Professional Documents
Culture Documents
جرائم الياقات البيضاء الاقتصادية إشكالية تحديد ملمح الشخصية وتكوين الكوادر، كبدائل حلول ضمن المسعيين الوقائي والنمائي
جرائم الياقات البيضاء الاقتصادية إشكالية تحديد ملمح الشخصية وتكوين الكوادر، كبدائل حلول ضمن المسعيين الوقائي والنمائي
229
مقدمة:
أثار اإلجرام االقتصادي الذي يرتكبه شخص يحظى باالحرتام و التقدير و مكانة اجتامعية خالل
مامرسته لوظائفه املهنية ،أو ما يسمى بإجرام الياقة البيضاء تحديدا ،اهتامم الباحثني الذين يعملون
يف مجال علم اإلجرام والباثولوجيا التنظيمية مع مطلع سنة ،1990لذلك عرف هذا النوع من اإلجرام
خالل العرشين السنة األخرية وفرة يف إنتاج البحوث العلمية ( ،)Cullen and al, 2009حيث وصفه
( )Shnatterly, 2003بالوباء الحقيقي لالقتصاد األمرييك.
وميكن تفسري هذا «الشغف العلمي» تجاه ظاهرة إجرامية ظلت لعقود محل تجاهل من قبل
الباحثني و الخرباء و علامء االقتصاد والنفس واالجتامع و القانون ،بالتغطية اإلعالمية الواسعة للفضائح
املالية أو الجرائم املالية املرتكبة من قبل النخبة االقتصادية يف الواليات املتحدة االمريكية.هذا ما دفع
وميي( )Ouimet 2011للقول بأن «االستقطاب اإلعالمي حول جرائم الياقة البيضاء قد زعزع الطرح
التقليدي األحادي املتعارف ،فيام يسمى بإجرام الشارع ))Street Crimeالذي يتميز باستعراضية
ودمويته وطابعه الغريزي املرتبط بالطبقة االجتامعية االقتصادية املعوزة ،وبذلك نافس بل و رسق
األضواء من إجرام الشارع ،كالرسقة املرتبطة بالعنف ،اإلعتداء الجنيس وغريهام .وأبعد من ذلك دفع
املختصني يف علم النفس اإلجرامي و الباثولوجيا النفسية إىل إعادة النظر يف كل تلك االفرتاضات
واملحكات التشخيصية التي ارتبطت باضطراب الشخصية السيكوباتية ،أو املضادة للمجتمع ،من
حيث سببيتها اإلمراضية وخصائصها الدميوغرافية وسامتها املعرفية واالنفعالية والسلوكية ،باعتبارها
املسؤولة عن اإلجرام وخرق قوانني املجتمع ومعايريه و أعرافه فيام عرف بإجرام الشارع ،لكن منطا
آخر من الشخصية املجرمة املنحرفة يظهر جليا يف السنوات األخرية ،ال يحمل ذات خصائص وسامت
مجرمي الشارع ،بل يناقض الكثري منها .غري أن ما يثري فعال تساؤوالت وإشكاالت حقيقة هو أنه رغم
الرتسانة القانونية الجنائية والتدابري األمنية العقابية الرادعة إال أن مثل هذه الجرائم هي يف تزايد
مطرد و استفحال وبايئ ،وهو ما قد يشري إىل وجود معالجة اختزالية تجزيئية يف مواجهة هذه
الظاهرة ،من خالل الرتكيز عىل الجانب الجنايئ العقايب دون طرح بدائل وقائية وأخرى منائية تربوية
تكوينية ضمن اسرتاتيجية متكاملة تهدف إىل إبطال تأثري عوامل سببية هذا النوع من اإلجرام يف
جذوره األوىل ،ويتعلق األمر بالعوامل النفسية و االجتامعية و التنظيمية والثقافية املهيئة له .و
فضال عن عدم متكن التدابري القانونية التنظيمية والجنائية من الحد من انتشار هذه الظاهرة ،بل
أنها شكلت عوائق حقيقية للكوادر السامية ،ورجال األعامل واإلداريني النزهاء يف مختلف املستويات
وحتى لدى عامة املواطنني املتعاملني مع اإلدارة ،بحيث تحولت إىل نوع من البريوقراطية التي كبلت
املبادرات الشخصية تخوفا من العقوبات ،وعطلت املشاريع وأهدرت الكثري من الجهد والوقت واملال
يف الرتتيبات اإلدارية هذا رغم اإلقرار باملجهودات التي ما فتئت تبذلها الجهات املختصة األمنية منها
والقضائية.
230
جرائم الياقات البيضاء االقتصادية
231
املستوى الوطني :ينترش ضمن املؤسسات االقتصادية و غريها ،ويتعلق األمر يف هذا املستوى •
بوجود شبكات مافياوية تنشط لحامية وتنمية مصالحها االقتصادية و السياسية واالجتامعية.
