You are on page 1of 14

‫مقدمة‪:‬‬

‫المبحث االول‪ :‬مفهوم المنظور الليبرالي نشأته وتطوره‪:‬‬

‫المطلب االول‪ :‬مفهوم الليبرالية‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة الليبرالية‪:‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬تطور الليبرالية‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت واساليب المنظوم الليبرالي ‪:‬‬

‫المطلب االول‪:‬مجاالت المنظور الليبرالي‪:‬‬

‫المطلب الثاني اسباب ومبادئ المنظور الليبرالي‬

‫المطلب الثالث‪:‬انواع الليبرالية‪:‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫قائمة مصادر ومراجع‪:‬‬


‫مقدمة‪:‬‬

‫من أبرز نتائج الليبرالية في مجال اإلقتصاد (العولمة ) وما تحمله من مضامین فکرية وقيم‬
‫أخالقية وأنماط حضارية وهي تحمل الرغبة الغربية في السيطرة في كل اتجاه ‪ :‬الحربي والسياسي‬
‫والقيمي والحضاري واإلقتصادي ‪ .‬فضال عما تحمله من الدمار لإلنسانية في معاشها الدنيوي وقد‬
‫ظهرت آثار الرأسمالية في الحياة الغربية قبل مرحلة العولمة التي هي تعميم للرأسمالية على العالم‬
‫كله ‪ .‬مما جعل البعض يعتبر القرن الحادي والعشرين هو قرن المفكر الشيوعي (کارل مارکس ) لما‬
‫یری من تكدس إلثروة بيد طبقة من الناس وانتشار الفقر والعوز في الناس و أخذ األموال من البشر‬
‫بأي طريق ‪ ،‬والتفنن في احتكار السلع الضرورية وتجويع البشر وإ ذاللهم باسم الحرية اإلقتصادية ‪.‬‬
‫لقد أصبح من الواضح الجلي تأثير العالم الغربي في الحياة اإلنسانية في كافة المجاالت ‪ ,‬ونحن‬
‫المسلمین جزء من هذا العالم الذي يتلقى التاثير من الغرب في كل وقت ‪ ,‬بل ربما نكون نحن معنیین‬
‫بهذا التأثير أكثر من غيرنا ألننا ‪ -‬مع ضعفننا وهواننا على الناس ‪ -‬أمة منافسة في قوة الدين الذي‬
‫نحمله وهذا ما جعل هنتجتون في مقاله صراع الحضارات يرشح المسلمين للصراع في المرحلة‬
‫الحالية والقادمة كبديل للشيوعية بعد سقوطها أكثر من الجنس األصفر ( الصين واليابان ودول شرق‬
‫وجنوب آسيا) ألن الدين الذي يحمله المسلمون فيه من عوامل البقاء والقدرة على الصراع وإ مكان‬
‫التفوق والصعود مرة أخرى ما يالحظه أي مراقب في الحركة التاريخية والمسيرة الواقعية له‬
‫والدعوة اإلسالمية إذا استطاعت أن تواجه المشكالت الداخلية فيها ‪ -‬مثل التفرق والفوضوية ومخالفة‬
‫الهدي النبوي وغيرها ‪ -‬فان أكبر ما يواجهها هو التیار الليبرالي في البالد اإلسالمية ‪ .‬ولهذا كان من‬
‫الضروري دراسة الفكر الليبرالي ومعرفة حقيقته وأبعاده لمعرفة كيفية التعامل معه‪ .‬فماهي الليبرالية‬
‫وكيف نشأت وما هي مجاالتها واساليبها ؟‬

‫المبحث االول‪ :‬مفهوم المنظور الليبرالي نشأته وتطوره‪:‬‬

‫المطلب االول‪ :‬مفهوم الليبرالية‪:‬‬


‫من الصعوبة بمكان تحدید تعریف دقيق لليبرالية ‪ ,‬وذلك بسبب تعدد جوانبها ‪,‬وتطورها من جيل‬
‫إلى جيل‪.‬‬

‫يقول األستاذ وضاح نصر‪" :‬تبدو بلورة تعريف واضح ودقيق المفهوم الليبرالية أمرا صعبة‬
‫وربما عدیم الجدوى ‪ .‬وفي حال تحديد الليبرالية نجد أن هذا التحديد ال ينطبق على عدد من الفالسفة‬
‫والمفكرين الذين سيموا بسمة الليبرالية‬

