Professional Documents
Culture Documents
المترجم بين التّوطين والتّغريب وهويّته الثّقافيّة
المترجم بين التّوطين والتّغريب وهويّته الثّقافيّة
وهويته الثّ ّ
ّ المترجم بين التّوطين والتّغريب
مل ّخص:
يضحي بها
ّ فإما أن
قافية؛ ّ
هويته الثّ ّ
الثقافية ال ّشعور باالنتماء وللمترج ّم ّ
ّ وية
تجسد الهٌ ّ
ّ
إن
للنصّ .
تقبل الجمهور ّ
هويته ويسهّل ّالضوء على ّ النص بالتّغريب ،وا ّما أن يسلّط ّ وينقل ّ
اإلشكالية:
ّ الدراسة هو اإلجابة عن هذه الهدف من ّ
للهوية
ّ بالنسبة
وسلبيتين ّ
ّ إيجابيتين
ّ كيف يمكن إلستراتيجيتي التّوطين والتّغريب أن تكونا
قافية للمترجم؟
الثّ ّ
قافية والتّوطين والتّغريب ،وعالقة نظرّية الغاية
الهوية الثّ ّ
ّ أوضح مفهومّ سأحاول أن
قصة ("الموتى" لجيمس جويس) معبق اررات المترجم وأعرض نماذج عن التّغريب مقتبسة من ّ
ويحرف
ّ قافية
بهويته الثّ ّ
يتمسك فيه المترجم ّ
ّ هوية المترجم ،ونموذج
اتيجية على ّ
تبيان أثر اإلستر ّ
أن المترجم ينتقل
المتحركة .أستخلص ّ
ّ الرسوماتبوية في ّ
األصلي لتحقيق غايات تر ّ
ّ النصفيه ّ
اتيجيتين أن تبرز أو
من التّغريب إلى التّوطين والعكس حسب الغاية من التّرجمة ويمكن لالستر ّ
قافية للمترجم.
الهوية الثّ ّ
تعزز ّّ
نظرية الغاية ،أساليب التّرجمة.
ّ الهوية الثقافية ،التّغريب،
ّ الكلمات المفاتيح:
Abstract
The present paper clarifies the effect of foreignization and domestication
on the translator’s cultural identity. This study shows the situations in which
each translation strategy distorts or defends the translator’s identity. We
analyzed examples from the “The Dead”, and some cartoons and obtained the
following results: foreignization maintains cultural adversity and helps the
receiver develop a sense of specialness, yet it weakens identity by transferring a
175
different culture. Domestication may encourage racism, but helps achieve
educational purposes by preserving cultural identity.
Key words: Cultural identity, foreignization, domestication, translation
strategies, skopos theory.
مقدمة:
مسك
وية المترجم الثّقافية من حيث وجوب التّ ّ إشكالية ُه ّ
ّ كثي ار ما طرحت
بها أو التّخلّي عنها مقابل إعطاء صورة واضحة عن اآلخر؛ ولقد ُدرست وانتُِق َدت
المختصين في التّرجمة النقاد و ِ
العديد من ّ اتيجيتا التّوطين والتّغريب من ِقَبل
ّ استر ّ
مقروئية
ّ اتيجيات التّي تحقّق
والتّواصل ،بوصف التّوطين على ّأنه أنجع اإلستر ّ
أن
واسعة للعمل المترجم وتؤ ّكد نجاحه ورواجه .وا ْن تناولنا الموضوع من مبدأ ّ
النقّاد والمراجعينالنشر و ّ
ور ّ أن كالّ من ُد ِنجد ّاألم ُ يترجم للغتِ ِه ِّ
ُ المتَرجم
قافية للكاتب وابراز ُه ِوّية يكيين قد أثنوا على َم ْح ِو معالم وسمات الهُ ّ
وية الثّ ّ األمر ّ
األدبية،
ّ الساحة
الرواج في ّ النص مع ثقافته ليلقى القبول و ّ المترجم ،أي ت ْكيِيف ّ
ومن ُهَنا َن َشأَ ِ
الجدال ال ّذي قاده "فينوتي"" "Venutiال ّذي رفض هذا االتّجاه واقترح
هوية
قافية مبر از ّ
هويته الثّ ّ
التّغريا استراتيجية مقاومة له ،يتخلّى فيها المترجم عن ّ
ِ
المستقبلة ،وذلك لما رآه من الكاتب وان تطلّب األمر خرق عادات وتقاليد الثّقافة
اتيجية التّغريب.
قافية في استر ّ رجسية الثّ ّ
الن ّالعرقي و ّ
ِّ االنغالق والتّمركز
إيجابيتين
ّ اتيجيتي التّوطين والتّغريب أن تكونا إذن ،كيف يمكن الستر ّ
قافية للمترجم؟
وية الثّ ّلله ّ وسلبيتين ِّ
بالنسبة ُ ّ
اتيجيتي التَّوطين وية الثَّ ّ
قافية واستر ّ أحاول في هذا البحث توضيح مفهوم الهُ ّ
ماذج عن ترجماتالن ِ
الغاية منهما ،كما أعرض بعض ّ وموقف نظرّي ِة َ
ِ والتَّغريب
اعتمد فيها المترجم على التّغريب ونماذج أخرى اعتمد فيها على التّوطين مع
قافية.
وية المترجم الثّ ّ
اتيجية في التّرجمة وفي ُه ّ
كل استر ّ
إبراز أثر ّ
قافية والمفاهيم التّرجم ّية المتّصلة بها:
الهوية الثّ ّ
ّ -1
176
قافية:
الهوية الثّ ّ
ّ -1-1مفهوم
أمة أو شعب من ألية ّالقومية) ّ
ّ (الوطنية أو
ّ خصية
ش ّ وية أو ال ّ
اله ّ
» ُ
الح َّد شعوب هي مجموعة الصفات أو السمات الثّ ِ
امة التّي تُمثّل َ
الع ّ
قافية َ
ّ ّ ّ ال ّ
االنتماء إلى هذا
َ يدعون جميع األفراد الذّين ينتمون أو ّ
ِ المشترك بين
َ األدنى
شعب أو ذاك من شعوب المعمورة( «...بن نعمان ،2005 ،ص )12 ال ّ
قافي
أي بالموروث الثّ ِّويةَ بالثّقافة؛ ْ
أن الهُ ّ
الكاتب ّ
ُ نالحظ من خالل ما قاله
ِ
مختلف أفراد المجتمع؛ فالثّقافة هي ما يشترك فيه هؤالء األفراد وما ِ
المشترك بين
يخلق التّشابه واالنتماء بينهم.