املستوى البسيط :يعني هذا اإلجرام تحويل أموال لفائدة شخص أو مجموعة من األشخاص، •
وعادة ما يتم الكشف عن حاالت هذا املستوى دون املستويني األول و الثاين.
232
جرائم الياقات البيضاء االقتصادية
أ -أمنوذج منترش من العظمة (يف التخيل أو السلوك) يرنو إىل اإلعجاب ويفتقر إىل املشاركة
العاطفية ،يظهر يف باكورة البلوغ ،ويتجىل يف أنواع مختلفة من االقرتانات ،بخمس دالالت أو أكرث من
الدالالت التالية:
-1لديه إحساس بالعظمة والتعاظم بأهمية الذات (أي املبالغة يف اإلنجازات واملواهب ،ويتوقع
أن ينظر إليه كمتفوق ،وذلك بدون وجود تكافؤ باإلنجازات مع إدعاءاته وتخيالته وما ينسبه إىل
نفسه)؛
-2يكون منشغال بالتخيالت املتعلقة بنجاح غري محدود ،وبالقوة ،وباألملعية ،وبالجامل ،أو بحب مثايل؛
-3يؤمن بأنه فريد /بأنها فريدة ،وهو نوع خاص وال ميكن أن يفهمه إال أفراد من الناس من الذين
هم من الطبقة الخاصة أو العالية؛
-4يحتاج إىل اإلعجاب املفرط ويطلبه؛
-5يتملكه حس التلقيب ،أي التوقعات الالمعقولة مبعاملة مرضية خاصة ،أو امتثال آيل لتوقعاته /
توقعاتها؛
-6يف عالقاته مع الناس يبدو استغالليا انتهازيا ،أي يستغل اآلخرين ويسخرهم لتلبية طلباته ورغباته؛
-7يفتقر إىل املشاركة العاطفية ،فهو يتجاهل ويرفض التعرف عىل مشاعر وحاجات اآلخرين وال
يعرتف بها إذ يرتكز اهتاممه عىل حاجاته ومنافعه فقط؛
-8غالبا ما يكون حسودا لآلخرين ،ويؤمن بأن اآلخرين يحسدونه؛
يظهر التكرب والتعجرف والصلف ،والسلوكيات املتعالية واملواقف املتفاخرة.
وأضاف الدليل التشخيص ( اإلصدار الخامس )2013 ،بعض السامت و هي :
235
تقدير الذات املتقلب ،املتأرجح بني الشعور بالتفوق و الشعور بالنقص •
•التعبري الشديد عن املشاعر و االنفعاالت ( الغضب ،الحسد ،العار) وسلوكيات (الخداع و االنتقام)،
املرتبطة بتغريات هامة يف املزاج ( النزق ،الحرص ،االكتئاب أو االبتهاج ) حني يكون تقدير الذات
محل تهديد.
خالفا لهذا التوصيف ،يذهب كل من هورويتز ( )Horowitz, 2009وميالر و أخرون ( Miller
)et al 2010إىل التأكيد بأن االهتامم الغالب الذي منح للتمظهرات العرضية القابلة للمالحظة ،
كالشعور بعظمة الذات ،التعجرف ،والسلوكيات املنفرة ،تحجب رؤية الطابع املعقد للواقع الداخيل
لهذه الشخصية التي تتشكل من املكونات التالية :تقلب تقدير الذات ،عدم االستقرار العاطفي ،عدم
القدرة عىل التعاطف ،النقد الذايت غري املربر ،مشاعر النقص والألمان ،والعار.
ومن منظور اجتامعي ثقايف ،يفرس كرستوفر الش( )Christopher Lasch,1978السببية اإلمراضية
للشخصية الرنجسية يف كتابه « الثقافية الرنجسية « حيث يشري إىل أن تواتر هذا االضطراب يتزايد يف
معظم املجتمعات الغربية ،بسبب التغريات االجتامعية الواسعة النطاق ،و التأكيد عىل قيم املتعية،
والفردانية ،والتنافسية و النجاح ،وكل ذلك يف أقرب وقت ممكن) Durand and Barlow.2004 (.
236
جرائم الياقات البيضاء االقتصادية
-6عدم املسؤولية بداللة اإلخفاق املتكرر باالحتفاظ بسلوك العمل املالئم ،أو الوفاء بااللتزامات
املالية؛
-7فقدان الضمري بداللة الالمباالة وتربير اإليذاء ،وسوء املعاملة ،أو الرسقة من اآلخرين؛
يكون العمر عىل األقل 18سنة؛ أ-
ج -هناك داللة عىل ظهور اضطراب السلوك فبل عمر 15سنة؛
د -ال يحدث السلوك املضاد للمجتمع خالل سري الفصام أو عارضة الهوس.