‫وقد قررت موسوعة الالند الفلسفية االلتباس الحاصل في مفهوم الليبرالية ‪ ،‬فجاء فيها "نرى من‬
‫خالل التعريفات السابقة مدى التباس هذا اللفظ ‪ .‬ومما يزيد في االلتباس استعماله الطارئ المتداول‬
‫في أيامنا للدل على األحزاب أو النزعات السياسية"‪.‬‬

‫وفي الموسوعة العربية العالمية "وتعتبر الليبرالية مصطلحة غامضة ألن معناها وتأكيداتها‬
‫تبدلت بصورة ملحوظة بمرور السنين"‬

‫وقال الدكتور يوسف القرضاوي ‪ ":‬وأمثال هذه المصطلحات التي تدل على مفاهیم عقائدية ليس‬
‫لها مدلول واحد محدد عند األوربيين ‪ .‬لهذا تفسر في بلد بما التفسر به في بلد آخر‪ .‬وتفهم عند‬
‫فیلسوف بما التفهم به عند غيره ‪ ,‬وتطبق في مرحلة بما التطبق به في اخرى ‪ .‬ومن هنا كان‬
‫اختالف التعريفات لهذه المفاهيم ‪ ,‬وكانت الصعوبة في وضع تعریف منطقي جامع مانع يحدد مدلولها‬
‫بدقة ‪ .‬حتى اشتقاق كلمة "ليبرالي" نفسها اختلفوا فيه ‪ :‬هل هي مأخوذة من (ليبرتي) التي معناها‬
‫الحرية كما هو مشهور أم هي مأخوذة من أصل أسباني‪.‬‬

‫يقول األستاذ وضاح نصر‪" :‬وإ ذا كان الليبرالية من جوهر فهو التركيز على أهمية الفرد‬
‫وضرورة تحرره من كل نوع من أنواع السيطرة واالستبداد ‪ ,‬فالليبرالي يصبو على نحو خاص إلى‬
‫التحرر من التسلط بنوعيه ‪ :‬تسلط الدولة االستبداد السياسي) ‪ ,‬وتسلط الجماعة االستبداد‬
‫االجتماعي) ‪ ,‬لذلك نجد الجذور التاريخية الليبرالية في الحركات التي جعلت الفرد غاية بذاته ‪,‬‬
‫معارضة في كثير من األحيان التقاليد واألعراف والسلطة رافضة جعل إرادة الفرد مجرد امتداد‬
‫إلرادة الجماعة" وأهم ما يميز األدبيات الليبرالية الكالسيكية المعاصرة هو اهتمامها المفرط بمبدأ‬
‫الحرية ‪ ,‬حيث يفترض الفكر الليبرالي أن الحرية هي الغاية األولى والرئيسية التي يتطلع لها الفرد‬
‫بطبيعته‪ .‬وأنه ال يوجد إجابة مطلقة للسؤال الفلسفي المشهور ‪ :‬ما هي الحياة المثلى لإلنسان ؟ ألن‬
‫لكل فرد الحق والحرية في اختيار أسلوب الحياة الذي يناسبه ‪ .‬إذن ‪ :‬مبدأ الحرية وتحقيق الفرد لذاته‬
‫تمثل نقطة انطالق في الفكر الليبرالي بكل أطيافه ‪ ,‬وفي كل المجاالت المختلفة ‪ .‬وقد ورد في‬
‫موسوعة الالند أن "هذا االسم (الليبرالية) عينه يدل خاصة على العقائد التي تعتبر ازدیاد الحرية‬
‫الفردية من مثلها‪ ,‬والعقائد التي ترى أن الحد من دور الدولة هو بمنزلة وسيلة أساسية لهذه الحرية"‬
‫واألساس الفلسفي الذي ينطلق منه الفكر الليبرالي هو المذهب الفردي الذي يرى أن الحرية الفردية‬
‫هدفا وغاية ينبغي تحقيقها‪.‬‬

