Professional Documents
Culture Documents
يلمس بكل بساطة تلك األمهية اليت أضحت تتمتع هبا النقود يف احلياة االقتصادية،
فأمسى ال ميكن التخلي عليها حىت من أجل إمتام أبسط املعامالت يف هاته احلياة ،إذ
ارتضاها مجيع األفراد لتكون وسيلة لتبادل السلع واخلدمات بينهم ،ومقياس للقيمة ،وهي
جزء أساسي من العملية االقتصادية واالجتماعية على حد سواء .فهذا يستدعي منا
حتديدا دقيقا ملفهومها وأهم خصائصها ووظائفها اليت جعلت منها أداة حتظى بالقبول
العام بني أفراد اجملتمع ،وقد أثرت على التقدم احلضاري.
لكن قبل ذلك قد يتبادر إىل أذهاننا تساؤل حول هاته األمهية ،فهل هي مكتسبة قد
تطورت بتطور االقتصاد ،أم أهنا زامنت ظهور النقد ؟ فإذا كانت مكتسبة ،فما هي أهم
املراحل اليت شهدها تطور النقد ،وما هي أسباب ظهور النقد؟
تشري العديد من األدبيات إىل أن الفر hhد البشر hhي استخدم النقد منذ آالف السنني ،وhhعلى
الرhhغم من تعدد أشكال النقد وhhتنوhhعها عرب التارhيخ ،إذ مر hhت النقوhhد مبرhاحل خضعت خالهلاh
للتطوhhر التدرhhجيي حسب طبيعة وhhظرhوhhف احلياة االقتصادية وhاالجتماعية اليت سادت كل
مر hhحلة من مرhاحل التطوhhر ،إال أن الثابت أن اجملتمعات البشرhية قد عر hhفت أنظمة اقتصادية
أخر hhى قبل أن تعيش مر hhحلة االقتصاد النقدي ،حيث نذ hhكر:
متيز hhت هات hhه املر hhحل hhة بأhhن الو hhحدة االقتص hhادية (األس hر hhة ،القhhبيلة )...كاhنhhت تنتhhج مhhا حتتاhhج إلي hhه
دوhhن احلاجhة لآلخرhيhن ،وhلذلhك مسhيت مبر hhحلhة اإلنتاhhج مhن اليhد إىل hالفhم ،فقhد متيز hhت مبحدوhhديhة
هات hh hه احلاجات وhhبس hh hاطتها .hإال أhh hن تطوhhر الر hhغبات و از hhدياد حاجات وhhمتطلبات األفرhاد دف hh hع
بتلك الو hhحدات حنو التبادل و هو ما نتج عنه أو أدى إىل ظهوhhر املر hhحلة املوhالية.
عرhhفت كذلك مبر hhحلة االقتصاد الطبيعي أو العيين ،حيث شهدت هاته الفرتhhة فائضا لدى
الو hhحدات االقتصادية يف منتجات معينة و عجزhا يف منتجات أخر hhى ،نتيجة التخصص و
تقسيم العمل ،و هو ما أظهر احلاجة إيل التبادل (املبادلة) بني تلك الو hhحدات االقتصادية و
اليت اhhكتسبت طابع املقايضة ،أي مبادلة سلعة مقابل سلعة أخر hhى تكوhhن الو hhحدة االقتصادية
يف حاجة إليها .يف املرhاحل األوhhىل مث توhhسعت حيث أصبحت السلع تتبادل يف األسوhاق
و hhحىت خار hhج القبائل و األقاليم.
بالر hhغم من املزhايا اليت وhhفرhhهتا املقايضة إال أن استخدامها شابه العديد من الصعوhhبات على
غرhار:
صعوhhبة حتديد نسب مبادلة السلع ببعضها البعض ،خاصة مع زhيادة تنو hhع السلع؛
صعوhhبة توhافق ر hhغبات األفرhاد ،خاصة مع زhيادة و تنو hhع حاجياهتم؛
عدم قابلية بعض األنوhا hhع من السلع للتجزhئة مما يقضى على جوhhهر hhها؛
عدم توhhفر أداة صاحلة الختزhان القيم؛
صعوhhبة النقل.
