Professional Documents
Culture Documents
احلم د هلل رب الع املني ،والص الة والس الُم على املبع وث رمحة للع املني ،س يدنا وموالن ا حمم د الص ادق
األمني ،وعلى آله وأصحابه ،وأحبابه وأتباعه ،صالًة وسالًم ا دائمني متالزمني إىل يوم الدين.
أما بعد:
فقد أوىل اإلسالم الزواَج أمهي ًة خاصة يف تشريعاته ،واعترب عقد الزواج واح ًد ا من أخطر العقود ،إن
مل يكن أخطَر ها؛ ألنه الطريق املستقيم املوصل إىل استحالل ما كان حراًم ا قبله.
ل ذلك جند أن الفقه اء يس ريون ض من ح دود ال ي ربحون أرض ها وال جياوزوهنا أال وهي" :األص ُل يف
األبضاع احلرمة ،وحُي تاط فيها ما ال حيتاط يف األموال"([.)]1
وما ذاك إال لتحقيق مقصٍد مهٍم من مقاصد الشريعة الغراء هو حفظ النسب.
وال خيفى أن األص ل يف عق د ال زواج التأبي ُد ،وه ذا راف ٌد آخ ر يؤك د خط ورة ه ذا العق د؛ ألن على
اإلنسان أن يتحمل آثار هذا العقد ما أبقى عليه ،واألصل أن يبقَي عليه مدة حياته.
ومن املعل وم أن مثرة ال زواج هي تك ويُن األس رة ،واألس رة هي اللبن ة األوىل يف بن اء اجملتم ع ،فاس تقرار
اجملتمع كله متوقف على استقرار األسر املكونة له ،وهذا يؤكد خطورة عقد النكاح.
ِخل
من أجل كل ما تقدم من بيان خلطورة عقد النكاح ُش رعت ا طبةُ كمقدمة تسبق هذا العق َد اخلط َري
كي ترتّتَب على العقِد آثاُر ُه بعد َر ِو َّيٍة ونظٍر .
وبذلك يتأبد الزواج ،وحُي افُظ على كيان األسرةِ ،ومن ّمَث حُي افظ على اجملتمع كله.
أم ا إذا مل ينس جم اخلاطب م ع خمطوبت ه ،فيع دل أح دمها أو كالمها عن اِخلطب ة بع د مض ي ف رتة من
ال زمن ،تب ادال فيه ا اهلدايا واهلب ات ،ب ل رمبا ق دم اخلاطُب ملخطوبت ه مبلًغ ا من املال على حس اب امله ر
لتجهز نفسها بشراء املالبس وغري ذلك ،فما مصري هذا املال وتلك اهلدايا؟
وق د يثم ُر ع دوُل أح د اخلاطبني عن اخلطب ة إحلاَق الض رر املادي أو املعن وي ب الطرف اآلخ ر ،فه ل
للمتضرر تعويض؟
إن ه ذا البحث املتواض ع حماول ٌة لإلجاب ة عن ه ذا الس ؤال ،عن طري ق ع رض املش كلة ،وبي ان آراء
الفقهاء املختلفة ،مث مناقشة األدلة ،وترجيح ما تركن إليه النفس لقوة دليله.
وتكمُن أمهي ُة ه ذا البحِث يف أن ه ي بني احلق وق الش رعية ال يت حتمله ا األحك اُم التكليفي ة لك ل خ اطب
وخمطوب ة أع رَض أح ُد مها عن ص احبه ،مما ينش ر ال وعي بني اخلاطب وخمطوبت ه ،ويتس ىن لك ل واح د
منهما أن يعامل صاحبه وفق ميزان الشريعة الغراء.
قول احلق سبحانه( :وال ُج ناَح عليكم فيما عّر ضتم به من ِخ طبة النساء أو أكننتم يف أنفسكم علَم اهلل
أنكم ستذكروهنّن ولكنْ ال تواعدوهّن س ًر ا إال أن تقولوا قوًال معروًفا وال تعزموا عقدة النكاح حىت
يبلَغ الكتاُب أجله) البقرة.235/
وجه الداللة:
ج واز خطب ة املعت دة من وف اة تعريًض ا وتلميًح ا ،وج واز ذل ك بع د انته اء ع دهتا تص رًحيا ب املفهوم
املخالف ،وجواز ذلك يف غري احملرمات من النساء غري املعتدات باملفهوم أيًض ا.
أ -عن ابن ُعَم َر -رض ى اهلل عنهم ا -أن ه ك ان َيُق وُل َ :نَه ى الَّنُّىِب -ص لى اهلل علي ه وس لم -أْن َيِبي َع
ِط ِخ ِة ِخ ِه
َبْع ُض ُك ْم َعَلى َبْي ِع َبْع ٍض َ ،و ال ْخَيُطَب الَّر ُج ُل َعَلى ْطَب َأ ي َ ،ح ىَّت َيْتُر َك اَخْلا ُب َقْبَل ُهَ ،أْو َي ْأَذَن َل ُه
اَخْلاِط ُب ([.)]5
وجه الداللة:
إن للخاطب األول حًق ا يف املخطوبة ،وال يسقط إال بإذنه أو برتك اخلطبة ،وهذا احلق مل يكن ليعترب
لوال مظنة اخلطبة اليت اعتربها الشارع ورتب حق اخلاطب عليها ،ويف هذا دليل على جواز اخلطبة
واحرتام حق اخلاطب األول يف خطبته([.)]6
ب -فعل النيب األعظم -صلى اهلل عليه وسلم-
فقد خطب النيب -صلى اهلل عليه وسلم -نساءه ،ويف احلديث أن رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم-
خطب أم سلمة([.)]7
وجه الداللة:
خطب ة الن يب األعظم -ص لى اهلل علي ه وس لم -للس يدة أم س لمة -رض ي اهلل عنه ا -دلي ل على ج واز
اخلطبة وبيان ملشروعيتها ،ولوال جوازها ملا أقدم النيب األعظم -صلى اهلل عليه وسلم -على فعلها.
-1إلعطاء أهل املخطوبة الفرتة الكافية للسؤال عن اخلاطب ومعرفة أحواله ،والعكس.
-4للتنويه على أمهية عقد النكاح؛ ألن يف اخلطوبة تنويًه ا على ذلك ،إذ هي املقدمة إلبرام
العقد([.)]8
-5للتهيؤ إلجراء الزواج.
-6حىت ال ُيقدم آخر على خطبة هذه املرأة اليت يرغب هبا.
