Professional Documents
Culture Documents
اعداد :
جإامعة الزيتونة
نيسان 2007
مقدمة:
لعل من نافلة القول أن نقرر أن ادارة المخاطر " "Risk Managementغدت علما ا
ذا قواعد وأصول ممنهجة ،والحق ان هذا المصطلح قد راج في السنوات الخأيرة
رواجا كبيراا ،نتيجة عوامل ومتغيرات كثر ،جعلت الباحثين والمختصين يسلطون
الضوء عليه ،ويتناولونه من زوايا ومنظورات عديدة جلها معني ببعد اداري
اقتصادي محض.
والى عهد قريب ،بحثت ادارة المخاطر بحثا ا مرتبطا ا بالنتاجية "،"Productivity
ثم كان ان اتسع مفهوم المخاطر ليطال تلك البعاد المرتبطة بالفراد ،او تلك
المرتبطة بالتصرفات غير الرشيدة داخأل منظمة ما ،بل بات جليا اليوم ان الكثير من
المخاطر مردها بعد معرفي يتمثل بقصور المنظمة معرفيا ا اي عدم تسلحها
بالمستجدات المعرفية التى تكفل لها البقاء والديمومة ،كما ان هذا البعد المعرفي قد
يتمثل بتسرب معلومات هامة –واحيانا سرية – كاستراتيجية ما او خأطة جديدة او
مشروع مبتكر الى خأارج المنظمة فيحدث خألفا ما خأطط له )ابو قحف،( 1999،
فتفقد المنظمة مدخأل هاما من مدخألتها أل وهو تجسيد الهدافا الى واقع وممارسات
ملموسة .
على انه من المفيد –في مستهل هذه الورقة -التمييز بين المشكلت
" "Problemsوالمخاطر " ،"Risksفالمشكلة تمثل حالة من التوتر وعدم الرضا
نتيجة وجود بعض الصعوبات التى قد تعيق تحقيق الهدافا أو الوصول اليها ،
وتظهر المشكلة بجلء عندما نعجزعن الحصول على النتائج المتوقعة من انشطة
مؤسسة او منظمة ما ،وهكذا فإن المشكلة هي سبب وجود حالة غير مرغوب فيها،
وعليه فإنها تكون بمثابة تمهيد للخطر ،متى ماتعقدت واتخذت مسارا حادا يصعب
توقع نتائجه بصورة دقيقة )البزاز.(2001 ،
2
ومؤسسات التعليم العالي –ممثلة بالجامعات – قد تجابه الكثير من المشكلت التي
يمكن –عند حد ما -ان تتفاقم وتستحيل مخاطر وأزمات تهدد مسيرتها وتجعلها بمنأى
عن تحقيق غاياتها ومراميها .والحق ان المخاطر التي تواجهها الجامعات أولى
بالبحث والدراسة من تلك التي قد تواجهها مؤسسات ومنظمات اخأرى ،وانما نسلم
بمثل هذا الرأي ونذهب اليه من منطلق ان الغاية السمى من التعليم العالي هو ربطه
بالنتاج ،لتغدو الجامعات أداة فاعلة من ادوات النتاج القتصادي والجتماعي ،من
اجل ذلك نقول دائماا ان تخطيط التعليم العالي ينبغي ان يتساوق مع حاجات السوق
القتصادية والجتماعية .
وعلى ماسبق ،فإن الحديث عن المخاطر والزمات التي يمكن ان تواجهها
الجامعات يستأهل وقفة متأنية ،ويستحق ان يحظى بشئ من المدراسه التي تقف على
اهم المخاطر التي يمكن ان تهدد مسيرة الجامعات ،وعلى الطرائق التى من شأنها أن
تحد من تلك المخاطر إما بتجنبها أو بالتقليل من آثارها السلبية .وهذا ماستنزع اليه
هذه الدراسة آخأذة بالعتبار مؤسسات التعليم العالي بعدها مؤسسات ذات أنظمة
" "Systemsوبنى " ،"structuresووظائف " "Functionsاجتماعية .
