You are on page 1of 365

‫رقم الترتيب ‪ /...........

‬ك ع إ ت ع ت‪/‬ج ب ‪1026/‬‬

‫وزارة التعليــم العالــــي و البحث العلمــــي‬


‫جــامعـة امحمـد بوقــرة بومــــرداس‬

‫كليــة العلــوم االقتصادية ‪ ،‬التجــارية و علــوم التسييـر‬


‫أطروحة الدكتــوراه‬
‫شعبـة‪ :‬علوم التسيير‬
‫تخـصص‪ :‬مالية المؤسسة‬

‫التحرير المالي وانعكاساته على المنظومة البنكية الجزائرية‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة‪:‬‬


‫أ‪ .‬د بوكساني رشيد‬ ‫زواوي فضيلة‬
‫لجنة المناقشة‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة بومرداس‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫مغاري عبد الرحمن‬


‫مشرفا‬ ‫جامعة البويرة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫بوكساني رشيد‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة بومرداس‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫بلوناس عبد اهلل‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة البويرة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫جميل احمد‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة البليدة‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫رزيق كمال‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة بومرداس‬ ‫أستاذ محاضر قسم "أ"‬ ‫درار عياش‬

‫السنـة الدراسيـة ‪2016/ 2015‬‬


‫كلمة شكر‬

‫الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات والصالة والسالم على رسوله الكريم ومن تبعه بإحسان إلى‬
‫يوم الدين‪.‬‬

‫بادئا أشكر وأحمد رب العباد العلي القدير شك ار جزيال طيبا مباركا فيه الذي أنارنا بالعلم وزيننا‬
‫بالحلم‪ ،‬وأكرمنا بالتقوى‪ ،‬وأنعم علينا بالعافية‪ ،‬وأنار طريقنا ويسر ووفق وأعان في إتمام هذه الدراسة‬
‫وتقديمها على الشكل الذي هي عليه اليوم‪ ،‬فله الحمد والشكر وهو الرحمان المستعان‪.‬‬

‫وعرفانا بالمساعدات التي قدمت حتى يخرج هذا العمل إلى النور أتقدم بجزيل الشكر والتقدير والعرفان‬
‫لألستاذ الدكتور الفاضل بوكساني رشيد الذي قبل تواضعا وكرامة اإلشراف على هذا العمل‪ ،‬فله أخلص تحية‬
‫وأعظم تقدير على كل ما قدمه لي من توجيهات وارشادات‪ ،‬وعلى كل ما خصني به من جهد ووقت طوال‬
‫إشرافه على هذه الدراسة‪.‬‬

‫كما نتوجه بالشكر الجزيل إلى السادة أعضاء لجنة المناقشة لتفضلهم بقراءة هذا البحث وابداء‬
‫المالحظات القيمة من أجل إثرائه واخراجه بالصورة العلمية المناسبة‪.‬‬

‫كما ال يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم في إنجاز هذا العمل من قريب أو بعيد‪،‬‬
‫والى كل من أمدني بيد العون ولو بكلمة طيبة مشجعة‪.‬‬

‫إلى كل هؤالء أقول شك ار جزيال‪...‬‬


‫اإلهداء‬

‫الحمد هلل الذي أمطر علينا من وابل فضله فيسر لنا السبل ووفقنا إلى بلوغ المقصد‬

‫أهدي هذا العمل إلى من قال فيهما سبحانه وتعالى "وقضى ربك أال تعبدو إال إياه‬

‫وبالوالدين إحسانا"‬

‫اآلية ‪ 32‬من سورة اإلسراء‪.‬‬

‫إلى مثال الصبر واإليمان‪ ،‬أمي الحنونة‬

‫إلى مبعث الحماس والتشجيع‪ ،‬إلى من حرص على تعليمي بكل حب وحنان وتفاني‬

‫والدي العزيز شفاه اهلل‪.‬‬

‫إلى أعز ما في الوجود إبنيا أمير إلياس‪ ،‬محمد نضال‪ ،‬وزوجي الذي كان المدعم لي‬

‫طوال إعداد هذا العمل‬

‫إلى إخوتي وكل األقارب واألصدقاء‬

‫إلى م ن شجعوني ووقفوا إلى جانبي في كل الظروف وأسهموا بمظاهر النصح واإلرشاد‪.‬‬

‫والى كل من ساعدني من قريب أو بعيد‬

‫إليهم جميعا أهدي هذا العمل‬

‫فضيلة‬
‫الفهرس‬

‫رقم الصفحة‬ ‫البيـــان‬


‫كلمة شكر‬
‫اإلهداء‬
‫الفهرس‬
‫‪I-II‬‬ ‫قائمة الجداول واألشكال‬
‫أ‪-‬ز‬ ‫مقدمة عامة‬

‫الفصل األول‬
‫العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والمصرفي‬
‫‪20‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪20‬‬ ‫االقتصادية‬
‫ّ‬ ‫األول‪ :‬الجوانب النظرية للعولمة‬
‫المبحث ّ‬
‫‪20‬‬ ‫األول‪ :‬نشأة العولمة ومؤشراتها‬
‫المطلب ّ‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم العولمة االقتصادية وأنواعها‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مظاهر وخصائص العولمة االقتصادية‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أهداف العولمة االقتصادية‬
‫‪00‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مؤسسات العولمة االقتصادية وتأثيراتها في تحول آلية النظام االقتصادي الدولي‬

‫‪02‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬صندوق النقد الدولي و تأثيراته على النظام النقدي الدولي‬
‫‪02‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬البنك الدولي وتأثيراته على النظام المالي الدولي‬
‫‪01‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬المنظمة العالمية للتجارة وتأثيراتها في تحول النظام التجاري الدولي‬
‫‪22‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬العولمة المالية وتأثيراتها على سياسات التحرير المالي‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العولمة المالية والعوامل المفسرة لها‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم التحرير المالي وأهدافه‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬متطلبات نجاح التحرير المالي والبنكي‬
‫‪61‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مكاسب ومخاطر سياسات التحرير المالي‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية وأثرها في انتشار عولمة النشاط‬
‫الفهرس‬

‫‪76‬‬ ‫المالي والبنكي‬


‫‪76‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اتفاقية تحرير تجارة الخدمات ال مالية ونطاق تطبيقها‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم العولمة البنكية وأهدافها‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬متطلبات تفعيل أداء البنوك في ظل العولمة البنكية‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تحرير المعامالت المالية والبنكية‪ ،‬المزايا والتحديات العالمية‬
‫‪10‬‬ ‫خالصة‬

‫الفصل الثاني‬
‫تطور المنظومة البنكية الجزائرية من االشتراكية إلى التحرير المالي‬
‫‪11‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪16‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المنظومة البنكية في ظل االقتصاد الموجه ‪1160‬م‪1111 -‬م‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مرحلة تكوين النظام البنكي الجزائري ‪2693‬م ‪2610-‬م‬
‫‪121‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المنظومة البنكية في ظل اإلصالح المالي لسنة ‪2612‬م‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬اإلصالحات البنكية في ظل المخطط الوطني للقرض لسنة ‪2699‬م‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬قراءة في قانون استقاللية المؤسسات االقتصادية رقم ‪06/99‬‬
‫‪117‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنظومة البنكية في ظل قانون النقد والقرض رقم‪12/90‬‬
‫‪117‬‬ ‫المطلب األول‪:‬األسباب التي دفعت إلى اإلصالحات البنكية في إطار قانون النقد والقرض‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مبادئ قانون النقد والقرض‬
‫‪100‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف قانون النقد والقرض‬
‫‪100‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تنظيم الجهاز البنكي الجزائري على ضوء قانون النقد والقرض‬
‫‪101‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬إفالس البنوك الخاصة الجزائرية والترتيبات الجديدة الصادرة على قانون النقد والقرض‬

‫‪101‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬إفالس بنك الخليفة والبنك الصناعي التجاري سنة ‪1002‬م وأسبابها‪.‬‬
‫‪120‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض لسنة ‪3002‬م‬
‫‪120‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض لسنة ‪3002‬م‬
‫‪121‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض لسنة ‪3020‬م‬
‫‪127‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬التحديات التي تواجهها البنوك الجزائرية في ظل انتشار سياسات التحرير المالي‬
‫الفهرس‬

‫‪127‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أثار اتفاقية تحرير الخدمات المالية على المنظومة البنكية الجزائرية‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬االتجاه إلى عولمة النشاط المصرفي واعادة هيكلة صناعة الخدمات المالية‬
‫‪110‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬االندماج المصرفي وخوصصة البنوك‬
‫‪162‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬التحول إلى البنوك الشاملة‬
‫‪161‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬ضرورة االلتزام بمعيار كفاية رأس المال كما جاء بمقرات لجنة بازل‪.2‬‬
‫‪161‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬استراتيجيات تطوير أداء البنوك الجزائرية في ظل تطبيق سياسات التحرير المالي‪.‬‬

‫‪161‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬إستراتيجية تطوير الخدمة البنكية‬


‫‪170‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬إستراتيجية تطوير وتبني مفهوم التسويق البنكي‬
‫‪171‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬إستراتيجية مواكبة المعايير الدولية‬
‫‪171‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬إستراتيجية تفعيل دور البنك المركزي لتطوير أداء الجهاز البنكي‬
‫‪112‬‬ ‫الخالصة‬

‫الفصل الثالث‬
‫أثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر(‪1112‬م ـ‪0212‬م)‬
‫‪110‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪110‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الجوانب النظرية للسياسة النقدية‬
‫‪110‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف السياسة النقدية وأسسها‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع السياسة النقدية‬
‫‪116‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف السياسة النقدية‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أدوات السياسة النقدية ومتطلبات فعاليتها لتحقيق االستقرار النقدي‬
‫‪111‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬عرض مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة ‪1111‬م‪1111-‬م‬
‫‪116‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تحليل ظروف وأهداف إصالح السياسة النقدية خالل الفترة ‪2696‬م ـ‪2666‬م‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عرض السياسة النقدية في ظل البرنامج اإلستعدادي االئتماني األول والثاني‬
‫‪022‬‬ ‫مع"ص‪.‬ن‪.‬د" (‪)2662-2696‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬عرض السياسة النقدية في ظل البرنامج اإلستعدادي االئتماني الثالث‬
‫‪027‬‬ ‫مع"ص‪.‬ن‪.‬د" (أفريل ‪2661‬م ـ مارس ‪2661‬م)‬
‫الفهرس‬

‫المطلب الرابع‪ :‬عرض السياسة النقدية في ظل االتفاق الموسع مع"ص‪.‬ن‪.‬د" (‪ 22‬مارس‬


‫‪021‬‬ ‫‪ 2661‬إلى ‪ 2‬افريل ‪)2669‬‬
‫‪010‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬عرض مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬

‫‪010‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أهم التعديالت القانونية لسير السياسة النقدية خالل الفترة (‪3000‬م‪3021-‬م)‬

‫‪011‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدوات السياسة النقدية المستخدمة خالل الفترة (‪3000‬م‪3021-‬م)‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطور الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪3000‬م‪3021-‬م)‬
‫‪001‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تطور مقابالت الكتلة النقدية بالجزائر خالل الفترة (‪3000‬م‪3021-‬م)‬
‫المبحث الرابع‪ :‬تقييم أداء السياسة النقدية في تحقيق األهداف االقتصادية خالل الفترة‬
‫‪000‬‬ ‫(‪0222‬م‪0212-‬م)‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تقييم السياسة النقدية في ضبط التضخم في الجزائر (‪3000‬م‪3021 -‬م)‬
‫‪006‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تقييم السياسة النقدية في تحقيق هدف التشغيل في الجزائر (‪3000‬م‪3021 -‬م)‬

‫‪001‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تقييم السياسة النقدية في تحقيق النمو االقتصادي في الجزائر(‪3000‬م‪3021 -‬م)‬

‫‪020‬‬ ‫المطلب الرابع‪:‬تقييم السياسة النقدية في تحقيق توازن ميزان المدفوعات في الجزائر(‪3000‬م ـ‪3021‬م)‬

‫‪021‬‬ ‫الخالصة‬

‫الفصل الرابع‬
‫التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬
‫‪012‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪011‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬بورصة الجزائر ومكانتها في تمويل االقتصاد الوطني‬
‫‪010‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نشأة بورصة الجزائر وأهميتها االقتصادية‬
‫‪017‬‬ ‫المطلب الثاني‪:‬شروط دخول المؤسسات االقتصادية للبورصة وتجربة بعض المؤسسات المدرجة فيها‬

‫‪060‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مؤشرات أداء بورصة الجزائر‬


‫‪062‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬معوقات بورصة الجزائر وسبل تفعيلها‬
‫‪070‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬التمويل بتقنية االستئجار(التمويل التأجيري)‬
‫‪070‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نشأة التأجير التمويلي وانتشاره عالميا‬
‫‪076‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم التأجير التمويلي وأنواعه‪.‬‬
‫الفهرس‬

‫‪071‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مزايا التمويل التأجيري‬


‫‪010‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية التمويل التأجيري في الجزائر‬
‫‪017‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬التمويل بتقنية عقد تحويل الفاتورة‬
‫‪017‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي لنظام عقد تحويل الفاتورة‬
‫‪017‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم عقد تحويل الفاتورة‬
‫‪011‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أهمية عقد تحويل الفاتورة‬
‫‪012‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية عقد تحويل الفاتورة في الجزائر‬
‫‪012‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬التمويل بتقنية رأس المال المخاطر‬
‫‪012‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نشأة رأس المال المخاطر‬
‫‪011‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم رأس مال المخاطر‬
‫‪016‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب ومراحل التمويل في مؤسسات رأس مال المخاطر‬
‫‪017‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية رأس مال المخاطر في الجزائر‬
‫‪021‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬التمويل بتقنية تمويل المشروع‬
‫‪021‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نشأة تقنية تمويل المشروع‬
‫‪021‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم تقنية تمويل المشروع‬
‫‪020‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أسس تقنية تمويل المشروع‬
‫‪022‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية تمويل المشروع في الجزائر‬
‫‪021‬‬ ‫خالصة‬
‫‪012‬‬ ‫خاتمة عامة‬
‫‪002‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪022‬‬ ‫الملخص‬
‫قائمة الجداول واألشكال‬

‫‪.1‬قائمة الجداول‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫رقم‬
‫‪21‬‬ ‫مؤشر العولمة لبعض الدول العربية ودول مقارنة لعام ‪0226‬م‬ ‫‪1- 1‬‬
‫‪12‬‬ ‫مكونات مؤشر العولمة للدول العربية المتاحة لعام ‪0226‬م‬ ‫‪0- 1‬‬
‫‪11‬‬ ‫تطور ترتيب بعض الدول العربية في مؤشر العولمة خالل الفترة ‪0221‬م ـ‪0227‬م‬ ‫‪0- 1‬‬
‫‪10‬‬ ‫نسبة مساهمة الشركات متعددة الجنسيات في التجارة العالمية خالل فترة الثمانينات‬ ‫‪2- 1‬‬
‫‪11‬‬ ‫التوزيع الجغرافي ألكبر الشركات العالمية حسب مؤشر الفايناناشيال تايمز عام ‪0222‬م‬ ‫‪1- 1‬‬
‫‪06‬‬ ‫حصص الدول األعضاء في صندوق النقد الدولي عام ‪1117‬م‬ ‫‪6- 1‬‬
‫‪07‬‬ ‫البلدان العشر ذوي الحصص األكبر من الحصص الكلية عام ‪7991‬م‬ ‫‪7- 1‬‬
‫السياسات االقتصادية المعمول بها في ‪ 12‬برنامجا يدعمها الصندوق خالل الفترة‬
‫‪02‬‬ ‫‪1- 1‬‬
‫‪1112‬م ‪1112-‬م‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫األهمية النسبية لتجارة الخدمات الدولية عام‪1110‬م‪ -‬الصادرات‬ ‫‪1‬ـ‪1‬‬
‫‪21‬‬ ‫المصدرين الرئيسيين للخدمات عام ‪1111‬م‬ ‫‪12- 1‬‬
‫نسبة المعامالت الدولية في األسهم والسندات بالنسبة للناتج المحلي اإلجمالي خالل‬
‫‪26‬‬ ‫‪1‬ـ‪11‬‬
‫الفترة( ‪1171‬م‪1117 -‬م)‬
‫‪111‬‬ ‫تطور معدالت إعادة التمويل في الجزائر خالل الفترة(‪1111‬م ـ‪1111‬م)‬ ‫‪1- 0‬‬
‫‪016‬‬ ‫تطور معدل إعادة الخصم في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬ ‫‪0- 0‬‬
‫‪011‬‬ ‫تطور معدل االحتياطي اإلجباري في الجزائر خالل الفترة (‪0221‬م‪0212-‬م)‪.‬‬ ‫‪0- 0‬‬
‫‪001‬‬ ‫تطور الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212 -‬م)‬ ‫‪2- 0‬‬
‫‪001‬‬ ‫تطور هيكل الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة(‪0222‬م‪0212-‬م)‬ ‫‪1- 0‬‬
‫‪002‬‬ ‫تطور مقابالت الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة(‪0222‬م‪0212-‬م)‬ ‫‪6- 0‬‬
‫‪000‬‬ ‫تطور معدالت التضخم في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م ‪0212-‬م)‬ ‫‪7- 0‬‬
‫‪007‬‬ ‫تطور معدالت البطالة في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م ـ‪0212‬م)‬ ‫‪1- 0‬‬
‫‪022‬‬ ‫تطور معدالت النمو الحقيقي للناتج الداخلي الخام في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‪.‬‬ ‫‪1- 0‬‬
‫‪020‬‬ ‫تطور رصيد ميزان المدفوعات في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م ‪0212-‬م)‬ ‫‪12- 0‬‬
‫‪060‬‬ ‫تطور نسبة رأس المال السوق في بورصة الجزائر (‪1111‬م‪0226-‬م)‬ ‫‪1- 2‬‬
‫‪060‬‬ ‫تطور حجم التداول في بورصة الجزائر خالل الفترة (‪1111‬م‪0226-‬م)‬ ‫‪0- 2‬‬
‫‪071‬‬ ‫حجم نشاط التأجير التمويلي في األسواق المتقدمة واألسواق الناشئة(‪1112‬م‪1112-‬م)‪.‬‬ ‫‪2‬ـ‪0‬‬
‫االستثمارات المحققة الستعمال القرض االيجاري لالستئجار المعدات واآلالت الزراعية في‬
‫‪011‬‬ ‫‪2‬ـ‪2‬‬
‫الجزائر خالل الفترة(‪1111‬م ـ ‪0220‬م)‬

‫‪I‬‬
‫قائمة الجداول واألشكال‬

‫‪.0‬األشكال‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫رقم‬

‫‪11‬‬ ‫آلية عمل المؤسسات المديرة للعولمة االقتصادية‬ ‫‪1- 1‬‬

‫‪120‬‬ ‫هياكل وقنوات التمويل لقروض االستثمار واالستغالل في الجزائر في نهاية الستينات‪.‬‬ ‫‪1-0‬‬
‫‪101‬‬ ‫هيكل الجهاز البنكي الجزائري في عام ‪0210‬م‬ ‫‪2-0‬‬
‫‪112‬‬ ‫مخطط يوضح ا ألهداف النهائية للسياسة النقدية‬ ‫‪1- 0‬‬
‫‪011‬‬ ‫منحنى تطور معدل االحتياطي اإلجباري في الجزائر للفترة (‪0221‬م ‪0212-‬م)‬ ‫‪0- 0‬‬
‫‪001‬‬ ‫تطور الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬ ‫‪0- 0‬‬
‫‪006‬‬ ‫منحنى تطور معدل التضخم في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‪.‬‬ ‫‪2- 0‬‬
‫‪001‬‬ ‫تطور معدالت البطالة في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬ ‫‪1- 0‬‬
‫تطور معدل النمو الحقيقي للناتج الداخلي الخام في الجزائر خالل الفترة (‪ 0222‬م ‪-‬‬
‫‪020‬‬ ‫‪6- 0‬‬
‫‪0212‬م)‪.‬‬
‫‪011‬‬ ‫أطراف وعالقات المجسدة لعقد تحويل الفاتورة‬ ‫‪2‬ـ‪1‬‬

‫‪II‬‬
‫مقدمة عامة‬

‫يشهد االقتصاد العالمي تطورات سريعة أدت إلى ظهور مجموعة من التغيرات االقتصادية والبنكية‬
‫العالمية‪ ،‬التي لها انعكاس واضح على تطور أداء وأعمال البنوك من منظور أن الجهاز البنكي يؤدي دو ار حيويا‬
‫في النظم االقتصادية والمالية بما له من تأثير ايجابي على التنمية االقتصادية من خالل تعبئة الموارد‬
‫تكون حلقة‬
‫والمدخرات الكافية والتوزيع الكفء لهذه المدخرات على االستثمارات المختلفة‪ .‬فالبنوك في مجموعها ّ‬
‫تتفاعل داخلها شتى مجاالت النشاط االقتصادي‪ ،‬وكلما نمى واتسع هذا النشاط زادت تبعا لذلك حسابات البنوك‬
‫وتعددت خدماتها‪ ،‬كما أن البنوك تقوم بدور رئيسي في تطور الدول اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا‪ ،‬حيث تقوم‬
‫بتمويل التنمية االقتصادية ولقد ظهرت أهميتها منذ القدم حيث كانت تشكل فيما بينها أجهزة فعالة يعتمد عليها‬
‫في تطوير وتنمية مختلف القطاعات االقتصادية‪.‬‬

‫وفي ظل العولمة االقتصادية وما فرضته من تطبيق سياسات للتحرير المالي والبنكي‪ ،‬فقد حدثت العديد‬
‫من التطورات والتغيرات العالمية مثل الخوصصة وتعاظم تحرير التجارة العالمية وخاصة تجارة الخدمات في‬
‫إطار تطبيق اتفاقية الجات بعد نجاح جولة األرغواي عام ‪2661‬م وانشاء المنظمة العالمية للتجارة في جانفي‬
‫عام ‪2661‬م‪ ،‬ومع زيادة االتجاه نحو العولمة المالية‪ ،‬فقد تعاظمت المعامالت النقدية والمالية في أسواق رأس‬
‫المال العالمية‪ ،‬وتزايد دور البنوك في تمويل التجارة الدولية خاصة مع االتجاه العالمي نحو التكتالت االقتصادية‬
‫العمالقة‪ ،‬هذا إلى جانب التغيرات في التكنولوجيا والمعلوماتية‪ ،‬باإلضافة إلى ظهور االبتكارات المالية والبنكية‬
‫الجديدة في مجال التقنيات المستحدثة للتمويل‪ ،‬وادارة النقدية وظهور الصيرفة االلكترونية وغيرها‪ ،‬وقد أدت هذه‬
‫التغيرات العالمية إلى زيادة درجة المنافسة سواء المحلية أم العالمية في السوق البنكية‪ ،‬حيث أصبحت البنوك‬
‫عرضة للعديد من المخاطر التي تنشأ من العوامل الداخلية والتي تتعلق بنشاط وادارة البنك وكذلك العوامل‬
‫الخارجية الناتجة عن تغير البيئة التي يعمل فيها البنك‪.‬‬

‫ويعد التحرير المالي أحد معالم النظام المالي الجديد وأهم التطورات االقتصادية البارزة خالل فترة‬
‫الثمانينات من القرن الماضي‪ ،‬من خالل إلغاء القيود والضوابط المفروضة على حركة رؤوس األموال قصيرة‬
‫وطويلة األجل عبر الحدود الوطنية‪ ،‬واعطاء السوق مطلق الفاعلية في عملية ضمان وتوزيع وتخصيص الموارد‬
‫المالية وتحديد أسعار العمالت طبقا لقوى العرض والطلب‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن من مقتضيات التحرير‬
‫المالي إلغاء القيود على تخصيص االئتمان المحلي وعلى معدالت الفائدة‪ ،‬واعطاء البنوك والمؤسسات المالية‬
‫حرية كبيرة في إدارة نشاطها‪ ،‬لكن هذا ال يعني بالضرورة قيام نظام بنكي حر مئة بالمائة ألن الحكومات‬

‫أ‬
‫مقدمة عامة‬

‫وألسباب تحوطية سوف تستمر في اإلشراف على النظام البنكي من خالل تجسيد سياسة نقدية فعالة لتحقيق‬
‫مستويات مقبولة من االستقرار النقدي‪.‬‬

‫وتعتبر الجزائر كغيرها من الدول التي انتهجت النظام االشتراكي‪ ،‬حيث عانت من عدة مشاكل اقتصادية‬
‫واجتماعية خاصة مع التحول الذي شهدته أواخر الثمانينات من القرن الماضي الناتج عن األزمة النفطية لعام‬
‫‪2699‬م ‪ ،‬األمر الذي جعلها مجبرة على اللجوء إلى المنظمات العالمية من بينها صندوق النقد الدولي‪ ،‬حيث‬
‫ظهر اقتناع السلطات الجزائرية بضرورة وحتمية االندماج في النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬حيث شرعت‬
‫الجزائر في تطبيق حزمة من اإلصالحات االقتصادية منذ بداية عقد التسعينيات من أجل تغيير نمط تسيير‬
‫االقتصاد من االقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق‪ ،‬وتقليل تدخل الدولة في االقتصاد‪ ،‬وافساح المجال للمبادرة‬
‫الخاصة‪ .‬ومست اإلصالحات جميع القطاعات االقتصادية‪ ،‬وان اختلفت درجة اإلصالح (التحرير) من قطاع‬
‫إلى آخر وهذا لمسايرة القوانين والمبادئ التي يقوم عليها هذا النظام حيث دخلت في مفاوضات مع صندوق النقد‬
‫الدولي‪ ،‬وتم إبرام اتفاقيات بين الطرفين وتم تبني برامجه اإلصالحية والتي عرفت في المرحلة األولى بمجموعة‬
‫من البرامج لمدة سنة‪ ،‬والذي يقتضي القيام بإيقاف تراجع النمو االقتصادي‪ ،‬واحتواء وتيرة التضخم‪ ،‬ولكن تأزم‬
‫الوضعية المالية للدولة الناتجة في جزء كبير منها عن المديونية التي انفجرت كمشكل معقد في عشرية‬
‫التسعينات‪ ،‬حيث تم تطبيق في المرحلة الثانية برنامج التعديل الهيكلي (افريل عام ‪2661‬م ـ مارس عام‬
‫‪2669‬م) من أجل إنعاش االقتصاد الوطني‪ ،‬والحفاظ على مستوى تشغيل دائم‪.‬‬

‫وكغيره من القطاعات‪ ،‬يحتل النظام البنكي ضمن الهيكل المالي لالقتصاد مرك از حيويا في تعبئة‬
‫المدخرات وتمويل التنمية من خالل قدرته في تدفق األموال بين فئات االقتصاد الوطني‪ ،‬إال أن النظام البنكي‬
‫الجزائري شهد وضعية تدهور اقتصادي بشكل عام‪ ،‬قبل مباشرة عملية اإلصالحات االقتصادية الشاملة فكان‬
‫يتميز بسيطرة النظام البنكي الحكومي على جميع النشاطات المالية‪ ،‬كما أن السياسات النقدية المتبعة يطغى‬
‫عليها طابع الكبح المالي والذي نعني به انعكاس لتدخل الحكومة الشديدة في المجال االقتصادي والمالي‪،‬‬
‫ويظهر هذا التدخل من خال ل التشريعات والقوانين التي تخص النشاط البنكي والهادفة إلى الحد من حرية الجهاز‬
‫البنكي‪ ،‬والذي أدى إلى عدم كفاءة حشد الموارد وسوء تخصيصها‪ ،‬كما أن الجهاز البنكي كان يشكو من‬
‫إختالالت هيكلية ناجمة عن عدم وجود المنافسة في مختلف أوجه النشاط البنكي والمالي‪ ،‬إضافة إلى ذلك‬
‫التجزئة غير العقالنية لألنشطة البنكية وتقصير كفاءة المحافظ االستثمارية‪ ،‬ضعف التسيير واضفاء الطابع‬

‫ب‬
‫مقدمة عامة‬

‫اإلداري عليه نتيجة الضغوطات اإلدارية الفوقية بسبب هيمنة القطاع العام على هيكل الملكية‪ .‬ولهذه األسباب‬
‫وغيرها شهد هذا األخير أولى اإلجراءات اإلصالحية ال تي قامت بها الدولة الجزائرية كخطوة أساسية لإلصالح‬
‫االقتصادي والمالي‪ ،‬وهذا باعتماد قانون رقم(‪ 60‬ـ ‪ )20‬الصادر في ‪ 21‬أفريل سنة ‪2660‬م المتعلق بالنقد‬
‫والقرض‪ ،‬حيث كان الهدف األسمى للقانون تنظيم القطاع البنكي والمالي‪ ،‬بحيث أنشأ سلطة للضبط (بنك‬
‫الجزائر)‪ ،‬وأعطى حري ة أكبر للبنوك في ممارسة وظائفها األساسية (تعبئة االدخار‪ ،‬وتوزيع القروض)‪ .‬ويبدو أن‬
‫الهدف الرئيس من وراء هذه اإلصالحات يقضي بأن تتحول ملكية هذه البنوك إلى القطاع الخاص في المدى‬
‫المتوسط و الطويل‪.‬‬

‫ورغم صدور قانون النقد والقرض مع مطلع تسعينات القرن الماضي‪ ،‬إال أن عملية االنفتاح الحقيقي‬
‫للقطاع البنكي وتحرير السوق البنكية الجزائرية لم تعرف انطالقتها الحقيقية إال مع بداية النصف الثاني من عقد‬
‫التسعينات من القرن الماضي‪ ،‬بحيث بدأت أولى البنوك الخاصة الوطنية وبعض فروع البنوك األجنبية في‬
‫النشاط وأخذت هذه البنوك الناشئة تأخذ حصة ولو متواضعة في السوق البنكية الجزائرية األمر الذي دفع بكثير‬
‫من المهتمين إلى طرح إشكالية المنافسة في السوق البنكي الجزائري ومدى قدرة البنوك العمومية الجزائرية على‬
‫مواجهة المنافسة وآثار التحرير البنكي عليها ‪ ،‬وهذا بالنظر إلى طبيعة الخدمات التي تقدمها البنوك الجزائرية‬
‫والتي تتميز بمحدوديتها وعدم تنوعها من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تتميز بأنها خدمات جد تقليدية ولم تواكب‬
‫التطورات الحاصلة في مجال الخدمات البنكية التي تقدمها البنوك في البلدان المتقدمة إضافة إلى التأخر‬
‫المسجل في تنظيمها وأخذها باألساليب الحديثة في التسيير وضعف التأطير البشري بها‪.‬‬

‫ونظ ار للحاجة الملحة لتطبيق سياسات التحرير المالي والبنكي في الجزائر لتفعيل أداء المنظومة البنكية‬
‫في النشاط االقتصادي من جهة‪ ،‬ومعرفة االنعكاسات التي تنجر عنها ‪ ،‬وكذا معرفة التحديات التي تواجهها‬
‫واالستراتيجيات المناسبة لمجابه تها‪ ،‬ارتأينا طرح اإلشكالية العامة لهذا البحث‪ ،‬والتي يمكن صياغتها في السؤال‬
‫الجوهري التالي‪ :‬إلى أي مدى ساهم ت سياسات التحرير المالي في تغيير وتطوير المنظومة البنكية الجزائرية؟‬
‫وماهي انعكاسات هذه األخيرة على مسار السياسة النقدية واستحداث ميكانزمات جديدة للتمويل في االقتصاد‬
‫الجزائري؟‬

‫ت‬
‫مقدمة عامة‬

‫‪ .1‬األسئلة الفرعية‬
‫من أجل اإلحاطة بكل جوانب الموضوع ومحاولة اإلجابة عن اإلشكالية الرئيسية لهذا البحث‪ ،‬يمكن لنا‬
‫تقسيم هذه اإلشكالية إلى األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬كيف ساهمت العولمة االقتصادية في االنتشار الواسع لسياسات التحرير المالي في دول العالم؟‬
‫‪ ‬ما هي مراحل تطور المنظومة البنكية الجزائرية‪ ،‬وما هي أهم التحديات التي تواجهها في ظل تطبيق‬
‫سياسات التحرير المالي‪ ،‬وفيما تتمثل االستراتيجيات الواجب االعتماد عليها لتفعيل أدائها؟‬
‫‪ ‬ما هو أثر البرامج اإلصالحية لصندوق النقد الدولي على مسار السياسة النقدية في الجزائر؟‬
‫‪ ‬كيف ساهمت سياسات التحرير المالي في إيجاد ميكانيزمات مستحدثة لتمويل االقتصاد الجزائري ؟‬

‫‪ .0‬فرضيات البحث‬
‫من أجل محاولة اإلجابة عن اإلشكالية الرئيسية لهذا البحث‪ ،‬من خالل االجابة عن األسئلة الفرعية ارتأينا‬
‫وضع الفرضيات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تعتبر المبادئ التي تعمل عليها مؤسسا ت العولمة االقتصادية سواء في الجانب النقدي‪ ،‬المالي والتجاري‬
‫في إطار العالقة التكاملية‪ ،‬من أهم العوامل التي فرضت وسرعت من وتيرة تطبيق سياسات التحرير المالي في‬
‫دول العالم‪.‬‬
‫‪ ‬مسيرة إصالح المنظومة البنكية الجزائرية عرفت تطو ار نوعيا في الفترة ( ‪2660‬م‪ 3021 -‬م) لكونها‬
‫عرفت إصدار العديد من القوانين االقتصادية والبنكية والتي كان لها انعكاس ايجابي في تطوير أداء النظام‬
‫البنكي الجزائري‪.‬‬
‫‪ ‬ارتبطت فعالية السياسة النقدية في الجزائر بتطبيق سياسات التحرير المالي والبنكي المفروضة من‬
‫طرف صندوق النقد الدولي‪ ،‬الذي فرض مجموعة من الب ارمج أثرت على مسارها ‪.‬‬
‫‪ ‬سمح انفتاح وتحرير السوق البنكي الجزائري من ظهور تحديات بوادر المنافسة وحفز البنوك على إدخال‬
‫تكنولوجيا الصناعة البنكية واالهتمام بتطبيق التقنيات المستحدثة للتمويل البنكي‪.‬‬

‫‪ .0‬أهمية البحث‬
‫شهدت معظم الدول النامية والناشئة ومنها الدول العربية والجزائر خاصة‪ ،‬ممارسة لسياسات الكبح المالي‬
‫واالعتماد على األدوات المباشرة في إدارة السياسة النقدية‪ ،‬وفي مرحلة الحقة قامت هذه الدول بعمليات التحرير‬

‫ث‬
‫مقدمة عامة‬

‫المالي ومحاولة االنفتاح على األسواق الخارجية‪ ،‬فقد شهدت فترة التسعينات من القرن الماضي تغيرات كبيرة في‬
‫النظم المالية ومن أبرزها إعادة هيكلتها وتحرير أسواق الخدمات المالية‪ ،‬هذا ما فرض عليها تحديات جديدة‬
‫تمثلت في حتمية مواجهة تداعيات العولمة المالية والمنافسة القوية في األسواق المالية والخدمات البنكية محليا‬
‫وخارجيا‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن ان دفاع الدول النامية نحو التحرير المالي واالنفتاح قبل تهيئة اقتصادياتها‬
‫ومؤسساتها المالية للتعامل مع بيئة التحرير أدى إلى تعرض تلك الدول إلى صعوبات وأزمات اقتصادية ومالية‪.‬‬

‫ومن هنا تبرز أهمية البحث في كون أن البنوك الجزائرية تواجه تحديا كبي ار على غرار بنوك دول العالم‪،‬‬
‫والتي تتمثل في تداعيات العولمة المالية من خالل تجسيد وتطبيق سياسات التحرير المالي‪ ،‬حيث اخذ االنفتاح‬
‫المالي على المستوى العالمي أو على المستوى المحلي أبعادا وأثا ار متعددة وعميقة طالت كل النظم االقتصادية‬
‫والمالية‪ ،‬ولهذا شهدت عدة تحوالت هيكلية وتنظيمية على مستوى منظومتها البنكية‪ ،‬وتعتبر هذه التحوالت‬
‫الهيكلية مرحلة انتقالية من اقتصاد المخطط إلى اقتصاد أك ثر مرونة واستقاللية وهو اقتصاد السوق‪.‬الذي مكنها‬
‫من الحصول على أثر استقاللية في نشاطها وتعامالتها والعمل على التوجه نحو استعمال التكنولوجيا المتطورة‬
‫في أداء األعمال البنكية‪.‬‬

‫‪ .2‬أهداف البحث‬
‫نسعى من خالل هذا البحث إلى تحقيق مجموعة من األهداف نوردها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬التعرف على العولمة المالية وأهم المؤسسات الداعمة لها وكيفية تأثير هذه األخيرة في انتشار سياسات‬
‫التحرير المالي والبنكي‪.‬‬
‫‪ ‬التعرف على ماهية سياسات التحرير المالي وأهم االثار الذي تخلفها على النظم المالية و البنكية في‬
‫الدول التي تتعرض لها‪.‬‬
‫‪ ‬التعرف على مراحل تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين الفترة االشتراكية وفترة التحرير االقتصادي‪،‬‬
‫وابراز مكانة قانون النقد والقرض رقم (‪ )20 /60‬في إحداث تغير جذري لمسار المنظومة البنكية الجزائرية‪.‬‬
‫‪ ‬يهدف البحث إلى تشكيل ردة فعل إستراتيجية لمساعدة البنوك الجزائرية على االستفادة من الفرص التي‬
‫يتيحها التحرير المالي‪ ،‬والحد من المخاطر التي تنتج عنه‪ ،‬من خالل تقييم قدرتها على مواجهة متطلبات‬
‫التحرير المالي وتحدياتها‪ ،‬ثم اقتراح االسترات يجيات المالئمة التي يمكن للبنوك الجزائرية من تبنيها من أجل‬
‫االستفادة من الفرص والحد من المخاطر المرتبطة بها‪.‬‬

‫ج‬
‫مقدمة عامة‬

‫‪ ‬التعرف على أثار سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية من خالل تطبيق البرامج‬
‫اإلصالحية لصندوق النقد الدولي خالل الفترة (‪2660‬م ـ ‪2666‬م)‪ ،‬با إلضافة إلى تقييم أداء هذه األخيرة في‬
‫تحقيق األهداف االقتصادية الكلية خالل الفترة(‪3000‬م ـ ‪3021‬م)‪.‬‬
‫‪ ‬التعرف على أهم الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الجزائري في ظل تطبيق سياسات التحرير‬
‫المالي سواء في جانب التمويل المباشر أو غير المباشر‪.‬‬
‫‪.1‬الدراسات السابقة‬
‫تعد الدراسات العلمية على مستوى األطروحات والرسائل الجامعية التي تناولت موضوع التحرير المالي في‬
‫الجزائر قليلة رغم األهمية الكبيرة التي ينبغي إعطائها لهذا الموضوع لما له من انعكاسات مباشرة على األنشطة‬
‫المختلفة لالقتصاد الوطني بشكل عام والمنظومة البنكية بشكل خاص‪ .‬فهناك دراسات تناولت بعض جوانب‬
‫الموضوع ولكن بنظرة مختلفة نذكر منها‪:‬‬

‫دراسة الباحث‪" :‬عبد القادر بريش سنة ‪3009‬م " المقدمة لنيل شهادة دكتوراه في كلية العلوم االقتصادية وعلوم‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬بعنوان "التحرير البنكي ومتطلبات تطوير الخدمات البنكية وزيادة القدرة التنافسية‬
‫للبنوك الجزائرية" حيث كانت إشكالية البحث تتمحور حول انعكاسات سياسة التحرير البنكي على البنوك‬
‫الجزائرية في ظل التطورات االقتصادية والمالية العالمية‪ ،‬وكيف يمكن للبنوك الجزائرية مواجهة تحديات التحرير‬
‫البنكي و العولمة‪ ،‬وما هي آليات تطوير خدماتها البنكية وزيادة قدراتها التنافسية‪.‬‬

‫وقد تمت الدراسة في خمسة فصول حيث جاء الفصل األول بعنوان "التحرير البنكي في ظل التطورات‬
‫االقتصادية العالمية" والذي حاول الباحث من خالله إبراز التطورات االقتصادية العالمية الدافعة نحو التحرير‬
‫البنكي‪ ،‬أما الفص ل الثاني والذي جاء تحت عنوان "اإلصالحات البنكية وسياق التحرير البنكي في الجزائر"‬
‫فهدف من خالله الباحث إلى عرض مسار اإلصالحات البنكية في الجزائر وتطور المنظومة البنكية وابراز‬
‫سياق التحرير البنكي فيها‪ ،‬أما الفصل الثالث فكان بعنوان "التحديات التي تواجه البنوك الجزائرية في ظل‬
‫التحرير البنكي والعولمة " حيث تم التطرق في هذا الفصل أهم التحديات التي تواجهها البنوك الجزائرية في ظل‬
‫التحرير البنكي والعولمة‪ ،‬أما الفصل الرابع من البحث و المعنون" إستراتيجية عمل البنوك الجزائرية لمواجهة‬
‫تحديات التحرير البنكي" فهدف من خالل ه إلى إبراز ما ينبغي للبنوك الجزائرية األخذ به لمسايرة التطورات‬
‫الحاصلة في مجال الخدمات البنكية على المستوى الدولي‪ ،‬وكيف يمكن للبنوك الجزائرية مواجهة التحديات‬

‫ح‬
‫مقدمة عامة‬

‫الناجمة عن ذلك‪ ،‬وتناولنا في الفصل الخامس واألخير " متطلبات تطوير الخدمات البنكية و زيادة القدرة‬
‫التنافسية للبنوك الجزائرية" حيث تطرق فيه إلى مفهوم الخدمة البنكية وكيفية تطويرها على مستوى البنوك‬
‫الجزائرية لتحقيق مزايا تنافسية على الصعيد المحلي‪.‬‬

‫وفي األخير خلص الباحث إلى أهمية ودور القطاع البنكي في سياق اإلصالحات والتحوالت التي يمر بها‬
‫االقتصاد الوطني ‪ ،‬وفي ظل التحديات التي تفرضها التطورات االقتصادية العالمية‪ ،‬والدور الذي يجب أن تلعبه‬
‫البنوك الجزائرية لمسايرة هذه التطورات العالمية‪ ،‬حيث ربط إشكالية اإلصالح والتحرير البنكي في الجزائر‬
‫بتطوير الخدمات البنكية ودعم القدرة التنافسية للبنوك الجزائرية خاصة في ظل انفتاح االقتصاد الجزائري على‬
‫االقتصاد العالمي‪ ،‬وتحديدا بعد إبرام اتفاق الشراكة مع اإلتحاد األوربي‪ ،‬و اإلنظمام المرتقب إلى المنظمة‬
‫العالمية للتجارة واتفاقية تحرير الخدمات المالية و البنكية‪ .‬حيث توصل في األخير إلى أن اإلصالح في‬
‫الجوانب التشريعية والتنظيمية ال يمكن أن يحقق هدفه المنشود إذا أغفلنا مسألة التطوير و التحديث والعصرنة‬
‫واكتساب القدرة التنافسية في ظل محيط عالمي يتميز بالحداثة والعصرنة والتنافسية‪ .‬حيث ركز الباحث على‬
‫البنوك التجارية ألدائها للخدمة البنكية وربطا بكيفية اكتسابها للمزايا التنافسية‪ ،‬أما نح ن فسنحاول من خالل بحثنا‬
‫هذا التركيز على اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر والى أهم التقنيات‬
‫المستحدثة للتمويل البنكي خالل فترة اإلصالح‪.‬‬

‫‪ ‬دراسة الباحثة‪" :‬عزوز عائشة" سنة ‪ 3001‬م المقدمة لنيل شهادة الماجستير في علوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬بعنوان " عولمة النظام المالي الدولي وانعكاساته على النظام المالي الجزائري" وكانت تتمحور إشكالية‬
‫البحث حول أهم االنعكاسات العولمة المالية على الشأن المالي الجزائري وهل اإلصالحات البنكية المتخذة كافية‬
‫لمواجهة تحديات هذه العولمة؟‪.‬‬
‫حيث تناولتها في ثالثة فصول‪ ،‬تعرضت في الفصل األول الذي كان بعنوان" نشأة وتطور ظاهرة‬
‫العولمة" من خالل التطرق إلى مفهوم العولمة‪ ،‬الخصائص وكذا آليات ومؤسسات العولمة‪ ،‬ثم انتقلت إلى‬
‫الفصل الثاني وتناولت فيه "دراسة عولمة النظام المالي الدولي" من خالل معالجتها لمفهوم العولمة المالية‬
‫والعوامل التي أدت إليها باإلضافة إلى مختلف االتجاهات الحديثة لصناعة البنكية وأثر العولمة عليها‪ ،‬ثم‬
‫انتقلت إلى الفصل الثالث حيث تعرضت لدراسة" انعكاسات العولمة المالية على النظام المالي الجزائري"من‬
‫خالل التطرق إلى هذه االنعكاسات على النظام البنكي أو البورصي‪ ،‬وفي األخير توصلت إلى تحديد‬

‫خ‬
‫مقدمة عامة‬

‫اإلستراتيجيات التي يجب أن تتبناها البنوك الجزائرية من اجل زيادة قدرتها التنافسية على مستوى السوق‬
‫البنكية ‪ ،‬ومن ثم االندماج االيجابي في االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫وفي األخير خلصت الباحثة إلى أن التطور السريع في المحيط االقتصادي الدولي كان له انعكاسات وأثار على‬
‫المنظومة المالية الجزائرية وهذا من خالل حتمية تطبيق اإلصالحات االقتصادية والتي تتمحور حول تنظيم‬
‫القطاع البنكي والمالي وضرورة إعطاء حرية اكبر للبنوك في ممارسة وظائفها األساسية والعمل على تفعيل أداء‬
‫السوق المالي بهدف إيجاد مصدر أخر ل تمويل التنمية االقتصادية إلى جانب النظام البنكي‪ ،‬ومن خالل بحثنا‬
‫هذا سنحاول التطرق إلى جوانب أخرى للموضوع المتمثلة في أهم التقنيات المتاحة لتمويل االقتصاد الجزائري‬
‫إضافة إلى التمويل البورصي التي جاءت بها اإلصالحات المالية‪ ،‬باإلضافة إلى التطرق إلى أثار التعامل مع‬
‫مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي على مسار السياسة النقدية في الجزائر‪.‬‬
‫‪ ‬دراسة الباحثة ‪" :‬شذى يوسف عبد الخالق" سنة ‪3009‬م المقدمة لنيل شهادة دكتوراه في اقتصاد‬
‫األعمال‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬الجامعة األردنية بعنوان "االستثمار ومحدداته في ظل التحرير المالي‪ :‬دراسة‬
‫عينة من الدول العربية في الفترة (‪2662‬م ـ ‪3002‬م)" والتي تمحورت إشكاليتها في معرفة اآلثار المترتبة عن‬
‫تبني سياسات التحرير المالي على كل من االستثمار الخاص والعام خالل الفترة (‪2662‬م‪3002 -‬م)‪ ،‬وذلك في‬
‫عينة من الدول العربية اشتملت عل ى خمس دول عربية متقاربة إلى حد ما في الظروف االقتصادية وهي‬
‫األردن‪ ،‬مصر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس ولبنان‪.‬‬
‫حيث تمت الدراسة في ثالثة فصول‪ ،‬حيث تناولت في الفصل األول اإلطار النظري للدراسة من خالل‬
‫التطرق إلى ماهية التحرير المالي من خالل التطرق لمفهومه وأشكاله ومكاسبه و م خاطره‪ ،‬أما الفصل‬
‫الثاني فتناولت فيه القطاع المالي في عينة الدراسة من خالل التطرق إلى سماته ومسار إصالحه والتحديات‬
‫التي يواجهها‪ ،‬أما الفصل الثالث فتطرقت فيه إلى محددات االستثمار في عينة الدراسة من خالل التطرق‬
‫إلى مفهومه والمناخ االستثماري في عينة الدراسة وم حددات االستثمار الخاص والعام في ظل التحرير‬
‫المالي‪.‬‬
‫وخلصت الدراسة إلى أن هناك عالقة سلبية بين مؤشرات التحرير المالي واالستثمار الخاص بمعنى أن‬
‫تطبيق أي من سياسات التحرير المالي في دول العينة سيؤدي إلى انخفاض االستثمار الخاص بمقدار ‪20101‬‬
‫مليون دوالر‪ ،‬ويمكن ت فسير ذلك من أن إزالة القيود على حركة رأس المال وفي ظل تراجع المناخ االستثماري‬
‫فان ذلك يؤدي إلى هروب رؤوس األموال إلى الخارج‪ ،‬باإلضافة إلى أن نتائج التقدير أظ هرت أن هناك عالقة‬

‫د‬
‫مقدمة عامة‬

‫سلبية بين مؤشرات التحرير المالي واالستثمار العام بمعنى أن تطبيق أي من سياسات التحرير المالي في دول‬
‫العينة سيؤدي إلى انخفاض االستثمار العام إلى الناتج المحلي الخام بمقدار‪ ،%0002‬ويمكن تفسير ذلك من أن‬
‫سياسات التحرير المالي يصاحبها تراجع في سيطرة الدولة على السوق إضافة إلى أن فترة الدراسة تضمنت‬
‫تطبيق دول العينة لبرامج الخوصصة مما ساهم أيضا في تراجع االستثمار العام‪ .‬أما في بحثنا فتطرقنا إلى أهم‬
‫اآلثار الناجمة عن سياسات التحرير المالي فيما يخص المنظومة البنكية الجزائرية باإلضافة إلى أهم التحديات‬
‫التي تواجهها وكذا عرض بعض االستراتيجيات الواجب األخذ بها للحد من اآلثار السلبية للتحرير المالي وهذا‬
‫لضمان النمو والبقاء و االستم اررية بالنسبة لمؤسساتنا البنكية‪.‬‬

‫‪ .1‬حدود الدراسة‬
‫تكمن الحدود الزمنية لهذه الدراسة بالنسبة للجزائر من خالل عرض تطور المنظومة البنكية الجزائرية بعد‬
‫االستقالل وهي فترة انتهاجها للنظام االشتراكي باإلضافة إلى عرض مسار اإلصالحات البنكية في إطار تطبيق‬
‫سياسات التحرير المالي والبنكي ابتدءا من قانون النقد والقرض رقم(‪ )20 / 60‬إلى وقتنا الحالي وكذا تأثير هذه‬
‫السياسات على مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪2660‬م‪3021-‬م )‪.‬‬

‫‪ .6‬المنهج المستخدم‬
‫لتحقيق األهداف التي يسعى إليها هذا البحث‪ ،‬وفي إطار اإلجابة على اإلشكالية العامة والوصول إلى‬
‫اختبار الفرضيات‪ ،‬تم االعتماد على المنهج الوصفي التحليلي الذي يعد مناسبا لعرض ماهية العولمة االقتصادية‬
‫وأهم المؤسسات الداعمة لها وكيفية تأثير هذه األخيرة على اقتصاديات الدول من خالل تطبيقها لسياسات‬
‫التحرير المالي والبنكي ‪ .‬فقد تم االعتماد على هذا المنهج لوصف المالمح األساسية للمنظومة البنكية الجزائرية‬
‫في ظل النظام االشتراكي وفي ظل تجسيد سياسات التحرير المالي إضافة إلى تحليل بعض المعطيات المتعلقة‬
‫بتطور مسار السياسة النقدية في ظل التعامل مع صندوق النقد الدولي وكذا تحليل أثارها في تحقيق االهداف‬
‫العامة للسياسة االقتصادية الكلية‪ ،‬كما تم االعتماد على المنهج التاريخي من خالل تتبع المسار التاريخي لتطور‬
‫المنظومة البنكية الجزائرية منذ االستقالل لوقتنا الحالي‪.‬‬

‫ذ‬
‫مقدمة عامة‬

‫‪ .7‬خطة البحث‬
‫من أجل ت ناولنا لهذا الموضوع واإلحاطة بجوانبه ومحاولة اإلجابة عن اإلشكالية الرئيسية ومختلف األسئلة‬
‫الفرعية‪ ،‬تم تقسيم هذا البحث إلى أربعة فصول ‪ ،‬تتصدرهم مقدمة عامة وتليهم خاتمة عامة تتضمن ملخصا‬
‫شامال للبحث وأهم النتائج المتوصل إليها وكذا التوصيات المقترحة‪.‬‬

‫فجاء في الفصل األول والذي كان بعنوان "العولمة االق تصادية وتأثيراتها ع لى سياسات التحرير المالي‬
‫والبنكي" أربعة مباحث تطرقنا في المبحث األول إلى الجوانب النظرية للعولمة االقتصادية ثم في المبحث الثاني‬
‫إلى مؤسسات العولمة االقتصادية وتأثيراتها في انتشار سياسات التحرير المالي‪ ،‬بعدها تطرقنا إلى مفهوم‬
‫التحرير المالي واجراءاته وأهم المخاطر والمحاسن الناتج عنه وفي األخير تطرقنا إلى أثر اتفاقية تحرير‬
‫الخدمات المالية على النشاط البنكي‪.‬‬

‫ثم انتقلنا إلى الفصل الثاني والذي كان بعنوان "تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية‬
‫وسياسات التحرير المالي" في خمسة مباحث‪ ،‬تطرقنا في األول إلى تطور المنظومة البنكية في ظل‬
‫االقتصاد الموجه(‪2693‬م ـ‪2699‬م)‪ ،‬ثم انتقلنا إلى المبحث الثاني الذي جاء فيه تطور المنظومة البنكية‬
‫في ظل قانون النقد والقرض رقم ‪ ،20/ 60‬بعدها تطرقنا إلى إفالس البنوك الخاصة الجزائرية والترتيبات‬
‫الجديدة الواردة في قانون النقد والقرض‪ ،‬ثم انتقلنا الى التحديات التي تواجهها البنوك الجزائرية في ظل‬
‫انتشار سياسات التحرير المالي في المبحث الرابع‪ ،‬وفي األخير تطرقنا إلى استراتيجيات تطوير أداء‬
‫البنوك الجزائرية في ظل تطبيق سياسات التحرير المالي‪.‬‬

‫أما الفصل الثالث والذي كان بعنوان "أثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في‬
‫الجزائر خالل الفترة(‪1112‬م ـ‪0212‬م) " في أربعة مباحث كذلك‪ ،‬حيث تطرقنا في األول إلى الجوانب‬
‫النظرية للسياسة النقدية‪ ،‬ثم انتقلنا إلى مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة ‪2660‬م‪2666 -‬م من‬
‫خالل التعامل مع صندوق النقد الدولي في المبحث الثاني‪ ،‬أما في المبحث الثالث تطرقنا إلى مسار السياسة‬
‫النقدية في الجزائر خالل الفترة ‪3000‬م‪3021 -‬م وفي األخير تطرقنا إلى تقييم أداء السياسة النقدية في‬
‫تحقيق األهداف االقتصادية في الجزائر خالل الفترة ‪3000‬م‪3021 -‬م‪.‬‬

‫ثم الف صل الرابع والذي كان بعنوان "التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل‬
‫االقتصاد الجزائري " والذي جاء في خمسة مباحث‪ ،‬حيث تطرقنا في المبحث األول إلي اثر التحرير المالي في‬

‫ر‬
‫مقدمة عامة‬

‫إيجاد بورصة الجزائر باعتبارها ميكانيزم ضروري للتمويل في ظل اقتصاد السوق‪ ،‬أما في المبحث الثاني فتطرقنا‬
‫إلى التمويل بتقنية االستئجار(التمويل ألتأجيري) وواقعها في الجزائر ثم انتقلنا إلى المبحث الثالث فتطرقنا إلى‬
‫التمويل بتقنية عقد تحويل فاتورة وواقعها في الجزائر‪ ،‬أما المبحث الرابع فتطرقنا فيه إلى التمويل بتقنية رأس‬
‫المال المخاطر وفي المبحث الخامس واألخير تطرقنا إلى التمويل بتقنية تمويل المشروع وكذا واقعها في‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫ز‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫تمهيد‬
‫العالمية‬
‫ّ‬ ‫التغيرات‬
‫شهد الربع األخير من القرن العشرين وبشكل أكثر تحديدا عقد التسعينات‪ ،‬العديد من ّ‬
‫تحوالت عديدة على مستوى االقتصاد‬
‫أدت إلى ّ‬
‫المستقبلية‪ ،‬التي ّ‬
‫ّ‬ ‫السريعة والمتالحقة والعميقة في آثارها وتو ّجهاتها‬
‫ّ‬
‫العالمية‪ ،‬فأصبح‬
‫ّ‬ ‫العالمي‪ ،‬إبتداءا من سيطرة اقتصاد السوق وانتشار ظاهرة الخصخصة‪ ،‬وانشاء منظمة التجارة‬
‫متعددة الجنسيات‪ ،‬إضافة إلى‬
‫العالمية وشركات ّ‬
‫ّ‬ ‫الدول والحكومات والعديد من المنظّمات‬
‫يضم ّ‬
‫موحد ّ‬
‫هناك سوق ّ‬
‫الصناعية أو تلك الحديثة التصنيع التي تسعى إلى اقتناص‬
‫ّ‬ ‫الدول‬
‫تزايد التكتالت االقتصادية العمالقة بين ّ‬
‫الفرص ومواجهة التحديات‪ ،‬وذلك بإزالة جميع القيود وتحرير المعامالت في ظل اقتصاد السوق‪.‬‬

‫أدت هذه التغيرات في النظام االقتصادي العالمي إلى بروز مفهوم جديد والمتمثّل في العولمة‬
‫ولقد ّ‬
‫وتكون سوق‬
‫االقتصادية ّ‬
‫ّ‬ ‫الدول والمؤسسات‬
‫بكل آثارها وأبعادها في إطار تزايد االعتماد المتبادل بين ّ‬
‫االقتصادية ّ‬
‫ّ‬
‫وتغيرات في حجم اإلنتاج‬
‫المحلية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫عالمية واحدة‪ ،‬وتحركات األسعار على مستوى تتأثر به جميع االقتصاديات‬
‫ّ‬
‫العالمية وتحركات رؤوس األموال الساخنة والتي تندرج جميعها في سياق سياسات‬
‫ّ‬ ‫توجهات التجارة‬
‫ونوعيته‪ ،‬و ّ‬
‫تحول دون حرّية النشاط المالي والبنكي على‬
‫التحرر من القيود والعراقيل التي ّ‬
‫ّ‬ ‫التحرير المالي التي تقوم على‬
‫ظل تنفيذ‬
‫بتطور النظام المالي العالمي في ّ‬
‫ّ‬ ‫عملية التحرير المالي والبنكي‬
‫ّ‬ ‫المستوى المحّلي والدولي‪ .‬ولقد بدأت‬
‫تتضح العالقة الوطيدة بين سياسات التحرير‬
‫المالية ومنها الخدمات البنكية‪ ،‬ومن هنا ّ‬
‫ّ‬ ‫اتفاقية تحرير الخدمات‬
‫ّ‬
‫العالمية التي‬
‫ّ‬ ‫التغيرات البنكية‬
‫االقتصادية والنشاط البنكي من خالل مجموعة من ّ‬
‫ّ‬ ‫المالي التي تعتبر نتاج العولمة‬
‫وعملياته على نطاق أي دولة من دول العالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بقوة على النظام البنكي وأدائه وسياساته‬
‫أخذت تؤثّر ّ‬

‫االقتصادية على سياسات‬


‫ّ‬ ‫وانطالقا من هذا كلّه سنحاول من خالل هذا الفصل إبراز أهم تأثيرات العولمة‬
‫التحرير المالي والبنكي من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫االقتصادية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الجوانب النظرية للعولمة‬
‫‪ ‬مؤسسات العولمة االقتصادية وتأثيراتها في تحول آلية النظام االقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬العولمة المالية وتأثيراتها على سياسات التحرير المالي‪.‬‬
‫‪ ‬اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية وأثرها في انتشار العولمة البنكية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫دية‬
‫المبحث األول‪ :‬الجوانب النظرية العولمة االقتصا ّ‬

‫األلفية الثالثة يدور جدل لن ينتهي ولن يحسم بسهولة حول مفهوم العولمة‪ ،‬الذي ال يمكن‬
‫ّ‬ ‫مع بداية‬
‫المتعددة التي شهدها العقد األخير من القرن العشرين والتي ال زالت‬
‫ّ‬ ‫العالمية‬
‫ّ‬ ‫التغيرات‬
‫استيعابه إالّ في ضوء ّ‬
‫تتفاعل مع حلول القرن الحادي والعشرين‪.‬‬

‫التغيرات في النظام االقتصادي العالمي إلى ظهور مفهوم العولمة أو الكوكبة‪ ،‬والذي يصعب‬
‫أدت هذه ّ‬
‫العالمي ة‬
‫ّ‬ ‫ال من خالل تزايد االعتماد المتبادل‪ ،‬اتساع األسواق‬
‫تحديده التساع نطاقه‪ ،‬كما أن استيعابه لن يتم إ ّ‬
‫التطرق إلى الجوانب‬
‫ّ‬ ‫العالمية‪ ،‬وتدفقات رؤوس األموال‪ ،‬وسنحاول من خالل هذا المبحث‬
‫ّ‬ ‫وتوجهات التجارة‬
‫ّ‬
‫االقتصادية من خالل التطرق إلى نشأة العولمة ومؤشراتها‪ ،‬مفهوم العولمة االقتصادية وأنواعها‬
‫ّ‬ ‫النظرية للعولمة‬
‫باإلضافة إلى خصائص العولمة االقتصادية وأهدافها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة العولمة ومؤشراتها‬

‫تعد ظاهرة طرحت‬


‫التطرق إلى مصطلح العولمة‪ ،‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫دولي من‬
‫ال يخلو أي منتدى اقتصادي أو ملتقى ّ‬
‫جدال في السنوات األخيرة وفي الواقع أن هذه الظاهرة ليست بالجديدة‪ ،‬وكل ما في األمر أن مسار العولمة ازداد‬
‫كثافة في السنوات ا ألخيرة‪ ،‬فقد انتشرت العولمة لتمس كل المجاالت‪ ،‬فهي ال تمس مجال إنتاج وتبادل الموارد‬
‫والخد مات فحسب بل تمتد إلى العديد من الجوانب االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬االجتماعية وحتى البيئية‪،‬‬
‫وهذا ما سن حاول التعرف عليه من خالل التطرق إلى نشأة العولمة واهم مؤشراتها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نشأة العولمة وتطورها‬

‫يمكن أن نعتبر العولمة بأنها نتاج مراحل من الزمن‪ ،‬تطور فيها مفهوم العولمة وانتشر عبر أفراد المجتمع‬
‫الدولي‪ ،‬وهو ما يؤكد لنا أن للعولمة تاريخا قديما‪ ،‬ولقد أصبح مفهوم العولمة أحد المفاهيم األساسية لتحليل‬
‫المعالم الرئيسية لها‪ ،‬إن مضمون العولمة يتمثل في سهولة حركة السلع‪ ،‬األموال والمعلومات بين الدول في‬
‫نطاق كوني‪ ،‬واذا عدنا إلى العمق التاريخي إلى الظاهرة محل الدارسة لتضح لنا أن اغلب اآلراء تتفق على أن‬
‫هذه األخيرة وان كانت حديثة اصطالحا‪ ،‬إال أن مفهومها يعبر عن حقيقة قديمة تمتد جذورها إلى عصور قديمة‪،‬‬
‫كما أظهرته لنا مختلف األحداث التاريخية والخاصية الدولية للعالقات التجارية‪ ،‬فتوسعت التجمعات البشرية‬
‫تدريجيا عبر مختلف بقاع األرض خاصة مع استعمار استراليا منذ حوالي‪ 20000‬سنة فالوصول إلى هذه‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المناطق البعيدة المعزولة يؤكد على اهتمام البشر بتوسيع عالمهم الممكن ابعد من حدود مساكنهم‪ ،‬هذا وان دل‬
‫على شيء فإنه دل على وجود العولمة منذ وجود البشر وبروز مكانتها وأهميتها بالنسبة للبشرية إال أنها ليست‬
‫‪1‬‬
‫بالصورة الحالية‪.‬‬

‫وأهم معالمها تتمثل في الجانب االقتصادي‪ ،‬السياسي‪ ،‬الجانب الثقافي واالجتماعي ولعل ما جعل العولمة‬
‫تغرس أثارها في هذه الفترة التاريخية التي تمر بها‪ ،‬هو انتشار وتعمق مفاهيم وآثار الثورة التقنية والتكنولوجية من‬
‫جهة التطورات الكبرى التي حدثت في مجال االتصال ومن جهة أخرى أحدثت توسع في العالم من خالل‬
‫تطورات األقمار الصناعية والجوانب اإللكترونية وبروز شبكة االنترنت لكل ما تحمله من مزايا لإلنسان وما‬
‫تقدمه له كوسيلة اتصال عبر كامل أنحاء العالم‪.‬‬

‫واذا كان الفكر الغربي يرجع نشأة العولمة إلى لحظة انتصار الغرب التاريخي بانهيار المعسكر االشتراكي‬
‫والسقوط المدوي لسور برلين‪ ،‬مستخدما في ذلك أقوى أساليب التغطية معلنا نهاية التاريخ إال أن مصطلح‬
‫"العولمة" صاحب اإلنسان في كافة مراحل تاريخه واستمد اسمه من "األرض" ولتصبح "العولمة" القرين لألرضية‬
‫باعتبار أن العالم هو الكرة األرضية باتساع المقاييس التي يقيس به العامة حدود االمتداد الجغرافي واذا كان‬
‫الكون قد دفع الكثيرين إلى تعظيم االنتماء لألرض باعتبار األرض أصبحت هي الوطن ومن ثم ال يمكن القول‬
‫أن العولمة ظاهرة إنشائها قوي بذاتها لذاتها‪ .‬وأصبحت في عصرنا بحكم ثورة االتصاالت وتقدم التكنولوجيا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫تعبر عن اندماج ووحدة العالم اقتصاديا‪ ،‬سياسيا و عسكريا وثقافيا واجتماعيا‪.‬‬

‫وعن معرفة النشأة التاريخية للعولمة وتتبعها يمكننا صياغة مراحل التطور الزمني والتاريخي للعولمة كما‬
‫‪3‬‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬المرحلة األولى‪ :‬الفترة الجنينية (مرحلة التكوين )‪ :‬وقد بدأت هذه الفترة في أوروبا مع بداية القرن الخامس‬
‫عشر وحتى منتصف القرن الثامن عشر‪ ،‬وتعتبر هذه الفترة مرحلة نمو المجتمعات الوطنية واضعاف للقيود التي‬
‫كانت سائدة في القرون الوسطى‪ ،‬كما تعمقت األف كار الخاصة بالفرد واإلنسان حيث بدأت فيها الجغرافيا الحديثة‬
‫‪4‬‬
‫وشاع التقويم الغريغوري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ 19.‬ـ ‪François bourguignon, trajectoires et enjeux de l’économie mondiale, nota bene, Paris, 2012, pp 11‬‬
‫‪2‬‬
‫محسن أحمد الخضيري‪ ،‬العولمة اإلجتياحية‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،3002 ،‬ص ص‪.90 ،16‬‬
‫‪3‬‬
‫مقدم عبيرات‪ ،‬عبد المجيد قدي‪ ،‬العولمة وتأثيراتها على االقتصاد العربي‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد‪ ،3003 ،02‬ص‪.29‬‬
‫حسن لطيف كاظم الزبيري‪ ،‬العولمة ومستقبل الدور االقتصادي للدولة في العالم الثالث‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ،3002 ،‬ص ‪.229‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ .0‬المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة النشؤ‪ :‬وتعتبر هذه الفترة الالحقة لألولى‪ ،‬حيث بدأ واستمرت في أوروبا أساسا من‬
‫منتصف القرن الثامن عشر حتى عام ‪2910‬م وما بعده وقد عرفت هذه الفترة تحول حاد في مفهوم الدولة‬
‫المتجانسة الموحدة‪ ،‬وأخذت في هذا الشأن تتبلور المفاهيم الخاصة بالعالقات الدولية وباألفراد باعتبارهم مواطنين‬
‫لهم أوضاع معينة داخل الدولة وفي هذا الشأن زاد المفهوم األكثر تحديدا لإلنسانية وزادت إلى حد كبير‬
‫االتفاقيات الدولية ونشأت المؤسسات الخاصة بتنظيم العالقات واالتصاالت بين الدول وبدأت مشكلة قبول‬
‫‪1‬‬
‫المجتمعات غير األوروبية في المجتمع الدولي وبدأ االهتمام بموضوع القومية والعالمية‪.‬‬
‫‪ .0‬المرحلة الثالثة‪ :‬فترة االنطالق‪ :‬وتعتبر نهاية المرحلة الثانية وبداية للمرحلة الثالثة حيث بدأت عام ‪2910‬م‪،‬‬
‫واستمرت إلى غاية العشرينيات من القرن العشرين‪ ،‬وفيما ظهرت مفاهيم كونية مثل "خط التطور الصحيح‬
‫والمجتمع القومي المقبول" كما نشأت مفاهيم تتعلق بالهويات الوطنية الفردية‪ ،‬ومن ثم في هذه المرحلة إدماج‬
‫عدد من المجتمعات غير األوروبية في المجتمع الدولي‪ ،‬حيث بدأت عملية صياغة أفكار خاصة باإلنسانية‬
‫"حقوق اإلنسان" ومحاولة تطبيقها‪ ،‬ما حدث تطور كبير في عدد وسرعة أشكال الكونية لالتصال‪ ،‬وحدثت‬
‫الحرب العالمية الثانية ونشأت عصبة األمم‪.‬‬
‫‪ .2‬المرحلة الرابعة‪ :‬فترة الصراع من أجل الهيمنة‪ :‬استمرت من العشرينيات حتى منتصف الستينات‪ ،‬حيث‬
‫شهدت خالفات وحروب فكرية حول المفاهيم والمصطلحات الناشئة والمتعلقة بعملية العولمة‪ ،‬كما شهدت هذه‬
‫الفترة صراعات كونية حول أشكال وصور الحياة المختلفة‪ ،‬وفيها تم التركيز على حقوق اإلنسان نتيجة حوادث‬
‫الحرب التي تم فيها استعمال القنبلة الذرية على اليابان وبروز دور األمم المتحدة‪ ،‬حيث شهدت تلك المرحلة‬
‫بداية تكون النظام االقتصادي العالمي بأقطابه ومكوناته وآلياته‪.2‬‬
‫فمن ناحية القطبية‪ ،‬انقسم االقتصاد العالمي إلى قطبية ثنائية من ناحية األنظمة االقتصادية‪ ،‬حيث أصبح‬
‫هناك النظام الرأسمالي بأتباعه والنظام االشتراكي بأتباعه والعالم المتقدم والعالم النامي وعالم األغنياء والفقراء مع‬
‫اتساع الهوة االقتصادية بين االثنين عبر الزمن ومن ناحية المكونات‪ ،‬فقد ظهر االتجاه واضحا إلى أقسام نظام‬
‫اقتصادي عالمي يتكون من ثالث مكونات هي النظام النقدي الدولي وأنشئ له صندوق النقد الدولي عام‪2611‬م‬
‫والثاني هو النظام المالي الدولي وأنشئ له البنك الدولي عام‪2611‬م‪ ،‬أما الثالث فهو النظام التجاري الدولي الذي‬
‫لم يكتمل في تلك المرحلة واقتصر فقط على إنشاء اتفاقية عامة للتعريفة الجمركية (‪ )GATT‬عام ‪2611‬م مع‬

