You are on page 1of 169

‫جامعة الزقازيق‬

‫كليـــــــة اآلداب‬
‫قســــم اإلعــالم‬

‫محـاضـرات‬
‫فى‬

‫العالقات العامة وإدارة األزمات‬

‫إعداد‬
‫دكتوره‪ /‬وفـاء صالح‬
‫"سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم"‬

‫(البقرة‪)32:‬‬

‫‪1‬‬
‫مق ـدمـ ـة‬
‫لقد كانت الظروف الجتماعية والقتصادية والكوارث واألزمات والمشاكل السبب‬
‫وراء ظهور العالقات العامة كإدارة مهمة في إدارة تلك األزمات والظروف الطارئة التي‬
‫تتعرض لها أي شركة أو مؤسسة بمختلف مجالت عملها‪.‬‬

‫فأهمية العالقات العامة ل تظهر إل عندما تواجه المؤسسة أو الشركة أزمة؛‬


‫فعندها يتجلى دور العالقات العامة في كيفية التعامل مع األزمة وإدارتها‪ ،‬والعمل على‬
‫استغالل كل ما فيها لصالح الشركة والتقليل من حجم الخسائر إلى أقل حد ممكن‪.‬‬

‫ول تكمن أهمية العالقات العامة في إدارة األزمات فقط أثناء األزمة‪ ،‬بل يكمن‬
‫دورها قبل حدوث األمة وأثناء األزمة وأيضا بعد األزمة‪ ،‬ويكون ذلك كله من خالل‬
‫الخطط الوقائية والعالجية والطارئة‪ ،‬والتي تعمل العالقات العامة باستمرار في وضعها‬
‫وتطويرها‪.‬‬

‫وعلم إدارة األزمات بات ذو أهمية بالغة في دائرة العالقات العامة‪ ،‬حيث ساعد‬
‫التطور العلمي والتكنولوجي في تقديم العديد من الوسائل واألدوات التي تساعد على حل‬
‫تلك األزمات وإدارتها بشكل مناسب‪ .‬وتهتم العالقات العامة بإدارة وحل األزمات‬
‫والمشاكل‪ ،‬وذلك نظ ار لما تحتويه تلك األزمات من أبعاد تؤثر على الناحية الجتماعية‬
‫والقتصادية والبيئية وحتى السياسية‪ ،‬ولكي تكسب المؤسسة نفسها وتحافظ على بقائها‬
‫وعلى ثقة الجمهور‪ ،‬ل بد أن تعرف كيفية إدارة األزمات بمساعدة دائرة العالقات العامة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فعالم األزمات جزء منا‪ ،‬كما أننا جزء منه‪ .‬إن اعترافنا بضرورة األزمة يتطلب أن‬
‫نكون أكثر حضـو ار فـي وعينـا‪ ،‬وفـي فكرنـا وفـي إدارتنـا وحتـى نـؤثر فـي مجرياتهـا ونتجنـب‬
‫مخاطرها بل والستفادة من إيجابياتها‪.‬‬

‫وتمثل األزمات معالم طريق عبرت خالله اإلنسانية وشيدت حضارتها ‪ ،‬فلم تكن‬
‫األزمات كلها ش ار مستطي ار بل كانت بواعث لنهضة علمية وفكرية أثرت المعارف‬
‫اإلنسانية وساعدت على تطورها‪ ،‬ويسرت لها سبل لم تكن متوافرة لديها قبل حدوث‬
‫األزمة إن المتتبع لتاريخ األزمات سوف تتبين له هذه الحقيقة بوضوح‪ ،‬فأزمة الغذاء‬
‫كان ت دافعا لدول العالم المتقدمة إلى استنباط ساللت غذائية عالية اإلنتاج ‪ ،‬وإيجاد‬
‫موارد غذائية لم تكن مستغلة لديها من قبل وأزمة الطاقة كانت دافعا إليجاد اختراعات‬
‫أقل استهالكا للطاقة وأكثر إنتاجا وإيجاد مصادر بديلة فعالة لها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‬
‫األزمات فى المؤسسات‬

‫‪4‬‬
‫لقد بدأ ظهور األزمة مع بداية الحياة اإلنسانية منذ وجود قابيل وهابيل على وجه‬
‫األرض‪ ،‬حصل صراع المصالح ‪ ،‬وبدأت الحاجة إليجاد السبل والوسائل لمواجهة هذه‬
‫األزمات والتعامل معها وإدارتها بالشكل الذي يضمن مصالح األطراف وبدأت أساليب‬
‫تحقيق األهداف التي انتهت بانتصار إرادة ضد األخرى ‪ ،‬وضمان المصالح الكاملة‬
‫لطرف وفقدانها كاملة عند الطرف اآلخر ولم يكتفي هابيل يقتل أخيه طمعا بالعيش‬
‫والنفراد بالتملك بل تعلم أيضا دروسا أخرى في كيفية انهاء ما ترتب على تلك المقررات‬
‫من إجراءات ونتائج وإدارة وحل تبعات تلك األزمة ‪ ،‬عند ما شاهد طير الغراب الحذر‬
‫وهو يدفن حاجته فقام هو اآلخر بالعمل ذاته تجاه أخيه ومن هنا بدأت األزمة ولزمتها‬
‫إدارتها‪.‬‬

‫مفهوم األزمة‪:‬‬
‫هناك العديد من التعاريف لألزمة نظ ار لشموليتها في كافة المجالت سواء‬
‫سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية وغيرها ولذلك سوف نورد أبرز التعريفات‪:‬‬

‫األزمة لغة‪ :‬تعني الشدة والقحط وبمعنى آخر (نقطة تحول وحالة متوفرة لالنتقال)‬
‫اصطالحاً‪ :‬رغم تعدد التعريفات لدى الكتاب إلى أنها بالرغم من ذلك كانت متشابهه‬
‫لدرجة كبيرة لذلك سوف نذكر تعريفها بشكل عام وهي (خلل مفاجئ نتيجة ألوضاع غير‬
‫مستقرة يترتب عليها تطورات غير متوقعة نتيجة عدم القدرة على احتوائها من قبل‬
‫األطراف المعنية وغالبا ما تكون بفعل اإلنسان‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أما في مجال اإلدارة فيمكن تعريفها بأنها شعور العاملين في المنظمة وإدراكهم‬
‫أنهم غير قادرين على الحصول على الموارد المطلوبة‪ ،‬وغير قادرين على إنجاز‬
‫األهداف المطلوبة‪ ،‬وأن الوقت المتاح غير كاف لتخاذ ما يلزم لتالفي الخسائر أو لمنع‬
‫استم ارريتها وتفاقمها‪.‬‬

‫وتعد األزمة مفهوما قديما اصطالحا واستخدام‪ ،‬وتعني في اللغة العربية الشدة‬
‫والقحط‪ ،‬وأزم عن الشيء أي أمسك عنه‪ ،‬واألزمة الحمية‪ ،‬والمأزم هو المضيق‪ ،‬فيما‬
‫يقصد بها في اللغة اإلنكليزية تغير مفاجئ نحو األفضل أو األسوأ‪.‬‬

‫ويرتبط مصطلح األزمة تاريخيا بالطب لكونها لحظة تحول مصيرية بين الحياة‬
‫والموت تحمل تغيي ار جوهريا ومفاجئا‪ ،‬وتستدعي ق ار ار حاسما يؤثر في مجرى األحداث‪،‬‬
‫ويكون عنصر الوقت أساسيا في فاعلية القرار‪ .‬لذا تسبب األمراض التي تؤثر في القلب‬
‫أزمة قلبية‪ ،‬في حين ل يطلق مصطلح أزمة على أمراض أشد خطورة‪.‬‬

‫واألزمة سياسيا وعسكريا هي اللحظة الفاصلة والحرجة بين السلم والحرب عند تأزم‬
‫العالقات بين الدول‪ .‬إذ تنشأ األزمة في ظل حالة من التوتر وضعف الثقة وعدم‬
‫الستقرار‪ ،‬وتتراكم وتستمد أسبابها من صراعات الماضي التي تنسحب إلى نزاعات في‬
‫الحاضر وزرعا" لبذور النتقام في المستقبل بعد أن تنحل وتستبدل بعد انتهاء األزمة‪،‬‬
‫التحالفات القديمة بأخرى جديدة قائمة على كيفية التعامل قبل وإثناء األزمة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫واألزمة إداريا هي موقف يواجه متخذ القرار يفقد فيه القدرة على السيطرة عليه أو‬
‫على اتجاهاته المستقبلية‪ ،‬تتالحق فيه األحداث وتتشابك األسباب بالنتائج‪ ،‬وتغذي‬
‫بعضها األخر‪ ،‬فهى موقف غير اعتيادي جدا يهدد أعمال وسمعة وصورة وعالقات‬
‫المنظمة ويضر بجمهورها‪.‬‬

‫وهكذا تمثل األزمة موقفا غير اعتياديا وغير متوقعا شديد الخطورة والسرعة ذو‬
‫أحداث متالحقة‪ ،‬تتداعى فيه النتائج وتختلط أسبابها‪ ،‬يهدد قدرة الفرد أو المنظمة أو‬
‫المجتمع على البقاء‪ .‬وتمثل محنة ووقتا عصيبا لصعوبة اتخاذ قرار غير مألوف في ظل‬
‫حالة من غياب المعلومات وعدم التأكد والمستقبل الغامض‪.‬‬

‫أل أن األزمة ل تشمل التهديد فقط أنما الفرصة للتغيير كذلك‪ .‬مما يجعلها‬
‫مفهوما معقدا وغنيا وجدليا ذو متالزمة لفظية وطرفين متضادين ينبغي التوفيق بينهما‪.‬‬
‫ولهذا توصف األزمة في نفس الوقت بتأثيرات سلبية (التشويش‪ ،‬وعدم التنظيم‪ ،‬والص ارع‪،‬‬
‫واإلرباك‪ ،‬واإلجهاد المفرط الذي يقود إلى تصرفات طائشة)‪ ،‬وتأثيرات ايجابية (تعبئة‬
‫وتماسك‪ ،‬وتعاون‪ ،‬وتكيف إلى البيئة‪ ،‬والتعلم بالتجربة)‪ .‬وهكذا تحول مفهوم األزمة من‬
‫وجهة النظر التقليدية التي تصفها كحدث يدمر أو يؤثر في المنظمة ككل‪ ،‬إلى وجهة‬
‫النظر اإلستراتيجية‪ ،‬بكونها لحظة حاسمة ونقطة تحول نحو األفضل أو األسوأ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفرق بين األزمة والكارثة‪:‬‬
‫الكارثة هي‪ :‬حدث مفاجئ غالبا ما يكون بفعل الطبيعة يهدد المصالح القومية للبالد‬
‫ويخل بالتوازن الطبيعي لألمور وتشارك في مواجهته كافة أجهزة الدولة المختلفة‪.‬‬

‫الكارثة‬ ‫األزمة‬ ‫عناصر المقارنة‬

‫كاملة‬ ‫تصاعدية‬ ‫المفاجأة‬


‫معنوية وقد يصاحبها خسائر‬
‫بشرية ومادية كبيرة‬ ‫الخسائر‬
‫بشرية ومادية‬
‫وأحيانا‬ ‫طبيعية‬ ‫غالبا‬
‫غالبا إنسانية‬ ‫أسبابها‬
‫إنسانية‪.‬‬
‫صعوبة التنبؤ‬ ‫إمكانية التنبؤ‬ ‫التنبؤ بوقوعها‬
‫تتفاوت في الضغط تبعا‬
‫ضغط وتوثر عالي‬ ‫الضغط على متخذ القرار‬
‫لنوع الكارثة‬
‫غالبا ومعلنة‬ ‫أحيانا وبشرية‬ ‫المعونات والرغم‬

‫ويجب مالحظة أن األزمة قد تتحول إلى كارثة أما الكارثة فهي قد تولد أزمات‬
‫مثل اضراب العاملين يعتبر أزمة لكن أن تحول إلى شغب واشعال النيران وتحطيم‬
‫المنازل أصبح كارثة أو الزلزال فيعتبر كارثة ولكن تتحول إلى أزمة في حال أن الزلزال‬
‫أدى إلى تحطم المنازل وبالتالي انتشرت السرقات فهنا نواجه أزمة أمنية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫إدارة األزمات‬
‫برزت إدارة األزمات كحقل أكاديمي من خالل عدة جذور اقتصادية واجتماعية‬
‫وسياسية ولذلك يمكن تعريفها بشكل شمولي بأنها (هي العملية اإلدارية المستمرة التي‬
‫تهتم بالتنبؤ باألزمات المحتملة عن طريق الستشعار ورصد المتغيرات البيئية الداخلية أو‬
‫الخارجية المولدة لألزمات وتعبئة الموارد والمكانات المتاحة بأكبر قدر ممكن من الكفاءة‬
‫والفاعلية وبما يحقق أقل قدر ممكن من الضرار للمنظمة وللبيئة وللعاملين مع العودة‬
‫إلى الوضع الطبيعي بأسرع وقت وأقل تكلفة‪ .‬ودراسة أسباب األزمة لمنع حدوثها وتحسين‬
‫طرق التعامل معها مستقبال)‪.‬‬

‫سمات األزمات‪:‬‬

‫لقد اختلفت التعاريف الدالة على معنى األزمة بين العلماء والباحثين وذلك نظ ار‬
‫لما ينتمي إليه العالم أو الباحث من حقول ولكن مع هذا الختالف بين العلماء إلى أنهم‬
‫اتفقوا على بعض السمات األساسية لألزمة وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ .1‬المفاجأة‪ :‬فهي غير متوقع حدوثها وتتسم بالسرعة والغموض‪.‬‬


‫‪ .2‬جسامة التهديد‪ :‬والذي قد يؤدي إلى خسائر مادية أو بشرية هائلة تهدد الستقرار‬
‫وتصل أحيانا إلى القضاء على كيان المنظمة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ .3‬مربكة‪ :‬فهي تهدد الفتراضات األساسية والرئيسية التي يقوم عليها النظام وتخلق‬
‫حالة من حالت القلق والتوتر وعدم يقين بالبدائل المتاحة خاصة في ظل نقص‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫‪ .4‬ضيق الوقت المتاح لمواجهة األزمة‪ :‬فهي تقع وتتصاعد بشكل متسارع األمر‬
‫الذي قد يفقد أطراف المنظمة السيطرة على الموقف‪.‬‬
‫‪ .5‬تعدد األطراف والقوى المؤثرة في حدوث األزمة‪ :‬وتطورها وتعارض مصالحها‬
‫مما يخلق صعوبات جمة في السيطرة على الموقف وإدارته‪.‬‬

‫أسباب األزمات‪:‬‬
‫تختلف األسباب المنشاة لألزمات بتنوع األزمات نفسها فهناك أسباب داخلية‬
‫وأخرى خارجية‪ ،‬ذاتية وموضوعية‪ ،‬شخصية وعامة‪ .‬ويمكن تلخيصها في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬سوء الفهم‬

‫يمثل سوء الفهم أحد أهم أسباب نشوء األزمات‪ .‬ويعود ذلك للمعلومات المبتورة‪،‬‬
‫والتسرع في إصدار الق اررات أو الحكم على األمور قبل إيضاح حقيقتها‪ .‬وفي مثل‬
‫هذه األزمات يكون الحل سهال بمجرد الحصول على المعلومات كاملة غير منقوصة‬
‫أو مبتورة‪ ،‬وأن يعطي لنفسه الوقت الكافي لتخاذ ق ارره بنضج وروية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -2‬سوء اإلدراك‬
‫يمثل اإلدراك مرحله استيعاب المعلومات التي أمكن الحصول عليها‪ .‬وعن‬
‫طريق هذه المرحلة يتخذ السلوك والتصرف تجاهه شكال ومضمونا‪ .‬فإذا ما كان‬
‫هذا اإلدراك غير سليم؛ فإن يؤدي إلى عدم سالمة التجاه الذي اتخذه القائد‬
‫اإلداري‪ .‬ومن هنا إذا تراكمت نتائج التصرفات السابقة بشكل معين في حين كان‬
‫متخذ الق اررات يدرك أنها تأخذ شكل آخر فإن يواجه ضغوط مولدا لنفجار األزمة‪.‬‬

‫‪ -3‬سوء التقدير والتقييم‬


‫وهي أكثر أسباب حدوث األزمات في جميع المجالت خاصة المجالت‬
‫العسكرية‪ ،‬حيث يكون أحد أطراف المعرفة الحربية ضحية سوء تقديره وتقييمه‬
‫للطرف اآلخر‪ .‬وسوء التقدير األزموي ينشأ فعال من خالل جانبين أساسيين هما‪:‬‬
‫أ‪ -‬المغالة واألفراط في الثقة في النفس‪.‬‬
‫ب‪ -‬سوء تقدير قوة الطرف اآلخر والستخفاف به‪.‬‬

‫‪ -4‬اإلدارة العشوائية‪:‬‬
‫وهو ليس مسبب وباعث لألزمات فقط بل مدمر للكيان اإلداري ومحطمة‬
‫إلمكانياته وقدرته‪ .‬ومن أمثلته‪ :‬سوء التخطيط وعدم احترام الهيكل التنظيمي للمنشأة‬
‫وقصور التوجيه لألوامر بالبيانات والمعلومات‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -5‬الرغبة في االبتزاز‬
‫وغالبا يقوم بها جماعات الضغط والمصالح لجني المكاسب غير العادلة من‬
‫الكيان اإلداري‪ ،‬ووسيلتها إلى ذلك هي صنع األزمات المتتالية للكيان اإلداري‬
‫المستهدف‪.‬‬

‫‪ -6‬اليأس‬
‫ويعد هذا السبب في حد ذاته إحدى األزمات التي تشكل شبه خطر دائم على‬
‫متخذ القرار‪ ،‬كما قد يكون اليأس على مستوى الدول باعثا ألزمات طاحنة وعنيفة‪.‬‬
‫ومن أمثلتها ما قامت به الوليات المتحدة من إلقاء قنابل ذرية على هيروشيما وما‬
‫قامت به إسرائيل من مجاز مثل دير ياسين وصاب ار وشاتيال‪.‬‬

‫‪ -7‬اإلشاعات‬
‫وهي عبارة عن استخدام مجموعة حقائق صادقة محاطة بها هالة من البيانات‬
‫والمعلومات الكاذبة والمضللة‪ ،‬وإعالنها في توقيت معين‪ ،‬ومن خالل استغالل حدث‬
‫معين تفجر األزمة‪ .‬وتعد اإلشاعات من أهم مصادر األزمات‪ ،‬به أن بعض األزمات‬
‫مصدرها الوحيد هو الشاعة‪.‬‬

‫‪ -8‬األخطاء البشرية‬
‫وهي أحد أسباب نشؤ األزمات سواء في الماضي أو في الحاضر أو في المستقبل‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -9‬األزمات المخططة‬
‫وهي أن تقوم المنظمات المنافسة بدراسة سير عمل المنظمة المراد إحداث أزمة‬
‫بها‪ ،‬وذلك من خالل تتبع عمليات التشغيل‪ ،‬ومراحل النتاج والتوزيع‪ ،‬وظروف كل‬
‫مرحلة‪ ،‬ومن ثم أحداث أزمة مخططة لها‪.‬‬

‫‪ -10‬تعارض األهداف والمصالح‬


‫وتحدث غالبا في العمل المشترك‪ .‬فكل طرف ينظر إلى هذا العمل من زاويته‪،‬‬
‫والتي قد ل تتوافق مع منظور اآلخر مما يدعو إلى حدوث أزمة‪.‬‬

‫أنواع األزمات‪:‬‬
‫إن الخطوة السليمة إلدارة األزمة هي تحديد طبيعة أو نوع األزمة‪ ،‬وذلك لكشف‬
‫الجوانب المتشابكة في تلك األزمة‪ .‬وبالتالي تتعدد وتتنوع أنواع األزمات بتعدد المعايير‬
‫المستخدمة‪ .‬ولذلك سوف نستخدم أهم المعايير والتصنيفات‪:‬‬

‫‪ -1‬نوع مضمون األزمة‬


‫هناك أزمة تقع في المجال السياسي والقتصادي والجتماعي ‪ ...‬الخ‪ .‬وفي داخل كل‬
‫نوع قد تظهر تصنيفات فرعية مثل األزمة المالية ضمن األزمة القتصادية وهكذا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬النطاق الجغرافي لألزمة‬
‫ويمكن تصنيف األزمات كالتالي‪:‬‬

‫أ‪-‬األزمات المحلية‪ :‬التي تقع في نطاق جغرافي محدود أو ضيق كما يحدث في‬
‫بعض المدن أو المحافظات‪.‬‬

‫ب‪-‬أزمة قومية‪ :‬تؤثر على المجتمع ككل مثل وجود تهديد عسكري وغيره‪.‬‬

‫جـ‪-‬أزمة دولية‪ :‬مثل أزمة النحباس الحراري وأزمة الحاسوب وغيره‪.‬‬

‫‪ -3‬حجم األزمة‪:‬‬
‫يشيع معيار الحجم أو الضخامة في تصنيف األزمات فهناك أزمة صغيرة‪ ،‬أزمة‬
‫متوسطة‪ ،‬أزمة كبيرة‪ .‬والذي يحدد ذلك هو مدى الخسائر المادية الناجمة عن تلك‬
‫األزمة‪.‬‬

‫‪ -4‬المدى الزمني لظهور وتأثير األزمة‬

‫يعتمد هذا المعيار على عمر األزمة وهناك نوعان من األزمات‪:‬‬

‫أ‪ -‬األزمة االنفجارية السريعة‪ :‬تحدث فجأة وبسرعة وتختفي كذلك وتتوقف نتائج‬
‫هذه األزمة على الكفاءة في إدارة األزمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬األزمة البطيئة الطويلة‪ :‬تتطور هذه األزمة بالتدرج وتظهر على السطح ولكن لم‬
‫يتمكن المسئولين من استيعاب دللتها وهذا النوع ل يختفي بسرعة بل تستمر‬

‫‪14‬‬
‫فترات طويلة ولمعالجة مثل هذه األزمات التي يجب تعديل الخطة وتبديلها‬
‫بأخرى جديدة والتعامل معها بسرعة وحسم وبال تردد‪.‬‬

‫‪ -5‬طبيعة التهديدات الخارجية التي تخلق األزمة‬


‫تختلف التهديدات التي تواجه المنظمة أو المجتمع ولذلك يمكن تصنيف األزمات استنادا‬
‫إلى نوعية ومضمون التهديد فهناك‪:‬‬

‫أ‪ -‬تهديدات خارجية موجهة ضد المعلومات‪.‬‬

‫ب‪ -‬تهديدات خارجية موجهة ضد اقتصاد المنظمة‪.‬‬

‫ت‪ -‬والتهديدات النفسية للعاملين في المنظمة‪.‬‬

‫تطور األزمة‪:‬‬
‫تختلف مراحل تطور األزمة باختالف طبيعة األزمة‪ ،‬ويساعد معرفة مراحل‬
‫تطور األزمة كثي ار في معالجة تلك األزمة في الوقت المناسب‪ .‬ومن الممكن تحديد‬
‫مراحل تطور األزمات بصفة عامة في اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة الميالد‪ :‬وتبدأ األزمة بالظهور هنا عن طريق اإلحساس بوجود شيء ما يلوح‬
‫في األفق وينذر باقتراب وقوع خطر مجهول واألزمة ل تنشأ من فراغ وإنما نتيجة‬
‫لمشكلة لم تتم معالجتها بالشكل المالئم‪ .‬ومن هنا يأتي دور متخذ القرار في‬
‫عالجها وهي وليدة دون أدنى خسائر مادية أو بشرية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ب‪ -‬مرحلة النمو واالتساع‪ :‬وتأتي نتيجة لعدم معالجة األزمة أثناء مرحلة الميالد وهنا‬
‫تبدأ األزمة في النمو والتساع وتأتي تغذيتها من داخل الزمة وكذلك من خارجها‬
‫عن طريق التفاعالت التي تجاوبت معها‪.‬‬

‫جـ‪ -‬مرحلة النضج‪ :‬وتعتبر من أخطر مراحل األزمة ول تصل األزمة إلى هذه‬
‫المرحلة إلى إذا قوبلت بالالمبالة من قبل متخذ القرار وهنا فإن الصدام أمر ل بد‬
‫منه‪.‬‬

‫د‪ -‬مرحلة االنحسار والتقلص‪ :‬وتبدأ األزمة بالنحسار والتقلص بعد الصدام العنيف‬
‫الذي يفقدها جزء مهما من قوتها‪.‬‬

‫هـ‪ -‬مرحلة االختفاء أو ما بعد األزمة‪ :‬وتصل األزمة إلى هذه المرحلة بعد فقدها‬
‫بشكل كامل قوة الدفع المولدة لها أو لعناصرها ويغيب الحديث عنها إلى عند‬
‫الستفادة من الدروس من تلك األزمة‪.‬‬

‫أساليب التعامل مع األزمات‬


‫ل شك أن أساليب التعامل مع األزمات يختلف باختالف طبيعة األزمة وظروفها‬
‫ولكن هناك عدد من األساليب العامة للتعامل مع األزمات‪ ،‬والتي قد يستخدم أكثر من‬
‫أسلوب لمواجهة بعض األزمات وهي‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -1‬األسلوب القهري‪ :‬ويقصد به استخدام القوة إلجبار الخصم على التراجع عن موقفه‪،‬‬
‫ويتضمن هذا األسلوب عدم الرضوخ لمطالب الخصم‪.‬‬
‫‪ -2‬أسلوب وقف النمو‪ :‬ويقصد بها القبول باألمر الواقع وبذل الجهود لمنع التدهور‬
‫وضمان عدم الوصول إلى درجة النفجار وغالبا ما تستخدم في مواجهه قوى ذات‬
‫حجم ضخم ومتشعب وقضايا الرأي العام واإلضرابات العمالية‪.‬‬
‫‪ -3‬أسلوب التساوم‪ :‬ويقوم على مبدأ التفاوض كأساس لحل الزمة واألصل أن‬
‫المفاوضة والمساومة هي الستعداد للتنازل عن بعض المواقف من الجانبين‪.‬‬
‫‪ -4‬أسلوب التجزئة‪ :‬وهي عبارة عن تحويل األزمات ذات الكتلة الكبيرة إلى أجزاء أو‬
‫أزمات صغيرة وتتكون من خالل خلق نوع من التعارض في المصالح بين األجزاء‬
‫المكونة للتحالف مع دعم القيادات المغمورة وتقديم إغراءات‪.‬‬
‫‪ -5‬أسلوب إجهاض الفكر‪ :‬ل شك أن الفكر الذي يقف وراء األزمة يمثل تأثي ار على‬
‫شدة األزمة ولذلك يسعى هذا األسلوب إلى إجهاض هذا الفكر والتأثير عليه وذلك‬
‫عن طريق التشكيك في عناصر األزمة والتحالف مع بعض الفئات المرتبطة بشكل‬
‫ضعيف مع ذلك الفكر‪.‬‬
‫‪ -6‬أسلوب تصعيد األزمة‪ :‬وتهدف إلى اإلسراع بدفع القوى المشاركة في صناعة‬
‫األزمة إلى مرحلة متقدمة كي تظهر خالفاتهم وتسرع بوجود الصراع بينهم ويأتي‬
‫ذلك من خالل التظاهر بعدم القدرة على المقاومة وتقديم تنازلت تكتيكية تكون‬
‫مصد ار للصراع بينهم‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -7‬أسلوب التنازل‪ :‬وهو أضعف األساليب المستخدمة ويعني الرضوخ إلى مطالب‬
‫الخصم في سبيل إنهاء األزمة وتحمل كافة الخسائر المترتبة على ذلك‪.‬‬

‫المنظور اإلداري لألزمات‪:‬‬


‫لم تدخل اإلدارة الجيدة في شيء إل حسنته‪ .‬ومن هنا تبرز أهمية اإلدارة في‬
‫التعامل مع األزمات ومنع حدوثها أو التقليل من آثارها إلى الحدود الدنيا‪ .‬والحقيقة أنه ل‬
‫يمكن التغلب على األزمات بدون إتباع أساليب إدارية جيدة بل إن فشل معالجة األزمة قد‬
‫يعزى إلى الفشل باألخذ بعناصر اإلدارة كما يجب‪ .‬ولذلك سوف يتم التطرف إلى‬
‫الوظائف اإلدارية التي ترتكز عليها اإلدارة السليمة لألزمة وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬التخطيط‪ :‬ويعني التحديد المسبق لما يجب عمله والكيفية التي يتم بها هذا العمل‬
‫والوقت المحدد له ومن المعني للقيام به‪ .‬ثم التصور الدقيق للواقع وللمستقبل‪،‬‬
‫إضافة إلى توقع األحداث التي من الممكن أن تترافق مع ذلك الواقع واإلعداد‬
‫للطوارئ وانتهاء برسم الطريق التي تسير عليه األزمة‪.‬‬

‫‪ -2‬التنظيم‪ :‬توفر نوع من التناسق والتنسيق والتوافق والتكامل بين الجهود المختلفة‬
‫(الجهد الجماعي) كما يجب تحديد المساعدين والمسؤولية والمسؤولين وسبل‬
‫التصال وأماكن المواجهة والتنفيذ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -3‬التوجيه‪ :‬هو فن المواجهة الجريئة والسريعة لألزمة وهي معرفة امكانيات األفراد‬
‫والظروف المحيطة واحاطة األفراد بالمعلومات الضرورية بعد الشرح الوافي لطبيعة‬
‫األزمة والهدف من هذا التدخل والسلطة الممنوحة لكل فرد‪.‬‬
‫‪ -4‬المتابعة‪ :‬إن نتائج األزمة ليست نهائية بل مرحلية وطرق معالجتها أيضا مرحليه‬
‫وتكمن أهمية المتابعة بالرجوع إلى األسباب الحقيقية لألزمة وذلك بعد زوالها ودراسة‬
‫تلك األسباب ومن ثم سن القوانين التي من شأنها الحيلولة دون الوقوع في تلك‬
‫األسباب أو تكرارها مرة أخرى‪.‬‬

‫عوامل النجاح في إدارة األزمة‪:‬‬


‫لكي تنجح اإلدارة العلمية في إدارتها لألزمة يجب عليها مراعاة بعض العوامل‬
‫التي من شأنها زيادة الفعالية في إدارة األزمات وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬إدراك أهمية الوقت‪ :‬وهو العنصر الوحيد الذي تشكل ندرته خط ار بالغا على إدراك‬
‫األزمة وعلى عملية التعامل معها إذ أن عامل السرعة مطلوب لستيعاب األزمة‬
‫والتفكير في البدائل واتخاذ الق اررات المناسبة‪.‬‬

‫‪ -2‬إنشاء قاعدة شاملة ودقيقة من المعلومات والبيانات‪ :‬الخاصة بكافة أنشطة‬


‫المنظمة وبكافة األزمات والمخاطر التي قد تتعرض لها وآثار وتداعيات ذلك على‬
‫مجمل أنشطتها‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -3‬توافر نظام إنذار مبكر يتسم بالكفاءة والدقة‪ :‬والقدرة على رصد عالمات الخطر‬
‫وتفسيرها وتوصيل هذه اإلشارات إلى متخذي القرار‪.‬‬

‫‪ -4‬االستعداد الدائم لمواجهة األزمات‪ :‬وهي تعني تطوير القدرات العملية ومراجعة‬
‫إجراءات الوقاية ووضع الخطط وتدريب األفراد على األدوار المختلفة‪.‬‬

‫‪ -5‬توافر نظام اتصال يتسم بالكفاءة والفعالية‪ :‬وأثبت ذلك من خالل الدراسات‬
‫والبحوث التي أجريت على أزمات سابقة وأثبتت أن اتصالت األزمة تلعب دو ار بالغ‬
‫األهمية في سرعة وتدفق المعلومات داخل المنظمة وبين المنظمة والعالم الخارجي‪.‬‬

‫دورة حياة األزمة‪:‬‬


‫إن تعقيدات الحياة المعاصرة جعلت المنظمات أكثر قابلية للتعرض لألزمات عن‬
‫الماضي‪ ،‬وذلك جعل معظم المنظمات المتطورة تحرص على تطوير خطط متكاملة‬
‫إلدارة األزمات ومن أبرزها اإلعداد لتصالت األزمة‪.‬‬

‫واإلعداد لمواجهة األزمة ضرورة ل غنى عنها لمحافظة أية منظمة على‬
‫صورتها الذهنية ومصداقيتها‪ ،‬وهنا يبرز أهمية التصال في مواجهة األزمات‪ ،‬ويعني‬
‫التصال ضرورة التفاعل والتفاهم مع مختلف أطراف األزمة والمتأثرين بها سواء بشكل‬
‫مباشر أو غير مباشر من العاملين بالمنظمة أو الجماهير الداخلية والخارجية ووسائل‬
‫اإلعالم وكافة مؤسسات المجتمع‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫واتصالت األزمة لها دور كبير في حماية سمعة المنظمة في أوقات الشدة‬
‫وتحسين سمعة المنظمة بشكل عام‪ .‬وقد شهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن‬
‫الماضي زيادة مطردة في بحوث اتصالت األزمة نظ ار لزيادة عدد األزمات القومية‬
‫والدولية‪ ،‬والتطور الكبير في تكنولوجيا التصال مما انعكس على كثافة الهتمام ببحوث‬
‫اتصالت األزمات‪.‬‬

‫دوافع االهتمام باتصاالت األزمة‪:‬‬


‫يؤدي التصال دو ار مهما في مختلف مراحل األزمة‪ ،‬ويمكن حصر دوافع‬
‫الهتمام باتصالت األزمة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تزايد عدد األزمات التي تعاني منها الشركات والمنظمات في السنوات األخيرة مما‬
‫زاد من سخط الجماهير والمقاضاة القانونية للشركات‪.‬‬

‫‪ -2‬تزايد اهتمام وسائل اإلعالم بتغطية أخبار األخطار الصناعية والبيئية المؤثرة على‬
‫الجماهير‪ ،‬وتغطيتها من خالل تقارير تقصي الحقائق‪.‬‬

‫‪ -3‬التأثير العميق والمدمر لألزمات على الهيئات والشركات وما يعنيه ذلك من عواقب‬
‫على السمعة والصورة الذهنية للمنظمة‪.‬‬

‫‪ -4‬تخطي األزمات والكوارث بتغطية واسعة في وسائل اإلعالم باعتبارها أخبا ار سلبية‬
‫تحقق النتشار لوسائل اإلعالم ألنها تلبي حاجة الناس من المعرفة وحب‬
‫الستطالع‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -5‬المشتغلون بالعالقات العامة هم أحد المصادر الهامة لتدفق األخبار والمعلومات في‬
‫وسائل اإلعالم وأصبح تواجدهم أمر أساسي في العديد من الشركات‪ ،‬وتؤثر طريقة‬
‫تعاملهم مع مندوبي وسائل اإلعالم على طبيعة التغطية اإلعالمية لألزمة‪ ،‬السلب أو‬
‫اإليجاب‪.‬‬

‫‪ -6‬تستقطب األزمات اهتمام السياسيين وجماعات المصالح الخاصة الذين يحاولون‬


‫استثمارها لمنافعهم الشخصية‪.‬‬

‫‪ -7‬ل يقف تأثير األزمة ومردودها السلبي على منظمة معينة‪ ،‬بل قد يتجاوز إلى‬
‫التأثير على قطاع كامل في القتصاد أو البيئة‪.‬‬

‫أهداف إدارة األزمة‪:‬‬

‫‪ -1‬توفير القدرة العلمية على التعرف على مصادر التهديد‪ ،‬والتنبؤ باألخطاء‬
‫والستغالل األمثل للموارد واإلمكانات المتاحة للحد من تأثير األزمة الضار‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديد دور األجهزة المعنية بتنظيم وإدارة األزمة وقت األمان ووقت األزمة والعمل‬
‫على عدم تكرارها‪.‬‬

‫‪ -3‬توفير اإلمكانات المادية لالستعداد والمواجهة وسرعة إعادة التعمير بأقل تكلفة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -4‬الستعداد لمواجهة األزمة من خالل التنبؤ بالمشكالت وتمكين اإلدارة من السيطرة‬
‫على الموقف‪ ،‬والمحافظة على ثقة جميع األطراف المعنية وتوفير نظم التصال‬
‫الفعالة‪.‬‬

‫‪ -5‬التعامل الفوري مع األحداث لوقف تصاعدها وتحجيمها من خالل تحليل الموقف‪،‬‬


‫ورسم السيناريوهات‪ ،‬وتحليل نقاط القوة والضعف‪ ،‬والتهديدات الناتجة عن كل حدث‬
‫والستعداد المستمر للتعامل معها‪.‬‬

‫أنواع األزمات المحتملة‪:‬‬


‫هناك نوعين أساسيين من األزمات المحتملة هما‪:‬‬

‫‪ -1‬األزمات غير المتعمدة وتشمل‪:‬‬

‫أ ‪-‬الزالت‪ :‬وهي تصرفات غير مقصودة يسعى أحد األطراف الخارجية إلى تحويلها‬
‫إلى أزمة‪ ،‬وغالبا يتسم هذا النوع بالغموض وعدم اليقين‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحوادث‪ :‬وهي تقع نتيجة أخطاء بشرية مثل اإلهمال وعدم الهتمام بجودة‬
‫المنتج أو نتيجة أحداث قدرية طبيعية‪.‬‬

‫‪ -2‬األزمات المتعمدة‪:‬‬
‫وهي أزمات تنتج عن تصرفات متعمدة من جانب بعض المسئولين نتيجة سوء‬
‫التقدير أو تجاوز حدود الختصاص مما ينتج عنه اإلضرار بالمنظمة وجمهورها العام ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ويقسم ليربنجر ‪ Lerbinger‬أنواع األزمات وفق مسبباتها كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬أزمات قدرية‪ :‬مثل الزلزل والفيضانات‪.‬‬

‫‪ -2‬أزمات تكنولوجية‪ :‬تنشأ عن مخاطر استخدام وسائل تكنولوجية حديثة‪.‬‬

‫‪ -3‬أزمات المنافسة‪ :‬عندما تواجه المنظمة جماعة تهاجمها وتنتقد تصرفاتها‪.‬‬

‫‪ -4‬أزمات إرهابية‪ :‬مثل وضع ملوثات أو سموم أو أعمال عدوانية‪.‬‬

‫‪ -5‬أزمات الربحية‪ :‬من خالل الرغبة في التوسع وفتح األسواق على حساب الهتمام‬
‫بالجودة واإلتقان‪.‬‬

‫‪ -6‬أزمات الخداع‪ :‬عندما تتعمد المنظمة خداع جهة معينة أو جمهور محدد‪.‬‬

‫‪ -7‬أزمات إدارية‪ :‬تنتج عن اإلهمال وسوء التشغيل وضعف الرقابة‪.‬‬

‫دورة حياة األزمة‪:‬‬


‫يتشابه كل من دورة حياة األزمة مع دورة حياة الكائن الحي من حيث الميالد ثم‬
‫النمو فالنضج وصول إلى مرحلة النحدار والموت‪ .‬فحين تظهر األزمة في بوادرها أو‬
‫ميالدها يمكن أن تتدخل فنون اإلدارة لتحول دون أن تصل األزمة إلى مرحلة النمو‬
‫والنضوج‪ .‬وفي هذه الحالة تستطيع اإلدارة الرشيدة أن تقضى على األزمة‪ ،‬أما عندما‬
‫تتجاهل اإلدارة معالجة األزمة في بدايتها تكون الظروف مهيأة لميالد األزمة ونموها‬
‫ووصولها إلى النضج‪ ،‬والتي تشكل تهديدا شديدا على المنظمة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ومن المهم أن ندرك أن بعض األزمات ل يمكن تجنبها أو احتوائها في مهدها‬
‫ولو استطاعت المنظمات التصدي للمشكالت قبل أن تتحول ألزمات فإنها سوف تتجنب‬
‫التغطية السلبية التي تقدمها وسائل اإلعالم نتيجة نقص المعلومات وغموض الموقف‪.‬‬

‫ويرى البعض أن دورة حياة األزمات تمر بثالث مراحل‪:‬‬

‫‪ -1‬ما قبل وقوع األزمة‪ :‬وهي مرحلة استشعار األزمة واتخاذ اإلجراءات الوقائية‪.‬‬

‫‪ -2‬مواجهة األزمة حال وقوعها‪ :‬اتخاذ اإلجراءات التي تحد من اآلثار الضارة ومحاولة‬
‫تضييق نطاقها‪.‬‬

‫‪ -3‬إجراءات ما بعد األزمة‪ :‬من خالل دراسة وتقييم ما حدث؟ ولماذا؟ وكيف حدث؟‬
‫ورسم سبل عدم تكرار أزمات مشابهة‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مرحلة ما قبل األزمة‪ .‬وتشمل‪:‬‬


‫‪ -1‬رسم خطة التصال لحتمالت األزمة‪.‬‬

‫‪ -2‬التدريب على تنفيذ الخطة من خالل محاكاة مواقف األزمة‪.‬‬

‫‪ -3‬إقامة ودعم العالقات اإليجابية مع الحلفاء الحاليين والمحتملين والعمل على تحييد‬
‫الخصوم والمنافسين‪.‬‬

‫‪ -4‬بناء سمعة جيدة للمنظمة‬

‫‪25‬‬
‫ثانياً‪ :‬مرحلة األزمة‪ .‬وتشمل‪:‬‬

‫‪ -1‬التعرف على المشكلة وتحديد أبعادها بدقة‪.‬‬

‫‪ -2‬السيطرة على اإلجراءات والرسائل التصالية (البيانات)‪.‬‬

‫‪ -3‬تفصيل الخطة الموضوعة من قبل بعد تعديلها لمواكبة الظروف الراهنة‪.‬‬

‫‪ -4‬سرعة الستجابة لمتطلبات الجماهير وتلبية حاجاتها للمعرفة‪.‬‬

‫‪ -5‬إقامة روابط اتصال قوية مع مندوبي وسائل التصال مع التركيز على الحقائق‬
‫المؤكدة فقط‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مرحلة ما بعد األزمة‪ .‬وتشمل‪:‬‬

‫‪-1‬الستمرار في إقامة العالقات الطيبة مع وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -2‬اتخاذ اإلجراءات العالجية لضمان عدم تكرار األزمة والحد من أضرارها‪.‬‬

‫‪ -3‬إعادة بناء سمعة المنظمة على النحو المرغوب‪ ،‬وهنا لبد من العمل على "تعزيز‬
‫السمعة" من خالل الحرص على ممارسة أنشطة تدعم المسئولية الجتماعية للمنظمة‪.‬‬

‫ولبد أن ندرك أن نهاية إحدى األزمات عادة ما تكون بداية أزمة جديدة في عملية‬
‫مستمرة‪ ،‬ومن هنا فإن إدارة األزمة في المنظور اإلعالمي تعني إدارة السمعة وهي جهود‬
‫متواصلة تحظى بتعديالت مستمرة لمواكبة األحداث والمستجدات التي تستهدف في‬
‫النهاية صياغة وتعزيز الصورة الذهنية للمنظمة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫االتصال في مرحلة ما بعد األزمة‪:‬‬
‫وتضم حصيلة الدروس المستفادة من األزمة وتقييم الخبرات المكتسبة من تعامل‬
‫منظمات أخرى مع أزمات متشابهة‪ ،‬وإعادة تقييم الخطط لتحصين ما تم إنجازه ومعالجة‬
‫السلبيات‪ ،‬كذلك يتم استخدام البحوث العلمية لقياس ردود أفعال الجماهير المتأثرة باألزمة‬
‫ورصد التجاهات نحو المنظمة‪ ،‬وأثر األزمة على الصورة الذهنية للمنظمة وإعادة توزيع‬
‫المسئوليات ومنع تداخلها لتجنب حدوث أزمة مشابهة في المستقبل‪.‬‬

‫أهداف االتصال في مرحلة ما بعد األ زمة‪:‬‬

‫‪ -1‬الستمرار في جذب الجماهير نحو أنشطة المنظمة‪.‬‬

‫‪ -2‬عدم إهمال المعالجات السلبية لما تنشره وسائل اإلعالم والهتمام بالرد الفوري على‬
‫الدعاءات والنتقادات‪.‬‬

‫‪ -3‬الستمرار في تزويد وسائل اإلعالم بالمعلومات عن إصالح المنظمة وكسب ثقة‬


‫تلك الوسائل‪.‬‬

‫‪ -4‬رصد ردود األفعال الرسمية والشعبية تجاه األزمة واتجاهات الحلفاء والمنافسين لبناء‬
‫خطط لالتصال‪.‬‬

