You are on page 1of 60

‫ديسمبر ‪2022‬‬ ‫العدد‪ :‬الثاني والثالثون‬ ‫المجلد‪ :‬الثامن‬ ‫ردمك (النشر اإللكتروني)‪1658-7472 :‬‬

‫‪Email: buj@bu.edu.sa‬‬ ‫‪https://portal.bu.edu.sa/ar/web/bujhs‬‬


‫ديسمبر ‪2022‬‬ ‫العدد‪32 :‬‬ ‫المجلد الثامن‬ ‫ردمك (النشر اإللكتروني)‪1658-7472 :‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬
‫وزارة التعليم‬
‫المحتويات‬ ‫جامعة الباحة‬
‫وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي‬
‫التعريف بالمجلة‪.............................................................................................‬‬ ‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‬
‫تصدر عن جامعة الباحة‬
‫هيئة التحرير جمللة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية ‪..................................................................‬‬ ‫مجلة دورية ـــــ علمية ـــــ محكمة‬
‫الرؤيــــة‪ :‬أن تكون مجلة علمية تتميز بنشر البحوث‬
‫احملتوايت ‪..................................................................‬‬ ‫العلمية التي تخدم أهداف التنمية الشاملة بالمملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬وخدمة البحث العلمي األصيل وطنيا ً وعالميا ً‪،‬‬
‫وتسهم في تنمية القدرات البحثية ألعضاء هيئة التدريس‬
‫درجة الوعي ابآلاثر املرتتبة على استخدام الشباب لوسائل التواصل االجتماعي وسبل مواجهتها‪ :‬دراسة وصفية مطبقة على عينة‬ ‫ومن في حكمهم داخل الجامعة وخارجها‪.‬‬
‫‪657 - 630‬‬ ‫من الشباب السعودي يف مدينة الرايض‬
‫الرسالة‪ :‬تفعيل دور الجامعة في االرتقاء بمستوى األداء‬
‫البحثي لمنسوبيها بما يخدم أهداف الجامعة ويحقق أهداف‬
‫نوره بنت شارع العتيبي‬ ‫التنمية المرجوة ويزيد من التفاعل البناء مع مؤسسات‬
‫المجتمع المحلي واإلقليمي والعالمي‪.‬‬
‫‪691 - 658‬‬ ‫التناسب بني آايت غزوة بدر وغزوة أُحد‬
‫رئيس هيئة التحرير‪:‬‬
‫عبدهللا بن محمد العسكر‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬سعيد بن أحمد عيدان الزهراني‬
‫‪735 - 692‬‬ ‫عبد الرمحن بن سليمان ابن الغسيل ومروايته يف صحيح البخاري دراسة تطبيقية‬ ‫نائب رئيس هيئة التحرير‪:‬‬

‫جميلة بنت منيع بن عنية هللا الحربي‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد بن حسن زاهر الشهري‬

‫‪761 - 736‬‬ ‫التوجيهات الرابنية للصحابة الكرام من خالل سورة التوبة دراسةً موضوعيةً‬ ‫مدير التحرير‪:‬‬

‫حسن محمد علي آل أيوب عسيري‬ ‫د‪ .‬يحيى بن صالح حسن دحامي‬

‫‪807 -762‬‬ ‫تعقيبات أيب حيان النحوية على آراء سيبويه يف كتاب التذييل والتكميل يف شرح التسهيل (دراسة وتقومي)‬
‫أعضاء هيئة التحرير‪:‬‬
‫سعود بن علي بن عطية الخزمري الزهراني‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬فهد بن محمد الحارثي‬
‫أستاذ (عضو هيئة تحرير)‬
‫‪826 -808‬‬ ‫احليوان املؤذي بني الطبيعة اجلِبِلَية والنظرة الشرعية‪ :‬قرود البابون أمنوذجا‬
‫د‪ .‬احمد بن محمد الفقيه‬
‫‪ .1‬سعيد بن أحمد العيدان الزهراني‪ .2 ،‬غانم بن محمد بن عبد هللا الغامدي‬ ‫أستاذ مشارك (عضو هيئة التحرير)‬

‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‪ ،‬وداللتها على األحكام‪( ،‬املعامالت‪ ،‬وأحكام األسرة)‬ ‫د‪ .‬عبد هللا بن زاهر الثقفي‬
‫أستاذ مشارك (عضو هيئة التحرير)‬
‫‪882 - 827‬‬ ‫دراسة أتصيلية‪ ،‬تطبيقية‬
‫ردمك النشر اإللكتروني‪7472 :‬ـــــ ‪1658‬‬
‫وليد بن عبد المحسن بن أحمد العُمري‬
‫تقصي مشاكل الضغط الصويت على الكلمات املركبة اليت يُواجهها بعض الطالب يف اإلتصال يف جامعة الباحة‬ ‫ص ب‪1988 :‬‬
‫هاتف‪00966 17 7274111/ 00966 :‬‬
‫‪900 - 883‬‬ ‫(اجنليزي)‬ ‫ابململكة العربية السعودية‬ ‫‪7250341 :17‬‬
‫تحويلة‪1314 :‬‬
‫إبراهــيم عبد هللا أحـمد أبكــــر‬ ‫البريد اإللكتروني‪buj@bu.edu.sa :‬‬
‫الموقع‪https://portal.bu.edu.sa/ar/web/bujhs :‬‬
‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫عنوان البحث‬
‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‪ ،‬وداللتها على األحكام‪( ،‬املعامالت‪ ،‬وأحكام األسرة)‬
‫دراسة أتصيلية‪ ،‬تطبيقية‬

‫العمري‬
‫د‪ .‬وليد بن عبد احملسن بن أمحد ُ‬

‫أستاذ مشارك‪ ،‬ق سم الدراسات اإلسالمية‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة الباحة‬

‫‪waleed@bu.edu.sa‬‬

‫‪Received: 14/10/2022‬‬ ‫‪Accepted: 18/12/2022‬‬ ‫‪Published: Vol. 8 Issue 32‬‬

‫الملخص‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا‪ ،‬وىل آله‪ ،‬وصحبه‪ ،‬ومن اهتدى هبداه‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذا حبث بعنوان‪ :‬املقوالت املرسلة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‪ ،‬وداللتها على األحكام (املعامالت‪ ،‬وأحكام‬
‫ُ‬
‫األسرة)‪ ،‬دراسة أتصيلية‪ ،‬تطبيقية‪ ،‬يؤصل لصحة االستدالل هبذا النوع من املقوالت‪ ،‬مع وضع ضوابط‪ ،‬ودراسة آلايت املعامالت‪،‬‬
‫استنادا إىل أن كل قضية ذُكرت يف القرآن‪ ،‬ومل يُنبه هللا القرآن على بطالهنا فهي قضية حق‪ ،‬وكل فعل‪ ،‬أو أمر‪ ،‬أو هني‬ ‫ً‬ ‫وأحكام األسرة‪،‬‬
‫أحد يف القرآن؛ فهو حق إال إذا نُبِّه على بطالنه‪.‬‬‫ورد عن ٍ‬
‫وتعليما للناس‪،‬‬
‫ً‬ ‫وإرشادا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وذلك من خالل طريقني‪ :‬أوهلما‪ :‬ابالستقراء ألسلوب القرآن‪ ،‬واثنيهما‪ :‬أن هللا أنزل كتابه هداية‪،‬‬
‫هاًن‪،‬‬
‫وهدى‪ ،‬وبر ً‬‫قرقاًن‪ً ،‬‬ ‫صرف هلم األمثال‪ ،‬والقصص مبا يُرشدهم‪ ،‬ويثبت إمياهنم‪ ،‬وقد مسَّى هللا كتابه ً‬ ‫يبني هلم دينه الذي ارتضاه هلم‪ ،‬فَ َّ‬
‫وتبياًن لكل شيء؛ فال يناسبه أن يَذكر عن أحد من الناس ما هو ابطل‪ ،‬مث يسكت عن التنبيه على بطالنه‪ ،‬فإن ذلك يُفهم منه‬ ‫وبياًن‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫رضاه به‪ ،‬وقد خلص البحث إىل النتائج التالية‪:‬‬
‫إبطاال أبي طر ٍيق من الطرق اليت تُفيد ذلك‪ ،‬ومنها‪ :‬ال ُسنَّة‪ ،‬فإهنا شارحةٌ‬
‫جواز االحتجاج ابملقوالت املرسلة يف القرآن‪ ،‬إن مل تتضمن ً‬
‫ُ‬
‫ومبينة له‪.‬‬
‫للقرآن‪ُ ،‬‬
‫وعادات لبعض اجملتمعات؛ فمىت ما تعارضت مع شريعة اإلسالم؛ فال‬ ‫ٍ‬ ‫املقوالت املرسلة يف القرآن‪ ،‬تشتمل على ٍ‬
‫وصف للشرائع السابقة‪،‬‬
‫ُ‬
‫جيوز االحتجاج هبا إما من جهة أهنا منسوخةٌ يف شريعة اإلسالم‪ ،‬وهذا ابلنسبة للشرائع السابقة‪ ،‬وإما لكوهنا عادةٌ َّبني القرآن‪ ،‬والسنةُ‬
‫بُطالهنا‪.‬‬
‫ارتباط املقوالت املرسلة بشرٍع من قبلنا‪ ،‬والفروق بني هذين النوعني من العلوم‪.‬‬
‫ُ‬
‫التعرف على املقوالت املرسلة يف أحكام املعامالت‪ ،‬وأحكام األسرة‪ ،‬كدراسة تطبيقية هلذا النوع من علوم القرآن الكرمي‪ ،‬وطريقة استنباط‬
‫ُ‬
‫العلماء لألحكام منها‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬مقوالت القرآن ‪ -‬املُرسلة ‪ -‬شرع من قبلنا ‪ -‬أحكام املعامالت ‪ -‬أحكام األسرة‬
‫ عالقتها ابلشرائع السابقة‬،‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‬

Title of paper

The sayings approved by the Holy Quran, their Relations with the former divine teachings,
and their Significance on Provisions (interpersonal relations and family provisions)

Dr. Waleed ibn Abdul Mohsen ibn Ahmed Al-Omari

Associate Professor, Department of Islamic Studies, College of Arts, Al Baha University


waleed@bu.edu.sa

Abstract:

In The Name of Allah Most Gracious Most Merciful, Praise be to Allah, and blessings and peace be upon the messenger,
and his family, companions, and all who are guided by him, and thereafter:

This research is entitled: The sayings approved by the Holy Quran, their Relations with the former divine teachings, and
their Significance on Provisions (interpersonal relations and family provisions) An Applied Fundamental Study.

It is founded for the validity of reasoning by this type of sayings, developing precepts, studying verses of treatments and
family provisions, given that every issue mentioned in the Quran which Allah does not warn of its invalidity in Quran is
an issue of rightness, and every action, order or prohibition reported by anyone in the Quran is right unless it was warned
of its invalidity.

This has two ways: First: Induction by way of the Quran style. Second: Allah sent down His Book to guide and teach
humanity and called His Book a Standard, Guide, Evidence, Insight, and Explanation of all things. Allah is too exalted
for mentioning what was wrong and invalid by people and does not warn of its invalidity, which explains Allah’s
satisfaction with it.

The research has concluded the following results: The permissibility of taking the unrestricted sayings in the Holy Quran
as evidence, in case they do not include invalidity in any way stating that, including the Sunnah as it expands the Holy
Quran and clearly explains it.

The unrestricted sayings in the Holy Quran involve a description of the former divine teachings and traditions of some
communities. Once those sayings are contradicted by the Islamic Sharia, they shall not be taken as evidence either because
they are abolished in the Islamic Sharia as for the former divine teachings, or for being a tradition invalidated by the Holy
Quran and Sunnah.

The unrestricted sayings are related to the former divine teachings of our predecessors and the differences between those
two types of sciences. An identification of the unrestricted sayings regarding interpersonal relations and family provisions
as an applied study for this type of the Holy Quran’s sciences, and the manner through which scholars can draw an
inclusion of the provisions.

Keywords: sayings, Holy Quran, interpersonal relations, family provisions

- 828 -
‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫املقدمة‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا‪ ،‬وعلى آله‪ ،‬وصحبه‪ ،‬ومن اهتدى هبداه‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫ُميثل االستدالل‪ ،‬وبناء األحكام اجلانب النظري من منظومة حتكيم الشريعة‪ ،‬وتطبيقها‪ ،‬والعمل هبا‪ ،‬وكلما تكاثرت‬
‫وتنوعت موارد األستدالل‪ ،‬أثر ذلك بال ريب على استيعاب احلوادث؛ فإن النصوص حمدودة‪ ،‬والوقائع ال تتناهى ما‬
‫دامت احلياة قائمة‪ ،‬ولذا امتازت النصوص الشرعية بوفائها بتوليد األدلة‪ ،‬وتنويع مصادر االستدالل‪.‬‬
‫أحكاما مجة‪ ،‬وفوائد عدة‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقد تضمنت املقوالت املرسلة يف القرآن العظيم‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫أحكاما من مقولة ُمر َسلَة‪ ،‬أو ح َكاية َمس ُكوت عنها؛ ألن القرآن حق؛ واحلق‬ ‫وما زال العلماء‪ ،‬والفقهاء يستنبطون‬
‫ً‬
‫ال يقر الباطل‪ ،‬وال يرضى به‪.‬‬
‫فكل قضية ذُكرت يف القرآن‪ ،‬ومل ينبه على بطالهنا فهي قضية حق‪ ،‬وكل فعل‪ ،‬أو أمر‪ ،‬أو هني ورد عن ٍ‬
‫أحد يف‬ ‫ُ‬
‫القرآن؛ فهو حق إال إذا نُبِّه على بطالنه‪.‬‬
‫واستدل الشاطيب ‪ -‬كما سيأيت قريبا‪ -‬على هذه امل ِّ‬
‫قدمة‪ ،‬بدليلني‪:‬‬
‫ُ‬
‫وج َدت العادة أنه إذا حكى أمراً ال يرضاه‪ ،‬أو ذكر شيئًا يُوهم غري املراد؛ فإنه‬ ‫أوهلما‪ :‬أنه ابستقراء آايت الكتاب‪ِّ ،‬‬

‫يُشري إىل بطالنه‪ ،‬أو أييت مبا يدفع الوهم‪ ،‬وينفي االحتمال؛ كقوله‪{ :‬إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لََرَُُوُُ الََِِّّ ََالََُِّّ‬

‫يَعََّْمُ إِنَّكَ لََرَُُولُُِ ََالََُِّّ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِنيَ لَكَاذِبُون}(املنافقون)‪ ،‬فدفع ما قد يُتوهم من إتياهنم ابإلميان ابلرسول ‪ ‬فوصفهم‬
‫ابلكذب‪.‬‬
‫صرف هلم األمثال‪،‬‬
‫وتعليما للناس‪ ،‬يُبني هلم دينه الذي ارتضاه هلم‪ ،‬فَ َّ‬
‫ً‬ ‫وإرشادا‪،‬‬
‫ً‬ ‫اثنيهما‪ :‬أن هللا أنزل كتابه هداية‪،‬‬
‫وتبياًن لكل شيء؛ فال‬
‫وبياًن‪ً ،‬‬
‫وبرهاًن‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫وهدى‪،‬‬
‫قرقاًن‪ً ،‬‬
‫والقصص مبا يُرشدهم‪ ،‬ويثبت إمياهنم‪ ،‬وقد مسَّى هللا كتابه ً‬
‫يناسبه أن يَذكر عن أحد من الناس ما هو ابطل‪ ،‬مث يسكت عن التنبيه على بطالنه‪ ،‬فإن ذلك يُفهم منه رضاه به‪.‬‬
‫واملقوالت املرسلة يف القرآن الكرمي ال خترج عن صورتني‪:‬‬
‫ُ‬
‫الرسل ﭺ‪.‬‬
‫إما أن تكون صادرة عن أحد األنبياء‪ ،‬و ُّ‬
‫بشرا – مؤمنني أم ال – أم من غري البشر؛ كالنمل‪ ،‬واهلدهد‪.‬‬
‫أو عن غريهم‪ ،‬سواء كانوا ً‬
‫واملقوالت يف النوع األول األصل فيها أهنا وحي من هللا تعاىل؛ ابعتبارها مقولة صاحب شريعة؛ إال ما نبه القرآن‬
‫الكرمي‪ ،‬أو السنة النبوية‪ ،‬واستُدرك فيهما على قائله‪ ،‬فخرجت حينئذ عن كوهنا مقولة أَقَ َّرها القرآن الكرمي‪.‬‬

‫‪- 829 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫يح فيها مأخذ احلُكم‪،‬‬


‫وقد خصصت هذا البحث للمقوالت املتعلقة ابلنوع الثاين؛ ألهنا مقوالت ُمرسلة‪ ،‬غري صر ٍ‬
‫ويدخل اعتباره‪ ،‬واالستدالل به‪ :‬االجتهاد‪.‬‬
‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫املقوالت املرسلة يف القرآن الكرمي‪ ،‬وهي أقوال السابقني اليت ذُكرت يف القرآن الكرمي ُُمردة عما يُفيد صواهبا‬
‫ُ‬
‫من خطئيها‪ ،‬هل ُُمرد حكاية القرآن هلا يُ َع ُّد تصويبًا هلا‪ ،‬فيصح بناء األحكام عليها؟ أم أهنا ُمرد حكاية لإلخبار‪،‬‬
‫كما شرعيَّا؟‬
‫وال ينبين عليها ُح ً‬
‫صحيحا يف االحتجاج‪ ،‬وبناء األحكام‪،‬‬‫ً‬ ‫اجتهد الباحث يف حترير معىن املقولة املرسلة‪ ،‬وهل تُ ُّ‬
‫عد َمسل ًكا‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫وجاءت الدراسة التطبيقية يف أحكام املعامالت‪ ،‬وأحكام األسرة توضح مناط االستدالل ابملقوالت املرسلة‪ ،‬والتوفيق‬
‫ُ‬
‫بينها‪ ،‬وبني أدلة الشريعة األخرى‪.‬‬

‫أمهية املوضوع والسبب الباعث على كتابته‪:‬‬


‫ارتباطه بعلوم القرآن‪ ،‬وأصول التفسري‪ ،‬ودراساهتما‪ ،‬وتطبيقاهتا‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫اجلانب التأصيلي يف املوضوع‪ ،‬يُعد أتلي ًفا يف علوم القرآن‪ ،‬وأصول التفسري‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫عموما‪ ،‬والتفسري املوضوعي ‪-‬على وجه‬
‫اجلانب التطبيقي يف املوضوع‪ ،‬يُعد أتلي ًفا يف التفسري ً‬ ‫‪)3‬‬
‫اخلصوص‪ -‬فيُسجل له ما للتفسري املوضوعي من أمهية‪ ،‬ومزااي‪.‬‬
‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫العملية املرتتبة على املقوالت املرسلة‪ ،‬واليت تُعد مسل ًكا‬‫َ‬ ‫كثرة األحكام العِّلمية‪ ،‬و‬ ‫‪)4‬‬
‫ُ‬
‫لالحتجاج‪ ،‬فينبه البحث يف كل مسألة إىل األحكام اليت يصح بناؤها عليها‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫‪ )1‬التنبيه على ِّعل ٍم من علوم القرآن‪ ،‬أشار إليه بعض أهل العلم ابقتضاب‪ ،‬وبعضهم أملح له من ٍ‬
‫طرف خفي‪ ،‬وهو‬
‫يدخل يف أكثر من موضوع‪َ ،‬ك َقصص القرآن‪ ،‬وإعجاز النَّظم يف القرآن‪ ،‬وغريمها‪.‬‬
‫‪ )2‬التفريق بني املقوالت "املر َسلَة"‪ ،‬واملقوالت "امل َعيَّنة" اليت سيقت أبسلوب املدح‪ ،‬والثناء‪ ،‬وتضمنت طلب االقتداء‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هبا‪ ،‬وأبصحاهبا‪.‬‬
‫صص القرآن‪.‬‬
‫‪ )3‬أتكيد استقالليَّة املقوالت القرآنية‪ ،‬عن قَ َ‬
‫‪ )4‬وجه العالقة بني املقوالت املرسلة‪ ،‬وشرائع األمم السابقة‪.‬‬
‫ُ‬
‫خصوصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ُ )5‬حكم االحتجاج ابملقوالت الواردة يف القرآن‪ ،‬واملقوالت املرسلة‬
‫ُ‬

‫‪- 830 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫‪ )6‬التنبيه على بعض املقوالت املرسلَّة‪ ،‬واليت ورد شرعنا خبالفها‪ ،‬وأهنا خارجة عن األصل يف ابب املقوالت اليت‬
‫ُ‬
‫أقرها القرآن‪.‬‬
‫خطة البحث‪ :‬رتبت البحث على مقدمة‪ ،‬ومتهيد‪ ،‬ومبحثني‪ ،‬وخامتة‪.‬‬
‫املقدمة‪ :‬وتشتمل على أمهية البحث‪ ،‬وسبب كتابته‪ ،‬وخطة البحث‪ ،‬واملنهج املتبع يف كتابته‪.‬‬
‫ُ‬
‫متهيد‪ :‬ويشتمل على التعريف مبصطلحات البحث‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬املقوالت الواردة يف القرآن الكرمي‪ ،‬وعالقتها بشرائع السابقني‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أقسام املقوالت يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ُ :‬حكم االستدالل مبضمون املقوالت املرسلة‪ ،‬واالحتجاج هبا‪.‬‬
‫ُ‬
‫املطلب الثالث‪ :‬عالقة املقوالت املرسلة ابلشرائع السابقة‬
‫ُ‬
‫املطلب الرابع‪ :‬الفرق بني املقوالت املرسلة‪ ،‬وبني قصص القرآن‪.‬‬
‫ُ‬
‫املبحث الثاين‪ :‬دراسة تطبيقية للمقوالت املُرسلة يف أحكام املعامالت‪ ،‬وأحكام األسرة‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مقوالت القرآن املُرسلة يف أحكام املعامالت‪ ،‬وفيه ست مسائل‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬املطلب األول صحة الوكالة‬
‫املس ألة الثانية‪ :‬الشركة يف الطعام املشرتى مبال اجلماعة‬
‫ُ‬
‫املسألة الثالثة جواز اإلجارة‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬حكم اجلعالة‬
‫املسألة اخلامسة‪ :‬حكم الضمان‬
‫املسألة السادسة‪ :‬اسرتقاق السارق‪ ،‬لِّمن ُسرق منه‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مقوالت القرآن املُرسلة يف أحكام األسرة‪ ،‬وفيه سبع مسائل‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬عرض الويل ابنته‪ ،‬على الرجل الصاحل ليتزوجها‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬حكم إنكاح الويل البنته بدون استئمار‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬من يتوىل عقد النكاح للمرأة؟‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬هل جيوز أن يكون املهر منفعة للويل‪ ،‬كاإلجارة؟‬
‫عمل يؤديه الزوج للزوجة؟‬
‫املسألة اخلامسة‪ :‬هل جيوز أن يكون املهر ٌ‬
‫املسألة السادسة‪ :‬كفالة اإلرضاع‬
‫املسألة السابعة‪ :‬حكم التبين‬
‫تكامال‪ :‬املنهج االستقرائي‪ ،‬واملنهج الوصفي‪ ،‬التحليلي‪،‬‬
‫منهجا ُم ً‬
‫اتبعت يف منهج البحث ً‬
‫ُ‬ ‫منهج البحث‪:‬‬
‫املقارن‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪- 831 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫منهجية كتابة البحث‪:‬‬

‫الرسل •‪ ،‬ومل‬
‫شرط البحث‪ :‬املقوالت اليت ذكرها هللا عز وجل عن األمم السابقة‪ ،‬ابستثناء مقوالت األنبياء‪ ،‬و ُّ‬ ‫‪-‬‬
‫السنَّة‪،‬‬
‫أتت يف سياق اإلنكار‪ ،‬واإلبطال سواء يف السباق‪ ،‬أو اللحاق‪ ،‬أو بطُرق البيان املختلفة يف الكتاب و ُ‬
‫ابستثناء النسخ؛ وذلك ألنه توجيه لعدم العمل ببعض املقوالت املرسلة‪ ،‬وبيان أنه املانع من بقائها على‬
‫ُ‬
‫األصل يف االستدالل ابملقوالت املرسلة‪.‬‬
‫ُ‬
‫أتصيل لبيان أنواع املقوالت يف القرآن الكرمي‪ ،‬وحكم االستدالل ابملقوالت املرسلة‪ ،‬والفروق بينها وبني‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫صص القرآين‪ ،‬وشرع من قبلنا‪.‬‬‫ال َق َ‬
‫مجع اآلايت‪ ،‬ودراستها دراسة موضوعية‪ ،‬تُبني حماورها‪ ،‬وحتدد موضوعاهتا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إبراز االستنباطات الفقهية من اآلايت‪ ،‬وبيان وجه االستدالل هلا‪ ،‬دون التعرض للخالفات الفقهية أصالةً‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتوارد األدلة األخرى يف املسألة‪ ،‬فهذا حمله ُكتُب الفروع‪.‬‬
‫أُقَ ِّدم يف كل مطلب اآلية الدَّالة على عنوانه‪ ،‬مث أُعلِّق على اآلية تعلي ًقا ي ِّ‬
‫وضح معانيها‪ ،‬مع اإلشارة إىل سبب‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫علما‪ ،‬وأدقهم‬
‫نزوهلا إن وجد‪ ،‬مع احلرص على االعتماد على تفسريات السلف الصاحل‪ ،‬فهم أكثر األمة ً‬
‫فهما‪ ،‬وأحسنهم سريًة وسريرة‪ ،‬مث بيان وجه االستنباط منها‪.‬‬
‫ً‬
‫منعا لتضخم احلواشي‪.‬‬ ‫صلب البحث ً‬ ‫‪ -‬عزوت اآلايت املُستشهد هبا إىل سورها‪ ،‬مع ترقيمها يف ُ‬
‫َّبع يف األحباث العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬خدمة البحث على ما هو ُمت ٌ‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫ت دراسةً‬ ‫مل أقف على ٍ‬
‫كنت كتب ُ‬
‫ص املقوالت املُرسلة يف القرآن الكرمي ابلبحث والدراسة‪ ،‬وقد ُ‬ ‫أحد َخ َّ‬
‫أقرها القرآن‪ ،‬وداللتها على األحكام‪ ،‬دراسة أتصيليةٌ‪ ،‬تطبيقيةٌ يف العقائد‪ ،‬والعبادات(‪.)1‬‬ ‫بعنوان‪ :‬املقوالت اليت َّ‬
‫وهي وإن كانت شاملةً للمقوالت املرسلة؛ إال أن الفرق بينها وبني هذه الدراسة من الناحية التأصيلية‪،‬‬
‫ُ‬
‫والتطبيقية‪ ،‬فمن الناحية التأصيلية مل تُشر الدراسة السابقة ألقسام املقوالت ابلتفصيل‪ ،‬وال حلكم االحتجاج هبا‪ ،‬ومل‬
‫صص القرآن‪ ،‬وال بينها وبني شرع من قبلنا‪.‬‬
‫تتضمن الفرق بني املقوالت املُرسلة يف القرآن‪ ،‬وقَ َ‬
‫وأما من الناحية التطبيقية‪ ،‬فواضح االختالف بني الدراستني‪.‬‬

‫أخريا‪ ،‬وصلى هللا‪ ،‬وسلم على نبينا حممد‪ ،‬وآله‪ ،‬وأصحابه أمجعني‪.‬‬
‫أوال و ً‬
‫واحلمد هلل ً‬

‫‪- 832 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫متهيد‬

‫التعريف مبصطلحات البحث‬

‫املقوالت‪ :‬مجع السم مفعول القول‪ ،‬وتُسمى عند النحاة ب "مقول القول"(‪.)2‬‬
‫واملعين به يف هذه الدراسة‪ :‬األقوال اليت ذُكرت يف القرآن الكرمي منسوبةً إىل قائلِّيها‪ ،‬أو حكاية أقوال‬
‫املتكلمني على وجه اإلخبار عنها‪ ،‬واإلفادة هبا‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫صص الواردة يف القرآن‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪:‬‬ ‫وتُسمى يف بعض ُكتب التفسري‪ :‬ابحلكاايت ‪ ،‬واملُراد‪ :‬ال َق َ‬
‫{ََجَعََّْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} (سورة املؤمنون‪ :)44:‬قصص‪ ،‬وأخبار ُُيدَّث هبا‪ُ ،‬‬
‫وحتكى يف اجملالس(‪.)4‬‬
‫أصل واحد ُمطَّرد‪ ،‬منقاس يدل‬‫"ر َسل"‪ ،‬قال فيه ابن فارس (ت‪395:‬ه) ~‪ٌ " :‬‬ ‫املُرسلة‪ :‬اإلرسال يف اللغة من َ‬
‫البعث‪ ،‬والتتابع‪ ،‬واإلطالق‪ ،‬فَ ُكل ما أُطلق؛ فهو ُمرسل‪.‬‬
‫معان‪ ،‬منها‪ُ :‬‬ ‫على االنبعاث‪ ،‬واالمتداد"(‪ ،)5‬ويراد به عدة ٍ‬
‫ُ‬
‫قال النسفي (ت‪537:‬ه) ~‪ " :‬واإلرسال خالف التَّقييد‪ ،‬فتقييدها‪ :‬بناؤها على أسباهبا‪ ،‬وإرساهلا‪ :‬إثباهتا‬
‫بدون أسباهبا"(‪.)6‬‬
‫واإلرسال املعين يف البحث‪ :‬أن يذكر هللا جل شأنه مقالةً‪ ،‬دون التعرض لصواهبا ِّمن خطئها‪ ،‬ولذا يُقال‬
‫هلا‪ُ :‬مرسلة؛ هلذا االعتبار‪ ،‬ويتسامح بعض أهل العلم إبطالق‪" :‬سكوت القرآن" على هذا النوع‪ ،‬لكن عند التحقيق؛‬
‫عفو شرعي‪ ،‬ومنهي عن السؤال عنه‪ ،‬والتعرض‬ ‫فإن سكوت القرآن يُعىن به‪ :‬ترك التعرض لشيء‪ ،‬وبيان ُحكمه‪ ،‬وهو ٌ‬
‫له‪ ،‬وهم ال يعنون هذا يف "سكوت القرآن"‪ ،‬مبعىن إقراره؛ ألن كالمهم يف املعاين‪ ،‬والثاين يف األحكام‪ ،‬وقد ذكره‬
‫(‪)7‬‬
‫ملعىن آخر‪ ،‬عائ ٌد إىل مفهوم املخالفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪،‬‬ ‫الزركشي‬
‫ويف حديث سلمان الفارسي (ت‪33:‬ه) ‪ ،¢‬قال رسول هللا‪« :‬احلالل‪ :‬ما أحله هللا يف كتابه‪ ،‬واحلرام‪ :‬ما‬
‫حرمه هللا يف كتابه‪ ،‬وما سكت عنه‪ ،‬فهو مما قد عفا عنه؛ فال تتكلفوا» (‪.)8‬‬
‫فالسكوت هنا‪ :‬ما مل تقم داللةٌ على بيان ُحكمه‪ ،‬ال من جهة منطوق الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬وال مفهومهما‪،‬‬
‫سواءً دليل اخلطاب‪ ،‬أو حلنه(‪.)9‬‬
‫شرع من قبلنا‪ :‬قال يف الصحاح(‪": )10‬الشريعة‪َ :‬مشَرعة املاء‪ ،‬وهو مورد الشاربة‪ ،‬والشريعة‪ :‬ما شرع هللا‬
‫شرعا؛ أي َس َّن هلم‪ ،‬والشارع‪ :‬الطريق األعظم‪ ،‬وشرع املنزل إذا كان اببه‬ ‫ِّ‬
‫لعباده من الدين‪ .‬وقد شرع هلم‪ ،‬يشرع‪ً ،‬‬
‫شروعا‪ :‬أي خضت فيه"‪.‬‬ ‫على طريق ًنفذ‪ ،‬وشرعت اإلهاب‪ :‬أي سلخته‪ ،...‬وشرعت يف هذا األمر ً‬
‫وجاء يف مقاييس اللغة(‪ ": )11‬الشني والراء والعني‪ :‬أصل واحد‪ ،‬وهو شيء يفتح يف امتداد يكون فيه‪ ،‬ومن‬
‫الشرعة يف ِّ‬
‫الدين‪ ،‬والشريعة‪.‬‬ ‫ذلك الشريعة‪ ،‬وهي مورد الشاربة املاء‪ .‬واشتق من ذلك ِّ‬

‫‪- 833 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫قال تعاىل‪ِ { :‬لكُلٍّ جَعََّْنَا مِنكُمْ شَِرْعَةً ََمِنْهَاجًا} (سورة المائدة‪ ،)48:‬وقال سبحانه‪{ :‬ثُمَّ جَعََّْنَاكَ عَََّى شََرِيعَةٍ‬

‫مِّنَ األَمَْرِ فَاتَّبِعْهَا}(سورة الجاثية‪ ... )18:‬ومن الباب‪ :‬أشرعت الرمح نحوه إشرا ً‬
‫عا"‪ ،‬أي سدَّدته‪ ،‬واملناسب‬
‫من هذه املعاين‪ :‬الطريق الواردة يف معرفة ِّ‬
‫الدين‪.‬‬
‫الشرع يف االصطالح‪ :‬هو "كل ما شرعه هللا تعاىل على لسان نبيه ‪ ‬يف ِّ‬
‫الداينة‪ ،‬وعلى ألسنة األنبياء‬ ‫ََ‬
‫اصطالحا(‪.)13‬‬
‫ً‬ ‫عليهم السالم قبله"(‪ ،)12‬وهذا يشمل شرع من قبلنا‬