فهاته الصعوhhبات دفعت بتلك الو hhحدة إىل البحث عن وhhسيلة متكنها من إمتام املبادالت
بكل يسر وhأرhhحيية و هو ما أدى إىل ظهوhhر مر hhحلة االقتصاد النقدي.
نذ hhكر أنه وhhخبالف هاته الصعوhhبات؛ ميكن مالحظة أن إمتام عمليات املقايضة كان
يصحبها تكاليف تتمثل يف ضيا hhع الوhhقت ،التعب ...إخل ،وhhهو ما أجرب أوhلئك األفرhاد
على البحث لتنظيم عمليات املبادلة لتكوhhن بشكل دوhر hhي ،أو إجياد أي شكل من
أشكال التنظيم من شأنه أن يسمح بتدنئه تلك التكاليف ،وhاليت ميكن توhزhيعها على
فر hhعني :تكاليف الصفقة ،وhhتكاليف االنتظار.
وhhتشمل التكاليف املصاحبة لتنقل األفرhاد يف إطار سعيهم إلمتام التباhدل ،كتكاليف الوhhقت
املهدوhhر وhاجلهد املبذوhhل لتحقيق أو اللتقاء ر hhغبات طاليب التباhدل ،ذلك أن الفرhhد أثناء سعيه
سيتوhhقف عن العمل وhاإلنتاhhج ،وhhباhلتايل ميكن القوhhل بأن هناك كمية من اإلنتاhhج ضائعة (مل
تنتج) يف هذا الوhhقت،كما أن عمليات التنقل تلك سينتج عنها تعب وhhإر hhهاق ألوhhلئك األفرhاد.
وhhهي على نوhhعني :
تكاليف االنتظار الذاتية :وhhتتمثل يف اخلوhhف وhالرhيبة اللذان يصاحبان الفر hhد حىت يتمكن من
االتفاhق مع شخص آخر ملبادلة سلعته وhhإشبا hhع حاجاته ،أي تلك التكاليف املصاحبة لفرتhhة
االنتظار حىت يتفقان على كل ما خيص التبادل ( قيمة التبادل يف املنتجات ،)...حيث تز hhداد
هاته التكاليف مع زhيادة وhhتنو hhع ر hhغبات املبادلة (اخلوhhف وhالرhيبة من عدم حتقق الر hhغبات
وhhبالتايل عدم إشبا hhع احلاجات )؛
تكاليف االنتظار الموضوعية :إذا كانت تكاليف االنتظار الذاتية مرhتبطة بذات الفرhhد وhhما
يشعر به من خوhhف وhرhhىب من عدم حتقق التبادل فإن تكاليف االنتظار املوhhضوhhعية مرhتبطة
بالسلع موhhضو hhع التبادل ،فطاملا مل ينجح األفرhاد يف حتقيق التبادل فإهنم جمربhوhhن على حتمل
تكاليف اإلحتفاض مبنتجاهتم ( التخزhين ،احلرhاسة )...وhhتز hhداد هاته التكاليف كلما كان
املنتج أكثر عرhhضة للتلف .وhhلذلك سعى أوhhلئك األفرhاد إىل ختفيض هاته التكاليف من خالل
تنظيم شكل املبادلة (مقايضة /معاوhhضة /اقتصاد نقدي ).