‫‪ -5‬العمل على الحد من اآلثار السلبية الناتجة عن األزمة‪.‬‬

‫‪ -6‬بذل الجهود إلعادة بناء سمعة جيدة للمنظمة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تقييم كفاءة اتصاالت المنظمة بعد األزمة‪:‬‬
‫ويتم من خالل اإلجابة على التساؤلت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬هل تمت الستجابة لألزمة بسرعة وفعالية‪ ،‬وفي حالة النفي لماذا؟‬

‫‪ -2‬هل تمت تلبية الحتياجات الضرورية لمواجهة األزمة بالشكل الذي يعطي النطباع‬
‫بسيطرة المنظمة على الموقف‪.‬‬

‫‪ -3‬هل تم العمل وفق خطط التصال سابقة اإلعداد؟‬

‫‪ -4‬ما نوعية الفئات التي استهدفها التصال؟ وكيف يتم الوصول لكل فئة؟‬

‫‪ -5‬ما نوعية الرسائل التي استخدمت؟ وما أساليب اإلقناع المنطقية والعاطفية؟‬

‫‪ -6‬هل تم تجاهل فئة عينة من الجمهور؟ ولماذا؟‬

‫‪ -7‬هل كان عدد فريق إدارة اتصالت األزمة مناسبا ومتعاونا؟‬

‫‪ -8‬هل تم تزويد اإلعالميين بالمعلومات التي يحتاجونها في الوقت المناسب وبالشكل‬


‫المناسب؟‬

‫‪ -9‬كيف تبدو صورة المنظمة في أذهان الجماهير بعد األزمة؟ وهل اختلفت عنها بعد‬
‫األزمة؟‬

‫‪ - 10‬ما حجم التغطية اإلعالمية؟ وهل كانت مؤيدة أم معارضة للمنظمة؟‬

‫‪ -11‬هل نشرت وسائل اإلعالم شائعات أو معلومات خاطئة؟ وما مصدرها؟‬

‫‪ -12‬هل ترك فريق اتصالت األزمة بالمنظمة أثر طيب أو إيجابي لدى مندوبي‬
‫وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫أنشطة االتصال في مرحلة ما بعد األزمة‪:‬‬

‫أ‪ -‬بيئة عمل المنظمة‪:‬‬

‫‪ -1‬النظر في إعادة هيكلة اإلدارة بالمنظمة‪.‬‬

‫‪ -2‬التعرف على مصادر التهديد‪ ،‬والتنبؤ باألخطار واتخاذ اإلجراءات الوقائية‪.‬‬

‫‪ -3‬تمكين اإلدارة من السيطرة على المشكالت واتخاذ اإلجراءات لمواجهة الطوارئ‪.‬‬

‫‪ -4‬التعامل الفوري مع األحداث الطارئة لوقف تصاعدها‪ ،‬وتحليل نقاط القوة والضعف‬
‫في المنظمة‪.‬‬

‫‪ -5‬مراقبة البيئة من خالل رصد األفكار والتجاهات نحو أنشطة المنظمة وخاصة تلك‬
‫التي يمكن أن يكون لها أثر في المستقبل‪.‬‬

‫‪ -6‬تجميع بيانات عن القضايا التي قد تسبب مشكالت للمنظمة وتقييم هذه المعلومات‬
‫والحد من تأثير القضايا السلبية على سمعة المنظمة‪.‬‬

‫‪ -7‬وضع سياسات وقائية للقضايا المحتملة‪.‬‬

‫‪ -8‬إعداد خطط عمل عامة وبرامج تنفيذية لجوانب النشاط‪.‬‬

‫‪ -9‬التقييم المستمر للجهود التي تتم في سبيل معالجة القضايا‪.‬‬

‫‪ -10‬تدريب العاملين على الستجابة اإليجابية الفورية لضغوط األزمات‪.‬‬

‫‪ -11‬التدريب على المرونة وعدم التصلب في الرأي واحترام الرأي اآلخر‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ب‪ -‬دعم العالقات بجماهير المنظمة‪:‬‬

‫‪ -1‬التعرف المستمر على فئات الجمهور المستهدف وخصائصه ورصد التحولت في‬
‫رغبات واحتياجات الجماهير‪.‬‬

‫‪ -2‬تحليل احتياجات الجماهير ووضع خطط التصال القادرة على تلبية تلك‬
‫الحتياجات‪.‬‬

‫‪ -3‬التفهم الكامل لمدركات الجمهور وتبني قضايا لكسب ثقته‪.‬‬

‫‪ -4‬التعامل مع شكاوى الجماهير بجدية ومحاولة حلها بشكل مقبول‪.‬‬

‫جـ‪ -‬دعم العالقات مع وسائل اإلعالم‪:‬‬

‫‪ -1‬إقامة صالت قوية مع اإلعالميين قائمة على تبادل المصالح وكسب الثقة واإلقناع‬
‫بمواقف المنظمة ودورها في خدمة المجتمع‪.‬‬

‫‪ -2‬المتابعة المستمرة لما تنشره وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -3‬الهتمام المستمر بإبراز الجانب اإلنساني في نشاط المنظمة‪.‬‬

‫‪ -4‬اللتزام بالوضوح والصراحة ودقة المعلومات عند التعامل مع وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫د‪ -‬مواجهة جماعات الضغط‪:‬‬

‫‪ -1‬تحديد جماعات الضغط المحتملة ورصد أساليبها وبناء خطط التعامل معها‪.‬‬

‫‪ -2‬رصد الفئات التي تحتفظ بمشاعر عدائية تجاه المنظمة ومراقبة تصرفاتهم وفضح‬
‫أساليبهم للحد من قدرات المنظمة ومحاولة القضاء عليها‪.‬‬

‫‪ -3‬رصد مواطن الخلل لدى العاملين بالمنظمة بالناتجة عن التنافس وحصرها‪.‬‬

‫‪ -4‬معرفة جوانب القصور اإلدارية ومحاولة التغلب عليها من خالل اإلدارة‬


‫اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪ -5‬الحفاظ على المعايير األخالقية وآداب المهنة ومعايير الجودة واألمان الدولية‪.‬‬

‫‪ -6‬السعي إلى كسب حلفاء من الممولين والمنافسين‪.‬‬

‫قوائم تعليمات األزمة‪:‬‬


‫تحرص المنظمات الحديثة على بناء قوائم بتعليمات إدارة األزمة يسهل الرجوع‬
‫إليها كخطوات إرشادية سريعة عند التعامل مع األزمات وذلك مع مراعاة المرونة الالزمة‬
‫للتعامل مع المتغيرات الطارئة وتشمل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬اإلعداد لألزمة‪.‬‬


‫‪ -1‬أنواع األزمات المحتملة‪ :‬ويشمل‪:‬‬
‫• انخفاض الروح المعنوية لدى العاملين‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫• ضعف كفاءة العاملين‪.‬‬

‫• شكاوى العمالء‪.‬‬

‫• ضعف اإلجراءات األمنية‪.‬‬

‫• األحداث اإلرهابية‪.‬‬

‫• ارتفاع تكلفة النشاط‪.‬‬

‫• الشائعات‪.‬‬

‫• عدم مواكبة التغيرات السريعة‪.‬‬

‫• تضخم اإلنتاج وانخفاض التوزيع‪.‬‬

‫• ترهل النظم الدارية وعدم كفاءتها‪.‬‬

‫• تعقيد هياكل المنظمة وعدم إحكام السيطرة عليها‪.‬‬

‫‪ -2‬تشكيل فريق اتصاالت األزمة‪.‬‬

‫‪ -3‬تحديد المسئوليات وعدم التداخل في األدوار‪.‬‬

‫‪ -4‬التدريب على محاكاة األزمة ومواجهة الضغوط‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬الجماهير‬
‫ويشمل العاملون المنتظمون والمؤقتون‪ ،‬المتعاملون مع المنظمة‪ ،‬المساهمون‪،‬‬
‫اإلدارات المختلفة‪ ،‬المستهلكون‪ ،‬المنتجون‪ ،‬أي شخص على صلة بالمنظمة‪ .‬ويمكن‬
‫تقسيمهم كالتالي‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -1‬وسائل اإلعالم‪ :‬القومية أو المحلية‪ ،‬حكومية أو خاصة‪ ،‬عامة أو متخصصة‪،‬‬
‫وتجارية أم مهنية‪.‬‬
‫‪ -2‬المسئولون الرسميون‪ :‬الحكومة‪ -‬السلطات التشريعية‪ -‬المجالس المحلية‪.‬‬
‫‪ -3‬الدعم‪ :‬البوليس‪ -‬اإلطفاء‪ -‬المستشفيات‪ -‬اإلسعاف‪.‬‬
‫‪ -4‬المشاركون‪ :‬الموظفون‪ -‬المركز الرئيسي‪ -‬الشركات التابعة أو الرئيسية ‪-‬‬
‫المحامون‪ -‬المساهمون‪ -‬شركات التأمين‪.‬‬
‫‪ -5‬العمل‪ :‬المستهلكون‪ -‬المنافسون‪ -‬الممولون‪.‬‬
‫‪ -6‬أخرى‪ :‬المجتمع المحلي‪ -‬جامعات الضغط‪ -‬المدافعون عن البيئة وذوي الصلة‬
‫بالمنظمة‪.‬‬
‫‪ -7‬الجمهور العام‪ :‬من خالل وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الرسائل‬
‫وتتضمن الرسائل األساسية التي يمكن تقديمها أثناء األزمة‪ .‬وقد تكون‪:‬‬

‫‪ -1‬تفاصيل نشر أكبر قدر ممكن من المعلومات المتصلة باألزمة‪.‬‬

‫‪- 2‬تعاطف إنساني مثل‪ :‬نحن نهتم‪ -‬نتعاطف‪ -‬نعتذر‪ -‬نتأسف‪.‬‬

‫‪- 3‬بث الطمأنينة‪ ،‬مثل استخدام ألفاظ‪ :‬لن توجد أخطار أخرى‪ -‬لن يمتد الحادث‪ -‬ناد ار‬
‫ما يحدث‪ -‬خارج عن اإلرادة‪ -‬إجراءات األمان المتميزة‪.‬‬

‫‪- 4‬ماذا يتم اآلن لمعالجتها‪ :‬نسيطر عليها اآلن‪ -‬شهادات الخبرة مستقلين‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -5‬تسلسل األحداث المسجلة‪ :‬إنجازات المنظمة السابقة‪ -‬تاريخها الحافل‪ -‬جودة‬
‫منتجاتها‪ -‬سمعتها العالمية‪.‬‬

‫‪ -6‬معلومات إضافية‪ :‬متى وأين تتاح معلومات تفصيلية أخرى‪ -‬أرقام التليفون‬
‫لالتصال بالمنظمة‪ -‬موقعها على النت‪.‬‬

‫‪ -7‬معلومات خلفية‪ :‬تفاصيل عن المنتجات‪ -‬التشغيل‪ -‬اإلنجازات‪ -‬عدد العاملين‪-‬‬


‫شهادات اإلنجازات والتقدير والجودة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إستراتيجية األزمة‬

‫يعتمد تحديد اإلستراتيجية اإلجابة على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ما هي األزمة؟ وماذا حدث؟ وهل هناك فهم مشترك لتقييم الموقف؟‬

‫‪ -2‬هل هناك مشكلة أساسية أخرى‪ -‬فهل هو نهاية المطاف وهل يؤثر على سمعة‬
‫المنظمة أو هل ستمتد القضية على نطاق كبير‪ ...‬وهكذا‪.‬‬

‫‪ -3‬هل هناك المزيد المتوقع‪ -‬هل هناك حوادث إرهابية أخرى متوقعة؟‬

‫‪ -4‬ما هي أسوأ الحتمالت‪ -‬كن مستعدا ألسوأ الحتمالت‪.‬‬

‫‪ -5‬كيف ترى الجماهير األزمة من الخارج‪ -‬تخيل نفسك مكان الجماهير والمجتمع‬
‫المحلي والعاملين في المنظمة ورجال اإلعالم‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -6‬ما هو المدى الزمني المتوقع لألزمة‪ :‬ما هي المدة الكافية قبل نشر أحداث األزمة‬
‫في اإلعالم لتوضيح وجهة نظر المنظمة في األزمة؟ ‪ -‬ومتى يبدأ التصال بالعاملين‬
‫أن بالمنظمة لتوضيح الصورة وكذا لإلدارات والمراكز الرئيسية وشركات التأمين‪.‬‬

‫‪ -7‬ما الذي يمكن أن يحدث لو استمرت األزمة وهل سيستمر الممولين والعمالء‬
‫والمستهلكين والمساهمين في صف المنظمة في أوقاتها العصيبة؟ والى أي مدى‬
‫يمكن للناس تذكر تلك األزمة؟‬

‫‪ -8‬هل يمكن إشراك حلفاء؟ وذلك لكسب المصداقية مثل التحادات المهنية أو منافسين‬
‫وبرلمانيون‪.‬‬

‫‪ -9‬مجموعة المتهمون باألزمة‪ -‬شركاء في الصناعة‪ -‬جماعات ضغط‪ -‬علماء‬


‫أكاديميون يدلون بآرائهم‪.‬‬

‫‪ -10‬هل يمكن كبح جماح األزمة‪ .‬إجراءات السيطرة على األزمة أو حصر األزمة في‬
‫أحد المنتجات بدل من كل المنتجات أو األنشطة من أجل تقليل الدمار‬

‫‪35‬‬
‫خامساً‪ :‬دليل األزمة‬
‫يجب أن يكون الدليل مدعم بالوثائق واألفكار وليس بعيدا عن الواقع‪ ،‬ولكل منظمة‬
‫دليلها الخاص‪.‬‬

‫مكونات الدليل‪:‬‬
‫‪ -1‬مدخل‪ :‬وصف مختصر لما هو متوقع من أعضاء الفريق وكيفية استخدام الدليل‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلجراءات‪ :‬مذكرة مختصرة من اإلجراءات التي يتم إتباعها وقت األزمة‪.‬‬

‫‪ -3‬فريق األزمة‪ :‬يتضمن األسماء والعناوين ومسئوليات كل عضو باختصار وأرقام‬


‫تليفون أعضاء الفريق طوال اليوم‪ ...‬وهكذا‪.‬‬

‫‪ -4‬الجماهير‪ :‬قائمة بنوعيات الجماهير وكيفية التصال بهم وعناوينهم وتليفوناتهم‬


‫والمسئولية الرئيسية والمحامية‪.‬‬

‫‪ -5‬الرسائل‪ :‬قائمة بالرسائل المصممة للتقديم عند األزمات والتي تناسب كل فئة‪.‬‬

‫‪ -6‬الموارد‪ :‬مكان غرفة إدارة األزمة والمعدات والتجهيزات بوسائل التصال‪.‬‬

‫‪ -7‬وسائل اإلعالم‪ :‬قائمة بأسماء الصحفيين واإلعالميين المطلوب التصال بهم‬


‫وتجهيز البيان المقدم لإلعالم وعقد مقابالت مع مندوبي وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -8‬معلومات عن المنظمة‪ :‬نسخ من الكتيبات والنشرات الخاصة بالمنظمة‪ ،‬المنتجات‪،‬‬


‫التشغيل وبيانات فنية مفيدة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -9‬أرقام وعناوين مفيدة‪ :‬وكالت األنباء‪ -‬الصحف‪ -‬المحطات والقنوات اإلذاعية‪.‬‬

‫‪ -10‬أي معلومات مفيدة أخرى‪ :‬مثل أماكن الصحفيين وأعضاء البرلمان ورجال‬
‫الصناعة‪ ..‬وهكذا‬

‫العوامل المؤثرة في فهم طبيعة األزمة‪:‬‬


‫تنطوي األزمة عادة على معلومات مفزعة‪ ،‬وتضارب في التصريحات‪ ،‬وعدم ثقة‬
‫البيانات وقلة الوقت الالزم للتأكد وتحديد المسئوليات‪ ،‬وهنا تساعد الخبرات لدى القائمين‬
‫على التصال في تقليل الخسائر الناجمة عن األزمة إلى حدها األدنى‪ ،‬بل في أحيان‬
‫أخرى كفاءة التصال تحول األزمة وتستثمرها للخروج بمكاسب مادية ومعنوية‪ ،‬فالتصال‬
‫الفعال هو العامل الحاسم في الحفاظ على سمعة المؤسسة في مواجهة اإلعالم المضاد‬
‫وجماعات الضغط‪.‬‬

‫وعند مواجهة األزمة يتطلب كفاءة االتصال مراعاة االعتبارات التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬استيعاب دروس األزمات السابقة‬

‫وهذا يتطلب فحص أزمات اآلخرين والتساؤل عن‪:‬‬

‫• ماذا حدث؟‬

‫• لماذا حظيت هذه األزمة بقدر كبير من النشر والشهرة والتداول‪.‬‬

‫• كيف واجهت اإلدارة هذه األزمة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫• ما هي اإليجابيات والسلبيات عند مواجهة اإلدارة لتلك األزمة‪.‬‬

‫ومن المهم الهتمام من قبل المسئولين بالتعرف على كيفية تعامل المنظمات المختلفة‬
‫مع األزمات المشابهة وخصائص كل أزمة وكيف كان رد الفعل تجاهها‪.‬‬

‫وهناك اهتمام في السنوات األخيرة بإدارة األزمات لألسباب التالية‪:‬‬


‫أ‪ -‬تغير المجتمع‪:‬‬
‫بسبب التطور في تكنولوجيا التصال والمعلومات وظهور وسائل اتصال جديدة‬
‫تسمح بنشر المعلومات بسرعة كبيرة لتحقيق السبق اإلعالمي وتزايد التشهير من قبل‬
‫وسائل اإلعالم للنيل من بعض المنظمات‪.‬‬

‫ب‪ -‬تطور القانون‪:‬‬


‫حيث تزايد دور القانون والمجالس النيابية في الوقوف إلى جانب المتضرر عند‬
‫وقوع األزمة وأصبح اآلن المحامون يسارعون للتطوع عبر وسائل اإلعالم إلثبات حقوق‬
‫الضحايا وتوعية الناس عبر اإلعالم بعدم التفريط في حقوقهم‪.‬‬

‫جـ‪ -‬تصاعد دور جماعات الضغط‪:‬‬


‫وهي جماعات غير حكومية تستهدف الوقوف بجانب فئة من المجتمع عمال‪،‬‬
‫فالحين‪ ،‬ام أرة‪ ،‬طفل‪ ،..‬وهكذا لرعاية مصالحهم‪ ،‬وهي جماعات نشطة يظهر دورها‬
‫بوضوح أثناء األزمات‪ ،‬حيث تثير جماعات الضغط وسائل اإلعالم والجماهير للكشف‬
‫عن المتسبب في وقوع األزمة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫د‪ -‬الموظفون الساخطون‪:‬‬
‫الذين يحاولون نيل الشهرة أو تصفية حساباتهم مع المنظمة عند مواجهتها لألزمة‪.‬‬

‫ه‪ -‬وعي اإلدارة‪:‬‬


‫تزايد وعي اإلدارات في المنظمات الحديثة بأهمية العالقات العامة وبتدريب‬
‫العاملين على مواجهة األزمات‪ ،‬وتشكيل إدارات متخصصة في التعامل مع األزمات‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬المدرك هو الحقيقة‬


‫تقوم وسائل اإلعالم بتقديم تفسيرات للواقع بالكلمة والصورة والحركة ويبني األفراد‬
‫معاني مشتركة للواقع المادي والجتماعي من خالل ما يقرئونه أو يسمعونه أو‬
‫يشاهدونه‪ ،‬وبالتالي يتحدد سلوكهم جزئيا من خالل ما تقدمه وسائل اإلعالم من‬
‫معلومات‪ ،‬فهي بمثابة نافذة يطل منها الفرد على العالم الخارجي‪.‬‬

‫وينظر البعض لوسائل اإلعالم على أنها تقوم بالتركيز على بعض الموضوعات‬
‫والقضايا لتحقيق مصالح للقائمين على تلك الوسائل ول تعكس الواقع‪ ،‬بل تخلق عالم‬
‫يبدو للمتلقي حقيقيا‪ ،‬وقد يتقبل المتلقي هذا لكونه غير مدرك‪ ،‬ومع تراكم التعرض‬
‫لوسائل اإلعالم يبدو العالم الذي صنعته تلك الوسائل حقيقيا في األذهان‪.‬‬

‫وبالنسبة لألزمة المهم هو ما يتصور الناس أنه حدث وليس "ما لم يحدث"‬
‫والمهم أن يعرف القائم بالتصال كيف يخاطب اهتمامات الناس فهي أهم من الحقائق‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ومثال على ذلك‪ :‬أزمة مرض "جنون البقر" في بريطانيا عام ‪ ،1990‬حيث‬
‫أصاب الناس بحالة هستيرية نتيجة نقص المعلومات الدقيقة بالمرض مما أدى لتصاعد‬
‫األزمة‪ ،‬حيث أدى تداول وسائل اإلعالم لكلمة أبقار وكلمة جنون إلى جعل الناس‬
‫يعتقدون أنهم سيتجولون إلى أبقار ويصابون بالجنون‪.‬‬

‫وقد أدركت الحكومة قضية (الواقع المدرك في وسائل اإلعالم) في الموجة‬


‫الثانية من المرض حيث عاد ليظهر في انجلت ار عام ‪ ،1996‬حيث عقدت ندوة للخبراء‬
‫أعلنوا خاللها الحقائق وتم معالجة األزمة باألساليب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬معالجة القضية بشكل جاد وبدون تهوين أو تهويل‪.‬‬


‫‪ -‬سرعة التصرف‪.‬‬
‫‪ -‬جعل الجمهور على صلة بحقائق الموضوع‪.‬‬

‫ومع ذلك فإن سوء معالجة الحكومة لألزمة في المرحلة األولى عام ‪ 1990‬أفقدها‬
‫مصداقيتها في عام ‪ 1996‬بسبب تصورات الناس عن الواقع رغم ذكر الحكومة للحقائق‪.‬‬

‫ومن هنا نجد ضرورة أن نتعامل مع الحدث من منظور اآلخرين وأن تظهر‬
‫المؤسسة الهتمام والتعاطف مع الناس وتحاول ترك أثر طيب يخفف من وقع الصدمة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ثالثاً‪ :‬خاطب الناس بما يريدون سماعه‬
‫الجمهور يميل إلى تدعيم التجاهات التي يتبناها ويقاوم التجاهات المضادة وهو‬
‫ما يطلق عليه (حواجز التجاه)‪ ،‬فلكل فرد حواجز نفسية تمنعه من تقبل اآلراء المعارضة‬
‫لالتجاهات التي يتبناها حتى وإن حاول مصدر ذلك سرد حقائق وحجج منطقية‪ ،‬ولكن‬
‫ينخفض هذا الحاجز ويكون هناك فرصة أكبر لالقتناع بوجهة نظر أخرى إذا استخدم‬
‫الشخص حملة تأييد أو دعم‪.‬‬

‫مثال‪ :‬شخص لديه وجهة نظر سلبية نحو رجال األعمال والمشروعات ويعتبرها‬
‫أعمال غير أخالقية وذلك نتاج خبرة مؤلمة سواء مباشرة أو عبر وسائل اإلعالم‪ ،‬وهنا‬
‫يكون لديه حاجز أمام أي وجهة نظر مخالفة‪.‬‬

‫ولتخفيض هذا الحاجز النفسي وإقناع الشخص بوجهة النظر األخرى يجب إتباع ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬طرح أسئلة تتفق مع معتقدات هذا الشخص مثل‪ :‬لماذا تعتقد أن رجال األعمال‬
‫يمارسون عمال غير أخالقي؟‬

‫‪ -2‬القفز فوق (الحاجز النفسي) من خالل إظهار التفاق مع وجهة النظر األخرى‬
‫للتمهيد لطرح الرأي البديل مثل‪" :‬أنا أوافقك‪ ..‬العديد من رجال األعمال يمارسون‬
‫أعمال غير أخالقية‪ ،‬ولكن هناك بعض منهم شرفها‪".‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -3‬يمكن الستعانة بشخص آخر يتفق مع وجهة نظر مختلفة فهو يجد أن هناك‬
‫مجموعة كبيرة يفعلون أعمال غير أخالقية ولكن هناك آخرون شرفاء‪ ،‬كذلك‬
‫الستعانة برجال الدين والخبراء يساعد على رفع الحاجز النفسي‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬اجعل من األزمة فرصة‬


‫استطاعت العديد من المنظمات الستفادة من األزمة كفرصة لالستثمار‬
‫وتسويق األعمال‪ ،‬وقد لوحظ إن معظم الناس يتأثرون باألزمة عند ذروة النشر عنها‬
‫ولكنهم بعد فترة قد ينسون األزمة ولكن يتذكرون اسم المنظمة‪ ،‬فاألزمة الفعلية ناد ار ما‬
‫تسبب الدمار‪ ،‬ولكن هذا يتوقف على طريقة المعالجة اإلعالمية التي قد ترتفع بسمعة‬
‫المنظمة أو تهبط بها إذ ليس هناك ما هو أسوأ من النشر السلبي‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬المنظمات الكبرى تحظى بتغطية أوسع‬


‫يستجيب الناس لألسماء والمنظمات الكبيرة الالمعة أكثر من استجابتهم‬
‫للمنظمات الصغيرة وهذا يحقق مزايا عديدة للمنظمات الكبرى في األوقات العادية‪ ،‬ولكن‬
‫يتحول إلى عيب كبير في األوقات العصيبة‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬تأثير الظروف المحيطة‬


‫تؤثر الظروف المحيطة باألزمة على زيادة أو تقليص آثارها على الجهود‪.‬‬
‫مثال‪ :‬واجهت بريطانيا عام ‪ 1991‬أزمة كبيرة سببت الفزع عند الجماهير نتيجة اكتشاف‬
‫فساد أنواعد عددية من األطعمة مثل زيادة السالمونيال السامة في البيض ووجود ملوثات‬

‫‪42‬‬
‫في أنواع من الجبن والخبز مع أزمة جنون البقر‪ ،‬وكانت تلك األزمات هي أهم القضايا‬
‫التي تشغل أغلب الجماهير في بريطانيا وفي نفس الفترة الزمنية قامت العراق بغزو‬
‫الكويت فتحول اهتمام الجماهير من قضية تسمم األغذية إلى غزو العراق‪ ،‬وانصرف‬
‫تركيز وسائل اإلعالم من تغطية قضايا تلوث الطعام إلى غزو العراق‪.‬‬

‫من هنا نجد أن حجم تغطية وسائل اإلعالم لألزمة يتوقف إلى حد كبير على‬
‫الظروف المحيطة وحدوث أزمات أكبر‪.‬‬

‫سابعاً‪ :‬تكرار األزمات وتشابهها يضاعف من تأثيرها‬


‫هناك قول شائع لدى اإلعالميين‪ :‬ما يحدث مرة يعد حادثا‪ ،‬فإذ تكرر مرة يعد اتجاها‬
‫وإذا حدث ثالث مرات يعد وباء‪.‬‬

‫مثال‪ :‬خالل فترة الفزع من الطعام المسمم في بريطانيا أدى تعدد الشركات‬
‫وفي مصر‪ :‬عندما تكررت‬ ‫المتهمة بتلوث الغذاء إلى مضاعفة اإلحساس باألزمة‪.‬‬
‫ظاهرة هروب بعض رجال األعمال بعد اقتراض الماليين من البنوك ونقلها للخارج حدثت‬
‫أزمات عددية لمصداقية رجال األعمال‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫دور العالقات العامة في مواجهة األزمات‬
‫هناك إجراءات يجب اتباعها عند حدوث األزمة فى أي إدارة هي‪:‬‬
‫• عند وقوع أي حادث فإن على الموظفين المعنيين اتخاذ اإلجراءات الالزمة‬
‫لمحاصرته ومعالجته أول وقبل كل شي‪.‬‬
‫• التصال فو ار بمدير األمن والسالمة‪.‬‬
‫• التصال بمدير المصنع ومدير العالقات العامة وإبالغهما بما حدث وبالتفاصيل‬
‫الكاملة‪.‬‬
‫• عقد اجتماع فوري للجنة الطوارئ لبحث األزمة وقرار الحقائق المفروض التصريح‬
‫بها‪.‬‬
‫• قيام مدير العالقات العامة بالتصال بالوسائل اإلعالمية إلبالغهم بتفاصيل الحادث‬
‫مع مراعاة عدم تحريف الحقائق أو المبالغة فيها‬

‫العالقة يبن الوظيفة العالجية للعالقات العامة واثأر األزمة‬


‫هناك من يرى أن تلك المشكالت تشكل أزمات في مجملها‪ .‬فاألزمة برأيهم تنشأ‬
‫وتتطور على نحو دوري‪ ،‬ومن يعاني من أزمة ما فأنه ل يتعامل معها وحدها فقط بل‬
‫يتعامل مع أكثر من أزمة ما‪ .‬إذا أن األزمات ل تأتي فرادى‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫وهذا يعني أن األزمة تصاحبها أزمات جانبية أخرى ينبغي تناولها ضمن برنامج إدارة‬
‫األزمة الرئيسية وإل تطورت وأصبحت أزمات أكثر شدة وقوة‪ .‬وهنا تبرز أهمية الوظيفة‬
‫العالجية للعالقات العامة من خالل برامجها العالجية التى من المفترض أن تساعد في‬
‫معالجة كل ما يط أر على المؤسسة من أوضاع خاطئة‪ .‬أبرز هذه األوضاع الخاطئة هي‬
‫تلك اآلثار السلبية التي تخلفها األزمة بعد انقضائها‪ .‬فأثناء األزمة تتدمر العديد من‬
‫الفتراضات األساسية للمؤسسة‪ ،‬مما يدعوا إلى إعادة بنائها من جديد؛ مما يستدعي من‬
‫العالقات العامة الهتمام بهذا الجانب حتى تعود المؤسسة إلى سابق عهدها قبل األزمة‪.‬‬

‫المعوقات التي تواجه العالقات العامة عند إداره األزمات‬


‫هناك العديد من المعوقات التي تواجه عمل العالقات العامة منها ما يتعلق بإدارة‬
‫نفسها ومنها ما يتعلق بالعاملين ومنها ما يتعلق باإلدارة العليا‪ ،‬ومنها ما يتعلق‬
‫باإلمكانيات ويمكن تلخيصها في التالي‪:‬‬
‫• عدم تجاوب الدارة العليا مع العالقات العامة‬
‫• نقص األجهزة المعاونة والتقنية الحديثة‬
‫• ضعف العنصر البشري في العالقات العامة‬
‫• عدم كفاية الميزانية‬
‫• شده البيروقراطية في المؤسسات‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الشائعات وطرق مواجهتها‬

‫‪46‬‬
‫تمثل الشائعة كظاهرة اجتماعية عنص ار مهما في نسيج كل ثقافة من الثقافات‬
‫البشرية‪ ،‬فهى وليدة مجتمعها‪ ،‬وتعبر تعبي ار عميقا عن ظروفه النفسية والسياسية‬
‫والجتماعية والقتصادية والثقافية‪ .‬ولذلك تعد المفتاح الذهبي لدراسة المجاهل العميقة‬
‫لهذا المجتمع وتحديد مالمحه وخصائصه‪.‬‬

‫وتتضح أهمية دراسة الشائعات من التأثير الكبير الذي لها على المجتمعات فقد‬
‫تؤدى إلى تفكك وتدهور المجتمع كما قد تؤدى إلى تماسكه وفقا لدورها فى خفض أو رفع‬
‫الروح المعنوية لذلك المجتمع‪ .‬فمن خالل الشائعات يمكن أن تتبدل أو تتغير مواقف‬
‫األفراد وعالقاتهم وتفاعالتهم‪ .‬ويمكن أن يعزف الناس عن شراء منتج أو زيارة مكان‪.‬‬
‫فالشائعات يمكن أن تؤثر فى الجوانب القتصادية والجتماعية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬والنفسية‪،‬‬
‫والثقافية للشعوب ويمكن أن تؤثر فى العالقات الدولية واستقرار المجتمعات‪.‬‬

‫والشــائعة كأح ــد أس ــلحة الح ــرب النفس ــية والدعائي ــة ســالح مه ــم م ــن أه ــم أس ــلحة ه ــذه‬
‫الحــرب ول نبــالغ إذا قلنــا إنهــا أكث ـر هــذه األســاليب أهميــة ودللــة فــى وقــت الســلم والحــرب‬
‫على السواء‪.‬‬

‫وهي سالح يتطور مع تطور المجتمعات وتقدم التكنولوجيا‪ .‬فقد تزايد هذه األهمية‬
‫لدراسة الشائعات فى عصر المعلومات‪ ،‬حيث النمو المستمر والمتراكم والهائل للمعلومات‬
‫فى مختلف أوجه النشاط اإلنساني‪ ،‬وهذا التطور فى الرصيد المعلوماتي أثر على الرصيد‬

‫‪47‬‬
‫المعلوماتي لألفراد والمجتمعات وعلى طبيعة الشائعات التي خضعت لتطور والتعمير‬
‫الذي ميز طابع هذا العصر وزاد من أهمية الشائعات‪.‬‬

‫فالشائعات ل تزال الغذاء اليومي لكثير من المجتمعات المعاصرة على الرغم من‬
‫النتشار السريع ألجهزة اإلعالم المرئية والمسموعة والمقروءة وما يسمى بثورة المعلومات‬
‫التي أتاحها وهيئة أرضيتها شبكة اإلنترنت والتي أصبحت هى نفسها أقوى وسيلة لترويج‬
‫الشائعات وتفريخها‪.‬‬

‫هذا إلى جانب األثر النفسي للشائعات على أمن المجتمعات وفى تقرير نتائج‬
‫الحروب‪ ،‬فقد أدت الشائعات إلى هزيمة الجيش العراقي فى حربه األخير مع قوات‬
‫التحالف‪ .‬فقد اعتقد العراقيون بقوة العدد الذى لم يطلق طلقة واحدة‪ ،‬ولكنه استطاع غرس‬
‫القنوط واليأس فى قلوب الجيش والشعب معا قبل أن تنطلق المعارك أو بمجرد انطالقها‬
‫بفضل الشائعات واألكاذيب عن قوته وعتاده وتسليحه‪.‬‬

‫فاإلشاعة رغم أنها ل تعتمد على اإلقناع المباشر أو غير المباشر كما فى الدعاية‬
‫والحرب النفسية إل أنها تفعل فعلها وتحقق آثار كما يحققان وأكثر وذلك عندما تقوم‬
‫الجهة المستخدمة لها بشبه حملة منظمة مخططة مركزة تطمس معها معالم الحقائق‬
‫وتفرق اآلراء وتمزق اللحمة الجتماعية وتشوه صور القادة والزعماء‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫والواقع الراهن للعالمين العربي واإلسالمي اآلن يعكس واقع البلبلة الفكرية والتشويش‬
‫الذهني والتشتت النفسي الذي نعيشه بفعل الحمالت المستمرة والموجهة إلينا من قبل‬
‫اآلخر فى إطار الحرب ضد اإلرهاب والشرق األوسط الكبير وصراع الحضارات‪.‬‬

‫وفى ضوء هذا الواقع الراهن فإن الشائعات التي نتعرض لها لم تبق مجرد فعل‬
‫تلقائي أو نشاط عفوي ولكنها وسيلة نشاط محقق ومدبر ومرسوم ومستمر يقوم به خبراء‬
‫وأخصائيون ينتسبون إلى هيئات ومنظمات ودول كبرى ويتوفر له كافة المعلومات‬
‫والدراسات والميزانيات واألجهزة‪ ،‬والمعدات التي تساعد على تحقيق الشائعات ألهدافها‬
‫المرسومة والمحددة بدقة وعناية‪.‬‬

‫ولهذا يتوجب علينا فى إطار المواجهة ضرورة العناية بدراسة الشائعة فى مختلف‬
‫مؤسساتنا ومعاهدنا فقد تحدث الشائعة علما له قوانين ونظريات ودراسات ونتائجه‬
‫التجريبية والواقعية بحيث يمكن توجيهه لتحقيق مطامع وأهداف بعينها فى إطار المفهوم‬
‫الشامل للحرب النفسية وللوقاية من أخطار الحرب المستمرة ضدنا‪.‬‬

‫كما يتوجب األمر إنشاء جهاز أو هيئة على المستوى الوطني لمواجهة الشائعات‬
‫سواء عن طريق وضع الستراتيجيات والخطط للوقاية منها أو لمواجهتها‪ ،‬وتحديد‬
‫اإلمكانيات المادية والفنية والبشرية الالزمة لتنفيذ هذه الخطط ومتابعتها وتقويم النتائج‬
‫وتحديد األطر المستقبلية للمواجهة وخطط الحمالت المضادة والتنسيق بين مختلف‬
‫الجهات الحكومية ووسائل اإلعالم ومنظمات المجمع المدني وتحديد دور كل منها فى‬

‫‪49‬‬
‫الوقاية والمواجهة‪ ،‬وتقديم النصائح للمسئولين والمواطنين فى كيفية دحض الشائعات‬
‫ومواجهتها‪ ،‬وتزويد المسئولين بالمعلومات الكافية والدقيقة عن الموقف حتى يمكن توجيه‬
‫األحداث وتقديم النصائح للمواطنين‪ ،‬واقتراح إجراء الدراسات الالزمة حول الشائعات‪،‬‬
‫وعالقاتها بالحرب النفسية والدعاية لتوفير قاعدة علمية يمكن الستفادة منها لمواجهة‬
‫الشائعات وتدريب الفنيين واألخصائيين والخبراء‪.‬‬

‫إن القتصار على مجرد جمع الشائعات ورصدها على مستوى اإلدارات األمنية فى‬
‫أغلب الدول العربية أو على مستوى مراكز مؤقتة كما حدث فى مصر عند انتشار شائعة‬
‫انفلون از الطيور عندما أنشئت الحكومة مرصدا لتجميع هذه الشائعات لم يعد كافيا فى ظل‬
‫التقدم الهائل فى تكنولوجيا التصال ووسائله وفى ظل الواقع المرير لنتشار الشائعات‬
‫فى المجتمع العربي وفى مجتمع جوانب الحياة وعلى جميع المستويات‪.‬‬

‫فى ظل هذا كله اصبحت مقاومة الشائعة والتصدي لها واقعا ملحا وضرورة من‬
‫ضرورات األمن القومي للمجتمع واآلمال والستقرار لألفراد والجماعات‪.‬‬

‫فال يوجد مجتمع بشرى دون شائعات‪ .‬فقد عرفها اإلنسان منذ فجر التاريخ وأولها‬
‫الباحثون بالهتمام‪ ،‬ودرسوا أسبابها وسمات مروجها وطرق محاربتها عبر العصور‬
‫المختلفة وقد تزايدت هذه األهمية لدراسة الشائعات فى عصر المعلومات‪ ،‬حيث النمو‬
‫المستمر والمتراكم والهائل للمعلومات فى مختلف أوجه النشاط اإلنساني وأحوال‬
‫المجتمعات‪ ،‬هذا التغير والتطور فى الرصيد المعلوماتي أثر على الرصيد المعلوماتي‬

‫‪50‬‬
‫لألفراد والمجتمعات وعلى طبيعة الشائعات التي خضعت أيضا للتطور والتغير الذى ميز‬
‫طابع هذا العصر وزاد من أهمية وانتشار الشائعات‪ ،‬فالشائعات ل تزال الغذاء اليومي‬
‫لكثير من المجتمعات المعاصرة على الرغم من النتشار السريع ألجهزة اإلعالم المرئية‬
‫والمسموعة والمقروءة‪ ،‬وما يسمى بثورة المعلومات إلى أتاحتها وهيأت أرضها شبكة‬
‫اإلنترنت‪ ،‬والتي أصبحت هى نفسها اقوى وسيلة لترويج الشائعات وتفريخها‪.‬‬

‫تعوق الشائعة عملية فهم المجتمعات لطبيعة الظروف التي تمر بها كما أنها تجعل‬
‫هذه المجتمعات عاجزة عن استيعاب الضرورات التاريخية التى تؤثر اتجاه حركتها ونموها‬
‫على أرض الواقع‪ ،‬وفى العموم ليس من السهل معرفة مدى خطورة الشائعات فى إعاقة‬
‫خروج المجتمعات من أزماتها فى الوقت المناسب واكتشاف الكيفية التى تعمل بها‪.‬‬
‫فالشائعة تعمق األزمة وتوسع نطاقها أيضا‪ ،‬وتعمل على استفحال حالت الرتباط‬
‫الفوضى التى تصيب الواقع‪ .‬واألخطر من ذلك أن تهمل السلطات المعينة وأجهزة‬
‫اإلعالم التعامل معها ومواجهتها باعتبارها شائعات ل أهمية لها‪ ،‬وليست حقائق‪ ،‬وبهذا‬
‫تتضخم الشائعات وتصبح فى مثل هذه األوضاع مؤثرة إلى الحد الذى تعجز معها‬
‫السلطات وأجهزة اإلعالم أحيانا عن مجاراتها‪ ،‬ولهذا كانت الحاجة ملحة لدراسة الشائعات‬
‫وتحليلها للخروج من دائرة األزمة‪.‬‬

‫زاد من أهمية الحاجة لدراسة الشائعة الغموض الذي اكتنف عالم ما بعد الحرب‬
‫الباردة والفوضى العالمية التى شملت العالم بأسره فيما يتعلق ترتيب أوضاع العالم‬

‫‪51‬‬
‫الجديدة وخلق أجواء مناسبة إلطالق الشائعات المرتبطة بهذه الفوضى‪ ،‬وجعل للشائعات‬
‫الحديثة طابعا جديدا معتمدا على الطروحات المستقبلية التى ل يمكن الحكم على‬
‫صدقيتها إل بانتظار ما سيأتي به المستقبل‪.‬‬

‫وتساعد دراسة الشائعة على تحقيق التوازن النفسى والعقلي للمجتمع من خالل تحديد‬
‫األسباب المختلفة لرواجها وانتشارها وتحديد مصادرها ومعالجة هذه األسباب للسيطرة‬
‫عليها ومواجهتها‪ ،‬من ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬عندما تكون الشائعات صناعة مخابراتية يقف وراء بلورتها وتسويقها أخصائيون‬
‫مدربون سواء أكان ذلك لحساب األنظمة الشمولية التى تستخدم الشائعة‪.‬‬

‫‪ -‬كوسيلة دفاعية للتعويض عن خسائر حقيقية حصلت على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪ -‬معيا ار لمعرفة ردود أفعال قطاعات وشرائح وطبقات فى المجتمع إزاء إجراءات أو‬
‫ق اررات تنوى السلطة الحاكمة إصدارها‪.‬‬

‫‪ -‬وسيلة إللهاء الناس وصرفهم عن قضايا وأمور مهمة كلما تعرض النظام ألزمة أو‬
‫مشكلة أو تهديد من قبل قوى داخلة‪.‬‬

‫‪ -‬إحداث البلبلة والفوضى فى صفوف المجتمع وتفتيت الجهود الموجهة لقضية من‬
‫القضايا وذلك لما تحدثه من صدمة نفسية وما تخلفه من مساعد وأحاسيس جديدة‬
‫ومتعلقة بالموضوع الجديد الذي تم إطالق الشائعة من اجله‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬وعودا من بين الوعود من قبل السلطات الحاكمة اإلصالح السياسي أو تحسين‬
‫لألحوال المعيشية والقتصادية للحد من نشاط الناس وأفعالهم‪ ،‬وامتصاص مشاهد‬
‫العداء أو الكراهية‪ ،‬وقد تصاحب هذه اإلشاعات والوعود بعض اإلجراءات التى‬
‫تحقق رضا الناس وقناعتهم ولو لفترة وجيزة حتى يتم استعادة اإلنعاش وترتيب‬
‫األوضاع بالصورة التى تخدم مصلحة السلطة الحاكمة‪.‬‬

‫‪ -‬تعبي ار عن رفض جماهيري لمخرجات سلعة ما‪ ،‬وهنا تكون الشائعات لمواجهة السلطة‬
‫السياسية‪ ،‬وتعبي ار على حالة انعدام الثقة فى المجتمع فى تسوقه أجهزة اإلعالم عن‬
‫معلومات أو ما تبث السلطة السياسية من بيانات وخطابات‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون مصدر الشائعات جهات أجنبية‪ ،‬حكومات ودول‪ ،‬منظمات وشركات‬
‫احتكارية‪ ،‬منظمات المجتمع المدني الدولية ألحداث البلبلة والفرقة داخل المجتمع أو‬
‫لتشويه صور ورموز وأفكار ومعتقدات أو لتدمير الروح المعنوية لدى الشعوب‬
‫للمقاومة والصمود أو لحصار هذه الشعوب اتهامات ملفقة كتهمة اإلرهاب الموجهة‬
‫للمسلمين بعامة‪.‬‬