‫‪1‬‬
‫هيفاء عبد الرحمان ياسين التكريتي‪ ،‬آليات العولمة االقتصادية وآثارها المستقبلية في االقتصاد العربي‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪ ،3006 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫مصطفى رجب‪ ،‬العولمة ذلك الخطر القادم‪ ،‬مؤسسة الوراق‪ ،‬األردن‪ ،3006 ،‬ص‪. 8‬‬
‫‪‬‬
‫‪GATT: General Agreement on Tariffs and Trade‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫االتفاق على إجراء مفاوضات متعددة األطراف سميت بجوالت الجات‪ ،‬ولم يكتمل النظام التجاري الدولي إال في‬
‫المرحلة الثالثة من تطور النظام االقتصادي العالمي في منتصف التسعينيات بإنهاء جولة األرغواي وتوقيع‬
‫اتفاقية مراكش عام‪2661‬م وانشاء منظمة التجارة العالمية في أول يناير ‪2661‬م‪.1‬‬

‫‪ .1‬المرحلة الخامسة‪ :‬فترة عدم اليقين‪ :‬بدأت هذه الفترة مع مطلع الستينيات وأحدثت اتجاهات وأزمات في‬
‫التسعينات كما أدت إلى إدماج العالم الثالث في المجتمع العالمي وتعمقت فيها القيم ما بعد المادية‪ ،‬كما شهدت‬
‫المرحلة نهاية الحرب الباردة‪ ،‬وتوسعت اإلنسانية خالل هذه الفترة وما بعدها مشاكل عديدة منها تعدد الثقافات‬
‫وتعدد الس الالت داخل المجتمع الواحد‪ ،‬كما ظهرت الحقوق المدنية وأصبح النظام الدولي أكثر سيولة حيث‬
‫أصبحت معظم الشعوب تتغنى بها خاصة فيما يتعلق بحماية األقليات في إطار حقوق اإلنسان وانتهى النظام‬
‫الثنائي القومية وأصبح المجتمع المدني العالمي يحظى باهتمام بالغ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مؤشرات العولمة وأبعادها‬

‫تعتبر مؤشرات العولمة آلية خاصة تهدف إلى قياس درجات العولمة بأبعادها المختلفة االقتصادية‪،‬‬
‫السياسية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬والثقافية والتكنولوجية من خالل تقسيم هذه المؤشرات إلى أربع مجموعات رئيسية مع اثني‬
‫‪2‬‬
‫عشر مؤشر فرعيا‪ ،‬وتقسم المؤشرات الرئيسية األربعة إلى‪:‬‬

‫‪ -‬مؤشرات التكامل االقتصادي والمالي( العولمة االقتصادية)‪.‬‬


‫‪ -‬مؤشرات االرتباط التكنولوجي (العولمة التقنية أو التكنولوجية)‪.‬‬
‫‪ -‬مؤشرات االرتباط الشخصي( العولمة االجتماعية والثقافية)‪.‬‬
‫‪ -‬مؤشرات االرتباط السياسي( العولمة السياسية)‪.‬‬
‫‪ .1‬مؤشرات التكامل االقتصادي و المالي( العولمة االقتصادية)‬
‫تهدف هذه المجموعة من المؤشرات إلى معرفة دور االستثمارات األجنبية و التجارة الدولية‪ ،‬وحجم‬
‫التدفقات المالية العالمية في التكامل واالعتماد المتبادل بين الدول في إطار االقتصاد العالمي‪ ،‬وهنا نشير إلى‬
‫أن هذا المؤشر يجسد البعد االقتصادي للعولمة‪ .‬حيث اتخذت هذه األخيرة شكل تيار متصاعد من أجل فتح‬
‫األسواق وانفتاح كل دول العالم على بعضها البعض‪ ،‬وقد تنامى هذا التيار مع تزامن حركة نهضية من أجل‬
‫تحديث وتطوير بنية اإلنتاج في اقتصاديات السوق المتقدمة‪ ،‬وتصدع نظم اإلنتاج في اقتصاديات دول التخطيط‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد المجيد‪ ،‬النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،3002 ،‬ص‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫‪AT Kearney and Foreign ,policy magazine “globalization index measuring global: the global top20”, 2040, p 58‬‬
‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المركزي وتحويلها إلى اقتصاد السوق‪ 1.‬وينصرف مفهومها إلى زيادة تفاعل الدول في التجارة العالمية واالستثمار‬
‫األجنبي المباشر وأسواق رأس المال‪ ،‬والشيء الذي حفزها على ذلك التقدم في النقل واالتصال وتحرير والغاء‬
‫‪2‬‬
‫القيود على تدفقات رأس المال والتجارة على المستويين المحلي واألجنبي‪.‬‬

‫وهناك مؤشران فرعيان لهذا المؤشر الرئيسي وهما‪:‬‬

‫االستثمارات األجنبية المباشرة باعتبارها نسبة من الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬


‫مؤشرات التجارة باعتبارها نسبة مؤوية من الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬
‫‪ .0‬مؤشرات االرتباط السياسي ( العولمة السياسية)‬
‫وتهدف هذه ا لمؤشرات إلى معرفة مدى انفتاح الدولة على العالم الخارجي من الناحية السياسية‪ ،‬ومدى‬
‫الموافقة الدولية على سلوك الدولة في المنظمات الدولية‪ ،‬وذلك من خالل المؤشرات التالية‪:‬‬

‫مؤشرات عدد االتفاقيات الدولية المصادق عليها‪.‬‬


‫مؤشرات عضوية الدولة في المنظمات الدولية‪.‬‬
‫مؤشر حجم المشاركة في مهمات حفظ السالم التابعة لمجلس األمن الدولي‪ ،‬مقارنة بعدد‬
‫المهمات الفعلية التي تدخلت بها األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ .0‬مؤشرات االرتباط الفردي( العولمة االجتماعية و الثقافية)‬
‫وتهدف هذه المؤشرات إلى اكتشاف البعد االجتماعي والثقافي والحضاري للعولمة مع ما يرتبط به من‬
‫اعتماد متبادل بين األبعاد السياسية واالقتصادية ويتبين ذلك من خالل محتوى هذه المؤشرات وهي ‪:‬‬

‫مؤشر عدد السياح الكلي للقادمين و المغادرين‪ ،‬وقسمته على عدد السكان اإلجمالي بهدف معرفة‬
‫حجم األموال التي ينفقها األفراد خارج بلدانهم على قطاع السياحة و السفر‪.‬‬
‫مؤشر عدد دقائق المكالمات الدولية الصافي لكل فرد‪ ،‬وتتم عملية القياس بجمع عدد المكالمات‬
‫الدولية الصادرة و الواردة محسوبة بماليين الدقائق ثم قسمتها على عدد السكان‪.‬‬
‫مؤشر نسبة حواالت العاملين في الخارج إلى الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وذلك بقياس مجموع الحواالت‬
‫المالية للعاملين في الخارج وفائض األرباح من االستثمارات المحلية في الخارج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة اإلجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫تشام فاروق‪ ،‬العولمة المالية وآثارها على القطاع البنكي والنمو االقتصادي في البلدان العربية‪ ،‬مداخلة مقدمة في المؤتمر العالمي األول حول‬
‫"اقتصاديات األعمال في ظل عالم متغير"‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية واإلدارية‪ ،‬الجامعة التطبيقية‪ ،‬األردن‪.3000 ،‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫ويعتبر البعد االجتماعي من أكثر المجاالت التي تأثرت سلبا بظاهرة العولمة‪ ،‬فقد ألقت العولمة بضالل‬
‫كثيفة على العديد من المجتمعات والسيما في دول الجنوب التي تعد أكثر الدول تضر ار من آثار هذه الظاهرة‬
‫واألبعاد االجتماعية للعولمة تمتد لتشمل التأثير على المجتمعات في كافة جوانبها سواء فيما يتصل بالبناء‬
‫االجتماعي أو بالنظام االجتماعي وفيما يلي محاولة لعرض أبرز هذه اآلثار االجتماعية‪:‬‬

‫‪ ‬تراجع الوالء الوطني تحت وطأة االنتماءات العرقية والقبلية والطائفية‪.‬‬


‫‪ ‬التأثير على هياكل البناء االجتماعي والطبقي للمجتمعات‪.‬‬
‫‪ ‬تحجيم الدور االجتماعي للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬تراجع مبادئ العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬زعزعة االستقرار االجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬تزايد حدة الصراع االجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬ارتفاع معدالت الجريمة وتزايد التجارة غير الشرعية‪.‬‬
‫‪ ‬عولمة األنشطة االجتماعية للمنظمات الدولية غير الحكومية‪.‬‬
‫وكنتيجة لهذه الضغوطات الكثيرة فان المجتمعات تتجرد من هويتها وثقافتها وخصوصيتها‪ ،‬وبذلك تصبح‬
‫مؤهلة الكتساب هوية و ثقافة جديدة أكثر اتساعا وأوسع مدى وأكثر قبوال على المستوى العالمي وفي الوقت ذاته‬
‫‪1‬‬
‫نتيجة إلى مجاالت أكثر فاعلية‪.‬‬
‫أما فيما يخص العولمة الثقافية فتتمثل في المظاهر التالية‪:‬‬
‫‪ -‬محو الخصوصية الثقافية والترويج لفكرة الثقافة العالمية‪.‬‬
‫‪ -‬التمكين لسيادة القيم الغربية ونمط الحياة األمريكي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الهيمنة األمريكية على العالم واندثار الخصوصيات الثقافية‪.‬‬
‫‪ .2‬مؤشرات االرتباط التكنولوجي‬
‫ويهدف هذا المؤشر مع مؤشراته الفرعية الثالثة إلى معرفة البعد التكنولوجي للعولمة في عملية ربط الدول‬
‫واألفراد بالمجتمع العالمي‪ ،‬وذلك من خالل مؤشرات فرعية ثالثة هي ‪:‬‬

‫مؤشر نسبة مستخدمي االنترنت إلى عدد السكان‪ ،‬ويتم قياسه من خالل قسمة عدد مستخدمي االنترنت على‬
‫عدد السكان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة مقدمة في فكر اقتصاد وادارة عصر ال دولة‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3000 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫قدي عبد المجيد‪ ،‬الكوكبة وواقع دول العالم الثالث‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬العدد‪ ،02‬نوفمبر ‪ ،3002‬ص‪.12‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫مؤشر عدد الشبكات التي تربط المشتركين باالنترنت ‪ ،‬ويقاس بنسبة مؤوية لكل مليون مواطن من عدد‬
‫السكان‪.‬‬
‫مؤشرات عدد مزودي خدمة االنترنت اآلمنة‪ ،‬ويقاس بنسبة مؤوية لكل مليون مواطن من العدد الكلي للسكان‪.‬‬
‫ترتيب الدول العربية حسب مؤشر العولمة لكوف ( ‪.) kof‬‬

‫أصدرت مؤسسة كوف ( ‪ ) kof‬االقتصادية السويسرية‪ ،‬نتائج مؤشرها الدولي للعولمة والذي يقيس أداء‬
‫الدول من حيث مدى اندماجها في عملية العولمة على المستويات االقتصادية واالجتماعية والسياسية عن طريق‬
‫تكوين مؤشرات مركبة‪ .‬وفيما يلي عرض ترتيب بعض الدول في مؤشر العولمة ( ‪ .) kof‬حيث نجد أن الدول‬
‫العربية احتلت عام ‪ 3009‬المراتب من ‪ 32‬لإلمارات إلى المرتبة ‪(232‬األخيرة) التي احتلتها المملكة العربية‬
‫السعودية‪ .‬وسنحاول من خالل الجدول التالي عرض رتب بعض الدول العربية في مؤشر العولمة مقارنة ببعض‬
‫الدول األجنبية‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪1‬ـ‪ :)1‬مؤشر العولمة لبعض الدول العربية المتاحة ودول مقارنة لعام ‪0226‬‬
‫المؤشر‬ ‫الرتبة(‪)2‬‬ ‫الدولة‬ ‫المؤشر‬ ‫الرتبة(‪)2‬‬ ‫الدولة‬
‫‪1.61‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كندا‬ ‫‪2.96‬‬ ‫‪32‬‬ ‫اإلمارات‬
‫‪1.29‬‬ ‫‪20‬‬ ‫هونج كونج‬ ‫‪2.02‬‬ ‫‪23‬‬ ‫الكويت‬
‫‪2.21‬‬ ‫‪36‬‬ ‫كوريا‬ ‫‪2.02‬‬ ‫‪21‬‬ ‫البحرين‬
‫‪2.01‬‬ ‫‪20‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫‪3.19‬‬ ‫‪29‬‬ ‫األردن‬
‫‪3.99‬‬ ‫‪21‬‬ ‫تشيلي‬ ‫‪3.92‬‬ ‫‪11‬‬ ‫مصر‬
‫‪3.13‬‬ ‫‪19‬‬ ‫جنوب إفريقيا‬ ‫‪3.20‬‬ ‫‪92‬‬ ‫عمان‬
‫‪2.69‬‬ ‫‪93‬‬ ‫تونس‬
‫‪2.61‬‬ ‫‪92‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪2.91‬‬ ‫‪60‬‬ ‫المغرب‬
‫‪2.91‬‬ ‫‪66‬‬ ‫سورية‬
‫‪232‬‬ ‫السعودية‬
‫المصدر‪:‬محمد عدنان وديع‪ ،‬العولمة والبطالة ‪:‬تحديات التنمية البشرية ‪ ،‬سلسلة اجتماعات الخبراء بالمعهد العربي للتخطيط‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،32‬افريل ‪ ،3001‬ص‪.20‬‬
‫(‪ :)2‬من ‪ 232‬دولة‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫نالحظ من خالل الجدول أعاله اختالف مراتب الدول العربية حسب مؤشر العولمة( ‪ ) kof‬حيث تحتل‬
‫اإلمارات مرتبة متقدمة باحتاللها المرتبة ‪ 32‬وهذا دليل على حالتها المتقدمة في تأثرها وتجسيدها لمؤشرات‬
‫العولمة‪ ،‬أما الجزائر فتحتل المرتبة ‪ 92‬وهي نوعا ما بعيدة عن تجسيد أبعاد العولمة في حياتها االقتصادية‬
‫واالجتماعية وحتى السياسية‪ .‬ويتكون مؤشر العولمة حسب مقياس "‪ "kof‬من ثالث مكونات فرعية هي‪:‬مؤشر‬
‫العولمة االقتصادية‪ ،‬مؤشر العولمة االجتماعية‪ ،‬مؤشر العولمة السياسية‪ .‬ويختلف ترتيب الدول العربية وفقا لهذه‬
‫المؤشرات عن ترتيبها وفقا للمؤشر العام انظر الجدول رقم (‪2‬ـ ‪.) 1‬مما يوضح اختالف أثار العولمة وفقا لبيانات‬
‫الدول المتنوعة‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪7‬ـ‪ :) 2‬مكونات مؤشر العولمة للدول العربية المتاحة ‪.2002‬‬
‫العولمة‬ ‫العولمة رتبة‬ ‫العولمة رتبة‬ ‫رتبة‬ ‫الرتبة العامة(‪)2‬‬ ‫الدولة‬
‫السياسية‬ ‫االجتماعية‬ ‫االقتصادية‬
‫‪77‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪226‬‬ ‫‪32‬‬ ‫اإلمارات‬
‫‪77‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪23‬‬ ‫الكويت‬
‫‪27‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪21‬‬ ‫البحرين‬
‫‪17‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪29‬‬ ‫األردن‬
‫‪22‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪11‬‬ ‫مصر‬
‫‪22‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪92‬‬ ‫عمان‬
‫‪24‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪93‬‬ ‫تونس‬
‫‪70‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪92‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪74‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪60‬‬ ‫المغرب‬
‫‪74‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪66‬‬ ‫سورية‬
‫‪61‬‬ ‫‪212‬‬ ‫‪212‬‬ ‫‪232‬‬ ‫السعودية‬
‫المصدر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫يالحظ التفاوت الشديد في بعض الحاالت بين ترتيب مكونات العولمة للدولة الواحدة‪ ،‬فمثال نجد أن‬
‫مرتبة العولمة االقتصادية للبحرين ‪ 2‬عالميا بينما هي في المرتبة ‪ 27‬في العولمة السياسية‪ ،‬كما يالحظ عدم‬
‫انتظام ترتيب الدول العربية واتجاهها خالل السنوات المتاحة فيما عدا مصر‪ ،‬التي تحسن ترتيبها‪ ،‬فان الدول‬
‫الثالث األخرى قد شهدت تدهو ار في ترتيبها وفق هذا المؤشر‪ ،‬وهذا ما سنبينه من خالل الجدول الموالي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الجدول رقم (‪7‬ـ‪ :) 3‬تطور ترتيب بعض الدول العربية في مؤشر العولمة‪.‬‬
‫‪)2(3001‬‬ ‫‪)2(3009‬‬ ‫‪)3(3002‬‬ ‫‪)3(3003‬‬ ‫‪)2(3002‬‬ ‫الدولة‬
‫‪20‬‬ ‫‪32‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫اإلمارات‬
‫‪12‬‬ ‫‪23‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫الكويت‬
‫‪12‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫البحرين‬
‫‪26‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫األردن‬
‫‪91‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪29‬‬ ‫مصر‬
‫‪19‬‬ ‫‪92‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫عمان‬
‫‪12‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪39‬‬ ‫تونس‬
‫‪61‬‬ ‫‪92‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫الجزائر‬
‫‪10‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪13‬‬ ‫المغرب‬
‫‪206‬‬ ‫‪66‬‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫سورية‬
‫‪99‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ـ‬ ‫السعودية‬
‫المصدر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫(‪ )2‬من ‪ 10‬دولة‪ )3(.‬من ‪ 93‬دولة‪ )2(.‬من ‪ 232‬دولة‪ )1(.‬من ‪ 233‬دولة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم العولمة االقتصادية و أنواعها‬

‫إ ن المتتبع للتطورات المتالحقة للعولمة تجد أن هناك مجموعة رئيسية من المتغيرات العالمية التي تحدث‬
‫في نطاق واسع والمتمثل في النمو السريع للمعامالت المالية الدولية‪ ،‬كذلك النمو السريع لالستثمار األجنبي‬
‫المباشر‪ ،‬الشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬تصاعد الثورة التكنولوجية‪ ،‬باإلضافة إلى تكامل األسواق العالمية في‬
‫مجال السلع‪ ،‬وهذا ما أدى إلى اختالف التعاريف التي تحدد مفهوم العولمة االقتصادية وأنواعها وسنحاول من‬
‫خالل هذا المطلب التطرق إلى أهم تعاريفها ثم أهم أنواع العولمة االقتصادية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم العولمة االقتصادية‬

‫كثرت تعاريف العولمة‪ ،‬ولم تتفق اآلراء على تعريف واحد وشامل وجامع وهذا لتشعب المحتوى الفكري‬
‫للمفهوم‪ ،‬وخاصة من جانبه االقتصادي الذي أخذ ينتشر في كافة المستويات اإلنتاجية‪ ،‬المالية والتسويقية‬
‫والتكنولوجية واإلدارية‪ ،‬وسنحاول تقديم مختلف التعاريف التي تحلل الجانب االقتصادي للعولمة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫التعريف األول‪ :‬يشير مصطلح العولمة ‪ *"golobalization‬إلى عملية تعميق مبدأ االعتماد المتبادل بين‬
‫الفاعلين في االقتصاد العالمي بحيث تزداد نسب ة المشاركة في التبادل الدولي والعالقات االقتصادية الدولية‬
‫لهؤالء من حيث المستوى والحجم والوزن في مجاالت متعددة وأهمها السلع والخدمات وعناصر اإلنتاج بحيث‬
‫تنمو عملية التبادل التجاري الدولي لتشكل نسبة هام ة من النشاط االقتصادي الكلي وتكون أشكال جديدة‬
‫‪1‬‬
‫للعالقات االقتصادية الدولية في االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫ولعل أنه واضح من هذا التعريف للعولمة أنها عملية قائمة على تعميق االعتماد المتبادل وتحول االقتصاد‬
‫العالمي إلى سوق واحدة تزداد فيه نسبة المشاركة في التجارة العالمية على أساس إعادة النظر في مبدأ‬
‫التخصص وتقسيم العمل الدولي والوصول إلى نمط جديد للتخصص وتقسيم العمل الدولي‪ ،‬والفاعلون هنا ليس‬
‫فقط الدول والتكتالت االقتصادية بل بالدرجة األولى الشركات المتعددة الجنسيات حيث حوالي ّ‪ %10‬من التجارة‬
‫الدولية تتم عبر تلك الكيانات العمالقة المتعددة الجنسيات ويظهر الجدول أدناه مساهمة هذه األخيرة في التجارة‬
‫العالمية لدول أمريكا‪ ،‬اليابان‪ ،‬انجلترا‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪ :) 2-1‬نسبة مساهمة الشركات متعددة الجنسيات في التجارة العالمية خالل فترة الثمانينات‬
‫الشركات الدولية و فروعها في الثمانينات‬
‫انجلت ار‬ ‫اليابان‬ ‫أمريكا‬ ‫حجم التجارة العالمية‬
‫‪%36‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%‬الصادرات‬
‫‪%10‬‬ ‫‪%29‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%‬الواردات‬

‫المصدر‪ :‬فريد النجار‪ ،‬إعادة هندسة العمليات وهيكلة الشركات للتعامل مع العولمة والحروب التجارية الجديدة‪ ،‬دار طيبة للنشر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،3001‬ص‪.91‬‬

‫التعريف الثاني‪ :‬ويقصد بها االتجاه أو النزوع نحو الليبرالية بمعنى التحرير وازالة القيود والمعوقات التي تفرضها‬
‫الحكومات على كافة األنشطة والتحركات السياسية واالقتصادية ويمكننا أن نمثل مظاهر العولمة وفقا لهذا‬
‫االتجاه في ا النتشار السريع لعمليات التحول الديمقراطي سياسيا وعمليات التحول إلى آليات السوق وتحرير‬
‫‪2‬‬
‫التجارة وازالة العوائق على المبادالت التجارية وعلى تحركات األفراد ورؤوس األموال‪.‬‬

‫*و يسمى هذا المصطلح باللغة الفرنسية "‪"mondialisation‬وباللغة االنجليزية"‪"globalization‬ووضعت في اللغة العربية "العولمة" للداللة على هذا المفهوم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد المجيد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،3001 ،‬ص ص ‪.29 ،21‬‬
‫‪2‬‬
‫ممدوح محمود منصور‪ ،‬العولمة دراسة في المفهوم والظاهرة واألبعاد‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪ ،3002 ،‬ص‪.21‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫التعريف الثالث‪ :‬يمكن تعريفها كأحد أهم أوجه العولمة وأهم االتجاهات المفسرة لها بأنها تحرير العالقات‬
‫االقتصادية القائمة بين الدول من السياسات والمؤسسات الوطنية واالتفاقيات المنظمة لها‪ ،‬وبخضوعها التلقائي‬
‫لقوى جديدة أفرزتها التطورات االقتصادية العالمية‪ ،‬لتعيد تشكيلها وتنظيمها وتنشيطها على مستوى العالم بأكمله‬
‫كوحدة واحدة‪.1‬‬

‫التعريف الرابع‪ :‬تعد العولمة االقتصادية اتجاه حديث معاصر ينطوي على قيام نظام اقتصادي عالمي جديد‬
‫يحل محل النظام االقتصادي الدولي تختفي فيه الحدود المصطنعة بين اقتصاديات البلدان‪ ،‬حيث تتحرر فيه من‬
‫سيطرة السياسات الوطنية وتحكمها ويتم توجهها بقوانين وقوى فوق القومية‪ ،‬يفترض أن تكون محايدة حسب‬
‫الفكر المهيمن الذي تروج له من المؤسسات النقدية والمالية والتجارية " بأنها تزيد االعتماد االقتصادي المتبادل‬
‫بين دول العالم بوسائل منها تقليص الحواجز الجمركية والتحرير االقتصادي وزيادة حجم وتنوع معامالت السلع‬
‫والخدمات عبر الحدود والتدفقات الرأسمالية الدولية‪ ،‬وكذلك من خالل سرعة ومدى انتشار التكنولوجيا‪"2‬‬

‫ومن خالل كل هذه التعاريف نستنتج أن العولمة االقتصادية ما هي إال أداة من أدوات السيطرة‬
‫واالستعمار بمفهومه الحديث الذي تستعمله االقتصاديات المتقدمة من اجل تذويب الحدود السياسية وجعل العالم‬
‫سوق يسهل عليها عملية تصريف منتجاتها واستغالل موارد الدول األخرى من خالل عملية االستثمار والتوسيع‬
‫فيها‪ ،‬من أجل تحقيق وف ارت الحجم الكبير لتخفيض تكاليف اإلنتاج وكسب الميزة التنافسية لتحقيق أعظم‬
‫األرباح‪.‬‬

‫والمالحظ أن العولمة في جانبها االقتصادي اتخذت شكل تيار متصاعد من اجل فتح األسواق وانفتاح‬
‫كل دول العالم على بعضها البعض‪ ،‬وقد تنامى هذا التيار مع تزامن حركة نهوضية من اجل تحديث وتطوير‬
‫بنية اإلنتاج في اقتصاديات السوق المتقدمة وتصدع نظم اإلنتاج في اقتصاديات دول التخطيط المركزي وتحولها‬
‫إلى اقتصاد السوق وما أحدثته من تفكيك هائل وانكشاف خارجي ضخم في هذه الدول‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد المنعم محمد الطيب حمد النيل‪ ،‬العولمة وآثارها االقتصادية على المصارف‪ ،‬نظرة شمولية مداخلة قدمت في الملتقى الوطني األول حول المنظومة‬
‫البنكية والتحوالت االقتصادية‪ ،‬جامعة شلف‪ ،‬يومي ‪ ،21 ،21‬ديسمبر ‪ ،3001‬ص‪.02‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Eddy FOUGIER, parlons mondialisation en 30 questions, édition la documentation française, Paris, 2012, P 24.‬‬
‫‪3‬‬
‫قدي عبد المجيد‪ ،‬الكوكبة وواقع دول العام الثالث‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع العولمة االقتصادية‬

‫تعمل الدولة االقتصادية إلى الدمج المتزايد القتصاديات العالم‪ ،‬حيث تطور تدريجيا سياق التدفق الحر‬
‫للعوامل األساسية لإلنتاج‪ ،‬كما تتولى العولمة االقتصادية توفير ظروف االستثمار وتوسيعه مما شكل نمو سريع‬
‫لعوامل اإلنتاج والمعامالت المالية الدولية وكذا النمو السريع لالستثمار األجنبي وهذا ما يكشف النقاب على‬
‫العولمة االقتصادية تتحدد في نوعين رئيسين هما العولمة اإلنتاجية أو عولمة اإلنتاج والعولمة المالية‬
‫وسنوضحها من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .1‬عولمة اإلنتاج‪ :‬ويقصد بها زيادة تدويل اإلنتاج‪ ،‬التوزيع والتسويق للسلع والخدمات عبر مختلف دول العالم‪.‬‬
‫ويالحظ أن عولمة اإلنتا ج تتم بدون وجود أزمات مأساوية كما حدث بالنسبة للعولمة المالية وتتحقق‬
‫عولمة اإلنتاج بدرجة كبيرة من خالل الشركات متعددة الجنسيات وتتبلور عولمة اإلنتاج من خالل اتجاهين‪:‬‬

‫‪ 1-1‬االتجاه األول والخاص بعولمة التجارة الدولية‪:‬‬


‫حيث ‪ %60‬من التجارة العالمية‪ ،‬دخل مجال التحرير وتعتبر التكتالت االقتصادية اإلقليمية والمنظمة‬
‫‪2‬‬
‫العالمية للتجارة من أهم العوامل التي تساهم في تعميق مفهوم عولمة اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ 0-1‬االتجاه الثاني والخاص باالستثمار األجنبي المباشر‪:‬‬


‫حيث يالحظ أن زيادة معدل االستثمار األجنبي المباشر * يرجع بالدرجة األولى إلى تبني مختلف دول‬
‫العالم لسياسات االنفتاح والتحرر االقتصادي بمختلف جوانبه حيث وصل هذا المعدل إلى ‪ %23‬خالل عقد‬
‫التسعينيات‪ 3.‬فالشركات المتعددة الجنسيات لليوم‪ ،‬تعدت نشاطاتها المختلفة خارج حدود مجاالت نشاطها‬
‫األصلي‪ ،‬حيث إن عملية نقل دائرة اإلنتاج إلى البلدان األخرى وبالخصوص المختلفة تبقى محكومة بسقوف‬
‫متفاوتة االرتفاع وفقا للظروف واألحوال ومضبوطة بضوابط متنوعة ومقبولة وفقا للمصالح واألوضاع وآليات‬
‫السياسة االقتصادية المعلومة‪ ،‬حيث هي التي تقرر في أي بلدان ستجرى تنمية حقيقية وضمن أية حدود ووفقا‬
‫ألية اعتبارات وشروط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عمر صقر‪ ،‬العولمة وقضايا اقتصادية معاصرة‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3002 ،‬ص‪.9‬‬
‫*اإلستثمار األجنبي المباشر يقصد به تملك المستثمر األجنبي لجزء أو كل الستثمارات في المشروع المعين هذا باإلضافة إلى قيامه بالمشاركة في إدارة‬
‫المشروع مع المستثمر الوطني في حالة االستثمار المشترك أو سيطرته الكاملة على اإلدارة والتنظيم في حالة الملكية المطلقة لمشروع االستثمار فضال‬
‫عن قيام المستثمر ألجنبي بتحويل كمية من الموارد المالية و التكنولوجية والخبرة التقنية في جميع المجاالت إلى الدول المضيفة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مقدم عبيرات‪ ،‬عبد المجيد قدي‪ ،‬العولمة واالقتصاد العربي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد المطلب عبد المجيد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ .0‬العولمة المالية‪ :‬العولمة المالية هي وحدة)تكامل( لمسار مالي موجه مسير بشكل اقرب)سياسة تجمع‬
‫‪1‬‬
‫اقتصادي( والكل مفتوح على بعضه‪ ،‬مما أدى إلى ارتباط األسواق المالية المحلية بالعالم الخارجي‪.‬‬
‫تعتبر العولمة المالية هي الناتج األساسي لعمليات التحرير المالي والتحول إلى ما يسمى باالنفتاح المالي‬
‫مما أدى تكامل وارتباط األسواق المالية المحلية بالعالم الخارجي من خالل إلغاء القيود على حركة رؤوس‬
‫األموال ومن ثم أخذت تتدفق عبر الحدود لتنصب في أسواق المال العالمية وأصبحت أسواق المال أكثر ارتباطا‬
‫وتكامال‪ .2‬وسنتطرق بالتفصيل إلى هذا العنصر في المبحث الثالث من هذا الفصل‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مظاهر وخصائص العولمة االقتصادية‬

‫لعل التأمل في المحتوى الفكري والتاريخي للعولمة االقتصادية‪ ،‬يكشف لنا العديد من الخصائص الرئيسية‬
‫التي تميز العولمة من غيرها من المفاهيم ذات التحوالت الجذرية‪ ،‬هي مجموعة من السمات الهامة التي تتصف‬
‫بها ظاهرة العولمة والتي تميزها عن غيرها من الظواهر االقتصادية وسنذكرها كما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سيادة آليات السوق والسعي إلى الكتساب القدرات التنافسية‬
‫حيث ما يميز العولمة هي سيادة آليات السوق القترانها بالديمقراطية واتخاذ الق اررات في إطار التنافسية‪،‬‬
‫األمثلة والجودة الشاملة واكتساب القدرات التنافسية من خالل االستفادة من الثورة التكنولوجية وثورة االتصاالت‬
‫والمواصالت والمعلومات‪ ،‬وتعمق تلك القدرات المتمثلة في اإلنتاج بأقل تكلفة ممكنة وبأحسن جودة ممكنة‬
‫وبأعلى إنتاجية والبيع بسعر تنافسي على أن يتم في أقل وقت ممكن ‪ ،3‬ومما ال شك فيه أن هذه السيادة‬
‫التنافسية وسيادة آليات السوق مغشوشة وتخضع إلى سيطرة وهيمنة الدول الكبرى‪ ،‬التي تستعملها لخدمة‬
‫مصالحها الواسعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاه نحو المزيد من االعتماد االقتصادي المتبادل‬


‫لعل تحرير التجارة الدولية وتزايد حرية انتقال رؤوس األموال الدولية‪ ،‬مع وجود الثورة التكنولوجية‬
‫والمعلوماتية قد يساعد بشكل كبير على الترابط بين أجزاء العالم وتأكيد عالمية األسواق من خالل إسقاط حاجز‬
‫المسافات بين الدول والقارات مع ما يعنيه من تزايد احتماالت وامكانيات التأثير والتأثر المتبادلين وايجاد نوع‬

‫‪1‬‬
‫‪Jean Yves CALVEZ, 80 mots pour la mondialisation, édition Desclée De Brouwer0 Paris, 2008, p 125‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.323‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫جديد من تقسيم العمل الدولية الذي يتم بمقتضاه توزيع العملية اإلنتاجية بين أكثر من دولة‪ ،‬وقد ترتب عليه‬
‫ظهور آثار عديدة على الناحية الدولية أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬زيادة أو درجة التعرض للصدمات االقتصادية الوافدة من الخارج‪.‬‬


‫‪ ‬سرعة انتقال الصدمات االقتصادية غبر أنحاء العالم‪.‬‬
‫‪ ‬تزايد أهمية التجارة الدولية كعامل محدد من عوامل النمو‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة درجة التنافسية في االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ديناميكية مفهوم العولمة‬
‫إن العولمة في واقعها وحقيقتها ومضمونها ظاهرة ذات طابع حركي ديناميكي‪ ،‬ظاهرة متكاملة األبعاد‬
‫والجوانب ظاهرة وان كانت بسيطة في الشكل إال إ نها معقدة في حقيقتها ومضمونها‪ ،‬فرضت نفسها بقوة على‬
‫‪1‬‬
‫مجريات األحداث وعلى اتجاهات الرأي ومنتديات الفكر إلى درجة تنوع اآلراء واالجتهادات حول مفهومها‪.‬‬
‫وتتأكد هذه الخاصية بدليل احتمال تبديل موازين القوى االقتصادية القائمة حاليا‪ ،‬وهذا نتيجة التطورات‬
‫الحاصلة و الممكنة الحصول في المستقبل‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات‬


‫حيث تعبر العولمة أيضا عن المرونة أال نهائية تقريبا التي تتمتع بها الشركات فيما يتعلق بتركيز‬
‫مختلف أنشطتها‪ ،‬فالتطور التكنولوجي وثورة االتصاالت وازالة العوائق التقليدية لكل من التجارة الدولية‬
‫واالستثمار أدى إلى عولمة األنشطة االقتصادية‪.‬‬
‫فبنظرة متأنية لمؤشرات االستثمار األجنبي المباشر وسلوك الشركات المتعددة الجنسيات وتبدو لنا الصورة‬
‫أكثر تعقيدا‪ ،‬فالكثير من هذه الشركات في الكثير من القطاعات في الكثير من الدول يقومون باالستثمار في‬
‫الخارج وتلك الشركات التي هي في الحقيقة متعددة الجنسيات قد تضخمت أكثر فأكثر خاصة بعد عمليات الدمج‬
‫‪2‬‬
‫والتملك التي يسرتها ظاهرة العولمة‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬وجود أنماط جديدة من التقسيم الدولي للعمل‬


‫حيث تتسم العولمة بوجود أنماط جديدة من تقسيم العمل الدولي‪ ،‬وقد بدا ذلك واضحا في طبيعة المنتج‬
‫الصناعي‪ ،‬حيث لم يعد في إمكان دولة واحدة مهما كانت قدراتها الذاتية أن تستقل بمفردها في عمليات اإلنتاج‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة مقدمة في فكر واقتصاد وادارة عصر إال دولة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪2‬‬
‫رضا عبد السالم‪ ،‬محددات االستثمار األجنبي المباشر في عصر العولمة‪ ،‬مكتبة العصر‪ ،‬مصر‪ ،3001 ،‬ص‪.96‬‬
‫‪16‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫وانما أصبح من الشائع اليوم أن نجد العديد من المنتجات الصناعية مثل السيارات واألجهزة الكهربائية‬
‫والحسابات اآللية وغيرها‪ ،‬يتم تجميع مكوناتها في أكثر من دولة‪ ،‬بحيث تقوم كل واحدة منها بالتخصص في‬
‫وضع أحد المكونات فقط‪ ،‬وهذا ما يعرف بالتقسيم داخل السلعة الواحدة وبالتالي أصبحت ق اررات اإلنتاج‬
‫االستثمار تتخذ من منظور علني ووفقا العتبارات الرشادة االقتصادية فيما يتعلق بالتكلفة والعائد‪.‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬تزايد دور المؤسسات االقتصادية العالمية في إدارة العولمة‬


‫وهي من الخصائص البارزة للعولمة زيادة دور المؤسسات االقتصادية العالمية في إدارة وتعميق العولمة‬
‫وخاصة بعد انهيار المعسكر االشتراكي بتفكك االتحاد السوفياتي سابقا‪ ،‬وبالتالي تالشي المؤسسات االقتصادية‬
‫لهذا المعسكر‪ ،‬وانتشار منظمة التجارة العالمية في أول يناير‪ 2661‬وانضمام معظم دول العالم لها‪ ،‬ومن ثم‬
‫اكتمال الضلع الثالث من مؤسسات النظام االقتصادي العالمي التي تمثل العولمة أهم سماته‪.‬‬

‫وعلى الصعيد العالمي‪ ،‬أسهمت آليات بريتون وودز (نظام النقد الدولي) في ثبات أسعار الصرف وتشجيع‬
‫االستثمارات الدولية‪ ،‬كما أث ـ ـ ـرت االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية في زيادة معدالت التجارة الدولية وقيـ ـ ـ ـام نمـ ـ ـط معين‬

‫‪1‬‬
‫لتقسيم العمل الدولي‪.‬‬

‫وبالتالي أصبح هناك ثالث مؤسسات تقوم على إدارة العولمة من خال ل مجموعة من السياسات النقدية‬
‫‪2‬‬
‫والمالية والتجارية المؤثرة في السياسات االقتصادية لمعظم دول العالم‪ ،‬وهذه المؤسسات هي‪:‬‬

‫‪ -‬صندوق النقد الدولي والمسؤول عن إدارة النظام النقدي للعولمة‪.‬‬


‫‪ -‬البنك الدولي وتوابعه والمسؤول عن إدارة النظام المالي للعولمة‪.‬‬
‫‪ -‬منظمة التجارة العالمية والمسؤولة عن إدارة النظام التجاري للعولمة‪.‬‬
‫ويالحظ على هذه المؤسسات العالمية نتيجة إلى إدارة العولمة من خالل آلية جديدة في إطار التنسيق‬
‫فيما بينها لضبط إيقاع منظومة العولمة وسنتطرق إلى مساهمة هذه األخيرة في تطبيق سياسات التحرير المالي‬
‫والبنكي بالتفصيل من خالل المبحث الموالي‪.‬والشكل التالي يوضح آلية عمل المثلث المدير للعولمة االقتصادية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫منير الحمش‪ ،‬اإلصالح االقتصادي بين أوهام الليبرالية القتصادية الجديدة وحق الشعوب في الحياة‪ ،‬دار الرضا للنشر‪ ،‬مصر‪ ،3002 ،‬ص‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬النظام االقتصادي العالمي الجديد وآفاقه المستقبلية بعد ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الشكل رقم (‪1‬ـ‪ :)1‬آلية عمل المؤسسات المديرة للعولمة االقتصادية‪.‬‬

‫البنك الدولي‬

‫منظمة التجارة العالمية‬ ‫صندوق النقد الدولي‬

‫منظمات األمم المتحدة‬

‫الشركات عابرة القارات‬

‫عالمية اإلدارة‬

‫المصدر‪ :‬فريد النجار‪ ،‬إدارة األعمال االقتصادية والعالمية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2669 ،‬ص‪.26‬‬

‫الفرع السابع‪ :‬تقليص درجة سيادة الدولة الوطنية واضعافها في مجال السياسة النقدية والمالية‬
‫لقد مرت الدولة في تاريخها بمراحل عديدة بين التوسع واالنكسار‪ ،‬رغم أن النفقات بقيت متزايدة ألسباب‬
‫عديدة فلقد انتقلت النفقات العامة كنسبة من الناتج المحلي الخام في البلدان الصناعية في المتوسط من ‪%23‬‬
‫لسنة ‪2662‬م الـ ‪%11‬سنة ‪2661‬م‪ ،1‬إال أن ظهور العولمة لم يلغي دور الدولة مطلقا وانما جعل بعض المهام‬
‫تتراجع بسبب‪:‬‬
‫‪ ‬نزوع الدولة لمزيد من التكامل واالندماج‪ ،‬ف يصبح منطق االندماج أقوى من منطق الدولة كما هو الحال‬
‫بالنسبة لالتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪ ‬تعاظم دور المنظمات الدولية وادارة القتصاد العالمي‪ ،‬وقدرتها على تعميم بعض السياسات االقتصادية‬
‫الكلية‪.‬‬
‫والجدول التالي يبين التوزيع الجغرافي ألكبر الشركات العالمية حسب مؤشر الفايناناشيال تايمز لسنة ‪3000‬م‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد المجيد عبد المطلب‪ ،‬الكوكبة وواقع دول العالم الثالث‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الجدول رقم(‪ :)1-1‬التوزيع الجغرافي ألكبر الشركات العالمية حسب مؤشر الفايناناشيال تايمز لسنة‬
‫‪0222‬م‬
‫عدد الشركات‬ ‫المنطقة‬
‫‪ 331‬منها ‪ 326‬في و‪.‬م‪.‬أ و ‪ 9‬في كندا‬ ‫أمريكا الشمالية‬
‫‪ 291‬منها ‪ 19‬في بريطانيا‬ ‫أوروبا‬
‫‪ 11‬منها ‪ 9‬في استراليا‬ ‫آسيا والباسيفيك‬
‫‪ 2‬منها ‪ 3‬في المكسيك‬ ‫أمريكا الالتينية‬
‫‪ 2‬جنوب إفريقيا‬ ‫إفريقيا‬
‫‪ 2‬في السعودية‬ ‫الشرق األوسط‬
‫المصدر‪ :‬تقرير المؤسسة العربية لضمان الستثمار‪ ،‬العدد ‪ ،219‬يونيو ‪ ،3000‬ص‪.1‬‬
‫وتكفي اإلشارة إلى أ نه إذا تمت العولمة المالية بشكل كامل أي تم فتح الحساب الجاري وحساب رأس‬
‫المال‪ ،‬وتزايدت درجة اندماج وتكامل السوق المالي المحلي مع أسواق المال الخارجية فإنه من الراجح جدا أن‬
‫تفقد الدولة سيادتها الوطنية في مجال السياسة النقدية والسياسة المالية لصالح قوى العولمة في صنع السياسة‬
‫االقتصادية الوطنية بما في ذلك تحديد معدالت اال ستثمار والنمو االقتصادي ومستويات التشغيل والبطالة‪،‬‬
‫مستويات الدخل أو الرفاهية االجتماعية‪ ،‬انتعاش أو ركود أسواق المال وحتى أسعار الصرف الوطنية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أهداف العولمة االقتصادية‬

‫إن النظام العالمي المسمى بالعولمة القائم على النيوليبرالية يهدف إلى استثمار الوقت وتحويله إلى معرفة‬
‫جديدة‪ ،‬والتي يتم استبدالها بسلعة أو خدمة جديدة أو استخدامها في التنويع السريع والتحسين المستمر في‬
‫المنتجات واالستفادة منها في جودة التصنيع وذلك بطريقة فعالة ومتواصلة من أجل تحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫ويخشى البعض من العولمة لتأثيرها على انفراط الروابط الوطنية ولتأثيرها على فقد المكانة الذاتية المتميزة‪،‬‬
‫ولتأثيرها على تعتيم ووضوح التصنيفات البشرية لخصائص التجمعات البشرية المختلفة وادماج كافة الخصائص‬
‫ومزجها في بعضها البعض ليصبح الجميع بش ار متساوين في الحقوق والواجبات‪ ،‬وهي بذلك ظاهرة معقدة‪ ،‬ذات‬
‫أبعاد متعددة وذات تأثيرات متباعدة ومتباينة تشمل كثير من النواحي والتي تؤدي إلى تشابك وتداخل األطراف‬
‫والعالقات والعناصر والعوامل‪...‬الخ‪ ،‬ومن ثم تحتاج إلى رؤية واضحة وقوة كبيرة للتوجه نحو الطريق السليم وهو‬
‫ما يتحقق من خالل أهداف العولمة والتي يمكن لنا عرض موجز ألهمها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬تفكك وازالة واذابة الحدود الفاصلة والحواجز العازلة بين الشعوب‪ ،‬وانهاء التوجهات الجزئية للدول‬
‫واالقتصاد المحلي والقضاء على حالة االنعزال الوطني‪ ،‬باعتبار هذا كله عبئ ثقيل على كاهل البشرية ويقف‬
‫أمام عملية العولمة‪ ،‬فضال عن كونه هدر للموارد النادرة وسوء توجيه لها‪ .‬باإلضافة إلى تكثيف التفاعالت‬
‫الدولية وتراجع اثر العامل الجغرافي‪.1‬‬
‫‪ ‬بناء هياكل إنتاجية مثلى إلنتاج السلع وتقديم الخدمات وصناعة األفكار على مستوى الحجم‬
‫االقتصادي الكبير الذي يأخذه في معطياته السوق الكوني الجديد‪ ،‬باعتباره متمتعا بمزايا تنافسية فائقة ومتميزة‬
‫عن اآلخرين وباعتباره يقدم لهم‪:‬‬
‫األكثر إشباعا الحتياجاتهم واألكثر توافقا مع مطالبهم‪ ،‬ومتسقا مع رغباتهم و متناسبا تناسبا حركيا‬
‫مع طموحهم سواء بشكله ومضمونه واطاره الكلي‪ ،‬ومع تطوراته وتحسيناته في المستقبل‪.‬‬
‫األيسر من حي ث الحيازة ومن حيث االنتفاع ومن حيث االستخدام ومن حيث الملكية‪ ،‬ومن حيث‬
‫االستبدال‪ ،‬أو اإلصالح وخدمات ما بعد البيع‪.‬‬
‫األوفر من حيث اإلتاحة ومن حيث المعروض ومن حيث شبكة التوزيع ومن حيث منافذ العرض‬
‫ومن حيث النقل والتواصل إلى حيث يرغب العميل‪.‬‬
‫إن هذا كله يأتي في عملية بناء الهياكل الكلية للعولمة في إطارها األمثل‪ ،‬وسواء كان ذلك كنظام أو‬
‫كمنظومة سواء من حيث الحجم أو من حيث عالقات العمل أو من حيث أساليب اإلنتاج وتكنولوجيته‪ ،‬ومن هنا‬
‫فإن بناء هذه الهياكل يعد الطريق الموصل إلى إنشاء مشروعات ذات فاعلية قصوى المتالك مزايا تنافسية‬
‫لألفضل واألرقى واألحسن‪.‬‬

‫‪ ‬إعطاء الفرصة كاملة لقوى االبتكار والخلق واإلبداع والتحسين والتطوير والتنمية واالنتماء لتتفاعل‬
‫مواهبها وملكياتها بشكل كامل ومتكامل يتم من خالله الوصول إلى‪:‬‬
‫منتجات سلعية وخدمية مبتكرة وجديدة تماما وبشكل غير مسبوق لم تعرفه البشرية من قبل‪.‬‬
‫نظام تسويقي عالي الكفاءة وكامل اإلتاحة وفعال الوفرة ودائم التطور والغنى والكثافة بحيث يحقق‬
‫الرضا الكامل ويضمن استمرار العمل والزبون في التعامل‪.‬‬
‫أدوات تمويلية مبتكرة أساسية ومشتقة من خالل اشتقاقات جديدة لم يتم إدخال نقود وأشباه النقود‬
‫االلكترونية وغير االل كترونية فائقة السيولة والسهولة واليسر والوفرة التي تضمن تغطية النشاط االقتصادي‬
‫وتضمن توسعه وتحقق االنتعاش والرواج الدائم والمستمر‪.‬‬

‫ممدوح محمود منصور‪ ،‬العولمة‪ :‬دراسة في المفهوم و الظاهرة و األبعاد‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ص ‪.21،21‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫تنظيم تشغيل وادارة الموارد البشرية حافزة على تفعيل اإلنتاجية وتحسين األداء‪ ،‬وفي الوقت نفس‬
‫جعل اإلدارة تشاركية قائمة على التعاون والمشاركة اإليجابية الفاعلة‪.‬‬
‫‪ ‬الوصول إلى شكل من أشكال التجانس العالمي‪ ،‬سواء من خالل تقليل الفوارق في مستويات المعيشة أو‬
‫في الحدود الدنيا لمتطلبات واحدة مندمجة ومتكتلة سواء من حيث المصالح والمنافع المشتركة والجماعية أو من‬
‫حيث اإلحساس بالخطر الواحد الذي يهدد البشرية ومن حيث أهمية تحقق األمن الجماعي بأبعاده الكلية‬
‫وعناصره الجزئية الفاعلة فيه ومواجهة والتصدي ألي خطر يهدد االستقرار واألمن العالمي العام‪ ،‬والتعامل معه‬
‫بجهد وعمل مشترك وتعاون كامل من الجميع من خالل زيادة االعتمادية المتبادلة بين الشعوب وتنمية حاجة كل‬
‫‪1‬‬
‫منها إلى اآلخر وخلق الثقة وجني المكاسب المشتركة‪.‬‬
‫إن العولمة ليست قائمة على التماثل والمحاكاة‪ ،‬وانما قائمة على التنوع والتخصص وتقسيم العمل وهو‬
‫ما يفرض أوضاع جديدة من التكامل التشابكي واالعتمادية المتبادلة‪ ،‬والتعاون واالندماج ومن ثم فإنه يتعين‬
‫إحداث ترتيب خاص‪ ،‬ونظام جديد فاعل ومتفاعل‪ ،‬قائم ليس على نفي اآلخر وانما على وجوده وعلى التعاون‬
‫معه وعلى االعتماد عليه ولكن في إطار ذلك الترتيب الجديد الذي يجعل من منظومة العولمة نظاما متكامال في‬
‫ذاته‪ ،‬له عناصره وله مدخالته ومخرجاته وفوق كل هذا له نظام التشغيل الخا ص به‪ ،‬الذي يحرص على توليد‬
‫القيم واحداث التراكمات‪ ،‬ومن ثم فان العولمة تواصل ضغطها على عشرات اآلالف من المؤسسات والشركات‬
‫لكي ينظموا إلى ركبها لالستفادة من مزايا ومكاسب الفرص التي تخلقها عمليات التعولم وما تتجه من ابتكارات‬
‫في الوسائل واألدوات والمناهج في‪:‬‬

‫‪ ‬قيادة وا دارة األعمال سواء على مستوى المشروع المتعولم أو على مستوى وحدات وأجزاء هذا المشروع‬
‫وفي إطار استخدام نظم ابتكارية للتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة شاملة مجاالت اإلنتاج التسويق‪ ،‬التمويل‪،‬‬
‫الموارد البشرية‪ ،‬صانعة أوضاع ومحركات توازن عالية الفعالية‪.‬‬
‫‪ ‬تصميم سياسات تمويل ابتكارية تتحرك ذاتيا لتوفير األموال الالزمة والكافية لعمليات االستثمار وفي‬
‫الوقت ذاته إنشاء مؤسسات تمويلية عالية الكفاءة‪ ،‬ليس فقط في مجال تنمية المدخرات وتعبئة الفائض الفعلي‬
‫ولكن من أجل إيجاد وسائل وأدوات تمويلية ونقدية جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬فتح إمكانيات هائلة للتبادل الدولي وزيادة العائد المتولد عنها‪ ،‬مع تعميق وحدة العالم وزيادة فاعليته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة اإلحتياجية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.212 ،213‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬استخدام سياسات تدريبية نشطة الكتساب المعرفة والخبرة واالرتقاء بالقدرة وتنمية المهارة للتناسب مع‬
‫متطلبات العولمة‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق االتصال الفائق والمتكامل واقامة عالقات مشاركة متعددة ومعدية الجنسيات مما يعظم الشعور‬
‫بالعولمة‪.‬‬
‫ومن ثم فان العولمة ال تملك فقط قوة اإلنتاج ولكنها أ يضا تملك قوة التسويق وقوة التحويل وقوة العنصر‬
‫البشري وهي تحكمها مصالح وهي ذات طابع انحيازي لصالح البشرية جمعاء والتي جعلت كوكب األرض وعاء‬
‫واحدا يعيش ويتعايش الجميع فيه‪ .‬ومن خالل األهداف السابقة الذكر يتبين لنا الجانب االيجابي الذي سعى‬
‫دائما إلى ايجاد نوع من االعتماد المتبادل بين اقتصاديات الدول لتحقيق الرفاهية االقتصادية‪ ،‬ولكن المتأمل‬
‫النعكاس لهذه الظاهرة فإنه يالحظ توجهها نحو تعميق ازدواجية الغنى والفقر عالميا‪ ،‬حيث يتضح أن العولمة‬
‫تنطوي في صميمها على تهميش دول العالم الثالث والمزيد من تهميش الفقراء داخل حدود كل دولة من هذه‬
‫الدول في الوقت نفسه مع التأكيد على وجود عالمين‪ ،‬العالم المتقدم الذي يسوده التعاون والرفاهية‪ ،‬والعالم‬
‫المتخلف الذي تمزقه الصراعات والفقر‪ ،‬ولقد زاد من حدة التناقض بين العالمين وجعلت كل طرف في مرأى‬
‫الطرف اآلخر ثم تكفلت ثورة االتصاالت والمعلومات بتحويل التناقض إلى أزمة‪ ،‬حيث ترسخ بين االثنين نوع‬
‫‪1‬‬
‫من الكراهية والخوف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد األطرش‪ ،‬العرب وتحديات النظام العالمي‪ ،‬سلسلة كتب المستقبل العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،3001 ،‬ص‪.6‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مؤسسات العولمة االقتصادية وتأثيراتها في تحول آلية النظام االقتصادي الدولي‬

‫يتجه العا لم نحو اقتصاد رأسمالي بقيادة الدول المتقدمة وعلى رأسها أمريكا‪ ،‬من خالل استعمال أجهزة‬
‫وهيئات دولية وعالمية تنشط وفق أهداف الرأسمالية العالمية وتدير النظام االقتصادي العالمي‪ ،‬وتتمثل أساسا في‬
‫صندوق النقد الدولي‪ ،‬البنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية حيث يالحظ تحوال كبي ار في رسالة هذه الهيئات‬
‫وأدوارها التي وجدت من أجلها وهذا حتى تتمكن من مواكبة التغيرات الجارية عالميا‪ ،‬محددة بذلك قواعد السلوك‬
‫وأساليب اإلدارة االقتصادية التي يجب إتباعها من قبل راسمي السياسة في البلدان المختلفة دون أدنى مرونة‬
‫وتحريف وهذا بالطبع خدمة للمحرك األساسي للعولمة وهي الشركات العمالقة‪ ،‬وذلك بسنها للقوانين واإلجراءات‬
‫واللوائح المسهلة لالستثمار الدولي المباشر‪ ،‬وهو ما اتفق على تسمية مثلث األعمال الدولية‪.‬‬

‫ولقد لعبت األمم المتحدة ومنظماتها التابعة لها دو ار رئيسيا في تأكيد أهمية العولمة وأهمية اإلعداد لوحدة‬
‫العالم‪ ،‬وأهمية إيجاد شكل من أشكال الفوقية فوق الدول والحكومات خاصة في أوقات األزمات‪ ،‬وأهمية أن‬
‫تتنازل الدول والحكومات عن جزء من سيادتها إن لم تكن سيادتها كاملة لصالح آليات اكبر وبشكل يتسع ليشمل‬
‫جميع دول العالم وليشكل فيما بعد حكومة العولمة‪ ،1‬ولقد استطاعت بهذه األخيرة منذ إنشائها عام ‪2611‬م‬
‫ومنظماتها التابعة أن تهيئ الفكر اإلنساني الحديث لتقبل فكرة الحكومة العالمية‪ ،‬واستطاعت مؤتمراتها المتتالية‬
‫ومنظماتها إعادة بناء الروابط والمعابر والجسور الواصلة والمتصلة بكافة دول العالم منها جميعا سوقا واحدة‬
‫ومتسعة‪ .‬وتشرف على عملية العولمة‪ ،‬وعلى إيجاد البنية الهيكلية واألساسية وثالث مؤسسات دولية كبرى تقوم‬
‫بإرساء قواعد وبنيان هيكل العولمة ودعم مجاالتها الثالثة الرئيسية وهي‪:‬‬

‫‪ -‬عولمة التجارة‪.‬‬
‫‪ -‬عولمة التمويل‪.‬‬
‫‪ -‬عولمة االستثمار‪.‬‬
‫وسنحاول من خالل هذا المبحث التطرق إلى مؤسسات العولمة االقتصادية التي تشرف على إدارة النظام‬
‫االقتصادي الدولي الجديد‪ ،‬وهي صندوق النقد الدولي‪ ،‬البنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية وتبيان كيفية‬
‫تأثيرها على الدول من اجل تطبيق سياسات التحرير االقتصادي والمالي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة االجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المطلب األول‪ :‬صندوق النقد الدولي و تأثيراته على النظام النقدي الدولي‬

‫اجتمع ممثلو ‪ 11‬دولة في عام ‪2611‬م قبل نهاية الحرب العالمية الثانية في (بريتون وودز) من أجل‬
‫وض ع نظام نقدي دولي جديد يجنب العالم األزمات النقدية واالقتصادية التي ألمت به في الثالثينيات من القرن‬
‫الماضي‪ 1،‬ويعتبر صندوق النقد الدولي(‪ )IMF‬من أهم المؤسسات االقتصادية المكونة للنظام االقتصاد العالمي‬
‫الجديد‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف صندوق النقد الدولي‬


‫إ ن صندوق النقد الدولي مؤسسة دولية يتمتع بشخصية اعتبارية المنظمة له واقامة نظام للمدفوعات‬
‫متعددة األطراف لتصحيح االختالفات فيه وتطوير التعاون الدولي في المجاالت النقدية والمالية‪ 2.‬ويمكن تعريفه‬
‫على أنه المنظمة العالمية النقدية التي تقوم على إدارة النظام النقدي الدولي وتطبيق السياسات النقدية الكفيلة‬
‫‪3‬‬
‫بتحقيق االستقرار النقدي وعالج العجز المؤقت في موازين المدفوعات الدول األعضاء فيه‪.‬‬

‫وقد أنشئ صندوق النقد الدولي في ‪ 31‬ديسمبر عام ‪2611‬م‪ ،‬بموجب اتفاقية "بريتون وودز" الموقعة‬
‫في صيف عام‪2611‬م من حوالي ‪ 11‬دولة إال أن عدد الدول األعضاء فيه وصل عام ‪2661‬م بعد حوالي‬
‫خمسين سنة من إنشائه ‪ 216‬دولة‪ ،‬وبلغ عدد موظفيه ‪ 3210‬شخصا ليصبح بذلك المؤسسة االقتصادية‬
‫العالمية التي تمثل أحد األركان الرئيسية الفعالة في النظام االقتصادي العالمي الجديد والتي تعمل على تحقيق‬
‫االستقرار النقدي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهداف صندوق النقد الدولي‬


‫قام صندوق النقد الدولي طبقا لنصوص االتفاقية الخاصة بإنشائه وتأسيسه لتحقيق مجموعة من األهداف‬
‫نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬تشجيع وتنمية التعاون الدولي في المجاالت النقدية‪ ،‬والمالية بواسطة هيئة دائمة تهيئ سبل التشاور‬
‫والتآزر بغية الوصول إ لى حلول للمشاكل المتعلقة بالجانب المالي والنقدي الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع نطاق التجارة الدولية والعمل على زيادتها وتنشيطها وتسهيل المجرى لنمو للتجارة العالمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫علي عبد الفتاح أبو شرار‪ ،‬االقتصاد الدولي نظريات وسياسات‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬األردن‪ ،3001 ،‬ص‪.162‬‬
‫‪‬‬
‫‪IMF : international monetary fund.‬‬
‫‪2‬‬
‫مدني بن شهرة‪ ،‬اإلصالح القتصادي وسياسة التشغيل ( التجربة الجزائرية)‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،3009 ،‬ص ص‪.96 ،99‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3001 ،‬ص ص ‪.312 ،313‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ -‬تشجيع استقرار أسعار الصرف والمحافظة على ترتيبات صرف منظمة بين الدول األعضاء‪ ،‬وتجنب‬
‫التخفيف التنافسي في قيم العمالت وبالتالي االحتفاظ بقاعدة الذهب التي كانت سائدة قبل ذلك‪ ،‬إذ يلزم كل‬
‫عضو بتحديد قيمة عملة على أساس الذهب أو على أساس الدوالر األمريكي وعياره المطبق في‬
‫‪ 2611/01/02‬هو واحد أوقية ذهب تساوي ‪ 21‬دوالر أمريكي‪.‬‬
‫‪ -‬المساعدة في إقامة نظام مدفوعات متعدد األطراف فيما يتعلق بالمعامالت الجارية بين الدول األعضاء‬
‫مع إلغاء القيود المفروضة على عمليات الصرف المعرقلة لنمو التجارة العالمية‪.‬‬
‫‪ -‬توفير الثقة لدى البلدان األعضاء عن طريق وضع الموارد العامة للصندوق تحت تصرفهم بشكل مؤقت‬
‫ضمن إطار شروط حمائية محددة لتصحيح موازين مدفوعاتهم في حاالت وجود عجز مؤقت دون اللجوء إلى‬
‫إجراءات مضرة بالنمو االقتصادي والوطني والدولي‪.‬‬
‫يتضح مما تقدم أن أهداف الصن دوق تتجسد في امتصاص األزمات النقدية على الصعيد الدولي والحفاظ‬
‫على النظامين النقدي والمالي الدوليين وصيانة النظام العالمي الحالي وترسيخ مبادئه‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬وظائف صندوق النقد الدولي‬


‫إ ن نشاط الصندوق المحصور في المجالين النقدي والمالي والذي يتغير حسب طبيعة المشاكل التي تعاني‬
‫منها الدول األعضاء واعطاء الحلول الممكنة في الفترة األولى لنشأة الصندوق‪ ،‬كانت مشاكل الدول الصناعية‬
‫من اهتماماته ومع مطلع السبعينات من القرن الماضي كانت المشاكل التنموية المتمثلة في عجز ميزان‬
‫المدفوعات للدول النامية لألعضاء هي أول اهتمامات ه وعلى اثر هذه المشاكل تحول دور الصندوق من التركيز‬
‫على السياسات الموجهة لمساعدة الدول النامية في انجاز عملية اإلصالح االقتصادي وذلك في إطار ما يطلق‬
‫عليه قاعدة الشرطية وذلك بالتزام الدول الطالبة للتسهيالت أن تقوم بمجموعة من اإلجراءات التي تضمن تحسين‬
‫معدالت األداء باالقتصادي الكلي‪ ،‬وعليه يمكن حصر أهم وظائف صندوق النقد الدولي فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تقديم المعونة الفنية عن طريق تخصيص بعض موظفيه وارسالهم لعدد من الدول لتقديم النصائح الفنية‬
‫عن العديد من المشكالت وفي صدد رسم تنفيذ السياسات النقدية والمالية واعداد تشريع للبنك المركزي واعادة‬
‫تنظيم البنوك المركزية وتطوير اإلحصاءات المالية والمساعدة في تنفيذ البرامج المتعلقة بالتسهيالت التي وافق‬
‫عليها الصندوق للدول المعنية‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم برامج تدريب متقدمة‪ ،‬حيث أنشأ الصندوق معهدا للتدريب في سنة ‪2691‬م يقدم خدمات وبرامج‬
‫تدريبية في مجاالت التحليلي المالي والسياسات النقدية والمالية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ -‬تقديم الموارد والقروض بالتعاون مع البنك الدولي والتي تسمى بتسهيالت التصحيح الهيكلي وهي معدة‬
‫لتصحح مسار السياسة االقتصادية على مستوى االقتصاد الكلي للبلد‪ ،‬وتقدم هذه الموارد بالذات إلى البلدان ذات‬
‫‪1‬‬
‫الدخل المنخفض‪.‬‬
‫‪ -‬توفير السيولة الدولية الالزمة لتسوية المدفوعات الدولية من خالل زيادة االحتياطات الدولية وقد ابتدع‬
‫في ذلك ما يسمى بحقوق السحب الخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬ق اررات الصندوق تأخذ عن طريق االنتخاب من طرف الدول األعضاء بإتباع نظام الحصص الخاص‬
‫بالقوة االنتخابية لكل بلد عضو‪ ،‬ح يث القوة التصويتية للبلد مربوطة بالقوة التمويلية للصندوق وسنالحظ من‬
‫خالل الجدولين أدناه موارد الصندوق من خالل الحصص الممنوحة من أرس مال الصندوق وكذلك القوة‬
‫التصويتية لكل بلد المرهونة بالقوة التمويلية الخاصة بعام ‪2661‬م‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)6-1‬حصص الدول األعضاء في صندوق النقد الدولي لعام ‪1117‬م‪.‬‬
‫الحصص‬ ‫الدولة‬ ‫الحصص‬ ‫الدولة‬ ‫الحصص‬ ‫الدولة‬ ‫الحصص‬ ‫الدولة‬
‫‪331‬‬ ‫بلجيكا‬ ‫‪311‬‬ ‫هولندا‬ ‫‪301‬‬ ‫السلفادور‬ ‫‪300‬‬ ‫أستراليا‬
‫‪110‬‬ ‫فرنسا‬ ‫‪20‬‬ ‫بولونيا‬ ‫‪10‬‬ ‫نيوزلندا‬ ‫‪9‬‬ ‫إثيوبيا‬
‫‪0.1‬‬ ‫النرويج‬ ‫‪10‬‬ ‫اليونان‬ ‫‪210‬‬ ‫الب ارزيل‬ ‫‪3‬‬ ‫نيكارجوا‬
‫‪10‬‬ ‫تشيلي‬ ‫‪1‬‬ ‫بنما‬ ‫‪1‬‬ ‫جواتيماال‬ ‫‪200‬‬ ‫كندا‬
‫‪301‬‬ ‫هندوس‬ ‫‪110‬‬ ‫الصين‬ ‫‪3‬‬ ‫بارجواي‬ ‫‪0.001‬‬ ‫السيشل‬
‫‪1‬‬ ‫كوستاريكا‬ ‫‪21‬‬ ‫الفلبين‬ ‫‪10‬‬ ‫كولومبيا‬ ‫‪31‬‬ ‫بيرو‬
‫‪31‬‬ ‫إيران‬ ‫‪10‬‬ ‫كوبا‬ ‫‪231‬‬ ‫بولندا‬ ‫‪100‬‬ ‫الهند‬
‫‪10‬‬ ‫الدومينيك‬ ‫‪2300‬‬ ‫إ سوفياتي‬ ‫‪9‬‬ ‫العراق‬ ‫اتحاد جنوب إفريقيا ‪200‬‬
‫‪3110‬‬ ‫الو‪.‬م‪.‬أ‬ ‫لوكسمبورج ‪20‬‬ ‫‪1‬‬ ‫إكوادور‬ ‫‪2200‬‬ ‫المملكة المتحدة‬
‫‪21‬‬ ‫فنزويال‬ ‫‪21‬‬ ‫أورغواي‬ ‫‪60‬‬ ‫المكسيك‬ ‫‪11‬‬ ‫مصر‬
‫المصدر‪ :‬مدني بن شهرة‪ ،‬اإلصالح االقتصادي وسياسة التشغيل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫‪1‬‬
‫علي عبد الفتاح أبو شرار‪ ،‬االقتصاد الدولي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫*حقوق السحب الخاصة ‪ :‬هي نوع من النقود (األصول) الدولية يقوم بإصدارها الصندوق و تعرف أحيانا بالذهب الورقي داللة على قوة إبرائها وظهرت‬
‫‪ 2696‬وتقيم بناء على أوزان معينة من العمالت الرئيسية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫ونالحظ من الجدول أعاله أن الو‪.‬م‪.‬أ احتلت المرتبة األولى من حيث الحصص بقيمة تصل الى‪3110‬‬
‫حصة ثم تليها المملكة المتحدة ب ‪ 2200‬حصة وفي آخر الترتيب النرويج ب ‪ 0.1‬حصة وكذلك السيشل‬
‫ب‪ 0.001‬حصةإ ال أن الحصص يتم مراجعتها وتكوينها كالتالي‪:‬‬

‫‪ %2 -‬من الدخل الوطني منه ‪2610‬م‪.‬‬


‫‪ %3 -‬من احتياطي الدولة من الذهب سنة ‪2612‬م‪.‬‬
‫‪ %20 -‬من متوسط الواردات السنوية من فترة‪2621‬م‪2629-‬م‪.‬‬
‫‪%20 -‬من مقدار التغير للحد األقصى للصادرات عن نفس الفترة‪.‬‬
‫‪ %20 -‬من نسبة متوسط الصادرات إلى الدخل الوطني عن نفس الفترة ‪.‬‬
‫والمالحظ أن الدول التي لها دخل وطني مرتفع هي التي تستحوذ على أكبر حصة في الصندوق وتستحوذ‬
‫على قوة تصويتية أكبر وهذا ما سنحاول إظهاره من خالل الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم(‪ :)7-1‬البلدان ال عشر ذوي الحصص األكبر من الحصص الكلية لعام ‪1117‬م‪.‬‬

‫النسبة‬ ‫البلد‬ ‫النسبة‬ ‫البلد‬ ‫النسبة‬ ‫البلد‬

‫‪%6.2‬‬ ‫ألمانيا‬ ‫‪%6.5‬‬ ‫اليابان‬ ‫‪%21.9‬‬ ‫الو‪.‬م‪.‬أ‬

‫‪%3.36‬‬ ‫ايطاليا‬ ‫المملكة المتحدة ‪%5.1‬‬ ‫‪%5.1‬‬ ‫فرنسا‬

‫‪%3.02‬‬ ‫الصين‬ ‫‪%3.02‬‬ ‫كندا‬ ‫‪%3.3‬‬ ‫م‪.‬ع السعودية‬

‫‪%2.8‬‬ ‫روسيا‬

‫المصدر‪ :‬مدني بن شهرة‪ ،‬اإلصالح االقتصادي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.92‬‬