قافية لألفراد والمجتمعات في مختلف جوانب الحياة
الهوية الثّ ّ
ّ تتجلّى
ياسية
الس ّاالجتماعية و ّ
ّ االقتصادية و
ّ الحياتية؛
ّ كل الجو ِ
انب قافية تمثّ ُل َّ
الهوية الثّ ّ
» ّ
الموحدة التّي ينتمي إليها األفراد
ّ المستقبلية ألعضاء الجماعة
ّ الحضارية و
ّ و
االنتمائي لها( «.زّغو ،2010 ،ص)94 ّ شعور
بالحس وال ّ
ّ
مظاهر
ُ تتجسد في ال ّشعور باالنتماء لجماعة واحدة تتشابه ّ إذن فهي
الروابط مكن أن ُي َّ ِ ِ ِ
المفهوم أكثر بتوضيح ّ
ُ وضح وي ُحياتها على مختلف األصعدةُ ،
التّي تجمع هؤالء األفراد بعضهم ببعض وتخلق التّشابه بينهم ،ويقول الكاتب ذاته
مهم ِة التّي
قافية في تلك المظاهر ال ّ
الهوية الثّ ّ
ّ الصدد » :تتجّلى عناصر في هذا ّ
شعوب واألفراد ،وان كانت تتمثَّ ُل في الهويَّة الثَّقافيَّة بال ّنسبة لل ّ
تمثّل جوانب ُ
الغالب في ثـالثـة عنـاصر :العقيـدة واللّغـة والتّراث الثّقافي( « .زّغو،2010 ،
ص)95
الهوية الثّقافية هو شعور الفرد باالنتماء ّ فالحد الفاصل في امتالك
ّ إذن
بالدين أو العقيدة والّلغة والتّراث الثّقافي؛ ميز عن جماعة أخرى ّ لجماعة ما والتّ ّ
ألن: وي ِة الثّ ّ
قافية ّ بالنسبة للهُ ّ
أهمية ّ
فالدين هو ّأول العناصر وأكثرها ّ
ّ
177
ضوية متماسكة هو العقيدة التّي ٍ وي ٍة »قوام ِّ
ثقافية ذات ُب ْنية ُع ّ
ّ كل ُه ّ
ئ منظوم ًة من القيم القادرة ع لى تفعيل اإلرادات المختلفة في بناء مجتمع ِ
تُْنش ُ
ومثُ ٍل عليا تحظى باإلجماع ٍ ٍ ٍ عضوي ال ِب َناء،
أخالقية ُ
ّ برسالة مؤمن ِّ متماسك
والتّقديس( «.الكتّاني،1997،ص)81
والعادات يحدد نسبة كبيرة من الممارسات والمناسبات فالدين -عموماّ - ّ
أما اللُّغة
اإليديولوجيات.
ّ ّ جتماعية وحتّى
ّ لوكيات والمعايير االالس ّ والتّقاليد وكذا ّ
والتَّعريفِ
بات ال ّذ ِ
ات إمكانيةَ إِثْ ِ
َّ قوية ويحقّ ُ ِ فهي ما ُيم ّك ُن من التَّ ْعبِ ِ
ير عن هذه الهُ ّ َ
قافية التّي يسعى لتجسيدها في وهويته الثّ ّ
المترجم بدوره لديه انتماؤه ُّ بها لآلخر .و
بكل
ويتجنبها ويترجم ّّ عك ُس على ترجماتِ ِه من دون قصد حينا ترجماته أو ّأنها ْتن ِ
وحيادي ٍة ً
حينا آخر؛ وهذا ما يعرف في التّرجمة بالتّوطين والتّغريب. ٍ
أمانة
ّ
وهوية المترجم:
ّ اتيجية التّوطين
-2-1استر ّ
النص
أن الغرابة التّي يستشعرها القارئ أو يجدها في ّ شك فيه ّ
مما ال ّ ّ
الخلفيات تباين ِ
الختالف في ثقافتي القارئ والكاتب؛ فمن شأْن ِ رجِم تَْنتُ ُج ِ
عن ا
ّ المتَ َ
ُ
عاديا أو حتّى ضرورّيا ،فاختالف ِ
اآلخر ّ
ُ يستغرب ما يراه
ُ أن يجعل المرء قافية ْ الثّ ّ
وتقييم األشياء والحكم عليها بما فيها
َ النظر
الثّقافة يعني اختالف وجهات ّ
اتيجية التّرجمة التّي تعنى بالتّقليل من هذا االختالف هي
التّرجمات ،واستر ّ
التّوطين:
«A term used by Venuti (1995) to describe the translation
strategy in which a transparent fluent style is adopted in order
to minimize the strangeness of a foreign text to the TL
)readers.» (Shuttleworth & Cowe, 1997,p.44
اتيجية التّرجمة التّي
» مصطلح استعمله "فينوتي" لإلشارة إلى استر ّ
األجنبي
ّ صانسيابي للتّقليل من غرابة ال ّن ّ
ّ تتجسد في تب ّني أسلوب شفّاف
ّ
للقراء المستهدفين( «.ترجمتنا)
بال ّنسبة ّ
178
صالن ّ
اتيجية األنسب لترجمة ّ تبني االستر ّ يتضمن ّّ فإن التّوطين
ولهذا ّ
رج َم يبدو
ص ال ُـمتَ َ
الن َّ
فافية ما يجعل ّ
االنسيابية وال ّش ّ
ّ اعتمادا على أسلوب فيه من
وية الكاتب ِ ٍّ ِ
المنقول إليها؛ حيث تتالشى ُه ّ لقراء اللّغة
أساسا ّ
ً ب
أصلي ُكت َ كنص
ٍّ
ِ
وثقافته، محترما معايير مجتمعه األم
ً وية المترجم وهو يترجم للغته ّ وتبرز ُه ّ
ص واقباله عليه:
للن ّ
تقبل القارئ ّ
ال ّشيء ال ّذي من شأنه أن ُيسهّل ّ
«…because of its economic value: enforced by editors,
publishers and reviewers, fluency results in translations that
are eminently readable and therefore consumable on the book
)market» (Venuti, 1995,p. 16
المحررين
ّ االقتصادية أي :كونها ُعّززت من قبل
ّ » وبفضل قيمتها
مقروؤية واسعة
ّ االنسيابية ترجمات ذات
ّ وال ّناشرين والمراجعين ،نتجت عن
ومستهلكة في سوق الكتاب( «.ترجمتنا)
سلبياته فهو كما يرى
أما عن ّ اتيجية التّوطينّ ،
اإليجابي الستر ّ
ّ هذا عن الجانب
األنجلوسكسوني ال ّذي
ّ قي
وتشجع مبدأ التّمركز العر ّ
ّ "فينوتي" "ّ "Venutiأنها تمثّل بل
يسعى لنشر ثقافته وينغلق على ثقافة اآلخر ويرفضها بترجمة أعماله اعتمادا على
قافي ِة و ّ
القومية ويستبدلها بثقافته خصوصي ِ
ته الثّ ّ ّ األصلي من
َّ صالن ّ
جرُد ّ
التّوطين ال ّذي ُي ّ
وكأنها أرقى الثّقافات وأجدرها بالتّعريف والتّرويج.
