Professional Documents
Culture Documents
-قضي اإلسالم علي الوثنية وقرر التوحيد 8المطلق للّه في الذات والصفات والتوجه له بالعبادة وحده،
حيم »( .)1أفاد المؤمن من عقيدة التوحيد: 8 جاء في القرآن « :وإ له ُكم إلهٌ ِ
الر ُ
حمن َّ
الر ُ
واح ٌد ال إلهَ إالّ ُه َو َّ ُ ْ
العزة واإلباء
الن الذي يملكه هو اللّه وحده .وبذلك ارتفع إلي ّ
-والشجاعة وعدم هيبة الموت؛ ّ
واالستشهاد في سبيل الحق.
حارب اإلسالم كثيراً من الخرافات واالوهام كالعرافة والقيافة والكهانة والزجر 8والصدي 8والهامة
الناس إلي التفكير المنطقي والتأمل العقلي وطلب العلم والمعرفة،
والرتَم 8والتعشير وما إلي ذلك .ودعا ّ
َّ
بدلت في المعادلة العقلية عند العرب
فحرك 8العقول ،وفتح األذهان علي أمور 8كان من شأنها أن ّ
ّ
سر الوجود 8وإ دراك 8حقيقته وماهيته،
وغيرت نفسيتهم ،فقد ُأتيح للعقل في اإلسالم مجال واسع للنظر في ّ
نصت آيات كثيرة علي تأمل خلق السموات واألرض وما بينهما من كواكب وأفالك وجبال وبحار
وقدّ 8
وحيوان وطير وحشرات ،ودعت اإلنسان ليتفكر في تعاقب اللّيل والنهار 8والشمس والقمر .قال تعالي :
ب ٍ لق اللّه ُ ِم ْن واألر ِ وت الس ِ «أولَم ي ْنظُروا 8في ملَ ُك ِ
ون قَد ا ْقتََر َ
أن َي ُك َ
وأن َعسي ْشيء ْ ضَ ،وما َخ َ ْ موات َ َ َ ْ َ ُ
ِ
ون *النهار فإذا ُه ُم ُمظل ُم َ
َ ون » وقوله تعالي « :وآيةٌ لَهُ ُم اللّي ُل َن ْسلَ ُخ منه فبأي حديث َب ْع َدهُ ُيؤ ِمُن َ
أجلُهُ ْم ّ8
َ
ِ والشمس تجري ِلمستَقٍَّر لَهاِ ،
القديم الع ْر ُجونعاد َك ُ العليم * والقَ َم َر قَ َّدرناهُ ِ
مناز َل َحتّي َ يز َ الع ِز ِ
تقدير َ
ك ُ ذل َ ُْ َّ ْ ُ
ٍ
هار َو ُك ٌّل في َفلَك َي ْسَب ُح َ
ون »( )15وقوله تعالي : الن ِ ك القَ َم َر وال اللّي ُل سابِ ُ
ق ّ مس َينبغي لها أن تُ ْد ِر َ * ال َّ
الش ُ
اإلنسان ِم َّم ُخِلق »
ُ «فلي ْنظُ ِ8ر
َ
لقد وضع الدين الجديد معطيات جديدة وأسساً متكاملة؛ حيث وضع لألخالق مثالً عليا تخالف الجاهلية،
فكان من أهم أهدافه التأكيد علي المبادئ االخالقية التي تحلي بها العرب قبل اإلسالم بشرط أن تكون
حمي للعقيدة وحصناً للحق ،وظهيراً 8للخير ،ووسيلة إلي نصرة المظلوم ،ونجدة المهضوم ،وإ نصافً
الضعفاء ،ونفع الناس ،وال يرتضي 8أن تتخذ وسائل للعدوان ،أو مظاهر لالستعالء ،أو دعائم لإلفساد8
في االرض وإ ذالل الضعفاء.
فمثالً كان الكرم خلقاً فاضالً في الحياة الجاهلية ،طالما باهي به المفتخرون وأشاد به المادحون ،وكان
البخل رذيلة طالما هجا بها الشعراء ،وبرئ 8منها االسخياء ،ولكن كرم العرب في الجاهلية كان من
امالء البيئة وكان وسيلة من وسائل الفخار والكلف 8بحسن االحدوثة.
حطّم اإلسالم رابطة المجتمع القبلي القائمة علي الدم والنسب ،وأح ّل محلّها رابطة اإليمان واإلشتراك
في الدين الواحد ،كما جعل المسلمين سواسية فأكرمهم 8عند اللّه أتقاهم.
لقد اعتني اإلسالم في بناء المجتمع وتنظيمه ،فوضع له القواعد المحكمة التي توطّد الصلة بين أفراده
علي أساس من المودة والرحمة والتعاون.
