You are on page 1of 8

‫إدارة األزمات‬

‫مقدمة البحث‪-:‬‬

‫االستعداد لما قد ال يحدث والتعامل مع ما حدث ‪ crisis Management‬ال يخفى على المتابع لسير األحداث بخاصة‬
‫السياسية منها ما لألزمات بكل أنواعها من دور في تاريخ الشعوب والمجتمعات سواء على صعيد الهدم أو البناء‪ ,‬وقراءة‬
‫متأنية لدور األزمة بشكل عام يفضي بنا إلى تلمس خيط يقودنا إلى حقيقة مفادها ان المجتمعات التي اعتمد الهرم القيادي‬
‫فيها على فرق خاصة وكفوءة في التعامل مع األزمات كانت أصلب عودا وأكثر على المطاوعة واالستمرار من قريناتها‬
‫التي انتهجت أسلوبا مغايرا تمثل بالتصدي المرتجل والتعامل بطرق غير مدروسة سلفا مع بؤر الصراع والتوتر ما أدى‬
‫بالتالي إلى ضعفها وتفككها‪ ،‬فاألزمات ظاهرة ترافق سائر األمم والشعوب في جميع مراحل النشوء واالرتقاء واالنحدار‪.‬‬
‫ولو أمعنا النظر في ثنايا األحداث التاريخية الكبرى لوجدنا أن األزمة على مر العصور تتوسط المراحل المهمة في حياة‬
‫الشعوب‪ ,‬فبين كل مرحلة ومرحلة جديدة ثمة أزمة تحرك األذهان وتشعل الصراع وتحفز اإلبداع وتطرق فضاءات ٍبكر‬
‫تمهد السبيل إلى مرحلة جديدة‪ ,‬غالبا ما تستبطن بوادر أزمة أخرى وتغييرا مقبال آخر‪ ،‬وكان لنمو واتساع‪ ،‬المجتمعات‬
‫ونضوب الموارد المتنوعة وشدة المنافسة السياسية واالقتصادية الكلمة الفصل في طول حياة األزمات إلى حد أصبح تاريخ‬
‫القرن السابق على سبيل المثال يشكل سلسلة من أزمات تتخللها مراحل قصيرة من الحلول المؤقتة‪ ,‬ومن هنا فقد نشأت‬
‫أفكار جدية من اجل دراسة وتحليل األزمة ومحاولة الخروج منها بأقل الخسائر وتأخير األزمة الالحقة إن تعذر تعطيلها‪.‬‬
‫ويرى (‪ )scher mehorn‬أن األزمة اإلدارية إنما هي مشكلة غير متوقعة قد تؤدي إلى كارثة إن لم يجر حلها بصورة‬
‫سريعة‪ .‬وعرفها (اللوزي) بأنها كل موقف أو حدث يؤدي إلى أحداث تغيرات ايجابية وجادة في النتائج وهي حدث أو تراكم‬
‫لمجموعة من‪ ،‬أحداث غير متوقع حدوثها تؤثر في نظام المؤسسة أو جزء منه وهي من الناحية العملية انقطاع عن العمل‬
‫كليا أو جزئيا لمدة تطول أو تقصر لسبب معين يتبعها تأثر الكيان وتحوله‪.‬‬

‫مفهوم األزمة‬

‫أورد جبر تعريفا ً جيدا لألزمة أنها "تعني تهديداً‪ P‬خطرً ا متوق ًعا أو غير متوقع ألهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات األفراد‬
‫والمنظمات والدول والتي تحد من عملية إتخاذ القرار"(‪ .)81‬تعري ًفا آخر لألزمة أوردته منى شريف بأنها موقف ينتج عن‬
‫تغيرات بيئية مولدة لألزمات ويتضمن قدرً ا من الخطورة والتهديد‪ P‬وضيق الوقت والمفاجأة ويتطلب استخدام أساليب إدارية‬
‫ضا عرّفها عليوه بأنها توقف األحداث في المنظمة واضطراب العادات مما يستلزم التغيير السريع‬ ‫مبتكرة وسريعة‪ .‬أي ً‬
‫إلعادة التوازن‪ .‬من خالل استعراض التعاريف السابقة لمفهوم األزمة نجد أنها تعني اللحظة الحرجة ونقطة التحول التي‬
‫تتعلق بالمصير اإلداري للمنظمة ويهدد بقائها وغالبًا ما تتزامن األزمة مع عنصر المفاجأة مما يتطلب مهارة عالية إلدارتها‬
‫والتصدي لها‪ .‬سمات األزمة‪ :‬أورد جبر عدة سمات لألزمة منها‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلدراك بأنها نقطة تحول‪.‬‬


‫‪ -2‬تتطلب قرارات سريعة‪.‬‬

‫‪ -3‬تهدد أهداف وقيم األطراف المشاركة بها‪.‬‬

‫‪ -4‬فقدان السيطرة أو ضعف السيطرة على األحداث‪.‬‬

‫‪ -5‬تتميز بضغط عامل الوقت والشعور بالضبابية واالضطراب مما يولد القلق‪.‬‬

‫و أضاف عليوه سمة عنصر المفاجأة بها ونقص المعلومات والتعقد والتشابك في األمور أثناء حدوثها‪ .‬إدارة األزمات‪:‬‬
‫أوردت الموسوعة اإلدارية تعريفا ً إلدارة األزمات بأنها "المحافظة على أصول وممتلكات المنظمة وعلى قدرتها على‬
‫تحقيق اإليرادات وكذلك المحافظة على األفراد والعاملين بها ضد المخاطر المختلفة‪ ،‬وتشمل مهمة المديرين المسؤولين عن‬
‫هذا النشاط البحث عن المخاطر المحتملة ومحاولة تجنبها أو تخفيف أثرها على المنظمة في حال عدم تمكنهم من تج ّنبها‬
‫بالكامل واألفضل هو نقل احتمال تعرض المنظمة للمخاطر إلى جهة متخصصة في ذلك مثل شركات التأمين"(‪ .)46‬أما‬
‫عليوه فع ّرفها بأنها "تعني باألساس كيفية التغلب على األزمات باألدوات العلمية واإلدارية المختلفة وتجنب سلبياتها‬
‫واالستفادة من ايجابياتها فعلم إدارة األزمات هو علم إدارة التوازنات والتكيف مع المتغيرات المختلفة وبحث أثارها في كافة‬
‫المجاالت"(‪ .)25‬وعرفها أبو قحف بقوله " إنها عملية اإلعداد والتقدير المنظم والمنتظم للمشكالت الداخلية والخارجية التي‬
‫تهدد بدرجة خطيرة سمعة المنظمة وبقاءها في السوق"(‪ .)20‬وع ّرفتها منى شريف بأنها العملية اإلدارية المستمرة التي‬
‫تهتم باألزمات المحتملة وإعداد الموارد للتعامل مع األزمات بكفاءة وفاعلية ودراسة أسباب األزمة الستخالص النتائج لمنع‬
‫حدوثها أو تحسين طرق التعامل معها مستقبالً‪ .‬من خالل استعراض المفاهيم المختلفة إلدارة األزمات نرى أنها تنطوي‬
‫على عملية تحديد وتنبؤ المخاطر المحتملة ثم إعداد الخطط لمواجهة هذه المخاطر لمجابهتها وتقليل خسائرها بأقصى درجة‬
‫ممكنة ثم تقييم القرارات والحلول الموضوعة‪ .‬المراحل الخمس لنظام إدارة األزمات‪ :‬أورد األعرجي في دراسته إدارة‬
‫األزمات بين (الوقائية والعالجية)‪ :‬دراسة مسحية في المصارف األردنية المراحل الخمس لنظام إدارة األزمات وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬اكتشاف إشارات اإلنذار وتعني تشخيص المؤشرات واألعراض التي تنبئ بوقوع أزمة ما‪.‬ا‬
‫‪ -2‬الستعداد والوقاية وتعني التحضيرات المسبقة للتعامل مع األزمة المتوقعة بقصد منع وقوعها أو إقالل آثارها‪.‬‬