إن الن يب -ص لى اهلل علي ه وس لم -خطب أَّم س لمة([ ،)]12وخطَب حفص َة([ ،)]13وخطَب زينب على
زيد([.)]14
ثانيًا :فعل الصحابة -رضي اهلل عنهم:-
خطب أبو بكر وعمر -رضي اهلل عنهما -فاطمة([ ،)]15وخطب احلسن بن علي -رضي اهلل عنهما-
إىل منصور الفزاري ابنته([.)]16
ثالثًا :املعقول:
إّن يف اخلطبة زيادَة تعريٍف غالًبا ما تكون مانعًة من اهنياِر عقد الزواج ،فال أقّل من أْن تكوَن مستحّبًة؛
لتحق ق مقص د الش ارع يف حف ظ النس ل عن طري ق حف ظ األس رة ،والس المة من أه وال الطالق
والفراق ،مث إن لكل أمر خطري مقدماته ،اليت متهد له ،كي يستعد له ،واخلطبة إمنا هي متهيد إلجراء
عقد النكاح.
الثانية :املوافقة الصرحية على طلب اخلاطب؛ فترتتب عليها األحكام اخلاصة باِخلطبة([.)]22
فمرحلة طلب الرجل الزواج باملرأة حتمل وعًد ا منه بالزواج منها ،وإالّ فلماذا تق ّد م ِخلطبتها؟! فإن مل
نعترب هذا الطلَب وعًد ا بالزواج مل يكن للِخ طبة معىن أو فائدة.
واملرحلة الثانية كذلك حتمُل وع ًد ا بتزويج اخلاطب ،وإال فما معىن املوافقة على اخلطبة؟ ليست هذه
املوافقة إال موافقًة على طلب التزويج يف املستقبل ،وهذا هو الوعد.
ف الراجح أّن اِخلطب ة وع ٌد ب الزواج؛ أي هي وع د بالعق د وليس ت عق ًد ا ،فال ِحُت ُّل حراًم ا ،وال حُت ِّر م
حالًال.
ومن هن ا نفهم أن اخلطب ة وع د ب الزواج ،وال ينعق د هبا ال زواج ،وق د نص ت املادة ( )3من ق انون
األحوال الشخصية األردين على ذلك" :ال ينعقد الزواج باخلطبة ،وال بالوعد ،وال بقراءة الفاحتة ،وال
بقبض أي شيء على حساب املهر ،وال بقبول اهلدية".
تق دم أّن اخلطب ة وع د ب الزواج ،وأن ه يك ره خل ف الوع د عن د اجلمه ور ،فينبغي أن يك ون احلكم يف
العدول عن اخلطبة أنه مكروه ،وهذا ما ذهب إليه املالكية([.)]26
([
وذهب احلنفية واحلنابلة إىل جواز العدول ،غري أن احلنابلة قالوا بالكراهة إن كان العدول لغري غرض
.)]27فإن كان العدول لغرض مشروع فاجلميع على عدم الكراهة.
األدلة واملناقشة:
اس تدّل املالكي ة على كراه ة الع دول عن اخلطب ة باألدل ة املانع ة من خل ف الوع د نفس ها الدال ة على
كراهته -ألن اخلطبة وعد بالزواج -وهي من الكتاب العزيز والسنة املطهرة:
وجه الداللة:
إّن العهد ُيطلب الوفاء به ،وهي من األمور اليت يسأل اهلل تعاىل عنها العب َد يوم القيامة([ ،)]28فأقل ما
ُيقال :إّن خلف الوعد مكروه.
ثانيًا :الدليل من السنة املطهرة:
قول النيب األعظم -صلى اهلل عليه وسلم( :-آية املنافق ثالث :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف،
وإذا ائتمن خان)([.)]29
حمل الشاهد:
وجه الداللة:
وقد نسب أحد العلماء املعاصرين القول حبرمة العدول عن اخلطبة إىل بعض العلماء بناًء على قوهلم
حبرمة خلف الوعد([ ،)]33هذا ومل أجد قوًال صرًحيا ألحدهم حبرمة العدول عن اخلطبة مع أنه الزم
م ذهبهم ،فاألوىل أن ُيقال( :وبناًء على أصلهم حبرمة خلف الوعد ،واعتبار اخلطبة وع ًد ا ب الزواج،
ينبغي أن يكون حكم العدول عن اخلطبة حراًم ا عندهم).
وُيق ال ه ذا دون نس بة الق ول إليهم؛ ألن ه ال ُينَس ُب لس اكت ق وٌل ([ ،)]34وألّن الزَم املذهب ليس
مبذهب([.)]35
واستدَّل احلنفية واحلنابلة الذين قالوا جبواز العدول عن اخلطبة مبا يلي:
أوًال :عن ابن عم ر -رض ي اهلل عنهم ا -أن ه ك ان يق ول :هنى الن يب -ص لى اهلل علي ه وس لم -أن ي بيع
بعض كم على بي ع بعض ،وال خيطب الرج ل على خطب ة أخي ه ح ىت ي رتك اخلاطب قبل ه أو ي أذن ل ه
اخلاطب([.)]36
حمل الشاهد:
وجه الداللة:
-1هنى النيب -صلى اهلل عليه وسلم -أن خيطب الرجل على خطبة أخيه؛ ألن للخاطب األول حًق ا
يف الفتاة فال ُينازع عليه؛ لئال يسرى التباغض والتشاحن بني املسلمني.
-2جعل النيب -صلى اهلل عليه وسلم -للخاطب األول حّق الرتك ،وأجاز له التنازل للخاطب الثاين،
ف النيب -ص لى اهلل علي ه وس لم -جيّو ز الع دول عن اخلطب ة ويص ور ه ذا الع دول بص ورتني :ال رتك ،أو
إعطاء اإلذن للغري كي يتقدم خلطبة الفتاة ،وفيه إشعار بإسقاط احلق ،النابع من العدول عن اخلطبة.
ومل جيعل النيب -صلى اهلل عليه وسلم -جواز الرتك معلًق ا على سبب بل جعله حًق ا للخاطب األول.
ثانيًا :إّن علًّيا -رضي اهلل عنه -خطب بنت أيب جهل ،فلما أنكر عليه النيب -صلى اهلل عليه وسلم-
أعرض علي -رضي اهلل عنه -عن اخلطبة([.)]37
وجه الداللة:
لو كان اإلعراض عن اخلطبة مكروًه ا ملا أنكر النيب -صلى اهلل عليه وسلم -على سيدنا علي -رضي
اهلل عن ه -كي ال يض طره للوق وع يف املك روه ،ب ل ألن الع دول ج ائز وه و ح ق للخ اطب أدى إنك ار
النيب -صلى اهلل عليه وسلم -على سيدنا علي -رضي اهلل عنه -أن يقع يف اجلائز ممارًس ا حقه.
