You are on page 1of 7

‫المبحث األول‪ :‬مفهــــوم التنشيــط التربوي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف التنشيط وطبيعته وأهميته‬

‫أوال‪ -‬تعري ف التنش يط‪ :‬ميكن تعري ف التنش يط بأن ه عملي ة س يكوبيداغوجية فعال ة‪ ،‬وتقني ة ديداكتيكي ة‬
‫ناجع ة يف جمال التواص ل والتفاع ل م ع املتعلمني‪ ،‬ووس يلة فني ة مثم رة فعال ة‪ ،‬تنب ين على تفعي ل الوض ع‬
‫الرتبوي‪ ،‬وحتريكه إجيابيا‪ .‬ويرتكز التنشيط أيضا على خلق النشاط الذهين والوجداين واحلسي احلركي‬
‫لدى املتعلم أو املؤطر أو املكون‪.‬‬

‫ويستوجب التنشيط البيداغوجي الرتكيز على ثالثة عناصر بنيوية أساسية هي‪ :‬املنشط (بكسر‬
‫الش ني)‪ ،‬واملنش ط (بفتح الش ني)‪ ،‬والنش اط‪ .‬فاملنش ط (بكس ر الش ني) ه و ال ذيُ يفع ل عملي ة النش اط‬
‫الرتبوي‪ ،‬ويتحكم يف طاقة املتعلمني الذهنية والوجدانية واجلسدية‪ ،‬توجيها‪ ،‬وإشرافا‪ ،‬وترشيدا‪ ،‬وتدريبا‪،‬‬
‫وت أطريا‪ ،‬وتكوين ا‪ .‬ومن مث‪ ،‬حيرك عملي ات التنش يط بش كل دين اميكي حي وي‪ .‬عالوة على ذل ك‪ ،‬فه و‬
‫يس اهم‪ ،‬بقدرات ه اخلالق ة‪ ،‬يف إث راء عملي ات التفاع ل اإلجيايب والتواص ل الفع ال بني املنش طني (ب الفتح)‪،‬‬
‫هبدف حتفيزهم على العمل الفردي أو املشرتك‪ ،‬عرب التقليد أوال‪ ،‬فالتجريب ثانيا‪ ،‬مث اإلبداع ثالثا‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالنشاط هو إفراغ للطاقة احليوية الزائدة‪ ،‬وترمجة لألفكار املخزنة يف منطقة الوعي أو‬
‫الالوعي على أرض الواقع‪ ،‬وإخراج التصورات واخلطط الذهنية إىل حيز التطبيق‪ .‬ويكون النشاط كذلك‬
‫مبثابة قدرات ذاتية‪ ،‬وكفاءات مضمرة‪ ،‬حتتاج إىل إجناز حركي عضلي ونفسي ووجداين‪ ،‬يف شكل مي ول‬
‫ذاتية انسيابية‪ ،‬وأهواء عاطفية حركية‪ ،‬وانفعاالت ديناميكية متحركة‪ ،‬وتعبري عن قناعات شخصية مقنعة‬
‫أو واضحة‪ ،‬أو يف شكل رؤى موضوعية أو إيديولوجية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالنشاط هو ضد الثبات والسكون واالنط واء والتقاعس واالنكماش‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فهو‬
‫مبثابة الدينامو الفيزيائي احملرك لطاقات الفرد‪ ،‬واحملفز االجيايب لقوى اجلسد والذهن والفكر‪.‬‬

‫أما املنشط (بالفتح)‪ ،‬فهو الذي يستفيد من عملية التنشيط‪ ،‬وينفذ تعليمات املنشط (بالكسر)‪،‬‬
‫ويرتجم عن طريق قدراته احلركية‪ ،‬وطاقته الزائدة‪ ،‬كل مايتلقاه نظريا وتطبيقيا‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يكون هذا‬
‫املنشط هو املتعلم أو التلميذ املستهدف من عملية التنشيط‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالتنشيط تقنية حركية إجيابية وديناميكية‪ ،‬تساهم يف إخراج املتعلم من حالة السكون‬
‫السلبية حنو حالة الفعل اإلجيايب‪ ،‬عن طريق املسامهة يف األنشطة املتاحة إبداعا وابتكارا وخلقا‪ ،‬مع إجناز‬
‫‪1‬‬
‫التصورات النظرية‪ ،‬وتفعيلها يف الواقع امليداين لكي يستفيد منها اآلخرون‪.‬‬