‫املبحث األول‬

‫املقوالت املُرسلة يف القرآن الكرمي‪ ،‬وعالقتها بشرائع السابقني‬

‫املطلب األول‪ :‬أقسام املقوالت يف القرآن الكرمي‪:‬‬


‫أتعجب من املكثرين يف‬
‫ُ‬ ‫لت‬
‫عب‪ ،‬وفيه قواعد‪ ،‬وأصول‪ ،‬وضوابط‪ ،‬وال ز ُ‬
‫إن احلديث يف مقوالت القرآن ُمتَ َش ٌ‬
‫ُ‬ ‫ابستيعاب‪ِّ ،‬‬
‫وذكر تقسيماته‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬وداللته على‬ ‫ٍ‬ ‫تعداد أنواع علوم القرآن‪ ،‬والعِّناية بتقسيماته‪ :‬عدم التعرض له‬
‫األحكام(‪.)14‬‬
‫عموما(‪ )15‬إىل أربعة أقسام رئيسة‪:‬‬
‫‪ -‬وُُيكن تقسيم مقوالت القرآن ً‬
‫اإلهلي‪{ :‬ﱰ}‪،‬‬ ‫صدرة ابألمر‬ ‫‪ -1‬القسم األول‪ :‬املقوالت اليت أُمر النيب ‪ ‬إبعالمها‪ ،‬وبياهنا ملن بُعث فيهم‪ ،‬وهي امل َّ‬
‫ُ‬ ‫(‪)16‬‬
‫وخوطب هبا نوح ’ مرة واحدة على سبيل‬ ‫{ﲇ}‪{ ،‬ﲎ} ‪ ،‬وعموم اخلطاب هبا يف القرآن الكرمي للنيب ‪ُ ،‬‬
‫احلكاية‪ ،‬يف قوله تعاىل‪{ :‬فَإِذَا اُْتَوَيْتَ أَنتَ ََمَن مَّعَكَ عَََّى الْفَُّْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لََِِِّّ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِني}(سورة‬
‫المؤمنون‪.)28:‬‬

‫وخوطب هبا املؤمنون يف آيتني‪{ :‬قُولُواْ آمَنَّا بِالَِِّّ ََمَا أُنزَُِ إِلَيْنَا ََمَا أُنزَُِ إِلَى إِبَْرَاهِيمَ ََإُِْمَاعِيلَ ََإُِْحَقَ َيَعْقُوبَ‬

‫ََاألُْبَاطِ ََمَا أَُتِيَ مُوَُى ََعِيسَى ََمَا أَُتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ الَ نُفََرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ َنَحْنُ لَُِ مُسَِّْمُون}(سورة البقرة‪،)136:‬‬

‫مُسَِّْمُون} (سورة آل عمران‪.)64:‬‬ ‫{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدَُاْ بِأَنَّا‬

‫{فَالَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ََالَ تَنْهََرْهُمَا ََقُل لَّهُمَا قَوْالً كََرِميًا} (سورة‬ ‫وخوطب هبا اإلنسان يف موضعني يف موضوع واحد‪:‬‬
‫اإلسراء‪ََ{ ،)23:‬اخْفِضْ َلهُمَا جَنَاحَ الذُُِّّ مِنَ الَرَّحْمَةِ ََقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِريًا} (سورة اإلسراء‪.)24:‬‬
‫أمر ابلقول‪ ،‬كسائر األوامر يف القرآن‪.‬‬
‫ووجه اعتبارها من املقوالت؛ ابعتبار صيغة تبليغها‪ ،‬وإال فهي ٌ‬
‫ردا على سؤال اسرتشاد‪ ،‬وقد أييت ُمستأن ًفا‪،‬‬
‫ردا على مقولة ابطلة‪ ،‬وهو األكثر‪ ،‬وقد أييت ً‬
‫وهذا النوع قد أييت ً‬
‫استقالال‪.‬‬

‫‪- 834 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫ِّ‬
‫ووجه اخلطاب فيها للنيب ‪ ‬إلبالغ‪ :‬املؤمنني‪ ،‬أو ُمسلمة األعراب‪ ،‬أو املعارضني؛ كاملنافقني‪ ،‬وأهل الكتاب‪،‬‬
‫واملشركني‪.‬‬

‫عني هداايت القرآن‪ ،‬ومواعظه‪ ،‬وآدابه‪.‬‬


‫وال يُبحث يف ُحكم االستدالل هبذا النوع؛ إذ هو ُ‬

‫ويُبحث يف أسرار تصديرها هبذه الصيغة‪ ،‬ومضامينها‪ ،‬وأنواع موضوعاهتا‪ ،‬ودالالهتا‪ ،‬وأسرار ترتيبها‪ ،‬وارتباطها ابلسور‬
‫اليت ذُكرت فيها‪ ،‬ومىت تدخل األمة يف خطاب نبيها ‪-‬وهو األصل‪ -‬ومىت تكون خاصة‪ ،‬إىل غري ذلك‪.‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬املقوالت اليت أبطلها القرآن الكرمي‪ ،‬وأفسد قو َل أصحاهبا‪ ،‬كقوله تعاىل شأنه‪ََ{ :‬مَا قَدَرَُاْ الََِّّ‬

‫حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزََُ الَُِّّ عَََّى بَشََرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزََُ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِِِ مُوَُى نُورًا ََهُدًى لَِّّنَّاسِ تَجْعََُّونَُِ قََرَاطِيسَ‬

‫تُبْدَُنَهَا ََتُخْفُونَ كَثِريًا ََعَُِّّمْتُم مَّا لَمْ تَعََّْمُواْ أَنتُمْ ََالَ آبَاؤُكُمْ قُلِ الَُِّّ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يََّْعَبُون} (سورة األنعام‪.)91:‬‬

‫غين ابإلقناع‪ ،‬والتنبيه‪ ،‬واإلفحام‪ ،‬وفيه قواعد‪ ،‬وضوابط يف‬


‫كما‪ ،‬وهو ٌ‬
‫وح ً‬
‫متاما؛ وص ًفا‪ُ ،‬‬
‫وهو كالنوع األول ً‬
‫الرد‪ ،‬وطُرقه‪.‬‬
‫الرد على مرذول املقوالت‪ ،‬وأنواع‪ ،‬وأقسام يف موضوعات َّ‬
‫َّ‬

‫القسم الثالث‪ :‬املقوالت اليت سيقت يف مقام الثناء على أصحاهبا‪ ،‬أو َمد ِّحها‪ ،‬كاآلايت يف خامتة سورة‬
‫آل عمران‪ { :‬الَّذِينَ يَذْكَُرَُنَ الََِّّ قِيَامًا ََقُعُودًا ََعَََّىَ جُنُوبِهِمْ َيَتَفَكََّرَُنَ فِي خََّْقِ السَّمَاََاتِ ََاألَرْضِ رَبَّنَا مَا خَََّقْتَ هَذا بَاطِالً‬

‫ُُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار} (سورة آل عمران‪ ،)191:‬ويف سورة الفرقان يف الثناء على عباد الرمحن‪.‬‬

‫ومقتضاه‪،‬‬
‫دليل على األمر‪ ،‬أو النهي حبسب معناه‪ُ ،‬‬
‫ويَعُد العز بن عبد السالم هذا األسلوب يف إيراد املقولة؛ ٌ‬
‫{الَُِّّ ََلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ} (سورة‬ ‫حيث َع َّد من دالالت األمر‪ :‬نصب الفعل سببًا لوالية هللا تعاىل‪ ،‬ومن أمثلته‪ :‬قوله تعاىل‪:‬‬

‫البقرة‪ََ{ ،)257:‬هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِني} (سورة األعراف‪ََ{ ،)196:‬هُوَ ََلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمََُّون} (سورة األنعام‪.)127:‬‬

‫لتحقق صفة العبودية هلل‪ ،‬كقوله تعاىل‪ََ{ :‬عِبَادُ الَرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ‬
‫وُميكن أن نُلحق به‪ :‬نصب الفعل سببًا َ‬
‫صص‪ :‬قوله تعالى‪ََ{ :‬إِذَا َُمِعُوا‬
‫عَََّى األَرْضِ هَوْنًا ََإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهَُِّونَ قَالُوا َُالَمًا} (سورة الفرقان‪ ،)63:‬ويف سورة ال َق َ‬
‫الََّّغْوَ أَعَْرَضُوا عَنُِْ ََقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا َلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ َُالَمٌ عَََّيْكُمْ الَ نَبْتَغِي الْجَاهَِِّني} (سورة القصص‪ ،)55:‬ويف املقابل‪ :‬قد يتعلق‬

‫بعض هذه األدلة ابجتناب احلرام؛ كقوله‪ََ{ :‬ا َّلذِينَ الَ يَدْعُونَ مَعَ الََِِّّ إِلَهًا آخََرَ ََالَ يَقْتَُُّونَ النَّفْسَ الَّتِي حََرَّمَ الََُِّّ إِالَّ بِالْحَقِّ ََالَ‬

‫‪- 835 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫يَزْنُونَ ََمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يََّْقَ أَثَامًا} (سورة الفرقان‪ ،)68:‬قال‪" :‬فإنه مدحهم ابجتناب احملرم‪ ،‬كما مدحهم بفعل الواجب؛ ولذلك‬

‫مدحهم بقوله‪ََ{ :‬الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائَِرَ اإلِثْمِ ََالْفَوَاحِشَ} (سورة الشورى‪ ،)37:‬وكل هذه األدلة عائدة إىل املدح‪ ،‬والوعد‪،‬‬
‫(‪)17‬‬
‫مضاهنا" ‪.‬‬ ‫ولكن ملا اختلفت أنواع الوعود‪ ،‬واملدائح؛ عددت هذه األنواع لينتفع هبا املتدرب يف‬

‫وهي يف االستدالل‪ ،‬كالنوعني األولني‪ ،‬وال يُتصور أن يسرتيب يف االستدالل هبا أحد‪.‬‬

‫القسم الرابع‪ :‬املقوالت املُرسلة‪ ،‬ويُقصد هبا‪ :‬املقوالت اليت ال يُفهم من سياقها ثناء على قائلها‪ ،‬أو ً‬
‫مدحا‬
‫حل من عباد هللا‪ ،‬كما يف قوله سبحانه‪{ :‬قَاَُ الَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِني} (سورة‬
‫ملضموهنا‪ ،‬فقد تكون مقولة صا ٍ‬

‫القصص‪ ،)25:‬وقد تكون مقولة كافر‪ ،‬ال يؤم ن بشريعة‪ ،‬كما يف قوله تعاىل عن ملكة سبأ‪{ :‬قَالَتْ إِنَّ الْمَُُّوكَ إِذَا دَخََُّوا‬

‫قََرْيَةً أَفْسَدَُهَا} (سورة النمل‪ ،)34:‬وقد أتيت يف قول ُمتَ َعبَ ٍد بشريعة‪ ،‬كما يف ملك ِّمصر‪{ :‬يَاأَيُّهَا الْمَألُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن‬

‫كُنتُمْ لََِّرُّؤْيَا تَعْبَُرَُن} (سورة يوسف‪ ،)43:‬وقد تكون جملهول احلال‪ ،‬كما يف قوله سبحانه‪{ :‬قَاَُ الَّذِينَ غَََّبُوا عَََّى أَمَْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ‬

‫مَّسْجِدًا} (سورة الكهف‪.)21:‬‬ ‫عَََّيْهِم‬

‫يت من اجلن مع سليمان ’‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫وقد تكون من غري البشر‪َ ،‬كقيل اهلُدهد‪ ،‬والنمل‪ ،‬وعفر ٌ‬

‫مبدح‪ ،‬وال ذم‪ ،‬وال أتكيد‪ ،‬وال نقض‪.‬‬


‫غري ُمقيَّد ٍ‬
‫رسل‪ :‬ألنه ُ‬‫ومسي ابملُ َ‬
‫ُ‬

‫صد املتَ َح ِّدث اإلتيان‬


‫عز ِّذكره‪ -‬لقيل‪ :‬هو الكالم الذي مل ي ق ِّ‬
‫َ‬ ‫القسم لو كان يف غري كالم اخلالق – َّ‬ ‫وهذا ِّ‬
‫ً‬
‫اسرتساال‪.‬‬
‫ً‬ ‫به‪ ،‬ولكنه جاء استطرادا‪ ،‬وخرج املتكلم به ملا مل يكن ِّ‬
‫يقصده‪ ،‬وإمنا وقع‬
‫ُ‬ ‫ً‬

‫اسرتساال ملا مل يُعهد‪.‬‬


‫ً‬ ‫أما كالم هللا؛ فهو ُمنزهٌ عن أن يقع فيه‪ :‬ما ال يُقصد‪ ،‬أو جيري فيه‬

‫أشرت ساب ًقا أن الزركشي أدخل هذا النوع من املقوالت‪ ،‬والذي قبله يف ابب النظم‪ ،‬ولذا أُشري‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫ٍ‬
‫ابقتضاب إىل وجه دخوله يف البالغة‪ ،‬والبيان‪ ،‬من حيث إهنا مقوالت حكاها القرآن‪ ،‬وإال فإن مجيع ما يُقال يف‬
‫بالغة ال َكلِّم‪ ،‬والنَّظم‪ ،‬وشرف املضمون‪ ،‬واملقاصد‪ ،‬والغاايت‪ ،‬وغري ذلك يشملها‪.‬‬

‫وذلك‪ :‬أن نَ َسق‪ ،‬ونظم الكالم يف سرد املقوالت َمتيَّز ببالغة خاصة‪ ،‬والعرب متدح ال ُفصحاء هبا‪ ،‬وتَعُدُّه‬
‫قُدرة على البيان‪ ،‬والتصرف فيه‪.‬‬

‫‪- 836 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫أساسا به‪ ،‬فيوقعه جبزيل العِّبارة‪ ،‬وعلو البالغة؛ كان‬ ‫ٍ‬


‫فإن من يتفنن يف الكالم‪ ،‬وينتقل منه إىل غري مقصود ً‬
‫مدحا‪ ،‬وبيان قُدرة على البيان‪ ،‬وهذا ما يُسمى ابالستطراد؛ فإن كالم املتكلم يف أم ٍر‪ ،‬وخروجه منه إىل ِّذكر غريه‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫من الكالم‪ ،‬دون أن يتباين كالمه‪ ،‬وخيتل نظامه‪ ،‬فيذ ُكره‪ ،‬مث يعود إىل أصل كالمه؛ فَيُتمه غاية اإلمتام‪ ،‬مع التَ بَ ُسط‬
‫يد َّل على علو الكعب يف الفصاحة‪ ،‬والبالغة بال ريب‪.‬‬ ‫يف الكالم؛ َ‬

‫وهذا النوع يعرفه أهل ِّصناعة البيان‪ ،‬ويستدلون له ِّمبِّثل قول حسان بن اثبت‪:‬‬

‫بن ِّه َشام‬


‫احلارث ُ‬
‫ُ‬ ‫فَنَ َجو ِّت َمن َجا‬ ‫نت َك ِّاذبةَ اليت َحدَّثتِِّّين‬
‫إن ُك ِّ‬

‫أس طَ ِّم َريٍة َو ِّجلَام‬ ‫َوَنَا بَِّر ِّ‬ ‫تَ َرَك األَ ِّحبَةَ أَن يُ َقاتِّ َل َعن ُه ُم عامر‬
‫حسان مل ي ِّ‬
‫قصد اببتداء الكالم‪ ،‬وحتذيره َمن ُخياطب‪ :‬ذم احلارث بن هشام‪ ،‬وإمنا خرج به الكالم‪ ،‬ومل‬ ‫فإن َّ‬
‫َ‬
‫يكن بدءُ الكالم ألجله‪ ،‬فَذكر‪َ :‬هَرب احلارث بن هشام‪.‬‬

‫حنن فيه‪ ،‬بل يف بالغة‬ ‫ٍ‬ ‫(‪)18‬‬


‫هذا ُملخص ما ذكره الباقالين (ت‪403:‬ه) ¬ يف االنتصار يف سياق غري الذي ُ‬
‫الرد على من طَ َعن يف القرآن هبذا االنتقال‪ ،‬لكين‬ ‫ص‪ٍ ،‬‬
‫ووعظ‪ ،‬وتذكري ‪ ...‬و َّ‬ ‫ص ٍ‬
‫القرآن مع انتقاله يف احلديث ما بني قَ َ‬
‫فأمر‬
‫كالم اخلالق ‪-‬ج َّل يف ُعاله‪ٌ -‬‬
‫أتيت به لبيان َسنَن العرب يف كالمها‪ ،‬ووجه البالغة يف هذا النوع عندهم‪ ،‬وأما ُ‬‫ُ‬
‫ال نضرب له األمثال‪ ،‬وال يقاس على كالم ٍ‬
‫أحد من َخلقه‪ ،‬كائ ٍن من كان‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وهذا ِّ‬
‫القسم َِّحمل عناية هذا البحث‪.‬‬

‫واملالحظ أن هذه التقسيمات‪ ،‬وما يدخل حتتها من قواعد يف تعيينها‪ ،‬أو استنباط األحكام منها‪ ،‬ومن‬
‫ستقال يف علوم القرآن‪.‬‬
‫عد فنًا ُم ً‬ ‫أسلوب العرض هلا‪ ،‬وما تضمنته من حوار‪ِّ ،‬‬
‫وح َجاج‪ ،‬تُ ُّ‬

‫املطلب الثاين‪ُ :‬حكم االستدالل مبضمون املقوالت املُرسلة‪ ،‬واالحتجاج هبا‪:‬‬

‫مسلك صحيح يف‬


‫ٌ‬ ‫عموم أهل العلم ‪ -‬كما سيأيت ‪ -‬على جواز االحتجاج هبذا النوع من املقوالت‪ ،‬وأنه‬
‫االستدالل؛ ألن إرسال املقولة دون إبطاهلا‪ ،‬ونقضها أبي ٍ‬
‫شكل ؛كاف يف بناء األحكام الشرعية عليها‪ ،‬وجواز‬
‫وتتابع علماء األمة على االحتجاج هبذا النوع من املقوالت دون نكري منهم يفيد تسليمهم بصحة‬
‫االستدالل هبا‪ُ ،‬‬
‫االستدالل يف مثل هذا الشأن‪.‬‬

‫واالحتجاج ابملقوالت املُرسلة على نوعني‪:‬‬

‫‪- 837 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫ورودا يف القرآن الكرمي‪.‬‬


‫النوع األول‪ :‬ما ال يوجد له معارض يف شريعتنا‪ ،‬وهو أكثر النوعني ً‬
‫كقوله تعاىل‪{ :‬قَاَُ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الَُِّّ مِنَ الْمُتَّقِني} (سورة املائدة‪ ،)27:‬وقوله {قَالُوا لَن نُّؤْثَِرَكَ عَََّى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ‬

‫ََالَّذِي فَطََرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} (سورة طه‪.)72:‬‬
‫فما تضمنته هااتن املقولتان ال ُخيالف شريعة اإلسالم‪ ،‬وله نظائر يف غري ابب املقوالت‪.‬‬

‫النوع الثاين‪ :‬ما وجد له معارض يف شريعتنا‪ ،‬وهو على قسمني‪:‬‬


‫صادرا عن أمة متدينة بشرع سابق‪.‬‬
‫ً‬ ‫القسم األول‪ :‬أن يكون‬
‫القسم الثاين‪ :‬أن ال يكون عن أمة متدينة بشرع سابق‪ ،‬أو ُُيهل ذلك‪.‬‬
‫منسوخا‬
‫ً‬ ‫شرعا‬
‫فواضح من معارضة هذا النوع للشريعة عدم جواز االستدالل به؛ فتكون املقولة املرسلة إما ً‬
‫بياًن لواقع أمة خلت‪ ،‬يُستبان منه ِّعظم منة هللا على‬
‫إن كان حمكيًا عن أمة متدينة بشرع سابق‪ ،‬وتكون حكايته ً‬
‫ف عنها اآلصار واألغالل اليت كانت على من قبلهم‪.‬‬ ‫هذه األمة إذ َخ َف َ‬
‫ألبني الطُرق‪ ،‬وأرشد املسالك‪.‬‬
‫أو عادة ألمة غري متدينة بشرع سابق‪ ،‬يُستبان منها هداية هللا هلذه األمة َ‬
‫شرعا لغريًن من األمم‪ ،‬وثبوت اإلبطال يف شريعتنا ملا ابتدعته األمم‬ ‫ِّ‬
‫فثبوت النسخ يف شريعتنا لما كان ً‬
‫السابقة سواءٌ أكانت متعبدة بشرع سابق أو ال‪ ،‬كاف يف عدم جواز االستدالل به‪.‬‬
‫أما ما مل يثبت نسخه‪ ،‬وال ورد ما ي ِّ‬
‫بطلُه؛ فاملتعني جواز االستدالل به‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حق يف ذاته؛ لكننا مأمورون بعدم التعبد به‪ ،‬فيكون ترك‬ ‫وما أقره القرآن وثبت نسخه يف شريعتنا؛ فهو ٌ‬
‫العمل به لدليل خارج عنه‪.‬‬
‫قال الشاطيب (ت‪790:‬ه) ¬(‪ " :)19‬كل حكاية وقعت يف القرآن؛ فال خيلو أن يقع قبلها‪ ،‬أو بعدها‪ -‬وهو‬
‫رد هلا‪ ،‬أو ال‪ ،‬فإن وقع رد؛ فال إشكال يف بطالن ذلك احملكي وكذبه‪ ،‬وإن مل يقع معها رد؛ فذلك دليل‬
‫األكثر‪ٌ -‬‬
‫أيضا‪ ،‬ولكن الدليل على صحته من نفس احلكاية وإقرارها‪ ،‬فإن القرآن‬ ‫صحة احملكي وصدقه‪ ...‬وأما الثاين؛ فظاهر ً‬
‫وتبياًن لكل شيء‪ ،‬وهو حجةُ هللا على اخللق على اجلملة‪ ،‬والتفصيل‪ ،‬واإلطالق‪،‬‬ ‫وبياًن‪ً ،‬‬
‫وبرهاًن‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫وهدى‪،‬‬
‫ً‬ ‫فرقاًن‪،‬‬
‫ُمسي ً‬
‫والعموم‪ ،‬وهذا املعىن أيىب أن َُي ِّكي فيه ما ليس حبق؛ مث ال يُنَ بِّه عليه"‪.‬‬

‫والدليل على جواز العمل ابملقوالت املُرسلة أييت من وجهني(‪:)20‬‬

‫صرف هلم‬
‫وتعليما للناس‪ ،‬يُبني هلم دينه الذي ارتضاه هلم‪ ،‬فَ َّ‬
‫ً‬ ‫وإرشادا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أوهلما‪" :‬أن هللا أنزل كتابه هداية‪،‬‬
‫تبياًن لكل شيء؛‬
‫وبياًن‪ ،‬و ً‬
‫وبرهاًن‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫وهدى‪،‬‬
‫قرقاًن‪ً ،‬‬
‫األمثال‪ ،‬والقصص مبا يُرشدهم‪ ،‬ويثبت إمياهنم‪ ،‬وقد مسَّى هللا كتابه ً‬
‫فال يناسبه أن يذكر عن أحد من الناس ما هو ابطل‪ ،‬مث يسكت عن التنبيه على بطالنه‪ ،‬فإن ذلك يُفهم منه رضاه‬
‫به"‪.‬‬

‫‪- 838 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫اثنيهما‪" :‬أنه ابستقراء آايت الكتاب‪ِّ ،‬‬


‫وج َدت العادة أنه إذا حكى أمراً ال يرضاه‪ ،‬أو ذَ َكَر شيئًا يُوهم غري‬
‫املراد؛ فإنه يُشري إىل بطالنه‪ ،‬أو أييت مبا يدفع الوهم‪ ،‬وينفي االحتمال؛ كقوله‪{ :‬إِذَا جَاء َك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ‬

‫لََرَُُوُُ الََِِّّ ََالََُِّّ يَعََّْمُ إِنَّكَ لََرَُُولُُِ ََالََُِّّ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِنيَ لَكَاذِبُون} (سورة املنافقون‪ ،)1:‬فدفع ما قد يُتوهم من إتياهنم ابإلميان‬
‫ابلرسول ‪ ‬فوصفهم ابلكذب"‪.‬‬
‫وقد تتابع علماء األمة على االحتجاج هبذا النوع من املقوالت دون نكري منهم‪ ،‬مما يُفيد تسليمهم بصحة‬
‫االستدالل يف مثل هذا الشأن‪.‬‬
‫أحكاما‪ ،‬ويستدلون هبا على‬ ‫ً‬ ‫فما من كتاب من كتب التفسري إال وجتد العلماء يستنبطون من تلك املقوالت‬
‫مسائل دون َحتَُّرج ممن صدرت عنه املقولة‪.‬‬
‫وإن نظرت يف استدالالت الفقهاء وجدهتا قد فاضت مبثل هذا النوع من االستدالل‪.‬‬
‫ب ابن عباس (ت‪68:‬ه) ~ قد استنبط عدد أصحاب الكهف من إقرار القرآن يف ِّذكر اختالف الناس‬ ‫أح َس ُ‬
‫وَ‬
‫يف عددهم‪ ،‬لقول من قال‪ :‬إهنم سبعةٌ واثمنهم كلبهم‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪َُ{ :‬يَقُولُونَ ثَالَثَةٌ رَّابِعُهُمْ كََّْبُهُمْ َيَقُولُونَ خَمْسَةٌ‬

‫َُادُُِهُمْ كََّْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ َيَقُولُونَ َُبْعَةٌ ََثَامِنُهُمْ كََّْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعََّْمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعََّْمُهُمْ إِالَّ قََِّيلٌ فَالَ تُمَارِ فِيهِمْ إِالَّ مَِرَاء ظَاهَِرًا ََالَ‬

‫تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا} (سورة الكهف‪.)22:‬‬


‫فقد ‪ -‬أخرج عنه ابن جرير بسنده(‪ -)21‬أنه كان يقول ‪ ":‬أًن ممن استثناه هللا ‪ ،‬ويقول ‪ِّ :‬ع َّدهتم سبعة"‪.‬‬
‫ت عن الثالث؛‬
‫وس َك َ‬
‫ف القولني‪َ ،‬‬
‫ضعَّ َ‬
‫قال ابن تيمية (ت‪728:‬ه) ~‪ ":‬فإنه تعاىل أخرب عنهم بثالثة أقوال‪َ ،‬‬
‫فَ َّد َل على صحته‪ ،‬إذ لو كان ً‬
‫ابطال َلرَّدهُ كما َرَّد ُمها"(‪.)22‬‬
‫وذلك ألن "ختصيص الشيء ابلوصف؛ يدل على أن احلال يف الباقي خبالفه"‪.‬‬
‫وعند قوله تعاىل ‪-‬يف قصة يوسف عليه السالم‪ََ{ :-‬إِنْ كَانَ قَمِيصُُِ قُدَّ مِن دُبَُرٍ فَكَذَبَتْ ََهُوَ مِن الصَّادِقِني} (سورة‬

‫يوسف‪.)27:‬‬
‫قال ابن القيم (ت‪751:‬ه) ~‪ ":‬ومن ذلك(‪ :)23‬قول الشاهد الذي ذكر هللا شهادته‪ ،‬ومل يُنكر عليه‪ ،‬ومل‬
‫لوث يف أحد‬‫قد القميص إىل معرفة الصادق منهما من الكاذب‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫يعِّبه‪ ،‬بل حكاها مقررا هلا‪ ...‬فتوصل بِّ ِّ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫(‪)24‬‬
‫املتنازعني‪ ،‬يبني به أوالمها ابحلق"‬
‫ومما يُستأنس به يف هذا الباب ‪ -‬وإن مل يكن من ابب املقوالت‪ -‬قول أم املؤمنني عائشة (ت‪ ،ƒ )58:‬عن‬
‫استدالل بسكوت القرآن‪ ،‬وهو‬
‫ٌ‬ ‫رجال صاحلًا‪ ،‬أال ترى أن هللا ذم قومه‪ ،‬ومل يذمه؟"(‪ ،)25‬وهذا‬
‫"تُبَّع"‪" :‬كان تبع ً‬
‫يب مما حنن بصدده‪.‬‬
‫قر ٌ‬

‫‪- 839 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫ينص على عدم االستدالل ابملقوالت املرسلة‪ ،‬منهم الشيخ‬ ‫كالما لبعض العلماء املتأخرين ُّ‬
‫وقد وجدت ً‬
‫ُ‬
‫ردا على الغُماري‪" :‬‬
‫العالمة عبد الرمحن بن ُيىي املعلمي (ت‪1380:‬ه) ~‪ ،‬يف رسالته‪ " :‬البناء على القبور"‪ ،‬فقال ًّ‬
‫قص هللا عز وجل هذا يف كتابه‪ ،‬ومل يصحبه مبا يدل على حظره؛ دل على اجلواز"(‪.)26‬‬
‫قوله‪ " :‬فلما َّ‬

‫دليال على اجلواز‪ ،‬سواء أُريد اجلواز يف تلك الواقعة‪ ،‬أم يف شرع تلك‬
‫فاجلواب‪ُ :‬مينع أن يكون مثل هذا ً‬
‫األمة مطل ًقا‪ ،‬أم يف شرعنا بواسطة أننا ُمتعبدون بشرع من قبلنا‪ ،‬أم يف شرعنا مباشرة‪.‬‬

‫قص هللا عز وجل ما جرى من إخوة يوسف‪ ،‬ومل ينص يف نفس القصة على حرمة كل ما هو حرام يف‬
‫فقد َّ‬
‫تلك األفعال‪ ،‬وإن ذَ َكر احلُكم يف موض ٍع آخر يف القرآن؛ فذلك لبيانه من حيث هو‪ ،‬ال ليكون تنبي ًها على ما يف‬
‫ومنسوخا‪ ،‬وال قائل به‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًنسخا‬
‫تلك القصة‪ ،‬وإال لكان ً‬
‫(‪)27‬‬
‫أخا للبائع‪ ،‬وعلى فرض أن‬
‫السنة منع بيع احلر ‪ ،‬وإن كان ابنًا‪ ،‬أو ً‬
‫ويف القصة‪ :‬أهنم ابعوه‪ ،‬وقد بينت ُّ‬
‫دليال على اجلواز‪ ،‬فالذي يف اآلية ُمرد العزم‪ ،‬فال تدل على جواز الفعل‪ ،‬وعلى فرض التسليم أبهنا‬
‫مثل هذا يكون ً‬
‫تدل على جواز الفعل‪ ،‬فذلك لو مل يصحبها التنبيه ابحلظر‪ ،‬وقد صحبها"(‪.)28‬‬

‫والشيخ رمحه هللا مينع االستدالل ابحلكاايت‪ ،‬واملقوالت املرسلة‪ ،‬واستدل على ذلك‪ :‬أبن القرآن يف سورة‬
‫ُ‬ ‫يوسف قد س َكت عن أفعال حمرمة فلم يتعقبها يف نفس ِّ‬
‫القصة‪ ،‬وإن ردها يف موضع آخر‪.‬‬ ‫َ َ‬

‫ومنهم الطاهر ابن عاشور(ت‪1393:‬ه) ~(‪ ،)29‬فإنه قال عند قوله تعاىل‪{ :‬قَالَتْ يَاأَيُّهَا املَألُ أَفْتُونِي فِي أَمَْرِي مَا‬

‫كُنتُ قَاطِعَةً أَمَْرًا حَتَّى تَشْهَدَُن} (سورة النمل‪.)32:‬‬

‫شرعا إهليًا‪ ،‬وال ِّسيق َم َساق املدح‪،‬‬


‫قال‪ ":‬وليس يف هذه اآلية دليل على مشروعية الشورى؛ ألهنا مل حتك ً‬
‫ولكنه حكاية ما جرى عند أمة غري متدينة بوحي إهلي؛ غري أن شأن القرآن فيما يذكره من القصص أن يذكر‬
‫املهم منها للموعظة‪ ،‬أو لألسوة ‪،‬كما قدمناه يف املقدمة السابعة ‪ .‬فلذلك يسرتوح من سياق هذه اآلية حسن‬
‫الشورى‪ ،‬وتقدم ذكر الشورى يف سورة آل عمران"‪.‬‬

‫يح يف أن املقوالت املرسلة اليت حتكي واقعةً‪ ،‬ومل تُسق يف مقام املدح ال ُُيتج هبا‪.‬‬
‫وكالمه صر ٌ‬
‫ُ‬
‫وقوله‪ ":‬غري أن شأن القرآن فيما يذكره من القصص أن يذكر املهم منها للموعظة‪ ،‬أو لألسوة ‪ ...‬فلذلك‬
‫يسرتوح من سياق هذه اآلية حسن الشورى"‪ ،‬كأنه احتياط من املقوالت اليت أتيت شريعتنا على خالفها‪.‬‬

‫‪- 840 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫وكالمه غريب ملن أتمله‪ ،‬فكيف يُسرتوح منها ُحسن الشورى‪ ،‬وال تدل على مشروعيتها؟ إال أن يُقال‪ :‬أنه‬
‫يقصد‪ :‬الوجوب واإللزام؛ فنعم‪ ،‬ولكن ُمرد الداللة على ُحسن الشيء‪ ،‬أو قُبحه‪ ،‬هو استدالل‪ ،‬وإفادة‪.‬‬

‫ومنهم الشيخ األمني الشنقيطي (ت‪1393:‬ه)~‪ ،‬فقد قال عند قوله تعاىل‪{ :‬قَاَُ الَّذِينَ غَََّبُوا عَََّى أَمَْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ‬

‫عَََّيْهِم مَّسْجِدًا} (سورة الكهف‪ " :)21:‬إن ما يزعمه بعض من ال علم عنده من أن الكتاب والسنة دال على اختاذ القبور‬
‫مساجد يف غاية السقوط‪ .‬وقائله أجهل خلق هللا!‬

‫أما اجلواب عن االستدالل هبذه اآلية‪ ،‬فهو أن تقول‪ :‬من هؤالء القوم الذين قالوا‪{ :‬لَنَتَّخِذَنَّ عَََّيْهِم مَّسْجِدًا}‬

‫؟ أهم من يقتدى هبم! أم هم كفرة ال جيوز االقتداء هبم؟ وهذا مما اختلف يف قائلي هذه املقالة‪ :‬هل هم الذين على‬
‫دين الفتية(‪ ،)30‬أم هم طائفة كافرة؟ ‪ ...‬فعلى القول أبهنم كفار؛ فال إشكال يف أن فعلهم ليس حبجة؛ إذ مل يقل‬
‫أحد ابالحتجاج أبفعال الكفار‪ ،‬كما هو ضروري‪ ،‬وعلى القول‪ :‬أبهنم مسلمون‪ ،‬كما يدل له ذكر املسجد؛ ألن‬
‫اختاذ املساجد من صفات املسلمني‪ ،‬فال خيفى على أدىن عاقل أن قول قوم من املسلمني يف القرون املاضية‪ :‬إهنم‬
‫سيفعلون كذا‪ ،‬ال يعارض به النصوص الصحيحة الصرُية عن النيب ‪ ‬إال من طمس هللا بصريته"(‪.)31‬‬

