You are on page 1of 67

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫كلية اللغة العربية وآدابها واللغات الشرقية‬

‫قسم اللغة العربية وآدابها‬

‫صورة الجزائر في روايات ألبير كامو‬


‫" الغريب‪ ،‬الطاعون‪ ،‬أعراس " أنمخوذجا(‬

‫مذكرة لنيل شهادة الماستر‬

‫تخصص‪ :‬أدب عالمي ومقارن‬

‫تحت إشراف األستاذة‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبتان‪:‬‬

‫د‪ /‬خولة طالب اإلبراهيمي‬ ‫لويزة تتبيرت‬

‫يمينة شوية‬

‫السنة الجامعية‪2016/2017 :‬‬


‫خطة البحث‬

‫اهداء‬ ‫‪‬‬
‫شكر‬ ‫‪‬‬
‫مقدمة‬ ‫‪‬‬
‫الفصل االول ‪ :‬البيركامو‬
‫مولده و نشأته‬ ‫‪.1‬‬
‫اعماله‬ ‫‪.2‬‬
‫موقفه من الجزائر‬ ‫‪.3‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬علوم الصورة‬

‫مفهوم الصورة في االدب المقارن‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫عناصر و مكونات الصورة‬ ‫‪.2‬‬
‫انواع الصورة(‬ ‫‪.3‬‬
‫اهمية دراسة الصورة‬ ‫‪.4‬‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬صورة الجزائر و الجزائريين عند البيركامو‬

‫طبيعة الجزائر‬ ‫‪.1‬‬


‫صورة الجزائريين‬ ‫‪.2‬‬
‫الخاتمة‬ ‫‪‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬شكر وعرفان‪:‬‬

‫في مثل هذه اللحظات يتوقف القلم ليفكر قبل أن يحط الحروف ليجمعها في كلمات‪ (...‬تتبع((ثر‬
‫األحرف وعسى أن يحاول تجميعها في سطور‪ ...‬سطور كثيرة تمر في الخيال وال يبقى لن((ا‬
‫في نهاية المطاف إال قليالً من الذكريات وصور تجمعنا بأن((اس ك((انوا إلى جانبن(ا‪ (...‬أس(اتذتنا‬
‫الذين أشرفوا على تعليمنا منذ البداي(ة مش(وارنا الدراس(ي "راجين من الم‪77‬ولى ع‪77‬ز وج‪77‬ل أن‬
‫يجعل عملهم في ميزان حسناتهم"‪.‬‬

‫وأخص بجزيل الشكر إلى أستاذتنا الدكتورة خولة طالب اإلبراهيمي التي كانت نعم األس((تاذة‬
‫المشرفة من أول خطوة في هذا البحث وهي إعداد الخطة األولي((ة إلى آخ((ر نقط((ة ب((ه وال((تي‬
‫وجهتنا إلى الوجه((ة الص((حيحة ولم تبخ((ل علين((ا بمعلوم((ة وال نص((يحة‪ ،‬كم((ا أتوج((ه بالش((كر‬
‫الجزي((ل إلى الس((ادة األس((اتذة األفاض((ل أعض((اء لجن((ة المناقش((ة بخ((الص امتنانن((ا على ك((ل‬
‫مالحظاتهم التي سنعمل على االستفادة منها لالرتقاء به((ذا البحث المتواض((ع‪ (،‬وختا ًم((ا نرج((و‬
‫أن نكون قد وفقنا في بحثنا هذا المتواضع وأننا كنا موضوعيتان في طرحنا‪.‬‬
‫‪ -‬المقدمة‪:‬‬

‫لقد سعت فرنسا إلى تحويل الجزائر إلى مقاطعة فرنسية‪ .‬حيث ق((امت أوالً باغتص((اب‬
‫الراض((ي( الجزائري((ة وانته((اك حرماته((ا من قب((ل المس((توطنون الفرنس((يون ال((ذين ط((ردوا‬
‫الجزائريين من أراضيهم( وحلوا محلهم أوروبيين في مدن عديدة من الجزائر‪(.‬‬

‫حيث أضحى الجزائريون وهم في بالدهم يعانون ويالت الفقر والجوع ألك((ثر من س((نة‬
‫وذلك لم((ا س((ببته فرنس(ا من ت(دمير وتخ(ريب للممتلك((ات الجزائري(ة ح(تى أنه((ا أجبرت((ه على‬
‫الخضوع لها ورغم ذلك بقي هذا الش(عب ص((ام ًدا ص(مود الجب((ل في وج(ه فرنس((ا‪ .‬وفي ه((ذه‬
‫األرض الزكية‪ ،‬الطيبة ولد فيلسوف الوجودية "ألب((ير ك((امو"‪ ،‬ال((ذي انح((از طيل((ة حيات((ه إلى‬
‫فرنسا فقد كان دائمًا يشعر باالنتماء األوروبي‪.‬‬

‫إن الجزائريون في نظر كامو هم مستوطنون‪ (.‬أما أهل الجزائر الحقيقي(ون ف(إنهم يس(ميهم‬
‫الع((رب‪ .‬فك((ان ألب((ير ك((امو ي((ؤمن بجزائ((ر االس((تعمار‪ .‬حيث تع((اطف م((ع األس((ر الفرنس((ية‬
‫المستوطنة للجزائر‪ ،‬وداف((ع عن الحكوم((ة الفرنس((ية معت((برً ا أن الث((ورة في الجزائ((ر ج((زء ال‬
‫يتجزأ من "إمبريالية عربية جديدة " ألن ألبير ك(امو لم يكن جزائريً(ا ولم يب(د الرغب(ة في أن‬
‫يكون جزائريًا (فرنسي عن قناعة واختيار إرادي‪ .‬وسأظل فرنس ًيا ما دام األلم‪77‬اني ألم‪77‬اني‪.‬‬
‫والروسي روسي وعليه سأتحدث بما أنا عليه فرنسي)‪.‬‬

‫ومن خالل تسليط الضوء على االستيطان االس((تعماري الفرنس((ي ال((ذي س((عى إلى طمس‬
‫المعالم الدينية والهوية الشعب الجزائري وذلك بهدف توسيع الرقعة الجغرافية الفرنسية وق((د‬
‫جسد ذلك ألبير كامو حيث أص((بحت روايات(ه تف(ترض خطا ًب((ا فرنس(يًا كثي ًف(ا ح(ول الجزائ(ر‪،‬‬
‫ويظه((ر ذل((ك جل ًي((ا في أش((هر روايات((ه كالط((اعون حين ق((ام بس((رد الفض((اء الجزائ((ري بك((ل‬
‫خصوصياته المختلفة على أنه فضاء فرنسي‪.‬‬
‫وقبل أن نتحدث عن صورة الجزائر في كتابات ك((امو علين((ا الح((ديث عن الص((ورة عام((ة‬
‫ووضعها في إطارها ضمن الدراسات األدبية‪.‬‬

‫ورغم الدراسات التي أقيمت حولها‪ ،‬فإن تحدي((د مفه((وم دقي((ق له((ا يبقى أم((رً ا مستعص(يًا‬
‫ولكن هذا ال يجب أن يكون داف ًعا نحو يأس الباحثين وفقدانهم األمل في التواص((ل إلى مفه((وم‬
‫الصورة( والكشف عن حقيقتها من كل الجوانب ولهذا أصبحت الصورة الي(وم س(لطة تخ(ترق‬
‫أنسجة المجتمع العالمي إنها تملك سحرً ا خاصًا ازداد يومًا بعد يوم بفعل النضج التقني‪ ،‬كم((ا‬
‫أنها شكل من أشكال وعي باألنا في مقابل اآلخر‪.‬‬

‫وهذا م((ا دفعن((ا إلى دراس((ة الص((ورة أو علم الص((ورة( ال((ذي يع((د أك((ثر المف((اهيم األدبي((ة‬
‫دورا ًنا‪ ،‬واستعماالً في النقد األدبي‪ ،‬نظرً ا ألهميتها في األعمال األدبية كرص((د ص((ور ش((عب‬
‫في أدب شعب آخر بطريق((ة آلي((ة وميكانيكي((ة بحس((ب ظه((ور مالمح ذل((ك الش((عب في العم((ل‬
‫األدبي‪.‬‬

‫ولعل ما شجعنا على اختيار هذا الموضوع( " ص‪77‬ورة الجزائ‪77‬ر في رواي‪77‬ات ألب‪77‬ير ك‪77‬امو‬
‫أنموذجا والقيام بدراس(ته لع(دة أس(باب من بينه(ا طبيع(ة الم(ادة‬
‫ً‬ ‫الغريب‪ ،‬الطاعون‪ ،‬أعراس"‬
‫التي ندرسها أال وهي األدب العالمي المقارن‪ ،‬وكذلك رغبتها في اإلطالع على ما كتبه أدباء‬
‫آخرين عن الجزائر "ألبير كامو"‪.‬‬

‫وقد انطلقنا في دراستنا لهذا الموضوع من إشكالية واضحة‪:‬‬

‫من هو ألبير كامو؟ كيف انعكست الجزائر في أعماله((ا األدبي((ة ال((تي ك((ان له((ا ش((هرة كب((يرة‬
‫استحق بها جائزة نوبل لآلداب؟ هل كان كامو محبًا للجزائر والجزائريين؟‬

‫وقد الحظنا أن المنهج األنسب الذي يتم بمقتض(اه بحثن((ا ه(و منهج مق(ارن‪ ،‬دراس(ة مقارن(ة‬
‫ونظرية الصورة‪(.‬‬

‫وقد ارتأينا إلى تقسيم هذا البحث إلى ثالث فصول‪ ،‬يتقدمه مقدمة‪ ،‬وعنونا الفص(ل األول‬
‫ألبير كامو ‪ ،‬وتعرضنا فيه إلى الحديث عن مولده ونشأته‪ ،‬أعماله‪ ،‬وموقفه من الجزائر‪.‬‬
‫وفيما يخص الفصل الثاني من هذا البحث جاء تحت عنوان علم الصورة وتعرضنا‬
‫فيه إلى مفهوم الص(ورة( في األدب المق(ارن‪ ،‬عناص(ر ومكون(ات الص(ورة‪ ،‬أن(واع الص(ورة‪،‬‬
‫وأهمية دراسة الصورة‪(.‬‬

‫أما الفصل الثالث جاء تحت عنوان ص‪77‬ورة الجزائ‪77‬ر والجزائ‪77‬ريين عن‪77‬د ألب‪77‬ير ك‪77‬امو وقد‬
‫تح((((((((((دثنا في((((((((((ه عن طبيع((((((((((ة الجزائ((((((((((ر‪ ،‬وص((((((((((ورة الجزائ((((((((((ريين‪.‬‬
‫وقد أنهينا بحثنا بخاتمة تتضمن المحاور األساس((ية ال((تي تناوله((ا الدراس((ة والخط((وط العام((ة‬
‫لنتائجها وككل بحث ال ننكر أن ك((ل ب((احث يتع((رض في أي((ة دراس((ة علمي((ة إلى الص((عوبات‬
‫كثيرة ومن بين هذه الصعوبات التي واجهتن((ا‪ .‬منه((ا م((ا ه((و موض((وعي يتعل((ق ب((أمور تقني((ة‬
‫تخص المنهج ففي مثل هذه الدراسات‪ ،‬ال((تي ال تف((رض االعتم((اد على منهج معين‪ ،‬ب((ل على‬
‫مختلف المناهج وتوظيفها حسب طبيعة الموضوع واألدوات الفنية المتعب((ة والم((ادة العلمي((ة‪،‬‬
‫ومنها ما شخصي يتعلق بطبيعة الباحث نفسه وظروفه االجتماعية‪ ،‬إضافة إلى م((ا ب((ذلناه من‬
‫جهد في البحث عن المادة وجمعها وترتيبها من جهة أخرى‪ ،‬حسب حاجة البحث إليها‪.‬‬

‫وفي األخير ال يسعنا إال أن نشكر بجزي((ل الش((كر والتق((دير واالمتن((ان لألس((تاذة خول((ة‬
‫طالب اإلبراهيمي‪ ،‬فقد استفدنا كثيرً ا من توجيهاتها واإلرشادات والنصائح القيمة التي أفادتنا‬
‫بها في موضوع بحثنا‪.‬‬

‫ونرجو من هللا أن نكون قد وقفنا ولو بقليل في إنجاز هذا البحث‪.‬‬


‫‪ - 1‬مولده و نشأته‪7.‬‬

‫‪ - 2‬أعماله‪.‬‬

‫‪ - 3‬موقفه من الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬مولده و نشأته‪7:‬‬

‫‪1‬‬
‫ولد أبيركامو في السابع نوفمبر‪ 1913‬في مدينة مندوقي التابعة لمديرية قسنطينة بالجزائر‪.‬‬

‫ً‬
‫بسيطا‪ ،‬في الحرب ‪.1914‬فاضطرت أمه كاترين س((نتس إلى‬ ‫قتل والده‪،‬وكان عامالً زراعيًا‬
‫أن تشتغل لتربي أبنيها لوسان و ألبير‪ .‬واألم إسبانية األصل‪.‬‬

‫ترعرع في حي بلكور الشهير في مدينة الجزائر‪ ،‬وقد حياته في فقر مدقع ‪،‬وهو الفق((ر ال((ذي‬
‫يتحدث عنه في المقدمة بإصرار ‪،‬في شكل مس((ارة في {القف((ا و الوج((ه } ‪،‬و ال((ذي ي((دعي ب((ه‬
‫‪2‬‬
‫فيما بعد مباهيًا بقوله {لم أتعلم الحرية من كارماكس‪ ،‬بل تعلمتها من البؤس}‪.‬‬

‫‪ -‬دراسته و تكوينه‪7:‬‬

‫دخل المدرسة االبتدائي(ة في بلك(ور ع(ام ‪ 1918‬ليبقي فيه(ا ح(تى ع(ام ‪ 1924‬ويظ(ل ك(امو‬
‫يتردد على هذه المدرسة حتى حصوله على شهادة البكالوريا في عام ‪. 1930‬‬

‫و في س((نة ‪ 1931‬ينتق((ل إلى التعليم الج((امعي للحص((ول على ليس((انس الفلس((فة وفي س((نة‬
‫‪ 1936‬يناقش عامر دبلوم الدراسات المعمق((ة بجامع((ة الجزائ((ر ح((ول العالق((ات القائم((ة بين‬
‫"الهلينية و المسيحية من خالل أعمال أفلوطين و أوغسطين‪.‬‬

‫و في‪ 1937‬يمن((ع ك((امو من التق((دم إلى امتح((ان الت((بريز في الفلس((فة و ذل((ك لت((دهور حالت((ه‬
‫الصحية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ألبير كامو محاولة لدراسة فكرة الفلسفي ‪.‬د‪.‬عبد الغفار مكاوى‪ ،‬دار المعارف مصر‪ ،‬سنة ‪.1964‬ص‪.11‬‬
‫‪ -2‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ت فوزي عطوي‪ ،‬نديم مرعشلي‪ ،‬مكتبة الطالب وشركة الكتاب اللبناني‪ ،‬ب(يروت‪ ،‬ط‪،1927 (،1‬‬
‫ص‪.147‬‬
‫وفي ‪ 17‬أكت(((وبر تمنح الأكاديمي(((ة الملكي(((ة بس(((توكهولم ج(((ائزة نوب(((ل لألدب لك(((امو وفي‬
‫‪1‬‬
‫‪10‬ديسمبر يستلم كامو الجائزة ثم يلقي خطاب السويد‪.‬‬

‫‪ -‬وظائفه و مناصبه‪:‬‬

‫اضطر كامو إلى أن يتعاطى بعض األعمال الصغيرة كي يتمكن من متابع((ة دروس((ه ‪،‬فعم((ل‬
‫بائع قطع تبديل للسيارات و مستخدما لدي عميل بحري ‪،‬و موظفا في دار الوالية ‪،‬ولم تح((ل‬
‫هذه األعمال الصغيرة( المتعددة بينه وبين مطالعة (جيد ‪،‬و م(الورو ‪،‬و مون((ترالن وغ((يرهم )‬
‫و ال من االشتغال بالسياسة حيث انضم إلى الحزب الشيوعي سنة ‪.1935‬‬

‫كما أسس فرقة اسماها "مسرح العمل" ثم "مسرح الفريق تعلم فيها جميع فنون المسرح"‪،‬بما‬
‫في ذلك فن التمثيل‪. 2‬‬

‫أما في سنة ‪ 1938‬يرفض كامو منص((ب أس((تاذ للفلس((فة بمدين((ة بلعب((اس "خو ًف((ا من العزلة"‬
‫سنة‪Républicain 1938‬وينضم إلى جريدة‬

‫أما في سنة ‪ 1941‬توفد "حركة‪ " Comlat‬كامو إلى باريس حيث يشرع في إصدار جريدة‬
‫كومبا السرية ‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1947‬يستقيل كامو من {كومبا} نظرً ا للتنمير وجهتها السياسية شهر جوان ينش((ر‬
‫كامو روايته الطاعون ‪LA Peste‬‬

‫وفي سنة ‪ 1950‬اعد مادة كتابه اإلنسان المتمرد ‪L’Homme revoltes‬‬

‫‪ -1‬محمد يحياتن‪ ،‬مفهوم التمرد عن(د ألب(ير ك(امو وموقف(ه من الث(ورة التحريري(ة الجزائري(ة‪ ،‬دي(وان المطبوع(ات الجامعي(ة‪،‬‬
‫الساحة المركزية بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،1984‬ص‪.17-16-15-11‬‬
‫‪2‬‬
‫ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ت فوزي عطوي‪ ،‬نديم مرعشلي‪ ،‬مكتبة الطالب وشركة الكتاب اللعازارية بـ بيروت‪ ،‬ط ‪1- ،1‬‬
‫‪ ،‬ص ‪149 ،141‬‬
‫‪1927.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1951‬في أكت((وبر نش(ر اإلنس(ان المتم(رد ال(ذي أث(ار مناقش(ات ح(ادة م((ع اليس((ار‬
‫المتط((((رف بع((((د مناقش((((ة مجل((((ة األزمن((((ة الحديث((((ة ‪Les Temps Modermes‬‬
‫للكاتب كامو وتتم القطيعة بين جان بول سارتر و كامو‬

‫وفي ‪22‬جانفي ‪ 1956‬يوجه كامو نداء من أجل هدنة مدنية‬

‫‪1‬‬
‫‪Appel pour une treve curle‬‬

‫‪ -‬وفاته‪:‬‬

‫مات ً‬
‫عبثا‪ ،‬وهو الفيلسوف الذي عاش طوال حياته القصيرة( ينادي بفلسفة العبث‪.‬‬

‫ففي ي((وم اإلث((نين‪ ،‬الراب((ع من ين((اير ع((ام ‪ ،1960‬وفي الس((اعة الثاني((ة والرب((ع ظه((رً ا‪،‬‬
‫اصطدمت سيارة تسير بسرعة جنونية على الطريق سانس باريس بشجرة من أشجار البلوط‬
‫وأسفر اإلصطدام عن حادث مروع‪ ،‬فبين حطام السيارة عثر على امرأتين في حالة إغم((اء‪،‬‬
‫وسائق مصاب مات بعد الحادث بأربعة أيام‪ ،‬هو الناشر الفرنس((ي الش((هير ميش((يل جاليم((ار‪،‬‬
‫وش((خص راب((ع م((ات للخطته‪ ،‬وال((دم ي((نزف من رقبت((ه‪،‬وعلى وجه((ه أم((ارات الدهش((ة‪ ،‬وفي‬
‫إح((دى عيني((ه عالم((ة اس((تفهام‪ ،‬وفي العين اآلخ((ر‪ ،‬عالم((ة تعجب؟‪ ...‬وحين فتش((وا جيوب((ه‪،‬‬
‫وجدوا بها بطاقته الشخصية‪ ،‬وعليها هذه الكلمات‪:‬‬

‫{ألبير كامي‪ ...‬كاتب‪ ،‬ولد في ‪ 7‬نوفمبر ‪ ،1913‬في مندوفي في مديرية قسنطينية‪،‬‬

‫ولم يكن أم((ام مثقفي الع((الم كل((ه‪،‬إال أن يعلن((وا الح((داد الفلس((في وال((روحي على المفك((ر‬
‫الفيلسوف الذي عانى أم((راض عص((ره وح((اول أن يج((د له((ا ال((دواء} وعلى رج((ل السياس((ية‬
‫واألخالق ال((ذي طالم((ا ناض((ل من أج((ل قض((ايا العدال((ة والحري((ة‪،‬وعلى األديب ال((روائي‬
‫المسرحي الذي أثقل ضميره البحث عن مصير اإلنسان‪ ،‬وعلى الكاتب الصحفي الذي ع((اش‬
‫وقلبه ينبض بمأساة الجيل‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫محمد يحياتن‪ ،‬مفهوم التمرد عند ألبير كامو وموقفه من الثورة التحريرية الجزائرية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪1- ،‬‬
‫الساحة المركزية بن عكنونن الجزائر‪ ،1984 ،‬ص ‪ 16‬ص‪17‬‬
‫ولم يجد مثقفو العالم كله‪ ،‬العزاء في تلك الكلمات العشر‪ ،‬ال((تي ك((ان ألب((ير ك((امي يحبه((ا‬
‫أك((ثر من غيره((ا‪ ،‬أال وهي‪ :‬الع((الم‪ ،‬الع((ذاب‪ ،‬األرض‪ ،‬األم‪ ،‬الن((اس‪ ،‬الص((حراء‪ ،‬الش((رف‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫البؤس‪ ،‬الصيف‪ ،‬البحر‪.‬‬

‫وإنما وجدوا العزاء في الكلمات الثالث التي لخصت حياة ألبير كامي وفك((ره وكأنم((ا هي‬
‫أقانيمه الثالث‪ ،‬وهي‪...‬العبث والتمرد والثورة‪.‬‬

‫غير أن العزاء الحقيقي لكل مثقف ه((و أن((ه ك((ان ل((ه ش((رف االنتس((اب إلى العص((ر ال((ذي‬
‫عاش فيه ألبير كامي‪ ،‬بحيث كان قلبه ينبض وقلب هذا الرجل في عصر واحد‪.‬‬