المخاطر ؟
3
منهجية الدراسة:
هذه الدراسة وصفية تحليلية ،روجعت فيها المفاهيم المتعلقة بهدفها ،وحللت
هذه المفاهيم تحليل ناقدا بهدفا الوصول الى رؤية متسقة مستلة من الدبيات التي
تصدت لموضوع الدراسة ،وقد تناولت هذه الرؤية مفهوم ادارة المخاطر ،والجامعة
يعدها مؤسسة اجتماعية ،وأهم المخاطر التي يمكن ان تحل بالجامعات ،ثم تبني آلية
للحد من تلك المخاطر استناداا الى مبادئ ادارة الجودة الشاملة ) ،( TQMوالى
مايشير اليه مفهوم رأس المال الجتماعي.
5
لمواجهة تحديات وتطورات وطوارئ معينة ،بهدفا منع اتساع نطاق الزمة التي
تقود الى نزاعات وصدامات ،وايقافا الخأتلل الكبير الذي قد يحدث نتيجة خأروج
الزمة الى حالة المواجهة الفعلية ".
ومهما يكن من امر ،فإن ادارة المخاطر يجب ان تتم من خألل بعدين أساسيين:
ادارة من الداخأل الى الخارج ،وادارة من الخارج الى الداخأل
" ،"Inside-out and outside-inأي ان لينظر في ادارة المخاطر الى المستوى
الداخألي للمؤسسة او المنظمة ،بل والى المستوى الخارجي .وهذا يعني ان ادارة
المخاطر ليس مجرد مجموعة من السلوكات الميكانيكية من اجراءات او قواعد او
جهود عقلية ،بل هي مجموعة خأطوات وعمليات مدروسة تهدفا الى تقدير
أزماة ما والتعامل معها بحجمها الحقيقي ،لذا فإنها بحاجة الى رؤية شاملة
" "Wholestic visionتؤهل الخأذين بها لممارسة وظائف ادارية مختلفة من
تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة ،وعليه فإن ادارة المخاطر تتطلب وجود فريق مدرب
تدريبا مميزاا ،وغرفا عمليات ،وبرنامج اتصال جماهيري داخأليا اوخأارجيا ا )أبو
قحف .(1999،ويوضح الشكل ) (1عناصر برنامج ادارة المخاطر :
وينبئ الشكل ) (1عن أن ادارة المخاطر تبدأ أول بادراك الخطر ،ثم باعداد مراجعة
دقيقة له حيث يتم الكشف عن جوانب الضطراب ونقاط الخلل ،للعمل-من ثم -على
تصميم خأطة موقفية أو خأطة طوارئ يتم وضعها للتنفيذ الفوري ،وتتطلب هذه الخطة
6
تشكيل فريق لدارة الزمة من المتخصصين المؤهلين ،والبدء بتنفيذ الخطة فور
حدوث الخطر او انبثاق الزمة.
ويجدر بالفرق التى تضطلع بإدارة المخاطر ان تميز نوعين من المخاطر؛ الول
المخاطر التي يترتب عليها القليل من الخسائر ،ولكنها كثيرة التكرار ،والمخاطر
التي يترتب عليها الكثير من الخسائر رغم ان احتمالية تكرارها قليلة ،وأيا كان المر
،فإن من المجدي أن يعلى الخأذون بادارة المخاطر من قيمة ما سميناه منذ البداية
بالرقابة التنبؤية ،كما يجمل بهم القيام بعملية تأمل " "Reflectionعقب كل ازمة،
لنقول نهاية المر ان ادارة المخاطر في اصلها عملية تنضوي على ثلثة أطوار
""Gorrod,2003يوضحها الشكل )(2
بعد قبل
الخطر
7
ول شك ان الفكرة الجديدة هنا هي فكرة رأس المال الجتماعي
" "Social Capitalالتي تعني في جوهرها ان يرتبط افراد المؤسسة بمنظومة
اخألقية تحسن اداءاتهم وتجعلهم ذوي رؤية مشتركة "، "Shared visionويعول
على رأس المال الجتماعي كثيرا في ارساء مهارات التواصل والتعاون بين افراد
المنظمة سعيا وراء تحقيق اهدافها ) الحمد،وحرب. (2006،
9
د -الحساس الوجداني تجاه الجمهور الطالبي :الستاذ الجامعي ذو الخلق
الرفيع ينهج سلوكا ثابتا ومتطورا مع جمهور الطلب ،فينظر اليهم باعتزاز
وشرفا ،ويجعل من نفسه قدوة حسنة له بتعامله العقلني والوجداني معهم.