مهدت املقايضة السبيل إىل ظهوhhر النقوhhد ،حيث مل تكن النقوhhد يف بداية األمر وhر hhقة بنكية
و hhال قطعة معدنية ،بل كانت نقوhhدا سلعية ،أين استخدمت اجملتمعات البشرhية قبل 6000إىل
9000سنة املاشية أو بعض املنتجات الزhرhاعية ،أي اعتماد سلعة معينة (إحدى السلع اليت
يتم استهالhhكها أو استخدامها يف اإلنتاhhج) كو hhحدة قياس مشرتhh hكة لباقي السلع األخر hhى ،وhhقد
اختلفت هاته السلعة من جتمع بشر hhي إىل آخر .فاhلنقوhhد السلعية كانت عبار hhة عن سلعة تتميز
خبصاhئص يقرhهبا مجيع أفرhاد اجملموhhعة لتستخدم كمقابل يف كل عمليات التبادل ،وhhعليه تصبح
هاته السلعة مكافئ عاما ،وhhعليه أي أن القيم التبادلية ملختلف السلع يتم التعبري عنها بوhاسطة
هاته السلعة.
إال أن بعض الصعوhhبات الزhالت قائمة وhhحتوhhل دوhhن إمتام أو حتقيق التبادل ،كصعوhhبة تقييم
بعض السلع وhhهو ما دفع إىل البحث عن سلعة تتوhhفر فيها خصائص تقضي على الصعوhhبات
املالز hhمة للنقوhhد السلعية كعدم قابلية البعض منها للتجزhئة أو التخزhين ........وhhإمكانية احلمل
وhhصغر احلجم وhاألكثر من ذلك "الندر hhة النسبية و الثمن " وhhهو ما جتسد يف املعادن
و hhخصوhhصا الذهب وhالفضة ،ليتم استخدامها كمقياس للقيمة وhhحتوhhلت مع مرhوhhر الز hhمن إىل
نقوhhد تصدر hhها الدوhلة .
اجلدير بالذ hhكر أن النحاhس وhالربhوhhنز كانا أوhhل املعادن اليت استخدمت الستعماالت نقدية
وhhبقي الذهب نادرhا حىت عام 2000ق.م حيث خرhh hج عن نطاق التكديس وhhظهر أكثر
كوhhسيلة دفع .لكن مع بداية احلر hhب العاملية األوhhىل وhزhيادة نفقات السلع فرhhضت الكثري من
دوhhل العامل التداوhhل اإلجبار hhي للنقوhhد الوhر hhقية وhhسحبت املعدن الثمني من التداوhhل .
تعترب فكر hhة النقوhhد فكر hhة اجتماعية يف األساس ،غرب أن األمهية اليت حتظى هبا النقوhhد يف
احلياة االقتصادية تدفعنا للسعي وhرhاء حتديد مفهوhhم دقيق للنقوhhد˓ فمن خالل املسح
ألهم التعارhيف املسندة هلذه الظاهر hhة نستكشف :
بأن هناك عدة مداخل أو و hhجهات اعتمدت يف تعرhيف النقوhhد فمنهم من أشار إىل الناحية أو
اجلانب القانوhhين و منهم من رhh hكز على الطابع املادي للنقوhhد وhhلكن أغلب التعارhيف تصدت
لتعداد وhhظائف النقد؛
أن التطوhرhات املتالحقة اليت تشهدها هذه الظاهر hhة ،حىت أصبحنا نتكلم عن العمالت الر hhقمية أو
النقوhhد االلكرتhوhhنية ،أصبحت تشكل حتديا وhاضحا يف إجياد أو اعتماد تعرhيف شامل للنقوhhد بكافة
أنوhاعها عرب خمتلف األز hhمنة.
من بني التعارhيف املعتمدة للنقوhhد جند التعرhيف القائل بأن :
الثرhوhhة :وhاليت عر hhفتها األمم املتحدة بأهنا إجرhاء نقدي يشمل جممو hhع األصوhhل الطبيعية
وhالبشرhية وhاملادية ،وhhيشمل رhأس املال الطبيعي األرhاضي وhالغابات وhhموhار hhد الطاقة وhاملعادن ،أما
رhأس املال البشر hhي فهو تعليم السكان وhhمهارhاهتم ،وhhيشمل رhأس املال املادي كاملصنع وhاآلالت
وhاملباين وhالبنية التحتية .أي أن مصطلح الثرhوhhة أوhhسع نوhhعا ما من حيث أنه يضم األصوhhل
املادية و hhكذا املالية إضافة إىل النقوhhد.