‫ثاني ا‪ -‬طبيعـــة النشـــاط‪ :‬كم هي األنش طة عدي دة يف جمال الرتبي ة والتعليم‪ ،‬إذا ك انت املؤسس ة الرتبوي ة‬
‫مبثابة جمتمع مصغر! فجميع القضايا واملواضيع اليت تؤرق اجملتمع ميكن أن تؤرق املؤسسة الرتبوية كذلك‪،‬‬
‫م ادامت ه ذه املؤسس ة موج ودة يف حض ن اجملتم ع املك رب‪ .‬ل ذا‪ ،‬تعم ل املؤسس ة التعليمي ة على إدم اج‬
‫املتعلمني يف اجملتم ع ليكون وا مواط نني ص احلني‪ ،‬ويص بحوا طاق ات فاعل ة نافع ة لل وطن واألم ة على ح د‬
‫سواء‪.‬‬

‫ومن أهم األنشطة اليت ميكن أن تقوم هبا املؤسسة التعليمية‪ ،‬ميكن احلديث عن النشاط الرتبوي‪،‬‬
‫والنش اط الف ين‪ ،‬والنش اط األديب‪ ،‬والنش اط العلمي‪ ،‬والنش اط الثق ايف‪ ،‬والنش اط اإليكول وجي (البي ئي)‪،‬‬
‫والنش اط االجتم اعي‪ ،‬والنش اط االقتص ادي‪ ،‬والنش اط ال ديين‪ ،‬والنش اط اخلريي‪ ،‬والنش اط السياس ي‪،‬‬
‫والنشاط املدين‪ ،‬والنشاط الرياضي‪ ،‬والنشاط السياحي‪....‬‬

‫ثالثا‪ -‬أهمي ــة التنشيــط‪ :‬للتنشيط أمهية كربى يف جمال الرتبية والتعليم؛ لكونه يرفع من املردودية الثقافية‬
‫والتحصيلية لدى املتمدرس‪ ،‬ويساهم يف احلد من السلوكيات العدوانية‪ ،‬ويقضي على التصرفات الشائنة‬
‫لدى املتعلمني‪ .‬كما يقلل من هيمنة بيداغوجيا اإللقاء والتلقني‪ ،‬ويعمل على خلق روح اإلبداع‪ ،‬وامليل‬
‫حنو املشاركة اجلماعية‪ ،‬واالشتغال يف فريق تربوي‪.‬‬

‫وميكن إخراج املؤسسة التعليمية‪ ،‬عرب عملية التنشيط الفردي واجلماعي‪ ،‬من طابعها االنضباطي‬
‫القامت الذي يقوم على الصرامة وااللتزام والعقاب‪ ،‬إىل مؤسسة بيداغوجية إجيابية فعالة صاحلة ومواطنة‪،‬‬
‫حيس فيها التالميذ واملدرسون بالسعادة والطمأنينة واملودة واحملبة‪ ،‬ويساهم الكل فيها‪ ،‬بشكل مجاعي‪ ،‬يف‬
‫بنائه ا ذهني ا ووج دانيا وحركي ا‪ ،‬عن طري ق خل ق األنش طة األدبي ة والفني ة والعلمي ة والتقني ة والرياض ية‪،‬‬
‫يندمج فيها اجلميع بدون استثناء‪ :‬التالميذ‪ ،‬واألساتذة‪ ،‬ورجال اإلدارة‪ ،‬ومجعيات اآلباء‪ ،‬وأعضاء جملس‬
‫التدبري‪ ،‬واملشرفون الرتبويون‪ ،‬واملكونون‪ ،‬واجملتمع املدين‪...‬‬

