You are on page 1of 5

‫المطلب الثاني‪ :‬التعويض‬

‫في القديم‪ ،‬وفي ظل جل الشرائع تقريبا‪ ،‬ظلت الملكية حقا مطلقا‪ ،‬يتصرف فيه صاحبه‬
‫‪1‬‬
‫كما يحلو له‪ ،‬بل ومقدسا يمتنع عن الكافة المساس به‪.‬‬

‫وفي الوقت الراهن‪ ،‬وفي ظل كل الشرائع الحديثة تقريبا‪ ،‬أضحت الملكية الخاصة حقا‬
‫ذو وظيفة اجتماعية واقتصادية‪ ،‬بل إن هذه الوظيفة الحديثة لحق الملكية قد وجدت لها نوعا‬
‫‪2‬‬
‫من الصدى‬

‫وللقيام بتسهيل عملية نزع الملكية على الجهة التي تتولى مباشرتها‪ ،‬وكذا تحقيق‬
‫ضمانات أكثر بالنسبة للخواص المنزوع ملكيتهم ‪ ،‬فالمشرع المغربي لم يكتف فقط‬
‫بالتنصيص على استصدار مقرر إعالن المنفعة العامة‪ ،‬على اعتبار أن هذا األخير ال يحدد‬
‫سوى المنطقة المنزوعة ملكيتها‪ ،‬بل تم التأكيد على ضرورة تحديد األمالك الواقعة داخل تلك‬
‫المنطقة بدقة تكريسا لمبدأ الشفافية اإلدارية‪ ،‬ومباشرة نزع الملكية في أحسن الظروف‪،‬‬
‫وتحقيق النجاعة المطلوبة من هذه العملية‪ ،‬وهذا التحديد يتم بموجب قرار إداري يصدر الحقا‬
‫‪3‬‬
‫ويسمى قرار التخلي(الفصل ‪ 7‬من القانون ‪)7.84‬‬

‫وفي هذا المطلب سنتطرق إلى أسس استحقاق التعويض وفق قانون التعمير (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬والغرامة التهديدية في منازعات وثائق التعمير (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ - 1‬بل إن بعض التشريعات السارية المفعول حاليا مازالت تتبنى الفكرة نظريا وإن كانت قد ابتعدت عنها من حيث الواقع‪ ،‬فعلى سبيل المثال فقد‬
‫نص الفصل ‪ 544‬من القانون المدني الفرنسي على أن " الملكية هي حق االنتفاع بالشيء والتصرف فيه على نحو أشد ما يكون إطالقا بشرط أال‬
‫يستعمله بكيفية تحرمها األنظمة والقوانين‪.‬‬
‫‪ - 2‬محمد الكشبور "نزع الملكية ألجل المنفعة العامة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2007‬ص ‪53‬‬
‫‪ - 3‬محمد األعرج "القانون اإلداري المغربي"‪ ،‬الطبعة ‪ ،2010‬ص ‪31‬‬
‫‪1‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أسس استحقاق التعويض وفق قانون التعمير‬

‫إن القواعد العامة التي تحكم التعويض في مجال نزع الملكية ينظمها الفصل ‪ 20‬من‬
‫القانون رقم ‪ 7-81‬المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة باالحتالل المؤقت‪ ،‬وقد نص‬
‫هذا الفصل على ما يلي‪:‬‬

‫يحدد التعويض عن نزع الملكية طبق القواعد التالية‪:‬‬

‫‪ ‬يجب أال يشمل إال الضرر المحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية وال يمكن‬
‫أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر‪.‬‬
‫‪ ‬يحدد التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور نزع الملكية‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أال يتجاوز التعويض المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر‬
‫التخلي أو تبليغ مقرر إعالن المنفعة العامة المعين لألمالك التي تنتزع ملكيتها‪.‬‬

‫يغير التعويض عند االقتضاء باعتبار ما يحدثه اإلعالن عن األشغال أو العملية المزمع‬
‫إنجازها من فائض القيمة‪ ،‬أو ناقصها بالنسبة لجزء العقار الذي لم تنتزع ملكيته‪.‬‬