‫وهذا وجه آخر يف االستدالل‪ ،‬ليس من قبيل أن احلكاية مل تُسق للتشريع‪ ،‬واإلهتداء هبا‪ ،‬ولكن من قبيل‬
‫االحتجاج أبقوال الكفار‪ ،‬والشيخ ‪-‬رمحه هللا‪ -‬على هذا الوجه ال ُجييز االستدالل مبا حكاه القرآن يف هذا النوع من‬
‫املقوالت‪.‬‬

‫~‪ ":‬ال نُ َسلِّم أن اآلية تُفيد أن ذلك كان شريعة‬ ‫األلباين (ت‪1420:‬ه)‬ ‫أيضا‪ :‬يُؤخذ من قول الشيخ‬
‫ومثله ً‬
‫ملن قبلنا‪ ،‬غاية ما فيها أن مجاعة من الناس قالوا‪{ :‬لَنَتَّخِذَنَّ عَََّيْهِم مَّسْجِدًا}‪ ،‬فليس فيها التصريح أبهنم كانوا مؤمنني‪،‬‬
‫وعلى التسليم؛ فليس فيها أهنم كانوا مؤمنني صاحلني متمسكني بشريعة نيب مرسل؛ بل الظاهر خالف ذلك"(‪.)32‬‬

‫وقال‪ ":‬أنه ال يصح أن يُعترب عدم الرد عليهم‪ :‬إقراراً هلم؛ إال إذا ثبت أهنم كانوا مسلمني‪ ،‬وصاحلني‬
‫متمسكني بشريعة نبيهم‪ ،‬وليس يف اآلية ما يُشري أدىن إشارة إىل أهنم كانوا كذلك‪ ،‬بل ُيتمل أهنم مل يكونوا كذلك‪،‬‬
‫الرد‬
‫جارا‪ ،‬كما سبق من كالم ابن رجب‪ ،‬وابن كثري‪ ،‬وغريمها‪ ،‬وحينئذ فعدم َّ‬ ‫كفارا‪ ،‬أو فُ ً‬
‫وهذا هو األقرب؛ أهنم كانوا ً‬
‫إنكارا؛ ألن حكاية القول عن الكفار والفجار‪ ،‬يكفي يف َرِّده‪ :‬عزوه إليهم! فال يُعتَ ُرب‬
‫عليهم ال يُ َع ُّد إقر ًارا‪ ،‬بل ً‬
‫السكوت عليه إقر ًارا كما ال خيفى"(‪.)33‬‬

‫‪- 841 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫الفة لِّشريعة اإلسالم‪ ،‬وهو ما استدل به بعض‬


‫آبية ُُم ٍ‬
‫والذي أراه أهنم جلأوا هلذا التعليل ردا على من يستدل ٍ‬
‫ً‬
‫املعاصرين بقوله تعاىل‪ََ{ :‬كَذَ ِلكَ أَعْثََرْنَا عَََّيْهِمْ لِيَعََّْمُوا أَنَّ ََعْدَ الََِِّّ حَقٌّ ََأَنَّ السَّاعَةَ الَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمَْرَهُمْ فَقَالُوا‬

‫ابْنُوا عَََّيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعََّْمُ بِهِمْ قَاَُ الَّذِينَ غَََّبُوا عَََّى أَمَْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَََّيْهِم مَّسْجِدًا} (سورة الكهف‪ )21:‬على جواز اختاذ القبور‬
‫مساجد‪ ،‬بل على استحباب بناء املساجد على القبور(‪ !)34‬استدالالً إبقرار هللا إايهم على ما قالوا‪ ،‬وعدم رده عليهم‪.‬‬

‫ولو أمعنا النظر يف اآلية؛ فقد يُستنبط منها إبطال املقولة؛ وذلك من قوله تعاىل‪{ :‬قَاَُ ا َّلذِينَ غَََّبُوا عَََّى‬

‫أَمَْرِهِمْ}؛ فإن سياق الغَلَبة والكثرة عامةُ استعمال القرآن له يف سياق الذم ال املدح(‪ ،)35‬وخاصةً عند ِّذكر املرتفني‪،‬‬
‫ُ‬
‫والسالطني‪ ،‬وهو ما أشار له ابن أيب حامت يف تفسريه(‪.)36‬‬

‫وللعالمة الشيخ عبد الرمحن بن سعدي (ت‪1376:‬ه) ~ توجيهٌ ابلسياق آخر‪ ،‬حيث قال(‪ " :)37‬وهذه احلالة‬
‫حمظورة‪ ،‬هنى عنها النيب ‪ ، ‬وذم فاعليها‪ ،‬وال يدل ذكرها هنا على عدم ذمها‪ ،‬فإن السياق يف شأن تعظيم أهل‬
‫الكهف‪ ،‬والثناء عليهم‪ ،‬وأن هؤالء وصلت هبم احلال إىل أن قالوا‪ :‬ابنوا عليهم مسجدا‪ ،‬بعد خوف أهل الكهف‬
‫الشديد من قومهم‪ ،‬وحذرهم من االطالع عليهم‪ ،‬فوصلت احلال إىل ما ترى"‪.‬‬

‫جزي (ت‪741:‬ه) ~(‪{" :)38‬قَاَُ الَّذِينَ غَََّبُوا‬


‫وهناك وجهٌ آخر ذكره غري واحد من املفسرين‪ ،‬مفاده ما قاله ابن ُ‬
‫عَََّى أَمَْرِهِمْ} ‪ :‬قيل‪ :‬يعين الوالة‪ ،‬وقيل‪ :‬يعين املسلمني؛ ألهنم كانوا أحق هبم من الكفار‪ ،‬فبنوا على ابب الكهف‬
‫مسجدا لعبادة هللا"‪.‬‬

‫دليل على اختاذ املساجد على القبور؛ ألهنم بنوا املسجد على ابب القرب‪.‬‬
‫فليس يف اآلية ٌ‬
‫(‪)39‬‬
‫يف أتكيد هذا املعىن‪ ":‬وإن أبيت إال حسن الظن ابلطائفة الثانية؛ فلك‬ ‫قال األلوسي (ت‪1270:‬ه) ~‬
‫أن تقول‪ :‬إن اختاذهم املسجد عليهم ليس على طراز اختاذ املساجد على القبور املنهي عنه‪ ،‬امللعون فاعله‪ ،‬وإمنا هو‬
‫اختاذ مسجد عندهم وقريباً من كهفهم‪ ،‬وقد جاء التصريح ابلعندية يف رواية القصة عن السدي‪ ،‬ووهب‪ ،‬ومثل هذا‬
‫االختاذ ليس حمذوراً إذ غاية ما يلزم على ذلك أن يكون نسبة املسجد إىل الكهف الذي هم فيه‪ ،‬كنسبة النبوي إىل‬
‫املرقد املعظم صلى هللا تعاىل على من فيه‪ ،‬وسلَّم‪ ،‬ويكون قوله‪{ :‬لَنَتَّخِذَنَّ عَََّيْهِم مَّسْجِدًا} على هذا الشاكلة‪.‬‬

‫‪- 842 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫خرب ُماهد‪" :‬أن امللك‬


‫وإن شئت قلت‪ :‬إن ذلك االختاذ كان على كهف فوق اجلبل الذي هو فيه‪ ،‬وفيه ُ‬
‫تركهم يف كهفهم‪ ،‬وبىن علي كهفهم مسجداً"‪ ،‬وهذا أقرب لظاهر اللفظ كما ال خيفى‪ ،‬وهذا كله إمنا ُيتاج إليه على‬
‫القول أبن أصحاب الكهف ماتوا بعد اإلعثار عليهم‪ ،‬وأما على القول أبهنم ًنموا كما ًنموا أوالً فال ُيتاج إليه على‬
‫ما قيل‪ ،‬وابجلملة ال ينبغي ملن له أدىن رشد أن يذهب إىل خالف ما نطقت األخبار الصحيحة واآلاثر الصرُية"‪،‬‬
‫مث ساق األدلة على حترمي البناء على القبور‪.‬‬

‫وأحسن من هذه التوجيهات أن يُقال‪ :‬إن إبطال املقولة ال يُشرتط أن يكون يف نفس سياق حكايتها‪،‬‬
‫منسوخا‪ ،‬أم احنرافًا عن الشريعة‪،‬‬
‫ً‬ ‫فمىت ما ورد ما يُبطل احلكاية؛ بَطل االحتجاج هبا‪ ،‬سواءٌ أكانت املقولة حتكي شرعاً‬
‫وسواءٌ أورد اإلبطال يف القرآن‪ ،‬أو من قول رسول هللا ‪ ،‬وقد ورد ما يُبطل التعلق هبذه اآلية‪.‬‬

‫ومن األحاديث يف النهي عن ذلك‪ :‬حديث ابن عباس (ت‪ ،~ )68:‬قال‪" :‬لعن رسول هللا ‪ ‬زوارات القبور‪،‬‬
‫واملتخذين عليها املساجد‪ ،‬والسرج(‪.")40‬‬

‫قال القرطيب (ت‪671:‬ه) ~(‪" :)41‬قال علماؤًن‪" :‬وهذا ُُيَ ِّرم على املسلمني أن يتخذوا قبور األنبياء والعلماء‬
‫مساجد"‪.‬‬

‫ولو استدل هؤالء ِّ‬


‫األجلة أبحد هذه الطُرق على عدم جواز االستدالل إبقرار القرآن هلا؛ لكان أوىل من‬
‫إنكار داللة املقوالت املرسلة ابلشروط اليت حكوها‪.‬‬
‫ُ‬
‫صدَّق القرآن إبليس يف قوله‪{ :‬قَاَُ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ألُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي‬
‫ولو كان قول الكافر ليس حبجة ُمطل ًقا ملا َ‬
‫األَرْضِ ََألُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِني}إىل قوله‪{ :‬إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَََّيْهِمْ َُُّْطَانٌ إِالَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاَِين} (سورة الحجر‪.)42-39:‬‬

‫فلم يتعقبه إبثبات الربوبية‪ ،‬وال إبثبات القدر السابق(‪ ،)42‬وتعقبه أبن عباد الرمحن ليس له عليهم سلطان‪.‬‬

‫ويف قوله تعاىل‪ََ { :‬شَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهَِّْهَا إِن كَانَ قَمِيصُُِ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ ََهُوَ مِنَ الكَاذِبِني} (سورة يوسف‪،)26:‬‬

‫سبب إعراض العزيز عن يوسف عليه السالم‪ :‬قوله تعاىل‪{ :‬يُوُُفُ أَعَْرِضْ عَنْ هَذذَا ََاُْتَغْفَِرِي‬ ‫ِّ‬
‫اضح بدليل السياق أنه ُ‬
‫و ٌ‬
‫لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِني} (سورة يوسف‪.)29:‬‬

‫‪- 843 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫صدق رأيه‪ ،‬ومتام فِّطنته‪{ :‬ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن‬


‫واعتربه القرآن آيةٌ على ِّصدق يوسف عليه السالم‪ ،‬وهذا تَنبيه على ِّ‬
‫ٌ‬
‫بَعْدِ مَا رَأََُاْ اآليَاتِ لَيَسْجُنُنَُِّ حَتَّى حِني} (سورة يوسف‪.)35:‬‬

‫أَمِني} (سورة‬ ‫أملح يف قوله تعاىل‪ََ{ :‬قَاَُ الْمََِّكُ ائْتُونِي بِِِ أَُْتَخَِّْصُِْ لِنَفْسِي فَََّمَّا كَََّّمَُِ قَاَُ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِنيٌ‬
‫وإين ُ‬
‫يوسف‪ٌ ،)54:‬‬
‫بيان لرجاحة عقله‪ ،‬و ُحسن سياسته‪.‬‬

‫ك وهو كذوب»(‪.)43‬‬
‫ص َدقَ َ‬
‫ويف الصحيح قال النيب ‪ ‬يف حق الشيطان‪َ « :‬‬

‫حرب من األحبار رسول هللا ‪ ،‬فقال‪ :‬اي حممد‪ ،‬نِّع َم القوم أنتم‪،‬‬ ‫وعن قتيلة بنت صيفي اجلهنية قالت‪ :‬أتى ٌ‬
‫لوال أنكم تشركون‪ ،‬قال‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬وما ذاك ؟‬
‫قال‪ :‬تقولون إذا حلفتم والكعبة‪ ،‬قالت‪ :‬فأمهل رسول هللا ‪ ‬شيئاً‪ ،‬مث قال‪ « :‬إنه يقال‪ ،‬فمن حلف منكم‬
‫فليحلف برب الكعبة»‪ ،‬مث قال‪ :‬اي حممد‪ ،‬نِّع َم القوم أنتم‪ ،‬لوال أنكم جتعلون هلل نداً‪.‬‬
‫قال‪ « :‬سبحان هللا!»‪.‬‬
‫قال تقولون‪ :‬ما شاء هللا وشاء فالن‪ ،‬فأمهل رسول هللا ‪ ‬شيئاً‪ ،‬مث قال‪« :‬إنه قد قال من قال‪ ،‬فمن قال‪:‬‬
‫ما شاء هللا‪ ،‬فليقل معها مث شئت» (‪.)44‬‬
‫قص هللا عز وجل ما جرى من إخوة‬ ‫ومن استدالالت العالمة املعلمي ~ يف هذه املسألة قوله‪" :‬فقد َّ‬
‫ُ‬
‫يوسف‪ ،‬ومل ينص يف نفس القصة على ُحرمة كل ما هو حرام يف تلك األفعال‪ ،‬وإن ذَ َكر احلُكم يف موض ٍع آخر يف‬
‫ومنسوخا‪ ،‬وال قائل‬
‫ً‬ ‫ًنسخا‬
‫تنبيها على ما يف تلك القصة‪ ،‬وإال لكان ً‬‫القرآن؛ فذلك لبيانه من حيث هو‪ ،‬ال ليكون ً‬
‫به‪.‬‬
‫(‪)45‬‬
‫أخا للبائع‪ ،‬وعلى فرض أن‬
‫السنة منع بيع احلر ‪ ،‬وإن كان ابنًا‪ ،‬أو ً‬
‫ويف القصة‪ :‬أهنم ابعوه‪ ،‬وقد بينت ُّ‬
‫دليال على اجلواز‪ ،‬فالذي يف اآلية ُمرد العزم‪ ،‬فال تدل على جواز الفعل‪ ،‬وعلى فرض التسليم أبهنا‬
‫مثل هذا يكون ً‬
‫تدل على جواز الفعل‪ ،‬فذلك لو مل يصحبها التنبيه ابحلظر‪ ،‬وقد صحبها"(‪.)46‬‬
‫ومع صواب ما قاله العالمة املعلمي يف عدم صحة االستدالل على البناء على القبور آبية سورة الكهف؛‬
‫إال أن تقعيده لعدم جواز االستدالل ابملقوالت املرسلة بداللة ما ورد يف قصة يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬يظهر يل‬
‫ُ‬
‫نكارا ملا تضمنته يف موط ٍن آخر‪ ،‬فإنه يُفيد إعمال‬
‫ً‬ ‫إ‬ ‫وجد‬‫ُ‬‫ي‬ ‫مث‬ ‫اإلنكار‪،‬‬ ‫بُعده؛ فإن املقولة اليت تُذكر يف القرآن ُمردة عن‬
‫التأويل يف مضموهنا؛ إما من جهة اجلمع بني النصوص؛ وإبراز داللة اآلية على إنكاره أبي طريق من طُرق البيان‪،‬‬
‫أو بوقوع النسخ‪ ،‬ومىت ورد القول ابلنسخ يف مثال؛ صح اعتباره يف مجيع األمثلة‪ ،‬ما مل مينع منه مانع‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫ذكره سبحانه وتعاىل يف سورة يوسف يف قوله‪{ :‬قَالُواْ جَزَاؤُهُ مَن َُجِدَ فِي رَحَِِِّْ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِني} (سورة‬ ‫ما‬
‫مأثور عن بعض أهل العلم‪ ،‬وسيأيت بيان املسألة‬
‫يوسف‪ ،)75:‬وداللته على اسرتقاق السارق‪ ،‬فإن القول ابلنسخ ٌ‬

‫‪- 844 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫املتعلقة به‪ ،‬وهي املسألة السادسة يف املعامالت‪ ،‬وهذا هو األصل يف النصوص إن كان ظاهرها التعارض‪ ،‬وال شك‬
‫أن بيان احلكم يف موطن آخر‪ ،‬كما يدل على ُحكمه من حيث هو؛ يدل على التنبيه على ما ذُكر يف تلك القصة؛‬
‫بعضا‪ ،‬وحسبك يف التدليل على هذا‪ :‬ما ذكره هللا تعاىل عن الكافرين إذ قال‪ََ{ :‬إِذَا تُتََّْى‬ ‫ِّ‬
‫فإن القرآن يُفسر بعضهُ ً‬
‫عَََّيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ َُمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقَُّْنَا مِثْلَ هَذذَا إِنْ هَذذَا إِالَّ أََُاطِريُ األََّلِني} (سورة األنفال‪.)31:‬‬
‫اإلجابة َعلَى مقولَتِّ ِّهم يف هذا املوطن اكتفاءً مبا تنطوي عليه من وضوح عجزهم‪ ،‬وضعفهم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫فَترك ال ُقرآ ُن‬
‫فجعل اجلواب على شبهتهم يسبق على لسان السامع هلا‪.‬‬
‫ورد عليها يف مواطن أُخرى‪ ،‬كما يف سورة الفرقان‪ََ{ :‬قَالُوا أََُاطِريُ األَََّلِنيَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمََّْى عَََّيِِْ بُكَْرَةً ََأَصِيالً‬
‫َّ‬
‫قُلْ أَنزلَُِ الَّذِي يَعََّْمُ السَِّرَّ فِي السَّمَاََاتِ ََاألَرْضِ إِنَُِّ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} (سورة الفرقان‪.)6-5:‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫{ََإِذَا قِيلَ لَهُمُ اُْجُدَُا لََِّرَّحْمَنِ قَالُوا ََمَا الَرَّحْمَنُ أنَسْجُدُ لِمَا تَأْمَُرُنَا ََزَادَهُمْ نُفُورًا} (سورة‬ ‫وكذلك قوله تعاىل‪:‬‬
‫الفرقان‪.)60:‬‬
‫إنكارا ملقولتهم إال بطريق السياق‪ ،‬مبعىن أن مقولتهم ُمساقة‬
‫وأنت إذا أتملت اآلية منفرد ًة يف موضعها ال جتد ً‬
‫مقوالت آُخر تدل على كفرهم وعتوهم‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ضمن‬
‫اضحا جليًا‪ ،‬قال تعاىل‪ََ{ :‬هُمْ يَكْفَُرَُنَ بِالَرَّحْمَذنِ قُلْ هُوَ‬
‫ولكن حني النظر يف املواطن األُخرى جتد اإلبطال و ً‬
‫رَبِّي ال إِلَذَِ إِالَّ هُوَ عَََّيِِْ تَوَكََّّْتُ ََإِلَيِِْ مَتَاب} (سورة الرعد‪.)30:‬‬
‫فأابن أن إنكارهم للرمحن هو من مجلة كفرهم وضالهلم‪ ،‬وأمر نبيه أن يقول هلم‪ :‬إن كنتم تكفرون ابلرمحن‪،‬‬
‫فإين ال أكفر مثلكم به‪ ،‬بل أُومن به؛ فهو ريب‪...‬‬
‫السنة منع بيع احلر‪ ،‬وإن كان‬
‫صة‪ :‬أهنم ابعوه‪ ،‬وقد بينت ُّ‬ ‫الشق الثاين من اعرتاضات الشيخ ~‪ ":‬ويف ِّ‬
‫الق َّ‬ ‫أما ِّ‬
‫أخا للبائع"‪.‬‬
‫ابنًا‪ ،‬أو ً‬
‫اض بعني االستدالل!‬
‫فاجلواب‪ :‬أن هذا اعرت ٌ‬
‫وذلك أن كال األمرين من ُمرج واحد‪ ،‬فكما أن هؤالء عزموا على بناء مسجد على قبورهم‪ ،‬وجاءت السنة‬
‫ابلنهي عن ذلك‪ ،‬فكذلك الذين وجدوا يوسف عليه السالم فباعوه‪ ،‬جاءت السنة ابلنهي عن بيع احلُر‪.‬‬
‫(‪)48‬‬
‫وهبذا يَطَّ ِّرد االستدالل الذي نبه عليه األلوسي(ت‪1270:‬ه) ~(‪)47‬حني قال‪":‬مذهبنا يف شرع من قبلنا‬
‫وإن كان إنه يلزمنا على أنه شريعتنا‪ ،‬لكن ال مطلقاً‪ ،‬بل إن قصه هللا تعاىل علينا بال إنكار‪ ،‬وإنكار رسوله ‪‬‬
‫كإنكاره عز وجل"‪.‬‬
‫وهذا كالم غاية يف التحقيق؛ يُ ُّرد به على مجيع االعرتاضات‪ ،‬وأن األصل لزوم االحتجاج هبا ابستثناء ما‬
‫السنَّة على أنه منسوخ‪ ،‬أو ابطل‪.‬‬ ‫َد َّل القرآن‪ ،‬أو ُّ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬عالقة المقوالت ال ُمرسلة بالشرائع السابقة‬

‫‪- 845 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫الصلة بقاعدة شرع من قبلنا‪ ،‬على اعتبار أن أغلب ما ذُكر يف ابب‬ ‫ال شك أن املقوالت املرسلة شديدة ِّ‬
‫ُ‬
‫املقوالت املرسلة هو ألم ٍم تَعبَّدت بشرائع سابقة‪ ،‬وإن طرأ عليهم االحنراف فيما بعد‪.‬‬
‫ُ‬
‫وقد نبَّه الشاطيب (ت‪790:‬ه) ~(‪ )49‬إىل ذلك‪ ،‬فقال‪ " :‬مجيع ما ُيكى فيه من شرائع األولني وأحكامهم‪،‬‬
‫حق جيعل عمدة عند طائفة يف شريعتنا‪ ،‬ومينعه قوم‪ ،‬ال من جهة قدح‬ ‫ومل ينبه على إفسادهم‪ ،‬وافرتائهم فيه؛ فهو ٌ‬
‫فيه‪ ،‬ولكن من جهة أمر خارج عن ذلك؛ فقد اتفقوا على أنه حق وصدق كشريعتنا‪ ،‬وال يفرتق ما بينهما إال حبكم‬
‫النسخ فقط"‪.‬‬
‫لكن هناك فروق بني املقوالت املرسلة‪ ،‬وشرع من قبلنا سواءً من جهة التوصيف‪ ،‬أو من جهة احلكم‪.‬‬
‫ُ‬
‫فمن جهة التوصيف‪ :‬فإن بينهما عموم وخصوص من وجه‪ ،‬فقد تكون املقولة موافقة لشر ٍ‬
‫يعة سابقة من‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫شرائع األنبياء ﭺ‪ ،‬وقد ال تكون‪ ،‬فمن األول‪ :‬قوله تعاىل‪ََ { :‬قَاَُ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آُِ فَِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِميَانَُِ أَتَقْتَُُّونَ رَجُالً أَن يَقُوَُ‬

‫رَبِّيَ الََُِّّ} (سورة غافر‪ ،)28:‬ومن الثاين‪ :‬قوله تعاىل‪-‬عن قارون‪{ :-‬قَاَُ إِنَّمَا أَُتِيتُُِ عَََّى عَِّْمٍ عِندِي} (سورة القصص‪،)78:‬‬
‫كفر بنعمة هللا تعاىل‪ ،‬وقد ذم هللا هذه املقولة يف هذه األمة‪ ،‬فقال‪{ :‬فَإِذَا‬
‫قطعا ليست شريع ًة سابقة؛ ألهنا ٌ‬
‫فهذه ً‬
‫مَسَّ اإلِنسَانَ ضَُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَاَُ إِنَّمَا أَُتِيتُُِ عَََّى عَِّْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ َلَكِنَّ أَكْثََرَهُمْ الَ يَعََّْمُون} (سورة الزمر‪.)49:‬‬
‫كما أن الشرائع السابقة قد تُذكر يف القرآن يف غري سياق املقوالت‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪ََ{ :‬كَتَبْنَا عَََّيْهِمْ فِيهَا‬

‫أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ََالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ََاألَنفَ بِاألَنفِ ََاألُذُنَ بِاألُذُنِ ََالسِّنَّ بِالسِّنِّ ََالْجَُرَُحَ قِصَاصٌ} (سورة املائدة‪ ،)45:‬فهذه يف شريعة‬
‫نيب هللا موسى‪ ،‬وعيسى •‪.‬‬
‫وقد تُذكر يف سياق املقوالت‪ ،‬كما يف أقوال األنبياء • يف القرآن‪.‬‬
‫هذا من جهة التقسيم‪ ،‬وأما من جهة بيان آراء العلماء يف هذه املسألة‪ ،‬فاحلق أهنا مسألة خالفية‪ ،‬وكثريٌ‬
‫من أقوال العلماء مل ُُيرر فيها حمل النزاع‪ ،‬وبعضها جاء يف سياق وقوع التحريف يف ُكتُبهم‪.‬‬
‫ولتحرير حمل النزاع يف املسألة‪ ،‬أسوق كالم الشيخ الشنقيطي (ت‪1393:‬ه) ~‪ ،‬فهو ُحمَّرر يف ذلك‪.‬‬
‫قال ~(‪" :)50‬اعلم أوال‪ :‬أن شرع من قبلنا له ثالث حاالت‪ :‬اترة يكون شرعا لنا بال خالف‪ ،‬واترة يكون‬
‫غري شرع لنا بال خالف‪ ،‬واترة يكون حمل خالف‪ ،‬هو الذي فيه كالم العلماء؛ ألن شرع من قبلنا واسطة وطرفان‪:‬‬
‫إمجاعا‪ ،‬وواسطةٌ هي حمل حبث العلماء وخالفهم‪.‬‬
‫شرعا لنا ً‬‫وطرف ليس ً‬
‫ٌ‬ ‫إمجاعا‪،‬‬
‫طرف هو شرع لنا ً‬ ‫ٌ‬
‫إمجاعا‪ :‬وهو ما ورد يف شرعنا أنه كان شرعا ملن قبلنا‪ ،‬مث جاءًن يف شرعنا أنه‬
‫أما الطرف الذي هو شرع لنا ً‬
‫قصاصا‪ ...‬فمثل هذا الطرف هو شرعٌ لنا إبمجاع‪.‬‬
‫ً‬ ‫مشروعٌ لنا‪ ،‬كقتل النفس ابلنفس‬
‫إمجاعا‪ ،‬وهذا الطرف له صوراتن‪:‬‬
‫الطرف الثاين‪ :‬يكون شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ً‬
‫شرعا ملن قبلنا‪ ،‬وإمنا تلقي عن اإلسرائيليات‪ .‬فهذا ال‬
‫إحدامها‪ :‬أال يثبت بشرعنا أصال ‪ ...‬على أنه كان ً‬
‫رعا‬
‫شرعا لنا ابإلمجاع ‪...‬ما مل يقم دليل على صدقها أو كذهبا‪ .‬وما هنينا عن تصديقه ال ميكن أن يكون ش ً‬
‫يكون ً‬

‫‪- 846 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫نص لنا يف شرعنا أنه غري مشروع‬


‫شرعا ملن قبلنا‪ ،‬إال أنه َّ‬‫لنا‪ ،‬الثاين من هذا الطرف‪ :‬هو ما ثبت يف شرعنا‪ :‬أنه كان ً‬
‫لنا‪ ،‬ومثال هذا كاآلصار واألغالل اليت كانت على من قبلنا‪ ،‬فإن هللا بني لنا يف كتابنا أنه رفعها عنا‪ ،‬كما قال تعاىل‪:‬‬
‫{َيَضَعُ عَنْهُمْ إِصَْرَهُمْ ََاألَغْالََُ الَّتِي كَانَتْ عَََّيْهِمْ} (سورة األعراف‪...)157:‬‬
‫شرعا ملن قبلنا‪ ،‬ومل يثبت يف‬
‫بقيت واسطة هي حمل اخلالف بني العلماء‪ ،‬وهي ما ثبت بشرعنا‪ :‬أنه كان ً‬
‫شرعناك أنه شرعٌ لنا‪ ،‬وال غري شرٍع لنا‪.‬‬
‫(‪)53‬‬
‫هذا حمل اخلالف‪ ،‬ومجهور العلماء ‪ -‬وهو املشهور عن األئمة الثالثة‪ ،‬مالك‪)51(،‬وأمحد‪)52(،‬وأيب حنيفة‬
‫ع من قبلنا‪ ،‬الثابت بشرعنا‪ :‬يكون شرعا لنا‪ ،‬إال لدليل يدل على أنه منسوخ عنا‪ ،‬وعن الشافعي(‪ )54‬يف‬ ‫‪ -‬أن شر َ‬
‫أصح الرواايت يف أصوله‪ :‬أنه ال يكون شرعا لنا إال بدليل منفصل‪."... .‬‬
‫فهذا حترير اخلالف‪ِّ ،‬‬
‫وذكر آراء العلماء فيها على سبيل اإلمجال‪.‬‬
‫جدا هي‬ ‫وكل ُمطَّل ٍع على هذه املسألة يتبني له‪ :‬أن اخلالف فيها قر ٌ‬
‫يب من اللفظي عند التطبيق‪ ،‬وقليلة ً‬
‫املسائل اليت تكون هذه املسألة سبب اخلالف فيها‪ ،‬بل قد تكون معدومة(‪ ،)55‬وذلك أن العلماء اتفقوا على أصول‬
‫فيها‪ ،‬وهي(‪:)56‬‬
‫‪ -1‬وجوب العمل ابلدليل الناسخ لشرع من قبلنا‪ ،‬من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫إخبار غري ُمصدَّق‪ ،‬وأما إخبارهم أبن هذا‬
‫‪ -2‬موثوقية النقل يف اإلخبار عن شرع من قبلنا‪ ،‬فال يُقبل ٌ‬
‫يف شريعتهم؛ فال يُ ُّ‬
‫عتد به؛ إذ هم موصوفون ابلتحريف‪.‬‬
‫حنن بصدده‪:‬‬
‫ومن أقوال العلماء يف هذه املسألة‪ ،‬مما يشتمل على ما ُ‬
‫قص هللا ورسوله من غري‬
‫قال ابن قطلوبغا (ت‪879:‬ه) ~(‪ " :)57‬والصحيح‪ :‬أن شرائع من قبلنا تلزمنا إذ َّ‬
‫إنكار أنه شريعة لرسولنا"‪.‬‬
‫وقال املاوردي (ت‪450:‬ه) ~(‪" :)58‬وأما ما تضمنته شرائع من قبلنا من األنبياء من األوامر والنواهي فما مل‬
‫صهُ علينا يف كتابه‪ :‬لَ ِّزمنا منه‪ :‬ما َشَر َعه‬
‫يقصه هللا تعاىل علينا يف كتابه‪ :‬مل يلزمنا حكمه؛ النتفاء العلم بصحته‪ ،‬وما قَ َّ‬
‫إلبراهيم"‪.‬‬
‫وال شك أن هذه املسألة‪ ،‬وإن كان هلا تعلُّق ببحثنا‪ ،‬إال أن عالقتها يف نظري ضعيفةٌ؛ ألن مناط االستدالل‬
‫ليس أبنه شرع من قبلنا‪ ،‬ولكن إلقرار القرآن هلا‪ ،‬كما سبق بيانه‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬الفرق بني املقوالت‪ ،‬وبني قصص القرآن‪:‬‬

‫صص القرآن عامةٌ‪ ،‬ال بد أن تتضمن مقوالت‪ ،‬وأما‬


‫وخصوص ُمطلق‪ ،‬ف َق َ‬
‫ٌ‬ ‫عموم‬
‫بني املقوالت‪ ،‬والقصص ٌ‬
‫صص؛ كما يف قوله‬
‫صص‪ ،‬ولذلك ند بعض املقوالت يف القرآن ليست يف سياق ال َق َ‬
‫املقوالت؛ فإهنا أخص من ال َق َ‬
‫تعاىل‪َ{ :‬يَقُوُُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَذؤُالء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِالَِِّّ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاَُِرِين} (سورة املائدة‪،)53:‬‬

‫‪- 847 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫تكرر مثلها يف أربع مواضع من القرآن الكرمي‪ ،‬وقوله تعاىل‪ََ{ :‬ا َّلذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزََْاجِنَا ََذُرِّيَّاتِنَا قَُرَّةَ أَعْيُنٍ‬

‫ََاجْعََّْنَا لَِّْمُتَّقِنيَ إِمَامًا} (سورة الفرقان‪ ،)74:‬فليست يف سياق قصة‪.‬‬

‫ولذلك لو مجعنا قصص القرآن؛ خلرجت بعض املقوالت‪ ،‬فلم يُتعرض هلا‪ ،‬ولكن لو مجعنا املقوالت؛ فال‬
‫صص الوارد يف القرآن‪ ،‬وبناء عليه فإن املقوالت ليست كلها داخلة يف قصص القرآن‪.‬‬
‫بد أن نتعرف على مجيع ال َق َ‬

‫املبحث الثاين‪ :‬دراسة تطبيقية للمقوالت املرسلة يف أحكام املعامالت‪ ،‬وأحكام األسرة‬
‫املطلب األول‪ :‬مقوالت القرآن املُرسلة يف أحكام املعامالت‬
‫نصوصا كثرية‪ ،‬وعُ َّد يف تقسيمات‬
‫ً‬ ‫وشرعت له يف خطاب الشرع‬
‫اهتمت الشريعة اإلسالمية بفقه املعامالت‪ُ ،‬‬
‫األحكام ُر ًبعا ألحكام الشريعة‪ ،‬على تفصيل بينهم(‪.)59‬‬
‫التصرف‪ ،‬من البيع‪ ،‬وحنوه"(‪.)60‬‬
‫األمصار يراد به‪ُّ :‬‬
‫َ‬ ‫واملعامالت‪ :‬مجع معاملة‪" ،‬وعاملته يف كالم أهل‬

