You are on page 1of 21

‫مقدمة‬

‫يعرض المشرع التونسي الكثير من االهتمام لقانون االستثمار‪ .‬يعود تاريخ‬


‫االستثمار في تونس منذ االستقالل‪ .‬حيث أصدر المشرع ألول مرة قانون‬
‫االستثمار في ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1967‬وقد كشفت أحكام هذا القانون تدريجيا ً عن عدم‬
‫كفايتها في تطوير النموذج االقتصادي في تونس‪ .‬ففي الواقع وفي ستينيات القرن‬
‫العشرين كان االقتصاد التونسي اقتصاد زراعيًا‪ .‬وتغير في الثمانينيات‬
‫والتسعينيات وتشتهر هذه السنوات بأنها العصر الليبرالي بامتياز‪ .‬تم تطبيق هذه‬
‫الليبرالية االقتصادية من خالل العديد من القوانين الجديدة مثل اعتماد قانون ‪17‬‬
‫أفريل ‪ 1995‬بشأن إنقاذ الشركات التي تمر بصعوبات اقتصادية‪.‬و في هذا السياق‬
‫يمكننا االستشهاد بمجلة االستثمار الصادر في ‪ 1‬ديسمبر ‪ 1993‬والذي جاء إللغاء‬
‫مجلة ‪ 1967‬في ربع قرن يفصل بين المجلتين‪.‬‬
‫يعكس قانون سنة ‪ 1993‬تطور النموذج االقتصادي التونسي من نموذج زراعي‬
‫إلى نموذج ليبرالي‪ .‬حيث أدخلت مجلة االستثمار لسنة ‪ 1993‬بدورها التطور‬
‫االقتصادي والقانوني مباشرة بعد الثورة التونسية سنة ‪ 2011‬وبعد رحيل معظم‬
‫المستثمرين ‪ ،‬فهمت السلطات التونسية أن الوقت قد حان بالفعل لتغيير القانون ‪،‬‬
‫حيث ُولد مشروع إصالح في ذلك الوقت ‪ ،‬و بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته إذ‬
‫نظرا لمواجهة للعديد من العوامل المحظورة بما في ذلك‬‫لم يكن عمل اللجنة سهالً ً‬
‫أخيرا بموجب قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪ 2016‬مع‬ ‫ً‬ ‫األمن والسياسة ‪ .‬تم تنفيذ المشروع‬
‫المالحظة التالية‪ :‬القانون الجديد ال يأخذ شكل مجلة حيث إنه قانون خاص ‪ .‬لم‬
‫يتخذ قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪ 2016‬شكل مجلة و يجب قراءته في الراىد الرسمي‬
‫للبالد التونسية وليس في مجلة‪.‬‬
‫في األساس ‪ ،‬خصص قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪ 2016‬بشكل خاص مبدأ حرية‬
‫االستثمار والعديد من الحريات‪ .‬بالنسبة للمتخصصين في قانون االستثمار ‪ ،‬فإن‬
‫إصالح عام ‪ 2016‬مقنع‪ .‬ومع ذلك فإنه ال يزال بعيدا عن جذب المستثمرين فإنه‬
‫ينبغي تعزيز جاذبية المستثمرين‪.‬‬
‫وزارة االستثمار ‪ ،‬والرئاسة الحكومية أودع في أواخر سنة ‪ 2016‬لديها إصالح‬
‫قانون االستثمار‪ .‬هذا هو السبب في ظهور لجنة إصالح جديدة ‪ ،‬وسيكون لهذه‬
‫اللجنة الجديدة أن تعمل على عوامل من المرجح أن تحسن قانون االستثمار في‬

‫‪1‬‬
‫عا باسم‬
‫تونس‪ .‬في الواقع ‪ ،‬بدأت التجارة عملها في عام ‪ .2017‬وقد أعدت مشرو ً‬
‫"مشروع تحسين مناخ األعمال"‪ .‬في ‪ 24‬أفريل ‪ 2019‬تم اعتماد مشروع القانون‬
‫من قبل مجلس النواب ‪ ،‬وتم اعتماد المشروع بأغلبية ساحقة‪ .‬لكن تم الطعن في‬
‫المشروع بعدم دستوريته أمام الهيئة المؤقتة للمراقبة دستوري مشاريع القوانين‪.‬‬
‫قبل هذا الطلب على الهيئة بالرفض‪ .‬وتم تأكيد مشروعية هذا القانون و تم نشره‬
‫وهو القانون عدد ‪ 47‬لسنة‪ 2019‬المؤرخ ‪ 29‬ماي ‪ 2019‬المتعلق بتحسين مناخ‬
‫االستثمار في تونس‪.‬‬
‫وهكذا أثير قانون االستثمار في تونس بشكل جيد ‪ ،‬لكن مهما كان العمل التشريعي‬
‫يبقى السؤال المطروح وهو معرفة ما إذا كان يكفي وجود قانون لالستثمار‬
‫لتحسين مناخ األعمال في تونس؟‬
‫لإلجابة على هذا السؤال ‪ ،‬اعتبر الفقه المتخصص أن قانون االستثمار وحده ال‬
‫يكفي لجذب االستثمار ‪ ،‬فإنه يحتاج إلى عوامل أخرى لتعزيز الجاذبية‪ .‬هذا هو‬
‫العامل األمني واالقتصادي ‪ ،‬فقد أظهرت األبحاث الرائدة حول هذا الموضوع أن‬
‫البلدان التي تججذب معظم المستثمرين هي البلدان التي ليس لديها مجلة استثمار‪.‬‬
‫و هنا يطرح التساؤل هل أن قانون ‪ 29‬ماي ‪ 2019‬لديه فرص لجذب االستثمار؟‬

‫الجزء األول‪ :‬االستثمار في حد ذاته‪:‬‬


‫قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪ 2016‬المتعلق بتنظيم االستثمار‪ ،‬ينظم االستثمار في قانون‬
‫خاص يحمل ‪ 36‬فصل‪ .‬ينقسم هذاالقانون إلى ‪ 7‬عناوين على التوالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أحكام عامة‬
‫‪ - 2‬النفاذ إلى السوق‬
‫‪ -3‬ضمانات المستثمر و واجباته‬
‫‪ -4‬حوكمة االستثمار‬
‫‪ .5‬المنح و الحوافز‬
‫‪ -6‬تسوية النزاعات‬
‫‪ -7‬أحكام ختامية و انتقالية‬

‫‪2‬‬
‫من المؤكد أن الموضوع الذي تنظمه هذه العناوين مهم ولكن ال يمكننا أن ندرس‬
‫في إطار هذا الدرس كل القانون لكن سنقتصر على المبادئ الرئيسية التي تحكم‬
‫االستثمار‪.‬‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬فإن خيارنا سيركز على تحليل الخيارات الرئيسية للمشرع في سنة‬
‫‪ ، 2016‬ولهذا الغرض فإننا نؤكد أن المشرع اختاره لتعزيز حرية االستثمار‬
‫ضا لتكريس جهاز خاص للتنظيم نزاعات‬ ‫(الفصل األول)‪ .‬والذي اختاره أي ً‬
‫االستثمار‪ :‬هي الحلول البديلة للنزاعات (الفصل الثاني)‬