هذا وقد ضع هار ( )Hare 2003سلام تشخيصيا للشخصية السيكوباتية يتكون من عاملني
أساسيني هام:
العامل األول :االبعاد االنفعايل ،ويشمل وجهني هام : •
أ -الوجه : 1املؤرشات الخاصة بالتالعب باآلخرين
ب -الوجه : 2الخواء العاطفي
العامل الثاين :اإلنحراف االجتامعي ،ويشمل وجهني هام : •
ج -الوجه : 3أسلوب الحياة اإلندفاعي و الالمسؤول
د -الوجه : 4السلوكيات املنحرفة
وعليه اعترب ( )Hicks et al, 2004أنه يوجد منطان من السيكوباتيني :النمط االنفعايل املستقر
الذي يتميز بخصائص العامل األول ،والنمط العدواين الذي يتميز بخصائص العامل الثاين وضمن
التصنيفات التي وضعت للسيكوباتية وأشكالها ،اقرتح ( )Hare, 2003تصنيفا آخر للسيكوباتية حيث
قسمها إىل أربعة أمناط وهي
-1السيكوبايت الجذاب :يشبه الثعلب ،وأهم سامته املكر ،ويقوم هذا السيكوبايت بجرائم الياقة
البيضاء.
-2السيكوبايت الرشس :يشبه الذئب ،وأهم سامته القسوة ،ويقوم هذا السيكوبايت بالقتل املتسلسل.
-3السيكوبايت الطفييل :يشبه الفأر ،واهم سامته الطفيلية ،ويقوم هذا السيكوبايت عادة بأعامل
تخريبية و التحرش.
-4السيكوبايت الغضوب :ويشبه الدب ،وأهم سامته الفظاظة ،ويقوم هذا السيكوبايت بأعامل الصعلكة.
237
العالقة بني إجرام الياقة البيضاء والثالثية الكاحلة (الرنجسية ،السيكوباتية ،
املكيافيلية):
هناك ترابط وتشابك بني مكونات الثالثية الكاحلة :الرنجسية و السيكوباتية و املكيافيلية ،و
إجرام الياقة البيضاء حيث أن الرباغامتية الألخالقية املكيافيلية و التخذر االنفعايل السيكوبايت يفضيان
إىل القضاء عىل العجز املسجل يف التحكم االنفعايل لدى الشخصية الرنجسية ،وهو األمر الذي ميكنها
من التحكم الذايت القوي القرتاف غش مايل عىل نطاق واسع ،أو إجرام الياقات البيضاء.
أثبتت دراسات أمبريقية ( )Blickle et al, 2006و ( )Ouimet, 2010عن وجود عالقة ارتباطية
موجبة بني الرنجسية وإجرام الياقة البيضاء ،إذ كشفت دراسة ( )Blickle et al 2006عن وجود ثالثة
مكونات للشخصية الرنجسية لدى مجرمني بالياقة البيضاء ،وهي ،الشعور بعظمة الذات ،والحاجة
لإلعجاب من قبل اآلخرين ،وغياب التعاطف اتجاه اآلخرين .كام أوضحت دراسة (Ouimet,
)2010عن وجود سامت مشرتكة بني الشخصية الرنجسية و مجرمي الياقة البيضاء ،وهي الشعور
بعظمة الذات ،والهوامات املعاودة املنتظمة ذات العالقة باالتصاف بخصوصيات فوق العادة ،وغياب
التعاطف مع اآلخرين ،والرغبة يف االنتقام و التعويض .كام أفادت دراسة ( )Eaton, 2006بوجود
قواسم مشرتكة بني هذه الشخصية و إجرام الياقة البيضاء من خالل السامت التالية :وجود امليل
للتعدي عىل حدود ومعايري املجتمع ،عدم الرحمة ،الرغبة يف االنتقام ،استحقاق املعاملة التفاضلية
الخاصة ،بالسامح باإلشباع اآلين للرغبات املستشعرة ،املخاطرة الناتجة عن إعطاء األولوية للبحث
عن تحقيق النتائج املرغوب فيها عىل تجنب النتائج غري املرغوب فيها ،ركوب املجازفات الناتجة عن
االستباق االعتباطي أكرث من املؤسسة عىل املعطيات املثبة بالربهان القاطع.