‫‪ -3‬احتواء األضرار وتعني تنفيذ ما خطط له في مرحلة االستعداد والوقاية والحيلولة دون تفاقم األزمة وانتشارها‪.‬‬

‫‪ -4‬استعادة النشاط وهي العمليات التي يقوم بها الجهاز اإلداري لغرض استعادة توازنه ومقدرته على ممارسة أعماله‬
‫االعتيادية كما كان من قبل‪.‬‬

‫‪ -5‬التعلم وهو المرحلة األخيرة وهي بلورة ووضع الضوابط لمنع تكرار األزمة وبناء خبرات من الدروس السابقة‬
‫لضمان مستوى عالي من الجاهزية في المستقبل‪ .‬من خالل الشكل السابق يتبين‪ P‬لنا الفرق الشاسع ما بين اإلدارة‬
‫السبّاقة المبادرة المعتمدة على التخطيط قبل حدوث األزمات واإلدارة التي تنتظر وقوع األزمات لتتعامل معها‬
‫بمنطق رد الفعل كحال اإلدارات العربية‪ .‬فغياب عنصري اكتشاف إشارات اإلنذار واالستعداد‪ P‬والوقاية يكاد يكون‬
‫المسيطر على واقع المنظمات كما سوف يتضح الح ًقا من خالل الدراسات المتخصصة‪.‬‬

‫متطلبات إدارة األزمات‬


‫فريق إدارة األزمات ‪team‬‬

‫تكوين فريق إلدارة األزمات يكون كما يقول الحمالوي تمثيالً ألعلى سلطة ألن األزمة تتطلب ردود أفعال غير تقليدية‬
‫مقيدة بضيق الوقت وضغوط الموقف‪ .‬هذا وتعتبر طريقة فرق العمل كما أوضح الوكيل من أكثر الطرق شيوعا ً واستخداما ً‬
‫للتعامل مع األزمات وتتطلب وجود أكثر من خبير ومختص وفني في مجاالت مختلفة وحساب كل عامل بدقة وتحديد‬
‫التصرف المطلوب بسرعة وتناسق وعدم ترك األمور للصدفة‪ .‬والجدير بالذكر أنه في دراسة لجبر األزمات‪ :‬نظرة مقارنة‬
‫بين النموذج اإلسالمي والنموذج الياباني أوضح جبر "إن المفهوم الياباني في معالجة األزمة يقوم على أساس أن األشخاص‬
‫األقربون لألزمة هم األقدر على حلها أو توفير الحل المناسب لها وعليه نرى معظم الشركات اليابانية تتجه نحو الالمركزية‬
‫في عملية اتخاذ القرارات‪ .‬كما أن الشركات اليابانية تفضّل دائمًا استخدام االجتماعات كوسيلة لحل األزمات ويطلق على‬
‫هذا النوع من هذه االجتماعات بحلقات الجودة اليابانية والتي تعتبر بدورها واحدة من المهام المستخدمة في تحديد‪ P‬األزمات‬
‫والمشاكل وكيفية تحليلها"(‪ .)96‬لذا نرى أهمية تبني المنظمات لعملية الالمركزية عند تكوينها لفرق إدارة األزمات‬