‫ارت‬
‫من خالل الجدول أعاله يتبين لنا جليا نسبة استحواذ الدول الكبرى على القوة التصويتية التخاذ القر ا‬
‫على مستوى الصندوق التي بلغت الو‪.‬م‪.‬أ فيها‪ %17.6‬وتليها اليابان ‪ %9.1‬وألمانيا ‪ %9.3‬وفي إجمال هذه‬
‫الدول ‪ %19‬وهذا ما يعني التأثير المطلق على توجيه الق اررات التي تتخذ على مستوى الصندوق‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫ولقد طور صندوق النقد الدولي إضافة إلى الدوالر االبتدائي الخاص بتمويل العجز في ميزان المدفوعات‪،‬‬
‫فانه تم تأسيس مهمات جديدة للصندوق بعد قرار "تكسون" في ‪2612/09/21‬م القاضي بإلغاء قابلية صرف‬
‫الدوالر با لذهب كما تم تغيير تسهيالت الصندوق المعتمدة حسب المتغيرات االقتصادية الطارئة‪.‬‬

‫فمنذ الستينات أوجد صندوق النقد الدولي تسهيالت جديدة تمنح إلى األعضاء لمساعدتهم في مواجهة‬
‫المشاكل التي يعانون منها في موازين مدفوعاتهم‪ ،‬فقد أوجدت تسهيالت التمويل التعويضي في ‪2692‬م لتمكن‬
‫العقود من مواجهة الهبوط الطارئ في حصة صادراته‪ ،‬وقد وجدت تسهيالت المخزون المنظم في ‪2696‬م‬
‫أيلول‬ ‫واستهدف هذا التسهيل تمويل بناء المخازن للتقليل من أثر التقلبات الحاصلة في أسعار التصدير‪ .‬وفي‬
‫‪2611‬م أوجد التسهيل التمويلي التكميلي لمواجهة ارتفاع أسعار البترول وفي عام ‪2690‬م أوجد الصندوق‬
‫تسهيالت متكاملة لمواجهة االرتفاع المفاجئ في أسعار مستورداتهم من الجنوب‪.‬‬

‫كما استحدث الصندوق تسهيالت تمويلية مميزة بعد أزمة النفط ‪2699‬م‪ ،‬حيث اعتمد التسهيل التمويلي‬
‫المفرز للتصحيح الهيكلي الموسع و يوجه إلى األعضاء ذوي الدخل المنخفض التي تواجه مشاكل طويلة األمد‬
‫في ميزان مدفوعاتها وفي ‪2661/01/20‬م وافق الصندوق على ‪ 23‬اتفاق جديد بمبلغ ‪ 6‬مليار وحدة حقوق‬
‫سحب خاصة‪.‬‬

‫إ ن التحول الوظيفي الذي يشهده الصندوق يدل على تغيير معالم االقتصاد العالمي‪ ،‬حيث كان يهدف‬
‫عند ممارسة مهامه إلى ضمان استق ار ر النظام النقدي الدولي‪ ،‬لكنه أصبح يفرض برامجه على الدول التي هي‬
‫بحاجة لالقتراض منه‪ ،‬فأصبح الصندوق أكبر مؤسسة إقراض في العالم وهذا دليل على تزايد دور الصندوق في‬
‫إدارة أزمة المديونية الخارجية‪ ،‬وتمثل إجراءات الصندوق لمعالجة االختالالت في موازين مدفوعات الدول‬
‫األعضاء في ما يلي‪.1‬‬

‫‪ -‬ضرورة تحرير التجارة وتحرير أسعار الصرف؛‬


‫‪ -‬االلتزام بتخفيض العملة ومكافحة التضخم؛‬
‫‪ -‬الحد من عجز الميزانية عن طريق تخفيض النفقات العامة‪ ،‬زيادة الضرائب؛‬
‫‪ -‬توفير المناخ المالئم لالستثمار؛‬

‫‪1‬‬
‫الهادي خالدي‪ ،‬المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2669 ،‬ص‪.21‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫وحسب هذه الوصفة الموحدة التي فرضها الصندوق على الدول التي تعاني من اختالالت‪ ،‬تمثل وصفة‬
‫العولمة فهو ال يتعامل مع أي دولة إال إذا التزمت بالشروط القائمة أساسا على إزالة الحواجز أما حركة السلع‬
‫والخدمات ورؤوس األموال فقد أسهم الصندوق في دعم اتجاهات العولمة وفي زيادة حوافز التعولم واالنخراط في‬
‫تيار العولمة االقتصادية من خالل وظائفه التي يؤديها ممثلة في تصحيح االختالالت في موازين المدفوعات‬
‫للدول األعضاء واستعادة توازنها وتحقيق استقرار في أسعار صرف عموالتها وتحرير المدفوعات الجارية‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تأثير صندوق النقد الدولي في فرض سياسات التحرير االقتصادي‬

‫ويعمل صندوق النقد الدولي على فرض سياسات التحرير االقتصادي على الدول التي تلجأ إليها طالبة‬
‫التمويل‪ ،‬حيث تلتزم هذه الدول بتطبيق برامج للسياسات االقتصادية الالزمة‪ ،‬وتتعلق بتحرير حسابات رأس المال‬
‫وتغيير القوانين والتشريعات الداخلية للبلدان بجعل هذه القوانين أكثر مرونة‪ ،‬وتمنح التسهيالت المالية وخاصة‬
‫إلى الدول النامية بشرط إتباع سياسات معينة لإلصالح االقتصادي في مجاالت متعددة كعالج العجز في ميزان‬
‫المدفوعات وعجز الموازنة وخفض معدالت التضخم واصالح سعر الصرف وتحرير األسعار وتحرير التجارة‬
‫ار كبي ار بالشريحة‬
‫الدولية‪ ،‬وتلحق الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي على الدول المقترضة أضر ا‬
‫االجتماعية الفقيرة من المجتمع‪،‬وهذا بعد تزايد دوره النسبي والمطلق في إدارة المديونية الخارجية من خالل‬
‫وساطة المحكمة التي يلعبها بين المديني ن من ناحية‪ ،‬وبين الدائنين وأسواق رأس المال من ناحية أخرى‪ ،‬حيث‬
‫حرص عل ى تطبيق برنامج التكيف االقتصادي من خالل فرض سياسات انكماشية شديدة الوطأة على البلدان‬
‫المدينة‪ ،‬مثل الحد من اإلنفاق العام الجاري واالستثماري‪ ،‬وزيادة الصادرات وتخفيض الواردات‪ ،‬والحد من األجور‬
‫واإلعانات االجتماعية واستبدال قوى السوق وتسيير التوجه الحكومي‪...‬الخ‪ .‬ويمكننا إبراز أهم السياسات‬
‫المعمول بها ويدعمها الصندوق من خالل الجدول التالي‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫جدول رقم (‪ :)1-1‬السياسات االقتصادية المعمول بها في ‪ 12‬برنامجا يدعمها الصندوق من ‪1112‬م‪-‬‬
‫‪1112‬م‪.‬‬
‫النسبة المؤية من مجموع البرامج‬ ‫عدد البرامج‬ ‫السياسات‬
‫‪11‬‬ ‫‪13‬‬ ‫تحرير و إصالح نظام سعر الصرف‬
‫‪69‬‬ ‫‪63‬‬ ‫الحد من توسيع االعتمادات‬
‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫تدابير لتعبئة االدخارات الداخلية‬
‫‪99‬‬ ‫‪93‬‬ ‫تدابير تؤثر على األجور واألسعار‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬ ‫تدابير التكييف البنيوية‬
‫‪11‬‬ ‫‪13‬‬ ‫تحسين إصالح إدارة الضرائب‬
‫‪19‬‬ ‫‪12‬‬ ‫إعادة تنظيم ضريبة الدخل الشخصية‬
‫‪21‬‬ ‫‪23‬‬ ‫تدابير تؤثر على ضرائب الشركات‬
‫‪12‬‬ ‫‪96‬‬ ‫ضرائب داخلية على السلع و الخدمات‬
‫‪11‬‬ ‫‪11‬‬ ‫رسوم االستيراد‬
‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬ ‫رسوم التصدير‬
‫‪01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫قيود على نفقات الحكومات المركزية الوظيفية‬
‫‪62‬‬ ‫‪99‬‬ ‫الحد من إنفاق الحكومات المركزية الجارية‬
‫‪92‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الحد من األجور و المعاشات‬
‫‪90‬‬ ‫‪19‬‬ ‫الحد من نفقات رؤوس األموال و القروض‬
‫‪12‬‬ ‫‪10‬‬ ‫تحسين إدارة اإلنفاق‬
‫‪12‬‬ ‫‪26‬‬ ‫الحد من اإلعانات و تخفيضها‬
‫اختصارات التحويالت الجارية للمؤسسات العامة غير‬
‫‪39‬‬ ‫‪39‬‬
‫مالية‬
‫‪62‬‬ ‫‪99‬‬ ‫سياسات الديون الخارجية‬
‫ضياء مجيد الموساوي‪ ،‬الخصخصة والتصحيحات الهيكلية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،2008،‬ص‪.22‬‬ ‫المصدر‪:‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬البنك الدولي وتأثيراته على النظام المالي الدولي‬

‫بالنظر للبنك الدولي دائما على أنه المؤسسة االقتصادية العالمية التوأم لصندوق النقد الدولي‪ ،‬والذي أنشئ‬
‫في إطار النظام االقتصادي العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية ونتيجة اتفاقية "بريتون وودز" من منظور‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الحاجة إلى مؤسسة اقتصادية تمنح قروضا طويلة األجل لتكمل عمل الصندوق‪ ،‬ويمكن التعرف على البنك‬
‫وأهدافه ووظائفه وسياساته في إرساء معالم اقتصاد السوق من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف البنك الدولي‬


‫لقد أنشئ البنك الدولي* متزامنا مع إنشاء صن دوق النقد الدولي كإدارة مالية مسؤولة عن نظام المالي‬
‫دولي‪ ،‬مانح لقروض طويلة األجل و لتشجيع حركة االستثمارات الدولية للدول األعضاء وهو أحد مؤسسات‬
‫اتفاقية "بريتون وودز" التي وقعت في يوليو ‪2611‬م‪ ،‬وأنشئ البنك عام‪2611‬م وبدأ في ممارسة نشاطه في‬
‫‪1‬‬
‫‪2619‬م‪.‬‬

‫ويعتبر البنك الدولي‪ ،‬المؤسسة التوأم لصندوق النقد الدولي ضمن منظومة األمم المتحدة‪ ،‬والذي أنشا‬

‫في إطار تكون النظام االقتصادي العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ويتكون البنك من أربعة مؤسسات‬
‫فرعية *فالبنك الدولي هو جهاز متخصص يهدف لمساعدة الدول األعضاء فيه على تحقيق االنتعاش‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادي واإلسراع في عملية التنمية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهداف البنك الدولي‬


‫ويمكن تلخيص أهداف البنك الدولي بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إعادة بناء اقتصاديات الدول األعضاء بعد مخلفات الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وذلك بتوفير رؤوس األموال‬
‫لالستثمارات اإلنتاجية سواء في صورة قروض أو استثمارات أجنبية بغرض زيادة مستويات التنمية االقتصادية‬
‫ورفع معدالت النمو االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬التشجيع على االستثمار الدولي لتحقيق النمو وفقا للشروط التجارية في أقاليم الدول األعضاء وتقديم‬
‫المساعدة للتحول من اقتصاديات الحرب إ لى اقتصاديات السالم‪ ،‬والعمل على ربط دول العالم الثالث باقتصاد‬

‫* لم يتم االتفاق على تسميته إال بعد مفاوضات مراطونية‪ ،‬فقد اقترحت بريطانيا أن يسمى "المؤسسة الدولية للتعمير والتنمية" أو يعطى تسمية أخرى بشرط‬
‫إهمال كلمة البنك بينما اقترحت فرنسا تسمية "المؤسسة المالية للتعمير والتنمية" وقدم السلفادور اقتراح بتسمية" هيئة الضمان واالستثمار الدولية" أو الهيئة‬
‫الدولية للضمان واالستثمار وفي النهاية تم اعتماد تسمية البنك الدولي للتعمير والتنمية وان كانت التسمية العربية الشائعة هي البنك الدولي لإلنشاء‬
‫والتعمير وأصبح يعرف في الوقت الحالي اختصا ار بالبنك الدولي‪..‬‬
‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة اإلجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪201‬‬
‫* مؤسسات البنك العالمي لإلنشاء و التعمير هي‪ – 2:‬مؤسسة التنمية الدولية‪ - 3 .‬مؤسسة التمويل الدولي‪ -2 .‬وكالة ضمان االستثمار متعددة‬
‫األطراف‪ 1 –.‬المركز الدولي لتسوية المنازعات االستثمارية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫فالح كاظم السنه‪ ،‬العولمة والجدل الدائر حولها‪ ،‬دار الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ، 3003 ،‬ص ‪.230‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪1‬‬
‫السوق‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع االستثمارات الدولية لتنمية الموارد اإلنتاجية للدول األعضاء بهدف الوصول إلى مرحلة النمو‬
‫المتوازنة للتجارة الدولية في األجل الطويل والمحافظة على توازن ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫‪ -‬إ جراء عملية تصنيف المشروعات االقتصادية األكثر نفعا من أجل إعطائها األولوية في االنتفاع من‬
‫القروض والتسهيالت االستثمارية‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع االستثمارات األجنبية الخاصة عن طريق الضمان أو المساهمة في القروض واالستثمارات‬
‫األخرى التي يجري بها القطاع الخاص وذلك بتقديم التمويل بشروط معقولة لألغراض اإلنتاجية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬وظائف البنك الدولي‬
‫يتطلع البنك الدولي لتحقيق أهدافه من خالل قيامه بعدة وظائف نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬تحقيق النمو المتوازن طويل األجل للتجارة الدولية‪ ،‬والمحافظة على توازن موازين المدفوعات‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق تشجيع االستثمارات الدولية لتنمية الموارد اإلنتاجية للدول األعضاء وكذلك المساعدة في رفع اإلنتاجية‬
‫ومستوى المعيشة وظروف العمل في هذه الدول‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بتقديم المشورة والمعونة الفنية للدول األعضاء لمعاونتها على تحقيق أفضل الحلول لمشاكلها المتعلقة‬
‫بأهداف البنك‪ ،‬واختيار المشروعات ذات الجدوى االقتصادية‪ ،‬ويقوم في ذلك الخبراء والمتخصصون في‬
‫المجاالت المختلفة بعمل الدراسات األزمة‪.‬‬
‫‪ -‬كما يتفرع عن الوظيفة األساسية البنك المتمثلة في التمويل طويل األجل للدول األعضاء وظائف أخرى تتمثل‬
‫في الدور الذي تلعبه المؤسسات االقتصادية الدولية ال سيما البنك الدولي في إدارة وتوجيه المشكالت االقتصادية‬
‫للدول النامية‪ ،‬ومحاولة تشخيصها وفقا للرؤى الخاصة لهذه المؤسسات من اجل التوصل إلى فرص الحلول‬
‫‪2‬‬
‫وتقديم التوصيات والمقترحات لعالج المشكالت االقتصادية للدول النامية‪.‬‬
‫‪ -‬تكوين وتدريب موظفي الدول األعضاء على أساليب اإلدارة العلمية وسياسات اإلدارة االقتصادية الحديثة‬
‫وذلك عن طريق دورات تكوينية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار فقد تطور البنك العالمي وتوسعت أنشطة للدرجة التي معها أصبح يرمز إليه بمجموعة‬
‫‪3‬‬
‫تظم ثالث مؤسسات رئيسية يطلق عليها مجموعة البنك الدولي وهذه المؤسسات هي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫مدني بن شهرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪91‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد عبد العزيز محمد‪ ،‬الدور التمويلي لصندوق النقد والبنك الدوليين‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3009 ،‬ص‪.311‬‬
‫‪3‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة االجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.201 ،201‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪.‬‬


‫الرابطة الدولية للتنمية‪.‬‬
‫مؤسسة التمويل الدولية‪.‬‬
‫وتعمل المجموعة على المساعدة في تحقيق التقدم االقتصادي ورفع مستوى المعيشة من خالل توجيه‬
‫الموارد المالية من الدول المتقدمة اقتصاديا إلى الدولة اآلخذة في النمو‪ ،‬ولكل مؤسسة من مؤسسات المجموعة‬
‫أسلوب يختلف عن المؤسسة األخرى‪ ،‬فالبنك الدولي يقدم قروضه عموما إلى الدول النامية التي بلغت مراحل‬
‫متقدمة نوعا من النمو االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬تحسب أسعار الفائدة على القروض وفقا للتكلفة التي يتحملها‬
‫البنك من اقتراضه من سوق رأس المال‪ .‬في حين أن الرابطة الدولية للتنمية التي تأسست ‪2690‬م تعمل على‬
‫تقديم المساعدة لذات األغراض التي يستهدفها البنك الدولي‪ ،‬ولكن مع االهتمام األكبر بالدول األكثر فقرا‪،‬‬
‫وبشرط تمويل أيسر وأقل تكلفة‪ ،‬أما مؤسسة التمويل الدولية فإ ن هدفها دعم التنمية االقتصادية في البالد األقل‬
‫نموا من خالل التركيز على تشجيع النمو في القطاع الخاص‪ ،‬باعتباره القطاع األكثر حرية وديناميكية وفاعلية‬
‫في هذه الدول التي تعاني من البيروقراطية الحكومية وضعف بنيانها اإلنتاجي من ثم تعمل المؤسسة على تحفيز‬
‫القطاع الخاص في هذه الدول ومساعدتها في مجال تعبئة رؤوس‬

‫األموال المحلية واألجنبية لهذا الهدف‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تأثير شروط اإلقراض التي يتعامل بها البنك الدولي في فرض سياسات اإلصالح االقتصادي‬
‫‪1‬‬
‫ومن الشروط التي يفرضها البنك الدولي على البلدان المقترضة ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬التأكد من أن الدولة المقترضة ال تستطيع الحصول على القرض من مصدر آخر وبشروط معقولة‪.‬‬
‫‪ ‬إجراء دراسة مسبقة لمعرفة مقدرة الدولة المقترضة على سداد القرض والطلب من حكومة الدولة المعنية‬
‫ضمان تسديد القرض‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أ ن يكون المشروع الذي تطالب الدولة العضو من البنك تمويله أكثر المشاريع أهمية وحيوية في‬
‫مجال توسيع قدرة الدولة المقترضة على اإلنتاج‪ ،‬وعليه يقوم البنك بدراسة تفصيلية القتصاد الدولة الطالبة‬
‫للقرض وذلك من أجل تحديد المجاالت األكثر أهمية وحيوية‪.‬‬

‫‪1‬علي عبد الفتاح أبو ش اررة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬اقتصار دور البنك الدولي عند تمويل المشاريع المنتقاة والمقامة في البلدان المقترضة على متطلبات‬
‫إقامة المشروع من النقد األجنبي الالزمة لتمويل المواد المستوردة إلقامة المشروع‪ ،‬أي أن البنك الدولي غير ملزم‬
‫بتمويل الجزء من المشروع الذي يعتمد على العملة المحلية للدولة المقترضة وذلك من خالل استخدام مواد محلية‬
‫تدخل في إقامة المشروع‪ ،‬وفي هذه الحالة تقوم الدولة المقترضة بتمويل هذا الجزء‪.‬‬
‫‪ ‬أ ن توافق الدولة المقترضة على حق اإلشراف للبنك الدولي على طريقة إنفاق القرض في المجال‬
‫والغرض المحدد له‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون الدولة المقترضة قادرة على استخدام القرض في مشاريع ناجحة‪ ،‬أ ي ال يوجد فيها ظروف‬
‫استثنائية تحول دون استثمار القرض الممنوح‪.‬‬
‫‪ ‬تحرك البنك الدولي باتجاه مجال صندوق النقد الدولي في العديد من الدول النامية وخاصة تلك الدول‬
‫الغارقة في ديونها وخاصة مع نهاية السبعينيات من القرن الماضي‪ ،‬مما أدى إلى توقف المشروعات الخاصة‬
‫والمساهمة في التنمية المحلية لهذه الدول‪ ،‬مما قلل من تدفق األموال من الخارج خاصة تدفق االقتراض من‬
‫البنك الدولي الذي يعتمد على المشروعات الجيدة في سياسة االقتراض‪ ،‬وهذا ما جعل البنك الدولي يتخوف من‬
‫ظهور االقتراض السلبي الذي جعل البنك يغير من سياسته وذلك بربط قروضه بميزان المدفوعات واستعماله مع‬
‫الهند وباكستان في العقدين السابع والثامن من القرن الماضي أطلق على هذه القروض بمصطلح االقتراض من‬
‫أجل اإلصالح الهيكلي‪ ،‬وهو المصطلح نفسه الذي أطلقه صندوق النقد الدولي فيما بعد‪ ،‬وبالتالي تعدى على‬
‫اختصاص صندوق النقد الدولي حيث بين البنك الدولي أن برامج اإلصالح االقتصادي التابعة له حققت نمو‬
‫متزايد في الدول التي تبنت ذلك دون اإلشارة إلى مقدار النمو ونجد محتوى أهداف برامج اإلصالح الهيكلي لكل‬
‫من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي متطابقين تماما باختالف بسيط يتعلق باإلجراءات اإلدارية فقط‪ ،‬إن أزمة‬
‫المديونية للدول النامية في بداية الثمانينات جعلت الهيئتين تشتركان في العمل سويا من أجل القضاء على هذه‬
‫األزمة‪ ،‬حيث كان برنامج االستقرار االقتصادي يتبع في دائرة مسؤولية صندوق النقد الدولي وفي نفس الوقت‬
‫استمر البنك في وضع برنامج اإلصالحات الهيكلية في مجاالت مختلفة مثل سياسات الضرائب وادارتها‪،‬‬
‫واصالح المشروعات العامة والضمان االجتماعي‪ ،‬وقطاع التجارة والمالية ثم الخوصصة وهي في نفس مجال‬
‫اختصاص صندوق النقد الدولي‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المنظمة العالمية للتجارة وتأثيراتها في تحول النظام التجاري الدولي‬

‫ظهرت فكرة إنشاء منظمة التجارة العالمية ألول مرة من قبل الواليات المتحدة األمريكية في عام‪2611‬م‬
‫قبل قيام االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية(الجات)‪ ،‬حيث أقرت الحكومة األمريكية آنذاك مشروع إلنشاء منظمة‬
‫تجارية دولية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬ولكن الكونغرس في بداية‬
‫الخمسينيات رفضن المصادقة على هذا المشروع خوفا من تحرير التجارة الدولية و إلحاق الضرر بالصناعات‬
‫الوطنية األمريكية التي تحتاج إلى الحماية‪ .1‬ولكن بعد مرور وقت طويل وحدوث تطور هائل في العالقات‬
‫الدولية االقتصادية ظهرت بعض األصوات في الثمانينيات من القرن الماضي وخاصة في جولة األرغواي‬
‫تطالب بإنشاء منظمة للتجارة العالمية لتحل محل أمانة االتفاقية العامة التعريفة والتجارة اعتبا ار من األول من‬
‫كانون الثاني عام ‪2661‬م وتم التصديق على ذلك من قبل الو‪.‬م‪.‬أ واليابان والعديد من الدول المتقدمة والنامية‪،‬‬
‫إ ن منظمة التجارة العالمية منظمة مستقلة ماليا واداريا‪ ،‬وهي أعلى مستوى من صندوق النقد الدولي والبنك‬
‫الدولي إال أنها ليست تابع إلى األمم المتحدة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف المنظمة العالمية للتجارة‬


‫يمكن القول أ ن المنظمة التجارية العالمية هي منظمة اقتصادية عالمية النشاط ذات شخصية قانونية‬
‫مستقلة وتعمل ضمن منظومة النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬على إدارة واقامة دعائم النظام التجاري الدولي‬
‫وتقويته في مجال تحرير التجارة الدولية‪ ،‬وزيادة التبادل الدولي والنشاط االقتصادي العالمي‪ ،‬وتقف على قدم‬
‫المساواة مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي‪ ،‬في رسم وتوجيه السياسات االقتصادية الدولية المؤثرة على‬
‫‪2‬‬
‫األطراف المختلفة في العالم‪ ،‬للوصول إلى إدارة أكثر كفاءة وأفضل للنظام االقتصادي العالمي الجديد‪.‬‬

‫ومن األسباب التي دعت وبررت قيام منظمة التجارة العالمية‪:‬‬

‫‪ -‬رغم أ همية الدور الذي يقوم به صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ نشأتها وذلك بتوفير االستقرار‬
‫النسبي للنظامين النقدي والمالي على مستوى العالم وتمويل جهود التنمية ومعالجة االختالالت المالية الخارجية‬
‫للدول النامية‪ ،‬وبالرغم من التطور الهائل الذي ط أر على هاتين المؤسستين إال أن دورهما بقي مقتص ار في‬
‫معالجة المشاكل القتصادية المتعلقة بالشؤون المالية والنقدية‪ ،‬مما أظهر الحاجة إلى إنشاء منظمة التجارة‬

‫‪1‬‬
‫علي عبد الفتاح أبو ش اررة ‪ ،‬االقتصاد الدولي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.190 ،116‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.201‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫العالمية التي تساهم في سد النقص الموجود في مؤسسات النظام االقتصادي العالمي مما يضمن تكامل للمسائل‬
‫‪1‬‬
‫المتداخلة و المتعلقة بالنقد والتمويل والتجارة والتنمية‪.‬‬
‫‪ -‬لم تكن "الجات" منظمة دولية‪ ،‬ألنه من المعروف أنها كانت تفتقر إلى األجهزة الدائمة التي تميز‬
‫المنظمات الدولية‪ 2،‬وتمثل االتفاقية العامة للتعريفة والتجارة قبل جولة األرغواي العمود الفقري للجات‪ ،‬حيث‬
‫كانت الجات مزودة بجهاز إشراف ضعيف يشرف على تنفيذ التزامات المترتبة على تلك االتفاقية وكانت توجد‬
‫بعض اللجان الحكومية المعاونة التي تستند إليها بعض المهام وتنتهي هذه اللجان بانتهاء المهمة المسندة إليها‪،‬‬
‫وقد أدركت جولة االرغواي هذا العيب وقامت بإنشاء منظمة التجارة العالمية لكي تحل محل الجات ونجد في‬
‫المنظمة الجديدة األجهزة التي كانت غائبة عن الجات مثل المجلس الوزاري والمجلس العام‪.‬‬
‫‪ -‬إن االتفاقية التي وضعت عند إنشاء" الجات" في عام‪2611‬م واضحة ال لبس فيها من حيث أنها تطبق‬
‫على التدفق ات السلعية الدولية دون غيرها‪ ،‬ومن ثم لم يكن ممكن إدخال المواضيع الجديدة مثل الخدمات وحقوق‬
‫الملكية الفكرية واالستثمارية في إطار االتفاقية العامة للجات‪ ،‬والمواضيع الجديدة تتجاوز تحرير التجارة الدولية‬
‫وتتعرض للقوانين الداخلية للبلد‪ ،‬وهذا األمر ال ينسجم مع االتفاقية األصلية للجات ‪ ،‬لذلك كان البد من إنشاء‬
‫منظمة تعالج الخدمات كما تعالج السلع وتتعرض لألحكام والقوانين الدولية كما تتعرض للقيود الضريبية وغير‬
‫‪3‬‬
‫الضريبية ومن هنا جاءت فكرة تحويل الجات إلى منظمة التجارة العالمية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬وظائف المنظمة العالمية وقواعدها‬
‫تهدف المنظمة العالمية للتجارة بصورة عامة إلى تحرير التجارة العالمية اعتمادا على المبادئ األساسية‬
‫التفاقية "الجات" لعام‪2611‬م وتتطابق مع أهدافها والتي أصبحت جزءا منها‪ ،‬وقد تم توسيع األهداف لمنح‬
‫المنظمة صالحية تنظيم تجارة الخدمات إلى جانب تجارة السلع‪ ،‬كما أن األهداف توضح بأنه من أجل دفع‬
‫التنمية والحفاظ عليها أضيف هدف جديد إلى األهداف العامة للمنظمة والذي ينص على بذل الجهود االيجابية‬
‫لتأمين حصول البلدان النامية وخاصة األقل نمو على نصيب أكبر في نمو التجارة العالمية بما يتماشى‬
‫واحتياجات تنميتها االقتصادية‪ ،4‬وتعمل المنظمة على تحقيق مجموعة من األهداف تدور حول هدف رئيسي هو‬
‫تحرير التجارة الدولية (العامة) أي تطبيق نظام حرية التجارة الدولية‪ ،‬وفي هذا اإلطار تسعى منظمة التجارة‬
‫العالمية إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫علي عبد الفتاح أبو ش اررة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.190‬‬
‫‪2‬‬
‫‪François FONTAIN 0La mondialisation pour les nuls 0édition First 0Paris30200 P212.‬‬
‫‪3‬‬
‫نبيل مرزوق‪ ،‬أثر اتفاقيات الجات لعام‪1112‬على سياسات األجور‪ ،‬مجلة العمل والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،23‬الجزائر‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪4‬‬
‫هيفاء عبد الرحمان ياسين التكريتي‪ ،‬آليات العولمة االقتصادية‪ ،‬دار الحامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،3006 ،‬ص‪.121‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬خلق وضع تنافسي دولي في التجارة يعتمد على الكفاءة االقتصادية في تخصيص الموارد‪.‬‬
‫‪ -‬تعظيم الدخل ا لقومي العالمي ورفع مستويات المعيشة من خالل زيادة معدالت نمو الدخل الحقيقي‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق التوظيف الكامل لموارد العالم‪ ،‬وزيادة اإلنتاج المتواصل والتجار في السلع والخدمات‪ ،‬ما يؤدي‬
‫‪2‬‬
‫إلى االستخدام األمثل لتلك الموارد‪ ،‬مع الحفاظ على البيئة وحمايتها ودعم الوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع اإلنتاج وخلق أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي وزيادة نطاق التجارة العالمية في ظل انفتاح‬
‫اقتصاديات الدولة السائرة في طريق النمو في أوروبا وآسيا باإلضافة إلى التجارة الدولية المتزايدة وقد جعلت‬
‫‪3‬‬
‫األسواق تتسع وازداد الطلب على التمويل الدولي ألنشطة التجارة واالستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬توفير الحماية المناسبة للسوق الدولي لجعله يعمل في بيئة مناسبة ومالئمة في مختلف مستويات‬
‫التنمية‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون مع الهيئات الدولية كصندوق النقد الدولي و البنك العالمي‪ ،‬بهدف تنسيق سياسات إدارة شؤون‬
‫االق تصاد العالمي‪ ،‬شامال جوانبه المالية النقدية و التجارية‪ ،‬وتتم المشاورات داخل المنظمة حول الشكل المناسب‬
‫‪4‬‬
‫ألوجه هذا التعاون‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القواعد الجديدة للمنظمة التجارية العالمية‬
‫اتبعت منظمة التجارة العالمية ذات القواعد التجارية التي أقرتها الجات ‪2611‬م للسلع عند فرض ضرائب‬
‫غير مباشرة ومن أهم هذه القواعد هي‪:‬‬

‫‪ ‬مبدأ الشفافية وهذا إلستعاب خصائص الحوكمة المالية والرأسمالية‪ ،‬أين تكون السلطة غير مركزية‬
‫وتعدد فيها ميكانيزمات المراقبة‪ 5،‬باإلضافة إلى عدم التمييز في تطبيق السياسات التجارية واعتماد قواعد‬
‫المعاملة بالمثل والدولة األولى بالرعاية‪. ‬‬
‫‪ ‬عدم استخدام القيود الكمية وأية قيود أخرى تخص االستيراد وغيره‪.‬‬
‫‪ ‬إيقاف تقديم الدعم واإلعانات الحكومية للمصدرين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ناصر دادي عدون ومحمد متناوي‪ ،‬انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة األهداف والعراقيل‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪ 3001 ،2‬ص‬
‫‪.99‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪3‬‬
‫طارق عبد العال‪ ،‬التطورات العالمية وانعكاساتها على أعمال البنوك‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،3002 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ 4‬ناصر دادي عدون‪ ،‬الجزائر و المنظمة العالمية للتجارة‪ ،‬دار المحمدية‪ ،‬الجزائر‪ ،1441 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Marc Abéles 0Des anthropologues à l OMC 0CNRS EDITIONS 0Paris 03023 0p 35.‬‬
‫‪ ‬وهو مبدأ ينص ويفرض على الدولة العضو المانحة ألي امتيازات لدولة داخل المنظمة أو خارجها في مجال التجارة الدولية أن تنتقل تلك االمتيازات لبايي‬
‫الدول األعضاء بطريقة تلقائية وإجبارية‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬عدم إتباع سياسات اإلغراق‪.‬‬


‫‪ ‬اعتماد ثمن السعر الجمركي للبضائع "القائمة المقدمة من المستورد"‪.‬‬
‫‪ ‬قيام الدول األعضاء بوضع الترتيبات والبرامج الواضحة لضبط الجودة والغاء اإلجراءات التي تتقاطع مع‬
‫القواعد العالمية والمواصفات الدولية للسالمة الصحية والتي يمكن أن نعبر بمثابة قيود تعيق تحرير تجارة السلع‬
‫الغذائية‪.‬‬
‫‪ ‬أما قواعد المعامالت التجارية على الخدمات حالتها تسند على مبدأ المعاملة الوطنية وفتح السوق‬
‫المحلية في قطاعات تحددها الدول األعضاء‪ ،‬وقد نصت اتفاقية تجارة الخدمات‪ GATS‬على ستة أنواع من‬
‫القيود المسموح بها لحصر مجاالت فتح السوق المحلية للمستوردين األجانب للخدمات والقيود هي‪:‬‬
‫تحديد عدد موردي خدمات األجانب‪.‬‬
‫تحديد قيمة المعامالت في الخدمات الواردة‪.‬‬
‫التزام مورد الخدمات األجنبي بالتواجد في السوق المحلية‪.‬‬
‫التزام مورد الخدمات األجنبي بإنتاج كميات وقيم محددة من الخدمات في الدول المستقبلة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫تقييد عدد منتسبي الشركات األجنبية الموردة للخدمات‪.‬‬
‫مشاركة رأس مال أجنبي بنسبة معينة في مشروعات الخدمات الوطنية‪ ،‬أما اتفاقية حقوق الملكية‬
‫الفكرية‪ ،‬فقد فرضت على كل األعضاء توفير الحماية الكافية لحقوق الملكية والتكنولوجيا وتوفير‬
‫اإلجراءات القضائية لرصد مخالفاتها واللجوء إلى تسوية النزاعات الدولية من خالل منظمة التجارة‬
‫العالمية‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬وظائف ومهام المنظمة‬
‫ويمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تسيير ومتابعة تنفيذ وادارة أعمال االتفاقية الخاصة بجولة األرغواي والموقعة في مراكش‪ ،‬والعمل على‬
‫تحقيقي أهدافها كما توفر اإلطار الالزم لإلدارة وتنفيذ االتفاقات التجارية متعددة األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم المنظمة بإدارة اآلليات ومراجعة السياسات التجارية للدول األعضاء‪.‬‬
‫‪ -‬تهيئة األطراف الدولية للتفاوض بما يتضمنه ذلك من إدارة القواعد والقوانين واإلجراءات التي تحكم‬
‫وتنظم تسوية المنازعات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫هيفاء عبد لرحمان ياسين التكريتي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.126‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ -‬وضع أسس ومحاور التعاون المختلفة بينها وبين كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للوص ول‬
‫إلى أعلى درجة من درجات التناسق والترابط في مجال رسم السياسات االقتصادية العالمية وادارة االقتصاد‬
‫العالمي على أسس أكثر كفاءة‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬جولة األرغواي وتأثيراتها في تحرير تجارة الخدمات‬
‫تعتبر جولة األرغواي هي أشهر وأهم الجوالت على اإلطالق بل وأطولها من ناحية المفاوضات حيث‬
‫شملت الفترة من ‪2699‬م‪2661-‬م ووصل عدد الدول المشاركة ‪ 232‬دولة ولقد تمخضت عن جولة األرغواي‬
‫مجموعة من النتائج وهي على النحو التالي‪:‬‬

‫االتفاقية الخاصة بإنشاء المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬


‫االتفاقية العامة حول تحرير التجارة في الخدمات‪.‬‬
‫االتفاقية الخاصة بحقوق الملكية الفكرية‪.‬‬
‫ويعتبر االتفاق العام للتجارة في الخدمات "‪ "GATS‬من نتائج جولة االرجواي‪ ،‬فقد كان نطاق تطبيق‬
‫القواعد الدولية قبل هذه الجولة مقصو ار على تجارة في السلع‪ ،‬لكنه سيتم في ظل االتفاق الجديد ليشمل التجارة‬
‫في الخدمات‪ ،‬ويختلف األمر في حالة تحرير التجارة في الخدمات عنه في حالة السلع‪ ،‬حيث أنه في معظم‬
‫الحاالت ال توجد مشكلة "عبر الحدود" وتعريفات جمركية بالنسبة للخدمات وانما تأتي القيود على التجارة في‬
‫الخدمات من خالل القوانين واإلجراءات اإلدارية التي تضعها كل دولة وهذه القيود التي سعت اتفاقية الخدمات‬
‫إلى إزالتها أو تخفيضها‪.‬‬

‫ولقد مست جولة األرغواي مواضيع جديدة كالزراعة والمنسوجات والمالبس والخدمات والملكية الفكرية‬
‫وتقليد السلع لتت طلع بمهام جديدة تخص االستثمار والبيئة والمنافسة التجارية االلكترونية والمسائل المتعلقة‬
‫بظروف العمل‪ ،‬محاولة منها بمعية صندوق النقد الدولي والبنك العالمي اللذين يشتركان معها في الخلفية الفكرية‬
‫الليبرالية لتحقيق أهداف متكاملة وضع اإلطار العام للسياسات االقتصادية والمالية على الصعيد الدولي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والضغط على البلدان النامية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد زعباط‪ ،‬مستقبل المؤسسة االقتصادية الجزائرية في ظل االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫العدد‪ ،9‬جوان ‪ ،3001‬ص‪.21‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫ولقد كان موضوع تحرير تجارة الخدمات محل خالف بين الو‪.‬م‪.‬أ من ناحية والدول النامية وخصوصا‬
‫الب ارزيل والهند من ناحية أخرى ‪ ،‬حيث ترى الدول النامية أن تحرير تجارة الخدمات سوف يؤثر سلبا على قطاع‬
‫الخدمات فيها‪ .‬والجدولين التاليين يوضحان األهمية النسبية والمصدرين الرئيسيين لتجارة الخدمات في العالم‪.‬‬

‫جدول رقم(‪ :)1-1‬األهمية النسبية لتجارة الخدمات الدولية عام‪1110‬م‪ -‬الصادرات‪.‬‬

‫النسبة‬ ‫الدولة‬ ‫النسبة‬ ‫الدولة‬

‫‪2.1‬‬ ‫لوكسمبورغ‬ ‫‪29.3‬‬ ‫الو‪.‬م‪.‬أ‬

‫‪2‬‬ ‫استراليا‬ ‫‪20.3‬‬ ‫فرنسا‬

‫‪2.9‬‬ ‫سنغافو ار‬ ‫‪9.1‬‬ ‫ايطاليا‬

‫‪2.1‬‬ ‫هونغ كونغ‬ ‫‪9.1‬‬ ‫ألمانيا‬

‫‪2.2‬‬ ‫كوريا الجنوبية‬ ‫‪1.1‬‬ ‫بريطانيا‬

‫‪2.2‬‬ ‫تايوان‬ ‫‪1.00‬‬ ‫اليابان‬

‫‪0.6‬‬ ‫الصين‬ ‫‪2.9‬‬ ‫اسبانيا‬

‫‪0.6‬‬ ‫تايالندا‬ ‫‪2.9‬‬ ‫هولندا‬

‫المصدر‪ :‬عبد الناصر نزال العبادي‪ ،‬منظمة التجارة العلمية واقتصاديات الدول النامية‪ ،‬دار الصفاء‪ ،‬األردن‪ ،2666 ،‬ص‪.12‬‬

‫نالحظ من الجدول أعاله سيطرة الو‪.‬م‪.‬أ على تجارة الخدمات الدولية بنسبة ‪ %2903‬ثم تليها فرنسا‬
‫بنسبة ‪ %2003‬بعدها ايطاليا بنسبة ‪ %901‬وهذا دليل على سيطرة دول االتحاد األوروبي والو‪.‬م‪.‬أ على التجارة‬
‫الدولية في الخدمات‪ ،‬في حين الدول األسيوية فمساهمتها في هذه األخيرة متواضعة حيث تساهم الصين على‬
‫نسبة ‪ %006‬وتايالندا ‪.%006‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الجدول رقم (‪ :)12-1‬المصدرين الرئيسيين للخدمات عام ‪1111‬م‪.‬‬

‫الوحدة‪ :‬مليون دوالر‬

‫المبالغ‬ ‫البلد‬

‫‪219‬‬ ‫الو‪.‬م‪.‬أ‬

‫‪91‬‬ ‫فرنسا‬

‫‪90‬‬ ‫ألمانيا‬

‫‪19‬‬ ‫ايطاليا‬

‫‪12‬‬ ‫بريطانيا‬

‫‪19‬‬ ‫اليابان‬

‫‪23‬‬ ‫هولندا‬

‫‪23‬‬ ‫لوكسمبورغ‬

‫‪22‬‬ ‫اسبانيا‬

‫‪31‬‬ ‫استراليا‬

‫المصدر‪ :‬عبد الناصر نزال العبادي‪ ،‬منظمة التجارة العالمية واقتصاديات الدول النامية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫ولقد ارتبطت مفاوضات جولة األورغواي بثالث محاور رئيسية في مجال تجارة الخدمات وهي‪:‬‬

‫‪ -‬توفير لقواعد المالئمة للتجارة في الخدمات خاصة ما يتعلق في حق اإلنشاء (أقامت فروع في األسواق‬
‫الخارجية)‪.‬‬
‫‪ -‬نطاق تغطية‪ ،‬فبعض القطاعات تدار من خالل االتفاقيات الثنائية (مثل الطياران المدني)‪ ،‬والبعض‬
‫اآلخر من خالل المنع واالحتكار (مثل قطاع النقل البحري في أمريكا)‪ ،‬أو يكون مملوكا ملكية عامة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ -‬جعل شرط الدولة األولى برعاية مشروطة بالقدرة على الوصول إلى أسواق الدول التي تستفيد من هذا‬
‫الشرط‪.‬‬
‫والمنظمة في عملها الخاص في تلك المجاالت تعمل على تحرير التجارة الدولية بين الدول األعضاء من‬
‫خالل إزالة القيود التعريفية‪ ‬وغير التعريفية أو الكمية‪ ،‬ومعالجة مشاكل اإلغراق والدعم من خالل جهاز فض‬
‫المنازعات باستخدام األدوات الخاصة بالتعريفة الجمركية فقط‪ ،‬وهذا التحرير في التجارة الدولية في تلك المجاالت‬
‫لم يشمل السلع فقط بل امتد إلى مجاالت خدما ت الملكية الفكرية واألدبية والفنية والصناعية وقوانين االستثمار‬
‫ذات األثر على التجارة الدولية من خالل مهلة تتراوح بين سنتين وست سنوات وعشر سنوات حسب المجال‬
‫محل التحرير والدول المعنية بالتحرير من حيث ما إذا كانت دول نامية أو دول متقدمة‪ .1‬وبالتالي فان التحرير‬
‫في مجال السلع يعني تحرير السلع الزراعية والصناعية من القيود التعريفية وغير التعريفية وعدم التمييز بين‬
‫الدول المختلفة في المعامالت التجارية‪ ،‬وقد اقتضت الضرورة تقييد التجارة الدولية‪ ،‬فان ذلك يتم من خالل‬
‫االعتماد على التعريفة الجمركية وليس على القيود الكمية‪.‬‬

‫وتحرير تجارة الخدمات‪ ،‬من خالل تحرير الخدمات من القيود واللوائح الداخلية التي تنظم مباشرة الخدمة‬
‫أو تقدي ها‪ ،‬أي تحرير النظام الداخلي للخدمة في البالد المتخلفة وبالتالي يعني حرية تبادل الخدمات بين الدول‬
‫األعضاء في حدود جدول االلتزامات المقدمة من كل دولة لذلك يطبق في تحرير الخدمات مبدأ التحرير‬
‫التدريجي‪ ،‬وتطبيق عمليات تحرير الخدمات على كافة القطاعات الخدمية القابلة للتجارة الدولية دون استثناء مثل‬
‫الخدمات المالية البنكية‪ ،‬خدمات النقل واالتصاالت السلكية وال سلكية ‪،‬الخدمات االستثمارية في مجال المقاوالت‬
‫واإلنشاء ال تعميري وكذلك الخدمات السياحية‪ ،‬والخدمات المهنية المختلفة وتشمل الخدمات المالية التي تدخل‬
‫‪2‬‬
‫ضمن االتفاقية ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬خدمات التأمين بكافة أنواعها (التأمين المباشر إعادة التأمين‪ ،‬أعمال الوساطة والسمسرة المتعلقة بعمليات‬
‫التأمين واعادة التأمين)‪.‬‬
‫‪ -‬الخدمات المالية للمصارف والمؤسسات المالية األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬القرض بكافة أشكاله وأنواعه وأغراضه‪.‬‬

‫أي تخفيض الرسوم الجمركية على السلع في مجاالت التحرير عند أدنى مستوى ممكن‪ ،‬بحيث ال تكون عائق يذكر في تدفق السلع بين الدول وليس إلغائها‬ ‫‪‬‬

‫بالكامل كما يعتقد البعض‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪201‬‬
‫‪2‬‬
‫صالح الدين حسن السيسي‪ ،‬القطاع البنكي واالقتصاد الوطني‪ ،‬القطاع الصرفي وغسيل األموال‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬مصر‪ ،3002،‬ص‪.220‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ -‬خدمات التأجير العادية والتأجير التمويلية‪.‬‬


‫‪ -‬خدمات الضمان‪ ،‬واالعتمادات المستندية‪ ،‬والتسهيالت البنكية‪.‬‬
‫‪ -‬خدمات إصدار األوراق المالية والترويج لها‪.‬‬
‫‪ -‬الوسطاء وأعمال السمسرة المالية‪.‬‬
‫‪ -‬إدارة األحوال المالية (األرصدة النقدية‪ ،‬محافظ األوراق المالية) وأنواع االستثمار االجتماعي (صناديق‬
‫االستثمار‪ ،‬صناديق التأمين والمعاشات)‪.‬‬
‫‪ -‬أما فيما يتعلق بالملكية األدبية والفكرية والفنية والتكنولوجية‪ ،‬فقد كلفت المنظمة لها الحماية والتنظيم والتحرير‬
‫من القيود والتوازن بين الحقوق وااللتزامات من خالل اإلجراءات الفعالة التي تكلف حصول صاحب الحق على‬
‫حقه مع ضمان عدم استخدامها بأسلوب يمثل عائق أمام حركة التجارة الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن تحرير مجاالت االستثمار ذات العالقة بالتجارة الدولية‪ ،‬فقد اتجه إلى إزالة بعض الشروط التي‬
‫تفرض على المستثمر األجنبي وتحول دون حرية التجارة والمعامالت الدولية‪ ،‬مثل شرط الربط بين النقد األجنبي‬
‫الذي يتاح لالستيراد‪ ،‬والنقد األجنبي العائد من التصدير واستخدام نسبة من المكون المحلي في المنتج النهائي‪،‬‬
‫وتصدير حصة من الناتج إلى الخارج أو حجز نسبة من اإلنتاج للسوق المحلي‪ ،‬وكذلك االلتزام بالتوازن بين‬
‫صادرات وواردات المستثمر األجنبي‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬العولمة المالية وتأثيراتها على سياسات التحرير المالي‬

‫إن العولمة المالية تعتبر أ حد المضامين األساسية للعولمة االقتصادية‪ ،‬خاصة وأن جذور العولمة المالية‬
‫تجد أساسها في ارتباط التدفقات المالية بين الدول بحركة التجارة الدولية‪ ،‬وبانتقاالت األموال التي تتجه‬
‫لالستثمار األجنبي‪ ،‬إال أن مدى العولمة المالية قد اتسع بدرجة كبيرة في ظل العولمة االقتصادية التي تسارعت‬
‫خطى تحققها على أرض الواقع في نهاية القرن الماضي‪ ،‬واذا كانت العولمة نتاج طبيعي لمجمل التغيرات التي‬
‫حدثت في العالم خالل العقود األخيرة من القرن العشرين‪ ،‬فإن أحد أهم مظاهرها هو تحرير أسواق المال والسلع‬
‫و العمل‪ ،‬وهذا ما يطلق عليه بالتحرر المالي واالقتصادي‪ ،‬حيث أدى التطور الذي شهده العالم إلى عولمة‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬والغاء مختلف القي ود على التجارة الخارجية‪ ،‬وحركة رؤوس األموال واالستثمارات‪ ،‬والتنويع‬
‫في مختلف مصادر تمويل المؤسسات االقتصادية والتطور في نظم االتصاالت والمعلومات جعل العالم المترامي‬
‫األطراف‪ ،‬كأنه كيان واحد تحكمه قوانين تعتمد على قوى السوق‪ ،‬ونتيجة لتعدد األزمات االقتصادية سواء النقدية‬
‫أو المالية التي شهدها العالم‪ ،‬جعل االقتصاديات تنتقل إلى قواعد الليبرالية االقتصادية‪ ،‬وهذا ما أدى بعدة دول‬
‫إلى الشروع في إصالحات اقتصادية للوصول بالركب‪ ،‬والقيام بإصالحات مالية ضمن التطورات البنكية والمالية‬
‫العالمية‪.‬‬

‫إن التحرر االقتصادي الذي يؤدي إلى خوصصة القطاع العام وتحرر القطاع الخاص‪ ،‬يجب أن‬
‫يصاحبه تحر ار ماليا وبنك يا‪ ،‬يؤدي إلى زيادة حرية البنوك والمؤسسات المالية في توجيه مواردها للمؤسسات‬
‫االقتصادية‪ ،‬وسنحاول من خالل هذا المبحث التعرض إلى مفهوم العولمة المالية والتحرير المالي باإلضافة إلى‬
‫شروط نجاح التحرير المالي‪ ،‬مزاياه ومخاطره‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العولمة المالية والعوامل المفسرة لها‬

‫بدأت البذور األولى للعولمة المالية في الستينات والسبعينات‪ ،‬ثم تسارعت في الثمانينات‪ ،‬بحيث يمكن‬
‫القول بأن العالم على مشارف التسعينات كان قد أصبح قرية مالية واحدة‪ ،‬واندمج النشاط المالي في العديد من‬
‫الدول باالقتصادي العالمي‪ ،‬بحيث أصبح من الممكن الحديث من دولية النشاط المالي واندماج في األسواق‬
‫المالية‪ .‬وترتبط العولمة المالية في أهميتها‪ ،‬وفي توسعها‪ ،‬وتسارعها في ظل العولمة االقتصادية بهيمنة‬
‫الرأسمالية المالية على االقتصاد الرأسمالي الذي تتحقق في إطاره هذه العولمة المالية‪ .‬فماذا نعني بالعولمة‬
‫المالية‪ ،‬وما هي أهم العوامل المفسرة لها؟‬

‫‪44‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم العولمة المالية‬

‫تشير التطورات الراهنة في االقتصاد العالمي‪ ،‬إلى تزايد ظاهرة االعتماد االقتصادي المتبادل‪ ،‬ويتمثل ذلك‬
‫في تعاظم التدفقات الرأسمالية الدولية وتداخل األسواق المالية الدولية وهذا ضمن مفهوم العولمة المالية‪ .‬ومن بين‬
‫تعاريف العولمة المالية نجد أنها‪:‬‬

‫التعريف األول ‪ :‬العولمة هي الناتج األساسي لعمليات التحرير المالي والتحول إلى ما يسمى باالنفتاح المالي مما‬
‫يؤدي إلى التكامل وارتباط األسواق المالية المحلية بالعالم الخارجي من خالل إلغاء حركة رؤوس األموال‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فالعولمة المالية تتضمن تحرير المعامالت التالية‪:‬‬

‫‪ ‬المعامالت المالية المتعلقة باالستثمار في سوق األوراق المالية؛‬


‫‪ ‬المعامالت المتعلقة باالستثمار األجنبي المباشر؛‬
‫‪ ‬المعامالت الخاصة ب االئتمان التجاري والمالي والضمانات‪ ،‬الكفاالت والتسهيالت المالية التي تشمل‬
‫التدفقات للداخل أو على التدفقات للخارج؛‬
‫‪ ‬المعامالت المتعلقة بالبنوك التجارية (العولمة البنكية)‪.‬‬
‫التعريف الثاني ‪" :‬تعتبر العولمة المالية العملية التي يتم من خاللها تذويب الحدود السياسية واإلقليمية لتحرير‬
‫األسواق المالية الدولية وذلك من خالل إلغاء القيود على التدفقات المالية عبر الحدود‪ ،‬وقد دعم هذا االتجاه التوجه‬
‫العالمي في إطار اتفاقيات جولة أوروغواي لتحرير التجارة في الخدمات المالية والبنكية‪ ،‬وقد ترتب على ذلك نشأة‬
‫أسواق جديدة ليس لها تواجد جغرافي طبيعي كما هو الحال بالنسبة للبورصات التقليدية‪ ،‬وانما تجمعها وتنظمها‬
‫‪2‬‬
‫شبكات الكمبيوتر المتصلة ببعضها البعض‪.‬‬

‫التعريف الثالث‪ :‬العولمة المالية هي جوهر عولمة األسواق المالية وتحرير حساب رأس المال ويقصد بذلك إلغاء‬
‫الحظر على المعامالت في حساب رأس المال والحسابات المالية لميزان المدفوعات‪ ،‬والتي تشمل المعامالت‬
‫المتعلقة بمختلف أشكال رأس المال مثل الديون وأسهم المحافظ المالية واالستثمار المباشر والعقاري والثروات‬
‫الشخصية وتحرير حساب رأس المال‪ ،‬ومن ثم قابلية حساب رأس المال للتحويل‪ ،‬ترتبط بإلغاء القيود على‬

‫‪1‬‬
‫كمال رزيق‪ ،‬عبد الحليم فضلي‪ ،‬تحديث النظام البنكي الجزائري‪ ،‬مداخلة ضمن الملتقى الدولي األول حول المنظومة البنكية والتحوالت االقتصادية واقع‬
‫وأفاق يومي‪ 21-21‬ديسمبر ‪ ،3001‬جامعة الشلف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪2‬‬
‫مصطفى عبد اللطيف‪ ،‬بلعور سليمان‪ ،‬تحديات العولمة المالية للمصارف العربية واستراتيجيات مواجهتها‪ ،‬مداخلة ضمن الملتقى الوطني األول حول‬
‫المنظومة البنكية والتحوالت االقتصادية‪،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.310 ،316‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫معامالت النقد األجنبي والضوابط األخرى المرتبطة بهذه المعامالت‪ .‬فالعولمة المالية عملية مرحلية إلقامة سوق‬
‫شاملة لرؤوس األموال تتالشى في ظلها كل أشكال الحواجز( جغرافية‪ ،‬قانونية‪ ،‬تنظيمية) لتسود بذلك حرية‬
‫التدفقات المالية من اجل ضمان أفضل توزيع لمختلف صيغ رؤوس األموال بين مختلف المناطق وقطاعات‬
‫‪1‬‬
‫النشاط في أثناء البحث على أعلى مرودية لتلك األموال‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ويمكن االستدالل بالعولمة المالية بمؤشرين هما‪:‬‬

‫‪ .1‬المؤشر األول‪ :‬والخاص بتطور حجم المعامالت عبر الحدود في األسهم والسندات في الدول الصناعية‬
‫المتقدمة‪ ،‬حيث تشير البيانات إلى أن المعامالت الخارجية في األسهم والسندات كانت تمثل أقل من ‪ ℅20‬من‬
‫الناتج المحلي اإلجمالي في هذه الدول في عام ‪2690‬م بينما‪ ،‬وصلت إلى ما يزيد عن ‪ ℅200‬في كل من‬
‫الواليات المتحدة األمريكية و ألمانيا عام ‪2669‬م والى ما يزيد عن ‪ ℅300‬في فرنسا وايطاليا وكندا في نفس‬
‫العام‪ .‬كما هو مبين في الجدول أدناه‪.‬‬
‫جدول رقم(‪ :) 11 - 1‬نسبة المعامالت الدولية في األسهم والسندات بالنسبة للناتج المحلي اإلجمالي خالل‬
‫الفترة ( ‪1171‬م‪1117 -‬م)‬
‫‪17 16 11 12 10‬‬ ‫‪10 11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫البلدان السنوات ‪11 11 12 71‬‬

‫‪322 290 221 222 236 201 69‬‬ ‫‪96 202 21‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫و‪.‬م‪.‬أ‬

‫‪69‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪13 63 226 219 93‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اليابان‬

‫‪312 266 213 219 210‬‬ ‫‪91 11‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪99 22‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ألمانيا‬

‫‪222 319 291 261 291 233 16‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪13 32‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫فرنسا‬

‫‪913 110 312 301 263‬‬ ‫‪63 90‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫إيطاليا‬

‫‪219 312 296 309 212 221 92‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪11 31‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كندا‬

‫‪source: Philippe Dalvisenent Jean et Piette petit, économie international la place des banques, Dunod paris,‬‬
‫‪1999, p 95.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Dominique Plihon 0Les enjeux de la globalisation financière 0Casbah éditions, Alger 02661 0P68.‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبقّ كره‪ ،‬ص‪. 21‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ .0‬أما المؤشر الثاني‪ :‬والخاص بتطور تداول النقد األجنبي على الصعيد العالمي‪ ،‬فإن اإلحصائيات تشير إلى‬
‫أن متوسط حجم التعامل اليومي في أسواق الصرف األجنبي قد ارتفعت من ‪ 300‬مليار دوالر أمريكي في‬
‫منتصف الثمانينات إلى حوالي ‪2‚3‬تريليون دوالر أمريكي في عام ‪2660‬م وهو ما يزيد عن ‪ ℅91‬من‬
‫االحتياطات الدولية لجميع بلدان العالم في نفس العام‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى انه على الرغم من تزايد درجة تكامل األسواق المالية فإنها لم تصل بعد إلى درجة‬
‫التكامل في األسواق السلعية‪ ،‬أي أن العولمة المالية الزالت في درجة اقل من العولمة اإلنتاجية أو عولمة‬
‫اإلنتاج‪ ،‬ومنه يمكن اعتبار العولمة المالية التداخل واالعتماد المتبادل بين االقتصاديات في الجانب المالي وذلك‬
‫من خالل تزايد العمليات البنكية والمالية عبر الحدود‪ ،‬فهي تعتبر أحد أوجه التحرير المالي كما تعد أحد العوامل‬
‫الدافعة له أو نحوه‪.‬‬

‫ومنه فإن ظهور العولمة المالية كان نتيجة لتحرير األسواق المالية في كل الدول المصدرة والمتلقية لها‪،‬‬
‫حيث قامت العديد من الدول النامية بإلغاء القيود على التدفقات المالية عبر الحدود‪ ،‬وقد دعم هذا االتجاه التوجه‬
‫العالمي في إطار اتفاقيات جولة األرغواي لتحرير التجارة في الخدمات المالية والبنكية‪ ،‬وقد ترتب على ذلك نشأة‬
‫أسواق جديدة ليس لها تواجد جغرافي طبيعي كما هو الحال بالنسبة للبورصات التقليدية‪ ،‬وانما تجمعها وتنظمها‬
‫شبكات الكمبيوتر المتصلة ببعضها البعض‪ ،‬كما أدى انخفاض تكاليف المعامالت واحداث أدوات جديدة إلى‬
‫‪1‬‬
‫إحداث نمو كبير في العامالت المالية الخارجية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العوامل المفسرة للعولمة المالية‬

‫ارتبطت العولمة المالية في تحققها باقتصاديات الدول المتقدمة‪ ،‬وهي دول ذات طبيعة رأسمالية‪ ،‬وفي ظل‬
‫التطورات التي تحصل فيها‪ ،‬واآلليات التي تعمل بها‪ ،‬واألهداف التي تسعى إلى تحققها‪ ،‬باعتبار أن هذه‬
‫االقتصاديات الرأسمالية المتقدمة هي التي أفرزت العولمة وانطلقت منها إلى دول العالم األخرى‪ ،‬ووصوال إلى‬
‫الكيفية التي أدت إلى ارتباط العولمة بالدول المتقدمة‪ ،‬والعوا مل والجوانب التي أسهمت في تحققها والتي يمكن‬
‫إيجازها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بوراس‪ ،‬الجهاز المالي والبنكي العربي وقدرته على التأقلم مع المتغيرات المستجدة ‪ ،‬المؤتمر العلمي األول لكلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة‬
‫العلوم التطبيقية‪ ،‬عمان‪ ،3002 ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫صعود الرأسمالية المالية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ونعني به األهمية المتزايدة لرأس المال التي تتجسد في صناعة الخدمات المالية بمكوناتها البنكية وغير‬
‫البنكية‪ ،‬ونتيجة لذلك أصبح االقتصاد العالمي تحركه مؤشرات ا لبورصات العالمية (داوجنز‪ ،‬ناسداك‪ ،‬نيكاي‪،‬‬
‫داكس‪ ،‬كاك‪ ) 10‬والتي تؤدي إلى نقل الثروة العينية من مستثمر آلخر دون أي عوائق داخل البلد الواحد‪ ،‬أو عبر‬
‫الحدود الجغرافية‪ ،‬وهذا ما عبر عنه االقتصادي األمريكي ‪ Drucker Pitter‬بظهورما يسمى باالقتصاد الرمزي‬
‫‪1‬‬
‫الذي أصبحت تحركه األسهم والسندات ومختلف األوراق المالية‪.‬‬

‫الرسمالية التي نمت هذه األخيرة من خالل نمو وتطو صناعة‬


‫ولقد تسارعت العولمة المالية بتزامن مع أ‬
‫الخدمات المالية‪ ،‬بتركيبها الهيكلية البنكية وغير البنكية‪ ،‬فالرأسمالية طابع ريعي يتجلى ذلك من خالل توظيفها‬
‫‪2‬‬
‫لرؤوس األموال في األسواق المالية العالمية‪.‬‬

‫‪ .0‬بروز فوائض نسبية كبيرة لرؤوس األموال‪:‬‬


‫إن الحركة الدائمة لرؤوس األموال الباحثة عن الربح على الصعيد العالمي‪ ،‬تعكس وجود كتلة كبيرة من‬
‫الفوائض االدخارية غير مستثمرة‪ ،‬فأصبح من الضروري البحث عن منافذ الستثمارها على الصعيد الدولي من‬
‫خالل مختلف أشكال االستثمار األجنبي الذي يسعى نحو فتح أسواق جديدة من خالل عمليات االستثمار خارج‬
‫‪3‬‬
‫البلد األم وهذا لالستفادة من المزايا التي توفرها له هذه البلدان وذلك لتعظيم أرباحه وتوسيع نشاطه‪.‬‬

‫حيث أصبح االستثمار األجنبي المباشر عامال فعاال في تفعيل العولمة المالية‪ ،‬ألنه يمثل أداة رئيسية‬
‫النتقال رؤوس األموال عبر العالم‪ ،‬وقد أظهرت اإلحصائيات أن مجموع االستثمار األجنبي المباشر بلغ عام‬
‫‪ 3001‬م نحو‪ 6‬تريليون دوالر‪ ،‬ويعزي هذا المجموع إلى نحو‪ 10‬ألف شركة غير وطنية والشركات التابعة لها‬
‫بالخارج وعددها نحو‪ 960‬ألف شركة وقد بلغ مجموع مبيعات الشركات التابعة األجنبية نحو‪ 26‬تريليون دوالر‪،‬‬
‫واذا رتبت الشركات غير الوطنية حسب األصول الخارجية فإن شركة "جنرال إليكتريك "قد ظلت هي أكبر شركة‬
‫غير وطنية غير مالية على نطاق العالم تليها شركة "فدافون" ( بريطانيا) وشركة "فورد" للسيارات (الواليات‬
‫المتحدة)‪ ،‬ومن بين أكبر‪ 200‬شركة عبر وطنية على نطاق العالم فإن مقدار أربع شركات منها على رأسها‬

‫‪1‬‬
‫بريش عبد القادر‪ ،‬التحرير البنكي ومتطلبات تطوير الخدمات البنكية وزيادة القدرة التنافسية للبنوك‪ ،‬دكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1006‬ص ص ‪.31-31‬‬
‫‪2‬‬
‫بوكساني رشيد ورشام كهينة‪ ،‬اتفاقيات للتعاون والربط بين األسواق المالية العربية في إطار تحقيق مشروع البورصة العربية الموحدة‪ ،‬مجلة دراسات‪،‬‬
‫جامعة األغواط‪ ،‬العدد ‪ ، 09‬جوان ‪ ،3006‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫صالح عباس‪ ،‬العولمة وأثرها في الفكر المالي والنقدي‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬إسكندرية‪ ،3001 ،‬ص‪.26‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫شركة "هاتشيسون هوامبو" (هونج كونج‪ ،‬الصين) توجد في اقتصاديات نامية‪ ،‬المالحظ أن تقرير االستثمار‬
‫العالمي عام ‪3001‬م قد صنف أكبر‪ 10‬شركة عبر وطنية مالية والتي تهيمن علي الخدمات المالية العالمية‬
‫ليس فقط من حيث مجموع األصول ولكن أيضا من حيث عدد البلدان التي تعمل فيها‪ ،‬وتتصدر القائمة‬
‫مجموعة "سيتي جروب" " ‪( "CityGroup‬الواليات المتحدة)‪ ،‬يليها مصرف يو بي إس‪(UBS‬سويس ار)‬
‫وشركة"‪ ( "Allianz‬ألمانيا) وكان نصيب الشركات غي ر الوطنية المالية من فرنسا وألمانيا واليابان وبريطانيا‬
‫‪1‬‬
‫والواليات المتحدة هو‪ %11‬من مجموع أصول أكبر شركة وطنية مالية في عام‪ 3002‬م‪.‬‬

‫وفي هذا الشأن كذلك عرف التطور الكبير الذي شهدته المؤسسات االقتصادية والمالية البنكية عند‬
‫مواجهتها لحاالت الخطر وعدم التأكد بفعل الدورات االقتصادية والتغيرات غير المتوقعة التي شهدها االقتصاد‬
‫العال مي واالقتصاديات الوطنية والتي اتسمت بها عقود الخمسينات والستينات سواء في انهيار أسعار الصرف‬
‫العمالت الثابتة أو تدفقات الدوالر ونشوء سوق العمالت األوروبية أو عدم التوازن المستمر بين العرض والطلب‬
‫أو تغيرات سعر الفائدة ‪..‬الخ‪ ،‬كل ذلك قاد المؤسسة االقتصادية إلى تنويع أنشطتها كنوع من عمليات تفادي‬
‫الخطر ومواجهة حاالت عدم التأكد وبدت أنشطتها كنوع من عمليات تفادي الخطر ومواجهة حاالت عدم التأكد‬
‫وبدت ظوا هر تعدد الجنسية وتعدد القومية وأخي ار تعدي القومية‪ ،‬أما في مجال المؤسسات البنكية فقد بدأت‬
‫‪2‬‬
‫عمليات التدويل والتحوالت نحو التنويع االستثماري وبداية عهد جديد للمؤسسات البنكية‪.‬‬

‫‪ .0‬تطور سوق العملة األوروبية الدوليـة‪:‬‬


‫بدأت بظهور سوق اليورو والدوالر‪ ،‬وهي سوق للعمالت خارج حدودها الوطنية‪ ،‬وال تخضع للقيود‬
‫والضوابط التي تفرضها السلطات النقدية الوطنية‪ ،‬فهي تلك األسواق التي يتم فيها اإلقراض واالقتراض بمختلف‬
‫أشكاله وبعمالت أجنبية في غير دول إصدار‪ 3،‬وقد ساعدت عدة عوامل على نمو هذا السوق نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬توظيف االتحاد السوفياتي المخزون من الدوالر من أجل تنميته خالل الحرب الباردة‪ ،‬دون وضعه في‬
‫السوق المالي األمريكي‪.‬‬
‫‪ ‬عجز ميزان المدفوعات للواليات المتحدة األمريكية في الستينات‪ ،‬وما ترتب عليه من خروج الدوالر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد يعقوبي‪ ،‬توفيق تمار‪ ،‬آثار العولمة المالية على االستثمارات األجنبية المباشرة‪ :‬حالة الدول العربية‪ ،‬مداخلة مقدمة في الملتقى الدولي حول‬
‫سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات –حالة الجزائر والدول النامية‪ -‬جامعة بسكرة‪ ،‬يومي ‪ 33/32‬نوفمبر ‪.3009‬‬
‫‪2‬‬
‫سرمد كوكب الجميل‪ ،‬تحديات العولمة وخيارات االستجابة ‪ ,‬تحليل اتجاهات التحرر المالي تجاه االستثمارات األجنبية ‪ ،‬المؤتمر العلمي األول حول‬
‫العولمة وأبعادها االقتصادية‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية في جامعة الزرقاء األهلية ‪0‬من ‪ 9‬إلى ‪ 20‬أوت ‪. 3000‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Henri Bourguinat 0finance internationale 0édition presse universitaire de France2661 0p65.‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬اتساع نشاط الشركات المتعددة الجنسيات التي كانت تحتفظ بأصولها السائلة في سوق اليورو دوالر نظ ًار‬
‫لمرونته ومزاياه‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك كانت الحكومات والبنوك تحتفظ باحتياطياتها مـن العمالت األجنبية في هذا السوق‪ ،‬لالستفادة‬
‫مـن حرية التعامل‪ ،‬وغياب القيود‪ .‬وقد ساعد في إعطاء دفعة قوية لسوق اليورو دوالر االرتفاع الشديد في أسعار‬
‫البترول‪ ،‬أربعة أضعاف في الحرب الصهيونية العربية لعام‪1973‬م‪ ،‬باإلضافة إلى ثورة أكتوبر ‪1979‬م‪ .‬هذه‬
‫العوامل مجتمعة قلبت بعمق شكل التدفقات المالية بالخصوص في دول الخليج‪.‬‬
‫فكان فائض التبادل يقارب ‪ 360‬مليار دوالر في ‪ 8‬سنوات )‪ 2/1 ،(1981-1974‬نصف هذه الموارد‬
‫وظفت في سوق اليورو دوالر‪ ،‬و‪ %40‬من الفائض المتبقي استثمر في بلدان "‪ ،"OCDE‬و‪ %15‬قدمت على‬
‫‪1‬‬
‫شكل قروض للدول السائرة في طريق النمو‪ ،‬و‪ %5‬قدمت للمنظمات الدولية‪.‬‬