كام دلت دراسة ( )Ali et al, 2009عن وجود ارتباط موجب بني السيكوباتية األولية و الشخصية
الرنجسية و املكيافيلية .وبالعودة إىل التصنيف الرباعي للسيكوباتية ،فإن النمط األول لهذه األخرية
املعروف بالسيكوبايت الجذاب الذي يتميز باملكر ،نجده لدى مجرمي بالياقة البيضاء ،حيث يلجأ عادة
هذا النوع من املجرمني إىل استخدام املكر و الحيلة ليك يغالط ويخادع الناس و املؤسسات املستهدفة
حتى يتمكن من االحتيال عليهم ،فهو يستغل اآلخرين بقناع ومظاهر االمتثالية االجتامعية ،ويساعده
يف ذلك االحرتام الذي يتلقاه بفعل مكانته االجتامعية ،ودخله املايل ،ووظيفته املرموقة ،وهندامه
الفاخر ،ومظهر الخارجي األنيق ،وطالقة تعبري اللفظي وغري اللفظي ،لذلك يعمل مجرم الياقة البيضاء
خارج القوانني يف الغالب ،بعيدا عن أي شكوك .ويف ذات املنطق ،أشار () Gao et Raine, 2010
أن السيكوبايت الجذاب الذي يقرتف الجرائم املالية واالقتصادية ،يستطيع التملص من االعتقال بفعل
اقرتافه لألعامل اإلجرامية ،فهو يعد شخصية مضادة للمجتمع ،ويف كثري من األحيان يكون أكرث خطورة
من السيكوبايت النموذجي .لذلك يسميه ( ) Hall et Benning, 2006بالسيكوبايت غري املجرم.
يتضح من خالل نتائج هذه الدراسات األمبرييقية والرتاث السيكولوجي ملجال اإلجرام ،وجود
تشابه وتقاطع بني الرنجسية والسيكوباتية واملكيافلية وإجرام الياقات البيضاء ،حيث يؤكد بعض
238
جرائم الياقات البيضاء االقتصادية
الباحثني عىل وجود تالزمية مرضية بني الرنجسية والسيكوباتية و املكيافيلية ،أو ما اصطلح عىل
تسميته بالثالثية الكاحلة السوداء ( . )Dark Triadلكن هذا التقاطع الذي يشكل كوكبة من
السامت والخصائص املعرفية و االنفعالية و السلوكية غري كاف لإلقدام عىل الفعل اإلجرامي املايل
االقتصادي ،دون تضافر العوامل املوضوعية والذاتية املذكورة سالفا يف حدوث هذا النوع من اإلجرام.
240
جرائم الياقات البيضاء االقتصادية
ب – الصعوبات املنهجية :تتمثل يف صعوبة الحصول عىل معطيات و معلومات ذات مصداقية من
هذا النوع من العينة ،ألسباب تتعلق مبا ييل:
أوال :حساسية املوضوع املرتبطة باعتبار الذات واملقبولية االجتامعية.
ثانيا :الخصائص النفسية واملعرفية ألفراد العينة الذين يتصفون بالكثري من سامت الشخصية
الرنجسية و السيكوباتية ،وتحديدا القدرة عىل التضليل والتالعب والكذب.
بعض املوجهات العملية لتجاوز الصعوبات املوضوعية و املنهجية: •
أ -الصعوبات املوضوعية :ميكن لألخصائيني العاملني داخل املؤسسات العقابية ومراكز إعادة الرتبية
من استغالل تواجد هذه الفئة يف هذه املؤسسات إلجراء بحوث إمبرييقية علمية ،توفر لنا الكثري
من املعطيات العلمية لفهم هذه الشخصية ،وبصورة اشمل اإلجرام ،ملساعدة هؤالء نفسيا لفهم
ذواتهم وإعادة تأهيلهم مجددا لالندماج االجتامعي ،مثلام تساعد نتائج هذه الدراسات يف وضع
وتصميم اسرتاتجية متكاملة بنائية ،وقائية للقضاء عىل هذا النوع من اإلجرام الذي ميس متاسك
النسيج اإلجتامعي وغياب الثقة بني مؤسسات املتجمع واملواطنني.
ب -الصعوبات املنهجية :إذا تناولنا إشكالية دراسة إجرام الياقة البيضاء و تجاوز صعوباتها املنهجية
قصد الحصول عىل معطيات ذات مصداقية من أفراد العينة ،فإن هذه املسألة تطرح دوما يف
التعامل مع الشخصية الرنجسية والسيكوباتية ،بسبب لجوئها للكذب والتمويه والتالعب كإسرتاتجية
أساسية يف التفاعل مع اآلخرين ،خاصة وأن أدوات البحث تعتمد بالدرجة األوىل عىل االختبارات
املوضوعية .ولتجاوز مثل هذه العوائق ،ميكن تقديم االقرتاحات التالية :
أوال :ينبغي يف املقام األول ،أن تتم الدراسة يف إطار تكفل نفيس داخل املؤسسة العقابية
ويرشف عىل هذه الدراسة مختصون نفسانيون وباحثون يف باثولوجية اإلجرام متمرسون (تكوين
خاص) .وال يتم هذا البحث و الخربة السيكولوجية ،دون إقامة «عالقة عالجية و بحثية « ،إن صح
التعبري ،مهام كانت صعوبات تحقيق ذلك مع هذا النوع من أفراد العينة .إذ من الرضوري وجود
حد أدىن من مستوى الثقة واالحرتام والقبول والتفهم املتبادل بني الباحث و املبحوث ،ما يسمح
لهذا األخري أن يبدي نوعا من التعاون ،ويكون عىل استعداد اإلدالء مبعلومات صحيحة عن حالته و
شخصيته و الكثري من املعطيات الحميمية.