الدخل :وhالذي يعترب تدفق خبالف الثرhوhhة اليت تعد خمزhوhhن للقيمة ،فالدخل يشري إىل التغري
احلاصل على الثرhوhhة خالل فرتhhة ز hhمنية ،لذلك ميكن قياسه خالل هاته الفرتhhة الز hhمنية املعينة سوhاءا
أكانت يوhhميا ،أسبوhhعيا ،شهرhيا...وhhيتمثل يف عوhائد األصوhhل املالية أو احلقيقية و قد يكوhhن يف
شكل نقوhhد .كما ميكن أن منيز بني الدخل وhالثرhوhhة من خالل القوhhل بأن الدخل ميكن جتديده
خبالف الثرhوhhة.
التعرhيف الوhhظيفي للنقوhhد :فبعد اإلشار hhة إىل أهم خاصية من خصائص النقوhhد وhhهي " أي شيء
حيظى بالقبوhhل العام " أخذ يف سر hhد أهم الوhhظائف املنوhhطة بالنقد ككوhhنه وhhسيط للتبادل؛ مقياس
للقيمة ......اخل فهاته الوhhظائف سنناقشها حبوhhل اهلل وhhقوhhته من خالل حماضر hhة خاصة هبا؛
أما حديثنا عن الناحية القانوhhنية فنستقيه من اإلشار hhة إىل كوhhن النقوhhد تعد مظهر من مظاهر
السيادة الوhhطنية ،ذلك أن لكل دوhhلة عملتها اخلاصة اليت تستخدمها يف تسيري النشاط
االقتصادي.
هنا ينبغي أن منيز بني النقوhhد وhالعملة ،إذ يعتقد الكثري من األفرhاد بأن العمالت النقدية
اليت يف حمافظهم هي عبار hhة عن نقوhhد ،لكن ذلك غري صحيح ،فهناك فر hhق جوhhهر hhي بني
مفهوhhم العملة وhhمفهوhhم النقوhhد ،نو hhجز hhه فيما يلي:
قد تفقد العملة من قيمتها مبرhوhhر الوhhقت بسبب التضخم وhhبعض العوhامل األخر hhى
يف حني حتافظ النقوhhد على قيمتها على املدى الطوhhيل ،بل قد تتزhايد هاته القيمة
عرب الز hhمن بسب متتعها بالندر hhة النسبية ،حيث ميثل الذهب وhالفضة وhالذهب أبرhhز
أشكال النقوhhد؛
قد تستخدم النقوhhد كوhhسيلة للتبادل يف كل دوhhل العامل ،بينما ختتص كل دوhلة أو
جمموhhعة دوhhل بعملة معينة ،حيث أن للنقوhhد قيمة يف حد ذاهتا ،بينما ال تتمتع
العملة بقيمة يف حد ذاهتا ،وhلكن يتم تداوhhهلا نتيجة للثقة يف قيمتها املسجلة
أما ما مييز السيادة القانوhhنية عن السيادة الفعلية ،فالسيادة القانوhhنية :جتعل للعملة قوhhة إبرhاء مطلقة بشان
مجيع املدفوhhعات و االلتزhامات بقوhhة القانوhhن أي أن القوhhة اليت تتمتع هبا العملة مستمدة أو يكفلها القانوhhن.
يف حني جند بأن السيادة الفعلية تتمثل يف اختيار األفرhاد لعملة قد تكوhhن عملة أخر hhى بدل الوhhطنية يف تسوhhية
املعامالت˓ فهنا مصدر السيادة ليس نابعا من السلطة بل من اختيار األفرhاد وhhقبوhhهلم هلاته العملة دوhhن سلطة
القانوhhن.