‫وهذب أخالقهم فيها‪ ،‬وربطها ِّ‬


‫ابلدين‪،‬‬ ‫وقد أقر اإلسالم العرب على ما كث ٍري من املعامالت‪ ،‬ولكنه َه َّذهبا‪َّ ،‬‬
‫أتكيدا على مراعاة اإلسالم ملصاحل اخلًلق‪ ،‬مراعاته‬‫واإلميان؛ ليُدرك أهنا عبادة مع أهنا قائمةٌ على املصلحة احملضة‪ً ،‬‬
‫إلقامة الشَّرع؛ ليكون نسيج وحده يف مراعاة مصاحل ِّ‬
‫الدين والدُّنيا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مثال‪ ،‬وُكل ما ُح ِّرم من املعامالت؛‬ ‫وجعل األصل فيها اإلابحة(‪ ،)61‬ما مل يَدل دليل على التحرمي؛ كما يف ِّ‬
‫الراب ً‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫متنع منها الشريعة حفظًا للحقوق‪،‬‬ ‫فلمصاحل اخللق ُح ِّرم‪ ،‬فكل معاملة اشتملت على ضرر‪ ،‬أو غرر‪ ،‬أو ظُلم ألحد ُ‬
‫وإقامة للعدل الذي قامت عليه السموات واألرض‪.‬‬
‫نص‬
‫فاألصل يف املعامالت اإلذ ُن حىت جييءَ ٌّ‬ ‫نص يُ ِّ‬
‫شرع‪،‬‬ ‫املنع حىت جييء ٌّ‬
‫األصل يف العبادات َ‬ ‫وإذا كان‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عامة اإلابحة‪.‬‬
‫التصرفات ال َّ‬
‫مينع‪ ،‬ولذلك فاألصل يف املعامالت و ُّ‬

‫املسألة األوىل‬

‫(‪)62‬‬
‫صحة الوكالة‬

‫قال تعاىل‪ { :‬قَالُوا رَبُّكُمْ أَعََّْمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فََّْيَنظَُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فََّْيَأْتِكُم بَِرِزْقٍ‬

‫مِّنُِْ ََلْيَتَََّطَّفْ ََالَ يُشْعَِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} (الكهف‪.)19:‬‬

‫‪- 848 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫وهبا استدل ابن العريب (ت‪543:‬ه) ~ على صحة الوكالة(‪ ،)63‬فإهنم وكلوا أحدهم بشراء الطَّعام‪ ،‬وال أعلم‬
‫ُُمال ًفا يف املسألة(‪ ،)64‬ولكن يُقيِّدها احلنفية ابلضرورة واحلاجة(‪ ،)65‬وقد يُفهم تقيدها بذلك من قوله تعاىل‪{ :‬فَإن كَانَ‬

‫الَّذِي عَََّيِِْ الْحَقُّ َُفِيهًا أََْ ضَعِيفًا أََْ الَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فََّْيُمَِّْلْ ََلِيُُِّ بِالْعَدُِْ} (سورة البقرة‪.)282:‬‬
‫فهي من أدلة الفقهاء على جواز الوكالة‪.‬‬
‫قال ابن رشد (ت‪520:‬ه) ~ ‪" :‬فمن رأى أن األصل‪ :‬ال ينوب فعل الغري عن فعل الغري إال ما دعت إليه‬
‫الضرورة‪ ،‬وانعفد اإلمجاع عليه‪ ،‬قال‪ :‬ال جتوز نيابة من اختُلف يف نيابته‪ ،‬ومن رأى أن األصل هو اجلواز‪ ،‬قال‪ :‬الوكالة‬
‫يف كل شيء جائزة؛ إال فيما أُمجع على أنه ال تصح فيه من العبادات‪ ،‬وما جرى حمراها"(‪.)66‬‬
‫ومن أدلة الوكالة يف السنة‪:‬‬
‫ما روى جابر بن عبد هللا (ت‪78:‬ه) ‪ ‬قال‪ ":‬أردت اخلروج إىل خيرب‪ ،‬فأتيت رسول هللا ‪ ‬وقلت له ‪:‬‬
‫"إين أريد اخلروج إىل خيرب"‪ ،‬فقال ‪ « :‬ائت وكيلي‪ ،‬فخذ منه مخسة عشر وسقا‪ ،‬فإن ابتغى منك آية فضع يدك‬
‫على ترقوته»(‪.)67‬‬

‫املسألة الثانية‬

‫الشركة يف الطعام املُشرتى مبال اجلماعة‬

‫قال تعاىل‪{ :‬فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فََّْيَنظَُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فََّْيَأْتِكُم بَِرِزْقٍ مِّنُِْ ََلْيَتَََّطَّفْ} (الكهف‪.)19:‬‬

‫ِّ‬
‫مجيعا ‪ ..‬فأَضافه إىل اجلماعة وأمره ِّابلشراء ليأكلوا ً‬
‫مجيعا منه‬ ‫الوِّرق هلم ً‬
‫قال اجلصاص (ت‪370:‬ه) ~‪":‬فكان َ‬
‫"(‪.)68‬‬
‫وقال الكيا اهلراسي (ت‪504:‬ه) ~‪ ":‬يدل ذلك على جواز خلط دراهم اجلماعة‪ ،‬والشراء هبا‪ ،‬واألكل من‬
‫الطعام الذي بيهم ابلشركة‪ ،‬وإن كان فيهم من أيكل أكثر‪ ،‬ومن أيكل أقل‪ ،‬وهو الذي يسميه الناس املناهدة‪،‬‬
‫ويفعلونه يف األسفار‪ ،‬وذلك أنه قال‪{ :‬فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فََّْيَنظَُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا}(الكهف‪ :‬من‬
‫اآلية‪ ،)19‬وأضاف الورق إىل اجلميع‪ ،‬ومثله‪ََ{ :‬إِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} (سورة البقرة‪.)69(") 220:‬‬
‫قال املاوردي (ت‪450:‬ه) ~(‪" :)70‬اشرتاك اجلماعة يف طعامهم‪ ،‬وإن كان بعضهم أكثر أكالً‪ ،‬وهي‬
‫املناهدة(‪ ،)71‬وكانت مستقبحة يف اجلاهلية"‪.‬‬
‫قال ابن العريب (ت‪543:‬ه) ~(‪ ":)72‬وليس يف هذه اآلية دليل على ما قالوه؛ ألنه ُيتمل أن يكون كل واحد‬
‫منهم قد أعطاه ورقه مفردا‪ ،‬فال يكون فيه اشرتاك "‪.‬‬

‫‪- 849 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫وما أورده ابن العريب هنا‪ ،‬وإن كان حمتمل؛ إال أنه خالف الظاهر‪ ،‬وقد جاء جوازها يف السنة يف عدة‬
‫اباب يف صحيحه‪ ،‬بعنوان‪" :‬ابب الشركة يف الطعام‪ ،‬والنهد‪ ،‬والعروض"‪ ،‬وقال‪" :‬وكيف‬
‫أحاديث‪ ،‬وقد َع َقد البخاري ً‬
‫بعضا‪،‬‬
‫بعضا‪ ،‬وهذا ً‬
‫قسمة ما يكال ويوزن ُمازفة‪ ،‬أو قبضة قبضة‪ ،‬ملا مل ير املسلمون يف النهد أبسا أن أيكل هذا ً‬
‫وكذلك ُمازفة الذهب والفضة‪ ،‬و ِّ‬
‫القران يف التمر"‪ ،‬وأورد مجلة من األحاديث منها‪:‬‬
‫حديث أيب موسى األشعري (ت‪45:‬ه) ‪ ،‬أن النيب ‪ ‬قال‪« :‬إن األشعريني إذا أرملوا(‪ )73‬يف الغزو أو‬
‫ابلسوية‪ ،‬فهم مين‪ ،‬وأًن‬
‫نفدت نفقة عياهلم ابملدينة‪ ،‬مجعوا ما كان معهم يف ثوب واحد‪ ،‬مث قسموه يف إًنء واحد َّ‬
‫منهم» (‪.)74‬‬
‫أيضا حديث سلمة بن األكوع (ت‪74:‬ه) ‪ ‬قال‪َ " :‬خ َّفت أزواد القوم‪ ،‬وأملقوا‪ ،‬فأتوا النيب ‪ ‬يف‬
‫وأورد ً‬
‫حنر إبلهم‪ ،‬فأذن هلم‪ ،‬فلقيهم عمر‪ ،‬فأخربوه فقال‪" :‬ما بقاؤكم بعد إبلكم"‪ ،‬فدخل على النيب ‪ ،‬فقال‪ :‬اي رسول‬
‫هللا‪ ،‬ما بقاؤهم بعد إبلهم‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ً« :‬ند يف الناس‪ ،‬فيأتون بفضل أزوادهم»‪ ،‬فبسط لذلك نطع‪ ،‬وجعلوه‬
‫على النطع‪ ،‬فقام رسول هللا ‪ ‬فدعا‪ ،‬وبََّرك عليه‪ ،‬مث دعاهم أبوعيتهم‪ ،‬فاحتثى الناس حىت فرغوا‪ ،‬مث قال رسول هللا‬
‫‪« :‬أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأين رسول هللا»(‪.)75‬‬
‫ويالحظ أن اعرتاض ابن العريب على االستدالل ابآلية على ِّ‬
‫الشركة يف الطعام؛ إمنا هو بناءً على رأي اإلمام‬ ‫ُ‬
‫الشركة يف الطعام متاجرًة‪ ،‬ففي املدونة(‪ )76‬عن ابن القاسم (ت‪ 191:‬ه) ~‪ ،‬قال‪" :‬فال أرى‬ ‫مالك (ت‪179:‬ه) ~ يف ِّ‬
‫أن جتوز الشركة يف الطعام‪ ،‬إال على الكيل‪ ،‬يتكافآن يف الكيل‪ ،‬ويتكافآن يف اجلودة‪ ،‬ويف العمل‪ ،‬وإال مل تصلح‬
‫الشركة‪ .‬قال‪ :‬ورجع مالك عن إجازة الشركة ابلطعام وإن تكافآ‪ ،‬مل جيزه لنا منذ لقيناه‪ .‬قلت‪ :‬مل كرهه مالك؟ قال‪:‬‬
‫ما رأيت له فيه حجة‪ ،‬أكثر من أنه كرهه"‪.‬‬
‫وقد تعقبه القاضي إمساعيل املالكي (ت‪ 282:‬ه)(‪ )77‬أبنه ُمتعذر‪ ،‬ولو تساواي يف ال َقدر‪ ،‬والصفة‪ ،‬وهو كما‬
‫الشركة يف الطعام إن كان لألكل واحلاجة للطعام‪ ،‬ال تُقاس على ما كان سبيله البيع‪ ،‬واالكتساب‪ ،‬قال القرايف‬ ‫قال‪ ،‬و ِّ‬
‫~ (ت‪648:‬ه) (‪ ..." :)78‬وهذه األحاديث يف ِّ‬
‫الصحاح‪ ،‬وقوله تعاىل‪{ :‬فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فََّْيَنظَُرْ أَيُّهَا‬
‫أَزْكَى طَعَامًا فََّْيَأْتِكُم بَِرِزْقٍ مِّنُِْ ََلْيَتَََّطَّفْ}‪ :‬مقتضاه ِّ‬
‫الشركة يف الطعام املشرتى ابلورق"‪ ،‬ولذا كان كالم ابن العريب خالف‬
‫ُ‬
‫(‪)79‬‬
‫الظاهر‪ ،‬وقد أفاض الشاطيب (ت‪ 790:‬ه) ~ يف بيان موافقة هذا العمل ألصول الشريعة؛ فلينظر يف موضعه ‪.‬‬

‫املسألة الثالثة‬

‫(‪)80‬‬
‫جواز اإلجارة‬
‫قال تعاىل‪{ :‬قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اُْتَأْجَِرْهُ إِنَّ خَيَْرَ مَنِ اُْتَأْجََرْتَ الْقَوِيُّ األَمِني} (القصص‪.)26:‬‬

‫‪- 850 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫أهنا قالت ألبيها‪ ﴿ :‬يَاأَبَتِ اُْتَأْجَِرْهُ﴾‪ :‬أي ليقوم‬ ‫(‪)81‬‬


‫ذكر هللا عز شأنه‪ -‬عن ابنة العبد الصاحل‪ ،‬شعيب‬
‫دليل على أن اإلجارة معلومةٌ عندهم‪ ،‬وسيأيت بيان‬
‫ابلسقي‪ ،‬والرعي‪ ،‬ال سيما وقد شاهدت قوته‪ ،‬وأمانته‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫قال الطربي ~ (ت‪310:‬ه)‪" :‬تعين بقوهلا‪﴿ :‬اُْتَأْجَِرْهُ﴾‪ :‬لريعى عليك ماشيتك"‪﴿ ،‬إِنَّ خَيَْرَ مَنِ اُْتَأْجََرْتَ الْقَوِيُّ‬

‫األَمِني﴾‪ :‬أي‪ " :‬إن خري من تستأجره للرعي ﴿الْقَوِيُّ﴾ على حفظ ماشيتك‪ ،‬والقيام عليها يف إصالحها‪ ،‬وصالحها‪،‬‬
‫﴿ األَمِني﴾‪ :‬الذي ال ختاف خيانته فيما تتمنة عليه"(‪.)82‬‬
‫النيب ‪ ‬وأبو بكر رجالً ِّ‬
‫خريتا(‪،)83‬‬ ‫ستأجر ُّ‬
‫ومما يؤيد جواز اإلجارة‪ :‬حديث عائشة (ت‪ ،ƒ )58:‬قالت‪" :‬ا َ‬
‫(‪)84‬‬
‫‪.‬‬ ‫ليال"‬ ‫ووعداه غار ثور بعد ِّ‬
‫ثالث ٍ‬ ‫فدفعا إليه راحلتيهما‪َ ،‬‬
‫فأمناه‪َ ،‬‬ ‫وهو على دين كفَّار َقريش‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫ابلكتاب‪ ،‬والسنَّة‪ ،‬واإلمجاع(‪.)85‬‬ ‫عامة العلماء‬
‫واإلجارة جائزةٌ عند َّ‬

‫وقد اشرتط الفقهاء‪ :‬أن تكون اإلجارة على ٍ‬


‫عمل معلوم‪ ،‬وأبجر معلوم‪ ،‬وذلك لتوقي الغرر‪ ،‬واجلهالة فيها‪،‬‬
‫وألهنا من العقود اليت أُبيحت يف الشريعة مع تضمنها لشيء من الغرر املغتفر؛ فإن العمل فيها غري منضبط يف العادة‪،‬‬
‫ُ‬
‫لكن ُرِّخص فيه ملصلحة الناس‪ ،‬وحاجتهم هلا‪.‬‬

‫وقد وردت اإلجارة يف املقوالت املرسلة على نوعني‪:‬‬


‫ُ‬
‫النوع األول من أنواع اإلجارة‪ :‬اإلجارة املطلقة‪ ،‬واملُقيَّدة بغرض‪.‬‬

‫وقد استدل هبا ابن العريب (ت‪543:‬ه) ~ على جواز اإلجارة املطلقة‪ ،‬هبذه اآلية‪ ،‬وقال‪" :‬دليل على أن‬
‫ُ‬
‫اإلجارة كانت عندهم مشروعة معلومة‪ ،‬وكذلك كانت يف كل ِّملة‪ ،‬وهي من ضرورة اخلليقة‪ ،‬ومصلحة اخللطة بني‬
‫الناس"(‪.)86‬‬
‫قائال‪:‬‬
‫أيضا على اإلجارة املقيَّدة ابن كثري (ت‪774:‬ه) ~ فنقل‪-‬عند اآلية‪ -‬مذهب احلنابلة ً‬
‫واستُدل هبا ً‬
‫ُ‬
‫"استدل أصحاب اإلمام أمحد ومن تبعهم‪ ،‬يف صحة استئجار األجري ابلطعمة‪ ،‬والكسوة هبذه اآلية"(‪.)87‬‬
‫ويُستدل هلذا النوع من اإلجارة‪ ،‬بقوله تعاىل‪{ :‬فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ( سورة الطالق‪.)88()6:‬‬
‫وهذه من مسائل اإلمجاع(‪ ،)89‬وهبا استدل مجاعةٌ من ُمفسري آايت األحكام(‪.)90‬‬

‫النوع الثاين‪ :‬اإلجارة على جمهول‬

‫قطعا؛ فإن األعمال تتفاوت‪،‬‬


‫معلوما‪ ،‬وهذا على العموم ً‬
‫أسلفت أن اإلجارة يُشرتط فيها أن يكون العمل ً‬
‫ُ‬
‫وال ُميكن ضبطها يف أغلب العقود‪ ،‬كما أن العُرف يف بعض املهن يقوم مقام التعيني‪.‬‬

‫‪- 851 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫قال ابن العريب (ت‪543:‬ه) ~‪" :‬أهل التفسري ذكروا أنه َع َّني له َرعيَة الغنم‪ ،‬ومل يُرو من طريق صحيحة‪ ،‬ولكن‬
‫قائما مقام التعيني للخدمة فيه"(‪.)91‬‬
‫قالوا‪ :‬إن صاحل مدين مل يكن له َعمل إال َرعية الغنم‪ ،‬فكان ما عُلم من حاله‪ً ،‬‬
‫وقال القرطيب (ت‪671:‬ه) ~(‪ ":)92‬قال مالك‪ :‬إنه جائز‪ ،‬وُيمل على العُرف‪ ،‬فال ُيتاج يف التسمية إىل‬
‫اخلدمة‪ ،‬وهو ظاهر قصة موسى‪ ،‬فإنه ذكر إجارة مطلقة‪ ،‬وقال أبو حنيفة والشافعي‪ :‬ال جيوز حىت يُسمى؛ ألنه‬
‫أجريا فبني له األجل‪ ،‬ومل يبني له العمل"(‪)93‬؛ لقوله تعاىل‪{ :‬عَََّى أَن‬
‫ُمهول‪ ،‬وقد ترجم البخاري‪ ":‬ابب من استأجر ً‬
‫تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (سورة القصص‪ ،)27:‬قال املهلب‪ :‬ليس كما ترجم؛ الن العمل عندهم كان ً‬
‫معلوما‪ ،‬من سقي‪،‬‬
‫وحرث‪ ،‬ورعي‪ ،‬وما شاكل أعمال البادية يف مهنة أهلها‪ ،‬فهذا متعارف وإن مل يبني له أشخاص األعمال‪ ،‬وال‬
‫مقاديرها‪ ،‬مثل أن يقول له‪ :‬إنك حترث كذا من السنة‪ ،‬وترعى كذا من السنة‪ ،‬فهذا إمنا هو على املعهود من خدمة‬
‫البادية‪ ،‬وإمنا الذي ال جيوز عند اجلميع‪ :‬أن تكون املدة ُمهولة‪ ،‬والعمل ُمهول‪ ،‬غري معهود ال جيوز حىت يعلم"‪.‬‬

‫قال ابن حجر(ت‪852:‬ه) ~(‪" :)94‬وقد مال البخاري إىل اجلواز؛ ألنه احتج لذلك فقال‪ :‬لقوله‪{ :‬عَََّى أَن‬

‫تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} اآلية‪ ،‬ومل يُفصح مع ذلك ابجلواز؛ ألجل االحتمال‪ ،‬ووجه الداللة منه‪ :‬أنه مل يقع يف سياق‬
‫القصة املذكورة بيان العمل‪ ،‬وإمنا فيه أن موسى أجر نفسه من والد املرأتني"‪.‬‬

‫واستدراك املهلب بن أمحد بن أيب صفرة (ت‪435:‬ه) ~ على البخاري (ت‪256:‬ه) ~ صحيح(‪)95‬؛ ألن‬
‫معلوم من جهة العُرف‬
‫معلوم عُرفًا؛ فال جهالة فيه من حيث طبيعته‪ ،‬وإن كان مراد البخاري أن وصف العمل ٌ‬
‫العمل ٌ‬
‫واملقاصد‪ ،‬دون األلفاظ؛ فكالمه صحيح‪.‬‬

‫املسألة الرابعة‬
‫جواز اجلَُعالة‬
‫{قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمََِّكِ ََلِمَن جَاء بِِِ حِمْلُ بَعِريٍ ََأنَاْ بِِِ زَعِيم} (سورة يوسف‪.)72:‬‬

‫ذكر هللا جل ِّذكره يف هذه اآلية‪ :‬أن إخوة يوسف ’بعد أن جهزهم جبهازهم‪ ،‬وجعل السقاية‪ ،‬وهي صواع‬
‫{ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِريُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُون} (سورة‬ ‫امللك‪ ،‬يف رحل أخيه‪ً ،‬ندوا عليهم بعد ابتعادهم قافلني إىل أهلهم‪:‬‬
‫يوسف‪ ،)70:‬فسألوهم‪ :‬ماذا تفقدون؟ فقالوا‪ :‬نفقد صواع امللك‪ ،‬وهي املشربة اليت يُكال هبا(‪.)96‬‬

‫مث قال هلم‪ :‬ومن أتى‪ ،‬وجاء ابلصواع؛ فله ِّمحل بعري من املؤن‪ ،‬والطعام‪ ،‬وهذه هي اجلُعالة(‪.)97‬‬

‫‪- 852 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫قال ابن قدامة(‪( )98‬ت‪620:‬ه) ~‪" :‬ومجلة ذلك أن اجلِّعالة يف رد الضالة‪ ،‬واآلبق‪ ،‬وغريمها جائزة‪ ،‬وهذا قول‬
‫أيب حنيفة‪ ،‬ومالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وال نعلم فيه ُمال ًفا‪ ،‬واألصل يف ذلك قول هللا عز وجل‪ِ ََ{ :‬لمَن جَاء بِِِ حِمْلُ بَعِريٍ}"‪.‬‬

‫قال اجلصاص(‪( )99‬ت‪370:‬ه) ~‪ " :‬ظن بعض الناس أن ذلك كفالة عن إنسان‪ ،‬وليس كذلك؛ ألن قائل‬
‫ذلك جعل محل بعري أجرة ملن جاء ابلصاع‪ ،‬وأكده بقوله‪ََ{ :‬أنَاْ بِِِ زَعِيم}‪ :‬يعين ضامن‪ ،...‬فهذا القائل مل يضمن‬
‫عن إنسان شيئا‪ ،‬وإمنا ألزم نفسه ضمان األجرة لرد الصاع‪ ،‬وهذا أصل يف جواز قول القائل‪ :‬من محل هذا املتاع إىل‬
‫موضع كذا‪ ،‬فله درهم‪ ،‬وأن هذه إجارة جائزة‪ ،‬وإن مل يكن يشارط على ذلك رجال بعينه"‪.‬‬

‫نص يف اجلعالة‪ ،‬وهي نوع من اإلجارة‪،‬‬


‫نص يف الزعامة‪ ،‬فمعناها‪ٌ :‬‬
‫قال ابن العريب (ت‪543:‬ه) ~‪" :‬لفظ اآلية ٌ‬
‫لكن الفرق بني اجلعالة واإلجارة أن اإلجارة يتقدر فيها العوض‪ ،‬واملعوض من اجلهتني‪ ،‬واجلعالة يتقدر فيها اجلعل‬
‫والعمل غري مقدر‪ ،‬ودليله أن هللا سبحانه شرع البيع واالبتياع يف األموال الختالف األغراض وتبدل األحوال‪ ،‬فلما‬
‫دعت احلاجة إىل انتقال األمالك؛ شرع هلا سبيل البيع وبني أحكامه‪ ،‬وملا كانت املنافع كاألموال يف حاجة إىل‬
‫اس تيفائها؛ إذ ال يقدر كل أحد أن يتصرف لنفسه يف مجيع أغراضه؛ نصب هللا اإلجارة يف استيفاء املنافع ابألعواض‪،‬‬
‫ملا يف ذلك من حصول األغراض"(‪.)100‬‬

‫املسألة اخلامسة‬

‫الضمان‬

‫{قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمََِّكِ ََلِمَن جَاء بِِِ حِمْلُ بَعِريٍ ََأنَاْ بِِِ زَعِيم} (سورة يوسف‪.)72:‬‬

‫{أَيَّتُهَا الْعِريُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُون}"(‪( )101‬سورة‬ ‫~‪ :‬الزعيم هو املؤذن الذي قال‪":‬‬ ‫(ت‪104:‬ه) )‬ ‫قال ُماهد‬
‫يوسف‪.)70:‬‬

‫ومعىن {ََأنَاْ بِِِ زَعِيم}‪ :‬أي كفيل‪ ،‬والزعيم‪ ،‬هو‪" :‬الكفيل" يف قول ابن عباس(‪.)102‬‬

‫أصل يف الضمان والكفالة(‪ ،)103‬ومها جائزان يف اجلملة(‪.)104‬‬


‫وهذه اآلية ٌ‬
‫يؤيده حديث أيب أمامة الباهلي ‪ ،‬أن النيب ‪ ‬قال‪« :‬الزعيم غارم» (‪.)105‬‬

‫‪- 853 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫وهذا احلديث ي ِّ‬


‫فسره حديث سلمة بن األكوع (ت‪74:‬ه) ‪" :‬أن النيب ‪ ‬أُيت جبنازة ليصلي عليها‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫«هل عليه من دين » ‪ ،‬قالوا‪ :‬ال‪ ،‬فصلى عليه‪ ،‬مث أيت جبنازة أخرى‪ ،‬فقال‪« :‬هل عليه من دين»‪ ،‬قالوا نعم قال‪« :‬‬
‫علي دينه اي رسول هللا؛ فصلى عليه"(‪.)106‬‬
‫صلوا على صاحبكم»‪ ،‬قال أبو قتادة‪َّ :‬‬

‫قال احلسن البصري (ت‪110:‬ه) ~‪" :‬واملعىن لزمته الكفالة‪ ،‬واستقر احلق يف ذمته"(‪.)107‬‬

‫وتُسمى عند الفقهاء‪" :‬ب احلمالة‪ ،‬والكفالة‪ ،‬والضمان‪ ،‬والزعامة‪ ،‬كل ذلك مبعىن واحد"(‪.)108‬‬

‫فكل من ضمن شيئًا؛ فقد تزعم‪ ،‬وحتمل‪ ،‬وتكفل الوفاء به‪ ،‬وهذا يدخل يف أبواب كثرية من املعامالت‪،‬‬
‫واحلدود‪ ،‬دلت اآلية‪ ،‬واألحاديث عليها‪.‬‬

‫املسألة السادسة‬

‫اسرتقاق السارق لمن ُسرق منه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬قَالُواْ جَزَاؤُهُ مَن َُجِدَ فِي رَحَِِِّْ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِني} (سورة يوسف‪.)75:‬‬

‫حيث كان السارق يُسرتق ملن ُسرق منه‪ ،‬وعلى هذا القول عامة املفسرين‪،‬‬
‫هذه اآلية حتكي شرع يعقوب ’‪ُ ،‬‬
‫وكثريٌ من أهل العلم‪.‬‬

‫قال ابن القيم (ت‪751:‬ه) ~(‪{ :)109‬قَالُواْ جَزَاؤُهُ مَن َُجِدَ فِي رَحَِِِّْ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} "أي‪ :‬جزاؤه استعباد املسروق‬
‫مشروعا يف‬
‫ً‬ ‫ماله للسارق‪ :‬إما مطل ًقا‪ ،‬وإما إىل ُمدة‪ ،‬وهذه كانت شريعة آل يعقوب ’‪ ،‬حىت قيل‪ :‬إن مثل هذا كان‬
‫أول اإلسالم‪ :‬أن املدين إذا أُعسر ابلدين اسرتقه صاحب احلق‪ ،‬وعليه ُمحل حديث بيع النيب ‪ُ ‬سَّرقًا"‪.‬‬

‫وقال ابن كثري(ت‪774:‬ه) ~(‪" :)110‬وهكذا كانت شريعة إبراهيم ’‪ ،‬أن السارق يُدفع إىل املسروق منه‪ ،‬وهذا‬
‫هو الذي أراد يوسف عليه السالم ‪ ..‬فأخذه منهم حبكم اعرتافهم‪ ،‬والتزامهم‪ ،‬وإلز ًاما هلم مبا يعتقدونه"‪.‬‬

‫وقد روى زيد بن اسلم (ت‪136:‬ه) ~ قال‪ ":‬رأيت شيخا ابالسكندرية يقال له‪ُ :‬سَّرق‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما هذا‬
‫االسم؟‪ ،‬فقال‪ :‬اسم مسانيه رسول هللا ‪ ،‬ولن ادعه‪ ،‬قلت‪ :‬ومل مساك؟‬

‫‪- 854 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫قال‪ :‬قدمت املدينة‪ ،‬فاخربهتم‪ :‬ان ماىل يقدم‪ ،‬فبايعوين‪ ،‬فاستهلكت أمواهلم‪ ،‬فأتوا ىب النيب ‪ ،‬فقال‪« :‬‬
‫أنت ُسَّر ٌق»‪ ،‬فباعىن ابربعة أبعرة‪ ،‬فقال الغُرماء للذى اشرتاين‪ :‬ما تصنع به؟ قال‪ :‬اعتقه‪ ،‬قالوا‪ :‬فلسنا ابزهد يف االجر‬
‫َ‬
‫امسي"(‪.)111‬‬ ‫منك‪ ،‬فاعتقوين بينهم‪ ،‬وبقى‬

‫جزما نُسخ‪ ،‬وإىل هذا أشار كثريٌ من العلماء‪.‬‬


‫وظاهر اخلرب يُفيد‪ :‬أن هذا احلُكم عُمل به يف اإلسالم؛ لكنه ً‬

‫وللحديث أتويالت ذكرها املازري (ت‪ :~)112()536:‬ومنها‪" :‬أنه كان يف أول اإلسالم‪ ،‬وكان احلُر يُباع يف‬
‫ِّ‬
‫الدين حينئذ"‪.‬‬

‫وهذا الوجه ذكره اإلمام الطحاوي (ت‪321:‬ه) ~ (‪" :)113‬فقال قائل‪ :‬فما خيلو ما رويتموه من هذا احلديث‪:‬‬
‫أن يكون اثبتًا عن رسول هللا ‪ ،‬أو يكون غري اثبت عنه‪ ،‬فإن كان اثبتا عن رسول هللا ‪‬؛ فقد تركتموه فلم تعملوا‬
‫به‪ ،‬وإن مل يكن اثبتا عنه؛ فقد أضفتم إىل رسول هللا ‪ ‬ما مل يكن ينبغي لكم إضافته إليه؟‬

‫فكان جوابنا له ‪-‬يف ذلك بتوفيق هللا عز وجل وعونه‪ :-‬أن احلكم الذي يف هذا احلديث قد كان يف أول‬
‫اإلسالم‪ ،‬على ما يف هذا احلديث‪ ،‬وعمل به رسول هللا ‪ ،‬إذ كان يف شريعة من كان قبله من األنبياء صلوات هللا‬
‫عليهم ‪ ...‬وملا كان من شريعة من قبل هذه األمة من األمم إرقاق أنفسهم‪ ،‬ومتليكها غريهم‪ ،‬وكان ذلك مما يكون‬
‫منهم تقرًاب إىل رهبم عز وجل‪ ،‬كان اسرتقاقهم ابلديون اليت عليهم اليت قد يكون أخذهم إايها من أموال غريهم طاعة‪،‬‬
‫وحمكوما به عليهم‪ ،‬فكان ذلك كذلك حىت دخل اإلسالم‪،‬‬‫ً‬ ‫مستعمال فيهم‬
‫ً‬ ‫فقد يكون معصية أخرى أن يكون‬
‫فاستعمله رسول هللا ‪ ‬إذ كان م ن شريعته اتباع شرائع النبيني الذين كانوا قبله ‪-‬صلوات هللا عليهم‪ -‬حىت ُُيدث‬
‫هللا عز وجل يف شريعته ما نسخ ذلك‪ ،‬كما قال هللا عز وجل يف كتابه‪ :‬قوله تعاىل‪{ :‬أَُْلَذ ِئكَ الَّذِينَ هَدَى الَُِّّ فَبِهُدَاهُمُ‬

‫اقْتَدِهْ} (سورة األنعام‪ ،)90:‬فلم يزل كذلك حىت أنزل هللا عز وجل عليه ما نسخ به ذلك احلكم وهو قوله عز وجل‬

‫يف آية الراب‪ :‬قوله تعاىل‪ََ{ :‬إِن كَانَ ذَُ عُسَْرَةٍ فَنَظَِرَةٌ إِلَى مَيْسََرَةٍ} (سورة البقرة‪ ،)280:‬فعاد احلكم إىل أخذ الديون ملن‬
‫هي له ممن هي عليه‪ ،‬إذ كانت موجودة عنده‪ ،‬وإمهاله هبا إذ كانت معدومة عنده‪ ،‬حىت يوجد عنده‪ ،‬فيؤخذ منه‪،‬‬
‫فيُدفع قضاءً عنه‪ ،‬إىل من هي له عليه‪ ،‬فكان يف ذلك نسخ إرقاق األحرار أنفسهم‪ ،‬ومتليكهم إايها سواهم‪ ،‬حىت‬
‫وعيدا‬
‫وبني هللا عز وجل ذلك على لسان رسول هللا ‪ ‬وتواعد من فعله ً‬
‫يعودوا بذلك مملوكني ملن ملكوها إايه‪َّ ،‬‬
‫شديدا"‪.‬‬
‫ً‬

‫‪- 855 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫قال الزهري (ت‪123:‬ه) ~‪" :‬كان يكون على عهد رسول هللا ‪ ‬ديو ٌن على رجال‪ ،‬ما علمنا ُحَّرا بِّيع ىف‬
‫َدين"(‪.)114‬وعلى كالم الزهري انعقد اإلمجاع(‪.)115‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬مقوالت القرآن املُرسلة يف أحكام األسرة‬


‫املسألة األوىل‪ :‬عرض الولي(‪ )116‬ابنته على الرجل الصالح ليتزوجها‬

‫قوله تعاىل‪{ :‬قَاَُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَََّى أَن تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (سورة القصص‪.)27:‬‬