‫‪ .2‬تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات‪:‬‬


‫إن تسمية الشركات بالمتعددة الجنسيات في الحقيقية ال يعني فقط بأن المساهمين في ملكية هذه الشركات‬
‫يحملون جنسيات متعددة‪ ،‬و لكنه يعني و بصفة أساسية أن هذه الشركات بالرغم من أن إستراتيجيتها و خطط‬
‫عملها تصمم من مركز الشركة الرئيسي في دولة معينة‪ ،‬إال أن نشاطها ال يقتصر على الحدود الوطنية لهذه‬
‫الدولة ولكنها تمتد بنشاطها إلى دول أخرى‪ ،‬فهي دولية النشاط وتمتد باستثماراتها وتخطط إلنتاجها ومبيعاتها إلى‬
‫أكثر من دولة متجاوزة بذلك حدودها الوطنية أو اإلقليمية فهي تعتمد على سوق متعدد للدول وق ارراتها ونشاطاتها‬
‫ذات طابع دولي‪.‬‬

‫وبهذا المفهوم فإن هذه الشركات تتجاوز القوميات وتتمتع بقدر كبير من حرية تحريك و نقل الموارد‬
‫وعناصر اإلن تاج مما جعل البعض يعلن بأن هذه الشركات ال وطن لها وأن وطنها الفعلي حيث تتحقق‬
‫األرباح‪ .‬وتعد الشركات المتعددة الجنسيات أو الشركات عالمية النشاط والتي تعتبر في كل معانيها احد السمات‬
‫األساسية للعولمة‪ ،‬فهي تؤثر بقوة في االقتصاد العالمي من خالل ما يصاحب نشاطها في شكل استثمارات‬
‫مباشرة ومن نقل التكنولوجيا والخبرات التسويقية واإلدارية‪ ،‬وتأكيد ظاهرة العولمة في كافة مستوياتها اإلنتاجية‬
‫والمالية والتكنولوجية والتسويقية‪.2‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪Adda Jacques, "La Mondialisation del'économie", 3‬‬ ‫‪édition, édition du découverte, 1997, P 99.‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫وفي المحصلة فإن هذه الشركات تنظر إلى العالم كله كوحدة واحدة وتقوم بتنفيذ استثماراتها و شراء‬
‫مدخالتها و تنفيذ بحوثها و تصميم منتجاتها أينما سمحت الفرصة لها‪ ،‬وبعبارة أخرى فإن الشركة دولية النشاط‬
‫ال تعطي األولوية ألي منطقة جغرافية ألداء نشاطاتها المختلفة وأن كل من وظائفها المتعددة تؤدى في األماكن‬
‫المناسبة لها لالستفادة من الفرص المتاحة حول العالم‪.‬‬

‫‪ .1‬التقدم التكنولوجي ‪ :‬وذلك من خالل التوسع في استعمال شبكات االتصال ونظم المعلوماتية‪ ،‬التي يتيحها‬
‫التقدم التقني الهائل في ربط األسواق المالية العالمية مما يسمح للمستثمرين بالفعل ورد الفعل على التطورات‬
‫‪1‬‬
‫التي تحدث في هذه األسواق بصفة آنية وفورية‪.‬‬
‫إن التكنولوجيا الجديدة ل لمعلومات واالتصاالت أتاحت ألعداد غفيرة من البشر أن يشاركوا في المعرفة‬
‫دون الحاجة ألن يكونوا في نفس المكان حيث هناك ثالث قوى رئيسية تشكل أساس الثورة التكنولوجية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫توسع قوة الحاسبات‪ ،‬ازدياد سرعة التشغيل‪ ،‬واالندماج بين الحاسبات اآللية ووسائل االتصال‪ ،‬غير أن استخدام‬
‫التكنولوجيات الجديدة في معظم الدول النامية ال يزال محدودا‪.‬‬

‫ويتوقف مدى االستعداد لنقل وتوطين التكنولوجيا على مدى توافر الخبرات المحلية القادرة على التعامل‬
‫مع هذه التكنولوجيا وصيانتها وتطويرها‪ ،‬فالخبرة لها مكونان أساسيان هما العلم المتمثل في العقل والعنصر‬
‫المادي المتمثل في العمل‪ ،‬فإذا اقتصر األمر على المعلومات النظرية دون التطبيق والممارسة العملية فإن هذا‬
‫ال يؤدي إلى تقديم خبرات نافعة ومن هنا تأتي أهمية التدريب والتأهيل المستمر للعمالة الناشئة حيث تعد‬
‫المصدر األساسي للخبرة وان االستمرار يؤدي إلى ت اركم الخبرات‪.‬‬

‫ومع عولمة االقتصاد وما يترتب عليها من تنافسية األسواق وتنوع عوامل اإلنتاج وانشاء الكيانات الكبيرة‪،‬‬
‫يتأكد الدور المحوري لعمليات البحوث و التطوير باعتبارها المحرك الرئيسي لالستخدام األمثل للموارد البشرية‬
‫والمادية وصوال إلى إنتاج السلع والخدمات ذات القيمة المضافة العالية والقادرة على المنافسة في األسواق‬
‫الدولية ‪ ،‬فقد ساهمت التكنولوجيا المتطورة من خلق ما يسمى بعولمة األسواق وتخفيض أعباء العمليات التي‬
‫تخص الخدمات بالدرجة األولى‪ ،‬وسرعة االنتقال والتداول وامكانية تنفيذ تحويالت مباشرة عن طريق عمليات‬
‫التحكيم‪.‬‬

‫أحمد بوراس‪ ،‬الجهاز البنكي والمالي العربي وقدرته على التأقلم مع المستجدات العالمية‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬عدد‪ ،3002 ،3‬ص‪.26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫إن هذه الثورة الجديدة تقوم على تطوير المعلومات وتوزيعها واستخدامها لتحقيق ميزة تنافسية‪ ،‬وهذه هي‬
‫القوة الكامنة وراء مفهوم العولمة‪ ،‬وأعني به قدرة جميع أنحاء العالم على الحصول على المعلومات ورؤوس‬
‫‪1‬‬
‫األموال والوصول إلى األسواق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم التحرير المالي وأهدافه‬

‫شهد االقتصاد العالمي في تطوره عدة مراحل‪ ،‬من سماته األساسية هو االتجاه نحو عولمة النشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬خاصة عند استقالل أغلبية الدول بعد الستينات وخالل السبعينات‪ ،‬حيث جاء التحرير المالي‬
‫والبنكي كنتيجة حتمية في إطار هذه التحوالت العالمية الذي كان أساسها المناداة برفع القيود الجمركية على‬
‫التجارة سواء كانت سلعية أو مالية‪ ،‬وهذا ما دعا إلى تطوير القطاع المالي والبنكي من خالل إلغاء كل القيود‬
‫والعراقيل التي يمكن أن تحد من حركة األموال الداخلية والخارجية لتنفيذ العمليات التجارية واالستثمارية وعليه‬
‫طالبت أغلبية الدول من الحكومات رفع يدها وعدم التدخل وترك حرية في حركة األموال‪ ،‬سنحاول من خالل‬
‫هذا المطلب التعرف على مفهوم التحرير المالي ومبادئه وأهم األهداف التي يسعى إلى تحقيقها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحرير المالي واجراءاته‬

‫يعد التحرير المالي أحد أهم معالم النظام ال مالي الجديد وأهم مالمح التطورات االقتصادية البارزة خالل‬
‫السنوات الماضية والتي تهدف إلى القضاء على معالم الكبح المالي*‪ ،‬ومن المعلوم أن سياسات التحرير المالي‬
‫ترتبط ارتباطا وثيقا بهيمنة السياسات اللي برالية كسياسات اقتصادية عامة حيث اتجهت الدول إلى الحد من تدخل‬
‫الحكومة في النشاط االقتصادي وبشكل ملحوظ‪ ،‬ويندرج التحرير المالي ضمن أهم اإلصالحات االقتصادية التي‬
‫باشرتها الدول التي تعرف مرحلة انتقالية من االقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق‪.‬‬

‫انبثق التحرير المالي الدولي الذي يعتبر عامل مصيري للعولمة المالية‪ ،‬غداة انهار النظام النقدي الدولي‬
‫المدعي لنظام بروتن وودز عام ‪ 2612‬م‪ ،‬وتعويم أسعار صرف العمالت الرئيسية وبدأت عمليات التحرير‬
‫المالي في الدول المتقدمة واكتملت بتوسيع أنشطة البنوك وتدويلها وتوسيع التحرير ليشمل العديد من الدول‬
‫النامية‪ 2.‬وسنحاول من خالل هذا العنصر التعرف على مفهوم التحرير المالي وكذا إجراءات تطبيقه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بلقاسم سلطانية‪ ،‬حقيقة العولمة‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،23‬الجزائر‪ ،2666 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean Pierre ALLEGRET - Pascal MERRER 0Economie de la mondialisation 0édition De Boeck 0Belgique 03001 0p‬‬
‫‪101.‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ .1‬تعريف التحرير المالي‪:‬‬


‫يمكن تعريف التحرير المالي بالمعنى الضيق‪ ،‬على أنه مجموعة اإلجراءات التي تسعى إلى خفض درجة‬
‫‪1‬‬
‫القيود المفروضة على القطاع المالي‪.‬‬

‫ويتضمن إصالح أو تحرير القطاع المالي مجموعة من اإلجراءات التي تتخذها الدولة إلزالة الضوابط‬
‫على النظام المالي‪ ،‬وتحويل هيكله بشكل يتفق مع النظام االقتصادي الموجه القتصاد السوق‪ ،‬وذلك في ظل‬
‫إطار تشريعي مالئم‪2.‬ومنه يعتبر التحرير المالي بمعناه الواسع‪ ،‬مجموع اإلجراءات التي تعمل على تطوير‬
‫األسواق المالية وتطبيق نظام غير مباشر للرقابة‪.‬‬

‫ومن خالل تعريف التحرير المالي‪ ،‬نجد أن سياسته تقوم على الثقة الكاملة في األسواق المالية عند‬
‫تحريرها من القيود اإلدارية ألسعار الفائدة‪ ،‬حيث تترك العمل لقوى السوق مع إلغاء الحدود القصوى ألسعار‬
‫الفائدة‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة االستثمارات مع ارتفاع المدخ ارت‪ ،‬وعليه فالتحرير المالي يقوم على مبدأين أساسيين‬
‫‪3‬‬
‫هما‪:‬‬

‫‪ ‬تمويل مشاريع باستعمال القروض البنكية بالتوفيق بين االدخار واالستثمار‪ ،‬برفعها لالدخار وخفضها‬
‫لالستثمار‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد سعر الفائدة في السوق‪ ،‬بااللتقاء بين عرض األموال والطلب عليها لالستثمار‪ ،‬عن طريق المالئمة‬
‫بي ن االستهالك واإلنفاق االستثماري‪ ،‬وعليه فزيادة األموال الموجهة للقروض يؤدي إلى زيادة االستثمار وبالتالي‬
‫زيادة النمو االقتصادي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ويمكن إعطاء تعريف آخر للتحرير المالي باعتباره مبني على أمرين أساسين هما‪:‬‬

‫إلغاء القيود والضوابط على حركة رؤوس األموال قصيرة وطويلة عبر الحدود الوطنية‪.‬‬

‫* ويعني انعكاس لتدخل الحكومة الشديدة في المجال االقتصادي والمالي‪ ،‬ويظهر هذا التدخل من خالل التشريعات والقوانين التي تخص النشاط البنكي‬
‫والهادفة إلى الحد من حرية الجهاز البنكي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫سعيد النجار‪ ،‬السياسات المالية وأسواق المال‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ،2661 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫عاطف وليم أندرواس‪ ،‬أسواق األوراق المالية بين ضرورات التحول االقتصادي والتحرير المالي ومتطلبات تطويرها‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،3001‬ص ‪.262‬‬
‫‪3‬‬
‫بن طلحة صليحة‪ ،‬معوشي بوعالم‪ ،‬دور التحرير البنكي في إصالح المنظومة المصرفية ‪ ،‬مداخلة ضمن ملتقى الشلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪4‬‬
‫شذى يوسف عبد الحق‪ ،‬االستثمار ومحدداته في ظل التحرير المالي‪ ،‬دراسة عينة من الدول العربية في الفترة ‪1110‬ـ‪ ، 0220‬أطروحة دكتوراه في‬
‫اقتصاد األعمال ‪ ،‬كلية الدراسات العليا ‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،3009 ،‬ص ص ‪3‬ـ‪.2‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫إعطاء السوق مطلق الفاعلية في عملية ضمان توزيع وتخصيص الموارد المالية وتحديد أسعار العمالت‬
‫طبقا لقوى العرض والطلب‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن من مقتضيات التحرير المالي إلغاء القيود على تخصيص االئتمان المحلي‬
‫وعلى معدالت الفائدة واعطاء الب نوك والمؤسسات المالية حركة كبيرة في إدارة نشاطها‪ ،‬لكن هذا ال يعني‬
‫بالضرورة قيام نظام بنكي حر مئة في المئة أل ن الحكومات وألسباب تحوطية سوف تستمر في اإلشراف عل‬
‫النظام البنكي‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬يمكن القول انه ليس هناك تحرير مالي كامل في أي اقتصاد وأن تدخل الدولة‬
‫عبر السلطات المالية والنقدية عموما لتحقيق أهداف الدولة يتم في كل اقتصاد بما في ذلك الدول الرأسمالية‬
‫الصناعية و تجدر اإلشارة إلى أن هذه الدول تمارس التدخل عبر آليات السوق في حين تتداخل اآلليات‬
‫التحكمية مع آليات السوق في الدول النامية‪.‬‬

‫‪ .0‬إجراءات التحرير المالي‪:‬‬


‫انتشرت عملية التحرير المالي والبنكي في أغلبية الدول في إطار عمليات اإلصالح االقتصادي‪ ،‬إال أن‬
‫األساليب المستخدمة في ذلك تختلف باختالف األهداف المراد تحقيقها‪ ،‬وفق السياسة العامة التي تضعها كل‬
‫دولة فهي إما لتحسين السياسة النقدية أو لتشجيع المنافسة في القطاع المالي أو لتطوير البنية األساسية‬
‫‪1‬‬
‫واألسواق المالية‪ ،‬وعموما يمكن عرض اإلجراءات المتخذة في إطار عملية التحرير المالي والبنكي كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬إلغاء القيود على سعر الفائدة وتوسيع مجال تحركها‪ ،‬وازالة السقوف المفروضة عليها‪.‬‬
‫‪ ‬إلغاء القيود اإلدارية المقيدة لحرية البنوك‪ ،‬مثل تحديد السقوف االئتمانية أو التمويل التلقائي للمؤسسات‬
‫المملوكة للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬تدعيم استقاللية البنوك والمؤسسات المالية في اتخاذ ق ارراتها وفقا لقواعد السوق‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة هيكلة بنوك القطاع العام وفتح ملكيتها أمام القطاع الخاص الوطني واألجنبي‪.‬‬
‫‪ ‬السماح بإنشاء البنوك‪ ،‬سوا ء تعود ملكيتها للقطاع الخاص الوطني واألجنبي والسماح بفتح فروع للبنوك‬
‫األجنبية في مختلف دول العالم‪.‬‬
‫‪ ‬تقليل الحواجز أمام االنضمام والدخول إلى السوق البنكي‪ ،‬وتسهيل إجراءات االنسحاب منه‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين درجة الشفافية في المعامالت وزيادة أوجه الحماية للمودعين والمستثمرين‪.‬‬
‫‪ ‬إطالق حرية تحديد العموالت وتسعير الخدمات البنكية‪.‬‬

‫‪1‬بريش عبد القادر‪ ،‬التحرير البنكي ومتطلبات تطوير الخدمات البنكية وزيادة القدرة التنافسية للبنوك الجزائرية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬إعادة تكوين قاعدة رأس مال البنوك (إعادة رسملة البنوك)‪.‬‬


‫‪ ‬تدعيم اإلشراف والرقابة للمحافظة على انضباط السوق المالي‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير االئتمان وهذا بالحد من الرقابة على توجيه االئتمان نحو قطاعات محددة‪ ،‬وكذا وضع سقوف‬
‫ائتمانية عليا على القروض الممنوحة لباقي القطاعات األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬باإلضافة إلى ترك المجال للبنوك والمؤسسات المالية للدخول في مجاالت تمويلية حديثة وهذا لتوسيع في‬
‫خدماتها المالية للمؤسسات االقتصادية وهذا من خالل تهيئة اطر تشريعية تنظم هذه العمليات وتحدد مبادئها‬
‫ومستوياتها‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير األسواق المالية‪ ،‬بخفض القيود على االستثمار األجنبي‪ ،‬تحسين إجراءات التسوية وانهاء‬
‫‪1‬‬
‫المعامالت‪ ،‬تخفيض الضرائب والرسوم على المعامالت والضرائب على األرباح الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ ‬تعويـض استخدام التدخل غير المباشر في إدارة السياسة النقدية بدل من استخـدام أدوات التدخ ـل‬
‫‪2‬‬
‫المباشر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهداف التحرير المالي‬

‫تنتهج الدول سياسة التحرير المالي والبنكي بتطبيق مجموعة من اإلجراءات سواء على المستوى المحلي‬
‫أو المستوى الخارجي وتخص أسعار الفائدة والصرف‪ ،‬نسب السيولة واألسواق المالية‪ ،‬االستثمار األجنبي‪ ،‬وذلك‬
‫لتحقيق مجموع ة من األهداف تمكنها من تحسين ظروف عمل القطاعين المالي والبنكي وتوفير األموال الالزمة‬
‫لزيادة االستثمارات ونحاول ذكر أهم األهداف كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬يهدف التحرير المالي إلى التخلص من مظاهر الكبح المالي الذي عانت منه معظم اقتصاديات الدول‬
‫النامية حيث ينصرف مفهوم الكبح أو القمع المالي إلى القيود المفروضة على النظام المالي ومن‬
‫‪3‬‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬التحديد اإلداري ألسعار الفائدة على القروض والودائع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫هالة حلمي السعيد‪ ،‬األسواق المالية الناشئة ودورها في التنمية االقتصادية في ظل العولمة‪ ،‬مجلة بنك الكويت الصناعي‪ ،‬العدد ‪ ،19‬الكويت‪،‬‬
‫سبتمبر‪ ،2660‬ص ‪..29‬‬
‫‪2‬‬
‫نزار العبسي‪ ،‬تأثيرات التحرير المالي على السياسة النقدية والمضاعف النقدي الحالة األردنية‪ ،‬مجلة جامعة النجاح لألبحاث‪ ،‬العلوم اإلنسانية‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،32،3001‬ص ‪.206‬‬
‫‪3‬‬
‫عاطف وليم اندرواس‪ ،‬السياسة المالية وأسواق األوراق المالية خالل فترة التحول االقتصادي‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة اإلسكندرية‪ ،3001 ،‬ص‪.91‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬رقابة إدارية على تخصيص االئتمان لقطاعات معينة ‪،‬مع تقديم قروض لبعض القطاعات بأسعار فائدة‬
‫تفضيلية لبعض القطاعات‪.‬‬
‫‪ ‬فرض ضريبة مرتفعة على القطاع البنكي من خالل المبالغة في تحديد متطلبات مرتفعة لالحتياطي‪.‬‬
‫‪ ‬إلزام المؤسسات المالية بشراء األوراق المالية الحكومية وبعائد منخفض‪.‬‬
‫‪ ‬فرض قيود صارمة على حرية الدخول إلى القطاع المالي بصفة عامة وقطاع البنوك بصفة خاصة وقد‬
‫يصل مداها إلى الحضر المطلق لدخول المستثمرين األجانب إلى قطاع الخدمات المالية‪.‬‬
‫‪ ‬فرض قيود صارمة على تحركات رؤوس األموال األجنبية سواء كانت داخلة أم خارجة وذلك بهدف تعزيز‬
‫وحماية ترتيبات القطاع المالي المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬إنهاء التدخل الحكومي في النظم المالية لعدم فعاليته في تخصيص رأس مال‪ ،‬وتحقيق أهداف السياسة‬
‫‪1‬‬
‫النقدية‪.‬‬
‫‪ ‬تعبئة االدخار المحلي واألجنبي لتمويل االقتصاد عن طريق رفع معدالت االستثمار‪.‬‬
‫‪ ‬خلق عالقة بين أسواق رأس مال المحلية واألجنبية من اجل جلب أموال لتمويل االستثمار‪.‬‬
‫‪ ‬رفع فعالية األسواق المالية‪ ،‬لتكون قادرة على المنافسة الدولية‪ ،‬وتمكينها من فتح مصادر اقتراض‬
‫وتمويل أجنبية وخلق فرص استثمار جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير التحويالت الخارجية‪ ،‬مثل تحويل العمالت األجنبية وحركة رؤوس األموال خاصة مع التغيرات‬
‫االقتصادية مثل تغيرات في أسعار الفائدة وأسعار الصرف‪.‬‬
‫‪ ‬رغبة الدول العظمى في تحقيق مكاسب اقتصادية ومالية (ضمن مفاوضات) خاصة مع بدء الدول‬
‫النامية في فتح أسواقها المالية‪ ،‬وادراج تحرير الخدمات المالية ضمن مفاوضات الجات‪ ،‬وفيما بعد‬
‫المنظمة العالمية للتجارة بصدور ملحق حول الخدمات المالية‪ ،‬وتم الوصول إلى توقيع بروتوكول اتفاق‬
‫‪2‬‬
‫يضم ‪ 10‬دولة لتحرير ‪ %61‬من أنشطة البنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬متطلبات نجاح التحرير المالي‬

‫هناك أربعة متطلبات أساسية يحددها مؤيدو التحرير المالي والبنكي إلنجاح هذه السياسة وهي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫سمير محمد عبد العزيز‪ ،‬اقتصاديات وادارة النقود في إطار عالمية الحادي والعشرين‪ ،‬الصناعة المالية الحديثة‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫بدون سنة نشر‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪2‬‬
‫سليمان ناصر‪ ،‬عالقة البنوك اإلسالمية بالبنوك المركزية ‪ ،‬دكتوراه في االقتصاد‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،3001/3001‬ص‪.26‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الفرع األول‪ :‬توفر االستقرار االقتصادي العام‪:‬‬

‫هناك اتفاق عام على أهمية استقرار االقتصاد الكلي لنمو خدمات القطاع المالي ونجاح سياسة التحرير‬
‫المالي‪ ،‬ولذلك ينبغي للبلدان اعتماد سياسات اقتصادية كلية مناسبة‪ ،‬وتشجيع المنافسة داخل القطاع المالي‬
‫ووضع إطار مؤسسي قانوني قوي وشفاف ألنشطة القطاع المالي‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬هناك حاجة لوجود‬
‫‪1‬‬
‫تنظيم ورقابة احت ارزيين‪ ،‬وارساء حقوق قوية للدائنين‪.‬‬

‫إن التضخم المرتفع والعجز الكبير في الميزانية العامة للدولة‪ ،‬وأسعار الصرف غير مستقرة‪ ،‬يمكن أن‬
‫يكون لها تأثير سلبي على عملية التحرير البنكي والمالي‪ ،‬وتؤثر بشكل عكسي على االندماج في النظام المالي‬
‫الدولي‪ ،2‬ويساهم في إضعاف النظام البنكي والمالي الوطني‪ ،‬وذلك ألن من بين األسباب الرئيسية لتعثر سياسة‬
‫التحرير المالي‪ ،‬السياسات غير سليمة إلدارة االقتصاد الكلي‪ ،‬والتنظيم واإلشراف الحكومي غير المناسب‬
‫والتدخل غير السليم في األسواق المالية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى أن التحرير المالي يتطلب سياسة نقدية موجهة نحو االستقرار‪ ،‬فعلى المؤسسات المالية أن‬
‫تدعم دورها في الوساطة المالية بصورة مناسبة فإن ذلك يتطلب مناخ من التضخم المنخفض والمستقر وأفضل‬
‫ضمان لذلك يكون من خالل سياسات نقدية يمكن التنبؤ بها مع كونها موجهة نحو الثبات‪ ،‬ويوجد خطران‬
‫أساسيان للسياسات النقدية وهما االقتراض غير المناسب وتضخم أسعار األصول‪ ،‬غير أن أفضل آلية للتحرك‬
‫‪3‬‬
‫تتم كما يلي‪:‬‬

‫يسمح التوسع المالي للبنوك بتقديم ائتمان سهل للشركات أو لقطاع العقارات بمعدالت فائدة منخفضة‬
‫نسبيا‪ ،‬غيرأن ذلك يسمح باإلقراض الخطر ويضخم من أسعار األصول مثل األراضي والمباني ومع مرور الوقت‬
‫يمكن أن ترتفع أسعار السلع االستهالكية أيضا‪ ،‬ولكي نعيد استقرار السوق فان السلطات النقدية يجب أن تبحث‬
‫سياسات أكثر تشددا وتقييدا من خالل معدالت فائدة مرتفعة‪ ،‬إن هذا يخفض الطلب‪ ،‬فمعدالت الفائدة المرتفعة‬
‫والطلب الذي ينخفض يخلقان فجوة بين تكاليف االئتمان والعائد على االستثمار‪ .‬لهذا تنخفض أسعار األصول‬
‫أل ن عوائد األصول لم تعد تغطي التكاليف المتزايدة لالئتمان في هذه اآلونة‪ ،‬وزيادة العرض يمكنها من أن تزيد‬

‫‪1‬‬
‫جوزيف طربيه‪" ،‬التطور المالي والسياسات النقدية والمصرفية في منظمة الشرق األوسط وشمال إفريقيا"‪ ،‬مجلة إتحاد المصارف العربية‪ ،‬العدد ‪،392‬‬
‫لبنان‪ ،‬يونيو ‪ ،3001‬ص ‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد العال حماد‪ ،‬التطورات االقتصادية العالمية وانعكاساتها على أعمال البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.12 ، 13‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫من ضرورة التصحيح‪ ،‬واذا تم إجراء هذا التصحيح بعد ظهور المشكلة‪ ،‬فيمكن أن تجد البنوك نفسها مع حصة‬
‫كبيرة من الديون المتعثرة ضمن محفظتها المالية‪ ،‬ولن تق دم الرهونات والضمانات دعم مناسب لها‪ .‬الن مقدار‬
‫االئتمان يتجاوز قيمة األصول التي تؤول للبنك عادة عند العجز عن السداد‪ ،‬ومن المحتمل أن تكون مشكلة‬
‫الديون المعدومة اكبر كلما قامت البنوك غير المنضبطة باالقتراض مقدما‪ ،‬وفي الواقع لقد مرت عدة دول نامية‬
‫ومتقدمة بما يسمى أزمات بنكية في االقتصاديات الكلية إن مثل هذه األزمات يمكن أن توجد معضالت أمام‬
‫صانعي السياسة‪.‬‬

‫وبصفة عامة فال يمكن أن يترك صانعي السياسة البنوك لتفشل‪ ،‬ويجب أن توضع الضوابط لتخفيف‬
‫خطر التوسع في اإلقراض غير العقالني و الذي ينشأ عن سياسة غير مناسبة لالقتصاديات الكلية‪ ،‬كما يعتبر‬
‫اإلشراف غير السليم على البنوك من ضمن عوامل هذا الفشل‪.‬‬

‫ويتحقق االستقرار االقتصادي العام بوجود معدل تضخم منخفض‪ ،‬ألن ارتفاعه يودي إلى انخفاض قيمة‬
‫العملة وارتفاع سعر الفائدة وبالتالي خسارة كبيرة في االقتصاد مما يعرقل النمو االقتصادي‪ ،‬ومن أجل تحقيق‬
‫االستقرار االقتصادي العام يجب اتخاذ إجراءات وقائية وعالجية‪ ،‬التي تمكن من التنسيق بين السياسات‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادية وسياسة التحرير المالي وتتمثل هذه اإلجراءات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .2‬اإلجراءات الوقائية‪ :‬هي عادة إجراءات تتخذ قبل وقوع األزمات البنكية‪ ،‬بتصميم هياكل قانونية وتنظيمية‬
‫للحد من المخاطر المالية وحماية المودعين‪ ،‬تصحب هذه اإلجراءات رقابة حكومية على النظام البنكي والمالي‪،‬‬
‫ويضمن وجود رقابة محاسبية خارجية‪ ،‬كما تتابع إدارة البنوك وتمنعها من التدليس‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلجراءات العالجية‪ :‬هي إجراءات تتخذ بعد حدوث األزمات المالية‪ ،‬على ش كل تأمين على الودائع‪ ،‬إذ‬
‫تتدخل الحكومة في البنوك التي تعاني من مشاكل مالية لحماية حقوق المدعين وحقوق الملكية الحكومية‪ ،‬بينما‬
‫يتدخل البنك المركزي عن طريق اإلقراض لتوفير السيولة النقدية‪ ،‬والقيام بإجراءات التصفية‪ ،‬وتكون اإلجراءات‬
‫العالجية عندما ترى السلطات ال نقدية أن االعتراف بوجود خسائر كبيرة لها تأثيرات سلبية غير مقبولة سياسيا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬توافر المعلومات والتنسيق بينهما‬

‫تعد عمليات اإلفصاح وتوفير المعلومات ركنا أخر في عمليات التحرر المالي وأحد أهم اتجاهاتها حيث‬
‫تسهم في تحقيق الكفاءة وتشغيل األسواق المالية وتحسين الق اررات االستثمارية وغالبا ما ترتبط عمليات اإلفصاح‬

‫‪1‬‬
‫بن طلحة صليحة‪ ،‬معوش بوعالم‪"،‬دور التحرير البنكي في إصالح المنظومة المصرفية"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.116‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫والمعلومات بإدارة الخطر‪ ،‬إذ كلما أفصحت المؤسسات واألسواق عن بياناتها ووفرت المعلومات بشكل دقيق‬
‫ومنتظم وقانوني كلما ساهمت تلك العمليات في ترسيخ اتجاهات التحرر المالي‪ ،‬إن اإلفصاح يجب أن يتسق مع‬
‫‪1‬‬
‫المعا يير الدولية ليساهم في صيغ ق اررات استثمارية فاعلة سواء للمستثمرين المحليين أو األجانب‪.‬‬

‫ويتطلب إنجاح سياسات التحرير المالي وتوافر المعلومات الكافية‪ ،‬عن السوق المالي والبنكي واتاحتها‬
‫أمام كل المتدخلين فيه‪ ،‬وتخص المعلومات تلك المتعلقة بسيولة المؤسسات المالية‪ ،‬لصالح المودعين‬
‫والمستثمرين‪ ،‬ومعلومات عن إدارة المؤسسات المالية التي تساعد على تصعيد مخاطر االستثمار والعائد‬
‫المتوقع‪ ،‬وينطوي التنسيق بين المعلومات على تحديد العالقة بين معدل الفائدة ودرجة المخاطرة من جهة ومعدل‬
‫الفائدة واألرباح المتوقعة من جهة أخرى‪ ،‬حيث يرى مؤيدو التحرير المالي والبنكي في أن المشروعات األكبر‬
‫مخاطرة في حالة زيادة معدل الفائدة هي أكبر عائدا‪ ،‬والعكس صحيح ألنها تعوض معدل الفائدة‪ .‬أما عدم‬
‫التنسيق بين المعلومات فيؤدي إلى صعوبة تمييز المقترضين بين المشروعات الفاشلة والناجحة‪ ،‬والى رفع تكلفة‬
‫الحصول عليها ولهذا يرى منتقدو سياسة التحرير المالي والبنكي ضرورة التدخل الحكومي إللزام الجهات المعنية‬
‫على توفير المعومات‪ ،‬بإصدار لوائح‪ ،‬أو فرض ضرائب‪ ،‬أو تقديم اعانات‬

‫لتفادي ارتفاع تكلفة الحصول على المعلومات مما يؤدي إلى إخفاق األسواق المالية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬إتباع التسلسل في مراحل التحرير المالي‬

‫إن تطبيق سياسة التحرير المالي‪ ،‬يجب أن تبدأ من المستوى المحلي أو تحرير القطاع المالي الداخلي‬
‫بشكل تدريجي قبل القطاع المالي الخارجي‪ ،‬األمر الذي يمكن الدولة من تجنب العديد من ا ألزمات المالية‬
‫‪2‬‬
‫واالقتصادية‪ ،‬والتي أدت إلى زيادة مستوى العمق المالي‪ ‬به‪.‬‬

‫حيث هناك منهج للتحرير المالي السريع الذي أوصى به المؤيدون األوائل للتحرير المالي بالقيام بإزالة‬
‫كافة القيود في وقت واحد‪ ،‬ولقد اتبع هذا المنهج بعض الدول مثل األرجنتين‪ ،‬األرغواي‪ ،‬المملكة المتحدة‬
‫ونيوزلندا في السبعينات‪ ،‬حيث قامت هذه ا لدول بإزالة معظم القيود على القطاع المالي خالل فترة قصيرة لكن‬
‫هذه الطريقة لم تحقق النجاح ذاته في تلك الدول‪ ،‬ففي حين استطاعت المملكة المتحدة ونيوزلندا االستفادة من‬

‫‪1‬‬
‫سرمد كوكب الجميل‪ ،‬تحديات العولمة وخيارات االستجابة ‪ ,‬تحليل اتجاهات التحرر المالي تجاه االستثمارات األجنبية ‪ ،‬مرجع سبق ذكر‪.‬‬
‫العمق المالي ‪ :‬يقصد به الحجم النسبي للسيولة العامة وتقاس بنسبة (العملة والنقود والودائع الجارية والودائع ألجل في البنوك والمؤسسات المالية‬ ‫‪‬‬

‫األخرى) إلى الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫عاطف وليم أندرواس‪ ،‬أسواق أوراق مالية بين ضرورات التحول االقتصادي وتحرير مالي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.302‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫مكاسب التحرير المالي‪ ،‬باءت جهود األرجنتين واألرغواي بالفشل حيث تبين أنه كان ينبغي عليهما القيام‬
‫بإصالحات قبل تقرير تحرير القطاع المالي‪ .‬لذلك ينصح باستخدام هذا المنهج في الدول ذات األنظمة المالية‬
‫القوية‪ ،‬والتي تمتلك أدوات رقابية صارمة‪ ،‬حيث تحقق لها مكاسب سريعة وفعالة‪ ،‬بينما يحميها نظامها المالي‬
‫‪1‬‬
‫القوي من أية أزمات تنتج عن هذا التحرير‪.‬‬

‫بينما منهج ا لتحرير التدريجي الذي تتبعه مختلف دول العالم عند تطبيق سياسات التحرير المالي‪ ،‬وذلك‬
‫على خلفية األزمات المالية التي حدثت في بعض الدول التي تبنت منهج التحرير السريع‪ ،‬إن تجارب بلدان‬
‫المخروط الجنوبي ألمريكا الالتينية أشارت إلى أنه كي يستطيع بلد ما تحقيق االستم ارر في قابلية حساب رأس‬
‫المال للتحويل‪ ،‬و تقليل المخاطر المالية المقترنة به‪ ،‬يتعين عليه انتهاج سياسات تنظيمية قبل تقرير انفتاح‬
‫القطاع المالي‪ ،‬وعلى عكس من ذلك فان تدفقات رؤوس األموال بغرض المضاربة تجعل من الصعب تحقيق‬
‫االنفتاح لحساب رأس المال‪ ،‬لذلك فان التدرج في عملية التحرير يساعد في كسب الوقت إلحداث تغيرات هيكلية‬
‫في األسواق المالية كي تستطيع العمل في المناخ الدولي‪.‬‬

‫ويظهر التسلسل في عمليات التحرير المالي والبنكي على المستوي المحلي بقطاعيه الحقيقي والمالي كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ ‬القطاع الحقيقي‪ :‬يتم ترك فيه األسعار تتحرك وفق قوى السوق‪ ،‬وفرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة‬
‫وبطريق عقالنية على المؤسسات‪ ،‬ورفع الدعم على األسعار‪ ،‬وتطبيق سياسة الخوصصة‪.‬‬
‫‪ ‬القطاع المالي والبنكي ‪ :‬يتم فيه رفع القيود على تدفق وانتقال رؤوس األموال في التجارة الخارجية في‬
‫المدى القصير‪ ،‬باإلضافة إلى تحرير كامل ألسعار الفائدة وازالة كافة أشكال القيود اإلدارية على النظام المالي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ويظهر التسلسل باالنتقال إلى المستوى الخارجي بقطاعيه الحقيقي والمالي‪ ،‬بحيث‪:‬‬

‫‪ ‬القطاع الحقيقي ‪ :‬وذلك بتحرير الحساب الجاري لميزان المدفوعات من خالل إزالة القيود الكمية وخفض‬
‫القيود التعريفية على حركة ال سلع والخدمات‪ ،‬والسماح بالتحويالت المالية ألغراض تجارية خارجية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫شذى يوسف عبد الحق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪2‬‬
‫عاطف وليم اندرواس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.301‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬القطاع المالي والبنكي‪ :‬ويبدأ عادة بإزالة القيود على تدفقات االستثمار األجنبي ورفع الرقابة على تدفق‬
‫وانتقال رؤوس األموال في التجارة الخارجية في المدى القصير‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬اإلشراف الحذر على األسواق المالية‬

‫يخص التدخل الحكومي أو أن إنجاح سياسة التحرير المالي والبنكي يتطلب إشراف حكومي قوي من أجل‬
‫منع االنحرافات والمحافظة على انضباط السوق البنكية‪ ،‬وتفادي وقوع األزمات المالية والبنكية‪ ،‬ويهدف اإلشراف‬
‫الحذر على المؤسسات البنكية والمالية إلى االهتمام بإدارة المخاطر والتنبيه إليها‪ ،‬وضمان الشفافية واالهتمام‬
‫بأوضاع المالية للبنوك والمؤسسات المالية واالهتمام بالهيكل التنظيمي واإلداري لجهات الرقابة وتسهيل تدفق‬
‫المعلومات والتنسيق بين أنشطة إصدار القرار ومتابعة تنفيذه‪ ،‬واقامة هيئات رقابية إشرافية تتمتع باالستقاللية‬
‫وعلى رأسها البنك المركزي‪ ،‬وهذا كله بهدف تحقيق استقرار النظام المالي والبنكي‪ ،‬ولقد سعت لجنة "بازل"‬
‫للرقابة البنكية ‪ ،‬على التأكيد على ضرورة تعميق مفهوم اإلشراف الحذر وعملت منذ نشأتها على توحيد معايير‬
‫اإلشراف والرقابة على األنظمة البنكية لضمان االستقرار‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مكاسب ومخاطر سياسات التحرير المالي‬

‫اختلفت التوقعات واآلراء فيما يتعلق باآلثار المتوقعة لتحرير الخدمات‪ ،‬ولم يتم تفهم هذه التوقعات واآلراء‬
‫واالتجاهات إال إذا قمنا بإجراء نظرة كلية مركزة على طبيعة هيكل النظام المالي ثم عرض تلك التوقعات واآلراء‬
‫واالتجاهات وأخي ار محاولة استخالص أهم اآلثار االيجابية وكذلك اآلثار السلبية المتوقعة من منطلق التحليل‬
‫الموضوعي والمتعمق لتلك اآلثار كما يظهر من التحليل التالي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مكاسب التحرير المالي‬

‫إن حجم المكاسب المتوقعة لتحرير القطاع المالي يتوقف اقتصاديا عل ى مدى نجاح الدولة في تحقيق‬
‫استقرار االقتصاد الكلي‪ ،‬ومدى عمق إجراءات التحرير ‪ ،‬فضال عن طبيعة وأنماط تدفقات رؤوس األموال‬
‫األجنبية‪ ،‬والذي ال بد من اإلشارة إليه هو أوال أن المكاسب المتوقعة مبنية أساسا على اعتقاد وافتراضات مفداها‬
‫أن تحرير القطاع المالي سيؤدي إلى تغيير أنماط سلوكية على المستوى المؤسسي والمستوى العام في اتجاه‬
‫معين‪ ،‬ليؤدي هذا التغيير بدوره إلى تحقيق المكاسب‪ ،‬ثانيا ال يبدو أن هناك ما يؤكد أن كل تحرير للقطاع‬
‫المالي سيؤدي بالضرورة إلى تحقيق كل النتائج المتوقعة وبذات تحسين المستوى األداء االقتصادي وفي كل‬
‫األحوال يمكن إيجاز هذه المكاسب المحتملة في ما يلي‪:‬‬
‫‪61‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ .1‬رفع كفاءة القطاع المالي‪:‬‬


‫يعتقد أن إزالة القيود على القطاع المالي تعني إزالة التشوهات التي تعيق عمل هذا القطاع وبالتالي رفع‬
‫مستوى كفاءته‪ .‬بعبارة أخرى إن التحرير المالي يؤدي إلى تقليل تجزؤ األسواق المالية المحلية وزيادة تكامل‬
‫المراكز المالية الدولية وهذا يؤدي بدور إلى تحقيق كفاءة اكبر في األسواق المالية المحلية‪ ،‬وزيادة فرص وصول‬
‫المؤسسات المحلية إلى مصادر التمويل الدولية فضال عن ذلك‪ ،‬يؤدي التحرير المالي إلى تسعير الخدمات‬
‫المالية بشكل يتماشى واألسعار الدولي ة لهذه الخدمات‪ ،‬وتطوير مستواها وتحسين نوعيتها إتباع أساليب حديثة في‬
‫اإلدارة من خالل االحتكاك مع األسواق ا لمالية الدولية‪ ،‬من ناحية أخرى يساهم التحرير المالي في تنويع مصادر‬
‫أموال البنوك‪ ،‬وكذا تنويع مجاالت توظيفها واستخداماتها وذلك يعود بصفة أساسية إلى فتح مجاالت األنشطة‬
‫‪1‬‬
‫البنكية وتوسعها‪ ،‬حيث يصاحب موجة التحرير إعادة النظر في النظم اإلشرافية كمقررات لجنة بازل‪.‬‬

‫ويشجع التحرير المالي على رفع مستوى الشفافية والمصداقية‪ ،‬ألن صناع القرار سيضطرون إلى االلتزام‬
‫بمعايير اإلفصاح‪ ،‬ويتوقع نتيجة لذلك أن تنخفض المشاكل ذات العالقة مثل‪:‬‬

‫‪ ‬السيولة في األسواق المالية‪ ،‬من خالل تحسين الوظائف المرتبطة باألسواق المالية عن طريق ثالث‬
‫مسارات األول هو نجاعة وقدرة هذه األسواق لمنح مواد مقبولة والثاني هو تنويع المحفظة وأخي ار هي الخاصية‬
‫التي تفرضها األسواق على السياسات االقتصادية المنتهجة من طرف الدول والخاصة بالتفتح الداخلي والخارجي‬
‫‪2‬‬
‫لألسواق المالية التي تشتمل وتتحكم فيها الشمولية المالية‪.‬‬
‫‪ ‬االختيار غير السليم الذي يظهر في حالة عدم تماثل المعلومات في السوق قبل إتمام العملية المالية‪.‬‬
‫‪ ‬المخاطرة المالية التي تظهر في حالة عدم تماثل المعلومات في السوق بعد إتمام العملية المالية‪.‬‬
‫ولتحوط اتجاه الخطر المعنوي‪ ،‬فانه من الضروري االلتزام بتطبيق القواعد الرقابية والتنظيمية كإجراء عمليات‬
‫التدقيق المحاسبي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن كفاءة القطاع المالي ال تعتمد فقط على تطبيق إجراءات التحرير المالي‪ ،‬وانما‬
‫يجب القيام بمجموعة من اإلصالحات داخل القطاع المالي قبل االنفتاح على األسواق الدولية‪ ،‬ولقد أظهرت‬
‫الدراسات حول اإلصالحات المالية في دول أمريكا الالتينية انه كان من الضروري تأجيل االنفتاح على األسواق‬
‫األجنبية إلى أن تتم السيطرة على التضخم‪ ،‬ويصبح القطاع المالي المحلي اقدر على المنافسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Thomas fabre 0les bienfaits attendus de la globalisation financière 0revue gabiers français 0n°345 03009 0p 106 .‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ .0‬زيادة معدل النمو االقتصادي‪:‬‬


‫يفتح التحرير المالي المجال أمام الدول النامية للدخول لألسواق المالية الدولية‪ ،‬و بالتالي إمكانية الحصول‬
‫على الموارد المالية لسد فجوة نقص الموارد المحلية (قصور المدخرات المحلية) وذلك لتمويل االستثمارات‬
‫المحلية وبا لتالي زيادة معدالت النمو االقتصادي‪ ،‬وذلك استنادا إلى أفكار المدرسة الليبرالية الجديدة التي تتبناها‬
‫المؤسسات الدولية‪.‬‬

‫إن التجارة الدولية في الخدمات المالية تمثل مكسب آخر‪ ،‬ألنها تشجع تدفق رؤوس األموال الموجودة في‬
‫حالة فائض نحو الدول التي تملك الندرة‪ ،‬مما يؤدي إلى ارتفاع االستثمار في هذه الدول األخيرة ‪ ،‬إن الدول التي‬
‫تتميز بمعدالت ادخار عالي ومردود استثماري نسبيا ضعيفا يمكن أن تصدر رؤوس األموال والرفع من‬
‫‪1‬‬
‫عائداتها‪.‬‬

‫ومع قبولنا المبدئي لما سبق إال أنه يجب القول أن التحرير المالي وأثره على النمو االقتصادي‪ ،‬يعتمد‬
‫على طبيعة األموال المتدفقة من وا لى الدولة‪ .‬فإذا كانت هذه األموال عبارة عن استثمارات طويلة األجل فان‬
‫تأثيرها يكون ايجابي على النمو االقتصادي‪ ،‬أما إذا كانت استثمارات قصيرة األجل تسعى إلى العائد األعلى‬
‫الربح السريع فإنها ستؤدي إلى خلق فقاعات في أسواق األسهم والسندات والعقارات وتؤدي إلى عدم استقرار‬
‫االقتصاد المحلي‪ ،‬وبمجرد خروج هذه االستثمارات‪ ،‬إذا كان حجمها كبي ار تحدث أزمة مالية يتمخض عنها انهيار‬
‫أسعار الصرف في الدولة وانخفاض قيمة عملتها مما يضعف الثقة بها داخليا وخارجيا‪ ،‬وبالتالي لجوء الدول‬
‫لالقتراض من مصادر العالم الخارجي األمر الذي يسبب تراكم الديون الخارجية بما يوثر سلبا على النمو‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫‪ .0‬المساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬


‫يرتبط زيادة التنمية االقتصادية واالجتماعية بصورة مباشرة بمدى تطور الخدمات المالية ومدى تطور‬
‫سوق رأس المال‪ ،‬وهي القنوا ت المالية الرئيسية لتمويل المشاريع الجديدة ونمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬
‫التي تقوم في االقتصاديات الحديثة بتشغيل ثلثي القوى العاملة‪ ،‬لذلك تعتمد اإلستراتيجية الجديدة المدعومة من‬
‫طرف المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي لتحقيق التنمية االقتصادية بشكل أساسي على التحرير المالي‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫زايري بلقاسم‪ ،‬بلحسن هواري‪ ،‬اثر تحرير الخدمات المالية على النظام البنكي في الجزائر‪ ،‬مداخلة ضمن ملتقى شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الذي يسمح بتوفير الشروط المناسبة لتعبئة جيدة للموارد المالية التي يحتاجها االقتصاد النامي لتعويض النقص‬
‫الناجم عن الموارد المحلية‪.‬‬

‫ويتوقع أن يتأتى ذلك من خالل ما يكتسبه القطاع المالي على المدى الطويل بعد التحرير‪ ،‬من أدوات‬
‫وتقنيات مالية متطورة تمكنه من أن يقوم بتعبئة الموارد المالية والترويج لالستثمارات الجديدة من خالل مؤسسات‬
‫وأجهزة متخصصة وكفؤة‪ ،‬ويتوقع أن تسهم هذه األدوات والتقنيات في رفع كفاءة استثمار األموال المتوفرة‪ ،‬وفي‬
‫زيادة حجمها وأشكالها‪ ،‬وبالتالي الدفع إيجابا اتجاه التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫ويرى دعاة التحرير المالي انه ونتيجة الرتفاع النمو االقتصادي وتعبئة المدخرات وادارة المخاطر تصبح‬
‫فرص الوصول إلى االئتمان أمام المدخرين والمقرضين أفضل من قبل‪ ،‬حيث يزداد المعروض من االئتمان‬
‫لمستوى معين من الودائع بسبب االرتفاع في معدالت الفائدة‪ ،‬الذي يتبع عادة التحرير المالي‪ .‬وهذا يسفر عن‬
‫إتاحة مزيد من األموال القابلة لإلقراض أمام الفقراء وذوي الدخل المنخفض والمحدود مما يساهم في انخفاض‬
‫معدل الفقر‪.‬‬

‫‪ .2‬الحد من هروب األموال الوطنية للخارج‪:‬‬


‫إن إجراءات التحرير المالي المصحوبة ببرنامج الخوصصة‪ ،‬تخلق بيئة مشجعة لنشاط القطاع الخاص‬
‫وهذا سيؤدي إلى اجتذاب تدفقات كبيرة من رؤوس األموال التي يحتفظ بها المقيمون في الخارج‪ ،‬مما يعني الحد‬
‫من ظاهرة هروب رؤوس األموال‪ ،‬وهذا بدوره سيساهم في الحد من هروب رؤوس األموال في حالة اندالع‬
‫األزمات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المخاطر المتوقعة للتحرير المالي‬

‫إن المكاسب المتوقعة لتحرير القطاع المالي ال تأتي عادة دون أن تحمل في طياتها مخاطر قد تهز‬
‫االقتصاد بأكمله‪ ،‬والتي غالبا ما تظهر بشكل بارز في القطاع المالي المتلقي األول للصدمات المالية‪ ،‬لذلك من‬
‫األهمية عند اتخاذ قرار التحرير القيام بإصالحات هيكلية في القطاع المالي قبل القيام بعملية التحرير المالي‬
‫أل ن الدول النامية عانت الكثير تبعات التحول من سياسات الكبح المالي‪ ،‬واستعمال األدوات الرقابية المباشرة في‬
‫ظل تخطيط وتنفيذ مركزي‪ ،‬إلى مرحلة التحرير المالي واستخدام أدوات غير مباشرة وتقليص دور الدولة في إدارة‬
‫االقتصاد‪ .‬لقد تم هذا التحول في العديد من الدول قبل تهيئة اقتصادياتها لعمليات التحول وخلق البيئة المناسبة‬

‫‪64‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫من خالل وضع ضوابط وقواعد واجراءات جديدة تتالءم مع مقتضيات مرحلة ما بعد التحرير وتتلخص المخاطر‬
‫المتوقعة لتحرير القطاع المالي فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬التدفقات الرأسمالية المزعزعة لالستقرار‪:‬‬


‫أسهمت سياسات التحرير المالي في حدوث اضطرابات وأزمات مالية في العديد من الدول النامية ويعود‬
‫سبب اجتذاب هذه الدول إلى عملية التحرير المالي إلى اإلرشادات التي وجهت إليهم من المؤسسات المالية‬
‫الدولية‪ ،‬إال أنه لم يشر مستشاري هذه المؤسسات إلى مخاطر هذا االنفتاح الذي يمكن أن يتسبب في زعزعة‬
‫استقرار اقتصاديات الدول النامية‪ ،‬ويظهر هذا بوضوح عندما تكون االستثمارات المتدفقة قصيرة األجل‪ ،‬أو ما‬
‫يعرف باألموال الساخنة‪ ،‬وهي رؤوس األموال التي تنتقل من مركز مالي ألخر‪ ،‬ومن عملة ألخرى ألغراض‬
‫المضاربة ولالستفادة من فروق معدالت الفائدة واقتناص األرباح السريعة لالنكشاف بالنقد األجنبي‪.‬‬

‫إن وجود جوانب ضعف في القطاع المالي‪ ،‬وانخفاض فاعلية الرقابة‪ ،‬تشجع المؤسسات المالية المحلية‬
‫فيما يتعلق بالنقد األجنبي‪ ،‬ذلك ألن تحرير حساب رأس المال يشمل حرية تحويل العملة األجنبية إلى المحلية‬
‫وبالعكس‪ ،‬مما يحفز المؤسسات المحلية على تمويل أنشطتها من خالل االقتراض بالعملة األجنبية‪ ،‬ويؤدي‬
‫االنكشاف بالنقد األجنبي إلى تفاقم مشاكل الجهاز البنكي إذا انخفضت قيمة العملة المحلية ألن مثل هذا‬
‫االنخفاض قد يعوق قدرة بعض الجهات المقترضة على سداد الديون‪ .‬وللحد من خطر االنكشاف بالنقد األجنبي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫قامت دول كثيرة بالحد من مراكز العملة األجنبية الصافية المفتوحة للبنوك‪.‬‬

‫يمكن لتحرير تجارة الخدمات المالية أن يؤثر كذلك على االستقرار المالي بصورة غير مباشرة عن طريق‬
‫تأثيره على تدفقات رأس المال‪ ،‬وكما نعلم فان تحرير التجارة يحفز تدفقات رأس المال‪ ،‬ولكن على العكس من‬
‫ذلك فان التدفقات في فترات فقدان الثقة يمكن أن تجعل موقف المؤسسات المالية أسوء وبذلك تزيد درجة التأثير‬
‫على االقتصاديات الضعيفة والسياسات التنظيمية على االستقرار المالي‪ ،‬وفي الدول النامية على وجه التحديد‬
‫يكون حجم وعمق األسواق المالية محدودا وهو ما يمكن من زيادة األثر السلبي الناتج عن كبر حجم التدفقات‬
‫للخارج وفقدان الثقة‪ ،‬وذلك من خالل السلوك الجماعي من جانب المستثمرين الذين لم يألفوا بعد األسواق الجديدة‬
‫الناشئة نسبيا‪ ،‬ومع ذلك يمكن أن نالحظ أن حركات رأس المال تستجيب إلى عدم التوازن في المتغيرات‬

‫‪1‬‬
‫شذى يوسف عبد الحق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫االقتصادية والمالية وبذلك تقوى الحاجة إلى وضع سياسات سليمة لالقتصاديات الكلية والسياسات التنظيمية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫واألكثر من ذلك فانه من الواضح أن القدرة على التنبؤ بالسياسة تساهم في استقرار تدفقات رأس المال‪.‬‬

‫ومما تجدر اإلشارة إليه هو أن هذه السياسة ال تتعارض مع أهداف التحرير المالي الذي يفترض إلغاء‬
‫القيود على النقد األجنبية إذ أنها تعد نوعا من قواعد التنظيمية والضوابط لحماية الجهاز المالي من مخاطر‬
‫التعامل بالعملة األجنبية‪.‬‬

‫‪ .0‬انخفاض مستوى السيادة الوطنية في مجالي السياسة النقدية والمالية‪:‬‬


‫من المتوقع أن يحد تطبيق سياسات التحرير المالي من السيادة الوطنية للدولة في مجالي السياسة المالية‬
‫والنقدية ففي ظل حرية تدفق رؤوس األموال بحثا عن أعلى عائد وسعيا الغتنام فرص ارتفاع معدل الفائدة‬
‫المحلي‪ ،‬تفقد السلطات النقدية سيطرتها على الكتلة النقدية ومن المعلوم أنه في حال التثبيت والتعويم الموجه‬
‫لسعر الصرف يصبح النظير الخارجي لعرض النقد أكثر تقلبا أي أن الطلب على النقود المحدد محليا يصبح‬
‫أكثر حساسية للفروق في معدل الفائدة الدولي وذلك الرتباط معدالت الفائدة المحلية قصيرة األجل بالمعدالت‬
‫العالمية ومع توقعات الحركة قصيرة األجل في سعر الصرف وعليه فان محاولة البنك المركزي لتحديد معدالت‬
‫فائدة وأسعار صرف ال تتفق مع حالة تكافؤ معدل الفائدة‪ ،‬يمكن إن تؤدي إلى تدفقات كبيرة إلى الداخل و‬
‫الخارج وبناءا عليه فإن قدرة الدولة على استخدام السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف لتحقيق أهداف االقتصاد‬
‫الكلي ستصبح مقيدة بحجم حركة رؤوس األموال منها واليها‪.‬‬

‫والنتيجة المهمة التي يمكن أن تتحقق نتيجة العولمة المالية والتي تتم في إطار العولمة االقتصادية‬
‫والمتصلة بالدول النامية‪ ،‬وارتباطا بما تضمنه التحرير المالي التي يتم في ظل العولمة المالية والذي تضعف‬
‫معه قدرة الدولة على إتباع السياسات االقتصادية عموما والسياسات المالية والنقدية خصوصا‪ ،‬والتي يمكن أن‬
‫تساعدها على تعبئة الموارد المالية وتوجيهها نحو االستخدام في المجاالت االستثمارية واإلنتاجية التي يمكن أن‬
‫تسهم في تحقيق تطورها ونموها وخاصة في ظل ضعف درجة توجه الموارد نحو هذه المجاالت األساسية‬
‫والهامة لها في حاضرها وفي مستقبلها وخاصة إذا تم األخذ في عين االعتبار التوجه في استخدام األموال في‬
‫هذه العولمة المالية هو نحو مجاالت االستثمار المالي والمضاربة المالية وليس االستثمار العيني وبالشكل الذي‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد العال‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪26‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫ال يت م خالله اإلسهام في توفير التمويل لالستثمار العيني والنشاطات اإلنتاجية وهو األمر الذي يضعف معه‬
‫فرصة هذه الدول في تحقيق نموها وتطورها‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى إذا وقع االقتصاد الوطني في يد المضاربين العالميين فان البنوك المركزية في العالم ال‬
‫تستطيع أن تفعل الكثير تجاه هؤالء الفاعلون غير الرسميون حيث اتضح أ ن كافة البنوك المركزية في العالم لو‬
‫اجتمعت فيما بينها على اتخاذ موقف معين لحماية عملة ما في مواجهة هجوم المضاربين فان أقصى ما يمكن‬
‫أن تجمعه هذه البنوك المركزية حوالي ‪ 21‬مليار دوالر يوميا مقارنة بحوالي ‪ 900‬مليار دوالر يستطيع أن‬
‫يضخها المضاربون العالميون في السوق وهذا يعني أن إمكانياتهم تفوق ‪ 11‬مرة البنوك المركزية الموجودة في‬
‫العالم مجتمعة مع العلم أن األموال التي يضارب بها المضاربون يوميا وصلت إلى أكثر من ‪ 23‬تريليون‬
‫دوالر‪.1‬‬

‫من جهة أخرى فإن التحرير المالي يقتضي التخلي عن األدوات المباشرة للسياسة النقدية بما فيها تثبيت‬
‫معدالت الفائدة وتوجيه القروض إلى قطاعات محددة ‪ ،‬واستخدام األدوات غير مباشرة المعتمدة أكثر على آليات‬
‫‪2‬‬
‫السوق مثل استخدام عمليات السوق المفتوح‪ ،‬وسعر الخصم‪ ،‬ومعدل االحتياطي‪.‬‬

‫‪ .0‬تزايد مخاطر أنشطة غسيل األموال‪:‬‬


‫يالحظ مع تزايد العولمة المالية المقرونة بالتحرير المالي زادت عمليات غسيل األموال القذرة حتى وصل‬
‫حجم األموال التي يتم غسلها في أنحاء العالم سنويا حوالي ‪ 100‬مليار دوالر وهو ما يعادل ‪ %3‬من الناتج‬
‫المحلى العالمي‪ ،3‬ومصدر هذه األموال القذرة يأتي من األنشطة غير المشروعة التي تمارس من خالل ما يسمى‬
‫باالقتصاد الخفي وأ هم هذه األنشطة هي االتجار بالمخدرات واالتجار في األسلحة المحظورة واالتجار في السوق‬
‫السوداء للسلع الهامة واإلستراتيجية والعموالت والرشاوى واالختالسات واألموال الناتجة عن الفساد اإلداري‬
‫والسياسي والقروض البنكية المهربة والدعارة وتجار الرقيق والسرقات‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ .1.0‬التعريف بغسيل األموال‪ :‬هناك العديد من التعاريف ونذكر البعض منها على سبيل المثال‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫شذى يوسف عبد الحق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد المنعم محمد الطيب حمد النيل‪ ،‬العولمة وأثارها على النشاط المصرفي‪ ،‬ملتقى الشلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫خبابة عبد اهلل ‪ ،‬باللطة مبارك‪ ،‬تأثير ظاهرة غسيل األموال على مصادر تمويل اقتصاديات البلدان النامية ‪ ،‬مداخلة قدمت ضمن الملتقى الدولي حول‬
‫سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬القانون األمريكي لسنة ‪2699‬م اعتبر أن غسيل األموال هو كل عمل يهدف إلى إخفاء طبيعة أو‬
‫مصدر األموال الناتجة عن النشاطات اإلجرامية‪.‬‬
‫‪ ‬فريق العمل المالي التابع لألمم المتحدة‪ " :‬المال المغسول هو ذلك المال الناتج عن االتجار بالسالح‬
‫والتهرب من الضرائب والجمارك وغيرها ‪...‬الخ"‪.‬‬
‫‪ ‬يعرفها " ‪ " Ronald claver‬بأنه "استعمال األموال في أسلوب معين من أجل إخفاء مصدرها"‪.‬‬
‫‪ .0.0‬خصائص عمليات غسيل األموال‪ :‬من التعاريف السابقة نستنتج جملة من الخصائص لظاهرة غسيل‬
‫األموال‪:‬‬

‫‪ ‬إن عملية غسيل األموال تعد أنشطة مكملة ألنشطة رئيسية سابقة‪ ،‬أسفرت عن تحصيل كمية من‬
‫األموال غير المشروعة غالبا‪ ،‬أي األموال القذرة الناتجة من االقتصاد الخفي‪.‬‬
‫‪ ‬تتسم عمليات غسيل األموال بسرعة االنتشار الجغرافي للعولمة‪ ،‬إذ أنها بعد أن ظلت متمركزة في عدد‬
‫محدود من الدول نجدها في ظل العولمة انتشرت جغرافيا بشكل كبير في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء‪،‬‬
‫في جنوب شرق آسيا وأمريكا الالتينية وافريقيا‪ ،‬ودول شرق أوروبا وجمهوريات االتحاد السوفيتي سابقا مجاال‬
‫خصبا لنمو تلك العمليات‪.‬‬
‫‪ ‬إن عمليات غسيل األموال في ظل العولمة أصبحت تمتد أفقيا‪ ،‬مستغلة في ذلك مناخ التحرر‬
‫االقتصادي والمالي‪ ،‬ومعنى ذلك أن عمليات غسيل األموال كانت بدايتها محلية امتدت لتكتسب أبعادا عالمية أو‬
‫دولية‪.‬‬
‫‪ ‬يزداد االتجاه نحو عمليات غسيل األموال دوليا مع ازدياد االتجاه لتحرير التجارة العالمية‪ ،‬حيث تستغل‬
‫عمليات فتح الحدود والتحرر من القيود في نقل األموال القذرة‪ ،‬لتكون أكثر أمانا في دول أخرى غير التي‬
‫مورست على أرضها األنشطة الخفية غير المشروعة‪ ،‬وقد لوحظ ذلك مع قيام االتحاد األوروبي وتوسيعه‪ ،‬وانشاء‬
‫منظمة دول أمريكا الشمالية (النافتا)‪ ،‬وتزايد تحرير التجارة السلعية والخدمات وخاصة الخدمات المالية والبنكية‪.‬‬
‫‪ ‬ترتبط عمليات غسيل األموال بعالقة طردية بعمليات التحرر االقتصادي والذي نتج عنه توسع القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬فحسب تقرير البنك الدولي لسنة ‪ 2669‬م"إن نمو القطاع الخاص ازداد معه احتمال فتح مسالك جديدة‬
‫لإلجرام الخاص‪ ،‬وما تؤدي إلى زيادة غسيل األموال‪.‬‬
‫‪ ‬تتواكب عمليات غسيل األموال مع الثورة التكنولوجية والمعلوماتية حيث تشهد تلك العمليات تطو ار كبيرا‬
‫في تقنياتها‪ ،‬مدفوعة في ذلك بالتزايد الكبير في حجم تلك األموال‪ ،‬والمتحصالت الناتجة عن األنشطة الخفية‬

‫‪68‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫وغير المشروعة‪ ،‬وكذلك بالتطور في الوسائل التكنولوجية المستخدمة في نقل األموال وتحويلها عبر الحدود‪.‬فبعد‬
‫أن كانت تستخدم في األعمال الخيرية‪ ،‬أخذت في ظل العولمة تستعمل في المضاربة على العموالت‪ ،‬وشراء‬
‫العقارات والمعادن النفيسة‪ ،‬بل وصلت إلى البورصات لشراء األسهم والسندات واقامة المشروعات االستثمارية‪،‬‬
‫أي دخلت في عصب االقتصاد الرسمي‪.‬‬
‫‪ ‬إن عمليات غسيل األموال تتم من خالل خبراء مختصين على علم بقواعد الرقابة واإلشراف في الدول‪،‬‬
‫وما يوجد بها من ثغرات يمكن النفاذ منها‪ ،‬وعلى علم بفرص االستثمار ومجاالت والتوظيف واألصول التي توفر‬
‫األمان لهذه األموال‪ ،‬ومعنى ذلك أن لعمليات غسيل األموال متخصصين في ارتكاب الجرائم واألنشطة الخفية‬
‫غير المشروعة التي نتجت عنها‪.‬‬
‫وبوجه عام ظاهرة غسيل األموال هي إعادة تدوير األموال الناتجة عن األعمال غير الشرعية في مجاالت‬
‫وقنوات استثمارية شرعية إلخفاء المصدر الحقيقي لهذه األموال‪ ،‬ولتبدوا كما لو كانت قد تولدت من مصدر‬
‫مشروع ‪ .1‬ويستخدم الجهاز البنكي كوسيلة لعمليات غسيل األموال‪.‬‬

‫ويستخدم الجهاز البنكي كوسيط لعمليات غسيل األموال‪ ،‬حيث تمر عمليات غسيل األموال بثالثة مراحل‬
‫هي مرحلة اإلبداع النقدي ثم مرحلة التعتيم ثم مرحلة التكامل مع األخذ في االعتبار أن غسيل األموال يؤثر‬
‫تأثي ار سالبا على االقتصاد الوطني وقد بدأت مواجهة عالمية لتلك الظاهرة من خالل الحكومات والمنظمات‬
‫المختلفة ومجموعة الدول السبع الكبرى وتقوية أوجه التعاون الدولي في هذا المجال ويتضمن غسيل تحويل أرباح‬
‫الجريمة إلى تكتل يمكن استخدامه واخفاء أصوله غير المشروعة‪ ،‬فبعد إدخال األموال المحصلة من الجريمة إلى‬
‫النظام المال يتم إخفاؤها (غسيلها) من خالل تشكيلة متنوعة من المعامالت واألدوات المالية المختلفة وتستثمر‬
‫في النهاية أصول مالية وما يتعلق بها وكثي ار ما تتضمن هذه العمليات طبقات فوق بعضها البعض‪ ،‬أي إخفاء‬
‫مصدر هذه األموال فبعد موجة التحرير المالي المحلي والدولي تعرضت العديد من الدول النامية إلـى موجات‬
‫من دخول األموال غير مشروعة وحرية دخول وخروج األمـوال عبر الحدود الوطنية وانفتاح السوق المحلي أمام‬
‫المستثمرين األجانب وبذلك انفتحت قنوات أخرى لغسيل األموال‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ومن بين اآلثار السلبية لغسيل األموال على االقتصاد الكلي و متغيراته نذكر‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫عبد الفتاح بيومي حجازي‪ ،‬النظام القانوني لحماية التجارة اإللكترونية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3003 ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪2‬‬
‫رماي عبد الوهاب‪ ،‬سماي علي‪ ،‬العولمة المالية وأثارها على اقتصاديات الدول النامية‪ ،‬مداخلة مقدمة ضمن الملتقى الدولي حول سياسات التمويل و‬
‫أث رها على االقتصاديات والمؤسسات حالة الجزائر والدول النامية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬انتشار الفساد اإلداري في النظام البنكية‪.‬‬


‫‪ ‬إضعاف هيبة الدولة وتشجيع التهرب من تنفيذ القوانين‪.‬‬
‫‪ ‬انتشار وتوسع الجريمة بكافة أشكالها االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬فقدان الثقة في السوق المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬تحويل اتجاه المستثمرين إلى نشاطات إجرامية بأرباح مرتفعة‪.‬‬
‫‪ ‬التهرب الضريبي من دخول األموال المغسولة وخسارة في اإليرادات العامة للدولة‪.‬‬
‫لذلك يجب تطبيق تشريع يوفر اإلطار القانوني العام ويقرر التزامات التي تقرها الخدمات المالية‪ ،‬وأن‬
‫يجرم هذا التشريع غسيل األموال لعقوبات متدرجة بشكل مناسب لهذا‪:‬‬

‫يتعين على المؤسسات المالية أن تبذل جهودا معتبرة لتجنب التعامل مع العناصر اإلجرامية‪ ،‬إذ يجب‬
‫التحقيق من هوية العمالء والوضع القانوني لهم خاصة العمالء الجدد‪.‬‬
‫يجب أن تساند هذا التشريع تدابير لضمان أن ال يتوصل المجرمون للسيطرة على مؤسسات مالية‪.‬‬
‫يتعين على المؤسسات المالية أن تنشئ أنظمة تتعرف على المعامالت غير العادية أو المثيرة للشك‬
‫وتبلغ عنها‪ ،‬ويقتضي األمر أن تدرك المؤسسات المالية ذاتها مدى خطورة اإلبالغ عن المعامالت غير العادية‪.‬‬
‫إضافة إلى هذا فقد قام صندوق النقد الدولي بتشكيل فريق خاص عام ‪2669‬م لوضع إجراءات مضادة‬
‫لظاهرة غسيل األموال ومحاربتها‪ ،‬وأكد أن النظام المالي السليم شرط أساسي الستقرار االقتصاد الكلي و النمو‬
‫االقتصادي المستدام وبدأ صندوق النقد الدولي يدرج موضوعات جهود مكافحة غسيل األموال في عمله شأن‬
‫األنظمة المالية‪ ،‬وفي أفريل من عام ‪3002‬م وافق المجلس التنفيذي للصندوق على سلسلة من المبادرات في‬
‫هذا المجال‪.‬‬