ولكن لكراهة النيب -صلى اهلل عليه وسلم -هذه اخلطبة سبب مذكور يف القصة فهو إعراض لسبب.
ثالث ًا :عق د ال زواج عق د عْم ري ي دوم الض رر في ه ،واخلطب ة مقدم ة حتس ب فيه ا املن افع واملض اّر ،ف إن
غلبت املنافع فبها ونعمت ،وإال فالعدول عن اخلطبة([)]38؛ ألنه ال ضرر وال ضرار.
رابعًا :اخلطبة :هي بيان الرغبة يف عقد النكاح ،وتراجع اخلاطب عن رغبته هذه ليس فيه شيء.
الرتجيح:
والذي تركن إليه النفس هو قول احلنابلة الذين قالوا جبواز العدول عن اخلطبة إن كان للعدول سبب،
ولو كان هذا السبب كراهية الفتاة للرجل أو العكس استنباًطا من قصة سيدنا علي -رضي اهلل عنه-
حيث رجع عن خطبته لسبب وهو كراهة النيب -صلى اهلل عليه وسلم -لتلك اخلطبة.
أما العدول دون سبب فمكروه؛ ألنه من قبيل خلف الوعد ،وإن كان احلديث الشريف (حىت يرتك
اخلاطب )...يفيد اجلواز مطلًق ا إال أّن هذا اجلواز ال بد أن يقيد بالسبب؛ لألدلة القوية اليت تنهى عن
خلف الوعد ،وهذا احلكم يتناسب مع السياج األخالقي الذي يفرضه اإلسالم على كل مسلم.
والذي عليه قانون األحوال الشخصية األردين جواز العدول مطلًق ا ،فقد نصت املادة ( )4من قانون
األحوال الشخصية األردين" :لكٍّل من اخلاطب واملخطوبة العدول عن اخلطبة".
فالص داق عن د املالكي ة من أرك ان عق د ال زواج([ ،)]41وليس بني اخلاطب واملخطوب ة عق د فال حيل هلا
نص ف الص داق إال بالعق د ،وحيل ك امًال بال دخول ،وإال فه و من ب اب أك ل أم وال الن اس بالباط ل،
فبعدول أحدمها وعدم العقد مل تستحق املخطوبة املهر فينبغي عليها أن تعيده للخاطب.
ون رى الش افعية ُيعِّر ف ون الص داق بق وهلم" :م ا وجب بنك اح أو وطء أو تف ويت بض ع قه ًر ا كرض اع
ورجوع شهود"([ .)]42فهذه هي احلاالت اليت جيب فيها املهر ،وليست اخلطبة منها ،فال حيل للمرأة
أخذه بل عليها إعادته.
والصداق عند احلنبلية هو" :العوض املسمى يف النكاح"([ .)]43وال نكاح بني اخلاطبني يوجب املهر أو
نصفه.
وهك ذا تلتقي آراء الفقه اء مجيًع ا عن د نقط ة مهم ة أال وهي :أن امله ر ال جيب إال بعق د النك اح ،ويف
حال اخلطبة ال يوجد عقد نكاح ،فاحتفاظ املرأة باملهر بعد عدول أحد الطرفني حيازة للمال بغري
سبب مشروع؛ فعليها إعادة املال لصاحبه([.)]44
وق د ج اء يف املادة ( )65من ق انون األح وال الشخص ية األردين" :إذا امتنعت املخطوب ة أو نكص
اخلاطب أو تويف أحدمها قبل عقد النكاح؛ فإن كان ما دفع على حساب املهر موجوًدا اسرتده عيًن ا،
وإن كان فقد بالتصرف فيه أو تلف ،اسرتد قيمته إن كان عرًض ا ،و مثله إن كان نقًد ا".
ه ذه اهلدايا تأخ ذ حكم اهلب ة ،فتع اد لص احبها إال إذا ان درجت حتت م انع من موان ع الرج وع باهلب ة
السبعة ،وهي([:)]45
-1زيادة املوهوب.
-3العوض عن اهلبة.
فص ل املالكي ة املس ألة حيث مّي زوا بني ك ون الرج وع من ط رف اخلاطب ،أو كون ه من ط رف
املخطوبة.
ف إن ك ان الع دول من ط رف اخلاطب ،فال حيق ل ه أن يس رتّد شيئا من اهلدايا س واء ك انت قائم ة أو
مستهلكة؛ ألنه وهب بشرط إمتام الزواج ،وهو املتسبب يف عدم حتقيق هذا الشرط وبالتايل ال حيق له
الرجوع بشيء من هداياه.
وإن كان العدول من طرف املخطوبة ،فللخاطب أن يرجع عليها بكل ما قدمه من هدايا إذا كانت
قائمة ،فإن استهلكت اسرتّد قيمتها؛ ألنه وهب بشرط إمتام الزواج ،وهي السبب يف عدم حتقيق هذا
الشرط ،فال حيل هلا االحتفاظ هبداياه.
وكل هذا يقّيد بالشرط أو العرف إذ يقّد مان على كل ما سبق([.)]46
ثالًثا :مذهب الشافعية:
عند الشافعية قوالن يف املسألة رجح أحدمها الرملي ورجح اآلخر ابن حجر اهليتمي ،ومها يف الرتجيح
سواء.
القول األول:
"له الرجوع مبا أنفقه على من دفعه له ،سواء كان مأكًال أو مشرًبا أم حلوى أم حلًي ا ،وسواء رجع
هو أم جميبه أم مات أحدمها؛ ألنه إمنا أنفقه ألجل تزوجيه هبا ،فريجع به إن بقي وببدله إن تلف"([.)]47
القول الثاين:
"إن كان الرّد منهم (أهل املخطوبة) رجع عليهم؛ ألنه مل يهد هلم إال بناء على أْن يزوجوه ومل حيصل
غرضه ،فإن كان الرد منه فال رجوع له؛ النتفاء العلة املذكورة"([ .)]48وهذا القول يلتقي مع ما قاله
املالكية.
رابًعا :مذهب احلنابلة:
اهلدية تأخذ حكم اهلبة ،واهلبة عندهم ال جيوز الرجوع فيها إال إذا كانت قبل القبض([ ،)]49وال خيفى
أن اخلاطب يف مسألتنا هذه قد أهدى املخطوبة وقبضت اهلدايا ،فينبغي أن يكون احلكم عندهم أن ال
رجوع للخاطب هبديته على خمطوبته ،وهذا ما نسبه إليهم أحد املعاصرين([.)]50
ولكن إذا س ّر حنا النظ ر يف كتب املذهب جند أّن املس ألة عن دهم خترج عن أص لهم املق رر س ابًق ا
والقاضي بعدم رجوع الواهب هببته بعد القبض.