‫هذه املقولة ذكرها هللا تعاىل عن صاحب َمدين‪ ،‬وهو ليس نيب(‪ ،)117‬ومل يرد يف الشريعة ما يُعارض مفهوم‬
‫هذا اإلقرار؛ وال أعرف من مينعه من الفقهاء‪.‬‬
‫(‪)118‬‬
‫ض صاحلُ َمدين‬‫(ت‪543:‬ه) ~‪ ":‬فيه عرض املوىل وليته على الزوج‪ ،‬وهذه سنة قائمة‪َ ،‬عَر َ‬ ‫قال ابن العريب‬
‫(‪)119‬‬
‫ضت املوهوبة‬‫وعَر َ‬
‫ابنته حفصة على أيب بكر‪ ،‬وعثمان‪َ ،‬‬ ‫وعَرض عمر ابن اخلطاب‬‫ابنته على صاحل بين إسرائيل‪َ ،‬‬
‫الرجل وليته‪ ،‬واملرأة نفسها على الرجل الصاحل‪ ،‬اقتداء ابلسلف الصاحل"‪.‬‬ ‫ض َّ‬‫نفسها على النيب ‪ ،‬فمن احلَ َسن َعر ُ‬
‫وهذا جانب أخالقي‪ ،‬قد ترتتب عليه فروعٌ عمليَّة تتعلق حبض الشريعة على إحصان الرجل‪ ،‬واملرأة‪ ،‬ومسؤلية‬
‫االختيار يف التزويج من األولياء‪ ،‬وتيسري هذه الشريعة اإلهليَّة يف اجملتمعات‪.‬‬

‫املسألة الثانية‬

‫الويل (‪ )120‬هو من يتوىل النكاح‬

‫قال تعاىل‪{ :‬قَاَُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَََّى أَن تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (سورة القصص‪.)27:‬‬

‫يُستفاد من إقرار هللا تعاىل ِّذكره هلذه املقولة‪ :‬أن ويل املرأة هو من يتوىل عقد نكاحها‪ ،‬وقد استدل عامة‬
‫مفسري آايت األحكام هبذه اآلية على هذه املسألة‪.‬‬
‫قال ابن العريب (ت‪543:‬ه) ~‪" :‬قال علماؤًن يف هذه اآلية دليل على أن النِّكاح إىل الويل‪ ،‬ال َّ‬
‫حظ للمرأة‬
‫ألن صاحل مدين توالَّه‪ ،‬وبه قال فقهاء األمصار"(‪.)121‬‬
‫فيه؛ َّ‬

‫حق من حقوقها‪ ،‬وسيأيت يف‬


‫وقوله‪" :‬ال حظ للمرأة فيه"‪ ،‬أي يف واليته‪ ،‬أما يف موافقتها‪ ،‬واختيارها؛ فهو ٌ‬
‫املسألة الالحقة إبذن هللا‪.‬‬

‫‪- 856 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫ويُستدل هلذا االستنباط بقوله تعاىل‪ََ{ :‬إِذَا طَََّّقْتُمُ النِّسَاء فَبَََّغْنَ أَجَََّهُنَّ فَالَ تَعْضَُُّوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزََْاجَهُنَّ إِذَا تََرَاضَوْاْ‬

‫بَيْنَهُم بِالْمَعَْرَُفِ} (سورة البقرة‪.)232:‬‬


‫واخلطاب هنا لألولياء‪ ،‬وأسند هلم تويل اإلنكاح‪{ :‬فَالَ تَعْضَُُّوهُنَّ} (‪.)122‬‬
‫وهو ُمعارض بقوله في نفس اآلية‪{ :‬أَن يَنكِحْنَ}‪ ،‬فاضاف النكاح اليهن؛ فدل‪ :‬ان لهن ان‬
‫يَعقدن(‪.)123‬‬
‫{ََالَ تُنكِحُواْ الْمُشَِرِكِنيَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ} (سورة البقرة‪220:‬‬ ‫وقال سبحانه‪:‬‬
‫خطاب لألولياء‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وجه الداللة يف قوله تعاىل‪ََ { :‬الَ تُنكِحُواْ}‪ ،‬أن اآلية تدل مبفهومها على أنهُ‬
‫وهو ُمعارض إبسناد النكاح للمرأة يف آايت آُخر‪ ،‬حنو قوله تعاىل‪{ :‬فَإِن طَََّّقَهَا فَالَ تَحِلُّ لَُِ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِ ََ‬

‫زََْجًا غَيَْرَهُ} (سورة البقرة‪ ،)230:‬فأسند لها النكاح‪.‬‬


‫لكن السنة أكدت صحة االستنباط األول‪ ،‬ومن األحاديث في ذلك‪:‬‬
‫عن أيب موسى األشعري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ « :‬ال نكاح إال بويل » ‪.‬‬
‫(‪)124‬‬

‫وهذا احلديث فيه داللة من جهة العموم‪ ،‬فيشمل كل امرأة‪ ،‬كبرية كانت‪ ،‬أم صغرية‪ ،‬وفيه داللة من جهة‬
‫احلصر‪ ،‬فيدل على نفي صحة النكاح‪ ،‬وهو األصل(‪ )125‬ال نفي كماله‪.‬‬
‫عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ‪« :‬ال تزوج املرأةُ املرأة‪ ،‬وال تزوج املرأة نفسها‪ ،‬فأن الزانية هي اليت‬
‫تزوج نفسها»(‪.)126‬‬
‫عن عائشة أن النيب ‪ ‬قال‪« :‬أُيا امرأة نكحت بغري إذن وليها؛ فنكاحها ابطل‪ ،‬فنكاحها ابطل‪ ،‬فنكاحها‬
‫ابطل‪ ،‬فأن دخل هبا؛ فلها املهر مبا أستحل من فرجها‪ ،‬فأن اشتجروا؛ فالسلطان ويل من ال ويل له» (‪.)127‬‬

‫وال إمجاع يف املسألة يف عهد الصحابة؛ نعم هو قول األكثر(‪.)128‬‬


‫املسألة الثالثة‬
‫هل لألب تزويج ابنته البكر البالغة بدون رضاها‬
‫قال تعاىل ‪{:‬قَاَُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَََّى أَن تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (سورة القصص‪.)27:‬‬

‫هذه من مقولة العبد الصاحل صاحب مدين ملوسى ‪ ،‬وقد استُنبط منها‪ :‬أن هذا الرجل الصاحل قد تفرد‬
‫بعقد نكاحها‪ ،‬دون استئمارها‪.‬‬

‫قال اإلمام ابن العريب (ت‪543:‬ه) ~‪" :‬هذه اآلية دليل على أن األب يزوج ابنه البكر من َغري استئمار‪ ،‬قال‬
‫به اإلمام مالك واحتج هبذه اآلية‪ ،‬وله ظاهر قوي يف هذا الباب‪ ،‬وقال به اإلمام الشافعي وكثَري من العلماء‪،‬‬

‫‪- 857 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫وقال اإلمام أبو حنيفة‪ :‬إذا بلغت الصغرية؛ فال يزوجها أحد إال برضاها؛ ألهنا بلغت حد التكليف‪ ،‬فأما‬
‫إذا كانت صغرية؛ فإنه يزوجها بغري رضاها؛ ألنه ال إذن هلا‪ ،‬وال رضاء بغري خالف"(‪.)129‬‬

‫واتبعه القرطيب (ت‪671:‬ه) ~(‪ ":)130‬هذه اآلية تدل على أن لألب أن يزوج ابنته البكر البالغ من غري‬
‫استئمار‪ ،‬وبه قال مالك‪ ،‬واحتج هبذه اآلية(‪ ،)131‬وهو ظاهر قوي يف الباب"‪.‬‬
‫والصحيح أن هذه اآلية مبعزل عن هذه االستدالالت‪ ،‬فليس فيها تفرد صاحب مدين إبنكاح ابنته دون‬
‫مشاورهتا‪ ،‬واستئمارها‪ ،‬وسياق اآلايت يدل على إعجاب إحدى بنات هذا الرجل إبمانة موسى عليه السالم‪،‬‬
‫وقوته(‪)132‬؛ فجمعت بني األمرين يف قوله تعاىل‪{ :‬إِنَّ خَيَْرَ مَنِ اُْتَأْجََرْتَ الْقَوِيُّ األَمِني} (سورة القصص‪.)26:‬‬
‫قوله تعاىل‪{ :‬قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اُْتَأْجَِرْهُ إِنَّ خَيَْرَ مَنِ اُْتَأْجََرْتَ الْقَوِيُّ األَمِني}‬ ‫قال ابن عباس (ت‪ ،~ )68:‬يف‬
‫قال ‪" :‬فأحفظته الغرية أن قال‪ :‬وما يدريك ما قوته وأمانته؟ قالت‪ :‬أما قوته‪ ،‬فما رأيت منه حني سقى‬
‫لنا‪ ،‬مل أر رجالً قط أقوى يف ذلك السقي منه؛ وأما أمانته‪ ،‬فإنه نظر حني أقبلت إليه‪ ،‬وشخصت له‪ ،‬فلما علم أين‬
‫امرأةٌ صوب رأسه فلم يرفعه‪ ،‬ومل ينظر إيل حىت بلغته رسالتك‪ ،‬مث قال يل‪ :‬امشي خلفي‪ ،‬وانعيت يل الطريق‪ ،‬ومل يفعل‬
‫وصدقها‪ ،‬وظن به الذي قالت"(‪.)133‬‬‫فسري عن أبيها‪َّ ،‬‬ ‫أمني‪ُ ،‬‬
‫ذلك إال وهو ٌ‬

‫وقول أيب حنيفة أصح؛ ملا ثبت يف السنة من حديث أيب هريرة ‪ ،‬قال رسول هللا‪« :‬ال تُنكح ِ‬
‫األمي حىت‬
‫تُستأمر‪ ،‬وال تُنكح البكر حىت تُستأذن»‪ ،‬قالوا‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬وكيف إذهنا؟ قال‪« :‬أن تسكت»(‪.)134‬‬
‫وعن ابن عباس(ت‪68:‬ه) ‪ :ƒ‬قال رسول هللا ‪ « :‬الثيب أحق بنفسها من وليها‪ ،‬والبكر تستأذن يف نفسها‪،‬‬
‫وأذهنا صماهتا»(‪.)135‬‬
‫وهذان نصان‪ ،‬إبسناد كالشمس‪ ،‬وال يصح محلهما على رواية‪" :‬اليتيمة تُستأمر يف نفسها‪ ،‬فإن صمتت؛‬
‫فهو إذهنا‪ ،‬وإن أبت؛ فال جواز عليها"(‪.)136‬‬
‫وجدها(‪ ،)137‬فهذا َحت ُّكم؛ فأين ِّذكر ِّ‬
‫اجلد هنا؟‬ ‫أبن املقصود ابلبكر‪ :‬اليتيمة‪ ،‬ووليها ما سوى أبيها‪ِّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫حديث اثلث‪ ،‬مع ادعاء‬ ‫فاحلديثان من رواية صحابيني‪ ،‬ويف بعضهما ما ليس يف اآلخر‪ ،‬ومحلهما على‬
‫مفهوم ال يدل عليه املنطوق‪ ،‬وذلك يف قوهلم‪" :‬سوى أبيها‪ِّ ،‬‬
‫وجدها"‪.‬‬
‫وهذا ما فهمه البخاري (ت‪256:‬ه) ~‪ ،‬فَصدَّر حديث أيب هريرة السابق‪ ،‬بقوله‪" :‬ابب ال ينكح األب‬
‫ورجحه ابن املنذر (ت‪318:‬ه) ~(‪.)138‬‬
‫وغريه البكر والثيب إال برضاها"‪َّ ،‬‬
‫أيضا‪" :‬أن فتاة جاءت إىل النيب ‪ ‬فقالت‪ :‬اي نيب هللا أن أيب زوجين من ابن أخ له لريفع‬‫وروى ابن عباس ً‬
‫أبوك‪ ،‬فقالت‪ :‬ال رغبة يل فيما صنع أيب‪ ،‬قال‪ :‬فأذهيب فأنكحي‬ ‫خسيسته وأًن له كارهة‪ ،‬فقال هلا‪ :‬أجيزي ما صنع ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ليس لآلابء من أمور‬ ‫ِّ‬
‫أردت أَن أ َُعل َم النساء أَن َ‬
‫من شئت‪ ،‬فقالت‪ :‬ال رغبة يل َع َّما صنع أيب اي رسول هللا‪ ،‬ولكين ُ‬
‫بناهتم شيءٌ"(‪.)139‬‬

‫‪- 858 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫أيضا‪ :‬أن جارية بِّكًرا أنكحها أبوها‪ ،‬وهي كارهة فخريها رسول هللا ‪.)140("‬‬
‫وعنه ً‬
‫وعن خنساء بنت ِّخدام األنصارية " َّ‬
‫أن أَابها َّزوجها‪ ،‬وهي ثيب‪ ،‬فكرهت ذلك‪ ،‬فأتت رسول هللا ‪ ‬فَ َّرد‬
‫نكاحها"(‪.)141‬‬
‫أمر أقرته الشريعة‪ ،‬وال عالقة له أبن الويل هو من‬
‫فاملرأة من حقها أن ختتار من ترغب ابالقرتان به‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ظاهر يف اآلية السابقة‪.‬‬
‫يُباشر عقد النكاح‪ ،‬كما هو ٌ‬
‫فإن كانت اآلية تدل على انفراد الويل ابلتزويج دون رضا الفتاة ‪-‬واآلية ال تدل عليه‪ -‬فهو شريعةٌ‬
‫منسوخة(‪ ،)142‬وإن كان األب ليس له تزويج ابنته بغري رضاها؛ فغريه من ابب أوىل‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫املسألة الرابعة‬
‫املهر‪ ،‬هل ُيوز أن يكون منفعة يُقدمها الرجل للمرأة؟‬
‫قوله تعاىل ‪{:‬قَاَُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَََّى أَن تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (سورة القصص‪.)27:‬‬

‫املهر م ًاال؟‬
‫هل جيوز أن يكون املهر منفعة؛ كخدمة الزوج لزوجته‪ ،‬أو قيامه أبعماهلا؟ أم ال بد أن يكون ُ‬
‫‪.‬‬‫عرب عنه املتقدمون من الفقهاء بقوهلم‪ :‬النكاح ابألجارة(‪ ،)143‬أو أن يكون الصداق منفعة‬
‫وهو ما َّ‬
‫ماال‪ ،‬لكن حتتاج من يُعينها‪ ،‬أو يقوم أبعماهلا‪.‬‬
‫فقد تكون املرأة غنية‪ ،‬ال حتتاج ً‬
‫أقر طلبه‪.‬‬
‫وظاهر اآلية‪ :‬يدل على جواز ذلك؛ فإن شعيب جعل اإلجارة مقابل النكاح‪ ،‬والقرآن َّ‬
‫قال الشافعي (ت‪204:‬ه) ~(‪" :)144‬الصداق مثن من األمثان‪ ،‬فكل ما يصلُح أن يكون مثنًا؛ صلح أن يكون‬
‫صداقًا‪ ،‬وذلك مثل أن تنكح املرأة إىل الرجل على أن خييط هلا الثوب‪ ،‬ويبين هلا البيت‪ ،‬ويذهب هبا البلد‪ ،‬ويعمل‬
‫هلا العمل‪ ،‬فإن قال قائل ما دل على هذا؟ قيل إذا كان املهر مثنًا؛ كان يف معىن هذا‪ ،‬وقد أجازه هللا عز وجل يف‬
‫اإلجارة يف كتابه‪ ،‬وأجازه املسلمون ‪ ...‬وال أحفظ من أحد خالفًا يف أن ما جازت عليه اإلجارة؛ جاز أن يكون‬
‫مهرا‪ ،‬فدلت هذه اآلية(‪ )145‬على جواز جعل املنفعة صداقًا‪ ،‬فكل ما جاز مثنًا يف البيع‪ ،‬أو أجرة يف اإلجارة من‬ ‫ً‬
‫العني و َّ‬
‫الدين‪ ،‬واحلال واملؤجل‪ ،‬والقليل والكثَري‪ ،‬ومنافع احلر والعبد و َغريمها؛ جاز أن يكون صداقًا‪ ،‬فكل منفعة جيوز‬
‫العوض عنها يف اإلجارة جازت صداقا"‪.‬‬
‫قال ابن خويز منداد (ت‪390:‬ه) ~ تضمنت هذه اآلية النكاح على اإلجارة‪ ،‬والعقد صحيح‪ ،‬ويُكره أن‬
‫ماال كما قال عز وجل‪{ :‬أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِنيَ}‪ ،‬هذا قول أصحابنا‬
‫مهرا‪ ،‬وينبغي أن يكون املهر ً‬
‫ُجتعل اإلجارة ً‬
‫مجيعا"(‪.)146‬‬
‫ً‬
‫ومما يؤيد داللة اآلية‪ :‬حديث سهل بن سعد الساعدي ‪ ‬قال‪ ":‬جاءت امرأة إىل رسول هللا ‪ ‬فقالت‪:‬‬
‫وص َّوبه‪ ،‬مث طأطأ رسول هللا‬
‫صعَّد النظر فيها‪َ ،‬‬
‫اي رسول هللا جئت أهب لك نفسي‪ ،‬قال‪ :‬فنظر إليها رسول هللا ‪ ‬فَ َ‬

‫‪- 859 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫‪ ‬رأسه‪ ،‬فلما رأت املرأة أنه مل يقض فيها شيئًا جلست‪ ،‬فقام رجل من أصحابه فقال‪ :‬اي رسول هللا إن مل يكن لك‬
‫هبا حاجة فزوجنيها؟‬
‫فقال‪ « :‬وهل عندك من شيء؟»‪ .‬قال‪ :‬ال وهللا اي رسول هللا‪.‬‬
‫فقال‪ « :‬اذهب إىل أهلك فانظر هل جتد شيئاً»‪ ،‬فذهب‪ ،‬مث رجع فقال‪ :‬ال وهللا ما وجدت شيئًا‪.‬‬
‫حديد»‬ ‫فقال رسول هللا ‪ « :‬انظر‪ ،‬ولو خامتا من‬
‫فذهب مث رجع فقال‪ :‬ال وهللا اي رسول هللا‪ ،‬وال خامتًا من حديد‪ ،‬ولكن هذا إزاري‪ -‬قال سهل ما له رداء‬
‫فلها نصفه‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ « :‬ما تصنع إبزارك؟ إن لبستَهُ مل يكن عليها منه شيء‪ ،‬وإن لَب َ‬
‫س ْته مل يكن عليك‬
‫شيء»‪ ،‬فجلس الرجل حىت إذا طال ُملسه قام‪ ،‬فرآه رسول هللا ‪ ‬موليًا‪ ،‬فأًمر به‪ ،‬فَ ُدعي فلما جاء قال‪ « :‬ماذا‬
‫معك من القرآن؟»‪ ،‬قال‪ :‬معي سورة كذا وسورة كذا‪َ ،‬ع َّد َد َها‪.‬‬
‫فقال‪ « :‬تقرؤهن عن ظهر قلبك؟»‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ « :‬اذهب فقد ملكتكها مبا معك من القرآن» (‪.)147‬‬
‫مهرا وصداقًا"(‪.)148‬‬
‫وقد استُدل هبذا احلديث على أنه من ابب النكاح ابإلجارة؛ أي يُعلهما ما ُيفظ من سور القرآن ً‬

‫ص عليه القرآن يف قوله تعاىل‪ََ{ :‬إِنْ أَرَدتُّمُ اُْتِبْدَاَُ زََْجٍ مَّكَانَ زََْجٍ ََآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَالَ تَأْخُذَُاْ مِنُِْ شَيْئًا‬
‫املهر نَ َّ‬
‫و ُ‬
‫أَتَأْخُذَُنَُِ بُهْتَاناً ََإِثْماً مُّبِينا} (سورة النساء‪ََ{ ،)20:‬أُحِلَّ لَكُم مَّا ََرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِنيَ غَيَْرَ مُسَافِحِنيَ} (سورة‬

‫النساء‪.)24:‬‬

‫ولم يُسمه تجارة‪ ،‬بل " وال يسمى النكاح جتارة يف العرف والعادة؛ إذ ليس املبتغى منه يف األكثر األعم حتصيل‬
‫العوض الذي هو مهر‪ ،‬وإمنا املبتغى فيه أحوال الزوج من الصالح‪ ،‬والعقل‪ ،‬والدين‪ ،‬والشرف‪ ،‬واجلاه‪ ،‬وحنو ذلك‪،‬‬
‫فلم يُسم جتارة هلذا املعىن"(‪.)149‬‬

‫ماال‪ ،‬بل املنفعة تقوم مقام املال‪ ،‬وإن كان بذل املهر‬
‫فدلت اآلية مع هذا احلديث أنه ال يُشرتط يف املهر أن يكون ً‬
‫أكمل‪ ،‬وأحوط‪ ،‬وأطيب لنفس املرأة‪ ،‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫املسألة اخلامسة‬
‫هل ُيوز أن يكون املهر منفعة للويل‪ ،‬كاإلجارة؟‬
‫قوله تعاىل ‪{:‬قَاَُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَََّى أَن تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (سورة القصص‪.)27:‬‬

‫‪- 860 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫وت عنه‪ ،‬وأن استئجار‬


‫قبل الدخول يف املسألة أشري إىل أن من العلماء من قال‪ :‬إن املهر يف اآلية مسك ٌ‬
‫شعيب لنيب هللا موسى عليه السالم تضمن مصلحة له أخرى غري املهر‪ ،‬وهي استئجار موسى عليه السالم‪.‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر(ت‪852:‬ه) ~‪ ":‬وقد أبعد من جوز أن يكون املهر شيئًا آخر غري الرعي‪ ،‬وإمنا‬
‫أراد شعيب أن يكون يرعى غنمه هذه املدة‪ ،‬ويزوجه ابنته‪ ،‬فذكر له األمرين‪ ،‬وعلق التزويج على الرعية على وجه‬
‫املعاهدة‪ ،‬ال على وجه املعاقدة‪ ،‬فاستأجره لرعي غنمه بشيء معلوم بينهما‪ ،‬مث أنكحه ابنته مبهر معلوم بينهما"(‪.)150‬‬
‫نصا على أن اإلجارة كانت يف مقابل النكاح‪.‬‬
‫والصحيح أن اآلية دالة ً‬
‫قال اإلمام الطربي (ت‪310:‬ه) ~‪ ":‬يعين بقوله‪{ :‬عَََّى أَن تَأْجَُرَنِي}‪ :‬على أن تثيبين من تزوجيكها رعي ماشييت‬
‫مثاين حجج‪ ،‬من قول الناس ‪ :‬آجرك هللا فهو أيجرك‪ ،‬مبعىن ‪ :‬أاثبك هللا ؛ والعرب تقول ‪ :‬أجرت األجري آجره‪ ،‬مبعىن‬
‫‪ :‬أعطيته ذلك‪ ،‬كما يقال ‪ :‬أخذته فأًن آخذه‪ ...‬كأن أابها –عندي‪ -‬جعل صداق ابنته اليت زوجها موسى رعي‬
‫السنون"(‪.)151‬‬
‫موسى عليه ماشيته مثاين حجج‪ ،‬واحلجج ‪ُ :‬‬
‫ولذلك قال ابن عاشور(ت‪1393:‬ه) ~‪ ":‬حرف ‪{:‬عَََّى} من صيغ الشرط يف العقود ‪ ...‬وظاهر اآلية ً‬
‫أيضا‪:‬‬
‫وُيتمل أن املشروط التزام اإلجارة ال غري‪ ،‬وأما املهر فتابع ملا يعترب يف‬
‫مهرا للبنت‪ُ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫أن اإلجارة املذكورة ُجعلَت ً‬
‫شرعهم ركنا يف النكاح‪ ،‬والشرائع قد ختتلف يف معاين املاهيات الشرعية‪ ،‬وإذا أخذًن بظاهر اآلية كانت دالة على‬
‫أهنما جعال املهر منافع إجارة الزوج لشعيب‪ ،‬فيحتمل أن يكون ذلك برضاها؛ ألهنا مسعت وسكتت بناء على عوائد‬
‫مرعية عندهم أبن ينتفع بتلك املنافع أبوها‪.‬‬
‫وُيتمل أن يكون لويل املرأة ابألصالة إن كان هو املستحق للمهر يف تلك الشريعة‪ ،‬فإن عوائد األمم ُمتلفة‬
‫يف تزويج والايهم‪ ،‬وإذ قد كان يف اآلية إمجال؛ مل تكن كافية يف االحتجاج على جواز جعل مهر املرأة منافع من‬
‫إجارة زوجها‪ ،‬فريجع النظر يف صحة جعل املهر إجارة‪ ،‬إىل التخريج على قواعد الشريعة والدخول حتت عموم معىن‬
‫املهر‪ ،‬فإن منافع اإلجارة ذات قيمة فال مانع من أن جتعل مهرا"(‪.)152‬‬
‫خالص للمرأة‪ ،‬ليس لوليها فيه شيء‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫حق‬
‫وقد دلت نصوص الشرع على أن املهر ٌ‬
‫قال تعاىل‪ََ{ :‬آتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحََّْةً} (سورة النساء‪.)4:‬‬
‫"عطية واجبة‪ ،‬وفريضة الزمة‪ ...‬قال عبد الرمحن بن زيد بن أسلم (ت‪182:‬ه) ~‪ ":‬النِّحلة يف كالم العرب ‪:‬‬
‫الواجب يقول ‪ :‬ال ينكحها إال بشيء واجب هلا صدقة‪ ،‬يسميها هلا واجبة‪ ،‬وليس ينبغي ألحد أن ينكح امرأة بعد‬
‫كذاب بغري حق"(‪.)153‬‬
‫النيب ‪ ‬إال بصداق واجب‪ ،‬وال ينبغي أن يكون تسمية الصداق ً‬
‫صداق مولياهتم(‪.)154‬‬ ‫ِّ‬
‫وهذه اآلية نزلت يف هني األولياء عن االستئثار ب َ‬
‫قوله تعاىل‪ََ{ :‬إِنْ أَرَدتُّمُ اُْتِبْدَاَُ زََْجٍ مَّكَانَ زََْجٍ ََآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَالَ تَأْخُذَُاْ مِنُِْ شَيْئًا} (سورة النساء‪.)20:‬‬
‫واإليتاء وقع للنساء ليس ألوليائهن‪.‬‬

‫‪- 861 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫وعليه فنقول‪ :‬إن ما ورد يف قصة موسى عليه السالم إن كان على ظاهره املفهوم‪ :‬أن النكاح كان مقابل‬
‫سابق جاءت الشريعة اإلسالمية على خالفه‪ ،‬وأنه ال‬ ‫ٍ‬
‫الرعي ألبيها‪ ،‬ومل يكن عن مواطأة بني األب وأبنته؛ فإنه شرعٌ ٌ‬
‫اثبت هلا‪.‬‬
‫حق ٌ‬ ‫جيوز اشرتاط املهر لغري املرأة فهو ٌ‬
‫قياسا على من مل يُسم املهر‪ ،‬وال جيوز أن يكون املهر منفعة لألب‪،‬‬
‫أما اجلصاص فريى عدم جواز ذلك‪ً ،‬‬
‫وغريه‪ ،‬ويف حال كان ذلك يف شريعة هذه األمة‪ ،‬فهي منسوخة ابلنهي عن الشغار(‪.)155‬‬
‫اجلصاص (ت‪370:‬ه) ~(‪ " :)156‬من الناس من ُيتج بذلك يف جواز عقد النكاح على منافع‬ ‫قال اإلمام َّ‬
‫مهرا‪ ،‬فهو مبنزلة من تزوج‬
‫احلر‪ ،‬وليس فيه داللة على ما ذكروا؛ ألنه شرط منافعه لشعيب عليه السالم‪ ،‬ومل يشرط هلا ً‬
‫امرأة بغري مهر ُمسمى‪ ،‬وشرط لوليها منافع الزوج مدة معلومة‪ ،‬فهذا إمنا يدل على جواز عقد من غري تسمية مهر‪،‬‬
‫وشرطه للموىل ذلك يدل على أن عقد النكاح ال تفسده الشروط اليت ال يوجبها العقد‪.‬‬
‫وجائز أن يكون قد كان النكاح جائزا يف تلك الشريعة بغري بدل تستحقه املرأة‪ ،‬فإن كان كذلك؛ فهذا‬
‫منسوخ بشريعة النيب ‪ ‬ويدل على أنه قد كان جائزا يف تلك الشريعة أن يشرط للويل منفعة"‪.‬‬
‫الف لشريعة اإلسالم‪ ،‬فيُحمل على‬
‫اجلصاص (ت‪370:‬ه) ~ عدم االحتجاج ابملفهوم من اآلية؛ ألنه ُُم ٌ‬
‫فرأي َّ‬
‫النسخ‪ ،‬وهو الرأي الصحيح يف هذه املسألة‪.‬‬

‫املسألة السادسة‬

‫الرضاع‬
‫كفالة َّ‬

‫قوله تعاىل‪ِ { :‬إذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُوُُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَََّى مَن يَكْفَُُُِّ} (سورة طه‪.)40:‬‬

‫ت‬
‫طرف من قصة موسى ’‪ ،‬وجاء في سورة القصص بصورة أوفى‪ ،‬قال تعالى‪ََ{ :‬قَالَ ْ‬
‫ٌ‬ ‫هذا‬

‫ألُخْتِِِ قُصِّيِِ فَبَصَُرَتْ بِِِ عَن جُنُبٍ ََهُمْ الَ يَشْعَُرَُن (‪ََ )11‬حََرَّمْنَا عَََّيِِْ الْمََرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَََّى أَهْلِ بَيْتٍ‬

‫يَكْفَُُّونَُِ لَكُمْ ََهُمْ لَُِ نَاصِحُون (‪ )12‬فََرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِِِّ كَيْ تَقََرَّ عَيْنُهَا ََالَ تَحْزَنَ ََلِتَعََّْمَ أَنَّ ََعْدَ الََِِّّ حَقٌّ َلَكِنَّ أَكْثََرَهُمْ الَ يَعََّْمُون}‬

‫(سورة القصص‪.)13-11:‬‬
‫فَدَبر له رب العالمين العودة إلى أمه‪ ،‬والسالمة من قتل فرعون له؛ أن كفلته أمه بأمر‬
‫امرأة فرعون‪ ،‬ألنه لم يقبل ثدي كل مرضعة أُوتي له بها‪.‬‬

‫ووجه الشاهد في هذا الموضع في قوله تعالى‪{ :‬إِ ْذ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُوُُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَََّى مَن يَكْفَُُُِّ}‪:‬‬

‫‪- 862 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫قال مقاتل (ت‪150:‬ه) ~(‪ )157‬في‪{ :‬هَلْ أَدُلُّكُمْ عَََّى مَن يَكْفَُُُِّ}‪" :‬يعني على من يضمه‪ ،‬ويُرضعه‬
‫لكم"‪.‬‬

‫قال ابن كثير (ت‪774:‬ه) ~(‪" : )158‬تعني هل أدلكم على من يرضعه لكم باألجرة‪ ،‬فذهبت‬
‫به‪ ،‬وهم معها إلى أمه‪ ،‬فعرضت عليه ثديها‪ ،‬فقبله ففرحوا بذلك فرحا ً شديدًا‪ ،‬واستأجروها على‬
‫إرضاعه‪ ،‬فنالها بسببه سعادة‪ ،‬ورفعة‪ ،‬وراحة في الدنيا‪ ،‬وفي اآلخرة أغنى وأجزل"‪.‬‬

‫وهذه المسألة ال خالف فيها بين أهل العلم(‪ ،)159‬وجاء األمر بها في القرآن الكريم‪{ :‬فَإِنْ‬

‫أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ََأْتَمَِرَُا بَيْنَكُم بِمَعَْرَُفٍ ََإِن تَعَاََُرْتُمْ فَسَتَُرْضِعُ لَُِ أُخَْرَى} (سورة الطالق‪.)6:‬‬

‫قال ابن تيمية (ت‪728:‬ه) ~‪" :‬القرآن جاء إبجارة الظئر؛ للرضاع‪ ،‬وليس يف كتاب هللا إجارة منصوص‬
‫عليها يف شريعتنا(‪)160‬؛ إال هذه اإلجارة(‪.")161‬‬

‫املسألة السابعة‬

‫حكم التبين‬

‫قال تعاىل‪ََ{ :‬قَاَُ الَّذِي اشْتََرَاهُ مِن مِّصَْرَ الِمَْرَأَتِِِ أَكَْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أََْ نَتَّخِذَهُ َلَدًا} (سورة يوسف‪،)21:‬‬
‫{ََقَالَتِ امَْرَأَتُ فَِرْعَوْنَ قَُرَّتُ عَيْنٍ لِّي َلَكَ الَ تَقْتَُُّوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أََْ نَتَّخِذَهُ َلَدًا ََهُمْ الَ يَشْعَُرَُن} (سورة‬ ‫وقال سبحانه‪:‬‬
‫القصص‪.)9:‬‬
‫اآليتان تقرر ما كان معروفًا يف األمم السابقة‪ ،‬ويف صدر اإلسالم من جواز التبين‪.‬‬
‫خريا؛ رجاء نفعه‪ ،‬أو أن‬
‫فاآلية األوىل حتكي مقولة العزيز المرأته؛ فإنه مل يكن له ول ٌد‪ ،‬فأوصاها بيوسف ً‬
‫يتبناه فيُصبح ولده‪ ،‬واآلية الثانية حتكي مقولة امرأة فرعون له‪ ،‬ملا خشيت منه أن يقتل موسى‪.‬‬
‫اج‬
‫هم بقتله خوفًا من أن يكون من بين إسرائيل فجعلت امرأته آسية بنت مزاحم ُحتَ ُّ‬ ‫يعين‪ :‬أن فرعون ملا رآه َّ‬
‫عنه وتَذب دونه‪ ،‬وحتببه إىل فرعون‪ ،‬فقالت‪{ :‬قَُرَّتُ عَيْنٍ لِّي َلَكَ} فقال‪ :‬أما لك فَنَ َعم‪ ،‬وأما يل فال (‪ .)162‬فكان‬
‫كذلك‪ ،‬وهداها هللا به‪ ،‬وأهلكه هللا على يديه" (‪.)163‬‬
‫معلوما عندهم‪ ،‬وهو كذلك حىت صدر اإلسالم‪ ،‬فإن النيب ‪ ‬كان قد‬ ‫واملُستفاد من اآليتني‪ :‬أن التبين كان ً‬
‫تبىن زيد بن حارثة ‪ ‬حىت كان يُسمى‪ :‬زيد بن حممد‪ ،‬فلما أراد هللا أن يُبطل التبين أمر النيب ‪ ‬أن يتزوج طليقة‬
‫ايغاال يف إبطال هذه العادة‪.‬‬
‫زيد بن حارثة‪ ،‬وهي زينب بنت جحش رضي هللا عنها ً‬

