Professional Documents
Culture Documents
حامد عمار
المقالة األصلية للكاتب والصحفي أحمد إبراهيم اليوسف وهي مقالة نُشرت في مجلة دار الفكر
بتاريخ -1يوليو – 2000وهي دراسة مؤلفة من بحثين .
وتناول الدكتور حامد عمار "أستاذ علوم التربية بجامعة عين شمس المصرية" دراسة الباحث أحمد
اليوسف بتعقيب نُشر في ذات المجلة ،حيث جاء تعقيبه ب 10صفحات سأتناول في هذا التلخيص أبرز ما
فهمته منه .
يؤكد اليوسف في مقالته األصلية على أن التربية العربية التي يعتبرها ال تتعدى سياق ما يسميه نمط
التخلف هذه التربية كما يقول ويؤكد عاجزة عن تحطيم بنية نمط التخلف ألنها تجهلها وبالتالي عاجزة عن
إعادة تشكيل المجتمع العربي.
كما يؤكد اليوسف على بطالن الدعاوى القائلة بأن التربية هي التي تُشكل المجتمع وأن نمط التخلف
هو الذي يفرض نفسه بقوة مع أنه ليس نمطا ً متأصالً بالشخصية العربية ،ولكنه يعتقد بأن قوة تأثير هذا
النمط يعتبر سببا قويا ً لفشل المشروع التربوي المعاصر .
كما يُعقب الدكتور حامد عمار قائال" ويعود في المبحث الثاني ليقدم لنا أسانيده وحيثياته إلثبات أن
المجتمع هو الذي يُشكل التربية بشواهد بدءا من أقدم الحضارات في التاريخ اليوناني والروماني حتى
تاريخنا المعاصر ،وفي هذا الصدد استبعد كل المؤشرات المتعارف عليها سببا للتخلف سواء :انخفاض
مستويات الدخل ،أو التعليم ،أو الصحة ،أو اإلنتاج الزراعي ،أو التقدم التقني إلى غير ذلك من
المؤشرات".
ويقول د.حامد عمار أن الباحث يرى كل تلك المؤشرات ما هي إال انعكاسا ً للتخلف ،أي أن الجوهر في
التخلف هو عامل ال مادي بنظر اليوسف .
-1-
تلخيص ونقد :فدوى زريقات تعقيب على بحث "عالقة التربية بالمجتمع وتحديد مالمحها النوعية" د .حامد عمار
يذكر الدكتور حامد عمار أنه على الرغم مما بذله الباحث في صياغة تصوره لموضوع عالقة التربية
بالمجتمع في نمط التخلف السائد ،إال أنه أغفل كثيرا من قضايا المعرفة التي استقرت إلى حد كبير في
مجاالت العلوم االجتماعية .
حيث يذكر الدكتور حامد عمار أهم النقاط التي فندها في دراسة اليوسف وأهمها:
-1التعسف في صياغة إشكالية البحث :هل المجتمع هو الذي يُشكل التربية أم التربية التي تُشكل
المجتمع؟ حيث يرى د .حامد عمار أن الباحث تجاهل مفهوم العالقات التبادلية الجدلية بين مختلف
أنساق المنظومة المجتمعية ،باعتبار التعليم أحد هذه االنساق في أي مجتمع ومن ثم فإنه يتشابك
ويتفاعل و يتالقح مع األنساق األخرى تأثيرا وتأثرا انسجاما وتعارضاً.
-2منظومة التربية ترتبط بعالقة مرنة بمختلف األنساق المجتمعية ،إال أن هذا االرتباط ليس ارتباطا
محكما صارما ً ميكانيكياً ،كما دل على ذلك مختلف الخبرات التاريخية والدراسات االجتماعية .
-3إن التعليم بحكم تفاعل عملياته العقلية يمكن أن يكون النمط المجتمعي السائد كما يمكن أن يكون
االستثناءات التي تستحق االعتبار ،ومن هنا قد يُسهم التعليم في تكوين الوعي بتصاريف الواقع
وتطويره عمرانا ً وبشرا ،وخلق فئة المثقفين فكرا ً مستقالً ،وظهور فئة المغتربين والساخطين
سلوكاً.