‫الليبرالية عند جون ستوارت مل‬

‫يعتبر (مل) من أبرز المفكرين الغربيين الذين نظروا للفلسفة الليبرالية من خالل كتابه (في‬
‫الحرية ‪ )on librty -‬والذي أصبح المصدر األساسي لفكر الليبراليين العرب من أمثال أحمد لطفي‬
‫السيد ‪ ,‬وطه حسين ‪ ,‬وحسین هیکل ‪ .‬أخذ (مل) موضوع الليبرالية من الجهة التطبيقية واالجتماعية‬
‫ولم يناقشها من الناحية الفلسفية المجردة فيقول ‪":‬ال يتناول هذا المقال ما يسمى حرية اإلرادة ‪ ,‬وهي‬
‫التي تتعارض مع ما یدعی خطا بفلسفة الضرورة‪ ,‬ولكنه بحث في الحرية المدنية االجتماعية"‪ .‬وقد‬
‫تحدث (مل) عن حركة الفكر وقال عن المعتقدات الدينية ‪":‬والأقول أن االعتقاد بصدق العقيدة مدعاة‬
‫للعصمة ‪ ,‬بل إن ماأقوله إن ادعاء العصمة معناه إجبار الغير على قبول ما نراه في العقيدة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة الليبرالية‪:‬‬

‫نشأت الليبرالية في التغيرات االجتماعية التي عصفت بأوربا منذ بداية القرن السادس عشر‬
‫الميالدي‪ ،‬وطبيعة التغير االجتماعي والفكري يأتي بشكل متدرج بطيء‪ .‬وهي لم تتبلور کنظرية في‬
‫السياسة واالقتصاد واالجتماع على يد مفکر واحد‪ ،‬بل أسهم عدة مفکرین في إعطائها شكلها األساسي‬
‫وطابعها المميز‪ .‬فالليبرالية ليست اللوكية ( نسبة إلى جون لوك ‪ ) 1704 - 1632‬او الروسووية‬
‫( نسبة إلى جان جاك روسو ‪ )1778-1712‬أو الملية ( نسبة إلي جون ستوارت مل ‪-1806‬‬
‫‪ ،)1873‬وإ ن كان كل واحد من هؤالء أسهم إسهامة بارزة أو فعاال في إعطائها كثيرة من مالمحها‬
‫وخصائصها" وقد حاول البعض تحديد بداية لبعض مجاالتها ففي موسوعة ال الند الفلسفية "الليبرالي‬
‫( أول استعمال اللفظة ) هو الحزب األسباني الذي أراد نحو ‪1810‬م أن يدخل في أسبانيا من الطراز‬
‫اإلنكليزي‪.‬‬

‫ويذكر األستاذ وضاح نصر‪ " :‬أن الليبرالية في الفكر السياسي الغربي الحديث نشأت وتطورت‬
‫في القرن السابع عشر‪ ،‬وذلك على الرغم من أن لفظتي ليبرالي وليبرالية لم تکونا متداولتين قبل‬
‫القرن التاسع عشر‪ )28( .‬قال منير البعلبكي ‪ ":‬الليبرالية (‪ )liberalism‬فلسفة سياسية ظهرت في‬
‫أوربا في أوائل القرن التاسع‪ ،‬ثم اتخذت منذ ذلك الحين أشکاال مختلفة في أزمنة وأماكن مختلفة‬
‫والظاهر من تاريخ الليبرالية أنها كانت رد فعل لتسلط الكنيسة واإلقطاع في العصور الوسطي بأوربا‬
‫‪ ،‬مما أدى إلى انتفاضة الشعوب ‪ ،‬وثورة الجماهير‪ ،‬وبخاصة الطبقة الوسطي‪.‬والمناداة بالحرية‬
‫واإلخاء والمساواة‪ ،‬وقد ظهر ذلك في الثورة الفرنسية‪ .‬وقد تبين فيما بعد أن هناك قوى شيطانية خفية‬
‫حولت أهداف الثورة وغايتها ‪ .‬وبهذا يتضح لنا أن الليبرالية في صورتها المعاصرة نشأت مع‬
‫النهضة األوربية ثم تطورت في عصور مختلفة إلى يومنا هذا‪ .‬ويرد بعض الباحثين جذور الليبرالية‬
‫إلى ديمقراطي أثينا في القرن الخامس قبل المسيح‪ ،‬والرواقين في المراحل األولى من المسيحية‪ ،‬ثم‬
‫حرك اإلصالح البروتستانتية ‪ .‬وقد ذكر البعلبكي أن في حركة اإلصال الديني توجها ليبرالية فقال‪" :‬‬
‫كما يطلق لفظ الليبرالية كذلك على حركة في البروتستانتية المعاصرة تؤكد على الحرية العقلية ‪.‬‬
‫يقول الدكتور علي بن عبد الرزاق الزبيدي‪ " :‬ومن الصعب تحديد تاریخ معین لنشأة الليبرالية‬
‫فجذورها تمتد عميقة في التاريخ ‪ .‬ويعتبر جون لوك من أوائل الفالسفة الليبراليين وفلسفة تتعلق‬
‫بالليبرالية السياسية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬تطور الليبرالية‪:‬‬


