل نسخة‬
‫من طلبه على المجلس القضائي للغرض الذي يقتضيه القانون حيث تفصل الجهة القضائية‬
‫المختصة في األمر استعجاليا‪ ،‬بل ويمكنها أن تتخذ تلقائيا أي إجراء تحفظي وتصدر قصد تنفيذ‬
‫‪2‬‬
‫أمرها غرامة تهديدية تحيلها إلى الخزينة العمومية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬سلطات لجنة تنظيم عمليات البورصة‪.‬‬


‫تمثل لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها النموذج األمثل لسلطات الضبط‬
‫االقتصادي في الجزائر من حيث جمعها للسلطات الثالث‪ ،‬إذ زودها المشرع الجزائري وفقا‬
‫للمرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم سلطات لتمكينها من ممارسة مهامها‪ ،‬وذلك بهدف‬
‫تطوير سوق القيم المنقولة مراقبة لكن بالتمعن في هذه السلطات يظهر أن اللجنة ال تنفرد‬
‫بممارستها جميعا‪ ،‬إنما تتقاسم كل من السلطة التنظيمية مع السلطة التنفيذية وتتقاسم ممارسة‬
‫السلطة الرقابية مع هيئات ضبط أخرى في حين تتقاسم السلطة العقابية مع السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪ :1‬السلطة التنظيمية‬
‫تعتبر لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها سلطة إدارية مستقلة‪ ،‬وضابطة للسوق‬
‫المالية يفترض فيها أن تكون سيدة السوق تنظمه وفقا للمتطلبات االقتصادية الوطنية والدولية‬
‫خاصة وأن المشرع عزز مركزها بمنحها سلطة قانونية تنظيمية تشرع بها ما يحتاجه السوق‬
‫عن طريق األنظمة‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى تقرير ل ت ع ب م نجده نص أن اللجنة تقوم في إطار التشريع الذي يحكم‬
‫السوق المالية بإعداد أنظمة تخضع إلى موافقة الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬وتتعلق األنظمة التي يتم‬
‫‪3‬‬
‫سنها على الخصوص بما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬القواعد المهنية المطبقة على الوسطاء في عمليات البورصة وعلى هيئات التوظيف‬
‫الجماعي في القيم المنقولة‪ ،‬وعلى ماسكي الحسابات‪ ،‬حافظي السندات‪.‬‬
‫‪ -‬واجبات اإلعالم المفروضة على الشركات عن إصدار قيم منقولة من خالل الطلب‬
‫العلني على االدخار أو القبول في البورصة أو العروض العمومية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 49‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 40‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫‪ - 3‬تقرير لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها السنوي‪ 17 ،‬ميدان شكيكن ‪ ،16043‬وادي حيدرة بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ 2010‬ص‪.09‬‬

‫‪141‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫تسيير حافظة القيم المنقولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫القواعد المهنية المطبقة على الوسطاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القواعد المتعلقة بتسيير نظام التسوية والتسليم في مجال السندات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شروط التداول والمقاصة في مجال القيم المنقولة المسجلة في البورصة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قواعد سير شركة تسيير بورصة القيم والمؤتمن المركزي على السندات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أ ‪ -‬صور ممارسة اللجنة لالختصاص التنظيمي‪.‬‬


‫تعد السلطة التنظيمية األكثر تعبيرا عن الممارسة الحقيقية لوظيفة الضبط حيث توجد هناك‬
‫إنشاء أو بداية للقاعدة القانونية‪ ،‬وهو عموما من اختصاص اللجنة كسلطة ضبط مستقلة‬
‫باإلضافة إلى السهر على حسن تنفيذها واحترامها‪ ،‬وتختلف كيفية تدخل سلطات الضبط‬
‫لممارسة هذا االختصاص التنظيمي فإما تمارسه مباشرة‪ ،‬أو أن تقوم فقط بالمساهمة فيه‪.‬‬

‫‪ ‬الممارسة المباشرة لالختصاص التنظيمي‬


‫تعتبر لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها من بين السلطات التي تمارس االختصاص‬
‫التنظيمي بصفة مباشرة‪ ،‬إذ تتمتع بسلطة تنظيم واسعة مقارنة بتلك التي تضمنها المرسوم‬
‫التشريعي رقم ‪ 10/93‬وهذا تماشيا مع التعديالت الجديدة‪ ،‬وإحداث أجهزة داخل البورصة‬
‫كالمؤتمن المركزي‪ ،‬وتتدخل اللجنة لوضع قواعد تتعلق بسير سوق القيم المنقولة وتقوم بنشرها‬
‫في الجريمة الرسمية مرفقة بالنص القانوني المتضمن الموافقة عليها من وزير المكلف‬
‫‪1‬‬
‫بالمالية‪.‬‬

‫حيث تبين اللجنة من خالل هذه القواعد شروط إصدار هذه القيم وقبول تداولها وأحكام أخرى‬
‫خاصية بشطبها‪ ،‬كما تقوم بوضع القواعد المتعلقة بالمتدخلين في البورصة سواء تعلق األمر‬
‫بالمصدرين للقيم المنقولة‪ ،‬وهم الذين يعرضون األوراق للبيع أوال مرة مهما تكن صفتهم‪ ،‬أو‬
‫تعلق األمر بالمستثمرين الذي يتقدمون لشراء تلك األوراق المعروضة للبيع‪ ،‬أو بصفة الوسطاء‬
‫‪2‬‬
‫الذين يتوسطون بينهما‪.‬‬

‫‪ ‬المساهمة في االختصاص التنظيمي‬


‫تتجسد مساهمة اللجنة في االختصاص التنظيمي عن طريق االستشارة والرأي بتقديمها‬
‫االقتراحات والتوصيات‪ ،‬ورغم أنها مجردة من أي قوة إلزامية إال أنها تعبر عن مشاركة اللجنة‬
‫في إعداد النصوص التنظيمية المتعلقة بمجال اختصاصها‪ ،‬ومشاركة اللجنة في إعداد نصوص‬
‫تنظيمية المتعلقة بمجال اختصاصها رغم التمتع الواسع بهذا الدور االستشاري‪ ،‬إال أن عدم‬
‫إلزامية األخذ به من قبل السلطة التنفيذية من شأنه إفراغ هذه الصالحيات من محتواها‪ ،‬كما أن‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 31‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬


‫‪ - 2‬موسى رحموني‪ ،‬الرقابة القضائية على سلطات الضبط المستقلة في التشريع الجزائري‪( ،‬رسالة ماجستير في قانون‪،‬‬
‫جامعة باتنة‪ ،)2013 ،‬ص‪.64‬‬

‫‪142‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ذلك ال يعني رقابة القضاء على هذا الدور التساهمي باعتباره ينحصر في مجرد تقديم آراء‬
‫واستشارات واقتراحات وتوصيات ال ترقى إلى درجة اعتبارها قرارات‪ ،‬لذلك فإن رقابة‬
‫القاضي تنحصر في القرارات التنظيمية التي تصدرها اللجنة باعتبارها تتمتع بسلطة حقيقية‬
‫‪1‬‬
‫في إصدار القرارات التنظيمية‪.‬‬

‫ولم تسلب الحكومة هذا الحق من اللجنة المختصة بإصدار مثل هذه النصوص‪ ،‬بل يستمد‬
‫مشروعيته ووجوده من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬إذ يحيل في أغلب مواده إلى تنظيم يصدر‬
‫الحقا إال أن كلمة التنظيم التي وردت خالل هذا المرسوم ال تحدد الجهة المختصة بإصداره‬
‫وعلى األرجح أن تكون اللجنة تطبيقا ألحكام المادة ‪ 32‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬لكن‬
‫تأخر تنصيب اللجنة هو الذي فسخ المجال أمام الحكومة لتنظيم السوق المالية عن طريق‬
‫المراسيم التنفيذية‪ ،‬ورغم تنصيب لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها في سنة ‪ ،1996‬لم‬
‫تنسحب السلطة التنفيذية من هذا الحقل‪ ،‬إنما بقيت مالزمة للجنة في ممارسة هذا االختصاص‬
‫وقد صدر عن الحكومة عدة مراسيم تنفيذية نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 175/94‬المؤرخ في ‪13‬يونيو ‪ 1994‬يتضمن تطبيق المواد ‪21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 29 ،22‬من المرسوم التشريعي رقم ‪.10/93‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 102/96‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 1996‬المتضمن تطبيق المادة ‪32‬‬
‫‪3‬‬
‫من المرسوم التشريعي ‪.10/93‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 474/96‬المؤرخ في ‪ 28‬ديسمبر‪ 1996‬المتعلق بتطبيق المادتين‬
‫‪ 23 ،08‬من األمر رقم ‪ 08/96‬المؤرخ في ‪ 10‬يناير ‪ ،1996‬المتعلق بهيئات التوظيف‬
‫‪4‬‬
‫الجماعي للقيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 170/98‬المؤرخ في ‪ 20‬مايو ‪ 1998‬يتعلق باألتاوى التي تحصلها لجنة‬
‫‪5‬‬
‫تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار وزير المالية في ‪ 02‬أوت ‪ 1998‬يتضمن المادة ‪ 03‬من المرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪6‬‬
‫‪ 170/98‬المتعلق باألتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار وزير المالية المؤرخ في ‪ 05‬أوت ‪ 1998‬المتضمن تطبيق المادة ‪ 52‬من األمر‬
‫‪7‬‬
‫‪ 08/96‬المؤرخ في ‪ 10‬يناير ‪ 1996‬والمتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة‪.‬‬

‫‪ - 1‬قواري مجدوب‪ ،‬سلطات الضبط في المجال االقتصادي "لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة الضبط للبريد‬
‫والمواصالت أنموذجين‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬تلمسان‪)2010 ،‬ح‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ - 2‬الجريدة الرسمية عدد‪ 41‬الصادر في ‪ 26‬جوان ‪.1994‬‬
‫‪ - 3‬الجريدة الرسمية عدد‪ 18‬الصادر في ‪ 20‬مارس ‪.1996‬‬
‫‪ - 4‬الجريدة الرسمية عدد‪ 84‬الصادر في‪ 29‬ديسمبر‪.1996‬‬
‫‪ - 5‬الجريدة الرسمية عدد‪ 34‬الصادر في ‪ 24‬ماي ‪.1998‬‬
‫‪ - 6‬الجريدة الرسمية عدد‪ 70‬الصادر في ‪ 20‬سبتمبر‪.1998‬‬
‫‪ - 7‬الجريدة الرسمية عدد‪ 70‬الصادر في سبتمبر‪.1998‬‬

‫‪143‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أ‪ -‬أدوات ممارسة اللجنة للسلطة التنظيمية‬


‫لقد سعى المشرع الجزائري إلى ضبط المجال االقتصادي‪ ،‬وفي سبيل ذلك اللجنة تنظيم‬
‫عمليات البورصة ومراقبتها جملة من الصالحيات واالختصاصات‪ ،‬حيث تضطلع بصالحية‬
‫واسعة في هذا المجال‪ ،‬إذ تمارس اختصاص تنظيمي عام‪ ،‬بإصدار لوائح تتعلق بتنظيم سوق‬
‫القيم المنقولة‪ ،‬واختصاص شبه تنظيمي بإصدار التعليمات والتوصيات واآلراء واالقتراحات‬
‫بغرض وضع حد للممارسات المخالفة للتشريع المعمول به‪.‬‬

‫‪ ‬االختصاص التنظيمي العام‬

‫تعتبر لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها من السلطات اإلدارية المستقلة التي خول لها‬
‫المشرع االختصاص التنظيمي العام‪ ،‬من خالل إصدار اللوائح ونشرها في الجريمة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية‪ ،‬وتقبل هذه اللوائح الطعن باإللغاء‪ ،‬التعويض وعدم المشروعية أمام‬
‫الهيئات القضائية المختصة وهذه اللوائح تمثل مجموع القرارات اإلدارية التي تتضمن قواعد‬
‫‪1‬‬
‫عامة وموضوعية ومجردة‪ ،‬تتعلق بجملة من الحاالت والمراكز القانونية العامة‪.‬‬

‫وتتميز القرارات اإلدارية التنظيمية التي تصدرها بالثبات والجمود النسبي‪ ،‬حيث ال تستنفذ‬
‫مضمونها وآثارها بمجرد تطبيقها ألول مرة‪ ،‬إنما تظل قابلة للتطبيق كلما توفرت شروط‬
‫وظروف تطبيقها على عكس القرارات اإلدارية الفردية‪ ،‬كما تتميز بكونها تخاطب الكافة‬
‫‪2‬‬
‫ويحتج بها في مواجهة الجميع مثل القانون في معناه الخاص الضيق‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بمجال ممارسة هذا االختصاص نجد أن المشرع قد منح لجنة تنظيم عمليات‬
‫البورصة ومراقبتها سلطة إصدار لوائح ضمن مجال واسع‪ ،‬حيث خول لها وضع التنظيم في‬
‫الميدان المالي والسيما في مجال القيم المنقولة‪ ،‬وتلعب دور المصدر لقانون القيم‪ ،‬وذلك كونها‬
‫تتولى وضع النصوص التنظيمية والتي تشكل اإلطار التنظيمي العام والوسطاء‪ ،‬وعلى هذا‬
‫‪3‬‬
‫األساس يمكن اعتبارها السلطة التي تساهم في تطوير قانون البورصة ككل‪.‬‬

‫لكن ال يمكن أن تنشر اللوائح التي تصدرها اللجنة في الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية إال بعد موافقة الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬بموجب قرار يصدره وفقا لما نص عليه‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 102/96‬والذي صدر تطبيقا للمادة ‪ 32‬من المرسوم التشريعي رقم‬
‫‪4‬‬
‫‪ 10/93‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪ - 1‬قواري مجدوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫‪ - 2‬عبد الحق مزردي‪« ،‬االختصاص الرقابي للسلطات الضابطة المستقلة في مجال البورصة"على ضوء التشريعين‬
‫الجزائري والمغربي"»‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬عدد‪ ،17‬جانفي‪ ،2018 ،‬ص‪.695‬‬
‫‪ - 3‬قوراي مجدوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المرسوم التنفيذي رقم ‪ 102 /96‬المتضمن تطبيق المادة ‪ 32‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم‬
‫المنقولة المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ ،1996‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪.1996 ،18‬‬

‫‪144‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ ‬االختصاص الشبه التنظيمي للجنة‬


‫تساهم لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها من خالل اختصاصها شبه التنظيمي‪ ،‬إذ‬
‫تتمتع بإمكانية إصدار تعليمات توصيات آراء ومنشورات طبقا للمادة ‪ 30‬من نظامها الداخلي‬
‫وتنشر جميع هذه األعمال في الكشوف التي تصدرها اللجنة دوريا‪ ،‬وكذا في التقرير السنوي‬
‫الذي تقدمه اللجنة للحكومة كما يمكن للجنة تقديم اقتراحات قوانين للحكومة تتعلق بسوق‬
‫البورصة‪ ،‬وتختلف الوسائل التي تستعملها باختالف موضوع التنظيم وباختالف موضوع‬
‫‪1‬‬
‫التنظيم‪ ،‬وباختالف األشخاص المحاطين به‪ ،‬تتمثل هذه الوسائل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬األنظمة‪ :‬تستعين لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها أساسا باألنظمة لتنظيم سوق‬
‫القيم المنقولة‪ ،‬وهي بمثابة مجموعة من القواعد التي تأتي لتطبيق نصوص تشريعية‬
‫وتنظيمية سابقة‪ ،‬لذا يسميها البعض بالسلطة التنظيمية‪.‬‬

‫تطبيقا ألحكام المادة ‪ 31‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬التي ال تجيز للجنة من أنظمة‬
‫خارج المجاالت التي حددتها هذه المادة وإن احترمت اللجنة هذه المجاالت فإن أنظمتها ال تتمتع‬
‫بأي مركز قانوني وال بقوة إلزامية إال بعد مصادقة وزير المالية عليها‪ ،‬وإصدارها في الجريدة‬
‫‪2‬‬
‫الرسمية‪.‬‬

‫‪ -‬التعليمات‬
‫هي أعمال تحدد بواسطتها القواعد واإلجراءات والشروط التي تطبق في إطارها قرارات‬
‫اللجنة‪ ،‬كما تحدد مجموع المعلومات التي يجب أن تحتويها الوثائق اإلعالمية‪ ،‬لذلك فهي غالبا‬
‫ما تعد نصوصا تطبيقية ألنظمة اللجنة‪.‬‬

‫‪ -‬التوصيات‬
‫تعتبر أداة شرح وتفسير النصوص التشريعية والتنظيمية في المجاالت التي ال تتمتع فيها‬
‫اللجنة بسلطة القرار‪ ،‬فهي ال تنطوي على أية قوة إلزامية‪.‬‬

‫‪ -‬اآلراء‬
‫تهدف اآلراء إلى تفسير بعض النصوص التشريعية والتنظيمية في المجاالت التي ال تتمتع‬
‫فيها اللجنة إصدار آراء حينما تطلب منها ذلك المؤسسات والهيئات الخاصة أو العامة‪ ،‬تسمح‬
‫هذه اآلراء للجنة بعرض موافقتها حول المسائل التي تطرح عليها‪.‬‬
‫‪ :2‬سلطة الرقابة‬
‫في إطار ممارسة الصالحيات‪ ،‬ومن أجل العمل على ضمان النزاهة والشفافية واألمن في‬
‫البورصة‪ ،‬وضعت لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها سلسلة من مهام المراقبة والتفتيش‬

‫‪ - 1‬بوجملين وليد‪ ،‬سلطات الضبط االقتصادي في القانون الجزائري‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق ‪ ،)2007‬ص‪.140‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 31‬من المرسوم التشريعي ‪10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫على مستوى مؤسسات وهياكل السوق‪ ،‬والتي ينتج عنها تقارير تبين النقائص واالختالالت‬
‫والتوصيات الموجهة للمسؤولين لمعالجتها وبعث ثقة المتعاملين في السوق‪.‬‬

‫أ ‪ -‬ضبط السوق عن طريق مراقبة نشاطها والمتعاملين فيها‪:‬‬


‫تراقب لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها كل المتدخلين في السوق وكل العمليات‬
‫المنجزة فيها‪.‬‬
‫أ‪ 1 -‬صالحيات لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها في مراقبة السوق‪:‬‬
‫تضبط لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها نشاط السوق إلى جانب آلية تنظيمها‪ ،‬تطبيق‬
‫آلية الرقابة التي تمارسها على كل المتدخلين في السوق‪ ،‬ومن أهم الصالحيات الرقابية التي‬
‫تعتمدها اللّجنة ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الرقابة السابقة‪ :‬تتمثل الرقابة السابقة التي تمارسها لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫‪1‬‬
‫ومراقبتها على المتعاملين وعلى المنتوجات المالية من خالل كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬رقابة األعوان المتدخلين في السوق‪ :‬تتمثل في كيفية انتقائهم بفرض شروط االلتحاق‬
‫بمهنة الوسطاء وهيئات التوظيف الجماعي وفق المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬خاصة منها‪:‬‬
‫الكفاءة المهنية ل لمتدخلين‪ ،‬المالءة المالية‪ ،‬حسن السيرة والشرف‪ ،‬ضمانات مواجهة‬
‫المخاطر حيث تركز اللجنة على كل ما يضمن أمن السوق وحماية المستثمرين‪.‬‬
‫‪ -‬رقابة المنتوجات المالية‪ :‬تتمثل في إجراء التأشيرة المسبقة على المذكرة اإلعالمية التي‬
‫تتضمن‪ :‬تنظيم الشركة‪ ،‬وضعيتها المالية‪ ،‬مصدر القيم المنقولة‪ ،‬وتطور نشاطها‪ ،‬التي‬
‫تصدرها اللجنة بعد التأكد من استيفاء الشركة كل الشروط واحترامها إجراءات اإلصدار‬
‫كما تشترط نشر المذكرة لضمان إعالم الجمهور وتمكينه من ترشيد قراراته‪.‬‬
‫‪ ‬الرقابة الالحقة‪ :‬تتمثل الرقابة الالحقة التي تمارسها لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها بمراقبة جميع العمليات المنجزة ونوعية المعلومات المقدمة للجمهور كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مراقبة اإلعالم الموجه للجمهور‪ :‬يتمثل في تتبع مسار القيم المنقولة والعمليات الواردة‬
‫عليها‪ ،‬من خالل إلزام الشركات باإلعالم الد وري الصحيح والدقيق الموجه للجنة‬
‫وللجمهور بموجب النظام رقم ‪ ،02-2000‬كما تراقب اللجنة نشاط الشركات من خالل‬
‫إلزامها بنشر تقارير سنوية وسداسية للقوائم المالية والجداول المحاسبية‪ ،‬وكذا تقرير‬
‫‪2‬‬
‫مراجعي الحسابات بمدى حصتها ومصداقيتها‪ ،‬ومعاقبة كل من ال يحترم هذا النظام‪.‬‬
‫‪ -‬التحقيقات الميدانية‪ :‬تتمثل في الرقابة الميدانية على كل المتعاملين في السوق‪ ،‬من خالل‬
‫محققين تعينهم اللّجنة من بين أعوانها المؤهلين لمعاينة المخالفات والبحث عنها‪ ،‬مع‬
‫ضرورة االلتزام بالسر المهني للوقائع واألعمال والمعلومات التي تم االطالع عليها‬
‫ومناقشتها في مداوالت خاصة تدون في محاضر‪ ،‬وتبين جميع مراحل التحقيق والوثائق‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 03‬من نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 02-96‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 2‬المواد‪ 21،14 ،09 ،08 ،07 ،06 :‬من نظام نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ ،02-2000‬المؤرخ في‬
‫‪ 20‬جانفي ‪ ،2000‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،50‬الصادر في ‪ 16‬أوت ‪.2000‬‬

‫‪146‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫المتحصل عليها‪ ،‬وعلى إثرها تقرر اللّجنة إما بإزالة المخالفة واالنصياع للنصوص‬
‫القانونية والتنظيمية أو بإحالتها إلى لجنة العقوبات ‪.1‬‬
‫أ‪ 2-‬تدخل هيئات أخرى في رقابة بورصة الجزائر‪ :‬تساعد اللّجنة في رقابة السوق هيئات‬
‫إدارية أخرى مستقلة يدخل نشاط البورصة في مجال اختصاصها ويتجلى ذلك من خالل ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬دور اللجنة المصرفية في الرقابة‪ :‬تتولى هذه اللّجنة رقابة البنوك والمؤسسات المالية‬
‫الناشطة في البورصة‪ ،‬من حيث مدى احترامها لألحكام والتنظيمات التشريعية المطبقة عليها‬
‫وتفحص شروط استغاللها ونوعية وضعيتها المالية‪ ،‬واحترام قواعد حسن سير المهنة‪ ،‬حيث‬
‫يكلف بنك الجزائر بعض أعوانه بالتحقيق والمراقبة لحساب اللجنة المصرفية التي يجوز لها أن‬
‫تمنع بنك أو مؤسسة مالية من ممارسة نشاط السوق المالية كنشاط تبعي ومساعدة نظام لجنة‬
‫تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها في القيام بمهامها من خالل تبادل المعلومات‪.‬‬
‫‪ ‬دور مجلس المنافسة في الرقابة‪ :‬يتمتع المجلس بصفته حامي السوق كما أنه يلعب دورا ً‬
‫فعاالً لضمان شفافية ونزاهة العمليات المنجزة وتوفير منافسة حرة بين المتعاملين‪ ،‬ويتمتع‬
‫بصالحيات وقائية من خالل إبداء الرأي حول النصوص التنظيمية للمنافسة وصالحيات‬
‫عالجية بعد وقوع مخالفات تمس بحرية المنافسة في البورصة‪ ،‬ومن بين مظاهر تدخل المجلس‬
‫‪2‬‬
‫في الرقابة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مراقبة مدى مساواة المتعاملين في السوق في الحصول على المعلومات؛‬
‫‪ -‬عرقلة تحديد األسعار حسب قواعد السوق بالتشجيع الرتفاعها أو انخفاضها؛‬
‫‪ -‬التعسف الناتج عن وضعية هيمنة واحتكار دخول السوق أو جزء منها‪ ،‬والحد من دخولها‬
‫دون سبب محدد‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضبط السوق عن طريق السلطة التحكيمية والتأديبية للجنة‬
‫تعتبر من سلطات لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها إلى جانب سلطة التنظيم‬
‫والرقابة وأسست لها غرفة وأعضاء دائمين‪.‬‬
‫‪ ‬السلطة التحكيمية للّجنة‪ :‬يعتبر التحكيم إجراء إجباري تقوم به اللجنة وفقا للقواعد‬
‫التنظيمية والتشريعية التي تحكم البورصة‪ ،‬حيث يتحدد نطاق ومجال اختصاص اللجنة‬
‫بالفصل في النزاع عن طريق التحكيم المحدد من طرف لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬موضوع النزاع‪ :‬يقتصر اختصاص الغرفة التحكيمية في النزاع التقني الناتج عن تفسير‬
‫القوانين واللوائح السارية على نشاط البورصة‪ ،‬ومنها أنظمة لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها‪ ،‬القرارات الصادرة عن "‪ "SGBV‬وعن المؤتمن المركزي للسندات؛‬

‫‪ - 1‬المواد‪ ،39 ،38 ،37 :‬من المرسوم التشريعي رقم ‪10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 2‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم‪ 02-93‬السابق ذكره‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ -‬أطراف النزاع‪ :‬حيث تنظر الغرفة في أي نزاع إذا كان أحد أطرافه أحد المتعاملين في‬
‫السوق وفق المادتين‪ 51 :‬و‪ 52‬من المرسوم التشريعي رقم ‪.10-93‬‬
‫أما كيفية ممارسة السلطة التحكيمية والمفروضة من طرف لجنة تنظيم عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها فهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬طلب التدخل‪ :‬والذي يكون االتفاق عليه كتابيا ويتضمن موضوع النزاع وأسماء المحكمين‬
‫وكيفية تعيينهم في الغرفة؛‬
‫‪ -‬الحكم التحكيمي‪ :‬يتمثل في طبيعة الحكم الصادر عن الغرفة بأغلبية األصوات وغير قابل‬
‫للطعن من طرف أطراف النزاع وفق المادة ‪ 57‬من المرسوم التشريعي رقم ‪.10-93‬‬
‫‪ ‬السلطة التأديبية للّجنة‪ :‬تعتبر السلطة العقابية للّجنة وتسهر على حماية الحقوق األساسية‬
‫للمتعاملين في السوق بفرض العقوبات المناسبة لكل مخالفة في حالة تجاوز قواعد‬
‫وأخالقيات تنظيم السوق‪ ،‬وتتدخل اللّجنة بناء على طلب يودع لديها من طرف أي متعامل‬
‫في السوق‪ ،‬وقد تكون العقوبة المصرح بها معنوية في شكل إنذار أو توبيخ‪ ،‬كما قد تكون‬
‫العقوبة مقيدة للنشاط كتوقيفه مؤقتا أو كليا‪ ،‬وقد تكون العقوبة أيضا دفع غرامة مالية‪ ،‬وذلك‬
‫حسب نوع المخالفة والضرر على باقي المتعاملين في السوق وفق المواد ‪،55 ،54 ،53‬‬
‫‪ 58‬من المرسوم التشريعي رقم ‪.10-93‬‬

‫‪148‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مرحلة التحقيق في جرائم بورصة األوراق المالية‬


‫تتميز الدعوى الجنائية بأنها دعوى عامة باعتبارها وسيلة الدولة في اقتضاء حقها في‬
‫عقاب مرتكب الجريمة‪ ،‬وقد ترتب عن هذا المبدأ احتكار النيابة العامة دون غيرها برفع‬
‫الدعوى الجنائية ومباشرتها‪ ،‬وهذا ما أكده المشرع الجزائري في المادة ‪ 29‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع‪ ،‬وتطالب‬
‫بتطبيق القانون‪ ،‬وهي تمثل أمام كل جهة قضائية مختصة بالحكم‪ ،‬واألمر نفسه فيما يتعلق‬
‫بالمشرع المصري والفرنسي‪ ،‬حيث تملك النيابة وحدها التصرف في التهمة بعد االستدالالت‬
‫وي أخذ هذا التصرف أحد الشكلين‪ ،‬إما أن تقرر السير في الدعوى‪ ،‬أو تقرر حفظ الدعوى حسبما‬
‫يتراءى لها من ظروف كل دعوى‪.‬‬

‫ولكن ليس هذا حال كل الجرائم‪ ،‬فقد يلجأ المشرع إلى تفويض تلك السلطة‪ ،‬حيث يقيد‬
‫تحريك الدعوى بتقديم شكوى من المجني عليه‪ ،‬أو طلب أو إذن من السلطة‪ ،‬فهل جرائم‬
‫البورصة من ضمن الجرائم التي ترك المشرع سلطة تحريك الدعوى العمومية للنيابة العامة‬
‫فما موقف المشرع الجزائري والتشريعات محل المقارنة من ذلك؟‬

‫وعليه سيتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين يتضمن األول الحديث عن تحريك الدعوى‬
‫العمومية في جرائم البورصة‪ ،‬فيما يتعلق المطلب الثاني الحديث عن انقضاء الدعوى العمومية‬
‫في جرائم البورصة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تحريك الدعوى العمومية في جرائم البورصة‬


‫األصل هو اختصاص النيابة وحدها في تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬ولما كانت اإلدارة‬
‫تساهم بنصيب ملحوظ في وضع أحكام قانون البورصة‪ ،‬وتقوم وحدها بمراقبة تطبيقية‪ ،‬فمن‬
‫الطبيعي أن يكون لها رأي فيما إذا كانت المصلحة العامة تقتضي رفع الدعوى على من يخالف‬
‫هذه األحكام بارتكاب جريمة‪ ،‬وال تجرى التشريعات على وتيرة واحدة في هذا الشأن‪ ،‬فبعضها‬
‫تتبع األصل فيما يتعلق باختصاص النيابة العامة وحدها في تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬والبعض‬
‫اآلخر ال يجيز للنيابة العامة رفع الدعوى إال بناء على طلب جهة اإلدارة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعليق تحريك الدعوى على صدور الطلب‬


‫تضطلع الهيئات اإلدارية الضابطة لبورصة األوراق المالية بسلطات متميزة ودور فعال‬
‫قي ضبط سلوك المخاطبين بأحكام هذه القوانين‪ ،‬ومنعهم قبل ردعهم من مخالفة األحكام‬
‫المنظمة لمجاالت البورصة‪ ،‬بما يضمن شفافية التعامل المبرم في إطار األسواق المالية‬
‫المنظمة ما دفع بالمشرع إلى منحها سلطة ومكنة تقديم طلب إلعطاء الضوء األخضر للنيابة‬
‫العامة في تحريك الدعوى العمومية‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا المطلب إلى الجهة المختصة بتقديم الطلب (أوال)‬
‫وشكل الطلب وبياناته (ثانيا)‪ ،‬وكذا معرفة أثار تقديم الطلب (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجهة المختصة بتقديم الطلب‬


‫يعرف بعض الفقه الطلب بأنه تعليق تحريك الدعوى العمومية على إرادة السلطة أو‬
‫الجهة التي وقعت الجريمة إضرار بمصالحها‪ ،‬أو التي اعتبرها القانون أنها أقدر من النيابة‬
‫العامة على تقدير مدى مالئمة تحريك الدعوى ورفعها‪ ،‬فال يجوز تحريك الدعوى إذا سكتت‬
‫هذه الجهات‪ 1،‬فهو تعبير عن إرادة سلطة عامة في أن تتخذ اإلجراءات الناشئة عن جريمة‬
‫‪2‬‬
‫ارتكبت إخالال بقوانين تختص هذه السلطة بالسهر عن تنفيذها‪.‬‬

‫ويعرف الطلب أيضا بأنه«بالغ مكتوب تقدمه إحدى سلطات الدولة إلى النيابة العامة‬
‫لكي تباشر الدعوى الجنائية في طائفة من الجرائم يقع العدوان فيها على مصلحة تخص السلطة‬
‫‪3‬‬
‫التي قدمت الطلب أو على مصلحة أخرى عهد القانون إلى تلك السلطة برعايتها»‪.‬‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على‬
‫األسواق واألدوات المالية غير المصرفية نجد أن المشرع المصري نص على عدم جواز اتخاذ‬
‫إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية بالنسبة لجرائم سوق األوراق المالية إال بناء على‬
‫‪4‬‬
‫طلب كتابي من رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية‪.‬‬

‫بينما لم يقيد المشرع الفرنسي سلطة النيابة العامة التابعة للمحكمة االبتدائية‬
‫لباريس(محكمة الجنح) في تحريك الدعوى الجنائية عن جرائم استغالل معلومات مميزة‪ ،‬أو‬
‫نشر معلومات كاذبة أو التالعب باألسعار المشار إليها بموجب المادتين ‪ 465-01‬و ‪465-02‬‬
‫من التقنين النقدي والمالي على سبق صدور طلب من هيئة األسواق المالية‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪( 621-15-01‬معدلة بموجب القانون رقم ‪ 1117-2013‬الصادر في ‪ 06‬ديسمبر ‪2013‬‬
‫والمتعلق بمكافحة التهرب الضريبي واإلجرام االقتصادي والمالي ذي الخطورة المفرطة) من‬
‫التقنين ذاته على أنه إذا ما كيفت أحد األفعال المخالفة التي تنظرها لجنة العقوبات التابعة لهيئة‬
‫األسواق المالية على أنها جنحة من الجنح الماسة بسوق التداول يلزم مجلس هيئة األسواق‬
‫المالية بإرسال تقرير التحقيق أو الرقابة لوكيل الجمهورية المالي التابع للمحكمة لباريس‪ ،‬وله‬
‫الحق في تحريك الدعوى الجنائية‪ ،‬فإذا ما قرر ذلك يعلم ودونما تأخير هيئة األوراق المالية‬
‫‪5‬‬
‫بذلك‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.134‬‬


‫‪ - 2‬علي شمالل‪ ،‬المستحدث في قانون اإلجراءات الجزائري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2016 ،‬ص‪.116‬‬
‫‪ - 3‬أوهابية عبد هللا‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬ط‪ ،03‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بتنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير المصرفية‪.‬‬
‫‪ - 5‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.306‬‬

‫‪150‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه وإن حركت النيابة العامة المختصة الدعوى الجنائية بناء على ما‬
‫تزودها به هيئة األسواق المالية‪ ،‬إال أن سلطتها في تحريكها تبقى حرة ال يرد عليها أي قيد‪ ،‬هذا‬
‫ما يؤكد على نطاق آخر أهمية األخذ بنظام الضبطية الخاصة المزودة بالوسائل والمعلومات‬
‫التقنية‪ ،‬التي تمكنها من اكتشاف صور المخالفات والتعديات‪.‬‬

‫كما أن المشرع الجزائري هو اآلخر يعلق تحريك الدعوى الجنائية عن جرائم البورصة‬
‫على طلب يصدر عن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬فإذا كانت هناك أفعال خطيرة‬
‫وتشكل جرائم فإن اللجنة تتخذ بعض اإلجراءات لتحريك الدعوى بإرسال الملف مدعما‬
‫ب الوثائق التي تثبت وقوع الجريمة إلى النيابة العامة‪ ،‬ويبقى مهما معرفة موقف النيابة العامة‬
‫من الملف‪ 1،‬وكذا موقف الجهة القضائية التي تنظر في الدعوى‪ ،‬فاعتبار أن اللجنة تساهم بقسط‬
‫وافر في وضع النصوص المتعلقة بالسوق‪ ،‬وكذا تنفيذ هاته القوانين واألنظمة ومتابعتها‪ ،‬فإنها‬
‫تقوم بإحالة المحاضر التي تثبت فيها التحقيقات التي قامت بها‪ ،‬وجميع األدلة المتاحة لها‬
‫والمتعلقة بهذه األفعال والممارسات إلى وكيل الجمهورية مصحوبة بالطلبات‪ ،‬والذي بدوره‬
‫يقوم بتحرير الدعوى العمومية‪.‬‬

‫وتبقى للنيابة العامة السلطة التقديرية في مالئمة المتابعة وتحريك الدعوى العمومية‬
‫ومباشرتها أمام الجهات القضائية‪ ،‬ونجد أن عمل لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‬
‫يتوقف إلى هذا الحد‪ ،‬وال يمتد إلى أي مرحلة من مراحل الدعوى مادام ال يوجد نص في‬
‫المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم يوحي إلى ذلك‪ ،‬وهو عكس ما يوجد في التشريع‬
‫الفرنسي أين يجب في بعض الحاالت على السلطة المختصة المدعية في جرائم البورصة أن‬
‫تطلب في أي مرحلة من مراحل الدعوى رأي هيئة السوق‪.‬‬

‫لذا على المشرع الجزائري سد الفراغ‪ ،‬ألن طلب رأي أو استشارة لجنة تنظيم عمليات‬
‫البورصة ومراقبتها سيسمح دون شك بالسير الحسن لإلجراءات‪ ،‬إذ يفيد النيابة في تقدير‬
‫مالئمة تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها‪ ،‬ألن النيابة العامة في كثير من األحوال تحتاج إلى‬
‫تحقيقات إضافية إلثبات كافة عناصر الدعوى إلمكان إحالتها إلى المحكمة‪ ،‬لذلك فإن ما يبرر‬
‫استشارة وطلب رأي لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها هو معرفتها لمكانيزمات‬
‫البورصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 55‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ ...«:‬لرفع المخالفات لألحكام‬
‫التشريعية والتنظيمية‪ ،‬المعاقب عليها بالعقوبات المنصوص عليها في المادتين ‪ 59‬و ‪ 60‬أدناه أمام الجهات القضائية العادية‬
‫المختصة»‬

‫‪151‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬أشكال الطلب وبياناته‬


‫يشترط المشرع المصري لصدور الطلب صحيحا ضرورة إفراغه في شكل مكتوب‬
‫وهذا ما تضمنته المادة ‪ 08‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ 1،‬وقد أكد المشرع ذلك في قانون‬
‫تنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير المصرفية بموجب المادة ‪ 16‬منه حيث‬
‫اشترط ضرورة وجود طلب كتابي من أجل اتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية‪.2‬‬

‫فالطلب الشفهي ال يحدث أثره القانوني المقرر في استرجاع النيابة العامة لسلطتها‬
‫واختصاصها في تحريك الدعوى الجنائية‪ ،‬وإنما يعد مجرد تبليغ عن وقوع الجريمة‪ ،‬وال‬
‫‪3‬‬
‫يتعدى في أثره ما هو مقرر للبالغ‪.‬‬

‫في حين يرى البعض عكس ذلك‪ ،‬أي إمكانية صدور الطلب شفاهة شريطة أن يقدم بعد‬
‫ذلك في شكل كتابي‪ ،‬ويستند هذا الرأي إلى أن بعض الجرائم تتطلب سرعة التحقيق وضبط‬
‫‪4‬‬
‫أدلة الجريمة كي ال تضيع معالمها‪.‬‬

‫ويعترض بعض الفقه على هذا التوجه بقولهم‪«:‬وإن كانت للرأي القاتل بإمكانية مباشرة‬
‫اإلجراءات الخاصة بالدعوى بناء على طلب شفهي شريطة أن يقدم الطلب الكتابي بعد ذلك فوا‬
‫‪5‬‬
‫ئد عملية من حيث سرعة التحقيق وضبط أدلة حتى ال تضيع معالمها»‪.‬‬

‫ويشترط بعض الفقه أن يكون الطلب موجودا بالفعل وموقعا عليه ممن أصدره وإن‬
‫صدر أو نقل لعلم النيابة العامة شفاهة ضمانا لسرعة التحقيق‪ ،‬كما يجب أن يكون الطلب‬
‫صريحا في تحريك الدعوى غير معلق على شرط‪ ،‬فإن علق على شرط بطل الطلب وإن تحقق‬
‫‪6‬‬
‫الشرط فيما بعد‪.‬‬

‫كما ينبغي أن يتضمن الطلب تاريخه‪ ،‬بما يفسح مجاال للتأكد من مدى صحة اإلجراءات‬
‫التي تباشرها النيابة العامة بعد تقديمه‪ ،‬غير أن تخلفه ال يرتب بطالن الطلب ويتعين على سلطة‬
‫االتهام‪ ،‬حال قيام نزاع بشأن هذه المسألة إقامة الدليل على أن اإلجراءات التي باشرتها النيابة‬
‫العامة أعقبت تقديم الطلب‪ ،‬كما يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المادية التي تكون عناصر‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 08‬من قانون اإلجراءات الجزائية المصري‪.‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بقانون تنظيم الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير‬
‫المصرفية‪.‬‬
‫‪ - 3‬نبيه صالح‪ ،‬الوسيط في شرح مبادئ اإلجراءات الجزائية‪« ،‬دراسة مقارنة»‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪2004 ،‬‬
‫ص‪.205‬‬
‫‪ - 4‬عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية«دراسة مقارنة»‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ 2007‬ص‪.219‬‬
‫‪ - 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ - 6‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2003 ،‬ص ‪.356‬‬

‫‪152‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الجريمة وال يشترط تحديد المتهم إذ أن أساس تقديم الطلب هو الجريمة المرتكبة ال شخص‬
‫‪1‬‬
‫مرتكبها‪.‬‬

‫كما لم يشترط المشرع موعدا معينا للطلب يسقط بعده الحق في تقديمه‪ ،‬بل األمر متروك‬
‫للجهة التي تملكه‪ ،‬على أن ال تكون الدعوى الجنائية انقضت بالمدة المقررة قانونا للتقادم بمعنى‬
‫أنه يجب أن يتقدم بالطلب من يملكه قبل انقضاء مدة التقادم المسقط للدعوى الجنائية‪ ،‬فإذا ما‬
‫سقطت الجريمة بالتقادم‪ ،‬أو سقطت الدعوى الجنائية بمضي المدة فال يجوز التقدم بالطلب وبناء‬
‫عليه يجوز تقديم الطلب من الجهة المختصة في جرائم البورصة خالل ثالث سنوات تحتسب‬
‫‪2‬‬
‫من اليوم التالي لوقوع الجريمة بالنظر إلى أن هذا النوع من الجرائم من قبيل الجنح‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أثر الطلب‬

‫يترتب على تقديم الطلب رفع القيد عن النيابة العامة في مباشرة إجراءاتها وتتوقف‬
‫سلطة النيابة العامة بعد تقديم الطلب على صيغة الطلب‪ ،‬فإذا اشتمل على الرغبة في إجراء‬
‫التحقيق فقط فإن سلطة النيابة العامة تتوقف عند حدود هذا الطلب‪ ،‬وال تستطيع أن تقدم المتهم‬
‫‪3‬‬
‫إلى المحاكمة دون طلب جديد يحدد رغبة الجهة اإلدارية في رفع الدعوى الجنائية ضد المتهم‪.‬‬

‫ولكن هناك إشكال بالنسبة للجرائم المتلبس بها‪ ،‬حيث تكون النيابة العامة أمام جريمة‬
‫مقيدة بطلب‪ ،‬وفي ظل غياب نص قانوني يقرر بإمكانية أو عدم إمكانية ممارسة النيابة العامة‬
‫سلطاتها في تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬فإن الفقه يرى أنه ال أثر لحالة التلبس على اإلجراءات‬
‫التي ال يجوز اتخاذه قبل تقديم الطلب‪ ،‬كما يرى جانب آخر من الفقه أنه ال يجوز إتخاذ‬
‫‪4‬‬
‫اإلجراءات الالزمة ضد المتهم دون حصولها على الطلب‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 39‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري‪ ،‬نجد أن المشرع‬
‫المصري نص على عدم جواز القبض على المتهم إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف‬
‫‪5‬‬
‫رفع الدعوى العمومية عنها على شكوى‪ ،‬إال إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها‪.‬‬

‫وبهذا أجازت المادة إجراء التحقيق (قبل التقدم بالشكوى)‪ ،‬في حالة التلبس بالجريمة‬
‫شريطة عدم مباشرة اإلجراءات التي تمس بشخص المتهم وحريته ومن ثم فإن اإلجراء‬
‫المحظور هو القبض على المتهم‪ ،‬ما دام المجني عليه لم يتقدم بشكواه‪ ،‬أما ما عداه من‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪.356 ،‬‬


‫‪ - 2‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.436‬‬
‫‪ - 3‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬ج‪ ،01‬ط‪ ،03‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫‪ 2003‬ص‪.41‬‬
‫‪ - 4‬نبيه صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 39‬من قانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫إجراءات التحقيق فيجوز اتخاذها سواء كانت من قبل النيابة العامة‪ ،‬أم من قبل مأمور الضبط‬
‫القضائي بناء على السلطة المخولة لهم قانونا في أحوال التلبس‪.‬‬

‫هناك جانب من الفقه يجيز وقياسا على أحوال الشكوى القيام بإجراءات التحقيق حال‬
‫التلبس ما عدا القبض في جرائم البورصة على الرغم من عدم النص على أحوال الطلب‪ 1‬في‬
‫حين يتجه فقه آخر إلى أن قصر حكم المادة ‪ 39‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري على‬
‫الشكوى يدل بمفهوم المخالفة أنه ال يسري على الطلب‪ ،‬ويكون من حق مأمور الضبط القضائي‬
‫المختص مباشرة إجراءات التحقيق بما فيها القبض على المتهم ولو لم يقدم الطلب هذا بالنسبة‬
‫لمأمور الضبط القضائي‪ ،‬أما النيابة العامة وفي أحوال التلبس فيكون في مقدورها اتخاذ‬
‫اإلجراءات العاجلة التي تخشى أن يكون فوات الوقت مانعا من اتخاذها سواء كانت تمس‬
‫‪2‬‬
‫الشخص المتهم أو كانت من إجراءات جمع األدلة‪.‬‬