‫فى كل هذه الظروف وغيره تكون الشائعة أداة إلحداث البلبلة والفوضى وتكون‬
‫الحاجة الضرورية لدراسة الشائعات وتحليلها للوقوف على األسباب المحتملة إلعادة‬
‫التوازن النفسى والعقلي للمجتمع وإعادة النظر إلى الشائعة لترتيب كيفية استخدامها فى‬
‫الدفاع والوقاية من مخاطر األزمة والبلبلة والفوضى‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫مفهوم الشائعة‪:‬‬
‫مصطلح الشائعة من المفاهيم ذات الدللة الواسعة نظ ار لتصاله بتخصصات عديدة‬
‫من علم النفس والجتماع والقانون والنثروبولوجيا والسياسة والقتصاد والجتماع والحرب‬
‫النفسية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ارتباطه الوثيق بالتقدم الحادث فى ظل ثورة التصال والمعلوماتية بحيث‬
‫ل يمكن النظر فى هذا المفهوم بمعزل عن التطور فى تكنولوجيا وسائل التصال وتأثيراتها‬
‫فى ظهور وانتشار الشائعات‪.‬‬

‫ومن هنا تعددت محاولت تعريف الشائعات وتنوعت مفاهيم دراستها وزوايا النظر إلى‬
‫نشأتها وآليات عملها وتطورها وسبل مواجهتها‪.‬‬

‫التعريف اللغوي للشائعة‪:‬‬


‫الشائعة هى الشاعة أي األخبار المنتشرة‪ ،‬وهي جمع شائع‪ ،‬مادة "شيع" جاء فى لسان‬
‫العرب لبن منظور‪ :‬شاع الشيب‪ :‬انتشر‪ ،‬وشاع الخبر‪ :‬ذاع‪ ،‬والشاعة األخبار المنتشرة‪،‬‬
‫ورجل شياع‪ :‬أي مشياع ل يكتم س ار‪.‬‬

‫وعرفها األصفهاني فى المفردات فى غريب القرآن تحت مادة شيع‪ ،‬الشياع‪ :‬النتشار‬
‫والتقوية‪ ،‬يقال شاع الخبر أي كثر وقوى‪ ،‬وشاع القوم‪ :‬انتشروا وكثروا‪ .‬أما المعجم الوسيط‬

‫‪54‬‬
‫فقد أورد كلمة الشائعة واإلشاعة وعرف اإلشاعة‪ :‬بأنها الخبر ينتشر غير متثبت منه‪ ،‬أما‬
‫الشائعة فهى الخبر ينتشر ول تثبت فيه‪.‬‬

‫وجاء فى اإلفصاح فى فقه اللغة قوله‪ :‬اإلشاعة‪ :‬شاع الخبر‪ ،‬يشيع شيوعا‪ ،‬وشيعانا‬
‫وشيع تشايع‪ ،‬ظهر وأنتشر وعلم الناس به‪ ،‬وشاع به تشيعه شيعا‪ ،‬وأشاعه وبه أيضا أظهره‬
‫ونشره والمشياع من لم يكتم خب ار والشاعة‪ :‬األخبار المنتشرة وهذه جمع شائع‪.‬‬

‫ويالحظ من التعريفات اللغوية السابقة تأكيدها على معنى الشيوع والنتشار فى‬
‫تعريف الشائعة‪ ،‬وهو ما يفترض إلى درجة كبيرة من التعريف العلمي للشائعة‪ ،‬وهو ما‬
‫أوضحته أيضا المعاجم المتخصصة الحديثة‪ ،‬فقد جاء فى معجم علم النفس تعريفا للشائعة‪،‬‬
‫على أنها تقرير غير متحقق منه عن حادثة تناقلتها األفواه‪.‬‬

‫المفهوم االصطالحي للشائعة‪:‬‬


‫توجد تعريفات عديدة للشائعة‪ ،‬ومن التعريفات التى أوردها العلماء العرب نذكر منها‪:‬‬
‫• د‪ .‬مختار التهامي‪" :‬اإلشاعة هى الترويج لخبر مختلف ل أساس له من الواقع أو تعمد‬
‫المبالغة أو التهويل أو التشويه فى سرد خبر فيه جانب ضئيل من الحقيقة‪ ،‬أو إضافة‬
‫معلومة كاذبة أو مشوهة لخبر معظمه صحيح أو تفسير خبر صحيح والتعليق عليه‬
‫بأسلوب مغاير للواقع والحقيقة؛ وذلك بهدف التأثير النفسى فى الرأي العام المحلى أو‬
‫اإلقليمي أو العالمي أو القومي تحقيقا ألهداف سياسية أو اقتصادية أو عسكرية على‬
‫نطاق دولة واحدة أو عدة دول أو على النطاق العالمي بأجمعه‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫• محمد عبد القادر حاتم‪ :‬اإلشاعة عبارة عن فكرة خاصة بعمل رجل الدعاية على أن‬
‫يؤمن بها الناس كما يعمل على أن ينقلها كل شخص إلى اآلخر حتى تذيع بين‬
‫الجماهير جميعها‪ ،‬ويجب أن تكون قابلة للتصديق غير مبالغ فيه‪.‬‬
‫• محمد عثمان نجاتي‪ :‬الشائعات هى األقوال واألحاديث والروايات التى يتناقلها الناس‬
‫دون التأكد من صحتها بل دون التحقق من صدقها‪.‬‬
‫• عبد التواب إبراهيم رضوان‪ :‬اإلشاعة هى رواية تتناقلها األفواه دون أن ترتكز على‬
‫مصدر موثوق به يؤكد صحتها أو ترويج لخر مختلق أو مبالغة وتحريف لخبر يحتوي‬
‫على جزء من الحقيقة‪.‬‬
‫• محمد كمال القاضي‪ :‬مقولة متداولة بين الناس حول موضوع محدد أو شخص معين‬
‫خالل فترة زمنية معينة‪.‬‬
‫• جمال الدين محفوظ‪ :‬أخبار مشكوك فى صحتها يتعذر التحقق من أصلها وتتعلق‬
‫بموضوعات لها أهمية لدى الموجهة إليهم ويؤدى تصديقها أو نشرها إلى إضعاف‬
‫روحهم المعنوية‪.‬‬
‫• محمد شفيق‪ :‬هى الترويج لخبر مختلق من أساسه يوحى بالتصديق أو المبالغة بسرد‬
‫خبر يحتوي على جزء ضئيل من الحقيقة‪ ،‬وهي تنشر من خالل الكلمة الشفهية‪،‬‬
‫دون أن تتطلب مستوى من البرهان أو الدليل‪ ،‬كما أنها قد تنتقل من خالل النكتة أو‬
‫الحركة التعبيرية والثرثرة والتنبؤ‪ ،‬والنوادر‪ ،‬والط ارئف‪ ،‬وإذا استخدمت فى أيام الحرب‬
‫فإنها تعتبر من أسلحة الحرب النفسية ألنها تثير العواطف الجماهيرية‪ ،‬وتعمل على‬

‫‪56‬‬
‫بلبلة األفكار‪ .‬أما إذا استخدمت بعيدا عن ميدان القتال فتسمى همسا‪ ،‬كذلك إذا‬
‫استعلمت بدون تعمد فتسمى ثرثرة أو دردشة‪.‬‬
‫• محمود أبوزيد‪ :‬الشائعة هى تلك المعلومات أو األفكار التى يتناقلها الناس دون أن‬
‫تكون مستندة إلى مصدر موثوق يشهد بصحتها‪ .‬والشائعة ترويج لخبر مختلق ل‬
‫أساس له من الواقع أو هى المبالغة والتي تكون فى سرد خبر يحتوي على جزء‬
‫ضئيل من الحقيقة‪ .‬وتنتقل عن طريق اللفظ أو من خالل النكتة أو الحركة التعبيرية‬
‫وتهدف إلى التأثير على تفكير اإلنسان وعلى انفعاله وخياله بصورة تجعله يضيف‬
‫إلى الشائعة كالما وفى نفس الوقت تزداد انتشا ار وجاذبية‪.‬‬

‫تعريفات العلماء األجانب للشائعة‪:‬‬


‫• البورت‪ ،‬وبوستمان‪ :‬الشائعة كل قضية أو عبارة نوعية قابلة للتصديق وتتناقل من‬
‫شخص إلى آخر بالكلمة المنطوقة وذلك دون أن تكون هناك معايير للصدق‪.‬‬
‫• ببير "فى قاموسه لعلم النفس" يعرف الشائعة بأنها تقرر غامض أو غير دقيق أو‬
‫قصة أو وصفا يتم تناقله بين أفراد المجتمع عن طريق الكلمة المنطوقة غالبا‪ ،‬وتميل‬
‫إلى النتشار فى أوقات األزمات‪ ،‬وتدور حول أشخاص أو أحداث يمثلون أهمية‬
‫ألفراد المجتمع فى ظل توفر معلومات غامضة عن هؤلء األشخاص أو األحداث‪.‬‬
‫• وريفر‪ :‬يعرفها فى قاموسه لعلم النفس بأنها‪" :‬قصة غير متحقق من صدقها تنتشر‬
‫فى المجتمع ويزعم فيها حدوث واقعة معينة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫• إنندال‪ :‬الشائعة راوية تتناقلها األفواه دون أن تركز على مصدر موثوق يؤكد‬
‫صحتها"‪.‬‬

‫على ضوء المفاهيم السابقة يمكن القول بان الشائعة هى‪:‬‬


‫• سلوك مخطط ومدبر‪.‬‬
‫• تقوم به جهة ما أو شخص ما‪.‬‬
‫• لنشر معلومات أو أفكار غير دقيقة أو أحاديث أو نوادر وطرف ونكات وأغاني أو‬
‫بنشر أخبار وتقارير‪ ،‬مختلفة ومجهلة المصدر‪ ،‬وتوحى بالتصديق‪ ،‬أو مبالغا فيها أو‬
‫تتضمن جزء ضئيال من الحقيقة‪.‬‬
‫• وتعلق باألحداث الراهنة‪.‬‬
‫• باهتمامات الجمهور الموجهة إليهم‪.‬‬
‫• فى وقت محدد‪.‬‬
‫• وعبر وسائل التصال الممكنة‪.‬‬
‫• ومن خالل استغالل الدوافع البشرية‪.‬‬
‫• وذلك لتدمير معنى أو تشويه صورة أو للتأثير فى شخص أو فى الرأي العام المحلى‬
‫أو اإلقليمي أو الدولي تحقيقا ألهداف جهة المنشأ سواء‪ ،‬أكانت سياسية أم اقتصادية‬
‫أم اجتماعية أم ثقافية‪ ،‬أم عسكرية‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الشائعات والمفاهيم األخرى‪:‬‬
‫‪ -1‬الشائعة واالتهام‪:‬‬
‫الشائعة عبارة عن أقوال أو عبارات أو معلومات تنتشر بين الناس بوسائل التصال‬
‫المختلفة دون أن ترتكز على مصدر موثوق يؤكد صحتها وتتصل بموضوع اهتمام الناس‬
‫فى وقت محدد ومجتمع محدد‪.‬‬

‫أما التهام فيشترط فيه الدليل على صحته‪ ،‬خذ لذلك مثال‪ ،‬كلمة خائن أو مرتش لو‬
‫قيلت بحق مسئول عام بدون دليل مادي على الخيانة أو الرشوة مثال كانت شائعة‬
‫وعوقب قائلها أما إذا وجد الدليل فهى جريمة يعاقب مرتكبها وهي إذن خبر صحيح‬
‫وحقيقة واقعة‪.‬‬

‫‪ -2‬الشائعة وحق النقد‪:‬‬


‫الشائعة أقوال مرسلة ل دليل على صحتها‪ ،‬تأخذ شكل الغيبة والنميمة وتعرض‬
‫مروجها للعقاب‪ .‬أما النقد يشمل تصرفات اإلنسان العامة التى تتعلق بخصوصيته وتخرج‬
‫عن نطاق ذاته‪ ،‬وذلك بإبداء الرأي بالحكم أو التعليق على قضية عامة أو فكرة جديدة‪،‬‬
‫أو خطبة منبرية أو مشروع خدمي‪ ،‬وينصب النقد على فكرة اإلنشاء واإلداريين أو دافعه‬
‫تاريخية قديمة أو معاهدة وكذلك عمل الموظف العام دون المساس بشخص صاحبه‪ ،‬فإذا‬
‫تعدى النقد صاحب العمل أو التصرف بغية التشهير به والحط من كرامته والنيل من‬
‫شرفه واعتباره انقلب لجريمة قذف وسب وقع تحت طائلة القانون‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -3‬الشائعة والحرب النفسية‪:‬‬
‫الشائعات صورة من صور الحرب النفسية وهي أوضح صورة للحرب النفسية‬
‫وأفدحها وأحد أدواتها الهامة‪ ،‬وتستخدم للقضاء على الروح المعنوية للعدو لشل حركته‬
‫قبل ضربه وسحقه عسكريا وهو من وجهة النظر العامة فكرة يعمل رجل الدعاية والحرب‬
‫النفسية على أن يعلم بها الناس وأن تشيع بين الجماهير جميعا‪ ،‬وتروج الشائعات بصفة‬
‫خاصة أثناء الحرب لن الناس يستولى عليهم الرعب والخوف‪ ،‬وعندما تكون لألحداث‬
‫أهمية فى حياة األفراد أو عندما ل نرد عليها بأخبار خاصة أو عندما تكن األخبار‬
‫غامضة‪.‬‬

‫وفى مجال التطبيق العملي لستخدام الشائعات فى الحرب النفسية‪ ،‬تستوقفنا أكبر‬
‫شائعة عرفها التاريخ‪ ،‬وهي ادعاء إسرائيل بأن فلسطين هى موطنهم‪ ،‬والتابع للصراع‬
‫العربي اإلسرائيلي يجد أن إسرائيل قد حاربت العرب عسكريا ونفسيا بشائعات ترتبط‬
‫بالفكر والعقيدة‪ ،‬أو المبدأ كجزء من الحرب النفسية‪ ،‬من أجل ذلك دأبت إسرائيل على‬
‫نشر شائعاتها عن جيشها وقوته التى ل تقهر‪.‬‬

‫وقد استطاعت أن تزور التاريخ وتجذب المهاجرين إليها عن طريق إشاعة أن‬
‫فلسطين هى أرض الميعاد إلسرائيل‪ ،‬وان تجميع اليهود كان بإرادة إلهية إضافة إلى تأكيد‬
‫إشاعة أخرى وهي أن ما حدث لليهود على يد هتلر كان لستدرار عطف العالم وكسب‬

‫‪60‬‬
‫تأييده لحق اليهود فى العيش بسالم على أرض فلسطين‪ ،‬وهكذا عمدت إسرائيل أسلوب‬
‫إشاعة األكاذيب فى العالم كوسيلة لتحقيق أهدافها‪.‬‬

‫كما صارت الشائعة وسيلة لتحقيق األهداف المنشودة للدول الكبرى فقبل سنين‬
‫قليلة‪ ،‬اتهمت الوليات المتحدة األمريكية عددا من دول العالم الثالث بأنها تمتلك أسلحة‬
‫كيماوية وتصنها‪ ،‬فضربت مصنع الشفاء فى السودان بحجة أنه مصنع للسالح الكيماوي‬
‫وبعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر أشاع بعض األمريكيين إشاعة أن اإلسالم دين إرهاب وأن‬
‫العالم بأسره يعاني من هذا اإلرهاب‪ ،‬ومن ثم فعليها أن ترفع العصا لمن خرج عن‬
‫طاعتها وعصى‪.‬‬

‫وبذلك استبدلت قوى الهيمنة أسلوب قهر الشعوب وإذللها بالسالح بأنواعه بأقوى‬
‫أنواع الشائعات التى تهزمها نفسيا وروحيا وتجعلها فريسة سهلة الصطياد‪.‬‬

‫فالشائعات فى مجال الحرب النفسية من أخطر وأفتك أساليب الحرب‪ ،‬ألنها تندس‬
‫بطرق أسنة بالسحر وسط الجماهير‪ ،‬وألنه من الصعب معرفة مصدرها وألن ضحاياها‬
‫يعرفونها من أحد فإنهم مما يعطيها صورة الخبر الصادق‪ ،‬بل إن ضحاياها يكونون‬
‫أحبانا من مروجيها‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -4‬الشائعات والدعاية‪:‬‬
‫تعتبــر الشــائعات أحــد األشــكال المــؤثرة التــى تســتخدمها الدعايــة‪ ،‬لكنهــا تختلــف عنهــا‪.‬‬
‫فالش ــائعات أخب ــار مب ــالغ فيه ــا أو غي ــر حقيقي ــة ولكنه ــا ق ــد تس ــتخدم بانتظ ــام كدعاي ــة أم ــا‬
‫الدعاية السياسية فهى تدخل منظم يقوم على أسس فنيه وتهدف ألغراض معينة‪.‬‬

‫وموضوعات الشائعات فى العادة تتناول مثال عالقات جنسية محرمة‪ ،‬معاملة‬


‫وحشية للزوجة‪ ،‬اإللحاد‪ ،‬فساد الخلق‪.‬‬

‫وفى النشاط التجاري واإلعالني وأنشطة العالقات العامة تستخدم الشائعات النبأ‬
‫للقضاء على المنافسين خالل الشائعات التى تتناول مبادئ السلطة أو أضوائها على‬
‫دهن الخنزير كما حدث بالنسبة لمنتج "الكوكاكول" أو اتهامات المسئولين بالرشوة أو‬
‫مشاكل انهيارات مالية تؤثر على قيمة أسهم الشركة فى أسواق المال… إلخ‪.‬‬

‫والشائعات فى الدعاية تتسم بصفة عامة بالتناقض وقد تبدأ على شكل حمالت هامة‬
‫أو تهب كريح عاصفة عاتية وقد تكون مسالمة ل تحمل أكثر من تمنيات طيبة‪ ،‬لكنا فى‬
‫كل األحوال ترتبط بأهداف الدعاية وتساعدها على تحقيق األهداف المحددة لها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -5‬الشائعات واألخبار‪:‬‬
‫يتميز الخبر فى حالته المثالية بمسايرته للمعايير الوثيقة للصحة أما الشائعة فتتميز‬
‫بانعدام هذه المعايير‪ ،‬وعلى الرغم من وضوح هذا التمايز من الناحية النظرية ما بين‬
‫الخبر والشائعة فإنه مع ذلك فى الغالب غير واضح فى أذهان الجماهير‪.‬‬

‫فهناك أفراد يصدقون فيما يبدو كل ما يقرؤونه فى الصحف وكل ما يسمعون من‬
‫الراديو وتستوى عندها األخبار القائمة على القيل والقال‪ ،‬من حيث الصدق مع تلك‬
‫المدعمة بالمستندات‪ .‬وهناك فى المقابل فئات من الجمهور ل يصدقون أن أي شيء‬
‫لصحف أما الشاكون فى صحة األخبار المذاعة فهم اقل عددا‪.‬‬

‫وفى كثير من البلدان حتى فى البلدان التى تكون فيها الصحف حرة‪ ،‬فإن الصحف‬
‫يمكن أن تخوض فى الشائعات‪ ،‬وربما كان ذلك عن طريق خطئها فى صحة المصدر‬
‫المصرح به‪.‬‬

‫وفى بعض األحيان تكون الشائعة حقيقة‪ ،‬مثل خبر قصف طائرة بنوع معين من‬
‫الصواريخ أو سقوط طائرة ويعلم األهالي المحليين بذلك‪ ،‬يتم التكتم األمني على الخبر‬
‫فينشر الخبر فى تلك الدولة ومع مرور الزمن تصبح شائعة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫مكونات اإلشاعة‪:‬‬
‫‪ -1‬الهدفية‪:‬‬
‫فالشائعات طبقا لوظائفها تنشأ وتنتشر بقصد تحقيق أهداف معينة ولهذا فهى‬
‫سلوك مدبر ومخطط من قبل مروج الشائعة أو الفاعل أو المستفيد األساسي من‬
‫ترويجها‪ ،‬وهي لهذا ليست مجرد رواية يتناقلها األفراد لمجرد الثرثرة أو الدردشة‪ ،‬وإنما‬
‫ألنها تحقق أهداف لألفراد الناقلين لها‪ ،‬مثل أداء المعرفة وحب الظهور أو الرغبة فى‬
‫جذب النتباه أو فى اكتساب مزيد من األهمية أو التعبير عن الكراهية للغير أو تحقيق‬
‫المصالح الخاصة أو للتنفيس عن التوترات النفعالية التى يعاني منها األفراد‪.‬‬

‫وهذه المشاركة الفاعلة من قبل ناقلي الشائعات تساعد على تحقيق هدف‬
‫المصدر كما أنها توفر الفرصة للناقلين بالتدخل فى الشائعة بالتغيير والتبديل والتحريف‬
‫أثناء تداولها بما يجعلها أكثر قدرة على التأثير والنتشار‪ ،‬وأكثر تحقيقا ألهدافهم النفسية‬
‫وبخاصة عندما يتوافر للشائعة مصد ار قاد ار على التخطيط للشائعة وعلى توفير‬
‫المتطلبات األساسية لها من حيث اختيار الفكرة والصياغة والتوقيت المناسب إلطالقها‪.‬‬

‫‪ -2‬مصدر الشائعة‪:‬‬
‫هو المصدر الذى تنطلق منه الشائعة عند أول تداول لها وقد يكون شخصا‪ ،‬أو‬
‫شركة أو مؤسسة أو حزبا أو حكومة أو إحدى مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬أو حكومة‬
‫دولة أخرى أو شركة اجنبية‪ ،‬والهدف المقصود من الشائعة يختلف أيضا فقد يكون فردا‬

‫‪64‬‬
‫كالشائعات التى تتناول الفنانين أو الرياضيين ويطلقها أقرانهم فى المهنة ألغراض‬
‫مختلفة‪ ،‬وقد يكون المقصود مؤسسة أو جهة أخرى كنادي أو مؤسسة أو شركة أو أية‬
‫جهة إنتاجية أو خدمية أو حزب آخر أو جماعة نوعية من المجتمع كالشائعات التى‬
‫تتناول القضاء أو أساتذة الجامعات أو المجتمع بأسره إلضعاف روحه المعنوية أو التفرقة‬
‫بين جماعاته وفئاته‪ ،‬وقد تتجاوز الشائعة حدود المجتمع لتشمل المسلمين فى كل أنحاء‬
‫العالم كالشائعات الخاصة باإلرهاب‪.‬‬

‫‪ -3‬تداول الشائعة‪:‬‬
‫التداول والنشر عنصر أساسي للشائعة وبدونه ل تؤتى الشائعة انتشارها ويتم الدوال‬
‫عادة عبر الكلمة المنطوقة من خالل األحاديث والدردشة أو تنتقل عبر وسائل التصال‬
‫الجماهيري كالصحف والمجالت والنشرات واإلذاعة والتليفزيون وأخي ار عبر وسائل‬
‫التصال اإلليكتروني كاإلنترنت والتليفونات المحمولة‪ .‬كما يتم التداول عبر أشكال أخرى‬
‫كاألغاني والتمثيل والنكت والرسوم الكاريكاتورية‪.‬‬

‫محتوى الشائعة‪:‬‬
‫الشائعة فى العادة نوعية ولها موضوع‪ ،‬فقد تتناول الشائعة الجوانب الشخصية لفرد‬
‫أو لجماعة‪ ،‬وقد تتناول فئات محددة من المجتمع بل تتسع لتشمل المجتمع العالمي‬
‫بأسره‪ ،‬ومن ناحية الموضوع تتناول الشائعة جوانب اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو‬
‫عسكرة أو ثقافية أو دينية‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫وبالنسبة للشكل الذي يأخذه المحتوى فقد يكون عبارة عن‪:‬‬
‫‪ -‬أحاديث محرفة‪.‬‬
‫‪ -‬أخبار وتقارير مختلقة ل أساس لها من الحقيقية‪.‬‬
‫‪ -‬أخبار تتضمن جزءا من الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬أخبار مبالغا فيها أو يتم تداولها بصورة اكر وبتفصيالت مغايرة للواقع‪.‬‬
‫‪ -‬أخبار مجهلة المصدر توحى بالتصديق‪.‬‬

‫وفى كل هذه األشكال يالحظ غيبة المعايير األكيدة للصدق‪ ،‬وهي التى تساعد على‬
‫التفرقة بين الشائعة والخبر وبين الشائعة والحقائق‪.‬‬

‫دوافع الشائعة‪:‬‬
‫تعد أحد أهم الجوانب المهمة لنتشار الشائعة الدوافع النفسية لدى الناس والتي تسهم‬
‫إل ــى ح ــد كبي ــر ف ــى ه ــذا النتش ــار‪ .‬فاإلنس ــان بطبيعت ــه النفس ــية ونوازع ــه وعق ــده يمي ــل إل ــى‬
‫تص ــديق الش ــائعات حت ــى ل ــو أدرك يعقل ــه أن ج ــزء م ــن تل ــك المقول ــة غي ــر حقيق ــي ‪ ،‬إذ أن‬
‫عواطفــه ونوازعــه تــتحكم ف ــى درجــة ميلــه إلــى تص ــديق الشــائعة‪ ،‬والنحيــاز العــاطفي له ــا‪،‬‬
‫ك ــذلك يس ــاعد عام ــل اإلس ــقاط النفس ــى ف ــى تص ــديق الش ــائعة وذل ــك عن ــدما ت ــنعكس الحال ــة‬
‫النفعاليــة للشــخص‪ ،‬دون وعــى منــه فــى تأويلــه للبيئــة المحيطــة كمــا أنــه لــيس لديــه الوقــت‬
‫لمراجعة ما يسمعه أو يقرأه وحرصه على معايير الصدق‪ ،‬ويصعب عليه من ناحية أخرى‬
‫إثبــات كــذب الشــائعة إضــافة إلــى عــادة حــب الســتطالع‪ ،‬التــى تجعــل الكثيــر مــن النــاس‬

‫‪66‬‬
‫يميلون إلى تقصى األفكار واستغالل المعلومات والستمتاع إلـى المقـولت والروايـات التـى‬
‫تمــس المشــاهير فــى المجمــع أو التــى تتعلــق بــاألمور الغامضــة أو األحــداث التــى يصــعب‬
‫علي ــه تفس ــيرها‪ ،‬وه ــذه ال ــدوافع عام ــة ل ــدى البش ــر جميع ــا‪ ،‬وه ــو م ــا يفس ــر وج ــود الش ـائعات‬
‫وانتشارها فى جميع المجتمعات على السواء قـديما وحـديثا‪ ،‬المتطـورة منهـا والمتخلفـة‪ ،‬دون‬
‫استثناء‪.‬‬

‫عناصر األهمية للشائعة‪:‬‬


‫وتتضمن ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬االهتمامات واألحداث الراهنة‪:‬‬
‫فالشائعات ترتبط بالهتمامات واألحداث الراهنة للجمهور الموجهـة اليـه‪ ،‬ولـذلك تجـئ‬
‫الشائعات وتذهب وأحيانا ما تعاود نفس الشائعات الظهور أى أنها ترتبط باألحداث‪.‬‬

‫‪ -2‬الوقت المحدد‪:‬‬
‫فالشائعات عادة ذات أهمية وقتية‪ ،‬ولذلك تختفي عندما تظهر الحقائق‪ ،‬أو تتالشى‬
‫أهمية الشخصيات التى تتناولها أو تتغير الظروف الراهنة فانتهاء حالة الحرب يقضى‬
‫على الشائعات الحربية الخاصة بها‪ ،‬وصدور قرار تشكيل الو ازرة يقضى على التكهنات‬
‫الخاصة بالتعيينات‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -3‬زمن دورة الشائعة‪:‬‬
‫وهــو الفت ـرة الزمنيــة الالزمــة لتحقيــق الشــائعة ألهــدافها بــدء مــن وقــت انطالقهــا حتــى‬
‫ثباتها فى المجتمع أو تالشيها مرو ار بمرحلـة التـداول‪ ،‬ويختلـف هـذا الوقـت وفقـا للتصـنيف‬
‫الزمنى للشائعات‪.‬‬

‫‪ -4‬تأثير الشائعة ومداه‪:‬‬


‫توجد تأثيرات عديدة للشائعة تبدأ من تشويه الصورة إلى بث روح الفرقة وإضعاف‬
‫الروح المعنوية إلى التأثيرات المختلفة فى الرأي العام المحلى أو اإلقليمي أو العالمي فى‬
‫المجالت السياسية والقتصادية والجتماعية والعسكرية‪ ..‬إلخ‪ .‬وهذه التأثيرات بأنواعها‬
‫أحد المكونات األساسية للشائعة وأحد الجوانب لتحليل وفهم الشائعة ومواجهة تأثيراتها‬
‫الضارة فى المجتمع‪.‬‬

‫وفى ضوء هذه المالمح المميزة لمفهوم الشائعة يتضح‪:‬‬

‫• تتضح الطبيعة المركبة للشائعة والى تتداخل مع علوم اجتماعية عديدة وتطلب‬
‫مستوى رفيعا من المعرفة والخبرة النظرية والعملية عند دراستها والستفادة من نتائج‬
‫وخبرات هذه العلوم‪.‬‬

‫• تتنوع المناهج الضرورية لدراسة الشائعة وروايا النظر إلى نشأتها وتطورها وسبل‬
‫مواجهتها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫• دور التصال باعتباره يمثل أحد أهم جوانب دراسة الشائعات‪ ،‬فهو يؤثر بقوة فى‬
‫ظهور وانتشار الشائعات وتداولها وكذلك فى إمكانية الوقاية منها أو حصارها‬
‫والقضاء عليها‪.‬‬

‫• دور العوامل البيئية فى انتشار الشائعات وتأثيرها والوقاية منها كالدوافع النفسية‬
‫والظروف السياسية والقتصادية والثقافية والجتماعية‪ ،‬واألزمات بصفة عامة‪.‬‬

‫• الجوانب الخاصة بالشائعة نفسها من حيث السمات والخصائص واألهداف والمحتوى‬


‫والصياغة والنوع والنتشار والتأثير‪.‬‬

‫ولهذا التأثير الخطير للشائعات تهتم الكثير من الحكومات والدول بالدراسة المكثفة‬
‫للشائعات دراسة علمية ومنظمة وهادفة فنجد علماؤها يكرسون جهودهم للبحث عن‬
‫مختلف العوامل النفسية التى تساعد على انتشار الشائعات وعن الدوافع التى تحركها‬
‫وعن أنواعها‪ ..‬الخ؛ وذلك من اجل المحافظة على كيان المجتمع ووحدته‪ .‬وحتى تستطيع‬
‫تلك الدول مواجهة العتداءات الخارجية نظ ار لما تؤدى إليه هذه الشائعات الخارجية من‬
‫آثار سلبية على الروح المعنوية‪ ،‬وكذلك دراسة الشائعات من الناحية اإليجابية بحيث‬
‫يمكن استخدامها ضد العدو ولمصلحة الوطن‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫خصائص الشائعات‪:‬‬
‫حـدد العالمـان فـان ورسـن ‪ Rosnow, Fine‬وغيـرهم مـن العلمـاء الخصـائص اآلتيـة‬
‫للشائعة‪:‬‬
‫‪ -1‬الش ــائعة ه ــى عملي ــة نش ــر المعلوم ــات ونت ــاج ه ــذه العملي ــة إذا ربط ــت بموض ــوع ه ــام‬
‫ونش ــرت ف ــى ظ ــروف يتع ـذر معه ــا التأك ــد م ــن ص ــحتها‪ ..‬أم ــا إذا اعتب ــرت تغيي ــر فم ــا‬
‫يجرى فى عقول الناس فيمكن استخدامها عالمـات للـرأي العـام‪ ،‬أو تسـتخدم كأسـلوب‬
‫دعائي كما يحدث فى الحرب النفسية أو المعارك النتخابية‪.‬‬
‫‪ -2‬مــن الســهل أن تنطلــق الشــائعة ولــيس مــن الســهل أن تتوقــف‪ ،‬والشــائعة تســير بســرعة‬
‫الصوت والضوء عن طريق األقمار الصناعية واإلنترنـت فـى الوقـت الحاضـر لتصـل‬
‫إلى جميع أطراف الكون حيث أصبح العالم قرية إليكترونية واحدة‪.‬‬
‫‪ -3‬قــد تــدون الشــائعة صــادقة‪ :‬أي قــد تحتــوي المعلومــات ال ـواردة فــى الشــائعة علــى ن ـواة‬
‫للحقيقـة‪ ،‬ومثـال ذلـك شـائعة تقـول زيــادة فـى رواتـب المـوظفين وحـول اسـتقالة شــخص‬
‫أو ارتف ــاع ف ــى أس ــعار م ـواد اس ــتهالكية أو الهزيم ــة أو النص ــر ف ــى الح ــرب والت ــي ق ــد‬
‫تتحقق فى بعض األحيان‪.‬‬
‫‪ -4‬ق ــد تك ــون الش ــائعة كاذب ــة أي ق ــد ترتك ــز عل ــى معلوم ــات غي ــر مؤك ــدة أو عاري ــة ع ــن‬
‫خـامئنى علـى‬ ‫الصحة كشائعة وفاة خامنئى‪ .‬وللرد السريع على الشائعة ظهر آيـة‬
‫شاشات التليفزيـون فـى ‪1993/3/18‬م لكـي يسـكت التكهنـات التـى تـدور حـول وفاتـه‬
‫أو إصابته وناشد الشعب اإليراني أن يشـترك علـى نطـاق واسـع فـى المسـيرة المعاديـة‬
‫إلسرائيل التى تقـرر قيامهـا‪ .‬فـى ذلـك اليـوم‪ .‬فالشـائعة هنـا عبـارة عـن فبركـة واخـتالق‬

‫‪70‬‬
‫لخبر عار عن الصحة وجاء الرد عليها سريعا وغير مباشر ومـن مصـدر رسـمي فلـم‬
‫تعمر إل يوما واحدا فقط‪.‬‬
‫‪ -5‬ق ــد تك ــون الش ــائعة ص ــادقة وكاذب ــة – ق ــام البي ــت األب ــيض األمريك ــي بتس ـريب أس ــماء‬
‫محتملة وغير محتملة لمرشحي محكمة العدل العليا كوسيلة لجس النبض الجماهيري‬
‫أو ردود فعـ ــل الجمـ ــاهير حـ ــول أسـ ــماء القضـ ــاة المقبـ ــولين أو المرفوضـ ــين‪ .‬فالجانـ ــب‬
‫الصادق فى هذه اإلشاعة هو أن عددا من األسماء المحتملـة كـان صـحيحا والجانـب‬
‫الكاذب منها هو أنه بعض األسماء كان غير وارد ترشيحها‪.‬‬
‫‪ -6‬من الصعب تعقب أو التأكد من مصدر الشائعة أثناء انتشارها‪ .‬ولكنه من الضروري‬
‫بمك ــان الح ــرص عل ــى مص ــدر الش ــائعة والتثب ــت من ــه م ــن اج ــل ال ــرد عليه ــا وتغييره ــا‬
‫والسيطرة عليها‪.‬‬
‫‪ -7‬تتنــاغم الشــائعات مــع التقاليــد الثقافيــة للمجتمــع الــذي تســري فيــه أي أنهــا تنطلــق عــن‬
‫واقع هذا المجتمع‪ ،‬وتأخذ حاجات األفراد بنظر العتبار عند بثها‪.‬‬
‫‪ -8‬الشـائعة تـتالءم مـع الموضــوعات التـى يتوجـه إليهـا اهتمامــات الجمهـور الموجهـة إليــه‬
‫فــى فت ـرة زمني ــة معينــة وبخاص ــة الموضــوعات المرتبط ــة بأزمــة معين ــة طارئــة ح ــرب‪،‬‬
‫زلـ ـزال‪ ،‬فض ــحية مالي ــة‪ ،‬أو بأح ــداث رهين ــة‪ ..‬إل ــخ‪ ،‬والت ــي ت ــؤثر عل ــى أم ــن الجماع ــة‬
‫واستقرارها تأثي ار آنيا ومؤقتا‪.‬‬
‫‪ -9‬البيانــات الواضــحة كأســماء اإلعــالم واألرقــام والمــاكن‪ ،‬وهــي العناصــر األكثــر بعــدا‬
‫عن الثبات فى كل شائعة‪ ،‬وتعزى الشـائعة غالبـا إلـى مصـدر مسـئول غيـر محـدد أيـا‬
‫كان أصلها الحقيقي‪ ،‬فهى تزيدينني بضمان معنوي أو رسمي لتوفير الغموض‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -10‬تكون موجزة ولغرض التذكر والنقل‪.‬‬
‫تستخدم أساليب مختلفة فى البـث منهـا الخبـر الـذي ل أسـاس لـه مـن الصـحة‪ ،‬أو‬ ‫‪-11‬‬
‫الملفــق بج ــزء م ــن الحقيق ـة أو المبــالغ في ــه‪ ،‬كم ــا تأخ ــذ أشــكال أخ ــرى للب ــث‪ ،‬كالرواي ــة‬
‫والقصة والرسم الكاريكاتوري واألغنية والنكتة‪.‬‬
‫‪ -12‬التغيـ ــر والتحـ ــور‪ ،‬ويتغيـ ــر محتـ ــوى اإلشـ ــاعة علـ ــى مـ ــر الـ ــزمن كلمـ ــا انتقلـ ــت مـ ــن‬
‫المص ــدر األصـ ــلي إل ــى ناقلهـ ــا أو مروجهـ ــا‪ ،‬وتعتم ــد كميـ ــة التغي ــر أو التشـ ــويه علـ ــى‬
‫رغبات ودوافـع ومخـاوف وذكـاء وذاكـرة الناقـل والمـروج‪ ،‬وعلـى رشـده الـردود العاطفيـة‬
‫التى تولدها لدى الفرد والجماعة والمجتمع‪.‬‬

‫ويأخذ التغير والتحور فى الشائعة كما انتهى إلى ذلك البورت وبوستمان المؤشرات اآلتية‪:‬‬
‫أ‪-‬التشويه‪:‬‬
‫كلما راجت الشائعة فإنها تصبح اقل تفصيال وأقصر رواية وأكثر دقة فى عملية اختصار‬
‫وفقدان للتفصيالت‪.‬‬

‫ب‪-‬الشحذ ‪Sharpening‬‬
‫يتم اختيار أو انتقاء بعـض التفاصـيل مـن السـياق الكبيـر لإلشـاعة والمبالغـة فـى عرضـها‪.‬‬
‫أي أن هناك إغفال لبعض التفاصيل وإب ار از للبعض اآلخر واسـتبدال بعـض األجـزاء مكـان‬
‫البعض اآلخر مما يغير من حقيقة األمر‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫فالشحذ هو عبارة عن رواية تفصيالت قليلـة مـن الموضـوع الكبيـر واألصـلي كـل مـرة‬
‫ت ــروى فيه ــا الش ــائعة‪ ،‬ومث ــال ذل ــك أن يت ــذكر ال ـراوي فك ـرة معين ــة أو كلم ــة معين ــة م ــن ب ــين‬
‫مجموعات كلمات أو أفكار فيبرزها ويؤكدها‪.‬‬

‫جـ‪-‬االستيعاب ‪Assimilation‬‬
‫هنا يتم استيعاب الموضوع األساسي لإلشاعة ج ارء روايتها عدة مرات مما يجعلها‬
‫أيسر وأقصر رواية وأسهل فهما واستيعابا‪ .‬فالمستمع أو القارئ يفسر اإلشاعة فى ضوء‬
‫خبراته وعاداته وتقاليده ودينه ومصالحه‪ ،‬فعملية التسوية والشحذ والستيعاب تتناسب‬
‫والدافع الرئيسي وراء موضوع اإلشاعة وبالتالي تؤدى إلى تشويه محتوى الشاعة‪،‬‬
‫فالشكل النهائي لإلشاعة يتأثر باهتمامات ورغبات وثقافة ووعى وذاكرة وذكاء األفراد‬
‫الذين يروجونها‪ ،‬فهم ينقصون أو يزيدون أو يبالغون أو يختصرون من التفاصيل الواردة‬
‫فى اإلشاعة بما يتناسب مع ميولهم واتجاهاتهم السابقة حول موضوع اإلشاعة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫ثانياً‪ :‬وظائف الشائعات‬
‫للشائعات وظائف عديدة وتتضح من الشكل التالي‪:‬‬
‫وظائف الشائعات‬

‫جذب االنتباه عن طريق‬ ‫إذكاء مشاعر القلق والخوف أو‬


‫حب الظهور بمظهر‬ ‫الرعب أو الشك أو التوترات العاطفية‬
‫العالم ببواطن األمور‬ ‫فى حالة موقف عارض أو أزمة‪.‬‬

‫التنفيس عن مشاعر القلق أو الخوف‬


‫إتاحة الفرصة لفهم الواقع الغامض‬ ‫أو الرعب أو الشك أو التوترات‬
‫المحيط كأساس للتكيف االجتماعي‪.‬‬ ‫العاطفية‪.‬‬

‫من خالل‬

‫اإلسقاط‬ ‫التخفيف‬ ‫التبرير‬ ‫التفسير‬ ‫الشرح‬

‫‪-1‬الوظيفــة األساســية للشــائعة هــى إذكــاء روح ومشــاعر القلــق أو الخــوف أو الرعــب أو‬
‫الشك أو التوترات العاطفية أو الشك لدى الجمهـور المسـتهدف فـى وقـت محـدد وفـى حالـة‬
‫وجــود موقــف غــامض خاصــة فــى أوقــات األزمــات والكـوارث الطبيعيــة والحــروب‪ ،‬والرخــاء‬
‫والكساد القتصادي‪ ،‬وهي الظروف التى تسهم فى إنتاج وترويج الشائعات‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ولــذلك تعتبــر الشــائعة خطــر تهــدد المجتمعــات فقــد تــؤدى إلــى تفكــك وتــدهور المجتمــع مــن‬
‫خــالل دورهــا فــى خفــض الــروح المعنويــة أو فــى إشــاعة الفوضــى‪ ،‬ومــن خاللهــا يمكــن أن‬
‫تتبــدل وتتغيــر مواقــف األف ـراد وعالقــاتهم وتفــاعالتهم‪ .‬ويمكــن أن يعــزف النــاس عــن ش ـراء‬
‫منتج أو زيارة مكان أو تأييد سياسة أو موقف ما أو اتخاذ موقف مؤيد‪ ..‬فالشائعات يمكن‬
‫أن تؤثر فى الجوانب القتصادية والجتماعية‪ ،‬والثقافية والنفسية‪ ،‬وأيضا يمكن لها التأثير‬
‫فى العالقات الدولية واستقرار المجتمعات‪.‬‬

‫‪-2‬التنفيس‪:‬‬
‫يمكــن للشــائعة أن تســاعد علــى التنفــيس عــن مشــاعر القلــق أو الخــوف أو الرعــب أو‬
‫الشك أو التوترات العاطفية من خالل وظائفها الفرعية األخرى‪ :‬الشرح‪ ،‬التبريـر‪ ،‬التفسـير‪،‬‬
‫التخفيــف‪ ،‬الســقاط‪ ،‬بمــا يســاعد علــى مواجهــة المواقــف الطارئــة واألزمــات وبصــورة تــؤدى‬
‫من خالل توفير فرص الحل لتماسك المجتمع ورفع الروح المعنويـة‪ ،‬فالشـائعات كمـا يقـول‬
‫الدكتور لويس كامـل مليكـة فـى كتابـه سـيكولوجية الجماعـات والقيـادة سـاعد علـى التنفـيس‬
‫عـن التــوترات النفعاليـة التــى يعـانى منهــا األفـ ارد‪ ،‬فــالفرد قـد يصــدق اإلشـاعات التــى تــدور‬
‫حول خسائر الحرب‪ ،‬لكى تشرح له أسباب توتره وقلقه‪.‬‬

‫هذا ول تقتصر أهمية موضوع اإلشاعة على ارتباطه بإشباع الحاجـات العضـوية‪ ،‬أو‬
‫النفعالي ــة فق ــط‪ ،‬ولكنه ــا ق ــد تـ ـرتبط بح ــب الس ــتطالع والرغب ــة ف ــى المعرف ــة والج ــري وراء‬
‫المعنى‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫والميكانزيم الرئيسي فى هذه اإلشاعات هو اإلسقاط غيـر المباشـر ول نعنـى بـه نسـبة‬
‫النفعالت إلى اآلخرين‪ ،‬ولكنه شرح المشاعر شرحا مقبول عن طريق النظر إلـى السـلوك‬
‫المفت ــرض ليخ ـرين‪ ،‬عل ــى أن ــه س ــبب معق ــول للمش ــاعر‪ ،‬فعن ــدما تص ــدق ام ــو ار معين ــة ع ــن‬
‫اآلخـ ـرين فإنن ــا نع ــرب ع ــن ش ــعورنا بال ــذنب ع ــن ارتك ــاب بع ــض األفع ــال‪ ،‬ويق ــل تص ــديقنا‬
‫للشائعة إذا لم نكن فى حاجة إلى عملية اإلسقاط هذه‪.‬‬