‫‪ - 1‬مجيل محداوي‪ :‬من قضايا التربية والتعليم‪ ،‬منشورات الزمن‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪2005‬م‪.‬‬
‫ومن الض روري أنُ تع وض طرائ ق اإللق اء والتلقني والتوجي ه‪ ،‬يف فلس فة التنش يط اجلدي د‪ ،‬ويف‬
‫تصورات البيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬بطرائق بيداغوجية حيوية معاصرة فعالة وهادفة وبناءة‪ ،‬تقوم على الفكر‬
‫التعاوين‪ ،‬وتفعيل بيداغوجيا ديناميكية اجلماعات‪ ،‬واعتماد التواصل الفعال املنتج‪ ،‬وتطبيق الالتوجيهية‪،‬‬
‫ومتث ل البي داغوجيا املؤسس اتية‪ ،‬واهلدف من ذل ك كل ه ه و حتري ر املتعلمني من ش رنقة التموض ع الس ليب‪،‬‬
‫وإخراجهم من االستالب املدمر‪ ،‬وختليصهم من قيود بريوقراطية القسم وأوامر املدرس املستبد‪ ،‬وتعويض‬
‫ذل ك كل ه باملش اركة الدميقراطي ة القائم ة على التنش يط واالبتك ار واإلب داع‪ ،‬بتش ييد الدول ة للمخت ربات‬
‫العلمي ة‪ ،‬وتأس يس احملرتف ات األدبي ة‪ ،‬وتوف ري الورش ات الفني ة‪ ،‬وبن اء املق اوالت التقني ة واألندي ة الرياض ية‬
‫داخ ل ك ل مؤسس ة تعليمي ة على ح دة‪ .‬وميكن للمؤسس ة ك ذلك أن تق وم ب ذلك اعتم ادا على نفقاهتا‬
‫ومواردها الذاتية‪.‬‬

‫رابعا‪-‬أه ــداف التنشيط التربوي‪:‬‬

‫من املعل وم أن للتنش يط ال رتبوي جمموع ة من األه داف العام ة واخلاص ة ال يت ميكن تس طريها يف‬
‫النقط التالية‪:‬‬

‫‪‬يساهم التنشيط التعليمي يف تثقيف املتعلمني‪ ،‬وتأطريهم معرفيا ووجدانيا وحركيا؛‬


‫‪ ‬هتذيب الناشئة وختليقها لتكون يف مستوى املسؤولية وأهلية املشاركة والتدبري؛‬
‫‪‬االنتقال من بيداغوجيا املدرس إىل بيداغوجيا املتعلم؛‬
‫‪‬تفعيل احلياة املدرسية وتنشيطها؛‬
‫‪‬إدخال احليوية والديناميكية على الفعل الرتبوي والسلوك التعليمي؛‬
‫‪‬إخضاع اإليقاع املدرسي ملتطلبات التنشيط‪ ،‬وشروطه اإلجيابية؛‬
‫‪‬االهتم ام مبي ول املتعلم الس يكوبيداغوجية‪ ،‬واحلد من تص رفاته العابث ة‪ ،‬واس تيعاب مترده النفس ي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬عن طريق إشراكه يف بناء املؤسسة الرتبوية‪ ،‬عرب خلق مشاريع إبداعية مفيدة وممتعة؛‬
‫‪ ‬القضاء على الروتني القاتل‪ ،‬واحلد من الثبات املدرسي‪ ،‬عرب تفعيل عمليات التنشيط الثقايف واألديب‬
‫والفين والعلمي والرياضي؛‬
‫‪‬تطبيق فلسفة البيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬ومتثل مبادئها اإلنتاجية يف التعليم املغريب؛‬
‫‪ ‬خلق مؤسسات تربوية نظرية وتطبيقية‪ ،‬بإجياد مرافق تنشيطية‪ ،‬كتوفري احملرتف األديب والفين‪ ،‬وتشييد‬
‫قاعات الرياضة اجملهزة بأحدث اآلليات‪ ،‬وبناء خمتربات العلوم والتكنولوجيا‪.‬‬
‫إجياد منشطني مؤهلني أكفاء ليقوموا بعمليات التنشيط والتكوين والتأطري‪ ،‬داخل املؤسسات الرتبوية‬ ‫‪‬‬