ّ
وهوية المترجم:
ّ اتيجية التّغريب
-3-1استر ّ
لقد اقترح "فينوتي" Venutiاعتماد استراتيجية التّغريب بديال للتّوطين إذ
يقول فيها :
« Foreignizing translation in English can be a form of
resistance against ethnocentrism and racism, cultural
)narcissism and imperialism» (Venuti, 1995, p. 20
ضد
اإلنجليزية أن يكون شكال من أشكال المقاومة ّ
ّ » يمكن للتّغريب في
اإلمبريالية( «.ترجمتنا)
ّ قافية و
رجسية الثّ ّ
عصب وال ّن ّ
العرقي والتّ ّ
ّ التّمركز
179
عرف عليهيدل على رفض اآلخر ،وحرمان القارئ من التّ ّ
فالتّوطين ّ
ص وتحويره وجعله الن ّ
واعطائه صورة مختلفة وخاطئة عنه بتشويه محتوى ّ
وخاصة "اإلنجليزّية" .وهذا ما
ّ السائدة في ثقافة اللّغة المنقول إليهايتماشى والقيم ّ
يكية على حساب قافي والتّكريس للثّقافة األنجلو أمر ّ
نوع الثّ ّ
من شأنه تقليص التّ ُّ
بكل ما
ص ّ الن ّ
وهويته وينقل ّ
ّ ألن التّغريب يكفل بروز الكاتب
الثّقافات األخرىّ ،
هوية الكاتب بحيث
قافية وتبرز ّ
هوية المترجم الثّ ّ
يحمله من غرابة .وهنا تختفي ّ
ي الحاصل وينفتح عليه.
قافي والحضار ّ
نوع الثّ ّ
يتعرف عليها القارئ ويطّلع على التّ ّ
ّ
« Foreignizing translation signifies the difference of the
foreign text, yet only by disrupting the cultural codes that
)prevail in the target language» (Venuti, 1995
ص ِد أن
يمكن لهذا القَ ْ
ُ األجنبي ،ولكن ال
ِّ يبين التّغريب اختالف ال ّن ِ
ص » ّ
السائدة في اللّغة المنقول إليها( «.ترجمتنا)
قافية ّبالرموز الثّ ّ
ُيبلَغ لوال اإلخالل ُّ
النظر عن بغض ّّ النص للقارئومن هنا يتجلّى دور التّغريب في تقديم ّ
السائدة في ثقافة اللّغة المنقول إليها ،حتّى
االجتماعية ّ
ّ االعتقادات والقيم والمعايير
رسل أي الكاتب والتّعرف على ثقافته رغم يتسنى للمستقبِل إدراك حقيقة الم ِ ّ
ُ ُ
قافي.
ساني والثّ ّ
اختالفها أو غرابتها ،وهذا بإبراز االختالف اللّ ّ
يشدد فينوتي Venutiعلى اقتراحها ليقوم المترجم
السمات التّي ّ »ما ّ
السمات التّي
الضبط -تلك ِّ الم َم ِ
ارس بإعادة إنتاجها؟ إ ّنها -على جهة التّدقيق و ّ ُ
قافي( « .غنتسلر ،ترجمة َّ
ساني والثّ ّ
تُ َك ِّو ُن عالمة دالة على االختالف اللّ ّ
مصلوح ،2007 ،ص)120
السالسة
ص ال يتّسم بالوحدة واالتّساق واالنسجام و ّ
الن ّ
ال ّشيء ال ّذي يجعل ّ
ص مترجم ،كما يشعر فيه القارئ الن ّ
بأن ّ
اؤه من اإلحساس ّ فافية بل يتم ّكن قَُّر ُ
وال ّش ّ
ساني.
قافي والّل ّ
بروح الغرابة واالختالف على المستويين :الثّ ّ
وهوية المترجم
ّ نظرية الغاية
ّ -4-1
180
الحرة والتّرجمة األمينة والتّوطين
ظرون حول التّرجمة ّ وبينما يتجادل المن ّ
ويته
مسك بهُ ّ
والتّغريب ،على المترجم أن يتّخذ ق ارره ويعرف إن كان يجدر به التّ ّ
هويته ِ
األم وبالتّالي يعتمد على التّوطين أو أن يتخلّى عن ّ وهو يترجم للغته ّ
ص .وهذا أمر يتوقّف حسب نظرّية الغاية Skopos Theory الن ّ
ويغرب ّ
قافية ّ
الثّ ّ
على الهدف من التَّرجمة؛ ففي بعض الحاالت َي ْح ُس ُن ّ
تبني التّوطين وفي أحيان
أخرى يستحسن استعمال التّغريب ،ال ّشيء الّذي يمكن أن يتوافق أو يتعارض مع
األصلي والموضوع المعالج فيه .وهنا يتجلّى دور
ّ ص
للن ّ
هدف الكاتب من تأليفه ّ
حدة الجدال آنف ال ّذكر ،فحسب "كريستيان نورد"
نظرّية الغاية في التّخفيف من ّ
اتيجية
يحدد االستر ّ
Christiane Nordالهدف أو الغاية من التّرجمة هو ما ّ
المتّبعة:
« The prime principle determining any translation
process is the purpose of the overall translational act . » (Nord,
)1997, p.27
عملية ترجمة هو
ّ َّد على أساسه ّأية
األساسي الذّي تتحد ُ
ّ إن المبدأ
»ّ
رجمي( « .ترجمتنا)
الغاية من الفعل التّ ّ
رجمي
أهم ما في الفعل التّ ّ
قافية وموقف المترجم منها ليس ّ
فالهوية الثّ ّ
ّ إذن،
ْ
وتبني
يحدد خيارات المترجم بل تحديد الغاية من التّرجمة ّ
أو ما يحكمه أو ما ّ
هوية المترجم.