‫‪ -‬آثاره‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الروائية‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬الموت السعيد "‪( La mort heureuse" 1936‬أعرض عن نشرها)‬

‫‪ -‬الغريب " ‪.L’etranger" 1942‬‬

‫‪ -‬الطاعون "‪.La peste" 1947‬‬

‫‪ -‬السقوط "‪.La chut" 1956‬‬

‫‪ -‬اإلنسان األول "‪( "le premier homme‬نشرت بعد وفاته)‪.‬‬

‫ب ‪ -‬القصصية‪:‬‬

‫‪L’exil‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪ -‬مجموعت((((((ه القصص((((((ية "المنفى والملك((((((وت" ‪royaume‬‬


‫‪ 1957‬وتشتمل على‪:‬‬

‫‪ -‬المرأة المذنبة " ‪."La femme adultere‬‬

‫‪1‬‬
‫جون كروكشانك‪ ،‬ألبير كامو وأدب التمرد‪ ،‬ترجمة وتعليق وتصدير جالل العشري‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكاتب ‪2-‬‬
‫‪ 1946‬ص‪5‬و‪6‬‬
‫‪ -2‬صدرت بعد وفاة مؤلفها‪ ،‬سنة ‪ 1971‬من طرف زوجته‪.‬‬
‫‪ -‬قصة المرتد "‪."Le Renegat‬‬

‫‪ -‬قصة البكم "‪."Les Muetes‬‬

‫‪ -‬قصة ضيف "‪."l’hote‬‬

‫‪ -‬قصة جوئاس "‪."Jonas‬‬

‫‪ -‬الحجر الذي ينبت "‪."La pierre qui pousse‬‬

‫ج ‪ -‬المسرحيات‪:‬‬

‫‪ -‬تمردات في بالد األستوري "‪.Révoltes dans les Asturies" 1936‬‬

‫‪ -‬كاليجوال "‪.Caligula" 1938‬‬

‫‪ -‬سوء تفاهم "‪.Le malentendu" 1944‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬حالة حصار "‪"L’ état de siége‬‬

‫‪ -‬العادلون "‪.Les justes" 1949‬‬

‫مسرحيات مقتبسة ومستوحاة من روائع األدب العالمي‪:‬‬

‫‪ -‬التفاني على الصليب "‪.La dévotion a la croise" 1953‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬حالة طريفة "‪ /Un cas intéressent" 1955‬دينو بوزاتي "‪"Dino Buzzati‬‬

‫د ‪ -‬محاوالت أدبية‪:‬‬

‫‪" -‬الوجه و القفا ‪" L’envers et l’endroit.‬‬

‫صورة الجزائر في أدب ألبير كامو وجون بول سارتر‪ ،‬تخصص الدراسات المقارنة في األدب الجزائري الحديث‪1- ،‬‬
‫‪1‬‬

‫إعداد الطالب حمزة وشان‪ ،‬إشراف األستاذ عبد القادر توزان‪ ،‬السنة الجامعية ‪1435/1436‬ه (‪ )2015-2014‬ص‬
‫‪102-101-100‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق نفسه ص‪2- 102‬‬
‫‪ " -‬أعراس ‪" Noces‬‬

‫‪ " -‬الصيف‪" L’été‬‬

‫ه ‪ -‬محاوالت فلسفية‪:‬‬

‫‪ " -‬اإلنسان المتمرد‪" L’homme révolté.‬‬

‫‪ " -‬أسطورة سيزيف‪" Le mythe de sisyphe .‬‬

‫و ‪ -‬كتابات سياسية‪7:‬‬

‫وقائع (‪Actuelles)1948 -1944‬‬

‫وقائع (‪Actuelles )1953 -1948‬‬

‫وقائع جزائرية (‪Actuelles )1958 -1939‬‬

‫(‪)chronique Algériennes‬‬

‫خطاب السويد‪Discours de Suéde1.‬‬

‫ي – المقاالت‪:‬‬

‫‪ -‬الوجه والقفا "‪.L’envers et l’endroit" 1937‬‬

‫‪ -‬أعراس "‪ Noces" 1938‬وهي مجموعة تحوي أربع مقاالت‪:‬‬

‫‪ -‬أعراس في تيبازة‬

‫مسرح الالمعقول والعبث عند ألبير كامو مسرحية سوء فهم نموذجً ا دراسة وصفية تحليلية‪ ،‬مذكرة معدة لنيل‪1-‬‬
‫‪1‬‬

‫شهادة الماجستير‪ .‬إعداد سديرة عمر عالء الدين‪ (،‬وحيد جالل‪ ،‬إشراف األستاذ د‪ /‬سعيدة قدام‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ 2009/2010‬ص‪2-1‬‬
‫‪ -‬ريح الجميلة‬

‫‪ -‬صيف جزائري‬

‫‪ -‬الصحراء‬

‫‪ -‬بؤس في بالد القبائل " ‪.Misére de la kabylie" 1939‬‬

‫‪ -‬حاليات أو وقائع ‪ Actuelles‬في ثالثة أجزاء ‪:‬‬

‫*حاليات‪ :‬وقائع ‪ chroniques:Actuelles01 1944-1948‬سنة ‪.1950‬‬

‫*حاليات‪ :‬وقائع ‪ chroniques:Actuelles2 1948 -1953‬سنة ‪.1953‬‬

‫*حاليات‪ :‬وقائع جزائرية ‪ chronique algériennes :Actuelles3 1939 1958‬سنة‬


‫‪.1958‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الصيف "‪، L’été" 1954‬وتضم ثماني مقاالت‪:‬‬

‫المينوتور أو موقف وهران "‪."Le Minotaure Ou halt d’Oran‬‬ ‫‪‬‬


‫بروميثيوس( في جهنم "‪."Prométhée aux enfers‬‬ ‫‪‬‬
‫أشجار اللوز "‪."Les amandiers‬‬ ‫‪‬‬
‫دليل مختصر لمدن بال ماضي "‪."Petit guid pour des villes sans passé‬‬ ‫‪‬‬
‫منفى هيلين "‪."L’exil d’helene‬‬ ‫‪‬‬
‫اللغز "‪."l’enigme‬‬ ‫‪‬‬
‫العودة إلى تيبازة "‪."Retour a Tipaza‬‬ ‫‪‬‬
‫البحر عن قرب "‪."La mer Aux plus prés‬‬ ‫‪‬‬

‫صورة الجزائر في أدب ألبير كامو وجون بول سارتر‪ ،‬تخصص الدراسات المقارنة في األدب الجزائري الحديث‪1- ،‬‬
‫‪1‬‬

‫إعداد الطالب حمزة وشان‪ ،‬إشراف األستاذ عبد القادر توزان‪ ،‬السنة الجامعية ‪1435/1436‬ه (‪ )2015-2014‬ص‬
‫‪103.‬‬
‫باإلضافة إلى عديد المقاالت النقدية و الحوارات في صحف ومجالت ومنتديات شتى‪.‬‬

‫ل – الدفاتر و المذكرات‪:‬‬

‫‪ -‬دفاتر في ثالثة أجزاء‪:‬‬

‫دفاتر‪ ( :1‬م((اي ‪ - 1935‬فيف((ري ‪Carnet 1)Février- 1935 mai، 1942‬‬ ‫‪‬‬


‫‪.1942‬‬
‫دفاتر‪ :2‬جانفي ‪ - 1942‬مارس ‪1942janvier) Carnet 021951 (، 1951‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.mars‬‬
‫دف((((اتر‪ :3‬م((((ارس ‪ - 1951‬ديس((((مبر ‪mars) carnet 3 1951-1959‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.décembre‬‬

‫‪ -‬مذكرات السفر "‪."Journaux de voyage‬‬

‫‪ -‬مراسالت مع جون غرونيه " ‪"Correspondances avec gean Grenier‬‬

‫‪1‬‬
‫وغيرها من األعمال التي أغنت المسيرة الحياتية واألدبية للكاتب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ص ‪1- 104‬‬
‫‪ -‬موقف كامو من الجزائر‪:‬‬

‫سنحاول من خالل هذا البحث أن نتحدث عن موقف كامو من الجزائ((ر‪ .‬خاص((ة م((ا تعل((ق‬
‫ب((الثورة الجزائري((ة ومواقف((ه السياس((ية زاد مش((اكل الجزائ((ر اآلن أغلب أراء ك((امو ح((ول‬
‫الجزائر كانت حول الثورة‪(.‬‬

‫فقبل اندالع الثورة التحريرية كتب كامو تحقيق ح(ول الوض(عية االقتص(ادية واالجتماعي(ة‬
‫في منطقة القبائ((ل الك((برى وق((د نش((ره في حلق((ات متتالي((ة في جري((دة ‪alge Républicain‬‬
‫وعنون كامو تحقيقه هذا بالفقر في القبائل‪.Misére de kabylé‬‬

‫أما بعد الثورة التحريرية وفي سنة ‪ 1956‬طالعنا كامو بمقال صحفي ال يع((دوا أن يك((ون‬
‫نداء موجهًا إلى الجانبين‪ ،‬يدعوهما فيه إلى تجنب المساس بالمدنين سواء‪ ،‬كانوا فرنس((يين أم‬
‫جزائريين ولكن هذا النداء كان بمثابة ص((رحة في واد‪ ،‬إذ لم يكن له((ذا الن((داء الص((دى ال((ذي‬
‫كان يرتجيه كامو ويأتي فشل هذا النداء في كون كامو ال يأخذ حيثي((ات األزم((ة مآخ((ذ الج((د‪،‬‬
‫فكأنما به يعتقد أن األزمة الجزائرية يمكن حلها بالنصائح والعظات التي تسم عن روح أبوية‬
‫سادجة‪.‬‬

‫ولهذا أي ً‬
‫ضا نجد العنف الذي اتسمت به ث(ورة الجزائ(ريين وأعم(ال الف(دائيين‪ ،‬غ(ير ع(ابئ‬
‫بالظروف التي أجبرتهم على ت((وخي س((يل العن((ف إن نق((د ك((امو للظ((اهرة العن((ف في الث((ورة‬
‫الجزائرية نقد ال يؤخذ بعين االعتبار اإلطار التاريخي لها‪ ،‬فالعنف ليس عمالً معزوالً‪ ،‬فه((و‬
‫كثيرً ا ما يكون ر ّد فعل األوضاع قاسية تتسم هي األخرى بسمة العنف‬

‫يقول‪{:‬إني( أعرف أن ثمة أولوية للعنف‪ ،‬فالعنف االستعماري الطويل ه(و ال(ذي ي(برر عن(ف‬
‫المتمردين (يقصد الثوار الجزائريين)‪(.‬‬
‫مفهوم التمرد عند البير كامو وموقف((ه من ث((ورة الجزائ((ر التحريري((ة‪ ،‬دي((وان المطبوع((ات الجامعي((ة‪ ،‬الس((احة المركزي((ة بن‬
‫عكنون – الجزائر‪ ،1984 ،‬ص ‪.100 - 99 - 91‬‬

‫عندما بات لزاما عليه أن يخت(ار إلى أي الج(انبين يق((ف‪ ،‬أي الج(انب الفرنس((ي أم الج((انب‬
‫الجزائري الثائر‪ ،‬تجده يختفى وراء هذا التحليل الذي ال يملك إال ّ أن يصدمك بال معقوليته‪:‬‬

‫يجب اختيار جانب معين من أحد الجانبين إما أنا قد اخترته‪ ،‬لق((د اخ((ترت وط((ني اخ((ترت‬
‫جزائر العدالة حيث يلتثم العرب والفرنسيون بحرية‪(...‬‬

‫و األدهى في ه((ذا كل((ه أن ك((امو ق((د أدرك وه((و يش((ارك في المقاوم((ة ض((د النازي((ة خالل‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬إن مندوحة من العنف‪ :‬أن سنوات االحتالل قد علمتني ذلك‪.‬‬

‫وهذا ما محل أحد األدباء الجزائريين إلى االعتقاد بأن كامو ال يقيم للمقاوم((ة وز ًن((ا إال ّ إذا‬
‫كان أمرها حكرً ا على فرنسا‪ .‬أما سائر األوطان األخرى فال تدخل في نطاق اهتمامه‪.‬‬

‫و مهما يكن من أمر‪ ،‬فبإمكاننا القول بان مواقف كامو إزاء قض((ية الجزائ((ر‪ ،‬وأن اتس((مت‬
‫بشيء من الغموض‪ ،‬فإن هذا األخير سرعان ما يأخذ في االنقش(اع‪ ،‬ويتم لن(ا اكتش(اف البني(ة‬
‫المنطقية التي تتحكم في مثل هذه المواقف‪(.‬‬

‫وفي هذا المضمار بالذات‪ ،‬تروى كاتبة كامو‪ ،‬أن أحد كتاب الجزائ((ر ذهب ذات م((رة إلى‬
‫غاليمار ‪ Gallimard‬وطلب من هذا األخير أن يقدمه إلى كامو‪ -‬فكان ل((ه ذل((ك‪ .‬وعن((د لقائ((ه‬
‫بكامو‪ ،‬طلب هذا الكاتب من كامو أن يحدد له األسباب ال((تي جعلت((ه ال يتب((ني أه((داف جبه((ة‬
‫التحرير الوطني‪ ،‬فأجابة كامو بأنه "يرفض العنف والجريمة"‪.‬‬

‫إذ ذاك اع((ترض علي((ه الك((اتب الزائ((ر بقول((ه "لكنكم قبلتم ذل((ك أثن((اء المقاوم((ة الفرنس((ية‬
‫للنازية" اغتاظ كامو لذلك وطلب من زائره االنصراف وبعد خروج الض((يف ك((ان الش((حوب‬
‫باديا على وجه كامو الذي اعترف لكاتبته في تلك للحظة بما يلي"‬
‫صحيح‪ ،‬تعتريني الدهشة وأنا أقاوم النازيين‪ ،‬ألنني كنت فرنسيًا وأن وطني كان محتالً‪.‬‬

‫نفس المصدر‪ ،‬ص ‪.102 -101‬‬

‫صحيح‪ ،‬تعتريني الدهشة وأنا أقاوم النازيين‪ ،‬ألنني كنت فرنسيًا وأن وطني كان محتالً‪.‬‬

‫كان من واجبي أن أقبل المقاومة الجزائرية‪ ،‬ولكني فرنسي ومثل هذا الكالم ي((ذكرنا بقول((ه‬
‫المشهور‪ :‬إذا كان لي أن اختار بين العدالة وأمي‪ ،‬فإني سأختار أمي‪.‬‬

‫ومن كال القولين يبدو جليا أن كامو يفكر بمنطق "األق((دام الس((وداء‪ ،‬ال((ذين ال يق((وون على‬
‫تصور الجزائر فرنسية‬

‫فكامو إذن لم يدفع بجرأته التي تمهدنا ما فيه إلى مداها األقصى في مواقفه السياسية ال((تي‬
‫وقفها قبل اندالع ثورة التحري((ر‪ -‬في حين أنن((ا نج((د واح((دا مث((ل ج((ول روا وه((و من مولي((د‬
‫ضا‪ ،‬يقول بصريح الق((ول مخاط ًب((ا أولى األم((ر أن((داك ب((الجزائر‪ :‬ل((و كنت مس((لما‪،‬‬
‫الجزائر أي ً‬
‫لكنت في الجبال بجوار الثوار ال بجانبكم‪"...‬‬

‫ومن نافلة القول أن كامو تبعا لذلك يرفض استقالل الجزائر أيما رفض‪ ،‬يقول جهرً ا‪.‬‬

‫"إن((ني أعتق((د‪ -‬ب((العكس‪ -‬ان((ه ال يجب على أن أس((اهم‪ ،‬ول((و لم((دة ثاني((ة واح((دة ومهم((ا ك((ان‬
‫األسلوب‪ ،‬في بناء الجزائر األخرى‪.‬‬

‫" ‪Je considere, au contraire que je ne dois aider une seule seconde et‬‬
‫‪."de quelque façon que ce soit à la construction de l’autre algerie‬‬

‫ولهذا نقول إن كامو وقف من قضايا الجزائر قبل اندالع الثورة التحريري((ة موق ًف((ا إنس((انيًا‬
‫حيث أنه انتقد بشدة الطفيان ال((ذي س((لطته فرنس((ا على الجزائ((ر ولكن نق((ده ذل((ك لم يكن نق( ًدا‬
‫شموليا‪ ،‬فاقتصر على نقد الظاهرة من األمور دون نقد أصلها‪.‬‬
‫نفس المصدر ص ‪.109-107-103-102‬‬

‫إن نقد كامو للعنف الثوري عن(د الجزائ(ريين لم ي((راع الظ(رف الت((اريخي ال(ذي يس(توجب‬
‫‪1‬‬
‫اللجوء إلى هذا العنف‪ ،‬فكان نقده للعنف نقد مطلقا ال يقبل النقاش‪.‬‬

‫وخالصة القول أن كامو كان يريد الجزائر فرنسية وليس جزائر ذات س((يادة‪ ،‬وذل((ك تب ًع((ا‬
‫لسياس((ة الحكوم((ة الفرنس((ية االس((تعمارية‪ ،‬وأن الجزائ((ر ال يمكن أن تحق((ق اس((تقاللها وتق((ود‬
‫نفسها بنفسها وإذا حصل هذا األمر فمعنى ذلك ستعيش حالة من الفوضى وكأن ه((ذا الش((عب‬
‫خلق لكي يكون عبي ًدا لألوروبيين( وهذه نظرة استعمارية محضة لفيلس((وف دع((ا إلى الحري((ة‬
‫والعيش الك((ريم لق((د ك((ان ك((امو ينظ((ر إلى القض((ية الجزائري((ة بش((يء من العط((ف المم((زوج‬
‫بالنفور وبشيء من النف(ور المم(زوج ب(العطف فموقف(ه يحاف(ظ على دياليت(ك‪ ،‬وي(أتي مص(د ًقا‬
‫لقول رائد الوجودية المؤمنة سورين ليركجور‪.‬‬

‫"القلق الوجودي" هو العطف الن(افر والنف(ور الع(اطف فه(و اش(تهاء لم(ا نخاف(ه وخ(وف مم(ا‬
‫نشتهيه‪.2‬‬

‫‪11‬‬
‫مفهوم التمرد عند ألبير كامو وموقفه من الثورة الجزائرية التحريرية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية ‪-‬‬
‫‪.‬بن عكنونن الجزائر‪ 1984 ،‬ص ‪109‬‬
‫‪22‬‬
‫القلق الوجودي في أدب ألبير كامو‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير‪ ،‬إعداد الطالب محمد أغامير‪ ،‬إشراف األستاذ ‪-‬‬
‫‪.‬الدكتور الطاهر حجار‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1992-1991‬ص ‪195-194‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬علم الصورة‬
‫‪ – 1‬مفهوم الصورة في األدب المقارن‪.‬‬

‫‪ – 2‬عناصر ومكونات الصورة‪.‬‬

‫‪ – 3‬أنواع الصورة‪.‬‬

‫‪ – 4‬أهمية دراسة الصورة‪.‬‬


‫لق((د نش((أ علم الص((ورة‪ (،‬ونش((ط‪ ،‬في بداي((ة الق((رن العش((رين‪ ،‬إث((ر اس((تفحال‪ ،‬النزاع((ات‬
‫القومية‪ ،‬واشتداد الظاهرة العنصرية ضد األجانب بشكل عام‪،‬وضد العرب على الخصوص‪.‬‬
‫وقد استوحى هذا الفرع المعرفي مادته من الدراسات األنثروبولوجية ال((تي ت((درس العالق((ات‬
‫‪1‬‬
‫بين الجماعات الساللية المختلفة ‪.‬‬

‫و لهذا تعد دراسة الصورة األدبية‪ ،‬أحد فروع األدب المقارن وأحدث مجاالت البحث فيه‬
‫وأهمها‪ .‬وفي الحقيقة كلمة الصورة( األدبية من الج((دة بحيث ال نج((د له((ا ح((تى في الق((واميس(‬
‫الجديدة معادالً‪.‬‬

‫و يتحدث محمد غنيمي هالل عن هذا اللون من الدراسات األدبية بقوله‪:‬‬

‫{هذا أحدث ميدان من ميادين البحث في األدب المقارن ال تراجع أقدم البحوث في((ه إلى أك(ثر‬
‫من ثالثين عامًا‪ ،‬ولكنه ‪ -‬مع حداثة نشأته ‪ -‬غني بالبحوث التي تبشر بأنه س((يكون في أوس((ع‬
‫ميادين األدب المقارن وأكثره((ا روا ًدا في المس((تقبل} وق((د ظه((ر علم الص((ورة في المدرس((ة‬
‫الفرنسية مع جان ماري كاريه‪ ،‬كما أخذه فرانسوا غوي((ار وه((و أح((د أقط((اب األدب المق((ارن‬
‫في فرنسا ودافع عنه في كتابه "األدب المقارن" عام ‪ .1951‬ومن ثم اخذ يتطور هذا الن((وع‬
‫‪2‬‬
‫من الدراسات بشكل سريع‪.‬‬