‫الفصل األول‪ :‬حرية االستثمار‬


‫في العنوان ‪ 2‬من قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪ ، 2016‬كرس المشرع العديد من الحريات ‪،‬‬
‫حيث يتم تقديم هذه الحريات للمستثمر ومن ثم االهتمام بدراسة وضعية المستثمر‬
‫كشرط مسبق ( القسم ‪ )1‬لدراسة مجال الحرية (القسم ‪.)2‬‬
‫القسم ‪ :1‬وضعية المستثمر‬
‫لالستفادة من الحرية بالمعنى المقصود في القانون ‪ ، 2016‬يجب أن يكون لدى‬
‫المقدم على االستثمار صفة المستثمر‪ .‬ماذا يعني المستثمر؟‬
‫حدد المشرع المستثمر في الفقرة ‪ 4‬من الفصل ‪ ، 3‬لكن التعريف يجب أن يكون‬
‫مفتو ًحا للنقد‪.‬‬
‫تعريف المستثمر "أي شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو غير مقيم ينجز استثمار"‪.‬‬
‫بداية ‪ ،‬هناك وضوح في التعريف وتمديد لمفهوم المستثمر هو كل شخص طبيعي‬
‫أو معنوي ‪ ،‬عالوة على ذلك هناك تحييد لمعيار الجنسية لصالح معيار آخر مقيم‬
‫أو غير مقيم‪.‬‬
‫ضا حيث أن تحييد عنصر الجنسية يضمن ويطمئن‬ ‫هذه المساهمة مفيدة أي ً‬
‫المستثمرين األجانب الذين يؤمنون بالمساواة في الفرص‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬بغض النظر‬
‫عن هذه المحاسن ‪ ،‬يبقى التعريف مشكو ًكا فيه إلى حد كبير‪.‬‬
‫• النقد‪:‬‬
‫نالحظ وجود جانب مزدوج من النقد‪ :‬على مستوى المنهجية وعلى مستوى الفقه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فيما يتعلق بالجانب المنهجي للنقد الذي نؤكد على ما يلي ‪ ،‬الحظنا المفارقة أن‬
‫المشرع يختار أسلوب اإلحالة مرتين وكذلك في تعريف المستثمر وتعريف‬
‫االستثمار‪ .‬وبالتالي فإن المستثمر هو أي شخص يقوم باالستثمار بينما يكون‬
‫االستثمار أي استثمار رأسمالي مستدام لكل مستثمر‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬هناك إزدواجية‬
‫مجهولة‪ ،‬المستثمر في تعريف االستثمار واالستثمار في تعريف المستثمر‪.‬‬
‫للتغلب على هذه المشكل في المنهجية ‪ ،‬سيكون من الضروري لنا استبدال تعبير‬
‫"المستثمر" في تعريف االستثمار بمحتواه (أي شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو‬
‫غير مقيم)‪ .‬وبهذه الطريقة نحتفظ بالتعريف التالي‪ :‬االستثمار ‪ ،‬أي استخدام مستدام‬
‫لرأس المال من قبل أي شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو غير مقيم لتنفيذ مشروع‬
‫للمساهمة في تنمية االقتصاد التونسي مع تحمل كل األخطار في شكل معاملة‬
‫مباشرة أو عن طريق المشاركة‪.‬‬
‫من ناحية أخرى وجدنا مشكلة قانونية وبالتحديد تردد في خيارات المشرع‪ .‬في‬
‫الواقع ‪ ،‬بعد تحييد التمييز بين المستثمرين التونسيين واألجانب في األحكام العامة‬
‫‪ ،‬يعود المشرع إلى هذا االختيار في العناوين األخرى ‪ ،‬حيث يتم قراءة االعتراف‬
‫الصريح بهذا التمييز‪ .‬هناك العديد من األمثلة على هذا التمييز ‪ ،‬وأهمها الفصل ‪7‬‬
‫والفصلين ‪ 24‬و ‪ 25‬من القانون‪.‬‬
‫ينص الفصل‪ 7‬من القانون صراحة على مبدأ المساواة في المعاملة بين المستثمر‬
‫التونسي والمستثمر األجنبي‪.‬‬
‫ينص الفصلين ‪ 24‬و ‪ 25‬على نظام مختلف لتسوية المنازعات بنا ًء على ما إذا‬
‫كان المستثمر تونسيًا أو أجنبيًا‪.‬‬
‫يترتب على ما تقدم ان االستثمار في القانون التونسي يجب أن يعرف بطريقة‬
‫واضحة ال لبس فيها في التفسير‪.‬‬
‫في هذا الصدد ‪ ،‬ينبغي تقسيم عملية االستثمار إلى معيارين محددين بوضوح‪:‬‬
‫المعيار الشخصي والمعيار الموضوعي‪ .‬في المعيار الشخص نتحدث عن أي‬
‫شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو غير مقيم ‪ ،‬أما بالنسبة للمعيار الموضوعي فهو‬
‫ينقسم إلى ‪ 3‬مكونات‪ :‬وجود مشروع‪ /‬يهدف إلى المساهمة في تنمية االقتصاد‬
‫التونسي ‪ /‬مشروع في خطر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أهمية هذا التعريف هي في الواقع أن النشاط االستثماري يختلف عن األنشطة‬
‫األخرى مثل التجارة والصناعة حيث يتمتع المستثمر بالمعنى المقصود في‬
‫القانون ‪ 2016‬بعدة حريات‪.‬‬
‫القسم ‪ :2‬مجال حرية المستثمر‬
‫سنركز على مبدأ حرية االستثمار (الفقرة ‪ ، )1‬قبل الحديث عن تطبيقاته (الفقرة‬
‫‪.)2‬‬
‫الفقرة ‪ :1‬مبدأ حرية االستثمار ‪:‬‬
‫مبدأ حرية االستثمار يدعو إلى التساؤل ليس فقط حول أسسها بل كذلك في‬
‫مجالها‪.‬‬
‫أ‪ -‬األساس‪:‬‬
‫ضمن معنى الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 4‬من قانون ‪ ، 2016‬االستثمار مجاني ‪ ،‬إنه مبدأ‬
‫حرية االستثمار الذي يأتي لتأكيد االختيار الكالسيكي للمشرع الذي حافظ على‬
‫نفس المبدأ في قانون ‪.1993‬‬
‫هذا الخيار له ما يبرره وهو ان المشرع التونسي يريد الترويج بشكل أفضل‬
‫لالستثمارات وذلك لجذب المستثمرين ورلضمان وصولهم المجاني إلى السوق‪.‬‬
‫تم تأكيد هذا األساس لحرية االستثمار بشكل صريح في الفصل‪ 1‬من القانون‬
‫‪ 2016‬في األحكام العامة والتي بموجبها يهدف هذا القانون إلى تشجيع االستثمار‬
‫وتشجيع على إنشاءها وتطويرها وفقًا ألولويات االقتصاد الوطني‪ .‬من الواضح أن‬
‫الهدف من القانون يبرر الخيارات الليبرالية للمشرع‪ .‬ومع ذلك وبغض النظر عن‬
‫األساسيات المعروضة ‪ ،‬هناك بعض القيود على هذه الحرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬المجال‪:‬‬
‫هل حرية االستثمار مطلقة؟‬
‫من األفضل قراءة تنوع الحريات التي تميل بنا إلى التفكير في الحرية المطلقة ‪،‬‬
‫ولكن القراءة التحليلية للفصل ‪ 4‬تسمح بصياغة بعض التحفظات هي أحكام الفقرة‬
‫‪ 2‬من الفصل‪ . 4‬في الواقع ‪ ،‬بعد تأكيد مبدأ الحرية ‪ ،‬نص المشرع التونسي على‬
‫أن "تراعي عمليات االستثمار التشريع الخاص بممارسة األنشطة االقتصادية"‪.‬‬
‫تدعو هذا الفقرة إلى الخوض في العديد من المالحظات وهي قبل أن يستفيد‬