‫يرى بعض الفقه وفي حال تعدد المتهمين ضرورة تطبيق القواعد الخاصة بالشكوى‬
‫ومن ثم إذا تعدد المتهمون وقدم طلب بتحريك الدعوى الجنائية ورفعها ضد أحدهم فكأنما قدم‬
‫بالنسبة لباقي المتهمين‪ 3،‬وجهه بعض الفقه لتبرير هذا الحكم أن هذا الحل تقتضيه حكمة‬
‫التشريع‪ ،‬من حيث التسوية بين المتهمين في جرائم لم يتقرر فيها الطلب العتبار يتعلق‬
‫‪4‬‬
‫بالشخص الجاني‪ ،‬بل لطبيعة المعتدى عليها‪.‬‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 10‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري نجدها أنها تجيز لمن‬
‫قدم الطلب التنازل عنه‪ ،‬وتقرر أن التنازل بالنسبة ألحد المتهمين يعتبر تنازال بالنسبة للباقين‬
‫وهو ما يقتضي أعمال المنطق نفسه بامتداد أثر الطلب المقدم ضد أحد المتهمين إلى غيره من‬
‫‪5‬‬
‫المتهمين‪.‬‬

‫في حين يرى جانب آخر من الفقه عكس ذلك‪ ،‬إذ يستلزم في مثل هذه الحالة أن يستوفي هذا‬
‫الشرط بالنسبة لكل واحد منهم‪.‬‬

‫إذن يمكن القول أن الرأي األول هو األولى باإلتباع‪ ،‬وذلك ألن الطلب قيد إجرائي ذو طبيعة‬
‫موضوعية‪ ،‬بالنظر إلى نوع الجريمة المستلزمة رفع هذا القيد لتحريك الدعوى الجنائية عنها‬
‫وبناء عليه يكون في مقدور النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية في حق باقي المتهمين حال‬
‫تعددهم على الرغم من صدور الطلب مشتمال على اسم واحد منهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.226‬‬


‫‪ - 2‬نبيه صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 3‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.228‬‬
‫‪ - 4‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ - 5‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجنائية المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2007 ،‬ص‪.312‬‬

‫‪154‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أما بالنسبة لحالة تعدد الجرائم فتوجد هنا فرضيتين‪:‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ ‬الفرضية األولى‪ :‬إذا تعددت الجرائم‪ ،‬وكان المشرع يستلزم تقديم الطلب في بعضها دون‬
‫البعض اآلخر‪ ،‬في هذه الحالة يلزم تقديم الطلب عن الجرائم التي يستلزم القانون فيها‬
‫ضرورة استيفاء هذا الشرط لتحرك الدعوى الجنائية دون غيرها من الجرائم التي تبقى فيها‬
‫سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى حرة غير متوقفة على شرط ويجري هذا الحكم في‬
‫حالة ما إذا كان االرتباط القائم بين الجرائم ارتباط بسيط يقتضي تعدد العقوبات بتعدد‬
‫الجرائم‪ ،‬أما إذا كان االرتباط ال يقبل التجزئة فتكون العبرة بالجريمة األشد‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت الجريمة األشد يوقف عليها المشرع أمر تحريك الدعوى على تقديم طلب من‬
‫الجهة المختصة‪ ،‬ولم يقدمه هذا األخير‪ ،‬امتنع على النيابة العامة تحريك الدعوى عن‬
‫الجريمة األخف‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا كانت الجريمة األشد من الجرائم التي ال يتوقف تحريك الدعوى فيها على تقديم‬
‫طلب‪ ،‬جاز تحريك الدعوى عنها حتى وإن كان المشرع يشترط تقديم طلب عن الجريمة‬
‫األخف المرتبطة بها‪.‬‬
‫‪ ‬الفرضية الثانية‪ :‬وتتحقق إذا ما تعددت الجرائم ماديا ومعنويا‪ ،‬ويستلزم المشرع تقديم طلب‬
‫في كل منها‪ ،‬فهل يقتصر أثر تقديم الطلب على الجريمة التي صدر بشأنها أم يمتد أثره‬
‫لباقي الجرائم؟‬

‫إن تقديم الطلب في جريمة معينة يطلق يد النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية عن كل‬
‫جريمة ترتبط بها‪ ،‬سواء كان التعدد ماديا أم كان معنويا‪ ،‬أم كانت الجهة التي يمنحها القانون‬
‫مكنة تقديم الطلب واحدة أو مختلفة‪.‬‬

‫ويرى بعض الفقه أن لكل جريمة كيانها وحكمها‪ ،‬وأن تقديم طلب بشأن جريمة ال‬
‫ينسحب على غيرها مهما كانت درجة ارتباطها‪ ،‬إذ يلزم تقديم طلب مستقل عن كل جريمة‬
‫‪2‬‬
‫يتطلب عنها القانون صدور الطلب من الجهة المختصة سواء تعددت أم كانت واحدة‪.‬‬

‫ويسقط الطلب بالتنازل عنه‪ ،‬ويشترط فيه أن يكون مكتوبا ويقدم من الجهة نفسها‬
‫المختصة بتقديمه كما يصح التنازل في أي مرحلة كانت عليها الدعوى‪ ،‬سواء كانت الدعوى‬
‫منظورة أمام محكمة الموضوع أو محكمة النقض‪ ،‬وال تزول السلطة في التنازل عنه إال‬
‫بصدور حكم بات‪ ،‬ويترتب على التنازل انقضاء الدعوى الجنائية‪ 3،‬فبالنظر إلى الطبيعة العينية‬

‫‪ - 1‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.370‬‬


‫‪ - 2‬عبد القادر عبد السالم‪ ،‬نادية بن ميسية‪« ،‬القيود الواردة على سلطة النيابة العامة في تحريك ومباشرة الدعوى العمومية‬
‫المتعلقة بالجرائم االقتصادية»‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد االقتصادي ‪ ،36‬جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجلفة‪(،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪،‬‬
‫ص‪.326‬‬
‫‪ - 3‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.316‬‬

‫‪155‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫للطلب فإن التنازل عنه بالنسبة ألحد المتهمين يعد تنازال بالنسبة للبقية وهذا ما يستشف من‬
‫المادة ‪ 10‬ف‪ 03‬من قانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المصري لم يتعرض إلى سلطة رئيس الهيئة العامة‬
‫للرقابة المالية باعتباره صاحب الحق في تقديم الطلب‪ ،‬في التنازل عن الطلب‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫يطبق حكم القاعدة العامة المنصوص عليها بموجب المادة ‪ 10‬من قانون اإلجراءات الجنائية‬
‫والتي تبيح التنازل عن الطلب ممن يملكه قانونا في أي وقت بعد تقديمه إلى أن يصدر حكم‬
‫‪1‬‬
‫نهائي في الدعوى‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة المضرور في تحريك الدعوى العمومية‬


‫تختص النيابة بصفتها سلطة اتهام ونائبة عن المجتمع في تطبيق قواعد القانون الجنائي‬
‫على المخالفين أل حكامه‪ ،‬بسلطة تحريك الدعوى العمومية ورفعها‪ ،‬إال أن المشرع في أغلب‬
‫التشريعات خرج بدوره على هذا األصل وأجاز ألطراف أخرى غير النيابة العامة رفع الدعوى‬
‫وإدخالها في حوزة القضاء‪.‬‬

‫فقد خولت المادة األولى مكرر والمادة ‪ 72‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‬
‫المعدل والمتمم لبعض الموظفين أو رجال القضاء حق تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها‬
‫عن طريق التصدي في حالة ما وقعت جرائم أثناء الجلسات‪ ،‬كما سمحت للطرف المضرور‬
‫‪2‬‬
‫بتحريك الدعوى العمومية عن طريق االدعاء المدني‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف االدعاء المدني‬


‫هو إقامة دعوى مدنية من طرف المضرور يطلب فيها التعويض عن ضرر أصابه من‬
‫الجريمة أمام المحكمة الجنائية‪ ،‬وفي هذه الحالة تلتزم المحكمة بالنظر في الدعويين الجنائية‬
‫‪3‬‬
‫والمدنية والفصل فيهما معا‪.‬‬

‫كما يعرف بأنه وسيلة أتاحها المشرع المضرور‪ 4،‬من الجريمة من أجل مراقبة النيابة‬
‫العامة بحيث جعل للمضرور الحق في تحريك الدعوى الجنائية كأثر للمطالبة بالحقوق المدنية‬
‫‪5‬‬
‫إذا تراخت النيابة في رفع الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 10‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 01‬مكرر من اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ «:‬الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء‬
‫أو الموظفون المعهود إليهم بها بمقتضى القانون‪.‬‬
‫كما يجوز أيضا للطرف المضرور أن يحرك هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون»‪.‬‬
‫‪ - 3‬علي شمالل‪ ،‬السلطة التقديرية للنيابة العامة على الدعوى العمومية"دراسة مقارنة"‪،‬ط‪ ،02‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪2010 ،‬‬
‫ص‪.209‬‬
‫‪ - 4‬يرجع السبب في قصر حق االدعاء المدني على المضرور ولو كان شخصا معنويا دون المجني عليه بصيغة عامة إلى أن‬
‫تحريك الدعوى العمومية ال يتم إال كأثر لدعوى مدنية أساسها الضرر الذي لحق رافعها من الجريمة‪.‬‬
‫‪ - 5‬جندي عبد المالك‪ ،‬الموسوعة الجنائية‪ ،‬ج‪ ،04‬ط‪ ،01‬مكتبة العلم للجميع‪ ،‬بيروت‪ ،2004 ،‬ص‪.205‬‬

‫‪156‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫وقد عرفت محكمة النقض المصرية اإلدعاء المباشر بأنه إجراء يجوز بمقتضاه للمدعي‬
‫بالحقوق المدنية في مواد المخالفات والجنح أن يكلف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة‬
‫الجنائية المختصة لسماع الحكم عليه بالتعويض عن األضرار التي أصابته من الجريمة‬
‫ويترتب قانونا على رفع الدعوى المدنية بطريق اإلدعاء المباشر أمام المحكمة الجنائية تحريك‬
‫‪1‬‬
‫الدعوى الجنائية تبعا لها‪.‬‬

‫على غرار القانون المصري‪ ،‬فإن المشرع الجزائري جعل االدعاء المدني شامال لكافة‬
‫الجرائم من جنايات وجنح ومخالفات ويجيز للمتضرر تقديم ادعاءه المدني أمام المحكمة‬
‫‪2‬‬
‫الجزائية أو لدى قاضي التحقيق‪.‬‬

‫فالمالحظ من الموقفين أن المشرع المصري قصر استعمال اإلدعاء المباشر على الجنح‬
‫والمخالفات دون الجنايات فإذا أقام مثال المدعي المدني دعواه أمام محكمة الجنح وتبين لها أن‬
‫الجريمة جناية‪ ،‬فإنها تفضي بعدم قبول الدعوى وال تقضي بعدم اختصاصها‪ ،‬ذلك أن الدعوى‬
‫لم تحرك بالطريقة التي حددها القانون‪ ،‬ومن ثمة التصل بوالية المحكمة وعدم جواز اإلدعاء‬
‫‪3‬‬
‫المباشر في الجنايات قاعدة تتصل بالنظام العام‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط االدعاء المدني‬


‫وتتمثل في ثالثة شروط يجب توافرها حتى يقبل اإلدعاء المدني أمام قاضي التحقيق‪:‬‬

‫‪ :1‬صدور اإلدعاء من المضرور‬


‫يشترط في استعمال حق اإلدعاء المدني صدوره عن المضرور من الجريمة‪ 4،‬فقد‬
‫أصاب المشرع الجزائري كسائر المشرعين حينما أطلق لفظ المضرور بدال من المجني عليه‬
‫أل نه يمكن أن يكون هناك شخص أصابه ضرر من الجريمة دون أن يكون مجنيا عليه‪ ،‬ومن‬
‫‪5‬‬
‫ثمة تكون له مصلحة مباشرة في تحريك الدعوى العمومية‪.‬‬

‫إن الفرق بين المجني عليه والمضرور أن األول هو من وقع عليه العدوان وهدفه هو‬
‫الثأر من الجاني باسم المجتمع‪ ،‬وإنزال العقاب عليه‪ ،‬أما الثاني فهو من أصابه الضرر الناشئ‬
‫عن الجريمة سواء كان ضررا ماديا أو معنويا أو جسديا‪ ،‬وغايته هي جبر هذا الضرر بطريق‬
‫‪6‬‬
‫التعويض‪.‬‬

‫‪ - 1‬فوزية عبد الستار‪ ،‬االدعاء المباشر في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1977 ،‬ص‬
‫‪.290‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 239‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ « :‬يجوز لكل شخص يدعي طبقا للمادة ‪ 03‬من هذا القانون بأنه قد أصابه ضرر‬
‫من جناية أو جنحة أو مخالفة أن يطالب بالحق المدني في الجلسة نفسها‪.»...‬‬
‫‪ - 3‬جندي عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادتين ‪ 01‬مكرر والمادة ‪ 72‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 5‬سليمان بارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ - 6‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.308‬‬

‫‪157‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫إن المدعي المدني المضرور من الجريمة ليس مطالبا بإثبات الضرر الذي لحق به من جراء‬
‫الجريمة‪ ،‬إذ يقع على قاضي الحكم عبء استخالص هذا الضرر والتقرير بوجوده أو انتفائه‬
‫فيكفي لقبول االدعاء المدني أن تفصح الوقائع التي يستند إليها المضرور عن وجود ضرر لحق‬
‫‪1‬‬
‫به وعن توافر الصلة المباشرة بين هذا الضرر وبين الجريمة التي وقعت‪.‬‬

‫وال يجوز التنازل على حق اإلدعاء بعد تقديمه ما لم تكن الجريمة من الجرائم المعلقة‬
‫على شكوى أو إذن أو طلب‪ ،‬ال يجوز إحالته إلى الغير‪.‬‬
‫‪ :2‬أن تكون الدعوى العمومية مقبولة‬
‫األصل أن يباشر الطرف المضرور دعواه المدنية في نفس الوقت الذي يحرك فيه‬
‫الدعوى العمومية أي أن الدعوى المدنية هي التي تدفع الدعوى العمومية وتحركها وبالتالي ال‬
‫‪2‬‬
‫يتصور إمكان اإلدعاء المدني إذا كانت الدعوى العمومية ذاتها غير مقبولة‪.‬‬

‫ويختلف هذا الشرط إذا كانت الدعوى العمومية قد علق القانون تحريكها على شكوى أو‬
‫إذن‪ ،‬أو لم يقدم الطلب من الجهة التي تملك ذلك مع المحافظة أنه إذا كان المضرور هو المجني‬
‫عليه‪ ،‬فإن ادعاءه المدني يعتبر بمثابة شكوى‪ ،‬فيترتب عليه تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬ويختلف‬
‫أيضا هذا الشرط إذا كانت الدعوى العمومية قد انقضت بوفاة مرتكب الجريمة أو بالعفو العام أو‬
‫‪3‬‬
‫بالتقادم أو بصدور حكم بات فيها أو إذا صدر أمر نهائي بأال وجه إلقامة الدعوى‪.‬‬

‫‪ :3‬أن تكون الدعوى المدنية مقبولة‬


‫تتمثل آلية االدعاء المدني في رفع دعوى مدنية بالتعويض‪ ،‬مما يترتب عليه تحريك الدعوى‬
‫العمومية التي أهملت النيابة العامة أو تراخت في تحريكها‪ ،‬وإلعمال هذه اآللية ال بد أن تكون‬
‫الدعوى المدنية مقبولة بداهة‪ ،‬وبالتالي يكون على القاضي أن يتحقق ابتداء من كون الدعوى‬
‫‪4‬‬
‫المدنية مقبولة‪ ،‬ولكن ال يعني هذا حتما أن تكون صحيحة في موضوعها‪.‬‬

‫إن عدم قبول الدعوى المدنية يعتبر عائقا أمام آلية اإلدعاء المدني وال تتحرك بالتالي‬
‫‪5‬‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬وتكون الدعوى المدنية غير مقبولة في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان التكليف بالحضور باطال‪.‬‬
‫‪ -‬إذا حدد القانون أسلوبا سواه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كانت المحكمة الجنائية غير مختصة بها‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.710‬‬


‫‪ - 2‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ - 3‬نصيرة بوحجة‪ ،‬سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في القانون المقارن الجزائر‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‬
‫الجنائي والعلوم الجنائية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‪ ،‬الجزائر‪ ،)2002 ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ - 4‬أوهابية عبد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪ - 5‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.318‬‬

‫‪158‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫ولكن السؤال الذي يطرح حول مدى إمكانية اإلدعاء المباشر في جرائم بورصة األوراق‬
‫المالية بمعنى هل يمكن تطبيق هذا اإلجراء في جرائم البورصة؟ وفي حالة إمكانية ذلك فمن له‬
‫الحق في تحريك هذا اإلدعاء المباشر؟‬

‫لقد القى االدعاء المباشر في جرائم بورصة األوراق المالية سواء من جانب الشخص‬
‫الطبيعي أو المعنوي رفضا من جانب بعض الفقه‪ ،‬لصعوبة إثبات توافر شروط الضرر الذي‬
‫يعتبر سبب الدعوى المدنية كما أن هذه الجرائم تمثل اعتداء على مصلحة عامة‪ ،‬وبالتالي تكون‬
‫النيابة العامة هي المختصة بتحريكها حتى ال يستخدم اإلدعاء المباشر في تصفية الحسابات‬
‫الشخصية بين المتعاملين‪ ،‬إضافة إلى جهل معظم المتعاملين‪ ،‬أنهم ضحايا جرائم بعضهم من‬
‫‪1‬‬
‫المساهمين‪.‬‬

‫كما القت فكرة اإلدعاء المباشر أمام القضاء الجنائي الفرنسي في الجرائم االقتصادية‬
‫بصفة عامة اعتراضا‪ ،‬إذ قضت محكمة النقض الفرنسية في حكم قد يمر لها برفض دعوى‬
‫إحدى النقابات لتعويض الضرر الذي لحق المصلحة الجماعية للمهنة من البيع بالفائدة‪ ،‬وقد‬
‫بررت حكمها بأن الضرر المترتب في هذه الحالة ال يعتبر ضرراً شخصيا بالنظر إلى أن‬
‫القانون الذي جرم هذه الممارسات قصد به المشرع حماية المصلحة العامة‪ ،‬وليس المصلحة‬
‫الش خصية للتجار والمستهلك‪ ،‬وبناء عليه ال يكون من حقه أن يحرك الدعوى الجنائية‪ ،‬وال أن‬
‫‪2‬‬
‫يتدخل بدعوى مدنية أمام المحكمة الجنائية فيما لو رفعت الدعوى من النيابة العامة‪.‬‬

‫ولكن الوضع لم يستمر على حالته بالنسبة للمشرع الفرنسي تحت تأثير وغلبة‬
‫االتجاهات الحديثة للسياسة الجنائية الرامية لتدعيم دور المجني عليه أو المضرور من الجريمة‬
‫صفة عامة‪ ،‬حيث صدر القانون رقم ‪ 1193-73‬في ‪ 27‬ديسمبر ‪ 1973‬والمتعلق بتحديث‬
‫وتطوير التجارة والمهن الحرفية‪ ،‬وأجاز المشرع وبموجب المادة ‪ 45‬منه لمن لحقه ضرر من‬
‫جراء ارتكاب إحدى الجرائم المتعلقة بتحرير األسعار والمنافسة أن يمارس دعواه المدنية‬
‫‪3‬‬
‫حسبما هو مقرر بالقواعد العامة أي رفع دعواه مباشرة أمام محكمة الجنح المختصة‪.‬‬

‫إال أن المشرع عاد وألغى حكم هذه المادة بموجب القانون رقم ‪ 387-2012‬الصادر في‬
‫‪ 22‬مارس ‪ ،2012‬ولكن ال يمكن التحجج بأن في هذا النوع من الجرائم اعتداء أو مساس‬
‫بمصلحة عامة وبالتالي ال يمكن تحريك الدعوى الجنائية عنها من قبل أفراد معنيين مادام أن‬
‫الضرر المتحقق من جراء إتيانها مباشر وشخصي يلحق األشخاص المتعاملين في سوق السلع‬
‫‪4‬‬
‫والخدمات أو السوق المنظمة لتداول األوراق المالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسين عبد السميع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.367‬‬


‫‪ - 2‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.525‬‬
‫‪ - 3‬نسرين عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫‪ - 4‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.359‬‬

‫‪159‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أما بالنسبة للمشرع المصر ي فقد قصر اإلدعاء المباشر على الجنح والمخالفات كما‬
‫سبق اإلشارة وبالتالي ال يوجد ما يمنع قانونا من اللجوء إلى اإلدعاء المباشر لمن لحقه ضرر‬
‫من أية جريمة من الجرائم التي تقع في البورصة‪ ،‬والتي تعتبر من الجنايات‪ ،‬وعلى سبيل المثال‬
‫جرائم التزوير في سجالت الشركة‪ ،‬وكذا جريمة التربح في حالة قيام أحد موظفي الهيئة‬
‫‪1‬‬
‫باستغالل معلومات غير معلنة للكافة‪ ،‬وتحقيق نفع منها‪.‬‬

‫ولكن تجدر اإلشارة إلى أن القانون الجديد رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بقانون تنظيم‬
‫الرقابة على األسواق واألدوات المالية غير المصرفية علق سلطة النيابة العامة في تحريك‬
‫الدعوى الجنائية مباشرة أمام القضاء المختص ما لم يقدم الطلب من الجهة المختصة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬من يجوز له اإلدعاء في جرائم البورصة‬


‫بالرجوع إلى أحكام قانون سوق رأس المال المصري‪ ،‬نالحظ أنه ليس هناك ما يمنع من‬
‫أن يدعي المتعامل الذي لحقه ضرر مباشر وشخصي من ارتكاب جريمة من جرائم البورصة‬
‫مباشرة أمام الدوائر االبتدائية بالمحاكم االقتصادية باعتبارها من الجنح‪ ،‬ويبدي بعض الفقه‬
‫تحفظه في خصوص هذه المسألة‪ ،‬إذ يرى أنه من الصعوبة بمكان إثبات المتعامل العادي‬
‫الضرر الشخصي والمباشر الذي لحقه من جراء ارتكاب هذا النوع من الجرائم بالنظر إلى أنه‬
‫ضرر يسير مسه وغيره من المتعاملين الذين أقدموا على مثل هذه التعامالت المبنية أساسا على‬
‫‪2‬‬
‫معلومات خاطئة ومضللة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالمشرع الفرنسي‪ ،‬فإنه وإن كان قد رسم‪ ،‬وكما سبقت اإلشارة إليه طريقا‬
‫متميزا التصال النيابة العامة المختصة بهذا النوع من القضايا غير أنه ال يوجد ما يمنع‬
‫‪3‬‬
‫المتعامل الفرد من اإلدعاء مباشرة أمام القضاء الجنائي‪.‬‬

‫في حين أكد المشرع الجزائري على ضرورة الحصول على إذن النيابة العامة لالدعاء‬
‫مباشرة أمام محكمة الجنح في غير الحاالت المنصوص عليها حصرا بموجب المادة ‪337‬‬
‫مكرر من قانون اإل جراءات الجزائية‪ ،‬وبناء عليه يكون من حق المتعامل المدعي بالحقوق‬
‫المدنية أن يرفع دعواه مباشرة أمام محكمة الجنح للمطالبة بالتعويضات عما لحقه من ضرر‬
‫‪4‬‬
‫بعد حصوله على إذن من النيابة العامة‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.375‬‬


‫‪ - 2‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪361 ،‬‬
‫‪ - 3‬حسني عبد السميع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.370‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 337‬مكرر قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ «:‬يمكن للمدعي أن يكلف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة‬
‫في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ترك األسرة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تسليم الطفل‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاك حرمة المنزل‪.‬‬
‫‪ -‬القذف‬

‫‪160‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أما بالنسبة للشخص المعنوي فهو أيضا يستطيع بوصفه كيانا قانونيا قائما مثله في ذلك‬
‫مثل الشخص الطبيعي رفع الدعوى مباشرة أمام القضاء الجنائي للمطالبة بالتعويض عما لحقه‬
‫من ضرر شخصي ومباشر مترتب عن ارتكاب الجريمة‪ ،‬وفي هذه الحالة يحق لكل شخص‬
‫معنوي لحقه ضرر من ارتكاب ممارسات غير مشروعة في البورصة اإلدعاء مباشرة أمام‬
‫القضاء الجنائي للمطالبة بالتعويض‪ ،‬إذ يكون من حق الشركة التي تعاملت في البورصة بالبيع‬
‫أو الشراء بناء على معلومات خاطئة ومضللة رفع دعواها بالتعويض مباشرة أمام القضاء‬
‫‪1‬‬
‫الجنائي للمطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫ولكن الصعوبة تظهر في حال ما إذا وقعت الجريمة إضرار بالمصالح الجماعية التي‬
‫يؤسس الشخص المعنوي للدفاع عنها‪ ،‬لعدم توافر شروط الضرر المستلزمة لقبول الدعوى‬
‫‪2‬‬
‫المدنية بصفة عامة‪.‬‬

‫ويرى بعض الفقه بأنه ال بد من اعتراف المشرع صراحة للشخص المعنوي بموجب‬
‫نص قانوني خاص من حقه في رفع الدعوى المدنية مباشرة أمام القضاء الجنائي للمطالبة‬
‫بالتعويض عن الضرر الذي لحق المصلحة الجماعية ألعضائه‪ ،‬ومن ثم يتقرر حكم أو قاعدة‬
‫‪3‬‬
‫خاصة تعتبر استثناء أو خروج عن القاعدة العامة‪.‬‬

‫وفي هذا الشأن وبالرجوع إلى موقف المشرع الفرنسي نجده قد اعترف بموجب نص‬
‫المادة ‪ 681-16-01‬من التقنين النقدي والمالي لهيئة األسواق المالية الفرنسية بالحق في‬
‫التنصيب كطرف مدني‪ ،‬والمطالبة بالتعويض عما لحقها من أضرار‪ ،‬في حال ما إذا حركت‬
‫الدعوى الجنائية عن الجرائم المنصوص عليها بالمادتين ‪ 465-01‬و ‪ 465-02‬من التقنين‬
‫النقدي والمالي (جرائم البورصة)‪ ،‬إال أنه يمتنع عليها في هذه الحالة مباشرة سلطاتها العقابية‬
‫ب استصدار جزاء إداري ضد الشخص نفسه وعن األفعال ذاتها دون أن يكون لها الحق في‬
‫‪4‬‬
‫اإلدعاء مباشرة أمام القضاء الجنائي‪.‬‬

‫وعلى غرار نظيره الفرنسي نجد أن المشرع الجزائري قد منح لرئيس لجنة عمليات‬
‫البورصة ومراقبتها بموجب نص المادة ‪ 40‬من المرسوم التشريعي الحق بالتأسيس كطرف‬
‫مدني في حالة وقوع جرائم جنائية أمام القضاء الجنائي للمطالبة بالتعويض عن الضرر‬
‫‪5‬‬
‫المترتب عن ارتكاب جريمة من جرائم البورصة‪.‬‬

‫=‪-‬إصدار صك بدون رصيد‪.‬‬


‫وفي الحاالت األخرى ينبغي الحصول على ترخيص النيابة العامة للقيام بالتكليف المباشر بالحضور‪»...‬‬
‫‪ - 1‬فوزية عبد الستار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫‪ - 2‬نصيرة بوحجة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ - 3‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.375‬‬
‫‪ - 4‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ -5‬أنظر المادة ‪ 40‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬انقضاء الدعوى العمومية في جرائم البورصة‪.‬‬


‫يقصد بانقضاء الدعوى العمومية عند الفقه استحالة دخولها في حوزة القضاء أو استحالة‬
‫استمرارها في حوزته حيث تنقضي الدعوى الجنائية عن جرائم سوق األوراق المالية وفقا‬
‫ألحكام قانون اإلجراءات الجزائية بالوفاة‪ ،‬التقادم‪ ،‬العفو‪ ،‬صدور حكم بات فيها‪ ،‬وبجانب ذلك‬
‫توجد أسباب خاصة النقضاء الدعوى الجنائية عن هذه الجرائم كالتنازل عن الطلب في األحوال‬
‫التي يتطلب القانون تقديمه فيها‪ ،‬والتصالح مع المهتم‪ ،‬ولما كانت األسباب العامة النقضاء‬
‫تتناولها القواعد العامة (الفرع األول) فإن األسباب الخاصة لالنقضاء (الفرع الثاني) متعلقة‬
‫بجرائم خاصة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األسباب العامة النقضاء الدعوى العمومية‬


‫األسباب العامة هي تلك األسباب التي وردت في نص المادة ‪ 06‬ف ‪ 01‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬حيث تنقضي الدعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة‬
‫بوفاة المتهم والتقادم وبالعفو الشامل وبإلغاء قانون العقوبات‪ ،‬وبصدور حكم حائز لقوة الشيء‬
‫المقضي فيه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬وفاة المتهم‬


‫استنادا إلى مبدأ شخصية العقوبة الذي يقتضي أال توقع العقوبة إال على الجاني وال تمتد‬
‫إلى غيره فإنه من الطبيعي أن تنقضي الدعوى العمومية بوفاة المتهم‪ ،‬ألن وفاة المتهم يترتب‬
‫عليه سقوط حق الدولة في العقاب‪.‬‬

‫فإذا حدثت الوفاة قبل رفع الدعوى العمومية تحفظ أوراق القضية‪ ،‬أما إذا حدثت الوفاة‬
‫أثناء سير الدعوى العمومية وجب أن تحكم المحكمة بانقضائها وأال وجه للمتابعة‪ ،‬وإذا حدثت‬
‫‪1‬‬
‫الوفاة بعد صدور الحكم أو القرار فإن الحكم أو القرار يسقط وتنقضي معه العقوبة‪.‬‬

‫وسقوط الدعوى الجنائية بوفاة المتهم أو بأي سبب آخر بعد رفعها ال يؤثر في سير‬
‫الدعوى المدنية المرفوعة معها‪ ،‬وللمدعي بالحقوق المدنية أن يدخل الورثة ليحصل على حكم‬
‫‪2‬‬
‫بالتعويض في مواجهتهم أمام المحكمة الجنائية التي تستمر أمامها الدعوى المدنية كما كانت‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التقادم‬
‫إن مضي مدة معينة يقف فيها صاحب الحق موقفا سلبية ال يطالب فيها بحقه أمام العدالة‬
‫هو نوع من التراخي في استعمال الحق لذلك حرم من مكان االلتجاء إلى القضاء بعد مضي‬

‫‪ - 1‬محمد خريط‪ ،‬محاضرات في قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫‪ - 2‬طاهري حسين‪ ،‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية مع التعديالت المدخلة عليه‪ ،‬ط‪ ،04‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ 2014‬ص‪.15‬‬

‫‪162‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫المدة المقررة وذلك ضمانا الستقرار األوضاع وهذا ما يسميه الفقه والقانون المقارن بالتقادم‬
‫بمضي المدة‪ ،‬وهو وسيلة للتخلص من أثار الجريمة‪.‬‬

‫وقد نظمه المشرع الجزائري في نصوص المواد من (‪ 08 ،07 ،06‬مكرر‪ 08 ،‬مكرر‬


‫‪ )09 ،01‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري وتختلف مدته حسب جسامة الجريمة‬
‫بمضي عشرات سنوات في الجنايات وثالث سنوات في الجنح وسنتين في المخالفات‪ ،‬ويشمل‬
‫‪1‬‬
‫التقادم كل من المساهمين في الجريمة سواء كانوا فاعلين أصليين أو شركاء‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العفو الشامل‬


‫هو اإلجراء القانوني الذي يمحور يزيل كل اآلثار الجزائية المترتبة عن الحكم الجزائي‬
‫المتضمن العقوبة‪ ،‬فتسقط مهما كان نوعها‪ ،‬ويكون ماسا بكل المساهمين في الجريمة‪ ،‬وإن كان‬
‫له تأثير على الدعوى العمومية فيؤدي إلى انقضائها‪ ،‬فليس له أي أثر على الدعوى المدنية التي‬
‫‪2‬‬
‫تظل قائمة إال إذا نص القانون على تحمل الدولة عبئ التعويض من الخزينة العامة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إلغاء قانون العقوبات‬
‫أي صدور قانون جديد يزيل الصفة الجرمية عن الفعل وذلك بإلغائه للقانون القديم‪ ،‬وال‬
‫يترتب على انقضاء الدعوى العمومية بسبب إلغاء قانون العقوبات سقوط الدعوى المدنية‬
‫بالتبعية‪ ،‬ألنه وإن أزيلت الصفة اإلجرامية عن الفعل فإن الضرر الذي وقع للمضرور نتيجة‬
‫‪3‬‬
‫الفعل الزال باق‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬صدور الحكم البات‬


‫لما كانت الدعوى العمومية هي وسيلة الدولة القتضاء حقها في العقاب عن طريق طرح‬
‫الخصومة الجنائية على القضاء‪ ،‬فإن صدور حكم فاصل في موضوع تلك الخصومة ال بد أن‬
‫يحدث أثره في انقضاء الدعوى العمومية‪.‬‬

‫لكن ليس كل حكم فاصل في موضوع الخصومة الجنائية تنقضي به الدعوى العمومية‬
‫فيجب أن يكون هذا الحكم بات ونهائي يمثل الحقيقة فيما قضى به‪ ،‬ويكون كذلك إذا تم استيفاء‬
‫جميع طرق الطعن العادية وغير العادية أو مضت المدة التي حددها القانون دون أن يتم الطعن‬
‫‪4‬‬
‫في الحكم‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد صبحي نجم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ - 2‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪ - 3‬علي شمالل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 4‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬ج‪ ،01‬ط‪ ،03‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،2003،‬ص‪.85‬‬

‫‪163‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األسباب الخاصة النقضاء الدعوى العمومية‬


‫يقصد باألسباب الخاصة النقضاء الدعوى العمومية األسباب المتعلقة بجرائم خاصة‬
‫وجرائم البورصة من جرائم الخاصة وبالتالي فهي تنقضي إما بتنازل عن الطلب أو المصالحة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التنازل عن الطلب في جرائم البورصة‬


‫تقديم الطلب حق متاح لصاحب الشأن لرفع القيد عن النيابة العامة التخاذ اإلجراءات في‬
‫مواجهة المتهم‪ ،‬غير أنه قد تطرأ أسباب تدفع صاحب الحق إلى التنازل عن حقه في تقديم‬
‫الطلب والتنازل يكون عن طلب رفع الدعوى وليس عن الدعوى الجنائية‪ ،‬ألنها دعوى عمومية‬
‫‪1‬‬
‫ال تقبل التنازل‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف التنازل‬
‫هو تعبير عن إرادة المجني عليه أو الجهة المختصة‪ ،‬في عدم رغبتها في استمرار السير‬
‫في اإلجراءات القانونية ضد مرتكب الجريمة‪« 2،‬فهو تصرف قانوني من جانب واحد ينتج كافة‬
‫آثاره قانونا ما دام قد صدر صحيحا ممن له الحق فيه بصرف النظر عن إرادة غيره‪ ،‬فالتنازل‬
‫‪3‬‬
‫ينتج أثره ولو كان المتهم راغب في نظر الدعوى إلثبات براءته»‪.‬‬

‫وبالنسبة لشكل التنازل فلم يرسم القانون للتنازل عن الطلب شكال معينا‪ ،‬ولكنه اشترط في‬
‫تقديمه أن يكون كتابة‪ ،‬وهو ما دفع البعض للقول بأن التنازل عن الطلب يشترط أن يكون‬
‫مكتوبا بوصفه إجراء مكتوبا تقدمه جهة حكومية‪ ،‬ومن ثم تكون مخاطبتها كتابية لكي تنتج‬
‫‪4‬‬
‫أثرها في الدعوى العمومية‪.‬‬

‫ويرى البعض أنه ليس هناك شكل خاص للتنازل‪ ،‬فيجوز أن يكون كتابة أو شفهيا‪ ،‬كما أنه‬
‫قد يستدل عليه أيضا بطريقة قاطعة من ظروف الحال‪ ،‬ألنه ال يوجد ما يقيد شكل التنازل‬
‫‪5‬‬
‫بالكتابة في أي نص من نصوص القانون‪.‬‬

‫ويجوز التنازل في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي‪ ،‬وبذلك فإنه يجوز تقديم‬
‫التنازل أمام النيابة العامة‪ ،‬وهنا تصدر أمرا بأن ال وجه إلقامة الدعوى النقضائها بالتنازل حتى‬
‫ولو رفعت الدعوى أمام المحكمة فتقضي بانقضاء الدعوة الجنائية بالتنازل ولكن حال صدور‬
‫‪6‬‬
‫حكم بات باإلدانة فال يجوز تقديم التنازل عن الطلب‪.‬‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.472‬‬


‫‪ - 2‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪.379 ،‬‬
‫‪ - 3‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫‪ - 4‬نبيل مدحت سالم‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ج‪ ،02‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2009 ،‬ص‪.75‬‬
‫‪ - 5‬محمد صحبي نجم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ - 6‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪.334 ،‬‬

‫‪164‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ -2‬أثر التنازل عن الطلب‬


‫تنقضي الدعوى الجنائية بتقديم التنازل عن الطلب قبل صدور حكم بات فيها بالنسبة للواقعة‬
‫التي كانت محل الطلب‪ ،‬وبالتالي فال يجوز تقديم طلب آخر في شأن الواقعة أو واقعة أخرى‬
‫تكون مكونة لحالة استمرار سابق على الطلب‪ ،‬ألنه إذا انقضت الدعوى الجنائية فال يمكن بعثها‬
‫من جديد فانقضائها بالتنازل هو بمثابة حكم صادر في الموضوع ويتحدد نطاق التنازل عن‬
‫الطلب بالوقائع التي كانت محل الطلب وحدها دون ما قد يرتبط بها من وقائع كما أن التنازل‬
‫‪1‬‬
‫بالنسبة ألحد المتهمين في الدعوى يعتبر تنازال بالنسبة للباقين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التصالح في جرائم البورصة كسبب النقضاء الدعوى العمومية‬


‫يعد التصالح استثناء من األصل العام بعدم جواز النزول الدعوى الجنائية‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫أجاز التصالح مع المتهم في بعض األحوال بإرادة النيابة العامة أو غيرها من الجهات‪ ،‬ويترتب‬
‫على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة التي تم التصالح بشأنها وتأمر النيابة‬
‫العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها ولو كان الحكم باتا‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف الصلح‬
‫بالرجوع إلى التشريعات الجنائية‪ 2،‬فإننا نجدها ال تعطي أي تعريف للمصالحة الجزائية‬
‫وإنما فقط نظمت أحكامها وتطبيقاتها‪ ،‬وهذا على عكس الصلح المدني الذي المادة ‪ 459‬من‬
‫القانو ن المدني الجزائري على أنه عقد ينهي به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا‬
‫‪3‬‬
‫محتمال‪ ،‬وذلك بأن يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه‪.‬‬

‫إال أن هذا التعريف للصلح المدني ال يصدق على الصلح الجنائي‪ ،‬أيضا يكون له مفهوم‬
‫آخر كونه يمس في حدود معينة المصالح األساسية للمجتمع لتعلقها بالدعوى العمومية على‬
‫عكس الصلح في المواد المدنية والذي يتعلق بعالقات تعاقدية خاصة‪.‬‬

‫أما على المستوى القضائي فإن القضاء هو اآلخر لم يهتم كثيرا بإعطاء تعريف الصلح‬
‫وبالرجوع إلى االجتهادات القضائية لكل من المحكمة العليا الجزائرية وكذا محكمة النقص‬
‫الفرنسية فإننا ال نجد أي قرارات تعطي تعريفا للصلح الجنائي‪.‬‬

‫أما على مستوى محكمة النقض المصرية عرفت الصلح الجنائي‪« ،‬بأنه بمثابة نزول من‬
‫الهيئة االجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح ويحدث أثره‬
‫‪4‬‬
‫بقوة القانون»‪.‬‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.476‬‬


‫‪ - 2‬وهذا هو حال بعض التشريعات المقارنة كالمصري والفرنسي‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 459‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪ - 4‬أحمد محمد محمود خلف‪ ،‬الصلح وأثره في انقضاء الدعوى الجنائية وأحوال بطالنه‪ ،‬دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ 2008‬ص‪.18‬‬

‫‪165‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫أما على مستوى الفقه فقد تعددت التعاريف التي أوردها الفقه‪ ،‬فمنهم من يعرف الصلح على‬
‫أنه‪ « :‬ذلك اإلجراء الذي يحوز عرضه من قبل الجهات المختصة‪ ،‬والذي يحق للمتهم رفضه‬
‫أو قبوله والذي يترتب عليه حال قبوله انقضاء الدعوى الجنائية بدفع مبلغ التصالح دونما تأثير‬
‫‪1‬‬
‫على الدعوة المدنية»‪.‬‬

‫أو«هو تعبير عن إرادة فردية تتلقاه وتؤكد صحته السلطة اإلدارية المختصة‪ ،‬يعني تخلي‬
‫الفرد عن الضمانات القضائية التي أقرها بصدد الجريمة التي ارتكبها محققا بذلك أيضا تخلي‬
‫‪2‬‬
‫الدولة عن حقها في العقاب وتنقضي بذلك الجريمة»‪.‬‬

‫كما عرفه البعض من الفقه بأنه‪ «:‬عقد رضائي بين طرفين الجهة اإلدارية المختصة من‬
‫جهة والمتهم من ناحية أخرى بموجبه تتنازل الجهة اإلدارية عن طلب رفع الدعوى الجنائية‬
‫‪3‬‬
‫مقابل دفع المخالف الجعل المحدد في القانون كتعويض أو تنازله عن المضبوطات»‪.‬‬

‫‪ -2‬الطبيعة القانونية للصلح‬


‫اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية للصلح الجنائي إلى العديد من اآلراء‪:‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ ‬الرأي األول‪ :‬يرى أن الصلح الجنائي يتفق من حيث طبيعته مع الصلح المدني حيث طبيعته‬
‫مع الصلح المدني من انعقاده بين الجهة اإلدارية والمتهم مقابل تنازل كل طرف عن بعض‬
‫ماله‪ ،‬فتتنازل جهة اإلدارة عن طلب رفع الدعوة الجنائية ويتنازل الجاني عن ضمانات‬
‫التحقيق والمحاكمة التي يكفلها له القانون باإلضافة إلى تنازله عن مقابل مالي يدفعه لجهة‬
‫اإلدارة إذن فهو عقد فهو عقد‪.‬‬
‫‪ ‬الرأي الثاني‪ :‬يرى التصالح الجاني يعتبر عمال قانونيا بالمعنى الضيق‪ ،‬ألنه يتحقق بمجرد‬
‫اتجاه اإلرادة إلى الواقعة القانونية المكونة له دون عبرة باآلثار المترتبة عليه حيث أن‬
‫القانون هو الذي يتولى بنفسه ترتيب اآلثار القانونية طالما اتجهت اإلدارة إلى القيام‬
‫بالتصالح‪ ،‬وذلك على خالف الصلح المدني‪ ،‬الذي يشترط لتحققه باإلضافة إلى عنصر‬
‫اإلرادة المتجهة إلى الواقعة المكونة له أن يتوافر عنصرا آخر هو اإلرادة المتجهة إلى‬
‫الواقعة المكونة له أن يتوافر عنصرا آخر هو اإلرادة المتجهة إلى أثر هذا العمل بما ينطوي‬
‫على تخويله حق تعديل هذا األثر‪ ،‬وبالتالي فالصلح الجنائي ليس تصرفا قانونيا‪ ،‬بل يعتبر‬
‫عمال قانونيا بالمعنى الضيق سواء تم قبل رفع الدعوى أو بعدها‪.‬‬
‫‪ ‬الرأي الثالث‪ :‬يذهب إلى أن التصالح تصرف قانوني إجرائي من جانب واحد‪ ،‬ألن القانون‬
‫يحدد أساس التصالح أي المبلغ الواجب دفعه أو األشياء التي يلزم تسليمها لإلدارة‪ ،‬وال دخل‬

‫‪ - 1‬مدحت محمد عبد العزيز إبراهيم الصلح والتصالح في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،2004 ،‬‬
‫ص‪.31‬‬
‫‪ - 2‬أحمد محمود محمود خلف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 3‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪382‬‬
‫‪ - 4‬مدحت محمد عبد العزيز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬

‫‪166‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫للمخالف أو اإلدارة في تحديد أو تعديل تلك الشروط‪ ،‬والمخالف إما أن يقبلها ويبدي ذلك في‬
‫طلبه الذي يعلن فيه موافقته على التصالح‪ ،‬أو يرفضها وحينئذ ال يتم التصالح وتسير‬
‫إجراءات الدعوى في طريقها الطبيعي‪ ،‬فاإلدارة ال تعد طرفا في هذا التصرف‪ ،‬لذا فال‬
‫يجوز لها أن ترفض طلب التصالح كقاعدة عامة‪ ،‬مما ينبني عليه عدم جواز اعتبار هذا‬
‫النظام تصرفا قانونيا من جانبين‪.‬‬

‫ما يمكن قوله إذن بشأن طبيعة الصلح ما ذهب إليه الرأي الثاني كون الصلح عمل‬
‫قانوني يتحقق بمجرده اتجاه اإلرادة إلى الواقعة القانونية المكونة له دون عبرة باآلثار المترتبة‬
‫عليه حيث يحدث القانون هذه اآلثار وال دخل لألفراد فيها‪.‬‬