اتيجيات المناسبة لتحقيق الغاية وان كان األمر على حساب ّ
االستر ّ
أن هذه النظرّية
بأن نظرّية الغاية ليست كما يعتقد الكثيرونّ :
وهنا يجدر التّنويه ّ
الصدد:
فضل التّوطين وتشيد به؛ ولقد قال "فيرمير" Vermeerفي هذا ّ ت ّ
«The skopos theory thus in no way claims that a
translated text should ipso facto conform to the target culture
behavior or expectations that a translation must always adapt
to the target culture. This is just one possibility: the theory
equally well accommodates the opposite type of translation,
deliberately marked, with the intention of expressing source
181
culture features by target culture means. Everything between
» these two extremes is likewise possible.
)(Vermeer, 2000, p. 231
المتَْر َج ُم مع الثَّقافة
ص ُ
أن َيتَالَءم َّ
الن ُّ نظري ُة الغاية أبدا ْ
َّ » ال تَتَطلَّ ُ
ب
تتكيف التّرجمة دائما وقعات بحيث يجب أن ّ ُ لوك والتّ
الس ُ
المستهدفَة من حيث ُّ
ظرية لهذا ال ّنوع
اإلمكانيات :تتّسع ال ّن ّ
ّ مع هذه الثّقافة .هذه ليست سوى إحدى
صد التَّعبير عن
تميز هذا األخير ب َق ْ
من التّرجمة ولنقيضه بنفس القدر مع ّ
وكل ما
ص المصدر بما تتيحه ثقافة اللّغة المنقول إليهاّ ، خصائص ثقافة ال ّن ّ
ينحصر بين هذين ال ّنقيضين ممكن كذلك( «.ترجمتنا)
أن يعتمد علىحر في ْ أن المترجم ّ
نتبين من خالل هذا االقتباس ّ
ّ
قافية أو أن يتنازل عن
هويته الثّ ّ
هوية الكاتب ويبرز ّ
اتيجية التّوطين ويطمس ّ
استر ّ
فإن هذه
ص المصدر؛ إذنّ ، للن ّ
غوي ّ
قافي واللّ ّ
هويته ويرّكز على إبراز االختالف الثّ ّ
ّ
يخص
ّ الحرّية فيما
االستقاللية و ّ
ّ النظرّية تخلّص المترجم من قيود األمانة وتوفّر له
ّ
تحدد من قبل المبادر أو
اتيجيات التّرجمة شريطة توافقها والغاية الّتي ّ
اختيار استر ّ
المترجم أو المرسل أو المرسل إليه:
« Initiators may have communicative purposes of their
own or they may share those of either the sender or the
)receiver. » (Nord, 2006, p. 134
خاصة بهم ،كما يمكن أن
ّ صالية
» يمكن أن يكون للمبادرين أهداف اتّ ّ
رسل إليه األهداف ذاتها( «.ترجمتنا) ِ
الم َ
المرسل أو ُ
يشاركوا ُ
يتحرى المترجم غاية األديب من
ّ كما يمكن في كثير من الحاالت أن
ثم العمل على بلوغها بواسطة التّرجمة: القصة ومن ّّ للرواية أو
تأليفه ّ
ص المصدر متّسقا مع الغاية ستَ ْه َدف من ال ّن ّ
الم ْ
ص ُ » إذا كان اشتقاق ال ّن ّ
جيدة« .
يسمى اشتقاقا أمينا ،ويحظى بالقَبول بوصفه ترجمة ّ
فإن ذلك ّ
األصلية ّ
ّ
(غنستلر ،ترجمة مصلوح ،2007 ،ص)178
182
إذن يمكن للمترجم العمل على بلوغ نفس غايات الكاتب ،ويمكن أن تنتج
عن اتّباع هذا األسلوب ترجمة يحكم عليها باألمانة والجودة.
المدونة
ّ نقدية لترجمة نماذج من
تحليلية ّ
ّ -2دراسة
نقدية لترجمة نماذج من رواية الموتى تحليلية ّ
ّ 1 -2دراسة
-1-1-2نبذة عن رواية الموتى والمترجم :وأستعرض دراسة لترجمة بعض
ِ
ي المتَْر ِجم ّ
السور ِّ ت على يد ُ النماذج من رواية "" The Deadالموتى" التّي تُْر ِج َم ْ
ّ
تي "غابرييل" حيث أقيمت عم ّ
الرواية في منزل ّ "أسامة منزلجي" ،وتدور أحداث ّ
للرواية-
ئيسية ّ
الر ّخصية ّ
ليتعرض "غابرييل" -:ال ّش ّّ المسيحي
ّ ظهور"
حفلة عيد "ال ّ
بعية لبريطانيا ،كما
للكثير من المواقف الحرجة ،وأكثرها إحراجا كانت اتّهامه بالتّ ّ
الرقصالرواية مختلف مراسيم االحتفال من إلقاء الخطابات والغناء و ّ تستعرض ّ
العاطفية اّلتي
ّ لندية ،وتُ ْختَتَ ُم بالخيبة
والقصائد والمأكوالت وال ّشيم والتّقاليد األير ّ
أن الهدف عاشها غابرييل وم ّكنته من اكتشاف ذاته .ولقد اعترف الكاتب بدوره ّ
القصصية "أهالي دبلن" الّتي أدرج فيها رواية الموتى هو
ّ من كتابة المجموعة
لندية".
وهويتهم األير ّ
التّعريف بالمدينة وس ّكانها ّ
« You must write what is in your blood and not what is
» in your brain.
)) Jeffares, 2000, p. XV
»عليك أن تكتب ما في دمك ال ما في عقلك( « .ترجمتنا)
ويته في
قوة شعوره باالنتماء لوطنه وتصميمه على إبراز ُه ّ
يدل على ّ
وهذا ّ
القصصية حقّا تعالج
ّ أن المجموعة
كتاباته ،ولقد أوضح البروفيسور "جيفريس" ّ
لندية فقال:
الهوية األير ّ
ّ
« The Irishness of Dubliners can be studied on at least
five levels:
religious, cultural, political, geographical, and
)autobiographical.» ) Jeffares, 2000, p. XV
183
يني
الد ّ
مستويات على األقلّ :
ّ األيرلندية على أربعة
ّ الهوية
ّ »يمكن دراسة
ّاتية للكاتب«.
