Professional Documents
Culture Documents
لمن يريد بحث حول الأزمة الاقتصادية 1929ش
لمن يريد بحث حول الأزمة الاقتصادية 1929ش
لقد انتهى العصر الذي يستمتع فيه المرء براحة البال ,فنحن نعيش اآلن في زمناألزمات ,و عصر
الكوارث .فعلى المستوى الفردي أصبح كل واحد منّا يلهث وراء المادة ,وال رادع للطموحات الجامحة التي
يمكنها أن توردنا موارد التهلكة .أما على مستوى المنظمات أصبح أصحاب رأس المال والمديرون في
سباق مع غيرهم من المنافسين ,وك ّل المنظمات تواجه أوضاعا تنافسية حادة فالحكومة تفرض ضرائب
وجمارك عالية ,والمستهلكون يطالبون بأسعار منخفضة والموردون يرفعون أسعار خاماتهم ,والعاملون
يطالبون بأجور أعلى وفي هذه األوضاع التنافسية تعّرض الممارسات السيّئة اآلخرين إلى كوارث وعلى
المستوى القومي ال تخلو وسائل اإلعالم من األزمات االقتصادية والسياسية واالجتماعية ...وغيرها ,أ ّما
على المستوى العالمي فقد أصبحت الكيانات الكبيرة تقهر األقلّيات وأضحت الدول تتصارع بش ّدة فيما بينها,
وامت ّد األمر إلى صراع بين الحضارات وحقّا لقد أصبح عصرنا هو عصر األزمات من أشهرها أزمة
الكساد العظيم إبّان فترة( )1933-1929حيث ارتبطت أسباب هذه األزمة بالظروف العالمية السائدة بعد ح
ع 1وبالفكر الكالسيكي السائد آنذاك ما أدى إلى انهيار البورصة األمريكية وولستريت وانهيار العملة
إضافة إلى أزمة(15من سبتمبر )2008الّتي استيقظ فيها العالم من جديد على أوتار أزمة مالية عاتية أتت
من نفس منبع الكساد الكبير فتسارعت خطاها و تع ّدت إلى كل أنحاء العالم .من كل ما تقدم تبرز معالم
اإلشكالية التي يمكن صياغتها كالتالي:
ما المقصود باألزمة االقتصادية؟
ما تأثيرها على االقتصاد العالمي؟
كيف يمكن تجنبها والتخلص منها؟
1
تعريف األزمة:
تعبر األزمة عن موقف وحالة يواجهها متخذ القرار في احد الكيانات اإلدارية و تتالحق فيها األحداث,
تتشابك فيها األسباب مع النتائج ,ويفقد معها متخذ القرار قدرته على السيطرة عليها ,أو على اتجاهاتها
المستقبلية(, )1كما تعبر عن تهديد مباشر لبقاء النظام الذي يواجه مصيره بالفناء أو االنهيار ذلك بسبب
الكارثة التي قد تؤدي إلى انهيار مقدماته و أسباب وجوده ,فحريق شركة بالكامل قد ينهي حياتها من الوجود
وانفجار مجموعة أنابيب شركة بترول يهدد بقاءها ,و الحرب األهلية في إحدى الدول قد تنهي الحكم فيها و
تنقله إلى حكم آخر(, )2مما سبق نستخلص أن األزمة تتمثل في مرحلة حرجة تواجهها المنظمات فينتج
عنها خلل أو توقف بعض الوظائف الحيوية لهذه المنظمات ويصاحبها تطور سريع في األحداث ينجم عنه
عدم استقرار في النظام األساسي لها ويدفع سلطة اتخاذ القرار فيها إلى ضرورة التدخل السريع لنجدتها
وإعادة التوازن لهذا النظام(.)3
أسباب األزمة:
-سوء الفهم:
وهو يشير إلى خطأ في استقبال وفهم المعلومات المتاحة عن األزمة ويرجع ذلك لألسباب التالية:
قلة المعلومات وإشارات اإلنذار عن األزمة.
عدم القدرة على جمع المعلومات وربطها باألزمة.
-سوء التقدير:
ويعني أن المعلومات تعطى لها قيمة وتقدير ومعنى مخالف للحقيقة ,ومن أسباب سوء التقدير ما يلي:
-الشك في قيمة المعلومات والثقة الزائدة في النفس.