‫وال يخفي علين((ا أن الص((ورة األدبي((ة للش((عوب تنعكس في م((رآة آدابه((ا ت((أثيرً ا عمي ًق((ا في‬
‫عالقاتها بعضها ببعض‪ ،‬أيا كان نوع تلك العالقات‪ ،‬ولها كذالك تأثير على عقول قادة األم((ة‬
‫من الساسة والمفكرين في تكوين رأي عام قد ينتج عنه اتجاه خاص في عالقتها مع غيرها‪.‬‬
‫‪- 11‬صورة المشرقي في روايات أمين معلوف‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬تخصص دراسات أدبية‪ (،‬إعداد الطالب‬
‫إبراهيم بوخالفة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2008/2009‬ص‪52‬‬
‫‪2‬‬
‫صورة مايا كوفسكي في شعر عبد الوهاب البياتي وشيركو بيكهس {دراسة صورولوجية في األدب المقارن} خليل‪2-‬‬
‫برويني‪ ،‬هادي نظري منظم‪،‬كاوه خضري‪ ،‬إضاءات نقدية (فصلية محكمة)‪ ،‬السنة الثانية‪-‬العدد الثامن‪ -‬شتاء ‪1391‬ش ‪/‬‬
‫‪.‬كانون األول ‪ 2012‬ص‪60-59‬‬
‫وكل هذا من نواحي النشاط األدبي في الميدان الدولية‪ .‬ويهتم األدب المقارن بالكش((ف عن‬
‫هذه النواحي من الوجهة التاريخية‪ ،‬وبيان مظاهرها المختلفة على مر األجي((ال‪ .‬وبه((ذا يمه((د‬
‫األدب المقارن لكل أمة أن تعرف مكانتها لدى غيرها من األمم‪ .‬وأن ترى صورتها في مرآة‬
‫غيرها من آداب الشعوب ويتاح بذلك لها أن تعرف نفسها حق المعرفة‪ ،‬وأن تحاول تصحيح‬
‫وضعها أو ال(دفاع عن نفس(ها‪ .‬وب(ذلك تتهي((أ الفرص((ة للتف((اهم الح((ق و التع(اون الص((ادق بين‬
‫‪1‬‬
‫الشعوب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫األدب المقارن‪ ،‬الدكتور محمد غنيمي هالل‪ ،‬إشراف عام داليا محمد إبراهيم‪ ،‬تاريخ النشر أكتوبر ‪1-،2004‬‬
‫‪.‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع أسسها محمد إبراهيم ‪1838‬ص ‪338‬‬
‫‪ – 1‬مفهوم الصورة‪:‬‬

‫والصورة كما يعرفها األستاذ عبد القادر بوزي(دة في مقال(ه {ص‪77‬ورة اآلخر ودالالته‪77‬ا في‬
‫الدراسات المقارنة}‪ 7‬هي لغة من لغات أخرى يتوفر عليها المجتمع ليتحدث عن نفسه ويفك((ر‬
‫في نفسه‪ .‬الصورة لغة من بين اللغات الرمزية‪ ،‬ولكنها لغة متميزة تتمثل وظيفته((ا في ق((ول‬
‫العالقات اإلثني((ة و الثقافي((ة البيني((ة ‪ ،INTERCULTURELLES‬وهي عالق((ات ليس((ت حقيقي((ة‬
‫بقدر ما هي متصورة أع((اد المخي((ال تش((كيلها بين المجتم((ع ال((ذي يتكلم (الن‪77‬اظر) والمجتم((ع‬
‫‪1‬‬
‫المنظور إليه‪.‬‬

‫وقد عرف عزرابوند ‪ ezra pound‬والمنظر لعدة حركات ش(عرية‪ .‬الص((ورة ليس بأنه((ا‬
‫تمثيل بالرس(م‪ ،‬ولكن {ذل(ك ال(ذي يمث(ل عق(دة ذهني(ة وعاطفي(ة في لحظ(ة من ال(زمن} وأنه(ا‬
‫{توحيد ألفكار متباينة} وقد أكد إعالن مبادئ المدرسة التصويرية ‪the imagist credo‬‬

‫{بأن الشعر ينبغي أن يقدم الجزيئات بدقة وأال يع((الج العمومي((ات غ((ير المح((ددة مهم((ا ك((انت‬
‫طنانة }‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫و الصورة عند سليفان ماردون في تمثيل يعتمد على معلومات ش((به ثابت((ة ذات ط((ابع ع((ام‬
‫ومعقول‪ ،‬وهي عند كل((ود بيش((وا‪ ،‬و روس((و تص((ور ف((ردي وجم((اعي تح((دده عوام((ل فكري((ة‬
‫وعاطفية‪ ،‬موضوعية وذاتية‪ .‬وال يرى أي أجن((بي بل( ًدا مثلم((ا يري((د الس((كان البل((د أن يراه((ا‪،‬‬
‫وهذا يعني غلبة العناصر العاطفية على العناصر الموضوعية‪(.‬‬

‫‪1‬‬
‫اللغة واألدب ص‪- 2021‬‬
‫‪2‬‬
‫رنيه ويلك‪ ،‬أوستن‪ ،‬نظرية األدب المقارن‪ ،‬تعريب الدكتور عادل سالمة‪ ،‬أستاذ األدب اإلنجليزي‪ ،‬جامعة عين شمس‪2-،‬‬
‫‪.‬دار المريخ للنشر‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪1412‬ه‪1992/‬م‪،‬ص‪256‬‬
‫ويعرف باجو‪ Pageaux‬الصورة بأنه(ا تمثي(ل ‪Représentation‬خلي(ط من األحاس(يس‬
‫‪1‬‬
‫واألفكار‪ ،‬ويرى أن الصورة هي إلى حد ما تعبير عن اآلخر‪.‬‬

‫والصورة( طريقة خاصة من طرق التعبير‪ ،‬أو وجه من أوجه الداللة‪ ،‬تنحصر أهميتها فيما‬
‫معنى من المعاني خصوصية و تأثير‪ .‬ولكن أيًا كانت هذه الخصوص((ية أو ذل((ك الت((أثير{ف((إن‬
‫الصورة( لن تغير من طبيعة المعنى في ذات((ه‪ ،‬إنه((ا ال تغ((ير إال من طريق((ة عرض((ه‪ ،‬وكيفي((ة‬
‫‪2‬‬
‫تقديمه}‪.‬‬

‫وتع((رف الص((ورة بأنه((ا (ك((ل ص((ورة تنبث((ق عن إحس((اس مهم((ا ك((ان ض((ئيال ب "األن((ا"‬
‫بالمقارنة مع اآلخر‪ ،‬و "هنا" بالمقارنة مع مكان آخر‪ .‬الصورة هي إذن تعب((ير أدبي أو غ((ير‬
‫‪3‬‬
‫أدبي عن انزياح ذي مغزى بين منظومتين من الواقع الثقافي )‪.‬‬

‫{والصورة المقارنة ليست نسخة عن الواقع‪ ،‬إنها تتشكل وتكتب باالعتماد على مخططات‬
‫‪4‬‬
‫وإجراءات توجد قبلها ضمن الثقافة الناظرة}‪.‬‬

‫ويذهب الباحث الجزائري المعاصر الغتري الفول إلى أن الصورة هي مجموع األفكار‪،‬‬
‫وأحكام القيمة‪ ،‬وردود الفع(ل العاطفي(ة تج(اه اآلخ(ر‪ ،‬وتج(اه ال(ذات الحاض((رة ل(دى الف(رد أو‬
‫المجموعة خالل حقب((ة تاريخي((ة مدي((دة نس((بيًا‪ ،‬بحيث يس((مح ذل((ك بالش((رح العمي((ق للمواق((ف‬
‫المحسوسة‪ ،‬وردود الفع((ل الص((ادرة عن ذل((ك الف((رد وتل((ك المجموع((ة تج((اه اآلخ((ر أو تج((اه‬
‫الذات‪ .‬كما أنه يمكن تحليل و تأويل تل((ك المواق(ف و ردود الفع(ل من خالل المدون(ة أو نص‬
‫من تأليف ذلك الفرد أو تلك المجموع((ة‪ .‬تب((دو الص((ورة إذا من خالل ه((ذا التعري((ف المرك((ز‬

‫صورة اليهودي في الشعر العربي المعاصر (‪ ،)1949-1948‬رسالة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬من إعداد زهرة مزوني‪3-،‬‬
‫‪1‬‬

‫‪.‬إشراف األستاذ عبد القادر بوزيدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2001-200‬ص‪1‬‬


‫‪2‬‬
‫جابر عصفور‪ ،‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬ط‪ ،2‬لبنان بيروت دار النشر التنوير‪1-‬‬
‫الطباعة والنشرسنة ‪1983‬م‪،‬ص‪323‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬دانييل هنري باجو‪ ،‬األدب العام المقارن‪ ،‬ترجمة د‪.‬غسان السيد‪ ،‬من منشورات إتحاد الكتاب العرب ‪،1997‬ص‪2- 91‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪3- 91‬‬
‫الذي اعتمده الغتري مركبًا‪ ،‬أو عقدة أو فصلة من التمثيالت والمعقدات وأحك((ام القيم((ة ال((تي‬
‫‪1‬‬
‫ال يمكن تعيينها وال توصيفها إال من خالل التحليل‪.‬‬

‫‪ -‬عناصر ومكونات الصورة‪:‬‬

‫أ‪ -‬النمط مكون أساسي للصورة‪:‬‬

‫يقودنا حديثنا السابق عن الصورة كلفة وخطاب ورمز‪ ،‬إلى الحديث عن أحد عناصرها‬
‫األولية واألساسية أال وهو"النمط"‪ .‬فاللغة مهما كانت إطارً ا تتموضع فيه "الصورة " إال أن‬
‫هذه األخيرة تبقى مصطلحً ا مبهمًا متنقالً في كل مكان وزم((ان‪ ،‬ومج((رد كلم((ة مفت((اح تجت((از‬
‫المنظومة الثقافية األصلية لتصل إلى منظومة ثقافية مختلفة تعبر عنه((ا وتخاطبه((ا‪ ،‬وفي ك((ل‬
‫ذلك هي حاملة لسمات المنظومة األولى األصلية لتصبح شكالً مقولبًا من األفكار‪ ،‬واألحك((ام‬
‫المبتكرة في زمن معين‪ ،‬ومنتجة لعدد من العالمات واإلشارات األحادي((ة الج((انب فق((ط‪ ،‬مم(ا‬
‫يعطيها خاصية "النمط"‪.‬‬

‫تأخذ هذه األنماط المتشكلة انطالق((ا من متخي((ل جم(اعي‪ ،‬طاب ًع((ا ش((موليًا وتأخ((ذ الص((ورة‬
‫المنبثقة عن النمط داللة واحدة ممكنة وتعبيرً ا أحاديًا يض((م بش((كل آلي ك((ل أعض((اء الجماع((ة‬
‫المنظور إليها من دون تمييز‪ ،‬ودون األخذ بعين االعتبار خصوصيا تهم‪ ،‬ومميزاتهم األك((ثر‬
‫أهمية‪ .‬وعليه"فالنمط دلي((ل على اتص((ال أح((ادي‪ ،‬وثقاف((ة ثابت((ة مقتص((رة على رس((الة واح((دة‬
‫تؤديها "‪.‬وهو ينشر صورة أولية وجوهرية "تخض((ع لتط(وير بس((يط في التك(وين ه(و الخل(ط‬
‫بين الخاصية[الصفة]( واألس((اس [األص((ل]( مم((ا يجع((ل عملي((ة التعميم ال((دائم من الخ((اص إلى‬
‫العام‪ ،‬ومن المفرد إلى الجمع ممكنة"‪ .‬وبمعنى آخر‪ ،‬تصبح الق((درة التش((كيلية الش((عرية ال((تي‬

‫‪1‬‬
‫صورة المشرقي في روايات أمين معلوف‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير تخصص دراسات أدبية‪ ،‬إعداد الطالب إبراهيم بوخالفة‪ ،‬السنة ‪4-‬‬
‫الجامعية ‪ 2008/2009‬ص‪44‬‬
‫تتطلبها كل ظاهرة ثقافية أو أدبية غير ممكنة‪ ،‬وتؤدي وظيفة واحدة ش((املة وجامع((ة‪ .‬و نج((د‬
‫هذا النوع من الصور النمطية بكثرة في النصوص األدبية حول األجنبي وغال ًب((ا في مس((توى‬
‫الوصف‪ (.‬و لذلك فرغم النتائج السلبية للنمط إال أنه يبقى هامًا ج ًدا في دراسة الص((ورة‪ ،‬ألن((ه‬
‫يقدم شكالً أدنى من المعلومات من أجل اتصال أشمل وأقوى وأكثر ذيوعًا‪ ،‬فهو شكل م((وجز‬
‫ومخلص لتعبير شعاري عن الثقافة أو النظام إيديولوجي[‪ (،]...‬يطرح ‪1‬للمعارضة ويثبت أن((ه‬
‫إضمار للروح والتفك((ير العقالني[‪ (،]...‬مم((ا يس((تبعد ك((ل مقارن((ة نقدي((ة من ش((أنها تط((وير‬
‫العالقات اإليجابية بين الشعوب والمجتمعات‪.‬‬

‫ويدخل النمط في تشكيل المخيال االجتماعي الذي يرمي"باجو" إلى توضيحه‪ ،‬فهو يس((اهم‬
‫في تشكيل أفكار وتصورات عن األجنبي نتجت بسبب قلة االتص((ال والمش((اركة بين األف((راد‬
‫والجماعات‪ ،‬ويقدم شكالً جدي( ًدا من التعب((ير من ش((أنه خالل دراس((ة ص((ورية أن يفص((ح عن‬
‫ً‬
‫حاجزا يحول دون التواص((ل اإليج((ابي‬ ‫فروق حضارية ولغوية بين الشعوب‪ ،‬هي التي تضع‬
‫الذي يولد التبادل الفكري السليم‪ ،‬ورغم شذوذ النمط إال أنه يبقى جزءًا ال يتجزأ من عناص((ر‬
‫الص((ورة‪ ،‬ألن((ه يق((دم دليالً قاطعً(ا على ال(دور الفع((ال ال((ذي تلعب(ه جماع(ة فكري(ة مح(ددة في‬
‫التاريخ الجماعي للمدركين الذين صاغوا الفكرة أو النمط‪ .‬إن((ه "يمنح اتص((االً مبرمجً( ا ق((ابالً‬
‫للتغيير‪ ،‬ويضع عالقة مطابقة بين تعبير ثقافي مبسط ومجتمع‪ ،‬بتعويض البديل بالجوهر مما‬
‫يجعل اإلجماع الثقافي واالجتماعي أكثر اتسا ًعا [‪ ،]...‬فهو يطرح نظامًا ترابيًا دائمًا وتفر ًع((ا‬
‫ثنائيًا للعالم والثقافات"‪ .‬ويخلق ثنائي(ة متعارض(ة بين ش((عب ن(اظر و ش(عب منظ(ور إلي((ه‪ .‬إذ‬
‫بمقتضاه يص((بح الش((عب الن((اظر في القم((ة بينم((ا يص((بح الش((عب المنظ((ور إلي((ه في القاع((دة‪،‬‬
‫فتتحق((ق للش((عوب القوي((ة مش((روعية التف((وق على الش((عوب الض((عيفة المنظ((ور إليه((ا دو ًم((ا‪،‬‬
‫والمحكوم عليها من قبل الثقافة الناظرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صورة الجزائر في األدب الفرنسي غي دي موباسان وألبير كامو نموذجً ا‪ ،‬دراسة تحليلية وصفية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستيير في اللغة العربية وآدابها التخصص‪ ،‬قضايا األدب والدراسات النقدية والمقارنة من إعداد الطالبة أمينة‬
‫سوفالن‪ ،‬إشراف األستاذ الدكتور عبد القادر بوزيدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2008/2009‬ص‪20-19‬‬
‫وانطال ًقا من كون الصورة( لغة ثانية‪ ،‬ونصًا مبرمجً ا‪ ،‬و "مخياالً اجتماعيًا" يحم((ل ك((ل‬
‫معاني اآلخر‪ ،‬فإن "باجو" يميز بين ثالث عناصر أساسية مكونة لها وهي‪[ :‬الكلمة‪ ،‬العالق((ة‬
‫‪2‬‬
‫التراتبية أو الطبقية‪ ،‬و السيناريو]‪.‬‬

‫ب‪ -‬الكلمة‪:‬‬

‫يس(توقفنا اعتب(ار الص(ورة( كلغ((ة إلى الح((ديث عن الكلم((ة‪ ،‬فالفص((وص الص(ورية ال(تي‬
‫ندرسها تعج بالكلمات وتع((د بالنس((بة للب((احث المق((ارن مف((اتيح أولي((ة أساس((ية لرص((د ص((ورة‬
‫األجن((بي‪ .‬و علي((ه يجب "حص((ر مخ((زون ال يس((تهان ب((ه من المف((ردات ال((تي تس((مح بالنش((ر‬
‫الفوري لصورة( اآلخر في حقبة زمنية معينة "‪.‬‬

‫هذه الكلمات والمجموعات الكالمية والشبكات المعجمية والحقول الداللية‪ ،‬هي التي تسمح‬
‫ببيان التشابهات الكائنة بين الع((الم الش((عوري للك((اتب وجمه((وره الق((ارئ‪ .‬و ض((من ه((ذا الكم‬
‫الهائ((ل من الكلم((ات‪ ،‬يم((يز الب((احث بين ن((وعين من الكلم((ات‪ ،2‬الكلم((ات المف((اتيح والكلم((ات‬
‫الخيالية‪ ،‬مما يتطلب التحليل المعجمي‪ ،‬الذي سيكون ضروريًا لمثل ه((ذا الن((وع من الدراس((ات‪.‬‬
‫وبذلك فالكلمة ليست بعيدة بطبيعتها و وظيفتها عن الصورة ويمكن القول بأن الصورة هي‬
‫مفرد أساسية تستعمل للتمثيل و االتصال‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وينبغي خالل دراس((ة ص((ورية‪ ،‬االهتم((ام بك((ل م((ا من ش((أنه إقام((ة مقارن((ة بين "األن((ا"‬
‫و"اآلخر"‪ ،‬وكل الكلمات المس((اعدة على تحدي((د الع((الم ال((داخلي والخ((ارجي ل((ه‪ ،‬س((واء أك((ان‬
‫االختالف هو األكثر ظهورً ا أو التشابه‪ .‬كذلك يجدر بالباحث عند التحلي((ل المعجمي أن يأخ((ذ‬
‫‪.‬المرجع نفسه ص ‪21-20‬‬
‫‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ص‪1-21‬‬
‫‪3‬‬
‫صورة الجزائر في روايات ألبير كامو‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬تخصص‪ ،‬أدب عالمي‪ ،‬إعداد الطالبة ‪2-‬‬
‫رعاش مبخوتة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2008-2007‬ص‪22‬‬
‫بعين االعتبار كل ظهور للتك((رار لبعض المف(ردات أو العب((ارات‪ ،‬ويق(وم بإحص(اء كمي له(ا‬
‫على حسب ما تدل عليه وتعبر عنه من مع((اني الغيري((ة‪ ،‬كم((ا يجب االنتب((اه ً‬
‫أيض(ا إلى كيفي((ة‬
‫اختب((ار المف((ردات المتعلق((ة برس((م األم((اكن‪ ،‬وتح((دد الزم((ان‪ ،‬واإلدراك ال((داخلي والخ((ارجي‬
‫لألشخاص‪ ،‬عن طريق ذكر أسماء الشخصيات و الكنيات واأللعاب وكل ما يسمح من قريب‬
‫أو من بعيد بتحديد منظومة العالقات والتبادالت بين "األنا" و"اآلخر" على مستوى الكلمة‪.‬‬

‫وبهذا تش((كل الكلم((ة إذن ‪ ،‬مرحل((ة هام((ة وأساس((ية في كش((ف ص((ورة األجن((بي‪ ،‬وتحدي((د‬
‫نوعيتها أو قيمتها‪ ،‬ويصبح المخيال الذي تطبعه هذه الصور المرسومة بالكلمات أو ب((المعجم‬
‫اللغوي المصور‪" ،‬فهرسًا أو معجمًا من الصور‪ ،‬واألداة المفهوم((ة والعاطفي((ة لجي((ل أو ع((دة‬
‫أجي((ال‪ ،‬داخ((ل مجموع((ة اجتماعي((ة وثقافي((ة معين((ة"‪.‬وتص((بح( الكلم((ة في ه((ذا المس((توى من‬
‫الدراسة‪ ،‬عنصرً ا من لغة وخطابًا رمزيًا يدرس كنظام من المعاني داخل منظوم((ة اجتماعي((ة‬
‫وثقافية و مخيال اجتماعي في لحظة تاريخية معينة‪ ،‬وهذا هو موضوع الصورة( الحقيقي كما‬
‫يراه "باجو" فقد نأخذ الكلمة في نص صوري تحكم((ه الرمزي((ة‪ ،‬ط((ابع الش((عرية لتش((كل م((ع‬
‫المعجم اللغ((وي المبتك(ر أو المتخي((ل بفع(ل المخي(ال االجتم((اعي نوعً(ا من األس((طورة‪ ،‬وهن(ا‬
‫تتأرجح الكلمة بين مفهومي النم((ط واألس((طورة‪ ،‬من أج((ل تك((ريس تص((ور أو فك((رة م((ا عن‬
‫‪1‬‬
‫األجنبي‪.‬‬

‫ج‪ -‬العالقة التراتبية‪7:‬‬

‫يترتب عن دراسة الكلمات والمف((ردات المتحكم((ة في النص الص((وري‪ ،‬دراس((ة عالق((ة‬


‫هذه الكلمات ببعضها البعض‪ ،‬ومدى فائ((دتها في التق((ديم واالتص((ال‪ ،‬وإلحاقه((ا بس((ياق النص‬
‫كله‪ ،‬من أجل قراءة تأخذ بعين االعتبار ال((ترتيب والتنظيم الع((ام للنص الص((وري‪ .‬فالكلم((ات‬
‫والمف((ردات الم((أخوذة كعين((ة للدراس((ة والفحص‪ ،‬ك((ل منه((ا يخص مش((ه ًدا معي ًن((ا ويع((بر عن‬
‫موضوع معين ضمن نظام صوري موضوع سل ًفا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫صورة الجزائر في األدب الفرنسي غي دي موباسان وألبير كامو نموذجً ا‪ ،‬دراسة تحليلية وصفية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‪1 -‬‬
‫الماجستير في اللغة العربية وآدابها التخصص‪ :‬قضايا األدب والدراسات النقدية والمقارنة‪ ،‬إشراف األستاذ الدكتور عبد‬
‫القادر بوزيدة‪ ،‬من إعداد الطالبة أمينة سوفالن‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2008/2009‬ص‪23-22‬‬
‫ولذلك يجب االنطالق من الجزء إلى الفحص إنتاج النص كله‪ ،‬وهذا يستدعي من الباحث‬
‫إتباع نوع من الدراسة البنيوية للنص الصوري‪ ،‬التي من شأنها االهتمام بوظ((ائف الكلم((ات‪،‬‬
‫ومدى تقديمها للمعاني‪ ،‬وتبدأ هنا عملية تفكيك النص الصوري إلى وحدات جزئي((ة من أج((ل‬
‫معرفة العالقات التي تربط "األنا" ب"اآلخر"‪ ،‬وكيف تتحول هذه األخيرة إلى شعور موجه‪.‬‬