ثانيا :ميكن االستعانة بأدوات تقدير إضافية ،مكملة لالختبارات املوضوعية ،وفق ما اقرتحه
تارديف ( )Tardiff.2000الذي يؤكد عىل رضورة استخدام اختبارات مخربية فيزيولوجية ،وتحديدا (
)IRMتصوير الرنني املغناطييس الذي يفرتض أن يستعمل بانتظام يف تقدير مخاطر املجرمني ،للكشف
عن باثولوجية الفص الصدغي.
من جهة أخرى ،ولتجاوز التمويه والتالعب ،توجد تقنيات أقل حساسية ملثل هذه
السلوكيات املضللة التي غالبا ما تالحظ عىل هذا النوع من الشخصية ،وهي ما تسمي باالختبارات غري
241
املبارشة التي تعرف تطورا ملحوظا منذ التسعينيات )Kop et Chassard . 2005( ،حيث يفرتض أن
استقاللية تصميمها وتطبيقها عن اإلرادة الواعية لدى األفراد يف التحكم يف أجوبتهم ،رغم أنها تطرح
بعض اإلشكاالت العلمية واألخالقية .هذه املقاييس غري املبارشة تقوم عىل براديغامت كالسيكية لعلم
النفس املعريف ،وتحديدا الرباديغم القائل بأن املدخل العاطفي ()amorçage affectifبعد التكييف،
يتحول إىل مدخل لفظي ( . )amorçage sémantiqueومن هذه املقاييس عىل سبيل املثال :اختبار
التداعيات الضمنية ( ،)Greenwald et al .1998 ( )IATواختبار العاطفة الخارجي( ( )EAST
،)Houwer .2003اختبار السيكوباتية ( in Bourgeois()Gray et al 2003 ( )PSYCHOPATHY
)et Bénézech, 2001
وعليه ،ميكن االستعانة بهذه املقاييس ،كأدوات مكملة لبقية االختبارات واألساليب التقديرية
ضمن إسرتاتجية متكاملة ومتناسقة.
ثالثا :ميكن تفادي الوقوع يف مشكلة قلة مصداقية املعطيات املتحصل عليها من املبحوثني،
باللجوء إىل مصادر متعددة للحصول عىل معلومات هامة عن تاريخ الحالة ،وكل املؤرشات الدالة عىل
مرضيتها وخطورتها ،وهنا ميكن استقاء هذه املعلومات من :
املبحوث ذاته؛واملقربني من املبحوث (العائلة ،األصدقاء ،الزمالء)... ،؛وسجالت املصالح اإلدارية
للمؤسسات ،وسجالت مصالح األمن والعدالة.
هذا و يقرتح ( )Lincoln et Guba, 1985سبع تقنيات تسمح للباحث من مضاعفة مصداقية
املعطيات التي يتحصل عليها وهي عىل النحو التايل :
الغمر و انغامس الباحث يف الوسط املستضيف للبحث ( املؤسسة العقابية ،فليس أفضل من •
األخصائيني العاملني يف هذه املؤسسة إلنجاز هذه الدراسة )
•
املالحظة الدقيقة الثاقبة للظواهر
•تعزيز الثالثية املتمثلة يف مصادر املعلومات بتنويعها ،الباحثون بتعددهم ،واألساليب البحثية
بتنوعها.
التحقق املتكرر من صدقية الفرضيات •
•اتساق املعطيات املنتقاة يف الغالب مع معطيات و أحكام علمية أخرى
•تأكيد املشاركني يف الدراسة من دقة املعلومات التي أدلوا بها
•الرؤية النقدية للزمالء الباحثني
باملحصلة فإن تحديد ملمح شخصية مجرم الياقة البيضاء يف الجزائر يشكل خطوة هامة نحو
القضاء عىل هذا الشكل من اإلجرام ،أو التقليل من نسبة تواتره وانتشاره ،ذلك أن نتائج هذه
الدراسات ستمد ،عىل األقل ،املرشفني عن عملية االنتقاء والتوظيف يف املناصب اإلدارية التسيريية
242
جرائم الياقات البيضاء االقتصادية
واملالية ،من وضع روائز واختبارات سيكولوجية فنية تسمح لهم بتحديد هذا النوع من الشخصية،
إلبعادهم من تسلم مقاليد هذه املسؤوليات .وعليه تهدف عملية التقدير يف هذا املجال إىل الكشف
وتشخيص هذا النوع من الشخصية والتنبؤ العلمي مبخاطر ارتكابها لإلجرام املايل االقتصادي .لكن
هذه العملية ليس من السهولة مبكان تجسيدها بطريقة موضوعية ودقيقة .ذلك ألن مخاطر ارتكاب
جرمية الياقة البيضاء يبقى مفهوما احتامليا تنبئيا يستند إىل بعض املؤرشات التي ميكن أن تستخدمها
املقاييس املقننة وغري املقننة لهذا الغرض ،كتغريات السن والجنس ،واالضطرابات الشخصية وأسلوب
الحياة (خاصة الرنجسية والسيكوباتية) وغريها من املؤرشات واألبعاد .كام أن نتائج التقدير يرتتب
عنها مسئوليات يف االنتقاء والتوظيف .لهذه األسباب وتلك ،ال ميكن االكتفاء باألساليب الكالسيكية يف
االنتقاء والتوظيف أو االستخدام املترسع لهذه االختبارات التي ميكن أن تفيض إىل إعطاء معلومات
غري دقيقة ال تسمح بتقديم خربة نفسية وإقرار توقعات للسلوكيات االنحرافية اإلجرامية .ومع كل ما
عرفته أدوات التقدير والقياس من تقنني وتطور ،فإن نتائجها تبقى نتائجها نسبية تحتاج إىل رشوط
معينة لضامن صدقية هذه النتائج وإعطاء تشخيص وتنبؤ ،وهو األمر الذي يتطلب دراسات امربيقية
معمقة يف الجزائر حول هذه الشخصية و هذا النوع من اإلجرام.