‫‪ -3‬اعتبارات اللجوء إلى الصلح‬


‫‪1‬‬
‫إن اللجوء للتصالح عدة اعتبارات أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تخفيف العبء عن المحاكم‪ ،‬وذلك من خالل التصالح في القضايا التي يجوز فيها التصالح‬
‫وهي التي تكون فيها العقوبة مالية‪ ،‬وهو ما يجعل المحكمة تتفرغ أكثر للقضايا التي ال‬
‫يجوز فيها التصالح وتضر بالمجتمع‪ ،‬وجرائم البورصة من الجرائم التي يجوز فيها‬
‫التصالح‪ ،‬ومن ثم يكون للصلح في القضايا المتعلقة ببورصة األوراق المالية أهمية كبرى‬
‫وفائدة كبيرة‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب اآلثار التي تترتب على المحاكمة الجنائية من ألم نفسي‪ ،‬وما يترتب عليها من وجود‬
‫شائبة في صحيفة الحالة الجنائية للمتهم‪ ،‬وكذلك مسايرة السياسية الجنائية الحديثة التي تعمل‬
‫على الحد من اللجوء إلى اإلجراءات الجنائية العادية وتعريض المتهم للمحاكمة الجنائية‬
‫بآثارها السلبية‪.‬‬
‫‪ -‬الحفاظ على العالقات االجتماعية االقتصادية بين األفراد‪ ،‬وتحقيق الحماية للشخص المجني‬
‫عليه‪ ،‬ويتم التصالح من خالل دفع مبلغ يمثل مثلي الحد األدنى للغرامة وهو ما يعوض‬
‫المجني عليه‪.‬‬
‫‪ -4‬آثار الصلح‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بالرقابة على األسواق‬
‫واألدوات المالية غير المصرفية نجد أنها تجيز لرئيس الهيئة التصالح عن جرائم البورصة في‬
‫‪2‬‬
‫أية حالة كانت عليها الدعوى مقابل أداء مبلغ للهيئة ال يقل عن مثلي الحد األدنى للغرامة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالمشرع الفرنسي فلم يتضمن التقنين النقدي والمالي نصا يجيز التصالح في‬
‫جرائم البورصة‪ ،‬وكذلك هو الحال بالمشرع الجزائري فلم يقر بموجب المرسوم التشريعي‬

‫‪ -1‬أحمد محمد محمود خلف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬المتعلق بالرقابة على األسواق و األدوات غير المصرفية‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب ال ثاني‪:‬‬

‫‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم إلى إمكانية إجراء مصالحة في جرائم‬
‫البورصة وبالتالي ال يجوز التصالح في هذا النوع من الجرائم‪.‬‬

‫ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة التي تم التصالح بشأنها‬
‫وتأمر النيابة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح في أثناء تنفيذها ولو كان الحكم باتا‪.‬‬

‫فإذا تم التصالح قبل تحريك الدعوى الجنائية وقبل التحقيق فيها سواء تم هذا التحريك من‬
‫طرف النيابة العامة وهو األصل العام‪ ،‬أم من طرف الشخص المضرور‪ ،‬إعماال لحقه في‬
‫االدعاء المباشر‪ ،‬حيث يكون للنيابة العامة وبعد تأكدها من حصول الصلح فعال واستيفائه‬
‫لشروطه القانونية إصدار أمر بحفظ األوراق‪ ،‬أما إذا بدأت النيابة العامة بالتحقيق في الدعوى‬
‫ثم تقدم إليها الخصوم بطلب إثبات صلحهم أصدرت النيابة العامة أمرا بأال وجه إلقامة الدعوى‬
‫‪1‬‬
‫النقضائها بالتصالح‪.‬‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.500‬‬

‫‪168‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الفصل في جرائم البورصة‬


‫تمهيد وتقسيم‬
‫تقوم سلطة التحقيق بإحالة الدعوى أو حفظها حسب توافر أدلة االتهام من عدمها‪ ،‬فإذا ما‬
‫كانت األدلة متوافرة يشد بعضها في إثبات الجريمة تقوم النيابة العامة بإحالة الدعوى إلى‬
‫المحكمة المختصة للفصل فيها‪.‬‬
‫ونظرا لطبيعة جرائم بورصة األوراق المالية وما يكتنفها من صعوبة في اكتشافها وإقامة الدليل‬
‫عليها‪ ،‬إمكان ارتكابها خارج النطاق اإلقليمي للدولة‪ ،‬فإن هناك بعض التشريعات منحت‬
‫االختصاص بالنظر فيها إلى دوائر متخصصة في المسائل االقتصادية‪ ،‬على حين أن البعض‬
‫اآلخر تركها للقواعد العامة (المبحث األول)‪ ،‬وبعد اإلحالة على الجهة المختصة بالفصل في‬
‫جرائم البورصة تسعى المحكمة إلى تطبيق القانون وذلك من خالل إلزام الشخص بتحمل‬
‫النتائج التي رتبها القانون على أعماله غير المشروعة من خالل تحديد المسؤولية الجزائية‬
‫(المبحث الثاني)‪ ،‬أي تحمل المسؤولية الجزائية هذه األخيرة ال تقوم إال بتوافر العناصر المنشئة‬
‫لها‪ ،‬ومن ثم توقيع الجزاء الذي يعتبر الرد الفعل االجتماعي إزاء الجريمة ومرتكبها‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الجهة المختصة بالفصل في جرائم البورصة‬


‫إن آخر ما يمكن الحديث عنه بعد إيراد جملة اإلجراءات الجنائية الخاصة بمالحقة‬
‫مرتكب جرائم البورصة هي مرحلة المحاكمة‪ ،‬حيث أظهرت التشريعات من خالل القواعد‬
‫المنظمة لها نوعا من الخصوصية فيما يتعلق بالجهة القضائية التي ينعقد لها االختصاص‬
‫بمحاكمة مرتكبي جرائم البورصة‪.‬‬

‫واألصل أن المحاكم العادية هي المحاكم المختصة بنظر كافة الدعاوى الجنائية بالتطبيق‬
‫للمعايير والضوابط المحددة لالختصاص‪ ،‬ويستثنى من ذلك ما إذا نص القانون صراحة على‬
‫سلب واليتها في مسألة معينة‪ ،‬وهذا ما سيتم التطرق إليه عند الحديث عن الجهة القضائية التي‬
‫أوكل لها كل من المشرع المصري‪ ،‬ونظيره الفرنسي والجزائري مهمة النظر في الدعاوى‬
‫الجنائية الناجمة عن ارتكاب صور جرائم البورصة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬والية المحاكم االقتصادية بالفصل في جرائم البورصة‬


‫تتنوع الجهة المختصة بالفصل في القضايا الماسة ببورصة األوراق المالية بين المحاكم‬
‫الجزائية صاحبة االختصاص العام ( الفرع األول)‪ ،‬والمحاكم الجزائية ذات االختصاص‬
‫الخاص في بعض الجرائم الماسة باالختصاص‪ ،‬أو ما يطلق عليها باألقطاب الجزائية‬
‫المتخصصة (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المحاكم الجزائية صاحبة االختصاص العام‬


‫األصل أن المحاكم العادية هي القضاء العام في الدعاوى الجنائية‪ ،‬حيث نص المشرع‬
‫المصري بموجب المادة ‪ 15‬من قانون السلطة القضائية أنه فيما عدا المنازعات اإلدارية التي‬
‫يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إال ما استثني‬
‫‪1‬‬
‫بنص خاص‪.‬‬
‫ويتحدد اختصاص المحكمة الجنائية وفقا لضوابط ومعايير ثالث‪:‬‬
‫‪ -1‬بالنظر إلى نوع الجريمة المسندة للمتهم وجسامتها‪ ،‬أو ما يطلق عليه االختصاص‬
‫النوعي‪ ،‬وفقا له تقسم المحاكم الجنائية إلى محاكم جزائية‪ ،‬محاكم ابتدائية‪ ،‬محاكم جنايات‬
‫ومحكمة النقض‪ ،‬حسب التقسيم المعتمد للجرائم كالمخالفات والجنح والجنايات‪.‬‬

‫ففيما يتعلق بالمشرع المصري تفصل المحكمة الجزائية في الجنح والمخالفات‪ ،‬ويتم‬
‫استئناف هذه األحكام أمام دائرة بالمحكمة االبتدائية مشكلة بهيئة محكمة استئنافية‪ ،‬بينما تختص‬
‫محاكم الجنايات بالنظر في الجنايات والجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق‬
‫النشر إذا وقعت على غير األفراد‪ ،‬وكذلك تختص بالفصل في الجنح التي قدمت إليها على أنها‬

‫‪ - 1‬جالل ثروت‪ ،‬أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتب الشرقي للنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،1996 ،‬ص ‪.376‬‬

‫‪170‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫جنائية وتبين لها بعد التحقيق أنها جنحة‪ ،‬وكذا الجنح المرتبطة بجناية ارتباطا ال يقبل التجزئة‬
‫‪1‬‬
‫وفي حال العكس تحيلها إذا رأت قبل تحقيقها أنه ال وجه لالرتباط إلى المحكمة الجزائية‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالمشرع الفرنسي فتقسم الجهات القضائية الجنائية إلى محاكم أول درجة وتضم‬
‫قاضي الجوار الذي يختص بنظر القضايا المرفوعة عن المخالفات من الدرجة الرابعة ومحكمة‬
‫الشرطة‪ ،‬إذ تنصب محكمة المرافعة كدرجة أولى من درجات التقاضي لنظر المخالفات‪ ،‬ينظر‬
‫هذا النوع من المنازعات بقاض فرد‪ ،‬ومحكمة الجنح التي هي في األساس محكمة المرافعة‬
‫الكبرى‪ ،‬والتي تنصب للنظر في قضايا الجنح بنظام جماعي‪ ،‬رئيس ومستشارين‪ ،‬أو بقاض‬
‫‪2‬‬
‫فرد في حالة الجنح األقل خطورة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالدرجة الثانية للتقاضي فينظر االستئناف أمام محاكم الجنح المستأنفة في‬
‫قضايا المخالفات والجنح والتي هي في األصل غرف داخل محاكم االستئناف‪ ،‬أما الجنايات‬
‫فتنظر أما محاكم االستئناف‪ ،‬ويتم الطعن فيه باالستئناف أمام محكمة جنايات أخرى غير‬
‫المحكمة التي أقرت الحكم األول‪.‬‬

‫أما عن التنظيم القضائي الجنائي الجزائري‪ ،‬فيتحدد االختصاص وفقا لجسامة الجريمة التي‬
‫حددها المشرع على أساس العقوبة‪ ،‬فالجنايات من اختصاص محكمة الجنايات والجنح محكمة‬
‫الجنح والمخالفات من اختصاص محكمة المخالفات‪ ،‬والعبرة في تحديد االختصاص النوعي هو‬
‫الوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى‪ ،‬ومن قواعد االختصاص النوعي أن المحكمة‬
‫‪3‬‬
‫الجزائية تختص بالفصل في الدعوى المدنية بالتبعية‪ ،‬وكذلك اختصاص محمة الجنايات ‪.‬‬

‫فتختص فالمحكمة كأول درجة بقسمها الجزائي بالنظر في القضايا المرفوعة عن الجنح‬
‫والمخالفات مشكلة من قاض‪ ،‬ومساعدين محلفين يختاران من بين األشخاص الذين يمتازون‬
‫باهتمامهم بشؤون األحداث وبتخصصهم ودرايتهم بها‪ ،‬ويتم استئناف أحكامهما أمام الغرفة‬
‫الجزائية بالمجلس القضائي‬

‫ويتم استئناف أحكامهما أمام الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي‪ ،‬ويمكن استئناف األحكام‬
‫الصادرة ف ي مواد الجنح‪ ،‬واألحكام الصادرة في مواد المخالفات‪ ،‬إذا قضت بعقوبة الحبس أو‬
‫‪4‬‬
‫عقوبة غرامة تتجاوز المائة دينار‪ ،‬أو إذا كانت العقوبة المستحقة تتجاوز الحبس خمسة أيام‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالجنايات فتنظر أمام محكمة الجنايات‪.‬‬

‫‪ - 1‬عوض محمد عوض‪ ،‬المرجع السابق‪.503 ،‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Corinne Renault- brahinsky. l’essentiel de la procédure pénale édition gualino‬‬
‫‪l’extenso ,France, 2013, p 28‬‬
‫‪ - 3‬بوبشير محند أمقران‪ ،‬النظام القضائي الجزائي‪ ،‬ط‪ ،5‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادتين ‪ 340 ،328‬من ق إ ج‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ -2‬بالنظر لشخص المتهم أو ما يطلق عليه االختصاص الشخصي‪ ،‬ويقوم على أساس صفة‬
‫أو حالة معينة في شخص مرتكب الجريمة‪.‬‬
‫‪ -3‬االختصاص المحلي‪ ،‬وبموجبه تكون المحكمة مختصة بنظر الدعوى مكانيا‪ ،‬ويتحدد‬
‫االختصاص المكاني بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة‪ ،‬أو المكان الذي يقيم فيه المتهم أو‬
‫‪1‬‬
‫المكان الذي يقبض عليه فيه‪.‬‬

‫وال تكون محكمة محل حبس المحكوم عليه مختصة إال وفق األوضاع المنصوص عليها في‬
‫‪2‬‬
‫المادتين ‪ 552‬و‪ 553‬من هذا القانون‪.‬‬

‫وتختص المحكمة بالنظر في الجنح والمخالفات غير القابلة للتجزئة المرتبطة وتختص‬
‫المحكمة التي ارتكبت في نطاق دائرتها المخالفة أو المحكمة الموجودة في بلد إقامة مرتكب‬
‫المخالفة بالنظر في تلك المخالفة‪ ،‬ويجوز تمديد االختصاص المحلي للمحكمة الى دائرة‬
‫اختصاص محاكم أخرى عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر‬
‫الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات وجرائم تبييض األموال‬
‫واإلرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف ‪.‬‬

‫وبموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 348-06‬المؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪ 2006‬المتضمن تمديد‬


‫االختصاص المحلي لبعض المحاكم ووكالء الجمهورية وقضاة التحقيق تم توسيع االختصاص‬
‫المحلي لمحاكم سيدي أمحمد و قسنطينة وورقلة ووهران ليشمل محاكم عدد من المجالس‬
‫القضائية ليشكلوا بالتالي أقطاب قضائية متخصصة في المتابع والتحقيق ومحاكمة األشخاص‬
‫المنسوب إليهم احد أنواع الجرائم المحصورة ‪.‬‬

‫وفي حالة حصول أشكال في االختصاص فان الفصل يعود لرئيس المجلس القضائي الذي‬
‫تقع في دائرة اختصاصه المحكمة التي يتم تمديد اختصاصها مع التنويه أن أمر رئيس المجلس‬
‫ال يكون قبال ألي طعن ‪.‬‬

‫‪ - 1‬عوض محمد عوض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.543‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 552‬من ق إ ج‪ " :‬إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية محبوسا بمقر الجهة القضائية التي أصدرت حكم إدانته‬
‫سواء أكان نهائيا أم لم يكن فإنه يكون لوكيل الجمهورية أو قاض التحقيق أو للمحاكم أو للمجالس بدائر محل الحبس‬
‫االختصاص بنظر جميع الجرائم المنسوبة إليه فيما خرج عن القواعد المنصوص عليها في المواد ‪ 37‬و ‪ 40‬و ‪ 329‬فقرة‬
‫‪."01‬‬
‫‪ -‬والمادة ‪ 553‬ق إ ج‪ ":‬إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية محبوسا ولم يكن ثمة مجال لتطبيق المادة ‪ 552‬تعين اتخاذ‬
‫اإل جراءات المتبعة في حالة تنازع االختصاص بين القضاة‪ ،‬ولكن بناء على طلب من النيابة العامة وحدها بقصد إحالة الدعوى‬
‫من الجهة القضائية المطروحة أمامها النزاع إلى الجهة التي بها مكان الحبس"‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫وإذا تعلق األمر بمتابعة الشخص المعنوي وفقا للمادة ‪ 65‬مكرر وما يليها من القانون رقم‬
‫‪ 14-04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬والمتعلق بقانون اإلجراءات الجزائية فان المحكمة‬
‫المختصة محليا هي المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصها المقر االجتماعي للشخص المعنوي‪.‬‬

‫وإلى جانب المحاكم الجزائية صاحبة االختصاص العام‪ ،‬قد يلجأ المشرع وبموجب نص‬
‫خاص على منح االختصاص بنظر نوع معين من الدعاوى الجنائية لمحاكم خاصة‪ ،‬بالنظر إلى‬
‫ما للجريمة من طبيعة خاصة‪ ،‬أو بالنظر إلى شخص مرتكب الجريمة‪ ،‬وهو ما يصدق على ما‬
‫استحدثه المشرع المصري من محاكم اقتصادية‪ ،‬وما سبقه إليه المشرع الفرنسي عند تبنيه‬
‫لنظام الغرف المتخصصة بنظر الدعاوى المرفوعة عن الجرائم االقتصادية والمالية وهو ما‬
‫سيتم التطرق إليه في العنصر الموالي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األقطاب الجزائية المتخصصة‬

‫تعد فكرة إنشاء أقطاب قضائية متخصصة من األمور المستحدثة بموجب التعديالت‬
‫التي طرأت على قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كما عبر عنه المشرع الجزائري بمصطلح‬
‫الجهات القضائية ذات االختصاص الموسع‪ ،‬من خالل القانون رقم ‪ 14/04‬المؤرخ في‬
‫‪10‬نوفمبر ‪ 2004‬المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬عندما تناول في المواد ‪،40 ،37‬‬
‫‪ 329‬إمكانية تمديد االختصاص اإلقليمي لكل من وكيل الجمهورية‪ ،‬قاضي التحقيق والمحكمة‬
‫‪1‬‬
‫عندما يتعلق األمر بالبحث والتحري في كل جرائم معينة على سبيل الحصر‪.‬‬
‫أما الشق المدني فقد عبر المشرع الجزائري عن هذه المحاكم الخاصة بمصطلح‬
‫األقطاب المتخصصة‪.2‬‬

‫وقد صدرت النصوص التنظيمية تجسيدا لهذا التوجه في سنة ‪ 2006‬بموجب المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 348-06‬المؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪ ،2006‬المتضمن تمديد االختصاص المحلي‬
‫‪3‬‬
‫لبعض المحاكم ووكالء الجمهورية وقضاة التحقيق‪.‬‬

‫وقد بدأت األقطاب القضائية المتخصصة في المادة الجزائية العمل بالفعل سنة ‪2008‬‬
‫حيث تم فعال إعطاء إشارة االنطالق الرسمي لألقطاب الجزائية المتخصصة في كل من‬
‫الجزائر العاصمة يوم ‪ 26‬فيفري ‪ ،2008‬وقسنطينة يوم ‪ 03‬مارس ‪ 2008‬وهران يوم‪05‬‬
‫مارس ‪ ،2008‬أما تدشين مقر القطب الجزائي المتخصص لمحكمة ورقلة وإعطاء إشارة‬

‫‪ - 1‬كور طارق‪ ،‬المحاكمة أمام األقطاب الجزائية المتخصصة( الملتقى الدولي ح ول المحاكمة العادلة في القانون الجزائري‬
‫والمواثيق الدولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي‪ ،‬قسنطينة‪ ،2012-11-10 ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 09/08‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ 2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪173‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫االنطالق الرسمي لنشاط هذا القطب فقد كانت يوم ‪ 19‬مارس ‪ 2008‬بإشراف من وزير العدل‬
‫‪1‬‬
‫حافظ األختام‪.‬‬

‫وقد تم تعديل نصوص المواد الخاصة بالقطب الجزائي االقتصادي والمالي بموجب‬
‫األمر ‪ 04/20‬المؤرخ في ‪30‬غشت ‪ 2020‬المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وبذلك‬
‫يكون المشرع الجزائري قد أنشاء على مستوى محكمة مقر مجلس قضاء الجزائر قطب جزائي‬
‫وطني متخصص لمكافحة الجريمة‪.‬‬
‫ويقصد باألقطاب القضائية المتخصصة في مجال التنظيم القضائي الحديث القيام بتركيز‬
‫اختصاصات إقليمية لجهات قضائية متعددة من جهة قضائية واحدة‪ ،‬بشرط أن يعود لهذه الجهة‬
‫اختصاصا نوعيا معينا ومحددا حصرا‪ ،‬بمعنى أن يتم تركيز العديد من الجهات القضائية في‬
‫جهة متخصصة بنوع محدد من القضايا‪. 2‬‬

‫كما يعرف البعض على أنها محاكم ذات طبيعة خاصة ألن المشرع أوكل إليها الفصل‬
‫في جرائم معينة ومحددة بذاتها ويحتاج القضاة الذين ينظرون فيها درجة كافية من التخصص‬
‫‪3‬‬
‫الفني في شؤونها‪.‬‬

‫بالرجوع إلى موقف المشرع الجزائري نجده لم يتطرق إلى تحديد مفهوم األقطاب‬
‫القضائية المتخصصة بل اكتفى باإلشارة إليها في العديد من المواضع‪ ،‬منها المادة ‪ 24‬من‬
‫القانون العضوي رقم ‪ 05/11‬المتعلق بالتنظيم القضائي‪ ،‬والتي نصت على إمكان إنشاء أقطاب‬
‫قضائية متخصصة ذات اختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم‪ ،‬وتتشكل األقطاب القضائية‬
‫المتخصصة من قضاة متخصصين‪ ،‬ويمكن االستعانة عند االقتضاء بمساعدين‪.‬‬

‫إذن فاألقطاب القضائية المتخصصة هي جهات قضائية لها صالحيات محددة بالفصل‬
‫في نوع معين‪ ،‬وهو ما يعرف بالتخصص القضائي‪ ،‬وفي هذا اإلطار يتم تزويد هذه الجهات‬
‫بكل ما يلزم من الوسائل واإلمكانيات المادية والبشرية‪ ،‬وأما عن تشكيلة األقطاب القضائية‬
‫المتخصصة فهي تشكيلة جماعية من ثالث قضاة ومساعدين عند االقتضاء ويتم تعيينهم بنفس‬
‫الطريقة التي يعين بها قضاة أقسام المحكمة من طرف رئيس المحكمة بعد استطالع رأي وكيل‬
‫الجمهورية‪.‬‬
‫لقد عرفت بعض األنظمة القضائية المقارنة نظام األقطاب المتخصصة من ذلك القضاء‬
‫الفرنسي حيث ظهرت إلى الوجود ابتداء من سنة ‪ 1975‬ما سميت آنذاك بالمحاكم المتخصصة‬

‫‪ - 1‬رابح وهيبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪51‬‬


‫‪ - 2‬محمد بكرارشوش‪ « ،‬االختصاص اإلقليمي الموسع في المادة الجزائية في التشريع الجزائري»‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،2016 ،14‬ص ‪.350‬‬
‫‪ - 3‬عبد الوهاب حومد‪ « ،‬المحاكم الجزائية االستثائية»‪ ،‬مجلة الحقوق جامعة الكويت‪ ،‬دراسات وبحوث منشورة‪( ،‬د س ن)‪،‬‬
‫ص ‪.38‬‬

‫‪174‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫في المادة االقتصادية والمالية وأطلق عليها أيضا األقطاب االقتصادية والمالية‪ ،‬ثم تلى ذلك‬
‫‪1‬‬
‫ظهور المحاكم ما بين المتخصصة أنيطت بهذه مهمة مكافحة الجريمة المنظمة والجنح المالية‪.‬‬

‫أما بخصوص الجرائم المتعلقة برشوة الموظف العمومي األجنبي وجنح البورصة فإن‬
‫االختصاص المحلي تطور ليشمل اإلقليم الوطني‪.‬‬

‫إن القانون رقم ‪ 1117-2013‬المؤرخ في ‪ 06‬ديسمبر ‪ 2013‬المتعلق بمكافحة الغش‬


‫الضريبي والجنح الكبرى االقتصادية والمالية‪ ،‬أسس الختصاص إقليمي وطني بمناسبة معالجة‬
‫انتهاكات أو مخالفات قد تشكل درجة عالية من التعقيد‪ ،‬بالتحديد إذا تعلق األمر بمكافحة الرشوة‬
‫‪2‬‬
‫والغش الجبائي‪ ،‬كما أسس هذا القانون لوجود نيابة مستقلة تدار وكيل الجمهورية المالي‪.‬‬

‫وتوجد المحكمة أو الجهة القضائية ذات االختصاص الوطني أو ما يطلق عليها القطب‬
‫االقتصادي والمالي بمقر المحكمة الكبرى بباريس حيث يقوم بمهام وكيل الجمهورية المالي‬
‫تحت سلطة النائب العام لباريس‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬توزيع االختصاص داخل المحاكم االقتصادية‬


‫يتعلق االختصاص بتحديد القضايا التي تباشر للمحكمة وظيفة الفصل بشأنها من بين‬
‫القضاء التي تدخل في والية جهة القضاء التي تتبعها‪ ،‬لذا سيتم التطرق إلى بيان مدى‬
‫اختصاص المحكمة من حيث نوع الجريمة ومن حيث مكان ارتكابها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االختصاص النوعي للمحاكم االقتصادية‬


‫إيمانا من المشرع المصري بضرورة تبني قضاء متخصص بالمواد االقتصادية‬
‫باعتباره من بين أهم العوامل التي تساهم في توفير مناخ للتنمية االقتصادية الدائمة استحدث‬
‫وألول مرة قضاء اقتصادي بإنشائه للمحاكم االقتصادية وقد منحه االختصاص بنظر كافة‬
‫المنازعات االقتصادية التجارية والمدنية والجنائية المترتبة عن تطبيق القوانين المتعلقة‬
‫باالستثمار واالقتصاد في مصر والتي حددتها مواده على سبيل الحصر‪ ،‬وبذلك أصبح التنظيم‬
‫‪3‬‬
‫القضائي الجنائي المصري اختصاص نوعي جديد متخصص في المواد االقتصادية‪.‬‬

‫ولقد نصت المادة األولى من إنشاء المحاكم االقتصادية وفق التشريع المصري على أنه‬
‫تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى المحكمة االقتصادية يندب لرئاستها‬
‫رئيس بمحاكم االستئناف لمدة سنة قابلة للتجديد بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس‬

‫‪ - 1‬رابح وهيبة‪ ،‬اإلجراءات المتبعة أمام األقطاب الجزائية المتخصصة‪( ،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة مستغانم‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،)2005 ،‬ص‪.48‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Corinne Renault- brahinsky, ,op.cit., p30.‬‬
‫‪ - 3‬محي محمد سعد‪ «،‬دور المحاكم االقتصادية في اإلصالح القضائي واالقتصادي»‪ ،‬مجلة الحقوق للبحوث القانونية‬
‫واالقتصادية عدد خاص‪ ،2010 ،‬ص‪.631‬‬

‫‪175‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫القضاء األعلى‪ ،‬ويكون قضاتها من بين قضاة المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف يصدر‬
‫‪1‬‬
‫باختيارهم قرار من مجلس القضاء األعلى‪.‬‬

‫ولقد حدد المشرع المصري االختصاص النوعي للمحاكم االقتصادية بنظر الدعاوى الناشئة‬
‫‪2‬‬
‫عن مخالفة أحكام التشريعات االقتصادية والمالية كما يلي‪:‬‬

‫قانون العقوبات في شأن جرائم التفليس‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫قانون اإلشراف والرقابة على التأمين في مصر‬ ‫‪-‬‬
‫قانون شركات المساهمة وشركات التوصية باألسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون سوق رأس المال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون ضمانات وحوافز االستثمار‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون التأجير التمويلي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون اإليداع والقيد المركزي لألوراق المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون التمويل العقاري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون حماية حقوق الملكية الفكرية‬ ‫‪-‬‬
‫قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد‬ ‫‪-‬‬
‫قانون الشركات العاملة في مجال تلقي األموال الستثمارها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون التجارة في شأن جرائم الصلح الواقي من اإلفالس‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون حماية االقتصاد القومي من اآلثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة‬ ‫‪-‬‬
‫الدولية‪.‬‬
‫قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات االحتكارية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون حماية المستهلك‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون تنظيم االتصاالت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون تنظيم التوقيع االلكتروني وإنشاء هيئة تنمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صناعة تكنولوجيا المعلومات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فإذا رفعت دعوى جنائية أمام المحكمة االقتصادية عن جريمة لم تشملها أحد القوانين‬
‫االقتصادية المنصوص عليها حصرا وجب عليها أن تقتضي بعدم االختصاص‪.‬‬

‫إذن المشرع المصري اعتمد معيارا تعداديا حصريا للتشريعات ذات الطبيعة االقتصادية‬
‫والتي تنشأ الجريمة االقتصادية بالمخالفة ألحكامها‪ ،‬سواء في ذلك المنازعات المدنية‪ ،‬التجارية‬
‫أو الدعاوى الجنائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد السيد الصاوي‪« ،‬المحاكم االقتصادية»‪ ،‬مجلة الحقوق للبحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد األول‪ ،2010 ،‬ص‪.262‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 04‬من القانون رقم ‪ 120‬لسنة ‪ 2008‬المتعلق بقانون إنشاء المحاكم االقتصادية ‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫ويبدي بعض الفقه اعتراضه على نهج المشرع المصري في هذه المسألة ويوصي بضرورة‬
‫تبني معيار موضوعي‪ ،‬يحدد على هديه نطاق اختصاص الدوائر الجنائية للمحاكم االقتصادية‬
‫بالجرائم االقتصادية‪ ،‬فإن لم يتأت ذلك فعل األقل أن يتبنى معيارا تعداديا بإيراد التشريعات ذات‬
‫‪1‬‬
‫الطبيعة االقتصادية والمالية على سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬

‫وتختص الدوائر االبتدائية بالمحاكم االقتصادية بنظر إلى قضايا الجنح المنصوص عليها في‬
‫‪2‬‬
‫القوانين المشمولة باختصاصها‪ ،‬ويكون استئنافها أمام الدوائر االستئنافية بالمحاكم االقتصادية‪.‬‬

‫وعليه فان جرائم البورصة تختص بها الدائرة االبتدائية للمحكمة االقتصادية باعتبار أن جرائم‬
‫سوق رأس المال جميعها من الجنح‪.‬‬

‫وتختص المحاكم االقتصادية بالفصل في الجرائم المرتبطة بجرائم سوق األوراق المالية‬
‫ولو كانت من اختصاص المحاكم العادية‪ ،‬ألن اختصاص المحاكم االقتصادية بهذه الجرائم‬
‫استئثاري إليراد المشرع عبارة دون غيرها‪.‬‬

‫وبالنسبة للمشرع الفرنسي فقد اعتمد مبدأ تخصص جهات االتهام والتحقيق والمحاكمة‬
‫التي تتولى نظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم االقتصادية والمالية‪ ،‬إذا كانت على درجة‬
‫من التعقيد والخطورة‪ ،‬حيث استحدث تشكيالت قضائية متخصصة‪ ،‬تنشأ لدى جهات القضاء‬
‫العادي أو القضاء عام الوالية‪ ،‬وقد راعى المشرع الطبيعة الخاصة لهذا النوع من الجرائم‬
‫والتي تتطلب من الدراية والخبرة في القضاء الذين ينظرون هذا النوع من الدعاوى بما هو خير‬
‫‪3‬‬
‫للعدالة‪.‬‬

‫إذن فالمشرع الفرنسي لم يحدد طبيعة الجرائم التي ينظر فيها أمام المحاكم االقتصادية‬
‫بل اعتبر أن والية المحاكم االقتصادية‪ ،‬بل اعتبر أن والية المحاكم االقتصادية ال تكون إال إذا‬
‫كانت الجرائم االقتصادية أكثر تعقيدا وخطورة‪ ،‬وبالتالي استبعاد جرائم البورصة من الجرائم‬
‫األكثر تعقيدا‪ ،‬حيث غير معيار الخطورة بالنظر إلى عدد مرتكبيها أو المساهمين فيها وعدد‬
‫‪4‬‬
‫ضحاياها والحيز المكاني‪.‬‬

‫أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري فقد أنشأ على مستوى محكمة مقر مجلس قضاء‬
‫الجزائر قطب جزائي وطني متخصص لمكافحة الجريمة االقتصادية والمالية‪ 5،‬حيث منح‬
‫المشرع الجزائري لكل من وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق ورئيس المحكمة لدى القطب‬

‫‪ - 1‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.351‬‬


‫‪ - 2‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.518‬‬
‫‪ - 3‬كور طارق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪26‬‬
‫‪ - 4‬محي محمد سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.640‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 211‬مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫الجزائي االقتصادي والمالي االختصاص بالنظر في جرائم تبييض األموال وتمويل اإلرهاب‬
‫‪1‬‬
‫جرائم الفساد‪ ،‬جرائم الصرف جرائم التهريب‪.‬‬

‫فالمشرع الجزائري حاول حصر الجرائم التي يمكن أن ينظر فيه أمام األقطاب الجزائية‬
‫المتخصصة وإذا ما نظرنا في هذه الجرائم نجد أن جرائم البورصة ليست من الجرائم التي‬
‫يتولى القطب الجزائي النظر فيها على الرغم من أنها من الجرائم االقتصادية‪.‬‬

‫ولكن تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري في نص المادة ‪ 211‬مكرر‪ 03‬نص على‬
‫أن القطب الجزائي االقتصادي والمالي يتولى البحث والتحري والحكم في الجرائم االقتصادية‬
‫والمالية األكثر تعقيدا أو الجرائم المرتبطة‪ ،‬وقد اعتبر الجريمة االقتصادية والمالية األكثر‬
‫تعقيدا الجريمة التي بالنظر إلى تعدد الفاعلين أو الشركاء أو المتضررين أو بسبب اتساع‬
‫الرقعة الجغرافية لمكان ارتكاب الجريمة أو جسامة األضرار المترتبة عليها لصبغتها المنظمة‬
‫أو العابرة للحدود الوطنية أو الستعمال تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في ارتكابها تتطلب اللجوء‬
‫إلى وسائل تحري خاصة أو حيزة فنية متخصصة أو تعاون قضائي دولي‪.‬‬

‫ما يفهم من ذلك أن المشرع بداية حدد الجرائم التي تدخل في اختصاص القطب الجزائي‬
‫االقتصادي على سبيل الحصر‪ ،‬ومن ثم تدارك الوضع ونص على والية األقطاب الجزائية‬
‫االقتصادية للجرائم األكثر خطورة كالمخدرات‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬جريمة المعلوماتية‬
‫باعتبارهم من الجرائم العابرة للحدود والتي تتطلب وسائل تحري خاصة‪.‬‬

‫وبالتالي فال يمكن اعتبار جريمة البورصة إذا ما أعملنا نص المادة ‪ 211‬مكرر ‪03‬‬
‫والتي تعرف الجريمة االقتصادية األكثر تعقيدا من الجرائم التي يتولى النظر فيها األقطاب‬
‫الجزائية المختصة‪.‬‬

‫وبالتالي نوصي المشرع بضرورة ضم جرائم البورصة إلى الجرائم المحددة على سبيل‬
‫الحصر في المادة ‪ 211‬مكرر ‪ 02‬باعتبارها من الجرائم االقتصادية الماسة باالقتصاد وباعتبار‬
‫أن األقطاب الجزائية المتخصصة لها سرعة في الحسم والفصل في القضايا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االختصاص المحلي للمحاكم االقتصادية‬


‫إن المحكمة االقتصادية المختصة مكانيا قد تكون هي المحكمة التي وقعت في دائرتها‬
‫الجريمة‪ ،‬أو محل إقامة المتهم‪ ،‬أو مكان القبض عليه‪ ،‬وقد تم إنشاء محكمة اقتصادية بدائرة‬
‫اختصاص كل من محكمة استئناف القاهرة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طنطا‪ ،‬المنصورة‪ ،‬اإلسماعلية‪ ،‬بني‬
‫سويف‪ ،‬أسيوط‪ ،‬وقنا‪.2‬‬

‫‪- 1‬أنظر المادة ‪ 211‬مكرر‪ 02‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬


‫‪ - 2‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.520‬‬

‫‪178‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫وبالتطبيق للقواعد العامة تختص المحكمة محليا بنظر الدعوى وفقا لمعايير ثالث هي مكان‬
‫وقوع الجريمة‪ ،‬محل إقامة المدعى عليه ومحل إلقاء القبض عليه فكل محكمة يقع في دائرة‬
‫اختصاصها إحدى هذه األماكن تكون مختصة مكانيا بنظر الدعوى‪ ،‬وتكون األفضلية للمحكمة‬
‫التي ترفع إليها الدعوى أوال‪.‬‬

‫أما المشرع الفرنسي فقد جعل محكمة جنح باريس هي المختصة دون غيرها بالفصل في‬
‫جنح ب ورصة األوراق المالية التي تقع على اإلقليم الفرنسي‪ ،‬إال أن المشرع الفرنسي نص على‬
‫جملة من الشروط ال يمكن بغير توافرها انعقاد االختصاص بالنظر في الدعاوى الجنائية عن‬
‫الجرائم االقتصادية والمالية للجهات القضائية المتخصصة صاحبة االختصاص اإلقليمي وهي‬
‫‪1‬‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة أن تتعلق القضية بجنحة من الجنح المنصوص عليها بموجب التقنين المالي‬
‫والنقدي‪ ،‬أما في حال ما إذا كانت الجريمة مخالفة أو جناية يحيل قاضي التحقيق القضية‬
‫إلى الجهة المختصة‪ ،‬وإلى محكمة الجنايات في حال تعلقت القضية بجريمة اقتصادية أو‬
‫مالية تأخذ وصف جناية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون القضية أو تبدو على درجة كبيرة من الخطورة‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتخلى الجهات القضائية المختصة بالتطبيق لألحكام العامة الواردة بقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية عن اختصاصها بالنظر في القضية لصالح الجهات القضائية المتخصصة‪ ،‬وهو‬
‫ما يطبق عليه بإجراءات التخلي أو التنازل‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري فتجسيدا لفكرة األقطاب القضائية المتخصصة فقد صدر‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 348/06‬المؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪ 2006‬يتضمن تمديد االختصاص‬
‫المحلي لبعض وكالء الجمهورية وقضاة التحقيق‪ ،‬حيث حدد من خالله المشرع الجزائري‬
‫االختصاص اإلقليمي لهذه األقطاب‪ ،‬وتم توزيعها على مستوى أربعة محاكم يمتد اختصاصها‬
‫‪2‬‬
‫ليشمل مجموعة من المحاكم وقد حددها هذا المرسوم على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬تمديد االختصاص المحلي لمحكمة سيدي أمحمد ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها‬
‫إلى محاكم المجالس القضائية لكل من والية‪ :‬الجزائر‪ ،‬شلف‪ ،‬األغواط‪ ،‬البليدة‪ ،‬البويرة‬
‫تيزي وزو‪ ،‬الجلفة‪ ،‬المدية‪ ،‬المسيلة‪ ،‬بومرداس‪ ،‬تيارت‪ ،‬عين الدفلة‪.‬‬
‫‪ -‬تمديد االختصاص المحلي لمحكمة قسنطينة ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها إلى‬
‫محاكم المجالس القضائية لكل من‪ :‬قسنطينة‪ ،‬أم البواقي‪ ،‬باتنة‪ ،‬بجاية بسكرة‪ ،‬تبسة‪ ،‬جيجل‬

‫‪ - 1‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.521‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المواد ‪ 05 ،04 ،03 ،02 :‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 348/06‬المؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪ 2006‬يتضمن تمديد‬
‫االختصاص المحلي لبعض وكالء الجمهورية وقضاة التحقيق‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬العدد ‪.63‬‬

‫‪179‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫سطيف‪ ،‬سكيكدة‪ ،‬عنابة ‪ ،‬قالمة‪ ،‬برج بوعريريج‪ ،‬الطارف‪ ،‬الوادي‪ ،‬خنشلة سوق أهراس‬
‫ميلة‪.‬‬
‫‪ -‬تمديد االختصاص المحلي لمحكمة ورقلة ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها إلى‬
‫محاكم المجالس القضائية لكل من ‪ :‬ورقلة‪ ،‬أدرار‪ ،‬تمنراست‪ ،‬إليزي‪ ،‬تندوف‪ ،‬غرداية‪.‬‬
‫‪ -‬تمديد االختصاص المحلي لمحكمة وهران ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها إلى‬
‫محاكم المجالس القضائية لكل من والية‪ :‬وهران‪ ،‬بشار‪ ،‬تلمسان‪ ،‬تيارت‪ ،‬سعيدة‪ ،‬سيدي‬
‫بلعباس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬معسكر‪ ،‬البيض تيسمسيلت‪ ،‬النعامة‪ ،‬عين تيموشنت‪ ،‬غليزان‪.‬‬

‫إذن وبناءا على ما سبق ذكره يكون القضاء العادي صاحب االختصاص بالنظر في‬
‫الدعاوى المرفوعة عن جرائم البورصة‬

‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬تحديد المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة‬


‫تتطلب المسؤولية الجزائية توافر جميع العناصر واألركان الالزمة لكي يمكن ترتيب‬
‫اآلثار القانونية المقررة للجريمة‪ ،‬وقد سبق دراسة الركن المادي في جرائم البورصة فإذا ثبت‬
‫قيام أي شخص بارتكاب أية صورة من هذه الصور‪ ،‬فإنه يجب توافر الركن المعنوي لديه حتى‬
‫يمكن تحميل هذا الشخص اآلثار القانونية الجنائية التي تترتب على سلوكه‪.‬‬

‫وال توجد صعوبة في العصر الحديث في التسليم بمبدأ شخصية المسؤولية الجنائية‬
‫باعتباره من األصول التي تحكم مبادئ القانون الجنائي الحديثة‪ ،‬ومع ذلك يثير تحديد المسؤول‬
‫جنائيا بأنه الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة تساؤال عن مدى إمكان مساءلة األشخاص‬
‫المعنوية‪ ،‬وهي من أشخاص القانون عن الجرائم التي ترتكب باسمها ولحسابها‪.‬‬

‫وإذا كان األصل أن المسؤولية الجنائية شخصية‪ ،‬بمعنى أنه ال يسأل عن السلوك‬
‫اإلج رامي إال من ثبت ارتكابه لهذا السلوك‪ ،‬إال أن المشرع خرج عن هذه القاعدة في أحوال‬
‫استثنائية‪ ،‬فقرر مسؤولية بعض األفراد عن جرائم لم يساهموا فيها وهو ما يسمى في الفقه‬
‫بالمسؤولية عن فعل الغير‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا المبحث إلى الحديث عن الركن المعنوي في جرائم‬
‫البورصة ( المطلب األول)‪ ،‬صور المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة ( المطلب الثاني)‬
‫أثر المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة (المطلب الثالث)‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬طبيعة الركن المعنوي في جرائم البورصة‬

‫نظرا لما بات يمثله تداول األوراق المالية من أهمية اقتصادية اتجهت أغلب التشريعات‬
‫إلى توفير حماية لبورصة األوراق المالية وذلك بالوسائل التشريعية لتضمن لهذه األوراق‬
‫هيبتها وثقة المتعاملين بها‪ ،‬واستكماال لهذه الحماية التي مست بورصة األوراق المالية جاءت‬
‫هذه التشريعات بالنص على األعمال غير المشروعة التي تدخل في صميم الركن المادي لهذه‬
‫الجريمة تحت طائلة قيام المسؤولية الجزائية لحق المخالفين‪.‬‬

‫ولكن تجدر اإلشارة إلى أن جرائم بورصة األوراق المالية وكأي جريمة أخرى ال يكتمل‬
‫نموذجها القانوني إال بتوافر أركانها‪ ،‬ولعل أهم ركن من هذه األركان الذي يستحق البحث‬
‫والتعمق هو الركن المعنوي وهو محور الدراسة‪.‬‬

‫وغني عن البيان أن الركن المعنوي ضروري لقيام الجريمة قانونا‪ ،‬فال يكفي مجرد توافر‬
‫الركن المادي وإنما يلزم أن تكون الماديات التي يتكون منها هذا الركن لها انعكاس في نفسيه‬
‫الجاني‪ ،‬ومن ثم يتخذ الركن المعنوي للجريمة صورتين أساسيتين هما صورة الخطأ العمدي‬
‫(القصد الجنائي) وصورة الخطأ غير العمدي (اإلهمال عدم االحتياط)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تطلب الركن المعنوي في جرائم البورصة‬

‫يعتبر الركن المعنوي عبارة عن عالقة تربط بين ماديات الجريمة وشخصية الجاني فال يكفي‬
‫مجرد توافر الركن المادي‪ ،‬وإنما البد لقيام أي جريمة من توافر هذا الركن وجرائم بورصة‬
‫األوراق لم تشذ عن ذلك‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق من خالل هذا العنصر إلى بيان أحكام الركن المعنوي في هذه الجرائم‬
‫ومدى ما يتمتع به من ذاتية بشأنها‪ ،‬وما إذا كانت تتطلب قصدا عاما أو خاصا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القصد الجنائي العام‬


‫يقصد بالقصد الجنائي اإلرادة المتجهة عن علم إلى إحداث نتيجة يجرمها القانون ويعاقب‬
‫عليها‪ ،1‬ويعد القصد الجنائي مزيجا بين العلم واإلرادة معا‪ ،‬فاالرتباط بينهما وثيق وهذان‬
‫العنصران يمثالن النموذج القانوني للقصد‪ ،‬لكن ما مدى انطباق هذين العنصرين في‬
‫صورتهما المألوفة على جرائم البورصة؟‬