لذلك نذ hhكر هنا بأن العملة الوhhطنية ينبغي أن تتمتع بالسياديتني القانوhhنية وhالفعلية معا .إال أننا نالحظ بان
بعض الدوhhل قد ال تعكس عملتها الوhhطنية السيادة الفعلية بشكل وhاضح و hhحىت بتوhافر السيادة القانوhhنية
وhhذلك بسبب تداوhhل بعض العمالت األجنبية داخل حدوhhد تلك الدوhhل و استخدامها يف تسوhhية معامالهتم .
وhhيف ختام هذه النقطة نشري بأن من أوhhسع التعارhيف اليت أسندت وhاعتربhhت كتعرhيف شامل للنقوhhد هو أن:
االستمرhارhية :حبيث تكوhhن العملة (الشيء أو األداة املقبوhلة عموhhما) قابلة للبقاء ألطوhhل فرتhhة
ممكنة (األمر هنا نسيب ) دوhhن أن تتعرhhض للتلف أو التآكل ،فهذه الصفة كانت السبب يف
اعتماد أو إحالل النقوhhد املعدنية بدل السلعة؛
القيمة :وhhهنا نشري إىل أن هاته األداة ينبغي أن تتمتع بالثبات النسيب يف القيمة ،فال تكوhhن
قيمة العملة خاضعة لتقلبات حادة أو عنيفة مبرhوhhر الز hhمن ،ذلك أنه يتم استعماهلا حىت يف
تسوhhية املعامالت االقتصاhدية اآلجلة؛
الندر hhة :الندر hhة النسبية حىت ال تفقد قيمتها سرhيعا ،وhhهنا hنستذ hhكر ما حدث للفضة بعد كثر hhة
استخرhاجها ،حني مت اhhكتشاف منجم نيفادا سنة 1871م ،فتحوhhلت آنذاك النقوhhد الفضة من
عملة رhئيسية إىل عملة مشتقة أو مساhعدة .أما اآلن و يف عصر سرhيان النقوhhد الوhر hhقية فالندر hhة
هنا تتمثل يف إدار hhة أجهز hhة الدوhhلة (البنك املرhh hكز hhي ) لإلصدار النقدي ( السياسات النقدية )
فمن املفرhوhض أن ال يتم أي إصدار نقدي وhر hhقي إال مبرhاعاة القدر hhة احلقيقية لإلنتاhhج ،حىت ال
خيتل التوhاز hhن بني القطاعني احلقيقي وhالنقدي.
التماثل :أو جتانس الو hhحدات أي التشابه التام بني كل الو hhحدات ،فكل و hhحدة ينبغي أن
تتشابه بشكل تام مع الو hhحدات األخر hhى املساوhhية هلا يف القيمة ،كوhhن االختالف هنا hقد
يؤhhدي إىل أن تكوhhن للسلعة الوhاحدة عدة أسعار أو إمثان؛
القابلية لالنقسام :أو قابلية التجزhئة ،أن تكوhhن قاhبلة للتجزhئة دوhhن أن تفقد من قيمتها وhhذلك
لضمان تسوhhية املعامالت الصغريhhة يف احلجم أو القيمة؛
خصائص أخر hhى (عامة) كسهوhhلة احلمل و التعر hhف عليها hفهاته الصفات من شأهنا أن تساهم
يف تأدية النقوhhد لوhhظائفها بكفاءة.