‫أخذت الليبرالية أطوارة متعددة بحسب الزمان والمكان وتغيرت مفاهيمها في أطوارها‬
‫المختلفة ‪ ،‬وهي تتفق في كل أطوارها على التأكيد على الحرية وإ عطاء الفرد حريته وعدم التدخل‬
‫فيها‪ .‬ويمكن أن نشير إلى طورين مهمين فيها‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الليبرالية الكالسيكية ‪ :‬يعتبر جوك لوك (‪1704‬م) وهذه الليبرالية اإلنكليزية هي التي‬
‫شاعت في البالد العربية أثناء عملية النقل األعمى لما عند األوربيين باسم الحضارة ومسايرة الركب‬
‫في جبل النهضة كما يحلو لهم تسميته‪ .‬يقول القرضاوي ‪ " :‬وهي التي يمكن أن يحددها بعضهم ب"‬
‫ليبرالية الوكز" وهي التي أوضحها جوك لوك وطورها االقتصاديون الكالسيكيون ‪ ،‬وهي ليبرالية‬
‫ترتكز على مفهوم التحرر من تدخل الدولة في تصرفات األفراد‪ ،‬سواء كان هذا في السلوك‬
‫الشخصي للفرد أم في حقوقه الطبيعية أم في نشاطه االقتصادي آخذا بمبدأ دعه يعمل"‪ .‬وقد أبرز آدم‬
‫سميث (‪ 1790‬م) الليبرالية االقتصادية وهي الحرية المطلقة في المال دون تقييد أو تدخل من الدولة‪.‬‬
‫وقد تكونت الديمقراطية والرأسمالية من خالل هذه الليبرالية‪ ،‬فهي روح المذهبين وأساس تكوينها‪،‬‬
‫وهي مستوحاة من شعار الثورة الفرنسية " دعه يعمل " وهذه في الحرية االقتصادية " دعه يمر" في‬
‫الحرية السياسية‪ .‬وسيأتي التفصيل في مجاالت الليبرالية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الليبرالية المعاصرة ‪ " :‬تعرضت الليبرالية في القرن العشرين لتغير ذي داللة في‬
‫توكيداتها‪ .‬فمنذ أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬بدأ العديد من الليبراليين يفكرون في شروط حرية انتهاز‬
‫الفرص أكثر من التفكير في شروط من هذا القيد أو ذاك‪ .‬وانتهوا إلى أن دور الحكومة ضروري‬
‫على األقل من أجل توفير الشروط التي يمكن فيها لألفراد أن يحققوا قدراتهم بوصفهم بشرة‪ .‬ويحبذ‬
‫الليبراليون اليوم التنظيم النشط من قبل الحكومة لالقتصاد من أجل صالح المنفعة العامة‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬
‫فإنهم يؤيدون برامج الحكومة لتوفير ضمان اقتصادي‪ ،‬وللتخفف من معاناة اإلنسان‪ .‬وهذه البرامج‬
‫تتضمن ‪ :‬التأمين ضد البطالة ‪ ،‬قوانین الحد األدنى من األجور ‪ ،‬ومعاشات كبار السن‪ ،‬والتأمين‬
‫الصحي‪ .‬ويؤمن الليبراليون المعاصرون بإعطاء األهمية األولى لحرية الفرد ‪ ،‬غير أنهم يتمسكون‬
‫بأن على الحكومة أن تزيل بشكل فعال العقبات التي تواجه التمتع بتلك الحرية‪ .‬واليوم يطلق على‬
‫أولئك الذي يؤيدون األفكار الليبرالية القديمة ‪ :‬المحافظون ونالحظ أن أبرز نقطة في التمايز بين‬
‫الطورين السابقين هو في مدی تخل الدولة في تنظيم الحريات ‪ ،‬ففي الليبرالية الكالسيكية ال تتدخل‬
‫الدولة في الحريات بل الواجب عليها حمایتها ليحقق الفرد حريته الخاصة بالطريقة التي يريد دون‬
‫وصاية عليه ‪ ،‬أما في الليبرالية المعاصرة فقد تغير ذلك وطلبوا تدخل الدولة لتنظيم الحريات وإ زالة‬
‫العقبات التي تكون سببا في عدم التمتع بتلك الحريات‪ .‬وهذه نقطة جوهرية تؤكد لنا أن الليبرالية‬
‫اختلفت من عصر إلى عصر ‪ ،‬ومن فیلسوف إلى آخر‪ ،‬ومن بلير إلى بلير ‪ ،‬وهذا يجعل مفهومها‬
‫غامضا كما تقدم‪ .‬وقد تعرف الليبرالية تطورات أخرى في المستقبل ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت واساليب المنظوم الليبرالي ‪:‬‬