واملق رر عن دهم يف مس ألتنا أن للخ اطب أن يرج ع مبا أه دى قب ل العق د ،إن زوجت املخطوب ة من
غريه ،وهذان نصان يشهدان على صحة ما أقول:
النص األول:
" ...وليست هديته من املهر نص عليه ،فإن كانت قبل العقد وقد وعد به فزوجها غريه رجع"([.)]51
النص الثاين:
" ...فإن كانت قبل العقد (يعين اهلدية) وقد وعدوه بأن يزوجوه فزوجوا غريه رجع هبا ،قاله الشيخ
تقي الدين واقتصر عليه يف الفروع ،قلت :وهذا مما ال شك فيه"([.)]52
وق د بني أح د املعاص رين ه ذا ال رأي فق ال" :ولكن احلنابل ة ي ذهبون إىل ج واز رج وع اخلاطب يف
هداياه؛ ألن من شرط اهلبة عندهم أن تكون بغري عوض ،والواهب يف اخلطبة -كما يقول القاضي
من احلنابل ة -إمنا وهب يف ه ذه احلال بش رط بق اء العق د ،ف إذا زال مل ك الرج وع ،كاهلب ة بش رط
الثواب"([.)]53
وال خيفى أن احلكم املذكور صحيح ولكن الشاهد ال عالقة له بالقضية حمل البحث ،فأي عقد
يراد له البقاء مع علمنا أن اخلطبة ليست عقًد ا ،واهلدية قبل العقد ختتلف عنها بعده([.)]54
وبعد هذا التجوال يف أقوال املذاهب خنلص إىل أن الفقهاء انقسموا إىل فريقني يف حكم اهلدايا حال
العدول عن اخلطبة:
الفريق األول:
جييز للمهدي الرجوع مطلًق ا ،وهم احلنفية وبعض الشافعية ،هذا إذا استثنينا احلاالت السبع املانعة من
الرجوع يف اهلبة ،واليت سبق ذكرها عند احلنفية؛ ألهنا حاالت عارضة([.)]55
وقد استدل الفريق األول على جواز الرجوع يف اهلبة بالسنة املطهرة:
فعن ابن عمر -رضي اهلل عنهما -أن النيب -صلى اهلل عليه وسلم -قال( :من وهب هبة فهو أحق هبا
ما مل يثب منها)([.)]56
وجه الداللة:
ُج عل الواهب صاحب حق ،بل له األولوية يف هبته ما مل يصل إليه العوض من املوهوب له([.)]57
الفريق الثاين:
جييز للمه دي الرج وع إذا مل يكن ه و املتس بب يف الع دول ،ب ل ك ان الع دول من الط رف اآلخ ر،
وذهب إليه املالكية يف املعتمد عندهم ،وبعض الشافعية ،وهو قول احلنابلة.
واستدل الفريق الثاين بأن املهدي قد قدم هديته بشرط إمتام الزواج ،والطرف ا هدى إليه قد ف ّو ت
ُمل
هذا الغرض على الواهب؛ فال جيمع بني فوات الغرض وذهاب هديته([.)]58
الرتجيح:
إذا تأملنا األدلة وجدنا أن الراجح هو قول الفريق األول من احلنفية وبعض الشافعية ،والقاضي بأّن
للواهب أن يسرتد هديته مطلًق ا إال أنه ال ب ّد من مراعاة حاالت االستثناء املذكورة عند احلنفية واليت
متنع هذا اجلواز.
وذلك لقوة أدلة ه ذا الفري ق ،وعدم هنوض دلي ل الفري ق الث اين على املعارضة ،باإلضافة إىل أن قول
الفريق األول حيوي قول الفريق الثاين من وج ٍه ،وهو :لو عدل أحد اخلاطبني كان لآلخر الرجوع
هبديته؛ ألن قول الفريق األول أعم ،وهو حاٍو لقول الفريق الثاين من وجٍه.
وقد جاء يف املادة ( )65من قانون األحوال الشخصية األردين ..." :أما األشياء اليت أعطاها أحدمها
لآلخر على سبيل اهلدية فتجري عليها أحكام اهلبة" .أي أحكام اهلبة يف املذهب احلنفي.
املسألة األوىل:
إذا ق دم اخلاطب خلطيبت ه (الش بكة) وهي مق دار من ال ذهب املص وغ ،وع دل أح دمها عن اخلطب ة ،أو
تويف ،فما هو مصري هذه الشّـبكة؟!
وبصيغة أخرى :هل الذهب املقدم خالل اخلطوبة يعترب من املهر أو من اهلبات؟
هل نقول :إن الشبكة من املهر؛ فريجع هبا اخلاطب على خطيبته؟
أم نقول :إهنا من اهلدايا؛ فتأخذ حكم اهلدية على خالف بني املذاهب ُبنّي يف املبحث السابق؟
ال خيفى أنه لو ص ّر ح اخلاطب خلطيبته بأّن هذه الشبكة من املهر أو هي هدية من اهلدايا فاألمر كما
قال ،ولكن ما احلكم إن مل يصرح بوصف الشبكة؟!
ال أحِس ُب أنين أجانب الصواب إذا قلت :إّن العرف هو اَحلكُم العدُل يف مثل هذه احلالة؛ ألن للعرف
اعتباًر ا يف الشرع ،إذ املعروف عرًفا كاملشروط شرًطا([.)]59
ويف بالدنا جند كث ًريا من الناس يقللون من قيمة املهر (النقدي) ويطلبون قيمة مرتفعة للشبكة؛ وما
ذاك إال ألهنا يف نظرهم جزء من املهر .ويدّل عليه قوهلم" :املهر دينار ذهيب ،والشبكة مخسة آالف
دينار" ،فتحديد الشبكة يدل على أهنا جزء من املهر ،وإال فبأّي حق يطالبون هبدية مرتفعة الثمن ،وال
يبغون عنها ِح َو ًال؟ ّمث إن قيمة الشبكة يف اجملتمعات واألحياء تكون يف الغالب موّح دة وذات قيمة
ثابتة أو متقاربة ،فليس هلذه الشبكة تسمية ضمن هذه املعطيات إال مهر املثل.