‫ويس((تدعى تتب((ع األن((ا الناطق((ة في النص الص((وري تتب((ع حركي((ة المب((ادئ التنظيمي((ة‪،‬‬
‫والتوزيعية لها في مقابل "اآلخر"‪ .‬وبتعبير آخر فه((ذه المرحل((ة من الدراس((ة هي ال((تي تح((دد‬
‫وتكشف عن نوع العالقات الموجودة بين "األنا" و"اآلخر"‪ ،‬عالقات قوة يرفضها كل اتصال‬
‫م((ع األجن((بي وتع((د تراتبي((ة‪ ،‬وت((رمي دراس((تها وت((رمي دراس((تها إلى اس((تخراج التق((ابالت‬
‫الموجودة بين ثقافة "األنا" وثقافة "اآلخر"‪ ،‬والوقفات الوصفية لكل منهم((ا‪ ،‬وك((ذلك المش((اهد‬
‫التي من شأنها تمثيل األجنبي‪ .‬إذا تحدد هذه األخيرة موضع "األن((ا" من"اآلخ((ر" في حركي((ة‬
‫النص ونظامه‪ ،‬وبالتالي تفسر العالقات التي تحكم "األن((ا" و"اآلخ((ر"‪ ،‬والمرتب((ة االجتماعي((ة‬
‫والثقافية التي يحتلها هذا "اآلخ((ر" (كالحال((ة االجتماعي((ة‪ ،‬واالنتم((اء الحض((اري‪ ،‬والمس((توى‬
‫الثقافي والفكري‪ ،‬والمظهر الفيزيولوجي( )‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يبرز التفوق ال((دائم لعنص((ر‬
‫"األنا" في مقابل عنصر "اآلخر"‪.‬‬

‫وفي هذا المستوى من التحليل‪ ،‬يتمكن الباحث من تحدي((د اإلط((ارين الفض((ائي والزم((اني‬
‫لكال الط((رفين [األن((ا واآلخ((ر]‪ ،‬وفهم المس((ارات الس((ردية ال((تي يحتله((ا الح((يزان الزم((اني‬
‫والمكاني في النص‪ .‬وذلك من أجل وضع اتصال دائم مع نظام الشخصيات‪ ،‬وال((راوي( ال((ذي‬
‫يمثل في أغلب األحيان ويكون بديالً عن "األنا" الناظرة‪ .‬وينجم عن ه((ذا التفكي((ك والتقطي((ع‪،‬‬
‫تفرعات ثنائية للفضاء األجنبي بحسب التعارض الك((ائن بين ثقاف((ة "األن((ا" وثقاف((ة "اآلخ((ر"‪،‬‬
‫والشيء نفسه بالنسبة لدراسة الزمن‪ .‬وكل هذا من شأنه أن يحدد تواجد "األنا" و"اآلخر" في‬
‫دائرة الزمن كالتواريخ إن وجدت‪ ،‬واألحداث والحقب الزمني((ة‪ ،‬وك((ل م((ا من ش((أنه أن يمث((ل‬
‫حركية تاريخية‪ ،‬حتى وإن كان مجرد زمن أسطوري تتحرك فيه عمليات الوص((ف والس((رد‬
‫بين "األنا" و"اآلخر"‪ ،‬فالزمن الحقيقي كثيرً ا ما يغيب في النصوص التي تمثل األجنبي‪ ،‬فيما‬
‫‪1‬‬
‫يعاد خلق زمن أسطوري أو استحضار ماضي بعيد‪.‬‬

‫د‪ -‬السيناريو‪7:‬‬

‫من خالل الكلمة والعالقة المتدرجة‪ ،‬ستتطور الصورة في الموضوع‪ ،‬في المش((اهد الروائي((ة‬
‫والدرامي((ة‪ ،‬وهن((ا نس((جل الس((يناريو‪ ...‬و ه((ذه الكلم((ة "الس((يناريو" ت((وحي إلى أح((د عناص((ر‬
‫تعريف األسطورة‪ ،‬إذ ال توجد أس((طورة ب((دون متتالي((ات لقص((ة تحكى‪ ،‬ويمكن اإلش((ارة إلى‬
‫ثالث صفات األس((طورة المفترض((ة وال((تي تمنحه((ا ك((ل بع((دها الثق((افي‪ ،‬األس((طورة معرف((ة‪،‬‬
‫سلطة‪ ،‬األسطورة تاريخ المجم((وع‪ ،‬هي الت((اريخ األخالقي ال((ذي يه((دف إلى إعط((اء تماس((ك‬
‫للمجموع ال((ذي ينتجه((ا وال((ذي تتوج((ه نح((وه‪ ،‬ك((ل عنص((ر يمكن أن يس((اهم في تمي((يز بعض‬
‫الصور عندما تأخذ بالنسبة للكاتب أو بالنسبة للمجموع قيمة تفسيرية‪ ،‬معيارية‪ ،‬أخالقية‪.‬‬

‫مجموع من الكلمات‪ ،‬مجموع من العالقات أدت إلى تكوين سيناريو يقول ب((اجو‪" :‬في داخ((ل‬
‫المجتمع وفي داخل الثقافة المنظور إليه((ا كحق((ل نس((قي‪ ،‬يكتب الك((اتب‪ ،‬ويخت((ار خطاب((ه عن‬
‫اآلخر في بعض األحيان عكس الواقع السياسي لتلك الفترة"‪.‬‬

‫والسؤال المطروح اآلن لماذا تكون شعوب ص((ورً ا لش((عوب دون أخ((رى؟ إن الش((عوب ال‬
‫تهتم إال بالشعوب المجاورة لها أو التي تشترك معها في مسألة ما‪ ،‬أو ال((تي يك((ون له((ا معه((ا‬
‫مص((الح اقتص((ادية‪ ،‬أو تري((د كس((ب وده((ا أو تخش((ي بأس((ها‪ ،‬وتلخص س((يلفان م((اردون ه((ذه‬
‫القضية في ضرورة وجود نسبة من االهتمام بين شعبين ليكون ألحدهما صورة عن اآلخ((ر‪،‬‬
‫ويرى باجو أن هناك ثالث حاالت أساسية تتحكم في التمثيل اآلخر‪.2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪1- 23‬‬
‫‪2‬‬
‫صورة اليهودي في الشعر العربي المعاصر (‪ ،)1948.1987‬رسالة لنيل شهادة الماجيستير‪ ،‬من إعداد زهرة ‪-‬‬
‫‪1‬‬

‫مزوني‪ ،‬إشراف األستاذ عبد القادر بوزيدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2002-2000‬ص ‪5‬‬
‫‪ -‬الحالة األولى‪:‬‬

‫الهوس‪ (.‬يعد الواقع األجنبي‪ ،‬بالنسبة للكاتب أو الجماعة‪ ،‬متفو ًق((ا حت ًم((ا على الثقاف((ة الن((اظرة‪،‬‬
‫الثقافة األصلية‪ .‬هذا التفوق يؤثر‪ ،‬جزئيًا أو كليًا في الثقافة‪ 1‬األجنبية المنظورة‪(.‬‬

‫و من نتيج((ة ذل((ك بالنس((بة للثقاف((ة األص((لية أن الك((اتب أو الجماع((ة تع((دها أق((ل مس((توى‪ .‬في‬
‫م((وازاة التفض((يل اإليج((ابي األجن((بي هن((اك رؤي((ة س((لبية‪ ،‬انتقاص((ية للثقاف((ة األص((لية‪ (.‬يوج((د‬
‫(ه((وس)‪ ،‬ويق((وم تق((ديم األجن((بي على (وهم) أك((ثر مم((ا يق((وم على ص((ورة‪ .‬يفس((ر اله((وس‬
‫اإلنجليزي لفالسفة األنوار الفرنسيين‪ ،‬في قسم كبير من(ه‪ ،‬ع(بر الش(عور ب(التفوق اإلنجل(يزي‬
‫والدونية الفرنسية‪ ،‬وحتى عبر الشعور بالنقص (حريات وتسامح أقل)‪ .‬واألمر نفسه بالنس((بة‬
‫(للهوس( الروسي) (الذي درسه ساب ًقا ‪.‬أ‪.‬لورثوالري‪ (،‬فالس((فة الق((رن الث((امن عش((ر وروس((يا‪،‬‬
‫الوهم الروسي في فرنسا في القرن الثامن عشر‪ ،‬بوفان‪ )1951 ،‬وال((ذي يق((وم على تفض((يل‬
‫أحادي الجانب لبعض الشخصيات مث((ل بي((ير العظيم‪ ،‬أو الك((اترين الثاني((ة‪ .‬ويوض((ع اله((وس‬
‫اإلس((باني لبعض الرومانس((يين الفرنس((يين في م((وازاة ذل((ك م((ع تس((ربات داخلي((ة في ال((زمن‬
‫والفضاء (حالة إغرابية خاصة) تؤدي إلى اإلعجاب بش((دة بإس((بانيا الفروس((ية ض((من فض((اء‬
‫اجتماعي بورجوازي مخيب لألمال (مرض العصر‪-‬اغتنوا‪...‬بغيزو)‪.‬‬

‫وكذلك يربط الوهم الكاستيلي (أو الروماني) لمونثيرالنت في مسرحه مع ازدرائه لمظاهر‬
‫الحياة الحديثة والديمقراطية(‪. 2‬‬

‫‪ -‬الحالة الثانية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬دانييل هنري باجو‪ ،‬األدب العام المقارن‪ ،‬ترجمة د‪.‬غسان السيد‪ ،‬من منشورات إتحاد الكتاب العرب ‪ 1997‬ص ‪- 101‬‬
‫‪21‬‬
‫‪.‬دانييل هنري باجو‪ ،‬األدب العام المقارن‪ ،‬ترجمة د‪.‬غسان السيد‪ ،‬من منشورات إتحاد الكتاب العرب ‪ 1997‬ص ‪- 102 101‬‬
‫ويطل((ق عليه((ا اس((م "الره((اب" ‪phobie‬وهي عكس الحال((ة األولى‪ ،‬حيث يعت((بر الواق((ع‬
‫األجنبي الثقافي أدنى من الواقع األصلي‪ ،‬وينظر إلى الثقافة األص((لية بافتخ((ار واع((تزاز‪ ،‬في‬
‫حين ينظر إلى الواقع بمنظار النقص واالحتقار‪.1‬‬

‫‪ -‬الحالة الثالثة‪:‬‬

‫وهي ما يطلق عليه ‪"philie‬االنسجام والتآلف" وفي هذه الحال(ة يعت(بر الواق(ع األجن(بي‬
‫مثل الواقع األصلي‪ ،‬ال أعلى وال أدنى‪ ،‬فالواقع ايجابي يأخذ مكانه في الثقاف((ة األص((لية ال((تي‬
‫هي ثقافة استقبال وهي كذالك ايجابية‪ ...‬نجدها احترامًا متبادالً بين الثقافتين حيث تعتبر ه((ذه‬
‫الحالة الوحيدة للتبادل الحقيقي‪.‬‬

‫وإذا كان الهوس ال يعيش إال على االس((تدانة (يجلب من الخ(ارج أفك((ارً ا ومالبس‪ )...‬ف((إن‬
‫االنسجام والتآلف يطور سياقات تقويمية وبعيد تفسير الخارج دون الحاج((ة إلى االس((تدانة أو‬
‫االحتقار‪ ،‬وإذا كان الرهاب يفترض الموت الرمزي لآلخ((ر ف((إن االنس((جام يع((ترف ب((اآلخر‪،‬‬
‫ويط((رح الح((وار م((ع اآلخ((ر‪ ،‬ف((اآلخر يعيش إلى ج((انب األن((ا‪ ،‬ال أعلى وال أدنى‪ ،‬وال ح((تى‬
‫مختلف‪ ،‬اآلخر معترف به كآخر بكل بساطة‪ ،‬االنسجام كما يرى باجو يف((ترض ً‬
‫أيض (ا ق((درة‬
‫دائمة للحوار المميز‪ ،‬هذه القدرة التي تساهم في إعادة التوازن الذي هدمه الرهاب والهوس‪.‬‬

‫االنسجام‪ ،‬الرهاب‪ ،‬الهوس‪ ،‬كما يرى ب(اجو يؤس(س بطريق((ة جلي((ة التظ((اهرات الواض((حة‬
‫لترجمة الثقافة األجنبية‪ ،‬لقراءة اآلخر‪ ،‬إنها تؤسس المواقف األساسية ال((تي يمكن أن توض((ح‬

‫‪12‬‬
‫صورة الجزائر في روايات ألبير كامو‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجيستر‪ ،‬تخصص أدب عالمي‪ ،‬إعداد الطالبة رعاش ‪-‬‬
‫‪.‬مبخوتة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2007.2008‬ص‪24‬‬
‫في داخل النص أو في داخل المجموع الثقافي أساسيات االختبار اإليديولوجي التي يفرض((ها‬
‫كل تمثيل لآلخر‪.2‬‬

‫أنواع الصورة‪:‬‬

‫أ‪-‬الصورة السلبية‪:‬‬

‫إن غياب الموضوعية في رصد الصور والتعبير عنها هو ما يجعل األديب أو الرحالة‬
‫أو المستشرق يقدم صورة سلبية عن بلد ما على الرغم من أنه ق((د زاره‪ ،‬وتع((رف علي((ه عن‬
‫قرب‪ ،‬وهذا ما يجعل إدوارد س((عيد يقيم كتاب((ه الش((هير (اإلستش((راق) على اف((تراض أساس((ي‬
‫يتمثل في {أن الشرق الذي يتحدث عن((ه المستش((رقون‪ ،‬غ((ير موج((ود‪ ،‬فه((و ش((رق من ص((نع‬
‫المخيلة الغربية‪ .‬وإذا كان الحديث عن سلبية هذه الصورة معت((ذرً ا ف((إن ح( ً‬
‫(ديثا عن ال((رحالت‬
‫ال((تي ق((ام به((ا الغربي((ون إلى ال((وطن الع((ربي سيفض((ي إلى بن((اء ذل((ك التص((ور‪ ،‬ول((و بش((كل‬
‫جزئي)‪.‬‬

‫فالرحالة الغربي لم يكن لينظر إلى الشرق بعيني المكتشف الذي يحركه الفضول تج((اه م((ا‬
‫يجهل‪ ،‬بل نظر إليه بعيني شخص يحمل قناع((ة م((ا فيم((ا يتعل((ق به((ذا المك((ان تحدي( ًدا‪ ،‬ل((ذا ال‬
‫يمكن لعينيه إال أن ترى ما يمكنه تأكيد هذه القناعة‪.‬‬

‫‪ - 2‬ص(ورة اليه((ودي في الش(عر الع((ربي المعاص(ر ( ‪ ،)1948.1987‬رس(الة لني(ل ش(هادة الماجيس(تير‪ ،‬من إع(داد زه(رة‬
‫مزوني‪ ،‬إشراف األستاذ عبد القادر بوزيدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2002-2000‬ص‪.6‬‬
‫ومن بين الرحالت التي ساهمت في تشكيل صورة سلبية عن الشرق العربي رحلة‬
‫إدواردلين ‪ edward lanc‬في كتابه عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم ‪Mannersand‬‬
‫‪customs of the Modern egyptians‬‬
‫الصادر سنة‪. 1836‬‬

‫وقد سبق للين المولع بعوالم ألف ليلة وليلة أن أقام بمصر لمدة خمس سنوات‪ ،‬وقد وصف‬
‫في كتابه هذا حياة المسلمين وسلوكاتهم إال أنه كان ش((ديد الح((رص على نق((ل ص((ورة مث((يرة‬
‫تكرس فكرة التماهي بين عالمي الخيال والواقع إلرضاء الفضول الغربي ال((ذي يبحث دائ ًم((ا‬
‫‪1‬‬
‫عمًا هو مثير‪.‬‬

‫وقد اتخذ "الشيخ أحمد" نموذجً ا للمص((ري المعاص((ر‪ ،‬حيث يق((ول‪{ :‬ك((ان له((ذا الرج((ل‬
‫خصلتان تعيشان‪ :‬فهو مزواج محب للنساء‪ ،‬ومولع بأكل الزجاج}‪.‬‬

‫وال يخلو هذا الوصف من المبالغة‪ ،‬أقله فيما يتعل((ق بأك((ل الزج((اج‪ ،‬ف((األمر في((ه مبالغ((ة‬
‫حتى وإن افترضنا وروده في حاالت نادرة‪.‬‬

‫فالخيال في وصف كهذا قد ابتعد بالرحالة كليا عن الحقيقة‪ ،‬وكأنه بص((دد س((رد خ((رافي ال‬
‫صلة له بالطرح الواقعي الذي يتقبله العقل‪.‬‬

‫وهناك صورة أخرى ال تختلف كثيرً ا عن الط(رح للرحال(ة ريتش(ارد بورت(ون ‪Richard‬‬
‫‪ burton‬الذي تنكر في زي أمير فارسي‪ ،‬وسمى نفسه الشيخ عبد هللا‪ ،‬ثم سافر من انجلترا‬
‫إلى مصر مدعيًا بأنه أفغاني‪ ،‬ومن هناك قصد الجزيرة العربية أين قام ب((أداء فريض((ة الحج‪،‬‬
‫وق(((د لخص رحلت(((ه ه(((ذه في كتاب(((ه ال(((ذي حم(((ل عن(((وان ‪personl narrative of :‬‬
‫‪apigrimage to ,madina and mecca‬‬

‫صورة الجزائر في أدب ألبير كامو وجون بول سارتر‪ ،‬تخصص الدراسات المقارنة في األدب الجزائري الحديث‪- ،‬‬
‫‪11‬‬

‫إعداد الطالب حمزة وشان‪ ،‬إشراف األستاذ عبد القادر توزان‪ ،‬السنة الجامعية ‪1435/1436‬هـ‪2014/2015/‬م‪ ،‬ص‬
‫‪25-24.‬‬
‫وق((د ت((أثر ه((ذا الرحال((ة في وص((فه للش((رق برؤي((ة إدواردلين‪ ،‬وك((ذالك ب((ألف ليل((ة وليل((ة‬
‫المترجمة إلى اللغة اإلنجليزية‪{ ،‬غير أن إحساس بورتون بقي((ود المجتم((ع اإلنجل((يزي‪ ،‬دفع((ه‬
‫إلى البحث عن أفاق يمارس فيها قدرً ا واس ًعا من الحرية‪ ،‬فعاش جنديًا في الهند‪ ،‬وتح((رك في‬
‫البالد الغربية يجمع بين الزي الشرقي‪ ،‬والرؤية األوروبية‪ ،‬ويقدم رؤية تخدم ص((ناع الق((رار‬
‫اإلنجليز فيما يخص هذه الشعوب ذات المستوى الثقافي الب((دائي‪ ،‬لق((د رس((م بورت((ون ص((ورة‬
‫سلبية ماجنة للمرأة الشرقية ال يعرف مقدار عالقتها بالخيال في ألف ليلة وليلة}‪.1‬‬

‫ودراسة المقارن لهذه الص((ورة الس((لبية له((ا قيمته((ا‪ ،‬حيث تكش((ف عن تص((ورات األمم‬
‫بشأن بعضها البعض‪ ،‬حيث تكون محكومة بأفكار مسبقة أو سياقات إيديولوجي((ة‪ ،‬وسياس((ية‪،‬‬
‫وحضارية معينة‪ ،‬فلكي نصحح مسار هذه التصورات( البد من دراستها وتحليلها‪.‬‬

‫ب‪-‬الصورة اإليجابية‪:‬‬

‫تعد الرحلة إلى باريس من روافد احتكاك العرب بالغرب في العص((ر الح((ديث‪ ،‬إال أن‬
‫ما م(يز الص(ورة( ال(تي رس((مها الرحال((ة الع((رب له((ذه المدني((ة في أدبهم أنه((ا إيجابي(ة قوامه((ا‬
‫اإلعجاب بالنظر إلى طبيعة هذه المدينة وكيفية وصفهم لها‪.‬‬

‫ومن ه((ذه ال((رحالت رحل((ة الطهط((اوي ال((ذي أق((ام بب((اريس في ف((ترة م((ا بين(‪-1826‬‬
‫‪ )1831‬وسجل تفاصيل هذه اإلقامة في كتابه {تلخيص اإلبريز في تلخيص باريز}‪ ،‬ورحل((ة‬
‫فرانسيس المراش( إلى باريس سنة ‪1866‬م التي استغرقت س((نتين‪ ،‬وتح((دث عنه((ا في كتاب((ه‬
‫"رحل((ة ب((اريس"‪ ،‬وأحم((د زكي باش((ا ال((ذي س((افر إلى ب((اريس‪ ،‬وكتب مؤلف((ه "الس((فر إلى‬
‫المؤتمر" سنة ‪.1900‬‬

‫والمالحظ هذه الرحالت وغيرها أنها قد اتجهت وجهة إيجابية بك((ل م((ا تحمل((ه من مع((ان‪،‬‬
‫وتتجلى هذه اإليجابية من خالل تشبيه هذه المدنية بالجن(ة‪ ،‬وربطه(ا بفك(ر التق(دم‪{ ،‬وإذا ك(ان‬
‫الربط بين باريس وبين الجنة‪ ،‬فإن الربط بين باريس وفكرة التقدم فلسفي األبعاد‪ ،‬وق((د تجلت‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ص ‪- 25.26‬‬
‫هذه الفكرة في حديث طه حسين عنها‪ ،‬وفي حديث توفيق الحكيم‪ ،‬وزكي مبارك‪ ،‬فقد تح((دث‬
‫طه حسين عن ب(اريس في "األي(ام"‪ ،‬وفي "من بعي((د" مثلم((ا تح((دث الحكيم عنه((ا في "زه(رة‬
‫العم((ر"‪ ،‬وزكي مب((ارك في ذكريات((ه‪ ،‬وب((دت ب((اريس في ه((ذه الكتب نقط((ة اإلنطالق نح((و‬
‫مشروع حضاري‪ ،‬يتفيأ التق((دم‪ ،‬وتك((ون ب((اريس في((ه بم((ا تجس((ده من مب((ادئ فكري((ة نموذجً( ا‬
‫يحتذى}‪.‬‬