ومن جانب آخر ،يعد املسعى الوقايئ غري كاف يف مثل هذه القضايا حتى ولو أخذ عدة مسارات
و أبعاد ،وإمنا ينبغي احتضانه من قبل ما ميكن تسميته باملسعى البنايئ والناميئ حيث تعطى األولوية
للتكوين والرتبية والتنمية البرشية عىل املدى البعيد
املسعى البنايئ :تكوين الكوادر و تحصني القيم اإلنتامئية:
أشار ( ) Feldman 2005, Ferraro et al, 2005أن إجرام الياقة البيضاء يف الواليات
املتحدة االمريكية يرتبط يف الغالب باألفراد الذين تابعوا تعليام جامعيا يف تخصص علوم التسيري،
وقد فرسوا هذا االنحراف املايل التنظيمي بكون أن مناهج التعليم يف مدارس التجارة و التسيري تركز
عىل النظريات االقتصادية و التجارية و التسيري ،بعيد عن أي توجه أخالقي أو خالية من أي اعتبارات
أخالقية قيمية .كام ميكن أن نعترب أن القيم السائدة يف ذات املجتمع من الفردانية ،و إيديولوجيا
النجاح املادي الفردي ،وثقافة االستهالك ،هي األخرى عوامل مساعدة عىل دفع الكثري من املسريين إىل
اقرتاف هذا النوع من الجرائم ،ذلك أن النسق املكرب مبا يحتويه من قيم وأيديولوجيا و عنارص ثقافية
،تشكل عوامل مهيئة و مفجرة لالنحراف التنظيمي ،ويف حالة توفر العوامل الشخصية ( الرنجسية
والسيكوباتية ) وعوامل ذات الصلة باملؤسسة ،فإن الكادر ال ينفلت من حتمية هذه السببية املرضية
اإلجرامية ،ليجد نفسه متورطا يف مثل هذه الجرائم.
ونعني يف هذا السياق تحديدا العنرصين الثقافيني التاليني:
أ -إيديولوجية النجاح املادي الفردي :تتمثل يف مبدأ الفردانية ،والنجاح املادي الفردي حيث تقدر
قيمة اإلنسان مبا يكسبه ،و برصيده املايل ،وميثل النجاح املادي قيمة وجودية أساسية ،تدفع بالكثري
إىل التخيل عن قيم النزاهة و االستقامة مقابل تحقيق هذا النجاح املادي .فليس هناك إشباع غري
إشباع املادي املايل ،فالفرد الذي ال يحقق ذلك،يحكم عىل نفسه بالفشل يف الحياة.
243
ب-ثقافة االستهالك :تتمثل يف مبدأ الالستهالك لكل السلع و املواد عىل اعتبار أن االستهالك هو القوة
املحركة للنمو االقتصادي،و تقوم ثقافة االستهالك عىل مبدأ املتعية الراهنة وتحقيق اللذة اآلنية،
وما يرتبط بذلك من محاولة االنغامس يف الرفاهية املفرطة كأسلوب حياة ،ما يفيض إىل البحث عن
الربح الرسيع دون الجهد أو دون مراعاة الضوابط القانونية .إن هذه الحالة تجعل من الحياة مجرد
البحث عن إشباع للحاجات األولية من غذاء وملذات آنية بكل الوسائل املرشوعة و غري املرشوعة.