افي ومن خالل ما تعلّق بسيرة الذ ّ ياسي والجغر ّ
الس ّقافي و ّ
والثّ ّ
(ترجمتنا)
ينية
الد ّ
الناحية ّ
وية بلده من ّ
أن الكاتب أبرز ُه ّ
وفي هذه المقولة داللة على ّ
السياسيَّة...
قافية و ّ
والثّ ّ
وفعال لقد اختار المترجم "أسامة منزلجي" في الكثير من الحاالت الوفاء
قافية بصفته مترجما .وهذا ما أدلى به لصحيفة بهويته الثّ ّلغاية الكاتب والتّضحية ّ
أن التّرجمة هي:
مقرها في "لندن" ،فهو يرى ّ "العرب" الكائن ّ
ٍ ٍ
خاصة ِّ
بكل ّ أدبي وبصورٍة أد ِب ّية وبنبرة صوت ّ
أدبية وبحس ٍّ ٍّ بنص
» التزام ٍّ
ويضيف
ُ لزوميات التَّرجمة المسؤولة.
ّ ص من ام واإلخالص لهذا ال ّن ّ كاتب ،وااللتز ُ
ان َّ
الذات". ب ُن ْك َر َ قائال" :التّرجمة عمل شاق يتطلّ ُ
)(https://alarab.co.uk
هويته في التّرجمة ولم أن المترجم ال يبالي إن اختفت ّ يدل على ّ وهذا ما ّ
ص المصدر ،ويعترف الن ّ
فأهم ما في التّرجمة هو االلتزام بخصائص ّ
يبد لها أثر؛ ّ
وهويته على
ّ ِ
جعل التَّرجمة تعكس الكاتب وأسلوبه أي محاولةُأن هذا االلتزام ْ
ّ
ان ال ّذات"
ـ"ن ْكر ُ
بالصعوبة .فـ ُ
ّ ب الكثير من الجهد ويتّسم
هوية المترجم يتطّل ُ
حساب ّ
قافية إلبراز اآلخر
خلفيته الثّ ّ
للتّخلّص من ّ جاهدا
ً أن يسعى
يتطلّب من المترجم ْ
اتيجية التّغريب على التّوطين. ُي ِّ
فضل استر ّ والتّعريف به .وهذا ما ُّ
يدل على ّأنه
حي ٍز
يكون محشو ار في ّ
ُ المترجم
ألن ُويتابع قائال » لغة التّرجمة لغة صعبة جداّ ،
األدبي واللّغة المنقول إليها .وعليه أن يوجد
ِّ ِ
للعمل األصلية
ّ ضي ٍ
ق بين اللّغة ّ
كل
األصلي ،وهكذا مع ّ
ِّ وروح الكاتب
َ عمل
َ لغة تنصف اللُّغتين ،وتُنصف أكثر
عملية التّوازن«.
ّ الصراع من
كتاب يبدأ المترجم بالعمل عليه يدخل في هذا ّ
)(https://alarab.co.uk
184
الحيادية واالبتعاد قدر
ّ توجه "منزلجي" وميوله للتّغريب والتزامه إن ّ
ّ
قافية يبرز عدم اهتمامه بأن تطغى مسحة فسية والثّ ّ
الن ّ
المستطاع عن المؤثّرات ّ
قافية على ترجماته بقدر استعمال التّرجمة كجسر للتّواصل بين الثّقافاتويته الثّ ّ
ُه ّ
أن هذا المترجم-حسب تصريحه- المختلفة وابرازها والتّعريف بينها .ويجدر ال ّذكر ّ
النصوص المترجمة وفي ترجمتها
وحرّية مطلقة في اختيار ّ
تامة ّ
باستقاللية ّ
ّ يتمتّع
اتيجية التّي يراها األنسب:
باالستر ّ
خاصة
ّ المتَْر َجم
تدخل دار ال ّنشر في المضمون ُ
»نسأل المترجم هنا عن ّ
كالدين مثال ،ليجيبنا قائال“ :أنا
إشكالية ّ
ّ في األعمال الّتي تكون ذات قضايا
أي كاتب أو
علي ّ
أتعامل مع دار المدى منذ سنوات طويلة ...وهم ال يفرضون ّ
علي في انتقاء الكتّاب والكتب ...
...إن الثّقة بيننا دفعتهم إلى االعتماد ّ
َّ كتاب
أي شيء بوصفه ‘غير مقبول‘ ،بل على العكس، أبدا أن يحذفوا ّ
ولم يحاولوا ً
يشجعون األفكار الجريئة وال يمتنعون عن نشر
الدار ّ
أن المسؤولين عن ّأعتقد ّ
ما يخشى منه اآلخرون(https://alarab.co.uk) «.
هوية المترجم:
اتيجية التّغريب في ّ
الرواية باستر ّ
-2-1-2أثر ترجمة ّ
الرواية المذكورة
جليا في ترجمته ّ
وتوجهات "أسامة منزلجي" ّ
ّ وتبدو آراء
سابقا.
«-The men that is now is only all palaver and what they
can get out of you. Gabriel coloured, as if he felt he had made a
mistake...Then he took a coin rapidly from his pocket... it's
Christmas-time, isn't it? --O no, sir! Cried the girl, following
!him. Really, sir, I wouldn't take it . . . Christmas-time
)Christmas-time! said Gabriel, »(Joyce, 2000, p.124
األيام ال يعرفون غير الثّرثرة وال ّنصب".
"شبان هذه ّ
» ّ
نقدية من
خطأ...ثم تناول مسرعا قطعة ّ
ّ تلون غابرييل ،وكأ ّنه ارتكب
ّ
جيبه.
185
قال ،مقحما ّإياها في يديها :آه ،يا ليلي لقد حان وقت عيد الميالد،
أليس كذلك؟
سيدي ،لن
سيدي!حقّا ،يا ّ
هتفت الفتاة ،وهي تتبعه" :أوه ،ال يا ّ
آخذها"...