-االستهانة باألزمة و المعلومات المرتبطة بها.
-سوء اإلدارة :
حينما يتدهور النظام اإلداري فعليك أن تتوقع توالي الكوارث واألزمات ,ومن أسباب سوء اإلدارة ما يلي:
-عدم وجود نظام للتخطيط و الرقابة.
-االستبداد اإلداري والصراعات على المراكز.
-تعارض المصالح واألهداف :
حينما تختلف وجهات النظر أو تختلف المصالح واألهداف ينشأ صراع بين األفراد أو بين المديرين أو بين
األقسام ,األمر الذي قد يؤدي إلى كوارث وأزمات ,ومن أسباب تعارض المصالح واألهداف ما يلي:
2
اختالف الخلفيات التنظيمية ,والثقافية في النوع ,الجنسية والدخل
-عدم وجود آلية ونظام لفض النزاعات.
3
سيادة ظروف عمل سيئة.
عدم كفاءة النظام اإلداري.
األزمات المتعمدة:
هو افتعال المشاكل واألزمات للتمويه على أزمات أكبر.وهو محاولة لصرف النظر عن أزمة حقيقة بافتعال
أزمات جانبية أو وهمية.ويرجع ذلك إلى ما يلي:
4
( )3مرحلة النضج:
هنا تصبح األزمة في قمتها و تبدأ في إفراز خسائر فادحة للمنظمة وتدمر من حولها من مديرين أو
أشخاص أو موجودات .وتصبح السيطرة على األزمة صعبة ما لم يقم متخذ القرار بمواجهة جذرية مع
مسببات األزمة و محركيها أو البحث عن كبش فداء يتحمل وزر الخسائر و تنتهي عنده األزمة.
( )4مرحلة االنحسار:
هنا تبدأ األزمة في األفول و االنتهاء و ذلك بسبب الصدام أو المواجهة معها فإذا فقدت األزمة أسبابها و
أشخاصها بدأت في االنحسار .وعلى المسئولين عدم التفاؤل فربما يلم األشخاص المسببون األزمة شتاتهم
أو تبدأ األزمة في النهوض مرة أخرى .وعلى المنظمة أن تعيد بناء نفسها وأن تتعلم من أخطائها.
5
ومن أهم المنظمات المستهدفة لالزمات :
-المدارس و الجامعات -شركات األسمدة الكيماوية -المنظمات التي بها تجمع عمالي كبير -األماكن
السياحية و مدن المالهي -شركات الكمبيوتر -البنوك -الفنادق -المؤسسات الغذائية...
أزمة :1929
مراحل نشأة األزمة :
بدأت األزمة االقتصاديةفي عام (1929التي تذكر بها االضطرابات المالية التي تشهدها األسواق حاليا)،
بانهيار في البورصة ال سابق له في الواليات المتحدة أدت إلى عمليات إفالس وبطالة معممة عبر الدول
الصناعية.
وانطلقت األزمة يوم الخميس في 24تشرين األول/أكتوبر 1929في بورصة نيويورك بعدما طرح
13مليون سهم في السوق لكن األسعار انهارت بسبب غياب مشترين.
وانتشر الذعر وهرع المستثمرون والفضوليون إلى البورصة في حين بدأ الوسطاء البيع بكثافة .وقرابة
ظهر ذلك اليوم خسر مؤشر داوو جونز %22.6من قيمته .وبعد ساعات قليلة وجد آالف المساهمين
أنفسهم مفلسين .وتفيد الروايات أن 11مضاربا انتحروا في نهاية النهار بإلقاء أنفسهم من ناطحات سحاب
في مانهاتن.
وقد تبخر ما مجموعه سبعة إلى تسعة مليارات دوالر في يوم واحد .وانهارت البورصة خاسرة %30من
قيمتها في تشرين األول أكتوبر و %50في تشرين الثاني نوفمبر .وبلغت الخسائر اإلجمالية 30مليار دوالر
أي عشرة مرات أكثر من الميزانية الفدرالية وأكثر من النفقات األمريكية خالل الحرب العالمية األولى.
وبقي "الخميس األسود" راسخا في الذاكرة الجماعية ويحضر هاجس العام 1929إلى النفوس كلما حصلت
اضطرابات في األسواق المالية.