ميكن أن نستنبط من خالل التعرhيف السابق أهم الوhhظائف التقليدية للنقوhhد وhhهي :
النقوhhد وhhسيطا للتبادل :وhمتثل الوhhظيفة األساسية ،فاستخدام النقوhhد يساهم يف تسهيل عملية
التبادل فبدال من مبادلة سلعة بسلعة أخر hhى أصبح ميكن مبادلتها بالنقوhhد ،كما أن خاصية
قابلية التقسيم أو التجزhئة للنقد تساhهم يف تسهيل عملية التبادل من حيث أهنا حتقق التبادل
مهما كان نو hhع الصفقة صغريhhة كانت أو كبريhhة ،وhhعموhhما فإن استخدام النقوhhد كوhhسيط
للتبادل يرتhhتب عنه نتيجتني مها :
زhيادة كفاءات اإلنتاhhج :من خالل التخصص وhhتوhزhhيع أو تقسيم العمل ،ذلك أنه أصبح من املمكن حتديد
معدالت التبادل ملختلف السلع وhاخلدمات؛
توhhسيع نطاق عمليات السوhhق عرب الزhhمن :ففي األوhhىل تعترب النقوhhد مقياسا للقيمة أما يف احلالة الثانية تعترب
مستوhhدعا للقيمة.
كما أن استخدام النقوhhد كوhhسيط للتبادل يشري إىل الدر hhجة العالية من الثقة اليت تتمتع هبا
النقوhhد ،الثقة يف قيمة الو hhحدة من النقد ،وhhهنا نقصد بالقيمة القيمة احلقيقة أي تلك اليت تعرب
عن القدر hhة الشرhائية للنقد وhhليست القيمة النقدية ،فالقيمة احلقيقية على عالقة عكسية مع
املستوhhى العام لألسعار خبالف القيمة االمسية أو النقدية اليت تبقى ثابتة .وhhترhتبط هذه الثقة
بالقبوhhل العام من قبل املتعاملني يف السوhhق ،فلو مل يكن هناك قبوhhل عام ملا حظيت النقوhhد هبذا
املستوhhى من الثقة وhاليت مكنتها من لعب دوhhر الوhhسيط يف عمليات التبادل.
النقوhhد مقياس للقيمة :فباإلضافة إىل كوhhهنا وhhسيطا للتبادل متثل النقوhhد " و hhحدة للقياس "
فو hhحدات النقوhhد تقوhhم بقياس قيم السلع وhاخلدمات املختلفة ،وhhنسبة قيمة كل سلعة أو خدمة
إىل غريhhها من السلع وhاخلدمات ،غري أن ما مييز هذه الو hhحدة عن غريhhها من و hhحدات القياس
املتعارhhف عليها " كاملرت و الكلغ " هي أهنا متغريhhة عرب الز hhمن خبالف بقية الو hhحدات اليت تبقى
ثابتة ،فقيمة النقد تنخفض وhhترhتفع بارhتفا hhع وhاخنفاض hاملستوhhى العام لألسعار "عالقة عكسية
".
النقوhhد مستوhد hhع للقيمة :إضافة إىل كوhhن النقوhhد تستعمل يف قياس ثرhوhات األفرhاد أو الشرhh hكات
أو حىت األمم فقد اعتمدت أو استخدمت hيف احلفاظ على الثرhوhhة ،فبعدما اعتمد اإلنسان عدة
وhhسائل ( احليوhانات ،املعادن ،العقارhات ) للحفاظ علhى ثرhوhhته عرب الز hhمن ،فإن تلك الوhhسائل مل
ترhتقي إىل مرhتبة النقوhhد كمستوhد hhع أو كمخزhوhhن للقيمة لعدة أسباب كقابلية تلك الوhhسائل
للتلف أو اهلالك عرب الز hhمن أو التآكل ،مث إن النقوhhد يف شكلها السائل ميكن من استخدامها يف
أي وhhقت لتسوhhية أي التزhام خبالف تلك الوhhسائل اليت تستدعي حتوhhيلها إىل سيوhلة أوhhال.
النقوhhد معيار وhأداة للدفع اآلجل :فالنقوhhد إضافة إىل دوhر hhها كمقياس للقيمة احلالية ،ميكن أن
تكوhhن مقياس للقيم املستقبلية ،حني يتم االعتماد عليها يف الوhhفاء بااللتزhاماhت املؤ hhجلة كدفع
األجوhhر وhالضرhائب أو منح اإلعانات أو إبرhاء الديوhhن املستقبلية...وhhغريhhها من املدفوhhعات
املؤ hhجلة ،فهي بذلك قد أستخدمت يف حتديد القيمة املستقبلية لتلك املدفوhhعات اآلجلة أو
املؤ hhجلة.