‫‪ -1‬جبالي أوعمر‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألعوان االقتصاديين‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ( ،‬د س ن)‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪181‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬القصد الجنائي العام وفقا لألحكام العامة‬

‫يعتبر القصد الجنائي علم بعناصر الجريمة وإرادة متجهة إلى تحقيق هذه العناصر لذلك‬
‫فالقصد الجنائي من هذا المنظور يقوم على عنصري العلم واإلرادة‬

‫العلم‪ :‬يقوم هذا العنصر على فكرة مؤداها أن اإلرادة تحيط بالسلوك اإلنساني عن طريق‬ ‫أ‪-‬‬
‫دفع القوى على ذلك السلوك‪ ،‬فال يمكن أن تدخل في مضمون اإلرادة‪ ،‬وإنما يحيط بها علم‬
‫‪1‬‬
‫الجاني بتحمله النتائج التي يمكن أن تترتب على سلوكه وقت ارتكابه‪.‬‬

‫فالعلم هو الحالة الجرمية التي يكون عليها الجاني عند ارتكاب الجريمة على الوجه الذي‬
‫يحدده القانون‪ ،2‬ويعني ذلك أنه يتعين أن يحيط علم الجاني بكل واقعة ذات أهمية قانونية في‬
‫تكوين الجريمة‪ ،‬حيث يشمل علم الجاني ما يتطلبه القانون لبناء الجريمة واستكمال كل ركن‬
‫منها عناصره كي يقال بأن عنصر العلم قائم في القصد‪ 3‬ويقوم هذا على علم بالوقائع وعلم‬
‫بالقانون‪.‬‬
‫أ‪ 1 -‬العلم بالوقائع‬

‫إن المألوف في القانون الجزائي أنه ال يكفي إلدانة الشخص بجريمة معينة ارتكاب الركن‬
‫المادي بها‪ ،‬بل البد من تحقق علمه بخطورة نشاطه اإلجرامي‪ ،‬والوقائع والعناصر المؤلفة‬
‫‪4‬‬
‫للركن المادي لجريمته‪.‬‬

‫ومن الواقع التي يتوجب على الجاني العلم بها‪ ،‬العلم بزمان ومكان ارتكاب الفعل المرتكب‬
‫‪5‬‬
‫باعتبارهما يدخالن في مكونات الجريمة أو العلم بصفة معينة في الجاني أو المجني عليه‬
‫باإلضافة إلى العلم بما يعتبر ماال عاما وما ال يعتبر كذلك‪.‬‬

‫أ‪ 2 -‬العلم بالقانون‬

‫تعتبر معرفة األفراد بالقواعد القانونية المطبقة عليهم و الجزاءات التي قد يتعرضون لها‬
‫عند مخالفتها أحد عوامل اليقين القانونية التي تجعل منه أمرا مفترضا في حق الكافة‪ ،1‬فال يقبل‬
‫من أحد االعتذار بجهله للقانون أو الغلط فيه‪ ،‬وهذه القاعدة مسلم بها في جميع القوانين‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى العوجي‪ ،‬القانون الجنائي العام‪" ،‬الجريمة"‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة نوفل‪ ،‬بيروت‪ ،2006 ،‬ص ‪.581‬‬
‫‪ -2‬محمود نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي‪" ،‬دراسة تأصيلية مقارنة للركن المعنوي في الجرائم العمدية‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا سليمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري "القسم العام"‪ ،‬ج ‪" 1‬الجريمة"‪ ،‬ط‪ ،6‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪249‬‬
‫‪ -4‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية "دراسة مقارنة"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪( ،‬د س ن)‪،‬‬
‫ص ‪.126‬‬
‫‪ -5‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ ،‬خالد حميدي الزغبي‪ ،‬شرح قانون العقوبات " القسم العام"‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.176‬‬

‫‪182‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫ورغم افتراض العلم بالقانون يخالف الواقع في كثير من األحيان‪ ،‬حيث ال يعقل أن يحيط كل‬
‫إنسان بكل القوانين وأن يفهمها على الوجه الصحيح‪ ،‬إال أنه افتراض تمليه الدواعي العملية‬
‫‪2‬‬
‫لحماية مصلحة الجماعة‪.‬‬

‫ب‪ -‬اإلرادة‪ ،‬قد يرغب اإلنسان بأمر ما‪ ،‬ولكن الرغبة تختلف عن اإلرادة‪ ،‬فالرغبة تعني مجرد‬
‫االشتهاء والتمني‪ ،‬في حين أن اإلرادة تعني نشاطا نفسيا واعيا يتجه اتجاها جديا نحو‬
‫(‪3‬‬
‫غرض معين وسيطر على الحركات العضوية ويدفعها إلى بلوغ هذا الغرض‪.‬‬

‫وعليه فإن الفعل اإلرادي يتميز بأنه يجمع بين الحركة العضوية وبين العوامل النفسية‬
‫التي تدفع إلى هذه الحركات‪ ،‬حيث يتصور الشخص الغرض الذي يسعى إلى بلوغه‪ ،‬ثم يتصور‬
‫الوسيلة التي تؤدي إلى بلوغ هذا الهدف ويفرغ ذلك كله في النشاط المجرم تحقيقا للنتيجة‬
‫الجرمية‪.‬‬

‫ويتضح مما سبق أن اإلرادة اإلجرامية نشاط نفسي يتجه إلى غرض غير مشروع وهي‬
‫تمثل المرحلة الختامية من مراحل هذا النشاط‪ ، 4‬فهذا األخير يبدأ باإلحساس بحاجة معينة ثم‬
‫الرغبة في إشباع هذه الحاجة بوسيلة معينة‪ ،‬وأخيرا القرار اإلرادي بتحقيق هذه الرغبة‬
‫فاإلحساس هو الباعث أو الدافع والرغبة هي الغاية التي يتجسد فيها هذا اإلحساس‪.‬‬

‫‪ -2‬القصد الجنائي العام وفقا لجرائم البورصة‬

‫تقوم جرائم بورصة األوراق المالية كغيرها من الجرائم تقوم على عنصر العلم‬
‫واإلرادة‪ ،‬ولكن واقع األمر يثبت أن الوضع في جرائم البورصة يختلف عن غيره من بقية‬
‫الجرائم‪ ،‬إذ أن هذه الطائفة من الجرائم ال تتقيد دائما باألحكام العامة ذاتها‪ ،‬وهذا ما سيتم‬
‫توضيحه في هذا العنصر‪.‬‬

‫العلم‬ ‫أ‪-‬‬

‫يحتل عنصر العلم مكانة هامة في جرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬إذ أن القوانين‬
‫االقتصادية تنظم عالقات تجارية ومالية يومية‪ ،‬وهذه العالقات تتغير بشكل مستمر ومتسارع‬
‫لذلك فالبد من االطالع على األحكام المنظمة لهذه العالقة حتى يتم معرفتها وااللتزام بما ورد‬
‫فيها‪ ،5‬ويقوم عنصر العلم على العلم بالوقائع وعلم بالقانون‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.221‬‬


‫‪ -2‬نبيه صالح‪ ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،2004 ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ -3‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -4‬نسرين عبد الحميد‪ ،‬الجرائم االقتصادية "التقليدية‪ ،‬المستحدثة"‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪( ،‬د ب ن)‪ ،2009 ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ -5‬نبيه صالح ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫‪183‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫أ‪ 1-‬العلم بالوقائع‬

‫إن المألوف في القانون الجزائي أنه ال يكفي إلدانة الشخص لجريمة معينة ارتكاب الركن‬
‫المادي لها‪ ،‬بل البد من تحقق علمه بخطورة نشاطه اإلجرامي‪ ،‬والوقائع والعناصر المؤلفة‬
‫للركن المادي لجريمته‪.‬‬

‫إال أنه الوضع عليه في جرائم بورصة األوراق المالية يكاد يكون مختلفا‪ ،‬أي أن الفاعل حين‬
‫ارتكابه لجرائم البورصة كان لديه العلم بطبيعة النشاط الذي يقوم به‪ ،‬وهذا بالرغم من مساسه‬
‫‪1‬‬
‫بمبدأ العلم اليقيني المعمول به في القواعد العامة للقانون الجنائي‪.‬‬

‫لذلك يجب النظر لجرائم البورصة من عدة أوجه‪:‬‬


‫‪2‬‬

‫‪ ‬خطورة هذه الجرائم وأثارها الوخيمة على االقتصاد الوطني للدولة‪.‬‬


‫‪ ‬صعوبة إثبات العلم في هذا النوع من الجرائم األمر الذي سيؤدي إلى إفالت العديد من‬
‫مرتكبي الجرائم االقتصادية من العقاب‪.‬‬
‫وترتيبا على ما سبق فالوسيط أو الممثل له أو مدقق الحسابات ال يمكن أن يدفع بأنه ال‬
‫يحمل هذه الصفة‪ ،‬ويدفع أنه لم يكن يعلم بااللتزامات التي أعطيت له في إطار عمله عند إخالله‬
‫بهذه االلتزامات‪.‬‬
‫وعليه يمكن القول بأن خصوصية العلم بالوقائع تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي‬
‫يسعى للموازنة ما بين الطبيعة الخاصة لجرائم البورصة‪ ،‬وعدم إفالت مرتكبيها من العقاب‬
‫وبين الحرص على عدم إدانة بريء‪ ،‬فال يلجأ إلى تطبيق القواعد العامة بصرامة‪ ،‬وال يلجأ إلى‬
‫افتراض العلم بشكل مطلق‪ ،‬وواجبه مسك العصا من منتصفها والموازنة بين حق الدولة وحق‬
‫الفرد‪.‬‬

‫أ‪ 2 -‬العلم بالقانون‬

‫تعتبر معرفة األفراد بالقواعد القانونية من المبادئ األساسية في التشريع‪ ،‬فالعلم بالقانون‬
‫مفترض بقرينة قاطعة ال تقبل إثبات العكس‪ ، 3‬وبالتالي فال يقبل الدفع بالجهل أو الغلط في‬
‫القانون كذريعة لنفي القصد الجنائي‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بجرائم بورصة األوراق المالية فال يوجد أي نص تشريعي يميزها عن‬
‫غيرها في هذا المضمار مما يدعونا إلى القول بأن العلم بهذه القوانين مفترض كغيرها من‬
‫القوانين‪ 4‬نظرا لما تتميز به التشريعات االقتصادية من كثرة وتنوع‪ ،‬كما أنها سريعة ومتغيرة‪،‬‬

‫‪ -1‬تامر محمد صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ -2‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.225‬‬
‫‪ -3‬نسرين عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -4‬أحمد محمد اللوزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬

‫‪184‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫ناهيك عن أن هذه القوانين ال تتناول أوضاعا عامة يفترض في المواطن العادي معرفتها‪ ،‬حتى‬
‫أنه قد يعجز عن فهمها ولو اطلع عليها لما فيها من مجاالت فنية احتاج إلى مختصين وذوي‬
‫‪1‬‬
‫خبرة بالمسائل االقتصادية‪.‬‬

‫ونظرا لهذه الخصوصية التي تتميز بها القوانين االقتصادية‪ ،‬فإن افتراض العلم بها‬
‫قرينة قاطعة ال تقبل إثبات العكس أمر أصبح غير مستساغ‪ ،‬ومن العدالة أن يعطي المتهم‬
‫بارتكاب جريمة من جرائم البورصة القدر على درء التهمة على نفسه بإثباته أنه يجهل‬
‫بالقانون‪ ،‬مما يجعل هذه القرينة قابلة إلثبات العكس وليس قاطعة‪ ،‬وهذا ما يتواءم واالتجاهات‬
‫‪2‬‬
‫الحديثة للسياسة الجنائية‪.‬‬

‫ب‪ -‬اإلرادة‬

‫هي العنصر الثاني في القصد الجنائي وتعني اتجاه اإلرادة إلى النتيجة‪ ،‬وخذا العنصر هو‬
‫األهم ألنه هو الذي يفرق بين الجرائم العمدية وغير العمدية‪ ،‬فالعلم ضروري والزم ولكنه غير‬
‫كاف ألنه متطلب في الجرائم العمدية وغير العمدية على السواء‪ ،‬وكل قيمته أنه يمهد لإلرادة‬
‫‪3‬‬
‫ويستحيل دونه تصورها‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى فإن اإلرادة هي المحرك نحو اتخاذ السلوك اإلجرامي سواء كان سلبيا أو‬
‫ايجابيا للجرائم ذات السلوك المحض‪ ،‬وهي المحرك نحو تحقيق النتيجة‪ ،‬باإلضافة إلى السلوك‬
‫‪4‬‬
‫اإلجرامي بالنسبة للجرائم ذات النتيجة‪.‬‬
‫ولكن المالحظ في جرائم بورصة األوراق المالية أن فريقا من الشراح يكتفي بالحديث عن‬
‫ركن العلم فقط مع تقريره بأن الجريمة عمدية‪ ،‬وكأن هذه الجرائم ال تقوم إال بالعلم سواء قبلت‬
‫‪5‬‬
‫اإلرادة النتيجة أم لم تقبلها‪.‬‬

‫وبالتالي فاإلرادة هي العنصر األساسي في القصد الجنائي وفي الركن المعنوي على وجه‬
‫العموم‪ ،‬فال يتصور أن يقوم أحد بتصرف ما عن علم دون إرادة‪ ،‬فاإلرادة أساس المسؤولية‬
‫‪6‬‬
‫تقوم وجودا وعدما معها‪ ،‬فإذا انتفت اإلرادة انتفت المسؤولية‪ ،‬فاإلرادة جوهر المسؤولية‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى العوجي‪ ،‬المسؤولية الجنائية في المؤسسة االقتصادية‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة نوفل‪ ،‬بيروت‪ ،1982 ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -2‬تامر محمد صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪ -3‬أحمد محمد اللوزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ -4‬سيف إبراهيم المصاروة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ - 5‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪ -6‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام " نظرية الجريمة "‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.408‬‬

‫‪185‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫إن القول بأن جرائم بورصة األوراق المالية تقوم على العلم فقط أمر غير مقبول يخالطه‬
‫الشك وبجانبه الصواب‪ ،‬فليس من المتصور قيام القصد بالعلم دون اإلرادة التي تسبقه‪ ،‬فهما‬
‫مرتبطان ارتباط السبب بالمسبب‪.‬‬

‫خالصة لما سبق بيانه وباطالعنا على النصوص القانونية المتعلقة بصور االعتداء على‬
‫البورصة في التشريع الجزائري نجد أن هناك بعض النصوص القانونية التي افترضت قيام‬
‫القصد الجنائي وتوافره لدى الفاعل‪ ،‬كما أن هناك بعض النصوص التي اشترطت قيام القصد‬
‫الجنائي ومن هذه النصوص ما يلي‪:‬‬
‫جريمة استغالل معلومة امتيازية‪ ،‬وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة ‪ 60‬فقرة‬ ‫‪‬‬
‫‪ 01‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 10 /93‬المعدل والمتمم المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪ ،‬حيث‬
‫لم يشترط المشرع ال الفائدة الناتجة عن العملية وال سوء نية الجاني‪ ،‬وإنما اشترط أن يكون‬
‫الجاني واعيا بأنه يحوز على معلومات امتيازية‪.1‬‬

‫‪ ‬القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة‪ ،‬والفعل المنصوص عليه في المادة ‪60‬‬
‫فقرة ‪ 02‬من نفس المرسوم التشريعي سابق الذكر‪ ،‬والمالحظ على هذه الجريمة كذلك أن‬
‫المشرع لم يشترط التعمد وال سوء النية‪.2‬‬
‫‪ ‬جريمة نشر معلومات خاطئة المنصوص عليها في المادة ‪ 60‬فقرة ‪ 03‬من المرسوم‬
‫التشريعي المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪ ،‬هذه الجريمة تقتضي قصدا عاما يتمثل في تعمد نشر‬
‫المعلومات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القصد الجنائي الخاص‬

‫تستلزم بعض الجرائم أن يكون الجاني مدعوما بباعث معين أو بهدف إلى تحقيق غاية معينة‬
‫هذا الباعث وتلك الغاية يطلق عليها القصد الجنائي الخاص‪.‬‬

‫القصد الجنائي الخاص وفقا لألحكام العامة‬ ‫‪-1‬‬


‫القصد الجنائي الخاص هو االعتداد بغاية معينة يلزم أن يستهدفها القصد على سبيل أن‬
‫يعتبر قصدا جنائيا‪ ،3‬أي أن الغاية أو الهدف الذي دفع المجرم لإلقدام على جريمته‪ ،‬فإذا اشترط‬
‫المشرع توافر القصد الخاص في جريمة معينة‪ ،‬فمعنى ذلك أنه يشترط انصراف هذا العلم‬
‫‪4‬‬
‫وتلك اإلرادة إلى وقائع أخرى‪ ،‬وهي الغاية أو الهدف وهذا هو القصد الخاص‪.‬‬

‫‪ -1‬عرف القضاء الفرنسي المقصود بالمعلومات االمتيازية‪ " :‬بأنها معلومات لها طابع الدقة والتأكد والخصوصية والسرية‪.‬‬
‫"‪" une information présentant un caractère précis, certain , particulier et confidentiel‬‬
‫أنظر ‪ - :‬حسني عبد السميع إبراهيم‪ ،‬الجرائم االقتصادية " دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقوانيين الوضعية "‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،2015 ،‬ص ‪.417‬‬
‫‪ -2‬أنظر المادة ‪ 60‬فقرة ‪ 02‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 10 /93‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -3‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫‪ -4‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.412‬‬

‫‪186‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫إن عدم تحقق الغاية أو الهدف الذي يشترط المشرع الكتمال الجريمة سوف يغير من‬
‫الوصف والتكييف الجرمي للفعل الذي تم اإلقدام عليه‪ ،‬أو أنه سوف ينزع صفة التجريم نهائيا‬
‫غن هذا الفعل‪.‬‬
‫بذلك فإن الجريمة القصدية ال تقوم دون تحقيق القصد العام‪ ،‬في حين أن السياسة التشريعية‬
‫اقتضت وفي العديد من الجرائم النص على ضرورة توافر القصد الخاص لقيام الجريمة‪.‬‬

‫القصد الجنائي الخاص وفقا لجرائم البورصة‬ ‫‪-2‬‬

‫يهدف النشاط االقتصادي عادة إلى تحقيق أرباح ومنافع وإلى إشباع الحاجات اإلنسانية‬
‫المتنامية بواسطة الموارد المتاحة والمتناقصة‪ ،‬لذلك فإن أي نشاط مجرم في هذا المضمار إنما‬
‫‪1‬‬
‫يهدف إلى منع الحصول على أموال وأرباح ومنافع بطريقة غير مشروعة‪.‬‬

‫وفي الجرائم التي يستلزم المشرع فيها قصدا خاصا ينبغي توافر القصد العام حيث ال‬
‫‪2‬‬
‫يمكن البحث عن القصد الخاص ما لم يثبت توافر القصد العام بداية في حق الجاني‬
‫والنصوص المتعلقة بحماية بورصة األوراق المالية تشهد على استلزام المشرع القصد الجنائي‬
‫الخاص في بعض الجرائم ومن ذلك جريمة القيام بأعمال غير مشروعة في سوق البورصة‬
‫وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة ‪ 60‬فقرة ‪ 03‬من المرسوم التشريعي المتعلق‬
‫ببورصة القيم المنقولة‪ ،‬حيث اشترط المشرع أن تقوم هذه الجريمة بهدف عرقلة السير المنتظم‬
‫للسوق وهو الهدف الذي ال يمكن تصوره أو بلوغه دون توافر عنصر العلم لدى الجاني‪.‬‬

‫بالرجوع إلى المشرع الفرنسي نجده ينص على تطلب القصد الجنائي الخاص في بعض‬
‫صور الجرائم‪ ،‬منها جريمة التالعب باألسعار التي تكون بقصد التأثير على السوق وإعاقته‬
‫حيث قضت محكمة جنح باريس ببراءة متهمين بالتالعب باألسعار في أسهم إحدى الشركات‬
‫حيث لم يتوافر لديهم التأثير على السوق واإلضرار به‪ ،‬بل إنهم قاموا بتلك األفعال بقصد‬
‫ضمان استقرار السوق والمحافظة على سعر السهم الحقيقي‪.3‬‬

‫ويرى البعض أن جريمة نشر معلومات أو بيانات غير صحيحة تتطلب قصدا خاصا‬
‫وهو أن يكون الغرض من النشر التأثير على سعر الورقة المالية‪ 4‬والراجح هو أن الركن‬
‫المعنوي لهذه الجريمة يتحقق بتوافر القصد الجنائي العام‪ ،‬وهو ما ذهب إليه المشرع الجزائري‬
‫حيث اشترط أن تكون جريمة نشر معلومات خاطئة قائمة على القصد العام دون الخاص مقتديا‬
‫بذلك بالمشرع الفرنسي الذي كان إلى غاية صدور قانون ‪ 1988 /01 /22‬يشترط توافر قصد‬

‫‪ -1‬مصطفى العوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬


‫‪ -2‬جبالي أوعمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.268‬‬
‫‪ -4‬تامر محمد صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪,229‬‬

‫‪187‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫خاص‪ ،‬حيث كانت المادة ‪ 01 /10‬من األمر ‪ 1967‬تشترط أن يكون نشر المعلومات من أجل‬
‫‪1‬‬
‫التأثير على سعر السندات‪.‬‬

‫ومما سبق بيانه يمكن القول أن تطلب القصد الجنائي الخاص في جرائم بورصة األوراق‬
‫المالية أمر يمثل تخفيفا من قبل المشرع‪ ،‬ألنه يوجب على المحكمة وسلطة االتهام إثباته وهو‬
‫أمر صعب‪ ،‬حيث يستخلص من نفسية الجاني‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى إفالت المتهمين من‬
‫المسؤولية الجنائية‪ ،‬إضافة إلى أنه يتناقض مع طبيعة الركن المعنوي في تلك الجرائم الذي‬
‫يعتبر ضعيفا‪ ،‬وبالتالي تستلزم الحماية عدم تطلب القصد الجنائي الخاص في تلك الجرائم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬افتراض الركن المعنوي في جرائم البورصة‬

‫يعتبر الخطأ الصورة الثانية للرابطة النفسية التي يتطلبها الركن المعنوي للجريمة وهو‬
‫كالقصد ظاهرة يمكن أن تقابلها في جميع صور النشاط المشروع وغير المشروع‪ ،‬ولكن ما‬
‫يميز جرائم القصد عن جرائم الخطأ هو النتيجة الجرمية‪ ،‬إذ أن الفاعل في الجرائم المقصودة‬
‫يريد النتيجة أو يتوقعها ويقبل بها‪ ،‬أما في جرائم الخطأ فإن الفاعل ال يريد النتيجة وال يقبل بها‬
‫البتة‪ ،‬أي أن إرادته ال تتجه إلى تحقيقها ولكنها تقع لظروف خارجة عن إرادته‪.‬‬

‫ولكن أمام انتشار الجرائم االقتصادية بصفة عامة وجرائم البورصة بصفة خاصة تنتشر‬
‫ظاهرة عدم تحديد المشرع إذا ما كان من الواجب إثبات خطأ عدم الحرص أو اإلهمال أو‬
‫الرعونة‪ ،‬أو ما إذا كان يكفي إثبات وجود العناصر المادية التي يتطلبها القانون فيوجد الخطأ‬
‫بالضرورة تلقائيا‪ ،‬فيطرح بذلك التساؤل‪ ،‬عما إذا كنا أمام جرائم مادية أم ال؟‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.269‬‬

‫‪188‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الطبيعة القانونية للخطأ في جرائم البورصة‬

‫يقوم الركن المعنوي في جرائم البورصة على أساس الخطأ‪ ،‬وهذا يستدعي منا الوقوف على‬
‫الطبيعة القانونية للخطأ وفقا للقواعد العامة‪ ،‬والطبيعة القانونية للخطأ في جرائم البورصة‪.‬‬

‫مفهوم الخطأ في جرائم البورصة‬ ‫‪-1‬‬

‫يعرف الخطأ بأنه‪ ":‬إخالل الجاني بواجبات الحيطة والحذر التي تتطلبها الحياة‬
‫االجتماعية"‪ ، 1‬كما تم تعريفه على أنه‪ " :‬إرادة السلوك الذي تترتب عليه نتائج غير مشروعة‬
‫لم يتوقعها الفاعل في حال كونها متوقعة أو توقعها وحسب أن بإمكانه تجنبها"‪.2‬‬

‫فالخطأ بمفهومه الضيق يكون الفاعل فيه خال من إرادة ارتكاب الجرم‪ ،‬ولقد حصل فعله‬
‫بسبب عدم اتخاذ االحتياطات التي يفرضها عليه النشاط الذي قام به‪ ،‬أو لعدم تفكيره بنتائج فعله‬
‫‪3‬‬
‫المضرة التي يمكن أن يؤدي إليها هذا الفعل‪ ،‬وكان عليه أن يفكر فيها ويحتاط لها‪.‬‬

‫بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للخطأ في قانون العقوبات نجد أن المشرع‬
‫الجزائري أشار إلى صور الخطأ والتي يمكن حصرها في الرعونة وعدم االحتياط‪ ،‬وعدم‬
‫‪4‬‬
‫التبصر واإلهمال وعدم مراعاة األنظمة‪.‬‬

‫ما يالحظ أن المشرع الجزائري إن كان يعاقب على اإلرادة اآلثمة في الجرائم القصدية‪ ،‬فهو‬
‫يعاقب على عدم االحتياط الكافي لمنع وقوع النتيجة التي كان يجب على الجاني أن يتوقعها‪،‬‬
‫كما يقوم الخطأ على عنصرين‪ ،‬أولهما عنصر مادي يتمثل في اإلخالل بواجبات الحيطة‬
‫والحذر التي تفرضها الخبرة اإلنسانية أو يفرضها القانون‪.‬‬

‫أما العنصر الثاني فهو عنصر نفسي يتمثل في العالقة النفسية بين إرادة الجاني‬
‫والنتيجة التي تحققت‪ ،‬ومن غير هذه العالقة ال يمكن مساءلة الشخص عن الجريمة وهذه‬
‫العالقة بإحدى الصورتين‪ ،‬إما أن يتوقعها الجاني‪ ،‬ويتوقع حدوثها‪ ،‬ولكنه يأمل بأن ال تقع‪ ،‬وإما‬
‫‪5‬‬
‫أنه لم يتوقعها‪ ،‬مع أنه كان من واجبه توقعها‪.‬‬

‫ولكن وفي ظل افتراض القصد في جرائم البورصة نظرا للعديد من المبررات التي تم‬
‫التطرق لها في المحور األول‪ ،‬والتي تقوم على صعوبة إثباته من ناحية وعلى الحفاظ على‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.269‬‬


‫‪ -2‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.248‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحمان توفيق أحمد‪ ،‬شرح قانون العقوبات " القسم العام"‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2012 ،‬ص‬
‫‪.236‬‬
‫‪ -4‬أنظر المادة ‪ 288‬من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬
‫‪ -5‬أحمد محمد اللوزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪,111 ،110‬‬

‫‪189‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫األمن االقتصادي من ناحية أخرى‪ ،‬فإن معاملة الخطأ كالقصد أصبح أمر بديهي‪ ،‬فالنتيجة قد‬
‫‪1‬‬
‫تحققت‪ ،‬وإرادة الفعل والنتيجة مفترضة‪ ،‬وعبئ دحض اإلثبات ملقى على الفاعل‪.‬‬

‫ومن هنا فإن الركن المعنوي يتوفر بمجرد مخالفة القانون‪ ،‬ذلك أن فعل ارتكاب المخالفة‬
‫ينطوي في حد ذاته على الخطأ‪ ،‬وهذا كله يشكل تداخال وتشابها ما بين جرائم القصد وجرائم‬
‫‪2‬‬
‫الخطأ‪ ،‬مما يجعلها تتميز بطبيعة تختلف عن كافة الجرائم غير المقصودة األخرى‪.‬‬

‫المساواة بين العمد واإلهمال في جرائم البورصة‬ ‫‪-2‬‬

‫تقع الجريمة في تلك الحالة بمجرد وقوع المخالفة سواء تعمد الفاعل المخالفة أو وقعت بسبب‬
‫إهماله أو عدم احتياطه‪ ،‬توجد جرائم ال يفضح فيها المشرع عن تطلب أو تعيين صورة الركن‬
‫المعنوي‪ ،‬كما يصعب الكشف عنها من خالل الفعل المكون للجريمة مثل جريمة عدم اإلفصاح‬
‫التي يعبر عنها المشرع الفرنسي جريمة عمدية حيث يستلزم أن يكون الجاني على علم بطبيعة‬
‫المعلومة وبكونها غير محددة‪ ،‬أو غير صحيحة أو مضللة‪ ،‬وأن تتجه إرادته إلى اإلفصاح‬
‫عنها‪ ،‬أما المشرع المصري فلم يحدد طبيعة الركن المعنوي لهذه الجريمة‪ ،‬فذهب البعض إلى‬
‫أنها عمدية قائمة على عنصر العلم واإلرادة المنصرفين إلى عناصر هذه الجريمة‪.3‬‬

‫ويرى البعض اآلخر أن الركن المعنوي لهذه الجريمة مقترض فهي تقع بمجرد االمتناع عن‬
‫القيام بواجب اإلفصاح أو اإلعالن عن المعلومات التي يتعين اطالع الجمهور عليها دون بحث‬
‫أو إثبات عنصر القصد أو الخطأ غير العمدي‪ ،‬فال مفر من العقوبة للجريمة إال بنفي الركن‬
‫المادي للجريمة‪ ،‬كوقوع الجريمة تحت اإلكراه‪ ،‬وهو نفس المنجز الذي سلكه المشرع‬
‫الجزائري في هذه الجريمة‪ ،‬فهذا واجب ال يقبل عذر عدم االحتياط‪. 4‬‬

‫المساواة بين العمد و اإلهمال أمر يجب قبوله لدى الفقه كما أنه يتفق وحسن السياسة الشريعة‬
‫حيث ال نوجد أسباب مقبولة‪ ،‬لكي تؤثر درجة الخطأ على وجود الجريمة ذاتها‪ ،‬فمن المنطقي‬
‫أن المصلحة التي أقرها المشرع باستحقاقها للحماية الجنائية يجب أن تحمى‪ ،‬ليس فقط ضد‬
‫االعتداءات العمدية‪ ،‬ولكن ضد االعتداءات الراجعة لإلهمال‪ ،‬أو عدم االحتياط أو غيرها من‬
‫صور الخطأ غير العمدي‪.5‬‬

‫‪ -1‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.250‬‬


‫‪ -2‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬الجرائم االقتصادية في القانون المقارن " األحكام العامة واإلجراءات الجنائية"‪ ،‬ط ‪ ،2‬ج ‪،1‬‬
‫مطبعة القاهرة والكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪ ،1979 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -3‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،2016 ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ -4‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ -5‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬

‫‪190‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجريمة المادية في بورصة األوراق المالية‬


‫نشأت فكرة الجريمة المادية في بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬وكانت هذه الفكرة من صنع محكمة‬
‫النقض الفرنسية فاعتبرت بعض الجرائم ‪ -‬وخصوصا المخالفات‪ -‬من قبيل الجرائم المادية‪،‬‬
‫وهي التي ال يشترط لقيامها إثبات الخطأ في حق مرتكبيها‪ ،‬وإنما االكتفاء بإثبات ارتكاب الفعل‬
‫المادي المؤثم من منطلق أن قصد اإلضرار ليس ضروريا لتوقيع العقاب على هذه األفعال‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فجنائية الفعل تكتمل بمجرد مخالفة القانون أو اللوائح‪.‬‬

‫وباستعراض نصوص التشريعات الجزائية المنظمة للبورصة يتبين أن المشرع قد قرر عددا‬
‫من جرائم البورصة دون تحديد ما إذا كان من الواجب إثبات خطأ اإلهمال أو قلة االحتراز أو‬
‫عدم مراعاة القوانين واألنظمة‪ ،‬كما أن صياغة النصوص المقررة لهذه الجرائم ال تقود إلى‬
‫استخالص تطلب القصد الجنائي القائم على عنصري العلم واإلرادة لتمام الجريمة مما أدى‬
‫لتفسير ذلك أو التعامل مع هذه الجرائم على أساس الصفة المادية لها‪ ،‬أي أنه يكفي لقيام مثل‬
‫هذه الجرائم إثبات وجود العناصر التي يتطلبها القانون في الجريمة ‪ ،‬فيوجد الخطأ بصورة‬
‫‪2‬‬
‫تلقائية‪ ،‬فالجريمة تقوم بمجرد ارتكاب الفعل المادي دون البحث في القصد أو الخطأ‪.‬‬

‫وينقد البعض الصفة المادية للجرائم االقتصادية بما فيها جرائم البورصة في عصر بلغت فيه‬
‫المدينة الحديثة شأنا كبيرا‪ ،‬وتحققت فيه لإلنسان مكاسب ومبادئ نابغة من احترام كيانه‬
‫البشري‪ ،‬منها مبادئ المسؤولية القائمة على الخطأ‪ ،‬وان كان الرأي القائم بمادية الجريمة‬
‫االقتصادية بما فيها جرائم البورصة في عصر بلغت فيه المدينة الحديثة شأنا كبيرا‪ ،‬وتحققت‬
‫فيه لإلنسان مكاسب ومبادئ نابعة من احترام كيانه البشري‪ ،‬منها مبادئ المسؤولية القائمة على‬
‫الخطأ‪ ،‬وان كان الرأي القائم بمادية الجريمة االقتصادية يستمد إلى أن قانون العقوبات‬
‫(‪)3‬‬
‫االقتصادي يتوخى هدفا بوليسيا بالمعنى الواسع أي ضمان مالحظة نظام جماعي‪.‬‬

‫فالمشرع عندما يحدد السلوك الواجب اإلتباع في النصوص االقتصادية‪ ،‬إنما يوضح حدود‬
‫المشروع وغير المشروع من األنشطة‪ ،‬وعلى الفرد أن يبذل ‪-‬من نفسه‪ -‬سلوكا نفسيا موازيا هو‬
‫سلوك الشخص المتحضر الحريص‪ ،‬لكي يتوافق سلوكه المادي مع األنموذج المشروع الذي‬
‫سنه المشرع‪ ،‬فإذا كان المشرع في ‪-‬الجرائم العادية‪ -‬يكتفي بأن يوضح للناس األنموذج المادي‬
‫للجريمة‪ ،‬فإنه في الجرائم االقتصادية يوضح لهم سلوك المشروع الذي يتعين أي يسلكوه‪ ،‬ولكن‬
‫ال شأن لذلك باألنموذج المعنوي للجريمة‪.‬‬

‫فالركن المعنوي للجريمة االقتصادية ‪-‬مثل الركن المعنوي في سائر الجرائم‪ -‬يتكون من‬
‫حالة نفسية سابقة عمى ارتكاب النشاط غير المشروع ‪ ،‬الذي نهى عنه المشرع‪ ،‬وافتراض‬

‫‪ -1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬


‫‪ -2‬سيف إبراهيم مصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.153‬‬
‫‪ -3‬مظهر فرغلي علي محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.126‬‬

‫‪191‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫الخطأ في ا لجريمة االقتصادية ال يعني افتراض الخطأ المدعى به في الجريمة المادية‪ ،‬ولكنه‬
‫يعني فقط وجوب قرينة إثبات‪ ،‬فهو مجرد نقل عبء اإلثبات من عمى عاتق النيابة العامة إلى‬
‫عاتق المتيم‪ ،‬أي إعطاء المتيم إمكانية نفي االفتراض بإثباته انتفاء الخطأ من جانبه‪ ،‬فمن غير‬
‫المقبول أن يفرض المشرع الجنائي فرضا أعمى عمى كل فعل مادي مكون للجريمة بدعوى‬
‫السرعة أو الفعالية‪ ،‬فأية فعالية يجتنبها المشرع في عقاب من لم يخطأ‪ ،‬أو من لم يعطى الفرصة‬
‫اإلثبات براءته(‪. )1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة‬


‫سيتم التطرق من خالل هذا المطلب إلى صور المسؤولية الجزائية والتي تخص صورة‬
‫المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ( الفرع األول)‪ ،‬وصورة المسؤولية الجزائية عن فعل‬
‫الغير (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في البورصة‬
‫يقصد بالشخص المعنوي مجموعة من األشخاص أو األموال تهدف إلى تحقيق غرض‬
‫معين‪ ،‬ويمنحها القانون الشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقيق الغرض وهي إما عامة أو‬
‫خاصة‪ ،‬واألشخاص المعنوية العامة هي هيئات تضطلع بتحقيق مصالح تهم المجتمع كله أو‬
‫جزء منه‪ ،‬بحيث تعتبر هذه المصالح من اختصاص السلطة العامة أما األشخاص المعنوية‬
‫الخاصة فهي تضطلع بأغراض يقوم بمثلها األفراد أو الدولة باعتبارها شخصا عاديا‪ ،‬ال‬
‫‪2‬‬
‫باعتبارها صاحبة سلطة‪.‬‬

‫لقد أصبحت مساءلة الشخص المعنوي جنائيا‪ ،3‬حقيقة ال تحتاج إلى إثبات فمساءلته‬
‫حتمية وعقوباته متوفرة‪ ،‬لكن التشريعات اختلفت في عملية تنظيم المسؤولية الجنائية لألشخاص‬
‫المعنوية من ثالث جوانب تتعلق باألشخاص المسؤولة جنائيا والجرائم التي يسأل عنها‬
‫‪4‬‬
‫األشخاص المعنوية‪ ،‬وأخيرا معايير إسناد تلك المسؤولية‪.‬‬

‫وكان إلقرار المسؤولية الجنائية للشخصية مثار للجدل فقهي وتشريعي كبير بين‬
‫اتجاهين مؤيد لهذه المسؤولية‪ ،‬واتجاه آخر غير مؤيد لفكرة المسؤولية الجنائية للشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬ومن ثم بحث موقف التشريعات المقارنة بخصوص المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬وكذا بيان شروط قيام المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية في بورصة األوراق‬
‫المالية‪.‬‬

‫‪ -1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪ - 2‬رامي يوسف محمد‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم االقتصادية‪ ( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية في نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،)2010 ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪ - 3‬يرى البعض أن نطلق على تلك المسؤولية بـ " المسؤولية الجنائية ألعضاء الشخص المعنوي" إلزالة أي لبس أو غموض‬
‫حول مضمونها بدال من المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪.271 ،‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المرجع السابق‪.131 ،‬‬

‫‪192‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الجدل الفقهي حول إقرار المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‬

‫لقد ثار خالف بين الفقهاء حول مدى إمكان مساءلة الشخص المعنوي جنائيا فهناك اتجاه‬
‫يرفض االعتراف بمسؤولية الشخص المعنوي جزائيا‪ ،‬في حين هناك اتجاه آخر يؤيد االعتراف‬
‫بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‪.‬‬

‫‪ :1‬المنكرين للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي‬

‫هناك اتجاه في الفقه يرفض االعتراف بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ويستند‬
‫هذا االتجاه لألسباب اآلتية‪:‬‬

‫أ‪ -‬طبيعة الشخص المعنوي‬

‫تقوم هذه الحجة على أساس أن الشخص المعنوي هو مجرد افتراض قانوني من صنع‬
‫المشرع‪ ،‬وهذا االفتراض البعيد عن الحقيقة اقتضته الضرورات العملية‪ ،‬لكي يتاح الشخص‬
‫المعنوي أن يمتلك األموال ويتعاقد‪ ،‬وحتى يكون مسؤوال مدنيا عن األضرار التي يسببها للغير‬
‫أثناء ممارسته أعماله‪ ،‬ولكن هذا االفتراض ال يمتد إلى نطاق المسؤولية الجنائية ألن القانون ال‬
‫‪1‬‬
‫يقوم إال على الحقيقة‪.‬‬

‫فاألهلية الجنائية تفترض التمييز واإلرادة الحرة وهما ال يتوافران إال لدى الشخص‬
‫الطبيعي‪ ،‬وبالتالي فإن الشخص المعنوي يكون غير أهل لتحمل المسؤولية الجنائية‪ ،‬ثم أن انتفاء‬
‫التمييز واإلرادة لدى الشخص المعنوي يجعل من المستحيل اإلسناد المادي والمعنوي للجريمة‬
‫‪2‬‬
‫إليه‪ ،‬وبالتالي عدم قابلية إخضاعه للعقاب‪.‬‬

‫وذهب الفقيه " دوجي" إلى أنه ضرب من الخيال وشبح‪ ،‬فهم يرون أن اإلرادة واإلدراك‬
‫من خصوصية الشخصية الطبيعية‪ ،‬فمن المستحيل أن يتم نسبة الجريمة للشخص المعنوي ال‬
‫‪3‬‬
‫بركنها المادي وال المعنوي‪.‬‬

‫ومن أبرز األحكام التي أوضحت دون لبس أو غموض الطبيعة االفتراضية أو الوهمية‬
‫للشخص المعنوي األحكام الصادرة من الدائرة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية في عام‬
‫‪ ،1894 ،1893 ،1892 ،1833‬وقد أوضحت هذه األحكام الطبيعة المجازية واالفتراضية‬
‫حسبما يستفاد من أسبابه " ال يصح أن تتخذ إجراءات عقابية أمام المحاكم الجنائية إال ضد‬
‫أشخاص طبيعيين وهم الذين يصح أن توقع عليهم عقوبة أما الشركة التجارية فهي شخص‬

‫‪ - 1‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.160‬‬


‫‪ 2‬عبد الرؤوف مهمدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.361‬‬
‫‪ - 3‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص‬
‫‪.34‬‬

‫‪193‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫معنوي مما ال يمكن معه أن تتحمل سوى مسؤولية مدنية‪ ،‬اللهم إال أذا نص على حاالت محددة‬
‫‪1‬‬
‫بقانون منظم لموضوعات خاصة‪.‬‬

‫إذن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وفق هذه النظرية هو مجرد افتراض أو مجاز‪،‬‬
‫والقانون الجنائي ال يقوم على المجاز ألن وراء ذلك الخيال أفراد طبيعيون وهم الذين يتحملون‬
‫العقوبة‪ ،‬ومن ثم تكون مسؤوليته الجنائية مرفوضة‪.‬‬

‫ب‪ -‬تخصص الشخص المعنوي‬

‫يرى المنكرون للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي‪ ،‬بأن وجود الشخص المعنوي من‬
‫الناحية القانونية محدد بالغرض الذي أنشئ من أجل تحقيقه‪ ،‬وهذا ما يعبر عنه بمبدأ التخصص‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫بحيث ينعدم هذا الوجود إذا خالف الغرض من إنشائه‪.‬‬

‫فالشركة التجارية مثال تن شأ لتمارس التجارة‪ ،‬والنقابة تنشأ للدفاع عن مصالح مهنية معينة‪،‬‬
‫وال يدخل ارتكاب الجريمة بطبيعة الحال ضمن األغراض التي تهدف إليها األشخاص‬
‫المعنوية‪ ،‬ويترتب على ذلك أنه إذا تجاوز شخص معنوي حدود الغرض الذي أنشئ من أجله‬
‫وارتكب جريمة‪ ،‬فتنعدم شخصيته المعنوية‪ ،‬ولم يعد له وجود من الناحية القانونية‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫‪3‬‬
‫يمكن أن تنسب إليه الجريمة‪.‬‬

‫والقول بغير ذلك يعني االعتراف بوجود الشخص المعنوي في غير المجال المحدد له‪ ،‬وهو‬
‫ما يصطدم بمبدأ التخصص الذي يحكمه‪.‬‬

‫ج‪ -‬شخصية العقوبة‬

‫يذهب المعارضون لمبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي إلى أن االعتراف بمسؤوليته‬
‫الجنائية يؤدي إلى إهدار قاعدة شخصية العقوبة‪ ،‬وهي من الضمانات األساسية في القانون‬
‫الجنائي الحديث‪ ،‬ومؤداها ضرورة اقتصار إيالم العقوبة على من ارتكب الجريمة وحده دون‬
‫غيره ويؤدي تحميل الشخص المعنوي بمسؤولية الجرائم التي يرتكبها ممثلوه إلى توقيع‬
‫العقوبات المقررة عليه‪ ،‬وفي ذلك إخالل بمبدأ شخصية العقوبة‪ ،4‬ألن العقوبات التي توقع على‬
‫الشخص المعنوي لن يقتصر إيالمها على من ارتكب األفعال غير المشروعة‪ ،‬وإنما سوف يمتد‬
‫إلى غيرهم من األشخاص الطبيعيون الذين يكونون الشخص المعنوي أو تكون لهم مصالح فيه‪،‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.362‬‬


‫‪ - 2‬رنا إبراهيم سليمان العطور‪ " ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،22‬العدد الثاني‪ ،2006 ،‬ص ‪.343‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪283‬‬
‫‪ - 4‬مازن محمد رضا الموسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬

‫‪194‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫وهؤالء لم يسهموا في ارتكاب الجريمة‪ ،‬وقد يكون من بينهم من عارض في ارتكابها دون أن‬
‫‪1‬‬
‫تمكنه الظروف من منعها‪.‬‬

‫ويعني ذلك أن األشخاص الطبيعيين أصحاب المصالح في الشخص المعنوي سوف‬


‫يتحملون العقاب عن أفعال ال صلة لهم بها‪ ،‬وإنما ارتكبها غيرهم ممن يمثلون الشخص المعنوي‬
‫أو يتصرفون لحسابه‪ ،‬وفي هذا النوع من المساءلة من فعل الغير يصطدم بمبدأ أساسي في‬
‫‪2‬‬
‫القانون الجنائي هو مبدأ شخصية العقوبة‪.‬‬