‫‪ .2‬تزايد حدوث األزمات المالية‪:‬‬


‫حيث يمكن تعريف األزمة المالية على أنها انهيار مفاجئ في سوق األسهم‪ ،‬أو في عملة دولة ما‪ ،‬أو في‬
‫سوق العقارات أو مجموعة من المؤسسات المالية‪ ،‬لتمتد بعد ذلك إلى باقي االقتصاد‪ ،‬ويحدث مثل هذا االنهيار‬
‫المفاجئ في أسعار األصول نتيجة انفجار فقاعة سعرية مثال‪ ،‬وهي بيع وشراء كميات ضخمة من نوع أو أكثر‬
‫‪1‬‬
‫من األصول المالية أو المادية كاألسهم أو المنازل بأسعار تفوق أسعارها الطبيعية أو الحقيقية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مفتاح صالح‪ ،‬معارفي فريدة‪ ،‬أزمة النظام المالي العالمي وبديل البنوك اإلسالمية ‪ ،‬مداخلة مقدمة ضمن الملتقى الدولي الثاني المعنون األزمة المالية‬
‫الراهنة والبدائل المالية والمصرفية‪ ،‬النظام البنكي اإلسالمي نموذجا‪ ،‬جامعة خميس مليانة‪ ،‬الجزائر يومي ‪ 1‬ـ ‪ 9‬ماي ‪.3006‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫أو هي تلك التذبذبات العميقة التي تؤثر كليا أو جزئيا على مجمل المتغيرات المالية‪ ،‬وعلى حجم اإلصدار‬
‫وأسعار األسهم والسندات‪ ،‬واجمالي القروض والودائع البنكية ‪ ،‬ومعدل الصرف‪ ،‬وتعبر على انهيار شامل في‬
‫النظام المالي والنق دي وتبرز الخصائص األساسية لألزمة المالية في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ ‬حدوثها بشكل عنيف ومفاجئ‪ ،‬واستقطابها الهتمام الجميع‪.‬‬


‫‪ ‬التعقيد والتشابك والتداخل في عواملها وأسبابها‪.‬‬
‫‪ ‬نقص المعلومات الكافية عنها‪.‬‬
‫‪ ‬تصاعدها المتواصل يؤدي إلى درجات عالية من الشك في البدائل المطروحة لمجابهة األحداث‬
‫المتسارعة‪.‬‬
‫ويمكن القول أن من أهم اآلثار السلبية للعولمة المالية هي تلك األزمات القوية التي يتعرض لها الجهاز‬
‫البنكي في عدد من دول العالم‪ ،‬حيث تشير بعض الدراسات إلى انه خالل الفترة ‪ 2690‬م‪2669-‬م حدثت‬
‫أزمات في الجهاز البنكي في ما ال يقل عن ثلث الدول األعضاء في صندوق النقد الدولي‪ ،‬حيث تصاعدت‬
‫أزمات البنوك في الواليات المتحدة األمريكية وكندا وشمال أوربا وجنوب شرق آسيا وافريقيا وأمريكا الالتينية‪،‬‬
‫فضال عن األزمات التي واجهتها بنوك روسيا ودول شرق ووسط أوروبا وقد حدثت كل تلك األزمات في ظل‬
‫العولمة مع األ خذ في االعتبار إن تلك األزمات كان لها تأثي ار شديدا على مجمل االقتصاديات الوطنية التي‬
‫حدثت فيها بل وامتد تأثيرها السلبي على الجهاز البنكي في بالد أخرى غير التي حدثت فيها األزمة و لذلك‬
‫طرحت تلك األزمات بقوة ضرورة التحويط لكل هذه األزمات وأهمية وضع نظام لإلنذار المبكر يعتمد على‬
‫تطوير مجموعة من المؤشرات التي تحذر من األزمة قبل وقوعها‪.‬‬

‫وقدا ثبتت إحدى الدراسات الحديثة التي قام بها" ‪ "unt and detriache‬عام ‪2666‬م والتي أجريت على‬
‫‪ 91‬دولة خالل الفترة من ‪ 2690‬م‪2661-‬م انه هناك عالقة وطيدة بين إجراءات العولمة المالية وأزمة الجهاز‬
‫البنكي التي حدثت في هذه الدول وقد أوضحت األزمة التي اندلعت في جنوب شرق أسيا في صيف ‪2661‬م‬
‫كيف تؤثر العولمة المالية من خالل تحرير حساب رأس المال والتمادي في االقتراض الخارجي واعطاء قروض‬
‫دون دراسة وضوابط وعرف بنكي واالنفتاح دون ضوابط على األسواق المالية العالمية مما أدى إلى اندالع أزمة‬
‫الجهاز البنكي‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫ولم تستثني هذه األزمات من مخاطرها حتى الدول المتقدمة كبريطانيا‪ ،‬وغيرها وكذلك أمريكا التي برزت‬
‫فيها األزمة المالية األخيرة‪ ،‬األهم واألوسع في هذه األزمات‪ ،‬وهو األمر الذي أدى إلى ظهور إمكانات حقيقية‬
‫لحصول مثل هذه األزمات ومخاوف اكبر من احتماالت تكرر حصولها‪ ،‬واتساع مداها‪ ،‬وما يرتبط منها بسلبيات‬
‫ال تقتصر على الخسائر الضخمة التي تلحق بالمتعاملين في األسواق المالية والنقدية فحسب‪ ،‬بل وانما تمتد‬
‫لتتضمن تحقق أضرار وسلبيات تلحق بعمالت الدول‪ ،‬واقتصادياتها‪ ،‬حيث إن بدايات ظهورها يدفع باألموال إلى‬
‫الهروب من الدولة‪ ،‬أو الدول التي تحصل فيها مثل هذه األزمات‪ ،‬وبالشكل الذي يعمق ويوسع من األزمة‪ ،‬ويزيد‬
‫من أضرارها السلبية ال على الدولة أو الدول المعنية‪ ،‬وانما يمكن أن يمتد هذا األثر إلى دول عديدة‪ ،‬بل انه قد‬
‫يمتد إلى كافة الدول ‪ ،‬ونتيجة للعولمة المالية وما تضمنته من تحرير مالي‪ ،‬ومن خفض لقدرات الدول على اتخاذ‬
‫السياسات التي يمكن أن تحد من األضرار واآلثار السلبية عند حصولها‪ ،‬والتي يمكن أن تمنع أو تقلل من‬
‫إمكانية حصول هذه األزمات وبحكم الترابط األكثر مدى واألسرع في ضل العولمة االقتصادية نتيجة التوسع في‬
‫استخدام التطورات التقنية وبالذات في مجال االتصاالت والمعلومات‪ ،‬وهذا من خالل التوسع في استخدام‬
‫الحاسوب‪ ،‬واالنترنت‪ ،‬وغيرها والتي تم فيها االندماج بينهما بحيث تتسارع‪ ،‬وتزداد وتتسع مدى الترابط بين أجزاء‬
‫‪1‬‬
‫العالم ودوله بدرجة كبيرة‪.‬‬

‫‪ 2.1‬أسباب األزمات المالية‬

‫وعلى مدار سنوات طويلة قامت دراسات متعددة برصد مجموعة من األسباب التي تسببت في وقوع أزمات‬
‫مالية كثيرة وكانت األزمة تقع بفعل سبب واحد مباشر أو أكثر من سبب تتجمع مع بعضها لتؤدي إلى وقوع‬
‫‪2‬‬
‫األزمة المالية ومن أهم هذه األسباب نجد‪:‬‬

‫‪ .1‬القيود غير الكافية على عمليات االئتمان‪ :‬إن منح القروض ضمن قيود غير كافية وشروط ال تكفل عمليات‬
‫السداد لهذه القروض‪ ،‬كان من ضمن األسباب التي أدت إلى بعض األزمات المالية وقد كان هذا األمر واضحا‬
‫وجليا في بعض البنوك الحكومية حيث تخضع عمليات االئتمان ومنح القروض في هذه البنوك إلى سياسات‬
‫وتوجيهات حكومية تحكمها األهداف السياسية وأهداف بعض أصحاب المصالح‪ ،‬وكان هذا يؤثر بشكل واضح‬
‫على كفاءة هذه البنوك وربحيتها وقد عانت بعض البنوك الحكومية من تعثر بعض القروض التي كانت قد‬
‫منحت إلى مؤسسات متعثرة باألساس لمساعدتها على الخروج من أزماتها كما عانت بعض البنوك من تعثر‬

‫‪1‬‬
‫فليح حسن خلف‪ ،‬العولمة االقتصادية‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬األردن‪ ،3020 ،‬ص ص ‪.262،261‬‬
‫‪2‬‬
‫يوسف أبو فارة‪ ،‬األزمات المالية واالقتصادية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪ ،3021 ،‬ص ص ‪.11 ،11‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫بعض القروض التي تم منحها لمسؤولين في هذه البنوك كالمديرين وأعضاء مجالس اإلدارة دون تقييم موضوعي‬
‫وكاف لمخاطر هذه القروض وهو ما يسمى بالتربيط في القروض‪.‬‬
‫‪ .0‬ضعف نظام الصرف‪ :‬إن ضعف نظم الصرف في بعض الدول كان من أسباب األزمات المالية حيث أن‬
‫ضعف هذه النظم كان يقود إلى تفاقم عمليات المضاربة وكان يؤثر على النظم البنكية في تلك الدول وعدم‬
‫الصمود أمام الهزات والصدمات المالية وما يتصل بها من جوانب على المستوى المؤسسات وعلى مستوى‬
‫االقتصاد الكلي‪.‬‬
‫‪ .0‬ضعف الوالء والمسؤولية تجاه المؤسسات‪ :‬إن بعض األزمات المالية كان مصدرها ضعف الوالء والمسؤولية‬
‫لدى كبار المسؤولين نحو مؤسساتهم حيث كان هؤالء المسؤولين ال يقومون بكل ما يلزم للتصدي للمخاطر‬
‫المتزايدة التي تواجه مؤسساتهم وكان األمر أكثر سوءا في ظل وجود بعض الفساد بالتزامن مع ضعف الوالء‬
‫والمسؤولية‪.‬‬
‫‪ .2‬ضعف األطر القانونية والتشريعية الخاصة بالقطاعات المالية والبنكية‪ :‬ظهرت بعض األزمات المالية في‬
‫بعض الدول بسبب الضعف الواضح وتدني الوضوح في كثير من األطر القانونية والتشريعية الخاصة‬
‫بالقطاعات المالية والبنكية في تلك الدول وقد أدى ضعف األطر المذكورة إلى ضعف اإلشراف والرقابة على‬
‫المؤسسات المالية البنكية وأدى إلى تدني فاعلية أنشطة السوق‪.‬‬
‫‪ .1‬ضعف نظم المحاسبة واإلفصاح‪ :‬كان لضعف نظم المحاسبة وا إلفصاح دور واضح في تراكم األسباب التي‬
‫أدت إلى تفجر أزمات مالية في بعض الدول‪ ،‬وقد أكدت بعض الدراسات على أن ضعف النظم المذكورة كان له‬
‫تأثيرات واضحة في معدالت الربحية وعدم التقييم السليم للجدارة االئتمانية لكثير من المقترضين‪.‬‬
‫‪ .6‬انتشار المخاطر األخالقية والمعنوية في األسواق المالية والبنكية‪ :‬وقعت بعض األزمات المالية نتيجة‬
‫أسباب كان من أهمها المخاطر األخالقية والمعنوية‪ ،‬وكان يترتب على هذه المخاطر حصول بعض األطراف‬
‫ذات العالقة على بيانات ومعلومات أكثر من األطراف األخرى ذات العالقة وهذا كان يجعل هذه األخيرة التي‬
‫يتوافر لديها بيانات ومعلومات أقل غير قادرة على تقدير وتقييم المخاطر بدرجة كافية حيث تكون قدراتها في‬
‫ذلك أقل من قدرة األطراف التي يتوافر لديها بيانات ومعلومات أكثر عن األسواق المالية و البنكية وأوضاعها‬
‫وكان يقود إلى ق اررات غير سليمة كانت تنعكس سلبا على األسواق وكانت مصد ار أساسيا لألزمات المالية‬
‫‪ .7‬ضعف االستعداد للتعاطي مع التحرير المالي‪ :‬إن ضعف االستعداد للتعامل بفاعلية وكفاءة مع عمليات التحرير‬
‫المالي التي شهدتها بعض الدول كان سببا من أسباب وقوع أزمات مالية في هذه الدول‪ ،‬حيث أن التحرير المالي‬
‫ينجم عنه أوضاع وظروف جديدة تتطلب إجراءات وسياسات واستراتيجيات مختلفة وقد عانت بعض الدول من عدم‬

‫‪73‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫تأقلمها وعدم استعدادها الكافي للتعاطي مع عمليات التحرير المالي كما يجب خصوصا في ظل بقاء مسؤولي مرحلة‬
‫ما قبل عمليات التحرير المالي قائمين على األوضاع في ظل التحرير المالي فكانت تتوافر لدى هؤالء المسؤولين‬
‫خبرات كافية في مجال سياسات الكبح المالي لكن كانت تتقصهم الخبرات المطلوبة للعمل بنجاح في ظل سياسات‬
‫التحرير المالي‪.‬‬
‫‪ .1‬االنهيار في أسعار األصول المالية ‪ :‬وقد كان هذا االنهيار من ضمن األسباب الجوهرية التي شهدت بعض‬
‫الدول انهيا ار كبي ار في أسعار األصول المالية بفعل عوامل متعددة‪ ،‬تسببت في أزمات مالية في تلك الدول‪.‬‬
‫‪ .1‬التقلبات الحادة على مستوى االقتصاد الكلي‪ :‬وقعت عدة أزمات مالية في دول متعددة بفعل التقلبات االقتصادية‬
‫الكلية الحادة خصوصا تلك المرتبطة بالتضخم والبطالة وتقلبات شروط التبادل الدولي والتغيرات في أسعار الصرف‬
‫واالنخفاض الحقيقي لمعدل نمو الصادرات‪ ،‬وعجز مالي متزايد‪ ،‬النمو السريع في االعتمادت المالية المحلية كنسبة‬
‫مؤوية من الناتج الوطني اإلجمالي‪ ،‬ارتفاع نسبة القروض غير المنتجة إلى إجمالي القروض‪ ،‬نمو الديون الخارجية‬
‫‪1‬‬
‫وزيادة الديون من العمالت األجنبية وغير ذلك من عوامل ذات عالقة‪.‬‬
‫‪ 0.2‬أنواع األزمات المالية‬

‫ويمكن التطرق إلى أهم أنواع األزمات المالية كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬األزمة البنكية‪ :‬تحدث األزمة البنكية عندما تصبح البنوك في حالة إعسار مالي أو في حالة عدم توفر السيولة‬
‫الالزمة‪ ،‬ويتطلب األمر التدخل من البنك المركزي من أجل ضخ األموال لهذه البنوك أو إعادة هيكلة النظام البنكي‪،‬‬
‫ويمكن أن تكون األزمة البنكية أزمة سيولة أزمة‪ .‬إن األزمة البنكية تنجم عندما يواجه البنك ارتفاعا مفاجئا وتزايدا‬
‫كبي ار في الطلب على سحب الودائع‪ ،‬فالبنك يستخدم نسبة كبيرة من هذه الودائع في عمليات اإلقراض والتشغيل‪،‬‬
‫ويحتفظ بنسبة محددة من هذه الودائع لتلبية طلبات السحب اليومية المعتادة‪ ،‬ويواجه البنك أزمة بنكية حقيقية عندما‬
‫يواجه هذا االرتفاع المفاجئ والتزايد الكبير في الطلب على سحب الودائع والتي تتجاوز النسبة المعتادة للسحب‪،‬‬
‫فتحدث األزمة في هذا البنك في صورة أزمة سيولة‪ ،‬وعندما تتفاقم هذه األزمة وتمتد إلى البنوك األخرى فان هذه‬
‫األزمة تصبح أزمة بنكية في تلك الدولة أو مجموعة الدول‪2 ،‬وليس بالضرورة أن تكون األزمة البنكية هي أزمة‬
‫سيولة‪ ،‬فهذه األزمة قد تكون أزمة ائتمان (إقراض) وتحدث هذه األزمة عندما تمتنع البنوك عن إعطاء القروض‬
‫ومنحها للزبائن تخوفا من عدم القدرة على تلبية طلبات السحب‪.‬‬

‫‪1‬عبد الحكيم مصطفى الشرقاوي‪ ،‬العولمة المالية و إمكانيات التحكم عدوى األزمات المالية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،3001 ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬الديون البنكية المتعثرة واألزمة المالية البنكية العالمية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3006 ،‬ص ص ‪.260 ،296‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ .0‬أزمات أسواق األوراق المالية‪ :‬تنجم أزمة أسواق المال ك نتيجة الرتفاع أسعار األصول ارتفاعا يفوق القيمة‬
‫العادلة لهذه األصول وبصورة غير مبررة‪ ،‬وهذا االرتفاع يعرف بظاهرة الفقاع" ‪ ،"bubbl‬ويحدث هذا االرتفاع غير‬
‫العادل في أسعار األصول(األسهم) عندما يكون الدافع للشراء هو تحقيق الربح الذي ينجم عن ارتفاع األسعار وليس‬
‫عن قدرة هذه األصول على تحقيق الدخل‪ .‬وتحدث أزمة أسواق المال عندما يتعاظم االتجاه نحو بيع األسهم (التي‬
‫تعبر عن هذه األصول) فتبدأ األسعار في التراجع والهبوط‪ ،‬وتحدث حالة االنهيار‪ ،‬وتمتد أثار ذلك إلى أسعار‬
‫األسهم األخرى‪ ،‬وهذه اآلثار تشمل هذه الصناعة وربما تمتد أيضا إلى الصناعات األخرى‪.‬‬
‫‪ .0‬أزمات العملة وأسعار الصرف‪ :‬تحدث أزمة سعر الصرف عندما تتغير قيمة عملة الدولة بالتخفيض‪ ،‬كما تحدث‬
‫هذه األزمة عند فقدان حجم كبير من االحتياطيات الدولية للدولة‪ .‬وتنجم أزمة العملة عن حدوث تحركات مفاجئة‬
‫وتغيرات سريعة وكبيرة وحادة في أسعار الصرف وفي تدفقات رأس المال بصورة تؤدي إلى تأثير جوهري في قدرة‬
‫العملة على تأدية دورها كمخزن للقيمة أو كوسيط للتبادل‪ ،‬وهذه األزمة تحدث عندما تقوم السلطات النقدية باتخاذ‬
‫ق اررات تقضي بخفض سعر العملة كنتيجة لعمليات المضاربة‪ ،‬وقد يقود األمر إلى انهيار جوهري لسعر العملة‪.‬‬
‫ومع أن الق اررات المتعلقة بتعويم العملة أو خفض السعر صرف العملة هي ق اررات تتخذها السلطات النقدية في‬
‫الدولة بصورة طوعية‪ ،‬غير أن هذه الق اررات تكون ق اررات مهمة وجوهرية في كثير من الظروف خصوصا في حالة‬
‫القصور في تدفقات رأس المال الجانبي وفي حالة ت زايد في التدفقات الخارجية‪ .‬إن هذا النوع من األزمات قد تؤدي‬
‫إلى بعض التأثيرات على القطاعات األخرى‪ ،‬وقد تؤدي إلى تباطؤ النمو االقتصادي والى انكماش قد يقود إلى‬
‫الكساد‪.‬‬

‫تنشا الفقاعات في السوق المالي عندما تستمر المضاربة على أصول معينة لترتفع أسعارها ارتفاعا كبي ار يفوق بأضعاف سعرها األصلي لتصل بعدها إلى‬ ‫‪‬‬

‫حد معين ال تتحمله السيولة المتوفرة‪ ،‬وتنفجر الفقاعة وتنزل األسعار بسقوط حر‪ ،‬بحيث تنتج حالة الكساد وفقدان الثقة في المؤسسات المالية التي تصبح‬
‫عاجزة عن تلبية طلبات المودعين‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المبحث الرابع‪ :‬اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية وأثرها في انتشار عولمة النشاط المالي والبنكي ‪.‬‬

‫تعتبر االتفاقية العامة لتجارة الخدمات "‪ "GATS‬أحد أهم النتائج التي أسفرت عنها جولة أوروجواي وهي‬
‫الجولة الثامنة الشهيرة في منظومة تحرير التجارة الدولية من خالل االتفاقية العامة للتعريفة والتجارة "‪،"Gatt‬‬
‫والتي كشفت بعد مفاوضات شاقة استمرت حوالي ثمانية سنوات عن عدة نتائج هامة من أهمها إنشاء منظمة‬
‫التجارة العالمية في أول يناير ‪2661‬م وتوقيع االتفاقية العامة لتجارة الخدمات‪ ،‬حيث ظهر قطاع الخدمات‬
‫بطريقة مباشرة بترسيخ إطار متعدد األطراف والمبادئ للتجارة الخدماتية وكل فروع القطاع وتوسيع هذه التجارة‬
‫وفق شروط الشفافية وتمت المصادقة علية في ديسمبر ‪2661‬م‪ 1،‬بموافقة ‪ 10‬دولة على أن يبدأ سريان االتفاقية‬
‫بأكملها عام ‪2666‬م‪.‬‬

‫وقد شملت االتفاقية العامة لتجارة الخدمات عدة أنواع من الخدمات كان من أهمها الخدمات المالية وعلى رأسها‬
‫الخدمات البنكية‪ ،‬مما ادخل البنوك في ظل االتجاه نحو التحرير المالي إلى ما يسمى العولمة البنكية‪ ،‬بكل‬
‫آثارها وتحدياتها على الجهاز البنكي في أي دولة‪ ،‬ومن ثم أصبح من الضروريات الملحة على الجهاز البنكي‬
‫بمكوناته المختلفة البحث في اآلليات واالستراتيجيات واألسس التي يمكن من خاللها التعامل مع اآلثار‬
‫والتحديات التي تخلقها وستخلقها عمليات تحرير تجارة الخدمات البنكية على اقتصاديات البنوك من منطلق إدارة‬
‫البنوك في إطار تلك المنظومة بحيث تعظم العوائد واآلثار االيجابية وتقلل من األعباء واآلثار السلبية إلى أدنى‬
‫حد ممكن‪ .‬لذلك سنحاول من خالل هذا المبحث التطرق إلى مفهوم اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية ونطاق‬
‫تطبيقها باإلضافة إلى التطرق إلى مفهوم العولمة البنكية وأهدافها وكذا متطلبات تفعيل أداء البنوك في ظل‬
‫العولمة البنكية ومزاياها وتحدياتها العالمية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية ونطاق تطبيقها‬

‫لعل من الضروري منذ البداية تحديد مفهوم تحرير تجارة الخدمات حيث يختلف تحرير التجارة في حالة‬
‫الخدمات عنه في حالة تحرير التجارة في السلع‪ ،‬حيث انه في معظم الحاالت ال توجد مشكلة عبور الحدود‬
‫وتعريفات الجمركية بالنسبة إلى الخدمات‪ ،‬وانما تأتي القيود على التجارة في الخدمات من خالل القوانين‬
‫والق اررات واإلجراءات التي تضعها كل دولة‪ ،‬وهذه هي القيود التي سعت اتفاقية الخدمات إلى إزالتها أو تخفيضها‬
‫بحيث من الممكن التوصل في النهاية إلى نظم للتبادل الحر للخدمات مما يعكس مدى التحرر من القوانين‬

‫‪1‬‬
‫‪Carreau Dominique et Patrick juillard 0droit international économique 1 0ème édition, l G Jdelta 0Paris 026690p894.‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫والتشريعات الوطنية والقواعد واإلجراءات التي تعرضها الدولة والتي تصبح محل التعارض لتحقيق تحرير‬
‫تدريجي وصوال إلى التحرير الكامل في تجارة الخدمات والمتوقع لها عشر سنوات على األكثر‪ 1.‬وسنحاول من‬
‫خالل هذا المطلب التطرق إلى مفهوم اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية ونطاق تطبيقها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعريف باتفاقية العامة لتحرير تجارة الخدمات‬

‫تعتبر االتفاقية العامة لتجارة الخدمات "‪ "GATS‬هي االتفاقية الوحيدة التي تغطى التجارة الدولية في‬
‫الخدمات‪ ،‬وقد بدأ الحديث عنها مع افتتاح جولة أوروجواي في‪ 30‬سبتمبر ‪2699‬م فيما سمى بإعالن‬
‫بونتاديليس وقد ظهرت الوثي قة الختامية التي تشمل االتفاقية للتجارة في الخدمات في ‪ 21‬ديسمبر ‪2662‬م والتي‬
‫انطوت على مقدمة وستة أجزاء يتضمن األول منها نطاق االتفاقية وتعريفه )مادة ‪ )2‬وشمل والجزء الثاني‬
‫اإلطار العام والمبادئ العامة‪" ،‬المواد من ‪ 3‬إلى ‪ "21‬في ‪ 21‬مادة‪ ،‬وهي مواد ملزمة لكافة األطراف التعاقدية‬
‫أما الجزء الثالث فيتضمن االلتزام واالرتباطات المحددة للدولة "المواد من ‪29‬الى‪ "29‬والتي تقدمها الدول في‬
‫الجداول وتتفاوض حولها في ضوء ظروف ومراحل التنمية التي تمر بها وتناول الجزء الرابع من االتفاقية‬
‫موضوع التحرير التدريجي للخدمات "المواد من ‪ 26‬إلى ‪ "32‬ثم يأتي الجزء الخامس "المواد من ‪ 33‬الى‪"39‬‬
‫والسادس "المواد من ‪ 31‬إلى ‪ " 36‬حيث يتم تناول األمور التنظيمية والتعريفة وكذلك المالحق والمرفقات الخاصة‬
‫باالتفاقية فيما يمكن تسميته باإلطار المؤسس لالتفاقية‪.‬‬

‫ويمكن تعريف تحرير تجارة الخدمات من خالل تحرير القيود واللوائح الداخلية التي تنظم مباشرة الخدمة‬
‫أو تقديمها‪ ،‬أي تحرير النظام الداخلي للخدمة في البلدان المختلفة‪ ،‬وبالتالي يعني حرية تبادل الخدمات بين‬
‫الدول األعضاء في حدود جدول االلتزامات المقدم من كل دولة‪ ،‬ولذلك يطبق في تحرير الخدمات مبدأ التحرير‬
‫‪2‬‬
‫التدريجي‪ ،‬وتطبيق عمليات تحرير الخدمات على كافة القطاعات الخدمية القابلة للتجارة الدولية دون استثناء‪.‬‬

‫وهكذا تشمل االتفاقية جميع الخدمات ذات الطابع التجاري القابلة للتداول والتي ال تدخل ضمن وظائف‬
‫الدولة الرئيسية وأهمها الخدمات المالية والمتركز في الخدمات البنكية للبنوك والخدمات المالية لشركات التأمين‬
‫وسوق المال وخدمات النقل البري والبحري والجوي واالتصاالت السلكية والالسلكية والخدمات االستشارية‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكر‪ ،‬ص ص ‪.220 ،206‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.209 ،201‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫والمقاوالت واإلنشاء والتعمير والسياحة بكافة أشكالها والخدمات المهنية‪ ،‬التعليمية والطبية واالستشارية والمحاماة‬
‫والمحاسبة‪.‬‬

‫ويمك ن القول أن دخول الخدمات في نطاق المفاوضات متعددة األطراف تعتبر نقطة تحول هامة فـي‬

‫العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬لما لقطاع الخدمات من أهمية خاصة حيث يلعب دو ار كبي ار في االقتصاد العالمي‪،‬‬
‫فمن ناحية يعتبر هذا القطاع أسرع القطاعات االقتصادية نموا وأكثرها استيعابا للعنصر البشري حيث تشير‬
‫البيانات إلى أن ناتج هذا القطاع يمثل من ‪ %90‬إلى ‪ %10‬من إجمالي الناتج في االقتصاديات المتقدمة‬
‫وحوالي ‪ %10‬في االقتصاديات النامية‪ ،‬وتصل نسبته في التجارة العالمية إلى ‪.%30‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعريف باتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية وأهميتها‬

‫تشكل الخدمات المالية قطاعا كبي ار ومتناميا في جميع االقتصاديات المتطورة منها والنامية على حد سواء‪.‬‬
‫وقد بدأت تجارة الخدمات المالية بالنمو المتزايد بسبب الجمع بين أسواق جديدة ونامية وأيضا بسبب االنتشار‬
‫الواسع لسياسات التحرير المالي والتجاري‪ ،‬وتشمل اال تفاقية العامة للتجارة في الخدمات المالية التزامات وأحكام‬
‫تجارة الخدمات‪ ،‬وهذه االلتزامات عامة تلتزم بها كافة الدول التي تنضم إلى عضوية منظمة التجارة العالمية‪ .‬وقد‬
‫تم االتفاق بناء على المفاوضات التي دارت حول تحرير الخدمات المالية في جولة االرغواي‪ .‬وقد تم االسترشاد‬
‫بأحكام اتفاقية الجات مع األخذ بعين االعتبار الفارق بين تجارة السلع ( تجارة منظورة ) وتجارة الخدمات تجارة‬
‫(غير منظورة) وما تتطلبه تجارة الخدمات من ضرورة انتقال رؤوس األموال ونقل التكنولوجيا وانتقال األفراد‬
‫الالزمين لتقديم الخدمات‪.‬‬

‫ويستثني ملحق الخدم ات المالية من هذه الخدمات كافة أنشطة البنوك المركزية‪ ،‬أو السلطات النقدية في‬
‫مجال ممارستها ألعمالها وتنفيذها لسياستها وأهدافها‪ ،‬ويستثنى كذلك أنشطة صناديق الضمان االجتماعي‬
‫وصناديق التقاعد العامة‪ ،‬وأية أنشطة أخرى تقوم بها أي من المؤسسات العامة لحساب الحكومة وبكفالتها أو‬
‫باستخدام الموارد الحكومية‪ .‬ويؤكد الملحق على حق البنوك المركزية‪ ،‬أو من يقوم بوظائفها في الدول األعضاء‬
‫في اتخاذ اإلجراءات التي تحمي المستثمرين والمودعين‪ ،‬وحاملي األسهم‪ ،‬وعقود التأ مين بما يضمن الثبات‬
‫واالستقرار في السوق المالي‪ ،‬وبالتالي فانه يحق ألية دولة أن ترفض الترخيص بالعمل ألي بنك أجنبي أو شركة‬
‫تامين إذا لم تلتزم بالمتطلبات الوطنية المحددة في هذا المجال‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫وتكمن أهمية تحرير الخدمات المالية في أنها تفيد الدول بعدة طرق‪ ،‬وخاصة في قطاع الخدمات المالية‬
‫وفي قطاعات أخرى مختلفة متعلقة بازدهار االقتصاد‪ .‬وتكمن أهمية تحرير الخدمات المالية في أنها تقوي‬
‫فاعلية سوق رأس المال وتدعم استقرار القطاع المالي وتحفز االبتكار وتزود بمجموعة كبيرة من الخدمات المالية‬
‫بأقل تكلفة‪ ،‬وقد وجدت الدراسات ومن ضمنها التي أجرتها منظمة التجارة العالمية أن تحرير الخدمات المالية‪.‬‬
‫وبوجود مؤسسات الخدمات المالية األجنبيةـ يمكن أن يزيد االستقرار االقتصادي و يؤدي إلى قلة‬

‫‪1‬‬
‫تدفقات رأس المال المتقلب‪.‬‬

‫ويؤدي االنفتاح للمشاركة األجنبية في قطاع الخدمات المالية إلى وجود خيارات متنوعة‪ ،‬ويزيد من نوعية‬
‫المستهلكين‪ ،‬ومثل هذه المشاركة تشجع االبتكار وتضمن للمستهلكين الوصول إلى التقنيات والمنتجات الحديثة‪،‬‬
‫وتقوي تطور واستقرار السوق المالي‪ ،‬ويوفر تحرير الخدمات المالية فرص عمل كثيرة في نشاطات الخدمات‬
‫المالية وكذلك يزيد نمو التقنيات الحديثة وامكانية الوصول إليها‪ ،‬مما سرع تطور الخدمات البنكية وتجارة‬
‫السندات وخدمات التامين وخدمات البيانات البنكية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الخدمات البنكية والمالية التي تشملها االتفاقية‬

‫يشير ملحق الخدمات المالية المرفق باتفاقية تحرير تجارة الخدمات "‪ "GATS‬أنه بعد استبعاد األنشطة‬
‫التي ال تدخل في مفهوم الخدمات التي يتضمنها إطار االتفاقية‪ ،‬ومع إقرار أحقية العضو في وضع التنظيمات‬
‫المحلية التي تكفل تطبيق المعايير والنظم الكفيلة بضمان المالءة البنكية وكفاية رأس المال وآليات العمل البنكي‬
‫السليم دون اإلخالل بالتزاماته في إطار االتفاقية‪ .‬باإلضافة إلى وضع الضوابط الالزمة لضمان استقرار تماسك‬
‫النظام البنكي‪ ،‬ومع الحفاظ على سرية الحسابات وأنشطة العمالء أو أية بيانات سرية تمتلكها المؤسسات البنكية‬
‫وفيما عدا الخدمات المالية الخاصة بجميع أنواع التامين والخدمات المرتبطة به‪ ،‬فمنه الخدمات البنكية والمالية‬
‫التي تشمل ها االتفاقية تتخلص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬قبول الودائع واألموال بين األفراد والجهات‪.‬‬


‫‪ ‬اإلقراض بكافة أشكاله‪ ،‬بما فيها القروض االستهالكية‪ ،‬واالئتمان العقاري والمساهمات وتمويل العمليات‬
‫التجارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إبراهيم علي العبيدات‪ ،‬الجهاز البنكي األردني في ظل العولمة والتحرير المالي‪ ،‬رسالة ماجستير في االقتصاد والعلوم اإلدارية تخصص التمويل‬
‫والمصارف ‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬األردن‪ ،3020 ،‬ص ص‪.39،31‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬التأجير التمويلي‪.‬‬
‫‪ ‬خدمات المدفوعات والتحويالت‪ ،‬بما فيها بطاقات االئتمان والخصم على الحسابات والشيكات السياحية‬
‫والشيكات البنكية‪.‬‬
‫‪ ‬خطابات الضمان واالعتمادات المستندية‪.‬‬
‫‪ ‬التجارة لحساب المؤسسة المالية أو للغير في السوق األولية أو غيرها وذلك في األدوات التالية‪:‬‬
‫النقد األجنبي‪.‬‬
‫المشتقات البنكية والمالية بأنواعها‪.‬‬
‫أدوات سعر الفائدة وسعر الصرف مثل المبادلة واالتفاقيات اآلجلة‪.‬‬
‫األوراق المالية القابلة للتحويل‪.‬‬
‫األدوات األخرى القابلة للتفاوض واألصول المالية األخرى بما في ذلك السبائك‪.‬‬
‫‪ ‬االشتراك في اإلصدارات لكافة أنواع األوراق المالية بما في ذلك الترويج واإلصدار الخاص كوكيل‪،‬‬
‫وتقديم الخدمات المختلفة باإلصدارات‪.‬‬
‫‪ ‬أعمال السمسرة في النقد‪.‬‬
‫‪ ‬إدارة األموال‪ ،‬مثل إدارة النقدية ومحافظ األوراق المالية‪ ،‬وخدمات اإليداع وحفظ األمانات‪.‬‬
‫‪ ‬خدمات المقاصة والتسوية لألصول المالية‪ ،‬بما فيها األوراق المالية والمشتقات واألدوات األخرى القابلة‬
‫للتفاوض‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم وارسال المعلومات المالية ومكننة البيانات المالية وخدمات البرامج الجاهزة المرتبطة بها بواسطة‬
‫مقدمي الخدمات المالية األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم االستشارات والوساطة المالية والخدمات المالية المساعدة األخرى وذلك لكافة األنشطة سالفة‬
‫الذكر‪ ،‬وبما يشمل الخدمات المرجعية للمعلومات عن العمالء ألغراض اإلقراض وتحليل االئتمان واجراء‬
‫البحوث وتقديم المشورة لالستثمار وادارة المحافظ لألوراق المالية وكذلك تقديم الخدمات االستشارية في مجال‬
‫التملك واعادة الهيكلة ووضع االستراتيجيات للشركات والمؤسسات‪ .‬ويالحظ أن الخدمات البنكية والمالية عدا‬
‫التامين تشمل الخدمات البنكية التقليدية والمعامالت البنكية باألدوات الحديثة وأعمال األسواق المالية‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم العولمة البنكية وأهدافها‬

‫شهد االقتصاد العالمي منذ بداية تسعينيات القرن الماضي تزايد اندماج عدد الدول النامية ودول الكتلة‬
‫الشرقية السابقة والقائمة بعمليات التحول االقتصادي في االقتصاد العالمي‪ ،‬وذلك ألن كثير من تلك الدول انضم‬
‫إلى عضوية منظمة التجارة العالمية وقامت تلك الدول بتحرير حسابها الرأسمالي والذي يساعد في فتح األسواق‬
‫المالية على بعضها البعض حيث تتجه األسواق المالية إلى التوسع بشكل ال نهائي فعالوة على البنوك المحلية‬
‫والتي تتوسع في نشر فروعها على نطاق واسع وتتوسع في جذب األموال وفي منح القروض والتسهيالت‬
‫االئتمانية إلرساء العولمة البنكية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم العولمة البنكية‬

‫إن ظاهرة العولمة أكثر الظواهر التصاقا بالنشاط االقتصادي بصفة عامة و على النشاط البنكي بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬إذ استطاعت أن تلقي بظاللها على هذا النشاط ليتخذ أبعاد ومضامين جديدة جعلت من البنوك تتجه‬
‫إلى ميادين وأنشطة غير مسبوقة‪ ،‬وأدت إلى انتقالها من تصورات نشاطية ضيقة إلى أنشطة وتصورات واسعة‬
‫ممتدة بغرض تعظيم الفرص وكسب المزيد من المزايا‪ ،‬وتعزيز مكانتها الحالية والمستقبلية‪ ،‬حيث تعتبر العولمة‬
‫البنكية حالة ك ونية فاعلة ومتفاعلة تخرج بالبنك من إطار المحلية إلى أفاق العالمية ‪ ،‬وتدمجه نشاطيا ودوليا في‬
‫السوق العالمي بجوانبه وأبعاده المختلفة‪ ،‬وبما يجعله في مركز التطور المتسارع نحو مزيد من‪ :‬القوة‪ ،‬السيطرة‪،‬‬
‫والهيمنة البنكية إذا ما كان يرغب في النمو والتوسع واالستمرار‪ ،‬واذا ما كان يرغب في غير ذلك تجعله يخضع‪:‬‬
‫للتراجع أو التهميش أو التكميش أو االبتالع‪ .‬فالعولمة اتجاه مصيري يعبر عن صراع في إطار الكيانات‬
‫‪1‬‬
‫والتكتالت البنكية بالغة الضخامة ومتعاظمة القوة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إن ما يعرف بالعولمة البنكية تطرح أمامنا قضيتين في غاية األهمية وهما‪:‬‬

‫قضية تحرير النشاط التمويلي وما يسحبه من مخاطر متنوعة‪.‬‬


‫قضية تحديث النشاط البنكي واصالحه‪.‬‬
‫ومن هنا ارتبط مفهوم العولمة البنكية بمفهوم الوفرة واإلتاحة للخدمات التي تقدمها البنوك‪ ،‬فالنظرة الدقيقة‬
‫الواعية لتقديم الخدمات البنكية سواء كانت المتصلة بالودائع أو با لقروض أو باألسهم أو بالسندات (باعتبارها‬

‫‪1‬‬
‫محسن احمد الخضيري‪ ،‬العولمة االجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص ‪.316‬‬
‫‪2‬‬
‫شيخي محمد‪ ،‬متطلبات العمل البنكي في ظل أنشطة االندماج والصيرفة الشاملة‪ ،‬دراسة حالة الجزائر مداخلة ضمن ملتقى الشلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫خدمات تقليدية معتادة)‪ ،‬أو كانت متصلة بعقود المشتقات المعقدة أو بغيرها من الخدمات االبتكارية المتطورة‪،‬‬
‫تدفع البنوك إلى التواجد بفاعلية في كافة ميادين النشاط االقتصادي بامتداداته الجغرافية الواسعة‪.‬‬
‫وفي الوقت ذاته فإن االرتباط العضوي بالتجمعات والتكتالت البنكية يعتبر أساسًا لوصول البنك إلى الحجم‬
‫االقتصادي الكبير الذي يتيح وفورات النطاق والسعة البنكية‪ .‬وقد أدى ذلك إلى ارتباط عمل البنك بالتكامل‬
‫البنكي الذي يقوم على التخصص وتقسيم العمل‪ ،‬والذي يعظم من جود ة األداء ويرتقي بمستوى القدرة على‬
‫‪1‬‬
‫اإلشباع‪.‬‬

‫ويمكن القول أن التغيرات البنكية العالمية التي عكستها العولمة على أداء وأعمال البنوك‪ ،‬هو ظهور ونمو‬
‫كيانات بنكية جديدة‪ ،‬والتي تعتبر انقالبًا واضحًا في عالم البنوك‪ .‬إذ أن الكيانات البنكية العمالقة‪ ،‬بحكم عالقات‬
‫القوة االقتصادية الضخمة والحجم االقتصادي الكبير‪ ،‬واألداء االقتصادي الفائق‪ 0‬أصبحت تملك قدرة عالية على‬
‫التأثير في شكل واتجاهات السوق البنكي العالمي المتعاظم النمو والمتسارع في االنتشار واالتساع من خالل‬
‫التواجد في كافة أنحاء العالم‪.‬‬

‫كما أن العولمة البنكية ال تعني أبدًا التخلي عما هو قائم وموجه إلى السوق المحلية الوطنية‪ ،‬ولكنها تعني‬
‫اكتساب قوة دفع جديدة‪ ،‬واالنتقال بتقديم الخدمة البنكية من الداخل إلى الخارج‪ .‬هذا مع االحتفاظ بالمركز‬
‫الوطني بصورة أكثر فاعلية وأكثر قدرة وأكثر نشاطاً‪ ،‬لضمان االمتداد والتوسع البنكية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ولقد أدت العولمة البنكية إلى الربط بين قضيتين رئيسيتين شديدتي األهمية هما‪:‬‬

‫ـ قضية تحرير النشاط التمويلي وما تكتنفه من مخاطر غامضة وصريحة تؤثر على حركة االدخار‬
‫العالمي‪ ،‬معامالت المؤسسات‪ ،‬والمستثمرين األفراد‪ ،‬وتوازنات البورصات‪ ،‬واتجاهات حركة التعامل فيها صعودا‬
‫وهبوطا ‪....‬الخ‪ .‬وهو ما قد ينجم عنه الكثير من المواقف الحرجة المسببة لألزمات‪ ،‬إن لم تكن هي األزمات‬
‫ذاتها‪.‬‬

‫ـ قضية تحديث النشاط البنكي واصالحه للدرجة التي جعلت منه وجهان لعملة واحدة‪ ،‬في الوقت ذاته‬
‫تطلب هذا كله وعيا وادراكا بأهمية النفاذية البنكية ألسواق العالم‪ ،‬ليس فقط من اجل التحويالت التمويلية‬
‫قصيرة األجل‪ ،‬وهو األهم واألفضل من أ جل التحويالت متوسطة وطويلة األجل أيضا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضيري‪ ،‬عولمة النشاط المصرفي‪ ،‬مجلة اتحاد المصارف العربية‪ ،‬العدد ‪ ،333‬يونيو ‪ ،2666‬ص ‪.213‬‬
‫‪2‬‬
‫محسن أحمد الخضيري‪ ،‬العولمة االجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب العولمة البنكية‬

‫يرجع اتجاه البنوك نحو العولمة البنكية إلى الرغبة العارمة في‪ :‬التوسع‪ ،‬النمو‪ ،‬االستثمار والهيمنة‬
‫العالمية‪ ،‬ومن ثم تعتمد البنوك في توجهها نحو العولمة على استخدام أساليب االبتالع والدمج وازاحة لآلخر‬
‫حتى تتحقق للبنك القدرة التأثيرية والتفعيلية لعملية العولمة‪ ،‬فالعولمة تيار من والفعل والتأثير فرضته ضرورة‬
‫وأولدته حاجة ودافعت عنه وأوجدته مصالح والتي تستند على عدد من األسباب أهمها ما يلي‪:‬‬

‫ـ ضخامة حركة رؤوس األموال الدولية‪ ،‬وانسيابها‪ ،‬وسرعة تدفقها من مكان إلى آخر على اتساع دول‬
‫العالم وامتداد أسواقها الدولية‪ ،‬واستحالة تجاهل هذه الموارد‪ ،‬أو التغاضي عن فرص االستفادة منها‪،‬‬
‫وتحويلها إلى مجرد أموال وافدة إلى أموال مستقرة مستثمرة موظفة توظيفا جيدا وفاعال‪ 1.‬وقد دعم هذا األمر‬
‫ظهور وتنامي الكتل النقدية ذات التأثير غير المحدود على حركة رؤوس األموال‪ ،‬وعلى قابليتها للتوظف‬
‫ولالستثمار متوسط وطويل األجل‪ ،‬وعلى ق اررات المضاربين وانتقالهم من مركز نقدي معين إلى مركز نقدي‬
‫آخر‪ ،‬ومن أوجه معينة في االستثمار إلى مجاالت وأوجه أخرى‪.‬‬

‫ـ التطور الذي حدث في اقتصاديات تشغيل البنوك‪ ،‬والذي أدى إلى جعل األسواق البنكية المحلية‬
‫أضيق من أن تستوعب كل ما تسمح به القدرات اإلنتاجية للبنوك المحلية‪ ،‬كما انه في الوقت ذاته‬
‫أصبحت ال توفر مجاال للحماية والتحوط االحترازي لتركز المخاطر‪ ،‬وارتباطها بمجموعة معقدة ومتشابكة‬
‫من القياسات والحسابات حتى ال تلتهم خسائرها ربحية البنك أو احتياطياته‪ ،‬والتي استطاع تكوينها خالل‬
‫سنوات عمره‪ ،‬ومن ثم فان اندفاع البنوك إلى العولمة لتوزيع المخاطر وتنويعها بحكم‪:‬التخصص‪ ،‬وتقسيم‬
‫العمل الد ولي‪ ،‬واليات التفاعل للنظام الرأسمالي الحر‪ ،‬فضال عن اعتبارات النمو السريع للبنوك‬
‫والمصارف العالمية‪ ،‬والتي أدت إلى تهميش وتراجع البنوك المحلية‪ ،‬وتناقص قدرتها حتى على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬وأصبح يتهددها خطر االبتالع واالختفاء‪.‬‬

‫ـ تضخم وتنامي الشركات عابرة القوميات ومتعددة الجنسيات‪ ،‬مما جعل منها إمبراطوريات من حيث‬
‫القيمة المضافة‪ ،‬ومن حيث حجم األصول‪ ،‬ومن حيث حجم األموال المتدفقة منها واليها‪ .‬والتي معها‬
‫أصبحت تحتاج إلى وجود بنك كوني يتيح لها خدماتها البنكية حيث ترغب وحيث تود أن تكون خاصة‬

‫‪1‬‬
‫عالء الدين حبل و هائل أبو رشيد‪ ،‬اثر العولمة البنكية على دعم المركز المالي للبنك ( دراسة ميدانية )‪ ،‬مجلة بحوث جامعة حلب‪ ،‬سلسلة العلوم‬
‫االقتصادية والقانونية‪ ،‬سوريا‪ ،‬العدد ‪ ،3009 ،11‬ص‪.19‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫وأن العالقات ما بين هذه الشرك ات وبنوكها تستلزم منها أن يكون نشاطها ومعامالتها البنكية محصو ار في‬
‫بنك ضخم يتولى مسؤولية وأمانة مستقبل هذه الشركات‪ ،‬وينمو ويتنامى معها ومن ثم فإنه بحكم المصالح‬
‫وبحكم المسؤولية تحتاج إلى بنك وحيد قادر على خدماتها ورعاية مصالحها‪ .‬وقد عزز من هذا االتجاه‬
‫تناقص دور الدول‪ ،‬وانخفاض قدرة الحكومات على التحكم في النشاط االقتصادي خاصة وأن كثافة حركة‬
‫رؤوس األموال‪ ،‬وحريتها وعفويتها وسرعتها عبر الحدود وما تطرحه من تحديات وما تصنعه من مخاطر‬
‫جميعها كانت دافعا من أجل نشوء العولمة البنكية‪.‬‬

‫ـ التطور الهائل في نظم االتصال ‪ ،‬ونظم الدفع‪ ،‬ونظم التعامل والتداول على المستوى الدولي والكوني‪،‬‬
‫وبالشكل الذي معه انخفضت تكاليف العمليات عبر الحدود في جميع جوانب النشاط االقتصادي بشكل عام‬
‫والنشاط البنكي بشكل خاص‪ .‬وقد أدى هذا ا تجاه األسواق الدولية إلى التوحد واالندماج في سوق عالمي‬
‫واحد‪ ،‬وفي نطاق يحتاج العمل فيه إلى كيانات بنكية ضخمة مترابطة متكاملة لتؤدي وتقديم الخدمات‬
‫البنكية بالسرعة الفائقة‪ ،‬والدقة الكاملة والفاعلية غير المحدودة ‪...‬ويضاف إلى ذلك االنتشار الجغرافي في‬
‫كافة الدول حتى تستطيع أن تستوعب مخاطر هذه العمليات‪ ،‬وفي الوقت ذاته تحتفظ بتوازنها وأدائها‬
‫المتميز‪ .‬وقد ضغط هذا بشدة على البنوك من أجل األتي‪:‬‬

‫تقوم معظم البنوك في الوقت الحالي بتقديم الخدمات البنكية الدولية أو ما يعرف بالخدمات‬
‫عبر الحدود‪ ،1‬وتعني قيام بنك في دولة ما بتوفير خدمات بنكية متنوعة إلى عمالء له مقيمين‬
‫في دولة أخرى‪.‬‬
‫إعادة الهيكلة التنظيمية للتوافق مع متطلبات العولمة‪.‬‬
‫التخلي عن التقليدية واالتجاه للحداثة البنكية‪ ،‬والى ما بعد الحداثة وصوال لالبتكارية الجهوية‪.‬‬
‫التحرير اإلداري‪ ،‬وتعدد مراكز اتخاذ القرار مع الترابط العضوي ما بين مراكز صنع القرار‪،‬‬
‫اتخاذ القرار‪ ،‬وتنفيذ القرار‪ ،‬واالستفادة منه‪.‬‬
‫ممارسة الحداثة البنكية بما تتطلبه من نظم ابتكار كثيفة الغنى‪ ،‬وليس مجرد االستتباع للقائم أو‬
‫المحاكاة والتقليد لما تم التوصل إليه‪ ،‬بل قيام البنوك بعمليات اإلبداع واالبتكار والخلق واالمتداد‬
‫األفقي والراسي لنشاط البنك وخدماته‪.‬‬

‫‪ 1‬طه طارق‪ ،‬إدارة البنوك ونظم المعلومات المصرفية‪ ،‬دار الكتب للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،3000 ،‬ص ‪. 230 ،226‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أهداف العولمة البنكية‬

‫إن التحدي الحقيقي الذي تواجهه البنوك المحلية هو القدرة على عدم التعولم‪ ،‬أي القدرة على عزل نفسها‬
‫عن تيار العولمة‪ ،‬وعلى هذا فان العولمة البنكية تتجاوز مرحلة الضرورة‪ ،‬إلى نطاق الحتمية‪ ،‬لذلك البد على‬
‫البنوك االنغماس في تيار العولمة البنكية وهذا لتحقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬زيادة حجم السوق البنكي أمام البنك ليشمل جميع المستويات العاملة على مستوى العالم‬
‫بأشخاصها المعنوية أو الطبيعية‪.‬‬
‫‪ ‬تنمية القيمة المضافة وتأكيد الربحية وزيادة المردود بشكل كامل كلي وبشكل منتشر جزئي على‬
‫مستوى العالم كله‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق ا لتوازن الحركي بين الموارد بأنواعها المختلفة وبين مجاالت التوظيف بامتداداتها النشاطية‬
‫المتنوعة على مستوى العالم كله‪.‬‬
‫‪ ‬إحداث تقدم ملموس وحيوي في أنشطة البحث والتطوير في البنوك لتحسين األداء والدخول إلى‬
‫مجاالت جديدة أفضل وارقي‪ ،‬مع عدم تجاهل نظرية التخصص وتقسيم العمل‪ ،‬وكذلك مراعاة‬
‫نظرية التكامل والكتل البنكية‪ ،‬واالستفادة من التوافقية الزمانية والمكانية‪ ،‬واالختالف والفروق‬
‫الفردية بين المجتمعات البشرية في تقديم خدمات بنكية متميزة أكثر إشباعا وفاعلية ‪ ...‬وفي‬
‫‪1‬‬
‫الوقت ذاته تضمن للبنك قدرة عالية على استيعاب المتغيرات‪ ،‬وامتصاص أي تأثيرات سلبية لها‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة القوة المالية وتدعيم المركز المالي للبنك بالشكل الذي يجعله قاد ار على تمويل عملية‬
‫العولمة البنكية بجوانبها االنتشارية الجغرافية‪ ،‬وجوانبها الخاصة بالمزايا التنافسية الحيوية‪ .‬تحقيق‬
‫فعالية غير محدودة في إعادة هيكلة البنك من الداخل لتصبح أنشطته‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪،‬‬
‫والتوجيه‪ ،‬والتحفيز‪ ،‬والمتابعة جماعية ارتقائية فعالة نشطة توفر كافة اإلمكانيات والطاقات‪،‬‬
‫وتقضي على كافة نواحي اإلهدار‪ ،‬وفي الوقت ذاته دافعة ومحفزة على االبتكار واإلبداع‬
‫والتحسين المستمر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة االجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.310‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬متطلبات تفعيل أداء البنوك في ظل العولمة البنكية‬

‫تعد العولمة البنكية بمثابة تيار متدفق مستمر‪ ،‬تتحدد بناء عليه االرتكازات‪ ،‬والتوجهات والهوية البنكية‬
‫للبنك الذي يشق طريقه نحو العولمة‪ .‬وهي عملية تحتاج إلى إدراك أن البني الذاتية للبنك يجب أن تنمو بالشكل‬
‫الذي يمكنها من تخط ي الحدود ونشر شبكة فروعه ووحداته على مستوى العالم و في إطار يتصف بكونه‪:‬‬

‫متكامل الخدمات واألنشطة البنكية‪.‬‬


‫متوافق مع المتغيرات والمستجدات البنكية‪.‬‬
‫متسق مع األوضاع واإلمكانيات والموارد المتوفرة للبنك‪.‬‬
‫ومن هنا ال بد من متطلبات لتفعيل أداء البنوك في ظل العولم ة تكون منبعثة من داخل البنك‪ ،‬وليس‬
‫وضع نظام نمطي يتم استـيراده من الخارج‪ ،‬أو نقله من مصـارف وبنوك أخـرى‪ ،‬وذلك لتحقيق الفاعلية‬

‫ولتمكين البنك من تحقيق العولمة البنكية ومن أهم هذه المتطلبات نجد‪:‬‬

‫‪ ‬إعداد وتصميم إستراتيجية البنك العليا للعولمة البنكية‪ ،‬واجازتها واعتمادها‪ ،‬وتعميمها على كافة العاملين‬
‫بالبنك‪ ،‬وزرع العقيدة اإلستراتيجية داخل كل منهم‪ ،‬والقضاء على كافة أشكال المقاومة الذاتية داخلهم نحو‬
‫التطوير من اجل العولمة‪.‬فاإلستراتيجية رؤية طموحة يستغرق تنفيذها عقدين من الزمن على األقل ويتم إعدادها‬
‫‪1‬‬
‫من أجل‪:‬‬
‫التواجد المستقبلي الجمهوري واسع االنتشار والمدى‪.‬‬
‫التوحد والتماسك‪ ،‬واالنضباط والتواصل بدون فواصل أو انقطاع‪.‬‬
‫الوالء واالنتماء الشديد الذي يكفل تحقيق االستفادة القصوى من العمالة البشرية‪ ،‬ومن اإلنفاق‬
‫االستثماري الذي تم فيها‪ ،‬وتقليل معدل الدوران للعمالة إلى أدنى درجة ممكنة‪.‬‬
‫‪ ‬تصميم سياسات مرحلية لتطبيق العولمة‪ ،‬واعتماد تتابعها‪ ،‬وفترة تنفيذ كل منها‪ ،‬توفير متطلبات تنفيذها‬
‫المادية والبشرية‪ ،‬وما تحتاجه على المستوى العام من‪:‬‬
‫سياسة إلنتاج الخدمات البنكية التي سيتم تقديمها عالميا واكتسابها لمزايا تنافسية خاصة في مجال‬
‫الجودة الشاملة المتضمنة‪:‬‬
‫‪ ‬السرعة التي ال تحتمل أي تأخير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة االجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.312 ،313‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ ‬الدقة الكاملة التي ال تترك مجاال لقصور أو احتمال الخطأ‪.‬‬


‫‪ ‬الفاعلية االشباعية المتنامية التي تحقق الرضا التام للعميل‪.‬‬
‫سياسة لتسويق الخدمات البنكية‪ ،‬وبناء االنطباع الجماهيري والصورة الذهنية االيجابية عن البنك على‬
‫مستوى العالم‪ ،‬والتي يجب أن تكون قادرة على تحقيق النفاذية المتواصلة والتوسع واالنتشار‪ ،‬وفي الوقت ذاته‬
‫تستطيع أن تطور من ذاتها في المجاالت الرئيسية التالية‪:‬‬
‫مجال نشر فروع البنك واحداث التكامل األدائي واالعتمادية المتبادلة بين الفروع بعضها البعض‪ ،‬وبينها‬
‫وبين إدارات البنك الرئيسي للبنك في الوقت ذاته‪.‬‬
‫مجال الترويج وأنشطته‪ :‬اإلعالن واإلعالم والبيع الشخصي وتنمية العمليات البنكية‪ ،‬وبالشكل الذي‬
‫يؤدي إلى الكفاءة الترويجية الكاملة للبنك ككل ومنتجاته بشكل خاص‪.‬‬
‫تسعير الخدمات البنكية المتالك مزايا تنافسية موازية للدقة والسرعة واإلشباع وفي الوقت ذاته بتكلفة‬
‫تنافسية‪.‬‬

‫سياسة إعداد وتأهيل الكوادر البشرية من أجل العولمة‪ ،‬واكسابهم الخبرة والمعرفة واالرتقاء بقدراتهم‪،‬‬
‫وصقل مهاراتهم وشحذ مواهبهم اإلبداعية االبتكارية‪.‬‬
‫سياسة توفير الموارد الالزمة من أجل تحقيق العولمة‪.‬‬
‫‪ ‬تصميم واعداد الخط ط التكتيكية الالزمة للتواجد على مستوى العالم‪ ،‬وما يتصل بها من أنشطة بنكية من‬
‫بينها‪:‬‬
‫اإليداع وتلقي الودائع وتحويل األموال عالميا‪.‬‬
‫اإلقراض التجاري العالمي‪.‬‬
‫تمويل المشروعات واألصول المرتبطة‬
‫خدمات التجزئة والبنك الشخصي الدولية‪.‬‬
‫إدارة المخاطر لألنشطة البنكية ع بر الحدود وتقيم المخاطر الكونية المرتبطة بها‪.‬‬
‫إدارة التدفقات النقدية الساخنة على المستوى الكوني‪.‬‬
‫تدوير استثمارات رؤوس األموال الدولية‪ ،‬واعادة ضخ واستثمار عائدها والقيام بحسابات االستثمار‬
‫وفقا ألسعار الصرف الخاصة بكل عملة‪.‬‬
‫إدارة مديونيتها الدولية واعادة التسنيد الدولية‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫إدارة المشتقات والخيارات الخاصة باألوراق المالية الدولية‪.‬‬


‫إدارة حقوق الملكية الدولية‪.‬‬
‫إدارة عمليات االندماج والحيازة وتقديم الخدمات البنكية‪.‬‬
‫إدارة عمليات االستثمار الدولية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تحرير المعامالت المالية والبنكية‪ ،‬المزايا والتحديات العالمية‬

‫كلما توسعت التجارة العالمية كلما ازدادت األهمية االقتصادية نحو الصادرات‪ ،‬واشتدت المنافسة وأخذ‬
‫العمالء يطالبون بحلول مالية أكثر تقدما‪ .‬وبشروط تنافسية أفضل لتمويل التجارة يتطلب ذلك من البنوك ما‬
‫‪1‬‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬تفهم مدى وكيفية تأثير اتفاقيات التجارة الدولية والتكتالت التجارية الناشئة عنها واالتجاهات العالمية على‬
‫قاعدة العمالء‪.‬‬
‫‪ .0‬التعرف على فرص األسواق الدولية المستهدفة وتقييمها وكذلك تقييم مخاطرها واحتياجاتها المالية‪.‬‬
‫‪ .0‬استهداف المركز المناسب في السوق الدولية الذي يالءم القوة التنافسية للمصرف واالستعداد لتقبل المخاطر‬
‫الدولية‪.‬‬
‫‪ .2‬إيجاد الحلول الفاعلة واالقتصادية وفي الوقت المناسب‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المزايا المحتملة لتطبيق اتفاقية تحرير تجارة الخدمات البنكية والمالية‬

‫رغم أن حوالي ‪ 65‬دولة حتى نهاية عام ‪2666‬م لم تتضمن اتفاقية تحرير التجارة في الخدمات البنكية‬
‫والمالية عن إجمال ي الدول األعضاء في منظمة التجارة العالمية البالغ عددهم ‪ 135‬دولة حسب المؤتمر الوزاري‬
‫الثالث للمنظمة الذي عقد في سياتل في ديسمبر عام ‪1999‬م‪ .‬فإن الكثير من الدراسات والتحليالت أشارت إلى‬
‫أن هناك العديد من المزايا التي يمكن أن تتحقق من تطبيق اتفاقية تحرير تجارة الخدمات البنكية والمالية‪ ،‬ولعل‬
‫‪2‬‬
‫من أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬تحرير تجارة الخدمات المالية والبنكية يجعل القطاع أكثر كفاءة واستقرار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد وهيب الراوي‪ ،‬العمليات البنكية الخارجية‪ ،‬دار المناهج‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،3000 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.239‬‬

‫‪88‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ -‬اتساع السوق البنكية نتيجة تحرير تجارة الخدمات المالية يؤدي إلى تعاظم االستفادة من اقتصاديات‬
‫الحجم من خالل تزايد عمليات االندماج البنكي وكذلك تعميق المنافسة من عمليات الخوصصة حسب المميزات‬
‫التي يمكن أن تنتج منها‪:‬‬
‫تخفيض تكاليف الخدمات البنكية كلما اشتدت درجات المنافسة و االندماج البنكي‪.‬‬
‫توفير المزيد من الخدمات البنكية للعمالء‪ ،‬حيث يستطيعون الحصول على جميع احتياجاتهم من‬
‫الخدمات البنكية‪.‬‬
‫المنافسة تدفع البنوك إلى تخفيض العموالت وتخفيض فروق أسعار الفائدة ما بين القروض والودائع‬
‫وتحسين اإلدارة وزيادة الكفاءة‪.‬‬
‫‪ -‬تحـ رير تجارة الخدمات تؤدي إلى تحسين جودة الخدمة للعمالء‪ ،‬فمـ ع تزايد المنافسة تتجه البنوك إلى‬
‫تلبية احتياجاتهـم الخاصة والتمويلية فمـن المحتمل مثال أن يستفيـد المودعون من النـصائح الخاصة‬
‫باستراتيجيات االستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدي تحرير التجارة في الخدمات البنكية إلى المزيد من المنافع في مجال نقل المعرفة والتكنولوجيا‬
‫ويشمل ذلك معرفة أفضل الممارسات اإلدارية والمحاسبية ومعالجة البيانات واستخدام األدوات المالية‪.‬‬
‫‪ -‬يتيح تحرير التجارة في الخدمات المالية للعمالء والشركات اختيار المزيج المناسب للتمويل وزيادة حجم‬
‫التمويل وطرق تحديده‪.‬‬
‫‪ -‬تمكن عمليات التحرير في تجارة الخدمات البنكية من تخفيض مخاطر السوق وتساعد في تعميق‬
‫وتوسيع األسواق المالية من خالل حجم المعامالت ومجال الخدمات‪.‬‬
‫‪ -‬ع ملية التحرير تؤدي إلى تحسين السياسة النقدية‪ ،‬فالسقوف االئتمانية وأدوات التحكم في االئتمان‬
‫بطريقة مباشرة يمكن أن تستبدل بأدوات عملية غير مباشرة مثل عمليات السوق المفتوحة التي تساعد على‬
‫تطوير وتنمية أسواق المال‪.‬‬
‫‪ -‬كلما زادت درجة تحرير الخدمات المالية والبنكية كلما زاد تدفق رأس المال من الدول ذات الفائض فـي‬
‫رأس المال إلى الدول التي لديها عجز أو نقص في رأس المال مما يؤدي إلى انخفاض تكلفة االستثمار من‬
‫خالل انخفاض سعر الفائدة بالنسبة للدول التي تعاني عجز أما بالنسبة للدول التي تعاني (فائض)‪ ،‬فإنها يمكنها‬
‫أن تقوم بتص دير رأس المال ومن ثم تستطيع أن ترفع من عوائد استثمار رؤوس األموال‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫‪ -‬تحرير تجارة الخدمات البنكية والمالية في النهاية يؤدي إلى تعميق العولمة المالية بما يحمله ذلك مـن‬
‫الكثير من المزايا والفرص والتعامل على أساس الكفاءة والتخصيص الكفء للموارد والتحفيز الدائم لمواجهة ما‬
‫تحمله تلك العولمة المالية من مخاطر ومحاذير‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التحديات التي تواجه تحرير تجارة الخدمات البنكية المالية‬

‫يمكن القول أن عمليات تحرير تجارة الخدمات البنكية والمالية تخلق العديد من التحديات أمام حكومات‬
‫العديد من الدول‪ ،‬كذلك العاملين في المجال البنكي وصانعي السياسة النقدية والبنكية وهو ما يتطلب تحديث‬
‫البنوك والعمل البنكي للتكيف بفاعلية وبكفاءة مع تلك التحديات ويمكن ذكر أهم هذه التحديات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تزايد الخوف من أن تسيطر البنوك والمؤسسات البنكية األجنبية على السوق البنكية المحلية بعد تحرير‬
‫تجارة الخدمات البنكية وأنها سوف تضمن استخدام مواقعها في السوق المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬التخوف بأال تقوم البنوك والمؤسسات البنكية األجنبية سوى بخدمة القطاعات المربحة من السوق فقط‬
‫والتي يشار إليها باالختيار المفضل بما يحمله ذلك من مخاطر وعدم وصول الخدمة البنكية إلى قطاعات معينة‬
‫(أقاليم معينة)‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير تجارة الخدمات البنكية‪ ،‬يؤدي إلى حدوث أزمات للبنوك وأزمات مالية ولعل ذلك يعتبر من أهم‬
‫التحديات واآلثار السلبية للعولمة المالية‪ ،‬ولكن المحليين االقتصاديين يرون أن‪:‬‬
‫تحرير تجارة الخدمات المالية ال يتسبب في أزمات مالية‪ ،‬ولكن وجود سياسات اقتصادية كلية و‬
‫‪1‬‬
‫سياسات تنظيمية هو الذي يمكن أن يثير المشاكل‪.‬‬
‫وأن األسباب األساسية لمشكالت القطاع المالي تكمن في السياسات غير السليمة لالقتصاديات الكلية‬
‫والتنظيم واإلشراف الحكومي غير المناسب والتدخل غير السليم في األسواق المالية ومع ذلك فإن تحرير‬
‫التجارة م ن الممكن أن يزيد من احتمال أو حجم الصعوبات التي تواجه القطاع المالي فقط‪.‬‬
‫‪ -‬إن تحرير تجارة الخدمات البنكية يخفض من قدرة البنوك والمؤسسات البنكية المحلية على االستمرار في‬
‫ظل أداء ضعيف وذلك ألن المنافسة المتزايدة تخفض من ربحية وعوائد القطاع البنكي‪.‬‬
‫‪ -‬إن تحرير تجارة الخدمات البنكية والمالية يمكن أن تؤثر سلبا وبطريقة غير مباشرة على االستقرار المالي‬
‫ويؤدي إلى زيادة قابلية تدفقات رأس المال للتقلب وبذلك فإن عمليات التحرير تعوض استق ارر االقتصاد الكلي‬

‫‪ 1‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫والنظام البنكي والمالي‪ 1.‬ولكن هذا االدعاء ال يدعمه الدليل العملي فمعظم مؤشرات التقلب المالي قد انخفضت‬
‫خالل العقد المالي فـ ي كل من الدول الصناعية والدول النامية‪ ،‬وفقا لما ذكره البنك الدولي في (‪ ،2)1997‬فإن‬
‫قابلية تدفقات رأس المال المتقلب قد انخفضت في الثمانينات والتسعينات ولوحظ ذلك بشدة في آسيا وافريقيا‪.‬‬
‫‪ -‬هناك تخوف من أن تحرير تجارة الخدمات البنكية والمالية يؤدي إلى تزايد التعامل مع المشتقات البنكية‬
‫والمالية‪ ،‬والتي ينظر إليها دائما على أنها منطقة خطر ولها المخاطر السوقية المعروفة‪ 3.‬والجدير بالذكر هو‬
‫تحرير التجارة في مناخ سياسي غير مناسب من الممكن أن يجعل تأثير الصدمات يتفاقم ومع ذلك فإن التحرير‬
‫يحسن من القدرة على استيعاب هذه الصدمات‪ .‬إن القابلية للتقلب في شروط التجارة ومعدالت الفائدة الدولية‬
‫وأسعار الصرف يمكن للنظام التجاري التحرري الذي يسمح بالتدفقات الحرة لرأس المال أن يسهل من المشكالت‬
‫قصيرة األجل في ميزان المدفوعات ألن وجود ا لمؤسسات األجنبية قد ساعد على االستقرار في األنظمة المالية‬
‫في عدة بلدان عند ظهور األزمة المكسيكية واآلسياوية‪.‬‬
‫‪ -‬التخوف من عدم قدرة البنوك المحلية على المنافسة في السوق البنكي العالمي‪ ،‬وهو ما يتطلب على‬
‫الحكومات أن تسعى بكل الوسائل الممكنة في إعداد البنوك والمؤسسات البنكية المحلية بيئة أكثر تنافسية‪ ،‬ويتم‬
‫ذلك من خالل محاوالت تخفض تكاليف التشغيل من خالل تحسين الكفاءة أو االستثمار في تكنولوجية بنكية‬
‫حديثة و تشجيع التحول نحو االندماج البنكي ‪.4‬‬
‫‪ -‬إن تحرير تجارة الخدمات البنكية والمالية قد يسمح بفشل أحد البنوك أو أكثر وافالسها وهو ما يمكن أن‬
‫يؤدي إلى أزمة في السوق البنكية حيث أن فقد الثقة يؤدي إلى االندفاع والهجوم على البنوك لسحب ما فيها من‬
‫أموال المودعين والمفوضين وأن هذا بدوره من الممكن أن يزعزع الثقة في الجهاز البنكي كله ويهدد بقوة استقرار‬
‫االقتصاديات الكلية والنشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير قطاع الخدمات المالية يتطلب مناخ مستقر لالقتصاديات الكلية حتى يتم االستفادة كلية من‬
‫مزاياه‪ ،‬إن التضخم و العجز الكبير في الموازنة وأسعار الصرف غير المدعومة باقتصاد كلي يمكن أن يكون لها‬
‫تأثير عكسي على االندماج مع النظام المالي العالمي‪.‬‬
‫وعليه تشكل تحدي على الدول من أجل إيجاد سياسة نقدية موجهة نحو االستقرار‪ .‬وأسعار الصرف‬
‫وسياسة مالية سليمة تدعم االستقرار المالي‪ ،‬ومن أجل بناء استقرار اقتصادي على المستوى الكلي والحصول‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد العال حماد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪. 221‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪221‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫على الثقة في مرحلة التحول‪.1‬كما تشكل هذه المرحلة أهمية أكبر من أجل إصالح البنية الهيكلية للقطاع البنكي‬
‫والمالي وفق ما يلي‪:‬‬