‫انطالقا من القواعد األساسية للتعويض عن حق االرتفاق في مجال نزع الملكية‬

‫تعد المنفعة العامة مناط نزع الملكية فهي األساس الذي بني عليه هذا النظام ككل وأمام‬
‫عدم وجود مفهوم دقيق لفكرة المنفعة العامة كان لزاما على القضاء أن يوفر رقابة فعالة‬
‫للمنفعة العامة‪ .‬وأمام عجز الرقابة العادية لكبح أوجه االنحراف الذي شاب عمل اإلدارة في‬
‫تقديرها للمنفعة العامة كان من الواجب على القضاء أن يستوعب هذه األمور ويطور رقابته‬
‫‪4‬‬
‫في هذا الصدد بهدف خلق توازن يوفر حماية حقيقية للملكية الخاصة‬

‫‪ - 4‬العربي المحمدي " بحث لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون العام في موضوع " نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وحماية الملكية‬
‫الخاصة" جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2012 – 2013‬ص‪55 :‬‬
‫‪2‬‬
‫حدد الفصل ‪ 20‬من قانون نزع الملكية‪ 5‬الكيفية التي على أساسها يحسب التعويض‬
‫وهي كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬جيب أال يشمل التعويض إال الرضر احلايل دون املس تقبيل‪ :‬ويراعى في تقدير هذا‬
‫التعويض قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي أو تبليغ مقرر إعالن المنفعة‬
‫المعين لألمالك التي ستنزع ملكيتها‪.‬‬
‫‪ ‬التعويض ال يشمل إال الرضر املبارش‪ :‬إن الضرر الواجب تعويضه هو الضرر‬
‫الناجم مباشرة عن نزع الملكية‪ ،‬وهذا يعني أن التعويض ال يشمل الخسارة التي‬
‫لحقت المنزوع ملكيته بطريقة غير مباشرة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون الرضر ماداي‪ :‬ال يهتم قانون نزع الملكية إال بتعويض األضرار المادية‬
‫أما األضرار المعنوية في مسطرة نزع الملكية فال أهمية لها بالنسبة للمشرع‬
‫المغربي‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون التعويض شامال للرضر وعادال‪ :‬والتعويض الشامل والعادل يجب أن‬
‫يجبر الضرر الناجم عن فقدان الملكية‪ .‬أما بالنسبة لصاحبه حق المنفعة‬
‫كالمكتري مثال فإن التعويض يخص فقط إفراغه من المحل وما يترتب عن ذلك‬
‫من أثر ‪.‬‬
‫‪ ‬القاعدة أن يكون التعويض نقدا‪ :‬وينص الفصل ‪ 30‬على أنه " إذا لم يعرف‬
‫ذوو الحقوق بأنفسهم‪ ،‬وجب إيداع التعويضات المستحقة لدى صندوق اإليداع‬
‫والتدبير"‪.‬‬

‫يحدد قدر التعويض‪ ،‬عمال بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 20‬من قانون نزع الملكية‪ ،‬حسب‬
‫قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية‪ ،‬دون أن تراعى في تحديد هذه القيمة البناءات‬

‫‪ - 5‬القانون رقم ‪ 7 – 81‬المتعلق بنزع الملكية واالحتالل المؤقت‬


‫‪3‬‬
‫واألغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية منذ نشر أو تبليغ مقرر إعالن‬
‫‪6‬‬
‫المنفعة العامة المعين لألمالك المقرر نزع ملكيتها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الغرامة التهديدية في منازعات وثائق التعمير‬

‫إن الغرامة التهديدية وسيلة قانونية منحها المشرع بمقتضى المادة ‪ 448‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية للدائن لتمكينه من الحصول على التنفيذ العيني متى كان األمر يتعلق‬
‫بالقيام بعمل أو باالمتناع عنه لصيق بشخص المنفذ عليه‪ ،‬ممكن وجائز قانونا وتلزم إرادته‬
‫في تنفيذه وال تسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري ومن خصائص الغرامة التهديدية أنها‬
‫تهديدية وتحذيرية وتحكمية وال يقضى بها إال بناء على طلب‪.7‬‬