‫‪-3‬الرغبة فى الظهور‪:‬‬
‫وهناك وظيفة أخرى للشائعة وهي الرغبة النفسية لألفراد من خالل جذب النتباه عن‬
‫طريق الظهور بمظهر العالم ببواطن األمور‪ ،‬ومنا ما يتمثل فـى مجـرد الرغبـة فـى نقـل مـا‬
‫يح ــب اآلخ ـرين س ــماعه م ــن أم ــور أو فض ــائح أو ج ـرائم‪ ،‬ومنه ــا مج ــرد الرغب ــة ف ــى وص ــل‬
‫الحــديث عــن طريــق تك ـرار مــا ســبق ســماعه مــن مصــادر أخــرى ومنهــا أيضــا الرغبــة فــى‬
‫الظهور بمظهر معين أمام اآلخرين‪.‬‬

‫‪-4‬المساعدة على فهم الواقع الغامض‪:‬‬


‫فاإلنســان منــذ أقــدم العصــور يتســاءل مــا الحقيق ـة ومــا الواقــع‪ ،‬والطفــل فــى ســن مبك ـرة‬
‫يحاول أن يحصل على إجابات متعددة عن اسئلته التى تبدأ بمـاذا؟ ويـتعلم عـن طريـق مـا‬
‫يــروى أمامــه مــن والديــه أو مــن المصــادر األخــرى بأنمــاط مختلفــة عــن‪ :‬يقولــون‪ ،‬ســمعت‬
‫اليـوم‪ ،‬أظـن‪ ،‬تقـول اإلذاعــة كـذا‪ ،‬يقـول التليفزيــون كـذا‪ ،‬سـمعت مــن جارنـا أن‪ .‬وبهـذا تكــون‬
‫الشائعة لون من ألوان خلق الرموز‪ ،‬كما أنها نـوع مـن أنـواع الحيـاة الخياليـة‪ ،‬يقـول روبـرت‬

‫‪76‬‬
‫نــاب "تقــول الشــائعة عــن الرغبــة فــى تفســير العــالم تفســي ار ذا معنــى‪ ،‬وكــذا مــن الرغبــة فــى‬
‫نفس الوقت فى إرضاء النزعات اإلنسانية إذ التغبير عنها"‪.‬‬
‫فوظيفة الشائعة هى التعبير العاطفي‪ ،‬والتفسير اإلدراكي‪ ،‬وهي تعيش على الغموض‬
‫وعلى النزعات الحادة"‪.‬‬

‫دوافع الشائعات‪:‬‬
‫ألهمي ــة موض ــوع الش ــائعات ولخطورت ــه ف ــى نف ــس الوق ــت اهتم ــت العدي ــد م ــن ال ــدول‬
‫والحكوم ـ ــات بد ارس ـ ــة مالبس ـ ــاتها وحيثياته ـ ــا وبخاص ـ ــة دول مث ـ ــل ألماني ـ ــا وفرنس ـ ــا وإيطالي ـ ــا‬
‫وبريطانيا وأمريكا والهند والصين واليابان وروسيا‪ ،‬وذلك فـى محاولـة للكشـف عـن طبيعتهـا‬
‫وماهيته ــا والعوام ــل الت ــى تق ــف وراء فك ـرة ترويجه ــا وال ــدوافع والبواع ــث الكامن ــة وراء عملي ــة‬
‫سرعة انتشارها وما قد يترتب على ذلك من تبعات سلبية مصيرية‪ ،‬سرعان ما قـد تعصـف‬
‫بماضي وحاضر ومستقبل الفرد والجماعة واألسرة والمجتمع والشعب واألمة والدولة‪.‬‬

‫فقد أكد علماء النفس وغيرهم من المختصين والمهتمين على قصة مدى تأثير‬
‫الدوافع السيكولوجية فى سلوك كل من األفراد والجماعات‪ ،‬وديناميكية ذلك الدور الذي‬
‫تلعبه الحاجات والدوافع فى حياة اإلنسان من حيث السعي الحثيث والمتواصل من اجل‬
‫إشباع كلى أو جزئ لتلك الحاجات والدوافع والعمل على خفض مستوى الشعور بالنقص‬
‫والدون والتوتر‪ ..‬وهو ما إن لم يحدث قد يزيد من تفاقم رعونة صاحبة الحاجة والدفع به‬

‫‪77‬‬
‫وبصورة تصاعدية تجاه كل ما من شأنه أن يؤول إلى عملية اختزال الحاجة وتحقيق‬
‫اإلشباع والعمل على خفض حالة التحفز والتشنج المتصاعد‪.‬‬

‫ويمكن تقسم دوافع تداول الشائعات إلى نوعين‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬دوافع عامة‬
‫الشائعات ذات الدوافع العامة غالبا ما تكون شائعات موجهة‪ ،‬من قبل جهات‬
‫حكومية أو أحزاب معارضة أو مؤسسات مجتمع مدنى أو شركات تجارية على مختلف‬
‫أنشطتها التجارية والعسكرية والخدمية سواء أكانت داخلية األمم المتحدة عابرة للقارات و‬
‫أيضا الحكومات والدول األجنبية وتكون هذه الشائعات سياسية إذا كانت تدور فى المجال‬
‫السياسي أو القتصادي أو اجتماعية أو عسكرية‪ ،‬ودوافع هذا النوع من الشائعات تعتبر‬
‫دوافع عامة وتستهدف المجتمع ككل أو فئات محددة منه كالمؤسسات السياسية أو‬
‫الجتماعية أو القتصادية أو القوات المسلحة للقضاء على روحها المعنوية وإشاعة‬
‫الروح النهزامية أو للتفرقة بين الشعب وقواته المسلحة فلذلك فغن تحديد الدوافع العامة‬
‫لهذه النوعية من الشائعات يساعد على تحديد الجهات التى تقف خلفها وأهدافها ولتحديد‬
‫سبل الوقاية منها ومواجهتها‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬الدوافع الشخصية‬


‫ويمكــن رد الــدوافع الشخصــية لــدى الجمــاهير فــى تــداول الشــائعات إلــى مجموعــة مــن‬
‫الدوافع هى‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫دوافع تداول الشائعات‬

‫دوافع عامة للشائعات‪:‬‬ ‫دوافع شخصية‬


‫الوجهة السياسية والقتصادية والجتماعية والعسكرية‬

‫إشباع الرغبة فى االستطالع‬

‫التنفيس عن حالة القلق‬

‫ادعاء المعرفة وحب الظهور‬ ‫التنفيس عن حالة الكبت‬

‫التوقع والميل لالستباق‬ ‫اإلسقاط‬

‫جذب االنتباه‬

‫تهدئة التوترات االنفعالية‬

‫تحقيق مصالح شخصية‬

‫التهرب من الشعور بالذنب‬

‫الميل للعدوان‬

‫الفراغ‬

‫الميل إلى التصديق‬


‫الترهيب والتخويف‬
‫الحاجة للشعور بالثقة‬
‫ضعف الوازع الديني‬

‫‪79‬‬
‫‪-1‬الدافع الستطالع األخبار والمعلومات‪:‬‬
‫إن الحاجــة إلــى اســتطالع األخبــار والمعلومــات لمــن أهــم تلــك الحاجــات الســيكولوجية‬
‫فـى واقــع حيــاة اإلنســان‪ .‬فـأي نقــص فــى إشــباع هــذا الجانـب الهــام – خاصــة فيمــا إذا كــان‬
‫يتعلق األمر بقضية من القضايا المستجدة الهامة‪ ،‬سواء كانت قضية أمنية أو سياسـية أو‬
‫اقتصـ ــادية أو نفسـ ــية أو اجتماعيـ ــة أو قضـ ــائية – يثيـ ــر وبـ ــدون شـ ــك حالـ ــة مـ ــن الفضـ ــول‬
‫والتحفز والتهيؤ والستعداد عند الفرد‪ .‬وهو ما يجعل منه أو من غيره فى حالة تنبه وتيقظ‬
‫وميل واندفاع تجاه سماع كل ما قـد يلقـى علـى سـمعه مـن منظومـة قيـل وقـال‪ .‬بـل تقبلهـا‪،‬‬
‫وتقمصها‪ ،‬والقول بها‪ ،‬وكأنها قد صارت حقائق ومسلمات!‬
‫أعود وأقول توضيحا وتأكيدا‪ :‬بأن البنية اإلدراكية والعقلية لألفراد ذات عالقة مباشرة‪،‬‬
‫وقويـة‪ ،‬ومتشـابكة‪ ،‬مـع مـا يسـمى باألنمـاط والصـور المقولبـة لـديهم‪ .‬والكـل هنـا علـى صــلة‬
‫حتمية بما اصطلح عليه بسلوك ونهج اإلشاعة‪ .‬فمجوعة األلفاظ والمصـطلحات والمفـاهيم‬
‫التـ ــى يمتلكهـ ــا الفـ ــرد‪ ،‬ومنظومـ ــة األفكـ ــار واآلراء والمعتقـ ــدات والقـ ــيم واألع ـ ـراف والعـ ــادات‬
‫والتقاليــد ومنظومــة التقييمــات والتقويمــات واألحكــام والق ـ اررات وكــل مــا هــو ارســخ فــى عــالم‬
‫الشــعور والالشــعور‪ ،‬الفــردي منــه والجمعــي‪ ،‬يتفاعــل بديناميكيــة مــع طبيعــة النبــأ والخبــر‪،‬‬
‫ويتفاعــل مــع مصــادره المختلفــة‪ ،‬وفــى المحصــلة ليــتمخض عــن هــذا التفاعــل مواقــف ذات‬
‫معالم وأبعاد نفسية واجتماعية وأمنية وسياسية واقتصادية حتما ما ستكون سلبية مدمرة مـا‬
‫لــم تحكمهــا نظــم وش ـرائع وق ـوانين أخالقيــة؛ نظــم همهــا فــى الدرجــة األولــى مصــلحة الفــرد‪،‬‬
‫ومصلحة األسرة والجماعة والمجتمع‪ ،‬بل اإلنسانية جمعاء‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫وهـ ــذا مـ ــا كشـ ــفت عنـ ــد العديـ ــد مـ ــن البحـ ــوث والد ارسـ ــات السـ ــيكولوجية والجتماعيـ ــة‬
‫واإلنس ــانية المختلف ــة ف ــى عل ــم ال ــنفس‪ ،‬وف ــى علـ ـوم الثقاف ــة والحض ــارة ف ــى ع ــالم الجتم ــاع‬
‫واإلنسان‪.‬‬
‫‪-2‬التنفيس عن حالة الكبت‪:‬‬
‫فــى أعمــاق كــل فــرد كثيــر مــن األشــياء الدفينــة يخجــل مــن العتـراف بــه حتــى لنفســه‪،‬‬
‫هــذه الحالــة يطلــق عليهــا اصــطالح الكبــت‪ ،‬وهــذه الحالــة تجعلنــا نميــل إلــى التخيــل أو إلــى‬
‫المغــالة فــى وجــود هــذه المشــاعر ف ـى اآلخ ـرين‪ ،‬نحــن نظــن أن العيــب موجــود فــى غيرنــا‬
‫وليس فينا‪.‬‬
‫فنحن مثال ل نريد أن نعترف بخطئنا‪ ،‬ولذلك نقوم بأعمال عنيفة ونلقى باتهامات‬
‫واسعة لنغطي تلك الحقيقة ونحب أن نعترف بأن ضيقوا األفق أو بأننا متحيزون أو‬
‫أنانيون فال نحب أن نعترف بعيوبنا‪ ،‬نحتفظ بكل هذه الصفات لسريتها ونتهم بها اآلخرين‬
‫للمحافظة على احترامنا ألنفسنا‪ ،‬هذا هو التفسير الحقيقي لكثير من الشائعات الكاذبة‪.‬‬

‫ويعد الكبت الجنسي أيضا أحد الدوافع األساسية لنشر الشائعات‪ ،‬فعندما يكون‬
‫المجتمع مقفول يصبح الجنس عامال هاما فى حياة األفراد بحيث يشغل جزءا ضخما من‬
‫تفكيرهم‪ ،‬فيحاول األفراد أن ينفثوا عن كبتهم الجنسي إما بالنكات المكشوفة وإما بترك‬
‫خيالهم ينسج من القصص ما يروى ظمأهم العاطفي ويفسر رغباتهم الدفينة‪ ،‬مثال ذلك‬
‫العانس التى تقدمت بها السن وفاتها قطار الزواج‪ ،‬ل تكاد تجلس إلى أحد حتى ترد‬
‫شائعات عن كل سيدة وفتاة تعرفها وتنسج من خيالها قصصا زائفة عن سوء أخالقهن‬

‫‪81‬‬
‫وارتمائهن فى أحضان الرذيلة‪ ،‬وهى فى ترديدها لمثل هذه الشائعات تكشف عما لم‬
‫تستطيع دفنه بل تحاول تغذيته إلشباع أحالم يقظتها‪.‬‬

‫‪-3‬التنفيس عن حالة القلق‪:‬‬


‫حالة القلق والخوف التى يعاني منها اإلنسان تعد دافعا لترويج الشائعات وهي تجعل‬
‫اإلنسان مستعدا لن يتوهم أمو ار كثيرة ليس لها أساس من الصـحة ويطلـق عليهـا شـائعات‬
‫الخوف أو الوهم‪ ،‬وتتسبب الشائعات التى تنسب إلى ذلك أضرار جسيمة ألنها تعمل على‬
‫نشــر الخــوف وإشــاعة الــذعر فــى النــاس وإذا اســتولى الخــوف والــذعر علــى النــاس ضـعفت‬
‫معنوياتهم وانهارت ثقتهم بأنفسهم‪.‬‬
‫ولع ــل حال ــة أنفل ــون از الطي ــور الت ــى أص ــابت المجتم ــع المص ــري خي ــر دلي ــل عل ــى دور‬
‫دوافع الخوف والقلق فى انتشار الشائعات‪ ،‬فقد وفر الخوف على الصحة وحالـة القلـق مـن‬
‫غموض موقـف الحكومـة قبـل اإلعـالن عـن هـذا المـرض ‪ ،‬ثـم أزمـة الثقـة ومـا عكسـته مـن‬
‫قلق من اإلعالن عنه تفسير هذا السيل من الشائعات الذى عم المجتمع المصـري وسـاعد‬
‫على هذا النتشار بتدخل وسائل التصال الحديثة كالمحور واإلنترنت‪ ،‬والقنوات الفضائية‬
‫فضال عن تنـاول الصـحف المختلفـة وبخاصـة المسـتقلة والمعارضـة لمعالجـة هـذه المشـكلة‬
‫ولكــن بصــورة مبــالغ فيهــا‪ ،‬فضــال عــن قنـوات التصــال الشخصــي‪ ،‬ســاعدت جميعهــا علــى‬
‫ه ــذا النتش ــار‪ ،‬وق ــد رص ــدت م ارص ــد الش ــائعات الت ــى أنش ــأتها و ازرة اإلع ــالم وع ــددها ‪27‬‬
‫مرصدا للشائعات فى محافظات مصر رصدت ‪ 187‬شائعة فى اليوم األول لإلعالن عن‬

‫‪82‬‬
‫ظهــور أنفلــون از الطيــور وفــى اليــوم التــالي ‪ 103‬شــائعة‪ ،‬وكــان أخطرهــا شــائعة تلــوث ميــاه‬
‫النيل إلى أحدثت زع ار كبي ار بين المواطنين نتيجة حالة القلق والخوف على الصحة‪.‬‬

‫‪-4‬دوافع اإلسقاط‪:‬‬
‫نتحدث عن "اإلسقاط" عندما تنعكس الحالة النفعالية للشخص‪ ،‬دون وعى منه فى‬
‫تأويله للبيئة المحيطة به‪ ،‬مثل هذا الشخص يعجز‪ ،‬فى نظرته إلى الواقع المحيط به‪ ،‬عن‬
‫أن يقتصر على استخدام البيانات الموضوعية والخالية من التحيز‪ ،‬وفى األحالم يضطلع‬
‫كل واحد باإلسقاط‪ ،‬وإنما بعد اليقظة فحسب نستطيع أن نتبين أن رغباتنا الخاصة‪ ،‬أو‬
‫مخاوفنا أو نزعاتنا النتقامية هى المسئول عما حدث فى أحالمنا‪ .‬فالطفل النائم يحلم أنه‬
‫عثر على جبال من الحلوى‪ ،‬واألمر الخائفة القلقة تحلم بموت طفلها‪.‬‬

‫إن الشائعة‪ ،‬إذن أشبه ما تكون بحلم يقظة‪ .‬فإذا كانت األقصوصة التى نسمعها‬
‫تتيح لنا تأويال للواقع يتفق مع حياتنا الحميمة‪ ،‬فإننا نميل إلى تصديقها وإلى نقلها‪ ،‬ففي‬
‫إطار ذلك يقوم الفرد بنقل الشائعة‪ ،‬ألنه يشعر أنها تبعده عن المخاوف وتجعله يسيطر‬
‫عليها‪ ،‬والمثال التالي يجسد لنا اإلسقاط فى صورة األكثر تعقيدا‪ ،‬وهو شائعة من شائعات‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وتتلخص هذه الشائعة فى أن سيدة من ربات البيوت قالت من‬
‫فوق السور الخلفي لبيتها (وكثيرات فعلن ذلك بالفعل) "سمعت أنهم فى المعسكر المجاور‬
‫لديهم اللحوم بوفرة حتى أنهم يلقون شرائح برمتها من لحم األبقار الطازج فى صناديق‬
‫القمامة"‪ ،‬فماذا يمكن أن يكون الدافع عند هذه المرأة؟ أول‪ :‬كان نقص اللحوم بالنسبة إليها‬
‫وإلى أهل بيتها مسألة ذات "أهمية" والدليل على ذلك يتسم "بالغموض" فإنه لم يكن فى‬

‫‪83‬‬
‫وسع هذه المرأة أن تصل إلى الحقائق فى هذا األمر‪ .‬وأكثر من هذا‪ ،‬فإنها كانت تعانى‬
‫بمعنى الكلمة من نقص اللحوم‪ ،‬تعانى من اإلحباط "الحرمان النفسى" فى تنظيم وإعداد‬
‫الوجبات وهى عندما تشعر باإلحباط تعرف أن هناك دائما سببا لذلك‪ ،‬ومن هنا فإنها فى‬
‫"سعيها وراء معنى" تجاهد للكشف عن المتهم‪ ،‬فتلقى اللوم على الجيش وتلصق به تهمة‬
‫نقص اللحوم‪ ،‬وهكذا تفسر المسالة لنفسها‪ ،‬وتثبت اللوم ويطلق على هذه العملية اسم‬
‫"اإلسقاط المتمم" وليس معنى اإلسقاط المتمم أن يلصق الشخص مشاعره النفعالية‬
‫باآلخرين‪ ،‬وإنما باألحرى يتلمس الشخص فى المسالك التى يفترضها فى اآلخرين مادة‬
‫تفسير معقولة لمشاعره‪.‬‬

‫‪-4‬إدعاء المعرفة وحب الظهور‪:‬‬


‫يح ــدث ف ــى كثي ــر م ــن األحي ــان أن يك ــون ال ــدافع لنش ــر اإلش ــاعة ح ــب الف ــرد للظه ــور‬
‫والتظاهر بالعلم ببواطن األمـور متوهمـا أنهـم بـذلك يصـبحون مهمـين أمـام النـاس فيقومـون‬
‫بســرد أخبــار عــن موضــوعات ل يعرفهــا المســتمع كــأن يقــول أحــدهم‪ :‬ســمعت مــن مصــدر‬
‫مســئول أن الحكومــة قــررت كــذا وكــذا‪ ،‬أو قالــت شخصــية هامــة‪ ،‬أنــه صــدرت ق ـ اررات كــذا‬
‫وكــذا‪ ،‬وهنــاك فئــة مــن النــاس تتــابع وســائل التصــال الجماهيريــة‪ ،‬أو عبــر مواقــع اإلنترنــت‬
‫وتعمل علـى نقـل دعاياتهـا المسـممة إلـى أصـدقائهم لمجـرد الزهـو أمـامهم وأنهـم أكثـر علمـا‬
‫بما يجرى من أحداث‪.‬‬
‫إن معرفــة شــيء مــن األشــياء يرضــى فــى اإلنســان الرغبــة فــى أن يكــون مهمــا‪ ،‬لن‬
‫الشخص وهو يقص هذه القصة يكون فى أثناء ذلك مسيط ار على سـامعيه‪ ،‬وهـذا اإلشـباع‬

‫‪84‬‬
‫ل يستطيع أن يقاومه كل من كانت حياتهم باهتة خالية من األحـداث‪ ،‬أمـا المسـتمع الـذي‬
‫يقــوم بترديــد الشــائعة التــى ســمعها مــن مثــل أولئــك النــاس فغالبــا ل يكتــرث للشــائعة نفســها‬
‫بقدر ما يروجها لمجرد الثرثرة‪.‬‬
‫‪-5‬الميل إلى االستباق‪:‬‬
‫هـو حالــة مـن التوقــع الــديناميكي القـوى تــدفع اإلنسـان إلــى التســرع فـى نشــر شــائعات‬
‫عن أحداث مقبلة كإعالن الهدنة وقت الحـرب أو انتظـار أحـداث سياسـية أو اقتصـادية أو‬
‫اجتماعيـة لهــا تـأثير علــى حيــاتهم‪ ،‬كـاإلعالن عــن تغييـرات سياسـية متوقعــة أو إصــالحات‬
‫اقتصادية أو اجتماعية‪ ،‬إن حالة النتظار الطويلة تجعلنا على استعداد لتقلـي الخبـر وفـى‬
‫هــذه الحالــة نكــون فــى موقفنــا أشــبه بالحيوانــات التــى تجــرى ســاعية إلــى صــندوق طعامهــا‬
‫فهى تريد من سرعتها عند اقترابهـا النهايـة‪ ،‬ولن النهايـة المتوقعـة تكـون علـى جانـب كبيـر‬
‫من األهمية بالنسبة ألناس كثيرين‪ ،‬إننا عندما تكون فى انتظار خبر هـام نكـون فـى حالـة‬
‫ترقب‪ ،‬فإذا مـا دق جـرس البـاب أسـرعنا اعتقـادا بـان القـادم هـو الشـخص الـذى ننتظـره وإذا‬
‫ما وصل إلينا خطاب أسرعنا بفضه بأعصاب متوترة فى محاولـة لمعرفـة مـا فـى الخطـاب‬
‫فى أسرع وقت وهذه الحالة لدى اإلنسان حالة السـتباق للحـوادث تـوفر أساسـا قويـا ودافعـا‬
‫لنتشار الشائعات للقضاء على حالـة الغمـوض التـى تكتنـف هـذه األحـداث‪ ،‬وكمثـال علـى‬
‫أهمية الميل إلى الستباق أو التوقع كعامل لنتشار الشـائعات حالـة الهدنـة عـام ‪1928‬م‪،‬‬
‫وقــد ســبقها فــى الصــحف قبــل الهدنــة بأربعــة أيــام إعــالن غيــر صــحيح‪ ،‬وفــى عــام ‪1945‬م‬
‫تكرر نفس الشـيء قبيـل يـوم النصـر فـى أوروبـا‪ ،‬وفـى جميـع هـذه الحـالت تمخـض األمـر‬
‫عن احتفـالت سـابقة ألدائهـا‪ ،‬فباإلضـافة إلـى مـا يمكـن أن نفهمـه مـن رغبـات اإلعالميـين‬

‫‪85‬‬
‫فى أل يتهموا بالغفلـة وفـى رغبـتهم فـى تقـدير األنبـاء الطيبـة فـى أقـرب وقـت ممكـن فهنـاك‬
‫أســباب نفســية تكمــن وراء الميــل الشــائع عنــد الجميــع إلــى الســتباق وذلــك بقــدر مــا يتعلــق‬
‫األمر بأنباء هامة‪ ،‬ونفس الشيء يحـدث فـى مظهـر عنـد اإلعـالن عـن تغييـرات و ازريـة أو‬
‫ف ــى المح ــافظين أو ف ــى أمان ــات الح ــزب ال ــوطني‪ ،‬تكث ــر الش ــائعات والتوقع ــات ألنن ــا نواج ــه‬
‫بعامل نفسـى قـوى هـو التوقـع فـى الحيـاة العقليـة لألفـراد‪ ،‬فعنـدما يقـول النتظـار ويطـول ل‬
‫يبقــى ســوى عنصــر واحــد فحســب لينحــل اللغــز عنــدها يكــون كلنــا تحف ـ از لإلكمــال بواســطة‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫‪-6‬جذب االنتباه‪:‬‬
‫ويرتبط هذا الدافع لنشـر الشـائعات بـدافع حـب الظهـور وادعـاء المعرفـة والعلـم فجـذب‬
‫النتباه هنا يتحقق لمروج اإلشاعة ألنه يعرف معرفة‪ ،‬ويرفع من شعوره بأهمية ذاته‪.‬‬

‫‪-7‬تهدئة التوترات االنفعالية‪:‬‬


‫وتكــون هــذه التــوترات نتيجــة لــدوافع عديــدة‪ ،‬فالشــعور بالكراهيــة والــبغض‪ ،‬والشــائعات‬
‫الناتج ــة ع ــن ه ــذا ال ــدافع ه ــى ش ــائعة الكراهي ــة‪ ،‬أو الخ ــوف أو ال ــوهم‪ ،‬وتعم ــل عل ــى نش ــر‬
‫الخصــومة والبغضــاء بــين األف ـراد وفئــات الشــعب المختلفــة‪ ،‬وقــد يكــون الــدافع هــو الخــوف‬
‫الــذي يجعــل النــاس علــى اســتعداء لتــوهم أمــور كثي ـرة ل أســاس لهــا مــن الصــحة‪ ،‬ويطلــق‬
‫عليه ــا شـ ــائعات الخ ــوف أو الرغبـ ــة فـ ــى الش ــعور بالطمأنينـ ــة واألمـ ــن فتنتش ــر بـ ــين النـ ــاس‬
‫شائعات األمل التى تشعرهم بالرضا‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫ومــن أمثلــة هــذه الشــائعات التــى تهــدئ التــوترات النفعاليــة الناتجــة بإتاحتهــا الف ارغــات‬
‫لفظي ــا يحق ــق التفري ــغ الش ــائعة الت ــى انتش ــرت ف ــى أغس ــطس ‪1945‬م‪ ،‬ومؤداه ــا أن روس ــيا‬
‫أعلنــت الحــرب علــى اليابــان وذلــك مقابــل أنهــا حصــلت علــى أس ـرار القنبلــة الذريــة‪ ،‬وكــان‬
‫المصدقون والمروجون لهذه األقصوصة من األشخاص الـذين يمقتـون الـروس‪ .‬كـأن الحقـد‬
‫المر هو الدافع إلى الشـائعة‪ ،‬ولكـن ناشـر الشـائعة‪ ،‬بـدل مـن أن يقـول الصـراحة "إنـي أكـره‬
‫روسـ ــيا" فإنـ ــه تشـ ــبث بأقصوصـ ــة تخفـ ــف وتبـ ــرر وتفسـ ــر تـ ــوتره النفعـ ــالي الـ ــدفين‪ .‬وجـ ــدير‬
‫بالهتمــام هنــا أن نالحــظ الغمــوض المتعــدد الجنبــات الــذي تعمــل الشــائعات فــى خدمتــه‪،‬‬
‫فهى إذ تتيح للشخص أن يصـنع مـا يكرهـه فإنهـا تفـرج عـن "دافـع انفعـالي" أساسـي ولكنهـا‬
‫فى الوقت نفسه تردد ما يشعر به الشخص إزاء الموقف‪ ،‬وتفسر له أمام نفسه وأمام الغير‬
‫علة ما يدفعه إلى هذا الشعور‪.‬‬

‫‪-8‬تحقيق المصالح الشخصية‪:‬‬


‫المصـ ـ ـ الح المتحققـ ـ ــة مـ ـ ــن وراء نشـ ـ ــر الشـ ـ ــائعات عديـ ـ ــدة وتختلـ ـ ــف وفقـ ـ ــا للمصـ ـ ــدر‪،‬‬
‫فالحكومات تنشر الشائعات لكسب التأييد الشـعبي أو إللهـاء المـواطنين عـن قضـايا حقيقـة‬
‫أو إلض ــعاف الخص ــوم‪ ،‬وأحـ ـزاب المعارض ــة فع ــل الش ــيء نفس ــه لتحقي ــق ه ــذه األه ــداف‪،‬‬
‫والدول والجهات الخارجية لها مصالح أيضا من ترويج الشائعات كتدعيم صورتها الذهنية‬
‫كــدول كبــرى تقهــر انــو للتفرقــة ب ــين الشــعوب أو إلضــعاف الــروح المعنويــة وإش ــاعة روح‬
‫النهزاميــة‪ ،‬واألفـراد ينشــرون الشــائعات للتنفــيس عــن مشــاعر الكراهيــة‪ ،‬والكــب أو للعــدوان‬
‫على اآلخرين أو لالنتقـام والتشـهير كالشـائعات التـى تطلـق علـى الفـانين ورجـال األعمـال‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫أو لتحقيـ ــق منـ ــافع ومصـ ــالح ماديـ ــة كاألربـ ــاح التـ ــى جناهـ ــا أصـ ــحاب شـ ــركات المحمـ ــول‬
‫وشـركات الميـاه المعدنيـة فـى مصـر عقــب انتشـار شـائعة أنفلـون از الطيـور‪ ،‬وهنـاك شــائعات‬
‫تنشرها الصحف لزيادة المبيعات كأن تستغل شغف الناس بتتبع حياة الفنانين والمشـاهير‪،‬‬
‫والشائعات الدينية كالشائعات التى نشرتها صحيفة توينسب ومواقع اإلنترنـت العربيـة حـول‬
‫إســالم بيــل جيــتس مؤســس شــركة مايكروســوفت ألنظمــة الكمبيــوتر‪ ،‬وشــائعة إســالم مايكــل‬
‫جاكسون والتي نشرتها صحف خليجية‪ ،‬وشائعة ثالثة انتشرت منـذ سـنوات ونشـرتها العديـد‬
‫مـن الصـحف إللهـاب عواطـف الكثيـرين فـى العـالم اإلسـالمي لتضـمن اسـتمرار مسـيرة بيــع‬
‫وتوزيع الصحيفة إضافة إلى الرغبة فى استغالل الفراغ الفكري وإلهاء الناس عـن المشـاكل‬
‫الحقيقية مثل شائعة أرمسترونج رائد الفضاء األمريكي قالت الصحيفة اإلسالمية أنه سمع‬
‫اآلذان علــى ســطح القمــر‪ ،‬ولمــا زار مصــر ســمع اآلذان وتــذكر أنهــا نفــس الكلمــات الت ــى‬
‫ســمعها علــى ســطح القمــر وأشــهر إســالمه‪ ،‬وكــل هــذه الشــائعات ثبــت عــدم صــحتها ولكــن‬
‫صحف اإلثارة روجت لها لتحقيق مصالحها الخاصة فى الترويج زيادة المبيعات‪.‬‬
‫المهم أن وراء كل شائعة مستفيد له دوافعه الخاصة به لترويج الشائعة ولـه مصـالحة‬
‫المتعــددة والمتشــابكة وأنــه فهــم هــذه الــدوافع عنــد تحليــل الشــائعة ضــروري إلج ـراءات الحــد‬
‫منها وانتشارها‪.‬‬

‫‪-9‬التهرب من الشعور بالذنب‪:‬‬


‫توجــد بعــض األدلــة التجريبيــة تتعلــق بأهميــة اإلفــالت مــن مشــاعر اإلثــم فــى تصــديق‬
‫‪ Allport‬ع ــن وج ــود مي ــل عن ــد‬ ‫&‬ ‫الش ــائعات‪ ،‬فق ــد كش ــف الب ــورت ولبك ــين ‪Lepkin‬‬

‫‪88‬‬
‫األش ــخاص ال ــذين يص ــدقون ش ــائعة معين ــة تتص ــل بالتب ــذير والمتي ــازات الخاص ــة ل ــبعض‬
‫المسئولين إلى أن يكونوا أناسا ممن يستبيحون الغش فى حياتهم وممن ينكرون فى الوقت‬
‫نفســه أي شــعور اإلثــم أو العــار نتيجــة لــذلك‪ .‬وفــى مقابــل ذلــك تبــين أن األشــخاص الــذين‬
‫يس ــلمون ب ــالغش ويعترف ــون ب ــأنهم "يستش ــعرون الخ ــزي" أق ــل تص ــديقا للش ــائعات المتص ــلة‬
‫بأخطاء اآلخرين‪.‬‬
‫وباختصـار‪ ،‬فإننـا حــين نصـدق أسـوأ األمــور بالنسـبة ليخـرين‪ ،‬فإننــا نتحايـل لإلفــالت‬
‫من إثم ل شعوري عندنا‪ ،‬أما حين تتجه بـاللوم إلـى أنفسـنا فإننـا تكـون أقـل اسـتعدادا لتقبـل‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫‪-10‬الميل للعدوان‪:‬‬
‫ويعــد مــن الــدوافع المهمــة لنتشــار الشــائعات وخاصــة بالنســبة لألشــخاص العــدوانيين‬
‫بالطبع أو الذين تكون بيـنهم وبـين اآلخـرين عالقـات سـيئة‪ ،‬فيقـوم بنشـر الشـائعات ضـدهم‬
‫وتحمل هذه الشائعات فى طياتها إيقـاع األذى والتشـهير بسـمعة ومكانـة الشـخص وزعزعـة‬
‫ثقة الناس به إشباعا للنفسية المريضة‪.‬‬
‫بل إن انتشار الشائعات وفقا لهـذا الـدافع أدى إلـى رواج الشـائعات‪ ،‬فالمشـاكل الكثيـرة‬
‫بين العائالت والجماعات والهيئات والدول أدى إلى تقوية شوكة هذه الشائعات الرامية إلى‬
‫العـدوان والتـدمير‪ ،‬وبخاصـة عنـدا تغلـف هــذه الـدوافع بنزعـة عنصـرية أو دينيـة كالشــائعات‬
‫العدوانيــة التــى يطلقهــا اليهــود ضــد العــرب والمســلمين والشــائعات التــى تطلقهــا الجماعــات‬

‫‪89‬‬
‫التبشــيرية ضــد المســلمين‪ ،‬وغيرهــا مــن الشــائعات التــى تحمــل طــابع إيقــاع الذى والتشــهير‬
‫والتدمير‪.‬‬

‫‪-11‬الفراغ‪:‬‬
‫الذى يعيشـه الـبعض سـواء مـن الرجـال أو النسـاء لـه تـأثير قـوى علـى بـث اإلشـاعات‬
‫وسـ ـريانها ب ــين الن ــاس وه ــذا م ــا نلمس ــه بص ــورة واض ــحة ف ــى المج ــالس النس ــائية ودواوي ــن‬
‫الصــباح التــى تحــرص عليهــا بعــض النســاء حيــث يجــتمعن صــبيحة كــل يــوم عنــد إحــدى‬
‫الجـ ــارات يقضـ ــين أوقـ ــات ف ـ ـراغهن ويرتشـ ــفن القـ ــوة التـ ــى ت ارفـ ــق أطبـ ــاق المغيبـ ــة والنميمـ ــة‬
‫والخوض فى أعراض الناس‪ ،‬وكل واحدة تعرض بضاعتها الكالمية التى جمعتهـا مـن هنـا‬
‫أو هناك لتجتمع فى تلك الجلسات حصيلة بضائع فاسدة ل تغنى ول تسمن مـن جـوع فـال‬
‫يك ــاد أح ــد يس ــلم م ــن ض ــرب ح ــديثهن سـ ـواء ب ــالهمز أو اللم ــز أو الس ــخرية أو ع ــن طري ــق‬
‫يقولــون كــذا‪ ،‬ســمعت كــذا‪ ،‬هــل عرفــت أن ‪ ..‬هــل ســمعت‪ ..‬وغيرهــا مــن لغــو الكــالم واللفــظ‬
‫الذي ل يمكن أن تخطئها مدفعية الشائعات‪.‬‬
‫هذه الحالة بالنسبة للشباب العاطل عن العمـل‪ ،‬فالبطالـة والرتابـة والفـراغ تسـاعد علـى‬
‫تكوين الشائعات ونقلها ولهـذا فـإن تـوفير فـرص عمـل للشـباب وتـأمين وسـائل شـغل أوقـات‬
‫الفراغ للمواطنين فى أعمال اجتماعية مجدية تساعد على القضاء على الشائعات‪.‬‬
‫ويمكـن القــول بـأن الــدوافع الشخصـية هــى العامـل الحاســم فـى تــداول الشـائعات فبــرغم‬
‫أن ناقل اإلشاعة يعلم عدم مصداقيتها أو على األقل يكـون واثقـا مـن أنهـا مبـالغ فيهـا إلـى‬
‫حد كبير لكنه برغم ذلك يرددها بين الناس بدافع نفس محصن‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ويالحــظ أن تحديــد الــدوافع األساســية للشــائعات وقــت الحــروب أيســر منــه بكثيــر وقــت‬
‫السلم لتعدد الدوافع وتداخلها إذ أن أغلبها وقت الحروب تعبر تقريبـا عـن العدائيـة والخـوف‬
‫والرغب ــة بخ ــالف وق ــت الس ــلم ال ــذي تتع ــدد في ــه وتكث ــر ال ــدوافع الت ــى تس ــاعد عل ــى انتش ــار‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫‪-12‬الترهيب والتخويف‪:‬‬
‫أحد الـدوافع األساسـية للشـائعات وبخاصـة أوقـات الحـروب‪ ،‬وجـد عـالم الـنفس الكنـدي‬
‫أرفـنج عـام ‪ 1943‬أن إشــاعات وقـت الحــرب فـى كنـدا كانــت تـدور حــول سـتة موضــوعات‬
‫رئيس ــية ي ــأتي الرع ــب ف ــى مق ــدمتها‪ ،‬وف ــى د ارس ــة أخ ــرى أجري ــت لتحلي ــل أل ــف ش ــائعة ع ــن‬
‫الشائعات المنتشرة عام ‪1942‬م‪ ،‬وجد أنها تعبر تقريبا عن العدائية أو عن الخوف وتأخـذ‬
‫الش ــائعات ع ــن فداح ــة الخس ــائر ف ــى األرواح‪ ،‬والمع ــدات ج ــزءا كبي ـ ار م ــن ش ــائعات الح ــرب‬
‫وكذلك شائعات األزمات والكوارث‪ ،‬ويرجع ذلك إلى التوتر العاطفي للشعب نتيجة الخـوف‬
‫والقلق النفسى الناجم عن الحرب أو الكارثة‪ ،‬وهنا يبذل مروجو هذه الشـائعات جهـدا كبيـر‬
‫لبــث هــذه النوعيــة مــن الشــائعات لتعــويض الــروح المعنويــة وإحــداث حالــة البلبلــة‪ ،‬والعجــز‬
‫عن التفكير فى المواجهة أو التصـرف‪ ،‬وهنـا يكـون للعمـالء والخونـة دور كبيـر فـى تـرويج‬
‫ودفع رياح الشائعات العدوانية إلى كل اتجاه للتأثير واإلضرار‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪-13‬ضعف الدافع الديني وغياب رقابة هللا‪:‬‬
‫مما يجعل المتحدث باإلشاعة (يشرق ويغرب) بإشاعته يضيف عليها وينقص حسب‬
‫أهوائه‪ ،‬يخلط األمور ببضـعها‪ ،‬الحـق بالباطـل والصـدق بالكـذب وأحيانـا يتفـنن ببـث حديثـه‬
‫ومعســول كالمــه ليــوحي للســامعين بأنــه صــاحب الســبق فــى معرفــة القصــة التــى يرويهــا أو‬
‫اإلشاعة التى يبثها ليخرين‪.‬‬

‫‪-14‬جهل أو تجاهل العواقب الوخيمة التى قد تتأتى نتيجة إطالق سهام الشائعات‪:‬‬
‫فعــدم إدراك عواق ــب األمــور وع ــدم التكفي ــر باألض ـرار الس ــيئة التــى تح ــدثها الش ــائعات‬
‫والقيــل والقــال بــال بينــه أو برهــان تجعــل مــن صــاحب اإلشــاعة يسترســل فــى كالمــه فيقــذف‬
‫بهــذا ويقــدح بــذاك ويصــول ويجــول فــى حديثــه وكأنــه طاحونــة تجــرش أي حــب يلقــى إليهــا‬
‫دون أن تحقق من نوع الحب الذي تطحنه‪.‬‬

‫‪-15‬من الدوافع القوية المؤدية لنتشار اإلشاعة فى مجتمعاتنا بصورة كبيرة أن الناس‬
‫غالبا يميلون إلى تصديق كل ما يقال وعدم التثبت والتأكد من صحته بل فى كثير من‬
‫األحيان وعندما تثور موجة إشاعة ما فالعبارة التى يرددونها فى الحال أنه ل دخان بال‬
‫نار‪.‬‬

‫‪-16‬دوافع الفضول وحب الحديث والتدخل فى شؤون اآلخرين وذه ميزة ولألسف الشديد‬
‫لها جذورها فى مجتمعاتنا حيث نجد الكثير من أفراد المجتمع يمنحون أنفسهم الحق فى‬
‫التدخل بشؤون الغير بما يعنيهم وما ل يعنيهم ول شك أن التوسع فى الحديث بال حاجة‬

‫‪92‬‬
‫ونقل الكالم من فرد إلى آخر ومن مجلس إلى مجلس يولد الخطأ ويولد الزلل‪ ،‬والكالم‬
‫الذي يسير من فرد آلخر ويتناقله الناس لبد له من إضافة وزيادة كما ذكرنا حتى يغدو‬
‫حديثا مثي ار مشوقا فال يكاد يمشى خطوات معدودة حتى يصبح ككرة الثلج التى ل تزال‬
‫تتزايد كلما دحرجتها‪( .‬كما جاء فى وصف اإلشاعة للدكتور احمد نوفل فى دراسته حول‬
‫اإلشاعة)‪.‬‬

‫عوامل انتشار الشائعة‪:‬‬


‫يتوقف سرعة انتشار الشائعة وتريها على توافر عوامل عديدة‪ ،‬وعلى ضوء الدارسات‬
‫والبحـوث التـى تناولـت عوامـل النتشـار للشـائعة يمكننـا أن نحـدد هـذه العوامـل علـى النحــو‬
‫التالي‪:‬‬
‫األهمية‪.‬‬
‫الغموض‬
‫التوترات النفعالية‪.‬‬
‫الضغوط النفسية والمشكالت‪.‬‬
‫القلق الشخصي‪.‬‬
‫حب الفضول‬
‫درجة الوعي‪.‬‬
‫المضمون‪.‬‬
‫القابلية للتصديق‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الخصائص الشخصية لناقل الشائعة والجمهور‪.‬‬
‫التفاعل الجتماعي‪.‬‬
‫وه ــذه العوام ــل ف ــى مجموعه ــا تمث ــل مح ــددات لق ــوة انتش ــار الش ــائعة بحي ــث ل يمك ــن‬
‫الســتغناء عــن واحــد منهــا وفــى الوقــت نفســه فــإن كــل عامــل منهــا ل يعتبــر بمفــرده عــامال‬
‫لنتش ــار الش ــائعة بمع ــزل ع ــن العوام ــل األخ ــرى كم ــا أن التفاع ــل ب ــين ك ــل منه ــا والعوام ــل‬
‫األخرى يمثل قوة دفع إضافية لنتشارها‪.‬‬