‫المطلب االول‪:‬مجاالت المنظور الليبرالي‪:‬‬

‫تعددت مجاالت الليبرالية بحسب النشاط اإلنساني ‪ .‬وذلك أن الليبرالية مفهوم شمولي يتعلق‬
‫بإدارة اإلنسان وحريته في تحقيق هذه اإلرادة فكل نشاط بشري يمكن أن تكون الليبرالية داخلة فيه‬
‫من هذه الزاوية ‪ ،‬وبهذا االعتبار " إن خصوصية الليبرالي عامة أنه يرى في الحرية أصل اإلنسانية‬
‫الحق وباعثة التاريخ‪ .‬وخير دواء لكل نقص أو تعثر أو انکسار " وأبرز هذه المجاالت شهرة ‪:‬‬
‫المجال السياسي ‪ ،‬والمجال االقتصادي‪. .‬‬

‫أوال ‪ :‬لیبراالية السياسة‬

‫في موسوعة الالند الفلسفية‪ " :‬الليبرالية‪ :‬مذهب سیاسي یری من المستحسن أن تزاد إلى أبعد‬
‫حد ممکن استقاللية السلطة التشريعية والسلطة القضائية بالنسبة إلى السلطة اإلجرائية التنفيذية ‪ ،‬وأن‬
‫يعطى للمواطنين أكبر قد من الضمانات في مواجهة تعسف الحكم"‪ .‬ويقول منير البعلبكي ‪ " :‬الليبرالية‬
‫‪ liberalism‬فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع عشر‪ ..‬تعارض المؤسسات‬
‫السياسية والدينية‪ ،‬التي تحد من الحرية الفردية ‪ ،‬وتنادي بأن اإلنسان كائن خیر عقالني ‪ ،‬وتطالب‬
‫بحقه في التعبير وتكافؤ الفرص والثقافة الواسعة‪ .‬وتعتبر الديمقراطية من النظم الليبرالية التي تسعى‬
‫إلعطاء الفرد حقوقه وهي نوع من التطبيق العلمي للفكر الليبرالي‪.‬‬