‫‪5‬‬
‫المستثمر مسبقا ً من الحرية تفرض عليه عدة قيود‪ .‬وفي هذا الصدد ‪ ،‬ينبغي التأكيد‬
‫على أن عمليات االستثمار يجب أن تحترم نفس التراخيص للجهات االقتصادية‬
‫الفاعلة األخرى‪ .‬بتعبير أكثر صراحة إذا كان المشروع االستثماري مرتب ً‬
‫طا‬
‫بتطوير التجارة ‪ ،‬فيجب أن يكون لدى المستثمر المقيم في تونس جميع التراخيص‬
‫المتعلقة بممارسة التجارة ‪ ،‬حتى لو كان المشروع متعلقًا بالصناعة ‪ ،‬فسيكون من‬
‫الضروري أن يحصل المستثمر على جميع التراخيص لممارسة هذه الصناعة‪.‬‬
‫هذا يثير مسألة ما هو الفرق بين االستثمار والجهات الفاعلة االقتصادية األخرى‪.‬‬
‫بالنسبة لهذا السؤال ‪ ،‬يبدو أن المشرع قد استجاب لمصلحة االستثمار مقارنةً‬
‫بالجهات الفاعلة االقتصادية بما يتم االحتفاظ به حرية التطبيق‪.‬‬
‫الفقرة ‪ :2‬حرية التطبيق‪:‬‬
‫الفصلين ‪ 5‬و ‪ 9‬هما اللتان تكرسان عالمات مختلفة للحرية الممنوحة للمستثمر‪.‬‬
‫سننظر في الحرية بالمعنى المقصود في الفصل‪ 5‬والحرية بالمعنى المقصود في‬
‫الفصل ‪ 9‬على التوالي‪.‬‬
‫أ‪-‬الحرية على معنى الفصل ‪:5‬‬
‫على معنى الفصل ‪ ، 5‬المستثمر حر في امتالك العقارات غير الفالحية و تسوغها‬
‫و استغاللها إلنجاز عمليات استثمار مباشر أو مواصلتها مع مراعاة مجلة التهيئة‬
‫الترابيزة والتعمير وأمثلة التهيئة الترابية‪ .‬من هذا الفصل يمكننا أن نأكد أن‬
‫المشرع عزز حرية المستثمر من خالل السماح على قدم المساواة ‪ ،‬للمستثمر‬
‫التونسي والمستثمر األجنبي في الحصول على العقارات غير الفالحية‪ .‬و للتذكر‬
‫فإن المستثمر األجنبي على عكس المواطن األجنبي العادي ليس مطالب‬
‫بالحصول على إذن من الحكومة ‪ ،‬وهو مفروض على األجانب عندما يرغبون في‬
‫الحصول على األراضي غير الزراعية أن يحصلوا على إذن من الحكومة‪.‬‬
‫الحديث هنا عن االمتياز الذي يتمتع به المستثمروقال االقتصاديون في هذا الصدد‬
‫"دعه يعمل دعه يمر" ‪ ،‬فالحد الوحيد هو االمتثال لمجلة التهيئة الترابيزة و‬
‫التعمير‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحرية على معنى الفصل ‪:9‬‬
‫على معنى الفصل ‪ 9‬من قانون ‪ ، 2016‬يحق للمستثمرين تحويل رؤوس أموالهم‬
‫إلى الخارج بالعملة األجنبية وفقًا لتشريعات القانون الصرفي‪ .‬هذه الحرية تعود‬

‫‪6‬‬
‫بالنفع على المستثمر الذي ال توجد لديه قيود ذات طبيعة جامحة ومع ذلك يجب‬
‫عليه احترام تشريعات القانون الصرفي في تونس‪ .‬كل هذه الحريات التي استفاد‬
‫منها المستثمر يمكن أن تصبح إشكاال عندما يسيء المستثمر ممارساتها ‪ ،‬في حالة‬
‫سوء الممارسة ‪ ،‬يمكن للدولة التونسية اتخاذ إجراءات قانونية ضد المستثمر‪ .‬أي‬
‫نوع من العدالة؟ يجيب الفصل ‪ 6‬من القانون على هذا السؤال من خالل تكريس‬
‫طرق بديلة لحل النزاعات‪.‬‬

‫الفصل ‪ :2‬الطرق البديلة لفض النزاعات‪:‬‬


‫االستثمار ‪ ،‬مثل التجارة الدولية ‪ ،‬ال يمكن أن يستوعب عدالة الدولة ألنه يحتوي‬
‫على العديد من العيوب‪ .‬هذا هو السبب في اعتماد المشرع التونسي لطرق بديلة‬
‫لتنظيم االستثمار‪ .‬إن الفهم األفضل لحل النزاعات البديلة (القسم ‪ )2‬يفترض مسبقًا‬
‫مناقشة عيوب العدالة في الدولة (القسم ‪.)1‬‬
‫القسم ‪ :1‬عيوب اللجوء للقضاء العمومي‪:‬‬
‫القضاء العمومي يترجم السلطة القضائية باعتبارها السلطة الثالثة التي تضاف إلى‬
‫السلطات التنفيذية والتشريعية ‪ ،‬وهي سلطة يمارسها قضاة الدولة المعينون رسميا ً‬
‫في سياق التوظيف على أساس المناظرة الوطنية‪ .‬يمكن أن تكون عدالة الدولة‬
‫عدالة قضائية أو إدارية تحكمها في جانبها القضائي أحكام مجلة اإلجراءات‬
‫المدنية والتجارية‪.‬‬
‫إن عدالة الدولة على النحو المحدد سابقًا لها في الواقع العديد من العيوب ‪ ،‬بما في‬
‫ذلك بطء اإلجراء وطبيعته العلنية‪ .‬فيما يتعلق بالبطء ‪ ،‬من الضروري أن نتذكر‬
‫أن ممارسة العدالة التونسية تدل على بطء اإلجراءات التي يمكن أن تصل إلى‬
‫ضا الطابع العام لإلجراء ‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫شهور وسنوات قبل أن تقرر ذلك تؤكد أي ً‬
‫جلسات االستماع علنية لدرجة أن الصحفيين يدخلون قاعة المحكمة في معظم‬
‫األحيان ويحيطون علما بحقائق القضية لنشرها في مقاالت صحفية ‪ ،‬وهو أمر قد‬
‫ال يكون مناسبًا للمستثمرين الذين لديهم الثقة واالئتمان تجاها شركائهم ‪ ،‬لذلك ال‬
‫يمكن للعدالة الدولة تلبية حاجة المستثمرين الذين يسعون إلى استبدال العدالة‬
‫البديلة‪ .‬في الواقع ‪ ،‬سعى المشرع الدولي والمشرع الوطني جميعًا إلى إنشاء طرق‬
‫بديلة لتلبية احتياجات المستثمرين‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫القسم ‪ :2‬الطرق البديلة للفض النزاعات في مادة االستثمار‪:‬‬
‫سيكون من المناسب هنا تحديد طرق بديلة لتسوية المنازعات (الفقرة ‪ )1‬قبل‬
‫النظر فيها في قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪( 2016‬الفقرة ‪.)2‬‬
‫الفقرة ‪ :1‬تعريف الطرق البديلة للفض النزاعات‪:‬‬
‫الطرق البديلة للفض النزاعات تعني التحكيم و الوساطة و المصالحة‪.‬‬
‫أ‪ -‬التحكيم‪:‬‬
‫إنها ممارسة قديمة جدًا عرفناها في حضارتنا العربية اإلسالمية ‪ ،‬خاصة فيما‬
‫يتعلق باألحوال الشخصية ‪ ،‬فقد عرفنا التحكيم مثل الوضع الخاص لتسوية‬
‫النازعات بين الزوجين الموكوالن باألسرة‪ .‬في العصر الحديث وبالتحديد في‬
‫نهاية القرن التاسع عشر عرف والدة جديدة للتحكيم هذه المرة في التجارة الدولية‬
‫واالستثمارات الدولية التي تبرر والدة جديدة للتحكيم من االتفاقيات الدولية التي تم‬
‫التوقيع عليها منذ بداية القرن ‪ 20‬لالعتراف بأن التحكيم يعتبر وسيلة بديلة للتسوية‬
‫النزاعات في التجارة الدولية واالستثمار ‪ ،‬وهذا هي وسيلة خاصة لتسوية‬
‫النزاعات الناشئة عن المعامالت المدنية أو التجارية والتي يقررها قضاة خاصون‬
‫يعينون في اتفاقية تحكيم وقد تتخذ شكل اتفاق على التحكيم أو شرط تحكيم‪.‬‬
‫نظرا ألن التحكيم من القوانين الخاصة قد تم تكريسه بواسطة المشرع التونسي في‬
‫ً‬
‫مجلة التحكيم لسنة ‪ ، 1993‬فإن الفصل ‪ 1‬من المجلة يعرف التحكيم اما بالنسبة‬
‫للفصل ‪ 2‬فيعرف اتفاقية التحكيم وتميز بين شكالن من هذه االتفاقية‪ :‬الشرط‬
‫التوفيقي واالتفاق على التحكيم‬
‫فيما يتعلق بشرط التحكيم ‪ ،‬فهذا يعني بيانًا مضمنًا في االتفاقية الرئيسية بأن‬
‫األطراف في العقد توافقوا على اللجوء إلى التحكيم في حالة حدوث نزاع ينشأ عند‬
‫تنفيذ العقد‪.‬‬
‫أما بالنسبة لالتفاق على التحكيم ‪ ،‬فهذا يعني أن موافقة الطرفين في العقد على‬
‫اللجوء إلى التحكيم في حال وقوع نزاع فعلي‪.‬‬
‫تشير ممارسة التحكيم في تونس إلى أهمية متزايدة على اللجوء إلى التحكيم من‬
‫قبل مشغلي التجارة الدولية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫اليوم ‪ ،‬يتم التنافس إلى حد كبير بين التحكيم و الوساطة والمصلحة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوساطة‪:‬‬
‫مثل التحكيم ‪ ،‬الوساطة هي طريقة بديلة لتسوية النزاعات معروفة بدورها سابقًا‬
‫في الشريعة اإلسالمية ومشوشة إلى حد كبير مع التحكيم اليوم ‪ ،‬تحتل الوساطة‬
‫وضعًا مستقالً مقارنة بالتحكيم ‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬يتم مصادرتها مع المصالحة‪.‬‬
‫ماذا يعني بالوساطة؟‬
‫الوساطة هي فعل قانوني يعهد به للوسيط وفقًا التفاق الطرفين الذي سيكون‬
‫مسؤوالً عن جلب الطرفين المتنازعين ‪ .‬الوسيط مؤهل إلحضار أطراف النزاع و‬
‫ال يحل النزاع ‪ ،‬بل يقتصر على اقتراح الحلول التي سوف تعتمدها أو لن تعتمدها‬
‫األطراف‪ .‬إذا رفض الطرفان الحلول التي اقترحها الوسيط فإننا نتحدث عن الفشل‬
‫‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬إذا قبلوا الحلول ‪ ،‬فسوف يوقعون على اتفاقية وساطة سيتم تنفيذها‬
‫في فعل المعاملة (الفصل ‪ 1458‬مجلة االلتزامات والعقود) يعرف الوساطة أو‬
‫يميزها عن المصالحة‪.‬‬
‫ج‪ -‬المصالحة‪:‬‬
‫إنها مشابهة للوساطة بمعنى أن أطراف النزاع تقترح مهمة محددة للمصالح ‪،‬‬
‫وهي مهمة إيجاد حل لنزاعهم ‪ ،‬على عكس الوساطة التي يكون فيها الوسيط‬
‫مسؤوالً عن إبرام االتفاق ‪ ،‬يتجاوز المصالح مرحلة إحضار األطراف في االتفاق‬
‫القتراح الحلول وتسوية النزاع‪ .‬دور المصالح هو أكثر فعالية من دور الوسيط في‬
‫الممارسة ‪ ،‬ولكن التمييز بين الوساطة والمصالحة هو دائما نتيجة لتداخل‬
‫المصطلحات‪ .‬في قانون االستثمار التونسي ‪ ،‬اختار المشرع أن يتحدث عن‬
‫المصالحة أكثر من الوساطة‪.‬‬
‫الفقرة ‪ :2‬طرق بديلة لتسوية المنازعات بالمعنى المقصود في‬
‫قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪:2016‬‬
‫قانون االستثمار كما نظمه قانون سنة ‪ 2016‬له عنوان ‪ 6‬لتسوية النزاعات‬
‫االستثمارية‪.‬فيه الفصول ‪،25 ،24 ،23‬‬