‫األهمية‪:‬‬
‫من العوامل التى أكدت على قيمة كثير من الدراسات فالشائعات تبرز لكي تفسر لنـا‬
‫بعض المواقف الغامضة ذات األهمية لنا‪.‬‬
‫وقد نظر البورت وبوستمان لألهمية على أنها توليفة أو تركيبة من الرتباط بالموقف‬
‫سواء أثارت الهتمام أو الحـرص‪ ،‬ويـرى رونـاو أن الهتمـام بالنتـائج هـو المفهـوم األفضـل‬
‫مـن األهميــة وذلــك علــى أســاس النظــر إليــه لــيس باعتبــاره طرفــا ضــروريا محــددا للشــائعات‬
‫كما صاغه البورت وبوستمان ولكن باعتباره متغي ار وسبقا‪.‬‬
‫وعلى هذا يمكن القول بأن‪:‬‬
‫األهميــة بمــدى تق ــدير الفــرد للنت ــائج المترتبــة عل ــى موضــوع الش ــائعة‪ ،‬ومــدى اتص ــاله‬
‫بحاجاته ورغباته وطموحاته‪ ،‬ومـدى تـأثيره علـى اآلخـرين المهمـين بالنسـبة للفـرد‪ ،‬وبـالنظر‬
‫إلى طبيعة األفراد والمجتمعات ومبدأ الفـروق فإنـه يمكـن القـول أن أي موضـوع سـيجد مـن‬
‫يهـتم بــه ويشــعر بــأثره عليـه‪ ،‬ومــن ثــم فــإن األهميــة ل يمكـن أن تصــل إلــى الصــفر خاصــة‬

‫‪94‬‬
‫فى عصر المعلوماتية حيث إنه يمكن معالجة المعلومات بطريقة توحى بأهميتها للمجتمع‬
‫المستهدف كما يمكن تزويد الشائعة ببعض المعلومات المتـوافرة والمتراكمـة إلـى تـدعم هـذه‬
‫الفك ـرة‪ ،‬فلــن يعجــز مــروج الشــائعة عــن اإليحــاء بأهميــة المعلومــات أو صــناعة معلوم ــات‬
‫وأخبــار مهمــة باســتخدام الوســائل التكنولوجيــة الحديثــة والمتطــورة‪ ،‬وأبســط مثــال اإلعالنــات‬
‫التى تخلق اهتمامات وحاجات جديدة لدى األفراد موضوع اإلعالن‪.‬‬

‫الغموض‪:‬‬
‫الموقــف الغــامض الــذي تنتشــر فيــه الشــائعات بمعنــى نقصــان المعلومــات الرســمية أو‬
‫عدم توافرها أساسا أو أنه المعلومات المتوافرة غير صادقة وغير رسمية وأن هناك شـكوكا‬
‫نابعة من وضع هذه المعلومات الخاطئة مع وجود جو يحـتم عليـه القلـق والخـوف والرعـب‬
‫وعجز لدى‪ :‬المسئولين عن تلبية احتياجـات الجمهـور بالمعلومـات فـى حينهـا والعجـز عـن‬
‫اتخاذ القرار السريع حول القضايا الملحة والمستعجلة‪.‬‬
‫كما يرتبط الغمـوض بوجـود مشـكالت خطيـرة تـؤرق المجتمـع وحركـات داخليـة خطيـرة‬
‫ووجود أزمات خانقة يصعب السيطرة عليها والعجـز مـن قبـل الجمهـور عـن فهـم مـا يجـرى‬
‫مع تضارب األنباء حول عصر األشخاص واألشياء‪.‬‬
‫وخير مثال على ذلك حالة الغموض الذي تعيشه أفغانستان والعراق وفلسطين ولـذلك‬
‫فإنها أكثر من غيرها فى معاناة من انتشار الشائعات‪.‬‬
‫والشــائعات تنتشــر بنســبة انخفــاض األخبــار الرســمية الموضــوعية عــن الوضــع القــائم‬
‫وبالتالي إذا غاب اإلعالم كليا أثر حدث مثير مفاجئ تنتشر الشائعات وتتكاثر‪ ،‬وبخاصة‬

‫‪95‬‬
‫عند انعدام الثقة بين المواطن والحكومة مع غيبة األخبار الصحيحة يصبح المواطن أكثر‬
‫عرضة للشائعات‪.‬‬
‫وفى العامـة تت ارجـع الشـائعة عنـدما يصـبح المجهـول معلومـا وتـزول أسـباب الغمـوض‬
‫ولكن المواضع واألفكار العميقـة المتضـمنة فـى بعـض الشـائعات تبـدو وكأنهـا ل تمـوت إذ‬
‫تصبح جزءا من البنية العتقادية للمجتمع وانعكاسا لما يشغل بال الناس ولما يحلمون بـه‬
‫مثــل الشــائعات العرقيــة والدينيــة‪ ،‬فــى تت ـوارى ولكنهــا تعــاود فــى الظهــور م ـرة اخــرى‪ ،‬عنــد‬
‫أحداث جديدة لن حالة القلق والوهم ل تزال كما هى‪.‬‬

‫توترات انفعالية‪:‬‬
‫القلــق والخــوف وحــب الظه ــور والمــرض النفســى والكراهي ــة والعدوانيــة‪ ،‬عوامــل نفس ــية‬
‫تسبب توترات انفعالية وضغوط نفسية تؤثر على التـوازن النفسـى للفـرد والجماعـة وتجعلهـا‬
‫بنيــة صــالحة لنتشــار الشــائعات والــى تــأتى فــى هــذه الحالــة للتنفــيس عــن هــذه المشــاعر‬
‫إلع ـ ــادة التـ ـ ـوازن النفس ـ ــى م ـ ــن خ ـ ــالل عملي ـ ــات التبري ـ ــر والتفس ـ ــير واإلس ـ ــقاط ف ـ ــاألفراد أو‬
‫المجموعــات تلجــأ إلــى الشــائعات لتقريــر عمــل مــا ل ترتــاح لــه ممــثال فــى حـوادث نيويــورك‬
‫األخيرة ظهرت الشـائعة أن آلف اليهـود لـم يـذهبوا لعملهـم فـى مركـز التجـارة العـالمي ذلـك‬
‫اليوم‪ ،‬وهذه شائعة فيها نوع من اإلسقاط‪.‬‬
‫وفى دراسة لـ ودكر دبالن ‪1991‬م‪ ،‬اتضح أن شائعات الخوف والفزع تنتشـر بسـرعة‬
‫أكثــر م ــن ش ــائعات األمــاني واألح ــالم وذل ــك لن شــائعات الف ــزع ترف ــع مســتوى القل ــق ل ــدى‬

‫‪96‬‬
‫األفـراد ألنهــا تــذيع معلومــات عــن نتــائج غيــر ســارة لألشــخاص محــدودي القــدرات الــذين ل‬
‫يمتلكون القدرة على التحكم فى األحداث والسيطرة عليها‪.‬‬

‫ضغوط نفسية ومشكالت‪:‬‬


‫تنتشر الشائعات عندما يخيم على المجتمع حالت قلق عامة مرضـية يسـبب أخطـار‬
‫حقيقية أو وهمية تهدد جماعة بعينها فى مصيرها‪.‬‬
‫عنـدما يسـود الفـراغ فئـات مـن المجتمـع بسـبب البطالـة أو البطالـة المقنعـة باعتبــار أن‬
‫الفـ ـراغ يعـ ــد أح ــد العقـ ــد النفسـ ــية‪ ،‬إن أغل ــب الشـ ــائعات إل ــى تطلـ ــق أيـ ــام الس ــلم يسـ ــهم فهيـ ــا‬
‫الع ــاطلون ع ــن العم ــل وتظه ــر أهمي ــة ه ــذا العام ــل ف ــى ال ــدول التابع ــة حي ــث تنع ــدم ام ــاكن‬
‫التسلية والنوادي الرياضية والثقافية‪.‬‬
‫عندما يعاني المجتمع مـن مشـكالت سياسـية اقتصـادية واجتماعيـة ويصـل إلـى درجـة‬
‫اإلخف ــاق يس ــتطيع مروج ــو الش ــائعات اس ــتغالل ه ــذه الظ ــروف للتنب ــؤ المس ــبق ب ــرد الفع ــل‬
‫تجاهها فى المجتمعات المستهدفة‪.‬‬
‫ولتحقيـ ــق ذلـ ــك‪ ،‬يعمـ ــدون إلـ ــى جمـ ــع معلومـ ــات دقيقـ ــة عـ ــن التوجهـ ــات الجتماعيـ ــة‬
‫والسياســية العامــة‪ ،‬إضــافة إلــى الميــول الفرديــة الطاغيــة فــى المجتمعــات الصــغيرة‪ ،‬وذلــك‬
‫بهدف إطالق شائعة مناسبة لتحقيق الوقع المطلوب‪ .‬وتجدر اإلشارة إلـى المعنيـين عمومـا‬
‫مــا يتعمــدون نشــر القلــق والخــوف فــى المجتمعــات المتعــددة النتمــاءات إلثــارة الص ـراعات‬
‫العرقي ــة والطائفي ــة‪ ،‬والالف ــت أن المس ــتمع إل ــى ش ــائعات م ــن ه ــذا الن ــوع ل يطل ــب دلئ ــل‬
‫ملموس ــة‪ ،‬ب ــل يس ــتمع وينق ــل م ــا س ــمعه مباش ـرة وف ــق آلي ــة طبيعي ــة تح ــدث الوق ــع المطل ــوب‬

‫‪97‬‬
‫لنشــرها‪ .‬وفــى هــذا المجــال يؤكــد الختصاصــيون النفســيون أن تصــديق الشــائعة هــو أســهل‬
‫م ــن تكوينه ــا بس ــبب طغي ــان حال ــة جماعي ــة طبيعي ــة تس ــيطر عل ــى ال ــوعي واإلدراك الع ــام‬
‫وتســيرهما وفــق ب ـرامج محــددة قــد يس ـربون أخبــا ار تــوحى بالتفــاؤل واألمــل ألحــداث صــمود‬
‫مؤقت يساعد على المضي بالمخططات التدميرية‪.‬‬

‫القلق الشخصي‪:‬‬
‫أحـد العوامــل األساســية لنتشــار الشـائعة لــدى روتــاو‪ ،‬أمــا البـورت وبســتمان فقــد اشــا ار‬
‫إلي ــه بص ــورة غي ــر مباشـ ـرة فق ــد أش ــار أن الغم ــوض ربم ــا يح ــدث بس ــبب بع ــض الت ــوترات‬
‫النفعاليــة التــى تجعــل الفــرد غيــر قــادر أو غيــر ارغــب فــى تقبــل الحقــائق التــى تعلــن فــى‬
‫األخبــار‪ .‬ويقصــد الباحــث هنــا بمفهــوم القلــق الشخصــي‪ :‬حالــة وجدانيــة‪ ،‬حــادة أو مزمنــة‪،‬‬
‫يصــحبها أو يقتــرن بهــا التهيــب أو الخــوف مــن نتــائج ســيئة وشــيكة الوقــوع (‪ .)129‬وهنــا‬
‫يكــون الفت ـراض مــؤداه أن الشــائعات تســتمر لــيس فقــط ألنهــا تســتغل قصــة عــدم الوضــوح‬
‫المعرفي التى تكون سائدة لدى األفراد فى وقـت معـين‪ ،‬ولكـن ألنهـا تتـيح الفرصـة للتنفـيس‬
‫أو التعبي ــر ع ــن الت ــوترات النفعالي ــة إل ــى يمك ــن أن تنس ــب إل ــى طبيع ــة النت ــائج المتوقع ــة‪.‬‬
‫ومثال ذلك أنه بعد الحادث النووي الذي وقع بالقرب من هارزبرج فى بنسـلفانيا فـى مـارس‬
‫‪1979‬م‪ ،‬انتش ــرت ش ــائعات ف ــى الم ــدن المحيط ــة مؤداه ــا أن النفج ــار س ــوف ي ــؤدى إل ــى‬
‫تــدمير كــل شــيء لمســافة عــدة أميــال حــول مكــان الحــادث‪ ،‬وأن النشــاط اإلشــعاعي ســوف‬
‫يشمل مساحة كبيرة بمقياس قنبلة هيروشيما فى الحرب العالمة الثانية‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫وتفسير ذلك أن قصة النفجار وعشرات الشائعات التى انتشرت فى هارزبرج وحولها‬
‫ف ــى األي ــام الت ــى تبع ــت الح ــادث كان ــت مفعم ــة بقل ــق حقيق ــي وغم ــوض وش ــك‪ .‬ف ــأول كان ــت‬
‫النتـ ــائج الفعليـ ــة للحـ ــادث شـ ــديدة‪ ،‬وتهـ ــدد الحاجـ ــة نفسـ ــها‪ ،‬وثانيـ ــا‪ ،‬كـ ــان هنـ ــاك قلـ ــق كبيـ ــر‬
‫وغموض بين السكان الذين يحاولون أن يعرفوا مـا إذا كـانوا سـيهرون منـازلهم أم ل؟ وأحـد‬
‫مظاهر التهديد والخوف كان الطبيعة اآلثمة لهذا العـدو والـذي ل يـرى ول يمكـن التنبـؤ بـه‬
‫وهو اإلشعاع الذرى القاتل‪.‬‬

‫حب الفضول‪:‬‬
‫دوافــع فطــري لــدى اإلنســان يدفعــه للحصــول علــى المعلومــات مــن البيئــة المحيطــة بــه‬
‫حـ ــول الجوانـ ــب الجتماعيـ ــة والقتصـ ــادية والسياسـ ــية وبخاصـ ــة المتعلقـ ــة بمصـ ــيره وأمن ـ ـه‬
‫ووضعه الجتماعي‪ ،‬وفى إطار ذلـك ينقـل األخبـار ليخـرين بـدافع الشـعور بأهميـة معرفـة‬
‫أشــياء يجهلهــا اآلخــرون أو بــدافع إرضــاء الميــل الفطــري لتبــادل الهمســات والتســليم وتفخــيم‬
‫األكاذيب التى تحدث بلبلة وتوت ار‪.‬‬
‫ويشير الباحثون إلى أهمية دور الشائعة فى دمج مجموعات بشـرية يجمـع بينهـا حـب‬
‫الثرثــرة والفضــول واهتمامــات مشــتركة أخــرى إضــافة إلــى دورهــا الالفــت علــى صــعيد خلــق‬
‫أجواء لتبادل األفكار وجهات النكر بين المجموعات البشرية المختلفة‪.‬‬
‫م ــن ه ــذا المنطل ــق واس ــتثناء إل ــى الس ــتعداد البش ــرى الفط ــري لتقب ــل الش ــائعة وت ــداولها‬
‫استغلت جهات متخصصة هذه الناحية النفسية لنشـر شـائعات متعـددة األهـداف واألشـكال‬
‫فى الظروف المناسبة لتقبلها والتفاعل معها‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫درجة الوعي‪:‬‬
‫تــؤثر درجــة الــوعي لــدى األفـراد والجماعــات بمخــاطر الشــائعات بصــورة عامــة أو بمــا‬
‫يســتهدفه مروجــو شــائعة معينــة مــن أض ـرار تصــيب المجتمــع أو فئــة مــن فئاتــه أو فــرد مــا‬
‫يجعله يمتنع من تزويدها‪.‬‬
‫ومن هذه النقطة يمكن أن تبدأ عملية مقاومة الشائعة‪ ،‬فبالوعى لفكر اآلخـر يسـتطيع‬
‫المرء معرفة مالمح تشويش الشائعة المعينة‪ ،‬وبالتالي سيساهم فى إلغاء فعلهـا عـن طريـق‬
‫تجاهلها‪.‬‬
‫ـر مـن الشـائعات العربيـة حـول خيانـة الثـوار واألحـرار‬
‫وفى هذا المجال يالحـظ أن كثي ا‬
‫لـبالدهم‪ ،‬والشــائعات واألخبــار التــى تدســها الحكومــات الديكتاتوريـة هــو فــى عدالــة أنظمتهــا‬
‫والتزامه ــا ال ــنهج ال ــديمقراطي ل تلق ــى بس ــبب س ــالح ال ــوعي والتواع ــد ب ــين الن ــاس‪ ،‬كم ــا أن‬
‫اإلعالم يسيس لصالح السلطات غيـر الشـرعية فـى بعـض الـدول ل يحقـق الهـدف المرجـو‬
‫مننه‪ ،‬بل يدعم من ناحية أخرى أزمة الثقة بين هذه السلطات ومواطنيها‪.‬‬

‫المضمون‪:‬‬
‫يـ ــؤثر محتـ ــوى الشـ ــائعة علـ ــى درجـ ــة انتشـ ــارها فالشـ ــائعات الجتماعيـ ــة التـ ــى تتنـ ــاول‬
‫األشـ ــخاص والجماعـ ــة مـ ــن أكثـ ــر الشـ ــائعات انتشـ ــار ول يكـ ــاد يخلـ ــو منهـ ــا مجتمـ ــع‪ ،‬وهـ ــي‬
‫شــائعات تلقائيــة تنتشــر بــالطريق الشــفهي مــن خــالل الدردشــة كمــا تســتخدم وســائل أخــرى‬
‫متطورة كالشات والمحمول لتوسيع دائرة انتشارها‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫وتش ــير نت ــائج البح ــوث إل ــى أهمي ــة مض ــمون الش ــائعة عن ــدما يتعل ــق األم ــر بالسياس ــة‬
‫الداخلي ـ ـ ــة فالش ـ ـ ــائعات تنتش ـ ـ ــر ح ـ ـ ــول تغيي ـ ـ ــر ال ـ ـ ــو ازرة والقي ـ ـ ــادات والمحاكم ـ ـ ــات الخاص ـ ـ ــة‬
‫بالختالس ـ ــات والرش ـ ــوة والعم ـ ــولت الت ـ ــى يتقاض ـ ــاها كب ـ ــار المس ـ ــئولين وح ـ ــول المش ـ ــكالت‬
‫التموينيــة وغــالء المعيشــة واإلصــالح التمــويني‪ ،‬كمــا تكثــر الشــائعات الحربيــة فــى أوقــات‬
‫الحروب والصراعات كما تنتشر حول النجوم والمشاهير والبارزين من أفراد المجتمع‪.‬‬
‫وترتبط كل هذه الشائعات باألمور الراهنة فهى عندما تـرتبط بالمسـتقبليات حيـث يزيـد‬
‫الخوف على المستقبل من فرصة انتشار الشائعة ورواجها‪.‬‬

‫القابلية للتصديق‪:‬‬
‫الشائعات األكثر قابلية للتصديق هى الشائعات التى تتوافر لها المقومات اآلتية‪:‬‬
‫عندما تتفق مع معلومات الجمهور المستقبل لها وقيمة ومعتقداته‪.‬‬
‫عندما تؤسس على جزء من الصدق والحقيقة‪ ،‬وكان البورت وبوسـتمان قـد أشـا ار إلـى‬
‫أنــه يوجــد غالبــا بعــض الصــحة فــى األخبــار التــى تتناقلهــا الشــائعات فعلــى الــرغم مــن أن‬
‫الشائعة تنطوي على بعض الوهم أو الخيال فإنها تشتمل على الرغم من ذلك على نواة أو‬
‫بذرة للحقيقة فانتشار الشـائعة يعتمـد غالبـا علـى مـا إذا كـان ناشـرها يجـد أنهـا جـديرة بالثقـة‬
‫أو ممكــن تصــديقها عنــدما تنتشــر الحصــول عليهــا مــن مصــادر إعالميــة مختلفـة‪ ،‬إذا كــان‬
‫مس ــتقبلها م ــن نوعي ــة األف ـراد الق ــابلين لإليح ــاء فيس ــهل الت ــأثير عل ــيهم‪ ،‬درج ــة ثقاف ــة ووع ــى‬
‫األف ـراد فــاألمي أكث ـر قابليــة لتصــديق الشــائعة عــن المــتعلم والم ـرأة أكثــر قابليــة للتصــديق‪،‬‬

‫‪101‬‬
‫عندما يكون المصدر محل ثقة ومصداقية الجمهور‪ ،‬كم المعلومات المتوافر‪ ،‬فقد توصلت‬
‫دراسة أنتوني وجنبنر ‪1995‬م‪ ،‬إلى أهمية المعلومات للشائعة‪.‬‬
‫حيــث أشــارت النتــائج إلــى أن كــم المعلومــات التــى يحصــل عليهــا الفــرد عــن موضــوع‬
‫الشــائعة تــؤثر علــى تكـرار ترديــد الشــائعة ونقلهــا ليخـرين‪ ،‬حيــث أن هــذه المعلومــات تــؤثر‬
‫فـ ــى مسـ ــتوى القلـ ــق الشخصـ ــي ومعـ ــدلت القابليـ ــة للتصـ ــديق وأهميـ ــة الشـ ــائعة وتوجهـ ــات‬
‫واهتمامات األفراد‪.‬‬
‫ونظ ار لتوافر كم هائل من المعلومات‪ ،‬فإنه يصعب على اإلنسان فى العصر الحـالي‬
‫اإللمــام بكــل المعلومــات‪ ،‬ففــي هــذا العصــر وأمــام هــذا التطــور الهائــل والتحــديث والتطــوير‬
‫المســتمر يمكــن أن يوصــف اإلنســان إلــى حــد مــا بالجهــل مقارنــة بــين كــم المعرفــة المتــاح‬
‫والمعرفــة التــى لديــه ومــن ثــم فــإن اإلنســان أمــام إحساســه ومعرفتــه لهــذا العجــز يميــل إلــى‬
‫تص ــديق ك ــل ش ــيء في ــه ج ــزء م ــن الص ــدق أو المنط ــق أو العقالني ــة‪ ،‬يس ــاعد ذل ــك الحري ــة‬
‫الفكرية وتقدم وسائل التصالت‪ ،‬واتساع القدرة على التخيل والتصور والخبرات السابقة‪.‬‬

‫خصائص شخصية لناقل الشائعة والجمهور‪:‬‬


‫يتوقف انتشار الشائعة على الخصائص الشخصية وكل من مروج الشائعة والجمهور‬
‫فمـ ــثال يالحـ ــظ أن العمـ ــر والجـ ــنس مـ ــن العوامـ ــل التـ ــى تقـ ــف وراء ترديـ ــد الشـ ــائعة بالنسـ ــبة‬
‫للجمهور‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫ترديد الشائعات‪:‬‬
‫ففــى د ارســة قــام بهــا معهــد جــالوب األميركــي أثنــاء الحــرب العالميــة الثانيــة علــى عينــة‬
‫طبقية من ألفى فرد اختيرت من عدة مدن أمريكية لمعرفة مدى تقبل هؤلء األفراد إلحدى‬
‫الشــائعات المعاديــة ونشــرها فوزعــت البيانــات علــى األفـراد ومنهــا الشــائعة التــى تقــول‪( :‬فــر‬
‫أخيـ ار أكثــر مــن ‪ 300‬مجنــد أمريكــي مــن قاعــدتهم فــى "فــورت ويكــس" بنيوجرســى لرفضــهم‬
‫القتال ضد قوات المحور"‪.‬‬
‫وكانت النتائج كما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬انتشار الشائعة وترديدها عند الطبقة غير المتعلمة وعند النساء‪.‬‬
‫‪ -‬انتشـ ــار الشـ ــائعة وتصـ ــديقها مـ ــن قبـ ــل كبـ ــار السـ ــن الـ ــذين تتجـ ــاوز أعمـ ــارهم الخامسـ ــة‬
‫واألربعين‪.‬‬
‫‪ -‬رفض الشائعة وعدم تصديقها لدى األفراد المتعلمين والشباب‪.‬‬

‫وبالنسبة لمروج الشائعة يالحظ أن‪:‬‬


‫األش ــخاص ال ــذين يتمي ــزون بالحاج ــة إل ــى الظه ــور والس ــتعراض وح ــب الس ــتطالع‬
‫وال ــذين ل ــديهم ق ــدرة عل ــى اس ــتخدام المنط ــق واإلقن ــاع واإليح ــاء‪ ،‬وم ــن ل ــديهم دواف ــع مكبوت ــة‬
‫والمقربـ ــون مـ ــن مصـ ــادر المعلومـ ــات ويمتلكـ ــون القـ ــدرة علـ ــى الحصـ ــول علـ ــى المعلومـ ــات‬
‫ومعالجتهــا وعلــى اســتخدام وســائل متعــددة هــم األكثــر قــدرة علــى تــرويج الشــائعات بســرعة‬
‫وكفاءة عالية‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫التفاعل االجتماعي‪:‬‬
‫يعد انتشار الشائعة محصلة التفاعل بين كل من المصدر والجمهور ويالحظ بالنسبة‬
‫للمصدر أن هناك عدة أشخاص يقومون على نشر الشائعة ولكل منهم دوره المحدد وهم‪:‬‬
‫‪ -‬الناقـ ـ ــل أو المبلـ ـ ــغ أو الرسـ ـ ــول ‪ Messenger‬وظيفتـ ـ ــه إيصـ ـ ــال الرسـ ـ ــالة التصـ ـ ــالية‬
‫(اإلشاعة) إلى الجمهور المستهدف‪ ،‬وهم أهم دور فى عملية انتشار اإلشاعة‪.‬‬
‫‪ -‬المفســر ‪ Interpreter‬يقــوم بتفســير اإلشــاعة ويــتكهن حــول مضــمونها محــاول فهــم مــا‬
‫حدث أو ما يجرى حوله‪ .‬وهؤلء العقالنيون‪.‬‬
‫‪ -‬المتشككون ‪ Skeptics‬يعبرون عن شكهم فيما سمعوا أو ق أروا ويحـذرون النـاس منـه‪،‬‬
‫وه ــؤلء ه ــم الطبق ــة الواعي ــة‪ ،‬بعض ــهم يح ــاول لمص ــلحة م ــا التفس ــيرات الخاص ــة بتل ــك‬
‫اإلشاعة دون غيرها‪.‬‬
‫‪ -‬متخذو القرار ‪ Decision-Makers‬فهؤلء يقومون بالتصـرف بنـاء علـى األخبـار أو‬
‫المعلومــات الـواردة فــى تفاصــيل اإلشــاعة‪ ،‬فــإذا ســمعوا بــان هنــاك ســلعة مــا ســتفقد مــن‬
‫الســوق أو ســيرتفع ســعرها يهرعــون إلــى الســوق لشـراء كميــات ضــخمة منهــا وتكديســها‬
‫للمستقبل خوفا من المجهول‪ .‬وهؤلء هم عامة الناس الذين ينقصهم الوعي الكافي‪.‬‬

‫أما المجتمع فيعد الوسط الذي تنتشر فى نطاقه الشائعة ويالح أن الشائعة تنتقل‬
‫عبر المجتمع القومي أو الدولي عامة أو عبر انساق اجتماعية محددة فهناك شائعات‬
‫تنتشر بين المدرسين وأخرى بين المهندسين كما تنتشر وفقا للديانة أو المذهب وذلك من‬
‫خالل الوسائل التصالية المختلفة وطبقا ألهمية الموضوع ودرجة الغموض‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫أوالً‪ :‬الدراسات الخاصة بعوامل انتشار الشائعة‬
‫يرجــع الفضــل أللب ــورت وبوســتمان ف ــى محاولــة وض ــع أول قــانون للش ــائعة فــى ش ــكل‬
‫معادلة بسيطة وذلك فى دراسته سنة ‪1945‬م‪ ،‬عن عوامل انتشار الشائعة‪.‬‬
‫يــرى ألبــورت وبوســتمان أن الشــائعة تنتشــر إذا تــوفر لهــا شــرطان‪ :‬األول هــو األهميــة‬
‫والثاني الغموض‪ .‬والشرط األول ينحصر فى أن موضوع اإلشاعة ينبغي أن ينطـوي علـى‬
‫شيء من األهمية لكل من المتحدث والمستمع‪ ،‬أما الشرط الثاني فينحصر فى أن الوقـائع‬
‫المتصلة بموضوع الشـائعة يجـب أن تتسـم بشـيء مـن الغمـوض‪ .‬وهـذا الغمـوض يمكـن أن‬
‫ينشأ عن انعدام األخبار أو اقتضابها‪ ،‬أو عـن تضـاربها أو عـدم الثقـة بهـا‪ ،‬أو عـن بعـض‬
‫التــوترات النفعاليــة إلــى تجعــل الفــرد غيــر قــادر أو حتــى غيــر مســتعد لتقبــل الوقــائع التــى‬
‫تقدمها األخبار‪.‬‬
‫والشــرطان الســابقان (األهميــة والغمــوض) يرتبطــان ارتباطــا كميــا‪ ،‬علــى وجــه التقريــب‬
‫بسـريان الشـائعة‪ ،‬ويمكــن صـياغة المعادلــة الخاصـة بشــدة الشـائعات بصــورة رياضـية علــى‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫الشائعة = األهمية × الغموض‬
‫وتعنـ ــى هـ ــذه المعادلـ ــة أن مقـ ــدار وقـ ــوة الشـ ــائعة السـ ــارية يتحـ ــدد تبعـ ــا لمـ ــدى أهميـ ــة‬
‫الموضــوع عنــد األشــخاص الــذين توجــه إلــيهم‪ ،‬وتبعــا لمقــدار الغمــوض المتعلــق بموضــوع‬
‫الشائعة‪.‬‬
‫وفــى د ارســة أخــرى لـ ـ البــورت وبوســتمان عــن العوامــل النفســية المســئولة عــن انتشــار‬
‫الشائعات فى ‪1947‬م‪ ،‬انتهت إلى تحديدها فى العوامل اآلتية‪:‬‬

‫‪105‬‬
‫التسوية‪ :‬وهو مفهوم يعنى أنـه كلمـا مضـت اإلشـاعة فـى رحلتهـا‪ ،‬فإنهـا تميـل إلـى أن‬
‫تصبح أكثر قص ار‪ ،‬وأكثر إحكاما‪ ،‬وأكثر سهولة فى فهمها وفى روايتها‪.‬‬
‫اإلب ـراز‪ :‬إنــه الوجــه القابــل للتســوية‪ .‬وهــو عبــارة عــن إدراك انتقــائي‪ ،‬وحفــظ انتقــائي‪،‬‬
‫وإدلء انتق ــائي لع ــدد مح ــدد م ــن التفاص ــيل م ــن س ــياق أكب ــر‪ .‬والتس ــوية واإلبـ ـراز عمليت ــان‬
‫متالزمتان‪.‬‬
‫التمث ــل أو الس ــتيعاب‪ :‬إذا كان ــت التس ــوية واإلبــراز عمليت ــين انتق ــائيتين‪ ،‬ف ــإن التمث ــل‬
‫عملية تعمل بفعل العادات والمشاعر والهتمام الخاص بالمستمع‪.‬‬
‫كما يصنع العالم ماكجريجور قانون الشائعة فى العبارة اآلتية‪:‬‬
‫"إن التحري ــف النفع ــالي ال ــذاتي فـ ــى إدراك وتأوي ــل البيئ ــة إنمـ ــا يح ــدث فحس ــب تبعـ ــا‬
‫للتأثيرات المتضامنة لألهمية والغموض‪.‬‬
‫ويتفق مع البورت وبوستمان على صياغة قانون اإلشاعة فى المعادلة التالية‬
‫شدة اإلشاعة = األهمية × الغموض‬
‫فاإلشاعة تعتمد على شرطين أساسيين‪:‬‬
‫األهميـة‪ :‬إذ يجـب أن ينطـوي موضـوع اإلشـاعة علــى قـدر كبيـر مـن األهميـة بالنســبة‬
‫لناقل ومتداول اإلشاعة‪.‬‬
‫الغمــوض‪ :‬ويعنــى نــدرة أو قلــة المعلومــات عــن الشــخص أو الموضــوع المثــار‪ ،‬حيــث‬
‫تجد الجماهير أن محور اإلشاعة (الموضوع أو الشخص) يكتنفه بعض أو كل الغموض‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫هــذان الشــرطان يرتبطــان ارتباطــا كميــا بدرجــة سـريان اإلشــاعة وقابليتهــا للتــداول بــين‬
‫الجمــاهير‪ ،‬وبالتــالي فــإن قــوة اإلشــاعة المتداولــة يتغيــر تبعــا لمــدى أهميــة الموضــوع وتبعــا‬
‫لدرجــة غموضــه‪ ،‬فالعالقــة إذن بــين األهميــة والغمــوض ليســت عالقــة إض ـافية (‪ )+‬وإنمــا‬
‫عالقــة تضــاعفيه (×) إذ لبــد مــن تـوافر قيمــة إيجابيــة لكــال العنصـرين (‪ )1 +‬معــا؛ فعــدم‬
‫وجود عنصر منهما يؤدى إلى عدم وجود إشاعة‪.‬‬
‫وفى عام ‪1948‬م‪ ،‬قدم فستبخر محاولة لتحديد العوامـل إلـى تسـهم فـى تفسـر انتشـار‬
‫الشائعة تضمنت نفس ما ذهب إليه البورت وبوستمان مـع تـديل طفيـف فـى المصـطلحات‬
‫فبــدل مــن الغمــوض اســتخدم مصــطلح عــدم الوضــوح المعرفــي وبــدل مــن األهميــة اســتخدم‬
‫مصطلح أهمية موضوع الشائعة‪.‬‬
‫أما دراسة شاكنز وبوردك عن أسباب انتشار الشائعة فقد حددها على النحو التالي‪:‬‬
‫الدوافع األساسية‪ :‬تهدئة التوترات النفعالية‪ .‬اإلسقاط (الشائعة حلم يقظة بمعنى ما)‪.‬‬
‫التخلص من مشاعر الذنب‪.‬‬
‫الدوافع الثانوية‪ :‬جذب النتباه‪ .‬التوقع أو الميل إلى الستباق‪ .‬العدوان‪.‬‬
‫ويرى روزناو )‪ (Rosnow‬أن هناك أربع متغيرات تحدد الشـائعة ولـيس متغيـرين فقـد‬
‫كما أشار ألبورت وبوستمان وفستنجر‪ ،‬وهذه المتغيرات هى‪:‬‬
‫الغموض العام )‪ (General Uncertainty‬والذي اشار إليه فستنجر بعـدم الوضـوح‬
‫المعرفي )‪.(Cognitive Unclarity‬‬

‫‪107‬‬
‫الهتمـام بالنتـائج )‪ (Outcome Relevant Involvement‬والـذي يقابـل المتغيـر‬
‫الثاني فى القانون السابق‪ ،‬وهو األهمية‪ .‬وقـد أشـار إليـه (روزنـام) أيضـا بأهميـة الموضـوع‬
‫)‪.(Topical Importance‬‬
‫القلق الشخصي )‪.(Personal Anxiety‬‬
‫سرعة التصديق )‪Rosnow)1988( (Credulity‬‬
‫وقد قدم كارل يونج نظريته فى ضوء التحليل النفسـى لفرويـد‪ ،‬وافتـرض يـونج نشـر أو‬
‫إفشــاء شــائعة عاديــة ل يتطلــب أكثــر مــن حــب الســتطالع (الفضــول) والتجــار بالمشــاعر‬
‫واإلحساســات ‪ .Sensation mongering‬فالشــائعات تتــيح الفرصــة للتعبيــر عــن القلــق‬
‫والعـدوان المكبـوت والتنفــيس عنهمـا‪ .‬وبلغــة التحليـل النفســى يعـد إفشــاء الشـائعات ميكــانزيم‬
‫دفاعيا‪ .‬فهى تهدئ األنا عن طريق التخفيف من الضغوط غير المريحة التى يتعرض لها‬
‫الناتجة عن القلـق المفـر‪ ،‬ويصـحب ذلـك عمليـة اإلسـقاط ‪ Projection‬فـالقلق يتحـول إلـى‬
‫تحديــدات اقــل عــن طريــق إرجــاع أو عــزو الرغبــات غيــر المقبولــة أو المشــاعر التــى توجــد‬
‫بالفعل لدى الفرد إلى قوى خارجية‪.‬‬

‫زمن دورة الشائعة‪:‬‬


‫فالشــائعة الخاطفــة إل ـى تظهــر وتختفــي س ـريعا أو الشــائعة ذات العمــر القصــير التــى‬
‫تستغرق يوما أو بعض يوم تختلف بطبيعة الحال عن الشائعة "طويلة العمر" إلى يستغرق‬
‫سريانها شهو ار وقد تكون سنوات‪ ،‬والشائعة التى تستغرق زمنا طويال تكون – دون شـك –‬
‫أطول عم ار وأكثر قوة من الشائعة التى ل تستغرق زمنا يعتد به فى سريان الشائعة‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫مجتمع الشائعة‪:‬‬
‫الشــائعة التــى تنتشــر فــى مجتمــع صــغير (أس ـرة – فصــل د ارســي – مدرســة صــغيرة)‬
‫تكـون أقـل تـأثي ار وأصـغر قـوة مـن الشـائعة التـى تسـري فـى مجتمـع كبيـر (مدينـة – إقلـيم –‬
‫دولة) وبناء على ذلك يجب أن يتضمن قانون الشائعة عنصري (الزمن والمجتمع) بجانب‬
‫عنصري (األهمية والغموض)‪.‬‬

‫ومن ثم فقد صاغ قانون الشائعة فى صورة جيدة على النحو التالي‪:‬‬
‫قانون اإلشاعة المقترح‪:‬‬
‫ق ش = (أ × غ) ‪( +‬ز × م)‪.‬‬
‫قوة الشائعة‪( = :‬األهمية × الغموض) ‪( +‬زمن الشائعة × مجتمع الشائعة)‬

‫ذلك أن األهمية والغموض عنصران مرتبطان بعضهما ببعض‪ ،‬فى حين أن زمن‬
‫الشائعة مرتبط إلى حد وثيق بمجتمع الشائعة‪ ،‬فكلما كان المجتمع كبي ار كان زمن سريان‬
‫الشائعة كبي ار‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يمكن القول إن (قوة الشائعة) أو ضعفها يعتمد‬
‫على أربعة عناصر أساسية هى‪:‬‬
‫أهمية موضوع الشائعة بالنسبة لناقلها ومتداولها‪.‬‬
‫غموض موضوع الشائعة بالنسبة لسامعها ومصدقها‪.‬‬
‫زمن سريان الشائعة فى مجتمعها‪.‬‬
‫حجم المجتمع الذي انتشرت فيه الشائعة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫أمــا كــانجرر عــام ‪ 1990‬فقــد حــدد بعــض العوامــل المهمــة التــى يــرى أنهــا تلعــب دو ار‬
‫أساسيا فى تحديد سرعة الشائعات وذيوعها‪ ،‬وهذه العوامل هى‪:‬‬
‫‪-1‬اللهفة أو الشوق‪:‬‬
‫ل يمثــل انتشــار الشــائعات شــيئا فــى حــد ذاتــه‪ ،‬ولكنــه يحــدث نتيجــة لشــوق النــاس أو‬
‫لهفتهم للحديث عن الشائعات نفسها‪ ،‬والشائعات توجد فى المقام األول عنـدما تثـار بعـض‬
‫المعلومــات عــن جماعــة معينــة‪ ،‬حيــث ل تكــون نتائجهــا أو مرتباتهــا مقصــورة علــى بعــض‬
‫األش ــخاص بعي ــنهم‪ ،‬ولكنه ــا ته ــم الجماع ــة كك ــل‪ .‬وه ــذا يفس ــر لن ــا الس ــبب ف ــى أن ش ــائعات‬
‫الماضي والحاضر تنتشر ببطء شديد أكثر من الشائعات التى تدور عما يتوقع حدوثه فى‬
‫المستقبل‪ ،‬فالشائعات األخيرة (شائعات المستقبل)‪ ،‬مثلها مثل أي منتج تجارى حديث‪ ،‬يتم‬
‫استهالكه بسرعة‪ ،‬وإل تصـبح أقـل أثـ ار وقيمـة‪ .‬فالنتشـار السـريع لموضـوع الشـائعة يهـدف‬
‫إلى المحافظة على قيمة هذا الموضـوع‪ .‬والشـائعات مثلهـا مثـل العالمـات التحذيريـة تنبهنـا‬
‫من احتمال وقوع أشـياء معينـة‪ .‬فمعلومـات الطـوارئ يجـب أن يتناقلهـا النـاس بسـرعة ألنهـا‬
‫تحمــل دللت عديــدة لهــم حتــى يكــون لــديهم متســع مــن الوقــت لختبــار دقتهــا قبــل الشــروع‬
‫فى تناولها‪.‬‬
‫‪-2‬العالقات الحميمة‪:‬‬
‫كلما كانت العالقات الجتماعية بين أفراد جماعة معينة قوية كانت أكثر تماسكا من‬
‫خــالل التبــادل الكــفء لشــبكة العالقــات بــين األف ـراد‪ .‬ومــن ثــم يكــون مــن الســهل أن تنتشــر‬
‫األخب ــار بس ــهولة ب ــين ك ــل ه ــؤلء األعض ــاء‪ ،‬وعل ــى العك ــس م ــن ذل ــك‪ ،‬إذا ل ــم يك ــن هن ــاك‬
‫تواصل (تخاطب) مناسب بين أعضاء جماعة أخرى‪ ،‬سنجد أن الشـائعات سـوف تسـتغرق‬

‫‪110‬‬
‫وقتا طويال لكي تنتشر بينهم جميعا‪ ،‬وقد أشرنا إلـى ذلـك عنـد حـديثنا السـابق عـن جمهـور‬
‫الشـائعات‪ ،‬عنــدما أوضــحنا أنــه لبــد أن يكــون األفـراد علــى عالقــة وثيقــة ببعضــهم الــبعض‬
‫حتى يتيسر انتشار الشائعات‪.‬‬
‫‪-3‬الشائعة كسلعة يتم تبادلها‪:‬‬
‫إن الش ــائعة ع ــالوة عل ــى ك ــل م ــا س ــبق س ــلوك‪ .‬فكي ــف يس ــتطيع محلل ــو الش ــائعات أن‬
‫يتعلم ـوا بع ــض األش ــياء ع ــن وج ــود الش ــائعة‪ ،‬إنهــم يالحظ ــون أن ــه داخ ــل الجماع ــة يتح ــدث‬
‫الناس مع بعضهم البعض ويتبادلون المعلومات‪ .‬ومن ثم فالشائعة تنتشر بسرعة كنوع من‬
‫أنواع السـلوك الخـاص بتبـادل العـدوى‪ .‬والنمـوذج القتصـادي التـالي يمكـن أن يسـاعدنا فـى‬
‫فهم السلوك التبادلي هذا قيمة المعلومات‪.‬‬

‫وبالمفاهيم المحددة‪ ،‬نجد أن عملية انتشار الشائعات تكون نتيجة للتفاعل المزدوج‬
‫بين المرسل والمستقبل‪ ،‬وهذا التفاعل يبدأ أول عن طريق المرسل‪.‬‬
‫وإن ك ــان ذل ــك عل ــى خ ــالف ظـ ـواهر الكلم ــة المنطوق ــة األخ ــرى ل يطل ــب المرس ــلون‬
‫النص ــيحة‪ .‬وكم ــا ه ــو الح ــال بالنس ــبة لكاف ــة أش ــكال الس ــلوك الم ــدفوع‪ ،‬يفت ــرض أن المرس ــل‬
‫يتوقـع أن يحقــق إشــباعا معينــا أو يحصــل علــى مكافــأة مــا علــى نقلــه معلومــات معينــة تهــم‬
‫بعــض األشــخاص اآلخ ـرين‪ .‬ومــن ثــم لبــد أن تكــون معلوماتــه ذات قيمــة وإل لــن يحصــل‬
‫علــى المكافــأة أو لــن يتحقــق لديــه اإلشــباع‪ .‬وهنــاك أشــكال عديــدة مــن المكافــآت يمكــن أن‬
‫يحصــل عليهــا ناشــر الشــائعة منهــا علــى ســبيل المثــال تعزيــز المكانــة الخاصــة بــالفرد بــين‬
‫أقرانه‪ ،‬وخفض القلق والتوتر‪ ،‬وتقليل التناقض المعرفي‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪-4‬دور وسائل اإلعالم‪:‬‬
‫مـن المسـتحيل فـى الوقـت الحاضـر أن نفصــل سـرعة الدعايـة (وتغيـر الشـائعات عبــر‬
‫الــزمن) عــن اتجاهــات وســائل اإلعــالم الجمــاهيري‪ ،‬سـواء كانــت محليــة أو قوميــة‪ ،‬وعنــدما‬
‫تــدخل وســائل اإلعــالم فــى موضــوع معــين وتوليــه اهميــة خاصــة فــى ظــل أحاطتــه بــبعض‬
‫الغم ــوض‪ ،‬فم ــن المتوق ــع أن تس ــاهم ف ــى س ــرعة انتش ــار الش ــائعات‪ ،‬وق ــد أش ـرنا مس ــبقا إل ــى‬
‫ضرورة أن تتحرى وسائل اإلعالم الدقة فيما تنشره‪.‬‬