وإذا تناولنا مسألة تحصني الكوادر الجزائرية ضد إجرام الياقة البيضاء و الفساد املايل ،فالواقع
أن هناك جهود يبذلها األساتذة يف هذا املسعى بطريقة جادة أثناء الدروس و املحارضات ،لكنها
أقرب إىل العفوية و األبوية منها إىل التكوين املنظم الهادف .ومع ذلك فهي جهود ينبغي تثمينها
مهام كانت الطريقة البيداغوجية املتبعة ،ملا تبثه من قيم النزاهة و االستقامة و األمانة ،و االلتزام يف
مامرسة الوظائف اإلدارية السامية ،حيث اإلغراءات املالية واملسؤوليات جد ضاغطة.إذ ميكن ملثل هذا
املدارس العليا للتسيري والتجارة أن تخصص ضمن مناهجها التعليمية ،بعض من الوحدات ذات الصلة
بالتوجه البنايئ للطلبة ملواجهة الفساد املايل ،كوحدة أخالقيات وظيفة املسري والكادر ،و وحدة مواجهة
الضغوط التنظيمية .كإجراء قريب املدى يف العملية الرتبوية البنائية التحصينية ضد هذه الظاهرة.
من املؤكد ،من منظور آخر ،أن التكوين البنايئ البعيد املدى هو األكرث فاعلية إزاء هذه الظاهرة
حيث ميكن التحدث عن الرتبية القيمية واالنتامئية والتنمية البرشية املمتدتني عرب كل مراحل
املسارين التعليمي و الحيايت ،وهنا تجدر اإلشارة إىل أن املسألة تتعلق بثقافة املجتمع ككل حيث
يف زمن العوملة بدأت الكثري من قيمها السلبية ،منها الفردانية وايديولوجيا النجاح املادي الفردي
،وثقافة االستهالك تأخذ مكانا ضمن النسق القيمي للمجتمع الجزائري ،مزيحة بذلك الكثري من
القيم املحلية األصيلة،وهي القيم مشجعة عىل الفساد املايل و االنحراف التنظيمي ،وإجرام الياقة
البيضاء ،حيث يشري مصطفى حجازي ( )2010إىل أن التقارير الرتبوية الخاصة بالقرن 21تذهب
إىل أن معركة القيم ستكون يف مكان متقدم من أولوياتها ،وتجعل العوملة هذه املعركة واإلعداد لها
أكرث إلحاحا للعديد من األسباب .فهناك األوجه املظلمة للعوملة التي يتعني تحصني األجيال الطالعة
ضد آثارها ،ومن أبرزها التلوث السلويك ،مام يتمثل بالفساد والرشوات والسمرسات والصفقات املالية
املغامرة التي تدفع شعوب بأكملها فواتريها من مدخراتها و رزقها و عرقها ،ويضاف إىل ذلك استفحال
املافيات الدولية التي أصبحت خارج السيطرة..ألنها عالية التنظيم ،قادرة أن تلتف عىل الرقابة و
القوانني ،ومتتلك جيوشها وخرباءها ،وتوظف و تستدرج مجموعة من كبار املسؤولني الرسميني ممن
يفرتض بهم محاربتها..وهو األمر الذي تعني تحصني األجيال الطالعة ضد آثارها الفتاكة ،من خالل
التزود بنظام قيم سلويك متني” .وعليه يدعو مصطفى حجازي ()2010إىل ما أسامه بالحصانة الوطنية
التي تشكل الرشط الضامن لدميومة النمو و االرتقاء ،و يف ذات الوقت مواجهة سلبيات قيم العوملة
حيث يؤكد عىل الرضورة امللحة إلعطاء بناء الهوية واالنتامء املتينني األولوية امللحة يف مرشوعي
التنشئة املستقبلية أو التنمية البرشية املستدمية ،ويتم ذلك بتفعيل املقومات التاريخية و الجغرافية
و الثقافية .
244
جرائم الياقات البيضاء االقتصادية
: املراجع
. لبنان، بريوت، دار الكتاب العريب، علم النفس والعوملة،2010 ،مصطفى حجازي1 .1
2. Blickle, G., Schlegel, A., Fassbender, P., Klein, U., 2006. Some personality
correlates of business white-collar crime. Applied Psychology: An International
Review 55 (2), 220–233
3. Bourgeois M.L, Bénézech M (2001) : Dangerosité criminologique, psychopatho-
logie et co-morbidité psychiatrique. Annales médico-psychologiques 159 (2001)
475486-.
4.
5. Collins, J.M., Schmidt, F.L., 1993. Personality, integrity, and white-collar crime: a
construct validity study. Personnel Psychology 46 (2), 295–311.
6. Cullen, F.T., Hartman, J.L., Jonson, C.L., 2009. Bad guys: why the public supports
punishing white-collar offenders. Crime, Lawand Social Change 51 (1), 31–44.
7. Dhami, M.K., 2007. White-collar prisoners’ perceptions of audience reaction. De�-
viant Behavior 28 (1), 57–77.
8. Durand, D.H. Barlow : Psychopathologie, une perspective multidimensionnelle.
Trad : M.Gottschalk. De boeck.Bruwelles.(2002).