‫ويضيف المعارضون لمبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي أن االعتراف بالمسؤولية‬


‫الجنائية للشخص المعنوي يترتب عليه إزدواج المسؤولية الجنائية‪ ،‬أي مساءلة شخصين عن‬
‫نفس الجريمة دون أن تجمع بينهما رابطة المساهمة الجنائية‪ ،‬فالشخص الطبيعي يسأل عن‬
‫الجريمة التي ارتكبها باسم الشخص المعنوي ولحسابه مسؤولية شخصية‪ ،‬ثم تقرر بعد ذلك‬
‫مساءلة الشخص المعنوي عن الجريمة ذاتها بوصفه شخصا مستقال له ذاتية خاصة تميزه عن‬
‫الشخص الطبيعي مرتكب الجريمة ويعني ذلك أننا نقرر نسبة الفعل الواحد إلى شخصين‬
‫متميزين باعتبار أن كال منهما قد ارتكبه وحده مستقال عن اآلخر‪ ،‬ويسأل كالهما مسؤولية‬
‫‪3‬‬
‫مستقلة عن اآلخر وهو ما يناقض المنطق القانوني ويستحيل التسليم به‪.‬‬

‫فضال عن ذلك قد يؤدي االعتراف بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي إلى إمكان معاقبة‬
‫الشخص الطبيعي مرتين عن فعل واحد‪ ،‬فمعاقبة الشخص الطبيعي بصفته ممثال للشخص‬
‫‪4‬‬
‫المعنوي ال يمنع من معاقبته عن فعله هو‪.‬‬

‫وهذا يعني أن الشخص الطبيعي ممثل الشخص المعنوي والذي يسأل عن فعله الشخصي‬
‫فإنه في معاقبة الشخص المعنوي سوف يمتد إليه العقاب باعتباره عضوا في الشخص المعنوي‬
‫أي أن الشخص الطبيعي ممثل الشخص المعنوي سوف يتحمل العقاب مرتين عن فعل واحد‬
‫لذلك فإن هذا الجانب من الفقه يرى في المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية انتهاكا صارخا‬
‫لمبدأ شخصية العقوبات نظرا لمساسها بحقوق األبرياء من المساهمين فيه ماليا‪.‬‬

‫‪ - 1‬رنا إبراهيم سليمان العطور‪ ،‬المرجع السابق‪.344 ،‬‬


‫‪ - 2‬محمود داوود يعقوب‪ ،‬المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي " دراسة مقارنة بين القوانين العربية والقانون الفرنسي"‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،2008 ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪ - 3‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.387‬‬
‫‪ - 4‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬

‫‪195‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫د‪ -‬طبيعة العقوبات الجنائية والغرض من العقاب‬

‫يستند القائلون بعدم إمكان مساءلة الشخص المعنوي جنائيا إلى حجة مستمدة من طبيعة‬
‫العقوبات الجنائية واألغراض المستهدفة من العقاب‪.‬‬

‫فنوعية العقوبات وطبيعتها ال يمكن توقيعها على األشخاص المعنوية‪ ،‬فمنها ما يكون سالبا‬
‫للحق في الحياة مثل عقوبة اإلعدام‪ ،‬ومنها ما يكون سالبا للحق في الحركة كاألشغال الشاقة‬
‫المؤبدة‪ ،‬أو مقيدا لهذا الحق كاألشغال الشاقة المؤقتة والسجن والحبس والوضع تحت المراقبة‬
‫وتلك العقوبات جميعا ال يتصور توقيعها على الشخص المعنوي الذي ال يزيد عن مجرد كونه‬
‫شخصا خياليا وهميا ليس له وجود مادي ملموس ال يمكن إدراكه‪ ،‬فمن العبث القول بإعدام‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬ومن غير المعقول القول بسجنه أو حبسه أو مراقبته‪ ،‬وهو يفتقد للجسد‬
‫‪1‬‬
‫المادي الذي يكون محال لتلك العقوبات‪.‬‬

‫وكذلك أغراض العقاب ال يتصور توقيعها إال بالنسبة للشخص الطبيعي وأنها غير ذات‬
‫جدوى بالنسبة للشخص المعنوي‪ ،‬فإصالح المحكوم عليه وتأهيله غرض من أغراض العقاب‬
‫يكفل تحقيق الردع العام فهذا الغرض ال يمكن تحقيقه إال بالنسبة لإلنسان‪ ،‬ألنه الذي يتمتع‬
‫‪2‬‬
‫باإلرادة واإلدراك ويمكن أن تطبق عليه أساليب المعاملة العقابية إلصالحه وردعه‪.‬‬

‫أما الشخص المعنوي فال يملك القدرة على التمييز وليس له إرادة مستقلة‪ ،‬وبالتالي من غير‬
‫الممكن أن نتحدث عن إصالحه وتهذيبه أو ردعه‪ ،‬وإذا قيل أن حل الشخص المعنوي يمكن أن‬
‫يحقق الردع فإن هذه العقوبة ستكون ضارة بالعاملين لديه إذ ستعرضهم للبطالة‪ ،‬تم إن حل‬
‫الشخص المعنوي أو وقف نشاطه يعتبر في نظر بعض أنصار هذا الرأي تدابير تشابه التدابير‬
‫التبعية المقررة في كثير من التشريعات والتي تقترن بالعقوبات‪ ،‬مثل مصادرة األشياء الخطرة‬
‫‪3‬‬
‫وإعدام األداة التي استعملت في ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫‪ :2‬االتجاه المؤيد لفكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬


‫يذهب أنصار هذا االتجاه باالعتراف بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي‪ ،‬ويرى‬
‫أصحاب هذا االتجاه ضرورة أن يتم إقرار المشرع لهذه المسؤولية‪ ،‬وذلك ألن الشخص‬
‫المعنوي حقيقة قانونية ال سبيل إلنكارها‪.‬وقام أصحاب هذا االتجاه بالرد على حجج االتجاه‬
‫المعارض إلقرار هذه المسؤولية تنفيذها كما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.442‬‬


‫‪ - 2‬مصطفى العوجي‪ ،‬القانون الجنائي العام " الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.589‬‬
‫‪ - 3‬جبالي أوعمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬

‫‪196‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫أ‪ -‬طبيعة الشخص المعنوي ال تتناقض مع مسؤوليته الجنائية‬


‫يرى أصحاب هذا االتجاه بعدم التسليم بأن الشخصية المعنوية مجرد فرض أو مجاز من‬
‫صنع المشرع‪ ،‬فهذه النظرية قديمة العهد وقد قال بها الرومان واقتبسها الفرنسيون عنهم إلى‬
‫عهد قريب‪ ،‬ولكن هذه النظرية قد أضحت محل نظر وتعديل لدرجة يمكن الجزم معها بعدم‬
‫‪1‬‬
‫وجود من يعتنقها اآلن في الفقه بصورتها التقليدية‪.‬‬

‫وحلت محلها نظرية الحقيقة التي تقرر أن الشخص المعنوي حقيقة اجتماعية وقانونية ال‬
‫يمكن إنكارها أو التغاضي عنها‪ ،‬فال يمكن إنكارها اجتماعيا ألنها أصبحت جزء من النسيج‬
‫االجتماعي الذي يؤدي دورا رائدا في الحياة االجتماعية‪ ،‬كما أنها حقيقة قانونية يعترف بها‬
‫‪2‬‬
‫القانون ويحدد مجال نشاطها وأسلوب ممارستها لهذا النشاط وحقوقها وواجباتها القانونية‪.‬‬

‫فالشخص المعنوي له وجود حقيقي ويتمتع بشخصية قانونية متميزة عن شخصيات من‬
‫يكونونه أو يمثلونه قانونا فله إرادة متميزة مستقلة عن إرادة أعضائه‪ ،‬وله مصالح خاصة به‬
‫‪3‬‬
‫وذمة مالية مستقلة‪.‬‬

‫فالقانون يعترف للشخص المعنوي بأهلية التعاقد‪ ،‬وهي تفترض توافر اإلرادة له ويجعله‬
‫القانون أهال لتحمل المسؤولية المدنية عن أفعاله الضارة‪ ،‬وهذه المسؤولية تقوم على الخطأ‬
‫المدني الذي يلزم لتحقيقه توافر إرادة توصف بالخطأ‪ ،‬ولم ينكر أحد هذه اإلرادة على الشخص‬
‫المعنوي من مجال المسؤولية المدنية‪ ،‬وأنه ال يجوز االحتجاج بأن اإلرادة الالزمة للمساءلة عن‬
‫الجريمة ال تثبت لغير اإلنسان‪ ،‬وأنها لذلك ال تتوافر للشخص المعنوي فإرادة األشخاص‬
‫‪4‬‬
‫الطبيعيون الذين يعملون باسمه ولحسابه هي في الوقت ذاته إرادة الشخص المعنوي‪.‬‬

‫وإذا كان شكل اإلرادة الالزمة لقيام الجريمة يختلف بالنسبة للشخص الطبيعي عنه بالنسبة‬
‫للشخص المعنوي‪ ،‬فليس مؤدي ذلك إنكار إرادة الشخص المعنوي الذي تتفق مع طبيعته‬
‫الخاصة باعتباره شخصا قانونيا له طبيعة تختلف عن طبيعة غيره من أشخاص القانون فاإلرادة‬
‫‪5‬‬
‫فردية بالنسبة للشخص الطبيعي وجماعية بالنسبة للشخص المعنوي‪.‬‬

‫ويضيف أصحاب هذا االتجاه بأن الشخص المعنوي حقيقة قانونية ال تحتاج إلى إثبات‬
‫وحقيقة إجرامية ال تقبل الشك‪ ،‬حيث يمكنه أن يرتكب الركن المادي لكثير من الجرائم كالنصب‬

‫‪ - 1‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬


‫‪ - 2‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ - 3‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬لمرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ - 4‬صمودي سليم‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي " دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والفرنسي"‪ ،‬دار الهدى‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 5‬حزيط محمد‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري والمقارن‪ ( ،‬أطروحة دكتوره في القانون‪،‬‬
‫جامعة سعد دحلب البليدة‪ ،)2011 ،‬ص ‪.151‬‬

‫‪197‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫وخيانة األمانة والتزوير والتهريب الضريبي‪ ،‬والجرائم ضد البيئة ومخالفة قوانين العمل‪ ،1‬ومن‬
‫ناحية أخرى فإن الشخص المعنوي وبما أن له إرادة جماعية مستقلة عن اإلرادة الفردية لكل‬
‫عضو من أعضائه تتكون من التقاء اإلرادات الفردية لألعضاء المكونين له‪ ،‬ويعبر عنها‬
‫ممثلوه وأجهزته الخاصة وإن هذه اإلرادة الجماعية التي تحركه ليست محض افتراض‪ ،‬وإنما‬
‫هي حقيقة واقعية فهي تظهر في كل مرحلة من مراحل حياته‪ ،‬وفي االجتماعات والمداوالت‬
‫وتصويت الجمعية العمومية ألعضائه والتصويت في مجلس اإلدارة‪ ،‬فإن هذا األمر يعني أن‬
‫يتوافر الركن المعنوي للجريمة لدى الشخص المعنوي‪ ،‬ومن ثم فإن المسؤولية الجنائية‬
‫‪2‬‬
‫للشخص المعنوي ال تتعارض مع مبدأ المسؤولية األخالقية‪.‬‬

‫ب‪ -‬تخصص الشخص المعنوي ال يمنع من االعتراف بإمكان ارتكابه للجريمة‬


‫ليس صحيحا إنكار المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي بحجة أن مبدأ التخصص هو الذي‬
‫يحدد الوجود القانوني للشخص المعنوي‪ ،‬ويحصره في الغرض الذي أنشئ من أجله‪ ،‬وليس منه‬
‫‪3‬‬
‫ارتكاب الجرائم‪.‬‬

‫فمبدأ التخصص ال عالقة له بالوجود القانوني للشخص المعنوي وال بقدرته على ارتكاب‬
‫الجر ائم‪ ،‬وإنما تنحصر أهميته في تحديد النشاط المصرح للشخص المعنوي القيام به‪ ،‬بحيث إذا‬
‫‪4‬‬
‫خرج عن حدود تخصصه ضل له وجود ولكن نشاطه يعتبر غير مشروع‪.‬‬

‫إن إعمال قاعدة التخصص يؤدي إلى اإلفالت من المسؤولية والعقاب السيما في األعمال‬
‫التي تتداخل فيها االختصاصات‪ ،‬كما يمكن تصور أن الشخص المعنوي قد يستغل تخصصه‬
‫الرتكاب جرائم‪ ،‬فمثال قد يحدث أن بنكا أو شركة في سبيل الحصول على ربح تلجأ إلى أعمال‬
‫التهريب أو المضاربات غير المشروعة‪ ،‬فال بد من مساءلتها وإال شكل الموقف خطرا على‬
‫مصلحة المجتمع‪ ،‬إذ قد يوحي مثل هذا النظر إلى األفراد في سبيل اإلفالت من المسؤولية‬
‫الجنائية إلى تكوين جمعية أو شركة يتسترون وراءها ليمارسوا من خاللها أبشع أنواع الجرائم‬
‫ومن ثم يفتح باب الخطر على أمن المجتمع ومصالحه في صورة أشد من خطر األفراد‬
‫‪5‬‬
‫منفردين‪.‬‬

‫كما أن اعتماد مبدأ التخصص لعدم مساءلة الشخص المعنوي جنائيا يمكن أن يترتب عليه‬
‫أيضا عدم مساءلته مدنيا عن األفعال الضارة‪ ،‬إذ ليس من أغراض الشخص المعنوي اإلضرار‬
‫بالغير‪ ،‬لذلك ال مناص من التسليم بأن مبدأ التخصص وتحديد غاية الشخص المعنوي ال يعدو‬
‫أن يكون قاعدة إدارية تحدد في إطار القانون اإلداري‪ ،‬فإذا تجاوز الشخص المعنوي حدود هذا‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪.222 ،‬‬


‫‪ - 2‬أحمد مجحود‪ ،‬أزمة الوضوح في اإلثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن‪ ،‬دار هومة‪ ،2000 ،‬ص ‪.547‬‬
‫‪ - 3‬صمودي سليم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 4‬محمود داوود يعقوب‪ ،‬المرجع السابق‪.295 ،‬‬
‫‪ - 5‬حزيط محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫‪198‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫اإلطار أو لجأ إلى وسائل غير مشروعة لتحقيق أغراضه تحققت مسؤوليته عن ذلك‪ ،‬سواء‬
‫‪1‬‬
‫المسؤولية المدنية أو المسؤولية الجنائية عن الجرائم‪.‬‬

‫ويرى بعض شراح القانون ومنهم الفقيه " ليفاسير" أن الدليل على ضعف هذه الحجة هو‬
‫أن هناك طائفة هامة من الجرائم االقتصادية التي تحظى اليوم بأهمية بالغة ال يمكن القول‬
‫بصعوبة إسنادها للشخص المعنوي‪ ،‬أو بمجافاة هذا اإلسناد لمبدأ التخصص له‪ ،‬ثم يضيف أن‬
‫العقوبة ذاتها ال تحقق أغراضها‪ ،‬إال إذا تحملها الشخص المعنوي ألنه الذي أثرى من الفعل‬
‫غير المشروع في هذه الحالة‪ ،‬بل ويذهب إلى أن كل الشراح الحظوا أن اإلجماع شبه منعقد في‬
‫كافة التشريعات االقتصادية على تقرير المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في شأن الجرائم‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫ج ‪ -‬شخصية العقوبة ال تعتبر مانعا من مساءلة الشخص المعنوي‬


‫يذهب أصحاب هذا االتجاه المؤيد لمبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي أن مساءلته ال‬
‫تشكل إخالال بمبدأ شخصية العقوبة‪ ،‬ألن اإلخالل بهذا المبدأ يفترض أن توقع العقوبة على‬
‫شخص لم يرتكب الجريمة سواء بوصفه فاعال لها أو شريكا فيها أما إذا وقعت على المسؤول‬
‫عن الجريمة وامتدت أثارها بطريق غير مباشر إلى أشخاص يرتبطون به فال يعتبر ذلك مخالفا‬
‫‪3‬‬
‫للمبدأ‪.‬‬

‫والوقع أن هذه الحجة تنطوي على خلط بين العقوبة والنتيجة غير المباشرة لها ألن توقيع‬
‫العقوبة على الشخص المعنوي إنما يراد بها تحقيق الغاية المرجوة من العقاب لصالح المجتمع‪.‬‬

‫إن معاقبة الشخص المعنوي وتأثر المكونين له فائدة مرجوة ذلك أن عقابه يدفع هؤالء‬
‫القائمين على إدارته إلى سلوك أحسن لتفادي ما قد يصيبهم من أثر العقاب‪ ،‬ويجعل المساهمين‬
‫مراقبين للشخص المعنوي والقائمين على إدارته حتى ال يلجأ إلى وسائل غير مشروعة لتحقيق‬
‫أغراضه‪ ،‬ومن نا حية أخرى يمكن القول أن إعمال مبدأ شخصية العقوبة وقاعدة تفريد العقاب‬
‫يستوجب بذاتها تقرير المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي‪ ،‬وأن عدم إقرارها هو الذي يعتبر‬
‫إهدارا لهاتين القاعدتين‪ ،‬ألن مساءلة القائم على إدارة الشخص المعنوي كرئيس مجلس اإلدارة‬
‫أو عضوه المنتدب أو المدير دون مساءلة القائمين على اإلدارة والذين ال يعدو دورهم مجرد‬
‫‪4‬‬
‫تنفيذ أوامر صادرة إليهم من ممثلي إرادة الشخص المعنوي‪.‬‬

‫وأما بالنسبة لما أثاره البعض من أن مساءلة الشخص المعنوي ومساءلة الممثلين إلرادته أو‬
‫القائمين على إدارته يؤدي في بعض الصور إلى ازدواج العقاب بالنسبة للممثلين للشخص‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬


‫‪ - 2‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ - 3‬صمودي سليم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪199‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫المعنوي أو القائمين على إدارته‪ ،‬فإن هذا الزعم ال يشكل اعتراضا وإن انطوى على صعوبة‬
‫عملية فمن السهولة التغلب عليها في إطار قواعد مسؤولية الفاعل والشريك والقواعد المقررة‬
‫‪1‬‬
‫في قانون العقوبات في صدد تعدد الجرائم وتعدد العقوبات‪.‬‬

‫د ‪ -‬تطويع العقوبات الجنائية لطبيعة الشخص المعنوي‬


‫إن التحدي بطبيعة العقوبات الجنائية وكونها ال تسمح بالتطبيق إال على الشخص الطبيعي‬
‫دون غيره‪ ،‬فيه قدر كبير من تغليب الواقع التشريعي على مقتضيات التطور لمواجهة ما يطرأ‬
‫على النظم االقتصادية واالجتماعية من تغييرات جذرية‪ ،‬ومن العقوبات الراهنة ما يتالءم مع‬
‫ماهية الشخص المعنوي‪ ،‬مثل اإلعدام ويقابله حل الشخص المعنوي‪ ،‬وسلب الحرية وتقييدها‬
‫يمكن أن يستعاض عنه بالحرمان من بعض المزايا أو الوضع تحت المراقبة أو تضييق دائرة‬
‫‪2‬‬
‫النشاط المصرح به أو الغلق غير ذلك من العقوبات المالئمة للشخص المعنوي‪.‬‬

‫إن القول بأن العقوبة ال تحقق أغراضها إال إذا وقعت على الشخص الطبيعي دون الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬فيرد عليه بأن وظائف العقوبة ال تنحصر فقط في اإلصالح والتأهيل وإنما تمتد كذلك‬
‫إلى تحقيق الردع العام والوقاية أو المنع‪ ،‬وهذا الردع العام يتحقق بالنسبة للشخص المعنوي‬
‫بامتناع األشخاص المعنوية األخرى عن ارتكاب الجرائم‪ ،‬بل إن الوقاية تكون في بعض‬
‫العقوبات التي توقع على الشخص المعنوي وتحقق إصالحه مثل وضعه نحت الحراسة أو‬
‫‪3‬‬
‫الرقابة القضائية‪.‬‬

‫ألن العقوبة الجنائية ليست هي الصورة الوحيدة للجزاء الجنائي التي تستهدف القضاء على‬
‫الخطورة اإلجرامية‪ ،‬لذلك فإن هذه التدابير االحترازية والتي يمكن تطبيقها على األشخاص‬
‫المعنوية تهدف إلى القضاء على الخطورة اإلجرامية لحماية المجتمع من صور السلوك الذي‬
‫‪4‬‬
‫يتهدده عن طريق األشخاص المعنوية‪.‬‬

‫إن الفقه الحديث يرى ضرورة االعتراف بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي إضافة‬
‫لمسؤولية الشخص الطبيعي إذا أمكن تحديده وتوافرت في حقه أركان الجريمة ألن في ذلك‬
‫مواكبة للتطورات االقتصادية واالجتماعية للمجتمع وتزايد أعداد األشخاص المعنوية وضخامة‬
‫إمكانيتها وقدراتها وإن في إقرار هذه المسؤولية له تمكين للمجتمع من الدفاع عن نفسه ضد‬
‫األخطار التي تتهدده نتيجة للجرائم التي يرتكبها األشخاص‪ ،‬والتي تفوق خطورتها الجرائم التي‬
‫‪5‬‬
‫يرتكبها األشخاص الطبيعيين‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد مجحود‪ ،‬المرجع السابق‪.554 ،‬‬


‫‪ - 2‬عبد التواب معوض الشوربجي‪ ،‬محاضرات في قانون العقوبات " القسم العام "‪ ،2001 ،‬ص ‪.437‬‬
‫‪ - 3‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.500‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرحمان توفيق أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.300‬‬
‫‪ - 5‬محمود داوود يعقوب‪ ،‬المرجع السابق‪.298 ،‬‬

‫‪200‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫نتفق مع ما ذهب إليه الفقه الحديث من إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية مع‬
‫ضرورة النص على تلك المسؤولية وتحديد إجراءات المحاكمة والعقوبات التي تتالءم نوعا‬
‫ومقدارا مع طبيعة األشخاص المعنوية‪ ،‬هذا إلى جانب مسؤولية الشخص الطبيعي ممثل‬
‫الشخص المعنوي أو أحد العاملين لديه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف التشريعات من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم البورصة‬

‫سيتم التطرق من خالل هذا الفرع إلى المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في كل من‬
‫التشريع الجزائري ‪ ،‬والتشريع الفرنسي‪ ،‬والتشريع المصري‪.‬‬

‫‪ :1‬موقف التشريع الجزائري من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم البورصة‬


‫مر التشريع الجزائري بالعديد من المراحل‪ ،‬قبل االعتراف صراحة بالمسؤولية الجزائية‬
‫للشخص المعنوي‪ ،‬وقد سبق ذلك التنصيص على بعض العقوبات التي تتناسب وطبيعة‪ ،‬مما‬
‫دفع البعض إلى االعتقاد أن المشرع اعترف ضمنيا بذلك في قانون العقوبات‪ ،‬في حين كان‬
‫أكثر فصاحة في العديد من القوانين الخاصة ذات الصلة بالميدان االقتصادي بتقرير مسؤولية‬
‫الشخص المعنوي عن مخالفتها ومع ذلك لم يأخذ القضاء بهذا التوجه إلى غاية تعديل قانون‬
‫العقوبات سنة ‪ 2004‬بأن أدرج المشرع المادة ‪ 51‬مكرر في قانون العقوبات ليصبح الشخص‬
‫المعنوي مسؤوال عن أفعال ممثليه وأعضائه الذين يتصرفون باسمه ولحسابه‪.‬‬

‫أ‪ -‬مرحلة عدم اإلقرار بالمسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‬


‫لم ينص قانون العقوبات رقم ‪ 156-66‬الصادر في ‪ 1،1966/07/08‬على أي جزاءات‬
‫تلحق بالشخص المعنوي‪ ،‬فنصت المادة ‪ 09‬في بندها التاسع على عبارة« حل الشخص‬
‫االعتباري» ضمن العقوبات التكميلية التي تجيز الحكم بها في الجنايات والجنح‪ ،‬وهذا ما أدى‬
‫إلى االعتقاد بأن المشرع الجزائري يعترف ضمنيا بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إال‬
‫‪2‬‬
‫أن هذا الرأي مردود لعدة أسباب‪:‬‬

‫‪ -‬أنه ال يوجد أي دليل يمكن االستناد إليه للقول بأن «عقوبة حل الشخص المعنوي» عقوبة‬
‫مقررة لشخص معنوي ارتكب جريمة باسمه ولحسابه‪ ،‬والواقع أنها عقوبة تكميلية مقررة‬
‫للشخص الطبيعي الذي يرتكب جناية أو جنحة‪.‬‬
‫‪ -‬إضافة إلى أن الوارد في هذه الفقرة هو تدبير أمن شخصي ال يوقع إال على األشخاص‬
‫الطبيعيين‪ ،‬ألنه يفترض فيهم وحدهم القادرون على مزاولة مهنة أو نشاط أو فن‪ ،‬وبذلك‬
‫يكون حكم المادة ‪ 17‬الذي يحدد حاالت تطبيق هذا التدبير قاصرا على األشخاص الطبيعيين‬
‫دون األشخاص المعنوية‪.‬‬

‫‪ - 1‬األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ 1966‬المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪.49‬‬
‫‪ - 2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.204‬‬

‫‪201‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫إن المشرع الجزائري قد أفرغ هذه العقوبة من محتواها في نص المادة ‪ 17‬التي جاءت‬
‫‪1‬‬
‫لتوضيح مفهوم العقوبة وشروط تطبيقها وذلك بكيفيتين‪:‬‬

‫الكيفية األولى‪ :‬تتمثل في كون المشرع لم يعد يتكلم عن الشخص المعنوي‪ ،‬وإنما تحدث عن‬
‫منع الشخص المعنوي من االستمرار في ممارسة نشاطه‪.‬‬

‫الكيفية الثانية‪ :‬تتمثل في كون المشرع لم يحدد شروط العقوبة سالفة الذكر‪ ،‬وحيث أنها عقوبة‬
‫تكميلية فال يجوز الحكم بها إال إذا نص القانون صراحة لجريمة معينة‪ ،‬وبالرجوع إلى قانون‬
‫العقوبات والقوانين المكملة له ال نجد فيها إطالقا حل الشخص المعنوي كعقوبة لجناية أو جنحة‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 647‬من ق‪.‬إ‪.‬ج والتي تضع أحكاما خاصة بتحري بطاقات‬
‫صحيفة السوابق القضائية للشركات المدنية والتجارية‪ ،‬وتحدد المادة حاالت هذه البطاقة‪ 2،‬نجد‬
‫أن المشرع الجزائري قد استبعد في الواقع إمكانية توقيع العقوبة على الشخص المعنوي‬
‫وبالتالي استبعد االعتراف بمساءلته كقاعدة عامة‪ ،‬والفقرة جاءت لتقرير بعض األحكام في‬
‫الحاالت االستثنائية التي تصدر بشأنها نصوص خاصة توقع العقوبات الجزائية على األشخاص‬
‫‪3‬‬
‫المعنوية‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد ما جاء في القرار رقم ‪ 25-413‬المؤرخ في ‪ 24‬ديسمبر ‪1981‬‬


‫الصادر عن مجلس قضاء عنابة الذي يتجاهل الديوان الوطني للحليب عند النظر في جريمة‬
‫سوء التسيير التي نسبت إلى المسؤول التجاري لهذا الديوان عندما تم العثور على كميات كبيرة‬
‫من الحليب الفاسد في صهاريج تفوح بروائح كريهة ومعبأة بالديدان في مقرات هذا الديوان‬
‫واقتصر بإدانة الشخص الطبيعي (المدير أو المسير) القائم على إدارة الديون‪ ،‬حيث اعتبره‬
‫بمثابة خطأ شخصي موجب للمسؤولية الجنائية‪ ،‬دون التعرض للشخص المعنوي الذي هو‬
‫الديوان المذكور‪ ،‬ال بصفته متهم وال بصفته مسؤوال مدنيا‪ ،‬وال بصفته طرفا مدنيا وكأن المدير‬
‫‪4‬‬
‫يتصرف باسمه ولحسابه الخاص‪.‬‬

‫ثم القرار رقم ‪ 19-785‬المؤرخ في ‪ 26‬نوفمبر ‪ ،1981‬الصادر عن مجلس قضاء‬


‫قسنطينة حيث تعود وقائع القضية إلى إتهام المدعو (و) بترويج شيك دون رصيد لصالح‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 17‬من قانون العقوبات الجزائري‪ ”:‬منع الشخص االعتباري من االستمرار في ممارسة نشاطه‪ ،‬يقتضي أن ال يستمر‬
‫هذا النشاط حتى ولو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو أعضاء مجلس إدارة أو مسيرين آخرين‪ ،‬ويترتب على ذلك تصفية‬
‫أمواله مع المحافظة على حقوق الغير حسن النية”‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 647‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري «يجب تحرير بطاقة عامة‪:‬‬
‫‪ -‬كل عقوبة ضريبية صادرة ضد الشركة‪.‬‬
‫‪ -‬كل عقوبة جنائية في األحوال االستثنائية التي يصدر فيه ممثلها على الشركة‪.‬‬
‫‪ -‬كل إجراء أمن أو إغالق‪ ،‬ولو جزئيا أو مؤقتا وكل مصادرة محكوم بها على الشركة ولو نتيجة لجزاء موقع على‬
‫شخص طبيعي»‪.‬‬
‫‪ - 3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫‪ - 4‬أشار هذا القرار صمودي سليم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪27‬‬

‫‪202‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫شركة تجارية (م) لإلبقاء عليه كضمان‪ ،‬وبالفعل فإن الشركة المستفيدة قد أبقت عليه‪ ،‬ولم تقدمه‬
‫إلى الدفع إال بعد حوالي ‪ 18‬شهرا‪ ،‬وعندئذ تبين أنه بدون رصيد‪ ،‬وكان من طبيعي أن تدين‬
‫المحكمة الساحب بجنحة الترويج لشيك بدون رصيد‪ ،‬وقبول الشركة كطرف مدني عند استئناف‬
‫الحكم من المتهم قضى المجلس القضائي بقسنطينة ببراءة المتهم استنادا إلى تطبيق مبدأ العدل‬
‫الذي كان القاضي األول قد أهمله‪ ،‬ألن هذا المبدأ كان يقضي متابعة الشركة (م) المستفيدة من‬
‫الشيك كذلك‪ ،‬ألنها قبلت الشيك مع علمها أنه بدون رصيد‪ ،‬بدليل احتفاظها به لمدة طويلة‪ ،‬طبقا‬
‫ألحكام الفقرة ‪ 374‬من قانون العقوبات وفي آخر المطاف تدخلت المحكمة العليا بنقض القرار‬
‫‪1‬‬
‫المذكور بحجة أن قضاة االستئناف قد أخطئوا في تطبيقهم مبدأ العدل‪.‬‬

‫ب‪ -‬مرحلة اإلقرار الجزئي بالمسؤولية للشخص المعنوي‪.‬‬

‫على الرغم من عدم إقرار المشرع الجزائري صراحة بالمسؤولية الجزائية لألشخاص‬
‫المعنوية في القانون العقوبات‪ ،‬نجد أن هذه المسؤولية مكرسة في بعض القوانين الخاصة‪ ،‬في‬
‫حين لم تستبعدها قوانين أخرى‪.‬‬

‫إن المطلع على بعض القوانين االقتصادية الخاصة‪ ،‬يعتقد للوهلة األولى أن المشرع قد‬
‫عوض النقص الذي اختل قانون العقوبات‪ ،‬وأخذ بمبدأ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‬
‫عن الجرائم االقتصادية كاألمر ‪ 22/96‬المتعلق بقمع مخالفات التشريع والتنظيم الخاص‬
‫بالصرف وحركة رؤوس األموال الذي اعتبره غالبية الشرح أنه القانون األكثر فصاحة‬
‫وشمولية فيما يتعلق بمسؤولية األشخاص المعنوية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 05‬منه على أنه تطبق‬
‫على الشخص المعنوي الذي ارتكب المخالفات المنصوص عليها في المادتين ‪ 01‬و‪ 02‬من هذا‬
‫‪2‬‬
‫األمر العقوبات اآلتية دون المساس بالمسؤولية الجزائية لممثليه الشرعيين‪:‬‬
‫‪ -‬غرامة مالية تساوي على األكثر خمس مرات قيمة المخالفة‪.‬‬
‫‪ -‬مصادرة محل الجنحة‪.‬‬
‫‪ -‬مصادرة وسائل النقل المستعملة في الغش‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك يمكن للجهة القضائية أن تصدر ولمدة ال تتجاوز ‪ 05‬سنوات إحدى‬
‫‪3‬‬
‫العقوبات اآلتية أو جمعها‪:‬‬
‫‪ -‬المنع من مزاولة عمليات التجارة الخارجية‪.‬‬

‫‪ - 1‬صمودي سليم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 05‬ف‪ 01‬من األمر ‪ 22-96‬المؤرخ في ‪ 09/07/1996‬المتعلق بقمع مخالفات التشريع والتنظيم الخاصين‬
‫بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإلى الخارج الجريدة الرسمية عدد ‪ 43‬لسنة ‪ 1996‬المعدل والمتمم باألمر ‪01-03‬‬
‫المؤرخ في ‪ 19/02/2003‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 12‬لسنة ‪ ،2003‬واألمر ‪ 10/03‬المؤرخ في ‪ 26/08/2010‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 50‬لسنة ‪.2010‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 05‬ف‪ 02‬من نفس األمر‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬المنع من عقد صفقات عمومية‪.‬‬

‫‪ -‬المنع من الدعوة العلنية إلى االدخار‪.‬‬

‫ال تطبق على الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام‪ ،‬العقوبات المنصوص عليها في‬
‫النقطة الثالثة من الفقرة األولى والفقرة الثانية من هذه المادة‪.‬‬

‫على الرغم من اعتراف المشرع بمسؤولية األشخاص المعنوية عن جرائم الصرف قبل‬
‫تعديل قانون العقوبات‪ ،‬وتحديد الشروط الواجبة إلقامة مسؤوليتها فضال عن العقوبات التي‬
‫تتالءم وطبيعتها إال أن المادة ‪ 05‬المشار إليها أعاله أثارت إشكاال كبيرا عندما اعتبر المشرع‬
‫األشخاص المعنوية العامة محورا للمسؤولية الجنائية‪ ،‬فقد ساد الغموض إلى غاية تعديل القانون‬
‫المتعلق بقمع مخالفات التشريع والتنظيم الخاص بالصرف وحركة رؤوس األموال سنة ‪2003‬‬
‫‪1‬‬
‫واستبدلت بعبارة يعتبر الشخص المعنوي الخاضع للقطاع الخاص‪.‬‬

‫ج‪ -‬مرحلة اإلقرار الفعلي المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‬


‫بعد تعديل قانون العقوبات سنة ‪ ،2004‬واستحداث المادة ‪ 51‬مكرر من اعتراف‬
‫المشرع الجزائري صراحة بمسؤولية الشخص المعنوي كأصل عام‪ ،‬ولعل من بين األسباب‬
‫التي دفعت المشرع إلى التنصيص على هذا المبدأ هو ارتفاع عدد األشخاص وسيطرتهم على‬
‫جميع المجاالت االقتصادية‪ ،‬حيث أصبحت تشكل خطراً على البنية االقتصادية واالجتماعية لما‬
‫باتت تحوزه من إمكانيات ووسائل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ولعل أهم ما يميز المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في التشريع الجزائري ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي محصورة في الشخص المعنوي الخاضع للقانون‬
‫الخاص فقط أيا كان هدفه سواء كان يهدف إلى كسب الربح كالشركات التجارية أو كان‬
‫يهدف إلى تحقيق عمل خيري كالجمعيات‪...‬إلخ‪ ،‬فقد استثنى المشرع صراحة مسؤولية‬
‫الدولة والجماعات المحلية وجميع األشخاص المعنوية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬أن المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي هي محصورة في الحاالت التي ينص القانون على‬
‫ذلك خالفا للشخص الطبيعي المخاطب بجميع القوانين العقابية وبالتالي‪ ،‬ال يمكن إقامة‬
‫مسؤولية الشخص المعنوي إال بالبحث عن النص المجرم له‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد المجيد زعاللي‪ ،‬االتجاهات الجديدة تشريع جرائم الصرف‪ ،‬محاضرة ألقيت في المحكمة العليا يوم ‪،1997/05/12‬‬
‫بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬المحلية القضائية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬لسنة ‪ 1996‬ص‪.59‬‬
‫‪ - 2‬قرفي إدريس‪ ،‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي "دراسة مقارنة"‪ ( ،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة‪ ،)2010 ،‬ص‪154‬‬

‫‪204‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬حدد المشرع جملة من الشروط إذا تحققت أمكن تطبيق العقاب على الشخص المعنوي وهي‬
‫ارتكاب الجريمة من طرف أحد أجهزته أو ممثليه الشرعيين وأن يتصرفوا باسمه ولحسابه‬
‫الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬أن المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ال تعفي األشخاص الطبيعيين القائمين عليه‪.‬‬

‫لقد أقر المشرع الجزائري مبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كمبدأ في قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬ولكن سرعان ما قيد هذا المبدأ باشتراط أن يكون القانون قد نص على مساءلة‬
‫الشخص المعنوي في نص التجريم وهذا الشرط من شأنه أن يضيق نطاق تطبيق المبدأ ويجعله‬
‫فقط صالح للجرائم التي نص المشرع فيها على جواز مساءلة الشخص المعنوي جزائيا على‬
‫غرار الجرائم ضد أمن الدولة في المادة ‪ 96‬مكرر‪ ،‬والجرائم ضد النظام العمومي في‬
‫المادة‪ 175‬مكرر والجرائم ضد األشخاص ‪ 303‬مكرر‪ ،03‬إلى غير ذلك من النماذج التي‬
‫‪1‬‬
‫أشار إليها المشرع في قانون العقوبات‪.‬‬

‫وهذا التقييد يجعل العديد من الجرائم في عالم األعمال والمؤسسة خارج نطاق التجريم‬
‫على الرغم من أهميتها‪ ،‬وبالفعل فإنه بالرجوع إلى المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق‬
‫ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم نجده ال يتضمن النص على المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي إذا ارتكب الجرائم المنصوص عليها من طرفه‪ ،‬إال إذا عمدنا إلى تفسير كلمة (كل‬
‫شخص) المنصوص عليها في المادة ‪ 60‬تفسيرا قانونيا باعتبار أن كلمة شخص تنصرف إلى‬
‫كل شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬إال أن هذا التفسير ال يستقيم مع مقصد المشرع الجزائري من‬
‫تقرير مبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات والتي‬
‫‪2‬‬
‫قرنت قيام هذه المسؤولية بالنص عليها في القانون‪.‬‬

‫وعليه فإن عمليات التداول داخل سوق البورصة ال تتم إال بواسطة وسطاء ماليين في‬
‫شكل شركات تجارية أو بنوك أو مؤسسات مالية معدة لهذا الغرض‪ ،‬ومن ثم فإن الوسيط في‬
‫بورصة األوراق المالية لن يكون إال شخص معنوي‪.‬‬

‫وبالتالي كيف يمكن مساءلة هذا الوسيط جزائيا عن األعمال التي يرتكبها؟‬

‫ستتم اإلجابة على هذا اإلشكال في المبحث الثاني من هذا الفصل والذي يتحدث على أثار‬
‫المسؤولية الجزائية (الجزاء)‬

‫‪ - 1‬صمودي سليم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات الجزائري‪ « :‬باستثناء الدولة والجماعات المحلية واألشخاص المعنوية الخاضعة‬
‫للقانون العام يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين‪،‬‬
‫عندما ينص القانون على ذلك»‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ :2‬موقف التشريع الفرنسي‬


‫اعترف القانون الفرنسي القديم بمسؤولية الشخص المعنوي جزائيا بموجب المرسوم‬
‫الصادر عام ‪ 1670‬والذي نصت فيه المادة األولى على أنه ترفع الدعوى الجزائية على مجالس‬
‫أحياء المدن والمراكز والقرى التي ترتكب عصيانا أو تقوم بأعمال العنف أو بارتكاب أي‬
‫جريمة أخرى‪ ،‬كما جاءت المادة الرابعة منه ببيان العقوبات التي يمكن إيقاعها على األشخاص‬
‫المعنوية المخالفة كالغرامة والحرمان من بعض الحقوق واالمتيازات وإزالة المباني واألسوار‬
‫ولكن عندما صدر قانون العقوبات عام ‪ 1810‬جاء خاليا من أي نص يقرر هذه المسؤولية‪ ،‬مما‬
‫دفع الفقه إلى القول بعدم مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا‪ ،‬إال أنه كانت هناك بعض‬
‫النصوص االستثنائية التي قررت هذه المسؤولية ولم يكن من بينها ما يقرر مسؤولية الشخص‬
‫‪1‬‬
‫المعنوي جزائيا عن جرائم تداول األوراق المالية‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1990‬أصدرت لجنة عمليات البورصة(‪ )COB‬الئحتها رقم‪ 08‬لسنة ‪1990‬‬
‫بشأن استغالل المعلومات الداخلية أو السرية المميزة‪ ،‬والتي بموجبها أقرت مسؤولية‬
‫األشخاص المعنوية جزائيا عن مخالفة أحكام هذه الالئحة وكان معاقبا على تلك المخالفة بجزاء‬
‫مالي توقعه لجنة عمليات البورصة‪ ،‬وبهذا فإن قيام المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‬
‫‪2‬‬
‫يقتصر على مخالفات الالئحة دون أن يمتد ليشمل الجرائم المنصوص عليها في القانون‪.‬‬

‫وبصدور قانون العقوبات الجديد بتاريخ ‪ 22‬يوليو ‪ 1992‬أقر المشرع المسؤولية‬


‫الجزائية لألشخاص المعنوية صراحة‪ ،‬حيث تضمنت المادة ‪ 121‬في فقرتها الثانية أنه بعد‬
‫استبعاد الدولة تسأل األشخاص المعنوية جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابها بواسطة‬
‫أعضائها وممثليها وفقا للتقسيم الوارد بالمواد(‪ 121-04‬إلى ‪ ) 07-121‬وفي الحاالت‬
‫‪3‬‬
‫المنصوص عليها في التشريع أو الالئحة‪.‬‬

‫إذن فمسؤولية الشخص المعنوي جزائيا لم تقرر في جميع الجرائم‪ ،‬وإنما في جرائم‬
‫محددة ليس من ضمنهم جرائم البورصة وهو نفس المنحنى الذي ذهب إليه المشرع الجزائري‬
‫لكن التشريع الفرنسي سرعان ما تدارك ذلك وأصدر القانون رقم ‪ 597‬لسنة ‪ 1996‬المتعلق‬
‫باألنشطة المالية‪ ،‬حيث تم اإلقرار فيه بالمسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية في جرائم‬
‫البورصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسين عبد السميع إبراهيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.339‬‬


‫‪ - 2‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.293‬‬

‫‪206‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬موقف التشريع المصري‬


‫لم يتضمن قانون العقوبات المصري رقم(‪ )58‬لسنة ‪ 1937‬وتعديالته نصا عاما يقرر‬
‫المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬فالمشرع ال يعترف بهذه المسؤولية إال في حاالت‬
‫‪1‬‬
‫استثنائية قليلة وتتعلق هذه الحاالت بالتشريعات االقتصادية‪.‬‬

‫وباستقراء بعض الحاالت التي قرر فيها المشرع استثناء مسؤولية األشخاص المعنوية‬
‫جزائيا يتبين بأن هذه المسؤولية قد تكون مسؤولية مباشرة‪ ،‬أي ال يسأل عنها إال الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬وقد تكون مسؤولية غير مباشرة‪ ،‬فيسأل عنها الشخص الطبيعي الذي ارتكبها‬
‫‪2‬‬
‫والشخص المعنوي بالتضامن‪.‬‬

‫ومن أمثلة المسؤولية المباشرة ما ورد في المادة ‪ 06‬رقم ‪ 281‬لسنة ‪ 1994‬بشأن قمع‬
‫ا لغش والتدليس حيث جاء فيها اإلقرار بمسؤولية الشخص المعنوي إذا وقعت الجريمة باسمه‬
‫ولحسابه أو بواسطة أجهزته أو أحد العاملين لديه ويتم الحكم عليه بغرامة تعادل الغرامة‬
‫المعاقب بها عن الجريمة التي وقعت‪ ،‬كما يجوز للمحكمة أن توقف نشاطه المتعلق بالجريمة‬
‫لمدة ال تزيد على سنة وفي حالة العود يجوز الحكم بوقف النشاط لمدة ال تزيد عن ‪ 05‬سنوات‬
‫‪3‬‬
‫أو بإلغاء الترخيص في مزاولة النشاط نهائيا‪.‬‬

‫أما المسؤولية غير المباشرة فمثالها ما ورد في المادة ‪ 58‬ف‪ 02‬من القانون رقم ‪95‬‬
‫لسنة ‪ 1945‬الخاص بشؤون التموين والتي تنص على أن الشركات والجمعيات والهيئات‬
‫‪4‬‬
‫مسؤولة بالتضامن مع المحكوم عليه بقيمة الغرامة والمصاريف‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بجرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 68‬من قانون سوق رأس‬
‫المال رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬على أن تكون أموال الشركة ضامنة في جميع األحوال للوفاء بما‬
‫‪5‬‬
‫يحكم به غرامات مالية‪.‬‬