‫‪-5‬شبكة انتشار الشائعات‪:‬‬


‫يتأثر انتشار الشـائعات بصـورة طبيعيـة بشـبكة العالقـات القائمـة بـين أعضـاء جماعـة‬
‫معين ــة‪ ،‬واألدوار الجتماعي ــة والمكان ــة الت ــى يحتله ــا ك ــل ف ــرد داخ ــل الجماع ــة الت ــى تنتش ــر‬
‫الشـ ــائعة بـ ــين أعضـ ــائها‪ ،‬وعلـ ــى الـ ــرغم مـ ــن أن هـ ــذه العالقـ ــات غيـ ــر رسـ ــمية فإنهـ ــا تمثـ ــل‬
‫المسارات المهمة التى يتم انتشار الشائعات بسرعة عن طريقها‪.‬‬
‫وانتهــى شــيبل (‪ (Scheible‬فــى د ارســته إل ـى أن الضــغوط النفســية والمشــكالت التــى‬
‫يواجهــا الفــرد والمنــاخ الســائد تعتبــر مــن العوامــل التــى تســاعد علــى اســتخدامه للشــائعات‪،‬‬
‫فطـ ــالب الجامعـ ــة يسـ ــتخدمون الشـ ــائعات للتكيـ ــف مـ ــع المشـ ــكالت األكاديميـ ــة والعالقـ ــات‬
‫الجتماعية والعالقات مع الجهاز اإلداري‪.‬‬
‫ويمكن صياغة قانون الشائعة فى عصر المعلومات على النحو التالي‪:‬‬
‫قوة الشائعة = الغموض العام × األهميـة (القلـق الشخصـي ‪ +‬سـرعة انتشـار الشـائعة‬
‫‪ +‬قابلية التصديق)‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ووصــول أي متغيــر مــن هــذه المتغي ـرات إلــى (صــفر) افت ـراض نظــري ل يتحقــق فــى‬
‫الواقع فى ضوء طبيعة اإلنسان والمجتمع وخصائص عصر المعلوماتية‪.‬‬
‫وفــى محاولــة ألح ــد البــاحثين لإلجابــة ع ــن س ـؤال‪ :‬لمــاذا تنتش ــر شــائعات معين ــة دون‬
‫غيرها‪ ،‬وكان اإلجابة كما يلي‪:‬‬
‫الشائعات أخبار‪ :‬تنتشـر الشـائعات عنـدما تكـون معرفـة األخبـار محفوفـه بالمخـاطر‪ ،‬تـدور‬
‫الشائعات حول ما سيأتي من أخبار وماذا سيفعل الناس‪.‬‬
‫نحــن نــتكلم لكــي نعــرف‪ :‬تمثــل الشــائعات وســطا فعــال للتماســك الجتمــاعي بــين أعضــاء‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫نحن نتكلم لكي نقتنع‪ :‬يحدث ذلك عندما تساهم عملية نقـل الشـائعة فـى خفـض قلـق وحـل‬
‫الصراع الشخصيين لدى الناقل‪.‬‬
‫نحــن نــتكلم لكــي نخفــف عــن أنفســنا‪ :‬الشــائعات هــى الخطــوة األولــى للــتخلص مــن التــوتر‬
‫والنفعال‪.‬‬
‫نحن نتكلم بهدف الكالم‪ :‬تنقل الشائعة لملء الفراغ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬تصنيف الشائعات‬


‫إن تصنيف الشائعات ينحو لن يكون تعسفيا‪ ،‬فال يوجد أساس للتصنيف يتفق عليه‬
‫أغلبي ــة الب ــاحثين ف ــى مج ــال الش ــائعات‪ ،‬ولكن ــه رغ ــم ذل ــك ض ــروري لتس ــهيل مهم ــة تحلي ــل‬
‫ود ارس ــة الش ــائعة كم ــدخل لتحدي ــد األس ــس واإلجـ ـراءات الموافق ــة لن ــوع الش ــائعة سـ ـواء عن ــد‬
‫صناعتها وتوظيفها ألغراض إيجابية أو عند الوقاية منها ومواجهتها‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫يمكن تصنيف الشائعات وفقا لمعايير عديدة وهي‪:‬‬
‫وفقا لمدى األخذ بأسلوب التخطيط تنقسم الشائعات إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬شــائعات تلقائيــة‪ :‬وهــي الشــائعات التــى تركــب تلقائيــا مــن خبــر أثنــاء األحاديــث‬
‫الودية بين األفراد وبعضهم فى جلسات الدردشة‪ ،‬أو فى مجالت العمل أو أثنـاء‬
‫المــداولت الحزبيــة‪ ،‬وتغلفهــا عــادة المشــاعر القويــة والصــالت الحميمــة والتقــارب‬
‫وتت ازيـ ــد فـ ــى مناسـ ــبات معينـ ــة كالنتخابـ ــات المحليـ ــة مـ ــثال فنجـ ــدها تتنـ ــاول أحـ ــد‬
‫المرش ـ ــحين لتش ـ ــمل دوافع ـ ــه وحيات ـ ــه الماض ـ ــية وأسـ ـ ـ ارره الحميم ـ ــة وس ـ ــلوك أولده‬
‫وزجاجته وطريقة تعامل معها‪.‬‬
‫‪ -2‬شائعات مزروعة‪ :‬وهـي الشـائعات المخطـط لهـا مـن قبـل شـخص أو جهـة مـا قـد‬
‫تكـ ـ ــون مؤسسـ ـ ــة أو حزبـ ـ ــا أو حكومـ ـ ــة أو دولـ ـ ــة أجنبيـ ـ ــة‪ ،‬ويقـ ـ ــف ورائهـ ـ ــا خبـ ـ ـراء‬
‫واختصاصــيون فــى فنــون الشــائعة والتصــال وعلــم الــنفس والجتمــاع ويختــارون‬
‫الوق ــت المناس ــب إلط ــالق الش ــائعة ويتابعونه ــا أثن ــاء انتش ــارها ويقيم ــون نتائجه ــا‬
‫وتأثيراتهــا وذلــك مثــل الشــائعات التــى أطلقتهــا إس ـرائيل علــى حكومــة حمــاس ومــا‬
‫تواجهه من مشكالت والشائعات التى تتنبأ لها بالفشل‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫تصنيف الشائعات وفقا لسرعة السريان‪:‬‬
‫وه ـ ــو التص ـ ــنيف ال ـ ــذي وص ـ ــفه ألب ـ ــورت وبوس ـ ــتمان للش ـ ــائعات ف ـ ــى د ارس ـ ــتهما ع ـ ــن‬
‫سيكولوجية الشائعة‪ ،‬وصنف وفقا لهذا المعيار إلى‪:‬‬
‫‪-1‬الشائعة الغاطسة‪:‬‬
‫وهي التى تنتشر لفترة زمنية محددة‪ ،‬ثم تختفي أو تغطس أو تغوص إن جاز القـول‪،‬‬
‫ريثما تعود من جديد فى وقت لحق حين تسمح الظروف‪ .‬بمعنى آخر‪ :‬هـى التـى تختفـي‬
‫لتفرة ثم تظهر من جديد‪ ،‬وهناك مثال تقليدي لهذا النوع من الشائعات هو "أن قوات العدو‬
‫سممت مياه اآلبار"‪ ،‬وهذه الشـائعة تعـاود الظهـور فـى كـل حـرب مـن الحـروب‪ .‬والشـائعات‬
‫الغاطســة يمكــن تفســيرها بط ـريقتين‪ ،‬فمــن المحتمــل أنهــا ترقــد فــى حالــة ســبات فــى عقــول‬
‫بعض األفراد حتى يستخرجوها بعد سنوات‪ ،‬أو أن ذلك يتم دون وعى منهم عندما يجـدون‬
‫أنفسهم فى موقف بيئـي مشـابه للموقـف الـذي سـمعوا فيـه الشـائعة أول مـرة‪ .‬ومـن المحتمـل‬
‫أل يكون هناك أي اتصال حقيقي بين الشائعتين‪ .‬فمن الممكن جدا أن تتمخض الحاجات‬
‫البشرية فى الظروف المشابهة عن توليد أقاصيص متماثلة‪.‬‬
‫ومن الشائعات الغريبة التى تمثل هذا النوع تلك التى راجت فى فترة كل من الحـربين‬
‫العالميتين األولى والثانية‪ ،‬وهي قصة "اللسان وطابع البريد" وتتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫"كتــب أســر أمريكــي ‪ -‬كــان معــتقال فــى معســكر ألمــاني فــى الحــرب العالميــة األولــى‪،‬‬
‫وفــى معســكر يابــاني فــى الحــرب العالميــة الثانيــة – خطــاب أرســله إلــى أس ـرته‪ ،‬ولــم يكــن‬
‫الخطاب يحوي شيئا غير عـادى‪ ،‬اللهـم إل ملحوظـة كتبهـا األسـير وطلـب فيهـا مـن أسـرته‬
‫أن تحتفظ له بطابع البريد الملصق على المظروف‪ .‬ولمـا كانـت أسـرته تعـرف أنـه لـم يكـن‬

‫‪115‬‬
‫فى يوم من األيام من هواة جمع طوابع البريـد‪ ،‬فقـد دهشـت لهـذا الطلـب وقـرروا أن يتحـروا‬
‫األم ــر‪ .‬فنزعـ ـوا الط ــابع ليج ــدوا مكتوب ــا تحت ــه أن آسـ ـريه قطعـ ـوا لس ــانه‪ .‬وق ــد انتش ــرت ه ــذه‬
‫الشــائعة ف ــى كلت ــا الح ـربين‪ ،‬ب ــالرغم مــن احتوائه ــا عل ــى فك ـرتين أو معل ــومتين متناقض ــتين‪:‬‬
‫األولى أن خطابات األسرى ل تحمل طوابع بريد‪ ،‬والثانيـة أن قطـع لسـان الشـخص يسـبب‬
‫نزيفا يؤدى إلى الموت ما لم يقم خبير بإجراء العملية الجراحية‪.‬‬
‫وفى شهر تشرين أول ‪1985‬م‪ ،‬هـرت إشـاعة تقـول بـان بعـض األمريكـان واألوربيـين‬
‫واإلس ـ ـرائيليين يختطفـ ــون األطفـ ــال مـ ــن أمريكـ ــا الالتينيـ ــة ويـ ــذبحونهم مـ ــن اجـ ــل اسـ ــتخدام‬
‫أعضائهم فى عملية نقل األعضاء من شخص ألخر‪ .‬ولكن لم يتم تناقلها من قبـل وسـائل‬
‫اإلعالم مما أدى إلى اختفائها‪.‬‬
‫ولكن هذه اإلشاعة عادت إلى الظهور فى كانون ثاني ‪1987‬م‪ ،‬أي بعد حوالي سنة‬
‫وثالثــة شــهور وتناقلتهــا الصــحافة العالميــة ومحطــات اإلذاعــات والتلفزيونــات فــى أكثــر مــن‬
‫‪ 50‬دولة فى العالم‪ .‬ويرجع سبب انتشارها السريع وعلى نطاق عالمي إلى الغموض الذي‬
‫اكتنفهــا إثــر التوضــيح الــذي أصــدره الســكرتير العــام للجنــة هنــدوراس للرفــاه الجتمــاعي فــى‬
‫مقابل ــة تلفزيوني ــة بق ــوه بأن ــه س ــمع إش ــاعات غي ــر مؤك ــدة ع ــن الموض ــوع‪ .‬وق ــد أدت ه ــذه‬
‫اإلشاعة إلى بلبلة فى الرأي العام فى أوروبا وأمريكا‪.‬‬
‫‪-2‬الشائعة المندفعة‪:‬‬
‫وهي التى تنتشر انتشـار اللهـب‪ ،‬وفـى وقـت بـالغ القصـر ألنهـا تتعلـق بوعيـد أو بوعـد‬
‫مباشر‪ .‬فهى تجتاح المجتمـع فـى وقـت مـذهل مـن القصـر‪ ،‬وتنطـوي علـى شـائعات العنـف‬
‫أو الحـوادث والكـوارث أو شـائعات النصــر الحاسـم فـى وقـت الحــروب‪ .‬والشـائعات مـن هــذا‬

‫‪116‬‬
‫النــوع إذ تنطلــق فــى جــو مكهــرب للغايــة‪ ،‬فإنهــا تميــل إلــى إثــارة اســتجابات سـريعة وعنيفــة‪،‬‬
‫وذلك لستنادها إلى انفعالت قوية من الهلع أو الغضب أو الفرحة المفاجئة‪.‬‬
‫‪-3‬الشائعة الحابية‪:‬‬
‫وهي التى تنمو ببطء شديد ويتسع نطـاق انتشـارها فـى جـو مـن السـرية حتـى يكـاد أن‬
‫يسمع بها كل فرد‪ ،‬ومن الشائعات الحابية التى ترددت حول أكثـر مـن شخصـية إسـالمية‪،‬‬
‫وفى اغلب بالد المسلمين عدم التزام بنات تلك الشخصـيات اإلسـالمية أو نسـائهم باللبـاس‬
‫الشرعي أو األخالق اإلسالمية‪ ،‬وينسج مروجو هذه الشائعة القصص والنكات حول ذلـك‪،‬‬
‫ويبالغون أو يبسطون كما شاء لهم هواهم وكما أسعفهم خيالهم‪.‬‬

‫تصنيف الشائعات وفقا للدوافع العقلية المصدر‪:‬‬


‫‪-1‬شائعات تعبيرية‪:‬‬
‫تصدر عن النـاس العـاديين أو المسـئولين كصـورة مـن صـور تعبيـرهم عـن اإلحسـاس‬
‫باألزمة أو عن توقعه لما سوف يحدث‪ ،‬رغم جهله التام باإلطار العام للمشـكلة القائمـة أو‬
‫عدم توافر المعلومات الكافية لديه‪ ،‬ومثال هذه الشائعات الشائعة التى انطلقت بان أنفلون از‬
‫الطيور تصيب األرانب أو الشائعات بأنها تصيب األسماك‪ .‬ويروى صاحب مزرعة أرانب‬
‫أن المزرعة بأكملها قد أبيدت‪ ،‬ويرجع سبب انطـالق هـذه الشـائعات إلـى حالـة الضـطراب‬
‫التـى تصــيب المسـئول أو تتقــارب فيهـا األقـوال بـين المســئولين عـن مشــكلة مـا فينتشــر هــذا‬
‫النوع من الشائعات‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫‪-2‬الشائعات التفسيرية‪:‬‬
‫تظهر فى المواقـف المفاجئـة فعنـدما يجـد النـاس أنفسـهم أمـام قـرار حكومـة مفـاجئ أو‬
‫إقالة مسئول أو زير بصورة مفاجئـة‪ ،‬سـرعان مـا يجـد النـاس أنفسـهم مـدفوعين للبحـث عـن‬
‫ســبب أو تفســير لمثــل هــذا القـرار فتجــد الشــائعة أرضــا خصــبة ممهــدة لالنتشــار مثــال ذلــك‬
‫الشــائعات التــى انتشــرت عقــب وفــاة ســعاد حســنى بلنــدن وعقــب وفــاة أســمهان فــى حــادث‬
‫سيارة غرقت فى النيل‪ ،‬وكذلك عقب وفاة المشير أحمد إسماعيل هـو ومجموعـة كبيـرة مـن‬
‫القادة الذين كانوا يرافقونه لزيارة المنطقة العسكرية الغربية وكذلك عقب وفاة الرئيس جمال‬
‫عبدالناصــر‪ ،‬والشــائعات التفســيرية إلــى انتشــرت عقــب حربــى ‪1948‬م‪1967 ،‬م‪ ،‬فــى هــذه‬
‫األحـ ــداث كلهـ ــا لعبـ ــت الشـ ــائعات دو ار تفسـ ــي ار قويـ ــا إلـ ــى درجـ ــة أصـ ــبحت معهـ ــا فـ ــى حكـ ــم‬
‫الحقيقة‪ ،‬لعدم وضوح الحقائق نفسها‪ ،‬عن هذه األحداث‪.‬‬

‫‪-3‬الشائعات التبريرية‪:‬‬
‫وتختلــف عــن الشــائعات التفســيرية فــى أن األولــى تصــدر مــن الــذين صــدموا بالحــدث‬
‫ويبحثــون لــه عــن تفســير أو عمــن يقــدمون التفســير لمــا حــدث مــن غيــرهم أو بمعنــى آخــر‬
‫تهدف هذه الشائعات إلى تبرير سلوك خاطئ أو عمل عدواني أو إجرامي ثم ارتكابـه‪ ،‬أمـا‬
‫الشائعات التبريرية فيصدرها أصحاب القرار أنفسهم بعد قليل من إصـدارهم للقـرار وينتشـر‬
‫هذا النوع من الشائعات فى النظمة ذات الطـابع الشـمولي والـذي تمتلـك فيـه الدولـة جهـا از‬
‫قويا إلطالق الشائعات التبريرية ونشرها وإقناع الناس بها وبالق اررات التى اتخذتها‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -4‬الشائعات التدميرية‪:‬‬
‫وهــى شــائعات شــديدة القســوة وتهــدف إلــى القضــاء علــى الخصــم نهائيــا‪ ،‬وقــد مارســتها‬
‫الدولــة المصـرية مـرتين‪ ،‬األولــى مــع محمــد نجيــب عنــدما تــم اســتبعاده مــن منصــبه كـرئيس‬
‫للجمهورية وكان قـد اسـتبعد أول فـى فب اريـر ‪1954‬م‪ ،‬وثـارت الجمـاهير فـى مصـر وأسـلحة‬
‫من الجيش على هذا القرار نظ ار لما كان يتمتع به من تأثير شعبي جارف اضطر مجلس‬
‫الثـورة أن يعيــد الـرئيس محمــد نجيـب إلــى ســلطاته‪ ،‬ولكــن عنـدما حــان الوقــت للــتخلص مــن‬
‫الرئيس محمد نجيب نهائيا‪ ،‬كانت الشائعات بدأت تمل البلد بكل ما يدين الرجـل بحـث تـم‬
‫تدمير صورة الرئيس المحبوب من كل الطوائف‪.‬‬
‫والمـرة الثانيـة عنـدما وجـد نظــام الحكـم فـى مصـر فــى حاجـة للـتخلص مـن عبــدالحكيم‬
‫ع ــامر عق ــب النكس ــة ف ــى يوني ــو ‪ ،1967‬وكان ــت مص ــلحة النظ ــام تتطل ــب القض ــاء عل ــى‬
‫المشــير عبــدالحكيم عــامر بكــل الصــور الممكنــة‪ ،‬فــتم اللجــوء إلــى ســالح الشــائعات قبــل أن‬
‫تنتهــى حــرب ‪1967‬م‪ ،‬وقــد شــاركت الصــحافة آنــذاك فــى تثبــت كثيــر مــن هــذه الشــائعات‬
‫علــى أنهــا حقــائق غيــر قابلــة للنقــاش‪ ،‬وبــدأت الشــائعات بــالقول أن القيــادة العســكرية قبلــت‬
‫رشــوة الــذهب لخيانــة ال ـرئيس عبدالناصــر ونظامــه‪ ،‬وســرعان مــا تحولــت لتــنش األع ـراض‬
‫وتهتكها دون أي إحساس بخطورة هذا السلوك على النظام نفسه‪.‬‬

‫‪ -5‬الشائعات العالجية‪:‬‬
‫وتظهر أوقات األزمات وبخاصـة فـى األنظمـة الشـمولية للتغطيـة علـى بعـض حـالت‬
‫اإلحبــاط الجمــاهيري واليــأس القــومي في ـتم تحريــر شــائعات تحمــل أنبــاءا محببــة إلــى نفــوس‬

‫‪119‬‬
‫الجم ــاهير‪ ،‬وم ــن ه ــذه الش ــائعات ش ــائعة الس ــيدة م ـريم البت ــول ف ــى كنيس ــة ش ــهيرة ب ــالزيتون‪،‬‬
‫والشائعات التى تنتشر عـن اكتشـافات بتروليـة ضـخمة وعـن قـرب اكتشـاف ثـروات معدنيـة‬
‫وهذه الشائعات تشبع رغبة التمني عند المواطنين فى الظـروف الصـعبة‪ ،‬لكنهـا مـن ناحيـة‬
‫أخرى قصيرة العمر وسريعة الكتشاف‪.‬‬

‫تصنيف الشائعات وفقا للمضمون‪:‬‬


‫وتنقسم الشائعات وفقا للمضمون إلى أنواع عديدة أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬شائعات سياسية‪:‬‬
‫عند الحديث عن اإلشاعة ذات الطابع السياسي لبد من التأكيد علـى أهميـة التعامـل‬
‫م ـ ــع ج ـ ــانبين هن ـ ــا هم ـ ــا‪ :‬السياس ـ ــة الداخلي ـ ــة والسياس ـ ــة الخارجي ـ ــة‪ ،‬إذ إن طبيع ـ ــة الش ـ ــائعة‬
‫المس ــتخدمة ف ــى أوس ــاط السياس ــة الداخلي ــة تختل ــف عنه ــا ف ــى أوس ــاط السياس ــة الخارجي ــة‪.‬‬
‫ويكثـ ــر اسـ ــتخدام الشـ ــائعات فـ ــى أوسـ ــاط السياسـ ــة الداخليـ ــة داخـ ــل األنظمـ ــة الديموقراطيـ ــة‬
‫وخصوصـ ــا فـ ــى أوقـ ــات النتخابـ ــات بهـ ــدف الكسـ ــب السياسـ ــي لألحـ ـزاب والنيـ ــل مـ ــن قـ ــادة‬
‫األحزاب المنافسة عن طريق البحـث فـى ماضـي مرشـح الحـزب المنـافس وتضـخيم األمـر‪.‬‬
‫وإذا كان ـ ــت ه ـ ــذه الش ـ ــائعات تنتش ـ ــر ف ـ ــى األوس ـ ــاط الديمقراطي ـ ــة ذات الطبيع ـ ــة اإلعالمي ـ ــة‬
‫والتخاطبيــة الح ـرة‪ ،‬فمــا بالــك بالبلــدان التــى تنعــدم فيهــا حريــة ال ـرأي والنشــر‪ ،‬إذ يج ـد فيهــا‬
‫أص ــحاب الشـ ــائعات مرتعـ ــا خصـ ــبا لبـ ــث س ــمومهم وسـ ــوقا رائجـ ــة لتسـ ــويق بضـ ــاعتهم مـ ــن‬
‫الش ــائعات وه ــو م ــا يمث ــل مص ــدر خط ــر عل ــى مث ــل ه ــذه ال ــدول الت ــى تفتق ــر إل ــى الش ــفافية‬

‫‪120‬‬
‫ومقــدار الحريــة الكفيــل بــالوقوف فــى وجــه الشــائعات‪ .‬ويمثــل التحــاد الســوفيتي ســابقا حالــة‬
‫نموذجية ومثال واضحا على ذلك‪.‬‬
‫أما فى مجال السياسة الخارجية‪ ،‬فإن الشائعات كانت ول تزال أحد اشد معاول الهـدم‬
‫والتحطيم خط ار وخصوصا فى أوقات الحـروب‪ ،‬وهـذا النـوع مـن الشـائعات‪ ،‬كمـا أشـرنا مـن‬
‫قبل يمثل جزءا من الحرب النسية وحرب المعلومات التى تهدف إلى التأثير المباشر علـى‬
‫العقول وتستهدف أيضـا أصـحاب صـدور القـرار واتخـاذه فـى الحكومـات والقـادة العسـكريين‬
‫أي ــام الح ــروب بغ ــرض الت ــأثير عل ــى توجي ــه معتق ــداتهم وس ــلوكياتهم وإدراكه ــم بش ــكل يخ ــدم‬
‫الطرف الذي ينشر الشائعة‪ .‬وهكـذا فـإن الشـائعة مـا هـى إل جـزء مـن النشـاطات السياسـية‬
‫والقتص ــادية والمعلوماتي ــة الت ــى تمارس ــها بع ــض ال ــدول ض ــد ال ــبعض اآلخ ــر وتأخ ــذ ه ــذه‬
‫الشــائعات أشــكال متنوعــة تتـراوح بــين التهامــات الوحشــية لألفـراد أو نشــر معلومــات تســئ‬
‫إلى سمعتهم أو الستقطاب "إن لم تكن معي فأنت ضدي"‪.‬‬
‫وم ــن أكث ــر أنـ ـواع الش ــائعات انتش ــا ار وتس ــعى إل ــى التش ــكيك ب ــالمواقف والخط ــط الت ــى‬
‫يضعها النظام السياسـي فـى المجتمـع‪ ،‬وتعتمـد علـى أسـلوب التهويـل والتضـخيم والتشـويش‬
‫والتشــكيك‪ .‬كمــا تتعــرض للقــادة السياســيين بالتشــكيك والتهامــات الجزافيــة‪ ،‬وقــد تســبب فــى‬
‫إشــعال نــار الفــتن والضــطرابات الداخليــة‪ ،‬وإفســاد الحيــاة السياســية والنتخابــات الدعائيــة‬
‫بهدف شغل النظام السياسي عن مهمتـه األساسـية فـى إدارة الـبالد علـى جميـع المسـتويات‬
‫وعن البناء الخارجي للعالقات الحسنة مع الدول األخرى وهـذه الشـائعات فـى كافـة الـدول‬
‫عل ــى السـ ـواء‪ ،‬وق ــد تح ــدد لتش ــمل العالق ــات الدولي ــة عل ــى مس ــتوى الع ــالم أجم ــع‪ ،‬وخاص ــة‬

‫‪121‬‬
‫الشائعات التى توجها الدول الجنبية ضد بلـدان العـالم األخـرى لكسـر إرادتهـا وإخضـاعها‬
‫لتبعيتها تحت مسمى النظام العالمي الجديد‪.‬‬
‫ومــن أمثلــة هــذه الشــائعات‪ ،‬الشــائعة السياســية فــى اإلقلــيم الســوري‪ ،‬حيــث يبــدو ســوريا‬
‫اآلن لظروفها السياسة وعالقتها المتوترة مـع أمريكـا ومـع بلـدان أخـرى عديـدة ميـدانا واسـعا‬
‫للشــائعات السياســية المتصــلة باإلصــالحات السياســية ‪ ،‬وعلــى مــدر الســاعة يوميــا تظهــر‬
‫شائعات وتنتشر ويجرى تداولها‪ ،‬ومن ذلك فى مـارس ‪2004‬م‪ ،‬شـائعات حـول قـرار يمـنح‬
‫الجنسـية لتالميــذ القــادة وذلــك بعـد الخطــوة الرســمية التــى تـم خاللهــا إطــالق سـراح الســجناء‬
‫والمعتقلـ ــين األك ـ ـراد‪ ،‬وشـ ــائعة ثانيـ ــة حـ ــول إطـ ــالق س ـ ـراح النائـ ــب ريـ ــاض سـ ــيف ومـ ــأمون‬
‫الحمصي ومعتقلـين آخـرين وشـائعات ثالثـة حـول اإلصـالحات التـى تطـال مختلـف جوانـب‬
‫حياة والتي يبحثها المؤتمر القطري لحزب البعث الحاكم‪.‬‬
‫وف ــى مص ــر الش ــائعات إل ــى انتش ــرت ح ــول غ ــرق العب ــارة الس ــالم ‪ ،89‬والت ــي تناول ــت‬
‫المعالج ــة الحكومي ــة للكارثـ ـة‪ ،‬والمش ــكالت الداخلي ــة وقي ــادات ب ــارزة ف ــى الحكوم ــة والح ــزب‬
‫الحاكم على صالت وثيقة بصاحب العبارة‪ ،‬والشائعات التى تناولت المرشـحين لنتخابـات‬
‫مجلس الشعب ‪2005‬م‪ ،‬مثل ذلك شائعة فى دمياط حول حقيقة بين الحزب الحاكم وحياة‬
‫بع ــض المرش ــحين المس ــتبعد يق ــوم بمقتض ــاها يص ــل ب ــدعم مرش ــح الح ــزب ال ــوطني س ــمير‬
‫موسى لنفوذة الحياة لمجاريها فى عالقته بالحزب الوطني‪.‬‬
‫إضــافة إلــى الشــائعات حــول هــامش حريــة التعبيــر وحريــة الصــحافة وقضــايا الفســاد‪،‬‬
‫وهو نفس ما حدث فى فلسـطين مـع النتخابـات التشـريعية األخيـرة‪ ،‬فقـد تناولـت الشـائعات‬
‫قضــايا الفســاد‪ ،‬فالنائــب العــام يحقــق فــى ‪ 50‬قضــية فســاد مــالي وإداري تبلــغ فيــه األم ـوال‬

‫‪122‬‬
‫المهــدرة فيهــا اكثــر مــن ‪ 700‬مليــون دولر ول يخفــى تــأثير هــذه الشــائعات علــى الظــروف‬
‫المين ــة الص ــعبة واألزم ــات المتالحق ــة والمتغي ـرات السياس ــية واألوض ــاع المالي ــة والعت ــداء‬
‫اإلسـ ـرائيلي المتواصـ ــل وهـ ــو مـ ــا يسـ ــاعد علـ ــى النتشـ ــار الواسـ ــع للشـ ــائعات والتـ ــي يغـ ــديها‬
‫الحتالل وعمالؤه فى الداخل وأفراد فلسطينيين ذوى مصالح وأغراض شخصية‪.‬‬
‫ومن أمثلة الشائعات السياسية‪:‬‬
‫ش ــائعة أطلقه ــا ص ــحفي ض ــد ك ــورازون اكني ــو (رئيس ــة) الفلب ــين أثن ـاء تص ــعيد اح ــداث‬
‫محاولة انقالب عسكري فاشلة وقعت ضدها فى شهر آب سنة ‪1986‬م‪ ،‬فقد اشـاع لـويس‬
‫بيلتـران وهــو مــن أبــرز الصــحافيين فــى جريـدة ذي فيليبــين ســتار ضــمن عمــوده الثابــت فــى‬
‫الجريــدة أن‪" :‬الرئيســة اكينــو قــد اختبــأت تحــت س ـرير نومهــا‪ ،‬عنــدما بــدأت عمليــة الهجــوم‬
‫العسكري من قبل عدد من العسكريين النقالبيين المكلفين باحتالل قصرها الرئاسي‪.‬‬
‫وبعــد أن فشــل النقــالب وبقيــت "اكينــو" تمــارس مســؤوليتها الرئاســية ألكثــر مــن ســنة‪،‬‬
‫اعتقد الصـحفي بيلتـران بـان شـائعته العالميـة عنهـا قـد طواهـا الـزمن‪ ،‬حتـى جـاء يـوم ‪12‬‬
‫تش ـرين األول م ــن الس ــنة التالي ــة ‪1987‬م‪ ،‬ف ــذا بـ ـ "اكين ــو" وبحس ــب م ــا نقلت ــه وكال ــة رويت ــر‬
‫لألنبــاء‪ ،‬بــان الرئيســة اكينــو قــد دعــت عــدد مــن الصــحافيين لزيــارة جناحهــا الخــاص داخــل‬
‫القصر الرئاسي‪ ،‬وأطلعتهم على سريرها الذى امتاز بارتفاعه عـدة سـنتيمترات عـن مسـتوى‬
‫ارضــية قاعــة النــوم‪ ،‬وأثبتــت لهــم أن المــرء لــن يســتطيع الــدخول تحتــه‪ ،‬ثــم قالــت للحضــور‪:‬‬
‫ه ــذا س ـريري ويس ــتحيل أن اختب ــئ تحت ــه‪ ،‬ث ــم ص ــرحت بانه ــا ستقاض ــى الص ــحفي‪ ،‬بيلت ـران‬
‫بدعوى السخرية والتشهير ‪ ،‬لتعطيه درسا لن ينساه طوال حياته‪ ،‬بعد ذلك اضافت "اكينـو"‬
‫بأنها لن تدعه يفعل ذلك‪ ،‬ويفلت من حساب القانون ) (‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫إن تصرف رئيسة الفليبين "أكينو" لمواجهة إشـاعة ظالمـة قـد أطلقهـا صـحفي ضـدها‪،‬‬
‫منته ـ از ظرفــا سياســيا طارئــا لمثــال ينبغــي أن يحتــذى فــى البلــدان األخــرى مــن اجــل عالقــة‬
‫اعالميــة أفضــل بــين الحــاكم والمحكــوم‪ ،‬فالعــالم اليــوم بحاجــة فعليــة أكثــر ليصــدر قوانينــه‪،‬‬
‫ضد كل من تسول له نفسه‪.‬‬

‫‪ -2‬شائعات اجتماعية‪:‬‬
‫وتتمثل فى الشـائعات التـى يوجههـا أفـراد المجتمـع إلـى بعضـهم الـبعض أو إلـى فئـات‬
‫اجتماعية داخل المجتمع كالشيعة والسـنة فـى العـراق والمسـيحيين فـى مصـر أو إلـى فئـات‬
‫نوعيـ ــة كاألطبـ ــاء والمهندسـ ــين والمدرسـ ــين إلثـ ــارة الفـ ــتن والخصـ ــومات وتعميـ ــق الخالفـ ــات‬
‫والمشــاكل وتســتغل الظــروف والمناســبات ودوافــع الكراهيــة والحقــد والحســد لتأليــب فئــة علــى‬
‫أخرى والنيل من سمعة وشرف من توجه إليه مباشرة‪.‬‬

‫‪ -3‬شائعات اقتصادية‪:‬‬
‫تهــدف إل ــى إح ــداث حال ــة م ــن القل ــق والخ ــوف والبلبل ــة ف ــى الس ــوق الم ــالي أو الوض ــع‬
‫القتصادي وبخاصة فى وقت الزمات والحروب‪.‬‬
‫فــى ‪ 13‬نــوفمبر ‪1992‬م‪ ،‬خســر ســوق المــال ‪ 676 Dow Jones‬نقطــة لنتشــار‬
‫شائعة تقول بـان هنـاك انقالبـا عسـكريا علـى الـرئيس الروسـي يـوريين يلتسـن ممـا أدى إلـى‬
‫حصول ارباك فى السوق المالي والمتعاملين‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫وللشائعات دو ار مؤث ار فى بورصات المال العربية‪ ،‬ففي حالة التعامل يكون للشـائعات‬
‫أث ـ ار كبي ـار عليه ــا وف ــى حال ــة اض ــمحالل الس ــوق يك ــون للش ــائعات ك ــذلك أث ـ ار كبي ـر لعملي ــة‬
‫النــزول لتوجــه الســوق فــى التجــاه الــذي يريــده مطلقــو الشــائعات‪ ،‬والســهم إلــى يرتفــع علــى‬
‫الشــائعة اليــوم ثــم يتبــين فــى اليــوم التــالي عــدم صــحته يعــاود النــزول مــن اليــوم التــالي ول‬
‫يستفيد بالطبع إل اصحاب الشائعة وكبار المستثمرين‪.‬‬
‫تمثل وسائل اإلعالم أحد اهم جوانـب انتشـار الشـائعات‪ ،‬فهـى تـؤثر بقـوة فـى ظهورهـا‬
‫وانتشارها وتداولها‪ ،‬وكذلك فى امكانية الوقاية منها‪ ،‬أو مصادرها والقضاء عليها‪ .‬وطبيعيا‬
‫أن يــزداد دورهــا فــى التــأثير وتشــكيل الـرأي العــام مــن خــالل نقــل الحقــائق والمعلومــات عــن‬
‫الحــداث والزمــات‪ ،‬لن حمايــة المســتثمر مــن الشــائعات ت ـرتبط بصــدقية وســائل اإلعــالم‬
‫الوطني ــة‪ ،‬وكلم ــا فق ــدت ه ــذه الص ــدقية ادى ذل ــك إل ــى انتش ــار الش ــائعات م ــن خ ــالل لج ــوء‬
‫المستثمر إلى المصادر األخرى المرتبطـة بمصـالح الخـر‪ ،‬بمعنـى أن قـوة تـأثير اإلعـالم‬
‫فــى المســتثمرين تــزداد عنــدما تكــون المصــادر ذات صــدقية وعلميــة‪ ،‬والمرتبطــة بشخصــية‬
‫المتحـدث ووســيلة اإلعــالم نفســها‪ ،‬وهــذا يعنــى ضــرورة بنــاء الخبــر القتصــادي علــى اســس‬
‫المعلومــة الصــحيحة والدقيقــة‪ ،‬والحــذر مــن نشــر الخبــار الغامضــة وغيــر الواضــحة‪ ،‬ألنهــا‬
‫قابلــة للتأويــل‪ ،‬وســتتحول إلــى شــائعات يروجهــا المســتثمر والشــركة علــى حــد س ـواء‪ ،‬مثلمــا‬
‫تكــون احيانــا الشــائعة مصــدرها "المحلــل القتصــادي" أو "الخبيــر المــالي" بســبب افكارهمــا‬
‫المتناقضة‪ ،‬واجتهاداتهما غير العلمية‪ ،‬وإطالقهما فى تقييم المعلومات‪ ،‬وانحيازهما لجهات‬
‫على حساب جهات أخرى‪ ،‬وبالتأكيد فإن لوسائل اإلعالم الدور البـارز فـى عمليـة التوعيـة‬
‫والتثقيف القتصـادي والمـالي‪ ،‬وفـى تحديـد وإعـادة المتطلبـات الثقافيـة وقواعـد السـلوك لـدى‬

‫‪125‬‬
‫الفـراد والجماعــات‪ ،‬ومحاصـرة الشــائعات وتفنيــدها‪ ،‬ولكــن تطــور وســائل اإلعــالم ل يــؤدى‬
‫دائمــا إلــى القضــاء علــى المنــاخ الجتمــاعي أو النفســى الــذى يولــدها‪ ،‬ألنهــا حاجــة نفســية‬
‫واجتماعية يلجأ لها الفرد ألسباب عديدة ترتبط بشخصيته وثقافته وبيئته الجتماعية‪.‬‬

‫‪ -4‬شائعات دينية‪:‬‬
‫وه ـ ــي شـ ـ ــائعات تتنـ ـ ــاول عقيـ ـ ــدة الموجهـ ـ ــة إليـ ـ ــه بهـ ـ ــدف زلزلتـ ـ ــه وتشـ ـ ــكيله أو تتنـ ـ ــاول‬
‫الشخصــيات الدينيــة والمؤسســات الدينيــة‪ ،‬ومــن ذلــك الشــاعات التــى تعرضــت للهــا الــدعوة‬
‫اإلسالمية قديما من اليهود والمشركين‪ ،‬والن من اعداء اإلسالم الـذين اشـاعوا فـى اوسـاط‬
‫الع ــالم المعاص ــر النطباع ــات المض ــللة ع ــن اإلس ــالم باعتب ــاره دين ــا ي ــدعو إل ــى الره ــاب‬
‫والتطرف ودين ينتشر بالقوة والسيف ل بالبراهين والستدلل‪.‬‬
‫والشائعات التى تتناول المؤسسات الدينية كهيئة المر بالمعروف والنهى عن المنكـر‬
‫السعودية‪ .‬فقد نشرت إحدى الصحف السـعودية خبـر عـن محاولـة مـواطن سـعودي وأسـرته‬
‫النتحار لوجود مظلمة له عند هيئة المر بـالمعروف والنهـى عـن المنكـر إذ احتجزتـه فـى‬
‫بــدروم أحــد الس ـواق التجاريــة وعائلتــه بشــكل ســيء فــى وقــت متــأخر مــن الليــل‪ ،‬وشــائعة‬
‫أخــرى عــن القائهــا القــبض علــى شخصــية إعالميــة معروفــة فــى أحــد المجمعــات التجاريــة‬
‫أثناء قيامه بافتتاح محل تجارى شهير‪ ،‬ومثـال آخـر عـن مـداهمتها لحفـل زواج فـى منطقـة‬
‫اليمامة‪ ،‬واعتدائهم بالضرب على أصحاب الحفل‪.‬‬
‫أيضا كثي ار ما تنتشر شائعات عن اضـطهاد اقبـاط أو منـع بنـاء كنـائس أو قتـل كهنـة‬
‫وتخرج بها منشورات من جمعيات قبطية فى المهجر‪ ،‬ثـم يبـادر إلـى تكـذيبها قـادة الكنيسـة‬

‫‪126‬‬
‫المصرية‪ ،‬وكانت آخر هذه الشائعات رواية عن مقتل قس بجنوب مصر اثناء نقله بسيارة‬
‫الشرطة لستجوابه بسـبب شـروعه فـى بنـاء كنيسـة بـدون إذن أو قـرار رسـمي‪ ،‬وقـد انتبهـت‬
‫لهــذا مجلــة المصــور الرســمية المصـرية وكتبــت تقريـ ار فــى مــايو ‪2004‬م‪ ،‬مــن القريــة التــى‬
‫ينتمــى اليهــا القــس تــرد بــه علــى الشــائعات وتكشــف الحقــائق وقالــت بوضــوح‪ :‬إن مــا يتــردد‬
‫محــض شــائعات بــدليل ش ــهادات ابنــاء القريــة – مســلمين ومس ــيحيين – لكــن خطــورة ه ــذه‬
‫الشائعات أنها تعطى مؤش ار لمنظمـات دوليـة عـن حـالت اضـطهاد غيـر حقيقيـة لألقليـات‬
‫وتستغلها منظمات بعينها لتشويه صورة مصر والضغط عليها‪.‬‬
‫وق ــد يس ــتخدم الره ــابيون الش ــائعات الديني ــة للتمهي ــد لإلره ــاب م ــن ذل ــك ش ــائعة ط ــب‬
‫القاهرة منذ سنوات وأشاعوا أنه نزع النقاب بيده من على وجه طالبة وهو ما نفته الطالبـة‬
‫نفسها لكن ذلك ل يمنع الهياج والتهييج والمظاهرات والحتجاجـات‪ ،‬وقريـب منـه مـا حـدث‬
‫فى نفس الكلية حيث اقيمت حفلة دعيت اليها فرقة المصريين‪ ،‬واشيع فى ذلك الوقت‪ ،‬أن‬
‫هذه الفرقة متخصصة فـى تمزيـق المصـاحف إلـى صـفحات ينثرونهـا علـى ارض المسـرح‪،‬‬
‫بينما يرقصون ويدبدبون بأرجلهم فوقها خـالل الغنـاء‪ ،‬يقـودهم فـى ذلـك رئـيس الفرقـة هـاني‬
‫شنودة‪ ،‬ووقتها اضطرت إدارة الكلية إلى إقامة الحفل تحت حراسة المن المركزي‪.‬‬
‫ولست فى حاجة إلى توضيح الصلة بين حرب الشائعات وبـين الرهـاب‪ ،‬فالشـائعات‬
‫هى المدخل اآلمن لتنفيذ العملية الرهابية‪ ،‬ومن امثلتها حملة الشائعات التى سبقت جميع‬
‫ح ـوادث الفتنــة الطائفيــة فــى مصــر‪ ،‬مثــل شــائعة بيــان البابــا شــنودة قبــل ح ـوادث الخانكــة‪،‬‬
‫وشائعة الدعوة إلنشاء دولة قبطية‪ ،‬وشائعة قيام الطباء القبـاط بتعقـيم النسـاء المسـلمات‬

‫‪127‬‬
‫قب ــل حـ ـوادث الزاويـ ــة الحمـ ـراء‪ ،‬وشـ ــائعة الصـ ــلبان علـ ــى مالبـ ــس المحجبـ ــات قبـ ــل حـ ـوادث‬
‫الصعيد‪ ،‬كل هذه الشائعات شائعات مدروسة استهدفت نتائج معينة‪.‬‬
‫اســتندت إلــى د ارســة نفســية لتجاهــات الـرأي العــام‪ ،‬ومــا يمكــن أن تــؤثر فيــه‪ ،‬وخلقــت‬
‫اإلطار النفسى المالئـم لقبـول عمليـات ارهابيـة فـى مرحلـة لحقـة‪ ،‬هـذه الشـائعات ل يمكـن‬
‫أن تكون من صنع خيال‪ ،‬بل الدق انها من صنع اجهزة متمرسة‪ ،‬تضع الشائعة وتتركها‬
‫لكي تختمر‪ ،‬ثم يحدث المحظور‪.‬‬
‫ومن بين هذه الشائعات‪ ،‬شائعة السبراى التى أطلقت منذ سـنوات‪ ،‬اسـبراى اشـيع أن‬
‫بع ــض المس ــيحيين يرش ــونه عل ــى مالب ــس الفتي ــات‪ ،‬فيت ــرك اث ـ ار ل يظه ــر إل بع ــد الغس ــيل‪،‬‬
‫مكون ــا ص ــليبا أو ص ــلبانا‪ ،‬والمس ــتهدف ه ــو المحجب ــات‪ ،‬وه ــو ام ــر مف ــزع للرج ــال يس ــتثير‬
‫نخوتهم وشهامتهم ورغبتهم فى النتقام‪.‬‬
‫إشاعة أخرى أطلقوها منذ أشهر اتهموا فيها بعض اصحاب محالت السوبر ماركت‪،‬‬
‫بتصـوير البنــات المسـيحيات والحصــول علــى توقيعــاتهن علــى عقــود زواج عرفيــة‪ ،‬معلومــة‬
‫غي ــر ص ــحيحة لك ــن فيه ــا اس ــتفزاز للمش ــاعر ونتيج ــة درامي ــة ت ــدفع إل ــى الغض ــب وت ــدعو‬
‫لالنتقام!‬
‫سيدي الرئيس‪:‬‬
‫إن مص ــر تبك ــي ب ــدل ال ــدموع دم ــا وه ــي تس ــمع م ــا اش ــيع م ــن أن بع ــض أه ــالي أب ــو‬
‫المطــامير خطف ـوا زوجــة ارعــى كنيســة واجبروهــا علــى اعتنــاق الســالم‪ ،‬وأن مســئول حزبيــا‬
‫بمحافظـة أســيوط يجبــر بعــض المســيحيين علــى اعتنــاق اإلســالم وانــه يعطــل بنــاء الكنــائس‬
‫وأن بعض أهالي قرية‬