‫التعليمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مرتكزات ومتطلبات تقنيات التنشيط التربوي وطرائقه‬

‫أوال‪ -‬مرتك زات التنش يط ال تربوي‪ :‬إذا تأملن ا فع ل التنش يط‪ ،‬يف جمال الرتبي ة والتعليم‪ ،‬فه و ينب ين على‬
‫عدة مرتكزات نظرية وتطبيقية‪ ،‬ويستند إىل جمموعة من املفاهيم اإلجرائية‪ ،‬اليت البد من االعتماد عليها‬
‫بغية متثلها أثناء حصة التنشيط‪ .‬وهذه املرتكزات هي على النحو التايل‪:‬‬

‫‪‬اإلميان بفلسفة اإلبداع واالخرتاع واالبتكار؛‬


‫‪‬التحلي باملواطنة الصاحلة؛‬
‫‪‬متثل البعد القومي يف عمليات التنشيط بغية خدمة األمة؛‬
‫‪‬االنطالق من التصور اإلنساين؛‬
‫‪‬االشتغال يف فريق مجاعي؛‬
‫‪‬األخذ بالفلسفة التشاركية؛‬
‫‪‬االهتداء بالفكر الدميقراطي املبين على التعاون‪ ،‬واالستشارة‪ ،‬والتسامح‪ ،‬والتفاهم‪ ،‬واحرتام اآلخر؛‬
‫‪‬ربط النظري بالتطبيقي‪ ،‬واملعريف بالعملي؛‬
‫‪ ‬االرتكاز على اجلوانب املعرفية والوجدانية واحلركية يف الشخصية اإلنسانية؛‬
‫‪‬التسلح باملعطيات السيكواجتماعية يف عمليات التنشيط؛‬
‫‪‬خلق املدرسة الديناميكية الفعالة؛‬
‫‪‬تفعيل مذكرات احلياة املدرسية وتنشيطها؛‬
‫‪ ‬خلق أجواء التباري والتنافس والتفوق والريادة والتميز يف جمال الرتبية والتعليم؛‬
‫‪‬ربط املدرسة بالتجديد والكفاءة واخلربة واجلودة الكمية والكيفية؛‬
‫‪ ‬حتويل املدرسة من ثكنة إلزامية صارمة إىل مدرسة االلتزام‪ ،‬واملواطنة احلقة‪ ،‬واحلياة السعيدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬تقني ــات التنشيط‪ :‬مثة جمموعة من التقنيات التنشيطية اليت ميكن االعتماد عليها‪ ،‬أو االستعانة هبا‪،‬‬
‫بشكل من األشكال‪ ،‬خللق مدرسة إبداعية فعالة وجديدة‪ ،‬تساهم يف الرفع من مستوى املتعلمني‪ ،‬والرقي‬
‫باإلنسان املواطن‪ ،‬وتوفري األطر الفعالة القادرة على تسيري دواليب الدولة‪ ،‬وحتريك اقتصادها‪ ،‬من أجل‬
‫توفري أجواء املنافسة من جهة‪ ،‬واملسامهة يف حتريك عجلة العوملة من جهة أخرى‪ .‬ومن أهم هذه التقنيات‬
‫واآلليات والوسائل ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬توفري بيئة تعليمية مناسبة‪ :‬جيب توفري بيئة تعليمية حتفز الطالب وتشجعهم على املشاركة واالستفادة‬
‫من املواد التعليمية‪ .‬ميكن حتقيق ذلك من خالل تنظيم الفصل الدراسي بشكل يسمح بالتفاعل والتعاون‬
‫بني الطالب وتوفري املوارد املالئمة‪.‬‬