‫التخطيط كمتطلب أساسي‬

‫تبني التخطيط كمتطلب أساسي مهم في عملية إدارة األزمات‪ .‬يقول الحمالوي أفعالنا ما هي إال رد فعل وش ّتان ما بين رد‬
‫الفعل العشوائي ورد الفعل المُـخطط له فمعظم األزمات تتأزم ألنه أخطاء بشرية وإدارية وقعت بسبب غياب القاعدة‬
‫التنظيمية‪ P‬للتخطيط ويستطرد الحمالوي قائالً إن لم يكن لدينا خطط لمواجهة األزمات فإن األزمات سوف تنهي نفسها‬
‫بالطريقة التي تريدها هي ال بالطريقة التي نريدها نحن‪ .‬من خالل ما تقدم يتضح لنا أن التدريب على التخطيط لألزمات‬
‫يُـعد من المسلّمات األساسية في المنظمات الناجحة فهو يساهم في منع حدوث األزمة أو التخفيف من آثارها وتالفى عنصر‬
‫المفاجآت المصاحب لها‪ .‬أيضً ا يتبين لنا أن التخطيط يتيح لفريق عمل إدارة األزمات القدرة على إجراء رد فعل منظم‬
‫وفعّال لمواجهة األزمة بكفاءة عالية االستعداد لمواجهة المواقف الطارئة غير المخطط لها التي قد تصاحب األزمة وفي‬
‫ذلك أوضحت دراسة جبر التجربة اليابانية في هذا الشأن‪ .‬أشار جبر في دراسته إدارة األزمات‪ :‬نظرة مقارنة بين النموذج‬
‫اإلسالمي والنموذج الياباني إلى كيفية معالجة األزمات وفق نظام كانبان‪ KANPAN‬الياباني‪ .‬يوضح جبر ذلك بقوله "إن‬
‫المفهوم الجوهري لنظام كانبان يقوم على أساس تحفيز األزمة ‪ Stimulate the crisis‬وخلقها لكي يبقى اإلداريون‬
‫والعمّال دائمًا في حالة التأهب جاهزين لعمل ما بوسعهم سواء أكانت هناك أزمة حقيقية أم ال‪ ,‬أي أنهم مستعدون على قدم‬
‫وساق مفعمين بالنشاط والحيوية لمواجهة االحتماالت غير المرغوبة‪ .‬فقد تدرب المدراء على تخيل أسوأ أنواع االحتماالت‬
‫مثل تذبذب‪ P‬المبيعات‪ ,‬وانقطاع التجهيز بالمواد األولية‪ ,‬إضراب العمال والحرائق"(‪ .)92‬ويستطرد جبر قائالً " وهذا النوع‬
‫من األزمات قد يرتبط أو ال يرتبط بتهديد حقيقي‪ ,‬حيث يُـالحظ أن رد الفعل المتولد عن تحفيز األزمة ما هو إال رد فعل‬
‫إيجابي ونادرً ا ما يؤدي إلى مخاوف تؤثر على اإلنتاج أو تقلل الرغبة في العمل لدى العاملين"(‪ .)93‬أيضًا في دراسة‬
‫لدقامسة واألعرجي إدارة األزمات‪ :‬دراسة ميدانية‪ P‬لمدى توافر عناصر نظام إدارة األزمات من وجهة نظر العاملين في‬
‫الوظائف اإلشرافية في أمانة عمّان الكبرى كشفت الدراسة عن "وجود خلل في نظام إدارة األزمات في أمانة عمّان‬
‫الكبرى‪ ,‬حيث وُ جد هناك تباي ًنا في درجة توافر العناصر األساسية التي تتصف بها اإلدارة الناجحة لألزمات في مراحل‬
‫النظام الخمس التي تمثل المنظور المتكامل إلدارة األزمات وكانت توفر هذه العناصر بدرجة أعلى في المراحل التنفيذية‬
‫والعالجية (احتواء األضرار واستعادة النشاط) منها في المراحل الوقائية والتخطيطية (االستعداد والوقاية واكتشاف‬
‫اإلشارات)‪ ،‬مما يعني أن جهود إدارة األزمات في أمانة عمّان الكبرى هي جهود عالجية ورد فعل في معظم األحيان لما‬
‫يحدث من أزمات مختلفة وبدرجة أكبر من كونها جهو ًدا وقائية واستعدادية لما يمكن حدوثه من األزمات"(‪.)799-798‬‬
‫وعزى دقامسة واألعرجي وجود هذا الخلل في هذه المنظمة ومعظم المنظمات العربية إلى الثقافة السائدة بأن إدارة‬
‫األزمات هي مجابهة األزمة عند حدوثها وليس االستعداد لها قبل حدوثها وبالتالي اندفاع الجميع للحل أثناء األزمة على‬
‫طريقة "نظام الفزعات" بحسب تعبير الباحثان‪ .‬بعد استعراض ما تقدم نجد االستنتاج الذي توصال له دقامسة واألعرجي‬
‫بخصوص غياب التخطيط والوقائية يجسد الواقع المقلق لدى معظم منظمات العالم العربي فال وجود للفكر التنبؤي كما في‬
‫الشركات اليابانية الذي يصيغ منظومة وقائية معتم ًدا‪ P‬على االبتكار والحلول الجذرية ومستخدمًا الطرق العلمية كالسيناريو‬
‫والمحاكاة ويكون هدفه تجاوز األزمة أو التقليل من أخطارها على اقل تقدير‪.‬‬

‫وسائل علمية للتعامل مثل المحاكاة والسيناريو‬

‫استخدام وسائل علمية في التعامل مع األزمات مثل المحاكاة والسيناريو‪ .‬فالسيناريو كما عرّفه حواش هو مجموعة من‬
‫االفتراضات المتعلقة بالموقف في مجال محدد يقوم فيه النظام بتحليله ودراسته مما يساعد على وضع تصورات لألزمة‬
‫وأيجاد بدائل عديدة‪ P‬للحلول الموضوعة‪ .‬من خالل ما تقدم يتضح لنا أهمية السيناريو وكما أتضح لنا من دراسة جبر‬
‫استخدام الشركات اليابانية للسيناريو من خالل تدريب موظفيها على تخيل أسوأ المواقف وهو ما يُـعرف بأسوأ سيناريو‪.‬‬
‫‪ worst case scenario‬المحاكاة ‪ virtual reality‬وهي تقليد لظاهرة ما بهدف التفسير والتنبؤ بسلوكها أو هي أسلوب‬
‫كمي يهدف إلى وصف النظام الحقيقي من خالل تطوير النموذج الذي يوضح كيف تتداخل العوامل المؤثرة في المشكلة وما‬
‫هو تأثير تلك العوامل مع التركيز على الكيفية التي يمكن بها أن يقلد هذا النموذج حركة النظام الحقيقي‪ .‬فيما يتعلق بأهمية‬
‫عنصر المحاكاة كمتطلب أساسي فعّال في إدارة األزمات سوف يتضح لنا الح ًقا مدى فعاليته في التجربة الماليزية مع‬
‫كوارث الحج وأثره في التقليص في عدد وفيات الحجاج الماليزيين‪.‬‬