‫‪128‬‬
‫هـ ــذه الشـ ــائعات فيهـ ــا بحـ ــق اسـ ــتفزاز للمشـ ــاعر ونتيجـ ــة تـ ــدفع إلـ ــى الغضـ ــب وتـ ــدعو‬
‫للتظــاهر‪ ،‬قــد تكــون هــذه الشــائعات صــناعة مص ـرية وقــد تكــون مســتوردة صــنعتها أجه ـزة‬
‫متخصصة‪ ،‬ول أشك أن إهمال هذه الشائعة أمر خطير‪ ،‬فمواجهة هذه الشائعات يجب أن‬
‫تتوازى مع مواجهة الطلقات ومنذ مظاهرة الكاتدرائية وحتى هذه اللحظة فإن هذه المظـاهر‬
‫هــى الحــدث األهــم علــى الســاحة فكــل الصــحف تكتــب وكلهــا توجــه التهــام إلــى أيــد اجنبيــة‬
‫باتخ ــاذ اس ــباب ه ــذه الفتن ــة واص ــطناعها ب ــل وإيجاده ــا م ــن الع ــدم‪ ،‬وال ــبعض ح ــدد إس ـرائيل‬
‫باعتبارها المستفيد الوحيد من بـذر بـذور الفتنـة الطائفيـة والـبعض اآلخـر حـدد قـوى أجنبيـة‬
‫أخرى هدفها تحطيم القوة المصرية‪.‬‬

‫‪ -5‬شائعات حربية‪:‬‬
‫إن مســيرة اســتخدام الشــائعات فــى الحــروب تمضــى إلــى يومنــا هــذا وقــد مضــت عبــر‬
‫عص ــور متع ــددة م ــرو ار بح ــروب الك ــافرين والمن ــافقين ف ــى فج ــر اإلس ــالم األول باس ــتخدام‬
‫عليـه وسـلم فـى غـزوة أحـد بغـرض محاربـة‬ ‫الشائعات كمثل إشاعة مقتل الرسول صـلى‬
‫المســلمين معنويــا ونفســيا إلــى دخــول العــرب المســلمين إلــى أوروبــا وتأســيس النــدلس إلــى‬
‫غزو المستعمر دول العالم الثالث ولكـن تسـتوقفنا اكبـر شـائعة شـهدها التـاريخ وهـى أدعـاء‬
‫اسرائيل بان فلسطين هى موطنهم والمتابع للصراع العربي‪ /‬اإلسرائيلي يجد أن اسرائيل قـد‬
‫حاربــت العــرب عســكريا ونفســيا متســببة بشــائعات تـرتبط بــالفكر أو العقيــدة أو المبــدأ كجــزء‬
‫مــن الحــرب النفســية وهــى عمومــا حــرب علــى األرض والمبــادئ وقــد شــعرت اس ـرائيل بــان‬
‫استخدام الشائعة فى هذه الحـرب اكثـر وقعـا ونفعـا واقـل تكلفـة ولـذلك قالـت (دائمـا تسـتهلك‬

‫‪129‬‬
‫كميــة كبي ـرة م ــن الــذخيرة الغالب ــة لتــدمير موقع ــا واحــدا مــن مواق ــع العــدو‪ ،‬ولك ــن ألــيس م ــن‬
‫الفضل أن تستعمل الدعاية والحرب النفسية لشل الصابع إلى تضغط على زناد المدفع)‬
‫ومن اجل ذلك دأبت اسرائيل على نشـر الشـائعات عـن جيشـها وقوتـه التـى ل تقهـر‪ ،‬وعـن‬
‫خط بـارليف الـذى يمثـل قلعـة ل يمكـن عبورهـا‪ ،‬إلـى غيـر ذلـك مـن شـائعات تتعلـق بـالحق‬
‫التاريخي لليهود فى فلسطين‪.‬‬

‫‪ -6‬الشائعات الثقافية‪:‬‬
‫وه ــذه الش ــائعات تأخ ــذ بع ــدا أي ــديولوجيا لتزيي ــف الحق ــائق التاريخي ــة والتش ــويه الثق ــافي‬
‫والحضاري للموجهة إليه‪.‬‬
‫خي ــر مث ــال عل ــى ه ــذا الن ــوع الش ــائعات الص ــادرة ع ــن اإلع ــالم اإلس ـرائيلي فق ــد ص ــدر‬
‫شــائعات خطيـرة يــدعى مــن خاللهــا ملكيــة اليهــود لألثــار الفلســطينية واأله ارمــات المص ـرية‬
‫ليثبت للعالم أن لليهود تاريخ موغل فى الحضارة النسانية والعمرانية فى منطقتنـا العربيـة‪.‬‬
‫وربما لن يستغرب أحد إذا ما سمع أن آثار بغداد المسروقة تعرض فى متاحف تل أبيـب‪،‬‬
‫وإن غدا لناظره قريب‪.‬‬
‫وعلى خط مواز آخر وبطريقة مماثلة كما أشـارت الكاتبـة باسـمة محمـد فـى مقـال لهـا‬
‫علــى شــبكة النترنــت‪ :‬تصــدى عــدد كبيــر مــن المغنيــين الس ـرائيليين لمهمــة س ـرقة الت ـراث‬
‫الفنــي العربــي بــداعي تجديــده‪ ،‬فــاعطوا ألنفســهم الحــق فــى اعــادة تســجيل اغنيــات أم كلثــوم‬
‫وعبــدالحليم وفريــد الطــرش وليلــى م ـراد وأســمهان معتب ـرين انفســهم ودون وجــه حــق‪ ،‬أنهــم‬
‫أبناء هذا التراث‪ ،! ..‬كما قـام أثريـاء اسـرائيل بتمويـل الفـرق الفنيـة السـرائيلية التـى تجـوب‬

‫‪130‬‬
‫العالم تحت اسم الفرق الندلسية‪ ،‬وهى فـرق تـزعم انهـا تحـي التـراث الفنـي العبـري وترتـدى‬
‫الزى األندلسي وتتغنى بالموشحات الندلسية بشعر عربي أو عبرى‪.‬‬
‫وعلى هذا المنـوال مـن التضـليل والتزويـر الـذي بـرع فيـه اإلعـالم اإلسـرائيلي‪ ،‬ابتكـرت‬
‫البـرامج والفــالم التــى تخــدم اهــداف الصــهيونية وتــؤمن لهــا الدعايــة الالزمــة لتأســيس دولــة‬
‫اسرائيل‪ ،‬بينما اتخذ اإلعالم العربـي عمومـا موقـف المتفـرج والمتلقـي! وبـدل مـن أن يبحـث‬
‫ع ــن س ــبل الص ــمود ام ــام المنافس ــة الخارجي ــة وه ــذا الت ــدفق الالمتن ــاهي لس ــيل المعلوم ــات‬
‫والخبار المزورة التى ثبت انها ل تتعامل مع قضايانا بحياديـة وانصـاف‪ ،‬اخـذ يتلقـف كـل‬
‫مـن يصــدره الغــرب لنــا مــن معلومــات واخبـار وبـرامج دون تمحــيص أو تــدقيق فيهــا‪ ،‬وهكــذا‬
‫أصبح المصدر الرئيسي للمواد العالمية الخاصة بـالعرب اجنبيـا يعمـل دون كلـل أو ملـل‬
‫على تهميش قضايانا ونشر عادات هجينة وزرع بذور التفرقة بين بناء المة الواحدة‪.‬‬
‫وتأخ ــذ الح ــرب الثقافي ــة الت ــى تش ــنها اآلل ــة العالمي ــة الص ــهيونية أبع ــادا ش ــتى‪ ،‬إذ ل‬
‫تكتفــى بمحاولــة تهمــيش قضــية الن ـزاع العربــي‪ /‬اإلس ـرائيلي وتزويرهــا فقــط وإنمــا أيضــا تقــيم‬
‫الــدنيا ول تقعــدها إذا مــا فكــر أحــد بإنتــاج اعمــال فنيــة أو ادبيــة تفضــح الم ـزاعم الصــهيونية‬
‫وأضاليل اسرائيل‪ ،‬بزعم أن مثل تلك العمـال تـؤجج الصـراع وتتسـبب فـى كراهيـة األطفـال‬
‫العرب إلسرائيل كما حصل فى مسلسلي فارس بال جواد والشتات اللذين منعا من العـرض‬
‫فى أكثر المحطات العربية بسبب اعتراضات اسرائيل عليهما فى الكونغرس األمريكي‪.‬‬
‫ولــم يتـوانى اإلعــالم اإلسـرائيلي لحظــة واحــدة عــن اســتخدام الشــائعات كوســيلة عدائيــة‬
‫خطيرة ضد العرب بهدف تفويض الروح المعنوية عند المواطن العربي ولم يكتـف بـإطالق‬
‫الش ــائعات السياس ــية والحربي ــة‪ ،‬ب ــل وس ــع دائـ ـرة مص ــنع الكاذي ــب المتخص ــص ب ــه ليش ــمل‬

‫‪131‬‬
‫الفنانين والمثقفين العرب‪ ،‬فقد رافقـت الشـائعات السـرائيلية المطربـة المصـرية الراحلـة ليلـى‬
‫مراد على مدى اكثر مـن اربعـين عامـا‪ ،‬رغـم انهـا اعتزلـت واعلنـت اسـالمها واحتجبـت عـن‬
‫الضواء فى بداية حياتها الفنية‪ ،‬إل أن السرائيليون ظلوا يزعمون حتى لحظة وفاتها انها‬
‫ستترك مصر لتعيش فى موطنها األصلي إسرائيل‪.! ..‬‬
‫كم ــا إن اسـ ـرائيل تش ــيع ك ــل ع ــام أن الفن ــان حس ــين فهم ــى س ــمح له ــا بالمش ــاركة ف ــى‬
‫مهرجان القاهرة السينمائي مما اضطره إلى نفى الشائعة العديد من المـرات بوصـفه مـدير‬
‫للمهرجان‪ ،‬والغريب أن الصحافة المصرية تساهم احيانا فى تضخيم الشـائعات السـرائيلية‬
‫عنـ ــدما تنشـ ــرها علـ ــى شـ ــكل خبـ ــر‪ ،! ..‬وربمـ ــا لـ ــم يسـ ــلم احـ ــد مـ ــن فنـ ــاني مصـ ــر مـ ــن اذى‬
‫الشائعات السرائيلية‪ ،‬إل أن بعض هؤلء قد لعب دو ار كبي ار احيانا فى ترويج الشائعة من‬
‫خالل سلوكياته وتصرفاته الال مسؤولة‪ ،‬وعلى سبيل المثال نذكر أن عمرو ديـاب كـان قـد‬
‫أحيــا عــددا مــن الحفــت فــى كنــدا عــام ‪1992‬م‪ ،‬وتــردد فــى الوســاط الفنيــة وقتهــا أن واحــدة‬
‫مــن تلــك الحفــالت كانــت لصــالح شــركة ميــدل إيســت برودكشــن التــى يملكهــا رجــل أعمــال‬
‫إسرائيل لكن تبـين فيمـا بعـد أن الخبـر هـو شـائعة مغرضـة‪ ،‬علـى حـد تعبيـر عمـرو ديـاب‪،‬‬
‫الذى سارع إلى نفيها بشدة فور وصوله إلى مصر‪ ،‬حيـث أكـد أنـه يـرفض إحيـاء أي حفلـة‬
‫لص ــالح أي جه ــة اس ـرائيلية حت ــى ول ــو اض ــطر للبق ــاء دون عم ــل‪ ،‬غي ــر أن ــه وبع ــد الت ــدقيق‬
‫والتمحــيص اتضــح أن ســبب انتشــار الشــائعة هــو ارتــداء عمــرو ديــاب فــى احــدى الحفــالت‬
‫هناك لقميص مزركش بنجمة داوود السداسية‪.‬‬
‫ومـ ــن المثلـ ــة األخـ ــرى التـ ــى نسـ ــتدل بهـ ــا علـ ــى دور الفنـ ــان فـ ــى إطـ ــالق الشـ ــائعات‬
‫وتروجيه ــا‪ ،‬م ــا قام ــت ب ــه الفنان ــة المص ـرية ايم ــان الط ــوخي إل ــى قام ــت ب ــدور إس ــتر الفت ــاة‬

‫‪132‬‬
‫اليهوديــة فــى مسلســل أرفــت الهجــان‪ ،‬فعنــدما اقامــت الســفارة الس ـرائيلية فــى القــاهرة حفــال‬
‫تكريميـ ــا ألسـ ـرة المسلسـ ــل‪ ،‬كانـ ــت الوحيـ ــدة التـ ــى لبـ ــت الـ ــدعوة مـ ــن بـ ــين عشـ ـرات الفنـ ــانين‬
‫والمثقف ــين ال ــذين دعـ ـوا للحف ــل‪ ،‬وقـ ــد جعله ــا هـ ــذا التص ــرف عرضـ ــة لألقاوي ــل والنتقـ ــادات‬
‫والشائعات التى ربطت بين دورها فى المسلسل وبين اتجاهها السياسي‪.‬‬
‫وكج ــزء مـ ــن الح ــرب النفسـ ــية راح يـ ــروج ب ــين الحـ ــين واآلخـ ــر لش ــائعات حاقـ ــدة حـ ــول‬
‫الفنانين الذين يقفون فى الصف العربي ويرفضون مسألة التطبيع‪ ،‬وقد سـاعدها علـى ذلـك‬
‫الســلوك المشــين لــبعض الفنــانين المغمــورين وأنصــاف المثقفــين الــذين يبحثــون عــن شــهرة‬
‫سريعة أو نجومية مبكرة‪ ،‬وجـدوا أن طريـق الشـهرة يبـدأ بزيـارة إسـرائيل‪ .‬بـل وجلـس الـبعض‬
‫منهم يحدثنا دون حياء عبـر اثيـر الذاعـة السـرائيلية عـن الحفـاوة التـى اسـتقبل بهـا‪ ،‬وعـن‬
‫المختار ويعـدد م ازيـا‬ ‫كرم الضيافة اإلسرائيلي‪ ،‬وراح يتشدق بضرورة التطبيع مع شعب‬
‫التعايش السلمي بين العرب واليهود‪.‬‬
‫وبفضـل التـأثير اإلعالمــي الـذى يتقنــوه جيـدا‪ ،‬اســتطاع الصـهاينة ابتــداع قـانون جيســو‬
‫الشهير الذى لحق عدد كبير من المثقفين والمفكرين الغرب والعرب الذين قالوا كلمة حـق‬
‫ووقفوا وقفـة مشـرفة مـع الحقـوق العربيـة‪ ،‬وهـذا القـانون يفـرض عقوبـات تتـراوح بـين السـجن‬
‫ودفــع الغ ارمــات الماليــة الباهظــة بتهمــة معــاداة الســامية‪ ،‬أمــا حــين ينشــغل اإلعــالم العربــي‬
‫بب ــث البـ ـرامج الهزيلـ ــة ويتص ــدى لمهم ــة نشـ ــر ثقاف ــة التطبي ــل والتزميـ ــر والتهـ ـريج والتمييـ ــع‬
‫والتسطيح والتسخيف والتخدير الفكري التى يريدنا الخرون أن نتزود بهـا‪ ،‬فـإن اسـرائيل ل‬
‫تخفــى ســعادتها الغــامرة بــذلك‪ ،‬ولهــذا الســبب توقــف اإلعــالم اإلس ـرائيلي مطــول عنــد ب ـرامج‬
‫معينة تبثهـا الفضـائيات العربيـة‪ ،‬وكـان لكبـار المسـؤولين السـرائيليين آراء علنيـة مـثال مـن‬

‫‪133‬‬
‫برن ــامج س ــوبر س ــتار ال ــذى أثب ــت لإلسـ ـرائيليين كم ــا ص ــرح أح ــد مستش ــاري آريي ــل ش ــارون‬
‫لصــحيفة امريكيــة‪ ،‬أن عــدو اليهــود‪ :‬لــيس المســلمين ‪ ،‬لكــن عــدونا هــو اإلســالم وتعاليمــه‪،‬‬
‫ولذلك ليس من قبيل المبالغة القول أن إسرائيل هى المستفيد األول من الهبـوط السـائد فـى‬
‫الســاحة الفنيــة العربيــة التــى بــدأت تشــهد منــذ مطلــع الثمانينــات تــدهو ار ملحوظــا علــى كافــة‬
‫المســتويات‪ ،‬فاألغــاني الهابطــة اكثــر مــن الهــم علــى القلــب والفــالم الخالعيــة ل تعــد ول‬
‫تحص ــى وكتائ ــب الته ـريج المج ــاني تتك ــاثر يوم ــا بع ــد آخ ــر ب ــداعي خدم ــة المس ــرح العرب ــي‬
‫وإعادة أمجاده‪.‬‬
‫بصورة عامة صارت الشائعة حاليا هى احدى اهـم وسـائل تحقيـق الهـداف المنشـودة‬
‫لكثير من الدول فبعدما انتهـت الحـرب البـاردة بـين المعسـكر الشـرقي والغربـي بـين التحـاد‬
‫الســوفيتي ســابقا والوليــات المتحــدة التــى اســتخدمت فيهــا اكثــر الشــائعات حساســية وخطــورة‬
‫كعمـ ــل سياسـ ــي‪ ،‬واسـ ــتخباراتي انفـ ــردت امريكـ ــا بعـ ــد نصـ ــرها بقيـ ــادة العـ ــالم وصـ ــارت القـ ــوة‬
‫العظمــى الوحيــدة حتــى الن وحتــى تصــل إلــى ذلــك اســتخدمت شــائعات كثيـرة تتحــدث عــن‬
‫تقدمها فى صناعة الحرب وآلياتها على احدث الطرز وبآخر ما تنتجه التكنولوجيا قد كان‬
‫العــالم قبــل ســنين قليلــة يصــدق بمــا تنشـره وتبثــه عبــر اعالمهــا وغيـره مــن انهــا تســتطيع أن‬
‫ترى النملة السـوداء فـى الصـخرة الصـماء فـى قـاع البحـر وفـى لحـج السـماء‪ ،‬ولكـن جـاءت‬
‫أحداث ‪ 11‬سبتمبر لتكشف حقيقـة امريكـا وتعريهـا مـن كثيـر مـن شـائعاتها حتـى الن وإن‬
‫كنا نعترف بوقتها التكنولوجية والحربية‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫م ــا ازل ــت امريك ــا ماض ــية ف ــى الس ــتفادة مم ــا تمل ــك م ــن وس ــائل التكنولوجي ــا ف ــى نش ــر‬
‫شائعاتها بطريقة اكثر قـوة وأدمعهـا حجـة ورهبـة ‪ ،‬فقبـل سـنين قليلـة اتهمـت عـددا مـن دول‬

‫‪134‬‬
‫العــالم الثالــث بانهــا تمتلــك اســلحة كيمائيــة وتصــنعها فض ـربت مصــنع الشــفاء فــى الســودان‬
‫بحجة أنه مصنع للسالح الكيميائي وهـى تقصـد بـذلك أن تضـرب القتصـاد السـوداني‪ ،‬ثـم‬
‫بعـد ذلـك اتضـح بمــا ل يـدع مجـال للشــك أن اتهامهـا كـان مجــرد افتـراء‪ ،‬فبعـد احــداث ‪11‬‬
‫سبتمبر الشهيرة بواشنطن ونيويورك اراد بعض المريكيين إشاعة أن اإلسالم دين ارهـاب‬
‫وأن العالم بأسره يعانى من هذا الرهاب الذى يدعيه‪ ،‬ومن ثم ترفع العصا لمـن خـرج عـن‬
‫طاعتها وعصا‪ ،‬وبما تملك من وسائل تكنولوجية عصرية تريد أن تتعامل مـع العـالم علـى‬
‫اس ــاس م ـن ل ــيس معه ــا فه ــو ض ــدها‪ ،‬وه ــى تع ــد للح ــرب ض ــد الره ــاب ال ــذى ت ــزعم تفش ــيه‬
‫وتحشد لها كل قوى العالم الظالم والمظلوم قويها وضعفيها لتردع من يقول ل ألمريكا‪.‬‬
‫الن تبحث امريكا عن طريقة تربط بها النشـاط الع ارقـي الحـالي بتنظـيم القاعـدة لتقنـع‬
‫العالم بأنها تحارب لصالحه‪ ،‬وهي توظف المم المتحدة للبحث عن دليـل علـى أن العـراق‬
‫ينتج السالم الكيميائي وحتـى تخـرج للنـاس بـدليل دامـغ تطلـب مـن العـالم أن يصـدقها فهـى‬
‫تستخدم كل الفضاء وعلومه لمعرفة ما يدور فى العراق ومـا جـاوره‪ ،‬والهـدف مفهومنـا‪ ،‬إنـه‬
‫التسلط على العالم اجمـع والعـالم العربـي بصـورة خاصـة وإن كـان قـد اعتبـر الكاتـب ديسـك‬
‫أن ما تدعيه امريكا ل يخرج عن كونه هراء‪.‬‬

‫‪ -7‬الشائعات الفنية‪:‬‬
‫أصــبحت الشــائعات عنصـ ار اساســيا مــن عناصــر الخبــار التــى تتنــاول حيــاة الفنــانين‬
‫المشاهير بشكل عام فال يمر عام دون أن تتناول الصحافة هنـا وهنـاك حيـاة أحـد الفنـانين‬
‫أو الفنانات‪ ،‬وتكـون الشـائعات هـى ملـح التغطيـة‪ ،‬فهنـاك لغـط كبيـر‪ ،‬وتضـارب فـى اخبـار‬

‫‪135‬‬
‫الحــداث المتعلقــة بســيرة اهــل الفــن‪ ،‬وتختلــف الشــائعات فــى نوعهــا‪ ،‬وحجمهــا ومصــدرها‪،‬‬
‫وحبكتها‪ ،‬وكيفية انتشارها‪.‬‬
‫فمعظم الشائعات التى تطارد الفنانين تالمس وت ار حساسا لديهم‪ ،‬إما عالقـات زوجـة‪،‬‬
‫أو فضــائح أو ج ـرائم‪ ،‬أو اخ ــتالس أو تزويــر‪ ،‬أو انتق ــال لموقــع جديــد‪ ،‬وع ــادة تكــون حي ــاة‬
‫الفنـ ــان الخاصـ ــة عرضـ ــة لتنـ ــاول الفـ ــالم الصـ ــحفية المتعطشـ ــة للشـ ــائعات‪ ،‬والباحثـ ــة عـ ــن‬
‫الثارة‪ ،‬وقد تعرض العديد من النجوم خالل رحلتهم الفنية إلى الكثير مـن الشـائعات‪ ،‬التـى‬
‫ل شك انها ستلقى بظاللهـا علـى حيـاتهم‪ ،‬سـواء كـان علـى الصـعيد الفنـي‪ ،‬أو الجتمـاعي‬
‫أو الشخصي‪.‬‬
‫وتعــد الشــائعات جــزءا مــن ضـرائب الشــهرة التــى يقتطعهــا الفنــان أو الفنانــة مــن حياتــه‬
‫الخاصــة‪ ،‬ومــن أعصــابه ووقتــه‪ ،‬وكانــت الفنانــة احــالم مــن اشــهر ضــحايا الشــائعات بــين‬
‫الفنان ـ ــات الخليجي ـ ــات‪ ،‬حي ـ ــث تناقل ـ ــت المج ـ ــالت والص ـ ــحف الفني ـ ــة اخباره ـ ــا باس ـ ــتمرار ‪،‬‬
‫وتعرضــت لشــائعات قويــة خاصــة حــول زواجهــا مــن بطــل الراليــات مبــارك الهــاجري‪ ،‬ممــا‬
‫جعلها تضع حـدا لهـذه الشـائعات بـإعالن زوجهـا رسـميا وفـى حفـل ضـخم فـى مدينـة دبـى‪،‬‬
‫كمــا تعــرض تاريخه ــا الفنــي لهج ــوم شــرس ل يخلــو م ــن نيبــتن المقص ــد‪ ،‬وخبــث التن ــاول ‪،‬‬
‫وكانت الشائعة سيدة الموقف‪ ،‬حيث تحدثت الصحف عن بداياتها الفنية‪ ،‬ومـا إلـى لـك إل‬
‫أن الفنانــة احــالم كانــت فــى كــل مـرة تتصــدى لتلــك الشــائعات بضـراوة شــديدة‪ ،‬وقــال بعــض‬
‫النق ــاد الفني ــين أن ش ــهرة اح ــالم‪ ،‬وقاع ــدتها الجماهيري ــة كان ــت الس ــبب ف ــى حج ــم الش ــائعات‬
‫واهتمام الصحافة بها‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫كمــا كــان نصــيب الفنــان ارشــد الماجــد وافــر الح ـظ العظــيم فــى مجــال الشــائعات التــى‬
‫عمت الصحف والمجالس العربية‪ ،‬وكان أبرز تلك الشائعات نبأ زواجه من إحدى الفتيات‬
‫وأنه رزق منها أبنا عمره عامان‪.‬‬
‫كذلك تطارد الشائعات الفنانة أنعام‪ ،‬وأكثرها رواجا تلك التى تتحدث عـن زواجهـا مـن‬
‫الموزع الموسيقى‪ ،‬فهد الذي قدم لها العديـد مـن العمـال‪ ،‬وأقـام معهـا تعاونـا كبيـ ار‪ ،‬وظلـت‬
‫أنغام تنفى هذه الشائعات باسـتمرار وتؤكـد أنهـا لـن تخفـى زواجهـا عـن العـالم‪ ،‬وأنهـا إذا مـا‬
‫أقدمت على الزواج ستعلن ذلك للمأل دون شك‪.‬‬
‫ولم يسلم الفننان العراقي كـاظم السـاهر مـن شـظايا الشـائعات‪ ،‬حيـث أشـيع أنـه قضـى‬
‫نحبــه أثنــاء جولــة فنيــة بســبب حــادث طــائرة‪ ،‬إضــافة إلــى قصــة زواجــه مــن احــدى الفنانــات‬
‫العربيات التى دار حولها الكثير مـن الحـديث‪ ،‬ومـن الشـائعات أيضـا مـا تعـرض لـه عمـرو‬
‫دياب حيث أشيع أنه دخل المستشفى إثر حادث تعرض له أثناء إحدى رحالتـه الفنيـة فـى‬
‫لندن‪ ،‬كذلك شائعة زواجه من إحدى الفرنسيات‪.‬‬
‫كم ــا تناول ــت الش ــائعات خالفات ــه م ــع المتعه ــدين وش ــركات النت ــاج الت ــى وص ــلت إل ــى‬
‫المحاكم وبلغت تكاليفها الماليين‪ ،‬إصالة نصري الفنانـة السـورية‪ ،‬عانـت هـى األخـرى مـن‬
‫الش ــائعات‪ ،‬حي ــث اتهم ــت بس ـرقة العدي ــد م ــن العم ــال الفني ــة واللح ــان وطال ــت الش ــائعات‬
‫خالفاتهــا مــع الفنانــات الخليجيــات بســبب اتهامهــا لبعضــهن بالضــعف الفنــي‪ ،‬لكــن أصــالة‬
‫نفــت كــل ذلــك بشــدة‪ ،‬وأكــدت أن جميــع الفنانــات فــى الوســط الفنــي العربــي زمــيالت لهــا ول‬
‫تكن ألي منهم غير الود والحترام‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫لــم تــرحم الشــائعات البغيضــة فنــان العــرب محمــد عبــده‪ ،‬بــل لمســت حياتــه الخاصــة‬
‫حينم ــا أش ــيع أن ــه ت ــزوج عل ــى أم العي ــال وش ــائعة أخ ــرى ح ــول اعت ازل ــه الف ــن س ــيطرت عل ــى‬
‫الساحة الفنية فى فترة من الفترات‪.‬‬
‫والصحافة والوسائل الجماهيرية األخرى كاإلذاعة والتليفزيون والقنوات الفضائية‪ ،‬رغـم‬
‫أنها تسهم فى إثراء الساحة الفنيـة بالعديـد مـن الموضـوعات النقديـة التـى تسـاعد علـى رفـع‬
‫المســتوى الفنــي لألعمــال المطروحــة أو طــرح القضــايا الفنيــة وتعريــف الجمهــور بمجريــات‬
‫العمل الفني إل أن التنافس بين الفنـانين لنشـر اطيـارهم‪ ،‬ومجـاراة الصـحف لهـم فـى النشـر‬
‫دون التأكــد مــن المصــدر يس ـاهم فــى نشــر كثيــر مــن الشــائعات الفنيــة وخصوصــا الخبــار‬
‫والشائعات المغرضة التى تتسلل من بعض الفنانين ضد البعض الخر‪.‬‬
‫وقد وصل البعض مداه بإنشاء مواقع اليكترونية لمهاجمة فنانين آخرين بعيـنهم وتبـث‬
‫صــو ار عاريــة بعضــها مــزور وبعضــها الخــر تــم التقاطــه فــى مناســبات تب ـديل مالبــس أو‬
‫أخطاء غير مقصودة تظهر فيها مناطق حساسة من جسد الفنانة‪.‬‬
‫وه ــذه المواق ــع الجدي ــدة‪ ،‬وعل ــى مس ــؤولية خبي ــر ف ــى ه ــذا المج ــال‪ ،‬تموله ــا فنان ــات أو‬
‫فنانون ألنها تتكلف الكثير بغرض تشـويه سـمعة زميـل أو زميلـة فـى الوسـط الفنـي ويظهـر‬
‫ذلـك مــن حجــم مـا يحتويــه الموقــع مـن اقسـام تضــم الفيـديو والصــوتيات والصــور‪ ،‬والخبــار‬
‫والشائعات والنكات البذيئة‪ ،‬أشهر زبائن وضحايا هذه المواقع بالطبع روبي‪ ،‬والتي قيل إن‬
‫زميلة لها تمول الموقع الذى يبث صورها وهى شبه عارية ومخمورة حسب ادعـاء الموقـع‪،‬‬
‫تـراقص الشــباب فــى عــدد مــن البــارات والخمــارات بعواصــم الـدول العربيــة عــالوة علــى عــدد‬

‫‪138‬‬
‫ض ــخم م ــن الخب ــار والش ــائعات الت ــى تتن ــاول طبيع ــة عالقته ــا بمخرجه ــا شـ ـريف ص ــبري‬
‫والقضايا بينها وبين بعض المنتجين ونقابة المهن الموسيقية‪.‬‬
‫ومن ضمن الزبائن نانسي عجرم‪ ،‬وقد أطلقت بعـض المنافسـات لهـا عـدة مواقـع تبـث‬
‫صو ار متقنة بعضها هزلي والبعض الخر تبدو فيـه عاريـة‪ ،‬عـالوة علـى مجموعـة ضـخمة‬
‫من الصور لها قبل عمليات التجميل التى اجرتها بوجهها وصدرها وصورها بدون ماكيـاج‬
‫تظهر وجهها الحقيقي بدون رتوش‪ ،‬فتبدو فتاة عادية ليس بها أي مسحة من الجمال ‪.‬‬
‫كمـا لحقـت الشـائعات المطـرب عمـرو ديـاب فقيـل إنـه أصـيب بأزمـة قلبيـة علـى أحــد‬
‫المسارح‪ ،‬وأشيع عن المطرب كـاظم السـاهر‪ ،‬زواجـه سـ ار مـن حسـناء أجنبيـة‪ ،‬وبعـد دخـول‬
‫القوات المريكية العراق انطلقت شائعات تؤكد أنه أحد رموز النظام العراقي السابق‪.‬‬

‫‪-8‬الشائعات الصحية‪:‬‬
‫الصــحة م ــن المج ــالت الت ــى تحظــى باهتم ــام الن ــاس جميع ــا‪ ،‬وتعــد ف ــى الوق ــت نفس ــه‬
‫مج ــال خص ــبا لت ــرويج الش ــائعات وخاص ــة ب ــين المرض ــى وبعض ــهم ال ــبعض ويك ــون مث ــال‬
‫الحديث والحوار عن الطب والطباء والوصفات الطبيعية وكل كذا‪ ،‬وسـمعت كـذا‪ .‬أو قـال‬
‫له أحد الزمالء أو علمت من فالن… إلـخ‪ ،‬وتـداخل أحيانـا معهـا المثـال الشـعبية كشـائعة‬
‫اكــل الســمك بعــد شــرب اللــبن يصــيب بالبهــاق‪ ،‬أو أن اســتعمال الليــزر يصــيب بالســرطان‪،‬‬
‫كما تنتشر القاويل والشائعات حول التجارب الطبية‪ ،‬والهـدف لهـذه الشـائعات هـو النصـح‬
‫والمشورة لكن على غير اساس‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫وفــى أحيــان أخــرى عنــدما تنتشــر األوبئــة والمـراض فتكثــر الشــائعات فعقــب العــالن‬
‫عن مرض انفلون از الطيور بمصر‪ ،‬فى ‪ 20‬شهر فبراير ‪2005‬م‪ ،‬نشـرت فـى اليـوم التـالي‬
‫شــائعات عــن تلــوث ميــاه النيــل بــأنفلون از الطيــور ولشــدة انتشــار الشــائعة‪ ،‬ســارع المواطنــون‬
‫إلــى اخ ـراج ابن ــائهم م ــن الم ــدارس خش ــية تن ــاولهم مي ــاه الش ــرب ويرج ــع س ــرعة انتش ــار ه ــذه‬
‫الش ــائعة إل ــى عام ــل الخ ــوف عل ــى الص ــحة‪ ،‬فق ــد ص ــدر ف ــى الي ــوم األول إلع ــالن الم ــرض‬
‫‪ 187‬شــائعة وفــى اليــوم الثــاني ثــم رصــد ‪ 103‬شــائعة علــى مســتوى مصــر‪ ،‬كــان اخطرهــا‬
‫تلوث مياه النيل‪.‬‬
‫وغالبا ما يتوقـف انتشـار الشـائعة علـى أهميـة الموضـوع أو الشـخص الـذي تقـال عنـه‬
‫ومقــدار نفــوذه‪ ،‬وهــذا يفســر ســر انتشــار الشــائعات عــن صــحة الـرئيس المصــري فــى يونيــو‬
‫‪2004‬م‪.‬‬
‫وقد تسـبب الشـائعات الصـحية اضـرار اقتصـادية للشـركات‪ ،‬مـن ذلـك أن فـرع مطـاعم‬
‫ماكدونالد بالهند تعـرض إلـى شـائعة مفادهـا أن المطعـم يقـوم بقلـي البطـاطس بـدهن البقـر‪،‬‬
‫فقاطع الهنود المدينون منتجاته‪ ،‬مما جعل الشركة تقوم بحملة عالقات عامة لقتل الشائعة‬
‫وإعادة الثقة إلى منتجاتها‪.‬‬
‫وشــائعة أخــرى تعرضــت لهــا نفــس الشــركة عــام ‪1978‬م‪ ،‬تقــول إن شــركة ماكدونالــد‬
‫تضــيف الديــدان إلــى ساندويتشــات الهــامبرغر إلــى تنتجهــا لتقــوى المحتــوى البروتينــي منهــا‪.‬‬
‫وانتشرت شائعة عن حلويات من ماركـة ببروكسـي التـى تنتهجهـا شـركة جنـرال فـودز تقـول‬
‫إنك إذا أكلت حلويات من ماركة بومبا روكسى فسوف تنفجر معدتك‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫ومثل هذه الشائعات تستعمل عامل الخوف على الصحة والتـوترات والمخـاوف وحالـة‬
‫الخوف والقلق التى تنتشر بين الناس وقد تكـون وراءهـا شـركات منافسـة لكـن مواجهـة هـذه‬
‫الشائعات يكلف الكثير كما يكبد القتصاد خسائر كبيرة‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫صناعـــة األزمــة‬

‫‪142‬‬
‫األزمة ليست فقط وليدة تفاعل ذاتي‪ ،‬وإنما أيضا هي عملية يمكن صناعتها‪،‬‬
‫وصناعة األزمة تخضع ألساليب علمية تتولى خلق المناخ الفكري والظروف المناسبة‬
‫لتفجير األزمة المفتعلة‪ ،‬وتعبئة كافة األدوات والوسائل الدافعة والمؤيدة والمحفزة لذلك‪.‬‬
‫وصناعة األزمات فن مستحدث للسيطرة على اآلخرين‪ ،‬وإخضاعهم وابتزازهم‪.‬‬

‫ويهتم علم اإلدارة بد ارسـ ــة إدارة األزمات‪ ،‬حيث يعرف األزمة‪ ،‬سواء كانت‬
‫سياسية‪ ،‬أو اقتصادية‪ ،‬أو بيئية‪ ،‬أو صحية‪ ،‬ويوضح كيفية نشأتها والمراحل التي تمر‬
‫بها‪ ،‬والتي قد تنتهي بفتورها وتالشيها‪ ،‬أو قد تتطور لتتصاعد‪ ،‬وتصبح ذات أبعاد‬
‫خطيرة‪ ،‬قد تؤدي إلى إغراق البالد في مشاكل ل حصر لها‪ ،‬ما لم تعالج‪ .‬ولذلك فإن هذا‬
‫العلم يقترح على الدول استحداث مؤسسات وطنية‪ ،‬تضم مختلف الجهات ذات العالقة‪،‬‬
‫لتكون متخصصة بمعالجة األزمات؛ وتضم أشخاصا مدربين ومهيئين للتعامل مع‬
‫مختلف أنواع األزمات التي قد تتعرض لها البلدان في أي وقت ‪.‬‬

‫ولئن كان ذلك يعد من أبجديات العمل اإلداري للدول المتحضرة التي ل تود أن‬
‫تلجأ لالجتهادات وقت الشدائد‪ ،‬وتفضل العمل الحترافي فإن ما ل يستساغ أن الفكر‬
‫اإلنساني قد شطح بخياله بعيدا عن معالجة األزمة ‪ ،‬حين اخترع لنا خبراء اإلدارة مفـهوم‬
‫" اإلدارة باألزمات" والتي راجت‪ ،‬وذاع صيتها‪ ،‬خاصة بعد انحسار النظام ال ــدولي وعدم‬
‫قدرته على ضبط سلوك الفاعلين الرئيسيين فيه‪ ،‬وأعني بهم الدول والمنظمات الدولية‪،‬‬
‫وتحكم قوة أحادية في قيادة النظام العالمي‪ ،‬وفرضه على المجتمع الدولي‪ ،‬الذي بات‬

‫‪143‬‬
‫يعيش في فوضى عارمة‪ ،‬بدليل عدم قدرته على حسم الكثير من القضايا الدولية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬التي أثرت على مصير شعوب عديدة‪.‬‬

‫ومعنى اإلدارة باألزمات في المجال السياسي أن تخلق دولة ما ‪ ،‬والتي تكون‬


‫عادة ذات إمكانيات كبيرة ‪ ،‬ولها تطلعات لتوسيع قاعدة مجالتها الحيوية ‪ ،‬أزمة معينة‬
‫لدولة أو جهة محددة ‪ ،‬كخلق ثورة والتشجيع عليها ‪ ،‬أو حرب ثم تعرض خدماتها للتدخل‬
‫لمعالجتها من خالل تقديم مساعدات إنسانية ‪ ،‬أو طبية ‪ ،‬أو غيرها ‪ ،‬أو تفتعل مشكلة‬
‫محددة في داخل نطاقها اإلقليمي‪ ،‬ثم تلقي بتبعيتها على دولة أو جماعة أخرى ‪ ،‬لكي‬
‫تتدخل لحقا لحتاللها‪ ،‬أو إلقامة حكم حليف لها في تلك الدولة ‪ ،‬أو لتأديب تلك‬
‫الجماعة الموجودة بها‪ .‬ولما كانت أغلب الدول التي تستهدف باإلدارة باألزمات هي من‬
‫الدول الفقيرة فنيا وماديا‪ ،‬ول تملك الخبرات الالزمة لمعالجة األزمات التي تتعرض لها ‪،‬‬
‫فإنها ل تمانع في استقبال تلك المساعدات ‪ ،‬جاهلة أن ذلك جزء من مخطط سياسي معد‬
‫سلفا ‪ ،‬بل وحتى لو كانت تدرك فإن الحاجة تدفعها لقبول تلك العروض ‪ ،‬لكن في‬
‫المقابل هناك دول ل تملك القوة للتصدي ألي تدخالت عسكرية من جانب الدول الكبرى‬
‫التي تستهدفها ‪ ،‬ومن هنا فهي تكون لقمة سائغة ‪ ،‬سهلة اللتهام من جانب تلك الدول‬
‫القوية الني تستهدفها ‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫وحين نقارن ذلك بالواقع الذي نعيش فيه‪ ،‬سنجد أن هناك تطبيقات عديدة لمفهوم‬
‫اإلدارة باألزمات‪ ،‬ولعل النموذج األمريكي هو الطاغي على هذا التطبيق‪ ،‬حيث تجيد‬
‫اإلدارة األمريكية فن افتعال األزمات وصناعتها‪ ،‬ومن ثم إدارتها بنجاح ‪.‬‬

‫وقد اخترعت أمريكا هذا النموذج خالل الحرب الباردة‪ ،‬وطورته فى القرن الواحد‬
‫والعشرين‪ ،‬ليصبح وسيلتها للتدخل في شؤون الدول األخرى تحت ستار الحفاظ على‬
‫حقوق النسان‪ ،‬ومكافحة الرهاب‪.‬‬

‫ومن هنا تعتبر أمريكا هي أم " الدارة باألزمات" حيث تتقن هذا النوع من الخبث‬
‫السياسي بمهارة وفعالية عالية‪ ،‬وتعتمد إداراتها لألزمات من خالل القيام بعدد من‬
‫الدراسات‪ ،‬والبحوث القتصادية والجتماعية والسياسية والثقافية لألنظمة المستهدفة‪،‬‬
‫وغالبا ما تلعب المصالح القتصادية و السياسية دو ار محوريا فى تفعيل هذا النمط من‬
‫التفكير‪ ،‬وبلورة مفهوم اإلدارة باألزمات ‪.‬‬

‫ومثال على أسلوب اإلدارة باألزمات ما تقوم به الدول الكبرى كأسلوب لتنفيذ‬
‫استراتيجياتها الكبرى في الهيمنة‪ ،‬والسيطرة على العالم ولتأكيد قوتها‪ ،‬وفرض إرادتها‬
‫وبسط نفوذها وبشكل ل يفقدها أصدقاءها ولتحييد أعدائها وتدمير مصالحهم ‪.‬‬

‫وتعتبر العراق وافغانستان من أكثر النماذج التى تعرضت لتطبيق هذا المبدأ في‬
‫العصر الحديث‪ ،‬حيث أن غزو العراق اعتمد على افتعال أزمة السالح النووي‪ ،‬ودعم‬

‫‪145‬‬
‫النظام السابق للقاعدة والرهاب‪ ،‬وبعد الغزو أتضح أن ذلك كان مجرد وهم وخيال‪ ،‬حيث‬
‫كانت الحقيقة هي للسيطرة على نفط العراق‪ ،‬ونشر ثقافة أمريكا السياسية فى الشرق‬
‫الوسط الجديد تحت مسمى نشر الديموقراطيات ‪.‬‬