وق د ج اء يف املادة ( )65من ق انون األح وال الشخص ية األردين" :إذا امتنعت املخطوب ة أو نكص
اخلاطب أو تويف أحدمها قبل عقد النكاح؛ فإن كان ما دفع على حساب املهر موجوًدا اسرتده عيًن ا،
وإن كان فقد بالتصرف فيه أو تلف ،اسرتد قيمته إن كان عرًض ا ،و مثله إن كان نقًد ا".
أما إن اعتربنا أن هذه الشبكة من توابع املهر ،فهي تأخذ حكم املهر؛ ألن التابع تابع.
وقد أعطى قانون األحوال الشخصية األردين يف املادة ( )47توابع املهر حكم املهر.
املسألة الثانية:
إذا ق ّد م اخلاطب خلطيبت ه م اًال أو ه دايا مثين ة ّمث ع دال عن اخلطب ة أو أح دمها واختلف ا فه و ي ّد عي أن ه
دفعها َص داًقا ،وهي تّد عي أنه دفعها هبة ،وليس هناك عرف يضبط املسألة.
إذا تأملنا املسألة جنُد أّن اختالفهما إّم ا أن يكون يف نية اخلاطب أو يف لفظه:
فإن كان يف نيته فالقول قوله مع ميينه عند احلنفية والشافعية؛ ألن اهلدية ال تصح بغري قول([.)]60
وعند احلنبلية :القول قوله بال ميني؛ ألنه أعلم مبا نواه ،وال تطلع املرأة على نيته([.)]61
وإن اختلفا يف لفظه ،فالقول قوله مع ميينه؛ ألن امللك له ،وهي تدعي عليه عق ًد ا على ملكه ،وهو
ينكر ،وهذا عند الشافعية واحلنبلية([.)]62
المطلب الخامس :حكم التعويض عن الضرر المادي أو المعنوي:
قد ينجم عن العدول عن اخلطبة ضرر بأحد الطرفني ،وهذا الضرر إّم ا أن يكون ماّدًّيا أو معنوًيا.
ومثال الضرر املادي :أن ترتك املخطوبة العمل بناًء على طلب من اخلاطب ،أو أن جيّه ز األهل ابنتهم
جبهاٍز قد طلبه اخلاطب (وهذا يف البالد اليت جيهز فيها أهل العروس مسكن الزوج مثل مصر).
ومثال الضرر املعنوي :ما يلحق بسمعة الفتاة من كالم وافرتاءات حيث تكون قد أمضت ُمّد ةً
طويلةً مع خاطبها ،ورمبا خرجا مًع ا ودخال ،وكانا حمط نظر الناس وكالمهم.
وأيًض ا قد تكون ِخ طبتها األوىل فّو تت عليها خّطاًبا أفضل من هذا األول الذي عدل.
وإذا س ّر حنا النظ ر يف كتب الفقه اء فإنن ا لن جند هلذه املس ألة أث ًر ا ،ولع ّل الس بب يف ذل ك أن ه خالل
الس نني املاض ية مل يكن إلطال ة ف رتة اِخلطب ة يف احلي اة االجتماعي ة وج ود ،ب ل ك ان يس ود بينهم املث ل
الشائع "خري الرب عاجُله".
أض ف إىل ذل ك أن ه مل تكن حي اهتم االجتماعي ة معق دة كم ا هي يف ه ذه األي ام ،حيث مل تكن املرأة
تعمل يف الوظائف الرمسية احلكومية ،ومل تكن الوظائف حتمل ذات الطابع الذي حتمله اآلن إخل..
وأزي د على ما سبق أّن حي اة الس ابقني ومفاهيمهم كانت مصبوغًة بص بغة اإلسالم وتعاليمه ،حيث
جند املطلق ة رمبا ت زوجت أرب ع م رات وك ذلك األرمل ة ،فك ان ع دول اخلاطب عن خطبت ه شيًئا ال
ي ذكر .ويف ه ذا الزم ان انقلبت املوازين رأًس ا على عقب ،وتغ ريت املف اهيم والقيم ،وأص بح اجملتم ع
ينظر لألرملة واملطلقة واليت عدل عنها خاطبها نظرة دونية ،ال تليق باملرأة ،وال بتعاليم ديننا احلنيف
الشريف.
واحلاصل أّن هذه املسألة تعّد من املسائل الفقهية املعاصرة املستجّد ة ،أي من النوازل([.)]63
وإذا تأّم لنا آراء الفقهاء املعاصرين يف الضرر املادي واملعنوي الناجم عن العدول عن اخلطبة ،جندها
حمصورة يف أربعة آراء:
الرأي األول :عدم التعويض مطلًق ا :ومن القائلني به الشيخ حممد خبيت املطيعي (مفيت الديار املصرية
سابًق ا) وأ .د .حممد عقلة اإلبراهيم وأ .د .عمر سليمان األشقر([.)]64
وأدلة القائلني هبذا الرأي:
أوًال :إّن العدول أمر جائز شرًعا ،واجلواز الشرعي يتناىف مع الضمان.
ثانًيا :إّن اِخلطبة ليست عق ًد ا بل هي وعد بالعقد ،وال إلزام يف هذا الوعد ،فمن عدل عن ِخ طبته إمنا
ميارس حًق ا من حقوقه ،وال جيوز أن نرتب على ممارسة احلقوق أي تعويض([.)]65
ثالًثا :مل ُيفّو ت العادل عن اخلطبة على اآلخر حًق ا حىت ُيلزم بالتعويض([.)]66
رابًع ا :قد يلزم من احلكم بالتعويض إلزام اخلاطب على الزواج عند عدم قدرته على دفع التعويض،
وهنا خيتفي الركن األعظم لعقد النكاح وهو الرتاضي([.)]67
([
الرأي الثاين :التعويض مطلًق ا :ومن القائلني به :الشيخ حممود شلتوت (شيخ األزهر الشريف سابًق ا)
.)]68
األدلة:
أوًال :إن القاعدتني الفقهيتني التاليتني مها أول دليل يستند إليه من قال بالتعويض:
والتغرير هو :الضرر الذي ينشأ وللخاطب دخل فيه غري جمرد اخلطبة والعدول ،مثل أن يطلب نوًع ا
خمصوًص ا من اجلهاز ،مث يكون العدول والضرر ،فهو من باب املسؤولية التقصريية.