‫ويرى البعض أن النصوص التي تقرر مسؤولية الشخص المعنوي بالتضامن مع‬
‫الشخص الطبيعي عند تنفيذ الجزاءات التي يحكم بها من غرامة ومصاريف هي نوع من‬
‫المسؤولية الجنائية غير المباشرة للشخص المعنوي كما يذهب هذا الرأي إلى أن تلك المسؤولية‬
‫هي أقرب إلى األحكام العامة في قانون العقوبات كما أنها تحقق األغراض التي تحققها‬
‫‪6‬‬
‫المسؤولية المباشرة‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فاروق عبد الرسول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.225‬‬


‫‪ - 2‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى العوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.535‬‬
‫‪ - 4‬محمود داود يعقوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.310‬‬
‫‪ - 5‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ - 6‬رنا إبراهيم سليمان العطور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.349‬‬

‫‪207‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫إن المسؤولية غير المباشرة للشخص المعنوي بشأن جرائم تداول األوراق المالية غير‬
‫كافية لمواجهة خطورة الشركات العاملة في مجال تداول األوراق المالية إذ غالبا ما تكون‬
‫التعامالت التي تتم في بورصة األوراق المالية لصالح شركات المساهمة أو التوصية باألسهم‬
‫أو بواسطة هذه الشركات‪ ،‬وبالتالي إمكان ظهور أنماط جديدة من الجرائم التي ترتكبها‬
‫الشركات أو المؤسسات والتي من شأنها اإلضرار بالمتعاملين والمستثمرين في األوراق المالية‬
‫‪1‬‬
‫ومن ثم التأثير سلبا على اقتصاد الدولة ككل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬شروط قيام المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية في جرائم البورصة‪.‬‬

‫تختلف شروط قيام المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية من تشريع آلخر ولكن يمكن‬
‫القول بأنه يشترط لقيام هذا المسؤولية توافر شروط في الشخص الطبيعي المنفذ للجرائم التي‬
‫يسأل عنها الشخص المعنوي‪ ،‬وكذلك شروط في النشاط الذي ينفذه أحد أعضاء الشخص‬
‫المعنوي أو ممثليه‪.‬‬

‫‪ :1‬الشروط الواجب توافرها في شركة الشخص الطبيعي المنفذ للجرائم‪.‬‬


‫تختلف التشريعات التي تقرر مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا في تحديد األشخاص‬
‫الطبيعية الذين يسأل الشخص المعنوي عن سلوكهم اإلجرامي فمنها ما يقصر مسؤولية‬
‫الشخص المعنوي على تصرفات أعضائه أو ممثليه فقط‪ ،‬بينما توسع تشريعات أخرى مساءلته‬
‫لتشمل صغار موظفيه وعماله وتابعيه أيضا‪.‬‬

‫ومن أمثلة التشريعات التي تقتصر نطاق المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية على‬
‫الجرائم المرتكبة من أحد أجهزته أو ممثليه‪ ،‬التشريع الجزائري والتشريع الفرنسي‪ ،‬فوفقا‬
‫للتشريع الجزائري فإن األشخاص الطبيعيين الذين يسأل الشخص المعنوي عن جرائمهم‬
‫ويجسدون إرادته هم األعضاء المنوط بهم اتخاذ القرارات باسمه‪ ،‬ويدخل في هذا المفهوم كل‬
‫من مجلس اإلدارة المسير الرئيس‪ ،‬المدير العام‪ ،‬مجلس المديرين‪ ،‬مجلس المراقبة‪ ،‬الجمعية‬
‫العامة للشركاء أو األعضاء بالنسبة للشركات ونجد كل من الرئيس أعضاء المكتب‪ ،‬الجمعية‬
‫‪2‬‬
‫العامة‪ ،‬عندما يتعلق األمر بالجمعيات والنقابات‪.‬‬

‫أما الممثلون فيقصد بهم األشخاص الطبيعيين الذين يتمتعون بسلطة التصرف باسمه‬
‫سواء كانت هذه السلطة قانونية أو بحكم قانون المؤسسة كالرئيس‪ ،‬المدير العام‪ ،‬إضافة إلى‬
‫الممثلين القضائيين الذين يوكل إليهم القضاء مهمة مباشرة إجراءات التصفية عند حل‬
‫‪3‬‬
‫األشخاص المعنوية‪.‬‬

‫‪ - 1‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬


‫‪ - 2‬صمودي سليم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪46‬‬
‫‪ - 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.47،‬‬

‫‪208‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫وفي التشريع الفرنسي فإن المادة ‪ 121‬من قانون العقوبات تتطلب لمساءلة الشخص‬
‫المعنوي ج زائيا أن تكون الجريمة قد ارتكبت بواسطة أحد أعضاء الشخص المعنوي أو ممثليه‬
‫ويقصد بأعضاء الشخص المعنوي الممثلون القانونيون أو الشرعيون له‪ ،‬فتعبير األعضاء‬
‫‪1‬‬
‫يشمل الرئيس و المدير ومجلس اإلدارة والجمعية العمومية للمساهمين أو األعضاء‪.‬‬

‫أما الممثلون فيقصد بهم األشخاص الطبيعيون الذين لهم السلطة القانونية أو االتفاقية في‬
‫التصرف باسم الشخص المعنوي وعليه ال يسأل الشخص المعنوي جزائيا عن الجريمة التي‬
‫يرتكبها الموظف البسيط(العادي)الذي يعمل لديه إال إذا كان مفوضا من قبل الشخص المعنوي‬
‫للتصرف باسمه هذا وتستثني جرائم االمتناع من تطلب شرط ارتكاب الجريمة من أحد أعضاء‬
‫الشخص المعنوي أو ممثليه‪ ،‬إذ أن مجرد االمتناع عن إتيان ما أوجبه القانون يترتب عليه‬
‫‪2‬‬
‫وقوع الجريمة وإسنادها إلى الشخص المعنوي‪.‬‬

‫أما التشريعات التي توسع نطاق األشخاص‪ ،‬الذين يسأل الشخص المعنوي جزائيا عن‬
‫أنشطتهم فال تحصرهم في أعضاء الشخص المعنوي أو ممثليه‪ ،‬بل تمتد إلى موظفين أقل مكانة‬
‫في روابطهم معه كالموظفين والعمال والتابعين له‪ ،‬فمن هذه التشريعات التشريع المصري‬
‫بشأن قمع التدليس والغش رقم (‪ )48‬لسنة ‪ 1941‬المعدل بالقانون رقم ‪ 281‬لسنة ‪ ،1994‬حيث‬
‫تقوم مسؤولية الشخص المعنوي جزائيا عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إذا ما‬
‫‪3‬‬
‫وقعت لحسابه أو باسمه بواسطة أحد أجهزته أو ممثليه أو أحد العاملين لديه‪.‬‬

‫‪ :2‬الشروط الواجب توافرها في النشاط المجرم‬


‫ب اإلضافة إلى الشروط المتعلقة بالشخص المنفذ للجريمة فإنه يشترط لقيام المسؤولية‬
‫الجزائية لألشخاص المعنوية شروطا في النشاط الذي ينفذه أحد أعضاء الشخص المعنوي‪ ،‬أو‬
‫ممثله فتشترط أغلب التشريعات التي تقرر المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية ارتكاب‬
‫النشاط لحساب الشخص المعنوي‪.‬‬

‫أغلب التشريعات تنص صراحة على اشتراط ارتكاب الجريمة لحساب الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬ومن ضمنهم المشرع الجزائري‪ ،‬حيث أقر على هذا الشرط في المادة ‪ 51‬مكرر‬
‫ف‪ 01‬من قانون العقوبات‪ ,... «:‬يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي‬
‫‪4‬‬
‫ترتكب لحسابه»‪.‬‬

‫فالشخص المعنوي ال يسأل عن الجريمة التي تقع من ممثله إذا ارتكبها لحسابه أو‬
‫لحساب شخص آخر‪ ،‬لذا لكي تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‪ ،‬البد من ارتكاب‬

‫‪ - 1‬قرفي إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.169‬‬


‫‪ - 2‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ - 3‬رنا إبراهيم سليمان العطور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.350‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 51‬مكرر ف‪ 01‬من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫جريمة بجميع أركانها المادية والمعنوية سواء في مواجهة الشخص المعنوي أو الطبيعي من‬
‫طرف جهاز أو ممثل الشخص المعنوي‪ ،‬إما بهدف تحقيق ربح مالي كتقديم رشوة لحصول‬
‫مؤسسة اقتصادية على صفقة أو الحصول على فائدة أو تفادي خسارة طالما قام بها‪ ،‬وهو بصدد‬
‫‪1‬‬
‫ممارسة صالحيته في اإلدارة والتسيير‪ ،‬حتى وإن لم يحقق من ورائها ربح مالي‪.‬‬

‫فالشخص المعنوي ال يسأل إال عن األفعال التي يتم تحقيقها لمصلحته أو لفائدته‪ ،‬حتى‬
‫وإن تجاوز العضو أو الممثل حدود اختصاصه وتصرف خارج غرض الشخص المعنوي‬
‫ويعتبر الشخص المعنوي شريكا من خالل اشتراك أجهزته أو ممثليه في جريمة معينة باسمه‬
‫ولحسابه وفق شكل من أشكال المساهمة الجزائية‪ 2،‬المحددة في المساعدة أو المعاونة على‬
‫ارتكاب األفعال التحضيرية أو المسهلة من طرف ممثليه أو أحد أجهزته حتى ولو تم توقيفه عن‬
‫‪3‬‬
‫إتمامها في مرحلة التنفيذ‪.‬‬

‫وهناك من يشترط المساءلة الشخص المعنوي يجب أن يتم ارتكاب الجريمة باسمه‬
‫‪4‬‬
‫وبإحدى وسائله كالتشريع المصري‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى ضرورة توافر الركن المعنوي المتطلب لقيام الجريمة لدى‬
‫األشخاص الطبيعيين أعضاء أو ممثلي الشخص المعنوي‪ ،‬فالشخص المعنوي به إرادة شرعية‬
‫وهي إرادة األشخاص الطبيعيين الذين يعدون بمثابة األعضاء بالنسبة له‪ ،‬فهذه اإلرادة يمكن أن‬
‫تتجه الرتكاب فعل مخالف ألحكام القانون‪ ،‬وكما قد تتحقق هذه اإلرادة في صورة القصد‬
‫‪5‬‬
‫الجنائي الرتكاب جريمة مقصودة فإنها أيضا قد تكون في صورة الخطأ غير العمدي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في جرائم البورصة‬


‫من المستقر عليه في التشريعات الجنائية أن المسؤولية الجزائية تعتمد في األساس على‬
‫مبدأ الشخصية‪ ،‬فال يسأل عن الجريمة إال من اقترفها وحده دون غيره ممن لم يساهموا فيها‪.‬‬

‫إال أنه يالحظ أن المشرع في التشريعات االقتصادية يوسع من نطاق المسؤولية‬


‫الجنائية‪ ،‬لدواعي تتعلق بفاعلية الردع في بعض هذه الجرائم‪.‬‬

‫فالمقصود بالمسؤولية الجزائية عن فعل الغير؟‬

‫‪ - 1‬فريد روابح‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام‪ ،‬مطبوعة الدروس لطلبة السنة الثانية ليسانس‪ ،‬جامعة محمد لمين دباغين‬
‫سطيف‪ ،2019-2018 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 42‬من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬
‫‪ - 3‬أحمد محجود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.575‬‬
‫‪ - 4‬أنظر المادة ‪ 06‬مكرر‪ 01‬من القانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1941‬المعدل بالقانون رقم ‪ 281‬لسنة ‪ ،1994‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ 5‬محمد أحمد المحاسنة‪ « ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في حالة انتفاء الصفة التمثيلية للعضو مرتكب‬
‫الجريمة"دراسة مقارنة"»‪ ،‬دراسات علوم التشريعية والقانون‪ ،‬المجلد ‪ 42‬العدد ‪ ،01‬األردن‪ ،2004 ،‬ص‪.139‬‬

‫‪210‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫يقصد بالمسؤولية الجزائية عن فعل الغير بأنها المسائلة الجنائية لشخص ما عن فعل قام‬
‫به شخص آخر‪ ،‬وذلك لوجود عالقة معنية بينهما تفترض أن يكون الشخص األول مسؤوال عن‬
‫الشخص الثاني من أفعال‪ ،‬ويرجح الفقه بتبرير ذلك إلى اقتضاء مصلحة المجتمع ألن العقاب ال‬
‫فائدة ترجى منه‪ ،‬إن هو اقتصر على من ارتكب الجريمة كفاعل أو شريك بل يتعدى األمر ذلك‬
‫لينال من له حق اإلشراف والمتابعة والرقابة والعقوبة المقررة للجريمة المرتكبة فافتراض‬
‫المسؤولية الجزائية في حقه من شأنها أن تحمله على أحكام الرقابة‪ ،‬وبذل العناية الالزمة‬
‫‪1‬‬
‫والكافية للحيلولة دون وقوع الجريمة‪.‬‬

‫إن تناول فكرة المسؤولية الجزائية عن فعل الغير تقتضي منا البحث في أساسها القانوني‬
‫ومعرفة أهم تطبيقاتها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األساس القانوني للمسؤولية الجزائية عن فعل الغير‬


‫تجاذبت فكرة المسؤولية الجزائية عن فعل الغير مجموعة من النظريات الفقهية‪ ،‬تبرير‬
‫هذا النوع من المسؤولية والتي يمكن أن تصنف مجموعتين رئيسيتين األولى‪ ،‬وتضم أنصار‬
‫المذهب الموضوعي‪ ،‬والذي يقوم على طبيعة النشاط المؤسسي‪ ،‬أما المجموعة الثانية‪ ،‬فتمثل‬
‫أنصار المذهب الشخصي‪ ،‬وقوامه الخطأ المفترض من طرف رب العمل أو المسؤول عن‬
‫المنشأة‪.‬‬

‫‪ :1‬المذهب الموضوعي‬
‫يقوم هذا المذهب على أساس طبيعة نشاط المؤسسة‪ ،‬وهذا بغض النظر على ارتكاب‬
‫الخطأ من قبل مدير المنشأة أو تابعيه‪ ،‬ولذلك فإنه ووفقا لهذه النظريات فإن الخطأ مفترض‬
‫افتراضا ال يقبل إثبات العكس‪ ،‬حيث يرجع أنصار هذا المذهب األساس القانوني للمسؤولية‬
‫الجزائية عن فعل الغير إلى الفعل المرتكب واعتبار توافر الخطأ في حق المتبوع بمجرد‬
‫ارتكاب المخالفة من طرف التابع استنادا لرابطة التبعية‪ 2،‬وتتقاسم هذا المذهب نظريتي‬
‫المخاطر والتمتع بالسلطة‪.‬‬

‫أ‪ -‬نظرية المخاطر‬


‫تقوم هذه النظرية على أساس أن الحماية التي يكفلها القانون الجنائي للمجتمع غير كافية‬
‫خاصة في الجانب االقتصادي‪ ،‬فقد نظر الفقهاء الذين أخذوا بهذه النظرية إلى العامل في‬
‫المؤسسة أو المنشأة االقتصادية على أساس أنه ممثل لرئيسه في مكان العمل‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫صاحب العمل يعتبر مرتكبا للجريمة‪ 3،‬وأن رب العمل قد التزم شخصيا بقبول المسؤولية على‬

‫‪ - 1‬عيسى علي‪ «،‬المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في الجرائم البيئة»‪ ،‬مجلة العلوم السياسية والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،13‬المجلد‬
‫‪ ، 03‬كانون الثاني‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬برلين‪( ،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫‪ - 2‬أنور محسن صدقي المساعدة المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.345‬‬
‫‪ - 3‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.150‬‬

‫‪211‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫اختالف أنواعها تبعا لقبوله بوظيفته المليئة بالمخاطر‪ 1،‬وكذلك األمر فيما يرتكبه هؤالء العمال‬
‫من مخالفات اقتصادية في سبيل تحقيقهم ألرباح يستفيد منها رب العمل فعملهم يعود عليه‬
‫بالنفع‪ ،‬وعليه أن يتحمل عبئ مسؤولية ما ينتج عن مخالفتهم لألحكام االقتصادية‪ ،‬وهذا كله يلقي‬
‫عليه واجب حسن اختيار العمال ومتابعتهم ورقابتهم الدائمة لضمان عدم ارتكابهم أي مخالفة‬
‫‪2‬‬
‫ألحكام هذه القوانين‪.‬‬

‫ب‪ -‬نظرية السلطة‬


‫إن فكرة المسؤولية الجزائية عن المنفعة وعن الملكية‪ ،‬لكي تلحق بالسلطة يبدو وكأنه‬
‫الطريق األكثر شيوعا في الوقت الحالي‪ ،‬ويكون مدير المشروع مسؤوال‪ ،‬ال بسبب قبوله لتحمل‬
‫المسؤولية أو ألنه يجني منفعة من المشروع ولكن ألنه يحتفظ بالسلطة‪ ،‬وهذه األخيرة تتيح له‬
‫منع ارتكاب الجرائم‪ ،‬وهكذا تبدو المسؤولية الجزائية لمدير المشروع كمسؤولية وظيفية أي‬
‫‪3‬‬
‫أنها مقابل حتمي للسلطة والوظائف المحتفظ بها‪.‬‬

‫فمن المبادئ البديهية في علم اإلدارة وفي مجال القانون اإلداري‪ ،‬أن فرض الواجبات‬
‫الثقيلة أو المتسعة على مدير أو مسؤول معين‪ ،‬يقتضي أن يمنح من الصالحيات الكافية ما‬
‫يمكنه من القيام بهذه الواجبات على الوجه المقبول‪ ،‬ولذلك فإن هذه الصالحيات أو السلطة هي‬
‫‪4‬‬
‫التي تمكن المتبوع من تحقيق فرض السلطة والتوجيه من ناحية أخرى‪.‬‬

‫‪ : 2‬المذهب الشخصي‬
‫ركز أنصار المذهب الشخصي على رب العمل وليس نشاط رب العمل‪ ،‬فهناك من يرى‬
‫أنه شريك بالمخالفة المرتكبة‪ ،‬وهناك من ينظر إليه على أساس أنه فاعل معنوي‪ ،‬وثالث ينظر‬
‫إليه على أساس الخطأ المفترض‪.‬‬

‫أ‪ -‬نظرية االشتراك اإلجرامي‬


‫تقوم هذه النظرية على أساس االشتراك اإلجرامي‪ ،‬وهي حالة تعاون عدد من المجرمين‬
‫‪5‬‬
‫على ارتكاب جريمة واحدة‪ ،‬وهذا بأدوار مختلفة‪.‬‬

‫وتأخذ هذه النظرية صورة االشتراك اإلجرامي التبعي‪ ،‬حيث يقوم الفاعل األصلي‬
‫بالركن المادي للجريمة وهو في هذه الحالة التابع‪ ،‬بينما يساعده المتبوع في تنفيذ جريمته ويقوم‬
‫‪6‬‬
‫بدور ثانوي مما يجعله شريكا‪ ،‬تبعيا له‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمود داود يعقوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.362‬‬


‫‪ - 2‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪ - 3‬محمود داود يعقوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.372‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.367‬‬
‫‪ - 5‬محمد أحمد المحاسنة‪ ،‬المرجع السابق‪.142 ،‬‬
‫‪ - 6‬عيسى علي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬

‫‪212‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫وتتمثل ص ورة اشتراك المتبوع أو رب العمل في الجريمة‪ ،‬وذلك باالمتناع ألنه لم يقم‬
‫بااللتزامات الملقاة على عاتقه لمنع وقوع الجريمة‪ ،‬وهذا رغبة منه في تحقيق الجريمة وإرادة‬
‫‪1‬‬
‫النتيجة‪.‬‬

‫ب‪ -‬نظرية الفاعل المعنوي‬


‫نادى بهذه النظرية الفقيه الفرنسي (‪ )roux‬وقامت هذه النظرية على أنقاض نظرية‬
‫االشتراك في الجريمة‪ ،‬وهذه هي فكرة الفاعل المعنوي‪ ،‬حيث ال يقوم بتنفيذ العمل المادي‬
‫المكون للجريمة بنفسه ولكنه يدفع شخصا آخر حسن النية للقيام بذلك ‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يقوم‬
‫صاحب العمل أو المنشأة بتنفيذ الجريمة‪ ،‬وإنما ترتكب ماديات الجريمة بواسطة تابعيه أو‬
‫مستخدميه‪ 2،‬ويبرر أنصار هذه النظرية موقفهم بالنظر إلى التطور الكبير الذي عرفته المنشآت‬
‫االقتصادية والن شاطات المنوطة بها‪ ،‬وبالتالي كثرة احتمال ورود الخطأ وارتكاب المخالفات‬
‫القانونية‪ ،‬بهدف توفير الحماية للمصالح والمحافظة على المنشآت وحماية االقتصاد والمحيط‬
‫من ارتكاب الجرائم أقام المشرع قرينة إرادة الجريمة على عاتق المدير أو المسير بافتراض أنه‬
‫‪3‬‬
‫أراد إحداث ما أدى إهماله إلى ارتكابه من طرف عماله أو تابعيه‪.‬‬

‫ج‪ -‬نظرية الخطأ الشخصي‬


‫تقوم هذه النظرية على أساس افتراض الخطأ الشخصي المنسوب إلى المدير أو المسير‬
‫وهذا الخطأ هو األساس في قيام المسؤولية الجزائية عن فعل الغير فالقانون يفرض مباشرة‬
‫وبصفة شخصية على رب العمل تنفيذ االلتزامات التي ينص عليها وفي حالة اإلخالل بذلك فإنه‬
‫يجعل نفسه مسؤوال مسؤولية جزائية عن مخالفة هذه النصوص سواء وقعت منه أو من طرف‬
‫عماله أو مستخدميه‪ ،‬وقد استقر القضاء على هذه النظرية‪ ،‬والتي ترتكز على سلطة النصوص‬
‫‪4‬‬
‫القانونية وهي بذلك تفسر فكرة المسؤولية الجزائية عن فعل الغير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تطبيقات المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في جرائم البورصة‬


‫في الوقت الذي تقل فيه تطبيقات المسؤولية الجزائية‪ ،‬عن فعل الغير‪ ،‬وذلك ضمن قواعد‬
‫قانون العقوبات‪ ،‬فإنها تكثر في نطاق التشريعات االقتصادية فالمسؤولية الجزائية عن فعل‬
‫الغير تجد ميدانها في المجال االقتصادي‪.‬‬
‫فما موقف التشريع الجزائري والتشريعات المقارنة من ذلك؟‬

‫‪ - 1‬محمود داوود يعقوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.377‬‬


‫‪ - 2‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪369‬‬
‫‪- 3‬عيسى علي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.204‬‬
‫‪ - 4‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.167‬‬

‫‪213‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ :1‬موقف المشرع الجزائري‬


‫بالرغم من أن المشرع الجزائري نص على المسؤولية الجزائية‪ ،‬عن فعل الغير في‬
‫القواعد العامة‪ ،‬إال أنه ومن خالل االطالع على بعض النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة‬
‫بسوق األوراق المالية‪ ،‬لم يتم العثور على أي نص يشير إلى المسؤولية الجزائية عن فعل الغير‬
‫سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وهذا راجع إلى أن أغلب المؤسسات االقتصادية كانت‬
‫تابعة للدولة واألشخاص الذين كانوا يقومون بتسييرها‪ ،‬هم في نظر القانون موظفون فقط‪ ،‬وال‬
‫تقوم المسؤولية الجزائية في حقهم إال في حدود الخطأ المرتكب من طرفهم‪.‬‬

‫‪ :2‬موقف المشرع المصري‬


‫أقر المشرع المصري المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في جرائم بورصة األوراق‬
‫المالية في نص المادة ‪ 68‬من قانون سوق رأس المال رقم ‪ 95‬لسنة ‪ ،1992‬حيث أن المسؤول‬
‫عن اإلدارة الفعلية بالشركة يتحمل المسؤولية الجزائية عن األفعال التي يرتكبها غيره وتكون‬
‫مخالفة ألحكام قانون رأس المال‪ 1،‬وهذه المسؤولية هي مسؤولية مفترضة ال سبيل لدفعها إال‬
‫بنفي الجريمة ذاتها‪ ،‬إذ ال يقبل من المسؤول عن اإلدارة الفعلية في الشركة الدفع بعدم مساهمته‬
‫في ارتكاب الجريمة أو عدم علمه بها‪ ،‬أو عدم تمكنه من مراقبة تابعيه أو مستخدميه المراقبة‬
‫‪2‬‬
‫المجدية في منع وقوع الجريمة‪.‬‬

‫‪ :3‬موقف المشرع الفرنسي‬


‫لم يرد النص في التشريعات الفرنسية المنظمة لبورصة األوراق المالية على تقرير‬
‫المسؤولية الجنائية عن فعل الغير وهو ما يتفق معه المشرع الجزائري‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أثر المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة‬


‫يترتب على قيام المسؤولية توقيع الجزاء على مرتكب الجريمة‪ ،‬والجزاء هو النتيجة‬
‫القانونية المترتبة على مخالفة نصوص التجريم الواردة في قانون العقوبات والنصوص‬
‫القانونية المنظمة لألن شطة االقتصادية‪ ،‬ومنها النصوص المتعلقة بنشاط تداول األوراق المالية‬
‫وقد تضمنت التشريعات المنظمة لنشاط تداول األوراق المالية مجموعة من الجزاءات التي‬
‫تفرض على من يخالف مضمونها‪ ،‬والتي تندرج في شدتها وصرامتها مع جسامة الفعل‬
‫المرتكب‪ ،‬إذ أنها لم تقتصر على العقوبات الجزائية (الحبس والغرامة)‪ ،‬وإنما جاءت بعقوبات‬
‫تكميلية‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 68‬من القانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بقانون سوق رأس المال المصري« يعاقب المسؤول عن اإلدارة الفعلية‬
‫بالشركة بالعقوبات المقررة عن األفعال التي ترتكب بالمخالفة ألحكام هذا القانون‪ ،‬وتكون أموال الشركة ضامنة في جميع‬
‫األحوال‪ ،‬للوفاء بما يحكم به غرامات مالية»‬
‫‪ - 2‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.152‬‬

‫‪214‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العقوبات الجزائية األصلية‬

‫يقصد بالعقوبات الجزائية الجزاء الجنائي الذي يقرره القانون لمن يسأل عن الجريمة‬
‫وتوقع باسم المجتمع على الشخص تنفيذا لحكم قضائي يقضي بإدانته ومسؤليته عن الفعل الذي‬
‫اعتبره القانون جريمة‪ 1،‬وتتمثل العقوبة في إيالم الجاني باإلنقاص من بعض حقوقه الشخصية‬
‫‪2‬‬
‫مثل‪ :‬حق الحياة وحق الملكية‪ ،‬ردعا وإصالحا وإقامة للعدل‪.‬‬

‫إذن فالعقوبة ألم مقصود في ذاته توقع بناء على حكم قضائي تحقيقا لمصلحة الجماعة‬
‫ومقررة بنص القانون‪ ،‬وتلحق بمرتكب الجريمة في حق من حقوقه لردعه وزجر غيره وذلك‬
‫‪3‬‬
‫بما يتناسب مع الجريمة المرتكبة‪.‬‬

‫وتتميز العقوبة بمجموعة من الخصائص أهمها كما وردت في قانون العقوبات‬


‫الجزائري أنها قانونية وقضائية وتتضمن عنصر اإليالم‪ ،‬وتقوم على المبادئ الثالثة هي مبدأ‬
‫الشخصية المساواة‪ ،‬ومبدأ التفريد‪ ،‬كما ينص على ذلك الدستور‪ 4،‬وقانون تنظيم السجون‬
‫‪5‬‬
‫وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين‪.‬‬

‫ويمكن تقسيم العقوبات الجزائية إلى عقوبات أصلية(أوال) وعقوبات تكميلية (ثانيا)‬

‫وتعرف العقوبة األصلية على أنها العقوبة األساسية المقررة للجريمة والتي توقع منفردة‬
‫دون أن يكون النطق بها متوقف على النطق بعقوبة أخرى‪ ،‬وال تخرج العقوبات األصلية عن‬
‫عقوبة الحبس(العقوبة السالبة للحرية) وعقوبة الغرامة (العقوبة المالية)‪.‬‬

‫‪ - 1‬فريد روابح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.127‬‬


‫‪ - 2‬عبد المعطي عبد الخالق‪ ،‬مبادئ علم العقاب‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2013 ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ - 3‬سعود أحمد‪ ،‬بدائل العقوبات السالبة للحرية "عقوبة العمل للنفع العام نموذجا"‪ (،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬كلية العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،)2017-2016 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 158‬من دستور الجزائر‪ «:‬وأساس القضاء مبادئ الشرعية والمساواة‪ ،‬الكل سواسية أمام القضاء‪ ،‬وهو في متناول‬
‫الجميع ويجسد احترام القانون‪.‬‬
‫‪ -‬والمادة ‪ «:160‬تخضع العقوبات الجزائية إلى مبادئ الشرعية والشخصية‪ ،‬يضمن القانون التقاضي على درجتين في المسائل‬
‫الجزائية ويحدد كيفيات تطبيقها»‪.‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 02‬من القانون ‪ 04/05‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير‪ 2005‬المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي‬
‫للمحبوسين‪ ،‬ج ر ج ج عدد‪ ،12‬المؤرخ في ‪ 13‬فبراير ‪ 2005‬المعدل والمتمم‪ «:‬يعامل المحبوسين معاملة تصون كرامتهم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وتعمل على الرفع من مستواهم الفكري والمعنوي بصفة دائمة‪ ،‬دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين‬
‫أو الرأي»‪.‬‬
‫‪ -‬أنظر المادة من ‪ 03‬نفس القانون‪« :‬يرتكز تطبيق العقوبة السالبة للحرية على مبدأ تفريد للعقوبة الذي يتمثل في معاملة‬
‫المحبوس وفقا لوضعيته الجزائية‪ ،‬وحالته البدنية والعقلية»‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬العقوبة السالبة للحرية‬

‫تعرف العقوبة السالبة للحرية بأنها حرمان المحكوم عليه من حريته الشخصية أيا كانت‬
‫صورة هذا الحرمان سجنا أم حبسا‪ ،‬ولكن باستقراء نصوص التشريعات المنظمة لنشاط تداول‬
‫األوراق المالية نالحظ أن الصورة الوحيدة للعقوبات السالبة للحرية في جرائم بورصة القيم‬
‫المنقولة هي عقوبة الحبس وهي العقوبة المقررة في مادة الجنح‪ ،‬ومن ضمن هذه التشريعات‬
‫التشريع الفرنسي والمصري والتشريع الجزائري مع وجود اختالف في مدة الحبس المقررة‪.‬‬

‫‪ :1‬عقوبة الحبس المقررة في التشريع الفرنسي‪.‬‬


‫بالرجوع إلى التشريعات الفرنسية المقررة لجرائم تداول األوراق المالية‪ ،‬نجد أن‬
‫المشرع قرر عقوبة الحبس ألغلب هذه الجرائم ومنها جريمة استغالل معلومات سرية مميزة‪،‬‬
‫وجريمة نشر معلومات سرية مميزة‪ ،‬وجريمة نشر معلومات مزورة أو خادعة وجريمة‬
‫التالعب بأسعار األوراق المالية والتي يعاقب مرتكبها بالحبس الذي ال يزيد عن سنتين‪ ،‬وأيضا‬
‫جريمة إفشاء المعلومات السرية إلى الغير ويعاقب مرتكبها بالحبس لمدة ستة أشهر‪1،‬وجريمة‬
‫تقديم خدمات االستثمار إلى اآلخرين بطريقة معتادة دون ترخيص ويعاقب مرتكبها بالحبس‬
‫‪2‬‬
‫ثالث سنوات‪.‬‬

‫إذن فالمشرع الفرنسي أخذ بالتدرج الجنائي في العقوبة‪ ،‬فقرر لكل جريمة العقوبة‬
‫المالئمة والمناسبة لها‪ ،‬فمثال جاءت عقوبة الحبس المقررة لجريمة إفشاء المعلومات الداخلية‬
‫للغير أخف من تلك العقوبة المقررة لجريمة استغالل المعلومات الداخلية‪ ،‬ولعل المشرع قد‬
‫رأى أن نشاط الجاني في الجريمة األولى يقتصر على فتح الطريق لإلطالع على المعلومة‬
‫الداخلية تمهيدا الستغاللها‪ ،‬بينما يتمثل النشاط اإلجرامي في الجريمة الثانية باستغالل المعلومة‬
‫‪3‬‬
‫الداخلية‪ ،‬وذلك بإجراء صفة أو أكثر بناءا على تلك المعلومة‪.‬‬

‫‪ :2‬عقوبة الحبس المقررة في التشريع المصري‬


‫بالرجوع إلى قانون سوق رأس المال رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬نجد أن المشرع المصري‬
‫قرر عقوبة الحبس ألغلب جرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك جريمة ممارسة‬
‫النشاط دون ترخيص‪ ،‬جريمة طرح أوراق مالية أو تلقي أمواال على وجه يخالف القانون‬
‫جريمة التزوير في نشرات االكتتاب أو أوراق التأسيس أو الترخيص أو الوثائق أو اإلعالنات‬
‫المتعلقة بالشركة وجريمة إصدار بيانات غير صحيحة عن األوراق المالية التي تتلقى االكتتاب‬
‫فيها جهة مرخص لها بتلقي االكتتاب‪ ،‬وجريمة التالعب في أسعار األوراق المالية‪ ،‬وفي جل‬

‫‪ - 1‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.202‬‬


‫‪ - 2‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪.304 ،‬‬

‫‪216‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫هذه الجرائم قرر المشرع المصري لها عقوبة الحبس لمدة ال تزيد على خمس سنوات‪ 1‬كما‬
‫نصت كذلك على عقوبة الحبس والتي تقل عن سنتين في جريمة استغالل المعلومات الداخلية أو‬
‫‪2‬‬
‫إفشائها للغير‪.‬‬

‫‪ :3‬عقوبة الحبس المقررة في التشريع الجزائري‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 60‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‬
‫المعدل والمتمم نالحظ أن الجرائم الماسة شفافية المعلومة والتي تشمل جريمة استغالل معلومة‬
‫امتيازية وجريمة إطالع الغير على المعلومة االمتيازية وجريمة نشر معلومات خاطئة أو‬
‫مغالطة‪ ،‬وكذا جريمة ممارسة أعمال غير مشروعة في سوق البورصة اعتبرها المشرع كلها‬
‫جرائم جنحية وساوى بين أنواعها من حيث مدة الحبس‪ ،‬لكونها جاءت في مادة واحدة‪ ،‬حيث‬
‫‪3‬‬
‫قرر عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات‪.‬‬

‫أما جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‪ ،‬فقد قرر المشرع الجزائري نفس العقوبة‬
‫المنصوص عليها في جريمة خيانة األمانة‪ ،‬كونه ووفقا لنص المادة ‪ 58‬من المرسوم التشريعي‬
‫‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم استعمل لفظ سوء االئتمان‪ 4،‬وعليه‬
‫يعاقب المشرع األشخاص الطبيعيون عن جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‪ ،‬بعقوبة‬
‫الحبس من ثالث أشهر من ثالثة سنوات‪ 5،‬وبخصوص جريمة إعاقة مراقبي هيئة البورصة‬
‫‪6‬‬
‫القيم المنقولة عقوبة الحبس لمدة تتراوح بين ‪ 30‬يوما إلى ثالث سنوات‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 63‬من القانون رقم (‪ )95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق سوق رأس المال‪ «:‬مع عدم اإلخالل بأية عقوبة أشد منصوص عليها‬
‫في أي قانون آخر يعاقب بالحبس لمدة ال تزيد عن ‪ 05‬سنوات وبغرامة ال تقل عن ‪ 50‬ألف جنيه‪ ،‬وال تزيد عن مائة ألف جنيه‪،‬‬
‫أو بإحدى هاتين العقوبتين‪:‬‬
‫‪ -‬كل من باشر أي نشاط من األنشطة الخاضعة ألحكام هذا القانون دون أن يكون مرخصا له في ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬كل من طرح لالكتتاب أوراقا مالية أو تلقي عنها أمواال بأية صورة بالمخالفة أحد أحكام هذا القانون‪.‬‬
‫‪ -‬كل من أثبت عمدا في نشرات االكتتاب أو أوراق التأسيس أو الترخيص أو غير ذلك من التقارير أو الوثائق أو اإلعالنات‬
‫المتعلقة بالشركة بيانات غير صحيحة أو مخالفة ألحكام القانون أو غير في هذه البيانات بعد اعتمادها من الهيئة أو عرضها‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ -‬كل من أصدر عمدا بيانات غير صحيحة عن األوراق المالية التي تتلقى االكتتاب فيها جهة مرخص لها بتلقي االكتتابات‪.‬‬
‫‪-‬كل من عمل على قيد سعر غير حقيقي أو عملية صورية أو حاول بطرق التدليس التأثير على أسعار السوق‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 64‬من قانون سوق رأس المال ‪ «:1992/95‬مع عدم اإلخالل بأية عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر‬
‫يعاقب بالحبس لمدة ال تقل عن سنتين وبغرامة ال تقل عن عشرين ألف جنيه‪ ،‬وال تزيد على خمسين ألف جنيه‪ ،‬أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين كل من أفشى سرا ا تصل به بحكم عمله تطبيقا ألحكام هذا القانون أو حقق نفعا منه هو أو زوجه أو أوالده أو أثبت‬
‫في تقارير وقائع غير صحيحة‪ ،‬أو أغفل في هذا التقرير وقائع تؤثر في نتائجها»‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 60‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 58‬من نفس المرسوم‪ «:‬يتعرض كل من يجري مفاوضات تخالف أحكام المادة ‪ 05‬أعاله لعقوبات سوء االئتمان‬
‫المنصوص عليه في قانون العقوبة‪ ،‬وبغرامة تساوي ضعف قيمة السندات المعينة بالمخالفة»‪.‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 376‬من قانون العقوبات الجزائري« كل من اختلس أو بدد بسوء نية أوراقا تجارية أو نقود أو بضائع أو أوراقا مالية‬
‫أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت التزاما أو إجراء لم تكن قد سلمت إليه إال على سبيل اإلجارة أو الوديعة‬
‫أو الوكالة أو الرهن أو عارية االستعمال أو أداء عمل بأجر أو بغير أجر‪...‬يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات‬
‫وبغرامة من ‪20.000‬دج‪ ،‬إلى ‪100.000‬دج»‪.‬‬
‫‪ - 6‬أنظر المادة ‪ 59‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫تجدر اإلشارة إ لى أن المشرع الجزائري لم ينص في القوانين المتعلقة ببورصة القيم‬


‫المنقولة على المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي (الوسيط المالي في البورصة)‪ 1 ،‬في أي‬
‫جريمة من الجرائم المتعلقة ببورصة األوراق المالية لذا يتعين أن يتدخل المشرع الجزائري‬
‫لسد الفراغ التشريعي‪ ،‬ألنه وكما سبق وأن أشارنا في المطلب األول من هذا المبحث إلى أن‬
‫المشرع الجزائري أقر بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في قانون العقوبات‪ ،‬ولكن‬
‫‪2‬‬
‫سرعان ما قيدها بشرط أن ينص عليها القانون‪.‬‬

‫وعليه فال مسؤولية جزائية تجاه الوسطاء الماليين ولإلشارة فإن المشرع الجزائري‬
‫نص على عقوبة الغرامة وهي عقوبة أصلية أيضا سيتم التطرق لها الحقا‪ ،‬إال أن ما يمكن‬
‫مالحظته في هذا الصدد أن المشرع الجزائري جعل عقوبة الحبس اختيارية مع الغرامة في‬
‫جرائم بورصة األوراق المالية هذه األخيرة التي أصبحت تشكل خطورة كبيرة على االقتصاد‬
‫باإلضافة إلى ما يمكن أن يجنيه مرتكب هذا النوع من الجرائم من أموال طائلة‪ ،‬فالمشرع بهذه‬
‫الطريقة منح القاضي السلطة التقديرية في توقيع الجزاء بين أن يحكم بعقوبة الحبس والغرامة‬
‫معا أو الحكم بأحدهما وبالتالي ال يكون هناك أي ردع إذا ما قرر القاضي النطق بالغرامة التي‬
‫يستطيعون ال محال تسديدها من األموال التي يجنونها من الجرائم‪.‬‬

‫إذن نوصي المشرع الجزائري بضرورة تعديل نصوص المواد التي تحكم بورصة القيم‬
‫المنقولة خاصة ما تعلق بالمادة ‪ 60‬والمادة ‪ 59‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم‬
‫والحكم بالعقوبتين معا تحقيقا لردعهم‪.‬‬

‫أما فيما يخص المادة ‪ 58‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم فالمالحظ أن‬
‫المشرع الجزائري نص على عقوبة الغرامة فقط والتي تساوي ضعف قيمة السندات المعنية‬
‫بالمخالفة وبالتالي فال مجال لتطبيق الغرامة المنصوص عليها في المادة ‪ 376‬من قانون‬
‫العقوبات والمتعلقة بجريمة خيانة األمانة وعليه البد من المشرع الجزائري إعادة صياغة نص‬
‫المادة ‪ 58‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم وذلك بالنص على عقوبة الحبس‬
‫والغرامة إلزالة كل لبس‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 06‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ «:.‬يمارس نشاط الوسيط في‬
‫عمليات البورصة‪ ،‬بعد اعتماد من لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها من طرف الشركات التجارية التي تنشأ خصيصا‬
‫لهذا الغرض والبنوك والمؤسسات المالية»‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبة المالية‬


‫يقصد بالعقوبات المالية تلك العقوبات التي تصيب الجاني في ذمته المالية‪ ،‬فتمثل‬
‫انتقاصا في جانبها اإليجابي‪ ،‬وغالبا ً ما تأخذ العقوبة المالية صورة الغرامة كما تأخذ صورا‬
‫‪1‬‬
‫أخرى منها المصادرة‪ ،‬الرد التعويض‪ ،‬ودفع الربح غير المشروع‪.‬‬

‫وتعد الغرامة من أهم العقوبات المالية وأكثرها انتشارا ً في التشريعات ومنها التشريعات‬
‫المنظمة لنشاط تداول األوراق المالية‪ ،‬والسبب في ذلك يتمثل في أن معظم الجرائم االقتصادية‬
‫ومنها جرائم تداول األوراق المالية ترمي إلى تحقيق الربح غير المشروع‪ ،‬ولذا كان من‬
‫‪2‬‬
‫الضروري أن يكون للعقوبة المفروضة أثر على الذمة المالية للجاني‪.‬‬

‫والغرامة هي اقتطاع نقدي إجباري بدون مقابل‪ ،‬وبصفة نهائية تقوم به الدولة وفقا‬
‫لقواعد قانونية وهذا االقتطاع يكون من أموال األشخاص الطبيعيين أو المعنويين( االعتباريين)‬
‫‪3‬‬
‫حسب قدراتهم التكليفية بغرض استخدامه لتحقيق المنفعة العامة‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق إلى موقف التشريعات من الغرامة في جرائم البورصة فهناك من‬
‫يقرر عقوبة الغرامة إلى جانب عقوبة الحبس أو عقوبة الغرامة فقط كعقوبة أصلية وحيدة‪.‬‬

‫وهناك من التشريعات من يأخذ بالغرامة المحددة والنسبية في الوقت ذاته‪ ،‬في حين‬
‫تكتفي تشريعات أخرى بالغرامة المحددة فقط أو النسبة فقط‪.‬‬

‫‪ :1‬التشريعات التي قررت عقوبة الغرامة بجانب عقوبة الحبس‬


‫هناك بعض التشريعات التي تأخذ بعقوبة الغرامة إلى جانب عقوبة الحبس في بعض‬
‫جرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬وتترك للقاضي اختيار العقوبة المالئمة‪ ،‬ومنها التشريع‬
‫الفرنسي بشأن جرائم تقديم خدمات االستثمار إلى اآلخرين بدون ترخيص‪ ،‬واستغالل‬
‫المعلومات الداخلية أو إفشاؤها للغير‪ ،‬وبث اإلشاعات أو المعلومات المزورة أو الخادعة‪،‬‬
‫والتالعب في أسعار األوراق المالية‪ 4،‬والتشريع المصري بخصوص جرائم ممارسة النشاط‬
‫دون ترخيص وإثبات بيانات غير صحيحة أو مخالفة ألحكام القانون في نشرات االكتتاب أو‬
‫أوراق التأسيس أو الترخيص أو اإلعالنات المتعلقة بالشركة‪ ،‬إصدار بيانات غير صحيحة عن‬
‫األوراق المالية التي تتلقى االكتتاب فيها جهة مرخص لها بتلقي االكتتابات والتالعب في أسعار‬
‫‪6‬‬
‫األوراق المالية‪ 5،‬واستغالل المعلومات الداخلية أو إفشاؤها للغير‪.‬‬

‫‪ - 1‬سليماني صبرينة‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.289‬‬


‫‪ - 2‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.314‬‬
‫‪ - 4‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.186‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 63‬في فقراتها (‪ )4،3،2،1‬من قانون سوق رأس المال (‪.1992 ،)95‬‬
‫‪ - 6‬أنظر المادة ‪ 64‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫وكذلك التشريع الجزائري في جريمة استغالل معلومة وجريمة إطالع الغير على‬
‫المعلومة االمتيازية‪ ،‬جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة وكذا جريمة ممارسة أعمال غير‬
‫‪1‬‬
‫مشروعة في سوق البورصة‪ ،‬وجريمة إعاقة مراقبي هيئة البورصة‪.‬‬