‫وبعض النظ((ر عن س((لبية الص((ورة أو إيجابيته((ا‪ ،‬ف((إن تحلي((ل عناص((رها والبحث في‬
‫مالبسات تشكيلها‪ ،‬وما تحمله من دالالت‪ ،‬ومعاني تتخطى حدود النص المكتوب‪ ،‬يبقى أمرً ا‬
‫ضروريًا ألنها تعبر عن تجربة شخصية للوصف( مع مكان ما و رؤيته اإليديولوجية له قب((ل‬
‫أي شيء آخر‪.1‬‬

‫‪ -‬أهمية دراسة الصورة‪:‬‬

‫ظلت األعمال األدبية التي تتناول الصورة عبر استقراءاتها في خلق آراء عن الموض((وعات‬
‫الجديدة للفرد‪ ،‬فالفرد ليس مهيأ ألن يرفض وجهة النظر الذي يقرأها ح((ول موض((وع جدي((د‪،‬‬
‫ألن العمليات االنتقائية لن تقف في تلك الحالة عقبة في وجه المعرفة‪.2‬‬

‫وال شك أن هذه األعمال تفيد في توسيع أفق الكتابة والتفكير والحلم بصورة مختلفة‪ ،‬إنها‬
‫‘غناء للشخصية الفردية من جهة العرف الذاتي من جهة أخرى‪ ،‬هذا على المستوى الفردي‪،‬‬
‫أما على المستوى الجماعي فتفيد في تصريف االنفعاالت المكتوبة تجاه اآلخ((ر أو التع((ويض‬
‫وتوس((يع أوه((ام المجتم((ع الكامن((ة في أعماق((ه‪ ،‬ك((ذلك ت((بين الص((ورة المغلوط((ة المكون((ة عن‬
‫الشعوب‪ ،‬فتسهم في إزالة سوء التفاهم وتؤسس لعالقات معافاة من األوهام والتشويه الس((لبي‬
‫واإليجابي‪ ،‬وتعطي اآلخر حقبة كما تعطي الذات‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ص ‪- 26.27‬‬
‫صورة الجزائر في أعمال ألفونس دودي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجيستر في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬تخصص قمنايا األدب ‪-‬‬
‫‪21‬‬

‫‪ .‬ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة‪ ،‬إعداد الطالب جفاصي سالم‪ ،‬إشراف الدكتور أحمد منور‪1430 ،‬هـ‪ 2009/‬ص‪27‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬مقاربات تطبيقية في األدب المقارن‪ ،‬ماجدة حمود‪ ،‬منشورات إتحاد الكتاب العرب‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص‪- 113‬‬
‫كما أن هناك أي ً‬
‫ضا دراسات مرتبطة بالحاضر أو بالماضي القريب يك((ون له((ا في الكث((ير‬
‫من األحي((ان ه((دف إنس((اني‪‘ ،‬ذ يتعل((ق األم((ر من جه((ة بتطه((ير الش((عور الجمعي من بعض‬
‫األحك((ام المس((بقة‪ ،‬فه((ذه الدراس((ات تس((اعد الش((عوب على معرف((ة بعض((ها البعض ب((إدراك‬
‫أوهامها‪ ،‬إنها كما يقول غويار {نعلم الشعوب المع(ارف أك(ثر بمعرف(ة األوه(ام ال(تي تحمله(ا‬
‫عن بعضها البعض}‪.‬‬

‫ونجد الرأي نفسه عند كلود بيشوا و أندري روسو‪ :‬مثل تلك الدراس((ات إذا درس((ت بعق((ل‬
‫نقدي متسامح يمكن أن تساعد شعبين على تحليل نفسيتهما بمعرف((ة مص((در أحكام((ه المس((بقة‬
‫نحو بعضها البعض وبذلك سيتعرف ك((ل واح((د على نفس((يته وس((يحتاط أك((ثر في الحكم على‬
‫اآلخر‪.‬‬

‫ويقول لهجومري عبد الجليل "إن دراسة الصورة( تؤدي إلى نوعية الشعب المتصور بم((ا‬
‫يحمل من أوهام‪ ،‬تشوب معرفته بحاضره المعيش وبأحداث اآلخر الذي يتصوره‪(.‬‬

‫فالكاتبة عن اآلخر كما يذهب الكثيرون ت((ؤدي إلى معرف((ة ال((ذات في المس((توى الف((ردي‬
‫وتساعد كذالك على التصريف والتعويض في المستوى الجماعي‪.1‬‬

‫ولهذا إن دراسة الصورة التي يكونه((ا مؤل((ف عن بل((د أجن((بي‪ ،‬طب ًق((ا لتجربت((ه الشخص((ية‪،‬‬
‫وعالقاته‪ ،‬وقراءته‪ ،‬أمرهم‪ ،‬حينما يكون هذا الك((اتب ممثالً حقيق ًي((ا لبالده‪ ،‬وعن((دما يك((ون ق((د‬
‫مارس تأثيرً ا حقيقيًا في أدب بالده‪ ،‬والرأي العام فيها‪.2‬‬

‫كما نجد أدب الرحالت كلون من الفنون التي تغ((ني األدب المق((ارن وتفي((د من((ه‪ ،‬حيث أن‬
‫االتصال بين الشعوب عن طريق الرحالت التي يقوم به((ا الن((اس من ش((أنه أن يوس((ع اآلف(اق‬
‫لفهم نفسيات الشعوب‪ ،‬وتمث(ل عاداته(ا وقيمه(ا ومعتق(داتها ال(تي تش(كل الج(وانب الحض(ارية‬

‫‪ -11‬ص(ورة اليه((ودي في الش((عر الع((ربي المعاص((ر (‪ ،)1948.1987‬رس(الة لني((ل ش((هادة الماجيس((تير‪ ،‬من إع((داد زه((رة‬
‫مزوني‪ ،‬إشراف األستاذ عبد القادر بوزيدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2002-2000‬ص‪.6.7‬‬
‫‪22‬‬
‫األدب المقارن‪ ،‬تأليف كلود بيشوا أندريه م‪.‬روسو‪ ،‬ترجمة الدكتور أحمد عبد العزيز ‪ ،1998‬مكتبة األنجلو المصرية ‪-‬‬
‫‪ 165.‬شارع محمد فريد القاهرة ص ‪197‬‬
‫الب((ارزة ألي ش((عب ك((ان‪ ،‬فعن طري((ق ال((رحالت أس((هم الرحال((ة في التعري((ف ب((أقوامهم إلى‬
‫غيرهم من األقوام‪ ،‬ومن ثم تعرف األقوام عليه‪.‬‬

‫فه((ذا الن((وع من األدب يفي((د الب((احث المق((ارن في التعري((ف على م((دى اهتم((ام ش((عب من‬
‫الشعوب بشعب آخر وما يعكسه هذا االهتمام من صور فكرية أو عاطفية‪ ،‬وجمالية‪ ،‬أو حتى‬
‫صور غير إيجابية فيما يكنه من كره وتوجس‪ .‬وهذه الصورة تمثل ألوا ًنا أدبية وفني((ة تص((بغ‬
‫الخلفية االجتماعية والحضارية والفكرية لألمم و الشعوب‪.‬‬

‫كل هذه الصور تعد سجالً يحفل به األدب لتقرير شعور وانطباع شعب معين تج((اه ش((عب‬
‫آخر‪ .‬وتعتبر دليال على نوع الصالت والعالقات التي تربط بين أم((ة وأخ((رى‪ ،‬إذ تس((اعد بال‬
‫شك على فهم عقليات األجانب بعضهم لبعض في ضوء ما قدمته األدباء والرحالة وغيرهم‬

‫اتصلوا بهم ووقفوا على العادات والثقافات أحسن وقوف‪ ،‬ولع((ل أعظم مزي((ة من مزاي((ا ه((ذه‬
‫الدراسة أنها تتيح لكل أمة فرص((ة رؤي((ة نفس((ها في م((رآة أدب غيره((ا لتع((رف مكانته((ا عن((د‬
‫األمم األخرى‪ ،‬فتعمل جادة في إطار التعاون الحق والتفاهم الصادق على تصحيح ص((ورتها‬
‫المعكوسة أو تحسينها ما استطاعت إلى ذلك سبيالً‪.‬‬

‫وت((أتي ه((ذه الدراس((ة كمحاول((ة للكش((ف عن الص((ور( الذاتي((ة وص((ور اآلخ((ر حيث تلعب‬
‫األحداث الخارجية والتغيرات االجتماعية أهمية بالغ((ة في تك((وين الص((ور الذاتي((ة والمتبادل((ة‬
‫ل((دى ش((عوب المنطق(ة‪ ،‬فتس(اهم ب(ذلك في رس(م السياس(ات االجتماعي((ة الالزم((ة للتعام((ل م((ع‬
‫الشعوب األخرى ودعم االنتم((اء االجتم((اعي الع((ام‪ ،‬وتك((وين ص((ور إيجابي((ة لل((ذات واآلخ((ر‬
‫وتعديل الصور السلبية القائمة‪.‬‬

‫وتبني سياسات وإستراتيجية للعمل السياسي والدبلوماسي لبناء تصورات لحلول الص((راعات(‬
‫القائمة بين الشعوب في المنطقة مستقبالً‪.1‬‬

‫‪11‬‬
‫صورة الجزائر في أعمال ألفونس دودي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجيستير في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬تخصص قضايا ‪-‬‬
‫األدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة‪ ،‬إشراف الدكتور عبد القادر بوزيدة‪ ،‬إعداد الطالب حفاصي سالم‪،‬‬
‫‪ 1430/2009.‬ص ‪28.29‬‬
‫كما أن دراسة الصورة( لم تقتصر على األدب‪ ،‬فقد وجدناه في حق((ول معرفي((ة مختلف((ة إلى‬
‫جانب األدب‪ ،‬لهذا كانت الصورة من انحرافين خاصة في فرنسا‪ :‬تركز الدراس((ات االهتم((ام‬
‫على النص((وص األدبي((ة دون االنتب((اه للتحلي((ل الثق((افي الت((اريخي‪ ،‬وترك((ز أيض((ا الدراس((ات‬
‫اهتماما على الجوانب الجمالي لألدب وبذلك تتحول الدراسة إلى إحصاءات اختزالية لصورة‬
‫األجنبي‪.‬‬

‫إن علم دراس(ة الص((ور بحاج((ة إلى دراس((ات علمي((ة (علم الس(الالت والتط((ور اإلنس((اني أي‬
‫األنتربولوجي((ة‪ ،‬وعلم االجتم((اع‪ ،‬علم الت((اريخ‪ ).‬كم((ا أن((ه بحاج((ة إلى دراس((ات موازي((ة أو‬
‫ب(((األحرى ش(((هادات من فعلي(((ات أخ(((رى معاص(((رة (مث(((ل الص(((حافة‪ ،‬األفالم‪ ،‬الص(((ور‬
‫الكاريكاتورية‪...‬إلخ) لكن دون نسيان دراسة الجانب األدبي‪.‬‬

‫كما تتكون مهمة األدب المقارن في الوطن العربي على صعيد دراسة صورة اآلخ((ر من‬
‫شقين‪:‬‬

‫‪ – 1‬دراسة صورة العرب في اآلداب األجنبية‪.‬‬

‫‪ – 2‬دراسة صورة الشعوب األجنبية في األدب العربي قديمة وحديثة‪.‬‬

‫إن النوع األول‪ :‬من دراسة صورة اآلخر يساعدنا على التعرف على أشكال التشويه ال((تي‬
‫تنطوي عليها صورة العرب في اآلداب األجنبية‪ ،‬مما يق((دم تمهي ( ًدا لتص((حيحه ومعالجت((ه‪ ،‬إذ‬
‫إن للعرب مصلحة في أن تكون ص((ورتهم في الخ((ارج ص((ورة واقعي((ة وقريب((ة من الحقيق((ة‪،‬‬
‫ومن خالل صورتن في اآلداب األجنبية نستطيع أي ً‬
‫ضا أن نفهم أنفسنا بشكل أفضل‪.‬‬

‫أما النوع اآلخر (الذي هو دراسة صورة الشعوب األجنبية في األدب العربي) فنج((ده يفي((د‬
‫فوائد جم((ة‪ ،‬إذ إن الص((ورة المش((وهة‪ ،‬كص((ورة الع((رب في اآلداب األجنبي((ة‪ ،‬تعكس أش((كال‬
‫التشويه ال((تي تنط((وي عليه((ا إش((كالية فكري((ة واجتماعي((ة ونفس((ية عربي((ة تس((تحق أن ت((درس‬
‫وتحلل‪ ،‬فصورة األوروبيين في األدب العربي تنطوي على تشوه إيجابي تارة وتش((وه س((لبي‬
‫تارة أخرى‪ ،‬لذلك نجد في مقابل الصورة( السلبية للغرب المادي نجد صورة إيجابي((ة للش((رق‬
‫الذي يسود فيه الدفء اإلنساني واإلخاء والروحانية‪ ،‬إنها الصورة النمطية للشرق الذي يقف‬
‫في مواجهة الغرب المادي‪.1‬‬

‫ً‬
‫ح(ديثا وأكثره((ا فائ((دة‬ ‫إن مي((دان الص((ورة ه((و أخص((ب مي((ادين األدب المق((ارن المعروف((ة‬
‫لمالءمتها مع روح العص((ر المتم((يزة بالتع((ارف‪ ،‬والتع((اون المثم((رين بين األمم‪ ،‬وال خ((وف‬
‫على األدب المقارن من الجم((ود‪ ،‬وق((د ض((من لنفس((ه به((ذا الل((ون من ال((درس الش((بيه بالراف((د‬
‫الدافق مستقبالً زاهرً ا وأيامًا طويلة من المد والعطاء‪.‬‬

‫إن دراسة صورة الجزائر في األدب الفرنسي تفي((دنا نحن الجزائ((ريين في معرف((ة زاوي((ة‬
‫أخرى لندواتنا من خالل ما يقدمه اآلخر خاصة الفرنسي‪ ،‬نظرً ا لطول العالقة القائمة معه‪.‬‬

‫غير أن دراسة الصورة لها أبعادها على مستوى األديب نفسه‪ ،‬فهي تعكس حاجت((ه م((ع‬
‫عدد كبيرة من متلقيه إلى الهروب من مجتمعهم بكل ما يحله من مشكالت‪ ،‬فكثيرً ا م((ا تك((ون‬
‫هذه الصورة التي يرسمها األديب للبلد األجنبي‪ 2‬تنبع أوالً وقيل كل شيء آخ((ر من مش((كالت‬
‫األديب نفسه ومشكالت قوم((ه في مواجه(ة اآلخ(ر‪ ،‬ل((ذلك تل((بي الص(ورة( األدبي((ة في الدرج(ة‬
‫األولى حاجات نفسية أو فنية أو اجتماعية للشعب األجنبي‪ ،‬دون أن تل((بي حاجي((ات المجتم((ع‬
‫المدروس في أغلب األحيان‪.3‬‬

‫ليس صعبًا الحديث عن الذات واآلخر في مناحي الحياة المختلفة ولكن ليس سهالً تحويل‬
‫ه((ذا الح((ديث إلى ج(دل فك((ري‪ ،‬فاإلنس((انية من((ذ الق((ديم مولع((ة بتب((ادل الص((ور واالنطباع((ات‬
‫محاولة أن يعطيها هذا النشاط معنى لوجودها وجزءًا مه ًم((ا في فهم ال((ذات‪ ،‬فاإلنس((ان ض((من‬

‫‪11‬‬
‫مقاربات تطبيقية في األدب المقارن‪ ،‬ماجدة حمود‪ ،‬منشورات إتحاد الكتاب العرب‪ ،‬سنة ‪ 2000‬ص ‪- -118-117‬‬
‫‪121-120.‬‬
‫‪21‬‬
‫صورة الجزائر في أعمال ألفونس دودي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجيستير في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬تخصص قضايا ‪-‬‬
‫األدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة‪ ،‬إشراف الدكتور عبد القادر بوزيدة‪ ،‬إعداد الطالب حفاصي سالم‪،‬‬
‫‪ 1430/2009.‬ص ‪30.29‬‬
‫‪32‬‬
‫مقاربات تطبيقية في األدب المقارن‪ ،‬ماجدة حمود‪ ،‬منشورات إتحاد الكتاب العرب‪ ،‬سنة ‪ 2000‬ص ‪- 111‬‬
‫محيط((ه ال((ذي ألف((ه واعت((اد علي((ه من الص((عب أن يتج((اوزه‪ ،‬أو على األق((ل أن يق((ف موق((ف‬
‫المتفحص الناقد ألن ألفة المكان واإلنسان الذي يعيش في هذا المكان والعالقات التي تك((ونت‬
‫تصبح شفافة لدرجة ال تثير الحاسة النقدية‪ ،‬ولكن في المقابل تكون هذه الحاسة النقدي((ة قوي((ة‬
‫وفعالة في حالة كونها غريبة عن هذه الشبكة وهذا الكالم ينطب((ق على ك((ل أديب أجن((بي زار‬
‫الجزائر وكتب لو القليل عنها‪ ،‬فهو يستعمل زاوية نظر تختل((ف اختال ًف((ا غ((ير قاب((ل للتط((ابق‬
‫عن الزاوية التي يرى بها الجزائري ذاته‪،‬وبالتالي فإن أحكامه تصدر وفق ما تملي((ه حمولت((ه‬
‫وخلفياته الثقافية واالجتماعية والنفسية‪.‬‬

‫وفي كل مستوى تحدد زاوية ترسم لنا الهوة القائمة بين المجتمعين أو بين الموقفين من‬
‫شأنه أن ينير رك ًنا لنلحظ((ه ل((وال هات((ه العين األجنبي((ة‪ ،‬ونحن بق((در م((ا نبحث عن ذواتن((ا من‬
‫خالل اآلخر‪ ،‬وال ينبغي بالحقيقة هو ذلك التطابق أو عدمه للص((ورة ب((الواقع ب((ل ه((و موق((ف‬
‫يعرفنا بأنفسنا من وجهة نظر اآلخرين أكثر مم((ا تعرفن((ا ب((ه أنفس((نا‪ ،‬ومن خالل ه((ذه النت((ائج‬
‫يمكن أن يمارس العملية نفسها على األخر فنحاول أن نكتشفه ونحلل معطياته‪.1‬‬

‫‪11‬‬
‫صورة الجزائر في أعمال ألفونس دودي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجيستير في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬تخصص قضايا ‪-‬‬
‫األدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة‪ ،‬إشراف الدكتور عبد القادر بوزيدة‪ ،‬إعداد الطالب حفاصي سالم‪،‬‬
‫‪ 1430/2009.‬ص ‪30.29‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬صورة الجزائر‬
‫والجزائريين عند ألبير كامو‪.‬‬

‫‪ – 1‬طبيعة الجزائر‪.‬‬

‫‪ – 2‬صورة الجزائريين‪7.‬‬
‫‪ -‬تقديم الرويات (الغريب‪ ،‬الطاعون‪ ،‬أعراس)‪:‬‬

‫تعتبر رواية الغريب أللبير كامو من أشهر الروايات في العالم‪ ،‬حتى أص((بح ك((امو يك((نى‬
‫بصاحب الغريب‪ .‬وق((د ص((درت ه((ذه الرواي((ة ألول م((رة س((نة ‪ .1942‬وت((رجمت في خمس‬
‫وعشرين دولة‪ .‬ونشرت منها ماليين النس((خ بمختل((ف اللغ((ات العالمي((ة‪ .‬وق((د اخترن((ا ترجم((ة‬
‫ف((وزي عط((وي ون((ديم مرعش((لي‪ ،‬ل((دار النش((ر مكتب((ة الطالب وش((ركة الكت((اب اللبن((اني‬
‫"اللعازارية" بيروت الطبعة األولى سنة ‪.1967‬‬

‫ورواي((ة الط((اعون نش((رت ألول م((رة س((نة‪ .1947‬واس((تنفذت من الك((اتب جه((د ثم((اني‬
‫سنوات‪ .‬نشر منها بفرنسا مليونان ونصف مليون من النسخ إلى س((نة ‪ .1972‬كم((ا ت((رجمت‬
‫إلى العربية واإلنجليزي(ة و األلماني(ة والروس(ية واإليطالي(ة والفارس(ية‪ .‬وهي أض(خم أعمال(ه‬
‫األدبي((ة الفلس((فية‪ ،‬وأش((هر من رواي((ة الغ((ريب بل‪ 1‬إنه((ا من بين الرواي((ات ال((تي خ((رجت من‬

‫‪11‬‬
‫الشعور باالغتراب عند ابي العالء المعري وألبير كامو‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه دولة في الدراسات األدبية( ‪-‬‬
‫المقارنة‪ ،‬إشراف الطاهر حجار‪ ،‬إعداد عبد القادر توزان‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2005/2006‬ص ‪152‬و‪175‬‬
‫فوضى منتصف القرن‪ ،‬وأشدها إقال ًقا وأعمقها فعالً في النفس‪ 2‬وقد اخترنا ت(ر(ج(م(ة( ا(ل (د(ك(ت(ور(‬
‫س(ه(يل إدريس ل(د(ا(ر( اآل(د(ابب(ي(ر(وت ا(ل(ط(ب(ع(ة( األ(ولى س(ن(ة( ‪.1981‬‬