"إ ّنه عيد الميالد! عيد الميالد!"« (جويس ،ترجمة منزلجي،2000 ،
ص)201
دينية
"المسيحي" بمناسبة ّ
ّ أي جهد لتبديل عيد الميالد
لم يبذل المترجم ّ
أي ضرر،مرات كما وردت في المتن ّ لعدة ّ
إسالمية ،بل لم يجد في ذكرها ّّ
مسيحي .وفي مثال
ّ الرواية تدور في وسط
أن أحداث ّمرات يؤ ّكد ّ
وترديدها لثالث ّ
الرقصات الّتي تُ َؤَّدى في عيد الظّهور حيث ّ
تحرى "منزلجي" آخر يصف إحدى ّ
الدقيق اّلذي أورده الكاتب:
ذكر الوصف ّ
« He waited outside the drawing-room door until the
waltz should finish, listening to the skirts that swept against it
)and to the shuffling of feet» (Joyce, 2000, p.124
» انتظـــر خـــارج قاعـــة االســـتقبال ريثمـــا تنتهـــي رقصـــة الفـــالس ،وأصـــا
السمع لحفيف أذيـال األثـواب وهـي تنسـحب علـى األرو ،والـى انتقـال األقـدام«
ّ
(جويس ،ترجمة منزلجي ،2000 ،ص)201
الصفات
اتيجية االقتراض ولم يحذف ّأيا من ّ
الرقصة باستر ّ ِ
ولقد تُْرجم اسم ّ
الراقصون بنفس حرص ودقّةفصور األصوات التّي يصدرها ّ
ّ الواردة في المتن
شدة طول أثواب
الصورة أكثر وتبرز ّ
الكاتب .بل وأضاف "ذيول" حتّى تتّضح ّ
السّيدات.
ّ
الهوية
ّ للرواية بنكران
ئيسية ّ
الر ّخصية ّ
السياسة ،فلقد اتّهمت ال ّش ّ
أما عن ّ ّ
ثقافية من ِقَب ِل
خصوصية ّ
ّ يطاني باستعمال مصطلح ذي
والعمالة للمستعمر البر ّ
لندية وتغار عليها: ٍ
ويتها األير ّ
تعتز بهُ ّ
ضيفة ّ
186
«Well, I'm ashamed of you, said Miss Ivors frankly. To
say you'd write for a paper like that. I didn't think you were a
)West Briton. » (Joyce, 2000, p.130
أظن أ ّنك
» حسن ،أنا خجلة منك أل ّنك تكتب لصحيفة كتلك .لم أكن ّ
بريتوني غربي '«' West Briton
ّ ّ
الحرفية وأضاف كتابة المصطلح
ّ اتيجية التّرجمة
لقد استعمل المترجم استر ّ
ص كتب باللّغة
الن ّ
أن ّباإلنجليزّية كما جاء في المتن ،ال ّشيء الّذي ُيذ ّكر القارئ ّ
الرغم من نجاحه في
ثقافية .ولكن وعلى ّ
خصوصية ّ
ّ أن المصطلح ذو
اإلنجليزّية و ّ
يدل على
بأي معنى ّ
أن ترجمته ال توحي ّ ساني إالّ ّ
قافي واللّ ّ
إبراز االختالف الثّ ّ
يقدم المترجم شرحا
االندماج في الثّقافة اإلنجليزّية ،ولهذا كان من المستحسن أن ّ
لفك اللّبس عن المصطلح: في الهامش ّ
«West Briton : not a real Irishman, but an Englishman
living in Ireland, or an Anglicized Irishman» (Jeffares,
)2000,p.204
ي يعيش في أيرلندا أو حقيقي وا ّنما هو إنجليز ّ
ّ يرلندي غير
ّ »رجل أ
اإلنجليزيين وصار مثلهم( «.ترجمتنا) ومع ذلك فقد
ّ أيرلندي اكتسب صفات
قافية
الرواية بتهميش يشرح فيه مختلف المصطلحات ذات القيمة الثّ ّ
ألحق المترجم ّ
الفنانين ودور الثّقافة واألوب ار والمناطق والمدن وعيا
الدالّة على أسماء ّ
خاصة تلك ّ
ّ
هوية الكاتب.
بأهميتها في إبراز ّ
ّ منه
هوية الكاتب رغم
ي "أسامة منزلجي" إبراز مالمح ّ السور ّ
فضل المترجم ّ لقد ّ
قافية؛ بحيث نقل تفاصيل عادات وتقاليد س ّكان مدينة "دبلن"
هويته الثّ ّ
تناقضها مع ّ
لندية اّلتي دقّق الكاتب في وصفها جاعال من ترجمته مرآة تعكس المسحة األير ّ
للرواية.
قافي ّ
ياسي والثّ ّ
الس ّيخي و ّ
لندية والبعد التّار ّ
قافية األير ّ
الثّ ّ
الموجهة للبالغين
ّ اإلبداعية
ّ النصوصوجه ال ينحصر على ترجمة ّ وهذا التّ ّ
اإلعالمية المو ّجهة لألطفال؛ وأقصد هنا
ّ فقط ،بل وحتّى في ترجمة بعض المو ّاد
187
الناطقين باللّغة العر ّبية واّلذين يدين أغلبهم
الموجهة لألطفال ّ
ّ المتحركة
ّ الرسوم
ّ
باإلسالم.