‫يقول الدكتور حازم الببالوي ‪ " :‬فنقطة البدء في الفكر الليبرالي هي ليس فقط أنها تدعو‬
‫للديمقراطية بمعني المشاركة في الحكم ‪ ،‬ولكن نقطة البدء هو أنه فکر فردي يرى أن المجتمع ال‬
‫يعدو أن يكون مجموعة من األفراد التي يسعى كل فرد فيها إلى تحقيق ذاته وأهدافه الخاصة‪ .‬وقد‬
‫أعطت الديمقراطية كنظام سياسي جملة من الحريات السياسية مثل ‪ :‬حرية الترشيح ‪ ،‬وحرية التفكير‬
‫والتعبير‪ ،‬وحرية االجتماع‪ ،‬وحرية االحتجاج ‪ ،‬كما أعطت جملة من الضمانات المانعة من االعتداء‬
‫على األفراد وحرياتهم مثل ‪ :‬ضمان االتهام ‪ ،‬وضمان التحقيق ‪ ،‬وضما التنفيذ‪ ،‬وضمان الدفاع"‪.‬‬
‫"وقد أدت الثورات الليبرالية إلى قيام حكومات عديدة تستند إلى دستور قائم على موافقة المحكومين‪.‬‬
‫وقد وضعت مثل هذه الحكومات الدستورية العديد من لوائح الحقوق التي أعلنت حقوق األفراد في‬
‫مجاالت الرأي والصحافة واالجتماع والدين‪ .‬كذلك حاولت لوائح الحقوق أن توفر ضمانات ضد سوء‬
‫استعمال السلطة من قبل الشرطة والمحاكم"‪ .‬ومع ذلك فإن الليبرالية تطالب من الدول الديمقراطية‬
‫مزيدا من الحريات تطالب بالتخفف من السلطة على األفراد ليحصل بذلك الفرد على حريته‪ .‬ویری‬
‫سبنسر أن وظائف الدولة يجب أن تحصر في الشرطة والعدل والدفاع العسكري بمواجهة األجنبي‪.‬‬
‫ويظهر من ذلك المطالبة بغياب الدولة إال فيما يتعلق بالحماية العامة للمجتمع ‪ ،‬وهذا هو رأي‬
‫الليبراليين الكالسيكيين‪ .‬وقد انقرض هذا الرأي في الليبرالية المعاصرة التي جنحت إلى اعتبار‬
‫الحرية الفردية هدفا ولو بتدخل الدولة ‪ .‬بينما كان المذهب األساسي عند الكالسيكيين المطالبة بغياب‬
‫الدولة مهما تكن نتائجه على الفرد‪ .‬وقد اختلف الليبراليون الكالسيكيون مع الديمقراطيين في من يملك‬
‫حق التشريع العام ‪ ،‬فالديمقراطيون يرون أن األكثرية هي التي تقرر وتشرع وتمسك بزمام السلطة‪.‬‬
‫أما الليبراليون فقد اهتموا بحماية الفرد من األذى‪ ،‬وأن هذا هو مهمة القانون بدل التشديد على حق‬
‫اآلخرين بسبب األكثرية ‪ ،‬وهذه من نقاط التصادم بينهم"‪.‬‬
‫و ولكن الليبرالية اختلفت في الواقع المعاصر عما كانت عليه سابقا‪ .‬ويمكن أن نطلق على‬
‫التوجه الجديد ( الليبرالية الجديدة ) وبرروا | ذلك بانه نتيجة لعدم مسایرة الليبرالية التقليدية للتطور‬
‫الذي شهده العالم كان ذلك هو السبب في والدة ليبرالية جديدة تتالءم وظروف المجتمع الجديد‪ ،‬وهي‬
‫ليبرالية ما بعد الحرب العالمية الثانية‬

‫ثانيا ‪ :‬ليبرالية االقتصاد‬

‫الليبرالية االقتصادية‪" :‬مذهب اقتصادي يرى أن الدولة ال ينبغي لها أن تتولى وظائف صناعية ‪،‬‬
‫وال وظائف تجارية ‪ ،‬وأنها ال يحق لها التدخل في العالقات االقتصادية التي تقوم بين األفراد‬
‫والطبقات أو األمم‪ .‬بهذا المعنى يقال غالبا ليبرالية اقتصادية" ‪ .‬ويالحظ أن هذا التعريف واقع على‬
‫الليبرالية الكالسيكية قبل التحول الكبير الذي تم في الليبرالية الجديدة على نحو ما سيأتي‪ .‬ويقول‬
‫البعلبكي " ويطلق لفظ الليبرالية أيضا على سياسة اقتصادية نشأت في القرن التاسع عشر متأثرة بآراء‬
‫آدم سميث بخاصة ‪ ،‬وأكدت على حرية التجارة وحرية المنافسة ‪ ،‬وعارضت تدخل الدولة في‬
‫االقتصاد" ‪ .‬والليبرالية االقتصادية وثيقة الصلة بالليبرالية السياسية ‪ ،‬ويعتقد الليبراليون أن الحكومة‬
‫التي تحكم بالحد األدنی یکون حكمها هو األفضل‪ ..‬ويرون أن االقتصاد ينظم نفسه بنفسه إذا ما ترك‬
‫يعمل بمفرده حرة ‪ ،‬ويرون أن تنظيمات الحكومة ليست ضرورية‪.‬‬