‫نظام اتصاالت داخلي وخارجي‬

‫أن أهمية وجود نظام اتصاالت داخلي وخارجي فعّال يساعد على توافر المعلومات واإلنذارات في وقت مبكر‪ .‬ورد في‬
‫مقال بعنوان مواجهة األزمات والكوارث باستخدام نظم المعلومات اآلتي " والجدير بالذكر أنه قد انتشرت تكنولوجيا نظم‬
‫المعلومات الجغرافية انتشارً ا واسعًا وسريعً ا على المستوى العالمي‪ ،‬خاصة في الدول المتقدمة خالل السنوات القليلة‬
‫السابقة‪ ،‬كإحدى الوسائل الهامة المستخدمة في دعم اتخاذ القرار في المجاالت المختلفة‪ .‬فعلى سبيل المثال يمكن االستفادة‬
‫من جميع هذه الجهود واإلمكانيات في بناء نظام معلومات متكامل لإلنذار المبكر والتنبؤ بمخاطر السيول‪ ،‬حيث تعتبر‬
‫السيول وما يترتب عنها من أخطار من أهم مشاكل البيئة الطبيعية في الصحارى العربية بصفة خاصة"‪ .‬تعقيبًا على المقال‬
‫نرى أنه في الوقت الذي يتحدث فيه العلماء عن دور نظم المعلومات الجغرافية في التقليل من كوارث السيول عن طريق‬
‫تنبئها بأحوال الطقس وبالتالي تفادي الكوارث الطبيعية لدى المنظمات وعن وجود مراكز التنبؤ واإلنذار التابعة للمنظمات‬
‫ووجود نظام االتصاالت السلكية والالسلكية الواسع النطاق الذي يسمح لجميع المنظمات بتبادل البيانات والمعلومات من‬
‫األرصاد الجوية والذي يضمن التأهب ونشر التوقعات واإلنذارات في توقيت مناسب لتفادي األزمات‪ ,‬في هذا الوقت نفسه‬
‫تطالعنا صحيفة الوطن في عددها(‪ )2019‬يوم ‪ 10‬أبريل ‪ 2006‬عن وفاة خمسة من المواطنين وعمال في شركة اسمنت‬
‫تهامة من جراء السيول التي اجتاحت المنطقة وأدت إلى قطع التيار الكهربائي وشبكات االتصال الهاتفي سواء الثابت أو‬
‫الجوال وتعطيل أجهزة الصرافة اآللية وانهيار العديد‪ P‬من الطرق وسقوط عدد من أعمدة الكهرباء واجتراف مزارع وأغنام‬
‫في عدد من القرى والمحافظات‪ .‬هذه السيول سنوية وال وجود لعنصر المفاجأة بها إال إننا ال نحرك ساكنا ً إال عند حدوث‬
‫األزمة مما يعني غياب تطبيق التخطيط العلمي وغياب إخضاع األزمة للمنهجية العلمية تمامًا‪ .‬أضف إلى ذلك التجربة‬
‫اليابانية في النجاح والتغلب على أقسى أنواع الكوارث الطبيعية وهي الزالزل تثبت فعالية وأهمية إدارة األزمات‬
‫والكوارث‪ .‬فاليابان تتغلب على الزالزل ونحن نعاني من سيول خطورتها ليست أخطر من الزالزل وبالتالي تعزيز الفجوة‬
‫العلمية بيننا وبين الدول المتقدمة فال مكان للتخطيط العلمي إلدارة األزمات والكوارث في العالم العربي وال مجال إلخضاع‬
‫األزمات للمنهجية العلمية أيضًا‪ .‬أيضا ً تطالعنا الصحف بعد كل فترة عن وفاة موظفين في شركة أرامكو بسبب تسرب‬
‫غازات سامة مما يدل على غياب تبني إدارة األزمات كخيار استراتيجي‪.‬‬

‫التنبؤ الوقائي‬

‫يجب تبني التنبؤ الوقائي كمتطلب أساسي في عملية إدارة األزمات من خالل إدارة سبّاقة وهي اإلدارة المعتمدة على الفكر‬
‫التنبؤي اإلنذاري لتفادي حدوث أزمة مبكراً عن طريق صياغة منظومة وقائية مقبولة تعتمد‪ P‬على المبادأة واالبتكار وتدريب‬
‫العاملين عليها‪ .‬في دراسة لألعرجي بعنوان إدارة األزمات بين (الوقائية والعالجية)‪ :‬دراسة مسحية في المصارف األردنية‬
‫ثبت صحة فرضية هذه الدراسة القائلة بأن طبيعة ومستويات الجاهزية في المنظمة تجاه األزمات تتناسب طرديًا مع واقع‬
‫االتجاهات الوقائية أو العالجية لدى العاملين في تلك المنظمة‪ .‬ففي هذه الدراسة أثبت األعرجي التناسب الطردي بين الحل‬
‫ضا كانت من توصيات الدراسة الحاجة لبلورة‬ ‫الوقائي لألزمات والقدرة على مواجهة األزمات بمستوى جاهزية عال‪ .‬أي ً‬
‫وتنفيذ برامج توعوية وقائية وعالجية وتدريب للعاملين في المصارف في مجال إدارة األزمات على هذه البرامج‪ .‬مثال‬
‫ذلك مشكلة الجراد األخيرة وأثره التدميري إنما يعكس تفادي الفكر التنبؤي تمامًا لدى المتعاملين والمتخصصين في المجال‬
‫الزراعي ولو تطور األمر بنفس الفكر المتعامل معه فسوف يصبح أزمة موسمية مثل أزمة رمي جمرات الحج‪ .‬أي ً‬
‫ضا‬
‫أشارا دقامسة واألعرجي في دراستهما إدارة األزمات‪ :‬دراسة ميدانية لمدى توافر عناصر نظام إدارة األزمات من وجهة‬
‫نظر العاملين في الوظائف اإلشرافية في أمانة عمّان الكبرى إلى أن النجاح في عملية إدارة األزمات يتطلب عدة عوامل‬
‫منها‪:‬‬

‫‪ -1‬إيجاد وتطوير نظام إداري مختص يم ّكن المنظمة من التعرف على المشكالت وتحليلها ووضع الحلول لها‬
‫بالتنسيق مع الكفاءات المختصة‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل على جعل التخطيط لألزمات جزءًا هامًا من التخطيط االستراتيجي‪.‬‬

‫‪ -3‬ضرورة عقد البرامج التدريبية وورش العمل للموظفين في مجال إدارة األزمات‪.‬‬

‫‪ -4‬ضرورة التقييم والمراجعة الدورية لخطط إدارة األزمات واختبارها تحت ظروف مشابهة لحاالت األزمات‬
‫وبالتالي يتعلم األفراد العمل تحت الضغوط‪.‬‬

‫‪ -5‬التأكيد على أهمية وجود نظام فعّال لإلنذار المبكر‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أن الدراسات الثالث المُستشهد بها في هذه الورقة اشتركت في توصية وهي ضرورة عقد البرامج التدريبية‬
‫وورش العمل للموظفين في مجال إدارة األزمات‪.‬‬

‫اساليب حل األزمات والتعامل معها‬

‫هناك نوعان من أساليب حل األزمات األول معروف متداول‪ ،‬ويصطلح عليه بالطرق التقليدية‪ P،‬والثاني عبارة عن طرق ال‬
‫تزال في معظمها‪ ،‬قيد التجريب ويصطلح عليها بالطرق غير التقليدية‪:‬‬

‫الطرق التقليدية‬

‫واهم هذه الطرق‪:‬‬

‫انكار األزمة‪ :‬حيث تتم ممارسة تعتيم اعالمي على األزمة وانكار حدوثها‪ ,‬واظهار صالبة الموقف وان األحوال‬ ‫‪‬‬
‫على احسن ما يرام وذلك لتدمير األزمة والسيطرة عليها‪ .‬وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل األنظمة‬
‫الدكتاتورية والتي ترفض االعتراف بوجود اي خلل في كيانها اإلداري‪ .‬وأفضل مثال لها انكار التعرض للوباء‬
‫اواي مرض صحي وما إلى ذلك‪.‬‬