‫‪9‬‬
‫القراءة األولى لهذه الفصول الثالث بالتأكيد من ناحية على اعتماد المشرع‬
‫التونسي للطرق البديلة لتسوية المنازعات ‪ ،‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬نؤيد المصالحة‬
‫مقارنة بالوسائط األخرى ‪ ،‬وبشكل أكثر دقة يحتفظ التصنيف التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬المصالحة‬
‫‪ -2‬التحكيم‬
‫‪ -3‬عدالة الدولة‬
‫تعمل هذه األنماط الثالثة وفقًا إلجراءات محددة جيدًا والتي تختلف وفقًا لما إذا كان‬
‫المستثمر تونسيًا أو أجنبيًا ‪ ،‬وبالتالي نظرا الهميتها سنتطرق إلى قراءة مزدوجة‬
‫تحليلية ونقدية للفصول ‪ 23‬و ‪ 24‬و ‪.25‬‬
‫أ‪ -‬الفصل ‪:23‬‬
‫وفقًا للفصل ‪" 23‬يسوى كل نزاع يطرأ بين الدولة التونسية و المستثمر بمناسبة‬
‫تأويل أو تطبيق أحكام هذا القانون وفق إجراءات المصالحة إال إذا تخلى أحد‬
‫األطراف كتابيا‬
‫لألطراف حرية االتفاق على اإلجراءات و القواعد التي تحكم المصالحة وفي‬
‫غياب ذلك يطبق نظام المصالحة للجنة االمم المتحدة للقانون التجارة الدولي‬
‫عندما يبرم األطراف عقد صلح يقوم هذا الصلح مقام القانون بينهم ويوصلون به‬
‫مع تمام األمانة وفي أقرب االجال‪" .‬‬
‫سوف نشرع في تحليل الفقرات األربع‪.‬‬
‫‪(1‬الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪:23‬‬
‫تشير هذه الفقرة صراحة إلى اللجوء إلى الصلح باعتباره الوسيلة الرئيسية لتسوية‬
‫النزاعات ‪ ،‬ولكن لدينا تحفظات على صياغة الفقرة‪ .‬نحن نعتبر أن اختيار الصلح‬
‫كوسيلة لتسوية النزاعات هو خيار معيب في صياغة الفقرة ‪ 1‬التي تدعو إلى‬
‫التعديل إلعطاء الصلح الفائدة التي يتمتع بها كوسيلة لحل النزاعات‪ .‬طريقة بديلة‬
‫لتسوية المنازعات المتعلقة باالستثمار‪ .‬في الواقع ‪ ،‬من أجل التمسك بالقواعد كما‬
‫هي منصوص عليها في الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ ، 23‬تجدر اإلشارة إلى أن الصلح ال‬