وكانت هذه النكسة المالية الكبيرة مقدمة لالزمة الكبرى التي ضربت الواليات المتحدة وأوروبا .واتى ذلك
رغم أن الواليات المتحدة كانت تتمتع منذ مطلع عشرينات القرن الماضي بازدهار اقتصادي مدعوم
بارتفاع في أرباح الشركات وفي أسعار أسهمها .وكان نحو %2من الشعب األمريكي يملك أسهما وسندات
في البورصة اقتناعا منهم بإمكانية تحقيق مكاسب سريعة.
وبلغت بورصة وول ستريت أعلى مستوى لها في الثالث من أيلول سبتمبر 1929والمضاربون الذين لم
تكن تتوافر لهم الوسائل كانوا يجرون تعامالتهم معتمدين على قروض أو من خالل إيداع سندات أخرى
تشكل ضمانات.
6
ولم يكن احد يدرك أن أسعار األسهم في البورصة كانت تفوق قيمتها الفعلية مما جعل وول ستريت تفقد أي
اتصال مع الواقع االقتصادي.
و"الخميس األسود" الذي شكل نهاية لمرحلة المضاربة هذه انعكس على كل األسواق المالية العالمية بدءا
بلندن.
وفي ربيع العام 1930دخلت الواليات المتحدة مرحلة انكماش ما أدى إلى تراجع اإلنتاج وإلى عمليات
إفالس وكانت تداعياتها األخطر بطالة واسعة.
وتحول حادث في البورصة سريعا إلى أزمة عالمية حادة للغاية هي األخطر التي شهدها النظام الرأسمالي.
وبسبب ثقل االقتصاد األمريكي ( %45من اإلنتاج الصناعي العالمي) انتقلت عدوى األزمة االقتصادية
الكبرى في الثالثينات إلى الدول الغربية .وبدأ االنتعاش في الواليات المتحدة العام 1933مع سياسة "العهد
الجديد" (نيو ديل) التي وضعها فرانكلين روزفلت .وفي ألمانيا تسببت األزمة االقتصادية واالجتماعية في
انهيار جمهورية فيمار واستغلها النازيون للوصول إلى السلطة وعمدوا إلى تنشيط االقتصاد عبر مشاريع
ضخمة وإعادة تسليح عسكرية كثيفة.
اعتاد العالم الرأسمالي منذ القرن 19م على مواجهة أزمات دورية ،لكن أزمة 1929كانت أكثرها حدة.
فتحت الحرب العالمية األولى المجال أمام الصناعة األمريكية لغزو األسواق العالمية بعد تراجع القوة
االقتصادية ألوربا ،فعرف اقتصادها فترة من االزدهار والرخاء بفعل استفادتها من فعالية التنظيم الصناعي
وارتفاع مردودية الفالحة وكثرة االستهالك بفعل تطور الدخل الفردي .لكن دخل االقتصاد األمريكي سنة
1929في أزمة دورية بفعل معاناته من نقط ضعف عديدة كعدم مسايرة االستهالك لضخامة اإلنتاج،
وانتشار المضاربات بالبورصة ،حتى أصبحت أسعار األسهم ال تساير الزيادة الحقيقة في أرباح الشركات.
انطلقـت األزمة االقتصادية من بورصة وول ستريت بمدينة نيويورك يوم 24أكتوبر 1929بعد طرح 19
مليون سهم للبيع دفعة واحدة فأصبح العرض أكثر من الطلب فانهارت قيمة األسهم ،فعجز الرأسماليون عن
تسديد ديونهم فأفلست البنوك وأغلقت عدة مؤسسات صناعية أبوابها ،كما عجز الفالحون عن تسديد
قروضهم فاضطروا للهجرة نحو المدن.و لهذا سميت هذه األزمة ب":أزمة الكساد األعظم"
2ـ انتشار األزمة:
اضطرت الواليات المتحدة األمريكية إلى سحب رؤوس أموالها المستثمرة بالخارج وأوقفت إعاناتها لبعض
الدول ،فامتدت األزمة إلى البلدان الصناعية األوربية ،وبفعل ارتباطها باالقتصاد األوربي فقد امتدت
األزمة لبلدان المستعمرات كما مست باقي دول العالم بفعل نهج سياسة الحمائية لحماية االقتصاد الوطني.