‫‪ .2‬اس تخدام أس اليب ت دريس متنوع ة‪ :‬جيب على املعلمني اس تخدام أس اليب ت دريس متنوع ة ومبتك رة‬
‫لتلبي ة احتياج ات الطالب املختلف ة وحتف يزهم‪ .‬ميكن اس تخدام تقني ات مث ل املناقش ات اجلماعي ة‪ ،‬والتعلم‬
‫النشط‪ ،‬والتعلم القائم على املشروعات لتعزيز التفاعل واملشاركة‪.‬‬

‫‪ .3‬توف ري ردود فع ل فوري ة‪ :‬جيب على املعلمني تق دمي ردود فع ل فوري ة وإجيابي ة للطالب‪ ،‬س واًء ك انت‬
‫ردود فعل فردية أو مجاعية‪ .‬يعزز ذلك الشعور بالثقة والتحفيز ويساهم يف حتقيق تنشيط التعلم‪.‬‬

‫‪ .4‬استخدام التكنولوجيا‪ :‬ميكن استخدام التكنولوجيا يف العملية التعليمية لتعزيز التنشيط الرتبوي‪ ،‬مثل‬
‫استخدام الوسائط املتعددة والتعلم عن ُبعد والتعليم اإللكرتوين‪ .‬تسهم التقنيات املبتكرة يف إثارة اهتمام‬
‫الطالب وتسهيل الوصول إىل املعلومات‪.‬‬

‫‪ .5‬تشجيع املشاركة النشطة‪ :‬جيب تشجيع الطالب على املشاركة النشطة يف الدروس وتبادل األفكار‬
‫واملناقش ات‪ .‬ميكن حتقي ق ذل ك عن طري ق إطالق التح ديات واألس ئلة وتش جيع الطالب على التفك ري‬
‫النقدي والتعاون مع زمالئهم‪.‬‬

‫‪ .6‬توف ري ف رص التعلم التجري يب‪ :‬جيب توف ري ف رص للطالب للتعلم التجري يب والتط بيق العملي للمف اهيم‬
‫واملهارات املكتسبة‪ .‬ميكن ذلك من خالل األنشطة العملية واملشاريع والزيارات امليدانية‪.‬‬
‫‪ .7‬تعزيز االبتكار واإلبداع‪ :‬جيب تشجيع الطالب على التفكري اإلبداعي واالبتكار وتوفري فرص لتطوير‬
‫قدراهتم يف هذا اجملال‪ .‬ميكن ذلك من خالل حل املشكالت الواقعية وتشجيع األفكار اجلديدة‪.‬‬

‫الطرائـق التربوية الفعال ــة‬

‫تع د الطرائ ق الرتبوي ة الفعال ة من أهم التقني ات واآللي ات اإلجرائي ة لتحقي ق التق دم والنج اح واالزده ار‬
‫احلقيقي‪ ،‬والس يما أهنا من مقوم ات الرتبي ة احلديث ة واملعاص رة يف الغ رب‪ ،‬كم ا ق ال الس يد بل وخ(‬
‫‪ ،)Bloch‬حينم ا أعلن أن جناح املدرس ة الفعال ة‪ " :‬الزم من أج ل ب زوغ جمتم ع دميق راطي‪ ،‬الميكن أن‬
‫يكون كذلك إال عن طريق منطوق مؤسساته"‪.2‬‬