‫‪ :2‬التشريعات التي قررت عقوبة الغرامة كعقوبة أصلية وحيدة‬

‫باإلضافة إلى ما قررته التشريعات السابقة من عقوبة الغرامة مع عقوبة الحبس لبعض‬
‫جرائم البورصة‪ ،‬قررت أيضا عقوبة الغرامة كعقوبة أصلية وحيدة للبعض اآلخر من تلك‬
‫الجرائم‪ ،‬ومن هذه التشريعات‪ ،‬التشريع الفرنسي في جريمة عدم اإلبالغ عن تجاوز األنصبة‬
‫وفي التشريع المصري جريمة عدم اإلبالغ عن تجاوز األنصبة‪ ،‬ومخالفة األحكام المنصوص‬
‫‪2‬‬
‫عليها في الالئحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال‪.‬‬

‫‪ :3‬الغرامة النسبية والمحددة‬


‫الغرامة إما أن تكون عادية يحدد المشرع مقدارها بين حد أقصى وحد أدنى‪ ،‬ويترك‬
‫للقاضي حرية االختيار بينهما‪ ،‬وإما أن تكون نسبية يحدد مقدارها بنسبة معينة من الضرر‬
‫المترتب على الجريمة أو من الفائدة التي حصل عليها الفاعل وبالتالي فمقدارها ال يحدد بمبلغ‬
‫‪3‬‬
‫محدد‪ ،‬ولكنه يحدد نسبية معينة‪.‬‬

‫بالرجوع إلى المشرع الفرنسي نجده حدد الحد األعلى للغرامة المقررة لجريمة تقديم‬
‫خدمات االستثمار إلى اآلخرين بطريقة معتادة دون ترخيص بمبلغ ‪ 2500.000‬فرنك فرنسي‬
‫بالنسبة للشخص الطبيعي وبمبلغ ‪ 12500.000‬فرنك فرنسي بالنسبة للشخص المعنوي‪ ،‬كما‬
‫حدد كذلك الحد األعلى للغرامة ب‪ 120.000‬فرنك فرنسي بالنسبة لجريمة عدم اإلبالغ عن‬
‫تجاوز األنصبة‪ ،‬وكذلك األمر بشأن جريمة إعاقة مهمة محققي لجنة عمليات‬
‫البورصة(‪ (COB‬أو إجراءات ال حراسة القضائية وعدم احترام المنع المؤقت للنشاط المهني‬
‫‪4‬‬
‫فقد وضع المشرع الحد األعلى للغرامة المقررة لها بمبلغ ‪2000.000‬فرنك فرنسي‪.‬‬

‫وكذلك المشرع الجزائري حيث حدد الحد األعلى للغرامة المقررة لجريمة استغالل‬
‫معلومة امتيازية‪ ،‬جريمة إطالع الغير على معلومة امتيازية‪ ،‬وجريمة نشر معلومات خاطئة أو‬
‫مغالطة وجريمة ممارسة أعمال غير مشروعة بمبلغ ‪30.000‬دج‪ ،‬وجريمة التداول غير‬
‫‪5‬‬
‫القانوني للقيم المنقولة حدد المشرع الحد األعلى للغرامة المقررة لها ‪30.000‬دج‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 60‬والمادة ‪ 59‬من المرسوم التشريعي ‪10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 67-66‬من قانون رأس المال المصري (‪.1992 )95‬‬
‫‪ - 3‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫‪ - 4‬منير بوريشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪ -‬أنظر أيضا‪ ،‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادتين ‪ 60‬و‪ 59‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة األوراق المالية المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫أما الغرامة النسبية فيقصد بها تلك الغرامة التي ال يحددها القانون بمبلغ معين‪ ،‬بل‬
‫يجعلها نسبة تتماشى مع الضرر الناتج عن الجريمة أو الفائدة التي حققها الجاني أو حاول‬
‫تحقيقها‪ ،‬أو تقدر بالقياس إلى عنصر معين كقيمة المال محل الجريمة‪.‬‬

‫ولقد تعرض المشرع الفرنسي لها في مجال بورصة األوراق المالية‪ ،‬إذ أنه اشترط إلى‬
‫أنه في حالة تحقيق ربح من ورا ء العملية غير المشروعة بشأن جرائم استغالل المعلومات‬
‫السرية المميزة أو إفشائها للغير‪ ،‬ونشر معلومات كاذبة أو مزورة‪ ،‬والتالعب في أسعار‬
‫األوراق المالية‪ ،‬فقد تصل قيمة الغرامة إلى عشرة أمثال الربح الذي تم تحقيقه على أن ال تقل‬
‫هذه الغرامة عن قيمة الربح‪.‬‬

‫نفس الموق ف الذي اتخذه المشرع الفرنسي اتخذه المشرع الجزائري بشأن تقرير الغرامة‬
‫النسبية وإلى جانبها الغرامة المحددة السابق بيانها والتي ال تزيد عن ‪ 30.000‬دج حيث اشترط‬
‫أنه في حالة ربح من وراء العملية غير بشأن جريمة استغالل المعلومة اإلمتيازية ونشر‬
‫معلومات خاطئة أو مغالطة‪ ،‬والتالعب في أسعار األوراق المالية فقد تصل الغرامة إلى أربعة‬
‫أضعاف مبلغ الربح المحتمل تحقيقه دون أن تقل هذه الغرامة عن مبلغ الربح نفسه‪ 1،‬كما حدد‬
‫الغرامة النسبية بالنسبة لجريمة التداول الغير القانوني للقيم المنقولة بغرامة تساوي ضعف قيمة‬
‫‪2‬‬
‫السندات المعينة بالمخالفة‪.‬‬

‫حسنا فعل المشرع الجزائري بإقراره للغرامة النسبية إلى جانب الغرامة المحددة بشأن‬
‫جرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬ألن الغرامة المحددة وحدها تعجز عن تحقيق الردع المطلوب‬
‫لمثل هذه الجرائم ولكن ما يالحظ على المشرع الجزائري أنه حدد قيمة الغرامة النسبية بأربعة‬
‫أضعاف قيمة الربح وهي قيمة ضئيلة مقارنة بالتشريع الفرنسي الذي حددها بعشرة أضعاف‬
‫قيمة الربح‪ ،‬إذ البد من المشرع الجزائري تشديد قيمة الغرامة أسوة بالمشرع الفرنسي‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المصري لم يأخذ بعقوبة الغرامة النسبية في جرائم‬
‫بورصة األوراق المالية‪ ،‬وبالتالي نأمل تقريرها إلى جانب الغرامة المحددة تحقيقها لحماية‬
‫جزائية لبورصة األوراق المالية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر المادة ‪ 60‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة األوراق المالية المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -2‬أنظر المادة ‪ 50‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية‬


‫تعرف العقوبة التكميلية بأنها عقوبة غير أصلية ال توقع منفردة على مرتكب الجريمة‬
‫فهي عقوبة يقررها القانون زيادة على العقوبة األصلية لتضاف إليها تكمل معنى الجزاء في‬
‫جرائم معينة وهي نوعان عقوبة تكميلية وجوبية وعقوبة تكميلية جوازية‪.‬‬

‫ولقد تضمنت أغلب التشريعات المقارنة الخاصة ببورصة األوراق المالية عقوبات‬
‫تكميلية تختلف من تشريع إلى آخر سيتم التطرق إلى موقف المشرع الفرنسي والمصري‪ ،‬بشأن‬
‫هذه العقوبات مع اإلشارة إلى موقف التشريع الجزائري‪.‬‬

‫أوال‪ :‬العقوبات التكميلية في التشريع الفرنسي‬


‫تضمن التقنين النقدي والمالي الفرنسي عقوبات تكميلية خاصة بالشخص الطبيعي والتي‬
‫‪1‬‬
‫تشمل العقوبات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الحرمان من الحقوق السياسية والمدنية والعائلية‪.‬‬

‫المنع من تقلد وظيفة عامة أو ممارسة النشاط المهني أو االجتماعي الذي ساعد في ارتكاب‬ ‫‪-‬‬
‫الجريمة لمدة ‪ 05‬سنوات على األكثر‪.‬‬
‫غلق المؤسسة أو الفرع الذي يسهل في ارتكاب الجريمة‪ ،‬أو ارتكبت بمناسبتها لمدة ال‬ ‫‪-‬‬
‫تتجاوز الخمس سنوات‪.‬‬
‫مصادرة الشيء الذي استعمل في الجريمة‪ ،‬أو كان معدا القترافها أو األشياء المتحصل‬ ‫‪-‬‬
‫عليها‪.‬‬
‫نشر وتعليق حكم اإلدانة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أما فيما يخص العقوبات التكميلية المقررة للشخص المعنوي فقد أجاز المشرع تطبيق واحدة‬
‫‪2‬‬
‫أو أكثر من هذه العقوبات وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الحل وهو أقصى عقوبة حيث تؤدي إلى إنهاء حياة الشخص المعنوي‪.‬‬
‫‪ -‬حظر ممارسة النشاط المهني أو االجتماعي‪ ،‬وقد يكون هذا الحظر إما بصورة نهائية أو‬
‫لمدة خمس سنوات كحد أقصى‬
‫‪ -‬غلق المؤسسة إما بصورة نهائية أو بصورة مؤقتة لمدة ال تزيد عن خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬وضع الشخص المعنوي تحت رقابة القضاء لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬إبعاد الشخص المعنوي عن المشاركة في المشروعات العامة‪ ،‬إما بشكل نهائي أو مؤقت‬
‫لمدة ال تزيد عن خمس سنوات‪.‬‬

‫‪ -1‬سليماني صبرينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.299 ،298‬‬


‫‪ - 2‬تامر صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫وأنظر أيضا‪ :‬مازن محمد رضا موسى المرسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.228‬‬

‫‪222‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬حظر الدعوة العامة لالستثمار‪ ،‬وذلك حفاظا على أموال المستثمرين من شركات تثبت عدم‬
‫صدقها‪ ،‬وقد يكون هذا الحظر بصفة نهائية أو مؤقتة لمدة ال تزيد على خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬الحرمان من إصدار الشيكات لمدة ال تزيد عن خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬مصادرة األشياء المستخدمة في ارتكاب الجريمة والتي كانت معدة الرتكابها أو المتحصلة‬
‫عنها‪.‬‬

‫‪ -‬نشر الحكم الصادر باإلدانة وللمحكمة أن تأمر بنشر الحكم كله أو جزء منه أو أسبابه أو‬
‫منطوقه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التكميلية في التشريع المصري‬


‫تضمن القانون المصري تبعا لنص المادة ‪ 69‬من قانون سوق رأس المال المصري رقم‬
‫(‪ )95‬لسنة ‪ 1992‬عقوبتين تكميليتين وهما‪ :‬الحرمان من مزاولة المهنة‪ ،‬وحظر مزاولة‬
‫النشاط‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحرمان من المهنة‬


‫عقوبة الحرمان من مزاولة المهنة ال ينسب إال إلى الشخص الطبيعي‪ ،‬وعلى ذلك فإنه‬
‫ي جوز للقاضي حرمان الشخص الذي يرتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليه‬

‫والحرمان من مزاولة مهنة هو جزاء تكميلي تنص عليه القوانين المختلفة لبعض‬
‫الجرائم التي ترتكب بسبب مباشرة المهنة‪ ،‬ويترتب عليه حرمان المحكوم عليه من أهلية‬
‫مزاولة المهنة وإذا كانت المهنة تتطلب لجواز مباشرتها تصريحا معينا‪ ،‬فإن هذه العقوبة يترتب‬
‫عليها سقوط هذا الترخيص فال يحق للمحكوم عليه بعد انقضاء العقوبة مباشرة تلك المهنة إال‬
‫بعد الحصول على إذن أو ترخيص من الجهة المختصة من جديد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حظر مزاولة النشاط‬


‫حظر النشاط يمكن أن ينسب إلى الشخص الطبيعي أو المعنوي والمشرع هنا يقصد‬
‫النشاط الذي يباشره الشخص المعنوي‪ ،‬ولما كان المشرع المصري لم يأخذ بمبدأ المسؤولية‬
‫الجنائية للشخص المعنوي‪ ،‬فقد نص في المادة ‪ 68‬من قانون سوق رأس المال على أن يعاقب‬
‫المسؤول عن اإلدارة الفعلية بالشركة بالعقوبات المقررة على األفعال التي ترتكب بالمخالفة‬
‫ألحكام القانون‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبات التكميلية في التشريع الجزائري‬


‫بالرجوع إلى النصوص المتعلقة ببورصة األوراق المالية والخاصة بالجرائم الماسة بها‬
‫نجد أن المشرع الجزائري لم ينص على العقوبات التكميلية الخاصة بالشخص الطبيعي‪ ،‬ونفس‬
‫األمر بالنسبة للشخص المعنوي هذا األخير‪ ،‬وكما سبق وأن أشرنا أنه ال يتحمل المسؤولية‬
‫الجزائية نتيجة لعدم النص عليها‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫ولكن بالرجوع إلى نص المادة ‪ 58‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة‬


‫األوراق المالية والخاصة بجريمة التداول غير قانوني للقيم المنقولة نجد أن المشرع الجزائري‬
‫أحالنا على نص المادة ‪ 376‬من قانون العقوبات بشأن توقيع الجزاء على مرتكبي جريمة‬
‫التداول غير القانوني للقيم المنقولة والتي اعتبر عقوبتها نفس عقوبة خيانة األمانة‪.‬‬

‫وعليه وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 376‬من قانون العقوبات نجد المشرع قد نص على‬
‫العقوبات التكميلية وهي الحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة ‪ 14‬من قانون‬
‫العقوبات والمنع من اإلقامة لمدة سنة على األقل وخمس سنوات على األكثر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية‬


‫‪1‬‬
‫يتمثل الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية في‪:‬‬
‫‪ -‬العزل واإلقصاء من جميع الوظائف والمناصب العمومية التي لها عالقة بالجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬الحرمان من حق االنتخاب أو الترشح أو حمل أي وسام‪.‬‬
‫‪ -‬عدم األهلية ألن يكون مساعد أو محلفا أو خبيرا أو شاهد على أي عقد‪ ،‬أو شاهد أمام‬
‫القضاء إال على سبيل االستدالل‪.‬‬
‫‪ -‬الحرمان من الحق في حمل األسلحة‪ ،‬وفي التدريس‪ ،‬وفي إدارة مدرسة أو الخدمة في‬
‫مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذ أو مدرسا أو مراقبا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنع من اإلقامة‬


‫‪2‬‬
‫هو حظر تواجد المحكوم عليه في بعض األماكن وال يجوز أن تفوق مدته ‪ 05‬سنوات‬
‫ويتخذ إجراء اإلقامة بقرار من وزير الداخلية بناء على الحكم القضائي الذي أمر به‪ ،3‬ويتخذ‬
‫وزير الداخلية قرار حظر اإلقامة بناءا على الحكم القضائي الذي أمر بالتدبير به فيذكر فيه‬
‫قائمة األماكن المحظورة ونظام المراقبة والحراسة وإذا اقتضى الحال المساعدة التي يجب على‬
‫‪4‬‬
‫المحكوم عليه أن يخضع لها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ويعرض وزير الداخلية ملف محظور اإلقامة إلى لجنة استشارية تتألف من‪:‬‬
‫‪ -‬ممثلين اثنين عن وزير الداخلية‪.‬‬
‫‪ -‬ممثلين اثنين عن وزير الدفاع الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬ممثلين اثنين عن وزير العدل‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة‪ 09‬مكرر من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬


‫‪ - 2‬أنظر المادة ‪ 12‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المادة ‪ 01‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 156-75‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1975‬المتعلق بتحديد اإلقامة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،102‬صادر بتاريخ ‪ 23‬ديسمبر ‪.1975‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 01‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 156-75‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1975‬المتعلق‪ .‬بحظر اإلقامة ج ر ج ج‪ ،‬عدد‪102‬‬
‫صادر بتاريخ ‪ 23‬ديسمبر ‪.1975‬‬
‫‪ - 5‬أنظر المادة ‪ 06‬من المرسوم التنفيذي ‪ 156-75‬المتعلق بحظر اإلقامة‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬ويترأس اللجنة االستشارية ممثل عن وزير الداخلية‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫وتقترح اللجنة االستشارية على وزير الداخلية ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬قائمة األماكن التي يمكن منع اإلقامة فيها على المحكوم عليه‪.‬‬
‫‪ -‬تدابير المراقبة والحراسة التي سوف يخضع لها محظور اإلقامة طيلة الحظر‪.‬‬
‫‪ -‬تدابير المساعدة التي يمكن للمحكوم عليه أن يستفيد منها‪.‬‬

‫وفي حالة ما إذا أراد المحكوم عليه وأسباب ملحة اإلذن له باإلقامة مؤقتا في مكان محظور‬
‫عليه فإنه يجوز للوالي الموجود بمكان إقامته أن يمنحه هذا اإلذن لمدة أقصاها شهر مع إشعار‬
‫والي مكان اإلقامة الجديدة بهذا اإلذن‪ ،‬وإذا رفض اإلذن المقدم من المحكوم عليه يجوز له أن‬
‫‪2‬‬
‫يرفع طعنا إلى وزير الداخلية‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري لم ينص على العقوبات التكميلية في جميع‬
‫جرائم البورصة لذا كان من األحسن لو اشتمل على كل الجرائم تحقيقا للردع العام وحماية‬
‫للنظام االقتصادي‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر المادة ‪ 07‬من المرسوم التنفيذي ‪ 156-75‬المتعلق بحظر اإلقامة‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 22‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫خالصة الباب الثاني‬


‫إن الطبيعة القانونية لجرائم بورصة األوراق المالية فرضت على المشرع الجزائري‬
‫التدخل بشأنها إلضفاء الحماية اإلجرائية الجزائية لبورصة األوراق المالية من أجل تحقيق‬
‫النزاهة والشفافية عن طريق وجود الضمانات القانونية المقررة لحماية بورصة األوراق المالية‬
‫للحيلولة دون وقوع الجريمة من خالل تجسيد الرقابة على أعمال البورصة‪ ،‬أو السعي للحد من‬
‫الجرائم الماسة بالبورصة من خالل مالحقة مرتكبي الجرائم وتوقيع الجزاء لتحقيق الردع‬
‫العام‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس أوجدت التشريعات محل الدراسة سلطة ضبط مالي مستقلة متمثلة‬
‫في لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها بالنسبة للتشريع الجزائري وهيئة األسواق المالية‬
‫بالنسبة للتشريع الفرنسي والهيئة العامة للرقابة المالية بالنسبة للتشريع المصري‪ ،‬و لتتمكن هذه‬
‫السلطة من أداء مهامها أوكلت لها مختلف هذه التشريعات ممارسة ثالث سلطات سلطة‬
‫التحقيق‪ ،‬سلطة التنظيم‪ ،‬وكذا السلطة التأديبية والتحكيمية‪ ،‬إذ تتدخل بسن النظام في البورصة‬
‫وفرض العقوبات على المخالفات التي تقع داخل سوق البورصة‪ ،‬باإلضافة إلى االختصاص‬
‫األصيل لضباط وأعوان الشرطة القضائية بمهمة البحث والتحري عن جرائم البورصة‪ ،‬لتأتي‬
‫مرحلة التحقيق والتي تبدأ إثر تقرير في إطار الرقابة والمراقبة‪ ،‬أو بناءا على طلب تتقدم به‬
‫السلطات الضابطة في مجال البورصة‪ ،‬ومن ثم إحالة الملف على وكيل الجمهورية من أجل‬
‫تقدير مالئمة تحريك الدعوى العمومية من عدمها للوصول إلى توقيع الجزاء المناسب‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫الخاتمة‬

‫من خالل دراسة الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية‪ ،‬وعرض أهم صور جرائم‬
‫البورصة وتحديد أركانها والعقوبات المقررة لها‪ ،‬وكذا توضيح الجوانب اإلجرائية في هذه‬
‫الجرائم وأحكام المسؤولية الجزائية فيها‪ ،‬كشفت هذه الدراسة عن تمتع القواعد المنظمة لها‬
‫بقدر من الخصوصية سواء من الناحية الموضوعية أو اإلجرائية‪ ،‬كنتيجة لما تتمتع به هذه‬
‫السوق من خصائص تمكنها من أداء دورها كأحد آليات االقتصاد الحر‪.‬‬
‫وعلى ضوء دراستنا لموضوع الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية‪ ،‬فقد تم التوصل‬
‫إلى بعض النتائج وإلى جملة من التوصيات التي تمت اإلشارة إليها سلفا في مواضع متفرقة‬
‫من الدراسة‪.‬‬
‫أ‪ -‬النتائج‪ :‬تشمل النتائج المجاالت التالية‪:‬‬

‫في مجال أحكام التجريم وصوره‪:‬‬

‫تتنوع جرائم بورصة األوراق المالية بين الجرائم الماسة بشفافية المعلومة والجرائم‬ ‫‪-‬‬
‫الماسة بحسن سيرها وتنظيمها‪ ،‬وتتمثل الجرائم الماسة بالمعلومة في جريمة استغالل‬
‫معلومة امتيازية وجريمة نشر معلومات خاطئة ومغالطة‪ ،‬والتي يشترط فيها شرط‬
‫مفترض وهو ضرورة أن تتوافر صفة في الجاني ( الشخص المطلع)‪ ،‬وأن يكون‬
‫المعلومة المستغلة داخلية‪ ،‬وإن كان من المالحظ أن نصوص التجريم في الشأن لم تجر‬
‫على وتيرة واحدة بخصوص تطلب الصفة الخاصة في الجاني‪.‬‬
‫جريمة استغالل معلومات امتيازية تقع في الفترة الواقعة بين تحديد المعلومة وصيرورتها‬ ‫‪-‬‬
‫وإعالنها للجمهور‪ ،‬فهذه الفترة هي التي يمتنع فيها استخدام هذه المعلومة إلبرام صفقة ما‬
‫داخل بورصة القيم المنقولة وتتصف هذه المعلومات بالسرية حتى ولو كشفت عنها لعدد‬
‫محدد فقط من األشخاص مادامت أنها عرفت فيما بينهم بأنها سرية‪ ،‬وطالما أنها لم تفشى‬
‫رسميا من الشركة ولم تنشر في وسائل اإلعالم المالية‪.‬‬
‫لم يجرم المشرع الجزائري جريمة اطالع الغير على معلومة امتيازية ال في المرسوم‬ ‫‪-‬‬
‫رقم ‪ 10/93‬المتعلق بالبورصة‪ ،‬وال في التعديالت الالحقة‪ ،‬كما لم نجد أي نص يتعلق بها‬
‫في مختلف لوائح وأنظمة لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبته‪.‬‬
‫المشرع الجزائري لم يفرد نصا خاصا باإلفصاح المالي بالرغم من أهميته وحتى بعد‬ ‫‪-‬‬
‫صدور المرسوم التشريعي رقم ‪ 10/93‬المؤرخ في ‪ 1993/05/23‬المتعلق ببورصة‬
‫القيم المنقولة المعدل والمتمم حيث لم ينص المشرع بشكل صريح على واجب اإلفصاح‬
‫المالي‪ ،‬إال ما يفهم من القسم الثالث تحت عنوان وظيفة المراقبة والرقابة للجنة تنظيم‬
‫عمليات البورصة ومراقبتها فنصت المادة ‪ 35‬على أن تتأكد اللجنة من تقيد الشركات‬
‫المسعرة في البورصة باألحكام التشريعية والتنظيمية والسيما في مجال النشر القانونية‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫الخاتمة‬

‫يتعين توسيع نطاق المعلومات والبيانات التي يتوجب على لجنة تنظيم البورصة اإلفصاح‬ ‫‪-‬‬
‫عنها سواء تلك المعلومات المتعلقة بأسماء الجهات المصدرة لألوراق المالية وأسماء‬
‫أعضاء السوق باإلضافة إلى البيانات الدورية المتضمنة لحركة التداول والمؤشرات‬
‫المالية الرئيسية وفي هذا الجانب على شركة إدارة البورصة إصدار نشرات يومية‬
‫وأسبوعية شهرية وسنوية تتضمن معلومات عامة عن السوق وقرارات مجلس اإلدارة‬
‫ومعلومات عن أحجام التداول ومؤشرات األسعار‪ ،‬مع إبرام اتفاقيات مع شركات عالمية‬
‫لنشر المعلومات الخاصة بالتداول بصورة آلية‪.‬‬
‫لم يحدد المشرع في جريمة استغالل معلومات داخلية خصائص المعلومة اإلمتيازيه‬ ‫‪-‬‬
‫محل التعامل المحظور‪ ،‬كما لم يحدد في التشريع البورصي بصورة مستقلة و واضحة‪،‬‬
‫األشخاص المسئولين عن هذه الجريمة‪.‬‬
‫لم ينص المشرع الجزائري على تجريم إعادة نشر معلومات خاطئة و مغالطة وسط‬ ‫‪-‬‬
‫الجمهور األمر الذي يؤدي إلى إفالت من يعيد نشر معلومات مضللة من العقاب خاصة‬
‫أن هذا الفعل يكون في غالب األحيان مقرون بنية إجرامية حقيقية‪.‬‬
‫الوسيط المالي من الركائز األساسية لتنفيذ العمليات التي تتم ببورصة األوراق المالية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وفق شروط محددة وضوابط معينة‪ ،‬وإذا كان للوسيط المالي حقوق فإن عليه التزامات‬
‫مفروضة واإلخالل بأي منها يترتب عليه جزاءات مقررة وفقا للقانون والقرارات‬
‫الصادرة تنفيذا له‪.‬‬
‫كما بينت الدراسة أن المشرع لم يعطي في جريمة القيام بأعمال غير شرعية صورا أو‬ ‫‪-‬‬
‫أمثلة توضح طبيعة المناورات ال على سبيل المثال و ال على سبيل الحصر خاصة في‬
‫ضل غياب سوابق قضائية‪ ،‬كما أن المشرع غالى في تطلب القصد الجنائي الخاص األمر‬
‫الذي يشكل عبئ إثبات حقيقي يجعل النص القانوني يتسم بعدم الفعالية ونقترح استبدال‬
‫عبارة بهدف عرقلة السوق بعبارة ألطف كان تكون من شانها عرقلة السير المنتظم‬
‫للسوق‪.‬‬
‫ولقد نصت المادة ‪ 55‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬على أن ترفع المخالفات المعاقب‬ ‫‪-‬‬
‫عليها بالعقوبات المنصوص عليها في المادتين ‪ 59‬و ‪ 60‬آمام الجهات القضائية المختصة‬
‫في حين أن المادة ‪ 58‬كذلك تنص على جريمة التداول الغير قانوني للقيم المنقولة فكان‬
‫من األجدر أن ينص على هذه الجريمة في صلب المادة ‪ 55‬من المرسوم التشريعي‬
‫الذكور أعاله‪.‬‬
‫في المادة ‪ 58‬من المرسوم التشريعي‪ 10/93‬نص المشرع على تعرض كل من يجري‬ ‫‪-‬‬
‫مفاوضة تخالف أحكام المادة الخامسة و لم ينص المشرع على حالة من يسخر للقيام بهاته‬
‫الجريمة مثلما فعل في جريمة استغالل معلومات داخلية و جريمة قيام بأعمال غير‬
‫مشروعة ونشر معلومات خاطئة المنصوص عليهم في المادة ‪ 60‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫الخاتمة‬

‫في المجال االجرائي‪:‬‬

‫تمثل القواعد اإلجرائية آلية تطبيق القواعد الموضوعية من خالل تخصيص جهة معينة‬ ‫‪-‬‬
‫لضبط هذه الجرائم والكشف عنها ورقابة األداء المنتظم لتلك السوق‪ ،‬فالمشرع الجزائري‬
‫وفي جرائم البورصة خاصة وبعد اإلطالع على جملة نصوصه ال يوجد نص يمنح فيه‬
‫صراحة لموظفي لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها صفة الضبطية القضائية عكس‬
‫ما هو عليه الحال في الكثير من التشريعات الخاصة منها ما هو متعلق بالصرف ومنها ما‬
‫هو متعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪ ،‬لكن بالرجوع إلى المادة ‪ 37‬و‪38‬‬
‫من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة يمكن استنتاج أن أعوان‬
‫وموظفي اللجنة يتمتعون بصالحيات الضبط القضائي والتي تبدأ بعد وقوع الجريمة‬
‫بالبحث والتحقيق‪ ،‬وهذا االعتراف جاء بصيغة ضمنية تطبيقا لنص المادة ‪ 14‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬
‫أعطى المشرع الجزائري للجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة باإلضافة إلى سلطة‬ ‫‪-‬‬
‫الرقابة والبحث والتحقيق سلطة توقيع جزاءات تأديبية على مخالفي نظم وقوانين‬
‫البورصة‪.‬‬
‫المشرع الجزائري هو اآلخر يعلق تحريك الدعوى الجزائية في جرائم البورصة على‬ ‫‪-‬‬
‫طلب يصدر عن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬فإذا كانت هناك أفعال خطيرة‬
‫وتشكل جرائم فإن اللجنة تتخذ بعض اإلجراءات لتحريك الدعوى بإرسال الملف مدعما‬
‫بالوثائق التي تثبت وقوع الجريمة إلى النيابة العامة‪ ،‬ويبقى مهما معرفة موقف النيابة‬
‫العامة من الملف‪.‬‬
‫منح المشرع الجزائري للجنة تنظيم عمليات البورصة امكانية قيامها باالدعاء المباشر‬ ‫‪-‬‬
‫أمام القضاء الجزائي عن األضرار التي لحقت ببورصة األوراق المالية‪.‬‬
‫للنيابة العامة السلطة التقديرية في مالئمة المتابعة وتحريك الدعوى العمومية ومباشرتها‬ ‫‪-‬‬
‫أمام الجهات القضائية‪ ،‬ونجد أن عمل لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها يتوقف إلى‬
‫هذا الحد‪ ،‬وال يمتد مرحلة من مراحل الدعوى مادام ال يوجد نص في المرسوم التشريعي‬
‫‪ 10/93‬المعدل والمتمم يوحي إلى ذلك‪.‬‬
‫تنقضي الدعوى الجنائية في جرائم بورصة األوراق المالية عن طريق التصالح‪ ،‬أو‬ ‫‪-‬‬
‫تنازل جهة اإلدارة عن الطلب الذي قدمته‪.‬‬
‫تختلف التشريعات محل المقارنة في تخصيص جهة للفصل في جرائم البورصة‪ ،‬حيث‬ ‫‪-‬‬
‫يؤول االختصاص بنظرها في بعض التشريعات كالمصري والفرنسي إلى دوائر‬
‫متخصصة في المسائل االقتصادية ( األقطاب الجزائية)‪ ،‬على حين أن البعض اآلخر‬
‫تركها للقواعد العامة ( القضاء العادي) كالتشريع الجزائري‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫الخاتمة‬

‫في مجال المسؤولية الجنائية‬


‫المشرع الجزائري نص على المسؤولية الجزائية‪ ،‬عن فعل الغير في القواعد العامة‪ ،‬إال‬ ‫‪-‬‬
‫أنه ومن خالل االطالع على بعض النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بسوق‬
‫األوراق المالية‪ ،‬لم يتم العثور على أي نص يشير إلى المسؤولية الجزائية عن فعل الغير‬
‫سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وهذا راجع إلى أن أغلب المؤسسات االقتصادية‬
‫كانت تابعة للدولة واألشخاص الذين كانوا يقومون بتسييرها‪ ،‬هم في نظر القانون‬
‫موظفون فقط‪ ،‬وال تقوم المسؤولية الجزائية في حقهم إال في حدود الخطأ المرتكب من‬
‫طرفهم‪.‬‬
‫المشرع الجزائري لم ينص في القوانين المتعلقة ببورصة القيم المنقولة على المسؤولية‬ ‫‪-‬‬
‫الجزائية للشخص المعنوي (الوسيط المالي في البورصة)‪ ،‬في أي جريمة من الجرائم‬
‫المتعلقة ببورصة األوراق المالية‪ ،‬ذلك أن المشرع وان تبنى المسؤولية الجزائية‬
‫لألشخاص المعنوية في قانون العقوبات في المادة ‪ 51‬مكرر إال انه قرن هذه المسؤولية‬
‫بشرط النص عليها في القانون‪ ،‬األمر الذي يدعو إلى عدم المسائلة الجنائية للوسيط المالي‬
‫الذي هو شخص معنوي في جرائم البورصة‪ .‬لذا يتعين أن يتدخل المشرع الجزائري لسد‬
‫الفراغ التشريعي‬
‫المشرع الجزائري جعل عقوبة الحبس اختيارية مع الغرامة في جرائم بورصة األوراق‬ ‫‪-‬‬
‫المالية هذه األخيرة التي أصبحت تشكل خطورة كبيرة على االقتصاد باإلضافة إلى ما‬
‫يمكن أن يجنيه مرتكب هذا النوع من الجرائم من أموال طائلة‪ ،‬فالمشرع بهذه الطريقة‬
‫منح القاضي السلطة التقديرية في توقيع الجزاء بين أن يحكم بعقوبة الحبس والغرامة معا‬
‫أو الحكم بأحدهما وبالتالي ال يكون هناك أي ردع إذا ما قرر القاضي النطق بالغرامة‪،‬‬
‫التي يستطيعون ال محال تسديدها من األموال التي يجنونها من الجرائم‪.‬‬
‫فيما يخص المادة ‪ 58‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم فالمالحظ أن‬ ‫‪-‬‬
‫المشرع الجزائري نص على عقوبة الغرامة فقط والتي تساوي ضعف قيمة السندات‬
‫المعنية بالمخالفة وبالتالي فال مجال لتطبيق الغرامة المنصوص عليها في المادة ‪ 376‬من‬
‫قانون العقوبات والمتعلقة بجريمة خيانة األمانة وعليه البد من المشرع الجزائري إعادة‬
‫صياغة نص المادة ‪ 58‬من المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المعدل والمتمم وذلك بالنص على‬
‫عقوبة الحبس والغرامة إلزالة كل لبس‪.‬‬
‫حسنا فعل المشرع الجزائري بإقراره للغرامة النسبية إلى جانب الغرامة المحددة بشأن‬ ‫‪-‬‬
‫جرائم بورصة األوراق المالية‪ ،‬ألن الغرامة المحددة وحدها تعجز عن تحقيق الردع‬
‫المطلوب لمثل هذه الجرائم ولكن ما يالحظ على المشرع الجزائري أنه حدد قيمة الغرامة‬
‫النسبية بأربعة أضعاف قيمة الربح وهي قيمة ضئيلة مقارنة بالتشريع الفرنسي الذي‬
‫حددها بعشرة أضعاف قيمة الربح‪ ،‬إذ البد من المشرع الجزائري تشديد قيمة الغرامة‬
‫أسوة بالمشرع الفرنسي‬

‫‪231‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -‬المشرع الجزائري لم ينص على العقوبات التكميلية في جميع جرائم البورصة لذا كان من‬
‫األحسن لو اشتمل على كل الجرائم تحقيقا للردع العام وحماية للنظام االقتصادي‪.‬‬

‫ب‪ -‬التوصيات‪ :‬أما عن جملة التوصيات فتتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫يجب النص على عدم اشتراط توافر صفة الشخص المطلع في مرتكب الجرائم الماسة‬ ‫‪-‬‬
‫بتحقيق المساواة بين المتعاملين كجرائم استغالل المعلومات الداخلية وجريمة إفشاء‬
‫المعلومات الداخلية‪ ،‬إذ أن تطلب هذه الصفة يعمل على تضييق نطاق الحماية الجنائية‬
‫لحق المساواة بين المتعاملين دون مبرر‪.‬‬
‫على المشرع الجزائري تجريم بعض السلوكيات الضارة التي تقع في البورصة والتي قد‬ ‫‪-‬‬
‫تضر بها وتهددها بالضرر والتي لم ينص على تجريمها في المرسوم التشريعي ‪10-93‬‬
‫المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ ،‬وضمنها تجريم جريمة إطالع الغير على‬
‫معلومات امتيازية‪ ،‬وجريمة عدم اإلفصاح على المعلومة‪.‬‬
‫على المشرع الجزائري إعطاء األهمية لإلفصاح باستدراك األمر وتقرير حماية جنائية‬ ‫‪-‬‬
‫مزدوجة في صورة اإلفصاح الكاذب و عدم اإلفصاح‪ .‬فالمشرع الجزائري لم يفرد نصا‬
‫خاصا باإلفصاح المالي بالرغم من أهميته وحتى بعد صدور المرسوم التشريعي رقم‬
‫‪ 10/93‬المؤرخ في ‪ 1993/05/23‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪.‬‬
‫اتباع سياسة صارمة لمالحقة مرتكبي الجرائم البورصة‪ ،‬مع نوع من المرونة في تعاطي‬ ‫‪-‬‬
‫مع الظروف الواقعية‪ ،‬وذلك بعدم التباطؤ في سن التشريعات التي تستجيب لمتطلبات‬
‫السوق المالية التي تتسم بتطور‪.‬‬
‫تكوين قضاة ورجال ضبط متخصصين في مجال البحث والتحري في المجال البورصي‬ ‫‪-‬‬
‫وهذا في ظل عجز المنظومة القضائية في الجزائر في الكشف على هذا النوع من‬
‫الجرائم‪.‬‬
‫البد من إقرار مسؤولية األشخاص المعنوية جنائيا في جرائم بورصة األوراق المالية‬ ‫‪-‬‬
‫ألهمية الدور الذي تلعبه هذه األشخاص وتعاظم دورها في التعامالت التي تتم فيها من‬
‫أجل استيعاب المتغيرات االقتصادية الجديدة وما افرزته من انتشار المنشئات االقتصادية‬
‫الكبيرة‪.‬‬
‫ضرورة الن ص على توافر الركن المعنوي فيما يسمى بالجرائم المادية‪ ،‬مع وضع قرائن‬ ‫‪-‬‬
‫قانونية على توافر الخطأ في جانب من يخرج عن السلوك المشروع‪ ،‬على أن يقع عبئ‬
‫اإلثبات على عاتق المتهم دون النيابة ويكون للمتهم دحضها بإثبات انتفاء الخطأ ومن‬
‫جانبه لخطورة هذه الجرائم‪.‬‬
‫ضرورة أن تكون الجزاءات الجزائية في جرائم البورصة أكثر شدة من المقرر حاليا‬ ‫‪-‬‬
‫حتى يتحقق أهم أغراضها من تحقق الردع العام‪ ،‬وترك تحديد الغرامات دون تحديدها‬

‫‪232‬‬
‫الخاتمة‬

‫بحدها األقصى‪ ،‬على أن يتم مراعاة قيمة ما حققه الجاني أو حاول أن يحققه من كسب‪،‬‬
‫وما سببه من ضرر بسبب هذه الجريمة‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫أوال‪ :‬قائمة المصادر‬

‫‪ -‬دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬العدد ‪ ،82‬المؤرخ في‬


‫‪ 30‬ديسمبر ‪.2020‬‬

‫أ‪ -‬النصوص التشريعية‬

‫‪ .1‬األمر رقم ‪ 155-66‬المؤرخ في ‪ 08‬جوان ‪ 1966‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‬


‫معدل والمتمم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،49‬الصادرة في ‪ 24‬ديسمبر ‪ ،1966‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪ .2‬األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 08‬جوان ‪ 1966‬المتضمن قانون العقوبات المعدل‬


‫والمتمم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،49‬الصادرة في ‪ 24‬ديسمبر ‪ ،1966‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪ .3‬األمر رقم ‪ 58-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن القانون المدني ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‬


‫‪ ،78‬الصادرة في ‪ 30‬سبتمبر ‪ ،1975‬معدل والمتمم‪.‬‬

‫‪ .4‬األمر‪ 59-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬المتضمن القانون التجاري ‪.‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬عدد‬


‫‪ ،101‬الصادرة في ‪ 19‬ديسمبر ‪ ،1975‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪ .5‬قانون رقم ‪ 12-89‬المؤرخ في ‪ 05‬جويلية ‪ ،1989‬المتعلق باألسعار‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪،29‬‬


‫صادر بتاريخ ‪ 19‬جويلية ‪( 1989‬ملغى)‪.‬‬

‫‪ .6‬المرسوم التشريعي رقم ‪ 10-93‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ ،1993‬المتعلق ببورصة القيم‬


‫المنقولة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،34‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪ ،1993‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪ .7‬األمر رقم ‪ 08-96‬المؤرخ في ‪ 10‬جانفي ‪ ،1996‬المتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم‬


‫المنقولة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ 03‬الصارة بتاريخ ‪ 14‬جانفي ‪.1996‬‬

‫‪ .8‬األمر رقم ‪ 22-96‬المؤرخ في ‪ 09‬جويلية ‪ ،1996‬المتعلق بقمع ومخالفة التشريع والتنظيم‬


‫الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإلى الخارج‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،43‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 10‬جويلية ‪ ،1996‬معدل ومتمم بموجب األمر رقم ‪ 01-03‬المؤرخ في‬
‫‪ 19‬فيفري ‪ ،2003‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج المؤرخ في ‪ 19‬فيفري ‪ ،2002‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‪ 12‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 23‬فيفري معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪ .9‬أمر رقم‪ ،03-03‬المؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬يتعلق بالمنافسة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪43‬‬


‫الصادرة بتاريخ ‪ 20‬جويلية ‪ 2003‬معدل ومتمم بموجب القانون رقم ‪ 12-08‬المؤرخ في‬
‫‪ 25‬جوان‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،36‬الصادرة بتاريخ ‪ 02‬جويلية ‪ ،2008‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .10‬األمر رقم ‪ 11-03‬المؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪ ،2003‬المتضمن قانون النقد والقرض‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،52‬الصادرة بتاريخ ‪ 27‬أوت ‪ ،2003‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪ .11‬أمر ‪ 15-04‬المؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ ،2005‬يتعلق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل‬


‫اإلرهاب ومكافحتهما‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪ 09‬فيفري ‪ 2005‬معدل‬
‫ومتمم‪.‬‬

‫‪ .12‬القانون ‪ 04/05‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير‪ 2005‬المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة‬


‫اإلدماج االجتماعي للمحبوسين معدل ومتمم‪.‬‬

‫ب‪ -‬النصوص التنظيمية‬

‫‪ .1‬المرسوم الرئاسي المؤرخ ‪ 15‬جانفي ‪ ،2013‬يتضمن تعيين رئيس لجنة تنظيم عمليات‬
‫البورصة ومراقبتها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‪ 06‬الصادرة بتاريخ ‪ 27‬جانفي ‪.2013‬‬

‫‪ .2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 155-75‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1975‬المتعلق بتحديد اإلقامة‬


‫الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،102‬صادر بتاريخ ‪ 23‬ديسمبر ‪.1975‬‬
‫‪ .3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 156-75‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1975‬المتعلق‪ .‬بحظر اإلقامة‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪ 102‬صادر بتاريخ ‪ 23‬ديسمبر ‪.1975‬‬

‫‪ .4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 175-94‬المؤرخ في ‪ 13‬يونيو ‪ 1994‬يتضمن تطبيق المواد ‪21‬‬


‫‪ 29 ،22‬من المرسوم التشريعي‪ 10-93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬

‫‪ .5‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 176-94‬مؤرخ في ‪ 13‬يونيو ‪ 1994‬المتضمن تطبيق المادة ‪61‬‬


‫من المرسوم التشريعي رقم ‪ 10/93‬والمتعلق ببورصة القيم المنقولة‪.‬‬

‫‪ .6‬المرسوم التنفيذي ‪ 169-91‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ 1991‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‪ 26‬المؤرخة في‬


‫‪ 01‬جوان ‪ 1991‬المتضمن تنظيم المعامالت الخاصة بالقيم المنقولة‪.‬‬

‫‪ .7‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 102 /96‬المتضمن تطبيق المادة ‪ 32‬من المرسوم التشريعي‬
‫‪ 10/93‬المتعلق ببورصة القيم المنقولة المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ ،1996‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‪،18‬‬
‫‪.1996‬‬

‫‪ .8‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 474-96‬المؤرخ في ‪ 28‬ديسمبر ‪ 1996‬المتعلق بتطبيق المادتين‬


‫‪ 23 ،08‬من األمر رقم ‪ 08-96‬المؤرخ في ‪ 10‬يناير ‪ 1996‬المتعلق بهيئات التوظيف‬
‫الجماعي للقيم المنقولة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 84‬الصادرة في ‪ 29‬ديسمبر ‪.1996‬‬

‫‪236‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .9‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 170-98‬المؤرخ في ‪ 20‬ماي ‪ 1998‬يتعلق باألتاوى التي تحصلها‬


‫لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 34‬الصادرة في ‪ 24‬ماي ‪.1998‬‬

‫‪ .10‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 05-06‬المؤرخ في ‪ 09‬جانفي ‪ ،2006‬المتضمن شكل اإلخطار‬


‫بالشبهة ونموذجه ومحتواه ووصل استالمه‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 02‬الصادرة في ‪ 15‬جانفي‬
‫‪.2006‬‬

‫‪ .11‬قرار وزير المالية المؤرخ في ‪ 02‬أوت ‪ 1998‬يتضمن تطبيق المادة ‪ 03‬من المرسوم‬
‫التنفيذي ‪ 170-98‬المتعلق باألتاوى التي تحصلها لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 70‬الصادرة في ‪ 20‬سبتمبر ‪.1998‬‬

‫‪ .12‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 02-96‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان‬