‫‪10‬‬
‫يشكل تناقض عند تنفيذ عقد االستثمار ولكنه يتعلق بالنزاعات الناشئة عن التفسير‬
‫و التنفيذ للقانون االستثمار لعام ‪.2016‬‬
‫في هذا الصدد ‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن النزاعات المتعلقة بتفسير القانون ينقسم الى‬
‫اتجاهين مختلفين ‪ ،‬اما من جانب المشرع عند تفسير القانون أو من قبل القاضي‬
‫عندما يطبق القانون‪.‬‬
‫ال يتمتع المصالح بسلطة تفسير القانون ‪ ،‬فسلطته هي تسوية نزاع حول االستثمار‪.‬‬
‫في الختام ‪ ،‬ال يزال اللجوء إلى المصالحة وسيلة انتصاف رسمية ورمزية لم تكن‬
‫عملية إال فيما يتعلق بتعديل صياغة الفصل ‪ 23‬والتغيير الالزم في موضوع‬
‫النزاع‪ .‬لتطبيق القانون الصيغة التالية‪" :‬تفسير وتنفيذ عقد االستثمار"‪.‬‬
‫يجب صياغة الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 23‬على النحو التالي‪" :‬أي نزاع بين الدولة‬
‫التونسية والمستثمر ينشأ عند نشأة وتنفيذ عقد االستثمار يتم تسويته عن طريق‬
‫الصلح ما لم يقم أحد الطرفين برفضها كتابيا‪ .‬إذا احتفظ المشرع بهذه الصيغة‬
‫الجديدة للفصل ‪ ، 23‬فسيكون بإمكانه إعطاء المصالحة مكانه الحقيقي كطريقة‬
‫بديلة لتسوية المنازعات المتعلقة باالستثمار‪.‬‬
‫‪ )2‬الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪: 23‬‬
‫ال تثير هذه الفقرة أي تحفظات على صياغتها‪ .‬حيث تنص الفقرة على"لالطراف‬
‫حرية االتفاق على إجراءات والقواعد التي تحكم المصالحة‪" . ..‬‬
‫ويترتب على هذه القاعدة اعتماد المشرع التونسي لمبدأ استقالل إرادة األطراف ‪،‬‬
‫وبهذا التبني يلتزم المشرع صراحة بتوافق دولي يحافظ على مبادئ استقالل‬
‫اإلرادة كشرط رئيسي للطرق البديل للفض النزاعات والتجارة الدولية بشكل عام‪.‬‬
‫واألفضل من ذلك أن المشرع احتفظ بمفهوم واسع الستقاللية اإلرادة ‪ ،‬إنها مسألة‬
‫ضا استقالل أساسي‪.‬‬
‫استقالل إجرائي ولكن أي ً‬
‫يستمد االستقاللية اإلجرائية من شكل النص (لألطراف حرية االتفاق على‬
‫اإلجراءات التي و القواعد التي تحكم المصالحة)‪ .‬واالستقالل األساسي مستمد من‬
‫النص القائل "لألطراف حرية اختيار القواعد التي تحكم المصالحة"‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫في التنفيذ‪ ،‬عندما يتفق الطرفان على اللجوء إلى المصالحة‪ ،‬يجب أن يشتمل عقد‬
‫ثان يحدد القواعد‬
‫االستثمار على بند مزدوج يشير إلى اإلجراء المعمول به وشرط ٍ‬
‫الموضوعية التي تحكم المصالحة‪.‬‬
‫يثير هذا السؤال حول ماهو الحل عندما ال ينص الطرفان على شرط المصالحة‬
‫في عقد االستثمار‪ .‬الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ ،23‬تجيب على هذا السؤال‬

‫‪ )3‬الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪: 23‬‬


‫وفقًا لهذه الفقرة "وفي غياب ذلك يطبق نظام المصالحة للجنة األمم المتحدة‬
‫للقانون التجارة الدولي‪" .‬‬
‫تسمح لنا القراءة النقدية لهذا الجزء أوالً وقبل كل شيء بتسليط الضوء على ميزة‬
‫المشرع وهي التزامه الصريح باإلجماع الدولي للتشريعات في مجال الطرق‬
‫البديلة لتسوية النزاعات‪ .‬مهما كانت مجاعة الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ 23‬فإنها تثير‬
‫بعض التحفظات على تحديد القواعد المنظمة من قبل لجنة األمم المتحدة للقانون‬
‫التجاري الدولي بشأن المصالحة‪ .‬ماذا سيكون هذا التنظيم؟‬
‫لإلجابة على هذا السؤال ‪ ،‬ينبغي أن نتذكر أن لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري‬
‫الدولي قد أنشأت ألول مرة لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لسنة‬
‫‪ 1980‬المتعلقة بالمصالحة‪ .‬إن الالئحة تم تعديلها فيما بعد ‪ ،‬وصمت المشرع‬
‫التونسي بشأن تحديد التسوية يفترض مسبقًا اإلشارة إلى الئحة ‪ ، 1980‬أي تعديل‬
‫مدرج في الممارسة يشير إلى اختصاص المصالح من أجل تطبيق أفضل للنظام‬
‫الداخلي للمصالحة‪ .‬و في اتجاه هذه القواعد يمكن أن تعرف المصالحة مخرجين‬
‫مختلفين ‪ ،‬إما الفشل أو النجاح‪ .‬ينظم الفصل ‪ 24‬فرضية فشل المصالحة ‪ ،‬بينما‬
‫تنظم الفقرة ‪ 4‬من الفصل ‪ 23‬فرضية نجاح المصالخة‪.‬‬
‫‪ )4‬الفقرة ‪ 4‬من الفصل ‪: 23‬‬

‫‪12‬‬
‫"عندما يبرم األطراف عقد صلح يقوم هذا الصلح مقام القانون بينهم ويوصلون به‬
‫مع تمام األمانة وفي أقر االجال‪.‬‬
‫ويضيف عالوة ذلك فإن المشرع يعود في هذه الفقرة إلى أحكام مجلة االلتزامات‬
‫و العقود وتشير بالتحديد إلى الفصل ‪ 1458‬الذي ينص على عقد االزمة بعد ذلك‬
‫تتم اإلشارة إلى الفصب ‪ 243‬المتعلقة بحسن نية في أداء العقود‪.‬‬
‫بالنسبة لإلضافة ‪ ،‬يتعلق األمر بمبدأ التنفيذ في أسرع وقت ممكن‪ .‬هذا مبدأ جديد‬
‫يستوعب السرعة التي يجب أن تميز اإلجراء البديل للمصالحة والتحكيم‪.‬‬

‫ب‪ -‬الفصل ‪:24‬‬

‫ينظم الفصل ‪ 24‬من قانون ‪ 2016‬تسوية النزاعات الناشئة عن عقد االستثمار‬


‫المبرم بين الدولة والمستثمر‪ .‬يميز الفصل ‪ 24‬بين فرضيتين االستثمار الوطني‬
‫واالستثمار الدولي‪ .‬تتعلق الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 24‬بتسوية النزاعات بين الدولة‬
‫التونسية والمستثمر األجنبي ‪ ،‬بينما تنظم الفقرة‪ 2‬فرضية النزاع الذي ينشأ بين‬
‫الدولة التونسية والمستثمر التونسي‪ .‬لذلك يتعين علينا التعليق على كل من الفقرة ‪1‬‬
‫من الفصل ‪ 24‬و الفقرة من الفصل ‪.24‬‬
‫‪ )1‬الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪:24‬‬
‫وفقًا لهذه المادة‪" :‬عند تعذر تسوية النزاع الناشى بين الدولة التونسية و المستثمر‬
‫األجنبي بالمصلحة يمكن اللجوء إلى التحكيم بمقتضى اتفاقية بين الطرفين ‪" .‬‬
‫تتيح القراءة التحليلية للفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 24‬على التأكيد علي التحكيم كوسيلة‬
‫بديلة لتسوية النزاعات‪ .‬إن قراءة هذه الفصل يدعونا في الواقع إلى التفكير في‬
‫فكرتين رئيسيتين‪ :‬شروط اللجوء إلى التحكيم (أ) واللجوء إلى التحكيم في حد ذاته‬
‫(ب)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫أ) الشروط األساسية للجوء إلى التحكيم‪:‬‬
‫للجوء إلى التحكيم البد من التثبت من وجود شرطين ‪:‬أساسي وذاتي‪.‬‬
‫• الشروط األساسية‪:‬‬
‫يجعل المشرع استحالة المصالحة شرطا أساسيا للجوء إلى التحكيم ‪ ،‬في الواقع ‪،‬‬
‫يجب على الطرف الذي يسعى للتحكيم أن يبرر في مطالبته فشل المصالحة‪ .‬يمكن‬
‫تبرير هذا الفشل بأية وسيلة (تقرير موقع من المصلح‪ ،‬أو رسالة من أحد الطرفين‬
‫دليل على فشل المصالحة أو أي مستند آخر)‪ .‬هذه المرونة في إثبات فشل‬
‫المصالحة تبررها في الواقع من خالل الترويج الالزم للتحكيم ‪ ،‬وبعبارة أخرى ‪،‬‬
‫ال يمكن كبح استخدام التحكيم من قبل أي شرط ذو طابع رسمي يؤكد استحالة‬
‫المصالحة‪.‬‬
‫اإلثبات حر في الكشف عن فشل المصالحة من خالل العديد من الحجج ‪:‬أوالً من‬
‫المجلة التجارية والبعض اآلخر في قانون التحكيم‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالحجة المستمدة من المجلة التجارية‪ ،‬سيتم أخذها من الفصل ‪496‬‬
‫الذي ينص على أن اإلثبات حر في المادة التجارية‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالحجج المستخلصة من قانون التحكيم ‪ ،‬فإنها ستستمد قدر اإلمكان‬
‫من فلسفة التحكيم و من النصوص الفعلية للتحكيم‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالحجة المستخلصة من الفلسفة ‪ ،‬فهي أن التحكيم هو إجراء قائم على‬
‫ضا إجراء تحقيق‬
‫حرية واستقاللية األطراف ‪ ،‬وهو ما يبرر حرية األثبات‪ .‬إنه أي ً‬
‫سريع ‪ ،‬والسرعة تتكيف مع مرونة وحرية األثبات‪.‬‬
‫أضف إلى كل هذا مبدأنا المتمثل في معرفة مبدأ حسن النية‬
‫أخيرا ‪ ،‬فيما يتعلق بالحجة المستخلصة من النصوص ‪ ،‬نذكر في هذا الصدد‬ ‫ً‬
‫بأحكام الفصل ‪ 6‬من قانون التحكيم ‪ ،‬والتي تأخذ وجهة نظر واسعة جدًا إلثبات‬
‫اتفاق التحكيم سواء كان كتب رسميا أو خط يد أو محضر جلسة محرر لدى هيئة‬
‫التحكيم التي وقع اختيارها‪.‬‬
‫عن طريق القياس على هذه المادة التي تهم إثبات اتفاقية التحكيم بشكل عام ‪،‬‬
‫سنكون قادرين على تأكيد نفس الحل في مسألة االستثمار التحكيم‪ .‬عالوة على ذلك‬
‫‪ ،‬يعد التحكيم في االستثمار أحد المجاالت التي يتم فيها تطوير حرية األطراف‬