وhhلذلك تعد هاhته الوhhظيفة من أهم وhhظائف النقد يف االقتصاد احلديث الذي جتر hhى فيه أغلب
املعامالت سوhاء بني األفرhاد فيما بينهم أو بني األفرhاد وhاحلكوhhمات على أساس االئتمان .وhhهنا
نقوhhل بأن لعب النقوhhد لدوhر hhها كمعياhر للمدفوhhعات الآجلة قائم على ثقة األفرhاد املبنية على
خصاhئص النقد و hhخاصة فيما يتعلق خباصية الثبات النسيب للقيمة احلقيقة ،فالتقلب احلاد يف
قيمة النقد سيقلل أو يقلص من هذا الدوhhر للنقوhhد وhلربhhما جيعلها غري قابلة لقياس املدفوhhعات
الآجلة .
كما تشري هاته النقطة إىل ضرhوhر hhة متتع النقوhhد بالقبوhhل العام املستقبلي فالثقة ينبغي أن تكوhhن
متوhhفر hhة حىت مستقبال وhلست منحصر hhة على القيمة احلالية.
النقوhhد مستوhد hhع للقيمة :تتمثل هذه الو ضيفة يف االحتفاظ بالنقوhhد لفرتhhة ز hhمنية من أجل
استخدامها الحقا فاألفرhاد ال يهدفوhhن من خالل الحتفاظ بالنقوhhد لذاهتا دائما من اجل
احلصوhhل بوhاسطتها على سلع و hhخدمات يف املستقبل وhhهذا ما مل يكن متوhhفرhا يف ز hhمن
املقايضة كما ينبغي اإلشاhر hhة هنا إىل ضرhوhر hhة أن تتمتع النقوhhد باالستقرhار يف القيمة حىت
تستخدم كمستوhد hhع للقيمة وhhلكن يبقى أهم هاhجس أو التحدي أمام هاته الوhhظيفة هو "
التضخم النقدي " وhالذي يظهر يف اخنفاض القيمة احلقيقة للنقد.
إذا متثل هاته الوhhظاhئف أهم الوhhظائف اليت تقدمها hالنقوhhد لألفرhاد وhhهذا ما ينص عليه الفكر
التقليدي الذي يعر hhف حبيادية النقوhhد ،حيث أهنا ال تأثر على النشاط االقتصادي وhhيكمن
دوhر hhها يف تسهيل عمليات التبادل.
فضال عن مجلة الوhhظائف التقليدية املرhتبطة بنشأة النقوhhد و املشار إليها سابقا ،فإن للنقوhhد
جمموhhعة من الوhhظائف اليت تتعلق بالنشاط االقتصادي و تتمثل يف :
لذلك جند بأن السلطات النقدية تستخدم كمية النقوhhد املطرhو hhحة للتداوhhل لعالج العديد من
املشاhhكل أو للحد من األز hhمات االقتصادية ،بقصد حتقيق التوhاز hhن االقتصادي ،حيث تزhيد من
عرhhض النقوhhد يف حالة كساد االقتصاد حىت يتجه حنو االنتعاش ،وhhتلجأ يف حاhلة التضخم إىل
خفض املعرhوhض النقدي هبدف امتصاص الزhيادة يف األسعار.
حيث نقصد هنا بتخصيص املوhار hhد االقتصادية املتاحة بالنسبة للدوhلة ملشرhوhhعات أي أننا سنتحدث عن
دوhhر النقوhhد يف توhزhيع املوhار hhد بني خمتلف أو hhجه النشاط االقتصادي ،حيث ميثل هذا خيار للدوhلة
وhاملشرhوhhعات.