‫أما روايات األعراس فهي عبارة عن مجموعة من المقاالت أللبير كامو والتي كتبت سنة‬
‫‪ 1936‬و‪ .1937‬ثم طبعت في عدد صغير من النسخ ع((ام ‪ 1938‬في مدين((ة الجزائر‪ 1‬وق((د‬
‫اخترنا ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة بيروت‪.1390‬‬

‫‪ -‬طبيعة الجزائر‪:‬‬

‫يعتبر وصف الجزائر المناظر الطبيعية من أهم األمور التي تعالجه(ا ه(ذه الرواي(ات‪ ،‬فق((د‬
‫كان لها حظ كبير في أعمال ألبير ك((امو حيث ك((ان مول ًع((ا بحب الش((مس والبح((ر فق((د اعت((بر‬
‫البعض أن كامو نفس((ه ه((و ال((ذي ك((ان ق((د اخت((ار في وقت س((ابق عن((دما ك((ان يكتب بجري((دة‬
‫"الجزائر المسية" هذا االسم الرمزي يوقع به مقالته الصحفية أن((ذاك فق((د ك((ان توقيع((ه على‬
‫هذا الشكل ‪ Mersault‬بمعينة الشمس والبحر ‪ Mer-soleil‬ولم يض((ف ل((ه ح((رف (‪ )U‬إال‬
‫في مرحلة متأخرة من كتابة الرواية‪.2‬‬

‫فألبير كامو منذ البداية لم يبخل بوصف المناظر الطبيعية وإظهار إعجابه به((ا ح((تى وه((و‬
‫الموكب الجنائزي ألمه حيث يق((ول {‪...‬وك((انت( الس((ماء مفعم((ة بأش((عة الش((مس ال((تي اش((تدت‬
‫وطأته((ا على األرض‪}...‬وك((ذلك( {ونظ((رت من ح((ولي إلى البري((ة‪ ،‬كم((ا نظ((رت‪ ،‬من خالل‬

‫‪22‬‬
‫البير كامو‪ ،‬جرمين بري‪ ،‬ترجمة جبرا إبراهيم جبران دار الثقافة بيروت‪ ،‬مؤسسة فرنكلين للطباعة والنشر ‪- 1968‬‬
‫‪.‬ص‪146‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬أعراس‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬منشورات دار المكتبة الحياة بيروت ص‪- 7‬‬
‫‪21‬‬
‫الشعور باالغتراب عند ابي العالء المعري وألبير كامو‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه دولة في الدراسات األدبية( ‪-‬‬
‫المقارنة‪ ،‬إشراف الطاهر حجار‪ ،‬إعداد عبد القادر توزان‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2005/2006‬ص ‪170‬‬
‫أش((جار الش((ربين المتطاول((ة ح((تى ال((روابي‪ ،‬في ج((وار األف((ق‪ ،‬إلى تل((ك األرض الحم((راء‬
‫والخضراء‪ ،‬إلى هاتيك المنازل القليلة الرائعة التنسيق‪ ،‬فهمت حقيقة ش((عور وال((دتي‪ }...‬كم((ا‬
‫تنبهت أن البرية كانت منذ وقت طويل تعج بصرير الحشرات‪ ،‬وخشخشة األعشاب‪.1‬‬

‫كما يبرز ألبير كامو منذ البداية إعجاب((ه الش((ديد بالش((مس والبح((ر ويق((ول {ك((انت الش((مس‬
‫تتألق في كبد السماء‪ (}...‬وكذلك {وكنت تائه مابين السماء الزرقاء المائلة إلى البياض ورتابة‬
‫تلك األلوان‪.2(}...‬‬

‫كما يبين ألبير كامو الفرق بين المناخ في الجزائر وفي فرنسا {وفي باريس‪ ،‬يلبث الن((اس‪،‬‬
‫إلى الجانب الميت‪ ،‬ثالثة أيام أو أربعة أيام أحيا ًنا‪ .‬أما هنا‪ ،‬فليس من متسع في الوقت}‪.‬‬

‫وهذا دليل على أن المناخ في الجزائر دافئ بينما في فرنسا المن((اخ الب((ارد وله((ذا يس((تعجلون‬
‫بدفن الميت‪.‬‬

‫كما أنه يرفض منصب عمل في احدي الشركات الكبرى بب((اريس يق((ول {‪...‬أن( حي((اتي في‬
‫مدينة الجزائر ليست بالرديئة}‪.3‬‬

‫كذلك عندما أعربت له ماري عن رغبتها في التعريف إلى ب((اريس فأجابه((ا {إنه((ا ق((ذرة‪،‬‬
‫مليئة بالحمام‪ ،‬والساحات السوداء القاتمة‪ ،‬وسكانها بيض البشرة}‪.4‬‬

‫وهذا دليل على أنه يفضل البش((رة الس((مراء ال(تي يتمت((ع به((ا الع((رب‪ ،‬ويفض(ل المس((احات‬
‫الخضراء والهواء النقي وهذا ما وجده في الجزائر‪.‬‬

‫كما أنه كان متأثر باأللوان الطبيعي((ة فك(ان في ك((ل م((رة ي((ذكرنا وه((ذا دلي((ل على إعجاب((ه‬
‫الشديد بها {‪ ...‬تكسوها الحجارة المصفرة‪ ،‬ونبات الخنثى الذي بدت أزه((اره ش((ديدة البي((اض‬
‫إزالة زرق((ة الس((ماء}‪ 5‬فه((ذه األل((وان الطبيعي((ة ك((انت تس((حر ألب((ير فك((ان في ك((ل م((رة ي((ذكر‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬البير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ترجمة فوزي عطوي‪ ،‬نديم مرعشلي‪ ،‬مكتبة الطالب وشركة الكتاب اللبناني اللعازارية‪ ،‬بيروت‪ (،‬ط‪ 1967 ،1‬ص‪- 14‬‬
‫‪ -32‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ترجمة فوزي عطوي‪ ،‬نديم مرعشلي‪ ،‬مكتبة اللبناني اللعازارية بيروت‪ ،‬ط‪ 1967 ،1‬ص‪- 56‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب ص‪- 57‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب ص‪- 63‬‬
‫استمتاعه بهذه األلوان وهذه المناظر {وك((ان المكتب مطالً على البح((ر‪ ،‬فلبثن((ا لحظ((ة نض((يع‬
‫‪1‬‬
‫الوقت في النظر إلى البواخر الراسية في المرفأ المشتعل بحرارة الشمس}‬

‫فألبير كامو في كل مرة يبرز مدى تأثره بالبحر والشمس فهو يعشق أشعة الشمس الذهبية‬
‫وزرقة البحر الهادئ‪.‬‬

‫أما في رواية الطاعون‪ ،‬وقبل سرد أحداثها‪ ،‬فضل كامو في صراحة وفي أس((لوب أق((رب‬
‫الواقعية‪ ،‬وصف العديد من جوانب الطبيعة والحياة بهذه المدينة فيما يقارب األربع ص((فحات‬
‫تقريبًا‪ ،‬يبتدئ فيها مقررا أنها مدينة قبيحة‪.2‬‬

‫وعندما يح(دثنا عن الطبيع(ة يق(ول كي(ف الس(بيل مثالً إلى تص(وير مدني(ة بغ(ير حم(ام وال‬
‫أشجار وال حدائق‪ ،‬حيث ال خفقات أجنحة وال حفيف أوراق‪ ،‬كيف السبيل إلى تصور مك((ان‬
‫محايد بكلمة واحدة؟ إن السماء وحدها هي التي تنبئ بتغير الفصول‪ .‬وال يؤذن الربي((ع هن((اك‬
‫إال نوع الهواء الرخي أو سالل الزهور التي يع((ود به((ا الباع((ة الص((غار من الض((واحي‪ ،‬إن((ه‬
‫ربيع يباع في األسواق‪.‬‬

‫وفي أثناء الص((يف‪ ،‬تح(رق الش(مس ال(بيوت المفرط((ة الجف(اف‪ ،‬وتغطي الج(دران برم((اد‬
‫أشهب فال يمكن العيش آنذاك إال في ظل المصاريع المغلقة‪ .‬وأم((ا في الخري((ف‪ ،‬فهن((اك على‬
‫النقيض‪ ،‬فيض من الوحل‪ .‬وإنما تحل األيام الجملية في الشتاء فحسب‪.3‬‬

‫كما أن مدينة وهران تعتبر تجارية ض((خمة وهام((ة خاص((ة وأنه((ا تحظى بمن((اظر طبيعي((ة‬
‫خالبة وجذابة بحكم موقعها الجغرافي‪ ،‬تطل على البح((ر وتحي((ط به((ا التالل المش((رقة‪ .‬وه((ذه‬
‫المدينة الخالية من أي مظهر متميز ومن كل نبات و روح‪ ،‬توحي آخر األمر بأنه((ا مريح((ة‪،‬‬
‫فيستنم إليها الناس‪ .‬ولكن يجدر أن نضيف بأنها ملتقحة بمشهد ال مثيل له‪ ،‬وس((ط نج((د قاح((ل‬
‫تكتنفه التالل المشرقة‪ ،‬أمام الخليج مكتمل الخطوط‪ .‬على أن باإلمكان أن يأس((ف الم((رء أنه((ا‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ألبير كامون الغريب ص‪- 38‬‬
‫‪25‬‬
‫الشعور باالغتراب عند أبي العالء المعري وألبير كامو‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه دولة في الدراسات األدبية( ‪-‬‬
‫‪.‬المقارنة‪ ،‬إشراف الطاهر حجار‪ ،‬إعداد عبد القادر توزان السنة الجامعية ‪ 2005/2006‬ص‪188‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ترجمة سهيل إدريس‪ ،‬لدار اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1981 ،1‬ص‪- 5‬‬
‫بنت نفسها وهي تولي هذا الخليج ظهرها‪ ،‬فتغدرت من جزاء ذل((ك رؤي((ة البح((ر ال((ذي ال ب((د‬
‫دائمًا إلدراكه من الذهاب إليه‪.1‬‬

‫كما اهتم الكاتب في هذه الرواية على ذكر طبيعة بما فيها من حرارة وأمطار وتأثيراتها‬
‫على السكان‪ .‬وكانت المدينة تفرغ حوالي الساعة الثانية شي ًئا فش((ي ًئا وه((ذا ه((و الموع((د ال((ذي‬
‫يلتقي فيه السكون والغبار والشمس والط((اعون في الش((ارع‪ .‬ويظ((ل الح((ر يس((يل بال انقط((اع‬
‫عبر البيوت الكبيرة الرمادية‪ .‬إنها ساعات طويلة ساخنة تنتهي بأماسي ملتهبة تت((دحرج على‬
‫المدينة الغاصة الثرثارة‪.2‬‬

‫وكما تمتد صورة المناظر الطبيعية إلى سكون المدينة وصمتها‪ ،‬مع تنفيذ منع تج((ول ليالً‪.‬‬
‫ويبدو أن التدبير الوحيد الذي أثر على جميع الس((كان ه((و إق((رار من((ع التج((ول‪ ،‬ف((إذا المدين((ة‬
‫تستغرق بعد الحادية عشرة في ليل مطلق‪ ،‬قنبدو وكأنها من الحجر‪.‬‬

‫كانت تحت سماوات القمر‪ ،‬تصف جدرانها المبيضة وشوارعها المستقيمة التي ال تش((وبها‬
‫كتلة شجرة سوداء‪ ،‬وال تعكرها قدم متنزه وال نبحة كلب‪ .‬وإذ ذاك لم تكن الحض((ارة الكب((يرة‬
‫الص((امتة إال مجموع((ة من المكعب((ات المتراكم((ة الجام((دة‪ ،‬تح((اول بينه((ا تماثي((ل المحس((نين‬
‫المس((نين أو الرج((ال العظ((ام الق((دامى المختنق((ة أنفاس((هم إلى األب((د في ال((برونز‪ ،‬أن ت((وحى‬
‫بوجوهها المستعارة من الحجر أو الحديد ص((ورة تالف((ة لم((ا ك((ان علي((ه اإلنس(ان‪ ،‬ك((انت ه((ذه‬
‫األصنام الدون المنتصبة تحت سماء كثيفة‪ ،‬في المفارق الميتة‪ ،‬وحو ًشا ال تحس‪ ،‬تمث((ل جي( ًدا‬
‫العهد الجامد الذي دخلن((اه‪ ،‬أو على األق((ل ش((كله األخ((ير‪ ،‬ش((كل مق((برة خن((ق في((ه الط((اعون‪،‬‬
‫والحجر والليل كل الصوت‪.3‬‬

‫أما في رواية أعراس يصف كامو خضم روعة الربيع اإلفريقي يق((ول {في الربي((ع تيب((ازة‬
‫تسكنها اآللهة‪ ،‬واآللهة تتكلم بحديث الشمس ورائحة األفسنتين والبحر المدرج بالفضة‪.4(}...‬‬

‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ص ‪- 87‬‬


‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ص ‪- 123‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ص ‪- 173‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬منشوراتا دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت ‪ ،1390‬ص‪- 13‬‬
‫فيهيم كامو بين جمال البحر والشمس واأللوان حيث يقول تدخل إلى ع((الم أص((فر وأزرق‬
‫تستقبلنا فيه تنهدة أرض الصيف في الجزائر المعطار الواخرة‪. 1‬‬

‫كما وصف النباتات يقول {تنحدر نباتات غليظة لحمية األوراق أزهارها بنفسجية وصفراء‬
‫وحمراء نحو الصخور األولى التي يرشفها البحر بحفيف كحفيف القبالت‪ 2‬كما أن كامو كان‬
‫مول ًعا بالشمس والبحر {تحت الشمس التي تلفح جانبًا واح ًدا من أوجهن((ا إلى الن((ور يهب((ط من‬
‫السماء إلى البحر ال يجعده غص واحد‪.3‬‬

‫ويق((ول أيض((ا {ك((ل ش((يء يب((دو لن((ا ب((اطالً ماع((دا الش((مس}‪ 4‬فك((امو ي((رى أن الش((مس هي‬

‫كما يبين كامو أن الجزائر بلد غني بالخيرات حيث يقول {الطع((ام زديء في ه((ذا المقهى‬
‫لكن الفاكهة وافرة‪ .‬وعلى األخص الدراق الذي نأكله نه ًشا}‪.5‬‬

‫وكما أن كامو مرة يبين لنا حبه للبحر والشمس في الجزائر حيث يقول {وم((ا ق((د تحب((ه في‬
‫الجزائر هو ما يعيش منه جميع الناس البحر عند منعطف ك((ل ش((ارع‪ ،‬ثق((ل معين للش((مس‪،‬‬
‫جمال العرق}‪ 6‬فهو يبين لنا أن البحر قريب ج ًدا وأن الشمس كثيرة الحرارة في الجزائر فق((د‬
‫كان لون الشمس األصفر الذي يعكس على عدة أشياء يبهره إلى جانب اللون البح((ر األزرق‬
‫حيث يقول {تتولى حماية القاعة مص((اريع من الخش((ب مس((طحة ترف((ع حين تختفي الش((مس‪(.‬‬
‫أنذاك تمتلئ القاعة بنور احضر غريب‪ ،‬يولد تالحم السماء والبحر}‪.7‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص‪- 14‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص‪- 14‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 15-14‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص‪- 18‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص‪- 20‬‬
‫‪6‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص‪- 43‬‬
‫‪7‬‬
‫‪.‬البير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 51‬‬
‫أما من ناحية األحياء في رواية الغريب فقد كان كامو يصور لنا أحياء الجزائر في ه((ذه‬
‫الرواية على أنها ضواحي كم((ا س((ماها مث((ل "م((ارنغو" وق((د أطل((ق عليه((ا اس((م أوروبي وفي‬
‫"مارنغو" على قيد ثمانين كيلو مترً ا من مدينة "الجزائر"‪.8‬‬

‫كان المأوى على قيد كيلومترين من القرية فألبير كامو كان يسمى هذه األحي((اء واألم((اكن‬
‫بالض((واحي والق((رى وال ي((ذكر له((ا اس((م مث((ل {وهي تحم((ل من ملعب الض((احية زم((رً ا من‬
‫المتفرجين}‪ 2‬فهو ال يهتم بإعطائها اسم كما أن بطل الرواية "ميرسو" كان يسكن المدين((ة في‬
‫شقة تقع في ضاحية المدينة وليست في المركز {إن غرفتي تط((ل على الش((ارع الرئيس((ي في‬
‫الضاحية}‪.3‬‬

‫كما وص((ف المس((اكن حيث ق((ال {وق((د س((رنا بين ص((فوف طويل((ة من المس((اكن الخاص((ة‬
‫الص(((غيرة( ذات الح(((واجز الخض(((راء أو البيض(((اء المحتجب بعض(((ها م(((ع الش(((رفات تحت‬
‫األثالث}‪ 4‬فألبير كامو كان متأثر بكل شيء في الجزائر حتى البنايات‪.‬‬

‫أما في رواية الطاعون فقد الكاتب وقائع األحداث الغريبة التي هي موضوع هذه القص((ة‬
‫عام ‪ 194‬في وهران‪ ،‬حيث تجري أحداثها في أحي((اء الوس((ط األوروبي((ة‪ ،‬وتغ((زو الج((رذان‬
‫هذه الشوارع والحدائق واألماكن المكتظة بالناس‪ ،‬كانت لتم(وت ً‬
‫أيض(ا معزول(ة في الباح(ات‬
‫اإلداري((ة وتحت س((قوف س((احات الم((دارس وعلى أرص((فة المق((اهي أحيا ًن((ا‪ .‬وك((ان موطنون((ا‬
‫الم((ذعورون( يكتش((فونها في الم((أهول من أمكن((ة المدين((ة‪ .‬وهك((ذا الطخت {س((احة األس((لحة}‬
‫والجادات ومت((نزه {ف(رون دوم((ير}‪ .‬وك(انت المدين(ة تنظ((ف عن(د الفج(ر من ه(ذه الحيوان(ات‬
‫الميتة‪ ،‬ولكنها في أثناء النهار تعمر بها روي ًدا روي ًدا‪.5‬‬

‫كما أن معظم الشخصيات الرواية يقيم((ون في الفن((ادق مث((ل "ج((ان ت((ارو" ال((ذي س((كن في‬
‫فندق وسط المدينة ونزل في فندق كبير من فنادق المدينة‪.6‬‬
‫‪84‬‬
‫ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ترجمة فوزي عطوي‪ ،‬نديم مرعشلي مكتبة الطالب وشركة الكتاب اللبناني اللعازارية‪ ،‬بيروت‪- ،‬‬
‫‪.‬ط‪ 1967 ،1‬ص‪9‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬البير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص ‪- 34‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص‪- 33‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص ‪- 63‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ترجمة الدكتور سهيل إدريس‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت ‪ 1981‬ص‪- 18‬‬
‫‪6‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪- 26‬‬
‫وهذا تاروكان متأثرً ا تأثيرً ا طيبًا بمشهد كان غالبًا ما يقع على الشرفة ال(تي توج(ه نافذت(ه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫والواقع أن غرفته كانت تطل على طريق صغير معترض تنام فيه القطط في ظل الج((دران‬
‫كما كان مرسيل ولويس يسكنان في الطرف األقصى من "حي البحرية" بالقرب من األبواب‬
‫المفضية إلى اإلفريز‪ .‬وك((ان بي ًت((ا اس((بانيًا ص((غيرً ا ك((ثيف الج((دران ذا مص((اريع من الخش((ب‬
‫المدهون وحجرات عارية معتمة‪.2‬‬

‫وأما الدكتور ريو فقد دعي‪ ،‬بعد إلحاح قيل إنه في غير مكان((ه‪ ،‬إلى ت((رؤس لجن((ة ص((حية‬
‫في دار المحافظة‪.3‬‬

‫ولما تف((اقم الوب((اء وازدادت أغلقت المدين((ة‪ ،‬فمن((ع الخ((روج منه((ا وال((دخول إليه((ا‪ .‬ح((تى‬
‫الفنادق خلت من المقيمين فيها ما عدا القليل خو ًفا من الوباء‪.‬‬

‫أما رامبير و كوتار فق((د س((لكا "ج((ادة النخي((ل" واجت((ازا " س((احة الس((الح" ودلف((ا إلى "حي‬
‫البحرية"‪.4‬‬

‫وحتى اآلن‪ ،‬كان الطاعون ق((د خل((ف من الض((حايا في األحي((اء الخارجي((ة األوف((ر س((كا ًنا و‬
‫األقل عمرا ًنا‪ .‬عد ًدا أكبر مما خلفه في المدينة‪ .‬ولكنه بدا فج((أة يق((ترب من األحي((اء التجاري((ة‬
‫أيضا ثم يقيم فيها‪ .‬وكان السكان يتهمون الريح بحم((ل ج((راثيم الع((دوى‪ .‬وك((ان م((دير الفن((دق‬
‫يقول {إن ال((ريح تخل((ط ال((ورق}‪ (.‬ومهم((ا يكن من أم((ر‪ ،‬فق((د ك((انت أحي((اء الوس((ط تع((رف أن‬
‫دورها قد أتى‪ ،‬إذا كانت تسمع بالقرب منها أجراس سيارات اإلسعاف التي كانت ت((دق تحت‬
‫نوافذها نداء الطاعون الكئيب‪.5‬‬

‫كم((ا أن كوت((ار دع((ا ت((ارو إلى مس((رح األوب((را البل((دي حيث تمث((ل مس((رحية "أورفي‪77‬ه‬
‫واوريديس"‪ .‬وكان كوتار قد دعا تارو‪ .‬وكانت تقوم بالتمثيل فرقة س((بق له((ا أن ج((اءت‪ .‬في‬
‫اربيع الطاعون‪ ،‬لتق((دم بمن((ع حفالت في م((دينتنا‪ .‬وبع((د أن احتجزه((ا الط((اعون‪ ،‬ألفت نفس((ها‬

‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪- 28‬‬


‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪- 198‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪- 52‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 144‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪- 170‬‬
‫مضطرة‪ ،‬بعد عقد مع دار األوبرا‪ ،‬أن تعيد تمثيل المس((رحية م((رة ك((ل أس((بوع‪ .‬وهك((ذا دأب‬
‫مس((رحنا البل((دي من((ذ أش((هر ي((ردد ك((ل ي((وم جمع((ة‪ ،‬ش((كاوى "أورفي((ه" الغنائي((ة ون((داءات‬
‫"أوريديس" العاجزة‪.1‬‬