‫‪14‬‬
‫• الشروط الذاتية‪:‬‬
‫إن اللجوء إلى التحكيم بالمعنى المقصود في الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 24‬يفترض‬
‫مسبقا ً وجود نزاع بين المستثمر األجنبي والدولة التونسية‪ .‬المشكل ليس فيما يتعلق‬
‫بتعريف المستثمر األجنبي بما ان وجد تعريف صريح في الفصل‪ .3‬من ناحية‬
‫أخرى تكمن المشكلة في تعريف الدولة التونسية على أنها مفهوم صارم مرادف‬
‫لوضع الشخص االعتبار وينبغي ان يفهم على أنه مفهوم واسع يمتد كذلك للشخص‬
‫المعنوي للدولة‬
‫وبالنظر إلى مختلف الحجج لصالح التحكيم وعلى وجه الخصوص أخذ تعزيز‬
‫الضروري التحكيم‪ ،‬يجب على الدولة التونسية توافق على معنى آخر لمفهوم‬
‫واسع يمتد الى كل من الدولة التونسية واجهزتهاالمختلفة‪ .‬ويبرر هذه القراءة في‬
‫ممارسة االستثمار‪ ،‬وعادة ما يتم التوقيع على عقد استثمار بين المستثمر األجنبي‬
‫واحدة من أجهزة الدولة (الوزارات ‪ .)..‬عندما يتم تبرير هذه الشروط المسبقة ‪،‬‬
‫سيتم اللجوء إلى التحكيم‪.‬‬
‫ب) اللجوء إلى التحكيم‪:‬‬
‫عندما يعارض التحكيم الحكومة التونسية لمستثمر أجنبي يجوز عرض النزاع‬
‫على التحكيم وفقا التفاق محدد بين الطرفين حسب ما جاء بالفصل ‪ 24‬في فقرته‬
‫األولى حيث ينظم كل من مبدأ اللجوء إلى التحكيم و شروط اللجوء‪.‬‬
‫• مبدأ اللجوء‪:‬‬
‫يجب احترام نص الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ ، 24‬وسوف نؤكد على الصيغة التالية‬
‫"يمكن اللجوء إلى التحكيم"‪ .‬على أساس هذه الصيغة ‪ ،‬سنذ ّكر بالطبيعة التقليدية‬
‫للجوء إلى التحكيم ‪ ،‬الذي يحول دون الطابع اإللزامي لهذا األخير والذي ال يزال‬
‫ميزة استثنائية موجودة في بعض التخصصات القانونية المدرجة في المعاهدات‬
‫الدولية ‪ ،‬والتي تؤكد مرة أخرى أنه حتى عندما يكون التحكيم هو التحكيم فإنه ال‬
‫يزال تقليديًا‪ .‬يجب أن يكون التحكيم كطريقة تقليدية للتسوية باتفاق الطرفين‪ .‬في‬
‫حالة عدم وجود اتفاق ‪ ،‬ويجب على األطراف اللجوء إلزاميا ً إلى قضاء الدولة‬
‫عندما يكون المستثمر األجنبي وهذا هو افتراض الفصل ‪ 24‬الفقرة ‪ 1‬على أن‬
‫اتفاقية التحكيم وحدها ليست كافية للجوء إلى التحكيم ‪ ،‬يجب أن تكون االتفاقية‬
‫محددة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫شروط اللجوء إلى التحكيم‪:‬‬
‫االتفاقيات الخاصة للجوء إلى التحكيم هو صيغة تختلف عن الصيغ المستخدمة في‬
‫قمجلة التحكيم والتي ال تقدم أي اقتباس من الصيغة االتفاقيات الخصة‪ .‬يصبح‬
‫واض ًحا إذن أنه لفهم الصيغة االتفاق الخاص على النحو الوارد في الفقرة ‪ 1‬من‬
‫الفصل ‪ .24‬يجب التذكير بالقانون العام التفاقية التحكيم‪.‬‬
‫يخضع قانون التحكيم العام لقانون التحكيم لعام ‪ 1993‬وبشكل خاص كتابه األول‬
‫حول األحكام العامة‪.‬‬
‫وفقًا للفصل ‪ 3‬من المجلة‪ ،‬يكون التفاق التحكيم شكالن مختلفان‪ :‬شرط تحكيمي‬
‫من جهة و اتفاق تحكيمي من جهة أخرى‪.‬‬
‫بالنسبة لشرط التحكيم ‪ ،‬فهو مرادف للشرط الوارد في عقد االستثمار والذي ينص‬
‫على أنه عندما يكون هناك نزاع ‪ ،‬سيتم تسوية هذا النزاع عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫وبالتالي ‪ ،‬فإن شرط التحكيم يعارض أي مواصفات للتقاضي‪ .‬من ناحية أخرى ‪،‬‬
‫يفترض االتفاق على التحكيم في صورة وقوع نزاع يتم تحديد ما يتعلق بحقائقه‬
‫والجهات الفاعلة فيه ‪ ،‬يمكن للمرء بعد ذلك التحدث عن نزاع معين‪ .‬سيكون الحل‬
‫الوسط هو اإلطار القانوني الذي تتفق فيه األطراف على اللجوء إلى التحكيم لحل‬
‫النزاع الحالي الذي ينشأ بين الدولة التونسية والمستثمر ‪ ،‬ومن ثم يفترض الحل‬
‫الوسطي تحديد النزاع‪ .‬هذه اتفاقية محددة‪.‬‬
‫إن التطبيق األفضل لقواعد القانون االحكام العامة بموجب الفصل ‪ 3‬يتيح لنا‬
‫التمييز بين اتفاق محدد (اتفاق على التحكيم) وغير محدد (شرط التحكيم) وبقدر ما‬
‫يحتفظ الفصل ‪ 24‬في فقرته األولى على اتفاقية تحكيم كشرط للجوء إلى التحكيم ‪،‬‬
‫يمكننا أن نؤكد أن اتفاقية التحكيم هو وحده الذي يبرر اللجوء إلى التحكيم على‬
‫أساس الفصل ‪ 14‬فقرة ‪ ، 1‬وبالتالي يتم رفض شرط التحكيم‪.‬‬
‫يفسر هذا الخيار للمشرع برغبته في ترشيد اللجوء المنتظم تقريبا ضد الدولة‬
‫التونسية من قبل المستثمرين األجانب ‪ ،‬والحل سيكون مختلفا مع المستثمر‬
‫التونسي‪.‬‬