9. Eaton, J., Struthers, C.W., Santelli, A.G., 2006. Dispositional and state forgiveness:
the role of self-esteem, need for structure, and narcissism. Personality and Individual
Differences 41 (2), 371–380.
10. Feldman, D.C., 2005. The food’s no good and they don’t give you enough:
reflections on Mintzberg’s critique of MBA education. Academy of Management
Learning and Education 4 (2), 217–220.
11. Fleming, P., Zyglidopoulos, S.C., 2008. The escalation of deception in organizations.
Journal of Business Ethics 81 (4), 837–850.
12. Friedrichs, D.O., 2007. Trusted Criminals. White Collar Crime in Contemporary
Society, 3rd ed. Thomson Wadsworth, Belmont,CA.
13. Gao, Y., Raine, A., 2010. Successful and unsuccessful psychopaths: a
neurobiological model. Behavioral Sciences and the Law 28
14. (2), 194–210.
15. Guba, E.G., 1981. Criteria for assessing the thruthworthisness of naturalistic
inquiries. Education, Communication andTechnology 29 (2), 75–91.
16. Gunderson, k.APhilips :A current view of the interface between borderline
personality disorder and depression.Am J Psychiatry.148(1981), 967–975.
17. Hare, R.D., Neumann, C.S., 2006. The PCL-R assessment of psychopathy:
development, structural properties, and new directions.
18. In: Patrick, C.J. (Ed.), Handbook of Psychopathy. The Guilford Press, New York,
pp. 58–88.
19. Heimer, K., 2000. Changes in the gender gap in crime and women’s economic
marginalization. In: LaFree, G. (Ed.),Criminal justice 2000: the nature of crime,
continuity and change (vol. 1). National Institute of Justice, Washington,
20. DC, pp. 1–57.
21. Holtfreter, K., Van Slyke, S., Bratton, J., Gertz, M., 2008. Public perceptions of
white-collar crime and punishment. Journal of Criminal Justice 36 (1), 50–60.
245
22. Holtfreter, K., 2005. Is occupational fraud “typical” white-collar crime? A
comparison of individual and organizational characteristics. Journal of Criminal
Justice 33 (4), 353–365.
23. Horowitz, M., 2009. Clinical phenomenology of narcissistic pathology. Psychiatric
Annals 39 (3), 124–128.
24. Kop J , Chassard D(2005) : La falsification des réponses dans l’évaluation de la
personnalité : une solution du côté des mesures indirectes ? Psychologie du Tra-
vail et des Organisations, Volume 11, Issue 1, March 2005 : 15-23
25. Niehoff, J.T., 2003. Protecting against fraud: taking steps to prevent and detect
fraud can improve the bottom line of any firm. Legal Business 136, 16.
26. Ouimet, G., 2009. Psychologie du criminel en col blanc : à la recherche de sa per-
sonnalité. Psychologie du Travail et des Organisations 15 (3), 297–320.
27. Ouimet, G., 2009. Psychologie et gestion de la contestation pathologique de l’auto-
rité. Cahier de recherche,HECMontréal, no 09-05:18 pages.
28. Ouimet, G., 2010. ةtiopathogénie du crime en col blanc : une étude de cas explora-
toire. Pratiques Psychologiques 16 (4), 337–357.
29. Pearce, F., 2001. Crime and capitalist business corporations. In: Shover, N., Wright,
J.P. (Eds.), Crimes of privilege:readings in white-collar crime. Oxford University
Press, Oxford, UK, pp. 35–48.
30. Piquero, N.L., Benson, M.L., 2004. White-collar crime and criminal careers:
specifying a trajectory a punctuated situationaloffending. Journal of Contemporary
Criminal Justice 20 (2), 148–165.
31. Piquero, N.L., Exum, M.L., Simpson, S.S., 2005. Integrating the desire for control
and rational choice in a corporate crime context. Justice Quarterly 22 (2), 252–280.
32. Piquero, N.L., Piquero, A.R., 2001. Characteristics and sources of white-collar
crime. In: Shover, N., Wright, J.P. (Eds.), Crimes of privilege: readings in white-
collar crime. Oxford University Press, Oxford, UK, pp. 329–341.
33. Schnatterly, K., 2003. Increasing firm value through detection and prevention of
white-collar crime. Strategic Management Journal 24 (7), 597–614.
34. Schoepfer, A., Piquero, N.L., 2006. Exploring white-collar crime and the American
dream: a partial test of institutional anomie theory. Journal of Criminal Justice 34
(3), 227–235.
35. Simpson, S.S., 2002. Corporate crime, law, and social control. Cambridge
University Press, Cambridge, UK.
36. Zahra, S.A., Priem, R.L., Rasheed, A.A., 2007. Understanding the causes and
effects of top management fraud. Organizational Dynamics 36 (2), 122–139.
37. Whan, J., 2003. Sex differences in competitive and compliant unethicalwork
behavior. Journal of Business and Psychology 18 (1), 121–128.
246