أما االغرتار :فهو الضرر الناشئ عن جمرد اخلطبة من غري عمل من جانب الذي عدل .وهذا االغرتار
ال تعويض عليه([.)]74
الرأي الرابع :إّن التعويض يرتتب على العدول عن اخلطبة إذا ترتب عليه ضرر مادًيا كان أو معنوًيا،
وبه قال الشيخ مصطفى السباعي ،ولكنه وضع ثالثة شروط لوجوب التعويض:
-2أن يثبت أن العدول قد أضر هبا مادّيا أو معنوّيا غري االستهواء اجلنسي.
-3أن يكون اخلاطب قد أكد رغبته يف الزواج من املخطوبة مبا يستدل به عادة وعقًال على تأكيد
خطبته وتصميمه على إجراء عقد الزواج([.)]75
ونلح ُظ يف ه ذا ال رأي أن ه ُي راعي املخطوب ة ح ال ع دول اخلاطب ،ويض رب ُع رض احلائ ط باخلاطب
حال عدول خمطوبته.
املناقشة:
أما ما ذكره البعض أنه ما يلحق بسمعة املخطوبة بسبب طول فرتة اخلطبة وكثرة الدخول واخلروج
م ع اخلاطب فه و أم ر غ ري مقب ول؛ ألن ه رق ة يف ال دين ،وإغف ال ألحك ام رب الع املني ،فكي ف ن رتب
التعويض على إمهال املكلف بالشرع ،أيعصي املرُء اهلل تعاىل فيكافأ؟!
فاخلاطبان طاملا مل يعقدا عقد الزواج فهما أجنبيان عن بعضهما ،وال حيل ألحدمها من اآلخر شيء.
وحيرم خمالط ة أح دمها لآلخ ر-بع د النظ ر والتع رف -وخلوت ه ب ه ،ومس ه ،واخلروج مع ه .ومن ال ذي
أجربه ا على إطالة فرتة اخلطبة؟! لقد وافقت الفت اة على إطالة فرتة اخلطب ة مبحض إرادهتا مع علمها
اليقي ين أّن للخاطب حق الع دول م ىت شاء ،فكيف ُنض ّمُن إنساًنا إذا م ارس حق ه املش روع ،واجلواز
الشرعي ينايف الضمان.
ق د ت رتك املخطوب ة عَم له ا أو تش رتي أثاًث ا خمصوًص ا ي رغب ب ه اخلاطب ،أو ت رتك الدراس ة بن اء على
طلبه ،أو غري ذلك من الصور اليت تتضرر فيها الفتاة بسبب طاعة اخلاطب.
وال خيفى أن ضرًر ا مادًّيا قد وقع على الفتاة ،لكن لنا أن نتساءل فنقول :أمل تكن الفتاة على علم أن
خطبتها وعد غري ملزم؟ وأّن رجوع اخلاطب عن اخلطبة حق له ،وله أن ميارس حقه مىت شاء؟ أليس
تركها للعمل والدراسة وشراؤها األثاث الذي طلبه اخلاطب قبل العقد سوء تصرف منها ،واستعجال
يف اختاذ القرار ،وخطأ يف حساب عواقب األمور؟
ما الذي أجربها على إطاعة أمره ،مع أنه ال طاعة له عليها؟ لقد تص ّر فت مبطلق حرّيتها وإرادهتا،
وهي وحدها تتحمل مسؤولية تصرفاهتا وسوء تقديرها.
أما العدول عن اخلطبة فهو حق لكل من اخلاطبني ،وال وجه للضمان عند استعمال احلق.
أما ما قيل :إنه على اخلاطب أْن ُيعوَض املخطوبة عن الضرر الناشئ عن العدول بناء على املسؤولية
التقصريية فغري صحيح؛ ألن الفعل يف املسؤولية التقصريية غري مشروع أصًًال([.)]76
ه ذا ومن شروط املس ؤولية التقص ريية :أن ُيالزم الفع ل أفع اًال خاطئ ة يف ذاهتا ومس تقلة عن ه اس تقالًال
تاًّم ا ومنسوبة ألحد الطريف ،وأن ينتج عنه ضرر للطرف اآلخر([.)]77
ُنالحظ أن كل ما سبق غري منطبق على املسألة حمل البحث؛ إذ اخلطبة مشروعة ،وطلب اخلاطب من
خمطوبت ه بن اء على الني ة يف إمتام ال زواج ،وتنفي ذ طلب ات اآلخ ر بن اء على الثق ة املتبادل ة بني االث نني
وليست هذه الطلبات ضارة يف ذاهتا.
الرتجيح:
بعد ما تقدم من األدلة واملناقشة تركن النفس إىل القول بعدم التعويض مطلقًـا ملا تقدم من أدلة قوية،
وعدم هنوض أدلة املخالفني على املعارضة ،وهذا الرأي يتفق مع حق كل واحد من اخلاطبني باإلمتام
أو العدول مما يبقي عقد النكاح رضائًّيا.
هذا ومل يرد ذكر للضرر املادي أو املعنوي الناتج عن العدول عن اخلطبة يف قانون األحوال الشخصية
األردين.
وختام ًا أرجو اهلل تعاىل أن يكون هذا البحث قد أماط اللثام عن كثري من احلقائق واألحكام املتعلقة
هبذا املوضوع ،فإن أصبت فمن اهلل وله احلمد ،وإن أخطأت فمين ومن الشيطان ،وأستغفر اهلل تعاىل
من كل خطأ وزلل.
الخاتمة
أرج و أن يك ون ه ذا البحث ق د ق دم أجوب ة عن كث ري من التس اؤالت ال يت ت دور يف خل د كث ري من
اُخلَّطاب ،مع مراعاة املوضوعية يف العرض واملناقشة والرتجيح بني املذاهب املختلفة.
وقد خلص البحث إىل ما يلي:
* العدول هو :أن يرتاجع اخلاطبان أو أحدمها عن اخلطبة بعد متامها وحصول الرضا منهما.
* املال املدفوع سلفًـا -على حساب املهر -قبل العقد جيب أن يرجع كامًال للخاطب؛ ألنه ال سبب
مشروع الستحالله من قبل املخطوبة بعد عدول اخلاطب.
* اهلدايا اليت قدمها اخلاطبان لبعضهما تستظل حبكم اهلبة عند احلنفية ،فعند العدول عن اخلطبة وإبداء
الرغبة باسرتداد كل طرف ملا قدمه ،جيب إعادة هذه اهلدايا لص احبها إال إذا انطوت حتت مانع من
موانع الرجوع يف اهلبة عندهم.
* حكم الشبكة (الذهب املقدم خالل اخلطبة) راجع للعرف عند عدم النص على صفة قبضها ،هل
هي من املهر أو اهلدايا؟ مع أن الظاهر يف بالدنا أهنا من املهر أو توابعه ،والتابع تابع.