‫كبت األزمة‪ :‬وتعني تأجيل ظهور األزمة‪ ،‬وهونوع من التعامل المباشر مع األزمة بقصد تدميرها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اخماد األزمة‪ :‬وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف مع قوى التيار االزموي بغض النظر‬ ‫‪‬‬
‫عن المشاعر والقيم اإلنسانية‪.‬‬

‫بخس األزمة‪ :‬أي التقليل من شأن األزمة (من تأثيرها ونتائجها)‪ .‬وهنا يتم االعتراف بوجود األزمة ولكن‬ ‫‪‬‬
‫باعتبارها أزمة غير هامة‪.‬‬

‫تنفيس األزمة‪ :‬وتسمى طريقة تنفيس البركان حيث يلجأ المدير إلى تنفيس الضغوط داخل البركان للتخفيف من‬ ‫‪‬‬
‫حالة الغليان والغضب والحيلولة دون االنفجار‪.‬‬

‫تفريغ األزمة‪ :‬وحسب هذه الطريقة يتم ايجاد مسارات بديلة ومتعددة امام قوة الدفع الرئيسية والفرعية المولدة‬ ‫‪‬‬
‫لتياراألزمة ليتحول إلى مسارات عديدة وبديلة تستوعب جهده وتقلل من خطورته‪.‬‬

‫ويكون التفريغ على ثالث مراحل‪:‬‬


‫أ‪ .‬مرحلة الصدام‪ :‬أو مرحلة المواجهة العنيفة مع القوى الدافعة لألزمة لمعرفة مدى قوة األزمة ومدى تماسك القوى التي‬
‫انشأتها‪.‬‬

‫ب‪ .‬مرحلة وضع البدائل‪ P:‬وهنا يقوم المدير بوضع مجموعة من األهداف البديلة لكل اتجاه أو فرقة انبثقت عن الصدام‪.‬‬
‫وهذه العملية تشبه إلى حد ما لعبة البليارد‪.‬‬

‫ج‪ .‬مرحلة التفاوض مع اصحاب كل فرع أو بديل‪ :‬اي مرحلة استقطاب وامتصاص وتكييف اصحاب كل بديل عن طريق‬
‫التفاوض مع اصحاب كل فرع من خالل رؤية علمية شاملة مبنية على عدة تساؤالت مثل ماذا تريد من اصحاب الفرع‬
‫االخر وما الذي يمكن تقديمه للحصول على ما تريد وما هي الضغوط التي يجب ممارستها الجبارهم على قبول التفاوض‬
‫؟‪،،‬‬

‫عزل قوى األزمة‪ :‬يقوم مدير األزمات برصد وتحديد القوى الصانعة لألزمة وعزلها عن مسار األزمة وعن‬ ‫‪‬‬
‫مؤيديها وذلك من اجل منع انتشارها وتوسعها وبالتالي سهولة التعامل معها ومن ثم حلها أو القضاء عليها‪.‬‬

‫الطرق غير التقليدية‬

‫وهي طرق مناسبة لروح العصر ومتوافقة مع متغيراته واهم هذه الطرق ما يلي‪-:،‬‬

‫طريقة فرق العمل‪ :‬وهي من أكثر الطرق استخداما في الوقت الحالي حيث يتطلب األمر وجود أكثر من خبير‬ ‫‪‬‬
‫ومتخصص في مجاالت مختلفة حتى يتم حساب كل عامل من العوامل وتحديد التصرف المطلوب مع كل عامل‪.‬‬

‫وهذه الطرق إما أن تكون طرق مؤقتة أو تكون طرق عمل دائمة من الكوادر المتخصصة التي يتم تشكيلها‪ ،‬وتهيئتها‬
‫لمواجهة األزمات وأوقات الطوارئ‪.‬‬

‫طريقة االحتياطي التعبوي للتعامل مع األزمات‪ :‬حيث يتم تحديد مواطن الضعف ومصادر األزمات فيتم تكوين‬ ‫‪‬‬
‫احتياطي تعبوي وقائي يمكن استخدامه إذا حصلت األزمة‪ .‬وتستخدم هذه الطريقة غالبا في المنظمات الصناعية‬
‫عند حدوث أزمة في المواد الخام أو نقص في السيولة‪.‬‬

‫طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع األزمات‪ :‬وهي أكثر الطرق تأثيرا وتستخدم عندما تتعلق األزمة‬ ‫‪‬‬
‫باألفراد أو يكون محورها عنصر بشري‪.‬وتعني هذه الطريقة اإلفصاح عن األزمة وعن خطورتها وكيفية التعامل‬
‫معها بين الرئيس والمرؤوسين بشكل شفاف وديمقراطي‪.‬‬

‫طريقة االحتواء‪ :‬أي محاصرة األزمة في نطاق ضيق ومحدود ومن األمثلة على ذلك األزمات العمالية حيث يتم‬ ‫‪‬‬
‫استخدام طريقة الحوار والتفاهم مع قيادات تلك األزمات‪.،‬‬

‫طريقة تصعيد األزمة‪ :‬وتستخدم عندما تكون األزمة غير واضحة المعالم وعندما يكون هناك تكتل عند مرحلة‬ ‫‪‬‬
‫تكوين األزمة فيعمد المتعامل مع الموقف‪ ،‬إلى تصعيد األزمة لفك هذا التكتل وتقليل ضغط األزمة‪.‬‬

‫طريقة تفريغ األزمة من مضمونها‪ :‬وهي من انجح الطرق المستخدمة حيث يكون لكل أزمة مضمون معين قد‬ ‫‪‬‬
‫يكون سياسيا اواجتماعيا أو دينيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو إداريا وغيرها‪ ،‬ومهمة المدير هي افقاد األزمة لهويتها‬
‫ومضمونها وبالتالي فقدان قوة الضغط لدى القوى األزموية ومن طرقها الشائعة هي‪:‬‬

‫‪‬‬
‫التحالفات المؤقتة‬ ‫‪o‬‬

‫‪‬‬
‫االعتراف الجزئي باألزمة ثم إنكارها‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫‪‬‬
‫تزعم الضغط األزموي ثم توجيهه بعيدا عن الهدف األصلي‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫طريقة تفتيت األزمات‪ :‬وهي األفضل إذا كانت األزمات شديدة وخطرة وتعتمد هذه الطريقة على دراسة جميع‬ ‫‪‬‬
‫جوانب األزمة لمعرفة القوى المشكلة لتحالفات األزمة وتحديد اطار المصالح المتضاربة والمنافع المحتملة‬
‫ألعضاء هذه التحالفات ومن ثم ضربها من خالل ايجاد زعامات مفتعلة وايجاد مكاسب لهذه االتجاهات متعارضة‬
‫مع استمرار التحالفات األزموية‪ .‬وهكذا تتحول األزمة الكبرى إلى أزمات صغيرة مفتتة‪.‬‬