-4لو كانت التربية مجرد انعكاس لبنية نمط المجتمع ،لما تغيرت المجتمعات منذ مراحلها البدائية ،لقد
اتخذ الباحث الرؤية الحتمية األحادية في تفسير أحوال المجتمعات وتطورها مقتديا ً بمدرسة أولئك
الذين يرون أن أحوال الواقعي المجتمعي محكومة حتمياً.
-5مفهوم الباحث للمجتمع يتلخص بكونه كتلة صماء وهذا يتنافى مع المفهوم العلمي ،ومثل هذا
التصور يحول دون اتخاذ المنهج التحليلي الضروري لوظائف التعليم وصلته بالمجتمع ،والحديث
عن المجتمع بصورة مسطحة كالحديث عن الكزن كما لو كان كيانا ً موحدا ً متماثالً .ويرى د.حامد
عمار أن طرح الباحث لمظاهر التخلف من خالل مؤشرات ليست بذات داللة على جوهر التخلف
وبالتالي يبقى المطلوب هو التعرف على جوهر التخلف وتلك قضية مجردة ال طائل من ورائها
شأنها في ذلك شأن تحديد جوهر السعادة أو الكهرباء التي ال يمكن التعرف عليها إال من مظاهرها .
-2-
تلخيص ونقد :فدوى زريقات تعقيب على بحث "عالقة التربية بالمجتمع وتحديد مالمحها النوعية" د .حامد عمار
-6يرى الدكتور حامد عمار أن الباحث يقع في المحظور العلمي والمسطح لمفهوم الثقافة المركب،
فالثقافة في نظره محصورة في تحيزات فكرية ومرجعيات معرفية وعالقات اجتماعية شعورية وال
شعورية للعقل والسلوك واألحكام ،ومن ثم فإن قضية الثقافة وتخلفها ال يمكن أن تُختزل في مظاهر
فكرية أو اجتماعية معينة فحسب ،حتى رغم مصداقيتها من حيث كونها ظواهر لمجمل المناخ
الثقافي المركب كالعالقة بين الرجل والمرأة التي ركز عليها الباحث.
المستورد
ِ -7ليس ثمة عيب أو خطر من االستيراد من أي حضارة أخرى طالما تقبلته بنية المجتمع
وحرصت على اإلفادة من ثمراته ،وذلك هو المعيار الحقيقي لقيمة ذلك االستيراد ،ويرى الدكتور
حامد أننا استوردنا من الغرب أنظمة كثيرة كالنظام البرلماني والقضائي والشرطة والجيش
والضرائب واإلعالم إلى غير ذلك من مؤسسات الدولة الحديثة المستقلة ،وقد تم من وجهة نظر
الدكتور تكييف كل تلك النظم مع الظروف والمالبسات العربية بحكم ضرورة التفاعل ألي "نبات أو
بذرة" مستوردة حين تتفاعل مع التربة التي تغرس فيها ،ويرى الدكتور أن نظام تعليمنا سيصبح
نظاما ً وطنيا ً بعد ما طرأ عليه من تحوالت وذلك بصرف النظر عما إذا كانت هذه التحوالت ذات
عوائد إيجابية أو سلبية في بيئة المجتمع العربي .
ويرى الدكتور أنه سواء سبقت التربية المناخ الثقافي أو تخلفت عنه فهي في الحالتين ال تمثل بالضرورة
مجرد مرآة عاكسة لبنية المجتمع وصورته ،لكنها نسق مجتمعي تقوم بينه وبين األنساق األخرى عالقة
جدلية.
إن جوهر القضية حاليا ً كما يرى الدكتور حامد هو كيف يُسهم التعليم في تنمية البشرية التي هي ثروة
المجتمع وصانعة ثقافته؟ وكيف تسهم أنساق المجتمع األخرى لكي يكون التعليم خادما ً للنسق المجتمع
الكلي ،أو مطورا ً ومجددا ً لقواه البشرية والمادية؟ فمع العولمة ومتغيراتها العلمية والتكنولوجية ومضامين
الموجة الحضارية الثالثة أصبحت المعرفة التي يُنتجها التعليم والبحث العلمي أهم مورد من موارد البقاء
والنماء والقوة والتنافس في كوكبنا المعاصر حسب رأيه.