‫‪ 1996‬المتعلق باإلعالم الواجب نشره من طرف الشركات والهيئات التي تلجأ عالنية إلى‬
‫االدخار عند إصدارها قيما منقولة ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 36‬الصادرة في ‪ 01‬جويلية ‪1997‬‬
‫معدل ومتمم بالنظام ‪ 01-04‬المؤرخ في ‪ 08‬حويلية ‪،2004‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد‪ 22‬الصادرة‬
‫في ‪ 27‬مارس ‪.2005‬‬

‫‪ - .13‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 03-96‬المؤرخ في ‪ 03‬جويلية‬


‫‪ 1996‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة وواجباتهم ومراقبتهم‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 36‬الصادرة في ‪01‬جويلية ‪.1997‬‬

‫‪ - .14‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 02-97‬المؤرخ في ‪ 18‬نوفمبر‬


‫‪ 1997‬المتعلق بشروط تسجيل األعوان المؤهلين للقيام بتداول القيم المنقولة في البورصة‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 87‬الصادرة في ‪ 29‬ديسمبر ‪.1997‬‬

‫‪ .15‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 03 -97‬المؤرخ في ‪ 18‬نوفمبر‬


‫‪ 1997‬المتعلق بالنظام العام لبورصة القيم المنقولة ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 87‬الصادرة في ‪29‬‬
‫ديسمبر ‪.1997‬‬

‫‪ .16‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 02- 2000‬المؤرخ في ‪ 20‬جانفي‬
‫‪ 2000‬المتعلق بالمعلومات الواجب نشرها من طرف المؤسسات التي تكون قيمتها مسعرة‬
‫في البورصة ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 50‬الصادرة في ‪ 16‬أوت ‪.2000‬‬

‫‪ .17‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 03- 2000‬المؤرخ في ‪ 28‬سبتمبر‬
‫‪ 2000‬جانفي ‪ 2000‬المتعلق بتنظيم وسير اللجان اإلدارية والتقنية للجنة تنظيم عمليات‬
‫البورصة ومراقبتها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 08‬الصادرة في ‪ 31‬جانفي ‪.2001‬‬

‫‪237‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .18‬نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪ 01-03‬المؤرخ في ‪ 18‬مارس‬


‫‪ ،2003‬المتعلق بالنظام العام للمؤتمن المركزي على السندات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‪ 73‬الصادرة‬
‫في ‪ 30‬نوفمبر ‪.2003‬‬

‫‪ .19‬نظام رقم ‪ 02-03‬المؤرخ في ‪ 18‬مارس ‪ 2003‬المتعلق بمسك الحسابات وحفظ‬


‫السندات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 73‬الصادرة بتاريخ ‪ 30‬نوفمبر ‪.2003‬‬

‫‪ .20‬نظام رقم ‪ 01-15‬المؤرخ في ‪ 15‬أفريل ‪2015‬‬


‫والمتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات‬
‫البورصة وواجباتهم ومراقبتهم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ 55‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪.2015‬‬

‫‪ .21‬تعليمة رقم ‪ 01-97‬المؤرخة في ‪ 30‬نوفمبر‪ ،1997‬والمتعلقة بتحديد كيفية اعتماد‬


‫الوسطاء في عمليات البورصة والصادرة عن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬

‫‪ .22‬تعليمة رقم ‪ 01-98‬المؤرخة في ‪30‬أفريل ‪ ،1998‬والمتعلقة بقبول القيم المنقولة في‬


‫البورصة والصادرة عن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬

‫‪ .23‬تعليمة رقم ‪ 03-97‬الصادرة عن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬المؤرخة في‬
‫‪ 30‬نوفمبر ‪ 1997‬المتعلقة بتطبيق نظام لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها رقم ‪-96‬‬
‫‪ 02‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ 1996‬المتعلق باإلعالم الواجب نشره من طرف الشركات‬
‫والهيئات التي تلجأ عالنية إلى االدخار عند إصدارها قيما منقولة‪.‬‬

‫‪ .24‬تعليمة رقم ‪ 01-98‬المؤرخة في ‪30‬أفريل ‪ 1998‬المتعلقة بقبول القيم المنقولة في‬


‫البورصة‪ ،‬الصادرة عن لجنة تنظيم عمليات البورصة‪.‬‬

‫‪ .25‬تعليمة رقم‪ ،02-99‬المؤرخة في ‪ 03‬مارس ‪ ،1999‬المتعلقة بالسجالت الواجب مسكها‬


‫من طرف الوسطاء في عمليات البورصة الصادرة عن لجنة تنظيم عمليات البورصة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قائمة المراجع‬

‫‪ .1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ :‬ج ‪ ،5‬دار المعارف ‪.1984 ،‬‬

‫‪ .2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬ط‪ ،06.‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2008‬‬

‫‪ .3‬احسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ :‬ج ‪ ،02‬ط ‪ ،16‬دار هومة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2017 ،‬‬

‫‪238‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .4‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ :‬ج‪ ،01‬ط‪،03‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪.2003،‬‬

‫‪ .5‬أحمد عبد الرحمان الملحم‪ ،‬حظر استغالل المعلومات غير المعلنة الخاصة بالشركات في‬
‫التعامل باألوراق المالية‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪.1998 ،‬‬

‫‪ .6‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط المالي في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،7.‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.1996 ،‬‬

‫‪ .7‬أحمد مجحود‪ ،‬أزمة الوضوح في اإلثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن‪،‬‬
‫دار هومة‪.2000 ،‬‬

‫‪ .8‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.2005 ،‬‬

‫‪ .9‬أحمد محمد محمود خلف‪ ،‬الصلح وأثره في انقضاء الدعوى الجنائية وأحوال بطالنه‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .10‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجنائية المصري‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬

‫‪ .11‬إسماعيل محمد علي عثمان‪ ،‬النظام القانوني لتداول أسهم شركات المساهمة في‬
‫البورصة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2016 ،‬‬

‫‪ .12‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المسؤولية الجزائية عن الجرائم االقتصادية‪،‬ط‪ ،1‬دار‬


‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2009،‬‬

‫‪ .13‬أوهايبية عبد هللا‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬ط‪ ،03‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر ‪.2012‬‬

‫‪ .14‬إيهاب الدسوقي‪ ،‬قياس الشفافية واإلفصاح في البورصة المصرية‪ ،‬ورقة عمل ‪175‬‬
‫نوفمبر ‪.2013‬‬

‫‪ .15‬بالل عبد المطلب بدوي‪ ،‬االلتزام باإلفصاح عن المعلومات في سوق األوراق المالية‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2006 ،‬‬

‫‪ .16‬بوبشير محند أمقران‪ ،‬النظام القضائي الجزائي‪ ،‬ط‪ ،5‬ديوان المطبوعات الجامعية‬
‫الجزائر‪2007 ،‬‬

‫‪239‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .17‬تامر صالح‪ ،‬الحماية الجنائية لسوق األوراق المالية"دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2011 ،‬‬

‫‪ .18‬جبالي أوعمر‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألعوان االقتصاديين‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان المطبوعات‬


‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ( ،‬د س ن )‪.‬‬

‫‪ .19‬جالل ثروت‪ ،‬أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتب الشرقي للنشر والتوزيع‬
‫بيروت‪.1996 ،‬‬

‫‪ .20‬جمال العزيز العثمان‪ ،‬اإلفصاح والشفافية في المعلومات المتعلقة باألوراق المالية‬


‫المتداولة في البورصة‪ ،‬دار النهضة العربية‪( ،‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪.2010 ،‬‬

‫‪ .21‬جندي عبد المالك‪ ،‬الموسوعة الجنائية‪ :‬ج‪ ،04‬ط‪ ،01‬مكتبة العلم للجميع‪ ،‬بيروت‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ .22‬حازم حسن الجمل‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية المستحدثة في اقتصاد‬


‫السوق اإلسالمي‪" ،‬دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة" ط‪ ،01‬دار الفكر والقانون للنشر‬
‫والتوزيع والتوزيع‪.2012 ،‬‬

‫‪ .23‬حسن األمين‪ ،‬المضاربة الشرعية وتطبيقاتها الحديثة‪ ،‬ط‪ ،03‬البنك اإلسالمي للتنمية‬
‫المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪ ،‬جدة ‪.2000‬‬

‫‪ .24‬حسني عبد السميع إبراهيم‪ ،‬الجرائم االقتصادية " دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية‬
‫والقوانين الوضعية "‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2015 ،‬‬

‫‪ .25‬خالد أحمد سيف شعراوي‪ ،‬اإلطار القانوني لعمليات التداول في البورصة‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة للنشر‪ ،‬األزاريطة‪. 2015 ،‬‬

‫‪ .26‬خالد علي صالح الحبنبي‪ ،‬الحماية الجنائية الخاصة لسوق األوراق المالية‪ ،‬ط‪1‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪. 2007 ،‬‬

‫‪ .27‬ريان هاشم‪ ،‬التنظيم القانوني للتداول اإللكتروني ألوراق المالية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫األزاريطة‪ ،‬اإلسكندرية‪. 2013 ،‬‬

‫‪ .28‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‬
‫بيروت‪.2003 ،‬‬

‫‪240‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .29‬سيف إبراهيم المصاورة‪ ،‬تداول األوراق المالية الحماية الجزائية د"دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫ط‪ 1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.2012 ،‬‬

‫‪ .30‬صفوت عبد السالم‪ ،‬الشفافية واإلفصاح واألثر على كفاءة سوق رأس المال مع التطبيق‬
‫على سوق الكويت لألوراق المالية‪ ،‬دار النهضة العربية‪( ،‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪.2005 ،‬‬

‫‪ .31‬صمودي سليم‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي " دراسة مقارنة بين التشريع‬
‫الجزائري والفرنسي"‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬

‫‪ .32‬طارق عفيفي صادق‪ ،‬الحماية القانونية لعمليات التداول في أسواق المال وفق للنظام‬
‫السعودي‪ ،‬ط‪ ،1‬المرتكز القومي لإلصدارات القانونية‪.2005 ،‬‬

‫‪ .33‬طاهري حسين‪ ،‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية مع التعديالت المدخلة‬


‫عليه ط‪ ،04‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬

‫‪ .34‬عادل جبري‪ ،‬محمد نجيب‪ ،‬مدى مسؤولية المدنية عن اإلخالل بااللتزام بالسر المهني‬
‫أو الوظيفي‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬

‫‪ .35‬عبد التواب معوض الشوربجي‪ ،‬محاضرات في قانون العقوبات "القسم العام"‪.2001 ،‬‬

‫‪ .36‬عبد الرحمان الطويل‪ ،‬ناجح داود رباح‪ ،‬األعمال المصرفية والجرائم الواقعة عليها‪:‬ج‪1‬‬
‫دار وائل‪ ،‬عمان‪.2000 ،‬‬

‫‪ .37‬عبد الرحمان توفيق أحمد‪ ،‬شرح قانون العقوبات " القسم العام"‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2012 ،‬‬

‫‪ .38‬عبد الرؤوف مهدي‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية "دراسة مقارنة"‪،‬‬


‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪( ،‬د س ن)‪.‬‬

‫‪ .39‬عبد هللا سليمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري "القسم العام"‪ ،‬ج ‪" 1‬الجريمة"‪ ،‬ط‪6‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬

‫‪ .40‬عبد المعطي عبد الخالق‪ ،‬مبادئ علم العقاب‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2013 ،‬‬

‫‪ .41‬عصام أحمد البهجى‪ ،‬الموسوعة القانونية لبورصة األوراق المالية في التشريعات‬


‫العربية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬األزاريطة (د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ .42‬عصام حنفي محمود‪ ،‬التزام الشركات بالشفافية واإلفصاح‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫(د‪.‬ب‪.‬ن)‪.2006 ،‬‬

‫‪241‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .43‬علي شمالل‪ ،‬السلطة التقديرية للنيابة العامة على الدعوى العمومية"دراسة‬


‫مقارنة"‪،‬ط‪ ،02‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫‪ .44‬علي شمالل‪ ،‬المتحدث في قانون اإلجراءات الجزائري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2016 ،‬‬

‫‪ .45‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية«دراسة مقارنة»‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬

‫‪ .46‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام " نظرية الجريمة"‪ ،‬ط‪1‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2008 ،‬‬

‫‪ .47‬غسان رباح ‪ ،‬قانون العقوبات االقتصادي‪ ،‬منشورات بحسون الثقافية‪ ،‬بيروت‪.2000 ،‬‬

‫‪ .48‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ ،‬خالد حميدي الزغبي‪ ،‬شرح قانون العقوبات " القسم العام"‬
‫ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.2010 ،‬‬

‫‪ .49‬فوزية عبد الستار‪ ،‬االدعاء المباشر في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1977 ،‬‬

‫‪ .50‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬قانون حماية البيئة في ضوء التشريعات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫اإلسكندرية‪.2009 ،‬‬

‫‪ .51‬محمد أحمد محمود عمارنة‪ ،‬رقابة هيئة سوق رأس المال على الشركات المساهمة‬
‫(دراسة مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز القومي‪(،‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪.2014 ،‬‬

‫القسم الخاص‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬ ‫‪ .52‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬قانون العقوبات‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬

‫‪ .53‬محمد يوسف ياسين‪ ،‬البورصة "عمليات البورصة‪ -‬تنازع القوانين‪ -‬اختصاص‬


‫المحاكم"‪ ،‬ط‪ ،01‬منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان‪( ،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ .54‬محمود داوود يعقوب‪ ،‬المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي " دراسة مقارنة بين‬
‫القوانين العربية والقانون الفرنسي"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2008 ،‬‬

‫‪ .55‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬الجرائم االقتصادية في القانون المقارن " األحكام العامة‬
‫واإلجراءات الجنائية"‪ :‬ج ‪ ،01‬ط ‪ ،02‬مطبعة القاهرة والكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪.1979 ،‬‬

‫‪ .56‬محمود نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي‪" ،‬دراسة تأصيلية مقارنة للركن‬
‫المعنوي في الجرائم العمدية‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‬

‫‪242‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .57‬مدحت محمد عبد العزيز إبراهيم الصلح والتصالح في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2004 ،‬‬

‫‪ .58‬مروة محمد العيسوي‪ ،‬مدى توافق اإلفصاح في البورصة مع مبدأ السرية‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز‬
‫القومي لإلصدارات القانونية‪2015 ،‬‬

‫‪ .59‬مصطفى العوجي‪ ،‬القانون الجنائي العام‪" ،‬الجريمة"‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة نوفل‪ ،‬بيروت‬
‫‪.2006‬‬

‫‪ .60‬مصطفى العوجي‪ ،‬المسؤولية الجنائية في المؤسسة االقتصادية‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة نوفل‬


‫بيروت‪.1982 ،‬‬

‫‪ .61‬نبيل مدحت سالم‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ :‬ج‪ ،02‬دار النهضة العربية‬
‫القاهرة‪.2009 ،‬‬

‫‪ .62‬نبيه صالح‪ ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪.2004 ،‬‬

‫‪ .63‬نبيه صالح‪ ،‬الوسيط في شرح مبادئ اإلجراءات الجزائية‪« ،‬دراسة مقارنة»‪ ،‬مكتبة دار‬
‫الثقافة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬

‫‪ .64‬نسرين عبد الحميد‪ ،‬الجرائم االقتصادية "التقليدية‪ ،‬المستحدثة"‪ ،‬المكتب الجامعي‬


‫الحديث‪( ،‬د ب ن)‪.2009 ،‬‬

‫‪ .65‬يوسف حسن يوسف‪ ،‬األوراق المالية وسوق المال العالمي(البورصات‪،‬أسواق‪ ،‬صرف‬


‫العمالت‪ ،‬التحليل المالي الحوكمة)‪ ،‬دار التعليم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫‪.2007‬‬

‫ثالثا‪ :‬األطروحات والرسائل‬

‫أ‪ -‬األطـــروحــات‬

‫‪ .1‬بن فريحة رشيد‪ ،‬خصوصية التجريم والعقاب للقانون الجنائي بأعمال "جرائم‬
‫الشركات أنموذجا"‪ ( ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص‬
‫قانون خاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.)2017 ،‬‬

‫‪ .2‬حزيط محمد‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري‬


‫والمقارن‪ (،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة سعد دحلب البليدة‪.)2011 ،‬‬

‫‪243‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .3‬حمزة عبد الوهاب‪ ،‬الحماية الجنائية لبورصة األوراق المالية‪( ،‬أطروحة دكتوراهفي‬
‫القانون‪ ،‬جامعة باجي مختار عنابة‪.)2013 ،‬‬

‫‪ .4‬حمليل نورة‪ ،‬النظام القانوني للسوق المالية‪( ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.)2014 ،‬‬

‫‪ .5‬رابح وهيبة‪ ،‬اإلجراءات المتبعة أمام األقطاب الجزائية المتخصصة‪( ،‬أطروحة‬


‫دكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة مستغانم‪ ،‬كلية الحقوق‪.)2005 ،‬‬

‫‪ .6‬سعود أحمد‪ ،‬بدائل العقوبات السالبة للحرية "عقوبة العمل للنفع العام نموذجا"‪(،‬‬
‫أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪.)2017 ،‬‬

‫‪ .7‬سليماني صبرينة‪ ،‬جرائم البورصة "دراسة مقارنة"‪ ( ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في العلوم تخصص قانون‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪.)2018 ،‬‬

‫‪ .8‬فهد بن محمد النقيعي‪ ،‬الحماية الجنائية للسوق المالية السعودية "دراسة تحليلية‬
‫مقارنة"‪( ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪.)2006 ،‬‬

‫‪ .9‬فهد خالد إبداح بوردن‪ ،‬المضاربة والتالعب باألسعار في سوق المالية "دراسة‬
‫مقارنة"‪( ،‬أطروحة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.)2017 ،‬‬

‫قرفي إدريس‪ ،‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي "دراسة مقارنة"‪( ،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2010 ،‬‬

‫محمد نور حمدان‪ ،‬الحماية الجنائية للمعلومات في األسواق المالية البورصة‬ ‫‪.11‬‬
‫دراسة فقهية تأصلية‪( ،‬أطروحة دكتوراه في الفقه اإلسالمي‪ ،‬جامعة طرابلس‪ ،‬كلية‬
‫الشريعة‪.)2016،‬‬

‫ب‪ -‬الرســــائـــــل‬

‫‪ .1‬بوجملين وليد‪ ،‬سلطات الضبط االقتصادي في القانون الجزائري‪( ،‬رسالة ماجستير في‬
‫القانون‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق ‪.)2007‬‬

‫‪ .2‬خوجة جمال جريمة تبيض األموال‪" ،‬دراسة مقارنة"‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‬
‫الخاصة‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان ‪.)2008‬‬

‫‪244‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .3‬دعاء عبد هللا علي السيد‪ ،‬تأثير المعلومات التي يكتسبها الفرد من خالل االنترنت على‬
‫قرارات االستثمار في السوق األوراق المالية (دراسة تطبيقية على البورصة المصرية)‪،‬‬
‫(رسالة ماجستير في اإلعالم ‪ ،‬جامعة القاهرة كلية اإلعالم‪.)2016 ،‬‬

‫‪ .4‬رامي يوسف محمد‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم االقتصادية‪(،‬‬


‫رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس فلسطين‪،‬‬
‫‪.)2010‬‬

‫‪ .5‬رغدة عماد أحمد الحاج عبد هللا‪ ،‬اإلفصاح والشفافية في المعلومات المتعلقة باألوراق‬
‫المالية المتداولة في البورصة "دراسة مقارنة‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة‬
‫النيلين‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪.)2019 ،‬‬

‫‪ .6‬طلبة أميرة‪ ،‬أثر اإلفصاح المحاسبي على القيمة السوقية "دراسة حالة بعض الشركات‬
‫المدرجة في البورصة"‪( ،‬رسالة ماجستير في االقتصاد والمناجمنت‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪.)2009 ،‬‬

‫‪ .7‬عوضية حاج عكاشة‪ ،‬عقد المضاربة في الفقه اإلسالمي والقانون وتطبيقاته في البنوك‬
‫السودانية‪( ،‬رسالة ماجستير في الشريعة اإلسالمية‪"،‬د‪.‬ب‪.‬ن"‪ " ،‬د‪.‬س‪.‬ن ")‪.‬‬

‫‪ .8‬غازي مضوي أحمد محمود‪ ،‬الضوابط القانونية لتداول األوراق المالية في أسواق المال‪(،‬‬
‫رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة النيلين‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬السودان‪.)2019 ،‬‬

‫‪ .9‬قواري مجدوب‪ ،‬سلطات الضبط في المجال االقتصادي " لجنة تنظيم ومراقبة عمليات‬
‫البورصة وسلطة الضبط للبريد والمواصالت أنموذجين"‪(،‬رسالة ماجستير في القانون‪،‬‬
‫جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬تلمسان‪.)2010 ،‬‬

‫‪ .10‬ماديو نصيرة‪ ،‬إفشاء السر المهني بين التجريم واإلجازة‪ ( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪.)2010 ،‬‬

‫‪ .11‬موسى رحموني‪ ،‬الرقابة القضائية على سلطات الضبط المستقلة في التشريع‬


‫الجزائري‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة باتنة كلية الحقوق‪.)2013 ،‬‬

‫‪ .12‬نبيل يوسف‪ ،‬مسؤولية الشخص المطلع الجزائية عن المعلومات الداخلية في أسواق‬


‫المال " دراسة مقارنة"‪ ( ،‬رسالة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪.)2004 ،‬‬

‫‪245‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .13‬نصيرة بوحجة‪ ،‬سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في القانون المقارن‬
‫الجزائر‪( ،‬رسالة ماجستير في القانون الجنائي والعلوم الجنائية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‪،‬‬
‫الجزائر‪.)2002 ،‬‬

‫رابعا‪ :‬المقاالت‬

‫‪ .1‬أحمد السيد الصاوي‪ «،‬المحاكم االقتصادية»‪ ،‬مجلة الحقوق للبحوث القانونية واالقتصادية‪،‬‬
‫العدد األول‪( ،‬د‪.‬ب ن)‪.2010 ،‬‬

‫‪ .2‬أحمد بصري إبراهيم ومحمد حسن علي علوش‪ «،‬التدابير الواقية من جرائم البورصات في‬
‫االقتصاد الوضعي والفقه اإلسالمي‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،»-‬بحوث ودراسات التجديد‪،‬‬
‫المجلد‪ ،17‬العدد‪( ،33‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪.2013 ،‬‬

‫‪ .3‬أحمد مصطفى الدبوسي‪« ،‬الدور الرقابي لبورصة األوراق المالية على سوق رأس المال‬
‫وأثره في نمو السوق "دراسة مقارنة في القانونيين المصري واإلماراتي»‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫الشارقة للعلوم القانونية المجلد‪ ،17‬العدد‪ ،01‬يونيو‪.2020‬‬

‫‪ .4‬براردي سميرة‪ «،‬الجرائم البنكية‪ -‬جريمة إفشاء السر البنكي نموذجا‪ ،»-‬مجلة الحقوق‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،11‬العدد ‪ ، 04‬دب ن ‪2018 ،‬‬

‫‪ .5‬بلعجوز حسين‪ ،‬لقليطي األخضر‪« ،‬أثر اإلفصاح المحاسبي على اتخاذ القرارات‬
‫االستثمارية في سوق األوراق المالية» مجلة البحوث في العلوم المالية والمحاسبية‪ ،‬مجلد‬
‫‪ ، 01‬عدد‪ 01‬جامعة المسيلة‪ ،‬الجزائر‪.2016 ،‬‬

‫‪ .6‬بوزوينة هجيرة‪ « ،‬أثر اآلليات لحكومة الشركات على الرفع من جودة المعلومات المالية‬
‫وكفاءة األسواق المالية»‪ ،‬مجلة اإلدارة والتنمية للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد‪(،12‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪،‬‬
‫(د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ .7‬تغربيت رزيقة‪« ،‬ضمان المساواة في المعلومة المالية بين المتدخلين في سوق األوراق‬
‫المالية»‪ ،‬المجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬عدد خاص‪(،‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪.2017 ،‬‬

‫‪ .8‬حمليل نوارة‪ « ،‬جريمة استغالل معلومات إمتيازية في البورصة بين اختصاص القاضي‬
‫وسلطة ضبط السوق المالية»‪ ،‬المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،02‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2007 ،‬‬

‫‪ .9‬خديجة عبد الحميد مصطفى القطيشان‪ «،‬السلطات االستثنائية لمأمور الضبط القضائي في‬
‫الجرم المشهود في نظام اإلجراءات الجزائية ‪ -‬دراسة مقارنة لبعض القوانين‪ ،»-‬مجلة‬
‫العلوم االقتصادية واإلدارية والقانونية‪ ،‬العدد ‪ ،06‬المجلد األول‪ ،‬أغسطس‪.2017 ،‬‬

‫‪246‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .10‬دواق سميرة‪ ،‬بلعجوز حسين‪« ،‬اإلفصاح المحاسبي في القوائم المالية للشركات‬


‫الجزائرية ‪ ،‬دراسة حالة الشركات المدرجة في البورصة خالل الفترة(‪،»)2017—2015‬‬
‫مجلة العلوم االقتصادية والتسير والعلوم التجارية‪ ،‬المجلد‪ 11‬العدد‪ ،02‬المسيلة‪.2018 ،‬‬

‫‪ .11‬رشيدة محمود سيد أحمد‪« ،‬االختصاص االستثنائي لسلطة الضبط القضائي في النظام‬
‫السعودي والقانون السوداني»‪ ،‬المجلة العربية للنشر العلمي‪ ،‬العدد ‪ ،16‬يناير ‪.2020‬‬

‫‪ .12‬رفيق يونس المصري‪ « ،‬المضاربة على األسعار بين المؤيدين والمعارضين»‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬المجلد‪ ،20‬عدد ‪ 01‬لسنة ‪.2007‬‬

‫‪ .13‬رنا إبراهيم سليمان العطور‪ " ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي"‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد الثاني‪.2006 ،‬‬

‫‪ .14‬ساوس خيرة‪ « ،‬جريمة إفشاء سرية الحسابات بالبنوك في القانون الجزائري»‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،02‬جامعة بن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ( ،‬د س ن)‪.‬‬

‫‪ .15‬طاليبي وهيبة‪« ،‬مفهوم مصطلح المضاربة الشرعية بين الفقه والقانون المصرفي»‪،‬‬
‫المجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬عدد‪ 01‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪.2011 ،‬‬

‫‪ .16‬عبد الحق مزردي‪«،‬االختصاص الرقابي للسلطات الضابطة المستقلة في مجال‬


‫البورصة‪ -‬على ضوء التشريعين الجزائري والمغربي‪ ،»-‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪،‬‬
‫عدد‪( ،17‬د‪.‬د‪.‬ن) جانفي‪.2018‬‬

‫‪ .17‬عبد القادر حوة‪ ،‬فتيحة بكطاش‪« ،‬أثر القياس واإلفصاح عن األدوات المالية في القوائم‬
‫المالية ومتطلباتها وفق معايير اإلبالغ المالي الدولي والنظام المحاسبي المالي"»‪ ،‬مجلة‬
‫أفاق للعلوم‪ ،‬العدد‪ 16‬المجلد ‪ ،04‬جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجلفة الجزائر‪.2016 ،‬‬

‫‪ .18‬عبد القادر عبد السالم‪ ،‬نادية بن ميسية‪" ،‬القيود الواردة على سلطة النيابة العامة في‬
‫تحريك ومباشرة الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم االقتصادية"‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬العدد االقتصادي ‪ ،36‬جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجلفة‪(،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ .19‬عبد القادر فرادي‪« ،‬اإلفصاح المحاسب في النظام المحاسبي المالي وبورصة‬


‫الجزائر»‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬المجلد ‪ ،16‬العدد ‪ ،02‬جامعة األغواط ‪ ،‬جانفي ‪.2019‬‬

‫‪ .20‬عزيزة بن سمينة‪ ،‬مريم طبني‪« ،‬دور اإلفصاح المحاسبي والشفافية في تفعيل بورصة‬
‫الجزائر»‪ ،‬مجلة تاريخ العلوم‪ ،‬العدد السابع‪ ( ،‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪ ،‬مارس ‪.2017‬‬

‫‪247‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫‪ .21‬علي عبد األحمد أبو البصل‪« ،‬المضاربة والمقامرة في بيع وشراء األسهم ‪ -‬دراسة‬
‫فقهية مقارنة‪ ،» -‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ 25‬العدد‪،02‬‬
‫‪.2009‬‬

‫‪ .22‬علي عدنان الفيل‪ « ،‬مهام الضبط القضائي الخاص في الجرائم البيئية في التشريعات‬
‫العربية‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،»-‬المجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد‬
‫‪ ،54‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،‬العراق‪( ،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ .23‬عيسى علي‪ ،‬المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في الجرائم البيئة‪ ،‬مجلة العلوم السياسية‬
‫والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،13‬المجلد ‪ ،03‬كانون الثاني‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬برلين‪،‬‬
‫(د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ .24‬مجاجي سعاد‪ « ،‬حق المساهم في اإلعالم بين مقتضيات الشفافية واإلفصاح وضرورات‬
‫السرية ‪ -‬الشركات المصدرة لألوراق المالية نموذجا‪ ،»-‬مجلة القانون واألعمال‪.2014 ،‬‬

‫‪ .25‬محمد أحمد المحاسنة‪ " ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في حالة انتفاء الصفة‬
‫التمثيلية للعضو مرتكب الجريمة دراسة مقارنة "‪ ،‬دراسات علوم التشريعية والقانون‪،‬‬
‫المجلد ‪ 42‬العدد ‪ ،01‬األردن‪.2004 ،‬‬

‫‪ .26‬محي محمد سعد‪ « ،‬دور المحاكم االقتصادية في اإلصالح القضائي واالقتصادي»‪،‬‬


‫مجلة الحقوق للبحوث القانونية واالقتصادية عدد خاص‪ ( ،‬د‪.‬ب‪.‬ن)‪.2010 ،‬‬

‫‪ .27‬هواري سويسي‪« ،‬تقييم فعالية بورصة القيم في تحسين الوضعية المالية للقطاع الخاص‬
‫بالجزائر"‪ ،‬دراسة حالة شركة آليانس للتأمينات»‪ ،‬رؤى اقتصادية‪ ،‬العدد ‪( ،05‬د‪.‬ب‪.‬ن)‬
‫ديسمبر‪.2013‬‬

‫‪ .28‬وردة شرف الدين‪« ،‬جرائم بورصة القيم المنقولة في التشريع الجزائري أشكالها‬
‫والعقوبات المقررة لها»‪ ،‬مخبر أثر االجتهاد (د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ .29‬يصنوني حفيظة‪ ،‬بشوندة رفيق‪ «،‬السوق المالي (البورصة) في ظل تطبيق النظام‬


‫المحاسبي المالي واقع آفاق»‪ ،‬مجلة المالية واألسواق ‪ ،‬المجلد‪ ،03‬العدد‪ ،06‬جامعة بن‬
‫باديس‪ ،‬مستغانم‪.2017 ،‬‬

‫‪248‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫خامسا‪ :‬المداخالت المنشورة‬

‫‪ .1‬شوقي أحمد دنيا‪ ،‬التالعب في األسواق المالية‪ ،‬الدورة العشرون للمجمع الفقهي اإلسالمي‬
‫المنعقدة في مكة المكرمة‪. 2010 ،‬‬

‫‪ .2‬صالح أحمد البربري‪ ،‬المضاربة والتالعب باألسعار في سوق األوراق المالية(دراسة‬


‫مقارنة بحث مقدم في مؤتمر أسواق األوراق المالية والبورصات)‪ ،‬دبي‪ 08 ،‬مارس‬
‫‪.2007‬‬

‫‪ .3‬عبد هللا السلمي‪ ،‬التقرير في المضاربات في بورصة األوراق المالية توصيفه وحكمه‪،‬‬
‫رابطة العالم اإلسالمي المجمع الفقهي اإلسالمي‪ ،‬مكة المكرمة‪.2010 ،‬‬

‫‪ .4‬كور طارق‪ ،‬المحاكمة أمام األقطاب الجزائية المتخصصة( الملتقى الدولي حول المحاكمة‬
‫العادلة في القانون الجزائري والمواثيق الدولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫العربي بن مهيدي‪ ،‬قسنطينة‪.2012-11-10 ،‬‬

‫‪ .5‬محمد بن إبراهيم السحيباني‪ ،‬التالعب في األسواق المالية البعد االقتصادي‪ ،‬ورقة عمل‬
‫مقدمة في ندوة المضاربة والتالعب في األسواق المالية األبعاد االقتصادية والقانونية‬
‫الشرعية‪ ،‬الهيئة اإلسالمية العالمية لالقتصاد والتمويل‪ ،‬الرياض‪.2008 ،‬‬

‫‪ .6‬محمد بن إبراهيم السحيباني‪ ،‬التالعب في األسواق المالية صوره وآثاره بحث مقدم للدورة‬
‫العشرين للمجمع الفقهي اإلسالمي رابطة العالم اإلسالمي‪ ،‬مكة المكرمة‪2010 ،‬‬

‫سادسا‪ :‬محاضرات‬

‫‪ .1‬عبد المجيد زعاللي‪ ،‬االتجاهات الجديدة تشريع جرائم الصرف‪ ،‬محاضرة ألقيت في‬
‫المحكمة العليا يوم ‪ ،1997/05/12‬بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬المحلية القضائية‪،‬‬
‫العدد األول‪ ،‬لسنة ‪.1996‬‬
‫‪ .2‬فريد روابح‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام‪ ،‬مطبوعة الدروس لطلبة السنة الثانية‬
‫ليسانس‪ ،‬جامعة محمد لمين دباغين سطيف‪.2019-2018 ،‬‬

‫‪249‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫سابعا‪ :‬مواقع اآلنترنات‬

‫‪ - 1‬القوانين‪:‬‬

‫القوانين الخاصة بالتشريع المصري‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫قانون رقم ‪ 58‬لسنة ‪ 1937‬المتعلق بقانون العقوبات المصري معدل ومتمم متاح على‬ ‫‪.1‬‬
‫الموقع‪www.cc.gov.eg :‬‬
‫قانون رقم ‪ 150‬لسنة‪ 1950‬المتعلق بقانون االجراءات الجزائية المصري معدل ومتمم‬ ‫‪.2‬‬
‫متاح على الموقع‪www.cc.gov.eg :‬‬
‫قانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بسوق رأس المال المصري والئحته التنفيذية متاح على‬ ‫‪.3‬‬
‫الموقع‪www.cc.gov.eg :‬‬
‫القانون رقم ‪ 93‬لسنة ‪ ،2000‬الخاص بااليداع والقيد المركزي لألوراق المالية المصري‬ ‫‪.4‬‬
‫الصادر ‪ 18‬ماي ‪ 2000‬متاح على الموقع‪www.cc.gov.eg :‬‬
‫القانون رقم ‪ 03‬لسنة ‪ 2005‬الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات االحتكارية‬ ‫‪.5‬‬
‫المصري متاح على الموقع‪www.cc.gov.eg :‬‬
‫قانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2009‬خاص بتنظيم الرقابة على األسواق واألدوات غير المالية‬ ‫‪.6‬‬
‫المصرفية المصري‪ ،‬المؤرخ في ‪ 01‬مارس ‪.2009‬‬
‫متاح على الموقع‪www.cc.gov.eg :‬‬

‫ب‪ -‬قوانين التشريعات الفرنسية‬


‫‪1.‬‬ ‫‪Code pénal français site: www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪2.‬‬ ‫‪Code procédure pénal français ,site: www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪3.‬‬ ‫‪Loi n° 66-537 du 24 juillet 1966 sur les sociétés commerciales,‬‬
‫‪JORF, du 26 juillet 1966,site: www.legifrance.gouv.fr.‬‬
‫‪4.‬‬ ‫‪Ordonnance n° 67-833 du 28 septembre 1967 instituant une‬‬
‫‪commission des opération de bourse et relative a l’information des‬‬
‫‪porteurs de valeurs mobilières et a la publicité de certaines‬‬
‫‪opération de bourse, JORF du 29 septembre 1967,site:‬‬
‫‪www.legifrance.gouv.fr.‬‬
‫‪5.‬‬ ‫‪Loi n° 2013-672 du 26 juillet 2013 de séparation et de régulation‬‬
‫‪des activités bancaires, JORF n°173 du 27 juillet 2013,site:‬‬
‫‪www.legifrance.gouv.fr.‬‬

‫‪250‬‬
‫قائمة المصادر والمرجع‬

‫ المراجع‬-2

:‫ باللغة العربية‬-‫أ‬
‫ قواعد قيد وشطب األوراق المالية بالبورصة المصرية وفقا لقرار مجلس إدارة الهيئة رقم‬-
،‫ الهيئة العامة للرقابة المالية‬،2016 ‫ نسخة محدثة في يوليو‬،‫ وتعديالته‬2014 ‫ لسنة‬11
.13:00 ‫ على الساعة‬2019 ‫ أفريل‬20 ‫ بتاريخ‬WWW.Fra.gov.eg ‫متاح على الموقع‬
‫ باللغة الفرنسية‬-‫ب‬

- Corinne Renault- brahinsky. l’essentiel de la procedure pénal


edition gualino l’extenso ,France, 2013.

- André marie, les enquêtes de la DGCCRF en matière des pratique,


anticoncurrentielles revue Lamy de la concurrence, janvier/ mars
2008 n°14 P113, sur le site d’internent:
- http://www.economie.gouv.fr/files/direction-
servieces/dgccrf/dicumentation/publications

- - Vidal Dominique, droit des sociétés, LGdJ , paris, 1993.

- Rivière Isabelle, les contrats portant sur les valeurs mobilières, thèse
de doctorat uni vde paris, I pantheon, Sorbonne,1997.

‫ المواقع االلكترونية‬-‫ج‬

http://www.amf.france.org . ‫ موقع هيئة األسواق المالية الفرنسي‬.1

http://www.egyptse.com ‫ موقع البورصة المصرية‬. 2

251
‫الفهرس‬

‫الصفحة‬
‫‪/‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪111-07‬‬ ‫الباب األول‪ :‬صور جرائم بورصة األوراق المالية‬
‫‪08‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬جرائم البورصة الماسة بشفافيتها‬
‫‪09‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الجرائم المتعلقة بالتعامل مع المعلومة االمتيازية‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المعلومة االمتيازية‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف المعلومة االمتيازية‬
‫‪13‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬الشروط الواجب توافرها في المعلومات المحضور استغاللها‬

‫‪18‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬جريمة استغالل المعلومة االمتيازية‬


‫‪18‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المفترض‬
‫‪21‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المادي‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع الثاالث‪:‬الركن المعنوي‬
‫‪24‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬جريمة إطالع الغير على المعلومة االمتيازية‬
‫‪24‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬الركن المعنوي‬
‫‪30‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة‬
‫‪30‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مدى االلتزام باإلفصاح والشفافية في المعلومة‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإلفصاح‬
‫‪32‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬أهمية اإلفصاح‬
‫‪34‬‬ ‫الفرع الثالث‪:‬موقف التشريعات من اإلفصاح‬
‫‪39‬‬ ‫المطلب الثاني‪:‬أركان جريمة نشر المعلومات الخاطئة أو المغالطة‬
‫‪39‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‬
‫‪45‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬الركن المعنوي‬
‫‪49‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬جرائم البورصة الماسة بحسن سيرها وتنظيمها‬

‫‪253‬‬
‫الفهرس‬

‫‪50‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الجرائم المتعلقة بسلوك الوسيط‬


‫‪50‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬جريمة المضاربة غير المشروعة‬
‫‪50‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬ماهية المضاربة غير المشروعة‬
‫‪59‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬أركان جريمة المضاربة غير المشروعة‬
‫‪69‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬جريمة إعاقة مراقبي الهيئة‬
‫‪69‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‬
‫‪71‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬الركن المعنوي‬

‫‪72‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬

‫‪72‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬قواعد التنظيم القانوني لتداول القيم المنقولة‬

‫‪73‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القيم المنقولة محل لتداول في البورصة‬
‫‪83‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬وسطاء التداول في البورصة‬
‫‪96‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬قيد األوراق المالية‬
‫‪103‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أركان جريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬
‫‪103‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي لجريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬

‫‪109‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي لجريمة التداول غير القانوني للقيم المنقولة‬

‫‪113-226‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬


‫‪114‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬إجراءات المتابعة الجزائية في جرائم البورصة‬
‫‪115‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مرحلة جمع االستدالالت في جرائم البورصة‬
‫‪115‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مرحلة الضبط القضائي في مجال جرائم البورصة‬
‫‪115‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الضبط القضائي‬
‫‪120‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬سلطات وواجبات مأموري الضبط القضائي في جرائم البورصة‬
‫‪125‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬التزامات مأموري الضبط القضائي في جرائم البورصة‬

‫‪254‬‬
‫الفهرس‬

‫‪128‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬األجهزة المختصة بمكافحة جرائم البورصة‬


‫‪129‬‬ ‫الفرع األول‪:‬هيئة األسواق المالية الفرنسية‬
‫‪135‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الهيئة العامة للرقابة المالية‬
‫‪138‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‬
‫‪149‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مرحلة التحقيق في جرائم البورصة‬
‫‪149‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تحريك الدعوى العمومية في جرائم البورصة‬
‫‪149‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعليق تحريك الدعوى على صدور الطلب‬
‫‪156‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة المضرور في تحريك الدعوى العمومية‬
‫‪162‬‬ ‫المطلب الثاني‪:‬انقضاء الدعوى العمومية في جرائم البورصة‬
‫‪162‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬األسباب العامة النقضاء الدعوى العمومية‬
‫‪164‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬األسباب الخاصة النقضاء الدعوى العمومية‬
‫‪169‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الفصل في جرائم البورصة‬
‫‪170‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الجهة المختصة بالفصل في جرائم البورصة‬
‫‪170‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬والية المحاكم االقتصادية بالفصل في جرائم البورصة‬
‫‪170‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المحاكم الجزائية صاحبة االختصاص العام‬
‫‪173‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬األقطاب الجزائية المتخصصة‬
‫‪175‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬توزيع االختصاص داخل المحاكم االقتصادية‬

‫‪175‬‬ ‫الفرع األول‪:‬االختصاص النوعي للمحاكم االقتصادية‬

‫‪178‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬االختصاص المحلي للمحاكم االقتصادية‬


‫‪180‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تحديد المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة‬
‫‪181‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬طبيعة الركن المعنوي في جرائم البورصة‬

‫‪181‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تطلب الركن المعنوي في جرائم البورصة‬

‫‪188‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬افتراض الركن المعنوي في جرائم البورصة‬

‫‪255‬‬
‫الفهرس‬

‫‪192‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صور المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة‬

‫‪192‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم البورصة‬


‫‪210‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في جرائم البورصة‬

‫‪214‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أثر المسؤولية الجزائية في جرائم البورصة‬


‫‪215‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقوبات الجزائية األصلية في جرائم البورصة‬
‫‪221‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية في جرائم البورصة‬

‫‪228‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪235‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫‪253‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪256‬‬
:‫ملخص‬

‫تأتي أهمية دراسة موضوع الحماية الجزائية لبورصة األوراق المالية في وقت أصبح فيه تداول األوراق المالية‬
‫ وبذلك‬،‫ لما له من دور بارز في استثمار وتحقيق عائد ألموالهم المستثمرة في البورصة‬،‫موضوع اهتمام المستثمرين‬
‫فإن من شأن الممارسات و السلوكات غير المشروعة التي من الممكن أن تقع في مجال تداول األوراق المالية التأثير‬
.‫ بل تتجاوز ذلك إلى تدميره‬،‫سلبيا على االقتصاد فتهدد نموه واستقراره‬

‫ونظرا لخطورة هذه الممارسات على تداول األوراق المالية فإنه يقتضي من باب الضرورة إرساء منظومة‬
‫جزائية تكفل رصد ا ألفعال غير المشروعة وتجريمها وقمعها بشتى الطرق والوسائل القانونية مما سيساهم حتما في‬
.‫تعزيز الثقة والشفافية بين المتعاملين في بورصة األوراق المالية‬

Résumé :

L’importance de l’étude ayant pour thème la protection algérienne de la bourse des valeurs, est
intervenue à un moment où la question de la transaction des billets monétaires est devenue un sujet de
préoccupation majeure pour les investisseurs, compte tenu de son rôle prépondérant dans
l’investissement qui offrira également des recettes supplémentaires à leurs fonds investis dans la bourse,
de ce fait, les comportements et les pratiques illicites qui pourraient se produire dans les domaine de
transactions des billets monétaires, aura un effet négatif sur l’économie et menace sa croissance, sa
stabilité et pire encoreson effondrement.

Vu la gravité de ces pratiques sur la transaction des billets monétaires il est jugé nécessaire l’instauration
d’un mécanisme pénal qui prend en charge la détection des exaction illicite, en vue de leur incrimination
et leur répression avec tous les moyens réglementaires ce qui contribuera sans aucun doute, au
renforcement de la confiance et de promouvoir la transparence entre les opérateurs de la bourse des
valeurs.

Summary:

The importance of studying the subject of penal protection for the stock exchange in a
time where money bills trading has become the subject of investor interest, because of its
prominent role in investing and getting a return for their money invested in the stock exchange. In
the field of money bills trading, the negative impact of the illegal practices on the economy
endangers its growth and stability, and even goes beyond that to its destruction.

Given the seriousness of those practices on the circulation of money bills, it is imperative
to establish a penal system that ensures the monitoring of illegal practices, their criminalization
and their suppression by various legal methods and means, which will inevitably contribute to
enhancing confidence and transparency among dealers in the stock exchange.

You might also like