‫طريقة تدمير األزمة ذاتيا وتفجيرها من الداخل‪ :‬وهي من أصعب الطرق غير التقليدية للتعامل مع األزمات‬ ‫‪‬‬
‫ويطلق عليها طريقة (المواجهة العنيفة) أو الصدام المباشر وغالبا ما تستخدم في حالة عدم توفر المعلومات وهذا‬
‫مكمن خطورتها وتستخدم في حالة التيقن من عدم وجود البديل ويتم التعامل مع هذه األزمة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪‬‬
‫ضرب األزمة بشدة من جوانبها الضعيفة‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫‪‬‬
‫استقطاب بعض عناصر التحريك والدفع لألزمة‬ ‫‪o‬‬

‫‪‬‬
‫تصفية العناصر القائدة لألزمة‬ ‫‪o‬‬

‫‪‬‬
‫ايجاد قادة جدد أكثر تفهما‬ ‫‪o‬‬

‫طريقة الوفرة الوهمية‪ :‬وهي تستخدم األسلوب النفسي للتغطية على األزمة كما في حاالت‪ ،‬فقدان المواد التموينية‪P‬‬ ‫‪‬‬
‫حيث يراعي متخذ القرار توفر هذه المواد للسيطرة على األزمة ولو مؤقتا‪.‬‬

‫احتواء وتحويل مسار األزمة‪ :‬وتستخدم مع األزمات بالغة العنف والتي ال يمكن وقف تصاعدها وهنا يتم تحويل‬ ‫‪‬‬
‫األزمة إلى مسارات بديلة ويتم احتواء األزمة عن طريق استيعاب نتائجها والرضوخ لها واالعتراف بأسبابها ثم‬
‫التغلب عليها ومعالجة افرازاتها ونتائجها‪ ،‬بالشكل الذي يؤدي إلى التقليل من اخطارها‪.‬‬

‫المسببات الخارجية‬

‫اما إذا كانت األزمة ناتجة عن مسبب خارجي فيمكن عندئذ‪ P‬استخدام األساليب التالية‪:‬‬

‫أ‪ -‬أسلوب الخيارات الضاغطة‪ :‬مثل التشدد وعدم اإلذعان والتهديد‪ P‬المباشر‪.‬‬

‫ب‪ -‬الخيارات التوفيقية‪ :‬حيث يقوم أحد األطراف بإبداء الرغبة في تخفيف األزمة ومحاولة إيجاد تسوية عادلة لألطراف‪.‬‬

‫ج‪ -‬الخيارات التنسيقية‪ :‬أي استخدام كال األسلوبين األخيرين‪ ،‬أي التفاوض مع استخدام القوة‪ .‬ختاما فان ما قدمناه يمكن أن‬
‫يصلح دليال يسلط الضوء إلى حد ما على مفاصل األزمة بخاصة اإلدارية أو السياسية منها‪ ،‬االمر الذي يؤدي إذا ما تم‬
‫التعاطي مع ابرز مفرداته ايجابيا من قبل صناع القرار إلى وضع تصور اولي لحل األزمات التي تواجه الطاقم السياسي‬
‫بين الحين والحين اآلخر‪ ،‬سيما وان سلسلة األزمات في البالد يبدو أنها مرشحة لالتساع من حيث المدى والنوع مع االخذ‬
‫بنظر االعتبار‪ ،‬ملفات لم تزل تنتظر الحسم السياسي وأخرى في طور التشكل أو االستفحال‪.‬وقد قال محمد ولد زيدان الذي‬
‫يسكن في مدينة الثورة‬