‫‪- 863 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫{ََمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ} (سورة األحزاب‪{ ،)4:‬مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} (سورة‬ ‫قوله تعاىل‪:‬‬
‫األحزاب‪.)40:‬‬
‫عن عبد هللا بن عمر ~‪" :‬أن زيد بن حارثة‪ ،‬موىل رسول هللا ‪ ‬ما كنا ندعوه إال زيد بن حممد حىت نزل‬
‫القرآن‪ :‬قوله تعاىل‪{ :‬ادْعُوهُمْ آلبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الََِِّّ} (سورة األحزاب‪.)164( ")5:‬‬
‫قال القرطيب (ت‪671:‬ه) ~(‪ ":)165‬فرفع هللا حكم التبين‪ ،‬ومنع من إطالق لفظه‪ ،‬وأرشد بقوله إىل أن األوىل‪،‬‬
‫واألعدل‪ :‬أن يُنسب الرجل إىل أبيه نسبًا‪ ،‬فيقال‪ :‬كان الرجل يف اجلاهلية إذا أعجبه من الرجل َجلَ َدهُ‪َ ،‬وظُرفه‪ ،‬ضمه‬
‫إىل نفسه‪."...‬‬

‫اخلامتة‬

‫أهل‪ ،‬مث يف خامتة هذه‬


‫أصل‪ ،‬وللشكر ٌ‬
‫احلمد هلل على فضله‪ ،‬وتوفيقه‪ ،‬وإعانته‪ ،‬وتيسريه‪ ،‬وهو للحمد ٌ‬
‫الورقات أشري إىل أهم نتائج البحث‪:‬‬

‫إبطاال أبي طر ٍيق من الطرق اليت تُفيد‬


‫جواز االحتجاج ابملقوالت املرسلة يف القرآن‪ ،‬إن مل تتضمن ً‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫ومبينةٌ له‪.‬‬
‫السنَّة‪ ،‬فإهنا شارحةٌ للقرآن‪ُ ،‬‬
‫ذلك‪ ،‬ومنها‪ُ :‬‬
‫ٍ‬
‫وعادات لبعض اجملتمعات؛‬ ‫ٍ‬
‫وصف للشرائع السابقة‪،‬‬ ‫املقوالت املرسلة يف القرآن‪ ،‬تشتمل على‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫فمىت ما تعارضت مع شريعة اإلسالم؛ فال جيوز االحتجاج هبا‪ ،‬إما من جهة أهنا منسوخةٌ يف شريعة اإلسالم‪ ،‬وهذا‬
‫ابلنسبة للشرائع السابقة‪ ،‬وإما لكوهنا عادةٌ َّبني القرآن‪ ،‬والسنةُ بُطالهنا‪.‬‬

‫ارتباط املقوالت املرسلة بشرٍع من قبلنا‪ ،‬والفروق بني هذين النوعني من العلوم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫تسع‬
‫ويف اجلانب التطبيقي‪ ،‬ومن خالل دراسة ثالث عشرة مسألة يف هذا البحث‪ ،‬تبني اإلحكام يف ِّ‬
‫مسائل‪ ،‬وأن منها أربع مسائل منسوخةٌ يف شرعنا‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬اسرتقاق السارق لِّمن ُسرق منه‪.‬‬
‫‪ -2‬إنكاح األب‪ ،‬وغريه للفتاة دون رضاها‪ ،‬وال يثبت أهنا كانت شريعةٌ ملن قبلنا‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون املهر منفعة للويل‪ ،‬كاإلجارة‪.‬‬
‫‪ -4‬التبين‪.‬‬

‫استقالال ‪ -‬أي يف غري ابب‬


‫ً‬ ‫كما تبني من خالل هذه املسائل‪ ،‬أن القرآن الكرمي مل ينص على احلكم فيها‬
‫املقوالت ‪ -‬يف أغلب املواضع‪.‬‬

‫‪- 864 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫تعبدا بشرائع األنبياء قبله‪ ،‬فيما مل يوح إليه فيها بشيء‪ ،‬ويظهر هذا يف مسألة اسرتقاق‬
‫أن النيب ‪ ‬كان ُم ً‬
‫السارق ملن ُسرق منه‪ ،‬والعمل ابلتبين‪.‬‬

‫ويقرتح الباحث دراسة األوامر املصدرة ابألمر ابلقول‪ ،‬وموضوعاهتا‪ ،‬وأسرار مضامينها‪.‬‬
‫ُ‬
‫كثريا على نبينا حممد‪ ،‬وآله‪ ،‬وأصحابه أمجعني‪،‬‬
‫تسليما ً‬
‫وصل اللهم‪ ،‬وسلم ً‬ ‫ِّ‬

‫املراجع‬
‫أمحد بن عبد احلليم‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬اجلواب الصحيح ملن بدل دين املسيح‪ ،‬شيخ اإلسالم أيب العباس‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬علي‬
‫بن حسن بن ًنصر وآخرون‪ ،‬الرايض‪ :‬دار العاصمة‪ ،‬الطبعة‪ 1419 ،2‬ه ‪.‬‬
‫أمحد بن عبد احلليم‪ ،‬ابن تيمية‪ُ ،‬مموع الفتاوى‪ .‬مجع وترتيب‪ :‬عبد الرمحن بن حممد قاسم‪ ،‬الطبعة‪ 1423 ،1‬ه‬
‫أمحد بن فارس بن زكراي‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪1399 ،‬ه‬
‫أمحد بن فرح اللخمي‪ُ ،‬متصر خالفيات البيهقي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬ذايب عبد الكرمي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫الطبعة‪1417 ،1‬ه‬

‫‪- 865 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫أسامة بن سعيد القحطاين‪ ،‬وآخرون‪ ،‬موسوعة اإلمجاع يف الفقه اإلسالمي‪ .‬الرايض‪ :‬دار الفضيلة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪1433 ،‬ه‬
‫آل ابن تيمية‪ ،‬املسودة يف أصول الفقه‪ ،‬اجملد ابن تيمية‪ ،‬أبو الربكات عبد السالم بن تيمية‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حميي‬
‫الدين‪ ،‬بريوت‪ :‬مطبعة املدين‪.‬‬
‫الباقالين‪ ،‬للقاضي أيب بكر ابن الطيب‪ ،‬االنتصار للقرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد عصام القضاة‪ ،‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪،‬‬
‫الطبعة‪ 1422 ،1‬ه ‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬حممد بن إمساعيل اجلعفي‪ ،‬اجلامع الصحيح املسند من ُسنن النيب ‪ ‬وأايمه‪ ،‬حتقيق‪ :‬محد زهري بن ًنصر‪،‬‬
‫ُ‬
‫بريوت‪ :‬دار طوق النجاة‪ ،‬الطبعة‪1422 ،1‬ه‬
‫الربكيت‪ ،‬حممد عميم اإلحسان اجملددي‪ ،‬التعريفات الفقهية‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪1424 ،1‬ه ‪-‬‬
‫‪2003‬م‬
‫البغوي‪ ،‬احلسني بن مسعود‪،‬معامل التنزيل‪ ،‬حتقيق‪ :‬محد عبد هللا النمر‪ ،‬وآخرون‪ ،‬الرايض‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة‪ ١٤١٧ ،4‬ه‬
‫البيضاوي‪ ،‬عبد هللا بن عمر الشريازي‪ ،‬أنوار التنزيل‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد الرمحن املرعشلي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب‪ ،‬الطبعة‪1418 ،1‬ه‬
‫البيهقي‪ ،‬أمحد بن احلسني بن علي بن موسى‪ ،‬اخلالفيات بني اإلمامني الشافعي‪ ،‬وأيب حنيفة‪ ،‬حتقيق‪ :‬إبشراف‬
‫حممود عبد الفتاح النحال‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الروضة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪1436 ،1‬ه‪2015-‬م‬
‫البيهقي‪ ،‬أمحد بن احلسني بن علي بن موسى‪ ،‬السنن الكربى‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد القادر عطا‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬الطبعة‪1424 ،3‬ه‪2003-‬م‬
‫اجلرجاين‪ ،‬علي بن حممد بن علي الزين الشريف‪ ،‬التعريفات‪ ،‬حتقيق‪ :‬مجاعة من العلماء إبشراف الناشر‪ ،‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪1403 ،1‬ه‬
‫اجلوهري‪ ،‬إمساعيل بن محاد‪ ،‬الصحاح‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني – الطبعة‪،4‬‬
‫‪1407‬ه‬
‫الدارقطين‪ ،‬أبو احلسن علي بن عمر البغدادي‪ ،‬سنن الدارقطين‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب االرنؤوط‪ ،‬وآخرون‪ ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬الطبعة‪1424 ،1‬ه‬
‫الرازي‪ ،‬حممد بن عمر بن احلسن بن احلسني التيمي‪ ،‬التفسري الكبري‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب – الطبعة‪،3‬‬
‫‪ 1420‬ه‬
‫الراغب األصفهاين‪ ،‬أليب القاسم الراغب األصفهاين‪ ،‬املفردات يف ألفاظ القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬صفوان دوادي‪ ،‬دمشق‪:‬‬
‫دار القلم‪ ،‬الطبعة‪1423 ،3‬ه ‪.‬‬

‫‪- 866 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫الزجاج‪ ،‬إبراهيم بن السري بن سهل‪ ،‬معاين القرآن وإعرابه‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد اجلليل عبده شليب‪ ،‬بريوت‪ :‬عامل الكتب‪،‬‬
‫الطبعة‪1408 ،1‬ه‬
‫الزحيلي‪ ،‬د‪ .‬وهبة بن مصطفى‪ ،‬الفقه اإلسالمي‪ ،‬وأدلته‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة‪ ،4‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬حممد بن عبد هللا بن هبادر‪ ،‬الربهان يف علوم القرآن‪ ،‬حممد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية‪ ،‬الطبعة‪ 1376 ،1‬ه‬
‫الزُمشري‪ ،‬أبو القاسم حممود بن عمرو بن أمحد‪ ،‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب‪،‬‬
‫الطبعة‪1407 ،4‬ه‬
‫زين الدين بن إبراهيم بن حممد‪ ،‬املعروف اببن نيم املصري‪ ،‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ ،2‬د‪.‬ت‬
‫السرخسي‪ ،‬أبو بكر حممد بن أيب سهل‪ ،‬املبسوط‪ ،‬حتقيق‪ :‬خليل امليس‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة‪1421 ،1‬ه‬
‫شعيب األرنؤوط‪ ،‬وآخر‪ ،‬بريوت‪:‬‬ ‫ِّ ِّ‬
‫سليمان بن األشعث بن إسحاق‪ ،‬أبو داوود السجستاين‪ ،‬سنن أيب داوود‪ ،‬حتقيق‪َ :‬‬
‫دار الرسالة العاملية‪،‬‬
‫السمرقندي‪ ،‬أبو الليث نصر بن حممد بن أمحد بن إبراهيم‪ ،‬حبر العلوم‪ ،‬بدون معلومات‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل الد ين‪ ،‬االتقان يف علوم القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬مصر‪ :‬اهليئة املصرية العامة‬
‫للكتاب‪ ،‬د‪.‬ط‪1394 ،‬ه ‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬اإلكليل يف استنباط التنزيل‪ ،‬حتقيق‪ :‬سيف الدين الكاتب‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪1401 ،‬ه ‪.‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرًنطي‪ ،‬املوافقات‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪،‬‬
‫السعودية‪ :‬دار ابن عفان‪ ،‬الطبعة‪1417 ،1‬ه ‪1997-‬م‬
‫الشافعي أبو عبد هللا حممد بن إدريس‪ ،‬األم‪ ،‬بريوت‪ :‬دار املعرفة‪ ،‬د‪.‬ط‪1410 ،‬ه‬
‫الشربيين‪ ،‬مشس الدين حممد بن حممد‪ ،‬مغين احملتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ ،‬حتقيق‪ :‬عوض علي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‬
‫الشنقيطي‪ ،‬حممد األمني اجلكين‪ ،‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن ابلقرآن‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫‪ ،‬د‪.‬ط‪ 1415 ،‬ه ‪.‬‬
‫الشنقيطي‪ ،‬حممد األمني بن حممد املختار اجلكين‪ ،‬العذب النمري يف ُماس التفسري‪ ،‬حتقيق‪ :‬خالد بن عثمان السبت‪،‬‬
‫مكة املكرمة‪ :‬دار عامل الفوائد للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪1426 ،2‬ه‪.‬‬
‫الشنقيطي‪ ،‬حممد األمني بن حممد املختار اجلكين‪ ،‬مذكرة أصول الفقه‪ ،‬إشراف‪ :‬بكر أبو زيد‪ ،‬مكة املكرمة‪ :‬دار‬
‫عامل الفوائد‪ ،‬الطبعة‪1426 ،1‬ه‬

‫‪- 867 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫الطرباين‪ ،‬سليمان بن أمحد‪ُ ،‬مسند الشاميني‪ ،‬حتقيق‪ :‬محدي بن عبد اجمليد السلفي‪ ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪،‬‬
‫الطبعة‪1984 – 1405 ،1‬‬
‫الطربي‪ ،‬حممد بن جرير‪ ،‬جامع البيان يف أتويل القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد حممد شاكر‪ ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‪،1‬‬
‫‪ 1420‬ه ‪2000 -‬م‬
‫عبد الرمحن بن عبد هللا الدويش‪ ،‬الشرائع السابقة ومدى ُحجيتها يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬بدون معلومات‪ ،‬الطبعة‪،1‬‬
‫‪1410‬ه‬
‫عبد الرمحن بن حممد بن إدريس بن املنذر التميمي‪ ،‬ابن أيب حامت‪ ،‬تفسري ابن أيب حامت‪ ،‬حتقيق‪ :‬أسعد حممد الطيب‪،‬‬
‫السعودية‪ :‬مكتبة نزار الباز‪ ،‬الطبعة‪1419 ،3‬ه ‪.‬‬
‫عبد الرمحن بن ًنصر‪ ،‬ابن سعدي‪ ،‬تيسري الكرمي الرمحن‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الرمحن معال اللوُيق‪ ،‬السعودية‪ :‬دار السالم‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪1422 ،2‬ه‪20002-‬م‪.‬‬
‫عبد هللا بن أمحد بن حممد‪ ،‬ابن قدامة‪ ،‬روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن‬
‫حنبل‪ ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة الراين للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪1423 ،2‬ه ‪2002-‬م‬
‫عبد هللا بن حممد بن إبراهيم بن عثمان‪ ،‬ابن أيب شيبة العبسي‪ ،‬املصنف يف األحاديث واآلاثر‪ ،‬حتقيق‪ :‬كمال يوسف‬
‫احلوت‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد‪ ،‬الطبعة‪1409 ،1‬ه‪.‬‬
‫عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان‪ ،‬ترتيب املوضوعات الفقهية ومناسباته يف املذاهب األربعة‪ ،‬مكة املكرمة‪ :‬جامعة‬
‫أم القرى‪ ،‬معهد البحوث العلمية‪ ،‬وإحياء الرتاث‪ ،‬الطبعة‪1408 ،1‬ه ‪1988-‬م‪.‬‬
‫عبد الوهاب‪ ،‬أبو حممد بن علي بن نصر الثعليب البغدادي املالكي‪ ،‬املعونة على مذهب عامل املدينة‪ ،‬حتقيق‪ :‬محيش‬
‫عبد احلق‪ ،‬مكة املكرمة‪ :‬املكتبة التجارية‪ ،‬مصطفى أمحد الباز‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط‬
‫العز بن عبد السالم‪ ،‬عز ِّ‬
‫الدين بن عبد السالم‪ ،‬عز الدين عبد العزيز‪ ،‬اإلمام يف بيان أدلة األحكام‪ ،‬حتقيق‪ :‬رضوان‬
‫ُمتار بن غربية‪ ،‬بريوت‪ :‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬الطبعة‪1407 ،1‬ه ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫العسقالين‪ ،‬أمحد بن علي‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬تقدمي وحتقيق‪ :‬عبد القادر شيبة احلمد‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة العبيكان‪،‬‬
‫الطبعة‪ 1421 ،1‬ه ‪.‬‬
‫علي بن أمحد بن سعيد‪ ،‬ابن حزم األندلسي‪ ،‬احمللى ابآلاثر‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬
‫عمر بن علي‪ ،‬ابن عادل‪ ،‬اللباب يف علوم الكتاب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عادل أمحد عبد املوجود‪ ،‬وآخر‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬الطبعة‪1419 ،1‬ه‬
‫العيىن‪ ،‬أبو حممد حممود بن أمحد بن موسى احلنفى‪ ،‬خنب األفكار يف تنقيح مباين األخبار يف شرح معاين اآلاثر‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬أبو متيم ايسر بن إبراهيم‪ ،‬قطر‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬الطبعة‪ 1429 ،1‬ه ‪2008 -‬م‪.‬‬
‫الغُماري‪ ،‬ألمحد عبد هللا الصديق‪ ،‬إحياء املقبور من أدلة جواز بناء املساجد على القبور ‪ ،‬ومعه‪ :‬إعالم الراكع‬
‫والساجد ابختاذ القبور مساجد‪ ،‬مكتبة القاهرة‪ ،‬الطبعةالرابعة ‪1429‬ه‬

‫‪- 868 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫الفراهيدي‪ ،‬اخلليل بن أمحد‪ ،‬كتاب العني‪ ،‬حتقيق‪ :‬د مهدي املخزومي‪ ،‬د إبراهيم السامرائي‪ ،‬مصر‪ :‬دار ومكتبة‬
‫اهلالل‪ ،‬د‪.‬ت‪ .‬د‪.‬ط‪.‬‬
‫الفريوز آابدي‪ ،‬حممد بن يعقوب‪ ،‬القاموس احمليط‪ ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‪ 1420 ،1‬ه ‪.‬‬
‫القاسم بن سالم اهلروي‪ ،‬أبو عبيد‪ ،‬غريب احلديث‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬حسني حممد حممد شرف‪ ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة العامة‬
‫لشئون املطابع األمريية‪ ،‬الطبعة‪ 1404 ،1‬ه ‪ 1984 -‬م‬
‫القرايف‪ ،‬أبو العباس‪ ،‬أمحد بن إدريس املالكي‪ ،‬الفروق‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حجي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫الطبعة‪1994 ،1‬م‬
‫القرايف‪ ،‬أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن املالكي‪ ،‬شرح تنقيح الفصول‪ ،‬حتقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬بريوت‪ :‬شركة‬
‫الطباعة الفنية املتحدة‪ ،‬الطبعة‪ 1393 ،1‬ه ‪ 1973 -‬م‬
‫القرطيب‪ ،‬حممد بن أمحد األنصاري‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد الربدوين‪ ،‬وآخر‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الكتب‬
‫املصرية‪ ،‬الطبعة‪1384 ،2‬ه ‪ 1964 -‬م‬
‫اللخمي‪ ،‬أمحد بن فرح االشبيلي‪ُ ،‬متصر خالفيات البيهقي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬ذايب عبد الكرمي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة‬
‫الرشد‪ ،‬الطبعة‪1417 ،1‬ه‬
‫املازري‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن علي بن عمر الت َِّّميمي املالكي‪ ،‬شرح التلقني‪ ،‬حتقيق‪َّ :‬‬
‫حممد املختار السالمي‪ ،‬بريوت‪:‬‬
‫اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ 2008 ،1‬م‬ ‫دار الغرب ِّ‬
‫مالك‪ ،‬بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي‪ ،‬املدونة‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪1415 ،1‬ه ‪1994 -‬م‬
‫املاوردي‪ ،‬أبو احلسن علي بن حممد بن حممد‪ ،‬احلاوي الكبري‪ ،‬حتقيق‪ :‬علي حممد معوض‪ ،‬وآخر‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬الطبعة‪ 1419 ،1‬ه ‪ 1999-‬م‬
‫ُماهد‪ُ ،‬ماهد بن جرب التابعي املكي القرشي‪ ،‬تفسري ُماهد‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد عبد السالم أبو النيل‪ ،‬مصر‪ :‬دار‬
‫الفكر اإلسالمي احلديثة‪ ،‬الطبعة‪ 1410 ،1‬ه ‪1989 -‬م‬
‫حممد اجليزاين‪ ،‬معامل يف أصول الفقه عند أهل السنة واجلماعة‪ ،‬الدمام‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬الطبعة‪1429 ،7‬ه‪.‬‬
‫حممد الطاهر بن حممد بن حممد‪ ،‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬تونس‪ :‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬د‪.‬ط‪1984 ،‬ه‪.‬‬
‫حممد بن إبراهيم بن املنذر‪ ،‬اإلشراف على مذاهب العلماء‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو محاد صغري االنصاري‪ ،‬رأس اخليمة‪ :‬مكتبة‬
‫مكة الثقافية‪ ،‬الطبعة‪1426 ،1‬ه‬
‫حممد بن إبراهيم بن عبد هللا التوجيري‪ ،‬موسوعة الفقه اإلسالمي‪ ،‬الرايض‪ :‬بيت األفكار الدولية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫‪ 1430‬ه ‪ 2009 -‬م‬
‫حممد بن أيب الفتح بن أيب الفضل‪ ،‬املطلع على ألفاظ املقنع‪ ،‬البعلي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود األرًنؤوط وايسني حممود‬
‫اخلطيب‪ ،‬السعودية‪ :‬مكتبة السوادي للتوزيع‪ ،‬الطبعةاألوىل ‪1423‬ه ‪ 2003 -‬م‬

‫‪- 869 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫حممد بن أيب بكر بن أيوب‪ ،‬ابن قيم اجلوزية‪ ،‬الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية‪ ،‬حتقيق‪ً :‬نيف أمحد احلمد‪ ،‬مكة‬
‫املكرمة‪ :‬دار عامل الفوائد‪ ،‬الطبعة‪1428 1‬ه‪.‬‬
‫حممد بن أمحد بن سعيد احلنفي‪ ،‬ابن عقيلة املكلي‪ ،‬الزايدة واألحسان يف علوم القرآن‪ ،‬الشارقة‪ :‬جامعة الشارقة‪،‬‬
‫مركز البحوث والدراسات‪ ،‬الطبعة‪1427 ،1‬ه‪.‬‬
‫حممد بن أمحد بن عبد اهلادي احلنبلي‪ ،‬ابن عبد اهلادي‪ ،‬تنقيح التحقيق يف أحاديث التعليق‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي بن‬
‫حممد بن جاد هللا‪ ،‬وآخر‪ ،‬الرايض‪ :‬أضواء السلف‪ ،‬الطبعة‪ 1428 ،1‬ه ‪2007 -‬م‪.‬‬
‫حممد بن أمحد بن حممد‪ ،‬ابن رشد القرطيب‪ ،‬بداية اجملتهد‪ ،‬وهناية املقتصد‪ ،‬حتقيق‪ :‬ماجد احلموي‪ ،‬السعودية‪ :‬دار‬
‫ابن حزم‪ ،‬الطبعة‪11415‬ه‬
‫حممد بن صاحل بن حممد العثيمني‪ ،‬بن عثيمني‪ ،‬تفسري الكهف‪ ،‬السعودية‪ :‬دار ابن اجلوزي للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫األوىل‪ 1423 ،‬ه‬
‫حممد بن عبد هللا أبو بكر املعافري‪ ،‬ابن العريب‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد عبد هللا ولد كرمي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫الطبعة‪1992 ،1‬م‪.‬‬
‫حممد بن مكرم بن علي‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪/‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬الطبعة‪ 1419 ،3‬ه ‪.‬‬
‫حممد بن يوسف بن علي بن يوسف‪ ،‬ابن حيان‪ ،‬أثري الدين األندلسي‪ ،‬البحر احمليط يف التفسري‪ ،‬حتقيق‪ :‬صدقي‬
‫حممد مجيل‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة‪ 1420 ،1‬ه‬
‫مسلم‪ ،‬مسلم بن احلجاج النيسابوري‪ ،‬املسند الصحيح املختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إىل رسول هللا‬
‫ُ‬
‫‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬د‪.‬ت‬
‫املعلمي‪ ،‬عبد الرمحن بن ُيىي ‪ ،‬البناء على القبور‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حاكم عبيسان املطريي‪ ،‬دار أطلس للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الرايض‪ ،‬الطبعة‪1417 ،1‬ه‬
‫مقاتل بن سليمان بن بشري األزدي البلخى‪ ،‬تفسري مقاتل‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا حممود شحاته‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء‬
‫الرتاث‪ ،‬الطبعة‪1423 ،1‬ه‬
‫النووي‪ ،‬أبو زكراي حميي الدين ُيىي بن شرف‪ ،‬حترير ألفاظ التنبيه‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الغين الدقر‪ ،‬دمشق‪ :‬دار القلم‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪1408 ،‬‬
‫اهلروي‪ ،‬أبو عبيد أمحد بن حممد‪ ،‬الغريبني يف القرآن واحلديث‪ ،‬حتقيق ودراسة‪ :‬أمحد فريد املزيدي‪ ،‬السعودية‪ :‬مكتبة‬
‫نزار مصطفى الباز‪ ،‬الطبعة‪ 1419 ،1‬ه ‪ 1999 -‬م‬
‫هيثم هالل‪ ،‬معجم مصطلح األصول‪ ،‬مراجعة وتوثيق‪ :‬د‪ .‬حممد التوني‪ ،‬بريوت‪ :‬دار اجليل‪ ،‬الطبعة‪2003 ،1‬م ‪-‬‬
‫‪1424‬ه‬
‫الواحدي‪ ،‬أبو احلسن علي بن أمحد بن حممد‪ ،‬التفسري الوسيط‪ ،‬حتقيق‪ :‬عادل أمحد عبد املوجود‪ ،‬وآخر‪ ،‬بريوت‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪ 1415 ،1‬ه ‪1994 -‬م‪.‬‬

‫‪- 870 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫الونشريسي‪ ،‬أبو العباس أمحد بن ُيىي‪ ،‬عدة الربوق يف مجع ما يف املذهب من اجلموع والفروق‪ ،‬حتقيق‪ :‬محزة أبو‬
‫فارس‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة‪ 1410 ،1‬ه ‪ 1990 -‬م‬

‫(‪ )1‬نُشر يف اجمللة العلمية‪،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة بين سويف‪ ،‬مجهورية مصر العربية‪ ،‬العدد ‪ 19‬إبريل ‪2011‬م‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معجم اللغة العربية املعاصرة‪ ،‬د‪ .‬أمحد ُمتار (‪.)1873/3‬‬
‫صص‪ ،‬وأحاديث املسامرات‪ ،‬ويف اللسان البن منظور (‪" :)954/2‬احلِّكايةُ‪ ،‬كقولك‪ :‬ح َكيت‬ ‫(‪ )3‬حكى‪ ،‬من احلِّكاية‪ ،‬وهي ُ ِّ‬
‫الق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وح َكوت‬ ‫ِّ‬
‫ت مثل قَوله‪ ،‬سواءً مل أُجاوزه‪ ،‬وحكيت عنه احلديث حكاية‪ ،‬ابن سيده َ‬ ‫ت مثل فعله‪ ،‬أَو قُل ُ‬ ‫فالًن‪ ،‬وحا َكي تُه‪ ،‬فَعل ُ‬
‫ً‬
‫َن يل كذا وكذا"‪ ،‬أَي فعلت مثل فعله‪ ،‬يقال‪:‬‬ ‫عنه حديثاً يف معىن َح َكيته‪ ...‬ويف احلديث‪" :‬ما َسَّرين أَِّين َح َكيت إنساًنً‪ ،‬وأ َّ‬
‫الشمس ُحسناً‪ ،‬وُُياكِّيها‬
‫َ‬ ‫َح َكاه‪ ،‬وحا َكاه‪ ،‬وأَكثر ما يستعمل يف القبيح‪ ،‬املحاكاةُ واحملاكاة‪ :‬املشاهبة‪ ،‬تقول فالن َُيكي‬
‫ُ‬
‫عز شأ ُن هللا‪.‬‬
‫حمكي يف ُكتُب اللغة‪ ،‬وال يُشكل عليه تعريف األشاعرة لكالم هللا؛ َّ‬ ‫مشهور‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ظ‬
‫مبعىن"‪ ،‬وهذا اللف ُ‬‫ً‬
‫مثال‪ :‬روح املعاين‪ ،‬لأللوسي (‪،)279/15‬‬ ‫(‪ )4‬يُنظر ً‬
‫(‪ )5‬مقاييس اللغة‪ ،‬البن فارس مادة‪َ :‬ر َسل (‪ ،)392/2‬وانظر ملزيد بيان‪ :‬العني‪ ،‬للفراهيدي (‪ ،)240/7‬هتذيب اللغة‪ ،‬لألزهري‬
‫(‪ ،)106/13‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور (‪.)282 /11‬‬

‫(‪ )6‬طُلبة الطلبة‪ ،‬للنسفي (ص‪.)133:‬‬

‫(‪ )7‬انظر‪ :‬الربهان يف علوم القرآن‪ ،‬للزركشي (‪ ،)182/2‬فصل قد يُستنبط احلكم من السكوت عن الشيء‪.‬‬

‫(‪ )8‬أخرجه الرتمذي يف اللباس‪ ،‬ابب ما جاء يف لباس الفراء (رقم‪ ،)1726:‬وابن ماجه يف األطعمة‪ ،‬ابب أكل اجلنب والسمن‬
‫(رقم‪ ،)3367:‬ولفظه‪« :‬سئل رسول هللا ‪ ‬عن السمن‪ ،‬واجلنب‪ ،‬والفراء‪ ،‬فذكره‪ ،‬وعن أيب ثعلبة اخلُشين‪ ،‬قال رسول هللا‬
‫غري نِّسيان‬
‫وحرم أشياء فال تقربُوها‪ ،‬وترك أَشياء ‪ -‬عن ِّ‬
‫تعتدوها‪َّ ،‬‬ ‫‪« :‬إن هللا فرض فرائض فال تُضيِّعوها‪َّ ،‬‬
‫وحد ُحدوداً‪ ،‬فال ُ‬
‫مرفوعا‪،‬‬
‫‪ -‬فال تبحثوا عنها»‪ ،‬أخرجه الدارقطين يف الرضاع (‪( ،)325/5‬رقم‪ )4396:‬عن مكحول‪ ،‬عن أيب ثعلبة اخلشين ً‬
‫أيضا من حديث أيب الدرداء (‪( ،)537/5‬رقم‪ ،)4814:‬وفيه هنشل اخلراساين‪،‬‬ ‫ومكحول مل يسمع من أيب ثعلبة‪ ،‬ورواه ً‬
‫وهو مرتوك احلديث‪ ،‬ورواه الطرباين يف األوسط (رقم‪ ،)8938:‬وأخرجه البيهقي يف الكربى (رقم‪ )19725 :‬موقوفًا على‬
‫ت عنه فهو‬ ‫وحرَم حر ًاما‪َ ،‬وسكت عن أَشياء‪ ،‬فما َس َك َ‬
‫حالًال‪َّ ،‬‬
‫اَّلل َ‬
‫أحل َّ‬
‫أيب ثعلبة‪ ،‬وورد عن ابن عباس موقوفًا‪ ،‬ولفظه‪َّ « :‬‬
‫عفو عنه» أخرجه ابن أيب شيبة يف املصنف (‪( ،)259/4‬رقم‪ ،)19879:‬وهذا احلديث على اختالف ألفاظه‪ ،‬وطُرقه‪،‬‬
‫مستفيض يف كتب أهل العلم‪ ،‬واستدالهلم به‪ ،‬وشهرته تُغين عن إسناده‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُجيزم أبن له أصل‪ ،‬وهو‬

‫(‪ )9‬انظر‪ :‬اإلحكام يف أصول األحكام‪ ،‬البن حزم (‪ ،)46/1‬أحكام أهل الذمة‪ ،‬البن القيم (‪.)195/1‬‬

‫(‪ )10‬الصحاح‪ ،‬للجوهري (ص‪ ،)1236:‬وانظر لسان العرب‪ ،‬البن منظور (‪ )175/8‬مادة‪ :‬شرع‪.‬‬

‫(‪ )11‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬البن فارس (‪ ،)262/3‬مادة‪ :‬شرع‪.‬‬

‫(‪ )12‬اإلحكام يف أصول األحكام‪ ،‬البن حزم (‪ ،)46/1‬وحنوه يف كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ ،‬للتهانوي (‪.)1018 /1‬‬
‫(‪ )13‬مل يتعرض املتقدمون لتعريفه؛ لوضوحه وعدم اللبس فيه‪ ،‬وحتقيق ما شرعه هللا لألمم السابقة‪ ،‬وطُرق ثبوته‪ ،‬خارج عن ِّ‬
‫حده‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫والتعريف به‪ .‬انظر يف تعريفه‪ :‬معجم مصطلح األصول‪ ،‬هيثم هالل (ص‪.)176:‬‬

‫‪- 871 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫(‪ )14‬أشار الزركشي لألقسام الثالثة عدا األول يف الربهان (‪ )344/3‬يف التضمني‪ ،‬حيث قال‪" :‬وأدراج كالم الغري يف أثناء‬
‫الكالم؛ لتأكيد املعىن‪ ،‬أو لرتتيب النظم‪ ،‬ويسمى اإلبداع؛ كإبداع هللا تعاىل يف حكاايت أقوال املخلوقني‪ ،‬كقوله تعاىل ‪-‬‬
‫حكاية عن قول املالئكة‪{ :-‬قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا َيَسْفِكُ الدِّمَاء}‪ ،‬ومثل ما حكاه عن املنافقني‪{ :‬قَالُواْ‬

‫إِنَّمَا نَحْنُ مُصَِّْحُون}‪ ،‬وقوله‪{ :‬قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء}‪ََ{ ،‬قَالَتِ الْيَهُودُ}‪ََ{ ،‬قَالَتِ النَّصَارَى}‪ .‬ومثله يف‬
‫القرآن كثري"‪ ،‬واكتفى السيوطي بنقله يف اإلتقان (‪ ،)309/3‬ومعرتك األقران (‪ ،)302/3‬دون زايدة= =ونقله ابن عقيلة‪،‬‬
‫يف الزايدة واإلحسان يف علوم القرآن (‪ ،)225/6‬وأما الشاطيب يف املوافقات (‪ ،)158/4‬فقد أشار إىل االحتجاج ابملقوالت‬
‫الواردة يف القرآن دون إبطال‪ ،‬وب َّني َم ِّنزع االستدالل هبا؛ فأجاد كما هو معهوده يف كل ما يُناقشه‪ ،‬ويؤصله‪ ،‬رمحه هللا‪ ،‬ومجيع‬
‫علماء املسلمني‪.‬‬
‫وخربا‪.‬‬
‫أمرا‪ً ،‬‬ ‫(‪ )15‬أي من جهة تصريفات القول‪ً ،‬‬
‫(‪ )16‬وقد تكررت يف القرآن أبكثر من صيغة يف ‪ )326( :‬مرة‪ ،‬فَ ُذكرت ابألمر اجملرد { ﱰ} يف (‪ )289‬موضعا‪ ،‬يف (‪)267‬‬
‫آية‪ ،‬وجاءت معطوفًا هبا ب الواو‪ )19( :‬مرة‪ ،‬ومعطوفًا هبا ب الفاء‪ )17( :‬مرة‪.‬‬