‫وقد ظهرت هذه الطرائق الفعالة يف أوروبا‪ ،‬يف أواخر القرن التاسع عشرو بداية القرن العشرين‪ ،‬مع‬
‫ماري ا مونتيس وري‪ ،‬وج ون دي وي‪ ،‬وكالباري د وكرشنش تاير‪ ،‬وفريني ه‪ ،‬وك ارل روج رز‪ ،‬ومك ارنكو‪،‬‬
‫وأوليفيي ه ريب ول‪ ،‬وفرييريوج ان بياجي ه ‪.،‬وتعتم د ه ذه الطرائ ق الفعال ة احلديث ة على ع دة مب ادئ أساس ية‬
‫هي‪ :‬اللعب‪ ،‬وتعلم احلي اة عن طري ق احلي اة‪ ،‬والتعلم ال ذايت‪،‬واحلري ة‪ ،‬واملنفع ة العملي ة‪ ،‬وتفتح الشخص ية‪،‬‬
‫واالعتماد على السيكولوجيا احلديثة‪ ،‬واالستهداء بالفكر التعاوين‪ ،‬واالسرتشاد بالتسيري الذايت‪ ،‬وتطبيق‬
‫الالتوجيهية‪ ،‬ودمقرطة الرتبية والتعليم‪...‬‬

‫هذا‪ ،‬ويؤكد أصحاب الطرائق الفعالة احلديثة‪ ،‬بلغة تكاد تكون واحدة‪ ،‬رفضهم القاطع للنزعة التسلطية‬
‫والتلقيني ة‪ ،‬م ع ض رورة" ت دعيم والدة جمتم ع دميق راطي‪ ،‬م ادامت املدرس ة التقليدي ة التك ون الكي ان‬
‫الشخصي‪ ،‬كما الحتقق الدمج االجتماعي‪ ،‬بل تؤدي على العكس‪ ،‬يف آن واحد‪ ،‬إىل متييع اجملتمع‪ ،‬وإىل‬
‫قي ام النزع ة الفردي ة األناني ة‪ .‬ويض يف أوهلم‪ ،‬ونع ين كالباري د‪ ،‬أن عالج مث ل ه ذه النقيص ة اليك ون ب أن‬
‫ندخل على هامش األمر تربية مدنية غريبة عن أي تربية من هذا الطراز التقليدي‪ .‬ويشيد مجيعهم بالقيادة‬
‫الذاتية لسبب وحيد‪ ،‬هو أهنم يريدون أن حيلوا حمل النظم الزجرية اليت ييسر الرتويض ذيوعها وانتشارها‪،‬‬
‫بأخرى جديدة تشتمل على املشاركة واملسؤولية‪ .‬وبالتايل‪ ،‬على ما ييسر انطالق الشعور الغريي‪.‬‬

‫‪ - 2‬غي آفانزيين‪ :‬الجمود والتجديد في التربية المدرسية ‪ ،‬ترمجة‪ :‬الدكتور عبد اهلل عبد الدائم‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪1981‬م‪ ،‬ص‪.280:‬‬
‫وأخ ريا‪ ،‬إهنم خيش ون‪ ،‬يف ح ال غي اب الت دريب املناس ب‪ ،‬أن تنح در الدميقراطي ة‪ ،‬فتغ دو حكم التفاه ة‬
‫‪3‬‬
‫والضعة‪".‬‬

‫وهكذا‪ ،‬تستوجب عمليات التنشيط متثل الطرائق الفعالة يف الرتبية احلديثة‪ ،‬كما يتضح ذلك جليا عند‬
‫منتسوري‪ ،‬ودوكرويل‪ ،‬وكالباريد‪ ،‬وجون ديوي‪ ،‬ووليام جيمس‪ ،...‬وتطبيق مبادئها النظرية والعملية‪،‬‬
‫كأن نأخ ذ ‪ -‬مثال‪ -‬بفلسفة احلري ة‪ ،‬والعم ل‪ ،‬والتعلم ال ذايت‪ ،‬والرتك يز على املتعلم‪ ،‬واالهتم ام ب اللعب‪،‬‬
‫وتعلم احلياة عن طريق احلياة‪ ،‬واالشتغال يف فريق‪ ،‬وربط النظري مبا هو تطبيقي وعملي ونافع ومفيد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الدراسة الميدانية‬

‫‪ - 3‬غي آفانزيين‪ :‬الجمود والتجديد في التربية المدرسية‪ ،‬ص‪.279:‬‬

You might also like