‫‪ )2‬الفصل ‪ 24‬فقرة ‪:2‬‬

‫‪16‬‬
‫وفقًا ألحكام الفصل ‪ 24‬فقرة ‪" 2‬عند تعذر تسوية النزاع الناشئ بين الدولة‬
‫التونسية والمستثمر التونسي بالمصلحة وكانت له موضوعيا صبغة دولية يمكن‬
‫لألطراف عرضه على التحكيم بمقتضى اتفاقية تحكيم و تخضع عند إجراءات‬
‫التحكيم الحكام مجلة التحكيم "‪.‬‬
‫تسمح لنا القراءة الحرفية للفقرة الثانية م الفصل ‪ 24‬بأن نذكر أن اللجوء إلى‬
‫التحكيم (أ) يخضع لشروط معينة (ب)‪.‬‬
‫أ) اللجوء إلى التحكيم‪:‬‬
‫الفصل ‪24‬الفقرة ‪ 2‬تنظم فرضية تسوية النزاع عن طريق التحكيم عندما يكون‬
‫النزاع بين الدولة التونسية والمستثمر التونسي يمكننا عندئذ النظر في فرضية‬
‫التحكيم الداخلي ألن الطرفين تونسيون إذا احتفظوا بفرضية اللجوء إلى التحكيم‪.‬‬
‫عندما يكون النزاع داخليًا ‪ ،‬يكون هناك خطر االعتراف باستثناء في الفصل ‪ 7‬من‬
‫مجلة التحكيم الذي ال يعترف باللجوء إلى التحكيم عندما تكون الدولة التونسية‬
‫طرفًا فقط بل عندما يتعلق النزاع بالتجارة الدولية من حيث الطابع الدولي‬
‫تذكيرا بأحكام الفصل ‪ 7‬من مجلة‬
‫ً‬ ‫للتحكيم‪ .‬إن الفهم األفضل لهذه الفكرة سيتضمن‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫وفقًا للفصل ‪ 7‬من مجلة التحكيم ‪ ،‬هناك أمور ال يمكن تقديمها إلى التحكيم تحت‬
‫أي ظرف من الظروف والتي يحددها المشرع بطريقة محدودة ‪ ،‬والمواضيع التي‬
‫تهم النظام العام ‪ ،‬والمسائل التي تتعلق بالجنسية واألحوال الشخصية والمسائل‬
‫المتعلقة بالدولة التونسية باستثناء الحاالت التي يؤثر فيها النزاع على مصالح‬
‫التجارة الدولية‪ .‬يستنتج من هذه المقالة أن الدولة التونسية ال يمكن من حيث المبدأ‬
‫أن تتورط في نزاع ذي طابع وطني أمام التحكيم لسبب بسيط هو أن هذه‬
‫المنازعات يجب أن تبت فيها المحكمة ااإلدارية‪.‬يلخص الفصل ‪7‬عندما تكون‬
‫الدولة قابلة للتقاضي من حيث المبدأ ‪ ،‬ال يمكن للدولة التونسية اللجوء إلى التحكيم‪.‬‬
‫بشكل استثنائي ‪ ،‬قد تلجأ الدولة التونسية إلى التحكيم عندما يحتوي النزاع الدولي‬
‫المحدد في الفصل ‪ 48‬من مجلة التحكيم على معايير موضوعية وموضوعية‬
‫للتداول‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫و بالرجوع للسؤال عن العلبة بين الفصل ‪ 7‬من مجلة التحكيم و الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 24‬من قانون ‪ ،2016‬ينبغي تحليل شروط اللجوء إلى التحكيم بالمعنى‬
‫المقصود في الفصل ‪ 24‬فقرة (‪.)2‬‬
‫ب) شروط اللجوء إلى التحكيم‪:‬‬
‫من أجل اللجوء إلى التحكيم بالمعنى المقصود في الفصل ‪ 24‬فقرة (‪ ، )2‬نجد‬
‫نوعين من الشروط‪ :‬ذاتية فيما يتعلق بشخص الخصوم وموضوعي المتعلق‬
‫باللجوء إلى التحكيم‪.‬‬
‫• الشروط الذاتية‪:‬‬
‫يجب التأكيد على أن اللجوء إلى التحكيم ينطوي على التحقق من وضع مزدوج ‪،‬‬
‫مستثمر تونسي ودولة تونسية‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالمستثمر التونسي ‪ ،‬سيتم البحث في تعريفه وفقا للفصل ‪3‬‬
‫فيما يتعلق بالدولة التونسية ‪ ،‬نذ ّكر بالمالحظات نفسها التي تتمثل في تأكيد المفهوم‬
‫الواسع للدولة التونسية التي تشمل كالً من الدولة التونسية كشخص معنوي‬
‫واجهزتها المختلفة‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ ،‬نالحظ موقف الدولة التونسية المتمثل في إمكانية اللجوء إلى التحكيم من‬
‫قبل الدولة التونسية‪ .‬هذا الموقف يحسم النقاش حول قابلية التحكيم للتقاضي التي‬
‫تنطوي على شخص معنوي محظور سابقًا‪.‬‬
‫تاريخيا ‪ ،‬كان التحكيم مفتوحا فقط لألشخاص الطبيعيين بدون أشخاص المعنويين‬
‫‪ ،‬واألشخاص المرتبطين بفكرة سيادة الدولة مرادفة لسيادة العدالة‪ .‬اليوم لم يعد‬
‫لدى الدول مصدر للسيادة القانونية ‪ ،‬بل مصدر قلق للسيادة االقتصادية‪ :‬كيف يتم‬
‫تعميم المنتج الدولي؟ كيف تجذب المستثمرين؟‬
‫كانت هذه الفكرة وراء االعتراف باللجوء إلى التحكيم من قبل كل من األشخاص‬
‫الطبيعيين والمعنويين‪ ،‬والذي ال يمكن اللجوء إليه إال عن طريق التحكيم الدولي‪.‬‬
‫• الشروط الموضوعية‪:‬‬
‫لللجوء إلى التحكيم ‪ ،‬يجب أن يكون الهدف منه التجارة الدولية و يجب أن يكون‬
‫هناك اتفاقية تحكيم‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫يفرض المشرع التونسي بأن يكون النزاع محل اهتمام التجارة الدولية ‪ ،‬بمعنى‬
‫معيار الدولية الموضوعي بالمعنى المقصود في الفصل ‪ 7‬من مجلة التحكيم‪ .‬هذا‬
‫الشرط الموضوعي يجعل من الممكن تحقيق االنسجام بين الفصل ‪ 24‬الفقرة ‪2‬‬
‫والفصل ‪ 7‬من مجلة التحكيم ‪ .‬ويترتب على ذلك أنه عندما ال يكون النزاع بين‬
‫الدولة التونسية والمستثمر التونسي ألغراض تجارية دولية ‪ ،‬يُحظر اللجوء إلى‬
‫التحكيم ‪ ،‬وستبت المحكمة اإلدارية في النزاع‪.‬‬
‫نالحظ أن المشرع التونسي ال يلتزم بالتطور المعاصر لقانون التحكيم الدولي الذي‬
‫يميز بين التحكيم التجاري الدولي والتحكيم االستثماري‪ .‬على المستوى الدولي‬
‫اليوم ‪ ،‬هناك فرق بين قواعد التحكيم الدولي في االستثمار التي تنظمها معاهدات‬
‫االستثمار الثنائية (معاهدات االستثمار الثنائية) والتحكيم التجاري الدولي الذي‬
‫تحكمه التحكيم الدولي‪.‬‬
‫في الختام ‪ ،‬وإلى الحد الذي يقلل فيه المشرع التونسي االستثمار في التحكيم‬
‫بالمعنى المقصود في الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 24‬إلى التحكيم في التجارة الدولية ‪،‬‬
‫فإن هذا يعني أنه بالنسبة للمشرع التونسي ال يوجد تمييز بين التحكيم االستثماري‬
‫والتحكيم التجاري الدولي‪.‬‬
‫سيكون من المناسب للمشرع التونسي التمييز بين التحكيم في االستثمار والتحكيم‬
‫التجاري الدولي‪ .‬باإلضافة إلى شرط الطابع الدولي الموضوعي للجوء إلى‬
‫التحكيم بالمعنى المقصود في الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ ، 24‬فإنه يفترض مسبقا ً وجود‬
‫اتفاق تحكيم يخضع إلجراءات قانون التحكيم‪.‬‬
‫اتفاق التحكيم‪:‬‬
‫على معنى الفقر ‪ 2‬من الفصل ‪ ، 24‬فإن اللجوء إلى التحكيم يفترض مسبقا ً وجود‬
‫اتفاقية تحكيم ‪ ،‬يبدو أن هناك حاجة إلى مالحظة أساسية هنا ‪ ،‬على عكس الفقر ‪1‬‬
‫من الفصل ‪24‬التي تنظم فرضية النزاع الذي ينشأ بين المستثمر األجنبي والدولة‬
‫التونسية والتي تتطلب اتفاقية تحكيم محددة ‪ ،‬تقتصر الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 24‬على‬
‫اتفاقية تحكيم بسيطة‪.‬‬
‫ما هو مضمون هذه القاعدة وما هو أساسها؟‬