‫(‪ )17‬اإلملام يف بيان أدلة األحكام‪ ،‬للعز بن عبد السالم (ص‪.)104:‬‬

‫(‪ )18‬االنتصار للقرآن‪ ،‬للباقالين (‪.)793-792/2‬‬

‫(‪ )19‬املوافقات‪ ،‬للشاطيب (‪.)158/4‬‬


‫(‪ )20‬ذكر الشاطيب رمحه هللا كال الوجهني‪ ،‬وكالمه وضعته بني عالميت تنصيص‪ ،‬املوافقات (‪.) 166-158/4‬‬
‫(‪ )21‬جامع البيان (‪ ،)642/17‬وله ألفاظ أخرى‪ ،‬منها‪" :‬أًن ممن استثىن هللا"‪ " ،‬أًن من القليل‪ ،‬هم سبعة‪ ،‬واثمنهم كلبهم" وأخرجه‬
‫عبد الرزاق يف تفسريه (‪ ،)329/2‬قال ابن كثري يف تفسريه (‪ " :)134/5‬فهذه أسانيد صحيحة إىل ابن عباس‪ :‬أهنم كانوا‬
‫سبعة"‪ ،‬ونسبه السيوطي يف الدر املنثور (‪ )375/5‬البن أيب حامت عن ابن مسعود ‪ ،¢‬انظر تفسري ابن أيب حامت (‪.)2354/7‬‬
‫(‪ُ )22‬مموع الفتاوى (‪ ،)367/13‬وبنحو هذا االختيار قال كثريٌ من املفسرين يف تفسريهم‪ ،‬كالبيضاوي (‪ ،)488/3‬والنسفي‬
‫(‪ ،)16/3‬واخلازن (‪ ،)207/4‬حيث قال‪" :‬ختصيص الشيء ابلوصف؛ يدل على أن احلال يف الباقي خبالفه"‪ ،‬وابن كثري‬
‫(‪.)134/5‬‬
‫(‪ )23‬احلكم ابلقرائن‪ ،‬واآلية املشار إليها‪ :‬قوله تعاىل‪ََ ﴿ :‬اُُتَبَقَا الْبَابَ ََقَدَّتْ قَمِيصَُِ مِن دُبَُرٍ﴾ اآلية (سورة يوسف‪.)25:‬‬
‫ُ‬
‫(‪ )24‬الطرق احلكمية‪ ،‬البن القيم (ص‪.)10:‬‬
‫(‪ )25‬أخرجه عبد الرزاق يف تفسريه (‪ ،)189/3‬ومن طريقه ابن جرير يف تفسريه (‪ ،)129/25‬عن معمر‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬قالت‬
‫رجال صاحلًا"‪ ،‬وقال كعب‪" :‬ذم هللا قومه‪ ،‬ومل يذمه"‪ ،‬وأخرجه عبد الرزاق‪ ،‬أنبا معمر‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن‬ ‫عائشة ‪ :‬كان تُبع ً‬
‫عروة‪ ،‬عن عائشة‪ ،‬أخرجه احلاكم يف مستدركه (‪ ،)488/2‬وقال‪ " :‬صحيح على شرط الشيخني "‪ ،‬ووافقه الذهيب‪ ،‬وكذا‬
‫األلباين يف السلسلة الصحيحة (‪( ،)549/5‬رقم‪.)2423 :‬‬
‫(‪ )26‬إحياء املقبور من أدلة جواز بناء املساجد على القبور" (ص‪ ،)22:‬وهو مسبوق هبذ االستدالل‪ ،‬فقد حكاه األلوسي عن‬
‫عاطل‪ ،‬فاسد!" انظر روح املعاين (‪.)236/15‬‬ ‫ابطل‪ٌ ،‬‬ ‫الشهاب اخلفاجي يف حواشيه على البيضاوي‪ ،‬قال‪ ":‬وهو قول ٌ‬

‫‪- 872 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫ورجل ابع ُحًّرا‬ ‫(‪ )27‬عن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال ‪ (( :‬قال هللا‪ :‬ثالثة أًن خصمهم يوم القيامة‪ٌ :‬‬
‫رجل أُعطي يب مث غدر‪ٌ ،‬‬
‫أجريا فاستوىف منه ومل يُعط أجره)) أخرجه البخاري يف البيوع‪ ،‬ابب إمث من ابع حرا (رقم‪:‬‬‫ورجل استأجر ً‬
‫فأكل مثنه‪ٌ ،‬‬
‫‪.)2227‬‬
‫(‪ )28‬البناء على القبور (ص‪.)15-14:‬‬
‫(‪ )29‬التحرير والتنوير (‪ ،)264/19‬واملقدمة السابعة ذكرها يف قصص القرآن (‪ ،)64/1‬قال فيه‪ " :‬ومنها أن القصص بثت‬
‫ُ‬
‫أبسلوب بديع؛ إذ ساقها يف مظان االتعاظ هبا‪ ،‬مع احملافظة على الغرض األصلي الذي جاء به القرآن‪ ،‬من تشريع وتفريع"‪.‬‬
‫كثري من املفسرين‪ ،‬انظر‪ :‬تفسري الطربي (‪ ،)635/17‬اهلداية‪ ،‬ملكي أيب طالب (‪ ،)4353/6‬حبر العلوم للسمرقندي‬ ‫(‪ )30‬وعليه ٌ‬
‫(‪ ،)342/2‬التفسري البسيط‪ ،‬للواحدي (‪ ،)573/13‬زاد املسري‪ ،‬البن اجلوزي (‪.)74/3‬‬
‫(‪ )31‬أضواء البيان (‪.)301/2‬‬
‫(‪ )32‬حتذير الساجد من اختاذ القبور مساجد (ص‪.)66:‬‬
‫(‪ )33‬املرجع السابق (ص‪.)76:‬‬
‫‪ ) 34‬سبقت اإلشارة لكتاب أمحد الصديق الغماري "إحياء املقبور من أدلة جواز بناء املساجد على القبور" (ص‪.)21:‬‬
‫(‪ )35‬انظر‪ :‬تفسري سورة الكهف‪ ،‬البن عثيمني (ص‪.)41:‬‬
‫السالطني"‪ ،‬قال الطربي يف تفسريه (‪ ": )640/17‬وقد‬ ‫(‪ )36‬قال ابن أيب حامت يف تفسريه (‪ " :)2354/7‬هم األمراء‪ ،‬أو قال‪َّ :‬‬
‫اختلف يف قائلي هذه املقالة‪ ،‬أهم الرهط املسلمون‪ ،‬أم هم الكفار؟"‪ ،‬مث ساق من طريق عطية العويف‪ ،‬عن ابن عباس يف‬
‫قوله تعاىل‪{ :‬قَاَُ الَّذِينَ غَََّبُوا عَََّى أَمَْرِهِمْ}‪ ،‬قال‪ " :‬عدوهم"‪ ،‬قال الطربي‪" :‬حدثين حممد بن سعد قال‪ ،‬حدثين أيب قال‪،‬‬
‫حدثين عمي قال‪ ،‬حدثين أيب‪ ،‬عن أبيه"‪ ،‬وهذا السند من أكثر األسانيد دور ًاًن يف تفسري ابن جرير‪ ،‬وهو على قول أمحد‬
‫شاكر‪ُ :‬مسلسل ابلضعفاء‪.‬‬
‫(‪ )37‬تيسري الكرمي الرمحن‪ ،‬البن سعدي (ص‪.)473:‬‬
‫(‪ )38‬التسهيل لعلوم التن زيل‪ ،‬البن ُجزي (‪.)462/1‬‬
‫‪ ) 39‬روح املعاين (‪ ،)239/15‬وانظر‪ :‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬للقرطيب (‪..)380-379/10‬‬
‫(‪ )40‬أخرجه اإلمام أمحد (رقم‪ ،)2030:‬وأبو داوود (رقم‪ ،)3238:‬والنسائي يف اجلنائز‪ :‬ابب التغليظ يف اختاذ السرج على القبور‬
‫حديث‬
‫ٌ‬ ‫(رقم‪ ،)2043:‬والرتمذي يف الصالة‪ :‬ابب ما جاء يف كراهية أن يتخذ على القرب مسجداً (رقم‪ ،)320:‬وقال‪:‬‬
‫حسن‪ ،‬وابن ماجة يف اجلنائز‪ :‬ابب ما جاء يف النهي عن زايرة القبور (رقم‪ ،) :‬وأخرجه الطحاوي يف شرح مشكل اآلاثر‬
‫(رقم‪ ،)4741:‬أبو داوود الطيالسي يف مسنده (رقم‪ ،)2733:‬ومن طريقه أخرجه البيهقي يف السنن الكربى (رقم‪،)6998:‬‬
‫وأخرجه ابن حبان يف صحيحه‪ ،‬ابب ذكر لعن املصطفى ‪ ‬املتخذات املساجد والسرج على القبور (رقم‪.)3179:‬‬
‫(‪ )41‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬للقرطيب (‪.)380/10‬‬
‫(‪ )42‬وذلك إبثبات فعل اإلغواء هلل تعاىل شأنه‪ ،‬وهي نفس مقولة نيب هللا نوح عليه السالم اليت ذكرها هللا تعاىل عنه (سورة‬
‫هود‪.) 34:‬‬
‫ابب إِّذا وكل ً‬
‫رجال فرتك الوكيل شيئًا فأجازه املوكل‪ ،‬فهو‬ ‫(‪ )43‬يف قصة أيب هريرة مع الشيطان‪ ،‬أخرجها البخاري يف كتاب الوكالة‪ٌ ،‬‬
‫ُ‬
‫جائز‪ ،‬وإن أقرضه إىل أجل ُمسمى؛ جاز (رقم‪.)2311 :‬‬

‫‪- 873 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫(‪ )44‬أخرجه أمحد (رقم‪ ،) 27138 :‬والنسائي يف سننه (رقم‪ ،)10757 :‬وابن ماجة (رقم‪ ،) 2118 :‬والطرباين (رقم‪:‬‬
‫‪،) 20529‬واحلاكم (رقم‪ ،) 7815 :‬وقال‪ ":‬هذا حديث صحيح اإلسناد‪ ،‬ومل خيرجاه" وأخرجه الطحاوي يف شرح مشكل‬
‫وص َّحح إسناده الذهيب يف التلخيص‪ ،‬واحلافظ يف اإلصابة (‪.)378/4‬‬
‫اآلاثر (رقم‪َ )238 :‬‬
‫ورجل ابع ُحًّرا‬
‫رجل أُعطي يب مث غدر‪ٌ ،‬‬ ‫(‪ )45‬عن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال ‪ (( :‬قال هللا‪ :‬ثالثة أًن خصمهم يوم القيامة‪ٌ :‬‬
‫أجريا فاستوىف منه ومل يُعط أجره)) أخرجه البخاري يف البيوع‪ ،‬ابب إمث من ابع حرا (رقم‪:‬‬ ‫ورجل استأجر ً‬ ‫فأكل مثنه‪ٌ ،‬‬
‫‪.)2227‬‬
‫(‪ )46‬البناء على القبور (ص‪.)15-14:‬‬
‫‪ ) 47‬روح املعاين (‪.)239/15‬‬
‫‪ ) 48‬يُنظر للتوسع يف هذه املسألة‪ :‬الشرائع السابقة ومدى ُحجيتها يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬للدكتور عبد الرمحن بن عبد هللا الدويش‪.‬‬
‫(‪ )49‬املوافقات‪ ،‬للشاطيب (‪.)160/4‬‬
‫(‪ )50‬مذكرة أصول الفقه (ص‪ ،)254-250:‬العذب النمري (‪ ،)٤٨٣-480/4‬وانظر‪ :‬شرح تنقيح الفصول‪ ،‬للقرايف (ص‪:‬‬
‫‪ ،)298‬معامل أصول الفقه‪ ،‬د‪ .‬حممد اجليزاين (ص‪.)225:‬‬
‫(‪ )51‬انظر‪ :‬شرح تنقيح الفصول‪ ،‬للقرايف (ص‪ ،)300:‬وأشار له يف الفروق (‪.)292/4‬‬
‫(‪ )52‬انظر‪ :‬قواعد األصول‪ ،‬ومعاقد الفصول‪ ،‬البن عبد احلق (ص‪.)18:‬‬
‫(‪ )53‬فواتح الرمحوت بشرح مسلم الثبوت‪ ،‬لألنصاري (‪ ،)398/3‬كشف األسرار )‪،)212/1‬وتطبيق ذلك يف‪ :‬بدائع الصنائع‬
‫(‪.)14/4‬‬
‫كما‬‫(‪ )54‬الربهان يف أصول الفقه‪ ،‬للجويين (‪ ،)331/1‬وقال‪" :‬اضطربت املذاهب يف ذلك فصار صائرون إىل أًن إذا وجدًن ُح ً‬
‫يف شرع من قبلنا‪ ،‬ومل نر يف شرعنا ًنسخا له لزمنا التعلق به‪ ،‬وللشافعي ميل إىل هذا‪ ،‬وبىن عليه أصال من أصوله يف كتاب‬
‫األطعمة‪ ،‬واتبعه معظم أصحابه"‪.‬‬
‫(‪ )55‬أصول الفقه‪ ،‬حممد أبو زهرة (ص‪.)243:‬‬
‫(‪ )56‬انظر‪ :‬معامل يف أصول الفقه‪ ،‬د‪ .‬حممد اجليزاين (ص‪.)227:‬‬
‫(‪ )57‬خالصة األفكار شرح ُمتصر املنار‪ ،‬ابن قطلوبغا (ص‪.)66:‬‬
‫(‪ )58‬احلاوي الكبري (‪)57/3‬‬
‫إطالق‬
‫ٌ‬ ‫(‪ ) 59‬يطلق بعضهم املعامالت يف مقابل العبادات‪ .‬فتشمل على املعامالت املالية‪ ،‬والنكاح‪ ،‬والطالق‪ ،‬وتوابعهما‪ .‬وهو‬
‫أوسع منه عند املذاهب األخرى‪ .‬انظر‪ :‬ترتيب املوضوعات الفقهية‬ ‫معروف عند احلنفيَّة‪ .‬فمدلول املعامالت عندهم َ‬
‫ٌ‬ ‫مشهور‬
‫ٌ‬
‫ومناسباته يف املذاهب األربعة‪ ،‬عبد الوهاب أبو سليمان (ص‪.)16:‬‬

‫(‪ ) 60‬انظر‪ :‬املصباح املنري (ص‪ ،)163 :‬النهاية يف غريب احلديث (‪ ،)300/3‬لسان العرب (‪.)400/9‬‬

‫الرب ِّمبا َخلق يف األعيان من املنافع؛ يَدُّل على‬


‫(‪ ) 61‬قال العز بن عبد السالم يف اإلعالم يف بيان أدلة األحكام (ص‪" :)86:‬متََنُّن َّ‬
‫اإلابحة داللة عُرفيَّة إِّذ ال يَصح الت ََّمنُن مبمنوع"‪ ،‬وانظر‪ :‬موسوعة اإلمجاع يف الفقه اإلسالمي (‪ُ ،)344/2‬مموع الفتاوى‬
‫(‪ ،)479/14‬الفقه اإلسالمي‪ ،‬وأدلته‪ ،‬للزحيلي (‪ ،)3048/4‬موسوعة الفقه اإلسالمي (‪.)305/2‬‬

‫الر ُج ِّل‪ :‬الَّ ِّذي يَقوم أبَمره‪ِّ ،‬مسي َوكِّ ًيال ألَن ُم َوكِّله قَد‬
‫يل َّ‬ ‫(‪ )62‬تعريف الوكالة‪ :‬الوكالة‪ :‬التفويض‪ ،‬يقال‪ :‬وَّكلَه؛ أي فَ َّوض إليه‪ِّ ،‬‬
‫ووك ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫القيام أبَمره فَ ُهو موُك ٌ ِّ‬
‫الحا‪" :‬عقد نيابة‬ ‫يل‪َ ،‬علَى َه َذا ال َقول‪ :‬فَعيل مبعىن مفعول‪ ،‬وتعريفها اصط ً‬ ‫الوك ُ‬
‫َمر‪ .‬و َ‬
‫ول إليه األ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َوَكل إِّليه َ‬

‫‪- 874 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫أذن هللا فيه للحاجة إليه‪ ،‬وقيام املصلحة به‪ ،‬إذ يعجز كل أحد عن تناول أموره إال مبعونة من غريه‪ ،‬أو يرتفه فيستنيب من‬
‫يرُيه"‪ ،‬وأشار لقاعدة مفادها‪ ":‬والوكالة جائزة يف كل حق جتوز النيابة فيه"‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬البن العريب (‪ ،)220/3‬وانظر‪:‬‬
‫لسان العرب‪ ،‬البن منظور (‪ ،)736/11‬حترير ألفاظ التنبيه‪ ،‬للنووي (ص‪ ،)206:‬املطلع على ألفاظ املقنع‪ ،‬للبعلي احلنبلي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(ص‪.)309:‬‬
‫(‪ )63‬أحكام القرآن (‪ ،)220/3‬وأشار لقاعدة مفادها‪ ":‬الوكالة جائزة يف كل حق جتوز النيابة فيه"‪ ،‬وبنحوه قال الكيا اهلراسي‬
‫يف أحكام القرآن (‪ ،)266/4‬أحكام القرآن البن الفرس (‪ ،)268/3‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬للقرطيب‪،)376 /10( :‬‬
‫أضواء البيان‪ ،‬للشنقيطي (‪.)228/3‬‬
‫(‪ )64‬انظر‪ :‬اإلمجاع‪ ،‬البن املنذر (ص ‪ ،80‬رقم‪ ،)755 :‬مراتب اإلمجاع‪ ،‬البن حزم (ص ‪.)61‬‬
‫(‪ )65‬انظر‪ :‬بداية اجملتهد‪ ،‬البن رشد (‪ ،)1482/3‬ومل أر يف كتب احلنفية هذا االستثناء‪ ،‬انظر‪ :‬رد احملتار‪ ،‬البن عابدين‬
‫(‪ ،)510/5‬املبسوط‪ ،‬للسرخسي (‪.)3/19‬‬
‫(‪ )66‬بداية اجملتهد‪ ،‬البن رشد (‪.)1482/3‬‬
‫(‪ )67‬أخرجه أبو داوود يف البيوع‪ ،‬ابب يف الوكالة (رقم‪ ،)3634:‬والدارقطين يف سننه (رقم‪ ،)4304:‬والبيهقي يف الكربى‬
‫(رقم‪ ،)11432:‬ومدار احلديث على ابن إسحاق‪ ،‬عن وهب بن كيسان‪ ،‬أيب نُعيم‪ ،‬عن جابر ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬وابن‬
‫مدلس‪ ،‬وقد عنعن احلديث‪ ،‬وقد حسنه رغم ذلك ابن حجر يف تلخيص‬ ‫ٌ‬ ‫إسحاق‪ ،‬هو حممد بن إسحاق بن يَسار‪ ،‬وهو‬
‫اعتبارا ملا علقه البخاري يف كتاب فرض اخلمس‪ ،‬ابب= =ومن الدليل على أن اخلمس لنوائب‬ ‫احلبري (‪ ،)51/3‬ولعله ً‬
‫اَّلل من متر خيرب"‪ ،‬واحلديث ضعفه االلباين‪ ،‬يف ضعيف سنن أيب داوود‬ ‫املسلمني‪ ،‬ولفظه‪" :‬وما أعطى جابر بن عبد َّ‬
‫أيضا األرًنؤوط يف حتقيقه لسنن أيب داوود (‪.)574/5‬‬‫(رقم‪ ،)734:‬ومشكاة املصابيح (رقم‪ ،)2935:‬وضعفه ً‬
‫(‪ )68‬أحكام القرآن‪ ،‬للجصاص (‪ .)40/5‬وأشار للوكالة‪ ،‬ومل يُقيدها ابلعذر‪ ،‬كما هو مذهب احلنفية يف املسألة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )69‬أحكام القرآن‪ ،‬إللكيا اهلراسي (‪ ،)265/4‬وما فيه منقول من أحكام القرآن للجصاص‪ ،‬وانظر‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬البن الفرس‬
‫(‪ ،)268/3‬اجلامع ألحكام القرآن (‪.)376/10‬‬
‫(‪ )70‬النكت والعيون‪ ،‬للماوردي (‪.) 294/3‬‬
‫نفقة صاحبِّه‪ ،‬انظر‪ :‬الصحاح‪ ،‬للجوهري (‪،)546/2‬‬ ‫فقة نفقةً على قدر ِّ‬‫احد من الر ِّ‬‫كل و ٍ‬
‫(‪ )71‬مأخوذٌ من التناهد‪ ،‬وهو ‪:‬إخراج ِّ‬
‫ُ‬
‫"هنَد"‪.‬‬
‫الغريبني يف القرآن واحلديث‪ ،‬للهروي (‪ ،)1898/6‬مقاييس اللغة‪ ،‬البن فارس (‪ )361 /5‬مادة‪َ :‬‬
‫(‪ )72‬أحكام القرآن (‪.)222/3‬‬
‫ابلرمل‪ .‬انظر‪ :‬النهاية يف غريب احلديث واألثر‪ ،‬البن األثري (‪.)265/2‬‬ ‫(‪ )73‬أي‪ :‬نفد زادهم؛ كأهنم حلاجتهم‪ ،‬قد لصقوا َّ‬
‫(‪ )74‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب الشركة‪ ،‬ابب الشركة يف الطعام (رقم‪ ،)2486:‬ومسلم يف الفضائل‪ ،‬ابب فضائل‬
‫األشعريني (رقم‪.)2500:‬‬
‫(‪ )75‬أخرجه البخاري يف املرجع السابق (رقم‪ ،)2484:‬ومسلم يف كتاب اإلميان‪ ،‬ابب الدليل على أن من مات على التوحيد‬
‫دخل اجلنة قطعاً (رقم‪.)27:‬‬
‫(‪ )76‬املدونة‪ ،‬لإلمام مالك (‪.)607/3‬‬
‫(‪ )77‬انظر‪ :‬عدة الربوق‪ ،‬للونشرييسي (‪.)533/2‬‬
‫(‪ )78‬الذخرية‪ ،‬للقرايف (‪.)18/8‬‬
‫(‪ )79‬انظر‪ :‬املوافقات‪ ،‬للشاطيب (‪.)327-314/2‬‬

‫‪- 875 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫مشتقةٌ من األجر‪ ،‬وهو اجلزاء على العمل‪ ،‬واألجرة‪ِّ :‬‬


‫الكراء‪ ،‬يُقال‪ :‬آجره‪ :‬إذا أعطاه أجرته‪ ،‬وهي ما‬ ‫(‪ )80‬اإلجارة‪ :‬يف اللغة‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫عمل‪ ،‬أو منفعة‪ ،‬انظر‪ :‬الصحاح (‪ ،)576/2‬مقاييس اللغة‪ ،‬البن فارس (‪ ،)62/1‬ويف االصطالح‪:‬‬ ‫عوضا على ٍ‬
‫يستحق ً‬
‫ٍ‬
‫بعوض معلوم"‪ .‬مغين احملتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ ،‬للشربيين(‪،)332/2‬‬ ‫معلوم ٍة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫"هو عق ٌد على منفعة مقصودة‪َ ،‬‬
‫حترير ألفاظ التنبيه (ص‪ ،)219:‬الكليات‪ ،‬للكفوي (ص‪ ،)48:‬التعريفات الفقهية‪ ،‬للربكيت (ص‪.)16:‬‬
‫(‪ )81‬اختُلف يف امسه‪ ،‬وهل هو نيب هللا شعيب أم ال؟ فقيل هو شعيب نيب هللا‪ ،‬وقيل‪ :‬ابن أخي شعيب‪ ،‬وأن شعيبا كان قد مات‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬ليس بشعيب‪ ،‬بل امسه‪ :‬يثرون‪ ،‬وقيل‪ :‬يثرى‪ ،‬والصحيح‪ :‬أنه ليس بشعيب‪ ،‬وال هو نيب‪ ،‬قال القرطيب‪ ":‬وأكثر الناس‬
‫على أهنما ابنتا شعيب عليه السالم‪ ،‬وهو ظاهر القرآن‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ََ{ :‬إِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} (سورة األعراف‪،)85:‬‬
‫قال قتادة‪ :‬بعث هللا تعاىل شعيبا إىل أصحاب األيكة وأصحاب مدين"‪.‬والصواب أنه ليس نيب هللا شعيب‪ ،‬فاآلايت اليت‬
‫استدل هبا القرطيب يف غري حمل اخلالف؛ إذ ال تعيني للوقت فيها‪ ،‬فنيب هللا شعيب أُرسل إىل مدين قبل زمن موسى عليه‬
‫السالم مبدة طويلة‪ ،‬ولذا قال الشيخ ابن سعدي يف تفسريه (ص‪ ": )614 :‬وغاية ما يكون‪ ،‬أن شعيبا عليه السالم‪ ،‬قد‬
‫كانت بلده مدين‪ ،‬وهذه القضية جرت يف مدين‪ ،‬فأين املالزمة بني األمرين؟"‪ ،‬قال الطربي‪َ ":‬وَه َذا ِّممَّا الَ يُدرك علمه إِّال‬
‫جل ثناؤهُ"‪ .‬انظر جامع البيان‪،)224/18( :‬‬ ‫حجته‪ ،‬فال قول يف ذلك أَوىل َّ ِّ‬
‫ابلصواب ممَّا قاله اَّللُ َّ‬ ‫خبرب‪ ،‬وال خرب بذلك جتب َّ‬
‫قال ابن كثري‪ ":‬وقال آخرون‪ :‬كان شعيب قبل زمان موسى ’ مبدة طويلة؛ ألنه قال لقومه‪{ :‬أَالَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ‬
‫ثَمُود} (سورة هود‪ ،)95:‬وقد كان هالك قوم لوط يف زمن اخلليل ’ بنص القرآن‪ ،‬وقد ُعلم أنه كان بني موسى واخلليل •‬
‫مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة‪ ،‬كما ذكره غري واحد‪ ،‬وما قيل‪ :‬إن شعيبًا عاش مدة طويلة‪ ،‬إمنا هو ‪-‬وهللا أعلم ‪-‬احرتاز‬
‫من هذا اإلشكال‪ ،‬مث من املقوي لكونه ليس بشعيب‪ ،‬أنه لو كان إايه؛ ألوشك أن ينص على امسه يف القرآن هاهنا" تفسري‬
‫القرآن العظيم (‪.)228/6‬‬

‫(‪ )82‬جامع البيان‪.)224/18( :‬‬


‫اخلريت‪ :‬الدَّليل احلاذق ِّ‬
‫ابلداللة‪ ،‬انظر‪ :‬النهاية يف غريب احلديث واألثر (‪ ،)19/2‬املعجم الوسيط (‪.)224/1‬‬ ‫(‪ِّ ) 83‬‬

‫(‪ ) 84‬رواه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب اإلجارة‪ :‬ابب استئجار املشركني عند الضرورة‪ ،‬أو إذا مل يوجد أهل اإلسالم (رقم‪.)2307:‬‬

‫(‪ )85‬نقل اإلمجاع ابن املنذر يف اإلمجاع (ص‪ ،)144 :‬وابن ُهبرية يف اإلفصاح (‪ ،)274/6‬وأغلظ القاضي عبد الوهاب يف‬
‫"اإلشراف على نكت مسائل اخلالف" (‪ ،)352/2‬وابن العريب يف أحكام القرآن (‪ )500/3‬على ابن علية‪ ،‬واألصم يف‬
‫منعها؛ ملخالفتها للقياس‪ ،‬وانظر‪ :‬بداية اجملتهد (‪.)419/3‬‬
‫(‪ )86‬أحكام القرآن‪ ،‬البن العريب (‪.)500/3‬‬
‫(‪ )87‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬البن كثري (‪.)386/3‬‬
‫(‪ )88‬سيأيت مبشيئة هللا الكالم على هذه املسألة (ص‪.)44:‬‬
‫(‪ )89‬انظر‪ :‬املبسوط‪ ،‬للسرخسي (‪ ،)74/15‬األم‪ ،‬للشافعي (‪ ،)26/4‬املعونة‪ ،‬لعبد الوهاب (‪ ،)1087/3‬املغين‪ ،‬البن قدامة‬
‫(‪.)73-72/8‬‬
‫(‪ )90‬انظر أحكام القرآن‪ ،‬للجصاص (‪ ،)619/3( ،)489/1‬أحكام القرآن‪ ،‬إللكِّيا اهلََّراسي(‪ ،)422/2(،)187/1‬أحكام‬
‫القرآن البن العريب (‪ ،)274/1‬اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب (‪.)164/3‬‬
‫(‪ )91‬أحكام القرآن‪ ،‬البن العريب (‪.)500/3‬‬
‫(‪ )92‬جامع أحكام القرآن (‪.)275-274/13‬‬

‫‪- 876 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫(‪ )93‬هو الباب السادس يف كتاب اإلجارة من صحيحه‪ ،‬انظر‪ :‬صحيح البخاري (‪.)89/3‬‬
‫(‪ )94‬فتح الباري (‪.)444/4‬‬
‫(‪ )95‬انظر كالم ابن املنري يف التعقيب عليه‪ ،‬والدفاع عن البخاري‪ ،‬املرجع السابق‪.‬‬
‫ُ‬
‫(‪ )96‬وذلك يف مجيع تفسريات السلف‪ ،‬انظر‪ :‬جامع البيان‪ ،‬للطربي (‪ ،)177-176/16‬تفسري ابن أيب حامت (‪.)2173/7‬‬

‫(‪ )97‬اجلُعالة‪ :‬بفتح اجليم‪ ،‬وكسرها‪ ،‬وضمها‪ ،‬قال ابن فارس يف ُممل اللغة (‪" :)191/1‬اجلُعل‪ ،‬واجلِّ َعالة واجلَعِّيلة‪ :‬ما يُعطاه‬
‫اصطالحا‪ :‬ما ُجي َعل على العمل‪.‬انظر‪ :‬أنيس الفقهاء‪ ،‬للقونوي (ص‪ ،)60:‬معجم لغة الفقهاء‪،‬‬‫ً‬ ‫ِّ‬
‫اإلنسان على األمر يفعله"‪ ،‬و‬
‫للقلعجي (ص‪.)164:‬‬

‫(‪ )98‬املغين‪ ،‬البن قدامة (‪ ،)93/6‬وانظر‪ :‬البحر الرائق‪ ،‬البن ُنيم (‪ ،)226/6‬املعونة‪ ،‬للقاضي عبد الوهاب (‪،)1114/3‬‬
‫احلاوي الكبري‪ ،‬للماوردي (‪)31/8‬‬

‫(‪ )99‬أحكام القرآن‪ ،‬للجصاص (‪ ،)390/4‬ونقل الكيا اهلراسي كالمه دون إشارة‪ ،‬يف أحكام القرآن (‪.)233/4‬‬

‫(‪ )100‬أحكام القرآن‪ ،‬البن العريب (‪.)65-64/3‬‬

‫(‪ )101‬تفسري ُماهد (ص‪ ،)399:‬وأخرجه عنه ابن جرير (‪ ،)178/16‬وابن أيب حامت (‪.)2174/7‬‬

‫(‪ )102‬أخرجه عنه ابن جرير‪ ،‬يف جامع البيان (‪ ،)178/16‬وهو تفسري مقاتل كذلك‪ ،‬انظر‪ :‬تفسريه (‪ ،)344/2‬وفسرها قتادة‬
‫بنفس املعىن‪ ،‬فقال‪ :‬محيل‪ ،‬أخرجه عبد الرزاق يف تفسريه (‪.)218/2‬‬

‫(‪ )103‬أحكام القرآن‪ ،‬إللكيا اهلراسي (‪ ،)232/4‬اإلكليل يف استنباط التنزيل (ص‪.)156:‬‬

‫(‪ )104‬انظر‪ :‬املبسوط‪ ،‬للسرخسي (‪ ،)2/20‬املعونة‪ ،‬للقاضي عبد الوهاب (‪ ،)1230/3‬احلاوي الكبري‪ ،‬للماوردي (‪،)430/6‬‬
‫املغين‪ ،‬البن قدامة (‪.)400/4‬‬

‫(‪ )105‬أخرجه أمحد (رقم‪ ،)22349:‬وأبو داود‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬ابب تضمني العارية‪( ،‬رقم‪ ،)3565:‬والرتمذي يف أبواب البيوع‪،‬‬
‫وحسنه‪ ،‬وابن ماجه يف أبواب الصدقات‪ ،‬ابب الكفالة‪ ،‬رقم (‪.)2405‬‬
‫ابب ما جاء يف أن العارية مؤداه‪ ،‬رقم (‪َّ ،)1265‬‬
‫(‪ ) 106‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الكفالة‪ ،‬ابب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع (رقم‪.)2173 :‬‬

‫(‪ )107‬أورده البخاري ُمعل ًقا يف املرجع السابق‪.‬‬

‫(‪ )108‬املعونة‪ ،‬للقاضي عبد الوهاب (‪ ،)1230/3‬وانظر‪ :‬املغين‪ ،‬البن قدامة (‪.)400/4‬‬

‫(‪ )109‬إغاثة اللهفان‪ ،‬البن القيم (‪.)831/2‬‬

‫(‪ )110‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬البن كثري (‪.)831/2‬‬