هـ -معالجة السلوك الشاذ :ويقصد بالسلوك الشاذ هنا تكرار الغياب وتجنب
القيام بالواجبات العلمية ،والرغبة في الرسوب ،والستاذ الجامعي الملتزم يرصد
الطلب ذوي السلوك الشاذ ويستدعيهم الى مكتبه ويقيم معهم حواراا ديمقراطيا ا
دافئا ا يقنعهم من خألله بفداحة خأطر يقومون به.
ان غياب هذه الخألقيات عن ثقافة الجامعة" "University Cultureيضع
الجامعة امام الكثير من المخاطر والزمات ،قد يكون بعضها داخأليا ا وقد يمتد
البعض الخأر ليصبح ذا مستوى خأارجي يضعف سمعة الجامعة أو يضر
بمخرجاتها.
البحث العلمي: -3
يعد البحث العلمي ركيزة هامة في مسيرة تطور الجامعة ونموها ،ولعل البحث
العلمي هو القناة الحقيقية التي تربط الجامعة بالمجتمع ،فكل مجتمع بحاجة الى
بحوث علمية تستند الى معلومات سليمة لحل المشكلت ولتحسين ظروفا الحياة
ولتخاذ القرار السليم )يوسف .(2000،غير ان البحث العلمي يصبح خأطراا
حقيقياا يتهدد الجامعة متى مااستخدم استخداما ا خأاطئاا ،وتتجلى الستخدامات
الخاطئة في البحث العلمي بعدم تحري الدقة والموضوعية ،وبالسرقات والسطو
على جهود الخأرين دون توخأي المانة العلمية والتوثيق .عدا ذلك ،فان البحث
العلمي مرتبط الى حد كبير باشكالية التمويل ،اذ ليمكن تصور بحث علمي جاد
دون توفير دعائم مالية وموارد ترفده لتجعله ذا جدوى وفائدة .
الفراغ و القلق الستراتيجيان : -4
يقصد بالفراغ الستراتيجي ان تعيش الجامعة في حالة من التشتت دون قرارات
واعية ،او قدرة على التغيير بما يتلءم مع استغلل الفرص المتاحة او التكيف مع
الظروفا المحيطة ،كما يشير هذا المصطلح الى ندرة المبادرات الفردية و الجماعية
و غياب الحماسة في التميز و الوصول الى الجودة المطلوبة .أما القلق الستراتيجي
فهو معني بتنافس الدارات أو القسام أو ظهور الصراعات بدلا من التعاون بينها ،
10
كما يشير الى عشوائية القرارات و التصرفات ،و عدم القدرة أو الرغبة في
الستجابة للتغيير ) أبو قحف . (1999 ،
إن خأطر الفراغ و القلق الستراتيجيين يعود على الجامعة بآثار سلبية تماما ا ،إذ
يعني شيوعه في جامعة ما انغلق الجامعة و رفضها رياح التغيير ،و الحيلولة دون
الوصول الى الهدافا المرتجاة منها كمؤسسة أكاديمية اجتماعية ،كما يعني هذا
الخطر تبني الفراد في الجامعة لساليب غير لئقة في حل الصراع .
التعصف الطالبي و العنف في الجامعات : -5
تشير ظاهرة التعصب ) (prejudiceفي اصلها الى انعدام الحوار العقلني بين
الفراد ذوي الخأتلفات العرقية أو المذهبية أو الجندرية ) ( Pate,2000و يقود
غياب الحوار العقلني بين طلب الجامعة الى حالة من النغلق على الذات و
التعصب العمى ،و رفض بعضهم البعض الخأر ،و هذا مرتكز رئيس من
مرتكزات العنف الجامعي ،و يضافا إليه اشكالية التحرشات الجنسية ليشكل
معا ا السباب الكثر شيوعا ا في انبثاق العنف الجامعي .
11
الشاملة ،فالتحسين يصبح جزءاا من ثقافة المنظمة في سعيها الدؤوب نحو
الجودة،
و يتطلب التحسين تدريبا ا مستمراا ،وهو المبدأ الثالث من مبادئ الجودة الشاملة
فهو معني بتنمية مهارات العاملين الجدد و القدامى ،و رفدهم بكل ما من شأنه أن
يساعدهم على أداء أفضل .
و من مبادئ ادارة الجودة الشاملة أيضاا القضاء على الخوفا ،و هذا يتأتى
عن طريق التصال الفعال بين ادارات المنظمة و العاملين فيها ،المر الذي
يخلق مناخأا ا جيداا للتجديد وظروفا مناسبة لحل المشكلت .إن الخوفا من اكتشافا
المشاكل أو اجراء التغييرات المطلوبة قد يقضي على مفهوم التحسين و التطوير .