‫وق((د ذهب الك((اتب إلى اعتب((ار وه((ران مدين((ة فرنس((ية على الس((احل الجزائ((ري‪ ،‬فهي ذات‬
‫طابع عمراني أوروبي‪ ،‬والواقع أن وهران هي للنظر األولى‪ ،‬مدينة عادية‪ ،‬ليست أك((ثر من‬
‫مقاطعة على الشاطئ الجزائري‪ .2‬ولعل ه((ذه هي نظ((رة المعم(رين ال((تي ته(دف إلى س((يطرة‬
‫على البالد وتحاول بكل قوة وجهد السياسة االستعمارية أن تنشر طابعه((ا العم((راني بأقص((ى‬
‫سرعة وأكثر اتس((اعًا‪ ،‬ليس((يطر على الط((ابع العم((راني المحلي والس((عي إلى تهديم((ه وطمس‬
‫آثاره‪.‬‬

‫ففي رواية الط((اعون ف((إن ال((بيوت فيه((ا قديم((ة مت((أثرة بعوام((ل الطبيعي((ة كقس((وة المن((اخ‬
‫وحرارة الش((مس الحارق((ة‪ .‬وفي أثن((اء الص((يف‪ ،‬تح((رق الش((مس ال((بيوت المفرط((ة الجف((اف‪،‬‬
‫وتغطي الجدران برماد أشهب‪ ،‬فال يمكن العيش إذ ذاك إال في ظل المصاريع المغلق((ة‪ .‬وأم((ا‬
‫في الخريف‪ ،‬فهن((اك على النقيض‪ ،‬فيض من الوح((ل‪ .‬وإنم((ا تح((ل األي((ام الجملي((ة في الش((تاء‬
‫فحسب‪.3‬‬

‫وتميز األحياء القديمة بالمنازل الهشة والشوارع المس((قوفة‪ ،‬والش((تاء والح((رارة تط((ارد‬
‫المواطنين في كل مكان‪ .‬وغمرت المدينة موجات ال تنقطع من الحرارة والنور طول النهار‪.‬‬
‫وب((دأ أن((ه لم يكن في المدين((ة ج((انب واح((د إال أدركت((ه الح((رارة المعمي((ة‪ ،‬باس((تثناء الش((وارع‬
‫المسقوفة والمنازل‪ .‬كانت الشمس تطارد مواطنينا في جميع أركان الطرق‪.4‬‬

‫وقد استطاعت هذه الرواية من خالل أحيائها القديم((ة أن تحاف((ظ على طابعه((ا المعم((اري‬
‫المميز‪ ،‬وحتى وإن اختلف تسميات لهذه األحياء ك "الحي الزنجي"‪ ،‬ال((ذي يمت((از بالش((وارع‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪- 195‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪- 5‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو ص‪- 5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪- 114‬‬
‫الوعرة واأللوان المتنافرة‪ .‬وفي هذه األثناء كان رامب((ير يتكلم بانفع((ال ش((ديد‪ ،‬ط((وال األزق((ة‬
‫الوعرة بين جدران البيوت المراكشية الزرقاء والحمراء والبنفسجية‪.1‬‬

‫ومن خصائص هذا الحي الزنجي القديم التصاق البيوت وتماسكها‪ ،‬واتص((ال س((كان ه((ذا‬
‫الحي بعضهم ببعض‪ ،‬كأنها رمز للتواصل( واإلتحاد والقوة‪ ،‬ولعل ه((ذا م((ا يش((ير إلى الط((ابع‬
‫العمراني العربي اإلسالمي‪.‬‬

‫أما رواية أعراس قام كامو بوصف شوارع المدينة وكي((ف يخيم عليه((ا الص((مت يق((ول {ففي‬
‫ش((وارع "البحري((ة" وأم((ام دك((اكين الحالقين الدرن((ة يمكن لإلنس((ان أن يش((عر ب((ه من ط((نين‬
‫‪2‬‬
‫الذباب الرخيم}‪.‬‬

‫كذلك { في مقاهي القص((بة المغربي((ة يك((ون الجس((م ه((و الص((امت}‪ 3‬كم((ا ك((ان ي((ذكر‬
‫بلكور وباب الواد وهو المكان الذي ترعرع فيه { ولقد عقد أكثر من قران واحد‪ ،‬في بلك((ور‬
‫على هذا النحو}‪.4‬‬

‫كما أن كامو ال يذكر اسم القرية وال شوارعها فهو ال يهمه ذلك بل ك((ان مت((أثرً ا بجماله((ا‬
‫فقط يقول {الذي أرى منه القرية بكاملها بجدرانها البيضاء‪ .‬والوردية وشرفتها الخضراء}‪.5‬‬

‫وكذلك {نرتقي‪ ،‬إذ يقبل المساء‪ ،‬المنح((درات ال((تي تقض((ي إلى القري((ة‪ ،‬ونس((تمع‪ ،‬إذ نع((ود‬
‫أدراجنا إلى شروح‪{ :‬هنا كانت المدينة الوثنية‪.‬وه((ذا الحي ال((ذي يمت((د خ(ارج األراض((ي ه((و‬
‫حي المسيحيين فيما بعد‪.6(}...‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه‪- 86 ،‬‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬منشورات دار المكتبة الحياة بيروت‪ 1390 ،‬ص ‪- 49‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 50‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 53‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 11‬‬
‫‪6‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 38‬‬
‫أما من ناحية المعالم الدينية فنجد كامو في رواية الغ((ريب ق((د غيب تما ًم((ا الج((انب العم((راني‬
‫اإلسالمي فلم يذكر المسجد أب( ًدا ولم ينش((ر إلي((ه رغم أنه((ا رم((ز للهندس((ة العربي((ة اإلس((المية‬
‫التي ال يخلوا أي بلد مسلم عربي فركز اهتمامه على الكنيسة {كما أذكر الكنيس((ة والق((رويين‬
‫الواقفين على األرصفة}(‪.1‬‬

‫من خال ل استعراضها للصورة الطبيعية في رواية الغ((ريب يت((بين لن((ا اهتم((ام ألب((ير ك((امو‬
‫بالطبيعة الجزائرية وبحبه وتأثره الشديد بالشمس والبحر حيث ك((ان ي((ذكرها في ك((ل مك((ان‪،‬‬
‫فهو يبرز إعجاب واستمتاع اإلنسان األوروبي بهذه الطبيع((ة وه((ذه المن((اظر ولم ي((ورد ذك((ر‬
‫استمتاع اإلنسان الجزائري بالطبيعة الجزائرية‪.‬‬

‫ومن هذا فالمكان الجغرافي يبقى ً‬


‫حيزا أوروبيًا يستمتع به األوروبي وال وجود للجزائ((ري‬
‫وال لصورة األهالي‪.‬‬

‫أما في رواية الطاعون تظهر المعالم الدينية بشكل بارز في هذه الرواية ربم((ا يع((ود ذل((ك‬
‫إلى طبيعة الرواية التي يكتسحا الطاعون بصورة فظيعة‪ .‬فقد ركز الكاتب فيها على األحي((اء‬
‫الخارجية األكثر ضحايا لهذا الوباء من أحياء الوس((ط‪ .‬وله((ذا ع((زمت الس((لطات الكنيس((ة في‬
‫مدينتنا على مقاومة الطاعون بوسائلها الخاصة ب((أن تنظم أس((بوعًا من الص((لوات( الجماعي((ة‪.‬‬
‫وكان المفروض أن تنتهي هذه المظاهرات التقوي((ة العام((ة ي((وم األح((د بق((داس احتف((الي تحت‬
‫رعاية (سانت روش) القديس المطع((ون‪ .‬وبه((ذه المناس(بة طلب من األب ب((انولو أن يتح((دث‪.‬‬
‫وكان منذ خمس عشر يو ًم((ا ق((د ن((زع نفس((ه من دراس((ته عن الق((ديس أو غس((طيس والكنيس((ة‬
‫ً‬
‫ممتازا في سلكه‪ .‬وهو لطبيعته الملتهبة المتحمسة قد قبل بعزيم((ة‬ ‫اإلفريقية التي أكسبته مكا ًنا‬
‫صادقة القيام بالمهمة التي عهد فيها إليه‪ ،‬وقد تحدث الناس عنه طويالً قب((ل ه((ذه العظ((ة ف((إذا‬
‫هو يسجل على طريقته يومًا مشهو ًدا في ت(اريخ تل(ك الحقب(ة‪ .‬وق(د اش(ترك في ه(ذا األس(بوع‬
‫الديني جمهور غفير‪.2‬‬

‫‪16‬‬
‫ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ترجمة فوزي عطوي‪ ،‬نديم مرعشلي‪ ،‬مكتبة( الطالب وشركة الكتاب اللبناني اللعازارية‪ ،‬بيروت‪- ،‬‬
‫‪.‬ط‪ 1967 ،1‬ص ‪27‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ترجمة سهيل إدريس‪ ،‬لدار اآلداب بيروت‪ ،‬ط‪ ،1981 ،1‬ص ‪- 96-95‬‬
‫كما أنه تلك الكنائس المكتظة باألوروبيين عندما ألقى األب ب((انولو موعظت((ه األولى أم((ام‬
‫حشد من المستمعين‪ .‬ويتحدث عن الموضوعات المسيحية التقليدية‪ (:‬لق((د أذنب أه((ل وه((ران‪،‬‬
‫وهللا كما ضرب أهل مصر‪ .‬وما المحن التي يقاسونها إال تطهيرً ا عليهم أن يتقبل((وه ش((اكرين‬
‫حامدين‪ ،‬فالمحن ستؤدي إلى رضا هللا عنهم ثانية في هذه الدار أو في اآلخرة‪{ :‬أخوتي‪ ،‬لق((د‬
‫حلت بكم النكبة‪ .‬وإنكم‪ ،‬أيها اإلخوة‪ ،‬لتستحقونها}‪.1‬‬

‫كما اهتم الكاتب كثيرً ا بتص((وير المع((الم الديني((ة المس((يحية واليهودي((ة وك((أن ال غيره((ا في‬
‫المدينة حتى أن داخل الكنائس مكتظة بالناس طوال أيام األسبوع‪.‬‬

‫مهما يكن من أمر‪ ،‬فإن كاتدرائية مدينتنا قد غصت تقريبًا بالمؤمنين طوال أي((ام األس((بوع‪.‬‬
‫وقد ظ(ل كث(ير من الس(كان في األي((ام األولى في ح(دائق النخي(ل والرم(ان ال(تي تنبس((ط أم((ام‬
‫مداخل الكنيسة المسقوف ليستمعوا إلى فيض االس((تغاثات وال((دعوات ال((تي ك((انت تت((دفق إلى‬
‫الشوارع‪ .‬وما لبث هؤالء المستمعون أنفسهم‪ ،‬محتذيًا بعض((هم ح((ذو بعض‪ ،‬أن عزم((وا على‬
‫الدخول وعلى أن يضيفوا صو ًتا حيًا إلى الحضور‪.‬أما يوم األحد‪ ،‬فقد اكتسح صحن الكنيس((ة‬
‫جمهور غفير تجاوز الفناء والساللم األخيرة‪ .‬وكانت السماء في العش((ية الس((ابقة ق((د اس((ودت‬
‫وب((دأ المط(ر يهط((ل م((درارً ا‪ .‬وق((د فتح ال(ذين ك((انو واقفين في الخ(ارج مظالتهم ‪ .‬فطغت في‬
‫الكاتدرائية رائحة بخور وثياب مبللة حين ارتقى األب بانولو المنبر‪.2‬‬

‫وق((د ح((ولت ك((ل اإلدارات واألم((اكن العمومي((ة إلى مراك((ز حج((ز المرض (ى( باس((تثناء‬
‫الكنيسة‪ .‬فالواقع أن الديرين الوحيدين في المدينة كانوا قد توزعوا وس((كنوا موق ًت((ا في من((ازل‬
‫أس((رتقية‪ .3‬إال أن الك((اتب لم يهتم كث((يرً ا بالمعاب((د اليهودي((ة مقارن((ة بالكن((ائس ال((تي يع((ود إلى‬
‫ذكرها في كل م(رة ومن أج(ل ه(ذا ألقيت عظ(ة األب ب(انولو في كنيس(ة لم تكن مألى إال في‬
‫ثالثة أرباعها‪.4‬‬

‫‪ -21‬جرمين بري‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ترجمة جبرا إبراهيم جبرا‪ ،‬دار الثقافة بيروت‪ ،‬مؤسسة ف((رنكلين للطباع((ة والنش((ر‪،1968 ،‬‬
‫ص ‪.142‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ص ‪- 97‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ص ‪- 172‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ص ‪- 219‬‬
‫كما أن رامبير خطا بضع خطوات في الرواق الخالي‪ .‬وبلغت سمعه تراتيل تنبعث من‬
‫الداخل‪ ،‬غامضة مختلطة بروائح بخور وكهوف‪ .‬وانقطعت التراتيل فج((أة‪ ،‬ال((رواق‪ .‬وأش((عل‬
‫سيكارة ثم استدركها بدعوى أن المكان ال يسمح له بذلك على األرجح‪.‬‬

‫وفي ثامنة والرب((ع‪ ،‬ب((دأت أراغن الكاتدرائي((ة تص((عد أنغامه((ا‪ ،‬ف((دلف رامب((ير تحت القب((ة‬
‫المظلمة واستطاع أن يرى بعد لحظات في ص((حن الكنيس((ة األطي((اف الص((غيرة الس((ود ال((تي‬
‫كانت متجمعة في زاوية‪ ،‬بالقرب من شبه مذبح مرتج((ل نص((بت في((ه ص((ورة للق((ديس روش‬
‫صنعت على عجل في أحد معارف مدينتنا‪ .‬وبدت األطياف وهي راكع((ة كأنه((ا هي منطوي((ة‬
‫على نفسها‪.1‬‬

‫ومن خالل ه(ذا تخلص إلى م(ا مف(اده أن الك(اتب ق(د رك(ز من خالل الص(ورة( الطبيعي(ة‬
‫للمعالم الدينية على إبراز الكنيسة في المقام األول‪.‬‬

‫أما في رواية "أعراس" ك((ان ك((امو يغيب المس((جد وال ي((ذكر المع((الم الديني((ة في الجزائ((ر‬
‫بينما يذكر المعالم األوروبية من كنيسة ومعبد‪.‬‬

‫يقول {كذلك المعب((د ال((ذي تقيس أعمدت((ه س((باق الش((مس وال((ذي أرى من((ه القري((ة بكامله((ا‪،‬‬
‫بج((دارنها البيض((اء والوردي((ة وش((رفاتها الخض((راء‪ .‬وك((ذلك ً‬
‫أيض (ا تل((ك الكنيس((ة على الت((ل‬
‫الشرقي‪ :‬لقد احتفظت بجدرانها‪ ،‬وفي دائرة كبيرة حولها تصطف نواويس منبوشة معض((مها‬
‫لم يتحرر بعد من األرض التي ال زال يشكل جزاء منها‪ .‬لقد ضمت أموا ًتا‪ .‬أم((ا اآلن‪ ،‬فتنبت‬
‫عليها القويسة والفجل البري‪ .‬كنيسة سانت‪ -‬صلصا مسيحية‪ ،‬لكن في كل مرة ننظر فيها من‬
‫فتحة‪ ،‬تأتي إلينا أنشودة العالم‪.2‬‬

‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ص ‪- 155-154‬‬


‫‪1‬‬

‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬منشورات دار المكتبة الحياة بيروت‪ 1390 ،‬ص ‪- 17-16‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صورة الجزائريين‪7:‬‬

‫إن الجزائريين كان يطلق عليهم اسم األهالي قبل الفرنسيين وبع((د س((نة ‪ 1944‬أص((بح‬
‫يطلق عليهم اسم فرنسيون مسلمون‪.‬‬

‫وتظهر الصورة البشرية في رواي((ة الغ((ريب من((ذ البداي((ة وص((ول م((يريو إلى "مرانغ((وا"‬
‫ودخوله المأوى حيث يقول {ثم اجتزنا ساحة فيه(ا كث(ير من العج(زة تجمع(وا حلق(ات حلق(ات‬
‫يثرثرون}(‪.1‬‬

‫كذلك عندما سهر جثمان والدته وأخذ يصف في أصدقائها {حتى شق علي تصديق حقيقة‬
‫وجودهم‪ ،‬وجود النسوة اللواتي ارتدين جميعهن تقريبًا‪ ،‬المأزر‪ ،‬واللواتي كان النطاق يضغط‬
‫على القامة ك(ل منهن بحيث ي(برز بط(ونهن المنتفخ(ة} فم(ا لفت انتب(اه "ميرس(و" ه(و بط(ون‬
‫النساء المنتفخة إلى ذلك الحد‪ ،‬كذلك وجود رجال هزالء وما شد انتباه "ميرس((و" ه((و أن((ه لم‬
‫يستطع أن يرى عيونهم بل بدت ل(ه مج(رد بري(ق وس(ط التجاعي(د‪{ .‬و وج(ود الرج(ال ال(ذين‬

‫‪11‬‬
‫ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ترجمة فوزي عطوي‪ ،‬نديم مرعشلي‪ ،‬مكتبة( الطالب وشركة الكتاب اللبناني اللعازارية‪ ،‬بيروت‪- ،‬‬
‫‪.‬ط‪ 1967 ،1‬ص‪12‬‬
‫هزلت أجسادهم‪ ،‬فاتك((أوا على عص((يهم‪ ،‬وال((ذي اس((ترعى انتب((اهي منهم‪ ،‬أن((ني عج((زت عن‬
‫رؤية عيونهم في وجوههم‪ ،‬وبل شاهدته بريق ال انعكاس له‪ ،‬وسط وكر من التجاعيد}‪.1‬‬

‫أما على الشاطئ فقد بين لنا استمتاعه مع أصدقائه بالبحر والش((مس فق((د س((بحوا وتن((اولوا‬
‫الطعام فهو ال يبتعد عن األوروب((يين أمثال((ه فك((ان يس((تمع معهم بالطبيع((ة الجميل((ة من البح((ر‬
‫والشمس {عندما أبعدنا إلى عرض البحر سبحنا عمومًا على الظهر}‪.2‬‬

‫فهو مجتمع جماعته من األوروبيين حتى ول((و أدى ب((ه ذل((ك إلى ارتك((اب جريم((ة قت((ل في‬
‫حق عربي‪.‬‬

‫أما المرأة والتي تبدو من البداية أنها كانت مستفيدة ج ًدا من العناية والخدمات االجتماعية‬
‫وهي حاضرة منذ الرواية حتى نهايتها حيث أن والدة "ميرسو" كانت في "مرانغو" مس((تفيدة‬
‫من كل الخدمات االجتماعية والعناية الالزمة بها‪ .‬وكذلك ماري التي ك((انت تعم((ل في مكتب‬
‫ميرس(((و فهي ك(((انت عش(((يقته وتقض(((ي مع(((ه أغلب ال(((وقت ت(((ذهب إلى الس(((باحة وإلى‬
‫السينما‪...‬إلخ‪(...‬‬

‫بينما المرأة الجزائرية ال وجود لها ولم ت((ذكر إال وهي تق((وم بخدم((ة الم((رأة األوروبي((ة أو‬
‫خائن((ة لزوجه((ا {وب((القرب من النعش‪ ،‬ك((انت تق((ف ممرض((ة عربي((ة بثوبه((ا األبيض‪ ،‬وعلى‬
‫رأسها وشاح فاقع اللون}‪.3‬‬

‫كم(ا أن الرج((ل الع(ربي لم ي(ذكر ل((ه اس((م ولم يعط((ه أدنى قيم((ة رغم أن(ه ه((و المح((رك‬
‫األساس لألحداث في الرواية فهو دائمًا كان يس((ميهم جماع((ة من الع((رب وال ي((ذكر أس((مائهم‬
‫ولم يجعلهم شخصيات أساسية في رواية بل أعطاه(ا أدوارً ا ثانوي(ة بال قيم(ة {تق(دم العربي(ان‬
‫فيال بطئ وكانا قد أصبحا قريبين ج ًدا منا}‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص ‪- 18‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ألبير‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص ‪- 64‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص ‪- 13‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬الغريب‪ ،‬ص ‪- 66‬‬
‫يبدو أن "ميرسو" رغم أنه قد تقزز من أصدقاء والدته المس((نين في الملج((أ من تص((رفهم‬
‫التي أزعجته غير أن بمجرد دخوله إلى الجزائر‪ ،‬استمتع معهم ج ًدا بالبحر والشمس وتن((اول‬
‫األكل فهو كان ال يفارقهم لدرجة أنه ارتكب جريمة من أجل صديقه ريمون‪.‬‬

‫بينما كان الجزائري غائبًا تمامًا ومجرد من كل شيء فلم يذكر إال وهو في حالة س((لبية‪.‬‬
‫يترصده األوروبي وفي النهاية يقتل بالرصاص بدالً من المواجهة رجل لرجل ‪.‬‬

‫أما في "رواية الطاعون" فقد كانت المدينة مغلقة ومحاص((رة بس((بب الوب((اء‪ ،‬فق((د س((كانها‬
‫من الدخول أو الخروج منها‪ ،‬وقد كانت حالتهم تتدهور من سوء إلى أسوأ " وب((الرغم من أن‬
‫الراوي لم يع(رف إال نفي جمي(ع الن(اس‪ ،‬فعلي(ه أال ينس(ى أولئ(ك ال(ذين تتف(اقم في ش(عورهم‪،‬‬
‫كالصحفي رامبير أو سواه‪ ،‬آالم الفراق لكونهم وهم مسافرون فاجأهم الطاعون وحبس((هم في‬
‫المدينة‪ ،‬قد وجدوا أنفسهم بعي((دين في وقت واح((د عن الك((ائن ال((ذي ال يس((تطعون اللح((اق ب((ه‬
‫والبلد الذي كان بلدهم"‪.1‬‬