‫وهي تهديدية تحذيرية لكونها تنبه المحكوم عليه إلى الجزاءات المالية التي سوف‬
‫يتعرض لها إن هو استمر في مقاومة تنفيذ الحكم الصادر ضده وهي تحذر المحكوم عليه‬
‫إلى االلتزامات المالية التي سوف تثقل عاتقه في حالة امتناعه عن تنفيذ الحكم الحائز لقوة‬
‫الشيء المقضي به وتتميز بكونها تحكمية يؤخذ في تحديدها مدى تعنت المدين في تنفيذ‬
‫التزامه الوارد بمنطوق الحكم المعني بالتنفيذ ومن جملة خصائصها أنه ال يقضى بها تلقائيا‬
‫بل بناء على المطالبة القضائية لصاحب الشأن وهي تنقلب في نهاية األمر إلى تعويض‬
‫يحدد تبعا لطبيعة الضرر وأهميته ومداه الناتج عن االمتناع عن التنفيذ مع األخذ بعين‬
‫االعتبار تعنت المدين‪.8‬‬

‫هاته هي الغرامة التهديدية وخصائصها‪ ،‬فما هي مبررات تحديدها من طرف القضاء‬


‫اإلداري؟‬

‫‪ - 6‬محمادي لمعكشاوي‪" ،‬المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع والفقه والقضاء‪ "،‬الطبعة ‪ ،2013‬ص‪114 :‬‬
‫‪ - 7‬عبد القادر العرعاري‪ :‬مصادر االلتزام‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،2014 ،‬الصفحة ‪69‬‬
‫‪ - 8‬الحاج شكرة‪ ،‬الوجيز في قانون التع مير المغربي‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص‪23 :‬‬
‫‪4‬‬
‫مبررات تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة اإلدارة أو المسؤول عن التنفيذ على ضوء‬
‫قانون إحداث المحاكم اإلدارية ‪ 90‬ـ ‪ 41‬والقواعد العامة للمسطرة المدنية‬

‫بمراجعة القانون المحدث للمحاكم اإلدارية ال نجده ينص على مقتضيات خاصة‬
‫لمواجهة امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام الصادرة ضدها لذا فالمرجع القانوني في حل‬
‫اإلشكال المطروح هو المادة السابعة من القانون رقم ‪ 41 .90‬المحدث للمحاكم اإلدارية التي‬
‫تحيل مقتضياتها على قواعد المسطرة المدنية‪.9‬‬

‫لذا فالقاضي اإلداري المغربي يعتمد في فرض الغرامة التهديدية على نظام وحدة‬
‫القضاء من جهة التي تقتضي تطبيق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات اإلدارية‬
‫والمدنية على حد سواء ذلك أن وحدة مسطرة التقاضي تؤدي منطقيا إلى وحدة مسطرة التنفيذ‬
‫خصوصا وأن المحاكم اإلدارية تعتبر محاكم عادية مندرجة من النظام القضائي للمملكة مع‬
‫تخصصها في المادة اإلدارية‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية المحال‬
‫عليه بموجب المادة ‪ 7‬من القانون ‪ 41 .90‬نجده ينص في الباب الثالث المتعلق بالقواعد‬
‫العامة للتنفيذ من خالل الفصل ‪ 448‬على الغرامة التهديدية كوسيلة من وسائل إجبار‬
‫المحكوم عليه على التن فيذ في غياب أي نص قانوني يستثني اإلدارة من هاته الوسيلة‪.‬‬
‫والمالحظ أن كلمة المنفذ عليه الواردة بالفصل المذكور جاءت عامة مما يعني جواز تحديدها‬
‫سواء ضد أشخاص القانون العام أو الخاص كلما تعلق األمر بامتناع عن تنفيذ حكم قضائي‬
‫حائز لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬لذلك فكلما تعلق األمر بالقيام بعمل أو باالمتناع عنه جائز‬
‫وممكن وال تعسف فيه وسائل التنفيذ الجبري متوقف على إرادة المحكوم عليه جاز تحديد‬
‫الغرامة التهديدية في مواجهة اإلدارة أو المسؤول عن التنفيذ خصوصا وأنه ال يوجد نص‬
‫مخالف لذلك‪.10‬‬

‫‪ - 9‬محمد البوشواري‪ :‬الميسر في إعداد التراب الوطني والتعمير‪ ،‬مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة األولى ‪ ،2006‬ص ‪43‬‬
‫‪ - 10‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬محاضرات في قانون التعمير‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪14‬‬
‫‪5‬‬

You might also like