[ ]1الندوي :علي أمحد ،القواعد والضوابط املستخلصة من التحرير ،مطبعة املدين ،القاهرة ،ط،1
1411هـ ،ص.480
[ ]2الفيومي :أمحد بن حممد بن علي ،املصباح املنري ،مكتبة لبنان ،بريوت1990 ،م ،مادة (خ ط
ب) ،ص.66
[ ]3ابن منظ ور :مجال ال دين حمم د بن مك رم ،دار إحي اء ال رتاث الع ريب ،ب ريوت ،ط1988 ،1م،
باب (خ ط ب).
[ ]4الدريين :حممد فتحي ،حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي وأصوله ،مؤسسة الرسالة ،بريوت ،ط
1414 ،1هـ.2/510 ،
[ ]5البخ اري :حمم د بن إمساعيل ،ص حيح البخ اري ،دار اليمام ة وابن كث ري ،ب ريوت ،ط،3
1407هـ ،حتقيق :د .مصطفى البغا ،1975 /5 ،برقم (.)4848
[ ]6العطار :عبد الناصر توفيقِ ،خ طبة النساء يف الشريعة اإلسالمية ،مطبعة السعادة ،القاهرة ،ص
.13
[ ]7الشيباين :أمحد بن حنبل ،املسند ،مؤسسة قرطبة ،القاهرة ،6/295 ،برقم (.)26572
[ ]8احلفناوي :حممد إبراهيم ،الزواج ،مكتبة اإلميان ،املنصورة ،د.ت.
[ ]9احلطاب :مواهب جلليل ،411/ 3 ،ابن قدامة (املوفق) :املغين ،110/ 7 ،صايف :فتحي أمحد،
التعليقات املرضية على األحكام الشرعية يف األحوال الشخصية لقدري باشا ،دار العلوم اإلنسانية،
دمشق ،مادة.1
[ ]10الشربيين :مغين احملتاج.135 /3 ،
[ ]11املصدر السابق نفسه.
[ ]12البيهقي :سنن البيهقي الكربى.131/ 7 ،
[ ]13ابن حج ر :أمحد بن علي ،فتح الب اري بش رح ص حيح البخ اري ،دار املعرف ة ،ب ريوت،
/ 1379هـ ،حتقي ق حمم د ف ؤاد عب د الب اقي وحمب ال دين اخلطيب9 ،
.201
[ ]14االس فراييين :يعق وب بن إس حاق ،مس ند أيب عوان ة ،دار املعرف ة ،ب ريوت1998 ،م ،ط،1
حتقيق :أمين بن عارف.56/ 3 ،
[ ]15ابن حبان :حممد بن حبان بن أمحد ،صحيح ابن حبان ،مؤسسة الرسالة ،بريوت1414 ،هـ،
ط ،2حتقيق :شعيب األرناؤوط.399/ 15 ،
[ ]16اهليثمي :علي بن أمحد ،جمم ع الزوائ د ،دار الري ان لل رتاث ،الق اهرة ،دار الكت اب الع ريب،
بريوت1407 ،هـ.335/ 4 ،
[ ]17ال دريين :حبوث مقارن ة يف الفق ه اإلس المي وأص وله ،514 /2 ،الس رطاوي :شرح ق انون
األحوال الشخصية األردين.35/ 1 ،
[ ]18العطار :خطبة النساء يف الشريعة اإلسالمية ،ص.5
[ ]19ال دريين :حبوث مقارن ة ،513/ 2 ،الس رطاوي :شرح ق انون األح وال الشخص ية األردين،
،35/ 1العطار :خطبة النساء ،ص.5
[ ]20عرت :عبدالرمحنِ ،خ طبة النكاح ،مكتبة املنار ،الزرقاء ،األردن ،ط1405 ،1هـ ،ص.54
[ ]21عرت :خطبة النكاح ،ص.54
[ ]22الدريين :حبوث مقارنة .512/ 2
[ ]23ابن منظور :لسان العرب ،مادة (ع د ل).
[ ]24أطلق كث ري من املعاص رين على الع دول عن اخلطبة اسم (فس خ اخلطبة) ،وهذه التس مية فيها
تسامح ألهنا توهم أن اخلطبة عقد؛ ألن الفسخ ال يكون إال يف العقود ،بينما اخلطبة وعد بالعقد ال
عق د ،وال تك اد جتد كتاًب ا خيل و من مص طلح (فس خ اخلطب ة) .انظ ر شعبان زكي ال دين :األحك ام
الشرعية ،ص ،88أبو العينني :بدران ،أحكام الزواج والطالق ،ص ،54اإلبراهيم :حممد عقلة ،نظام
1410هـ، ة ،ط،1 الة احلديث ة الرس الم ،مكتب رة يف اإلس األس
.1/230
[ ]25اإلبراهيم :حممد عقلة ،نظام األسرة يف اإلسالم.230/ 1 ،
[ ]26النفراوي :الفواكه الدواين ،11/ 2 ،احلطاب :مواهب اجلليل.411/ 3 ،
[ ]27ابن قدامة (املوفق) :املغين ،111/ 7 ،صايف :التعليقات املرضية ،مادة ( ،)4ص.8
[ ]28ابن جزي :حممد بن أمحد ،التسهيل لعلوم التنزيل ،دار األرقم ،1/446 ،د.ت.
[ ]29البخاري :اجلامع الصحيح ،21/ 1 ،القشريي :مسلم بن احلجاج ،صحيح مسلم ،دار إحياء
الرتاث العريب ،بريوت.78/ 1 ،
[ ]30املرغين اين :علي بن أيب بك ر ،اهلداي ة شرح بداي ة املبت دي ،املكتب ة اإلس المية ،ب ريوت/ 1 ،
،189النفراوي :الفواكه الدواين ،11/ 2 :املياطي :إعانة الطالبني ،154/ 3 ،ابن قدامة (املوفق):
املغين.111/ 7 ،
[ ]31ابن الش اط :قاس م بن عب د اهلل ،إدرار الش روق على أن واء الف روق ،دار الكتب العلمي ة،
بريوت ،ط1418 ،1هـ.57/ 4 ،
[ ]32العطار :خطبة النساء ،ص.43
[ ]33األشقر :عمر سليمان ،أحكام الزواج يف ضوء الكتاب والسنة ،دار النفائس ،عّم ان ،ط،2
1418هـ ،ص.69
[ ]34ابن حج ر :فتح الب اري ،324 /13 ،الزركش ي :حمم د بن هبادر ،املنث ور ،وزارة األوق اف
الكويت ،ط1405 ،2هـ.208/ 2 ،
[ ]35الزركشي :املنثور ،90/ 3 ،سليمان :حممد بن حممد ،التقرير والتحبري ،دار الفكر ،بريوت،
ط1996 ،1م.425/ 3 ،
[ ]36البخاري :اجلامع الصحيح ،1975/ 5 ،برقم (.)4848
[ ]37ابن حجر :فتح الباري.86/ 7 ،
[ ]38ابن قدامة (املوفق) :املغين.111/ 7 ،
[ ]39تسمية املال املقبوض قبل العقد مهرًا فيها تسامح وتساهل؛ ألن املهر يكون مستحًق ا بعد العقد
ال قبله.