‫‪19‬‬
‫ويترتب على عمومية الصيغة أن اتفاق التحكيم يجب أن يمتد في شكله المزدوج‬
‫للتحكيم وشرط التحكيم وأنه ال يوجد أي سبب الستبعاد شرط التحكيم على معنى‬
‫الفصل ‪ 24‬الفقرة (‪.)1‬‬
‫في الواقع ‪ ،‬فإن عمومية اتفاقية التحكيم ‪ ،‬التي تمتد إلى حد التحكيم ‪ ،‬مبررة بعدم‬
‫وجود أي سبب لحماية الدولة التونسية ‪ ،‬والتي هي أمام مستثمر تونسي وليس‬
‫مستثمر أجنبي‪ .‬ال يوجد خطر من سوء المعاملة عند اللجوء إلى التحكيم على‬
‫أساس اتفاق التحكيم هو قواعد مدونة‬
‫التحكيم الذي ينطبق على أساس أن الفصل‪ 24‬الفقرة ‪ 2‬التي تنص على أن‬
‫"إجراءات التحكيم تخضع لمجلة التحكيم"‪.‬‬
‫يشير المشرع إلى مجلة التحكيم ‪ ،‬خالفًا الفتراض الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 24‬حيث‬
‫التزم الصمت فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق‪ .‬إن صمت المشرع على‬
‫مستوى الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪ 24‬فيما يتعلق بالقانون الواجب تطبيقه على إجراءات‬
‫التحكيم يبرره وجود المستثمر األجنبي الذي ال يستطيع بأي حال من األحوال‬
‫اإلجابة عن التزام الخضوع للقانون التونسي والذي يحكمه دائ ًما مبدأ حرية‬
‫االتفاقيات بما في ذلك حرية االتفاق على القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫عندما يكون المستثمر تونسيًا والدولة تونسية ‪ ،‬ال تنشأ المشكلة وهي تطبيق قواعد‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫ما هي قواعد قانون التحكيم المطبق؟‬
‫بقدر ما تتكون مجلة التحكيم التونسي من ‪ 3‬عناوين مختلفة وهي‪ :‬القواعد العامة‬
‫للتحكيم الداخلي والدولي ‪ ،‬والتحكيم الداخلي ‪ ،‬والتحكيم الدولي ‪ ،‬وبقدر ما الفقرة‬
‫‪ 2‬من الفصل‪ 24‬من القانون ‪ 2016‬يتعلق بالتحكيم الدولي ‪ ،‬يمكننا التأكيد على أن‬
‫قواعد العنوان ‪ 3‬من مجلة التحكيم المتعلقة بالتحكيم الدولي هي التي تنطبق طالما‬
‫أنها ال تتعارض مع القواعد األساسية للفصل ‪ 1‬و وال سيما الفصل ‪ ، 13‬التي‬
‫تنظم قواعد التحكيم األساسية ‪ ،‬وهي قاعدة المساواة ‪ ،‬وقواعد الخصومة ‪ ،‬وقواعد‬
‫حق الدفاع‪.‬‬
‫في الختام ‪ ،‬يمكننا التأكيد على أن اللجوء إلى التحكيم يظل مفتو ًحا أمام التقاضي‬
‫بين الدولة التونسية والمستثمر التونسي أو األجنبي بشرط أن يكون النزاع ذا طابع‬
‫دولي‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫تكون الدولية ذاتية بالمعنى المقصود في الفصل ‪ 24‬فقرة(‪ ، )1‬ولكنها موضوعية‬
‫بالمعنى المقصود في الفصل ‪ 24‬الفقرة (‪.)2‬‬
‫في الممارسة العملية وبعد ‪ 3‬سنوات من تطبيق قانون ‪ ، 2016‬يمكننا القول أن‬
‫الدولة التونسية والمستثمرين التونسيين واألجانب يلجأون إلى التحكيم على أساس‬
‫قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪.2016‬‬
‫منذ صدور قانون ‪ ، 2016‬وخاصة منذ دخوله حيز التنفيذ (‪ 1‬أبريل ‪، 2017‬‬
‫تاريخ بدء نفاذ مختلف المراسيم ) ‪ ،‬توضح األرقام أنه ال توجد عملية استثمار بين‬
‫المستثمرون التونسيون واألجانب ‪ ،‬هذا الغياب يبرر غياب اتفاق التحكيم بالمعنى‬
‫المقصود في الفصل ‪.)1( 24‬‬
‫ال يبدو أن قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪ 2016‬قد أقنع المستثمرين األجانب‪ .‬لقد أدركت‬
‫الدولة التونسية في الوقت المناسب أن جذب المستثمرين ليس فقط استجابة لتحسن‬
‫ضا تحسنًا في مناخ االستثمار ‪ ،‬إنه‬
‫في القانون المتعلق باالستثمار ‪ ،‬ولكنه يعكس أي ً‬
‫يفسر ذلك اندفاع السلطات التونسية إلى وضع مشروع قانون في أواخر عام‬
‫‪ 2018‬حول تحسين مناخ االستثمار في تونس ‪ ،‬ثم كان المشروع الذي تم‬
‫التصويت عليه من قبل البرلمان في ‪ 24‬أبريل ‪ 2019‬والذي دخل حيز التنفيذ‬
‫كقانون في ‪ 29‬ماي ‪ .2019‬والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان قانون ‪29‬‬
‫ماي ‪ 2019‬قد نجح في تعويض الثغرات وأوجه القصور في قانون ‪.2016‬‬
‫لم يتطرق المشرع التونسي في القانون ‪ 2019‬إلى األساليب البديلة لتسوية‬
‫المنازعات التي يفسرها قلة االستثمارات التي أدت إلى عدم وجود نزاعات بين‬
‫الدولة التونسية والمستثمر‪ .‬يركز قانون ‪ 29‬ماي ‪ 2019‬على مناخ االستثمار‬
‫بمعنى قانون الشركات التجارية والقانون التجاري وقانون اإلجراءات الجماعية‬
‫وقانون شراكة بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like