‫منع استخدام النظام المالي لتحقيق أهداف تنطلق بالسياسة الموضوعة‪.‬‬


‫إعداد مؤسسات مالية تعمل في مناخ تنافسي متزايد وايجاد مساحات من المشاورة تتحرك فيها‬
‫المؤسسات لخدمة الجمهور‪.‬‬
‫تساهم الحكومة في توسيع وتعميق األسواق المالية بمساعدة عمليات السوق المفتوحة لتحرير قطاع‬
‫الخدمات المالية‪.‬‬
‫لكن ذلك وفق اإلشراف الفعال للبنك المركزي في الوقاية والمتابعة وتحسين توجيه البنوك والمؤسسات‬
‫البنكية المحلية ويحدد المشكالت في مرحلة مبكرة‪ .‬وهو ما يسمح بوجود المزيد من الوقت التخاذ التدابير الالزمة‬
‫لعالج األزمات والمشكالت قبل وقوعها وهو ما يؤدي إلى تعميق االستقرار في النشاط البنكي‪.‬‬

‫وكغيرها من دول العالم أثرت العولمة المالية على النظام البنكي الجزائري حيث شرعت الجزائر في‬
‫تطبيق مجموعة من اإلصالحات االقتصادية منذ بداية عقد التسعينات من اجل تغيير نمط تسيير االقتصاد‪ ،‬من‬
‫االقتصاد المخطط أو الموجه إلى اقتصاد السوق‪ ،‬وتقليل درجة تدخل الدولة في االقتصاد‪ ،‬وافساح المجال‬
‫للمبادرة الخاصة‪ .‬حيث مست اإلص الحات جميع القطاعات االقتصادية‪ ،‬وكغيره من القطاعات‪ ،‬شهد القطاع‬
‫المالي والبنكي أولى اإلصالحات باعتماد قانون النقد والقرض في افريل ‪2220‬م‪ ،‬ولقد كان الهدف األسمى‬
‫للقانون تنظيم القطاع البنكي والمالي‪ ،‬واعطاء حرية أكبر للبنوك في ممارسة الوظيفة البنكية وهذا ما سنحاول‬
‫إيضاحه من خالل الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد العال حماد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪11-12‬‬

‫‪92‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة االقتصادية وانعكاساتها على سياسات التحرير المالي والبنكي‬

‫خالصة‬

‫من خالل عرضنا لمختلف عناصر الفصل تبين لنا أن العولمة االقتصادية في معناها الشامل تعني تحرير‬
‫العالقات االقتصادية القائمة بين الدول من السياسات والمؤسسات الوطنية واالتفاقيات المنظمة لها وهذا بخضوعها‬
‫التلقائي لقوى جديدة أفرزتها التطورات التقنية واالقتصادية‪ ،‬ل تعيد تشكيلها وتنظيمها وتنشيطها بشكل طبيعي على‬
‫مستوى العا لم بأكمله كوحدة واحدة‪ ،‬وأنها ستؤدي إلى صياغة جديدة لنظام يحكم العالم كوحدة متكاملة األجزاء بشكل‬
‫طبيعي ودون حواجز أو حدود‪ .‬ومن ثم فإن العولمة تعني أن تصير بلدان العالم المختلفة خاضعة لنظام عالمي‬
‫مسير بقوانين طبيعية حتمية‪ ،‬فتنصهر فيه اقتصاديات هذه البلدان بال سياسات وطنية وبما يحقق مصالح الجميع‪.‬‬

‫وتعتبر سياسات التحرير المالي والبنكي من أهم حتميات تجسيد العولمة المالية الرامية إلى المزيد من التحرر‬
‫االقتصادي‪ ،‬واستجابة لمتطلبات التطورات االقتصادية العالمية التي تقوم على التحرر من القيود و العراقيل التي‬
‫تحول دون ح رية النشاط البنكي على المستوى المحلي والدولي‪ ،‬ولقد بدأت عملية التحرير البنكي في الدول المتقدمة‬
‫ومن االقتصاد ال مخطط إلى اقتصاد السوق‪ ،‬إذ ال يمكن للتحرير االقتصادي أن يكتمل إال باالهتمام بإصالح القطاع‬
‫البنكي وتحريره‪ ،‬كما ساهمت المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي بالتعجيل بعملية التحرير‬
‫اكتملت بتوسع أنشطة البنوك وتدويلها‪ ،‬وتوسعت لتشمل العديد من الدول النامية خاصة الدول التي عرفت‬
‫باالقتصاديات المتحولة أو االنتقالية من خالل البرامج التي يقترحها على الدول ضمن برامج اإلصالح االقتصادي‬
‫والتعديل الهيكلي‪.‬‬

‫كما يمكن القول أن التغيرات البنكية العالمية التي عكستها العولمة المالية على أداء وأعمال البنوك خاصة‬
‫االتفاقية العامة لتحرير تجارة الخدمات‪ ،‬أدت إلى ظهور ونمو كيانات بنكية جديدة‪ ،‬والتي تعتبر انقالباً واضحاً في‬
‫عالم البنوك‪ .‬إذ أن الكيانات البنكية العمالقة بحكم عالقات القوة االقتصادية الضخمة والحجم االقتصادي الكبير‬
‫واألداء االقتصادي الفائق‪ ،‬أصبحت تملك قدرة عالية على التأثير في شكل واتجاهات السوق البنكي العالمي‬
‫المتعاظم النمو والمتسارع في االنتشار واالتساع من خالل التواجد في كافة أنحاء العالم‪ ،‬من خالل إرساء مفهوم‬
‫العولمة البنكية‪ ،‬التي تدفع البنوك إلى التواجد بفاعلية في كافة ميادين النشاط االقتصادي بامتداداته الجغرافية‬
‫الواسعة‪ .‬وفي الوقت ذاته فإن االرتباط العضوي بالتجمعات والتكتالت البنكية يعتبر أساساً لوصول البنك إلى الحجم‬
‫االقتصادي الكبير الذي يتيح وفورات النطاق والسعة البنكية ‪ .‬وقد أدى ذلك إلى ارتباط عمل البنك بالتكامل البنكي‬
‫الذي يقوم على التخصص وتقسيم العمل‪ ،‬والذي يعظم من جودة األداء ويرتقي بمستوى القدرة على اإلشباع‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫يعد القطاع المالي والبنكي من أهم القطاعات االقتصادية‪ ،‬وأكثرها تأث ار واستجابة للتطورات االقتصادية‬
‫العالمية التي أفرزتها العولمة‪ ،‬والتي تمثلت أهم معالمها في موجة التطورات والتحوالت الجذرية التي كان في‬
‫صدارتها االتجاه المتزايد نحو التحرر من القيود وازالة المعوقات التشريعية والتنظيمية والسماح للمؤسسات المالية‬
‫والبنكية بالع مل في ظل اقتصاد السوق الذي تحكمه المنافسة‪ .‬حيث تعتبر البنوك الركيزة األساسية في النظام المالي‪،‬‬
‫فهي تمكن اقتصاد أي بلد من أداء وظائفه المختلفة ال سيما في ظل التطورات المتسارعة والمتالحقة التي تشهدها‬
‫أسواق النقد والمال العالمية‪ ،‬ولم يصبح الدور الذي تمارسه البنوك مقتص ار على دور الوساطة بل تعداه إلى‬
‫المصارف الشاملة‪ ،‬مما تطلب من الصناعة البنكية الدولية عامة والجزائرية خاصة تمتلك القدرة على مواكبة‬
‫التطورات‪.‬‬

‫وباعتبار الجزائر واحدة من الدول التي تشهد مرحلة انتقالية من االقتصاد المخطط إلى االقتصاد الذي تحكمه‬
‫السوق‪ ،‬فقد باشرت في إجراءات التحرير االقتصادي الذي أدى إلى خوصصة القطاع العام وتحرر القطاع الخاص‪،‬‬
‫الذي وجب أن يصاحبه تحرر مالي وبنكي‪ ،‬يؤدي إلى زيادة حرية البنوك والمؤسسات المالية في توجيه مواردها‬
‫للمؤسسات االقتصادية‪ ،‬وترك المجال للبنوك الخاصة لممارسة العمليات البنكية بمختلف أنواعها من خالل صدور‬
‫قوانين تشريعية تنظم عملها‪.‬‬

‫وشهد النظام البنكي الجزائري تطورات هامة‪ ،‬حيث بعد االستقالل انتهجت الجزائر النموذج المخطط القائم‬
‫على التخطيط المركزي عامة والتخطيط المالي خاصة‪ ،‬لذلك بادرت السلطات إلى وضع جهاز بنكي ومالي وطني‬
‫يتال ءم مع متطلبات ونموذج التنمية من خالل مركزية قرار تمويل المؤسسات الذي انجر عنه عدة مساوئ ومع‬
‫دخول الجزائر مرحلة اإلصالحات االقتصادية‪ ،‬تعزز إصالح القطاع البنكي بصفته الركيزة األساسية لالقتصاد‬
‫بصدور قانون النقد والقرض‪ ،‬الذي جاء إيذانا باالنتقال إلى اقتصاد السوق ليعطي للجهاز البنكي استقاللية في‬
‫القرار‪ ،‬وحرية في التعامل وفي تقديم القروض وتصحيح العالقة بين البنك والمؤسسة االقتصادية لذلك سنحاول‬
‫التطرق من خالل هذا الفصل إلى النقاط التالية‪:‬‬

‫– تطور المنظومة البنكية في ظل االقتصاد الموجه خالل الفترة (‪2261‬م ـ‪2246‬م) ‪.‬‬
‫– تطور المنظومة البنكية في ظل قانون النقد والقرض رقم (‪.)20/ 20‬‬
‫– إفالس البنوك الخاصة الجزائرية والترتيبات الجديدة الواردة في قانون النقد والقرض‪.‬‬
‫– التحديات التي تواجهها البنوك الجزائرية في ظل انتشار سياسات التحرير المالي‪.‬‬
‫– استراتيجيات تطوير أداء البنوك الجزائرية في ظل تطبيق سياسات التحرير المالي‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫المبحث األول‪ :‬المنظومة البنكية في ظل االقتصاد الموجه خالل الفترة( ‪7922‬م‪7911 -‬م)‬

‫نشأت المؤسسات المالية والبنكية الجزائرية الحديثة في ظل االستعمار الفرنسي للجزائر‪ ،‬حيث كانت في‬
‫خدمة اقتصاد ليبرالي يخدم فرنسا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام‪ ،‬ثم أممت هذه المؤسسات في ظل‬
‫االستقالل وأصبحت تابعة لما يعرف بالقطاع العام تماشيا وطبيعة النظام االقتصادي الذي تبنته الجزائر بعد‬
‫االستقالل‪ ،‬ثم عرفت هذه المؤسسات إصالحات هيكلة وتنظيمية أملتها الظروف االقتصادية‪ ،‬حيث تميزت‬
‫المنظومة البنكية الجزائرية في هذه المرحلة بثالث فترات‪ ،‬وسنحاول من خالل هذا المبحث التطرق إليها من‬
‫خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫– مرحلة تكوين النظام البنكي الجزائري ‪2261‬م ‪2270-‬م‪.‬‬


‫– المنظومة البنكية في ظل اإلصالح المالي لسنة ‪2272‬م‪.‬‬
‫– اإلصالحات البنكية في ظل المخطط الوطني للقرض لسنة ‪2246‬م‪.‬‬
‫– ق ارءة في قانون استقاللية المؤسسات االقتصادية رقم ‪.06/44‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مرحلة تكوين النظام البنكي الجزائري ‪7922‬م ‪7910-‬م‬

‫ورثت الجزائر بعد االستقالل نظاما بنكيا يتجاوز ‪ 10‬بنكا‪ 1،‬يتناسب مع أهداف المستعمر الفرنسي‬
‫الليبرالية‪ ،‬في حين أن النظام البنكي الوطني اتبع التنظيم الذي يرتكز على التخطيط المركزي وفقا لمبادئ‬
‫االشتراكية‪ ،‬فظهرت بذلك ازدواجية وجود نظامين واحد قائم على أساس ليبرالي واآلخر قائم على أساس اشتراكي‬
‫تابع للدولة‪ ،‬وبالتالي عجز البنك المركزي على احتواء النظام البنكي ككل‪ ،‬وتسييره وفقا للتوجهات الجديدة‬
‫‪2‬‬
‫للدولة‪.‬‬

‫فظهر مشكل تمويل واضح خاصة لهروب كبير لرؤوس األموال إلى فرنسا لسحب الودائع البنكية واعراض‬
‫البنوك األجنبية عن تمويل االقتصاد الوطني‪ ،‬فلم يكن أمام السلطات الجزائرية إال اتخاذ إجراءات إستعجالية‬
‫السترجاع سيادتها النقدية واالقتصادية كخطوة أولى و تأميم البنوك بعد ذلك‪.‬‬

‫ولقد كان من األهداف األساسية للجزائر المستقلة في الميدان المالي‪ ،‬تأميم هذا النظام البنكي األجنبي‪،‬‬
‫وتأسيس نظام بنكي وطني تسيطر عليه الدولة‪ ،‬ويضطلع بتمويل التنمية‪ ،‬ومن األسباب التي تكون قد كرست‬

‫‪1‬‬
‫‪M.E.Benissad : Essai d'analyse monétaire avec référence a l'algerie 0OPU0 alger019750 p 16‬‬
‫‪2‬‬
‫شاكر القزويني‪ ،‬محاضرات في اقتصاد البنوك‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3000 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪96‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫هذه الرؤية ودعمت هذا التوجه وسرعت هذا المسار‪ ،‬هو رفض البنوك األجنبية القيام بتمويل عمليات التراكم‬
‫(االستثمار) التي تقوم بها المؤسسات الوطنية‪ ،‬واقتصارها إلى حد كبير على تفضيل تمويل عمليات االستغالل‬
‫للمؤسسات التي تتمتع فقط بمالءة مالية جيدة‪ ،‬وتمويل عملية التجارة الخارجية‪ ،‬وقد وجد البنك المركزي نفسه‬
‫‪1‬‬
‫في غالب األحيان عاج از عن التحكم في هذه البنوك والزامها على القيام على تمويل االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬استرجاع السيادة االقتصادية والنقدية‬

‫قامت السلطات الجزائرية باتخاذ إجراءات إستعجالية السترجاع سيادتها النقدية واالقتصادية من خالل‪:‬‬

‫‪ .2‬فصل الخزينة العامة للجزائر عن الخزينة الفرنسية‪ :‬في‪ 12‬أوت ‪ ،2261‬فقامت بتأدية الوظائف التقليدية‬
‫للخزينة بشكل عام‪ ،‬إلى جانب تدخلها بشكل استثنائي في مجال تقديم قروض لالقتصاد كالتكفل باألنشطة‬
‫التقليدية الزراعية والصناعية استجابة لمتطلبات االقتصاد‪.‬‬
‫‪Banque Centrale d'Algérie‬‬ ‫‪ .2‬إنشاء البنك المركزي الجزائري‪:‬‬
‫تم تأسيس البنك المركزي الجزائري بمقتضى القانون رقم ‪ 222-61‬الصادر في ‪ 22‬ديسمبر ‪2261‬‬
‫ويعتبر البنك حسب هذا القانون مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري تتمتع بالشخصية واالستقاللية المالية‪ ،‬وقد‬
‫كلف بعدها بمهمة البنك المركزي بصفته بنكاً لإلصدار النقدي‪ ،‬وكذا إشرافه على البنوك الثانوية (بنك البنوك)‪.‬‬

‫كما اعتبر الممول والمسير للشؤون النقدية للدولة‪ ،‬لكن تمتع البنك المركزي بهذه الوظائف لم يكن بصفة‬
‫مطلقة‪ ،‬وهذا يعود لطبيعة المرحلة التي كانت تحياها الجزائر‪ ،‬إذ بموجب قانون المالية لسنة ‪ 2267‬وضع البنك‬
‫المركزي كلية لخدمة الخزينة العامة‪ ،‬وهـذا بمنحها تسبيقات غـير منتهية‪ ،‬وال مشروطة الشيء الذي قلل من دور‬
‫البنك المركزي في االقتصاد الجـزائري آنذاك‪ ،‬إذ لم يتعد دوره وظيفة المحاسب البسيط للخزينة‪ ،‬ونجم عن ذلك‬
‫الكثير من الالمباالة في اإلصدار النقدي بدون مقابل‪ ،‬مما أدى إلى بداية تك ّون االختالالت النقدية التي أصبحت‬
‫فيما بعد هيكلية‪ ،‬وقد تعود الظروف التي يعرفها االقتصاد الجزائري اليوم هي في مجملها نتيجة الالمباالة الناتجة‬
‫عن هذا الظرف بالذات‪.‬‬

‫‪Caisse Algérienne de Développement de l'Algérie‬‬ ‫إنشاء الصندوق الجزائري للتنمية‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫لمواجهة الفراغ الذي أحدثه رفض البنوك األجنبية تمويل االقتصاد‪ ،‬جاء إنشاء الصندوق الجزائري للتنمية‬

‫‪1‬‬
‫طاهر لطرش‪ ،‬تقنيات بنكية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪ ،3003 ،‬ص‪.216‬‬

‫‪97‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫بمقتضى القانون رقم ‪ 62-267‬الصادر في ‪ 7‬ماي ‪2262‬م‪ ،‬ليأخذ مكان مجموعة من المؤسسات الفرنسية‬

‫‪1‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪Crédit Foncier‬‬ ‫القرض العقاري‬ ‫–‬

‫‪Crédit National‬‬ ‫القرض الوطني‬ ‫–‬

‫‪Caisse des dépôts et consignations‬‬ ‫صندوق الودائع واألمانات‬ ‫–‬

‫‪Caisse des marchés de l'état‬‬ ‫صندوق أسواق الدولة‬ ‫–‬

‫أنشأ‬ ‫‪Caisse d'équipement et de développement de L'Algérie‬‬ ‫صندوق تجهيزات وتنمية الجزائر‬ ‫ـ‬
‫‪2‬‬
‫الصندوق كبديل لهذه المؤسسات‪ ،‬كما وضع كأداة لتنمية متعدد األبعاد يمارس عدة وظائف‪:‬‬

‫– وظيفة بنك استثمار‪ :‬الصندوق هو أساسا بنك استثمار‪ ،‬يقدم قروض متوسطة وطويلة األجل بشكل‬
‫خاص إلنجاز برامج ومخططات التنمية‪.‬‬
‫–وظيفة بنك تنمية ‪ :‬كبنك استثمار‪ ،‬وبنك أعمال الصندوق مكلف بترقية المؤسسات خاصة المؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫– وظيفة الوساطة المالية‪ :‬كوسيط مالي‪ ،‬يمكن لصندوق القيام بكل العمليات على القيم المنقولة لحسابه‬
‫الخاص ولحساب الغير‪.‬‬
‫– وظائف أخرى للصندوق‪ :‬يمكن لصندوق في إطار عالقاته م ع الخارج القيام بكل عمليات التجارة مع‬
‫الخارج التدخل في سوق الصرف وتسيير بشكل مستقل موارده من العملة الصعبة‪ ،‬كما يلعب الصندوق دور‬
‫وسيط بين المؤسسات المالية الدولية أو البنوك األجنبية من جهة‪ ،‬والفاعلين االقتصاديين الوطنيين أو البنوك‬
‫الوطنية من جهة أخرى كما يلي‪:‬‬
‫– كعون مالي للدولة يلعب دور أساسي في تسيير ميزانية التجهيز للدولة‪.‬‬
‫– تقديم مساعدات واستشارات في تسيير المؤسسات الصناعية والتجارية وحتى الزراعية‪.‬‬
‫– ويعتمد الصندوق في تقديمه للقروض على تعبئة االدخار طويل األجل المتأتي من أموال مدخرة من‬
‫طرف هيئات ادخارية إجب ارية‪ ،‬كما يمكن لصندوق إصدار أذونات الصندوق أو سندات متوسطة أو طويلة‬
‫األجل وكذلك شهادات استثمار تكون مضمونة من قبل الدولة‪ ،‬كما يمكنه الحصول من الخارج على كل‬

‫‪1‬القزويني شاكر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.92‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Naas Abdelkrim, le système bancaire Algérien, Maisonneuve & Larose, France, 2003, P 33-34.‬‬

‫‪98‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫أشكال القرض الموجه لتمويل االستثمار‪ ،‬وهو مكلف بذلك بكل خطوط القرض الحكومي‪ .‬وعدم تمكنه عمليا‬
‫من تنشيط االدخار أدى إلى تدخل الخزينة العمومية في تقديم رؤوس األموال له‪.‬‬
‫‪Caisse Nationale d'épargne et de Prévoyance‬‬ ‫‪ .4‬إنشاء الصندوق الوطني لالدخار والتوفير‪:‬‬
‫‪Caisse de Solidarité des‬‬ ‫تأسس بالمرسوم رقم ‪ 117-62‬في ‪ 20‬أوت ‪2262‬م‪ ،‬ليحل محل‪:‬‬
‫كبنك ادخار‪ ،‬أوكلت له مهمة جمع االدخارات من ذوي الدخول‬ ‫‪départements et des communes d'Algérie‬‬

‫المتوسطة لتمويل ثالث أنواع من العمليات‪ :‬قروض ا لسكن‪ ،‬قروض للجماعات المحلية‪ ،‬إضافة إلى خدمات‬
‫أخرى ذات منفعة اجتماعية‪ ،‬ولتشجيع االدخار اتخذ الصندوق مجموعة من اإلجراءات‪:‬‬

‫‪ -‬فتح شبابيك تشمل كل التراب الوطني للحصول على حد أقصى من اإليداع‪.‬‬


‫‪ -‬قبول حد أدنى لإليداع (‪ 20‬دينار جزائري) دون وضع حد أقصى من اإليداع‪.‬‬
‫‪ -‬معدالت االدخار جاذبة خالل الستينات تحسب على أساس معدل إعادة الخصم للبنك المركزي‪.‬‬
‫‪ -‬ودائع االدخار تستفيد من ضمان الدولة واإلعفاء من كل الضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعالن الترويجي في السنوات األولى من إنشاء الصندوق خاصة تشجيع االدخار المدرسي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬تكريس يوم وطني لالدخار (‪ 22‬أكتوبر‪ ،‬اليوم العالمي لالدخار)‪.‬‬
‫وقد حقق الصندوق نجاح في هذا المجال خاصة وأن الحافز الحقيقي لالدخار هو فرصة حصول المدخر‬
‫على سكن‪ ،‬وبذلك يمكن اعتبار الصندوق بنك حقيقي لإلسكان‪.‬‬

‫واستكماال للسيادة النقدية تم في ‪ 20‬أفريل ‪2262‬م إنشاء عملة وطنية هي الدينار الجزائري على أساس‬
‫غطاء ذهبي يعادل ‪ 0,18‬غرام من الذهب النقي للدينار الواحد‪.2‬وارساء نظام الرقابة على الصرف ومغادرة‬
‫منطقـة الفرانك الفرنسي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تأميم الجهاز البنكي الجزائري‬

‫ترددت البنوك المتواجدة حوالي ‪ 10‬مؤسسة بنكية أجنبية في الجزائر‪.3‬في تمويل القطاع العمومي‬
‫االشتراكي رغم ما لديها من سيولة نقـدية كبيرة‪ ،‬واقـتصرت على تمويل التجـارة الخارجية وتمويل عمليات‬
‫االستغالل للمؤسسات التي تتمتع بمالءة مالية جـيدة تطبيق ا للقواعد التقليدية للبنـوك من مالءة ومردودية‪ ،‬ولعجز‬

‫‪1‬‬
‫القزويني شاكر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Benissad. M.E, Essai d'analyse monétaire avec référence à l'Algérie, 2 édition, OPU, Alger, 1980, P 12.‬‬

‫‪99‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫البنـك المركزي على توجيه هذه البنـوك نحو تمويل التنمية الوطنية‪ ،‬شرعت السلطات العمومية بعملية تأميم‬
‫البنـوك وانشاء بنوك وطنية لتمويل النشاط بدال من البنـك المركزي والخزينة العمومية‪ ،‬فظهرت ثالث بنـوك أولية‬
‫برأسمال عمومي هي‪:‬‬

‫‪Banque Nationale d'Algérie‬‬ ‫‪ .7‬البنك الوطني الجزائري‪:‬‬


‫يعد أول بنك تجاري عمومي‪ ،‬تأسس بالمرسوم رقم ‪ 274-66‬الصادر ‪ 22‬جوان ‪2266‬م لكي يحل محل‬
‫‪1‬‬
‫البنوك التالية‪:‬‬
‫‪Crédit Foncier d'Algérie et de Tunisie‬‬ ‫‪ -‬القرض العقاري للجزائر وتونس‬
‫‪Crédit Industriel et Commercial‬‬ ‫‪ -‬القرض الصناعي والتجاري‬
‫‪Banque Nationale pour le Commerce et Industrie Afrique‬‬ ‫‪ -‬البنك الوطني للتجارة والصناعة في إفريقيا‬
‫‪Banque de Paris et des Pays - Bas‬‬ ‫بنك باريس والبلدان المنخفضة‬ ‫‪‬‬

‫‪Comptoir d'escompte de Mascara‬‬ ‫‪ -‬صرافة الخصم لمعسكر‬


‫يؤدي البنك عدة وظائف فهو بنك ودائع يقبل كل أشكال الودائع ويقدم كل أنواع القروض‪ ،‬ويقوم بكل‬
‫العمليات مع الخارج‪ ،‬كما يؤدي البنك وظيفة بنك القطاع االشتراكي كأداة للتخطيط المالي‪ ،‬ليأخذ مكان البنك‬
‫المركزي في تمويل القطاع الزراعي ابتدءا من سنة ‪2267‬م محتك ار التمويل الزراعي‪.‬‬

‫وباختصار يمكن القول أنه بنك ودائع واستثمار وبنك المنشآت الوطنية‪ ،‬وبنك يتوجه للداخل والخارج وبنك‬
‫التسيير الذاتي الزراعي‪ .‬ويعد هذا األخير األول في ميدان تجميع الموارد حيث يمثل مستوى الودائع المجمعة‬
‫من البنك ‪ %70‬من مجوع ودائع النظام البنكي عشية انطالق المخطط الرباعي األول‪.‬‬

‫‪Crédit Populaire d'Algérie‬‬ ‫‪ .2‬القرض الشعبي الجزائري‪:‬‬


‫وبعد شهور من إنشاء البنك الوطني الجزائري تأسس القرض الشعبي الجزائري بالمرسوم رقم ‪226-66‬‬
‫الصادر في ‪ 22‬ماي ‪2267‬م‪ ،‬ورث البنك مجموع البنوك الشعبية المنحلة في ‪ 22‬ديسمبر ‪2266‬م وهي‪:‬‬

‫– البنوك الشعبية التجارية والصناعية (لكل من عنابة‪ ،‬وهران‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر)‪.‬‬


‫‪Banque Populaire Commerciale et Industrielle d'Alger (d'Oran, de Constantine, D'Annaba).‬‬

‫'‪ -Algérie‬البنك اإلقليمي للقرض الشعبي للجزائر‬ ‫‪Banque Régionale du Crédit Populaire d‬‬

‫‪ 2‬القزويني شاكر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪100‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪1‬‬
‫وقد اندمجت بالبنك فيما بعد ‪ 2‬بنوك أجنبية بعد تأسيسها وهي‪:‬‬

‫‪Société Marceilaise de Crédit‬‬ ‫شركة مرسيليا للقرض‬


‫‪Compagnie Française de Crédit et de Banque‬‬ ‫الوكالة الفرنسية للقرض والبنك‬
‫‪Banque Mixte Algérie-Misr‬‬ ‫البنك المختلط الجزائري‬
‫آخر بنك خاص تم ضمه إلى القرض الشعبي‬ ‫‪Banque Populaire arabe‬‬ ‫والبنك الشعبي العربي‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫يلعب البنك دور بنك ودائع مستوى الودائع المستقطبة من البنك خالل المخطط الثالثي ال تمثل سوى‬
‫‪ %20‬من مجموع الودائع لدى النظام البنكي‪ 2،‬كما أوكل للبنك مهمة تمويل الفندقة والسياحة‪ ،‬الصيد والنشاطات‬
‫الملحقة به والنشاط الحرفي والمهن الحرة‪.‬‬

‫‪Banque Extérieur d'Algérie‬‬ ‫البنك الخارجي الجزائري‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫تأسس ثالث بنك بموجب المرسوم رقم ‪ 67-102‬بتاريخ ‪ 2‬أكتوبر ‪2267‬م‪ ،‬ليرث البنوك التالية‪:‬‬

‫‪Crédit Lyonnais‬‬ ‫– القرض الليوني‬


‫‪La Société Générale‬‬ ‫– الشركة العامة‬
‫‪Crédit du Nord‬‬ ‫– قرض الشمال‬
‫‪Banque Industrielle pour‬‬ ‫ـ البنك الصناعي للجزائر ولحوض المتوسط‪:‬‬
‫‪Méditerranée Barclay's Bank Limited l'Algérie et de la‬‬

‫البنك الخارجي الجزائري هو بنك ودائع‪ ،‬وله مكانة خاصة في مجال تنمية العالقات المالية مع الخارج‬
‫بالتخصص في تمويل المبادالت الخارجية وعمليات الصرف وترتيبها‪ .‬وتخضع هذه البنوك إلى رقابة مفتشية‬
‫و ازرة المالية التي تمارس سلطة الوصاية عليها‪ .‬وفي األول من نوفمبر‪2267‬م‪ ،‬تم جزئرة النظام البنكي بصفة‬
‫نهائية من خالل سحب االعتماد من البنوك األجنبية بمقتضى القرار ‪ 72‬لو ازرة المالية تم سحـب االعتماد على‬

‫‪1‬‬
‫القزويني شاكر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪2‬‬
‫‪NAAS Abdelkrim, Op.Cit, P 49.‬‬

‫‪101‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫صعيد عمليات التمويل العالمية‪.1‬التي كان تهدف من القيام بها تهريب األموال إلى الخارج‪ ،‬فانسحبت هذه البنوك‬
‫وتم اإلبقاء على مؤسستين أجنبيتين هما البنك الشعبي العربي‪ ،‬والشركة الفرنسية للقرض والبنك ‪.CFCB ،BPA‬‬

‫وفي هذه المرحلة كان على المؤسسات أن تضمن تمويل استثماراتها عن طريق البنك المركزي وكذا‬
‫المصارف التجارية‪ ،‬لكن سرعان ما تبين أن الصندوق الجزائري للتنمية جهاز ممركز الستثمارات المؤسسة‬
‫حتى ولو تضمن التمويل األولي‪ ،‬حيث واجهت هذه األخيرة مشكلة عدم قدرتها في الحصول على قروض من‬
‫البنوك التجارية‪ ،‬وهذا الرفض يعود إلى تخوف البنوك من المخاطر‪ ،‬باإلضافة إلى أن القروض تتم حسب‬
‫ميزانية المعدات التي من المفروض أن يسيرها الصندوق الجزائري للتنمية من خالل األموال التي يتقاضاها من‬
‫الخزينة‪ ،‬ولكن لوحظ أن الصندوق الجزائري للتنمية يعتبر وسيط بين خزينة الدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬إذ‬
‫ساهمت في إنشاء المؤسسات الجزائرية األولى‪ ،‬وفي القيام ببعض عمليات الخزينة العمومية التي تتعلق‬
‫‪2‬‬
‫بتسيير ميزانية التجهيز إلى غاية ‪2266‬م‪.‬‬

‫ونظ ار للعجز الكبير الذي كان يسود المؤسسات العمومية التي كانت تعاني اختالال في بنيتها منذ بداية‬
‫نشاطها‪ ،‬فان مواصلة عملية تمويل هذه األخيرة تطلبت من البنوك التجارية اللجوء المتزايد إلى سلفات البنك‬
‫المركزي‪ ،‬واالستدانة الخارجية للحصول على الموارد الناقصة‪ ،‬فيتم توفير السيولة عن طريق اإلصدار النقدي‬
‫بدون مقابل‪ ،‬ودون مراقبة القروض الموزعة‪ ،‬سواء على مستوى الخزينة أو من طرف مديرية التخطيط‪ ،‬اللذين‬
‫‪3‬‬
‫تجاوزتهما ضخامة هذا العمل‪ ،‬وال على مستوى البنوك التجارية‪.‬‬

‫والشكل الموالي يبين طريقة تمويل مختلف قروض االستغالل واالستثمار من طرف الجهاز البنكي‬
‫والخزينة العمومية قبل ‪2272‬م‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Benissad. M.E, Economie du développement de l'Algérie, 2e édition, OPU, Alger, 1979, P21‬‬
‫‪2‬‬
‫نسيلي جهيدة‪ ،‬اثر العجز المالي على المؤسسات االقتصادية في الجزائر‪ ،‬مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير في علوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬الجزائر ‪ ،3001-3001‬ص‪.29‬‬
‫‪3‬‬
‫المجلس الوطني واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬إشكالية إصالح المنظومة المصرفية‪ ،‬عناصر من اجل فتح نقاش اجتماعي‪ ،‬الدورة السادسة عشر‪ ،‬نوفمبر‬
‫‪ ،3000‬ص‪.29‬‬

‫‪102‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫شكل رقم (‪ :)7-2‬هياكل وقنوات التمويل لقروض االستثمار واالستغالل في الجزائر في نهاية الستينات‪.‬‬

‫قروض االستثمار‬
‫االستثمار‬

‫الخزينة العمومية‬ ‫البنك المركزي‬


‫الجزائري‬

‫الصندوق‬
‫الجزائري للتنمية‬ ‫القرض الشعبي‬ ‫الشركة الوطنية‬ ‫البنك‬ ‫القرض‬ ‫البنك الوطني‬
‫الجزائري‬ ‫للقروض‬ ‫الخارجي‬ ‫الجزائري‬
‫الجزائري‬ ‫الشعبي‬

‫الجزائر‬
‫ي‬

‫تمويل نشاطات االستغالل‬

‫‪SOURCE: H, Benisaad, économie et développement en Algérie, opu, Alger ,1982 p19‬‬

‫لقد كان األمر الذي ميز هذه الفترة‪ ،‬هو البحث عن كيفية ضمان استمرار تمويل االقتصاد الوطني أمام‬
‫قلة الموارد المالية من جهة‪ ،‬وعدم قيام القطاع البنكي األجنبي بدوره من جهة أخرى‪ ،‬لكن أسلوب التمويل‬
‫المنتهج تميز بتعارض طرق التمويل مع أهداف التنمية (أهداف القطاع البنكي وأهداف المؤسسات الوطنية)‬
‫فنجد أن الخزينة تحل محل البنوك وتعمل كما لو كانت بنكا بتقديم مساعدات بشكل مباشرة‪ ،‬هذه األخيرة غير‬
‫واضحة في تسجيلها محاسبيا هل تسجل هذه األموال على أنها مساعدات أو سلفيات‪.1‬و لم تمارس البنوك أي‬
‫رقابة في استعمال القروض فالسيولة متوفرة بعمليات اإلصدار النقدي دون مقابل كما أن تخصص البنكي لم يتم‬

‫‪2Benmalek Riad, la reforme du secteur Bancaire en Algérie, mémoire pour l'obtention de la maîtrise sciences‬‬
‫‪économiques, option monnaie et finance), université des science sociale, Toulouse, France, 1998/1999 ,p19.‬‬

‫‪103‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫احترامه‪ ،‬وقيام البنك وحيد بتمويل عدة قطاعات مختلفة وغير متجانسة أمر صعب تجاوز قدرات البنوك خاصة‬
‫وأنها تتلقى تعليمات من جهات مختلفة وعلى الخصوص من و ازرة المالية‪ ،‬مما أدى إلى فقدان البنك المركزي‬
‫لوظيفته كبنك البنوك وأصبح كأداة في يد الوصاية‪ ،‬وتميزت هذه المرحلة بنقص القروض الموجهة لمؤسسات‬
‫الدولة وتوفر البنوك التجارية على مبالغ معتبرة من السيولة غير المستثمرة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬خ صائص المؤسسات المالية و البنكية خالل الفترة ‪7922‬م ـ ‪7910‬م‬

‫تماشيا والنظام االقتصادي االشتراكي الذي تبنته الجزائر بعد االستقالل‪ ،‬لم يكن للمؤسسات البنكية والمالية‬
‫دو ار بار از في تحقيق التنمية االقتصادية المرجوة وانما كانت أداة لتنفيذ مخططات الدولة المبنية على التسيير‬
‫المركزي لق اررات االقتصاد الوطني‪ ،‬و بواسطة منظومة التخطيط – الممثلة ف ي كتابة الدولة للتخطيط آنذاك‪،‬‬
‫والتي أصبحت في ما بعد و ازرة التخطيط و التهيئة العمرانية – ب صفتها وسيلة ضبط آليات االقتصاد مما يوحي‬
‫بالبعد الواضح لمتخذ القرار الفعلي عن مركز األداء اإلنتاجي‪ ،‬األمر الذي يجعله جاهال للمشاكل الفنية البسيطة‬
‫والتي لها دور كبير في إنجاح العملية اإلنتاجية‪ ،‬مما يستلزم تداخال في الصالحيات وتشعب التعقيدات‬
‫‪1‬‬
‫البيروقراطية‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص أهم خصائص ومميزات القطاع البنكي في هذه المرحلة في النقاط التالية‪:‬‬

‫– عدم وجود قانون بنكي موحد يحدد ويوضح العالقة بين البنوك والبنك المركزي والخزينة وبالتالي ساد‬
‫التناقض والتداخل في الصالحيات بين هذه األطراف‪.‬‬
‫– غياب دور البنك المركزي وعدم قيامه بمهامه الرئيسية كبنك للبنوك‪ ،‬واقتصار دوره في إعادة تمويل‬
‫الخزينة والبنوك التجارية دون توجيه أو رقابة على تداولها في السوق‪.‬‬
‫– كانت البنوك عبارة عن صناديق توفر السيولة الالزمة لتمويل المؤسسات العمومية واستثمارات الدولة‬
‫وعليه غاب هدف المردودية المالية لهذه البنوك وغابت الوظيفة األساسية للبنوك وهي الوساطة المالية‪.‬‬
‫– غياب سلطة القرار على منح القروض للبنوك وغياب محفزاتها في تجميع الموارد‪.‬‬
‫– غياب المنافسة الحقيقية بين البنوك نتيجة التخصص‪.‬‬
‫– غياب القرض البنكي في تمويل المؤسسات وتكفل الخزينة بذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪A.BEN ACHENHOU, L’expérience algerienne de planification et de développement “1962-1982” Alger. O.P.U.‬‬
‫‪2éme édition, P:67‬‬

‫‪104‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫– اعتبار التسبيقات التي تمنحها الخزينة للمؤسسات العمومية بمثابة هبات‪.‬‬


‫– عدم إعطاء األهمية لتكاليف المشروع ولمردودية رؤوس األموال من طرف األعوان االقتصاديين‬
‫(مؤسسات عمومية ‪ ،‬هيئات قرض)‪.‬‬
‫– تعارض الجهاز البنكي الذي يبحث عن المردودية المالية‪ ،‬واحتياجات تمويل المؤسسات العمومية التي‬
‫تتميز بدرجة كبيرة من الخطورة‪ ،‬مما أدى إلى وجود اختالالت في التمويل‪.‬‬
‫– اقتصار دور المصارف على توزيع الموارد المالية المتاحة على المؤسسات العمومية الموجودة وفقا‬
‫‪1‬‬
‫لقائمة تعدها و ازرة المالية‪.‬‬
‫كل هذا أدى بالسلطات إلى القيام بإصالحات مالية سنة‪ ،2272‬أعطت رؤية جديدة لعالقات التمويل‬
‫وحددت أيضا طرق تمويل االستثمارات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المنظومة البنكية في ظل اإلصالح المالي لسنة ‪7917‬م‬

‫لقد كان القطاع المالي الجزائري في هذه الفترة صغي ار ومجزءا‪ ،‬وضم عددا قليال من المؤسسات البنكية‪،‬‬
‫شركات التأمين وصناديق التقاعد‪ ،‬وكانت كلها ملكا للدولة وتعمل كأداة مالية الستثمارات القطاع العام‪ ،‬وكانت‬
‫هذه المؤسسات البنكية تكتفي بجمع مدخرات قطاع األسر والمؤسسات‪ ،‬من خالل فروعها عبر الوطن‪ ،‬وتوجه‬
‫هذه المدخرات إلى تمويل الواردات وعمليات المؤسسات العامة حيث خصصت بعض البنوك للتعامل مع‬
‫المؤسسات العامة بشكل منفرد‪ .‬وقد كانت الخزينة العامة تقوم بفرض االكتتاب في السندات قصد االستحواذ‬
‫على مدخرات األسر والشركات لتستخدمها أساسا في التمويل معتمدة على االقتراض من البنوك وكان دور البنك‬
‫المركزي ثانويا كما حددت أسعار الفائدة إداريا نتج عنه أسعار فائدة سالبة ال صلة لها بالواقع وقد شجع هذا‬
‫الوضع طلب القروض من أجل استثمارات ذات التركيز الرأسمالي العالي‪.‬‬

‫كانت المؤسسات العمومية تعمل في غياب قيود مالية جدية وتخضع ألهداف الحكومة في مجال األسعار‬
‫والعمالة‪ .‬وكان دورها سالبا‪ ،‬فلم تكن م خصصات القروض تستغل من أجل أنشطة تجارية مربحة‪ ،‬بل كانت‬
‫بعيدة عن كل أساس تنافسي‪ ،‬فقد كانت البنوك التجارية تعمل دون أي تحفيزات على العمل البنكي ولم يمارس‬
‫البنك المركزي دوره في المجال الرقابي على المصارف‪ ،‬مكتفيا بإعادة الخصم لتزويد البنوك التجارية بالسيولة‪،‬‬
‫عملية شبه أوتوماتيكية روتينية‪ ،‬وكانت األوراق المالية تخصم في البنك المركزي ضمن فئات مصنفة إداريا‬

‫‪1‬‬
‫خالد منه ‪،‬العالقة بين المؤسسة والبنك ‪،‬محاولة تقييم األداء في ظل إصالح المنظومة البنكية الجزائرية‪ ،‬مداخلة في ملتقى الشلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬‬
‫ص‪.320‬‬

‫‪105‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫طبقت عليها حدود قصوى مختلفة مثلما كانت أسعار الفائدة تفضيلية تستفيد منها بعض القطاعات دون األخرى‬
‫مثل قطاع الزراعة والعقارات ومشاريع االستثمار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لقد كانت اغلب االستثمارات تمول في هذه الفترة عن طريق القروض والتي يمكن تحديدها فيما يلي‪:‬‬

‫– قروض بنكية متوس طة األجل تتم بواسطة سندات قابلة للخصم لدى البنك المركزي‪.‬‬
‫– قروض طويلة األجل ممنوحة من طرف مؤسسات مالية متخصصة مثل البنك الجزائري للتنمية وتتمثل‬
‫مصادر هذه القروض في اإليرادات الجبائية‪ ،‬وموارد االدخارات المعبأة من طرف الخزينة‪ ،‬والتي منح أمر‬
‫تسييرها إلى هذه المؤسسات المتخصصة‪.‬‬
‫– التمويل عن طريق القروض الخارجية تكون مكتتبة من طرف الخزينة والبنوك والمؤسسات‬
‫االقتصادية‪ 2،‬بتصريح مسبق من طرف و ازرة المالية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون اإلصالحات المالية لسنة ‪7917‬م‬

‫شهدت بداية السبعينات بعض اإلصالحات والتعديالت على السياسة المالية والنقدية تماشيا مع السياسة‬
‫العامة للدولة في إطار االقتصاد المخطط‪ ،‬حيث انشأ مجلس القرض والهيئة النقدية للمؤسسات البنكية بموجب‬
‫األمر رقم ‪ 22‬ـ ‪ 27‬الصادر في ‪ 20‬جوان ‪2272‬م والمتضمن تنظيم البنوك‪ 3،‬حيث أعطى هذا األمر‬
‫صالحيات إضافية للبنك المركزي بعد ما كانت تنحصر مهامه في خدمة الخزينة العامة وذلك بمنحها قروضا‬
‫بدون قيد أو شرط‪.‬‬

‫ولقد جاء اإلصالح المالي لسنة ‪2272‬م ليكرس منطق تخطيط عمليات التمويل ومركزيتها‪ ،‬في الحقيقة‬
‫‪4‬‬
‫إن هذا اإلصالح يستجيب لثالث اعتبارات أساسية وهي‪:‬‬

‫‪ .7‬ضرورة التوافق مع الفلسفة العامة للتنظيم االقتصادي‪ ،‬وضرورة انسجام نظام التكميل مع هذا التوجه‬
‫باعتباره مجرد أداة لتنفيذ التنمية التي تترجم في شكل مخططات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬تقنيات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪292‬‬
‫‪2‬‬
‫سحنون بوعشة مبارك‪ ،‬تقييم هياكل ودورات التمويل في الجزائر‪ ،‬الملتقى الدولي المعنون بـ‪ :‬سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‪ -‬دراسة‬
‫حالة الجزائر والدول النامية ‪،‬جامعة بسكرة –الجزائر ‪ ،3009/22/33-32-‬ص‪.6‬‬
‫‪3‬‬
‫األمر رقم ‪ 71‬ـ ‪ 27‬المتضمن مؤسسات القرض‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪11‬الصادر بتاريخ ‪.2612/1/9‬‬
‫‪ 4‬الطاهر لطرش‪ ،‬تقنيات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.218 ،211‬‬

‫‪106‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ .2‬تعاظم مركزية ق اررات االستثمار مباشرة مع بداية المخطط الرباعي األول ‪ 2272‬ـ ‪ 2276‬ويجب أن يتبع‬
‫نظام التمويل هذا االتجاه ضمانا لمبدأ االنسجام‪ ،‬حيث أن التحكم في التدفقات الحقيقة يجب أن يرافقه تحكم‬
‫في التدفقات النقدية‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرورة تكريس نظام التمويل واالعتماد عليه لتحقيق أعلى مستوى من األهداف على صعيد االستثمار ولن‬
‫يتم ذلك إال بوساطة مركزية ق اررات التمويل ومراقبة التدفقات النقدية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبادئ اإلصالح المالي لسنة ‪7917‬م‬

‫تبلور هذا اإلصالح في شكله القانوني سنة ‪2272‬م‪ ،‬وذلك بإدخال بعض التعديالت على السياسة المالية‬
‫والنقدية تماشيا والسياسة العامة للدولة‪ ،‬خاصة أمام عجز البنوك الوطنية عن تمويل االستثمارات المخططة حيث‬
‫جاء في إطار المخطط الرباعي األول"‪2270‬م‪2272-‬م" بهدف إزالة االختالل‪ ،‬وتخفيف الضغط على الخزينة‬
‫في تمويلها لالستثمارات‪ ،‬إذ دعم هذا اإلجراء التخصص البنكي و لقد حددت أهم مبادئه فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .2‬إجبار البنوك على تمويل المؤسسة االشتراكية‪ :‬حيث أصبح البنك مجبر على تمويل االستثمارات عن‬
‫طريق القروض المتوسطة وطويلة األجل‪ ،‬إذ تعتبر وسيلة تخطيط في يد الدولة‪ ،‬يتم من خالله التمويل‬
‫بقروض قابلة للتسديد مع إلغاء التمويل بقروض نهائية‪ ،‬بسبب وجود مقابل من السلع والخدمات القابلة للبيع‪،‬‬
‫والتي يمكن من خاللها تسديد القروض‪ ،‬الهدف من هذا حسب وزير المالية آنذاك هو التمكن من معرفة القدرة‬
‫المالية والصناعية لكل مؤسسة ومعرفة مستوى مردوديتها‪.‬‬
‫‪ .1‬إخضاع المؤسسة الجزائرية لرقابة البنك‪ :‬والتي تتمثل حسب قانون المالية لسنة‪2272‬م في‪:‬‬
‫‪ .7.2‬التوطين البنكي‪ :‬وهو تمركز حسابات المؤسسة وعملياتها البنكية لدى بنك واحد فقط‪ ،‬وهذا المبدأ‬
‫مفروض لعدة أسباب ‪:‬‬

‫– التوزيع الحسن للقروض‪.‬‬


‫– خلق عالقة ثقة ما بين البنك والمؤسسة‪.‬‬
‫– التسيير السهل لخزينة المؤسسة‪.‬‬
‫‪ .2.2‬إلغاء التمويل الذاتي ‪ :‬منعت هذه اإلصالحات المؤسسات من اللجوء إلى التمويل الذاتي‪ ،‬وأرغمتها على‬
‫إيداع كل أموالها في البنك‪ ،‬حتى تتمكن الدولة من تخطيط مركزي يتحكم في الموارد‪ ،‬وتوزيعها بنفسها على‬

‫‪107‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫البنوك والقطاعات التي تجدها في حاجة إليها‪ ،‬وعليه فالبنك التجاري هو المسير لحسابات المؤسسة فيما‬
‫يخص القروض قصيرة األجل‪ ،‬بينما البنك الجزائري للتنمية يزودها بالقروض طويلة األجل‪.‬‬

‫‪ .3.2‬الحصول على تصريح من البنك المركزي‪ :‬حيث يجب موافقة البنك المركزي على حصول المؤسسات‬
‫على القروض الخارجية‪ ،‬حتى تتمكن من تخفيض التكاليف لهذا النوع من القروض‪.‬‬

‫‪ .4.2‬مركزية ق اررات االستثمار‪ :‬والتي تعتبر من صالحيات جهاز التخطيط‪.‬‬

‫وبتطبيق مجموع اإلجراءات‪ ،‬أصبحت البنوك مجرد صناديق تمر من خاللها األموال من الخزينة إلى‬
‫المؤسسات العمومية دون تدخل البنوك في ذلك‪ .‬كما أسفرت عملية إعادة الهيكلة تكوين البنك الجزائري للتنمية‬
‫الفالحية (‪ )BADR‬بإعادة هيكلة البنك الجزائري (‪ )BNA‬وتم تكوين بنك التنمية المحلية (‪ )BDL‬بإعادة هيكلة‬
‫القرض الشعبي الجزائري (‪.)CPA‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الهيئات المنبثقة عن اإلصالح المالي لسنة ‪7917‬م‬

‫وبهدف إعطاء دور هام لضبط وتوجيه النظام البنكي فقد أنشأت بموجب هذا القانون هيئات اإلشراف‬
‫والرقابة‪ ،‬وهما مجلس القرض‪ ،‬واللجنة التقنية للمؤسسات البنكية‪.‬‬

‫‪ .7‬مجلس القرض‪:‬‬
‫أنشئ مجلس القرض بمقتضى األمر رقم ‪ 27/72‬المؤرخ في ‪2272/06/20‬م‪ ،‬وحسب المادة ‪ 02‬منه‪:‬‬
‫"يحدث تحت سلطة وزير المالية‪ ،‬مجلس قرض يتلخص دوره في تقديم اآلراء والتوصيات والمالحظات في‬
‫مسائل النقود والقروض"‪.‬وقد كلف هذا المجلس للقيام باألدوار التالية‪:‬‬

‫– الدراسات المتعلقة بسياسة القرض والنقود‪ ،‬والمسائل المتعلقة بطبيعة‪ ،‬وحجم وكلفة القرض‪ ،‬في إطار‬
‫مخططات وبرامج تنمية االقتصاد الوطني – المادة ‪. – 01‬‬
‫– بحث الوسائل الكفيلة بتنمية موارد البالد المختلفة‪ ،‬واقتراح كافة التدابير التي تؤدي لتوزيع مصادر‬
‫االدخار‪ ،‬والتمويل لالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫– المساعدة على تعزيز عالقات القطاع البنكي مع القطاعـات االقتصاديـة في البالد وتشجيع تمويل البنوك‬
‫للمشاريع االقتصادية في البالد … المادة ‪.02‬‬

‫‪108‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫– تقديم التقارير الدورية إلى وزير المالية عن وضع النقود والقرض‪ ،‬وكافة األمور المحتملة والتي قد‬
‫تنعكس على الوضع االقتصادي في البالد‪ ،‬كما يجب عليه تقديم اقتراحاته في هذا المجال … المادة ‪.07‬‬
‫إن ال متأمل في المهام المناطة بمجلس القرض‪ ،‬يرى أنها كفيلة بتحويل البنوك من وضعها المتأزم إلى‬
‫أحسن حال‪ .‬لكن شيئا من تلك المهام لم يتحقق‪ ،‬إذ أن المجلس ذاته لم يباشر مهامه على اإلطالق‪ .‬بل أن نفس‬
‫األمر المنشئ لهذا المجلس أشار في مادته الثامنة "‪ " – "04‬إن تشكيل وتنظيم وكيفيات تأدية عمل مجلس‬
‫القرض ستحدد بموجب مرسوم"‪ -‬ولكن هذا الجهاز المرتقب لم يرى النور‪.‬‬

‫‪ .2‬اللجنة التقنية للمؤسسات البنكية‬


‫أنشئت هذه اللجنة بموجب األمر رقم ‪ 27/72‬المؤرخ في ‪2272/06/20‬م‪ ،‬حيث تنص المادة "‪ "02‬منه‬
‫على‪" :‬تحدث تحت سلطة الوزير المالية لجنة تقنية للمؤسسات البنكية"‪ ،‬وقد كلفت المهام التالية‪:‬‬

‫تقديم اآلراء والتوصيات لوزير المالية‪ ،‬في كافة األمور الصرفية‪ ،‬والمجاالت المرتبطة بهذه المهنة‪… ،‬‬ ‫–‬
‫المادة ‪.20‬‬
‫– تقوم بتسهيل تنسيق النشاط الذي تمارسه المؤسسات المالية‪ 0‬وربط هذا النشاط في إطار المخططات‬
‫للمنشآت االقتصادية‪ ...،‬المادة ‪.22‬‬
‫– دراسة كافة األمور التي تسهل نشاط المؤسسات المالية في شتى جوانبها وتدرس التدابير الكفيلة لتطوير‬
‫استعمال اللغة الوطنية … المادة ‪.21‬‬
‫– دراسة ميزانيات وحسابات المؤسسات المالية‪ ،‬وعرضها على وزير المالية‪ ،‬المادة ‪.22‬‬
‫– وكما هو األمر بالنسبة لمجلس القرض ‪ ،‬فقد أشار األمر نفسه إلى تشكيل وتنظيم كيفيات تأدية عمل‬
‫اللجنة التقنية للمؤسسات البنكية سيتحدد بموجب مرسوم‪.‬‬
‫– ما يمكن الخروج به من هذا التعديل – اإلصالح – هو عدم جدوى الهيئتين المنشأتين في تحقيق المهام‬
‫المسندة لهما بسبب عدم والدتهما أصالً‪ ،‬لكن هذه الحقبة السبعينية نجدها قد فتحت باباً واسعًا ال يزال العمل‬
‫متواصالً فيه تحت مسمي " اإلصالحات "‬
‫– حتى ولو فرضًا كانت البنوك قادرة على القيام باستعمال بعض الوسائل التقنية – إن دعت الضرورة‬
‫لذلك فهل للمؤسسات القدرة على تسديد القروض المتحصل عليها؟ خصوصا إذا وضع في األذهان معنى‬
‫ووظيفة المؤسسات في تلك الفترة‪ ،‬حيث كانت أغراض المؤسسات العمومية المسيطرة على شبكة االقتصاد تتمثل‬
‫في تحقيق أهداف اجتماعية مرسومة ومخططة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫– رغم ما أتى به إصالح سنة ‪2272‬م في محاولة إلعادة هيكلة القطاع البنكي المنشأ حديثا قصد التحكم‬
‫الجيد في التدفقات النقدي ة المتداولة داخل القطاع‪ ،‬إال انه لم يخلو من بعض المعوقات والتناقضات نتج عنها‬
‫‪1‬‬
‫العديد من المشاكل من بينها نذكر ما يلي‪:‬‬
‫– عدم توافق دور القطاع البنكي مع المحيط االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فالوثائق المعدة من طرف المؤسسات‬
‫الوطنية للبنوك في إطار ملفات منح االئتمان غي ر كافية للحكم على األداء االقتصادي لقروض االستغالل‪ ،‬كما‬
‫أن الدراسات المقدمة من طرف المؤسسات ناقصة‪.‬‬
‫– صعوبات متعلقة بالجانب التجاري‪ ،‬وتغطية الحقوق‪ ،‬فتحقيق االستثمارات في بعض الحاالت يصبح غير‬
‫ممكن ويؤدي إلى عدم قدرة المؤسسات على تسديد القروض البنكية‪.‬‬
‫– صعوبات تغطية الحقوق من طرف المؤسسات الوطنية والتي رغم وضعيتها المدينة تجاه البنوك‪ ،‬إال أنها‬
‫تبقى لها إمكانية الحصول على القـرض البنكي في شكـل سحب على المكشوف‪ ،‬وهذا ما أزم مـن وضعية‬
‫البنوك‪.‬‬

‫– إلزام المؤسسات العمومية المساهمة في ميزانية الدولة‪ ،‬القيام بدفع رؤوس أموال اإلهتالك واالحتياطات‬
‫للخزينة العمومية‪ ،‬رغم أنها تحقق خسائر في غالبيتها وبالتالي لم يكن األمر سوى عبارة عن تسجيل محاسبي‪،‬‬
‫فجميع األموال التي كانت تساهم بها المؤسسات تأتيها من البنوك بفضل تقنية السحب على المكشوف‪ ،‬وأمام‬
‫هذه الوضعية تم إلغاء هذا اإللزام من خالل قانون المالية لسنة ‪2276‬م‪.‬‬
‫– العودة إلى االعتماد على الخزينة العمومي ة في تمويل استثمارات المؤسسات وهذا ما أقرته المادة ‪ 07‬من‬
‫قانون المالية لسنة ‪2274‬م‪" :‬االستثمارات المخططة للمؤسسات العمومية تكون مضمونة بتمويل من خزينة‬
‫الدولة وعن طريق كذلك رؤوس األموال الذاتية للمؤسسات"‪.‬‬
‫إن هذا التعديل – اإلصالح – الذي كان يراد العمل وفقه‪ ،‬سواء تعلق األمر بتمويل االستثمارات‬
‫المخططة‪ ،‬إنشاء الهيئات المراقبة‪ ،‬أو إحالل البنك الجزائري للتنمية محل الصندوق الجزائري للتنمية‪ ،‬كل هذه‬
‫اإلجراءات كانت تهدف في مجملها إلى ضرورة ضمان المساهم ة الفعالة‪ ،‬لكل موارد الدولة في تمويل‬
‫االستثمارات المبرمجة‪ ،‬سواء في المخطط الرباعي األول "‪2270‬م‪2272/‬م" أو المخطط الرباعي الثاني‬
‫"‪2272‬م‪2277/‬م" لكن عدم تحقيق الكثير من المسطر وتراكم الديون وزيادة خدمة هذه الديون حجما واستمر‬
‫القصور في األداء على مستوى اإلنتاج واإلنتاجية‪ ،‬وازدادت حدة العجز المسجل على كاهل المؤسسات‬

‫‪1‬‬
‫‪Ammour Ben halima, le syteme bancaire algérien texte et réalité, édition dehleb, Alger, 2001,‬‬

‫‪110‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫العمومية‪ .‬وعلى مشارف ‪ 2246‬م حينما انخفض سعر النفط عالميا‪ ،‬ظهرت بجالء ضعف نتائج األداء‬
‫االقتصادي على أكثر من صعيد وكان لزاما على السلطات الرسمية وأمام التغيرات الدولية المتسارعة النظر‬
‫في عمق األمور ومحاولة القيام بإصالحات جدية بعيدا عن الحلول الترقيعية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلصالح البنكي في ظل المخطط الوطني للقرض لسنة ‪7912‬م‬

‫إن انتهاج اإلصالحات االقتصادية في الجزائر يتطلب وضع آليات جديدة للتمويل‪ ،‬وايجاد هيكل جديد‬
‫للنظام البنكي‪ ،‬فلقد أدخل قانون رقم ‪ 121-46‬المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪2246‬م الخاص بالبنوك والقروض تحوالت‬
‫بليغة في هذا المجال‪ ،‬والتي سوف نتطرق لها من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫– األسباب والعوامل الدافعة لإلصالح البنكي لسنة ‪2246‬م‪.‬‬


‫– الجهاز البنكي في ظل المخطط الوطني للقرض ‪.‬‬
‫– أغراض المخطط الوطني للقرض‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األسباب والعوامل الدافعة لإلصالح البنكي لسنة ‪7912‬م‬

‫عرف االقتصاد الجزائري وضعا غير متكافئ منذ االستقالل إلى أزمة المحروقات سنة ‪ ،2246‬ويمكن‬
‫‪2‬‬
‫إرجاع ذلك االختالل إلى مجموعة من األسباب والعوامل نذكر منها‪:‬‬

‫– اعتماد الصناعات المصنعة منذ السبعينات‪ ،‬كأحد أشكال النموذج التنموي في ظل النظام االشتراكي‬
‫فاعتمدت الجزائر على الصناعة وأهملت الزراعة‪ ،‬وانتهجت التخطيط وأهملت قواعد التسيير االقتصادي الراشد‪،‬‬
‫فضلت القطاع العام وأهملت القطاع الخاص‪.‬‬
‫– غياب نموذج التنمية في مرحلة الثمانينات‪ ،‬عكس فترة الستينات والسبعينات التي عرفت نموذج واضح‬
‫للتنمية‪ ،‬رغم محاولة الحكومة الجزائرية محاكاة النمط الرأسمالي في بعض مبادئه‪ ،‬فتوقفت عجلة التنمية‬
‫بانخفاض االستثمارات بسبب انخفاض حاد في موارد الدولة التي كانت تعتمد كلية على المحروقات نتيجة‬
‫لتراجع أسعار النفط و تقلص سوق المديونية الخارجية‪.‬‬
‫– مما زاد في تأزم الوضع في الجزائر‪ ،‬باإلضافة إلى انخفاض أسعار المحروقات هو ارتفاع حجم‬
‫الواردات السلع والخدمات الضرورية كالمواد الغذائية والترفيهية كاستي ارد السيارات السياحية والتجهيزات المنزلية‬

‫‪1‬القانون البنكي رقم ‪83‬ـ‪ 21‬المتعلق بنظام القروض والبنوك المؤرخ في ‪ 21‬اوت ‪ ،2183‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 10‬الصادرة في ‪.2183/48/14‬‬
‫‪2‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬محاضرات في النظريات والسياسات النقدية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.219 ،211‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫في إطار سياسة "من اجل حياة أفضل" وهو ما أدى بالضرورة إلى عجز في ميزان المدفوعات وارتفاع حجم‬
‫المديونية الخارجية ونسبة خدمات الدين الخارجي‪.‬‬
‫– سياسة التمويل‪ ،‬حيث اعتمدت الجزائر كلية في تمويل االستثمارات المخططة وفقا لنمط التسيير‬
‫المركزي على القطاع البنكي حيث لم تكن وظيفة هذا القطاع سوى خدمة الخزينة‪ ،‬األمر الذي أدى إلى نمو‬
‫غير متوازي بين ا لكتلة النقدية و النمو االقتصادي‪ ،‬فقد كانت تلجأ الحكومة لمواجهة العجز المستمر في الخزينة‬
‫إلى طلب تسبيقات واعتمادات من البنك المركزي‪ ،‬دون قيد أو شرط انعكاس أزمة البترول لسنة ‪2246‬م على‬
‫التوازنات النقدية حيث اعتمدت الجزائر على موارد المحروقات بنسبة تفوق في كل مراحل تطور االقتصاد‬
‫الجزائري ‪ ،%27‬األمر الذي احدث أزمة حقيقية عندما انخفضت أسعار المحروقات في سنة ‪2246‬م‪ ،‬حيث‬
‫كانت السياسة االقتصادية رهينة تغيرات وتطورات أسعار المحروقات في األسواق العالمية‪ ،‬نتيجة االعتماد الكلي‬
‫على المحروقات‪ ،‬وما نتج عن ذلك من ارتباط القرار االقتصادي بالدوائر الخارجية المتحكمة في التجارة العالمية‬
‫واألسواق المالية والنقدية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النظام البنكي في ظل المخطط الوطني للقرض‬
‫بدا جليا منذ الثمانينات أن على الجزائر حتمية إصالحات عميقة وشاملة القتصادها واالستفادة من‬
‫الثغرات التي وردت خالل ال مسار التنموي‪ ،‬سواء على مستوى التخطيط أو على مستوى التطبيق‪ .‬ومحاولة منها‬
‫تجنب وقوعها في أخطاء مرحلة ما قبل الثمانينات فاإلصالحات االقتصادية التي شرعت فيها في هذه الفترة‬
‫كانت تقتضي المزيد من عمق الرؤية‪ ،‬التي تتطلبها إصالحات شاملة للمحيط االقتصادي الذي ينعكس‬
‫بالضرورة على الوضع االجتماعي باإليجاب كنتيجة حتمية وهو الهدف المرجو من أية إصالحات‪.‬‬

‫وهي مرحل ة اإلصالح البنكي واستقاللية البنوك‪ ،‬ففي هذه الفترة عرف االقتصاد مرحلة كساد حاد بفعل‬
‫ندرة الموارد التمويلية بفعل الهزة النفطية حيث ارتبط تمويل االقتصاد الجزائري بعوائد صادرات المحروقات دون‬
‫مصادر أخرى‪ ،‬دفع بها إلى شفى االنهيار بسبب أزمة البترول‪ ،‬وانهيار مداخيل الصادرات سنة‪2246‬م حيث‬
‫عرفت السوق النفطية تراجعا خطي ار في األسعار فمن ‪ 17‬دوالر للبرميل سنة ‪2247‬م انخفض السعر إلى أقل‬
‫‪1‬‬
‫من ‪ 22‬دوالر في سنة ‪2246‬م بعيدا كل البعد عن أسعار ‪2241‬م التي بلغت آنذاك ‪ 21‬دوالر للبرميل‪.‬‬
‫وانعكس ذلك جليا في محافظ البنوك التجارية التي أصبحت تحتوي على ديون المؤسسات العمومية المشكوك في‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬محاضرات في النظريات والسياسات النقدية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬طبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪ ،3009 ،‬ص ‪.219‬‬

‫‪112‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪1‬‬
‫تحصيلها‪ ،‬وقد تكون منعدمة‪ ،‬مما أدى إلى تكبد الجهاز البنكي خسارة معتبرة كان نتيجتها انخفاض السيولة‪.‬‬

‫ومن خالل كل هذه األسباب جعل السلطات العليا تعيد النظر في دور البنوك وكيفية أداء مهامه من‬
‫خالل صدور قانون القرض والبنك في ‪2246/04/22‬م إلدخال تغيير على الوظيفة البنكية‪ ،‬وتوحيد اإلطار‬
‫القانوني الذي تسير عليه البنوك العمومية‪ ،‬لتقوم على مبادئ الربحية‪ ،‬المردودية‪ ،‬األمان في منح القروض‬
‫وادخال مفهوم الخطر البنكي‪ 2،‬حيث مكن هذا القانون من استفادة البنك المركزي من وظيفته كبنك للبنوك‬
‫وفصله عن البنوك التجارية كمقرض أخير‪ ،‬مع تقليص دور الخزينة في تمويل االستثمارات وتولى الجهاز‬
‫البنكي تلك المهام‪.‬‬

‫شكل النظام البنكي في ظل هذا المخطط الوطني ل لقرض أداة تطبيق للسياسة التي تقررها الحكومة في‬
‫مجال جمع الموارد وترقية االدخار وتمويل االقتصاد الجزائري تماشيا مع القواعد المحددة في المخطط الوطني‬
‫للقرض‪ .‬وتتمثل مهمة الجهاز البنكي في السهر على تطابق تخصيص الموارد المالية والنقدية في إطار إنجاز‬
‫المخطط الوطني للقرض مع أهداف المخططات الوطنية للتنمية‪ 3،‬وهذا ما دعمه المخطط الخماسي (‪2247‬م ‪-‬‬
‫‪2242‬م) الذي أوصى بتكييف النظام البنكي مع أهداف التنمية االقتصادية واالجتماعية ومع أهداف المخطط‬
‫الوطني السنوي‪ ،‬وذلك عبر شروط منح القروض‪ .‬ومعدالت القرض‪ ،‬وتطوير آليات تأطير النقد وأشكال التمويل‬
‫الذاتي‪ ،4‬وهذا ما تدعمه المادة رقم‪ 21‬من قانون البنوك والقرض‪.‬‬

‫كما ي جب أن يقترن تنظيم الجهاز البنكي قدراته بال مركزية تسيير االقتصاد الجزائري‪ ،‬لهذا كل ما يعد بنكا‬
‫‪5‬‬
‫يقوم لحسابه الخاص يحكم وظيفة االعتيادية بالعمليات اآلتية‪:‬‬

‫– جمع األموال بصفتها ودائع كيفما كانت مدتها وشكلها‪.‬‬


‫– منح القروض كيفما كانت مدتها وشكلها أيضا‪.‬‬
‫– القيام بعمليات الصرف والتجارة الخارجية مع مراعاة التنظيم والتشريع المعمول به في هذا المجال‪.‬‬
‫– تسيير وسائل الدفع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد منه‪ ،‬العالقة بين المؤسسة والبنك ‪:‬محاولة تقييم األداء في ظل إصالح منظومة بنكية جزائرية ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫‪2‬‬
‫بلمقدم مصطفى‪ ،‬شعور راضية‪ ،‬تقييم المنظومة البنكية الجزائرية ‪ ،‬ملتقى شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Hadj Nacer Roustoumi, Les cahiers de la référence a l'algerie N°4, E.N.A.G 1990, Page 37.‬‬
‫‪4‬‬
‫الجريدة الرسمية الصادرة تاريخ ‪ 2691/02/03‬المتعلقة بالمخطط الخماسي (‪.)2691/2690‬‬
‫‪5‬‬
‫قانون البنوك والقروض ‪ ،10/16‬الصادر بتاريخ ‪ 2691/09/26‬بالجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬الصادرة بتاريخ ‪.2699/09/30‬‬

‫‪113‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫– توظيف القيم المنقولة وجميع العوائد المالية واالكتتاب فيها وشرائها وتسييرها وحفظها وبيعها‪.‬‬
‫– العمل على مساعدة الزبائن لتسهيل نشاطهم‪.‬‬
‫– توفير أنسب الظروف الستقرار العملة وحسن تسيير الجهاز البنكي‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يتولى بالخصوص مخطط الوطني للقرض تسيير أدوات السياسة النقدية وتحديد الحدود‬
‫القصوى لعمليات إعادة الخصم المخصصة لمؤسسات القرض‪ ،‬حيث بلغ معدله ما بين ‪2246/20/02‬م إلى‬
‫غاية ‪2242/07/02‬م (المخطط الخماسي) ‪.%7‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أغراض المخطط الوطني للقرض‬