[ ]40صايف :التعليقات املرضية ،املادة ( ،)110ص.36
[ ]41العبدري :حممد بن يوسف ،التاج اإلكليل ،دار الفكر ،بريوت ،ط1398 ،2هـ.499/ 3 ،
[ ]42الشربيين :مغين احملتاج.220/ 3 ،
[ ]43ابن مفلح :إبراهيم بن حممد ،املبدع ،املكتب اإلسالمي ،بريوت1400 ،هـ.7/130 ،
[ ]45املرغين اين :اهلداي ة 227/ 3 ،وم ا بع دها ،ابن عاب دين :حمم د أمني ،العق ود الدري ة يف تنقيح
الفتاوى احلامدية ،املطبعة امليمنية ،القاهرة1310 ،هـ ،29/ 1 ،صايف :التعليقات املرضية ،املادتان (
)4و(.)110
[ ]46الدسوقي :حممد عرفة ،حاشية الدسوقي على الشرح الكبري ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،ط
1417 ،1هـ ،ص ،11وج دير بال ذكر أن أص ل املذهب املالكي أن ه ال يرج ع اخلاطب س واء ك ان
الرجوع من جهته أو من جهتها ،انظر :حاشية الدسوقي على الشرح الكبري ،ص.11
[ ]47الرملي :مشس الدين حممد ،فتاوى الرملي ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،على هامش الفتاوى
الكربى للهيتمي1403 ،هـ.175/ 3 ،
[ ]48اهليتمي :ابن حجر ،الفتاوى الكربى ،دار الكتب العلمية ،بريوت1403 ،هـ.94/ 4 ،
[ ]49ابن قدامة (املوفق) :املغين.380/ 5 ،
[ ]50الصابوين :شرح قانون األحوال الشخصية السوري.1/46 ،
[ ]51ابن مفلح :حممد املقدسي ،الفروع ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،ط1418 ،1هـ.302/ 5 ،
[ ]52املاوردي :علي بن سليمان ،اإلنصاف ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت ،د.ت ،حتقيق :حممد
حامد الفقي.
[ ]53األشقر :أحكام الزواج يف ضوء الكتاب والسنة ،ص.73
[ ]54إلي ك نص كالم القاض ي" :حكى األك رم عن اإلم ام أمحد يف املوىل ي تزوج العربي ة يف رق
بينهما ،فإن كان دفع إليها بعض املهر ومل يدخل هبا يردوه ،وإن كان أهدى هدية يردوهنا عليه ،قال
القاضي يف اجلامع :ألن يف هذا احلال يدل على أنه وهب بشرط بقاء العقد ،فإذا زال ملك الرجوع
كاهلبة بشرط الثواب" .واهلبة بشرط الثواب معاوضة ،ويف املسألة املمثل هبا هناك ال عقد حيرص على
بقائه ،فاخلطبة جمرد وعد ،وهذا قياس مع الفارق .وهو مثال على الفرقة القهرية لفقد الكفاءة .انظر:
اإلنصاف .5/203
[ ]55ملعرفة هذه احلاالت وأدلة االستثناء انظر :الكاساين :عالء الدين أبوبكر ،بدائع الصنائع ،دار
الكتاب العريب ،بريوت ،ط1982 ،2م.
[ ]56احلاكم :حمم د بن عبداهلل ،املس تدرك على الص حيحني ،دار الكتب العلمي ة ،ب ريوت ،ط،1
1411هـ ،ت:عبد القادر عطا.2/60 ،
[ ]57الكاساين :البدائع.128/ 6 ،
[ ]58اهليتمي :الفتاوى الكربى.94/ 4 ،
[ ]59ابن عابدين :رد احملتار .696/ 5 ،وانظر :جملة األحكام العدلية.21/ 1 ،
[ ]60ابن جنيم :البحر الرائق ،197/ 3 ،وابن عابدين :العقود الدرية ،23/ 1 ،الشريازي :إبراهيم
بن علي ،املهذب ،دار الفكر ،بريوت.62/ 2 ،
[ ]61ابن قدامة (املوفق) :املغين.181/ 7 ،
[ ]62الشريازي :املهذب ،62 /2 ،ابن قدامة (املوفق) :املغين.181/ 7 ،
[ ]63األشقر (اإلبن) :مستجدات فقهية يف قضايا الزواج والطالق ،دار النفائس ،ط1420 ،1هـ،
ص.47
[ ]64الص ابوين :شرح ق انون األح وال الشخص ية الس وري ،47/ 1 ،اإلب راهيم :نظ ام األس رة يف
اإلسالم ،233/ 1 ،األشقر :أحكام الزواج ،ص.77
[ ]65الصابوين :شرح قانون األحوال الشخصية السوري.47/ 1 ،
[ ]66املصدر السابق نفسه.
[ ]67األشقر :أحكام الزواج يف ضوء الكتاب والسنة ،ص.78
[ ]68الصابوين :شرح قانون األحوال الشخصية السوري.47/ 1 ،
[ ]69الزرقا :أمحد بن حممد ،شرح القواعد الفقهية ،دار القلم ،دمشق ،ط1409 ،2هـ ،ص.165
[ ]70الزرقا :شرح القواعد الفقهية ،ص.179
[ ]71األشقر (االبن) :مستجدات فقهية ،ص.397
[ ]72القرايف :أمحد بن إدريس ،الفروق ،دارالكتب العلمية.4/55 ،
[ ]73أبو زهرة :حممد ،حماضرات يف عقد الزواج وآثاره ،دار الفكر العريب ،د.ت ،ص.74
[ ]74أبو زهرة :حماضرات يف عقد الزواج وآثاره ،ص.74
[ ]75الصابوين :شرح قانون األحوال الشخصية السوري.48/ 1 ،
[ ]76الدريين :حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي وأصوله.524-523/ 2 ،
[ ]77عرت :خطبة النكاح ،ص.408