رhأينا سابقا أن اإلنفاق النقدي حيدد كمية اإلنتاhhج ( السلع وhاخلدمات املنتجة ) وhhهو كذلك حيدد كيفية
توhhظيف وhاستثمار النقوhhد ( إىل أين تذهب النقوhhد ) فهناك توhزhيع لعائد العملية اإلنتاجية بني البيع –
األجر -الفائدة – الرhبح كما أن هناك توhزhيعا للموhار hhد بني االدخار و اإلنفاق االستثمار hhي و hhكذلك
التوhزhيع بني القطاعات االقتصادية املختلفة ( زhرhاعة ،صناعة ،خدمات ) كما أن خمتلف األنشطة
احلكوhhمية كتحديد اإلرhادات و النفقات – إعداد امليزhانيات – الر hhسوhhم وhالضرhائب كلها تتم يف صوhر hhة
نقدية كذلك احلال بالنسبة للمشرhوhhعات اليت تسعى إىل حتقيق أقصى رhبح يف صوhر hhة نقدية.
وhhمثال ذلك :أيضا اقرتhاض املشرhوhhعات من البنوhhك و املؤhhسسات املالية يتم يف صوhر hhة نقدية و hhحىت
التموhhيل الذايت يتم بشكل نقدي ،بل قد يتعدى دوhhر النقوhhد احلدوhhد اإلقليمية للدوhلة وhميتد إىل
عالقاهتا بني باقي الدوhhل حيث تساعد النقوhhد على التخصص وhhإمكانية التعاوhhن وhاملبادلة بينهما.
يفسر هذا كيف أن جمموhhعة إقليمية معينة بالر hhغم من استخدامها لو hhحدات نقدية سياسية تسعى
إىل رhبطها مبعدالت صرhhف ثابتة كخطوhhة مبدئية حنو استبداهلا مجيعا لعملة وhاحدة ( مثال حالة
اليوhرhhو بالنسبة لإلحتاد األوhرhوhhيب جعلت كافة الدوhhل املندر hhجة حتته مبثابة سوhhق اقتصادي وhاحد )
إذن الذي حيدد كيفية توhزhيع املوhار hhد على قطاعات النشاط االقتصادي يف الدوhلة و hhخار hhجها على
مستوhhى العالقات االقتصادية الدوhلية ،فهي النقوhhد.
حيصل الفر hhد مقابل عمله أو خدماته على الدخل النقدي مهما كاhنت صوhرhته ( أجر،
مرhتب ،فائدة )....مينحه القدر hhة على حتقيق ر hhغباته وhhإشبا hhع حاجاته ،فهذه النقوhhد مبا لديها
من قوhhة شرhائية حتقق خيارhا لصاحبها يف توhزhيعها بني اإلنفاق و االدخاhر .ففي إطار اإلنفاق
ستحدد له ّأو hhجه اإلنفاق األكثر حتقيقا hللنفع ،أي أنه سيتخذ قرhارhات متعلقة بأوhلوhhية
اإلشبا hhع ،وhhبطبيعة احلال قد ال يستطيع أن حيدد هذه اخليارhات إذا كان سيحصل على دخله
يف صوhر hhة غري نقدية ( عينية ) أما يف جمال االدخار تو hhجه النقوhhد ميوhhل األفرhاد حنو الإكتناز
وhالتوhhظيف و االستثمار على حسب العائد املتوhhقع من كل منهم ،بالر hhغم من أمهية هذا اخليار
لألفرhاد إىل أنه قد يؤhhدي إىل خلل يف االستقرhار االقتصادي ،إذا ما سلك األفرhاد بصوhر hhة
مو hhحدة السلوhhك ( زhيادة ،الإhكتناز) أي زhيادة تفضيل السيوhلة ،أو اجتهوhا مجيعا حنو
التوhhظيف و االستثمار ( نقص تفضيل السيوhلة ) ملا لذلك من آثار سلبية على التوhاز hhن و
االستقرhار االقتصادي ،فهنا يأيت دوhhر السياhسات النقدية املالية.