المتحركة
ّ الرسومات
نقدية لترجمة نماذج من ّ
تحليلية ّ
ّ -2-2دراسة
الهوية
ّ اتيجية التّغريب في
المتحركة باستر ّ
ّ الرسومات
1-2-2أثر ترجمة ّ
قافية للمترجم:
الثّ ّ
طفل
اتيجية التّغريب زعزعة عقيدة ال ّ
المتحركة باستر ّ
ّ الرسوم
من شأن ترجمة ّ
أن هذه
خاصة و ّ
ّ إليديولوجيات القائمين على هذه األفالم،
ّ وقيمه عن قصد وطبقا
طفل يتعّلمأن ال ّ
وهويته .وبما ّ
ّ طفل
شخصية ال ّ
ّ بالنسبة لتَ ْك ِ
وين جدا ّحساسة ّ
الس ّن ّ
ّ
طفل جتماعي لـ"بندو ار Banduraفمن الممكن لل ّ
ّ بالتّقليد حسب نظرّية التّعلّم اال
ألنه يرى فيها قدوة
وهويته ّ
ّ سلوكياتها الّتي تتناقض
ّ خصيات في
اتّباع وتقليد ال ّش ّ
السلوك عنظرية إ ّن اكتساب األشخاص أنواعا جديدة من ّ
له » :وتقول هذه ال ّن ّ
تصرفات المجتمع من
يتم بسبب مالحظة الفرد ّ
عرو لوسائل اإلعالم ّ طريق التّ ّ
شهري ،2010ص)90 حوله ،والتّلفاز جزء منه( «.ال ّ
ثم تطبيقه ،ومن
السلوك ومن ّ تؤدي إلى تعلّم ّ
أن المالحظة ّ
ومن المؤ ّكد ّ
قافية واعتماده على
بهويته الثّ ّ
ّ تمسك المترجم
بين األمثلة الخطيرة على عدم ّ
الهوية
ّ بأهم عناصر
المتحركة تلك الّتي تتعلّق ّ
ّ الرسومات
التّغريب في ترجمة ّ
المتخصص في اإلعالم: ّ الدكتور ناصر الخرعان
الدين .ولقد قال ّ
قافية ،أيّ :
الثّ ّ
عقائدية قد تَُز ْع ِزع عقيدة
ّ »فهناك مشاهد عديدة تحتوي على مخالفات
السيمبسونز " The
السليمـة ،ففـي إحـدى حلقـات ّ
الطّفل وتشـ ّوه فطرتـه ّ
أن هناك
ربا اآلن...أنا أدرك ّ
أن هناك ّ
"Simpsonsيقول األب :من يتساءل ّ
صرح صاحب هذا الفيلم أ ّنه يريد نقل أفكاره عبر أعماله ربا ،وأ ّنه أنا ...لقد ّ
ّ
أن تكرار
شك ّ
شهري ،2010ص )95وال ّ يتقبلونها( «.ال ّ
بطريقة تجعل ال ّناس ّ
طفل
خل بعقيدة ال ّ
مشاهدة مثل هذه المشاهد وسماع مثل هذه األقاويل يمكن أن ُي ّ
188
ص أو تُتَْر َج ْم مع الحفاظ على المعنى
الن ّ
المسلم إذا ما لم تحذف هذه المقاطع من ّ
الدكتور
األصلي ،أي :باالعتماد على التّغريب .ولهذا يقول ّ
ّ ص
الن ّ
الّذي أتى به ّ
المتخصص في علوم التّربية: ّ "عليان الحولي" في هذا ال ّشأن وهو
أن الم ِ
رسل ...تتحول إلى سموم قاتلة ،ووجه الخطر في هذا األمر هو ّ ُ ّ »
س ُل إليه ،وهو هنا الطّفل ليكون الم ْر َ
ويتغير ُ
ّ الرسالة يحافظان على جوهرهما، وّ
سل غريب ويحاول هضمها ابن حضارٍة مغايرة الّذي يتل ّقى رسال ًة غريب ًة من مر ٍ
ُْ
الدواء الّذي صنع لداء
الرسالة هنا مثل ّهويته ،فتصبح ّ
خصوصية ّ
ّ في إطار
ويتم تناوله لدفع داء آخر فتصبح ال ّنتيجة داء آخر( «.الحولي،2004 ،
معينّ ، ّ
ص)16
لبية للتّغريب حين ُيحافَظ على
الس ّ
ومن هنا يتّضح جانب من الجوانب ّ
يديولوجيته
ّ المرسل أي الكاتب حيث يبرز دينه وا
ص و ُالن ّ
الرسالة أي ّ
جوهر ّ
هويةً وحضارةً ،وا ّن َك ْو َن
كل المجتمعات رغم اختالفها ّ ويحاول نشرهما في ّ
الرسوم شخصيات ّ
ّ طفل مولعا بتقليد من يعتبرهم قدوة منالم ْر َسل إليه أي ال ّ
ُ
قافية الّتي تجعله يتشارك بهويته الثّ ّ
ّ يتشبث المترجم
ّ المتحركة ،فيستحسن أن
ّ
والمرسل إليه في االنتماء صونا لعقائد األجيال القادمة وحفاظا على قيمها
ينية.
الد ّ
األخالقية و ّ
ّ
المتخصصة في الكرتون يملكها يهود وال سيما
ّ شركات
إن معظم ال ّ »ّ
المشهورة منها :مثل والت ديزني« (الحولي ،2004 ،ص )44وهي شركات
تروج ألفكارها وعقائدها وتعمل جاهدة لترسيخها في نفوس أطفال المسلمين ،وان ّ
بد أن يعتمد على التّوطين لتحقيق أسمى كان المترجم واعيا بهذا الخطر فال ّ
وجيهية.
بوية والتّ ّ
الرسالة التّر ّ
المتحركة الّتي تتمثّل في ّ
ّ الرسوم
غايات ّ
189
اتيجية التّغريب
تتشوه مفاهيمها بسبب استر ّ
العقائدية الّتي ّ
ّ ومن بين المسائل
طّيبين والفقراء
ص َّوُر على ّأنه ظالم لألشخاص ال ّ
مفهوم القدر؛ فهذا األخير ُي َ
المتحركة "ريمي":
ّ الرسوم
واليتامى ،ال ّشيء اّلذي يتجلّى في ترجمة ّ
مرة
كل ّالسوء ،ففي ّالراوي في ال ّنسخة المدبلجة بدور في منتهى ّ »قام ّ
يقع فيها ريمي في (مصيبة) يقول المعلّق" :ومازالت األقدار تُتَابع ريمي«"...
(الحولي ،2004 ،ص)47
قوة خارقة تتالعب بريمي المسكين وترميه من مأساة ألخرى
الق َدر ّ
وكأن َ
ّ
طفل ويضعف تتشوه صورة القدر عند ال ّ
من دون حكمة أو رحمة أو عدل ،وهكذا ّ
أن
النوائب اعتقادا منه ّ
الصبر أوقات ال ّش ّدة و ّ
إيمانه وبالتّالي يعجز عن الثّبات و ّ
الرسوم قد
الراوي وانتاج ّ
الساهرون على كتابة تعليقات ّ القدر ظلمه .فإن كان ّ
يتحمل الجزء األكبر
ّ فإن المترجم يتعمدوا ذلكّ ،
تعمدوا تشويه مفهوم القدر أو لم ّ
ّ
قافية وترسيخها.
هويته الثّ ّ
في إرساء ثوابت ّ
هوية
اتيجية التّوطين في ّ
المتحركة باستر ّ
ّ الرسومات
-2-2-2أثر ترجمة ّ
المترجم:
حركة إلى العر ّبية ،ظهر ّتيار
الرسومات المت ّ
سلبيات دبلجة ّ
ّ ومع كثرة
المتحركة وتحويل الحوار من محادثة
ّ الرسوم
معاكس يعمل على توطين نصوص ّ
عادية قد تحتوي على ال ّشتائم وعبارات االزدراء أو حتّى عبارات تتناقض مع العقيدة
ّ
اإلسالمية إلى حوارات تغلب عليها مسحة الوعظ واإلرشاد وكثرة استعمال األذكار
ّ
مؤسسة
واألدعية ،ومن بين القنوات التّي دأبت على إنتاج ودبلجة مثل هذه األفالم ّ
تبث في "شبكة الطّريق إلى اللّه" والّتي ُيذكر في
"بسمة" التّابعة لقناة "المجد" وهي ّ
إيمانية
ّ عدة مواقع من بين أهدافها» :عمل بيئة تتكون من ّ
سمي ّأنها ّالر ّموقعها ّ
العمرية«.