-3-
تلخيص ونقد :فدوى زريقات تعقيب على بحث "عالقة التربية بالمجتمع وتحديد مالمحها النوعية" د .حامد عمار
-8يقول الدكتور حامد عمار في تعقبه" ثمة خالف بيني وبين الباحث في اختزاله لجوهر التخلف
واقتصاره على سيادة العقلية الالتطورية واختزال التقدم والنماء في العقلية التطورية" .
وبالرغم من اختالفه مع الباحث لمفهومهما لجوهر التخلف إال أن الدكتور يتفق مع الباحث في أمرين:
-شيوع مالمح التربية التلقينية والتربية التطبيعية والقولبة لشخصية المتعلم والتي يعتمد في نظام
التعليم على أن ما يتعلمه الطالب في مراحل التعليم كافة إما هو حقائق مطلقة ثابتة.
-منطلقات التجديد للتربية العربية ال تزال متخلفة عن مواكبة االحتياجات المجتمعية والمتغيرات
العالمية للبقاء والنماء في عصر العولمة وثوراتها المعرفية والتكنولوجية والتواصلية.
ويختم الدكتور تعقيبه قائالً" إن الخالف بيني وبين الباحث إنما هو انعكاس لمنظور مدرستين من مدارس
النظريات االجتماعية والتربوية ويعود التباين بينهما إلى منطلقات فكرية وإلى وجهات نظر أيدولوجية في
فهم مجريات حركة التاريخ وطبيعة األنساق المجتمعية"
ويرى الدكتور أن قضايا التربية ينبغي أن ال تترك للتربويين وحدهم ،فالتربويون يجب أن يتحملوا
صروا المجتمع بمختلف قواه الفاعلة بمدى مسؤولية التعليم في صياغة الغد القريب
رسالتهم ،وأن يُبَ ِ ّ
والبعيد ،وال خالف على أننا بحاجة إلى أولوية متقدمة الحتياجات مستقبل التعليم من أجل تعلم المستقبل
في مجتمع المستقبل .
-4-
تلخيص ونقد :فدوى زريقات تعقيب على بحث "عالقة التربية بالمجتمع وتحديد مالمحها النوعية" د .حامد عمار
التربية في أي مجتمع هي تطبيق أمين للثقافة التي ارتضاها المجتمع ألفراده .فهي انعكاس للثقافة
وترجمة لها ،إذ ال يمكن أن تكون التربية مستقلة عن الفلسفة السائدة في المجتمع .وهذا قانون يطال أية
تربية كانت ،إذ من المسلّم به عند المختصين أن التربية ليست عملية محايدة أو موضوعية مستقلّة .وال ب ّد
لكل تربية من أيديولوجية أو فلسفة تكون حاضنة لها وراسمة أبعادها .فالتربية القومية غير التربية
الوطنية غير التربية الدينية .كما أن التربية في المجتمعات الشيوعية هي غيرها في المجتمعات الليبرالية
وهكذا دواليك.
-ومن هذا المنطلق فإني أختلف مع الدكتور حامد عمار في طرحه أنه ال ضرر من استيراد النظام
التربوي من المجتمعات الغربية! فهذا بنظري يتعارض في أكثر من موضع مع موروثاتنا القيمية
والدينية والعقدية ،فمثال عندما أدرس لطلبة المجتمع العربي اإلسالمي نظاما تربويا مستوردا يرى
للمساواة بين الرجل والمرأة أساسا ال حياد عنه – عندها أنسف أساسا دينيا يقوم على قوامة الرجل
على المرأة "قوامة تحميها وتحرسها وتكون مسؤولة عنها " ال كما يصورها الغرب قوامة تسلطية
تجعل المرأة مجرد تابعة عمياء للرجل ال تفقه من الحياة إال أن تكون مصدرا إلسعاد الرجل فقط كم
يريد الغرب أن يزرع في األذهان.