7
لم يفلت من األزمة سوى االتحاد السوفيتي النعزاله عن العالم الرأسمالي بإتباعه نظاما اشتراكيا–ІІ.
تعددت نتائج األزمة واختلفت طرق معالجتها:
8
الخاتمة:
و هكذا يمكن القول أن الصورة~ قد اكتملت عن األزمة االقتصادية التي يشهدها العالم االقتصادي منذ القدم
فاألزمة ولدت مع اإلنسان وال طالما عاشت معه إال أنه ال يعلم أنها تسمى باألزمة و أنها ستصبح مشكلة
العصر في يوم من األيام.
حيث شهدت البداية استعراض مفهوم األزمة االقتصادية و المتمثل في أنها عبارة عن موقف وحالة حرجة
يواجهها متخذ القرار في احد الكيانات اإلدارية ،ثم التعرض ألسبابها المتعددة و خاصة تأثيرها بقوة على
العالم بأسره و ذلك كالتالي :وفيات –تشريد –إفالس –انهيارات مادية و معنوية و أخيرا خلل في السمعة .و
نظرا لتعدد آثارها و خطورتها يجب أوال محاولة تجنبها و ذلك من خالل النصائح التالية- :تكوين فريق
إلدارة األزمات بكل منضمة -التدرب على مواجهة األزمات و كيفية التعامل المباشر معها –االستعداد لها
و القيام بالتنبؤات الالزمة ....لكن إن تم وقوع أزمة يجب التخلص منها بشتى الطرق إلعادة الكيان لكل
منضمة و منع تدميرها وللقيام بذلك هناك عدة مناهج يمكن تطبيقها أهمها المنهج المتكامل و مراحله هي:
-1مرحلة االختراق :لمعرفة مضمون األزمة -2 .مرحلة التمركز ~:وذلك ببناء قاعدة ارتكازية داخل
الطرف الصانع لألزمة -3 .مرحلة التوسع :بجدب المؤيدين لقوى األزمة الصانعة إلى نطاقنا -4 .مرحلة
االنتشار :عن طريق اإلعالم -5 ...مرحلة التحكم و السيطرة :و ذلك بالسيطرة على عوامل الكم و الكيف و
الزمن و التكلفة و الجهد -6 .مرحلة التوجيه :هي من أخطر المراحل و قمة النجاح و تتحقق ب 3مراحل:
أ -تصديرها إلى كيانات إدارية أخرى .ب -ركوب الموجة األزموية و االنحراف بها .ج -تحويل األزمة و
إفرازاتها إلى إيجابيات (و تسمى بطريقة ديمقراطية المشاركة).
غير أن العالم يبقي مهدد باألزمات المالية و االقتصادية ما دامت الدول المتقدمة تستمر في التعالي على
سياسات الدول الفقيرة و طمعها الغير فاني في الوصول إلى القمة على حساب المؤسسات المالية العالمية
الضعيفة ،فهل باستطاعة ال .و.م.أ وأمثالها الخضوع لمبادئ المساواة بين المؤسسات المالية،و التخلي عن
نواياها االنتهازية و غيرها من األسباب التي تجعلها تدوس على غيرها من أجل تمكين مصالحها،فهل تلتزم
الدول المتقدمة بذلك؟ هذا ما ستكشف عنه األيام.
9
قائمة المراجع
-1كتاب :إدارة األزمات -للدكتور:أحمد ماهر – د/النشر :الدار الجامعية /اإلسكندرية.
السنة –2006:رقم اإليداع)19590-2005( :
-2كتاب :األزمة الماليةو إصالح النظام المالي العالمي – للدكتور :إبراهيم عبد العزيز النجار
د/النشر :الدار الجامعية/اإلسكندرية – سنة النشر – 2009 :رقم اإليداع)24047/2008( :
-3كتاب :مبادئ إدارة األزمات ل :ماجد سالم الهدمي+جاسم محمد – دار زهران للنشر و التوزيع
-4كتاب :األزمات المالية في األسواق الناشئة – ألحمد يوسف الشحات – دار النهضة العربية ،القاهرة –
.2005
-5كتاب :عدي األزمات المالية ،العولمة المالية و إمكانات التحكم – لعبد الحكيم مصطفى الشرقاوي -
مطبعة التركي ،طنطا – .2002
-6مذكرة:
-7المرجع الفرنسي:
10