‫وأبرز النظم االقتصادية الليبرالية هو نظام " الرأسمالية " التي رب أفكاره عالم االقتصاد‬
‫االسكتلندي آدم سميث في كتابه ( ثروة األمم) ويدخل في الحرية التي يطالب بها الليبراليون حرية‬
‫حركة المال والتجارة‪ ،‬وحرية العمل وحرية التعاقد‪ ،‬وحرية ممارسة أي مهنة أو نشاط اقتصادي‬
‫آخذة من الشعار الشهير للثورة الفرنسية " دعه يعمل دعه يمر‪ ".‬والذي يحكم قواعد اللعبة االقتصادية‬
‫وقيمها هو سوق العرض والطلب دون أي تقييد حكومي أو نقابة عمالية‪ .‬فللعامل الحرية في العمل أو‬
‫الترك كما لصاحب رأس المال الحرية المطلقة في توظيف العدد الذي يريد باألجرة التي يريد‪ .‬ولكن‬
‫سبق أن ذكرنا أن المفهوم الليبرالي تغير وبرزت الليبرالية الجديدة عل السطح بعد الحرب العالمية‬
‫الثانية بسبب األزمات االقتصادية الخانقة والكساد وذلك لتمرکز رأس المال وظهور االحتكارات‬
‫الصناعية الضخمة ‪ ،‬وانهيار قاعدة الصرف بالذهب وأزمة الثورات العمالية في ألمانيا مما جعل‬
‫الحكومات تتدخل إلنعاش االقتصاد فتغيرت األيديولوجية الليبرالية إلى القول بأهمية تدخل الحكومة‬
‫لتنظيم السوق‪ .‬وقد فضل صاحب كتاب " الليبرالية المتوحشة " كيفية تدخل الدولة اإلنعاش االقتصاد‬
‫وإ صالح السوق ‪ ،‬وبهذه المرحلة تغيب شمس الليبرالية الكالسيكية حيث أبطل الواقع فكرة إصالح‬
‫السوق لنفسه التبرز إلى السطح الليبرالية الجديدة بقوة‪ .‬وقد أطيل النفس في مراحل االقتصاد الليبرالي‬
‫في الكتاب سابق الذكر‪ ،‬ونقد فكر الليبرالية الجديدة واقعية ببيان انحدار االزدهار االقتصادي الذي‬
‫حققته الرأسمالية بعد الحرب الكونية الثانية ‪ ،‬فبدأت معدالت النمو االقتصادي في التراجع وارتفعت‬
‫معدالت البطالة والطاقة المعطلة ‪ ،‬وانخفضت معدالت نمو اإلنتاجية‪.‬‬

‫المطلب الثاني اسباب ومبادئ المنظور الليبرالي‬

‫الفردية‬

‫ينص مبدأ الفردية على أن جميع األفراد يكتسبون حقوقهم بمجرد أنهم بشر‪ ،‬ومن الحقوق التي‬
‫ُي كسبها مبدأ الفردية للفرد‪ :‬األفراد فوق السلطة‪ ،‬وأنهم موجودون قبل وجود السياسة‪ ،‬أي أنه ال يحق‬
‫لدولة المساس بحقوق األفراد‪ .‬تسمح لألفراد بفعل كل ما يريدونه طالما أنهم ال يؤذون أحد‪ .‬منح‬
‫األفرد حق اتخاذهم للقرارات‪ ،‬إذ أن فرض القرارات على األفراد سيسهم في تردي أحوالهم‪ ،‬إذ‬
‫يفترض على األفراد أن يكونوا عقالنيين بما فيه الكفاية لتقرير ما يناسبهم‪.‬‬

‫المساواة والشمولية‬

‫وينص مبدأ المساواة والشمولية على تكافؤ الفرض‪ ،‬إذ يطالبون بإعادة توزيع الثروة‪ ،‬كما يجب‬
‫تطبيق المساواة القانونية والسياسية‪ ،‬وتعني الشمولية أن المبادئ األخالقية التي تبيعها الليبرالية يجب‬
‫أن تطبق على جميع البشر بغض النظر عن المرجع والثقافة التي ينتمون إليها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬انواع الليبرالية‪:‬‬