‫يحدد المخطط الوطني للقرض في إطار المخطط الوطني للتنمية األهداف المطلوب تحقيقها في مجال‬
‫جمع الموارد والعملة‪ ،‬وفي مجال األولويات والقواعد التي ينبغي مراعاتها في توزيع القرض‪ ،‬ولهذا يحدد المخطط‬
‫الوطني للقرض على الخصوص ما يلي‪:‬‬

‫– حجم الموارد الداخلية المطلوب جمعها وطبيعتها‪ ،‬والقروض الواجب منحها حيث قدرت سنة ‪2246‬م بـ‬
‫‪ 27672‬مليار دج ثم ارتفعت سنة ‪2242‬م إلى ‪ 10272‬مليار دج‪.1‬‬
‫– مستوى تدخل البنك المركزي في تمويل االقتصاد‪.‬‬
‫– استدانة الدولة وكيفيات تمويلها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن األهداف األخرى التي جاء بها القانون الخاص بإصالح الجهاز البنكي نجد‪:‬‬

‫تطبيق القانون البنكي المكمل لسنة ‪2240‬م‪ ،‬وهذا بوضع أجهزة استشارية ورقابية مثل المجلس الوطني‬
‫للقرض‪ ،‬ولجنة مراقبة البنوك المتعلقة بجهاز المخطط الوطني للقرض‪.‬‬
‫التفرقة بين البنك المركزي ونشاط القرض من قبل األجهزة البنكية األخرى‪.‬‬
‫تنظيم وتطوير األسواق المالية والنقدية باعتبارها أجهزة هامة لتوزيع الموارد وذلك بعالقة مع المخطط‬
‫الوطني للقرض‪.‬‬
‫مراقبة عمليات الصرف والعالقات مع الخارج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Benissad M.E: Algérie "restructuration et référenc économique, (1979/1993), OPU, 1994, p 217.‬‬
‫‪2‬‬
‫تشام فاروق‪ ،‬أهمية اإلصالحات البنكية والمالية‪ ، ،‬الملتقى الدولي المعنون بـ‪ :‬سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‪ -‬دراسة حالة الجزائر‬
‫والدول النامية ‪،‬جامعة بسكرة –الجزائر ‪.3009/22/33-32-‬‬

‫‪114‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫يشارك الب نك المركزي وهيئات القرض في إطار األهداف الشاملة الداخلية والخارجية التي حددها المخطط‬
‫الوطني للتنمية في دراسة المخطط الوطني للقرض واعداده‪ ،‬وتنفيذه‪ ،‬ومتابعته‪ ،‬وفي إيجاد األدوات التقنية‪،‬‬
‫وكيفيات تحقيق األهداف النقدية المقررة‪ ،‬كما يقترح أي إجراء تعديلي ضروري ض مانا النسجام التوازنات النقدية‬
‫الداخلية والخارجية‪ ،‬وحسن تنفيذ المخطط الوطني للقرض‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬قراءة في قانون استقاللية المؤسسات االقتصادية رقم ‪06/11‬‬

‫لم يخلو قانون ‪2246‬م من النقائص والعيوب‪ ،‬فلم يستطع التكيف مع اإلصالحات التي قامت بها‬
‫السلطات العمومية‪ ،‬وعليه فإ ن بعض األحكام التي جاء بها لم تعد تتماشى وهذه القوانين‪ ،‬كما أنه لم يأخذ‬
‫باالعتبار المستجدات التي طرأت على مستوى التنظيم الجديد لالقتصاد‪ .‬وكان من الالزم أن يكيف القانون‬
‫النقدي مع هذه القوانين بالشكل الذي يسمح بانسجام البنوك كمؤسسات مع القانون‪ ،‬وفي هذا اإلطار بالذات‬
‫جاء القانون ‪ 06/44‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 1.21/46‬وكان يهدف إلى إصالح المنظومة البنكية وفق‬
‫التغيرات الجديدة من خالل‪:‬‬

‫‪ ‬إعطاء االستقاللية للبنوك في إطار التنظيم الجديد لالقتصاد والمؤسسات‪.‬‬


‫‪ ‬تأكيد دور البنك المركزي في اإلشراف على السياسة النقدية‪ ،‬وتطبيق مخطط القرض‪ ،‬وتحقيق استقرار‬
‫العملة الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬منح إمكانية البنوك التجارية لتقديم قروض متوسطة وطويلة األجل في إطار مخطط القرض‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر البنك شخصية معنوية تجارية تخضع لمبدأ االستقاللية المالية والتوازن المحاسبي‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫نشاط البنك يخضع ابتدآ من هذا التاريخ إلى قواعد التجارة و يجب أن يأخذ أثناء نشاطه بمبدأ الربحية‬
‫‪2‬‬
‫والمردودية‪ ،‬ولكي يحقق ذلك يجب أن يكيف نشاطه في هذا االتجاه‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن للمؤسسات المالية غير البنكية أن تقوم بتوظيف نسبة من أصولها المالية في اقتناء أسهم أو‬
‫سندات صادرة عن مؤسسات تعمل داخل التراب الوطني أو خارجه‪.‬‬
‫‪ ‬إلغاء التوطين البنكي‪ ،‬وتحديد سقف القروض الموجهة لالقتصاد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫كمال عايشي‪ ،‬أداء النظام البنكي الجزائري في ضوء التحوالت االقتصادية‪ ،‬مجلة العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬نوفمبر ‪،3009‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.212‬‬

‫‪115‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫والنتيجة أن اإلصالحات االقتصادية والمالية عرفت مرحلة نوعية هامة سنة ‪2244‬م‪ ،‬فبعد إصدار‬
‫النصوص القانونية المتعلقة باستقاللية المؤسسات العمومية‪ ،‬بما فيها البنوك والتي أصبحت تسير وفقا للمبادئ‬
‫التجارية والمردودية‪ ،‬وعلى اعتبار أن هذا القانون يعتبر مؤسسات القرض هي مؤسسات عمومية اقتصادية‪،‬‬
‫وهذا ما يدرج البنوك ضمن دائرة المتاجرة لتحفيزها قصد النظر في عالقتها مع المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية التي تحددها القواعد التقليدية‪ ،‬إال أن هذا اإلصالح لم يرق لتحقيق األهداف المسطرة له‪ ،‬وبقيت‬
‫القروض تنتقل إلى المؤسسات العمومية بق اررات إدارية دون أن تكون للبنوك القدرة على الرفض‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫زيادة الديون المشكوك فيها وأعباء القروض‪ ،‬وعجز البنوك التجارية على تقديم السيولة للمؤسسات العمومية‬
‫مما تطلب حال جذريا واصالحا شامال أتى مع قانون النقد والقرض‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المنظومة البنكية في ظل قانون النقد والقرض رقم ‪70/90‬‬

‫يعتبر صدور القانون رقم ‪ 20/20‬المتعلق بالنقد والقرض بتاريخ ‪2220/02/22‬م‪ 1،‬بمثابة الوثبة النوعية‬
‫في تجسيد عملية اإلصالحات االقتصادية التي وضعتها الجزائر لالنتقال من اقتصاد المخطط إلى اقتصاد‬
‫السوق‪ ،‬حيث جاء قانون النقد والقرض إلصالح النظام البنكي واعطاء المهام الحقيقية لكل من الخزينة‬
‫العمومية والبنك المركزي‪ ،‬والبنوك التجارية‪ ،‬وكذا تحديد العالقة بصفة واضحة بين مختلف الفاعلين في النظام‬
‫البنكي والمالي‪ ،‬ويعتبر إصالح النظام البنك ي من أهم مشاريع اإلصالح الجاري مباشرتها في الجزائر ضمن‬
‫مجموعة اإلصالحات االقتصادية األخرى‪ ،‬وتستمد عملية اإلصالح البنكي أهميتها كون القطاع يشكل أحد‬
‫أهم العوامل التي تحدد مستقبل العالقات االقتصادية بين الجزائر وشركائها االقتصاديين‪ ،‬فالعمل البنكي لم يعد‬
‫محصو ار في نطاق ضيق التطبيق بين مجموعة من المتعاملين‪ ،‬بل أصبح قطاعا يؤثر في سلوكيات األفراد‬
‫والمؤسسات والمنظمات على اختالفها‪ ،‬وهو يسعى لتوفير الظروف المالئمة التي تسمح لالقتصاد بالتطور‬
‫والنمو وتحقيق االستق ارر الضروري إلحداث التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫ولذلك سنحاول من خالل هذا المبحث التطرق إلى تطور أهم التغيرات التي حدثت على المنظومة البنكية‬
‫الجزائرية من خالل التطرق إلى األسباب التي دفعت إلى اإلصالحات البنكية في إطار قانون النقد والقرض‬
‫رقم ‪، 20-20‬باإلضافة إلى مبادئ قانون النقد والقرض وأهدافه وفي األخير نتطرق إلى تنظيم الجهاز البنكي‬
‫على ضوء هدا القانون‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األسباب التي دفعت إلى اإلصالحات البنكية في إطار قانون النقد والقرض رقم ‪70-90‬‬

‫إن رغبة السلطات في تفادي سلبيات المرحلة السابقة‪ ،‬وتجاوز قصور اإلصالحات وتماشيا مع سياسة‬
‫التحول إلى اقتصاد السوق‪ ،‬ومحاولة منها االندماج في االقتصاد العالمي جاء القانون المتعلق بالنقد والقرض‬
‫الذي أعاد التعريف كلية لهيكل النظام البنكي الجزائري‪ ،‬وجعل القانون البنكي الجزائري في سياق التشريع‬
‫البنكي الساري المفعول في مختلف بلدان العالم ال سيما المتطورة منها‪ ،‬حيث ظهر تغيير جذري في فلسفة‬
‫العمل البنكي مع المرحلة السابقة سواء على مستوى القواعد واإلجراءات أو على مستوى التعامل‬

‫‪1‬‬
‫القانون رقم ‪ 12‬ـ‪ 12‬المؤرخ في ‪ 12‬افريل ‪ 1112‬يتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ 29‬الصادر في ‪ 29‬افريل‬
‫‪.2660‬‬

‫‪117‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫والميكانيزمات‪ ،‬فضال عن تغير المفاهيم وتجديد الصالحيات المخولة للمؤسسات البنكية للقيام بدورها في ظل‬
‫المرحلة الجديدة ومزاولة نشاطها في إطار اقتصاد السوق‪.‬‬

‫إن إصدار القانون رقم ‪ 20-20‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬يمثل منعطفا حاسما فرضه منطق التحول إلى‬
‫اقتصاد السوق من أجل القضاء على نظام التمويل القائم على المديونية والتضخم‪ ،‬حيث وضع قانون النقد‬
‫والقرض النظام البنكي على مسار تطور جديد تميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة المالية وابراز دور النقد‬
‫والسياسة النقدية‪ ،‬ونتج عنه تأسيس نظام بنكي ذو مستويين‪ ،‬وأعيد للبنك المركزي كل صالحياته في تسيير‬
‫‪1‬‬
‫النقد واالئتمان في ظل استقاللية واسعة‪ ،‬وللبنوك التجارية وظائفها التقليدية بوصفها أعوان اقتصادية مستقلة‪.‬‬
‫ومن أهم النقاط التي تضمنها قانون النقد والقرض‪ ،‬هو إحداث عالقة جديدة بين مكونات المنظومة البنكية من‬
‫جهة‪ ،‬وبين المؤسسات االقتصادية العمومية من جهة أخرى‪ ،‬حيث أصبحت البنوك بموجب القانون تضطلع‬
‫بدور مهم في الوساطة المالية سواء من خالل جمع الودائع وتعبئتها‪ ،‬أو في مجال منح القروض وتمويلها‬
‫لمختلف االستثمارات‪ ،‬وبهذا جاء قانون النقد والقرض بمجموعة من التدابير نذكر أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫– منح استقاللية للبنك المركزي الذي أصبح يسمى "بنك الجزائر" واعتباره سلطة نقدية حقيقية مستقلة عن‬
‫السلطات المالية‪ ،‬يتولى إدارة وتوجيه السياسة النقدية في البالد‪ ،‬إلى جانب إعادة تنظيمه‪ ،‬وذلك بظهور هيئات‬
‫جديدة تتولى تسيير البنك وادارته ومراقبته‪.‬‬
‫– تعديل مهام البنوك العمومية لزيادة فعاليتها في النشاط البنكي‪ ،‬بقيامها بالوساطة المالية في تمويل االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وذلك بإلغاء التخصص في النشاط البنكي‪ ،‬وتشجيع البنوك على تقديم منتجات وخدمات بنكية جديدة‪،‬‬
‫ودخول األسواق المالية ومواجهة المنافسة نتيجة انفتاح السوق البنكية على القطاع الخاص الوطني واألجنبي‪.‬‬
‫– إبعاد الخزينة عن منح القروض للمؤسسات العمومية‪ ،‬وبالتالي تخليها على التسيير المركزي للموارد المالية‬
‫مع وضع حد لعجز الخزينة وتمويل الدين الع مومي بتسبيقات من بنك الجزائر‪ ،‬والقيام بدفع كل ديونها السابقة‬
‫في أجل أقصاه ‪ 27‬سنة‪ ،‬وال يمكن لبنك الجزائر تقديم قروض بأكثر من ‪ %20‬من الموارد العادية للدولة‬
‫‪2‬‬
‫للسنة السابقة لتمويل االستثمارات العمومية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫– إزالة كل العراقيل أمام االستثمار األجنبي في ممارسة االنشطة البنكية في السوق المحلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي وكتوش عاشور‪ ،‬دراسة لتقييم انعكاس اإلصالحات االقتصادية على السياسات النقدية‪ ،‬الملتقى الدولي حول السياسات االقتصادية في‬
‫الجزائر‪ ،‬الواقع واآلفاق‪ ،‬جامعة تلمسان أيام ‪ ،3001/20/20-36:‬ص‪.09‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة‪ 3‬و‪ 2‬من قانون النقد والقرض ‪.20-60‬‬
‫‪3‬‬
‫محمود حميدات‪ ،‬مدخل للتحليل النقدي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3000 ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪118‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبادئ قانون النقد والقرض‬

‫كرس قانون النقد والقرض أفكار ومبادئ جديدة فيما يتعلق بتنظيم النظام البنكي وأدائه حيث سمح قانون‬
‫رقم ‪ 20/20‬بتحول السلطة النقدية إلى مجلس القرض والنقد‪ ،‬الذي يعتبر بمثابة مجلس إدارة بنك الجزائر‪،‬‬
‫يتمتع بصالحيات واسعة في مجال القرض والنقد‪ .‬باإلضافة إلى أنه اخذ بأهم األحكام التي جاء بها قانون‬
‫اإلصالح النقدي لسنة ‪ 2246‬والقانون المعدل والمتمم لسنة ‪ ،2244‬كما حمل في طياته أفكار جديدة فيما‬
‫يتعلق بتنظيم الجهاز البنكي وأدائه‪ ،‬كما أن المبادئ التي يقوم عليها واليات العمل التي يعتمدها تعكس إلى حد‬
‫كبير الصورة التي سوف يكون عليها هذا النظام في المستقبل‪ ،‬أما عن مبادئه األساسية فإنه يمكن اختصارها‬
‫‪1‬‬
‫في النقاط التالية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الفصل بين الدائرة النقدية والدائرة الحقيقية‬

‫كانت الق اررات النقدية تتخذ تبعا للق اررات الحقيقية‪ ،‬على أساس كمي حقيقي في هيئة التخطيط‪ ،‬وتبعا‬
‫لذلك لم تكن أهداف نقدية بحتة‪ ،‬بل إن الهدف األساسي هو تعبئة الموارد الالزمة لتمويل البرامج االستثمارية‬
‫المخططة‪ .‬وقد تبنى القانون مبدأ الفصل بين الدائرتين النقدية والحقيقية حتى تحددها السلطة النقدية وبناءا‬
‫على الوضع النقدي السائد‪.‬‬

‫حمل قانون النقد والقرض مبدأ الفصل بين الدائرتين الحقيقية والنقدية ويعني ذلك أن الق اررات النقدية لم‬
‫تعد تابعة للق اررات المتخذة على أساس كمي في إطار الخطة‪ ،‬بل أصبحت هذه الق اررات النقدية تتخذ على‬
‫أساس األهداف النقدية التي تحددها السلطة النقدية انطال قا من الوضع النقدي الذي يتم تقديره من طرفها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وكان من شأ ن هذا الفصل الذي تبناه قانون النقد والقرض السماح بتحقيق مجموعة من األهداف أهمها هي‪:‬‬

‫‪ ‬استعادة الدينار لوظائفه التقليدية وتوحيد استعماالته داخليا إن كان ذلك على مستوى المؤسسات‬
‫العمومية أو على مستوى العائالت والمؤسسات الخاصة‪.‬‬
‫‪ ‬تنشيط السوق النقدية واستعادة السياسة النقدية لمكانتها كوسيلة رئيسية من وسائل الضبط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬توفير الشروط الضرورية التي تسمح بمنح القروض بناء على معايير ال تميز بين األعوان‬
‫االقتصاديين‪ ،‬ال سيما بين المؤسسات العامة والمؤسسات الخاصة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬محاضرات في النظريات والسياسات النقدية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪ ،3009 ،‬ص‪.291‬‬
‫‪2‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي والبنكي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3023،‬ص ص ‪.211 ،211‬‬

‫‪119‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬إيجاد مرونة نسبية في تحديد سعر الفائدة من طرف البنوك‪ ،‬وجعله يلعب دور مهما في اتخاذ الق اررات‬
‫المرتبطة بالقرض‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الفصل بين الدائرة النقدية و الدائرة المالية‬

‫كانت الخزينة في النظام السابق تلعب دو ار أساسيا في تدبير التمويل الالزم لتمويل االستثمارات‬
‫المخططة‪ ،‬وذلك باللجوء إلى عملية االقتارض أي اإلصدار النقدي الجديد على وجه الخصوص حين ال يكفي‬
‫االدخار الميزاني للقيام بذلك‪ ،‬ال سيما أمام تزايد الحاجيات التمويلية بالتوازي مع تزايد أهمية االستثمارات‬
‫المبرمجة‪ .‬سمح لها التنظيم اإلداري للعالق ات المالية بين المؤسسات من جهة والتدفقات الحقيقية والمالية من‬
‫جهة ثانية اللجوء بسهولة نسبية إلى هذه الموارد المتأتية عن طرق اإلصدار النقدي الجديد لتمويل عجز‬
‫الخزينة‪ .‬وقد خلق هذا األمر تداخال بين صالحيات الخزينة وصالحيات البنك المركزي‪ ،‬كما خلق تداخال بين‬
‫أهدافها التي ال تكون دوما متجانسة‪.‬‬

‫لم تعد الحزينة حرة في اللجوء إلى عملية القرض كما كانت في السابق تلجأ إلى البنك المركزي لتمويل‬
‫العجز ‪ ،‬هذا األمر أدى إلى التداخل بين صالحيات الخزينة و صالحيات السلطة النقدية‪ ،‬وخلق تداخال بين‬
‫أهدافها التي ال تكون متجانسة بالضرورة‪ ،‬وجاء القانون ليفصل بين الدائرتين‪ ،‬فأصبح تمويل الخزينة قائم على‬
‫بعض القواعد‪ ،‬وقد سمح هذا المبدأ بتحقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬استقالل البنك المركزي عن الدور المتعاظم للحزينة‪.‬‬


‫‪ ‬تقليص ديون الخزينة اتجاه البنك المركزي‪ ،‬وتسديد الديون السابقة المتراكمة عليها‪.‬‬
‫‪ ‬الحد من اآلثار السلبية للمالية العامة على التوازنات النقدية‪.‬‬
‫‪ ‬تراجع التزامات الخزينة في تمويل االقتصاد‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الفصل بين دائرة الميزانية ودائرة االئتمان‬

‫كانت الخزينة في النظام الموجه تلعب الدور األساسي في تمويل االستثمارات المخططة للمؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬حيث همش النظام البنكي وكان دوره يقتصر على تسجيل عبور األموال من دائرة الخزينة إلى‬
‫المؤسسات‪ ،‬خلق مثل هذا األمر كما رأينا غموضا كبي ار على مستوى نظام التمويل نظ ار للتداخل الكبير بين‬
‫الوظيفة التمويلية للخزينة العمومية ووظيفة البنوك في هذا المجال‪ .‬لقد كان هناك وعي بهذه المشكلة انعكس‬
‫بتضمين قانون النقد والقرض مبدأ يتم بموجبه الفصل بين الدائرتين عن طريق القيام بإبعاد الخزينة عن منح‬
‫القرض لالقتصاد‪ ،‬ليبقى دورها يقتصر على تمويل االستثمارات اإلستراتيجية العمومية المخططة من طرف‬

‫‪120‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الدولة‪ ،‬ومن ثم أصبح توزيع القروض ال يخضع لقواعد إدارية‪ ،‬وانما يرتكز أساسا على مفهوم الجدوى‬
‫االقتصادية للمشروع‪ .‬حيث فتح هذا األمر الباب أمام النظام البنكي الذي استعاد مسؤوليته في منح القروض‬
‫في إطار مهامه التقليدية‪ .‬ويسمح الفصل بين هتين الدائرتين بلوغ األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬استعادة البنوك و المؤسسات المالية لوظائفها التقليدية و خاصة تلك المتمثلة في منح القروض‪.‬‬
‫‪ ‬أصبح توزيع القرض ال يخضع إلى قواعد إدارية‪ ،‬وانما يرتكز أساسا على مفهوم الجدوى االقتصادية‬
‫للمشاريع‪.‬‬
‫‪ ‬التقليص من أثار عملية االستعد اد المالي وما ينجم عنه من تأثير سلبي على تمويل القطاع الخاص‬
‫ففي إطار ا لسياسة الجديدة التي ال تريد التمييز بين القطاعات االقتصادية فيما إذا كانت عمومية أو خاصة ‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬إنشاء سلطة نقدية وحيدة ومستقلة‬

‫كانت السلطة النقدية سابقا مشتتة عمليا في مستويات عديدة‪ ،‬فو ازرة المالية كانت تتصرف على أساس‬
‫أنها هي السلطة النقدية‪ ،‬وال خزينة كانت تلجا في أي وقت إلى البنك المركزي لتمويل عجزها‪ ،‬وكانت تتصرف‬
‫كما لو كانت هي السلطة النقدية‪ ،‬والبنك المركزي كان يمثل بطبيعة الحال سلطة نقدية الحتكاره امتياز إصدار‬
‫النقد‪ .‬ولذلك جاء قانون النقد والقرض ليلغي هذا التعدد في مراكز السلطة النقدية‪ ،‬حيث كان ذلك انعكاسا منطقيا‬
‫للتحوالت التي تم تسجيلها على مستوى الفصل بين الدوائر الثالثة السابقة‪ .‬وهكذا تم إنشاء سلطة نقدية وحيدة‬
‫تتمتع باالستقاللية مقارنة وذلك بإنشاء سلطة نقدية وحيدة ومستقلة عن أي جهة كانت والمتمثلة في مجلس النقد‬
‫والقرض‪ 1.‬ولقد حرص قانون النقد والقرض على أن تكون هذه السلطة النقدية‪:‬‬

‫‪ ‬وحيدة‪ ،‬ليضمن انسجام السياسة النقدية‪.‬‬


‫‪ ‬مستقلة‪ ،‬ليضمن تنفيذ هذه السياسة بشكل منسجم قصد تحقيق األهداف النقدية‪.‬‬
‫‪ ‬وموجودة في الدائرة النقدية لكي يضمن التحكم في تسيير النقد‪ ،‬ويتفادى التعارض بين األهداف‬
‫النقدية‪.‬‬
‫أدى توحيد السلط ة النقدية إلى تكريس نظام بنكي يقوم على مستويين‪ ،‬لقد كان هذا األمر موجودا في‬
‫قانون ‪ ، 2246‬وجاء قانون النقد والقرض من خالل توحيده للسلطة النقدية‪ ،‬ليجعل من تصميم النظام البنكي‬
‫الذي يقوم على الترتيب السلمي‪ ،‬والمسؤولية المترتبة عن ذلك واقعا ثابتا‪ ،‬ويشير النظام البنكي القائم على‬
‫مستويين إلى التمييز بين نشاط البنك المركزي كسلطة نقدية ونشاط البنوك التجارية كموزعة للقرض وبموجب‬
‫هذا الفصل أصبح البنك المركزي يمثل فعال بنكا للبنوك‪ ،‬يراقب نشاطاتها ويتابع عملياتها ويشرف عليها‬

‫‪1‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.269‬‬

‫‪121‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫باالعتماد على قواعد ومعايير يحددها بنفسه وتخضع إليها‪ .‬باإلضافة إلى اعتباره كملجأ أخير لإلقراض من اجل‬
‫التأثير على السياسات اإلقراضية للبنوك وفقا لما يقتضيه الوضع النقدي‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬وضع نظام بنكي على مستويين‬

‫جاء قانون النقد والقرض ليؤكد مبدأ إقامة نظام بنكي على مستويين‪ .‬بمعنى الفصل بين مفهوم البنك‬
‫ا لمركزي كملجأ أخير لإلقراض وبين مهام البنوك األخرى كمؤسسات تقوم بتعبئة المدخرات ومنح االئتمان‬
‫وتعمل في ظروف تنطوي على عناصر المخاطرة البنكية‪ .‬وبموجب هذا الفصل أصبح البنك المركزي يمثل‬
‫فعال بنك البنوك يراقب نشاطاتها ويتابع عملياتها‪ ،‬كما أصبح بإمكانه أن يوظف مركزه كملجأ أخير لإلقراض‬
‫في التأثير على سيولة االقتصاد حسب ما يقتضيه الوضع النقدي‪ .‬وبفضل المكانة التي يحتلها البنك‬
‫المركزي في سلم النظام البنكي يستطيع أن يحدد القواعد العامة للنشاط البنكي وتحديد معايير هذا النشاط‬
‫في اتجاه خدمة أهدافه النقدية وتحكمه في السياسة النقدية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف قانون النقد والقرض‬

‫لقد جاء قانون النقد والقرض ليكرس أنماطا جديدة على البنوك لكي تتماشى مع التطورات العالمية وجاء‬
‫ليعطي نفسا جديدا لبنك الجزائر من خالل الوظائف التي حددت له‪ .‬ولعل أهم أبعاد وأهداف هذا القانون‬
‫تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬إدخال وظائف وأنشطة على البنوك التي تدخل في إطار الوساطة البنكية واألسواق المباشرة النقدية‪،‬‬
‫المالية والصرف وبذلك تطورت األنشطة البنكية ووجدت البنوك نفسها أمام عدة أنشطة مالية جديدة تمثلت في‬
‫تقديم سلفات‪ ،‬مساهمات في رأس المال‪ ،‬إصدار السندات واالستثما ارت المباشرة‪.‬‬
‫‪ ‬وضع حد لكل تدخل إداري في القطاع المالي والبنكي عن طريق إنشاء نظام يعتمد على القواعد‬
‫التقليدية في تمويل االقتصاد الوطني ليحرر الخزينة من عبئ منح االئتمان ويرجع دورها كصندوق للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬إعطاء االستقاللية للمؤسسة البنكية وتجسيدها على ارض الواقع‪ ،‬إذ تصبح تعمل وفقا لمعايير اقتصاد‬
‫السوق والمتمثلة في الربحية والمردودية المالية وحرية التعامل مع القطاع العام والخاص بدون التمييز بينهما‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫مما جعل اختيار السياسة االقراضية من صالحيات البنك وليس مفروضا عليها‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة تقييم العملة بما يخدم االقتصاد الوطني وكذلك التخلص نهائيا من مصادر المديونية والتضخم‬
‫ومختلف أشكال التسربات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خبابة عبد اهلل‪ ،‬االقتصاد المصرفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.296‬‬

‫‪122‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬رد االعتبار لدور البنك المركزي في تسيير النقد والقرض عن طريق إعادة تأهيل السلطة النقدية من‬
‫خالل إعطاء االستقاللية للبنك المركزي والهدف منه خلق جو مالئم باالدخار واالستثمار وبالتالي الوصول‬
‫إلى النمو المطلوب‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع االستثمارات والسماح بإنشاء مصارف وطنية خاصة أو أجنبية وهذا إلرساء قواعد اقتصاد‬
‫السوق لتطوير عملية تخصيص الموارد‪.‬‬
‫‪ ‬جلب المستثمر األجنبي وتشجيعه بإجراءات مسهلة وضعها بنك الجزائر ومنه تمهيد األرضية القانونية‬
‫لالستثمار بصدور قانون االستثمار وانشاء سوق مالية‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاد مرونة نسبية في تحديد سعر الفائدة من قبل البنوك‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يمكن القول أن قانون النقد والقرض قد وضع وبشكل تام المنظومة البنكية و النظام‬
‫النقدي في مسار االنتقال من االقتصاد مسير مركزيا إلى اقتصاد موجه بأليات السوق‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تنظي م الجهاز البنكي الجزائري على ضوء قانون النقد والقرض‬

‫صدر قانون النقد والقرض‪ ،‬تماشيا مع التوجه الجديد السياسي واالقتصادي للبالد نحو االنفتاح الكلي‬
‫على االقتصاد الرأسمالي خاصة وأن القوانين السابقة أصبحت ال تتالءم مع التحوالت االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫من زيادة ع بء المديونية الخارجية‪ ،‬وظهور مشاكل اجتماعية ودخول البالد ألول مرة في التعددية الحزبية‪.‬‬
‫فكان الهدف من قانون النقد والقرض وضع حد لمشاكل المديونية‪ ،‬التضخم‪ ،‬التسيير االحتكاري‪ ،‬وأنشأ القانون‬
‫المبادئ التأسيسية العملية لهذه األهداف الالزمة‪ ،‬لهذا الغرض أنشأ سلطة تنظيم مستقلة مكلفة بتنفيذ هذه‬
‫األهداف‪ ،‬حيث ادخل تعديالت جوهريه على نمط تنظيم النظام النقدي الجزائري إن كان ذلك على مستوى‬
‫البنك المركزي والسلطة النقدية أو كان على مستوى البنوك‪ ،‬حيث وضع قانون النقد والقرض هيكل جديد‬
‫للجهاز البنكي يعتمد على عمل البنك المركزي في قمة الهرم بصفته المقرض األخير من جهة ‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى مجموعة من البنوك تتولى النشاط البنكي بإعطاء فرصة إلقامة بنوك خاصة أجنبية‪ ،‬محلية أو مشتركة‪.‬‬
‫وباعتبار أن قانون النقد والقرض يهدف إلى االعتماد على االدخار والسوق المالية في التمويل عوضا عن‬
‫المديونية والتضخم كما كان عليه الشأن في السابق فقد تم إنشاء الهيئات والوسائل والميكانزمات الضرورية‬
‫لضمان حسن سير التنظيم النقدي والبنكي‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الفرع األول‪ :‬اثر إصالحات قانون النقد والقرض على البنك المركزي )بنك الجزائر)‬

‫بعد صدور قانون النقد والقرض تغير اسم البنك المركزي حيث أصبح منذ ذلك الوقت يحمل اسم"بنك‬
‫الجزائر" ويعرف القانون رقم ‪ 02‬ـ ‪ 22‬المؤرخ في ‪ 16‬أوت ‪1002‬م المتعلق بالنقد والقرض في مادته التاسعة‬
‫على أ نه "مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي" تعود ملكية رأس ماله بالكامل للدولة‬
‫حيث استعادة في هذا القانون الب نك الجزائر وظائفه التقليدية‪ ،‬فرغم اإلصالحات السابقة لم يحظى باالستقاللية‬
‫الكاملة التي يرسم من خاللها السياسة النقدية‪ ،‬فجاء قانون ‪ 20-20‬ليعطي تعريفا جديد للبنك المركزي على‬
‫أنه‪" :‬مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وال تخضع للمحاسبة العامة وال لمراقبة‬
‫‪1‬‬
‫مجلس المحاسبة‪ ،‬ولكنه يتبع القواعد المادية التي تطبق في المحاسبة التجارية‪ ،‬ويدعى بنك الجزائري"‪.‬‬

‫وبنك الجزائر هو هيئة مكلفة بوظائف تنظيم النقد القرض والصرف‪ ،‬كما توضحه المادة ‪ 77‬من القانون‬
‫‪" : 20/20‬تتمثل مهمة البنك المركزي في مجال النقد والقرض ف ي توفير أفضل الشروط لنمو منتظم لالقتصاد‬
‫الوطني والحفاظ عليها بإنماء جميع الطاقات اإلنتاجية والسهر على االستقرار الداخلي والخارجي للنقد"‪.‬‬

‫‪ ‬تنظيم الحركة النقدية‪.‬‬


‫‪ ‬توجيه ومراقبة توزيع القرض‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على حسن إدارة التعهدات المالية تجاه الخارج‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم والعمل على استقرار سوق الصرف‪.‬‬
‫‪ ‬إحاطة الحكومة علما بكل عامل من شأنه أن يؤثر على استقرار النقد‪.‬‬
‫وتقع مسؤولية تسيير بنك الجزائر على عاتق المحافظ ونوابه ومجلس اإلدارة‪.‬‬

‫‪ :7‬المحافظ ونوابه‬

‫تعيين محافظ بنك الجزائر بمرسوم يصدره رئيس الجمهورية وذلك لمدة غير محددة‪ ،‬بعدما كان يعين لمدة‬
‫‪ 6‬سنوات كاملة قابلة للتجديد وفقا لقانون ‪ 2220‬ويتم عزله في حالة ارتكابه خطأ فادحا‪ .‬يساعد المحافظ في‬
‫مهامه ثالثة نواب يعينون بمرسوم رئاسي لمدة غير محددة أيضا‪ .‬وفي هذا المجال يقوم المحافظ بتحديد‬
‫‪2‬‬
‫صالحيات كل نائب من نوابه الثالثة ويبين سلطاتهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون النقد والقرض‪.20-60‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي و البنكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.216‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪124‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫تتمثل الم هام األساسية للمحافظ في إدارة شؤون بنك الجزائر اتخاذ مختلف اإلجراءات التنفيذية‪ ،‬شراء‬
‫األمالك العقارية المرخص بها قانونا والتصرف فيها‪ ،‬تنظيم مصالح بنك الجزائر وتحديد مهامها‪ ،‬توظيف عمال‬
‫بنك الجزائر وعزلهم‪ ،‬تعيين ممثلي البنك في مجالس المؤسسات األخرى‪ .‬كما يقوم بتمثيل البنك لدى السلطات‬
‫العمومية داخل البلد والبنوك المركزية األجنبية والهيئات المالية الدولية‪ .‬يقوم برفع الدعاوى القضائية ويدافع عنها‬
‫كما يقوم أيضا باتخاذ جميع اإلجراءات التحفظية الضرورية‪ .‬إضافة إلى كل ذلك يرأس المحافظ مجلس اإلدارة‬
‫ومجلس النقد والقرض واللجنة البنكية واإلش ارف على النظام البنكي‪ .‬ويعكس ذلك مكانته المركزية على رأس‬
‫النظام النقدي الوطني‪.‬‬

‫‪ :2‬مجلس اإلدارة بنك الجزائر‬

‫كانت مهام مجلس إدارة بنك الجزائر‪ ،‬وفق قانون ‪ ،2220‬تمارس من قبل مجلس النقد والقرض‪ ،‬ولم يتم‬
‫الفصل بينهما سوى في سنة ‪ 1002‬بموجب القانون ‪02‬ـ ‪ 02‬المؤرخ في ‪ 17‬فيفري من نفس السنة وهو االختيار‬
‫الذي تم تكريسه بموجب القانون ‪ ،22/02‬يتشكل مجلس اإلدارة من األعضاء التاليين‪:‬‬

‫‪ ‬المحافظ رئيسا‪.‬‬
‫‪ ‬نواب المحافظ الثالثة كأعضاء‪.‬‬
‫‪ ‬ثالث موظفين من ذوي الكفاءات العليا في المجالين االقتصادي والمالي يعينون بموجب مرسوم رئاسي‬
‫يعوضهم مستخلفون في حالة غيابهم أو شعور مناصبهم ويكون االستخالف وفق الشروط ذاتها‪.‬‬
‫ويتصرف مجلس النقد والقرض حسب القانون‪ ،‬في الوقت ذاته كمجلس إدارة بنك الجزائر وكسلطة نقدية‪،1‬‬

‫حيث يتمتع هذا األخير بأوسع الصالحيات في إدارة شؤون بنك الجزائر ضمن الحدود المنصوص عليها في‬
‫القانون‪ ،‬باعتباره مجلس إدارة بنك الجزائر‪ ،‬وتتمثل أهم هذه الصالحيات فيما يلي‪:‬‬

‫يقوم بإجراء مداوالت حول تنظيم البنك المركزي وفتح الوكاالت والفروع واغالقها‪ .‬يضبط اللوائح الطبقة‬
‫في البنك ويوافق على القانون األساسي للمستخدمين ونظام رواتبهم‪ ،‬إضافة إلى اضطالعه بكل الشؤون ذات‬
‫الصلة بتسيير البنك‪.‬‬
‫اعتماد البنوك و المؤسسات المالية‪ ،‬بما فيهل المكاتب التمثيلية وفروع البنوك األجنبية‪ ،‬واقامة شبكاتها‬

‫‪1‬‬
‫‪Naas Abdelkrim, Op.Cit, P 173.‬‬

‫‪125‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪1‬‬
‫وتحديد الحد األدنى من رأس المال المطلوب تأمينه من طرف هذه البنوك و المؤسسات المالية‪.‬‬
‫يقوم بإجراء المداوالت حول جميع االتفاقيات بمبادرة من المحافظ‪.‬‬
‫كما يتمتع بصالحيات شراء العقارات والتصرف فيها‪.‬‬
‫يبث في جدوى الدعاوي القضائية المرفوعة باسم البنك كمل يعود إليه أمر الترخيص بإجراء المصالحات‬
‫والمعامالت في هذا المجال‪.‬‬
‫يقوم بتحديد الميزانية السنوية للبنك‪ ،‬يضبط شروط وكيفيات إعداد الحسابات السنوية كما يضبط عملية‬
‫توزيع األرباح ويوافق على مشروع التقرير السنوي ذي الصلة والذي يقوم المحافظ برفعه إلى رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫ينعقد مجلس اإلدارة كلما استدعت الضرورة وذلك بدعوة من المحافظ الذي يتولى رئاسته وتحديد جدول‬
‫أعماله‪ ،‬كما يمكن أن تنعقد في حالة طلب ثالثة أعضاء ذلك‪ .‬وفي كل األحوال‪ ،‬ال تصح اجتماعاته إال‬
‫بحضور أربعة أعضاء على األقل‪ ،‬تجدر اإلشارة أ نه يمكن في حالة غياب المحافظ اجتماعات للمجلس يرأسها‬
‫نائب المحافظ الذي يتولى نيابته في فترة غيابه‪ .‬أثناء المداوالت‪ ،‬يتخذ المجلس ق ارراته على أساس األغلبية‬
‫البسيطة لألعضاء الحاضرين‪ ،‬حيث يكون صوت الرئيس مرجحا في حالة تساوي األصوات‪ .‬وفي عالقته مع‬
‫المحافظ‪ ،‬فإن التشريع كان واضحا ولم يستثن أية عملية يختص بها المحافظ لنفسه بل هو مجبر بإطالع‬
‫‪2‬‬
‫المجلس على جميع األمور المتعلقة بالبنك‪.‬‬

‫‪ :3‬صالحيات بنك الجزائر‬

‫‪ ‬إصدار النقود القانونية‪ ،‬حيث يقوم بذلك مبدئيا ضمن شروط التغطية المحددة بواسطة التنظيم وفق‬
‫الحدود و المعايير التي يحددها مجلس النقد والقرض‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على استقرار األسعار كهدف للسياسة النقدية والعمل عل توفير أفضل الشروط‪ ،‬في مجال النقد‬
‫والقرض والصرف‪ ،‬التي تضم ن نموا سريعا لالقتصاد مع السهر على تحقيق االستقرار النقدي والمالي‪ .‬ولتحقيق‬
‫هذا الغرض يكلف بتنظيم التداول النقدي وتوجيه القرض والرقابة عليه وضبط السيولة وكذا السهر على حسن‬
‫تسيير االلتزامات المالية تجاه الخارج وتنظيم سوق الصرف وضبطها والتأكد من سالمة النظام البنكي وصالبته‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد ميزان المدفوعات وعرض الوضعية المالية الخارجية للبلد‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على حسن سير أنظمة الدفع وكفاءتها وسالمتها‪ ،‬كما يضمن الرقابة عليها‪.‬‬

‫‪ 1‬الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي و البنكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.131‬‬


‫‪2‬‬
‫لشعب محفوظ‪ ،‬سلسلة القانون االقتصادي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،2661‬ص ‪.11‬‬

‫‪126‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬التأكد من سالمة وسائل الدفع‪ ،‬بخالف النقد االئتماني‪ ،‬وكذا وضع المعايير المطبقة في هذا المجـال‬
‫ومالءمتها‪ .‬كما يحتفظ بحق إبداء رأي سلبي في مجال إدخال أدوات دفع جديدة ال سيما إذا كانت ال تقدم‬
‫ضمانات كافية‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد طرق وكيفيات االقتراض من الخارج ويمنح الترخيص الالزم للقيام بذلك بالنسبة لكل العمليات من‬
‫هذا النوع ما عدا القروض التي تقوم بها الدولة أو تتم لحسابها‪.‬‬
‫‪ ‬إبداء الرأي والمشورة للحكومة في كل مشاريع القوانين والنصوص التنظيمية ذات الصلة بالمسائل المالية‬
‫والنقدية كما يمكنه أن يقترح عليها كل التدابير الكفيلة بتحسين وضعية ميزان المدفوعات وحركة األسعار‬
‫ووضعية المالية العمومية‪ .‬كما يتعين عليه أن يطلعها على كل طارئ يمكن أن يؤثر على االستقرار النقدي‬
‫للبلد‪.‬‬
‫‪ ‬مساعدة الحكومة في عالقاتها مع المؤسسات المالية متعددة األطراف والدولية‪ .‬كما يمكنه تمثيلها لدى‬
‫هذه المؤسسات و في مختلف المؤتمرات الدولية ذات الصلة‪ .‬يمكنه أيضا المشاركة في المفاوضات حول عقد‬
‫اتفاقيات دولية للدفع والصرف والمقاصة ويتولى تنفيذها لحساب الدولة كما يمكنه عقد أية ترتيبات تقنية ترتبط‬
‫بطرق وكيفيات تنفيذ هذه االتفاقيات‪.‬‬
‫‪ :4‬عمليات بنك الجزائر‬

‫في إطار هذه الصالحيات‪ ،‬يقوم بنك الجزائر بمجموعة من العمليات الواسعة والمتنوعة‪ .‬وفيما يتعلق‬
‫بالعمليات ذات الصلة بالتسيير النقدي والمالي الكلي للبلد‪ ،‬يمكن أن نذكر على الخصوص ما يلي‪:‬‬

‫يقوم بتنظيم التداول النقدي‪ ،‬تسيير ومراقبة منح االئتمان وتسيير المديونية الخارجية ومراقبة تنظيم سوق‬ ‫‪‬‬

‫الصرف‪.‬‬

‫‪ ‬القيام بكل عمليات إعادة الخصم‪ ،‬ووضع واخذ على سبيل نظام األمانة أو تسبيقات على سندات بالعملة‬
‫الوطنية وفق كيفيات يحددها مجلس النقد والقرض‪ .‬كما يمكن أن يقوم بمختلف العمليات على السندات العمومية‬
‫‪1‬‬
‫وفق متطلبات السياسة النقدية‪.‬‬
‫‪ ‬منح قروض للبنوك في الحساب الجاري‪ ،‬شريطة أن تكون هذه القروض مضمونة بواسطة سندات‬
‫الخزينة أو الذهب أو العمالت األجنبية أو سندات قابلة للخصم كما هي محددة من قبل مجلس النقد والقرض‪.‬‬

‫‪ 1‬لشعب محفوظ‪ ،‬سلسلة القانون االقتصادي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.151‬‬

‫‪127‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬التدخل في السوق النقديـة‪ ،‬وفق الشروط التي يحددها مجلـس النقد والقرض‪ ،‬عن طريق عمليات البيع‬
‫والشراء التي تخـ ص أساسا السندات العمومية والسندات الخاصة المقبولة في إعادة الخصم أو في منح‬
‫التسبيقات‪ ،‬دون أن تتم هذه العمليات لفائدة الخزينة أو الجماعات المحلية التي أصدرتها‪.‬‬

‫‪ ‬منح الخزينة مكشوف بالحساب الجاري على أساس تعاقدي ال يتجاوز ‪ %20‬من مبلغ اإليرادات العادية‬
‫المثبتة في السنة المالية السابقة‪ ،‬كما يقوم بمنحها تسبيقا بشكل استثنائي يستعمل حصريا في التسيير النشط‬
‫للدين العمومي الخارجي‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بكل العمليات على االحتياطي من الذهب‪ ،‬الذي تعود ملكيته للدولة‪ ،‬سواء كانت على عمليات‬
‫شراء أو البيع أو اقتراض أو الرهن‪ .‬كما يمكنه استعمال هذا الذهب على سبيل الضمان ألي تسبيق موجه نحو‬
‫التسيير النشط للدين العمومي الخارجي‪.‬‬
‫‪ ‬إجراء مختلف العم ليات التي تتعلق بسندات الدفع المحررة بالعمالت األجنبية وكل األرصدة بالعمالت‬
‫األجنبية‪ ،‬مثل الشراء والبيع والخصم واعادة الخصم والوضع واألخذ على سبيل نظام األمانة والرهن واالسترهان‬
‫واإليداع والقبول على سبيل الوديعة‪.‬‬
‫‪ ‬إدارة وتسيير احتياطات الصرف وتوظيفها وفق كيفيات يحددها مجلس النقد والقرض‪ .‬كما يمكنه القيام‬
‫باإلقراض واالكتتاب في سندات مالية محررة بعمالت أجنبية مسعرة بانتظام من الفئة األولى في األسواق المالية‬
‫الدولية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اثر إصالحات قانون النقد والقرض على البنوك والمؤسسات المالية‬

‫أتاح قانون النقد والقرض إ مكانية إنشاء هيئات مالية إما في شكل بنوك تجارية أو في شكل مؤسسات‬
‫مالية‪.‬‬

‫‪ :7‬البنوك التجارية‬

‫حسب المادة ‪ 70‬من القانون رقم ‪ 22/02‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬يعتبر بنكا تجاريا كل بنك يكون في وسعه‬
‫القيام بجميع العمليات المنصوص عليها في المواد من ‪ 66‬الى ‪ 64‬على أساس أنها تمثل مهنته العادية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى هذه المواد نجد أن البنوك التجارية هي تلك المؤسسات التي تقوم بالعمليات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تلقي األموال من الجمهور السيما الودائع‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬منح القروض‪.‬‬
‫‪ ‬توفير وسائل الدفع الالزمة ووضعها تحت تصرف الزبائن وادارتها‪.‬‬
‫‪ :2‬المؤسسات المالية‬

‫بالمقابل‪ ،‬وحسـب المادة ‪ 72‬من نفس القانون‪ ،‬المؤسسات المالية هي تلك المؤسسات التي يكـون‬

‫بوسعها القيام بكل العمليات المالية ما عدا تلقي األموال من الجمهور‪ ،‬وادارة وسائل الدفع ووضعها تحت‬
‫تصرف الزبائن‪ .‬ويعني ذلك أن المؤسسات المالية تقوم بالقرض على غرار البنوك التجارية‪ ،‬ولكن دون أن‬
‫تستعمل أموال الغير ‪ ،‬ويمكن القول أن المصدر األساسي لألموال المستعملة يتمثل في رأس مال المؤسسة‬
‫وقروض المساهمة واالدخارات طويلة األجل‪.‬‬

‫‪ :3‬البنوك والمؤسسات المالية الخاصة الوطنية واألجنبية‬

‫منذ صدور قانون النقد والقرض‪ ،‬أصبح بإمكان الق طاع الخاص االنخراط في النشاط البنكي عبر تأسيس‬
‫بنوك ومؤسسات مالية خاصة‪ ،‬كما أصبح بإمكان البنوك والمؤسسات المالية األجنبية أن تفتح مكاتب تمثيلية أو‬
‫فروعا لها في الجزائر تخضع لقواعد القانون الجزائري‪ .‬وككل مؤسسة بنكية أو مالية عمومية يجب أن يخضع‬
‫تأسيس البنوك ا لخاصة وفتح فروع البنوك والمؤسسات المالية األجنبية في مرحلة أولى إلى ترخيص خاص‬
‫يمنحه مجلس النقد والقرض‪ ،‬يليه في مرحلة ثانية منح االعتماد لهذا البنك أو هذه المؤسسة المالية بواسطة مقرر‬
‫يصدره محافظ بنك الجزائر بعد موافقة مجلس النقد والقرض‪ ،‬وذلك بعد التحقق من أن البنك أو المؤسسة المالية‬
‫التي طلبت االعتماد قد استوفت جميع الشروط المحددة بواسطة التنظيم الساري المفعول‪ .‬يجب أن تستعمل هذه‬
‫البنوك والمؤسسات المالية األجنبية رأس مال يوازي على األقل رأس المال األدنى المطلوب تأمينه من طرف‬
‫البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية كما هو محدد بواسطة النظام رقم ‪04‬ـ‪ 02‬المؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪1004‬‬
‫المتعلق برأس مال األدنى للبنوك والمؤسسات المالية العاملة في الجزائر‪.‬‬

‫وحمل التعديل الذي تم إدخاله على قانون النقد والقرض في ‪ 1020‬جديدا فيما يتعلق بمساهمة البنوك‬
‫والمؤسسات المالية األجنبية‪ .‬وتماشي ا مع أحكام قانون المالية التكميلي لسنة ‪ 1002‬في مجال نسبة مساهمة‬
‫رأس المال األجنبي في رؤوس أموال المؤسسات االقتصادية العاملة في الجزائر‪ ،‬فقد تضمن تعديل ‪1020‬‬
‫ضرورة أن تتم المساهمات األجنبية في البنوك والمؤسسات المالية الخاضعة للقانون الجزائري وجوبا في إطار‬
‫شراكة تمثل فيها المساهمة الوطنية المقيمة) التي يمكن أن تتشكل من مجموعة من المشاركين) ‪ %72‬على‬

‫‪129‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫األقل من رأس المال‪ .‬إضافة إلى ذلك تقوم الدولة بامتالك سهم خاص في رأس مال البنوك والمؤسسات المالية‬
‫ذات رؤوس األموال الخاصة يعطيها الحق في المشاركة في الهيئات االجتماعية‪ ،‬دون أن تعطيها هذه المشاركة‬
‫الحق في التصويت‪.‬‬

‫بغض النظر عن هذا التعديل‪ ،‬فقد حدد النظام رقم ‪ 01/06‬المؤرخ في ‪ 12‬سبتمبر ‪1006‬م شروط إنشاء‬
‫بنك أو مؤسسة مالية وشروط إقامة فروع لبنوك ومؤسسات مالية أجنبية‪ .‬حيث أراد هذا النظام على وجه‬
‫الخصوص ضبط شروط التأسيس وترقيتها على ضوء التجربة السابقة التي تميزت بإفالس بعض البنوك‬
‫ومخالفات أساسية قامت بها بنوك أخرى نتيجة ثغرات على مستوى التأسيس‪ .‬ويمكن في هذا المجال ذكر أهم‬
‫الشروط المطلوبة عند طلب اعتماد بنك أو مؤسسة مالية ذات رؤوس أموال وطنية عمومية أو خاصة أو رؤوس‬
‫أموال أجنبية فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد برنامج النشاط لمدة خمس سنوات‪.‬‬


‫‪ ‬تحديد إستراتيجية تطوير الشبكة والوسائل الموضوعة لهذا الغرض‪.‬‬
‫‪ ‬الوسائل المالية ومصادرها والوسائل التقنية التي يتعين تطبيقها ‪.‬‬
‫‪ ‬سمعة وشرف المساهمين وضامنيهم المحتملين‪.‬‬
‫‪ ‬المساحة المالية لكل مساهم وكل ضامن‪.‬‬
‫‪ ‬المساهم ون الرئيسيون الذين يشكلون النواة الصلبة ضمن مجموع المساهمين خاصة فيما يتعلق بقدراتهم‬
‫المالية وخبرتهم وكفاءتهم في المجال البنكي والمالي أساسا والتزامهم بتقديم الدعم للمؤسسة على أساس ميثاق‬
‫للمساهمين‪.‬‬
‫‪ :4‬تشكيلة البنوك والمؤسسات المالية حتى ديسمبر ‪2072‬‬

‫سمح صدور القانون المتعلق بالنقد والقرض بظهور مؤسسات نقدية جديدة إما خاصة أو أجنبية أو مختلطة‪.‬‬
‫وقد جاءت هذه البنوك لتدعم البنوك العمومية الموجودة حيث كان النظام البنكي الجزائري يتكون أساسا من‬
‫البنوك العمومية‪ ،‬ولكن بعد بدأ عدد البنوك يتسارع اعتبا ار من النصف الثاني من التسعينات خاصة نتيجة منح‬
‫االعتماد لبنوك و مؤسسات مالية جديدة‪ .‬واستمر تغير هذا العدد مع السنوات سواء نتيجة العتماد بنوك جديدة‬
‫أو تصفية بنوك أخرى ألسباب متعددة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن هذا التطور كان على العموم يبدو ايجابيا بالنظر إلى‬
‫تزايد عدد البنوك بشكل كبير مقارنة مع العدد الذي كا ن متواجدا غداة صدور قانون النقد والقرض‪ .‬وعلى هذا‬

‫‪130‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫األساس تضمن هيكل الجهاز البنكي الجزائري في نهاية سنة ‪ 36 ،3023‬بنكا ومؤسسة مالية معتمدة يقع مقرها‬
‫‪1‬‬
‫االجتماعي في الجزائر العاصمة وتتوزع هذه الهيئات كما يلي‪:‬‬

‫– ستة(‪ )09‬بنوك عمومية ومن بينها صندوق التوفير‪.‬‬


‫– أربعة عشر(‪ )21‬بنك خاص من بينها مصرف واحد برؤوس أموال مختلطة‪.‬‬
‫– ثالثة (‪ )02‬مؤسسات مالية من بينها ‪ 03‬عمومية‪.‬‬
‫– ‪ 01‬شركات للقرض اإليجار منها ‪ 03‬خاصة ‪.‬‬
‫– تعاونية تأمين واحدة معتمدة إلجراء كل العمليات البنكية وأصبحت مؤسسة مالية ابتدءا من نهاية‪.3006‬‬
‫ومنه يمكن تبيين هيكل المنظومة البنكية الجزائرية من خالل الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)2-2‬هيكل النظام البنكي الجزائري في عام ‪2072‬م‬

‫‪SPA, 2012,.p32 . SOURSE : GUIDE des banques et établissements financiers en Algérie 2012 édition KPMG Algérie‬‬

‫‪1‬‬
‫‪la Banque d’Algérie, évolution économique et monétaire en Algérie 0rapport 2012, p81‬‬

‫‪131‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫نالحظ من الش كل أعاله تعدد أنواع المؤسسات المالية حيث نالحظ جليا أن عدد البنوك الخاصة تزايد‬
‫بشكل ملحوظ باإلضافة إلى ظهور مؤسسات مالية متخصصة في مجاالت تمويلية مختلفة‪ ،‬حيث يعتبر هذا‬
‫التنوع نتاج قانون النقد والقرض الذي كان يسعى إلى إيجاد منظومة بنكية فعالة تعمل على إرساء قواعد نظام‬
‫اقتصاد السوق‪ ،‬إال انه بعد إعالن إفالس البنكين الجزائريين برأسمال خاص"بنك الخليفة" و"البنك الصناعي‬
‫التجاري" أعاد الوضع إلى نقطة البداية‪ ،‬أين شهدت الساحة البنكية الجزائرية تراجعا وتزعزعت ثقة الجمهور‬
‫والمتعاملين االقتصاديين في القطاع البنكي الخاص أو األجنبي بشكل عام وعاد األمر إلى سابقه بهيمنة‬
‫البنوك العمومية على النشاط البنكي وتراجع المنافسة في السوق البنكي الجزائري ‪.‬‬

‫وفيما يلي أهم المؤسسات المالية التي اعتمدت من طرف بنك الجزائر وهي مؤسسات مالية خاصة‬
‫برأس مال أجنبي أو وطني‪:‬‬

‫‪ -‬البنك التجاري المختلط البركة‪:‬‬


‫أنشئ بتاريخ ‪ 06‬ديسمبر ‪ 2220‬بمساهمة مجموعة البركة الدولية التي يوجد مقرها بجدة بالسعودية وبنك‬
‫الفالحة والتنمية الريفية )‪ (B.A.D.R‬بنسبة ‪ %22‬من طرف البركة الدولية و‪ %72‬من طرف )‪(B.A.D.R‬‬
‫‪1‬‬
‫والقانون األساسي لهذا البنك يسمح بالنشاط البنكي في إطار ومبادئ ومثل الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬البنك المختلط )‪: (La banque mixte off shore) (B.A.M.J.C‬‬


‫أنشئ بتاريخ ‪ 22‬جوان ‪ 2244‬ما بين البنك الخارجي الليبي بنسبة ‪ %70‬من رأس مال البنك وبمساهمة‬
‫أربعة بنوك تجارية جزائرية بنسبة ‪ %70‬من رأس المال وهي )‪ (B.A.D.R - C.P.A - B.E.A - B.N.A‬وأنشئت‬
‫هذه المؤسسة البنكية من اجل تحقيق كل العمليات البنكية المالية والتجارية بالعملة الصعبة المحولة لترقية‬
‫االستثمار وتنمية التجارة في بلدان المغرب العربي‪.‬‬

‫‪ -‬الشركة البنكية العربية ‪:ABC‬‬


‫تحصلت على االعتماد في ‪ 2227/22/27‬والتي مقرها الرئيسي في البحرين برأس مال اجتماعي ‪10‬‬
‫مليون دوالر‪ ،‬وتم اكتتابه بمساهمة كل من المؤسسة العمومية البنكية بنسبة ‪ %70‬والمؤسسة المالية الدولية ‪SFI‬‬
‫التابعة للبنك الدولي بنسبة ‪ ،%20‬المؤسسة العربية لالستثمار بنسبة ‪ ،%20‬الشركة الجزائرية للتأمين‪CAAT‬‬
‫بنسبة ‪ ،%7‬ومتعاملين جزائريين خواص بنسبة ‪.2%7‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Banque d’Algérie : « Banque et établissements financière », à partir du site d’Internet :www.banque-of-‬‬
‫‪algeria.dz/banque.htm consulté le 27/12/2009.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Revue mutation, N°33 Septembre 2000,p 65.‬‬

‫‪132‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ -‬سيتي بنك األمريكي ‪:City Bank‬‬


‫يعتبر من أكبر البنوك العالمية في ميدان تسيير أسواق الصرف تحصل على االعتماد في ماي ‪2224‬‬

‫برأس مال قدره ‪ 1,2‬مليار دج‪ ،‬ومقره بفندق األوراسي‪.‬‬

‫‪ -‬الشركة العامة الفرنسية ‪:la société générale française‬‬


‫فتح فرع لها سنة ‪ 2244‬برأس مال قدره ‪ 600‬مليون دج‪ ،‬حيث الشركة العامة بنسبة ‪ ،%27‬وهولدينغ‬
‫‪ FIBASA‬للكسمبورغ بنسبة ‪ ،%22‬والمؤسسة الدولية ‪ SFI‬بـ ‪ ،%20‬والبنك اإلفريقي للتنمية بـ ‪ ،%20‬ودورها‬
‫يتمثل في تمويل التجارة الخارجية وضمان متابعة تطبيق برنامج خصخصة المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬بنك ناتكسيس األمانة ‪:Nations ALAMANA‬‬


‫أنشئ برأس مال قدره ‪ 700‬مليون دج‬

‫‪ -‬البنك القطري ريان بنك ‪:RAYAN BANQUE‬‬


‫أنشئ برأس مال قدره ‪ 200‬مليون دوالر أمريكي‪ ،‬وهو تابع لمجموعة الفيصل الكائن مقرها بقطر‪ ،‬و قد‬
‫ماله‪2.‬‬
‫تم توقيف نشاط هذا البنك من طرف مؤسسيه لعدم قدرته على رفع رأس‬

‫‪ -‬بنك )‪:EPG HERMESS (SPA‬‬


‫أعتمد برأس مال قدره ‪ 700‬مليون دج المساهمين فيه )‪ EPG HERMESS (SPA‬بمصر و ‪UNITED‬‬
‫‪ GROUPS‬باإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬

‫‪ -‬البنك العام المتوسط ‪:BGM‬‬


‫تأسس في جوان ‪2224‬م برأس مال قدره مليار دج ‪ %4‬عبارة عن مساهمات أجنبية‪ ،‬يقوم بجميع‬
‫العمليات البنكية وترقية تأسيس الشركات عن طريق األسهم‪.‬‬

‫‪ -‬البنك االتحادي ‪:UNION BANKS‬‬


‫أنشئ هذه البنك في ‪2227/02/07‬م برأس مال خاص مختلط وطني وأجنبي‪ ،‬وترتكز أعمال هذا البنك‬
‫في أداء نشاطات متنوعة منها‪ :‬جمع االدخار‪ ،‬تحويل العمليات الدولية والمساهمة في رؤوس أموال جديدة‪ ،‬كما‬
‫يقوم بتقدي م خدمات استشارية ألصحاب األعمال والمشاريع فيما يخص الزبائن‪ ،‬وقد تم سحب االعتماد من طرف‬
‫مجلس النقد والقرض‪.‬‬

‫‪ -‬الخليفة بنك ‪:EL KHALIFA BANK‬‬


‫تم اعتماده سنة ‪2224‬م من طرف بنك الجزائر برأس مال قدره ‪ 476‬مليون دوالر وهذا بموجب القرار رقم‬
‫‪ 24/02‬بمساهمة تسعة (‪ )02‬مساهمين‪ ،‬وله ‪ 220‬وكالة موزعة عبر التراب الوطني‪ ،‬يقوم بتمويل النشاطات‬

‫‪133‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫التجارية والصناعية والمؤسسات المتوسطة والصغيرة والمهن الحرة‪ ،‬وسحب منه االعتماد من اللجنة البنكية يوم‬
‫‪1002/07/12‬م بموجب قرار رقم ‪1002/02‬م‪.‬‬

‫‪ -‬منى بنك ‪:MOUNA BANK‬‬


‫هو بنك تجاري اعتمد برأس مال قدره ‪ 610‬مليون دج ويقوم بجميع العمليات البنكية‪.‬‬

‫‪ -‬البنك التجاري والصناعي الجزائري ‪:BCIA‬‬


‫اعتمد برأس مال قدره ‪ 700‬مليون دج ويقوم بجميع العمليات البنكية‪ ،‬وسحب منه االعتماد من طرف‬
‫اللجنة البنكية بموجب القرار رقم ‪ 1002/04‬بتاريخ ‪1002/04/12‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الشركة الجزائرية للبنك ‪:SAB‬‬


‫تم اعتماده سنة ‪2222‬م ‪ ،‬ويعتبر شركة مساهمة أنشأت باألغلبية من طرف مساهمين جزائريين برأس مال‬
‫‪ 700‬مليون دج‪ ،‬وتم اكتتابه كما يلي‪ %42 :‬من شركات جزائرية و‪ %27‬من شركات تمويل أوروبية‪.‬‬

‫‪ -‬بنك ناتكسيس الجزائر‪:‬‬


‫أنشئ هذا البنك األجنبي الخاص تحت هذه التسمية برأس مال قدره ‪ 700‬مليون دج‪ ،‬ويعتبر هذا البنك نتاج‬
‫اندماج تم بين "القرض الوطني" و"البنك الفرنسي للتجارة الخارجية" وهو تابع منذ أكتوبر ‪2227‬م إلى المجموعة‬
‫"البنوك الشعبية" التي تعد المساهم الرئيسي في رأس ماله‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مهام البنوك والمؤسسات المالية على ضوء قانون النقد والقرض‬

‫تعرضنا في الفقرات السابقة إلى أنواع الهيئات المالية والبنكية التي أتاح قانون النقد والقرض عملها في‬
‫النظام النقدي الجزائري‪ ،‬نأتي في هذه الفقرة إلى دراسة المهام التي يمكن لهذه البنوك والمؤسسات ممارستها‪ .‬من‬
‫زاوية اإلطار المؤسسي‪ ،‬يمكن للبنوك والمؤسسات المالية أن تقوم بعمليات متنوعة قام قانون النقد والقرض‬
‫بتصنيفها في عمليات أساسية‪ ،‬وأخرى تعتبر ثانوية أو تابعة‪.‬‬

‫‪ :7‬العمليات األساسية‬

‫حسب نص المادة ‪ 66‬من األمر رقم( ‪ 02‬ـ‪ )22‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬تتمثل العمليات الرئيسية للبنوك‬
‫في ثالثة أنواع أساسية هي استالم الودائع من الجمهور‪ ،‬ومنع القروض وانشاء وسائل الدفع وتسييرها‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪7‬ـ‪ :7‬استالم األموال من الجمهور‬

‫تعتبر أمواال مستلمة من الجمهور حسب المادة ‪ 67‬من األمر ‪02‬ـ‪22‬المتعلق بالنقد والقرض كل األموال‬
‫المستلمة من الغير‪ ،‬والتي تكون أساسا في شكل ودائع تقوم البنوك باستخدامها لصالحها مع ضرورة إرجاعها‬
‫وفق القواعد المناسبة حسب كل شكل من أشكال الودائع "عند الطلب بالنسبة للودائع الجارية وعند االستحقاق‬
‫بالنسبة للودائع ألجل"‪ .‬ال تعتبر أمواال مستلمة من الجمهور حسب نفس المادة تلك األموال الموضوعة أو التي‬
‫تم تركها في الحساب من طرف المساهمين الذين يملكون ‪%7‬على األقل من رأس المال أو من طرف أعضاء‬
‫مجلس اإلدارة أو المديرين إضافة إلى األموال المتأتية من سلفيات تساهمية‪.‬‬

‫إن األموال المستلمة من الجمهور‪ ،‬وخاصة في شكل ودائع‪ ،‬وهذا صحيح بشكل أساسي بالنسبة للبنوك‬
‫التجارية‪ ،‬تحدد إلى حد كبير م جال التحرك بالنسبة لهذه البنوك وتشكل وسائل عملها األساسية‪ .‬حيث تمثل‬
‫الودائع بالنسبة لها "خاصة الودائع" موارد غير مكلفة أو اقل كلفة من الموارد األخرى خاصة تلك اآلتية من‬
‫إعادة التمويل أو من االقتراض في السوق‪.‬‬

‫‪7‬ـ‪ :2‬منح القروض‬

‫تتمثل الوظيفة الثانية للبنوك "واألولى بالنسبة للمؤسسات المالية" في منح مختلف أنواع القروض لتمويل‬
‫النشاط االقتصادي لمختلف األعوان االقتصاديين بما فيهم األسر‪ .‬وحسب المادة ‪ 64‬من األمر ‪02‬ـ‪22‬المتعلق‬
‫بالنقد والقرض‪ ،‬تعتبر عملية قرض كل عمل نظير مقابل يضع بموجبه شخص ما أو يعد بوضع أموال تحت‬
‫تصرف شخص أخر أو يمنح له التزاما بالتوقيع يكون في شكل ضمان احتياطي أو كفالة أو ضمان‪ .‬كما تعتبر‬
‫حسب نفي المادة عمليات مماثلة للقرض عمليات الشراء المقرونة بحق خيار الشراء‪ ،‬السيما عمليات القرض‬
‫باإليجار‪.‬‬

‫‪7‬ـ‪ :3‬إنشاء وسائل الدفع وتسييرها‬

‫يعبر مفهوم وسائل الدفع حسب المادة ‪ 62‬من األمر رقم ‪02‬ـ‪ 22‬عن كل األدوات والوسائل التي تستعمل‬
‫في تحويل األموال مهما كان الشكل المادي أو التقني الذي تتجسد فيه‪ .‬يعتبر إنشاء وسائل الدفع ووضعها تحت‬
‫تصرف الزبائن وتسيير هذه الوسائل يسهل إجراء العمليات المالية من المهام األساسية للبنوك‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫يوسع إنشاء المزيد من وسائل الدفع من مجال تدخل البنوك‪ .‬وفي الحقيقة كلما كانت وسائل الدفع‬
‫المتاحة كثيرة كلما كان ذلك أم ار جيدا في النظام البنكي لكي ال تكون قلتها سببا في عرقلة النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫ولكن وجود كمية من هذه الوسائل تفوق رغبة األعوان االقتصاديين وحاجتهم يؤدي إلى تقلص جودتها كوسائل‬
‫ذات قيمة مستقرة‪ .‬ولذلك‪ ،‬يجب أن تكون هناك إدارة جيدة لهذه الوسائل من طرف النظام البنكي‪ ،‬وينبغي أن‬
‫تكون محفزات إلدخال ثقافة استعمال مختلف أنواع وسائل الدفع واقناع الجمهور بذلك‪ .‬كما ينبغي أن تكون‬
‫هناك ما يكفي من اآلليات للحماية والوقاية من السلبيات واألضرار التي يمكن أن تترتب عن إدخال هذه الوسائل‬
‫في التداول‪.‬‬

‫‪:2‬العمليات التابعة‬

‫إلى جانب هذه العمليات األساسية التي تقوم بها البنوك بصفة يومية ومستمرة‪ ،‬أتاح قانون النقد والقرض‬
‫إمكانية أمام البنوك للقيام بعمليات أخرى وصفها بأنها عمليات تابع ة أو فرعية‪ .‬إن وصف هذه العمليات بأنها‬
‫تابعة ال يعني إطالقا أنها غير مهمة وليست ضرورية‪ .‬حيث قد تكون هذه العمليات ناشئة عن العمليات‬
‫الرئيسية‪ ،‬أو يتم القيام بها بصفة غير مستمرة‪ ،‬حيث تم تحديد هذه العمليات بموجب المواد ‪ 71‬إلى ‪ 72‬من‬
‫األمر ‪ 02‬ـ ‪ 22‬المتعلق بالنقد والقرض والتي يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬عمليات الصرف لصالح الزبائن‪ ،‬وقد حدد التنظيم آليات للقيام بعمليات الصرف كما حدد القانون رقم‬
‫‪ 07‬ـ ‪ 02‬المؤرخ في ‪ 02‬فيفري ‪1007‬م القواعد والشروط المطبقة على كل المعامالت الجارية مع الخارج‬
‫وحسابات العمالت الصعبة‪.‬‬
‫‪ ‬العمليات على الذهب والمعادن النفيسة والقطع المعدنية النفيسة‪.‬‬
‫‪ ‬توظيف القيم المنقولة وجميع المنتجات المالية واكتتابها وشراءها وادارتها وخفضها وبيعها‪.‬‬
‫‪ ‬المشورة والمعونة في مجال تسيير الذمة‪.‬‬
‫‪ ‬المشورة واإلدارة والهندسة المالية وجميع الخدمات التي تسهل إنشاء المؤسسات أو التجهيزات وتنميتها‬
‫في إطار األحكام القانونية السارية المفعول في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ ‬تلقي أموال من الجمهور بغرض توظيفها في مساهمات لدى مؤسسات حسب كل الكيفيات القانونية مثل‬
‫األسهم‪ ،‬شهادات االستثمار‪ ،‬حصص الشركات و الموصين في شركات التوصية وغير ذلك‪ ،‬دون اعتبار هذه‬
‫األموال م ن ضمن الودائع وال تكون منتجة للفوائد إضافة إلى خضوعها لشروط أخرى محددة بموجب المادة ‪72‬‬
‫من األمر ‪ 02‬ـ ‪ 22‬المتعلق بالنقد والقرض‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬أخد مساهمات وحيازتها سواء في مؤسسات موجودة أو عن طريق اإلنشاء دون أن تتعدى هذه‬
‫المساهمات بالنسبة للبنوك حدودا معينة يحددها مجلس النقد والقرض‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬السلطات الرقابية المستحدثة في النظام البنكي الجزائري‬