‫إن المرأة في رواية "الطاعون" تكاد ال تظهر وإن ظه((رت تظه((ر بص((ورة قليل((ة ويع((ود‬
‫ذل((ك إلى طبيع((ة الرواي((ة فنحن في ه((ذه الرواي((ة نعيش حي((ا ًة بائس((ة بس((بب وب((اء الط((اعون‪،‬‬
‫فالطبيب ‪ ،‬ريو رغم وجود والدته معه إال أنه يحس شعور الوحدة لغي((اب زوجت((ه عن((ه ال((تي‬
‫كانت مريضة ورأسها للعالج خارج المدينة "كان مقررً ا أن تتجه امرأته المريضة من((ذ ع((ام‬
‫إلى محطة جبلية‪ ،‬في اليوم التالي وقد وجدها مس((تلقية في غرفته((ا كم((ا طلب إليه((ا أن تفع((ل‬
‫وكهذا كانت تتهيأ لتعب االنتقال وكانت تبتسم‪.2‬‬

‫وعندما كانت المدينة مغلقة أرسل طبيب ريو رسالة إلى زوجته يخبرها بأنه بحالة جيدة‪،‬‬
‫وأنه دائم مشغول البال فيها‪ .‬ثم جاءت والدته اإلعتناءبه وبأصدقائه مث((ل ت((ارو وعن((دما ك((ان‬
‫طريح الفراش‪" ،‬وكانت مدام ري((و جالس((ة ب((القرب من الس((رير جلس((تها العائلي((ة وق((د أض((اء‬
‫جانبها األبيض نور مصباح السرير"‪.3‬‬

‫ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ترجمة سهيل إدريس‪ ،‬مكتبة الطالب وشركة الكتاب اللبناني اللعازارية بيروت‪ ،‬ط‪- 1967 ،1‬‬
‫‪11‬‬

‫‪.‬ص‪76‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 10-9‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 283‬‬
‫كما أن الطبيب ريو كان عندما يشتاق إلى زوجته وال يستطع الصبر عنه((ا‪ ،‬ك((ان يناديه((ا‬
‫بأعلى صوت من وراء أسوار المدينة المحاصرة بوباء الطاعون وكأنها تس((معه أن((ه ركض‬
‫نحو أعلى المدينة‪ ،‬حتى إذا بلغ ساحة صغيرة لم يكن البحر ليظهر منه(ا‪ ،‬وإنم(ا ك(انت ت((رى‬
‫فيها رقعة أكبر من السماء‪ ،‬نادى امرأته بصيحة كبيرة‪ ،‬من فوق جدران المدينة‪.1‬‬

‫كما توجد أيضًا ام((رأة مس((نة ت((تردد على الكن((ائس كث((يرً ا وال((تي بقي عن((دها األب ب((انولو‬
‫عندما تفاقم الوباء في المدينة "لينزل في بيت امرأة عجوز تتردد على الكنائس وهي م((زالت‬
‫سليمة من الطاعون"‪.2‬‬

‫وبالتالي فإن المرأة في هذه الرواية" الطاعون قد كانت مغيبة تمامًا‪ ،‬ألننا في هذه الرواية‬
‫نعيش حيا ًة تعيسة وبائسة بسبب الوباء ال((ذي اكتس((ح المدين((ة بأكمله((ا‪ ،‬وك((ان بالنس((بة ألهله((ا‬
‫بمثابة قنبلة‪ ،‬فالنساء يمثلن كل صور الحنان والرأفة والصبر والرحمة والمحبة لهذا فالرواية‬
‫بال "أي الطاعون"‪.‬‬

‫كما أن صورة الجزائري في رواي((ة "الط((اعون" لم تتط((ور وال أث((ر ل((ه على اإلطالق في‬
‫أحداث الرواية‪ ،‬ومع ذل((ك يمكن لن((ا أن نالح((ظ بعض اإلش((ارات عن((ه "ومواطنون((ا يعمل((ون‬
‫كثيرً ا‪ ،‬وإنما من أجل اإلثراء دائمًا‪ .‬وهم يهتمون خاصة بالتجارة‪ ،‬ويوجهون عنايتهم قبل كل‬
‫ش((يء‪ ،‬حس((ب تعب((يرهم‪ ،‬إلى ت((دبير األش((غال‪ .‬على أنهم يت((ذوقون ب((الطبع ه((ذه المس((رات‬
‫البسيطة‪ ،‬فهم يحبون النساء‪ ،‬والسينما واالستحمام في البح((ر ولكنهم‪ ،‬بك((ل تعق((ل‪ ،‬يحتفظ((ون‬
‫بلذائذهم هذه مساء السبت واألحد‪ ،‬فيما هم يحاولون في سائر أي((ام األس((بوع كس((ب كث((ير من‬
‫المال"‪.3‬‬

‫ويتصف هؤالء المواطنون( بالشجاعة والصبر والقدرة على تحمل المشاق واش(تداد الوب((اء‬
‫"وهكذا استمروا يتجولون في الشوارع ويعتقدون طاوالت أرصفة المق((اهي‪ .‬ولم يكون((وا في‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 199‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 226‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 6‬‬
‫مجموعهم جبناء‪ ،‬وكانوا يتبادلون من المزاح أكثر مما يتب((ادلون من الش((كوى‪ ،‬ويتظ((اهرون‬
‫بتقبل المصاعب ال شك في أنها عابرة‪ ،‬وهكذا كانو ينقذون المظاهر"‪.1‬‬

‫ورغم معاناة الناس من هذا الوباء ال((ذي اكتس((ح المدين((ة بأكمله((ا وت((وقفهم عن العم((ل في‬
‫بعض األحيان‪ ،‬إال أن المدينة كانت تبدو وكأنها في يوم عيد " وهكذا اتخذت وهران مظه((رً ا‬
‫فري ًدا‪ .‬فإذا عدد المشاة ازداد‪ ،‬وإذا كثير من الن((اس ال((ذين ح((رمهم إغالق المخ((ازن أو بعض‬
‫المكاتب من أي عم(ل يمألون الش(وارع والمق((اهي‪ ،‬ح(تى في الس((اعات الجوف(اء‪ ،‬وهم ح(تى‬
‫اآلن في عطل((ة‪ ،‬ال في بطال((ة‪ .‬وك((انت وه((ران آن((ذاك‪ ،‬في ح((والي الثالث((ة بع((د الظه((ر مثالً‪،‬‬
‫وتحت س((ماء ص((افية‪ ،‬تعطي ش((عورً ا خاد ًع((ا بأنه((ا مدين((ة في عي((د‪ ،‬أوق((ف الس((ير وأغلقت‬
‫المخازن للسماح بقيام مظاهر عامة‪ ،‬واكتسح سكانها الشوارع ليشاركوا في المتع واألفراح‪.‬‬

‫وك((انت دور الس((ينما ب((الطبع تفي((د من ه((ذه العطل((ة العام((ة وت((وفر أرباحً( ا عظيم((ة ولكن‬
‫الدورات التي كانت األفالم في المقاطعة تقوم به((ا ك((انت مقطوع((ة‪ ،‬فاض((طرت دور الس((ينما‬
‫بعد أسبوعين إلى أن تتبادل برامجها‪ ،‬ولم يمض وقت طويل حتى كانت ه(ذه ال(دور تع(رض‬
‫األفالم نعس((ها‪ .‬وم((ع ذل((ك ف((أن أرباحه((ا لم تكن تت((دنى وأخ((يرً ا اس((تطاعت المق((اهي‪ ،‬بفض((ل‬
‫الكميات الوافرة المتراكم((ة في مدين((ة تحت((ل فيه((ا تج((ارة الخم((ر والكح((ول المق((ام األول‪ ،‬أن‬
‫ضا زبائنها‪ .‬والحق أن الناس كانوا يشربون كثيرً ا‪.2‬‬
‫تغذي أي ً‬

‫أما في رواية "أعراس" نجد كامو صور لن((ا الجزائ((ري على أن((ه إنس((ان همجي وغ((ير‬
‫مثقف وال يعرف استغالل ثروات بلده فهوى ال يحب هذا البلد ألجل أبنائه يقول {فأي عجب‬
‫إذن إذا كنت ال أحب وجه هذا البلد األوسط أبنائه األكثر فاقة }‪.3‬‬
‫كما وصف لنا اللهجة التي تستعمل في الجزائر يقول في الجزائر ال يق((ال {لنأخ((ذ حما ًم((ا}‬
‫بل {لنظرب حمامًا}‪.4‬‬

‫وإن هذا الشعب ضيق التفك((ير يق((ول {إن أي((ام اآلح((اد في الجزائ((ر هي من اك((أب األي((ام‪.‬‬
‫فكيف يمكن لهذا الش((عب الض((يق التفك((ير أن يلبس باألس((اطير ه((ول حيات((ه العمي((ق؟ إن ك((ل‬
‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 81‬‬
‫‪1‬‬

‫‪.‬الطاعون‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬ص ‪- 82‬‬


‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪.‬البير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬منشورات دار المكتبة الحياة بيروت‪ 1390 ،‬ص ‪- 44‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 46‬‬
‫مايمت بصلة إلى الم((وت هن((ا س((خيف أو مك((روه‪ .‬إن ه((ذا الش((عب يعيش ب((دون دين وب((دون‬
‫أصنام يعيش وحي ًدا بعد أن عاش جماعة}‪.1‬‬

‫كما يرى كامو أن حق الفضيلة في الجزائر ال وج((ود له((ا وه((ذا ليس الفتق((ار الجزائ((ريين‬
‫إلى مبادئ ألن لهم أخالقهم الخاصة بهم يقول "أعتقد عن حق أن الفضيلة كلمة ال معنى له((ا‬
‫في الجزائر قاطبه‪ .‬ليس ألن ه((ؤالء البش((ر يفتق((رون إلى مب((ادئ‪ ،‬ف((إن لهم أخالقهم الخاص((ة‬
‫بهم‪ .‬إن الف(((رد منهم ال يقص(((ر في الح(((ق أم(((ه‪ .‬وي(((وفر االح(((ترام لزوجت(((ه في الش(((وارع‪.‬‬
‫ويحيط المرأة الحامل بعين الرعاي((ة‪ .‬و ال يه((اجم خص(مًا ل((ه مس((تعي ًنا برفيق((ه‪ ،‬ألن "في ه((ذا‬
‫خبثا" ومن ال يحفظ هذه الوصايا األساسية (ال يكون رجالً) وهكذا تسوى القضية‪.2‬‬ ‫ً‬

‫ومن خالل ه((ذه الرواي((ات الثالث إن ألب((ير ك((امو يغيب اإلنس((ان الجزائ((ري وكأن((ه غ((ير‬
‫موجود وإذا وجد يكون وجوده سلبي فهو اإلنسان الهمجي الغير مثقف وغير متحض((ر ال((ذي‬
‫ال يعرف استغالل ثرواته الطبيعية فهو بربري فكامو كان ينظر إلى الشعب استعالئية فك((ان‬
‫يقيم وز ًنا لألوروبي وك((أن األوروبي يتمت((ع به((ذا البل((د الجمي((ل "الجزائ((ر" ويس((تغل ثروات((ه‬
‫ويتمتع بها فكامو كان وكأنه يحسد هذا الشعب على هذا البلد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 55‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ص ‪- 54‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫من خالل هذا البحث الذي قمنا به ‪ ،‬و الذي تطرقنا فيه عبر مباحث متعددة الى ألبيرك((امو و‬
‫حياته و علم الصورة و تعرفنا تعرفنا من صورة الجزائر و الجزائري لدى االخر "خالص((ة‬
‫الفرنسي الذي تربطنا به عالقة طويلة" الى عدة نتائج منها‬

‫‪ -‬ان البيركامو رغم انه ولد في الجزائر و عاش في الجزائر و بين الجزائريين غير ان كان‬
‫يعت((بر نفس((ه دائم((ا فرنس((يا و ينتمي الى اوروب((ا و لم يكن يقيم أي وزن للجزائ((ريين و ك((ان‬
‫يعتبر الجزائر فرنسية كيفية الفرنسيين‪(.‬‬

‫‪ -‬و ان علم الصورة ه(و علم جدي(د و يعت(بر ف(رع من ف(روع االدب المق(ارن الحديث(ة‪ ،‬و ان‬
‫الفرنسيين هم االسبق الى هذا العلم‪.‬‬

‫‪ -‬ان الصورة التي يصورها لنا شخص من بلدا ما قد تكون سلبية و فد تكون ايجابي((ة و ه((ذا‬
‫يعود الى الشخص نفسه و الى نظرية الى ذلك البلد‪.‬‬

‫‪ -‬كما انها تعتبر دليال على نوع الحاالت و العالقات التي تربط بين امة و اخرى‪.‬‬
‫‪ -‬ان دراسة صورة الجزائري في ادب االخر الفرنسي تجعلنا نتعرف على دولتنا من خالل‬
‫ما يقدمه االخر عنا خاصة الفرنسي االن العالق((ات بين((ه و بينن((ا طويل((ة و البيرك((امو يع((رف‬
‫الجزائر و الجزائريين جيدا ألنه ولد بالجزائر و عاش في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬كما ان دراستنا للمدونات البيركامو جعلتنا نتعرف على أشكال التسوية الت تنط((وي عليه((ا‬
‫صورة الجزائري في ادبه و هذ يجعلنا نمهد للتصحيح صورة الجزائري لذي األخرى ‪.‬‬

‫‪ -‬إن ألبير كامو كان يغيب الجزائري في أدبه و ال يذكره أبدا و إذا ذكره يكون سلبيا فه((و لم‬
‫يطلق عليه حتى " االسم " فقد كان عالم ألبير كامو األدبي عالم استعماري ‪.‬‬

‫‪ -‬لقد كانت األغلبية االستعمارية مهيمنة و تتمتع بخيرات الجزائر‬

‫أما في المقابل فنجد أقلية جزائرية مهمش((ة و ال قيم((ة له((ا و تع((اني ك((ل أن((واع الحرم((ان في‬
‫بلدها و مجتمعها‬

‫‪ -‬و أن الجزائر بالنسبة أللبير كامو ال تعد سوى أن تكون إطارا جغرافيا ألعماله و التغ((ني‬
‫بجمالها الطبيعي خاصة الشمس و البحر و هذا يظهر في كل أعماله‬

‫متناسيا أن هذا اإلطار يسكنه أناس مثله يستطيعون التمت((ع به((ذا الجم((ال و التفك((ير و العم((ل‬
‫مثل األوروبي ‪.‬‬

‫‪ -‬و في األخير نرى أن ألبير كامو صور لنا الجزائر في صورتين صورة ايجابية و ص((ورة‬
‫سلبية‬

‫فاالجابة تتمثل في الصورة الطبيعية التي انفرد في التمتع بها مع جماعته من األوروربيين‬

‫و الصورة السلبية تتمثل في الجزائريين أو " األهالي " الذي كان يعت((برهم همج((يين و غ((ير‬
‫متحضرين و لم يقم لهم أي وزن و هذا حسب ما تمليه حمولته و خلفياته المختلفة ‪.‬‬
‫‪ -‬قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ -‬قائمة المصادر‪:‬‬

‫‪ -1‬ألبير كامو‪ ،‬أعراس‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة بيروت‪.‬‬

‫‪ -2‬ألبير كامو‪ ،‬الطاعون‪ ،‬ترجمة د‪.‬سهيل إدريس‪ ،‬دار اآلداب بيروت‪،‬ط‪1981 ،1‬‬

‫‪ -3‬ألبير ك((امو‪ ،‬الغ((ريب‪ ،‬ترجم((ة ف((وزي عط((وي‪ ،‬ن((ديم مرعش((لي‪ ،‬مكتب((ة الطالب وش((ركة‬
‫الكتاب اللبناني‪ ،‬اللعازارية‪ ،‬بيروت‪،‬ط‪.1967 ،1‬‬

‫‪ -4‬جابر عصفور‪ ،‬الصورة( الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪،‬ط‪ ،2‬لبنان‬

‫بيروت‪ ،‬دار التنوير للطباعة والنشر‪ ،‬سنة ‪.1983‬‬

‫‪ -5‬جرمين بري‪ ،‬ألبير كامو‪ ،‬جبرا إبراهيم ج((برا‪ ،‬دار الثقاف((ة‪ ،‬ب((يروت‪ ،‬مؤسس((ة ف((رنكلفين‬
‫للطباعة والنشر ‪.1968‬‬
‫‪ -6‬جون كروكشناك‪ ،‬ألب((ير ك((امي وأدب التم((رد‪ ،‬ترجم((ة جالل العش((ري‪ ،‬الهيئ((ة المص((رية‬
‫العامة للكتاب ‪.1946‬‬

‫‪ -7‬دانييل هنري باجو‪ ،‬األدب العام والمقارن‪ ،‬ترجمة د‪.‬غسان الس((يد‪ ،‬من منش((ورات إتح((اد‬
‫الكتاب العرب‪.1997‬‬

‫‪ -8‬رنيه ويلك آوسن وآرن‪ ،‬نظري((ة األدب المق((ارن‪ ،‬تع((ريب ال((دكتور ع((ادل س((المة‪ ،‬أس((تاذ‬
‫األدب اإلنجل((يزي‪ ،‬جامع((ة عين الش((مس‪ ،‬دار الم((ريخ للنش((ر الري((اض‪ ،‬المملك((ة العربي((ة‬
‫السعودية ‪1412‬ه‪.1992/‬‬

‫‪ -9‬عبد الغفار مكاوي‪ ،‬ألبير كامي محاول((ة لدراس((ة فك((ره الفلس((في‪ ،‬دار المع((ارف‪ ،‬مص((ر‪،‬‬
‫سنة ‪.1964‬‬

‫‪ -10‬غنيمي هالل‪ ،‬األدب المقارن‪ ،‬اشرف عام دالي((ا محم((د إب((راهيم‪ ،‬ت((اريخ النش((ر أكت((وبر‬
‫‪،2004‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع أسسها أحمد محمد إبراهيم ‪.1938‬‬

‫‪ -11‬كلود بيشوا‪ ،‬األدب المقارن‪............................................‬‬

‫‪ -12‬ماجدة حمود‪ ،‬مقاربات تطبيقية في األدب المقارن‪ ،‬منشورات إتحاد الكتاب العرب سنة‬
‫‪.2000‬‬

‫‪ -13‬محمد يحياتن‪ ،‬مفه(وم التم(رد عن(د ألب(ير ك((امو وموقف((ه من الث((ورة التحريري(ة‪ ،‬دي(وان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية بن عكنون‪-‬الجزائر‪.1984 ،‬‬

‫‪ -‬الرسائل‪:‬‬

‫‪ -1‬الشعور باإلغتراب عند أبي العالء المعري وألب((ير ك((امو‪ ،‬أطروح((ة مقدم((ة لني((ل ش((هادة‬
‫الدكتوراه دولة في الدراسات األدبي((ة المقارن((ة‪ ،‬إش((راف الط((اهر حج((ار‪ ،‬إع((داد عب((د الق((ادر‬
‫توزان‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2005/2006‬‬
‫‪ - 2‬صورة الجزائر في أدب ألبير كامو وجون بول سارتر‪ ،‬تخصص الدراسات المقارنة في‬
‫األدب لجزائري الحديث‪ ،‬إشراف األستاذ عبد الق(ادر ت(وزان‪ ،‬إع(داد الط((الب حم((زة وش(ان‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2014/2015‬‬

‫‪ -3‬صورة الجزائر في روايات ألبير كامو‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل ش(هادة الماجس((تير‪ ،‬تخص((ص‬
‫أدب عالمي‪ ،‬إعداد الطالبة رعاش مبخوتة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007/2008‬‬

‫‪ -4‬صورة الجزائر في أعمال ألقوس دودي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في اللغ((ة العربي((ة‬
‫وآدابها‪ ،‬تخصص قضايا األدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة‪ ،‬إش(راف ال((دكتور أحم((د‬
‫منور‪ ،‬إعداد الطالب حفاصي سالم‪1430،2009 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -5‬صورة الجزائر في أدب غي دي موباسان وألبير كامو نموذجً ا‪ ،‬دراسة تحليلية وص((فية‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها التخصص‪ :‬قض((ايا األدب والدراس((ات‬
‫النقدية والمقارنة‪ ،‬إشراف األستاذ الدكتور عبد القادر بوزيدة‪ ،‬إعداد الطالب((ة أمين((ة س((وفالن‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2008/2009‬‬

‫‪ -6‬ص((ورة المش((رقي في رواي((ات أمين معل((وف‪ ،‬لني((ل ش((هادة الماجس((تير‪ ،‬تخص دراس((ات‬
‫أدبية‪ ،‬إعداد الطالب إبراهيم بوخالفة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008/2009‬‬

‫‪ -7‬صورة اليهودي في الشعر العربي المعاصر (‪ ،)1987 (-1948‬رسالة لنيل الماجس((تير‬


‫تحت إشراف األستاذ عب((د الق((ادر بوزي((دة‪ ،‬إع((داد زه((رة م((زوني‪ ،‬الس((نة الجامعي((ة ‪-2000‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪ -8‬مسرح الال معقول والبعث عند ألبير كامي‪ ،‬مسرحية سوء الفهم أنموذجً ا‪...........‬‬

‫‪ -‬المقاالت‪:‬‬

‫‪ -1‬ص(((ورة ماي(((ا كوفس(((كي في ش(((عر عب(((د الوه(((اب البي(((اتي وش(((يركو بيكهس (دراس(((ة‬
‫صورولوجية في األدب المقارن)‪ ،‬خليل برويني‪ ،‬هادي نظري منظم‪ ،‬كاوه خض((ري‪ ،‬الع((دد‬
‫الثامن‪ -‬شتاء ‪1391‬ش‪ /‬كانون األول ‪.2012‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر بوزيدة‪ ،‬صورة اآلخ((ر ودالالته((ا في الدراس((ات المقارن((ة‪ ،‬الع((دد‪ ،25‬جامع((ة‬
‫الجزائر‪.2015 ،‬‬

You might also like