‫(‪ ) 111‬روي عنه من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث التنوري‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرمحن بن عبد هللا بن دينار‪ ،‬عنه‪ ،‬به‪ ،‬أخرجه‬
‫حديث صحيح على شرط البخاري‪ ،‬ومل ُخيرجاه‪ ،‬ووافقه‬ ‫ٌ‬ ‫احلاكم يف املستدرك‪ ،‬كتاب البيوع (رقم‪ ،)2330:‬وقال‪" :‬هذا‬
‫الذهيب‪ ،‬ورواه الطحاوي يف شرح ُمشكل اآلاثر‪ ،‬ابب بيان ُمشكل ما روي عن رسول هللا ‪ ‬يف بيعه ُحَّرا يف دين كان عليه‬
‫‪( ...‬رقم‪ ،)1857:‬والدارقطين يف ُسننه (رقم‪ ،)236:‬والبيهقي يف السنن الكربى (رقم‪ ،)11605:‬وقال (‪" :)50/6‬ومدار‬

‫‪- 877 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫حديث ُسَّرق على هؤالء‪ ،‬وكلهم ليسوا أبقوايء‪ :‬عبد الرمحن بن عبد هللا‪ ،‬وابنا زيد‪ ،‬وإن كان احلديث عن زيد عن ابن‬
‫البيلماىن‪ ،‬فابن البيلماىن ضعيف ىف احلديث‪ ،‬وىف إمجاع العلماء على خالفه‪ ،‬وهم ال جيمعون على ترك رواية اثبتة‪ ،‬دليل‬
‫إسناد صحيح‬
‫على ضعفه‪ ،‬أو نسخه‪ ،‬إن كان اثبتًا‪ ،‬وابهلل التوفيق"‪( ،‬رقم‪ ،)6716:‬واإلسناد الذي ُسقته يف بدء التوثيق ٌ‬
‫صحيح‪ ،‬ورواته كلُّهم ثقات‪ ،‬ومل ِّ‬
‫خيرجه‬ ‫ٌ‬ ‫كما قال ابن عبد اهلادي‪ ،‬يف تنفيح التحقيق (‪ ،)130/4‬قال‪" :‬وإسناد احلديث‬
‫وحسنه األلباين يف إرواء الغليل (‪،)266-264/5‬‬
‫أحد من أهل "السنن"‪ ،‬والبدر العيين يف ُخنب األفكار (‪َّ ،)505/14‬‬
‫قال شعيب األرًنؤوط يف تعليقه (‪" :)132/5‬رجاله رجال الصحيح"‪ ،‬وللحديث طريق آخر‪ ،‬أشار له البيهقي يف النقل‬
‫"سَرق‪ُ ،‬حمفَّف بوزن "غُ َدر‪ ،‬وفُ َسق"‪ ،‬وأصحاب احلديث يشددون الراء‪ ،‬والصواب ختفيفها‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫أعاله‪ ،‬قال ابن األثري‪ُ :‬‬
‫ُسَّرق بن أسد اجلهين‪ ،‬ويقال‪ :‬الديلمي‪ ،‬ويقال‪ :‬األنصارى‪ ،‬سكن مصر‪،‬قيل‪ :‬كان امسه احلباب‪ ،‬فسماه رسول هللا ‪-‬عليه‬
‫السالم‪ُ -‬سَرق ملا ذكره يف احلديث املذكور"‪ ،‬وضبطه الفريوزآابدي على ضبط املحدثني‪ ،‬فقال يف القاموس (ص‪" :)893:‬‬
‫ُ‬
‫كس َّك ٍر ‪ :‬ع بسنجار‪ ،‬وكورة ابألهواز‪ ،‬وابن أسد اجلهين‪ :‬صحايب"‪ ،‬وانظر اإلصابة‪ ،‬البن حجر (‪.)37/3‬‬
‫و ُ‬
‫(‪ )112‬انظر‪ :‬شرح التلقني‪ ،‬للمازري (‪.)382-381/3‬‬

‫(‪ )113‬انظر‪ :‬شرح ُمشكل اآلاثر‪ ،‬للطحاوي (‪ ،)139-138/5‬وسبقت اإلشارة لوعيد بيع احلر (ص‪ ،)18:‬وهذا النص يَصلُح‬
‫ردا على املعلمي هناك‪.‬‬‫ً‬
‫ُ‬
‫(‪ )114‬أخرجه أبو داوود يف املراسيل (ص‪ ،)170:‬ومن طريقه‪ :‬البيهقي يف السنن الكربى (رقم‪ ،)11606:‬وقد نُقل اإلمجاع يف‬
‫عدم جواز بيع احلر ابلدين‪ ،‬انظر شرح التلقني‪ ،‬للمازري (‪.)382/3‬‬

‫(‪ )115‬انظر نصوص العلماء يف موسوعة اإلمجاع يف الفقه اإلسالمي (‪ ،)166-165/2‬وقارن ابملحلى البن حزم (‪.)504/7‬‬
‫ُ‬
‫(‪ ) 116‬الويل لغة‪ :‬قال ابن فارس‪" :‬الواو‪ ،‬والالم‪ ،‬والياء‪ :‬أصل صحيح يدل على قرب من ذلك الويل‪ :‬القرب‪ ،‬يقال تباعد بعد‬
‫ويل‪ :‬أي قُرب‪ ،‬وجلس مما يليين‪ :‬أي يقاربين"‪ ،‬وأما الويل يف املفهوم العام‪ :‬فقد ذكر الزبيدي أن الويل له معان كثرية منها‪:‬‬
‫الذي يلي أمرك‪ ،‬واحملب ضد العدو‪ ،‬ومنها الصديق‪ ،‬ومنها النصري‪ ،‬والناصر‪ ،‬والرب لتوليه أمور العامل بتدبريه وقدرته‪ ،‬واملنعم‪،‬‬
‫واملنعم عليه‪ ،‬واحملب‪ ،‬والتابع‪ ،‬والصهر‪ ،‬وأن الوالية‪ ،‬هلا معان منها‪ :‬اخلطة واإلمارة والسلطان‪ .‬وأن املوىل له معان منها‪:‬‬
‫املالك‪ ،‬والعبد‪ ،‬واملعتِّق‪ ،‬واملعتَق‪ ،‬والصاحب‪ ،‬والقريب‪ ،‬واجلار‪ ،‬واحلليف‪ ،‬والنزيل‪ ،‬والشريك"‪ ،‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫البن فارس (‪ ،)141/6‬مادة "وىل"‪ ،‬اتج العروس من جواهر القاموس للزبيدي (‪ .)245 – 241/40‬ومن التعريفات‬
‫االصطالحية اجلامعة‪" :‬سلطة شرعية لعصبة نفس‪ ،‬أو من يقوم مقامهم‪ ،‬يتوقف عليها تزويج من مل يكن أهال لعقده" د‪.‬‬
‫عوض بن رجاء العويف‪ ،‬رسالة‪ :‬الوالية يف النكاح )‪.(29/1‬‬

‫(‪ )117‬سبقت اإلشارة له (ص‪.)28:‬‬

‫(‪ )118‬أحكام القرآن البن العريب (‪ ،)495/3‬وانظر اجلامع ألحكام القرآن‪ ،)271/13( :‬األذكار‪ ،‬للنووي (ص‪،)458:‬‬
‫اإلكليل يف استنباط التنزيل للسيوطي (ص‪.)203:‬‬

‫(‪ )119‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬كتاب ابب (رقم‪ ،)4005:‬بسنده عن الزهري قال‪ :‬حدثين سامل أنه مسع أابه ُيدث أن عمر‬
‫حني أتميت حفصة بنت عمر من ُخنيس بن حذافة السهمي‪ ،‬وكان من أصحاب رسول هللا ‪ ‬قد شهد بدرا‪ ،‬وتويف‬
‫ابملدينة‪ ،‬قال عمر ‪ :‬لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت‪ :‬إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر؟ قال‪:‬‬
‫سأنظر يف أمري‪ ،‬فلبثت ليايل‪ ،‬مث لقيين فقال‪ :‬قد بدا يل أن ال أتزوج يومي هذا‪ ،‬قال عمر ‪ :‬فلقيت أاب بكر فقلت‪ :‬أُنكحك‬
‫حفصة؟ فصمت أبو بكر‪ ،‬فلم يرجع إىل شيئًا‪ ،‬فكنت عليه أوجد مين على عثمان‪ ،‬فلبثت ليايل مث خطبها رسول هللا ‪‬‬

‫‪- 878 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫فأنكحتها إايه‪ ،‬فلقيين أبو بكر فقال ‪ :‬لعلك وجدت علي حني عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال ‪ :‬مل‬
‫مينعين أن أرجع إليك فيما عرضت؛ إال أنين كنت علمت أن رسول هللا ‪ ‬ذكرها‪ ،‬فلم أكن ألفشي سر رسول هللا ‪ ‬ولو‬
‫تركها لقبلتها"‪.‬‬

‫(‪ )120‬الوالية يف اللغة مصدر َوِّ َّ‬


‫يل‪ ،‬وهو اسم من أمساء هللا‪ ،‬عز شأنه‪ ،‬قال ابن األثري‪" :‬وكأن الوالية تشعر ابلتدبري والقدرة والفعل"‪،‬‬
‫يل الشيء‪ ،‬أو عليه‪ ،‬يَلِّيه ِّواليةً؛ إذا َملك أمره‪ ،‬وكان له حق القيام به‪ ،‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ )407/15( :‬مادة‬ ‫يُقال‪َ :‬وِّ َّ‬
‫(ويل)‪ ،‬واملفردات يف غريب القرآن‪ ،‬للراغب األصفهاين (ص‪ ،)533:‬أما يف اصطالح الفقهاء فالوالية تكون قاصرة‪،‬‬
‫ومتعدية؛ فالقاصرة‪ :‬ما كانت يف شؤون اإلنسان نفسه‪ ،‬و ِّ‬
‫املتعدية‪ :‬ما ارتبطت بغريه‪ ،‬كوالية النكاح‪ .‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع‬ ‫ِّ‬
‫(‪ ،)338/3‬وما بعدها‪.‬‬

‫(‪ )121‬أحكام القرآن‪ ،‬البن العريب (‪ ،)495/3‬واتبعه القرطيب يف اجلامع ألحكام القرآن‪..)271/13( :‬‬

‫(‪ )122‬انظر‪ :‬املعونة‪ ،‬للقاضي عبد الوهاب (‪ ،)746/2‬بداية اجملتهد (‪ ،)433/2‬احلاوي الكبري‪ ،‬للماوردي (‪ ،)37/9‬املغين‪،‬‬
‫البن قدامة (‪.)7/7‬‬

‫(‪ )123‬انظر‪ :‬املعونة يف اجلدل‪ ،‬للشريازي (ص‪ ،)44:‬املبسوط للسرخسي (‪.)11/5‬‬

‫ابب يف الويل (رقم‪ ،)2087:‬والرتمذي يف النكاح‪،‬‬


‫(‪ )124‬أخرجه األمام أمحد يف مسنده (رقم‪ ،)19536 :‬وأبو داوود يف النكاح‪ٌ ،‬‬
‫ابب ما جاء ال نكاح إال بويل (رقم‪ ،)1101:‬وابن ماجه يف النكاح‪ ،‬ابب ال نكاح إال بويل (رقم‪ ،)1881:‬وأخرجه احلاكم‬
‫يف املستدرك (رقم‪ ،)2710:‬وابن حبان يف صحيحه (رقم‪ ،)4083:‬وقال‪" :‬قال أبو حامت ‪ :‬مسع هذا اخلرب أبو بردة عن‬
‫معا‪،‬‬
‫ندا ً‬‫ومس ً‬
‫رسال‪ُ ،‬‬
‫ومرة يُرسله‪ ،‬ومسعه أبو إسحاق من أيب بردة ُم ً‬
‫مسندا‪ً ،‬‬
‫مرفوعا‪ ،‬فمرة كان ُيدث به عن أبيه ً‬ ‫أيب موسى ً‬
‫وص َّححه‬ ‫ِّ‬
‫معا‪ ،‬ال شك وال ارتياب يف صحته"‪َ ،‬‬ ‫سندا ً‬
‫وم ً‬‫رسال ُ‬
‫صحيح ُم ً‬
‫ٌ‬ ‫سال‪ ،‬فاخلرب‬
‫مرفوعا‪ ،‬واترةً ُمر ً‬
‫فمرةً كان ُُيدث به ً‬
‫األلباين يف تعليقه على سنن الرتمذي‪ ،‬وشعيب األرنؤوط يف تعليقه على صحيح ابن حبان‪ ،‬وقال‪ ":‬إسناده صحيح على‬
‫الرب (‪.)392 /5‬‬‫شرط الشيخني"‪ ،‬وانظر‪ :‬االستذكار‪ ،‬البن عبد َّ‬
‫الرب (‪ ،)392 /5‬واحلاوي الكبري‪ ،‬للماوردي (‪ ،)394 ،58/9‬كشاف القناع‪ ،‬للبهويت‬
‫(‪ )125‬انظر‪ :‬االستذكار‪ ،‬البن عبد َّ‬
‫(‪.)58/5‬‬

‫(‪ )126‬أخرجه ابن ماجة يف سننه‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب ال نكاح إال بويل (رقم‪ ،)1882‬وسنن البيهقي‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب ال‬
‫نكاح إال بويل (رقم‪ ،)13413:‬قال اإلمام البيهقي –رمحهُ هللا‪" :-‬هذا موقوف‪ ،‬وكذلك قالهُ بن ُعيينة‪ ،‬عن هشام بن‬
‫حسان‪ ،‬عن سريين‪ ،‬وعبد السالم بن حرب‪ ،‬قد ميز املسند من املوقوف فأشبه قد يكون قد حفظه"‪.‬‬

‫(‪ )127‬أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده ‪( ،‬رقم‪ ،)24372:‬والرتمذي‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب ما جاء ال نكاح إال بويل (رقم‪،)1102:‬‬
‫وحسنه‪ ،‬وابن حبان يف صحيحه‪ ،‬ذكر بطالن النكاح الذي نُكح بغري ويل (رقم‪ ،)4074:‬والطرباين يف املعجم الكبري‬ ‫َّ‬
‫(رقم‪ )14334:‬من حديث ابن عمرو‪ ،‬والدارقطين يف سننه (رقم‪ ،)3520:‬وقال ابن حبان يف صحيحه (‪" :)386/9‬قال‬
‫أبو حامت‪" :‬هذا خرب أوهم من مل ُيكم صناعة احلديث‪ ،‬أنه منقطع أو ال أصل له حبكاية حكاها ابن علية‪ ،‬عن ابن جريج‬
‫يف عقب هذا اخلرب‪ ،‬قال‪ :‬مث لقيت الزهري‪ ،‬فذكرت ذلك له‪ ،‬فلم يعرفه وليس هذا مما يهي اخلرب مبثله‪ ،‬وذلك أن اخلري‬
‫الفاضل املتقن الضابط من أهل العلم قد ُيدث ابحلديث مث ينساه‪ ،‬وإذا سئل عنه مل يعرفه فليس بنسيانه الشيء الذي‬
‫حدث به بدال على بطالن أصل اخلرب‪ ،‬واملصطفى ‪ ‬خري البشر صلى فسها‪ ،‬فقيل له‪ :‬اي رسول هللا أقصرت الصالة أم‬
‫نسيت؟ فقال‪« :‬كل ذلك مل يكن»‪ ،‬فلما جاز على من اصطفاه هللا لرسالته‪ ،‬وعصمه من بني خلقه‪ ،‬النسيان يف أعم األمور‬

‫‪- 879 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫للمسلمني الذي هو الصالة‪ ،‬حىت نسي‪ ،‬فلما استثبتوه أنكر ذلك‪ ،‬ومل يكن نسيانه بدال على بطالن احلكم الذي نسيه؛‬
‫كان من بَعد املصطفى ‪ ‬من أمته ‪-‬الذين مل يكونوا معصومني جواز النسيان‪ -‬عليهم أجوز‪ ،‬وال ُيوز مع وجوده أن يكون‬
‫حسنه احلافظ ابن حجر يف موافقة اخلُرب اخلَرب‬
‫فيه دليل على بطالن الشيء الذي صح عنهم قبل نسياهنم ذلك"‪ ،‬واحلديث َّ‬
‫(‪ ،)205/2‬وقال األلباين "صحيح أيب داود (رقم‪ :")1817:‬حسن صحيح‪.‬‬

‫(‪ )128‬انظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب العلماء‪ ،‬البن املنذر(‪ ،)13/5‬املغين‪ ،‬البن قدامة (‪.)345-344/9‬‬

‫(‪ )129‬أحكام القرآن‪ ،‬البن العريب (‪ ،)506/3‬وانظر‪ :‬املوطأ (‪ ،)525/2‬وهو مذهب اجلمهور‪ ،‬خالفًا أليب حنيفة‪ ،‬انظر‪ :‬حتفة‬
‫الفقهاء (‪ ،)202/2‬اإلشراف على نكت مسائل اخلالف‪ ،‬للقاضي عبد الوهاب (‪ ،)717/2‬بداية اجملتهد‪ ،‬البن رشد‬
‫(‪ ،)942/2‬املغين‪ ،‬البن قدامة (‪.)405-404/9‬‬

‫(‪ )130‬اجلامع ألحكام القرآن‪.)205/7( :‬‬

‫(‪ )131‬وهذا من األمثلة على عمل بعض األئمة مبقوالت القرآن املرسلة‪.‬‬
‫ُ‬
‫(‪ )132‬وقد سبق الكالم على ذلك يف املطلب األول‪.‬‬

‫(‪ )133‬أخرجه ابن عن سعيد بن جبري عنه به‪ ،‬انظر‪ :‬جامع البيان‪.)224/18( :‬‬
‫(‪ )134‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب ال ينكح األب وغريه البكر والثيب إال برضاها (رقم‪ ،)5136:‬ومسلم‪ ،‬كتاب‬
‫النكاح‪ ،‬ابب استئذان الثيب يف النكاح ابلنطق (رقم‪.)1419:‬‬

‫(‪ )135‬أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب استئذان الثيب ابلنكاح ابلنطق والبكر ابلسكوت (رقم ‪.)1421:‬‬

‫(‪ )136‬أخرجه أبو داوود‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب يف االستئمار‪ ،‬رقم‪ ،)2093( :‬والرتمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب ما جاء يف إكراه‬
‫اليتيمة على التزويج‪ .‬رقم‪ ،)1109( :‬وقال حديث حسن‪ ،‬وأخرجه النسائي يف الصغرى‪ :‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب البكر يزوجها‬
‫أبوها وهي كارهة‪ ،‬رقم‪ ،)3270( :‬وأخرجه ابن حبان يف صحيحه‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب ذكر اإلخبار عما جيب على‬
‫األولياء من استئمار النساء‪ ،‬رقم‪ ،)4079( :‬والبيهقي يف السنن الكربى‪ ،‬ابب ما جاء يف إنكاح اليتيمة‪ ،‬رقم‪.)13468( :‬‬

‫دليل على أن املراد ابلبكر‬


‫(‪ )137‬قال البيهقي يف اخلالفيات (‪ ،)41/6‬وُمتصره‪ ،‬للخمي (‪" : ،)112-97/4‬ويف هذا اخلرب ٌ‬
‫اليت تُستأذن‪ :‬اليتيمة يزوجها غري األب‪ ،‬واجلد‪ ،‬بعد بلوغها إبذهنا‪ ،‬ويقنع منها ابلسكوت حينئذ يف اإلذن‪ ،‬يف ظاهر‬
‫املذهب"‪.‬‬

‫(‪ )138‬انظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب العلماء‪ ،‬البن املنذر(‪.)16/5‬‬

‫(‪ )139‬أخرجه أمحد يف مسند عائشة (رقم‪ ،)25087:‬والنسائي‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب البكر يزوجها أبوها‪ ،‬وهي كارهة‬
‫(رقم‪ ،)1837:‬وابن ماجة‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب من زوج ابنته‪ ،‬وهي كارهة (رقم‪ ،)1873:‬وأخرجه الدارقطين‬
‫رسل؛ ابن بُريدة مل يسمع من عائشة"‪.‬‬
‫(رقم‪ ،)3515:‬والبيهقي يف السنن الكربى (رقم‪ ،)13676:‬وقال‪" :‬هذا ُم ٌ‬
‫(‪ )140‬سنن الدارقطين (‪ .)340/4‬قال يف معرفة السنن واآلاثر (‪ ":)47/10‬وهذا خطأ ‪ ،‬إمنا رواه محاد بن زيد وغريه ‪ ،‬عن‬
‫أيوب‪ ،‬عن عكرمة‪ ،‬عن النيب ‪ ‬مرسال قال أبو داود ‪ :‬هكذا رواه الناس مرسال معروفا"‪ .‬قال الشافعي يف رواية أيب سعيد‬
‫‪ :‬فأي ويل امرأة ثيب‪ ،‬أو بكر زوجها بغري إذهنا فالنكاح ابطل‪ ،‬إال اآلابء يف األبكار والسادة يف املماليك؛ ألن النيب ‪ ‬رد‬

‫‪- 880 -‬‬


‫مجلة جامعة الباحة للعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد (‪ )32‬ديسمبر ‪2022‬‬

‫نكاح خنساء بنت خذام حني زوجها أبوها كارهة‪ ،‬ومل يقل إال أن= =تشائي أن تربي أابك فتجيزي إنكاحه‪ ،‬لو كانت‬
‫إجازته إنكاحها جتيزه أشبه أن أيمرها أن جتيز إنكاح أبيها"‪ .‬انظر‪ :‬معرفة السنن واآلاثر‪ ،‬للبيهقي (‪.)46/10‬‬

‫(‪ )141‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب إذا زوج ابنته وهي كارهة؛ فنكاحه مردود (رقم‪.)5138:‬‬
‫ٍ‬
‫نصوص يف األسفار‬ ‫استنادا إىل‬
‫ً‬ ‫(‪ )142‬وقد ذكر بعض املعاصرين‪ :‬أن شريعة بين إسرائيل قبل التوراة‪ ،‬وبعدها ُجتيز ذلك للويل‪،‬‬
‫املقدَّسة‪ ،‬انظر‪ :‬نظام األسرة يف اليهودية‪ ،‬والنصرانية‪ ،‬واإلسالم‪ ،‬صابر أمحد طه (ص‪ ،)18:‬الزواج يف الشرائع السماوية‬
‫ُ‬
‫والوضعية‪ ،‬هند املعدللي(ص‪ ،)91:‬وذكر شريف عبد العظيم يف كتاب "املرأة ىف اإلسالم واملرأة ىف العقيدة اليهودية واملسيحية‬
‫ذمة ماليَّة‪ :‬ويف التلمود‪ " :‬ليس للمرأة أن متتلك أي‬‫بني األسطورة واحلقيقة‪( ،‬ص‪ ")26:‬أن املرأة ليست هلا يف التلمود أي ٍ‬
‫شي‪ ،‬فكل ما متتلكه هو ُمل ًكا (هكذا) لزوجها‪ ،‬وكل ما تكسبه‪ ،‬أو جتده يف الطريق ُمل ًكا له ‪("...‬التلمود ‪Ssn 71 a,‬‬
‫‪ ،.)Git 62 a :‬ويقول احلاخامات‪" :‬إن الزوجة ُملك لزوجها" )‪Swidler, op. cit., p. 142‬‬

‫(‪ )143‬قال ابن رشد يف بداية اجملتهد (‪" :)969/2‬وسبب اختالفهم سببان‪ :‬أحدمها‪ :‬هل شرع من قبلنا الزم لنا حىت يدل الدليل‬
‫على ارتفاعه؟ أم األمر ابلعكس؟ فمن قال‪ :‬هو الزم ‪ -‬أجازه؛ لقوله تعاىل‪{ :‬قَاَُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ‬
‫عَََّى أَن تَأْجَُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} اآلية‪ .‬ومن قال‪ :‬ليس بالزم ‪ -‬قال‪ :‬ال جيوز النكاح ابإلجارة‪.‬والسبب الثاين‪ :‬هل جيوز أن‬
‫يقاس النكاح يف ذلك على اإلجارة؟"‪.‬‬

‫(‪ )144‬األم (‪ ،)173/5‬وانظر منه (‪ ،) 64/5‬وبه يقول املالكية مع الكراهة‪ ،‬انظر املعونة‪ ،‬للقاضي عبد الوهاب (‪،)751/2‬‬
‫ماال‪ ،‬انظر‪" :‬الروايتني والوجهني‪ ،‬أليب يعلى‬
‫املهر‪ً :‬‬
‫وهي رواية لإلمام أمحد نقلها أبو طالب‪ ،‬والرواية الثانية‪ :‬ال بد أن يكون ُ‬
‫عبدا‪.‬‬
‫حرا‪ ،‬وجيوز إن كان ً‬‫(‪ : ،)116/2‬املغين‪ ،‬البن قدامة (‪ .)255/5‬وقال أبو حنيفة‪ :‬ال يصح ذلك إن كان الزوج ً‬
‫انظر‪ :‬حتفة الفقهاء (‪.)202/2‬‬

‫(‪ )145‬وهذا من األمثلة على العمل مبقوالت القرآن املرسلة‪.‬‬


‫ُ‬
‫(‪ )146‬اجلامع ألحكام القرآن‪)273/13( :‬‬

‫(‪ )147‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب تزويج املعسر (رقم‪ ،)5087:‬ومسلم يف النكاح‪ ،‬ابب الصداق وجواز كونه تعليم‬
‫ُ‬
‫قرآن وخامت حديد وغري ذلك‪( ...‬رقم‪.)3552:‬‬

‫(‪ )148‬انظر‪ :‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬للقرطيب (‪ ،)273/13‬نيل األوطار‪ ،‬للشوكاين (‪.)204/6‬‬

‫للجصاص (‪.)129/3‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )149‬أحكام القرآن‪،‬‬

‫(‪ )150‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،)445/4( :‬وكالمه ينقض آخره أوله‪ ،‬فلعل فيه سقط‪ ،‬أو مل يتضح يل وجهه‪ ،‬وانظر‬
‫أحكام القرآن البن العريب (‪ ،)248/4‬أحكام القرآن للجصاص (‪.)215/5‬‬

‫(‪ )151‬جامع البيان‪.)565/19( :‬‬

‫(‪ )152‬التحرير والتنوير‪.)45-44/20( :‬‬

‫(‪ )153‬جامع البيان‪.)553-552 /7( :‬‬

‫‪- 881 -‬‬


‫املقوالت املُْر َسلَة يف القرآن الكرمي‪ ،‬عالقتها ابلشرائع السابقة‬

‫موقوف عليه‪ ،‬انظر‪ :‬املرجع السابق (‪،)553/7‬‬


‫ٌ‬ ‫الس َّمان‪ ،‬واألصح أنه‬
‫(‪ )154‬وهو مروي عن ابن عباس‪ ،‬من طريق أيب صاحل‪ ،‬ذَك َوان َّ‬
‫تفسري سعيد بن منصور (‪ ،)1147/3‬قال مقاتل يف تفسريه (‪" :)215/1‬وذلك أن الرجل كان يتزوج بغري مهر‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫أرثك وترثيين‪ ،‬وتقول املرأة‪ :‬نعم؛ فأنزل هللا عز وجل‪ََ{ :‬آتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحََّْة}"‪.‬‬

‫(‪ )155‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬ابب الشغار‪( ،‬رقم‪ )5112:‬من حديث ابن عمر ‪" :‬أن النيب ‪ ‬هنى عن الشغار"‪.‬قال‬
‫أيضا ابنته‪ ،‬أو‬
‫أبو ُعبيد يف غريب احلديث (‪ " :)558/2‬وأما الشغار‪ :‬فالرجل يزوج أخته‪ ،‬أو ابنته‪ ،‬على أن يزوجه اآلخر ً‬
‫مهر غري هذا‪ ،‬وهي= =املشاغرة‪ ،‬كان أهل اجلاهلية يفعلونه‪ ،‬يقول الرجل للرجل‪ :‬شاغرين‪ ،‬فيفعالن‬
‫أخته‪ ،‬ليس بينهما ٌ‬
‫ذلك‪ ،‬فنُهي عنه"‪ ،‬وانظر يف اشتقاقه‪ :‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور (‪.)417/4‬‬

‫(‪ )156‬أحكام القرآن‪ ،‬للجصاص (‪ ،)215/5‬وانظر‪ ،)92/3( :‬بداية اجملتهد (‪ ،)17/2‬احلاوي الكبري‪ ،‬للماوردي (‪-972/9‬‬
‫‪ ،)973‬املغين‪ ،‬البن قدامة (‪.)162/7‬‬

‫(‪ )157‬تفسري مقاتل بن ُسليمان (‪ ،)27/3‬وانظر‪ :‬جامع البيان‪ ،‬للطربي (‪.)305-304/18‬‬

‫(‪ )158‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬البن كثري (‪.)181/3‬‬

‫(‪ )159‬أحكام القرآن‪ ،‬للشافعي (‪ ،)263/1‬أحكام القرآن‪ ،‬للجصاص (‪ ،)360/5‬أحكام القرآن‪ ،‬إللكيا اهلراسي (‪،)423/4‬‬
‫أحكام القرآن‪ ،‬البن العريب (‪ ،)286/4‬أحكام القرآن‪ ،‬البن الفرس (‪ ،)73/2‬موسوعة اإلمجاع يف الفقه اإلسالمي‬
‫(‪.)659/2‬‬

‫معدول هبا‬
‫ٌ‬ ‫(‪ )160‬لعله يريد هذا النوع من اإلجارة؛ وهو ما يقع على األعيان املعدومة؛ وابجلملة؛ فإن فقهاء احلنفية يرون اإلجارة‬
‫عن القياس‪ ،‬وكالمهم هو الصحيح يف هذه املسألة‪ ،‬رغم أهنا مسألة أصوليةٌ ال يرتتب عليها فروع؛ فسواء كانت اإلجارة‬
‫معدول هبا عنه؛ فقد جاءت هبا النصوص‪ ،‬وقال جبوازها من يُعند بقوله من الفقهاء‪ ،‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫موافقة للقياس‪ ،‬أو‬
‫للكاساين (‪ ،) 265/4‬وكتب د‪ .‬عمر بن عبد العزيز العراقي يف "املعدول به عن القياس‪ ،‬وموقف شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫منه"‪ ،‬وقد سبقت اإلشارة حلكم اإلجارة (ص‪.)28:‬‬
‫(‪ُ )161‬مموع الفتاوى (‪ ،)531/20‬وانظر‪ :‬القواعد‪ ،‬البن رجب (رقم‪..)72:‬‬
‫(‪ )162‬حكاه غري واحد من املفسرين‪ ،‬انظر‪ :‬جامع البيان‪ ،‬للطربي (‪ ،)164/18‬تفسري ابن أيب حامت (‪.)2945/9‬‬

‫(‪ )163‬تفسري القرآن العظيم (‪.)222-221/6‬‬

‫(‪ )164‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب التفسري‪ ،‬ابب‪{ :‬ادْعُوهُمْ آلبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الََِِّّ} (رقم‪ ،)4782:‬ومسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪،‬‬
‫ابب فضائل زيد بن حارثة‪ ،‬وأسامة بن زيد ~ (رقم‪.)2425:‬‬

‫(‪ )165‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬للقرطيب (‪.)90/7‬‬

‫‪- 882 -‬‬


Kingdom Saudi Arabia
e-ISSN: 1658 – 7472 Vol. 8 Issue No.: 32 December 2022
Ministry of Education
Contents
Al Baha University
Introduction to the journal ................................................
University Vice Presidency for
Postgraduate Studies and Scientific
Research
Editorial Board of Al Baha University Journal for Human Sciences ....................
Al Baha University Journal for Contents ……
Humanities
The Degree of Awareness of the Effects of the Saudi youth’s use of social media and Ways to
Published by Al-Baha University
Periodical - Scientific - Refereed Confront: a descriptive study applied to a sample of Saudi youth in the city of Riyadh 630 - 657
Vision: To be a scientific journal characterized by
publishing scientific research that serves the goals of Norah Shareh Al-Otaibi
comprehensive development in the Kingdom of Saudi
Arabia; serving original scientific research nationally Resemblance between the verses of the Battle of Badr and Uhud 658 - 691
and internationally; contributing to the development
of research capabilities of university members and the Abdullah Mohammad alaskar
like inside and outside the university as well as the
country. ABDULRAHMAN BIN SULIMAN IBN ALGHASSIL and His narrations in SAHIH AL-
Mission: Activating the university's role in raising the BUKHARI, an applied study 692 - 735
level of research performance of its employees to serve
the university's goals, achieve the desired development ALHARBI, JAMILAH MANEA `E
goals, and increase constructive interaction with local,
regional, and global community institutions. The Divine Directives of the Honorable Companions as in Surat Al-Tawbah: an Objective
Study 736 - 761
Chairman of the Editorial Board:
Hassan Muhammad Ali Al-Ayoub Asiri
Prof. Saeed ibn Ahmed Eidan Al-Zahran

Deputy Chairman of the Editorial Board: Abu Hayyan's Grammatical Comments on Sibawayh's Views in the Book ‘Appendix and
Complementation in explaining the Facilitation (Al Tasshil): a Study and Evaluation 762 - 807
Prof. Mohammad Hasan Zahir Al Shihri
Saud Ali Atiyyah Al-Khazmari Al-zahrani
Director of the Editorial Board: The Harmful Animal between the Mountainous Nature and the Legitimate View: the
Dr. Yahya Saleh Hasan Dahāmi, Baboons as a Model 808- 826
Associate Professor
1. Saeed Ahmed Al-Aidan Al-Zahrani, 2. Ghanem Mohammed Abdullah Al-Ghamdi
Members of the Editorial Board:
The sayings approved by the Holy Quran, their Relations with the former divine teachings,
Prof. Fahad Mohammad Al Harithi
and their Significance on Provisions (interpersonal relations and family provisions 827- 882
Dr. Ahmad Mohammad Al Fagaih,
Associate Professor Waleed Abdul Mohsen Ahmed Al-Omari
Investigating Problems of Stress Placement on Compounds Words Encountered in
Dr. Abdullah ibn Zahir Al Thagafi
e-ISSN: 1658 – 7472 Communication by some Students at Al Baha University in Saudi Arabia (English) 883 - 900

PO Box: 1988
Ibrahim Abdalla Ahmed Abker
Tel: 00966 17 7274111/ 00966
17:7250341
Ext: 1314
Email: buj@bu.edu.sa
Website:
https://portal.bu.edu.sa/ar/web/bujhs
Published by Al Baha University

e-ISSN: 1658 – 7472 Vol. 8 Issue No.: 32 December 2022

Email: buj@bu.edu.sa https://portal.bu.edu.sa/ar/web/bujhs

You might also like