‫أما غزو أفغانستان فكان حكاية‪ ،‬حيث تم افتعال أزمة أحداث الحادي عشر من‬
‫سبتمبر ‪2001‬م‪ ،‬والتي أكد الرئيس السابق بوش البن أن أمريكا كانت على علم‬
‫بوقوعها قبل فترة‪ ،‬ولكن المحللين يرون أنها تركت الفاعلين يقومون بها لكي تفتعل أزمة‬
‫غزو أفغانستان التي ل تريد الخروج منها ألسباب جيواستراتيجية‪ ،‬لقطع الطريق على أي‬
‫تحالف روسي صيني‪ ،‬أو تقدم لهما نحو بقية الدول الحليفة لألمريكان وكذلك لالعتقاد‬
‫السائد بوجود معادن ثمينة فيها ‪.‬‬

‫علما بأن هناك عدة مؤلفات ظهرت للوجود مؤخ ار أكدت على أن تلك األحداث‬
‫كانت مفتعلة‪ ،‬وأن المهاجمين قد دخلوا أمريكا تحت أعين المخابرات األمريكية‪ ،‬وقد‬
‫منحوا تأشيرات دخول قانونية‪ ،‬رغم معرفة تلك الجهة بانتماءاتهم لتنظيم القاعدة؛ واألدهى‬
‫أنهم منحوا موافقة للتدريب على الطي ارن في مدارس متخصصة هناك‪.‬‬

‫وفي سبيل نشر القيم وتحقيق المصالح ل بأس بقليل من التضحية‪ ،‬مقابل كثير‬
‫من الغنائم‪ .‬عموما فإن نجاح النموذج األمريكي يجد سنده في الثقافة األخالقية‪ ،‬ومن‬
‫المذهب النفعي السائد في المجتمع األمريكي‪ ،‬بأن " الغاية تبرر الوسيلة"‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫ومما ل شك فيه أن ألمريكا أهداف من وراء تبني هذه السياسة‪ ،‬فهي ترغب في‬
‫إعادة صياغة العالم اقتصاديا مرة اخرى‪ ،‬وضرب القتصاد النفطي فى مقتل‪ ،‬والعمل‬
‫على ذبذبة استعارة عالميا ‪.‬‬

‫ورغم هذا الوضوح‪ ،‬إل أنه يالحظ بأن هناك خلط لدى متخذي القرار السياسي‬
‫بين مفهومي إدارة األزمات‪ ،‬وبين أساليب اإلدارة باألزمات مع أن الفرق واضح بينهما‪،‬‬
‫فأساليب اإلدارة باألزمات‪ ،‬تستخدم وسائل غير أخالقياته لتحقيق أهدافها‪ ،‬وهي تقوم على‬
‫افتعال األزمات وإيجادها‪ ،‬كوسيلة للتغطية والتمويه على المشاكل القائمة التي تواجه‬
‫الدولة‪ ،‬في حين أن المقصود بإدارة األزمة هي كيفية التغلب عليها باألدوات العلمية‬
‫المختلفة وتجنب سلبياتها والستفادة من إيجابياتها‪ .‬لذا يطلق بعض الخبراء على اإلدارة‬
‫باألزمات "علم صناعة األزمة" للتحكم والسيطرة على اآلخرين‪.‬‬

‫واألزمة المصنوعة لها مواصفات حتى تبدو حقيقية‪ ،‬وحتى تؤتي ثمارها‪ ،‬وأهم‬
‫مواصفاتها‪ ،‬اإلعداد المبكر والتهيئة المناسبة‪ ،‬وتوزيع األدوار على قوى صنع األزمة‪،‬‬
‫واختيار التوقيت المناسب لتفجيرها وإيجاد المبرر والذريعة لهذا التفجير ‪.‬‬

‫وحين راجعت التاريخ العربي وجدت أن من أكثر البلدان العربية التي حاولت‬
‫افتعال األزمات‪ ،‬لتحقيق أهداف كان العراق‪ ،‬الذي حاول افتعال أزمة حقول النفط مع‬
‫الكويت‪ ،‬لكي يحصل على مكاسب مالية‪ ،‬أهمها إسقاط الديون التي تطالب بها الكويت‪،‬‬
‫وحين فشل‪ ،‬استغل األزمة لحتالل الكويت ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫كما حاول النظام السوري ول يزال نهج مبدأ افتعال األزمات مطبقا مفهوم اإلدارة‬
‫باألزمة‪ ،‬من خالل تصدير مشاكله للجارة لبنان في أكثر من مناسبة‪ ،‬لعل آخرها ما تم‬
‫الكشف عنه من مالبسات حول نية شبكات تخريبية لبنانية‪ ،‬تضم أشخاص بارزين‪،‬‬
‫وكذلك تلك األحداث في طرابلس بين الموالين للعلويين والمناوئين لهم ‪.‬‬

‫وهي أمور بالمناسبة لم يكتب لها النجاح ألنها تمت في توقيت غير مناسب‪،‬‬
‫فاألحداث الدامية التي تمر بها دمشق سهلت من توجيه التهمة لها‪ ،‬فهي المستفيد األوحد‬
‫من وراء افتعال تلك المشاكل‪ .‬ومن هنا يتضح الفرق بين المفهومين‪ ،‬فإدارة األزمة تعني‬
‫البحث عن عالج لها‪ ،‬أما اإلدارة باألزمة فتعني خلقها لكي تتيح لمن افتعل األزمة‬
‫تحقيق أهداف وغايات محددة مع اختيار التوقيت والمكان المناسبين لذلك‪.‬‬

‫ولهذا فاإلدارة باألزمات تقوم على افتعال األزمات‪ ،‬وإيجادها من عدم كوسيلة‬
‫للتغطية والتمويه على المشاكل القائمة التي تواجه الكيان اإلداري‪ ،‬فنسيان مشكلة ما‪ ،‬يتم‬
‫فقط عندما تحدث مشكلة أكبر وأشد تأثي ار‪ ،‬بحيث تطغى على المشكلة القائمة‪ ،‬وهكذا‬
‫يظل الكيان اإلداري المهترئ يتعرض ألزمة تلو أزمة‪ ،‬وتتعاقب عليه األزمات متالحقة‬
‫إليه من يأخذ بيده إلى بر النجاة‪.‬‬ ‫حتى يتم تدميره بالكامل‪ .‬أو يهدي‬

‫ومن هنا يطلق البعض على اإلدارة باألزمات علم صناعة األزمة للتحكم‬
‫والسيطرة على اآلخرين‪ .‬واألزمة المصنوعة المخلقة‪ ،‬لها مواصفات حتى تبدو حقيقية‪،‬‬
‫وحتى تؤتي ثمارها‪ ،‬وأهم مواصفاتها هي اإلعداد المبكر‪ ،‬وتهيئة المسرح األزموي‪ ،‬وتوزيع‬

‫‪148‬‬
‫األدوار على قوى صنع األزمة‪ ،‬واختيار التوقيت المناسب لتفجيرها‪ ،‬وإيجاد المبرر‬
‫والذريعة لهذا التفجير‪.‬‬

‫ولألزمة المصنوعة إيقاع سريع متدفق األحداث‪ ،‬ومتالحق التتابع‪ ،‬ومتراكم‬


‫اإلف ارزات والنتائج‪ ،‬وكل منها تصب في سبيل تحقيق الهدف المراد الوصول إليه‪ ،‬فلكل‬
‫أزمة مصنوعة هدف يتعين أن تصل إليه‪ ،‬وبدون تحقيق هذا الهدف لن يتالشى الضغط‬
‫األزموي‪ ،‬أو يخف التأثير العنيف الصاخب إلف ارزات األزمة‪ ،‬وكذا لن تهدأ قوى صنع‬
‫األزمة أو تتراجع حتى تحقيق هذا الهدف‪.‬‬

‫وللتعامل مع األزمات المفتعلة أو المصنوعة يتعين أن تحصل على إجابات سريعة‬


‫ووافية عن األسئلة التالية‪:‬‬
‫• كيف ظهرت األزمة وتطورت أحداثها؟‬
‫• من هم األطراف الصانعة لألزمة سواء العلنيون أو الذين يعملون في الخفاء؟‬
‫• لماذا تم صنع األزمة في الوقت الراهن؟‬
‫• ما الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه قوى صنع األزمة؟‬
‫• ما المدى الذي ل يتعين أن تتجاوزه قوى الضغط األزموي؟ وما هي المحاذير‬
‫الموضوعة لكل منها؟ والحدود المتفق عليها بينها؟‬

‫‪149‬‬
‫وتقوم عملية اإلدارة باألزمات على خلق أزمة وهمية يتم من خاللها توجيه قوى‬
‫الفعل السلوكي والقتصادي إلى تكريس األزمة‪ ،‬أو إلى سلوك معين بشأنها‪ .‬وخير مثال‬
‫على ذلك ما يعمد إليه بعض التجار من أصحاب الموقع الحتكاري من خلق أزمات في‬
‫بعض السلع من خالل تخزين هذه السلع وعدم عرضها بالسوق لتعطيش المستهلك لها‪،‬‬
‫وإشاعة أن هناك أزمة شديدة في إنتاج هذه السلع‪ ،‬مما يدفع المستهلكين إلى البحث عنها‬
‫بأكثر من احتياجاتهم‪ ،‬وهنا يقوم هذا التاجر بعرضها س ار لتحقيق أرباح طائلة‪.‬‬

‫ومثل هذا األسلوب في الحقيقة يكون مدم ار للتاجر وللمنتج لهذه السلع‪ ،‬حيث‬
‫يعمد المستهلك إلى البحث عن بديل متوفر‪ ،‬وقد يكون أفضل‪ ،‬كما يدفع هذا الوضع‬
‫بعض المنتجين الجدد إلى الدخول إلى ميدان إنتاج هذه السلعة وتقديمها بشروط أفضل‬
‫للمستهلكين‪ ...‬وهكذا‪.‬‬

‫وتستخدم الدول الكبرى اإلدارة باألزمات كأسلوب لتنفيذ إستراتيجيتها الكبرى في‬
‫الهيمنة والسيطرة على العالم‪ ،‬ولتأكيد قوتها‪ ،‬وفرض إرادتها وبسط النفوذ وبشكل ل يفقدها‬
‫أصدقائها ولتحييد أعدائها وتدمير مصالحهم‪ ،‬وفي الوقت ذاته لتقوية تحالفاتها القديمة‪.‬‬

‫بل ولتحقيق أهدافها الخفية طويلة المدى التي ل تستطيع اإلعالن عنها أو حتى‬
‫مجرد التنويه عنها‪ ،‬وهو ما استخدمه أدولف هتلر عند اشتعال الحرب العالمية الثانية‪،‬‬
‫تلك الحرب المدمرة التي كلفت البشرية ‪ 50‬مليون إنسان قتلى حرب‪ ،‬فضال عن تكاليفها‬
‫المادية الباهظة‪ ،‬وقد استخدم هتلر اإلدارة باألزمات ببراعة ودهاء شديدين‪ ،‬دون اعتبار‬

‫‪150‬‬
‫ألي قيم أو مثل‪ ،‬إليجاد المبرر‪ ،‬ولكسب التأييد الشعبي لغزو بولندا‪ ،‬وتحييد دول العالم‬
‫أمام هذا الغزو‪ ،‬حيث بدأت الحرب من سبتمبر عام ‪ 1939‬باجتياح القوات األلمانية‬
‫حدود بولندا‪.‬‬

‫ولكن قبل الجتياح تم افتعال أزمة ببراعة وحنكة‪ ،‬محورها تصوير الغزو األلماني‬
‫على انه مجرد دفاع عن النفس ومرحلة تأديب لبولندا التي خانت المعاهدات وعالقات‬
‫حسن الجوار‪ ،‬وفي الوقت ذاته الوصول بالموقف العالمي إلى أزمة حافة الحرب‪.‬‬

‫وقد بدأت صناعة األزمة في الليلة السابقة لقيام الحرب‪ ،‬حيث أخذت قوات‬
‫العاصفة األلمانية النازية ‪ 12‬سجينا بولنديا من معسكر اعتقال بالقرب من برلين‪،‬‬
‫وألبستهم مالبس الجيش البولندي‪ ،‬ثم أطلقت عليهم الرصاص وألقت بجثثهم في غابة‬
‫على الحدود األلمانية البولندية‪ ،‬مع إضافة بعض المؤثرات لتصوير الموقف على أنه‬
‫عملية قذرة عسكرية قامت بها بولندا ضد ألمانيا‪ ،‬ليتم عرضهم على مراسلي الصحافة‬
‫األجنبية‪ ،‬وتصويره على انه بداية غزو بولندي أللمانيا‪ ،‬وأن الحرس األلماني استطاع‬
‫إحباط المحاولة وقضى على عدد كبير من الغزاة‪ ،‬وفي الوقت نفسه قامت قوات العاصفة‬
‫بمهاجمة محطة إذاعية ألمانية على الحدود البولندية األلمانية وهي ترتدي مالبس الجيش‬
‫البولندي‪ ،‬وتصطحب سجينا بولنديا آخر‪ ،‬ثم قامت القوات بإطالق الرصاص في كافة‬
‫التجاهات‪ ،‬وقتل عدد من العاملين األلمان بالمحطة‪ ،‬وإجبار السجين البولندي على‬
‫إذاعة بيان بقيام القوات البولندية بغزو ألمانيا‪ ،‬ثم هربوا تاركين األسير البولندي جثة‬

‫‪151‬‬
‫هامدة بعد أن أطلقوا عليه الرصاص‪ ،‬وأحد العاملين األلمان بمحطة اإلذاعة مصابا‬
‫إصابة بسيطة ومغمى عليه من هول الصدمة‪ ،‬ليحكي عما شاهده من قيام الجيش‬
‫النظامي البولندي بمهاجمة المحطة وقتل من فيها من األلمان أمام ممثلي الصحافة‬
‫العالمية‪ ،‬وأمام جهات التحقيق األلمانية‪.‬‬

‫وبعد إتمام صنع الموقف األزموي بنجاح‪ ،‬قام هتلر في الساعة العاشرة من‬
‫صباح اليوم التالي‪ ،‬أول سبتمبر‪ ،‬مرتديا " المعطف المقدس"‪ ،‬بزيارة الرايخستاخ "البرلمان‬
‫األلماني " وإلقاء كلمة قصيرة‪ ،‬قال فيها‪ ”:‬ألول مرة يجرؤ الجنود البولنديون النظاميون‬
‫على مهاجمة وطننا‪ ،‬فقمنا منذ الساعة السادسة إل ربعا صباحا بالرد على النيران‪ .‬ومنذ‬
‫اآلن فصاعدا سنرد بالقنابل على القنابل"‪ .‬وهكذا بدأت الحرب العالمية الثانية بأزمة مدبرة‬
‫مفتعلة‪.‬‬

‫وصناعة األزمة هي في حقيقتها عملية جراحية جذرية في الكيان اإلداري الذي‬


‫صنعت فيه‪ ،‬وبهدف تأكيد وضمان استمرار المصالح الحيوية القائمة‪ ،‬وتدعيم قوى‬
‫الستقرار والتوازن المتواجدة‪ ،‬أو إيجاد قوى استقرار وتوازن جديدة‪ .‬ومن ثم فقد تؤدي‬
‫عملية صناعة األزمة على المستوى الدولي إلى ابتالع دول‪ ،‬وتفتيت إمبراطوريات‪،‬‬
‫وتفكيك تحالفات وإقامة أحالف جديدة‪ ،‬وضم أجزاء لدول أخرى‪ ،‬وإعادة رسم الخرائط‬
‫السياسية‪ ،‬وإعادة ترتيب األوضاع والقوى‪ ،‬وذلك كله من خالل عملية صنع األزمة‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫فعملية اإلدارة باألزمات أسلوب تتبعه المنظمات والشركات والدول والحكومات‬
‫والعصابات‪ ،‬ويتسع مداه ويستخدمه األفراد أيضا‪ ،‬وهو أسلوب أدى إلى إسقاط حكومات‪،‬‬
‫وإشعال حروب‪ ،‬وحصد آلف من أرواح البشر‪ ،‬وتدمير آلف الماليين من الدولرات‪.‬‬

‫وأوضح مثال على صناعة األزمات ما تعرضت له السلطة الفلسطينية بعد فوز‬
‫حركة المقاومة اإلسالمية حماس في ‪2006 / 1 / 25‬م وتشكيلها الحكومة‪.‬‬

‫ويتم افتعال األزمات عن طريق برنامج زمني محدد األهداف والمراحل‪ ،‬والتي يمكن‬
‫توضيحها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬مرحلة اإلعداد لميالد األزمة‪:‬‬


‫ويطلق عليها البعض مرحلة التمهيد لألزمة‪ ،‬نظ ار ألنها تقوم على تهيئة المسرح األزموي‬
‫لفتعال األزمة‪ ،‬وإيجاد وزرع بؤرتها في الكيان اإلداري‪ ،‬وإحاطتها بالمناخ والبيئة التي‬
‫تكفل نموها وتصاعدها‪ .‬وأهم الخطوات التنفيذية التي تتم في هذه المرحلة ما يلي‪:‬‬

‫• استخدام الضغوط التصالية على الكيان اإلداري وحلفائه إلفقاده توازنه‪ ،‬ودفعه رويدا‬
‫رويدا إلى حافة الهاوية‪ ،‬ومن خالل حسابات الفعل وردود الفعل القائمة على دراسة‬
‫متأنية لسيكولوجية متخذ القرار في الكيان اإلداري المزمع إحداث األزمة فيه‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫• تشويه حقيقة القائمين على الكيان اإلداري وإطالق الشائعات المبنية على حقائق‬
‫جزئية‪ ،‬واألكاذيب المدعمة للشائعات وتصويرهم على أنهم فاقدو األهلية والرشاد‪ ،‬وأنهم‬
‫خطر على األمن والستقرار‪ ،‬أو أنهم مجرمون خطرون على المجتمع الدولي‬
‫والشعوب‪.‬‬
‫• كسب المؤيدين ألي تدخل عنيف ضد الكيان اإلداري‪ ،‬سواء من خالل اإلعالم‬
‫المكثف المصاغة والمعدة رسائله بشكل ممتاز‪ ،‬أو من خالل شبكة المصالح‬
‫والرتباطات‪ ،‬أو من خالل تسريب المعلومات المغلوطة أو الحقيقية‪ ،‬أو هي جميعا‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة إنماء وتصعيد األزمة‪:‬‬


‫ويطلق عليها البعض مرحلة التعبئة الفاعلة والمكثفة للضغط األزموي‪ ،‬وحشد كل‬
‫القوى المعادية للكيان اإلداري المستهدف نيله باألزمات العنيفة‪ ،‬حيث يتم اصطياد هذا‬
‫الكيان ووضعه في فخ األزمة ومن خالل مجموعة متكاملة من التكتيكات يظهرها لنا‬
‫الشكل التالي‪:‬‬
‫شكل (‪)2‬‬
‫تكتيكات تصعيد األزمة‬

‫‪154‬‬
‫وهي تكتيكات قد تستخدم في شكل بدائل‪ ،‬أو في شكل متكامل مع بعضها البعض‪ ،‬وفقا‬
‫لحجم الكيان اإلداري المستهدف نيله باألزمات‪ ،‬واستنزافه‪ ،‬وحله بشكل مخطط خبيث‪،‬‬
‫وبشكل متصاعد متنام‪ .‬ويتم التصعيد بموجب ثالث تكتيكات خطيرة هي‪:‬‬

‫تكتيك التصعيد الرأسي‪:‬‬


‫وهي تقوم على الدفع المباشر لقوى صنع األزمة وزيادة قدرتها وقوتها‪ ،‬وتكثيف‬
‫تواجدها في منطقة صنع األزمنة‪ ،‬وبشكل سريع متعاظم لتأكيد التفوق الكاسح لقوى صنع‬

‫‪155‬‬
‫األزمة ولعدم تمكين الطرف اآلخر من التقاط األنفاس‪ ،‬والرضوخ للتهديد الصريح العلني‬
‫للقوة الضاغطة لقوى صنع األزمة‪ ،‬وزيادتها ونموها ذاتيا مع الوقت‪.‬‬

‫تكتيك التصعيد األفقي‪:‬‬


‫ويقوم على كسب مزيد من األصدقاء والحلفاء والمؤيدين لقوى صنع األزمة‪،‬‬
‫وانضمامهم لها في عملية زيادة الضغط األزموي‪ ،‬واتساع وتوسيع نطاق المواجهة لتشمل‬
‫مجالت جديدة ومناطق جديدة‪ ،‬وأبعادا جديدة متسعة‪ ،‬تجعل من عملية مواجهة األزمة‬
‫عملية معقدة وصعبة تستنزف الكيان اإلداري الذي تم صنع األزمة لديه‪ ،‬وتقوض دعائمه‬
‫وتهدم أركانه وبنيانه‪.‬‬

‫تكتيك التصعيد الدائري المتراكم‪:‬‬


‫وهذا النوع من التكتيكات ذات الطبيعة الخاصة التي تستخدم في صناعة‬
‫األزمات بشكل فعال لزيادة الضغط األزموي‪ ،‬وإرباك الطرف األخر إرباكا شديدا‪ .‬حيث‬
‫يتم التصعيد لألزمة باستخدام كافة األدوات والوسائل‪ ،‬والتخفيف مرحليا‪ ،‬والتصعيد بشكل‬
‫كامل كما يوضحه لنا الشكل التالي‪:‬‬
‫شكل (‪)3‬‬
‫طريقة التصعيد الدائري المتراكم‬

‫‪156‬‬
‫حيث يتم التصعيد بشكل متكامل ومتنام لفترة يعقبها مرحلة تجميد‪ ،‬وبعد التجميد يتم‬
‫التصعيد مرة أخرى‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫وتستخدم هذه الطريقة في األزمات الدولية ذات الطبيعة الخاصة‪ ،‬التي من‬
‫خاللها يتم إرهاق وإرباك الكيان اإلداري المستهدف نيله باألزمة‪ ،‬وتخويخ هيكله‪،‬‬
‫وضعضعة عناصره وإفقاده الثقة بقيادته‪ ،‬وفوق كل هذا إحداث حالة من التفسخ واليأس‬
‫واإلحباط وبشكل يدفع أفراد هذا الكيان إلى أعمال طائشة هوجاء‪ ،‬وتدفع بالقوى‬
‫المعارضة الكامنة تحت السطح‪ ،‬أو تحت األرض في الخفاء إلى الظهور العلني‪،‬‬
‫والتحرك بشكل سريع ومؤثر لستثمار الخلل في هذا الكيان‪ ،‬ومن ثم زيادة هذا الخلل‬
‫وتوسيع نطاقه وإجبار الخصم على التقهقر والتسليم بالمطالب التي تطالب بها‪،‬‬
‫والستجابة لها بشكل كامل‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫وأيا ما كان فإن عملية تصعيد وإنماء األزمة يجب أن تدرس بعناية‪ ،‬وفي ضوء‬
‫الحساب الختامي المتوقع لها‪ ،‬خاصة في إطار احتمالت قيام الخصم بتصعيد مماثل‬
‫ومتقابل في هذه العملية‪.‬‬

‫وفي هذه المرحلة يتم استخدام أدوات مادية ذات تأثير مباشر على التصعيد األزمة‪،‬‬
‫من خالل‪:‬‬
‫• قطع المساعدات وفرض الحصار القتصادي على الكيان اإلداري‪ ،‬سواء كان دولة أو‬
‫مؤسسة أو شركة‪ ،‬أو حتى أسرة‪ ،‬وإحداث إرباك مالي ونقدي وعيني‪ ،‬وإشعار كافة‬
‫المستفيدين من هذه المساعدات بأهمية التخلص من األفراد الذين يعارضون سياستنا‪،‬‬
‫أو من القيادة التي استنفذت الغرض منها‪.‬‬
‫• استخدام الوثائق والمستندات الحقيقية‪ ،‬أو ذات التزوير المتقن لتأكيد صدق الشائعات‬
‫السابق إطالقها في المرحلة األولى‪ ،‬وتسريب بعض منها إلى أجهزة اإلعالم الدولية‬
‫الواسعة النتشار‪.‬‬
‫• افتعال األحداث وتنميتها وتصعيدها بشكل كبير إليجاد المبرر للتدخل العنيف ضد‬
‫الكيان اإلداري‪ ،‬أو ضد قيادة هذا الكيان‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة المواجهة العنيفة والحادة‪:‬‬
‫وهي تلك المرحلة التصادمية بين الكيان المنشئ لالزمة‪ ،‬والكيان المطلوب صنع األزمة‬
‫فيه أو له‪ .‬ويشترط لنجاح هذه المرحلة ما يلي‪:‬‬

‫‪158‬‬
‫• اختيار التوقيت غير المناسب للكيان الخصم المراد تحطيمه أو استنزافه باألزمات‪.‬‬
‫وعلى أن يمثل في ذات اللحظة الوقت المناسب لنا لفتعال األزمة‪.‬‬

‫• اختيار المكان غير المناسب للخصم‪ ،‬والذي فيه ل يستطيع السيطرة على األحداث أو‬
‫على تداعياتها‪ ،‬ويكون لنا فيه القدرة على توجيه األحداث والسيطرة عليها‪.‬‬

‫• اختيار المجال غير المناسب للخصم إلحداث األزمة فيه‪ ،‬سواء كان هذا المجال‬
‫اقتصاديا‪ ،‬أو سياسيا‪ ،‬أو اجتماعيا‪ ،‬أو ثقافيا‪ ...‬الخ‪ ،‬والذي نملك فيه القدرة على‬
‫تحريك قوى الفعل وإدارة األزمة‪.‬‬

‫ويشترط لنجاح التصادم حدوث حادث معين‪ ،‬يطلق عليه حادث (×) الذي يكون‬
‫بداية الش اررة وانطالق اللهيب‪ ،‬ويفضل أن يكون هذا الحادث طبيعيا عفويا أو تلقائيا‪،‬‬
‫فإذا لم يتوافر هذا الحادث‪ ،‬كان علينا أن نوفره‪ ،‬وبشكل يبدو تلقائيا عفويا‪.‬‬

‫‪ -4‬مرحلة السيطرة على الكيان اإلداري للخصم‪:‬‬


‫وهي مرحلة الستفادة من حالة انعدام الوزن لدى الخصم‪ ،‬وعدم قدرته على‬
‫الحكم على األمور‪ ،‬وتعرضه لالستهواء‪ ،‬ومن ثم من خالل العناصر التي تم زرعها‬
‫لديه‪ ،‬والمحيطة به يمكن توجيهه بالشكل المطلوب‪ ،‬ومن ثم إفقاده القدرة على الرؤية‬
‫الذاتية‪ ،‬وفي الوقت نفسه تخليه عن أهدافه األصلية التي كان يتجه إليها‪ ،‬واستبدال هذه‬
‫األهداف بأهداف جديدة تتناسب معنا‪ ،‬بل وربطه بعالقات تبعية يصعب عليه الفكاك‬
‫منها‪ ،‬أو الخروج عنها‪ ،‬ما لم يتحمل تكاليف باهظة ل يقدر على دفع ثمنها‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫‪ -5‬مرحلة تهدئة األوضاع‪:‬‬
‫وهي المرحلة التي يتم فيها تخفيض الضغط األزموي‪ ،‬وإعادة األوضاع إلى‬
‫حالتها الطبيعية‪ ،‬واستخدام أساليب التعايش الطبيعي‪ ،‬والتخفيف من حدة التوتر القائم‬
‫على الضغط األزموي‪ ،‬والستجابة الهامشية لبعض مطالب الطرف الثاني‪ ،‬والتي تكون‬
‫بمثابة امتصاص لقوى الرفض والستثارة الداخلية لديه‪ ،‬وفي الوقت نفسه إعطاء الفرصة‬
‫كاملة للقوى المؤيدة لنا للسيطرة عليه‪ ،‬وإحكام عملية توجيه‪ ،‬وفي الوقت ذاته استخدام‬
‫الحكمة الكاملة في امتصاص كل غضب جماهيري‪ ،‬والستعانة بقادة الرأي والفكر‬
‫المعتدلين والموالين لنا‪ ،‬وفي إطار حملة إعالمية مخططة ومدروسة جيدا‪ ،‬يتم إعادة‬
‫األمور إلى حالتها الطبيعية‪ ،‬بعد أن تم تكييفها بالشكل المناسب لمصالحنا ورغباتنا‬
‫وأهدافنا البعيدة المدى‪.‬‬

‫‪ -6‬مرحلة سلب وابتزاز الطرف اآلخر‪:‬‬


‫ويطلق عليها البعض مرحلة جني المكاسب والغنائم والمغانم‪ ،‬والتي يتم فيها‬
‫حلب الخصم كما تحلب البقرة الحلوب تماما‪ ،‬وبالتالي يتم في هذه المرحلة حصد نتائج‬
‫الجهود المثمرة التي تمت في المراحل السابقة‪ ،‬ويتخذ جني المكاسب عادة جانبين‪ ،‬هما‪:‬‬

‫• جانب سلبي في إجبار الطرف اآلخر على المتناع عن القيام بأي عمل من شأنه‬
‫تهديد مصالحنا‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫• جانب إيجابي في إقناع الطرف اآلخر بالقيام بعمل معين من شأنه تقوية مصالحنا‬
‫ومكاسبنا‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإن اإلدارة باألزمات هي افتعال األزمات الحادة وليس عالجها‪.‬‬

‫وتقوم عملية افتعال األزمة على عدة قواعد أساسية‪ ،‬هي‪:‬‬


‫• خلق عالقة تبعية وانقياد وسيطرة على الكيان المزمع افتعال األزمة فيه‪ ،‬حتى يمكن‬
‫جني المكاسب المستهدفة من وراء افتعال األزمة‪ ،‬وفي الوقت نفسه لضمان عدم اتساع‬
‫رد الفعل إلى مدى وأبعاد غير مطلوبة‪.‬‬
‫• زرع مجموعة عناصر موالية تتولى مواقع حساسة في أجهزة الكيان اإلداري‪ ،‬يمكنها في‬
‫الوقت المناسب إعاقة حركة الكيان‪ ،‬وتوجيه قادته‪ ،‬وتقليل رد فعل وبشاعة افتعال األزمة‪.‬‬
‫• اختيار التوقيت المناسب الذي يكون افتعال األزمة مؤث ار فيه‪ ،‬وقدرة العناصر الموالية‬
‫لنا على توجيه متخذ القرار وإفقاد التأثير األزموي لالزمة مرتفعة‪ ،‬ومن ثم القدرة على‬
‫امتصاص التأثير األزموي وابتالعه‪.‬‬
‫• إيجاد المسار البديل في شكل مصلحة جانبية يحرص الكيان اإلداري على الحصول‬
‫عليها‪ ،‬وفي سبيلها يمكن أن يتغاضى عن األزمة التي تم افتعالها‪ ،‬أو يمكن للعناصر‬
‫الموالية توجيه سلوكه بها‪.‬‬
‫• افتعال األزمة بشكل سريع ومؤثر‪ ،‬وجني مكاسبها وتحقيق الهدف منها‪ ،‬ثم عقد لقاء‬
‫امتصاص مع متخذ القرار في الكيان اإلداري الذي حدثت فيه األزمة‪ ،‬وذلك بهدفين‪،‬‬
‫هما‪:‬‬

‫‪161‬‬
‫• هدف خفي‪ ،‬وهو التحقق من النتائج التي أفرزتها األزمة المفتعلة‪ ،‬ومن استقرار‬
‫عالقة التبعية مع الكيان اإلداري‪ ،‬وعدم تأثرها باألزمة‪.‬‬
‫• هدف علني‪ ،‬وهو امتصاص النفعال‪ ،‬وتجديد الروابط‪ ،‬وتنقية العالقات‪ ،‬وفتح‬
‫صفحة جديدة‪ ،‬ونسيان ما مضى‪.‬‬

‫وتستخدم في ذلك مجموعة ادعاءات ومبررات‪ ،‬من بينها‪:‬‬


‫‪ -‬الشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬الضطرار‪.‬‬
‫‪ -‬الحتمية‪.‬‬
‫‪ -‬التنبيه للخطر‪.‬‬
‫‪ -‬الحفاظ على الستقرار‪.‬‬
‫‪ -‬الحفاظ على األمن‪.‬‬
‫‪ -‬الحفاظ على السالم‪.‬‬
‫‪ -‬حماية النفس والدفاع عنها وعن المصالح‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أنه على مستوى الوحدة القتصادية يستخدم بعض متخذي القرار‬
‫أساليب اإلدارة باألزمات بشكل متعمد‪ ،‬عندما يرغب في تحقيق أرباح طائلة وغير عادية‪،‬‬
‫فيقوم باستغالل ما تتمتع به الوحدة القتصادية من مركز احتكاري بالسوق‪ ،‬ويقوم‬
‫بتحجيم وتقليل المعروض من منتجاتها بالسوق‪ ،‬وتخزين جانب كبير من إنتاجها لتعطيش‬

‫‪162‬‬
‫السوق‪ ،‬وافتعال أزمة لرفع أسعار المنتجات بالسوق‪ ،‬وخلق طلب مغالى فيه على السلعة‬
‫التي تنتجها شركته‪ ،‬تدفعه للتخلص من المخزون الراكد والمعيب لديه‪ .‬كما قد يستخدمها‬
‫متخذو القرار بشكل تلقائي‪ ،‬حيث إنه كثي ار ما يواجه متخذ القرار في إدارته للشركة التي‬
‫يعمل بها أزمات مختلفة‪ ،‬ويجد نفسه محاطا بوقائع وأحداث تبدو له خطيرة ومقلقة‪ ،‬ول‬
‫يستطيع تفسيرها ومعرفة عواملها الباعثة لها‪ ،‬وتراكماتها الذاتية‪ ،‬واتجاهاتها ونتائجها‪،‬‬
‫ومن ثم يزداد أمامه سمك جدار عدم التأكد‪.‬‬

‫ومن ثم في غياب منهج علمي ورؤية تحليلية متعمقة‪ ،‬يلجأ متخذ القرار إلى‬
‫الرتجال واستخدام سياسة رد الفعل إزاء الحدث‪ ،‬أو الفعل الذي خيل إليه أنه سبب فيما‬
‫يواجه الشركة من أزمات‪ ،‬فيؤدي إلى نشوء أزمات جديدة‪ ،‬قد تكون أشد خط ار وأعمق‬
‫تأثي ار على الكيان اإلداري أو الشركة التي يشرف على إدارتها‪.‬‬

‫ونتيجة لسياسة الفعل ورد الفعل واستمرار التهميش للقضايا والمواقف‪ ،‬وتغييب‬
‫المستقبل‪ ،‬والعتماد على أسلوب اإلدارة يوما بيوم‪ ،‬أن استفحلت األزمات‪ ،‬بل واستخدمت‬
‫األزمات كوسيلة لتغطية بعضها على بعض‪ ،‬ومن ثم اعتمد أسلوب اإلدارة باألزمات‬
‫كأسلوب لإلدارة‪ ،‬لتخفي به المؤسسات مشاكلها وعجزها عن تحقيق أهدافها الموضوعة‬
‫والمتمثلة في‪:‬‬
‫▪ الربحية‪.‬‬
‫▪ التوسع والنمو‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫▪ الستمرار‪.‬‬

‫ويستخدم رجال األعمال أسلوب اإلدارة باألزمات لفرض مصالحهم‪ ،‬وإمالء‬


‫إرادتهم على الحكومات‪ ،‬وجعلها تستجيب لمطالبهم بطريقة غير مباشرة‪ ،‬ومن أهم األمثلة‬
‫على ذلك‪ ،‬أن أحد رجال األعمال في الخليج تقدم إلى مركز للبحوث واإلدارة بطلب‬
‫دراسة جدوى إلنشاء حي سكني متكامل بعيدا عن المدينة‪ ،‬وأشار عليه المركز أن يبدأ‬
‫بإنشاء الطريق وتوصيل المياه والكهرباء إلى الموقع‪ ،‬ولكن الرجل بعد أن استمع إلى هذا‬
‫المشروع‪ ،‬عبث بلحيته وقال " أنا موافق على كل شيء إل الطريق والمياه والكهرباء"‪،‬‬
‫مما دفع الباحثين إلى السخرية‪ ،‬ومضى الرجل في البناء حتى انتهى منه‪ ،‬ثم مر على‬
‫جميع الصحف المحلية فشكا لها من أنه أقام حيا كامال للتغلب على أزمة اإلسكان‪،‬‬
‫ولكن الدولة ل تريد الفراغ من استكمال المرافق العامة‪ ،‬فقامت الصحف بحملة هجومية‬
‫على الحكومة من أجل هذا التقصير‪ ،‬وامتد الطريق ووصلت المياه والكهرباء‪ ،‬دون أن‬
‫يدفع الرجل شيئا‪.‬‬

‫المراجع‬
‫(‪ )1‬إبراهيم احمد أبو عرقوب‪ :‬اإلشاعات فى عصر المعلومات‪ ،‬أعمال نـدوة الشـائعات‬
‫ف ــى عص ــر المعلوم ــات‪ ،‬أكاديمي ــة ن ــايف العربي ــة للعل ــوم األمني ــة‪ ،‬الري ــاض‪ ،‬مكتب ــة‬
‫الملك فهد الوطنية‪2003 ،‬م‬

‫‪164‬‬
‫(‪ )2‬أحمد جـالل عـز الـدين‪ :‬إدارة األزمـة فـي الحـدث اإلرهـابي‪ .‬أكاديميـة نـايف العربيـة‬
‫للعلوم األمنية‪ .‬الرياض‪1410 ،‬ه‪.‬‬
‫(‪ )3‬العرج ــي‪ .‬عصـ ــام حسـ ــين (‪1999‬م)‪ .‬إدارة الزمـ ــات بـ ــين (الوقائيـ ــة والعالجيـ ــة)‪:‬‬
‫د ارس ــة مس ــحية ف ــي المص ــارف األردني ــة‪ .‬مجل ــة اإلدارة العام ــة المجل ــد (‪ )39‬الع ــدد‬
‫(‪ .)1‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )4‬الب ـ ـزار حسـ ــن (‪2001‬م)‪ .‬إدارة األزمـ ــة بـ ــين نقطتـ ــي الغليـ ــان والتحـ ــول‪ .‬المؤسسـ ــة‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪ 10‬القـاررة الـدار‬ ‫(‪ )5‬جمال الدين محمـد نـن ممـرب انـن م‪ :‬ـسر‪ :‬للـاب العـر‬
‫ب‪.‬‬ ‫المصرية للتأليف والترجمة‬
‫(‪ )6‬حريـز‪ .‬سـامي محمـد هشـام (‪2007‬م)‪ .‬المهـارة فـي إدارة األزمـات وحـل المشــكالت‬
‫األسس النظرية والتطبيقية‪ .‬دار البداية ناشرون وموزعون‪ .‬عمان‪.‬‬
‫(‪ )7‬الحمـ ــالوي‪ .‬محمـ ــد رشـ ــاد‪ ،‬شـ ـريف‪ .‬صـ ــالح الـ ــدين (‪1997‬م)‪ .‬إدارة األزمـ ــات فـ ــي‬
‫الصناعة المصرية والمؤتمر السنوي الثاني إلدارة األزمـات والكـوارث‪ .‬جامعـة عـين‬
‫شمس‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )8‬الخضيري‪ .‬محسن أحمد‪( .‬إدارة األزمات‪ .‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )9‬الزه ارن ــي‪ .‬محم ــد ش ــرف(‪1414‬ه ــ)‪ .‬التف ــاوض كوس ــيلة إلنه ــاء األزم ــة ف ــي الح ــدث‬
‫اإلرهــابي‪ .‬رســالة ماجســتير‪ ،‬معهــد الد ارســات العليــا‪ .‬أكاديميـة نــايف العربيــة للعلــوم‬
‫األمنية‪ .‬الرياض‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫(‪ )10‬ســامي محمــد هاشــم‪ :‬الشــائعات مــن المنظــور النفســى فــى عصــر المعلومــات‪ ،‬نــدوة‬
‫الش ـ ــائعات ف ـ ــى عص ـ ــر المعلوم ـ ــات‪ ،‬أكاديمي ـ ــة ن ـ ــايف للعل ـ ــوم األمني ـ ــة‪ ،‬الري ـ ــاض‪،‬‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫(‪ )11‬س ـامي محمــد هشــام‪ :‬المهــارة فــي إدارة األزمــات وحــل المشــكالت األســس النظريــة‬
‫والتطبيقية‪ .‬دار البداية ناشرون وموزعون‪ .‬عمان‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )12‬الش ـ ــعالن‪ .‬فهـ ـ ــد أحم ـ ــد (‪2002‬م)‪ .‬إدارة األزمـ ـ ــات األس ـ ــس –الم ارحـ ـ ــل‪-‬اآلليـ ـ ــات‪.‬‬
‫الوطنية للتوزيع‪ .‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )13‬عب ــاس رش ــيد العم ــاري‪ :‬إدارة األزم ــات ف ــي ع ــالم متغي ــر‪ .‬مرك ــز األهـ ـرام للترجم ــة‬
‫والنشر‪ .‬القاهرة‪.1993 ،‬‬
‫(‪ )14‬عــز الــدين‪ .‬أحمــد جــالل(‪1410‬ه ــ)‪ .‬إدارة األزمــة فــي الحــدث اإلرهــابي‪ .‬أكاديميــة‬
‫نايف العربية للعلوم األمنية‪ .‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )15‬عزت الشربيني‪ :‬قضايا تشغل الرأي العام‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫(‪ )16‬عصام حسين‪ :‬إدارة الزمات بين الوقائية والعالجية‪ :‬دراسة مسحية في المصارف‬
‫األردنية‪ .‬مجلة اإلدارة العامة المجلد (‪ )39‬العدد (‪ .)1‬الرياض‪ 1999 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )17‬عل ــي‪ .‬م ــاهر جم ــال ال ــدين (‪1994‬م)‪ .‬التخط ــيط األمن ــي إلدارة عملي ــات مواجه ــة‬
‫الكوارث‪ .‬ورقة مقدمة إلـى المـؤتمر الشـرطي الثـاني لتطـوير العلـوم األمنيـة‪ .‬القيـادة‬
‫العامة لشرطة دبي‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫(‪ )18‬العمــاري‪ .‬عبــاس رشــيد (‪1993‬م)‪ .‬إدارة الزمــات فــي عــالم متغيــر‪ .‬مركــز اله ـرام‬
‫للترجمة والنشر‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )19‬فهــد أحمــد الشــعالن‪ :‬إدارة األزمــات األســس –الم ارحــل‪-‬اآلليــات‪ .‬الوطنيــة للتوزيــع‪.‬‬
‫الرياض‪ 2002 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )20‬فهمـي توفيــق مقبــل‪ :‬دور المؤسســات التربويــة فــى مكافحــة الشــائعات‪ ،‬فــى اإلشــاعة‬
‫والحــرب النفســية‪ ،‬منشــورات المركــز العربــي للد ارســات األمنيــة والتــدريب‪ ،‬الريــاض‪،‬‬
‫‪1410‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )21‬ماهر جمال الدين‪ :‬التخطيط األمني إلدارة عمليات مواجهـة الكـوارث‪ .‬ورقـة مقدمـة‬
‫إلــى المــؤتمر الشــرطي الثــاني لتطــوير العلــوم األمنيــة‪ .‬القيــادة العامــة لشــرطة دبــي‪.‬‬
‫دبي‪.1994 ،‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫‪ 1‬مصر الممتبة العلمية‬ ‫(‪ )22‬مجمع اللغة العرنية‪ :‬المجمع السسيط‬
‫(‪ )23‬محسن أحمد الخضيري‪ :‬إدارة األزمات‪ .‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )24‬محمد رشاد‪ ،‬صالح الدين شريف‪ :‬إدارة األزمات في الصـناعة المصـرية والمـؤتمر‬
‫السنوي الثاني إلدارة األزمات والكوارث‪ .‬جامعة عين شمس‪ .‬القاهرة‪1997 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )25‬محمد شرف الزهراني‪ :‬التفاوض كوسيلة إلنهاء األزمة في الحدث اإلرهابي‪ .‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬معهد الدراسات العليا‪ .‬أكاديميـة نـايف العربيـة للعلـوم األمنيـة‪ .‬الريـاض‪،‬‬
‫‪ 1414‬ه‪.‬‬
‫(‪ )26‬محمد كمال القاضي‪ :‬الدعاية السياسية والحرب النفسية‪ ،‬المركز اإلعالمـي للشـرق‬
‫األوسط‪ ،‬القاهرة‪1997 ،‬م‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫(‪ )27‬محمد منير حجاب‪ :‬الحرب النفسية‪ ،‬دار الفجر‪ ،‬القاهرة‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )28‬رالة م‪:‬صسر‪ :‬االتصال الفعـال‪ -‬مفاريمـ وسسـاليب ومراراتـ الممتبـة الجامعيـة‬
‫اإلسم‪:‬درية ‪2000‬ب‪.‬‬

‫‪168‬‬

You might also like