ّ تربوية صالحة لجميع المراحل
ّ
)(https://way2allah.com/landing_page.htm
190
المتحركة التّي يعرضها الموقع "همتارو" اّلذي أنتجته
ّ الرسومات
ومن بين ّ
الرسوم يحمل اسم العلَم كلّها؛ فبطل ّ
قناة "بسمة" ،ولم يشمل التّوطين أسماء َ
تردد عبارة "الحمد هلل"
"همتارو" بينما ُس ِّم َي صديقه "بلبل" وصاحبته بـ"مرح" وهي ّ
مرات حين يعود إليها "همتارو" بعد أن ضاع في حلقة "همتارو في مأزق". لعدة ّ
ّ
مؤدبة خالية من ال ّشتائم واإلهانات ،ولم يقع المترجم في
والمالحظ هو استعمال لغة ّ
وكأنه ُيَلقَّن دروسا بدال
طفل بالملل ّالنصح والوعظ الّذي يشعر ال ّ
ف ّخ اإلكثار من ّ
يفضله الطّفل.
من التّعلّم والتّسلية في نفس الوقت وهو األسلوب الّذي ّ
المتحركة إلى اللّغة العر ّبية؛
ّ الرسومات
يظل الغموض يكتنف مسألة دبلجة ّ
ثم
النصوص ومن ّ تحدد نمط اختيار ّمنهجية ّ
ّ وأقصد هنا وضوح سياسة أو
اإلعالمية
ّ المؤسسات
ّ الدبلجة؛ فبينما تعمل بعض
المتوخاة من ّ
ّ بوية
الغايات التّر ّ
هويته
اإليجابي المتمثّل في احترام ّ
ّ يظل دور المترجم
على توطين هذه األفالم ّ
الرسوم
قافية والحفاظ عليها غائبا حين تطغى الثّقافة الغر ّبية على أفالم ّ
الثّ ّ
المتحركة اّلتي يجدر أن تكون أولى بتوطين محتواها لحماية الطّفل من استيعاب
ّ
وهويته.
وتبني مبادئ تتعارض ّ
مفاهيم خاطئة ّ
191
خاتمة
يلبي رغبة الفرد بال ّشعور باالنتماء ،وقوامها هو
قافية هي ما ّ
الهوية الثّ ّ
ّ إن
ّ
ألنها ما تنبني على أساسه العادات والتّقاليد واألخالق المشتركة ،وتأتي العقيدةّ ،
ألنها ما يحقّق التّعبير عن هذه الهُوّية ويم ّكن من تعريف اآلخر بها،
بعدها اللّغة ّ
قي
قافية والتّمركز العر ّ
رجسية الثّ ّ
الن ّوان كان في التّوطين ضرب من ضروب ّ
الرسومات
ي في ترجمة ّ الية في بعض ُّ
الدول ،إالّ ّأنه ضرور ّ عصب واإلمبري ّ
والتّ ّ
قافي
أمته الثّ ّ
ص قد نقل تراث ّ الن ّ
المتحركة؛ حيث يكون المترجم بخياره في توطين ّ
ّ
قافية من االضمحالل في هويته الثّ ّ
لألجيال وساهم في الحفاظ عليه وصان بذلك ّ
بالنسبة للتّغريب فهو يساهم في االنفتاح على اآلخر
أما ّظل العولمة ومظاهرهاّ . ّ
كل من المستقبِل
شدة االختالف الّتي يجدها ّ
والتّعارف بين الثّقافات المختلفة ،وا ّن ّ
ميز،
سانيُ -يشعر الفرد باالختالف وبالتّ ّ
قافي واللّ ّ
والمترجم – على المستوى الثّ ّ
قافية.
وهويته الثّ ّ
ويجعله أكثر إدراكا لذاته ّ
192
العربية:
ّ قائمة المراجع باللّغة
نظرية التّرجمة:اتّجاهات معاصرة( .ترجمة:
ّ إدوين،غ .)2007(.في
ظمة العر ّبية للتّرجمة.
مصلوح ،س) .بيروت :المن ّ
المتحركة:
ّ الرسوم
المتضمنة في أفالم ّ
ّ الحولي ،ع .)2004( .القيم
:غزة.
كلية التّربية ّ
تحليليةّ .
ّ دراسة
المتحركة
ّ الرسوم
تعززها أفالم ّ
ال ّشهري ،ع .)2010(.نماذج القيم التّي ّ
اإلسالمية .جامعة ّأم القرى :م ّكة.
ّ المخصصة لألطفال من وجهة نظر التّربية
ّ
الفالّح ،خ .)2017( .هل ترتقي الترجمة بالنص أم تحوله إلى رماد.
( )On-lineصحيفة العرب .15.
أكاديمية
ّ الرباط:
الدوراتّ .
وية .سلسلة ّ
الكتّاني ،م )1997(.العولمة والهُ ّ
المملكة المغر ّبية.
وتعدد
ّ العرقية
ّ العلمية على األطروحات
ّ الردود
بن نعمان ،مّ .)2005( .
ألمة.
الهوية في الجزائر .الجزائر :دار ا ّ
قافية لل ّشعوب.
وية الثّ ّ
زّغو ،م( .أفريل .)2010أثر العولمة على الهُ ّ
اإلنسانية .جامعة حسيبة بن بوعلي ال ّشلف،
ّ للدراسات االجتماعية و
األكاديمية ّ
ّ
http://www.univ-chlef.dzh/. )103(93
شبكة الطّريق إلى اللّه ()2018
https://way2allah.com/landing_page.htm
ذقية :دار الحوار.
منزلجي ،أ .)2000(.أهالي دبلن .الالّ ّ
193
:اإلنجليزية
ّ قائمة المراجع باللّغة
Joyce, J. (2002). Dubliners. Beirut: York Press.
Nord, C. (1997). Translation as a purposeful activity:
Functionalist approaches explained . Manchester: Jerome.
Nord, C. (2006). Translation as a Purposeful Activity: A
Prospective Approach .TEFLIN Journal. Volume (17(131-143.
Shuttleworth, M., & Moira, C. (1997). Domestication.
Dictionary of translation studies. New York.
Vermeer, H .(2000). Skopos and commission in translational
act. The translation studies reader. (Translated by: A.
Chestereman). London, Britain: Routledge.
194