كما اهتم اإلسالم بالدعامة االولي للمجتمع (وهي االسرة) التي من شأنها أن تؤدي 8إلي صالح البناء
كله ،أي المجتمع باسره.
وبعد تنظيم هذه الدائرة الضيقة انتقل اإلسالم إلي تنظيم دائرة اوسع ،وهي دائرة االقارب وذوي8
األرحام ،يهدف من وراء ذلك الي ان يكون الذين يمت بعضهم الي بعض بأواصر االبوة أو األخوة أو
المصاهرة ،متعاونين متواسين متضامنين فيما بينهم ،علي أساس من البر واالحسان والتعاطف8
والمودة.
علي الصعيد اإلقتصادي :
األول :هو االعتراف بمواهب الفرد وحقّه المقدس في ثمار عمله وكفاحه ،والسماح له بحرية ضمن ّ
اطار القيم المعنوية والخلقية التي يؤمن بها االسالم ،ولم يكن ذلك التحديد تحديداً للحرية في الحقيقة،
انشاء معنوياً صالحاً ،حيث تؤدي تلك الحرية في
ً وإ ّنما هو عملية انشاء للمحتوي 8الداخلي لالنسان الحر
ظله رسالتها الصحيحة.
فكان دوره اإليجابي الفعال في ضمان اعمال البر والخير التي تتمثل في اقدام المسلمين بمل ء حريتهم
المتبلورة في اطار ذلك التحديد علي دفع الزكاة وغيرها من حقوق اللّه ،والمساهمة في تحقيق مفاهيم
اإلسالم في العدل االجتماعي.
الثاني :تقرير حق المجتمع في كسب الفرد ،ووجوب التضامن والتكافل 8االجتماعي بين ابناء االمة،
فوضعت 8الشريعة مبدأ اشراف ولي األمر علي النشاط العام ،وتدخل الدولة لحماية المصالح العامة
وحراستها.
كان العرب حتي ظهور االسالم شعباً شبه منعزل ،لم تتح له الفرصة الكافية في االختالط بالشعوب
المتمدنة ،فظل متشبثاً بتقاليده وأفكاره ،محافظاً علي لغته التي تعتبر مظهر حياته العقلية ومرآة آدابه،
ودليل أخالقه.
علم منظم ،وال علماء يدونون قواعده ،وال دين واحد يجمعهم تحت لوائه؛ بل كانوا
ولم يكن هناك ٌ
طوائف 8مبعثرة ،متنافسة ،متناحرة فميا بينها ،يسودها 8الجهل واالمية والفقر واالمراض ،فكان ظهور
االسالم في ذلك الحين نتيجة محتومة ،ونقضاً صريحاً لتلك الحياة.
أمد سبباً الي النفوس ،لذا فقد اجتذبهم القرآن ببالغته وسحر بيانه واعجازه
وحيث ان الفصاحة والبيان ّ
النها مفاتيح ارواحهم .واخذ الفكر الجديد يشق لنفسه طريقاً جديداً
واحكام 8أساليبه ،فقادهم من ألسنتهم ّ
توجت بانتصاراتها وبنشر فكرها في تطهير العقيدة وبناء المجتمع
فيصبح هو الناطق للدعوة الجديدة ّ
بصيغة جديدة وفق قواعده ،فتمكن من صهر الصراعات وغليان الصدور 8والعصبية في بوتقة الجهاد،
فانعقدت قلوبهم عليه ،واستقاموا 8لدعوته.
قامت دعوة االسالم علي أساس تنظيم الشؤون الدينية والدنيوية للبشر عامة ،فاإلسالم 8دين ودولة،
وعقيدة وشريعة.
والعقيدة :هي الجانب النظري في االسالم الذي يطلب االيمان به ّأوالً وقبل كل شيء ،وقد تضافرت
النصوص القرآنية الواضحة علي تقريرها ،وهي ّأول ما دعا اليه الرسول ،وقد أجمع المسلمون عليها.
كااليمان باللّه وحده ال شريك له ،وااليمان بمالئكته وكتبه ورسله وبالبعث والحساب ،وهذه هي أركان
العقيدة التي يقوم عليها البناء الروحي للدولة االسالمية.
بربه
والشريعة :هي النظم التي شرعها اللّه أو شرع أصولها ،ليأخذ االنسان بها نفسه وفي عالقته ّ
(وسبيلها أداء الواجبات الدينية كالصالة والصوم) 8وعالقته بأخيه (وسبيلها تبادل المحبة والتناصر علي
الدوام) وعالقته بالكون (وسبيلها حرية البحث والنظر 8في الكائنات واستخدام آثارها في رقي االنسان)
وعالقته بالحياة (وسبيلها التمتع بالحالل من طيبات الحياة دون اسراف).