‫إدارة أزمات المكتبات ومراكز المعلومات‬

‫لم ولن تكن المكتبات ومراكز المعلومات في يوم ما بمنأى ومعزل عن احتمالية وقوع كوارث أو أزمات بها‪ .‬فالمكتبات‬
‫على اختالف أنواعها ومراكز المعلومات شأنها شأن أي منظمة أو مؤسسة في المجتمع مع ّرضة لحدوث أزمة أو كارثة‬
‫ولكن يبقى السؤال هل المكتبات ومراكز المعلومات على استعداد‪ P‬لمواجهة احتمالية تعرضها ألزمات أو كوارث‪ .‬تقول‬
‫صادق "إن تحديد االستراتيجيات الوقائية من الكوارث أو األزمات هو مماثل تمامًا لما يتم في المكتبة من تحديد مسبق‬
‫لسياسة التزويد للمقتنيات‪ ،‬أو سياسة خدمات المعلومات التي سوف تقدمها للمستفيدين‪ .‬فإن كل هذه السياسات تعتبر ناقصة‪،‬‬
‫إذا لم تلحق بها سياسة خاصة بالكوارث واألزمات وخطة مفصلة للتعامل معها‪ ،‬وإجراءات تنفيذية‪ P‬واضحة"(‪.)59‬‬
‫وتستطرد صادق "ال تتوقف االستراتيجيات الوقائية على األفراد االبيانات والنسخ االحتياطية البديلة‪ ،‬مع تأمين خاص‬
‫بالمقتنيات‪ .‬واإلستراتيجية الحقيقة لوقاية المكتبة‪ P‬من الكوارث واألزمات يجب أن تشمل رؤية واضحة للتأمين على جميع‬
‫ضا مناسبًا للخسائر‪ ،‬التي يمكن أن تقع على المكتبة‪ P‬في حال وقوع‬ ‫مكونات المكتبة‪ P،‬من خالل عقد تأميني شامل‪ ،‬يحقق تعوي ً‬
‫كارثة ما"(‪ .)85‬وفي دراسة للسريحي والقبالن بعنوان أمن المكتبات السعودية‪ : ‬دراسة مسحية توصلت الدراسة إلى أن‬
‫هناك ضعفا في البنية األمنية لدى المكتبات المشاركة وذلك عبر غياب السياسات المكتوبة والممارسات المهنية المتخصصة‬
‫في مجال أمن مرافق المعلومات‪ .‬فقد تبين غياب السياسات والخطط المكتوبة لدى كثير من المكتبات ومراكز المعلومات‬
‫التسع وعشرين التي شاركت في الدراسة‪ ،‬حيث أوضحت ست مكتبات فقط أن لديها سياسات أمنية معتمدة‪ P،‬في حين تعتمد‪P‬‬
‫المكتبات ومراكز المعلومات التي ليس لديها سياسات وخطط أمنية على عدد من األساليب عندما تواجه مشكالت أمنية منها‬
‫االتصال بالجهات ذات العالقة بحسب موضوع المشكلة التي تواجهها أو تترك التصرف إلدارة المكتبة لحل المشكلة في‬
‫حينها‪ ،‬بجانب بعض الممارسات واإلجراءات المتعارف عليها بين العاملين ولكنها غير مكتوبة‪ .‬كما كشفت الدراسة عن‬
‫تدني مستوى كفاءة اإلجراءات األمنية في المكتبات ومراكز المعلومات المشاركة في الدراسة من وجهة نظر العاملين بها‪،‬‬
‫حيث أفادت نسبة تصل إلى(‪ )%72.4‬بعدم رضاها عن كفاءة اإلجراءات األمنية التي تتخذها هذه المرافق‪ .‬كما تبين أن‬
‫أبرز المشكالت والمعوقات األمنية التي يعاني منها مجتمع الدراسة بحسب رأي العاملين هي التخريب المتعمد‪ P‬لمقتنيات‬
‫المكتبة‪ P‬ومجموعاتها من قبل الرواد‪ ،‬وتعرض المقتنيات للسرقة‪ ،‬وجود تسربات مياه تؤدي إلى تعرض مقتنيات المكتبة‪P‬‬
‫للتلف‪ ،‬ووجود قوارض وحشرات تسببت في تلف مقتنيات المكتبة وأجهزتها‪ ،‬بجانب مشاكل التسليك الكهربائي‪ .‬وأعاد‬
‫المشاركون في الدراسة أسباب تلك المشكالت األمنية إلى قلة عدد الموظفين المخصصين للمهام األمنية‪ P،‬ونقص التجهيزات‬
‫والوسائل األمنية اآللية‪ ،‬وضعف المخصصات المالية‪ ،‬وضعف االختبارات الدورية إلجراءات األمن والسالمة في المكتبة‪P،‬‬
‫وقلة وعي المستفيدين من المكتبة وعدم التزامهم بالتعليمات‪ ،‬مع صعوبة التغيير في المكتبة والتوسع في بعض مرافقها‬
‫لتلبية حاجة المستفيدين‪ P.‬وقد أوصت الدراسة بضرورة الحرص على إتباع سياسات أمن مكتوبة ومدروسة تتالءم مع طبيعة‬
‫العمل في المكتبة واحتياجاتها الخاصة‪ ،‬والسعي لتخصيص ميزانيات كافية للمتابعة الدورية للمكتبات وصيانتها وإعطاء‬
‫موضوع األمن والسالمة في المكتبات أهمية خاصة‪ .‬تعقيبًا على الدراسة يتبين‪ P‬لنا مدى أهمية وضع الخطط األمنية التي‬
‫تحصر جميع األزمات والمشكالت األمنية التي من الممكن أن تتعرض لها المكتبات ومراكز المعلومات فالنسبة التي‬
‫أشارت لها الدراسة ‪ %72.4‬والتي تعبر عن عدم رضا العاملين هي نسبة كبيرة ويتطلب األمر إعادة نظر‪ .‬أيضًا يتبين‪ P‬لنا‬
‫غياب السياسات األمنية في مجال مرافق المعلومات مما يدل على غياب أهم عنصر ومتطلب في مجال إدارة األزمات وهو‬
‫التخطيط التنبؤي الذي يتيح تدريب العاملين في هذه المرافق على أفضل الطرق العلمية لمجابهة األزمات المحتملة‪ .‬فهذه‬
‫المكتبات ومراكز المعلومات تكون في خانة رد الفعل التقليدي وال وجود للفكر المبادر المُـخطط لألزمات قبل حدوثها‪.‬‬
‫يقول محمد صدام في دراسة بعنوان اإلدارة المعتمدة على القيم‪ :‬اتجاه إداري حديث لمديري القرن الحادي والعشرين أن‬
‫اإلدارة العربية "هي منظمات تحاول تجنب المخاطر أو محاولة منعها فهي عبارة عن إدارة مهمتها منع وقوع المخاطر‬
‫‪ risk avoider‬وليس على االستعداد والتهيؤ وامتالك روح المبادرة والمجازفة لمجابهتها ‪ risk taker‬أي إدارة المحافظة‬
‫على المكاسب وتجنب المخاطر"(‪.)37‬‬