‫أنواع الليبرالية نذكر هذه األنواع كما يأتي‪:‬‬

‫الليبرالية الكالسيكية هي عقيدة أساسية تقرر حرية األفراد بما في ذلك حرية الدين‬ ‫‪‬‬
‫والكالم والصحافة والتجمع باإلضافة إلى الحكومة المحدودة‪.‬‬
‫الليبرالية المتقدمة وهي فلسفة واسعة تستند إلى فكرة التقدم التي تؤكد أن التقدم في‬ ‫‪‬‬
‫العلوم التكنولوجية والتنمية االقتصادية والتنظيم االجتماعي أمر حيوي لتحسين حالة‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫الراديكالية الليبرالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الصفقة الجديدة لليبرالية التي وجدت المؤسسات القوية طرفًا لتقليص حرية األفراد من‬ ‫‪‬‬
‫خالل ظروف العمل المرهقة للمصانع الصناعية‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫الليبرالية لها مفاهيم متعددة بحسب ما تضاف إليه ‪ ,‬ويجمعها االهتمام المفرط بالحرية ‪,‬‬

‫وتحقيق الفرد لذاته ‪ ,‬واعتبار الحرية هدفها وغاية في ذاتها ‪ .‬فالليبرالية هي "نظرية الحرية"‪ ,‬وهي‬
‫نظرية ذات أطياف متعددة وجوانب مختلفة ‪ ,‬وبمقادیر متفاوتة ‪ .‬والحرية ‪ -‬كما يالحظ الباحث‬
‫المدقق ‪ -‬مفهوم عام يمكن أن يعني به الحرية المطلقة دون معنى محددا‪ ,‬وقد يريد به البعض معنا‬
‫محددا معينا‪ .‬ولكن المفهوم الفلسفي لهذا المذهب الفكري هو الحرية المطلقة التي ال تحدها الحدود وال‬
‫تمنعها السدود اال ما كان فيها تجاوز لحريات اآلخرين على قاعدة ( تنتهي حريتك حيث تبدأ حريات‬
‫اآلخرين )‪ .‬ومن أستعمل هذا المصطلح لغير هذا المفهوم الشمولي فهو غير مصیب في استعمال‬
‫المصطلح في غير مجاله وكان األولى به البحث عن لفظ يناسب معناه غير هذا المصطلح‪ .‬وهذا‬
‫يكشف مدى تردد الليبراليين العرب بين مفهوم المصطلح الفلسفي وبين انتسابهم لإلسالم المناقض له‬
‫من الجذور واألصول‪.‬‬
‫قائمة مصادر ومراجع‪:‬‬

‫‪ -‬الموسوعة الفلسفية العربية (المجلد الثاني ‪ -‬القسم الثاني ‪ -‬ص ‪.)1155 /‬‬

‫‪ -‬موسوعة الالند الفلسفية‪.2/725‬‬

‫‪ -‬الموسوعة العربية العالمية‪ -21/247‬الحلول المستوردة ص ‪51 – 50 /‬‬

‫‪ -‬مفهوم الحرية ‪ -‬عبد اهلل العروي – ص‪.39‬‬

‫‪ -‬الموسوعة الفلسفية العربية (المجلد الثاني ‪ -‬القسم الثاني ‪.)1155-‬‬

‫‪ -‬مقال في صحيفة األهرام العدد (‪ )132‬إبريل ‪1998‬م ‪ :‬الليبرالية ‪ :‬نظرة نقدية ‪ -‬دينا سماته‬
‫– ص ‪.47‬‬

‫‪ -‬أنظر ‪ :‬الموسوعة الفلسفية العربية‬

‫‪ -‬انظر ‪ :‬الموسوعة الفلسفية العربية ( الجزء الثاني ‪ -‬القسم الثاني ص ‪1156‬‬

‫‪ -‬موسوعة المورد العربية‪.4/1050‬‬

‫‪ -‬مقال ‪ :‬في الدول الليبرالية ‪ -‬مجلة المؤرخ العربي العدد ‪ ،35‬ص ‪ - 34 .71 /‬أنظر‬
‫العلمانية‬

‫‪ -‬سفر الحوالي ‪ -‬ص ‪ ، 214/‬وانظر تفصیل نظرية لوك في ذلك ‪ :‬الموسوعة الفلسفية‬
‫( الجزء الثاني ‪ -‬القسم الثاني ص ‪)1157-1156/‬‬

You might also like