-كما أختلف مع الدكتور في طرحه أننا استوردنا من الغرب أنظمة كثيرة "البرلماني والجيش
والشرطة "....أقول ّ
إن هذه األنظمة كانت أصيلة في الحضارة اإلسالمية في عهد كان يقبع فيه
الغرب في ظالم الجهل وت َح ّكم رجال الدين واالقطاعيات ،فنحن أ ّمة أعزنا هللا باإلسالم ،ولو تمسكنا
به حق التمسك وطبقناه حق التطبيق "قيميا ،أخالقيا ،سياسياً ،اقتصاديا" لما احتجنا أن نستورد من
غيره ،بل على العكس لكنّا أيقونة للتمدن والتقدم.
من جهة أخرى فإنني أتفق مع الدكتور حامد عمار في قوله أن العالقة بين التربية والمجتمع هي
عالقة تبادلية تفاعلية.
فالمجتمع هو الدائرة األوسع التي يعيش فيها اإلنسان ،يتأثر بما يسود فيها من قيم ،ويؤثر فيها ،يأخذ منها
ويعطيها ،يلهمها ويستلهم منها ،نتيجة التفاعل الذي يحدث بينه وبين أفراد المجتمع .ففيه تنشأ العالقات
-5-
تلخيص ونقد :فدوى زريقات تعقيب على بحث "عالقة التربية بالمجتمع وتحديد مالمحها النوعية" د .حامد عمار
بين األفراد أو الجماعات ،ويستطيع المجتمع بما يحمله من قيم ومبادئ أن يعطي الفرد القدرة على حسن
التعامل مع اآلخرين ،والمشاركة في التفاعل االجتماعي ،وإحراز مكانة في الجماعة الذي ينتمي إليهم .ف ّ
إن
المجتمع بهيئاته المختلفة :كالمؤسسات التعليمية والثقافية ،والروابط االجتماعية والمهنية والسياسية
وغيرها ذو أثر كبير في سلوك الفرد وقيمه واتجاهاته وتربيته.
أما عن الطرح الجدلي حول التخلف وعالقته بالتربية والمجتمع فإني أرى أن التخلف هو عكس
كلمة التقدُّم ،حيث يفيد بعدم قدرة الدول على تحقيق مصالحها الشخصية والوصول لمرحلة التطوير
المبتغاة نتيجة عدم القدرة على االستغالل األمثل لمصادرها ومواردها .وتتعدد أسباب التخلف كما
تتعدد أشكاله.
ولعل من أبرز أسباب التخلف في المجتمعات العربية واإلسالمية هو االستعمار الذي سعى لتأصيل التخلف
في هذ المجتمعات حتى ال تنهض من سباتها وال تقوم لها قائمة وال تعي ما في بلدانها من خيرات وكنوز
وبالتالي يبقى االستعمار هو المسيطر على هذه الموارد الطبيعية والخيرات والكنوز بحجة تصدير المعرفة
والحضارة والثقافة والتقدم للمجتمعات المتخلفة .
طرق الحد من التخلف والسيطرة عليه:
الوسائل التي تؤدي لحظر التخلف والسيطرة عليه كثيرة ومتنوعة ،ولكن تحتاج إلدارة سليمة وإرادة
قوية ،ولعل من أهمها ما يلي:
مواجهة االحتالل وقمعه.
تشكيل نظم سياسية تتمتع بقدرات إدارية عالية وتمتلك القدرة على اتخاذ القرارات التي تصب في
مصلحة شعوبها فقط.
تهذيب النفس باألخالق الحميدة وفق ما جاء به ديننا الحنيف.
االهتمام بالعلم والتعليم والعلماء واالستفادة من الطرق الغربية فقط دون جوهرها فحضارتنا
وتاريخنا يمتلك جوهرا ً ال يضاهيه نظام تربوي آخر في الحضارات.
-6-