‫إدارة أزمة الحج‬

‫في دراسة مقدمة من رجاء الشريف لمعهد خادم الحرمين الشريفين ألبحاث الحج بعنوان "دور التوعية في منع الزحام‬
‫أولويات التنفيذ" في الملتقى العلمي الخامس ألبحاث الحج‪ ،‬تنص مشكلة الدراسة على أن البحوث والدراسات العلمية‬
‫والتجارب والتقارير المبنية على المالحظات الميدانية‪ P‬أثبتت أن توعية الحجاج من بالدهم يعتبر أحد الحلول اإلستراتيجية‬
‫للقضاء على أزمة الزحام عند رمي الجمرات‪ .‬أشارت الشريف إلى أن ظاهرة الزحام في الحج‪ ,‬وخاصة أثناء رمي‬
‫الجمرات ما زالت تتكرر بشكل سنوي تقريبا ويذهب ضحيتها العديد من الحجاج كل عام وأكثر من ‪ 362‬لقوا حتفهم في‬
‫العام المنصرم‪ .‬وأوضحت الشريف أن نسبة الحجاج الذين قدموا من ماليزيا بلغت خالل عام ‪1423‬هـ (‪ )%4‬من إجمالي‬
‫حجاج القارة ونسبة (‪ )%3‬من إجمالي حجاج القارة عام ‪1424‬هـ‪ .‬وقد أصيب منهم خالل نفس الفترة حاج (واحد) فقط‬
‫أثناء رمى الجمرات‪ .‬وهذا يعني أن حجاج ماليزيا من أكثر الحجاج تجنبا ً لمواقع وأوقات الزحام نتيجة لبرامج التوعية‬
‫والتدريب العملي التي يتلقونها في بالدهم وبوقت كافي قبل وصولهم إلى المملكة ألداء الحج‪ .‬أيضا ً أوضحت الشريف أنه‬
‫من خالل المقابالت الشخصية مع بعض المسئولين أشاروا إلى أن الحجاج الماليزيين من أكثر الحجاج تنظيما ً والتزاما ً‬
‫بتعليمات وزارة الحج ومؤسسات الطوافة‪ .‬تستطرد الشريف من خالل دراسة وتحليل محتويات برامج التوعية والتدريب‬
‫المنفذة في ماليزيا‪ ،‬أتضح أن ماليزيا أنشأت مؤسسة خاصة لشئون الحج عام ‪ 1959‬حيث يقوم كل مواطن ماليزي مسلم‬
‫منذ والدته بدفع مبلغ معين لهذه المؤسسة سنوياً‪ .‬على أن تقوم هذه المؤسسة باستثمار هذه المبالغ والصرف منها على‬
‫الحاج الماليزي عند رغبته في أداء الحج‪ ،‬وجزء من هذه األموال يصرف على توعية الحاج وتدريبه على أداء مناسك‬
‫الحج بشكل آمن وصحيح‪ .‬أيضا ً كما أوردت الشريف إن برامج التوعية والتدريب هذه تشتمل على محاضرات وندوات‬
‫نظرية عن أنظمة وتعليمات الحج متضمنة تدريب الحجاج على أداء مناسك الحج من خالل استخدام نظام المحاكاة ‪virtual‬‬
‫‪ ))reality tour‬حيث تم تجهيز مواقع مماثلة تمامًا للمواقع التي يمر بها الحاج منذ وصولة ألداء فريضة الحج وحتى‬
‫عودته إلي بلده‪ .‬فمثالً تم بناء مجسم للكعبة وتدريب الحجاج على كيفية الطواف وكذلك موقع رمي الجمرات لتدريب‬
‫الحجاج على الطريقة اآلمنة والسليمة لرمي الجمرات وكيفية تجنب مواقع وأوقات الزحام‪ .‬كما يتم اختبار الحجاج بعد‬
‫تدريبهم لمعرفة مدى االستفادة من تلك البرامج‪ .‬أي أن الحاج الماليزي يأتي إلى المملكة العربية السعودية وقد تدرب عمليًا‬
‫على كيفية أداء الحج‪ .‬هذه البرامج التوعوية ساهمت مساهمة فاعلة في جعل الحجاج الماليزيين أقل عرضة للموت أو‬
‫لإلصابة أثناء أداء فريضة الحج وأثناء كوارث الزحام التي حدثت خالل السنوات السابقة موضع الدراسة فهم أكثر الحجاج‬
‫تنظيما ً وتنفيذاً للتعليمات وعلى وعي تام بجميع المراحل التي يمر بها أداء الحج‪ .‬ومن خالل جمع البيانات والمعلومات التي‬
‫حصلت عليها الشريف لم تجد تجربة مماثلة للتجربة الماليزية لدى أي دولة من الدول‪ .‬تعقيبا ً على دراسة الشريف يتضح‬
‫لنا مدى أهمية تطبيق إدارة األزمات في الحج والتجربة الماليزية خير مثال على ذلك‪ .‬نجد في هذه التجربة استخدام وتطبيق‬
‫عنصر المحاكاة مع الحجاج الماليزيين وأثر ذلك في زيادة الوعي لديهم وبالتالي التقليل من مخاطر حدوث وفيات بينهم‬
‫أثناء الحج‪ .‬لذا يتضح لنا أيضً ا أنه ال مجال للعشوائية والتخبط في جميع أمور حياتنا وباألخص تلك المناسبة الدينية السنوية‬
‫التي تعاني منها األجهزة الحكومية المختلفة بسبب الزحام الشديد وغياب التنظيم والتوعية الوقائية في مثل هذه األزمات‪.‬‬
‫أيضًا نرى أنه يجب عدم النظر إلى هذه األزمة من منظور لوم الدفاع المدني والمطالبة بضرورة نشر الفتاوى التي تجيز‬
‫الرمي بعد الزوال فقط‪ ،‬فاألزمة هذه يجب النظر لها على أنها األزمة التي يجب إدارتها بإيجاد الحلول الجذرية لها ليس‬
‫على مستوى المملكة بل على مستوى العالم اإلسالمي وباألخص عندما ندرك أن هذه األزمة سنوية متكررة أي بمعنى‬
‫غياب عنصر المفاجأة بهاويذكر ان الدكتور حسين شاوي وهذا رقم تليفون ‪07903357918‬نرجو االتصال كلية االدار‬
‫لجامعة المستنصرية‬

‫ختا ًما‬
‫ورد في مقال إدارة األزمات‪:‬الفن الصعب عندما يحدث ما ال تتوقعه كيف تواجه المواقف واألحداث التي لم تخطط لها؟ أن‬
‫جيري سيكيتش لخص أهمية تخطيط إدارة األزمات في كتابه (كافة المخاطر) حين كتب "ال تختبر أي إدارة اختبارا جيدا‬
‫إال في مواقف األزمات"‪ .‬أيضًا يُـعتبر اإلنسان أهم مورد في المنظمات لذا نرى أنه ال يوجد بديل لوجود أشخاص أكفاء‬
‫لديهم خبرات عالية يمكنهم التصرف بسرعة وجدارة إليجاد حلول جذرية لحل المشاكل الناتجة عن األزمات‪ .‬يجب على‬
‫المدير التوجّه مباشر ًة إلى العاملين في المنظمة وتقديم خطة األزمات لهم طالبا دعم كل فرد منهم وعليه أن يدرب العاملين‬
‫معه الختبار واقعية الحلول الموضوعة‪ ،‬بحيث يتعود‪ P‬العاملون بمرور الوقت على التعامل مع األزمات باعتبارها أحد‬
‫مواقف العمل العادية وال يركزون على األزمة ذاتها مثل التجربة الماليزية واليابانية السابق ذكرها‪ .‬إن أزمة إداراتنا هو‬
‫عدم تبني إدارة األزمات وتفعيلها كأحد الحلول الجذرية والمهمة للمنظمة في العالم العربي واإلسالمي إال في ما ندر‪ .‬أيضً ا‬
‫عدم تأصيل العلمية المنهجية قبل وأثناء التعامل مع األزمات‪ .‬تقول منى شريف هناك نوعان من المنظمات منظمات‬
‫مستهدفة لألزمات ‪ CRISIS PRONE‬وأخرى مستعدة لمواجهة األزمات ‪ .CRISIS PREPARED‬جملة القول من‬
‫خالل ما تقدم يتضح لنا النوعان في المنظمات ورب سائل يسأل هل منظماتنا في حال االستعداد أم االستهداف لكن المتابع‬
‫يجيب أن أي استعراض لألزمات المتكررة والمتعددة في واقعنا يبين لنا أنها في حال االستهداف إلى أجل غير معلوم‪.‬‬

You might also like