و تتطلب الجودة الشاملة كذلك تجنب النصائح و الشعارات الجوفاء ،و تشجيع
التعلم و التطور الذاتي.
إن تبني تلك المبادئ في الجامعة يعني تفعيل العملية الدارية فيها ،ومواجهة
المخاطر التي يمكن أن تعود عليها بسمعة غير لئقة ،ولعل المخاطر التي أشير
إليها قبل قليل تضمحل أو تتقازم متى ما تبنت الجامعة إدارة الجودة الشاملة.
ولكن الجامعة حتى تنجح تماماا في تجسيد مبادئ إدارة الجودة الشاملة ينبغي أن
تلتفت إلى مفهوم رأس المال الجتماعي " " Social Capitalبعده قوة
اجتماعية تساعد الجامعة على النهوض بمهامها على وجه حسن .ويشير رأس
المال الجتماعي في أصله إلى التفاوضات الجتماعية التي ينغمس فيها أفراد
الجامعة لتحقيق أهدافها ،ويلزم هذه التفاوضات التحلي بالقدرة على
التواصل الجتماعي ،وبمنظومة أخألقية قائمة على الثقة والقيم المشتركة
) الحمد ،وحرب.(2006 ،
إن عمليات التحسين المستمر ،ومبدأ القضاء على الخوفا ،ومبدأ التدريب
المستمر للعاملين التي حملتها إدارة الجودة الشاملة لن تتأتى على وجه فاعل ما لم
يحتكم العاملون في الجامعات إلى شبكات اجتماعية تحسن اداءهم ،شبكات قوامها
الثقة واحترام الخأر ،والنغماس في أنشطة وفعاليات اجتماعية تقرب بينهم وتزيد
من تماسكهم إذ يواجهون خأطراا ما.
خلصة:
12
خألصت هذه الورقة إلى أن مفهوم إدارة المخاطر ذو أبعاد ثقافية واجتماعية ،وإلى
أن الجامعات شأنها شأن المنظمات والمؤسسات الخأرى عرضة للكثير من
المخاطر والزمات ،وأن هذه المخاطر ربما تقلصت إلى حد كبير متى ما تبنت
الجامعات مبادئ إدارة الجودة الشاملة واستلهمت بوعي مفهوم رأس المال
الجتماعي.
13
المراجع
أبو قحف ،عبد السلم ) ،(1999إدارة الزمات ،مكتبة الشعاع ،السكندرية.
الحمد ،عدنان ،حرب ،ماجد ) ،(2006رأس المال الجتماعي :نحو خأطاب
أخألقي المدرسة ،الزيتونة للدراسات والبحوث العلمية.125-116 :(1)4 ،
جودة ،محفوظ ) ،(2004إدارة الجودة الشاملة :مفاهيم وتطبيقات ،ط ،1دار
وائل للنشر ،عمان.
البزاز ،حسن ) ،(2001إدارة الزمة بين نقطتي الغليان والتحول ،ط ،1
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ،بيروت.
الشيخلي ،عبد القادر ) ،(2000أخألقيات الستاذ الجامعي ،مؤتمر التعليم
العالي في الردن بين الواقع والطموح ،جامعة الزرقاء الهلية.
جعفر ،عبد الله ) ،(2000تمويل وتكاليف التعليم العالي في الردن ،مؤتمر
التعليم العالي في الردن بين الواقع والطموح ،جامعة الزرقاء الهلية.
يوسف ،عاطف ) ،(2000المكتبة اللكترونية والتعليم العالي ،مؤتمر التعليم
العالي في الردن بين الواقع والطموح ،جامعة الزرقاء الهلية.
Stulz, R. (2003). Risk management and Derivatives. 1st ed.
Mason, ohio: Thomson south-Western.
Alexander, C.& sheedy E.(2004). The professional Risk
mangers Hand-book.1st ed. Wilmington,DE: PRIMA
publications.
Gorrod, M. (2003). Risk management systems. Palgrave
Macmillan.
Meighan,R.& Blatchford, I. (2004)A Sociology of
Education. 4th ed. Continuum.
Crockford, N. (1986). An Interoduction to Risk
Management. 2nd ed. Wood head- faulkner.
14