‫بين قانون النقد والقرض كل من السلطات النقدية والرقابية وحدد مهامها وحدود تدخلها كما حرص على‬
‫وضع هيئات أخرى تمتزج مهامها بين الرقابة غير المباشرة وضمان شفافية السلوك المالي في عالقاتهم مع‬
‫البنوك والمؤسسات المالية‪ .‬حيث نص التنظيم الجديد للجهاز البنكي الجزائري‪ ،‬والذي بموجبه فتح المجال أمام‬
‫البنوك الخاصة الوطنية واألجنبي ة‪ ،‬والذي يعتمد على قواعد السوق أن تكون للسلطة النقدية آليات وهيئات للرقابة‬
‫لضمان االنسجام وانضباط السوق البنكي ويحافظ على استقرار النظام البنكي‪ ،‬وتتكون هيئات الرقابة من‪:‬‬

‫‪ :7‬لجنة الرقابة البنكية‪:‬‬

‫وتعرف أيضا باسم اللجنة البنكية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 222‬من قانون النقد والقرض على إنشاء هذه‬
‫اللجنة وحددت أعضائها وصالحياتها‪ ،‬فهي مكلفة بمراقبة حسن تطبيق القوانين واألنظمة التي تخضع لهل‬
‫البنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬

‫وتتكون اللجنة من محافظ البنك المركزي رئيسا‪ ،‬وقاضيان من المحكمة العليا وخبيرين يقترحهما وزير المالية‪،‬‬
‫وتقوم اللجنة بأعمالها الرقابية على أساس الوثائق المستندية‪ ،‬كما يمكنها أنبذلك عن طريق الزيارات الميدانية إلى‬
‫مقرات البنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬

‫المخاطر‪:‬‬ ‫‪ :2‬مركزية‬

‫في إطار الوضع الجديد المتسم بحرية المبادرة وقواعد السوق في العمل البنكي‪ ،‬ونظ ار لحرية المنافسة بين‬
‫البنوك تتزايد المخاطر المرتبطة بالنشاط البنكي وبخاصة المخاطر المرتبطة بالقروض‪ ،‬ويحاول البنك المركزي‬
‫أن يجمع كل المعلوما ت التي تهدف إلى مساعدة النظام البنكي على التقليل من هذه المخاطر‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬أسس قانون النقد والقرض في مادته ‪ 260‬هيئة تقوم بتجميع هذه المعلومات سميت مركز المخاطر‪:‬‬
‫"ينظم ويسير بنك الجزائر مصلحة مركزية للمخاطر تدعى مركز المخاطر تتكفل بجمع أسماء المستفيدين من‬
‫القروض وطبيعة وسقف القروض الممنوحة والمبالغ المسحوبة والضمانات المعطاة لكل قرض من جميع البنوك‬
‫والمؤسسات المالية"‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫وتتضمن الالئحة ‪ 02-21‬المؤرخة في ‪ 11‬مارس ‪ 2221‬والصادرة عن بنك الجزائر تنظيم مركز‬


‫المخاطر وطرق عمله‪.‬‬

‫‪ :3‬مركزية عوارض الدفع‪:‬‬

‫رغم أن هناك مركزية للمخاطر على مستوى بنك الجزائر تعطي مسبقا معلومات خاصة ببعض أنواع‬
‫القروض والزبائن‪ ،‬إال أن ذلك ال يلغي بشكل كامل المخاطر المرتبطة بهذه القروض‪ .‬ففي المحيط االقتصادي‬
‫والمالي الجديد‪ ،‬الذي يتميز بالتغير وعدم االستقرار‪ ،‬تقوم البنوك والمؤسسات المالية بأنشطتها في منح القروض‬
‫إلى الزبائن‪ .‬وأثناء ذلك‪ ،‬من المحتمل أن تحدث بعض المشاكل على مستوى استرجاع هذه القروض‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬فقد قام بنك الجزائر بموجب النظام رقم ‪ 01-21‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 2221‬بإنشاء مركزية‬
‫لعوارض الدفع‪ ،‬وفرض على كل الوساطة المالية االنضمام إلى هذه المركزية وتقديم كل المعلومات الضرورية‬
‫لها‪ .‬وتقوم مركزية عوارض الدفع بتنظيم المعلومات المرتبطة بكل الحوادث والمشاكل التي تظهر عند استرجاع‬
‫القروض أو تلك التي لها عالقة باستعمال مختلف وسائل الدفع‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬تتلخص في عنصرين‪:‬‬

‫‪ -‬األول‪ ،‬وهو تنظيم بطاقية مركزية لعوارض الدفع وما قد ينجم عنها وتسييرها‪ .‬وتتضمن هذه البطاقة بطبيعة‬
‫الحال كل الحوادث المسجلة بشان مشاكل الدفع أو تسديد القروض‪.‬‬

‫‪ -‬الثاني‪ ،‬وهو نشر قائمة عوارض الدفع وما يمكن أن ينجم عنها من تبعات وذلك بطريقة دورية وتبليغها إلى‬
‫الوسطاء الماليين والى أية سلطة أخرى معينة‪.‬‬

‫‪ :4‬جهاز مكافحة إصدار الشيكات بدون مؤونة‪:‬‬

‫أتى جهاز مكافحة إصدار الشيكات بدون مؤونة ليدعم ضبط قواعد العمل بأهم أحد وسائل الدفع وهي‬
‫الشيك‪ .‬وقد تم إنشاء هذا الجهاز بموجب النظام ‪ 02-21‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪2221‬م‪ ،‬ويعمل هذا الجهاز‬
‫على تجميع المعلومات المرتبطة بع وارض دفع الشيكات لعدم كفاية الرصيد والقيام بتبليغ هذه المعلومات إلى‬
‫الوسطاء الماليين المعنيين‪.‬‬

‫ويجب على الوسطاء الماليين الذين وقعت لديهم عوارض دفع لعدم كفاية الرصيد أو لعدم وجوده أصال أن‬
‫يصرحوا بذلك إلى مركزية عوارض الدفع حتى يمكن استغاللها وتبليغها إلى الوسطاء الماليين اآلخرين‪ .‬ويجب‬
‫عليهم في هذا المجال أن يطلعوا على سجل عوارض الدفع قبل تسليم أول دفتر للشيكات للزبون‬

‫‪138‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬إفالس البنوك الخاصة الجزائرية والترتيبات الجديدة الصادرة على قانون النقد والقرض‬

‫واجهت الجزائر العديد من التحديات فيما يخص تحرير المنظومة البنكية الذي كان بدون تفكير ووعي‬
‫مسبق لآلثار السلبية التي قد تنشأ وتشكل أزمة اقتصادية‪ ،‬إذ يمكن القول أن األزمة في الجزائر ليست مالية‬
‫فقط‪ ،‬بل هي أيضا أزمة أنظمة‪ ،‬وأزمة مناهج‪ ،‬حيث أن هذه السياسات االقتصادية غير نابعة من الواقع‬
‫االجتماعي واالقتصادي‪ .‬فبعد إلغاء االحتكار الحكومي للتجارة الخارجية‪ ،‬وتحرير النظام البنكي وقطاع التأمين‬
‫التي نصت عليه شروط صندوق النقد الدولي ‪ ،‬أنشئت بنوك خاصة منها بنك الخليفة‪.‬‬

‫لذلك سنحاول من خالل هذا المبحث التطرق ألهم األسباب التي أدت إلى حدوث هذه األزمة واهم‬
‫التعديالت الت ي طرأت على قانون النقد والقرض من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ ‬أزمة إفالس بنك الخليفة و البنك الصناعي و التجاري سنة ‪ 1002‬وأسبابها‪.‬‬


‫‪ ‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض في سنة ‪.1002‬‬
‫‪ ‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض في سنة ‪.1002‬‬
‫‪ ‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض في سنة ‪.1020‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أزمة إفالس بنك الخليفة والبنك الصناعي والتجاري سنة ‪ 2003‬وأسبابها‬

‫بدأت مجموعة خليفة أعمالها في استيراد األدوية في بداية التسعينيات‪ ،‬ثم أنشئت بنك الخليفة‪ ،‬واستمرت‬
‫هذه المجموعة في تنويع أعمالها‪ ،‬فأنشأت شركة طيران دولية‪ ،‬وشركة إنشاءات‪ ،‬ومجموعة شركات خدماتية بما‬
‫في ذلك وكالة تأجير السيارات والمطاعم‪ ،‬ومحطات تلفزيون بباريس ولندن‪ ،‬تميزت هذه المجموعة بغياب‬
‫الشفافية ‪ ،‬حيث لم تنشر أية معلومات تخص مصادر أموالها وأصحابها وحساباتهم أو مموليها‪ ،‬مما أثار فضول‬
‫بعض الصحافيين والبرلمانين الفرنسيين على الخصوص‪ ،‬الذين طالبوا بالتحقيق في ذلك‪.‬‬

‫واثر التدقيق والمراجعة الذي قامت به مفوضية البنوك في الجزائر‪ ،‬توقفت شركة الطيران عن عملها في‬
‫حزيران من عام ‪ ،3002‬لمديونيتها الكبيرة وسحب الترخيص من بنك الخليفة‪ ،‬بسبب العجز الكبير الراجع لتهريب‬
‫األموال إلى الخارج‪ ،‬وتراكم أسهم ال قيمة لها‪ ،‬كما عين مشرف على أعمال التصفية‪.‬‬

‫يعتبر إفالس بنك الخليفة والبنك الصناعي والتجاري بمثابة الصدمة واألزمة التي شهدها القطاع البنكي‬
‫الخاص في الجزائر‪ ،‬ففي الوقت الذي ظهرت فيه بوادر تحرير السوق البنكي والمنافسة وبدأت البنوك الخاصة‬

‫‪139‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الوطنية واألجنبية تتموقع تدريجيا وتحتل مساحة معقولة وبدأت حصتها السوقية في النمو حيث بلغت ‪ %21‬عام‬
‫‪ 1،1001‬وظهرت عالمات التفاؤل على المتعاملين االقتصاديين‪ .‬جاء اإلعالن عن إفالس البنكين المذكورين‬
‫ليعيد الوضع إلى نقطة البداية‪ ،‬فشهدت الساحة البنكية الج ازئرية تراجعا‪ ،‬وتزعزعت ثقة الجمهور والمتعاملين‬
‫االقتصاديين في القطاع البنكي الخاص الوطني واألجنبي بشكل عام‪ ،‬وعاد األمر إلى سابق عهده بهيمنة البنوك‬
‫العمومية على النشاط البنكي وتراجعت المنافسة في السوق البنكي الجزائري‪.‬‬

‫وهناك جملة من األسباب والعوامل التي أدت إلى أزمة القطاع البنكي الخاص‪ ،‬وافالس البنكين الخاصين‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫الخليفة بنك والبنك الصناعي والتجاري‪ -‬لعل من أهمها ما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العوامل المرتبطة بضعف اإلدارة والتحكم في التسيير‬

‫صنفت اإلدارة غير السليمة وضعف التحكم في التسيير وفق معايير التسيير البنكي وعدم االلتزام بقواعد‬
‫الحيطة والحذر من بين األسباب الرئيسية التي حددها مفتشي بنك الجزائر واللجنة البنكية في تقاريرهم المعدة‬
‫انطالقا من عمليات التفتيش والمعاينة الميدانية التي أجريت على البنكين المعنيين‪ ،‬وتمثل هذا في التسيير في‬
‫عدم االلتزام بالقواعد المحاسبية وع دم الشفافية في المعلومات وعدم احترام مؤشرات التسيير المالي‪ ،‬وكذلك عدم‬
‫وجود تقارير عن حصيلة النشاط مصادق عليها من طرف الجمعية العامة للمساهمين كما ينص عليه القانون‪،‬‬
‫وتجلى هذا خاصة في بنك الخليفة حيث أنه لم يعد تقارير حصيلة نشاطه لسنوات ‪.1002 ، 2222،1000‬ومن‬
‫أهم العوامل التي ساعدت على ذلك نجد‪:‬‬

‫‪ ‬ضعف التحكم في تسيير السيولة ووجود فائض في السيولة بالنسبة لبنك الخليفة لدى البنك المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬عدم التنويع في محفظة النشاط واحترام معايير التوازن المالي‪ ،‬بحيث تم تخصيص موارد قصيرة‬
‫األجل لتمويل االستثمارات طويلة األجل‪ ،‬باإلضافة إلى التحويالت المالية المفرطة نحو الخارج‪ ،‬وكذلك منح‬
‫أسعار فائدة مرتفعة على الودائع أكثر مما هو سائد في السوق وهو ما يتنافى والسالمة المالية‪.‬‬
‫‪ ‬السعي وراء تحقيق الربح على المدى القصير وعدم التقيد بالمهنية واالحترافية في ممارسة النشاط‬
‫البنكي‪.‬‬
‫‪ ‬عدم الق درة على التحكم في التكاليف وذلك من خالل اإلفراط في النفقات غير المبررة والتي ليس لها‬

‫‪1‬‬
‫‪Mohamed Ghernaout, crises financières et faillites des banques algériennes, édition G.A.L, 2004, p35.‬‬
‫‪2‬‬
‫الطاهر بريش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.96 ،99‬‬

‫‪140‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫عالقة بالنشاط الرئيسي كما كان عليه الحال بالنسبة لبنك الخليفة "تمويل الفرق الرياضية‪ ،‬تمويل الحفالت‬
‫والمهرجانات‪....‬الخ"‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العوامل التي تعود لجهات اإلشراف والرقابة‬

‫أدى انفتاح القطاع المالي والبنكي إلى عدم تحديد الشروط والضوابط والمعايير لدخول الخواص لالستثمار‬
‫في القطاع البنكي‪ ،‬وانعدام الخبرة الالزمة لممارسة اإلدارة البنكية‪ ،‬باإلضافة إلى تميزهم بالتهور البنكي و ضعف‬
‫التحكم في إدارة المخاطر التي يتميز بها القطاع البنكي‪ ،‬وسمح ذلك بالنمو السريع للبنوك الخاصة – وخاصة‬
‫بنك الخليفة – حيث عرف نموا سريعا في شبكته و انتشاره فأرتفع عدد وكاالته من ‪ 07‬وكاالت سنة ‪ 2222‬م‬
‫إلى ‪ 12‬وكالة عام ‪1000‬م ثم إلى ‪ 220‬وكالة عام ‪1001‬م ‪ ،‬أما البنك الصناعي و التجاري فمن وكالة واحدة‬
‫عند التأسيس إلى ‪ 21‬وكالة عام ‪1000‬م‪.‬‬

‫هذه الطفرة في نمو البنكين لم تكن تخضع للضوابط الواجب احترامها وهو ما فسر على أنه تغاضي من‬
‫طرف البنك المركزي على القيام بدوره في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ ‬لم تقم اللجنة البنكية بدورها الرقابي على أكمل وجه وتغاضيها عن عدم احترام قواعد الحذر في تسيير‬
‫ا لبنكيين‪ ،‬و تدخلها المتأخر مما تسبب في ثقل تكلفة إفالس البنكين المذكورين‪.‬‬
‫‪ ‬عدم قدرة السلطات العمومية المخولة على التكيف مع مقتضيات التحرير البنكي من خالل دعمها للبنوك‬
‫العمومية وذلك بإعادة رسملتها وتطهير محافظها من الديون المتعثرة‪ ،‬وبالمقابل تم إهمال االهتمام بترقية البنوك‬
‫الخاصة ودعمها‪ ،‬بل اعتبرت دخيلة على القطاع البنكي وجب النظر إليها بحذر‪ ،‬وكان األجدر بالسلطات‬
‫العمومية الجزائرية االهتمام بترقية البنوك الخاصة واالعتراف بدورها بدل التضييق عليها ودفعها لممارسة‬
‫تصرفات غير قانونية‪.‬‬
‫‪ ‬لم تواكب لهيئات الرقابية تغي ارت المحيط الجديد‪ ،‬فمعظم الهيئات لم تجدد طيلة سنوات‪ ،‬ومعظم رؤساء‬
‫هذه الهيئات مدراء ومسئولين سابقين في البنوك العمومية‪ ،‬األمر الذي جعلهم يهتمون فقط بالبنوك العمومية‪ ،‬كما‬
‫لم تتاح الفرصة لممثلي البنوك الخاصة من المساهمة في اتخاذ القرار‪ ،‬وعدم تمكينهم من أن يكونوا أعضاء في‬
‫هيئات الرقابة والهيئات األخرى‪ ،‬ومنحهم الفرصة من لطرح مشاكلهم وانشغاالتهم من أجل الوصول إلى تكوين‬
‫نظام بنكي منسجم و أكثر صالبة وتسوده المنافسة وما ينعكس ذلك إيجابا على االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫فبعد إفالس كل من بنك الخليفة والبنك الصناعي والتجاري وما ترتب عن ذلك من خسائر تحملتها خزينة‬
‫الدولة‪ ،‬وتشير التقديرات إلى أن إفالس بنك الخليفة وحده كلف خزينة الدولة ‪ 277‬مليار دوالر‪ ،‬بينما كلف إفالس‬
‫البنك الصناعي والتجاري حوالي ‪ 100‬مليون دوالر‪.‬‬

‫بعدما تعرض بنك الخليفة إلى تصفية لألسباب اإلفالس‪ ،‬والبنك التجاري الصناعي أيضا‪ ،‬شهدت نهاية‬
‫سنة ‪ ، 1007‬فشل بنوك خاصة أخرى برأس مال وطني خاص‪ ،‬حيث جاء قرار مجلس النقد والقرض بسحب‬
‫اعتماداتها‪ 1،‬بطلب منهما حسب بيان مجلس النقد والقرض وهي بنك "منى بنك" و"أركو بنك" بعد ما تبين عدم‬
‫القدرة لهما على توفير الحد األدنى لرأس المال الخاص للبنوك والمقدر بـ ‪ 1,7‬مليار دج‪.‬‬

‫وقرار اللجنة البنكية كان مؤرخ بتاريخ ‪ 1007/21/17‬م والمتعلق بسحب االعتماد من بنك "الشركة‬
‫الجزائرية للبنك" نهاية البنوك الخاصة الوطنية وعليه يمكن القول أن تجربة البنوك الخاصة الوطنية فاشلة‪ ،‬فما‬
‫يمكن استنتاجه أن قانون النقد والقرض رقم ‪ 20/20‬الذي سمح بتحرير القطاع البنكي فتحه أمام المنافسة‪ ،‬إال‬
‫أنه وبعد مضي ‪ 17‬سنة على ذلك لم يسمح بتطور فعلي للبنوك الخاصة وبقي مساهمتها ضئيلة في السوق‬
‫البنكي‪.‬‬

‫فكان هذا سبب كافي بالنسبة للسلطات العمومية إلعادة النظر في التشريع البنكي‪ ،‬وخاصة اآلليات التي‬
‫من شأنها ضبط نشاط البنوك وعدم تكرار حاالت التعثر المالي للبنوك‪ ،‬األمر الذي استدعى تعديل قانون النقد‬
‫والقرض باألمر ‪ 22-02‬الصادر في ‪ 16‬أوت ‪ 1002‬وهذا ما سيتم بحثه الحقا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض في سنة ‪2007‬‬

‫يعتبر األمر ‪ 02/02‬الصادر في ‪ 17‬فيفري ‪1002‬م كأول تعديل للقانون رقم ‪ 20/20‬حيث مس األمر‬
‫الرئاسي الجوانب اإلدارية في تسير بنك الجزائر فقط دون المساس بمضمون القانون‪ ،‬جاء في بعض مواد‬
‫القانون رقم ‪ 20/20‬التي تتعلق بمحافظ بنك الجزائر ونوابه ونجد ذلك في المادة (‪ )01‬من األمر ‪ 02/02‬إضافة‬
‫إلى الفصل بين مجلس إدارة بنك الجزائر‪ ،‬ومجلس النقد والقرض‪ ،‬حيث أصبح تسيير بنك الجزائر وادارته‬
‫‪2‬‬
‫يتواله‪:‬‬

‫– محافظ البنك المركزي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫النظام رقم ‪ 02/01‬المؤرخ بتاريخ ‪ 3001/02/01‬الصادر عن بنك الجزائر المتعلق بتحديد الحد األدنى لرأس مال البنوك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫األمر ‪ 02/02‬المؤرخ في ‪ ،3002/03/31‬المعدل والمتمم للقانون ‪( 20/60‬أنظر المادة‪،)03‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‪ ،13‬الصادرة بتاريخ ‪.3002/20/39‬‬

‫‪142‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫– ثالثة (‪ )02‬نواب للمحافظ‪.‬‬


‫– مجلس اإلدارة (تعويض لمجلس النقد والقرض)‪.‬‬
‫– مراقبان‪.‬‬
‫فالمادة السادسة (‪ )06‬من األمر ‪ ،02/02‬تنص على أن تركيبة مجلس إدارة بنك الجزائر يتكون من‪:‬‬

‫– محافظ رئيسا‪.‬‬
‫– موظفين ساميين يعينون بمرسوم صادر عن رئس الحكومة‪.‬‬
‫أما مجلس النقد والقرض فيتكون بموجب األمر رقم ‪ 02/02‬من‪:‬‬

‫‪ ‬أعضاء من مجلس إدارة بنك الجزائر‪.‬‬


‫‪ ‬ثالثة شخصيات يختارون بحكم كفاءتهم في المسائل النقدية واالقتصادية‪ ،‬مما أصبح عدد أعضاء‬
‫مجلس النقد والقرض عشرة (‪ )20‬بعدما كانوا سبعة (‪ )07‬فقط‪ .‬وتتمثل صالحياته حسب المادة ‪ 20‬فيما يلي‪:‬‬
‫– للمحافظ صالحيات استدعاء المجلس ورئاسته‪ ،‬وتحديد جدول أعماله‪ ،‬وكي يجري االجتماع البد أن‬
‫يبلغ النصاب (‪ )06‬ستة أعضاء على األقل‪.‬‬
‫– تتخذ الق اررات باألغلبية البسيطة لألصوات‪ ،‬ففي حالة تعادل عدد األصوات يكون صوت الرئيس‬
‫مرجحا‪.‬‬
‫– ال يحق ألي عضو في المجلس أن يفوض من يمثله في اجتماعات المجلس‪.‬‬
‫– يجتمع المجلس كل ثالثة (‪ ) 02‬أشهر على األقل بناءا على استدعاء من رئيسه‪ ،‬ويمكن أن يستدعى‬
‫لالجتماع كلما كانت الضرورة بمبادرة من رئيسه أو أربعة (‪ )02‬أعضائه‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض في سنة ‪2003‬‬

‫كان األمر رقم ‪ 22/02‬المتعلق بالنقد والقرض الصادر في ‪ 1002/04/16‬م عن طريق أمر رئاسي كان‬
‫بمثابة قانون جديد يلغي في مادته ‪ 221‬قانون النقد والقرض رقم ‪ ،20/20‬وجاء ضمن التزامات الجزائر في‬
‫الميدان المالي والبنكي واستجابة لتطورات المحيط البنكي الجزائري‪ ،‬واعداد المنظومة البنكية للتكيف مع‬
‫المقاييس العالمية وخاصة بعد إفالس بنك الخليفة والبنك التجاري الصناعي الجزائري )‪ ،(BCIA‬وتفاديا لوجود‬
‫مشاكل أخرى من هذا النوع ارتفعت درجة تدخل الدولة في التنظيم البنكي‪ ،‬من خالل القوانين الصادرة في سنة‬
‫‪3002‬م و‪3002‬م‪ ،‬التي ال تترك حرية كبيرة للبنوك للتصرف‪ ،‬والعمل دون الرجوع لبنك الجزائر‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ ‬األمر ‪ L’Ordonnance‬رقم ‪ 11 – 02‬الصادر في ‪ 32‬أوت ‪3002‬م‪ ،‬والذي يؤكد على سلطة البنك‬
‫المركزي النقدية‪ ،‬وقوة تدخل الدولة في المنظومة البنكية‪ ،‬حيث أنه أضاف شخصان في مجلس النقد والقرض‬

‫‪143‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫من أجل تدعيم الرقابة‪ ،‬معينان من رئاسة الجمهورية تابعيين لو ازرة المالية‪ ،‬هذا األمر ال يشير وال يعطي فرصة‬
‫التحدث عن التحرير البنكي‪ ،‬وانما يعطي للتدخل الحكومي أكثر جدية ‪.‬‬
‫‪ ‬القانون‪ Règlement‬رقم ‪ 10 – 10‬الصادر في ‪ 10‬مارس ‪4110‬م‪ ،‬الخاص بالحد األدنى لرأسمال‬
‫البنوك والمؤسسات المالية‪ ،‬التي تنشط داخل الجزائر ‪ ،‬فقانون المالية لسنة ‪1990‬م يحدد الحد األدنى لرأسمال‬
‫البنوك بـ ‪ 000‬مليون دج‪ ،‬وبـ ‪ 100‬مليون دج للمؤسسات المالية‪ ،‬بينما حدد الحد األدنى لرأس المال في سنة‬
‫‪ 3002‬بـ ‪ 3.0‬مليار دج للبنوك‪ ،‬و‪ 000‬مليون بالنسبة للمؤسسات المالية‪.1‬‬
‫فكل مؤسسة ال تخضع لهذه الشروط ‪ ،‬سوف ينزع منها االعتماد‪ ،‬وهذا يؤكد تحكم السلطات السياسية والنقدية‬
‫في النظام البنكي‪.‬‬

‫رقم ‪ 10 – 14‬الصادر في ‪ 10‬مارس ‪4110‬م‪ ،‬الذي يحدد شروط تكوين‬ ‫القانون‪Règlement‬‬ ‫‪‬‬
‫االحتياطي اإلجباري لدى دفاتر بنك الجزائر‪ ،‬وبصفة عامة يتراوح معدل االحتياطي اإلجباري بين ‪ % 1‬و ‪01‬‬
‫‪ %‬كحد أقصى‪.‬‬
‫رقم ‪ 10 – 10‬الصادرفي ‪ 10‬مارس ‪4110‬م‪ ،‬الذي يخص نظام ضمان الودائع‬ ‫القانون‪Règlement‬‬ ‫‪‬‬
‫البنكية ‪ ،‬ويهدف هذا النظام إلى تعويض المودعين ف ي حالة عدم إمكانية الحصول على ودائعهم من بنوكهم‪،‬‬
‫يودع الضمان لدى بنك الجزائر‪ ،‬حيث تقوم بتسييره شركة مساهمة تسمى "شركة ضمان الودائع البنكية"‪ ،‬تساهم‬
‫فيه بحصص متساوية‪ ،‬وتقوم البنوك بإيداع عالوة نسبية لصندوق ضمان الودائع البنكية‪ ،‬تقدر بمعدل سنوي (‪1‬‬
‫‪ %‬حسب المنظمة العالمية للتجارة ‪ )OMC‬من المبلغ اإلجمالي للودائع المسجلة في ‪ 21‬ديسمبر من كل سنة‬
‫بالعملة المحلية‪.‬‬
‫ويهدف هذا التعديل إلى‪:‬‬

‫‪ .7‬تعزيز العالقة بين بنك الجزائر والحكومة‪:‬‬


‫يتمثل هذا التعزيز في إنشاء لجنة مشتركة بين بنك الجزائر وو ازرة المالية لتسير االستخدامات الخارجية‬
‫والدين الخارجي وتحقيق سيولة أفضل في تداول المعلومات المالية‪ ،‬إضافة على إثراء شروط ومحتوى التقارير‬
‫االقتصادية والمالية وتسيير بنك الجزائر‪.‬‬

‫‪ .2‬دعم بنك الجزائر في ممارسة صالحياته‪:‬‬


‫ويظهر معالم األمر ‪ 22/02‬ففي هذا المجال من خالل الفصل بين صالحيات مجلس النقد والقرض‬
‫وصالحيات مجلس إدارة بنك الجزائر‪ ،‬وكذلك توسيع صالحيات مجلس النقد والقرض وهذا بإضافة عضويين‬
‫(‪ ) 01‬بواسطة مرسوم رئاسي مع المحافظ ونوابه الثالثة‪ ،‬وثالثة موظفين ساميين لهم خبرة ودراية بالشؤون النقدية‬

‫‪ 1‬الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي و البنكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص ‪.025‬‬

‫‪144‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫والمالية (أنظر المادة ‪ 71‬من األمر)‪ .‬تدعيم استقاللية اللجنة البنكية وتفعيل دورها في مراقبة أنشطة البنوك‬
‫بإضافة أمانة عامة لها وامدادها بالوسائل والصالحيات لممارسة مهامها‪.‬‬

‫‪ .3‬توفير حماية الزبائن عن طريق‪:‬‬


‫– تدعيم شروط ومعايير منح اعتماد للبنوك ومسيريها‪ ،‬واقرار العقوبات الجزائية على المخالفين لشروط‬
‫وقواعد العمل البنكي‪.‬‬
‫– إنشاء صندوق التأمين على الودائع يلزم البنوك التأمين على الودائع‪.1‬‬
‫– توضيح وتدعيم شروط عمل مركزية المخاطر‪.‬‬
‫يهدف األمر الرئاسي ‪ 22/02‬الصادر بتاريخ ‪1002/04/14‬م إلى تقليص صالحيات محافظ بنك‬
‫الجزائر‪ ،‬الذي كان يتمتع بها والتي كانت تمثل محل نزاع بينه وبين و ازرة المالية‪ ،‬ومنه تقليص استقاللية بنك‬
‫الجزائر التي كان يتمتع بها وفقا للقانون ‪ ، 20/20‬ومن جهة أخرى يهدف هذا التعديل إلى تدعيم اإلشراف‬
‫والرقابة على البنوك الخاصة بعد األزمة التي أحدثها إفالس بنك الخليفة والبنك الصناعي التجاري‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬التعديالت الصادرة على قانون النقد والقرض في سنة ‪2070‬م‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬أبرزت األزمة المالية الدولية الخطيرة التي اندلعت في الواليات المتحدة األمريكية في‬
‫صائفة ‪ 1007‬اثر سقوط القروض الرهنية وتداعياتها على النظام المالي الدولي‪ ،‬أهمية تعزيز صالبة النظام‬
‫البنكي الوطني لحمايته ضد المخا طر بجميع إشكالها‪ ،‬بما في ذلك المخاطر العملياتية التي تبقى جد مرتفعة في‬
‫النظام البنكي الجزائري‪ .‬وفي هذا المجال‪ ،‬فقد حاول التعديل الذي ادخل على قانون النقد والقرض في سنة‬
‫‪1020‬م( األمر ‪ 20‬ـ ‪ 02‬الصادر في ‪ 16‬أوت ‪1020‬م ) تعزيز وسائل البنوك في مواجهة المخاطر عبر تقوية‬
‫أنظمة رقابتها الداخلية‪ .‬فقد نص التعديل الذي ادخل على نص المادة ‪ 27‬التزاما على البنوك والمؤسسات المالية‬
‫بوضع جهاز فعال للرقابة الداخلية يتمثل الهدف من ورائه في‪:‬‬

‫– التحكم الفعال في أنشطتها واالستعمال األمثل لمواردها‪.‬‬


‫– ضمان السير الحسن للعمليات الداخلية‪ ،‬ال سيما تلك التي تساهم في حماية أصولها وضمان شفافية‬
‫عملياتها وترك أثارها‪.‬‬
‫– ضمان موثوقية المعلومات المالية‬
‫– التكفل المالئم بجميع المخاطر‪ ،‬بما في ذلك المخاطر العملياتية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫النظام رقم ‪ 02/01‬المؤرخ في ‪ ،3001/02/01‬المتعلق بإنشاء نظام التأمين على الودائع البنكية‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫كما نص التعديل الذي ادخل على نفس هذه المادة على ضرورة قيام البنوك والمؤسسات المالية بوضع‬
‫جهاز للرقابة الفعالة على المطابقة‪ ،‬حيث يتمثل الهدف منه في‪:‬‬

‫التأكد من مطابقة العمليات والنشاطات التي تقوم بها هذه البنوك والمؤسسات المالية للقوانين واألنظمة‬
‫ذات الصلة‪.‬‬
‫التأكد من احترام اإلجراءات في مجال ممارسة وظائفها المختلفة‪.‬‬
‫كما أبانت هذه األزمة المالية ال دولية عن أهمية اإلشراف االحترازي الكلي الذي يجب أن يتوسع ليشمل كل‬
‫المؤسسات واألسواق الدولية‪ .‬وقد أدى ذلك إلى تطوير آليات التقييم والوقاية بإدخال ما يسمى باختبارات القدرة‬
‫على المقاومة‪ ،‬ويمثل ذلك تطو ار نوعيا جديدا في اإلشراف على النظام المالي قصد تجنب المخاطر المؤسسية‬
‫على النظام التي تنبع من الصدمات الخارجية المتأتية من التيا ارت التي تحصل على مستوى المحيط‪ .‬وقد‬
‫انخرط النظام البنكي الجزائري في هذا االتجاه العالمي الجديد من خالل إجراء اختبارات القدرة على المقاومة‬
‫على البنوك العاملة في الجزائر وتقييم مدى تعرضها ل لصدمات الخارجية ومدى قدرة تحملها لها‪ 1.‬باإلضافة إلى‬
‫ذلك فان تعديل ‪ 1020‬حمل جديدا فيما يتعلق بمساهمة البنوك والمؤسسات المالية واألجنبية وتماشيا مع أحكام‬
‫قانون المالية التكميلي لسنة ‪ 1002‬في مجال نسبة مساهمة رأس المال األجنبي في رؤوس أموال المؤسسات‬
‫االقتصادية العاملة في الجزائر‪ ،‬فقد تضمن تعديل ‪ 1020‬ضرورة أن تتم المساهمات األجنبية في البنوك‬
‫والمؤسسات المالية الخاضعة للقانون الجزائري وجوبا في إطار شراكة تمثل فيها المساهمة الوطنية المقيمة (التي‬
‫يمكن أن تتشكل من مجموعة من المشاركين)‪ %72‬على األقل من رأس المال‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬تقوم الدولة‬
‫بامتالك سهم خاص في رأس مال البنوك والمؤسسات المالية ذات رؤوس الخاصة يعطيها الحق في المشاركة‬
‫في الهيئات االجتماعية‪ ،‬دون أن تعطيها هذه المشاركة مع ذلك الحق في التصويت‪ .‬كذلك حمل التعديل شروطا‬
‫جديدة تخص التنازل عن أسهم هذه البنوك والمؤسس ات المالية واألوراق المماثلة لها الحقا‪ .‬حيث منع التعديل‬
‫الذي ادخل على نص المادة ‪ 22‬من القانون كل عملية تنازل عن أسهم وما شابها ال تتم داخل التراب الوطني‬
‫وطبقا للتشريع والتنظيم الوطنيين الساريين‪ .‬كما تضمن التعديل المدخل على نص هذه المادة حكما يقضي‬
‫بامتالك ا لدولة لحق الشفعة على كل عملية تنازل ألسهم البنوك والمؤسسات المالية وكل األوراق المماثلة لها‪.‬‬
‫حيث يعطي حق الشفعة هذا للدولة في التعبير عن نيتها في شراء هذه األسهم التي تنوي البنوك والمؤسسات‬
‫المالية التنازل عنها واألولوية في الشراء إذا قررت ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي والبنكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.132‬‬

‫‪146‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التحديات التي تواجهها البنوك الجزائرية في ظل انتشار سياسات التحرير المالي‬

‫يعد القطاع المالي والبنكي من أكثر األنشطة االقتصادية تأث ار بسياسات التحرير االقتصادي وبخاصة‬
‫التحرير المالي‪ ،‬الذي تتمثل أهم مالمحه في التطورات والتحوالت المتالحقة التي شهدتها الساحة المالية والبنكية‬
‫الدولية‪ ،‬وفي مقدمتها االتجاه المتزايد نحو التحرر من القيود وازالة المعوقات التشريعية والتنظيمية التي تحول‬
‫دون توسع البنوك في أنشطتها‪ ،‬السيما في إطار االتفاقية العامة للتجارة في الخدمات والتي فرضت العديد من‬
‫االلتزامات على الدول في هذا المجال‪ .‬حيث تشكل المؤسسات المالية جزءا من النسيج االقتصادي ككل تتأثر به‬
‫وتؤثر فيه‪ ،‬بل إنها تقف على قمة الجهاز العصبي فيه‪ ،‬واذا كان انتشار ظاهرة العولمة قد ترك آثا ار بعيدة‬
‫المدى على مختلف األنشطة االقتصادية‪ ،‬فإن إعادة صياغة العالقات االقتصادية على النحو الذي فرضته‬
‫العولمة قد فرض الكثير من التحديات ال سيما أمام األنشطة المالية والبنكية‪ ،‬والتي تمثلت أهم مالمحها في‬
‫االتجاه المتزايد نحو التحرر من القيود وازالة المعوقات التشريعية والتنظيمية التي كانت تحول دون انطالق‬
‫تغير في طبيعة الوساطة البنكية‪ ،‬كما يعد التقدم التكنولوجي من‬
‫الخدمات البنكية آلفاق أكثر رحابة وهذا ما مثل ا‬
‫أهم العناصر التي ساهمت في تفسير مالمح الخريطة البنكية الدولية‪ ،‬حيث ساهم في تحول عدد كبير من‬
‫البنوك إلى المعامالت اإللكترونية وتوسعت هذه البنوك في استخدام التجارة اإللكترونية وتقديم الخدمات البنكية‬
‫المتطورة‪ ،‬مما أحدث تغيي ار في أنماط العمل البنكي على النحو الذي بات يهدد الشكل التقليدي للبنك‪.‬‬

‫وسنحاول من خالل هذا المبحث إبراز أثر العولمة المالية وسياسات التحرير المالي على النشاط البنكي‬
‫من خالل ذكر أهم التحديات التي تواجه المنظومة البنكية الجزائرية والمتمثلة في مايلي‪:‬‬

‫‪ ‬أثر اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية ‪.‬‬


‫‪ ‬االتجاه إلى عولمة النشاط البنكي واعادة هيكلة صناعة الخدمات المالية‪.‬‬
‫‪ ‬االندماج البنكي وخوصصة البنوك‪.‬‬
‫‪ ‬التحول إلى البنوك الشاملة ‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة االلتزام بمعيار كفاية رأس المال كما جاء بمقرات لجنة بازل‪.2‬‬
‫المطلب األول ‪:‬آثار اتفاقية تحرير الخدمات المالية على المنظومة البنكية الجزائرية‬
‫على ضوء النقاش الدائرة المرتبط بتحرير تجارة الخدمات المالية والبنكية وانطالقا مـن واقـع وطبيعـة هيكـل‬
‫الجهــاز البنك ــي الج ازئ ــري‪ ،‬اختلف ــت التوقعــات ح ــول انعك ــاس اتفاقي ــة "الج ــاتس" علــى الجه ــاز البنك ــي ال ــوطني ب ــين‬
‫التفاؤل والتشاؤم‪ ،‬وبناء على ذلك نتوقع أثا ار ايجابية وأخرى سلبية كانت كما يلي‪:‬‬

‫‪147‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الفرع األول‪ :‬اآلثار االيجابية‬

‫أشارت العديد من الدراسات إلى أن هناك مجموعة من المزايا التي يمكن أن تحققها البنوك الجزائرية نتيجة‬
‫تحرير التجارة في مجال الخدمات البنكية ومن أهمها‪:‬‬

‫– من الممكن أن تزداد درجات كفاءة وفعالية واستقرار النظام البنكي في الجزائر مع تدرج ظاهرة تحرير‬
‫الخدمات المالية والبنكية على المستوى العالمي وانفتاح األسواق على بعضها البعض‪ .‬ففي ظل السوق البنكية‬
‫المفتوحة تزداد حدة المنافسة وهذا ما يدفع كل بنك إلى السعي لتقديم أفضل الخدمات وأجوده وبالتالي تزداد‬
‫كفاءة الجهاز البنكي واستق ارره‪ .‬كما أن تعزيز اإلفصاح المالي عن المؤسسات والخدمات المالية يعتبر احد أهم‬
‫العناصر األساسية لجذب االستثمارات الخارجية إلى الميدان المالي ومن ثم توزيعه على المشروعات التنموية‬
‫وبالتالي زيادة معدل النمو االقتصادي‪.1‬‬
‫– إن اتساع السوق البنكية نتيجة لتحريره سوف يؤدي إلى تزايد عمليات االندماج البنكي تعميق درجة المنافسة‪،‬‬
‫وهذا ما سوف ينتج عنه تخفيض تكاليف الخدمات البنكية وتحسين جودة تلك الخدمات‪.‬‬
‫– توفير المزيد من الخدمات البنكية للعمالء‪ ،‬بحيث يصبح في مقدورهم الحصول على جميع احتياجاتهم من‬
‫الخدمات‪ ،‬فالتحرير من شانه أن ينوع ويطور األدوات البنكية من جهة ونظم أساليب العمل في المجال البنكي‬
‫من جهة أخرى وهذه كلها أشياء تصب في مصلحة العميل‪.‬‬
‫– إن المنافسة تدفع البنوك إلى تحسين اإلدارة والزيادة في كفاءة تقديم الخدمات البنكية وتخفيض العموالت‬
‫وتخفيض الفرق بين سعر الفائدة للودائع والقروض‪.‬‬
‫– يؤدي التحرير إلى إعادة هيكلة الجهاز البنكي وتقديم خدمات جديدة وحديثة والتوسع فيها بشكل كبير‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال خدمة الترويج لإلصدارات من األوراق المالية ‪.‬كما أنه سيؤدي إلى القيام بأعمال مالية شاملة‬
‫وتعزيز دور الوساطة المالية المتالك قدرة اكبر على مواكبة ظاهرة األعمال المالية الشاملة البعيدة عن‬
‫التخصص القطاعي الضيق وكذلك اضطالعها بادوار متعددة في أسواق رأس المال خاصة نشاطات الصيرفة‬
‫والوساطة المالية واالستثمارية‪ .‬وقد نشهد والدة "بنوك االستثمار" التي تمارس نشاطات وأعماال استثمارية ومالية‬
‫متنوعة تتراوح بين تقديم االستشارة والنصح المالي حول اإلصدارات الجديدة ألسهم وسندات الشركات العالمية‬
‫والمساهمة في تسويقها وحتى اإلقبال على شرائها لحسابها الخاص أو لحساب الغير‪.‬‬

‫ناصر دادي عدون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.238‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪148‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫– التحسين في المناخ الذي تعمل فيه البنوك والعمل على تطوير نظم اإلشراف والرقابة على البنوك وذلك‬
‫ضمانا لسالمة الجهاز البنكي واستق ارره وخاصة في ظل تواجد االحتكاك مع الخدمات األجنبية وهذا ما يؤدي‬
‫إلى زيادة القدرة على مواجهة العولمة المالية‪.‬‬
‫– تؤدي عملية التحرير في القطاع البنكي إلى تخفيض مخاطر السوق كما أنها تساعد على تعميق وتوسيع‬
‫األسواق المالية من خالل زيادة حجم المعامالت ومجال الخدمات‪ ،‬فهذه الخطوة من شانها خلق المزيد من‬
‫النشاط في األسواق المالية‪.‬‬
‫– إن تحرير التجارة في الخدمات البنكية يسمح للبنوك بتقديم خدماتها إلى غير المقيمين آو عبر الحدود‪ ،‬هذا‬
‫من جهة ومن جهة أخرى يمكن للبنوك فتح فروع لها في الخارج وبالتالي فان السوق البنكية سوف تصبح اكبر‬
‫مما كانت عليه‪ ،‬وهذا سوف ينعش البنوك‪.‬‬
‫– نتيجة المنافسة يتجه العائد على الودائع لالرتفاع‪ ،‬أما اإلقراض فسوف ينخفض عائده‪.‬‬
‫– نتيجة االحتكاك بين البنوك األجنبية والمحلية يتم تبادل الخبرات والمهارات في هذا المجال والتالي تتطور‬
‫الخدمات‪.‬‬
‫– ينتج عن تحرير تجارة الخدمات البنكية تحسين تخصيص الموارد المالية وبذلك يزداد التحفيز على تجميع‬
‫المدخرات وزيادة االستثمارات وبالتالي يزيد العائد على االستثمار والذي يؤدي بدوره إلى تحقيق المزيد من النمو‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫– إعطاء الحق للبنوك المركزية باتخاذ اإلجراءات التي تحمي المستثمرين والمودعين وحاملي األسهم والسندات‬
‫‪1‬‬
‫بما يضمن االستقرار والثبات في السوق المالي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار السلبية‬

‫يمكن القول أن تحرير التجارة في الخدمات البنكية سيخلق العديد من اآلثار السلبية على هذا القطاع نشير‬
‫إلى البعض منها‪:‬‬

‫– من الممكن أن تسيطر البنوك األجنبية بعد تحرير التجارة في الخدمات البنكية على السوق المحلية خاصة إذا‬
‫كانت البنوك األجنبية على قدر كبير من الكفاءة تفوق تلك الخاصة بالبنوك المحلية‪ ،‬كما انه من الممكن أن‬

‫‪ 1‬محمد نبيل إبراهيم‪ :‬مالمح اقتصادية ومصرفية ‪ ،‬سلسلة أوراق للمناقشة‪ ،‬الورقة الخامسة‪ ،‬المعهد المصرفي‪،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬أفريل ‪.2110‬‬

‫‪149‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫تسيء هذه البنوك استخدام مواقعها في السوق الوطنية‪ 1.‬كما ستعمل البنوك والمصارف األجنبية على تح ـويل‬
‫أرباحها آو جزء كبير منها إلى الخارج مما سيحرم الجزائر من مصادر مالية لتمويل خطط‬
‫التنمية الوطنية‪.‬‬
‫– من الممكن أن تقوم البنوك األجنبية بخدمة تلك القطاعات المربحة فقط وهذا ما سوف يؤدي إلى حصر مجال‬
‫تقديم الخدمات وبالتالي عدم وصولها إلى قطاعات معينة آو أقاليم معينة ‪.‬كما أنها يمكن أن تعمل وفق سياسات‬
‫مالية معينة لتامين مصالح أصحابها وليس بالضرورة أن تكون هذه المصالح متطابقة مع المصالح الوطنية‬
‫وغالبا ما تكون متناقضة مع أهداف وخطط التنمية الوطنية‪.‬‬
‫– إذا ما تكلمنا عن التحرير في هذا المجال فهذا معناه دخول بنوك أجنبية إلى السوق المحلية‪ ،‬تعمل إلى جانب‬
‫تلك البنوك المحلية ويتجلى األثر السلبي هنا في الحالة التي تكون فيها كثيرة في السوق المحلية بحيث سوف‬
‫يؤدي ذلك إلى حدوث ما يسمى بالوفرة البنكية‪ ،‬وهذا ما ينتج عنه تفاقم للمشكالت في هذا القطاع حيث أن‬
‫الوفرة البنكية تعمي أن هناك العديد من البنوك تعمل على جذب العمليات في سوق بنكية محدودة ولعل انسب‬
‫حل لهذه المشكلة هو االندماج البنكي‪.‬‬
‫– قد يؤدي تحرير قطاع الخدمات إلى تعرض الجهاز البنكي إلى أزمات بنكية ويعتبر هذا األثر من أهم اآلثار‬
‫السلبية للعولمة المالية‪ .‬ففي السنوات الخمسة العشر األخيرة عرف القطاع البنكي في عدد كبير من الدول‬
‫النامية‪ ،‬الدول في مرحلة انتقال أو الدول المتقدمة العديد من المشاكل المتتالية‪ ،‬ولقد تم مباشرة القول بأن تحرير‬
‫القطاع هو السبب الذي أدى إلى خلق هذه الصعوبات والمشاكل‪ .‬هذا التخوف يبرر على أساس أن تكلفة‬
‫األزمات البنكية أثقلت كاهل المالية العامة واقتصاديات بعض الدول في الماضي‪.‬‬
‫– إن تحرير التجارة في الخدمات البنكية ينقص من قدرة البنوك المحلية على االستمرار‪ ،‬حيث إن حدة المنافسة‪،‬‬
‫خاصة في مجال الخدمات البنكية الحديثة يؤدي إلى خروج بعض البنوك من السوق البنكي‪.‬‬
‫– ضعف قدرة بعض البنوك على فتح فروع لها في األسواق األجنبية وهذا ما ال يسمح لها من االستفادة‬
‫المتبادلة من تحرير التجارة في الخدمات وحتى إذا استطاعت هذه البنوك إقامة هذه الفروع فمن المتوقع أنها لن‬
‫تستطيع الصمود في وجه المنافسة في السوق البنكي العالم‪ ،‬ولعلى هذه الحالة تنطبق بشكل على الدول النامية‪،‬‬
‫فالبنوك العربية مثال السبيل أمامها لتفادي هذا األثر هو التكامل فيما بينها وذلك عن طريق إنشاء سوق بنكية‬
‫عربية مشتركة‪.‬‬

‫‪ 1‬دريس رشيد ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.203‬‬

‫‪150‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫– قد تؤدي عملية التحرير هذه إلى فشل احد آو مجموعة من البنوك وافالسها‪ ،‬هذا ما سوف يؤدي إلى زعزعة‬
‫الثقة في الجهاز البنكي مما ينجر عنه قيام المودعين بسحب ما لديهم في هذه البنوك وهذا ما يهدد االستقرار‬
‫االقتصادي والنشاط االقتصادي حيث أن عجلة النمو سوف تتوقف خاصة وأن البنك هو الممول لالستثمارات‬
‫التي من شانها دفع هذه العجلة‪.‬‬
‫– احتكار التعامل في الخدمات البنكية الحديثة في البنوك األجنبية‪ ،‬خاصة إذا كانت البنوك المحلية ال زالت‬
‫تتعامل بالخدمات التقليدية وال تملك أي خبرة في المجاالت الحديثة‪.‬‬
‫– تأثر السياسة النقدية للدولة‪ ،‬خاصة إذا قامت البنوك األجنبية بحجب بعض من العمليات البنكية عن السلطة‬
‫اإلشرافية والرقابية للدولة‪.‬‬
‫– ضعف إمكانية توفير الحماية للوحدات البنكية الوليدة في ضوء المنافسة الشديدة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االتجاه إلى عولمة النشاط البنكي واعادة هيكلة صناعة الخدمات المالية‬

‫تعتبر ظاهرة العولمة من أكثر الظواهر التصاقا أو ارتباطا بالنشاط االقتصادي بصفة عامة‪ ،‬والنشاط‬
‫البنكي بشكل خاص‪ ،‬وعلى الرغم من أن العولمة كظاهرة إنسانية‪ ،‬لها جوانبها السياسية واالجتماعية المتنوعة‬
‫فإنها بنك يا قد اتخذت أبعادا ومضامينها جديدة ‪،‬جعلت البنوك تتجه إلى ميادين وأنشطة غير مسبوقة‪ ،‬وأدت إلى‬
‫انتقالها من مواقف وتصورات نشاطية ضيقة إلى أنشطة وتصورات واسعة ممتدة من أجل تعظيم الفرص زيادة‬
‫‪1‬‬
‫المكاسب‪ ،‬تدعيم الثقة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االتجاه إلى عولمة النشاط البنكي‬

‫ويقصد به قيام البنوك بتوسيع نطاق أعمالها إلى دائرة اكبر من الدائرة المحلية‪ ،‬هي الدائرة العالمية وهي‬
‫بذلك تعد جزءا مهما من عملية االنفتاح الدولي‪ .‬وقد بدأت هذه الظاهرة من خالل البنوك األمريكية التي واكبت‬
‫خروج الشركات األمريكية الكبرى لالستثمار في الخارج‪ ،‬ثم تلتها البنوك األوروبية اليابانية‪ .‬وقد أخذت هذه‬
‫األخيرة بممارسة اإلق ارض الدولي للشركات والدول‪ .‬وباتت تنافس البنوك المحلية في جذب المدخرات وتقديم‬
‫الخدمات البنكية المتنوعة‪ ،‬وتمكنت من إثبات جدارتها وزادت من قدرتها التنافسية مقابل البنوك المحلية وقد كان‬
‫‪2‬‬
‫هناك مجموعة من العوامل التي ساعدت البنوك الدولية وعززت وجودها‪ ،‬و من هذه العوامل نجد‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة اإلجتياحية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.311‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد طه محمد العجلوني‪ ،‬آثار العولمة المالية على المصارف اإلسالمية األردنية واالستراتيجيات المقترحة لمواجهتها‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في الفلسفة تخصص تمويل‪ ،‬جامعة عمان العربية للدراسات العليا‪ ،3001 ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪151‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ .1‬ظاهرة تدويل المشروعات االقتصادية وحركة االستثمار األجنبي‪.‬‬


‫‪ .0‬أزمة النفط في العام ‪2612‬م‪ ،‬والعام ‪2616‬م حيث استطاعت البنوك الدولية من خالل رفع أسعار الفائدة‬
‫إلى جذب الفوائض المالية للدول النفطية‪.‬‬
‫‪ .0‬تباين أسعار الفائدة بين األسواق المالية‪ ،‬حيث راحت البنوك الدولية تستقطب األموال من األسواق التي تكون‬
‫فيها أسعار الفائدة منخفضة‪ ،‬وتعيد إقراضها في األسواق ذات الفائدة المرتفعة‪.‬‬
‫والعولمة البنكية حالة كونية فاعلة ومتفاعلة‪ ،‬تخرج بالبنك من إطار المحلية إلى أفاق العالمية وتدمجه‬
‫نشاطيا ودوليا في السوق العالمي بجوانبه وأبعاده المختلفة‪ ،‬وتجلت عولمة النشاط البنكي من خالل توحيد‬
‫توجهات البنوك في مساعيها تجاه خدمة الزبائن‪ ،‬واجتذاب مصادر التمويل وتوسيع أفاق توظيف األموال‪ ،‬وقد‬
‫صاحبت هذه التوجهات لتحرير المتزايد من القيود الحكومية وهناك جملة من األسباب التي دفعت بالبنوك إلى‬
‫تدويل أنشطتها نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬تجنب المخاطر عن طريق تنويع األسواق‪ ،‬خاصة خطر المنافسة وتشبع األسواق المحلية بما يحقق‬
‫‪1‬‬
‫التوسع في دائرة التحالف والتعاون والعمل المشترك‪.‬‬
‫‪ ‬انخفاض التكاليف في الدول المضيفة ( تكاليف العمالة‪ ،‬وبعض مقومات اإلنتاج األخرى) بالمقارنة‬
‫بنظيراتها في الدولة األم‪.‬‬
‫‪ ‬االستفادة من الحوافز واالمتيازات التي تقدمها الدولة المضيفة‪ ،‬وكذالك االستفادة من الحوافز التي‬
‫تمنحها الدول لتوسيع بنوكها في الخارج‪.‬‬
‫‪ ‬زوال الحوافز والقيود‪ ،‬خاصة بعد نجاح جولة األروغواي األخيرة والتوصل في إطار المنظمة العالمية‬
‫للتجارة إلى إبرام اتفاقية تحرير تجارة الخدمات بما فيها الخدمات المالية والبنكية‪.‬‬
‫كل هذه األسباب شجعت على تدويل وعولمة النشاط البنكي‪ ،‬وسمحت للبنوك بالتواجد خارج الدولة‬
‫الواحدة‪ ،‬وأصبحت ظاهرة البنوك المتعددة الجنسية في تزايد وانتشار‪ ،‬حيث توسعت الملكية األجنبية ألصول‬
‫المصارف في العديد من الدول ‪ ،‬فنجد هذه الملكية بلغت‪ %90‬في كل من هونغ كونغ وسنغافورة‪ ،‬كما تتجاوز‬
‫‪2‬‬
‫هذه النسبة ‪ %30‬في كل من الواليات المتحدة األمريكية واألرجنتين والشيلي في منتصف التسعينات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فؤاد شاكر‪ ،‬فتح األسواق البنكية العربية‪ ،‬مجلة إتحاد المصارف العربية ‪ ،‬عدد‪ ،391:‬لبنان‪ ،‬أكتوبر ‪ ،3001‬ص‪.2‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد العال ‪ ،‬التطورات االقتصادية العالمية وانعكاساتها على أعمال البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪152‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إعادة هيكلة صناعة الخدمات المالية‬

‫حيث حدث تغير كبير في أعمال البنوك وتوسيع نطاق أعمالها البنكية‪ ،‬سواء على المستوى المحلى أو‬
‫على المستوى الدولي‪ ،‬وأخذت البنوك تتجه إلى أداء خدمات بنكية ومالية لم تكن تقوم بها وتنعكس بوضوح على‬
‫هيكل ميزانيات البنوك‪ ،‬حيث اتجهت معظم البنوك إلى تنويع مصادر مواردها ومجاالت توضيفاتها وابتكار‬
‫خدمات ومنتجات بنكية جديدة‪ ،‬كما تم التوسع في العمليات خارج الميزانية‪ ،‬وتزايد أثر ذلك التعامل باألدوات‬
‫المالية والتدخل في سوق األوراق المالية‪.‬‬

‫ومن الملفت للنظر أن أثر العولمة على الجهاز البنكي في مجال إعادة هيكلة صناعات الخدمات البنكية‬
‫قد امتد بشكل غير مباشر‪ ،‬وتمثل في دخول المؤسسات المالية غير البنكية مثل شركات التامين وصناديق‬
‫المعاشات وصناديق االستثمار كمنافس قوي للبنوك التجارية في مجال الخدمات التمويلية مما أدى إلى تراجع‬
‫دور البنوك التجارية على وجه الخصوص في مجال الوساطة المالية‪ .‬حيث أصبحت البنوك التجارية تواجه‬
‫تحديات قوية من المؤسسات المالية غير البنكية‪ 1.‬وتوضح لنا حالة البنوك األمريكية هذا التطور بشكل واضح‪،‬‬
‫فخالل الفترة ‪2690‬م‪2661-‬م انخفض نصيب البنوك التجارية في تمويل األصول المالية الشخصية من ‪%10‬‬
‫إلى ‪ %29‬وفي المقابل ارتفع نصيب المؤسسات المالية غير البنكية إلى حوالي ‪ %13‬ورغم اختالف هذا‬
‫االتجاه من دولة ألخرى‪ ،‬إال أن البنوك التجارية في جميع أنحاء العالم آخذت تواجه منافسة قوية من المؤسسات‬
‫المالية غير البنكية وبدأت تتحول عملية البنوك التجارية المشكلة على أساس المخاطر االئتمان فقط إلى عقلية‬
‫‪2‬‬
‫بنوك االستثمار المشكلة على أساس مخاطر السوق‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬االندماج البنكي وخوصصة البنوك‬

‫لعل من اآلثار االقتصادية الهامة للعولمة هو ما حدث في الوقت الحاضر من موجة اندماجات بنكية‬
‫سواء بين كل من البنوك الكبيرة والصغيرة وبين البنوك الكبيرة وبعضها البعض‪ ،‬باإلضافة إلى خصخصة البنوك‬
‫التي تعتبر أ حد أهم نواتج العولمة‪ ،‬وهي مرتبطة في كل األحوال بظاهرة الخوصصة بشكل عام كظاهرة عالمية‪.‬‬
‫وقد حدث االتجاه نحو خوصصة البنوك في الدول النامية بالتحديد بعد زوال دوافع الملكية العامة للبنوك في ظل‬
‫تحول الكثير من هذه الدول إلى تطبيق برامج اإلصالح االقتصادي والتحول إلى اقتصاد السوق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة‪:‬مقدمة في فكر واقتصاد وادارة عصر الالدولة‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬إسكندرية‪ ،3003 ،‬ص‪.331‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪153‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الفرع األول‪ :‬االندماج البنكي‬

‫إن االندماج هو " اتحاد مصالح بين شركتين أو أكثر‪ ،‬وقد يتم هذا االتحاد في المصالح من خالل المزج‬
‫الكامل بين شركتين أو أكثر لظهور كيان جديد أو قيام إحدى الشركات بضم شركة أو أكثر إليها‪ ،‬كما قد يتم‬
‫‪1‬‬
‫االند ماج بشكل كلي أو جزئي أو سيطرة كاملة أو جزئية‪ ،‬وقد يتم بشكل إرادي أو ال إرادي"‪.‬‬
‫ويقصد باالندماج البنكي ‪ ،‬هو قيام البنك الدمج بدمج البنك المستهدف عن طريق شراء أصوله أو أسهمه‪،‬‬
‫وينتج عن ذلك ذوبان البنك المستهدف في البنك الدمج بينما يبقى مساهمو البنك المستهدف في البنك الدمج بعد‬
‫‪2‬‬
‫عملية الدمج‪.‬‬
‫ويعتبر االندماج البنكي وتكوين بنوك عمالقة من أهم السمات المعاصرة للعمل البنكي في ظل العولمة‬
‫المالية‪ ،‬ويبدو أن عملية االندماج بين البنوك فيما بينها تسعى لتكوين الكيانات البنكية العمالقة القادرة على‬
‫المنافسة واالستفادة من وف ارت الحجم‪ ،‬وانتشرت ظاهرة االندماجات البنكية عبر العالم‪ ،‬بل أصبحت إحدى‬
‫االستراتيجيات التي تعتمدها الدول لتقوية قاعدة رأس مال البنوك‪ ،‬والصمود أمام المنافسة في ظل التطورات‬
‫البنكية العالمية‪.‬‬
‫وتعتمد البنوك أساسا على عنصر الحجم كأحد المؤشرات األساسية كمقياس للنجاح‪ ،‬لذلك اتجهت البنوك‬
‫المحلية والدولية إلى استخدام أسلوب االندماج لمواجهة المنافسة من البنوك الدولية والعمليات البنكية االلكترونية‬
‫‪3‬‬
‫التي تتم عبر الدول وخاصة لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تغطية تكاليف البنية األساسية لتسوية المعامالت الخاصة بشبكات الفروع والتحويل االلكتروني‪.‬‬
‫‪ .0‬معالجة التشوهات في المنافسة بين البنوك التي تط أر بسبب نشاط المؤسسات المملوكة للدولة والتي عادة ما‬
‫تحتاج إلى التخلص من العمالة الزائدة وترشيد المصروفات‪.‬‬
‫‪ .0‬تزايد عمليات االندماج واالستحواذ في قطاع الخدمات المالية حيث استأثرت نسبة ‪ %10‬من عمليات‬
‫االندماج واالستحواذ في العالم خالل الفترة من ‪2691‬الى ‪ ،3002‬وقد بلغ نصيب البنوك التجارية منها ما يزيد‬
‫عن ‪ %90‬من قيمة هذه الصفقات‪.‬‬

‫‪ 1‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬اندماج وخصخصة البنوك‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3002، ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق محمود عبد السالم السالوس‪ ،‬الدمج المصرفي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر ‪ ،3001‬ص‪.1‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد محمود يوسف‪ ،‬إعادة هيكلة وخصخصة المؤسسات المالية‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬مصر‪ ،3001 ،‬ص ص ‪.292 ،293‬‬

‫‪154‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ .2‬يلعب أسلوب االندماج بالبنوك دو ار أساسيا في إعادة هيكلة الصناعة البنكية حسب التشوهات الموجودة في‬
‫النظام البنكي لكل دولة على حدة‪ ،‬خاصة األسواق الصاعدة التي تتميز بالبنوك الصغيرة وبضعف رأس مالها‬
‫واإلمكانيات التكنولوجية مع زيادة التركز البنكي وهيمنة الطابع العائلي أو الشخصي عل عدد كبير منها‪.‬‬
‫‪ .1‬يمثل نشاط االندماج إحدى األدوات األزمة لمواجهة المنافسة المتوقعة من البنوك الدولية‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫النتهاء م ن التنفيذ الشامل التفاقية تحرير التجارة في الخدمات البنكية‪.‬‬
‫رغم كل تلك المزايا واآلثار االيجابية لالندماج البنكي إال أنه ال يخلو من بعض المحاذير واآلثار السلبية‬
‫لعل من أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬قد يترتب على االندماج البنكي أوضاعا احتكارية وشبه احتكارية بما يحمله االحتكار من مساوئ‬
‫معروفة حتى أن بعض الحكومات أديها التشريعات التي تمنع االحتكار‪.‬‬
‫‪ ‬قد يترتب على االندماج البنكي أوضاع غير توازنية دافعة الختالالت عميقة في السوق البنكي واختفاء‬
‫الدافع على التطوير وهو ما يؤثر سلبيا على العمالء والنشاط االستثماري بصفة عامة‪.‬‬
‫‪ ‬ليس هناك سوى أ دلة ضعيفة على وجود اقتصاديات الحجم والوفورات االقتصادية في البنوك نتيجة‬
‫لالندماج البنكي‪.‬‬
‫‪ ‬عدم وجود نظرية عامة لالندماج البنكي قد يجعل من الصعب معرفة نتيجة االندماج مسبقا فضال عن‬
‫عدم وجود دليل قاطع على أن البنوك الكبيرة أكثر فعالية من البنوك الصغيرة‪.‬‬
‫‪ ‬تشير اح د الدراسات إلى أن معدل النجاح عمليات االندماج يتراوح بين ‪ ،%11 ،%10‬فمن ضمن ‪221‬‬
‫حالة اندماج تمت دراستها وجد أن ‪ %13‬منها انتهى بالفشل‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة البيروقراطية في الحجم الكبير وطول خطوط المسؤولية و اتخاذ القرار مما يؤدى إلى ارتفاع تكلفة‬
‫الخدمة البنكية وليس انخفاضها ومن ثم تزيد اإلنتاج وقد تتأثر القدرة على التصدير سلبيا وليس ايجابيا‪.‬‬
‫‪ ‬قد يترتب على االندماج البنكي تركز في الصناعة البنكية إلى درجة الحد من االختبارات المتاحة أمام‬
‫العمالء وارتفاع معدالت الرسوم البنكية نتيجة لهذا التركز‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة وقع تعثر البنوك العمالقة على االقتصاد الوطني ككل‪ ،‬حيث إن إفالس أو تعثر بنك كبير قد‬
‫يؤدي إلى كوارث مالية كما هو الحال في جنوب شرق أسيا‪.‬‬
‫‪ ‬يترتب على االندماج البنكي الكثير منة المشكالت التي تكون تكلفة التعامل معها مرتفعة مثل إعادة‬
‫هيكلة العاملين وارتفاع البطالة نتيجة للتخلص من بعض العمالة‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬زيادة المخاطر الناتجة عن إخفاء المعلومات والبيانات مما قد يؤدي إلى زيادة األخطاء وتراكم‬
‫االنحرافات وعدم تداركها وتصحيحها في الوقت المالئم‪.‬‬
‫‪ ‬لنجاح االندماج البنكي ينبغي على البنك الجديد أن يتصف بالشمولية (بنوك شاملة)‪ ،1‬وذلك لتساير‬
‫التغيرات والتطور ليزداد ويتعاظم دورها في النشاط االقتصادي وتحقق معدالت نمو مرتفعة وذلك بان تقوم‬
‫بأداء وتقديم كافة األنشطة والخدمات البنكية التقليدية وغير التقليدية ووظائف تنموية كما يلي‪:‬‬
‫وظائف تقليدية مثل قبول الودائع ومنح القروض وأداء الخدمات البنكية المتعلقة بالنشاط التجاري‬
‫كفتح االعتمادات المستندية واصدار خطاب الضمان وتحصيل الشيكات واجراء التحويالت‪.‬‬
‫وظائف غير تقليدية مثل المبادالت والعقود اآلجلة والتأجير التمويلي والخدمات الشخصية ونشاط‬
‫أمناء االستثمار واعداد دراسات الجدوى وأداء عناصر الترويج الالزم للمشروعات‪ ،‬وكذلك الدمج والتوريق‬
‫والوساطة وادارة كل من االكتتاب في الشركات وصناديق االستثمار وأعمال الوساطة في مجاالت التأمين‬
‫والشحن‪.‬‬
‫وظائف تنموية مثل المساهمة في إقامة المشروعات االستثمارية في مختلف النشاطات والقطاعات‬
‫وتمويلها وتابعتها إداريا وضمانها لدى الغيرواالشتراك في تموي ل إنشاء المجمعات الصناعية المتكاملة والمدن‬
‫المتخصصة‪.‬‬
‫القيام بدور فعال في تشجيع التصدير وتنشيط سوق األوراق المالية ودعم الصناعات الصغيرة‪.‬‬
‫ويبدو أن تلك المحاذير واآلثار السلبية والمشكالت الناتجة عن االندماج البنكي يمكن أن تكون صحيحة‬
‫في األجل القصير إال أنه ا يمكن أن تناقض وتخفي في األجل المتوسط والطويل مع تحقيق المزايا واآلثار‬
‫االيجابية السابق اإلشارة إليها هذا من ناحية ومن ناحية أحرى فان قرار االندماج البنكي يحتاج إلى دراسة متأنية‬
‫وعميقة قبل إقرار عملية االندماج البنكي المستهدفة فاإلضافة إلى ضرورة توافر شروط وضوابط ومحددات‬
‫لالندماج البنكي يجب أخذها في االعتبار‪.‬‬

‫وبالنسبة للجزائر لم يحدث أي اندماج بنكي بها‪ ،‬ولعل السبب يعود في ذلك لطبيعة النظام والتشريع‬
‫البنكي في الجزائر‪ ،‬الذي لم يسمح بقيام عمليات االندماج سواء بين البنوك العمومية فيما بينها‪ ،‬أو بين البنوك‬
‫العمومية والبنوك الخاصة سواء كانت وطنية أو أجنبية‪ ،‬حيث أن التشريع الجزائري كان يسمح فقط لألجانب‬
‫تملك ‪ % 16‬فقط من أسهم البنوك الجزائرية‪ ،‬وهو ما اعتبر عائقا أمام المستثمرين األجانب‪ ،‬األمر الذي كان‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬البنوك الشاملة وعمليات ادارتها‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬السكندرية‪،3000 ،‬‬

‫‪156‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫وراء تعثر الشراكة وفتح رأس مال القرض الشعبي الجزائري ‪ ،CPA‬حيث فشل مشروع توأمة والخوصـصة‬
‫الجزئية لهذا البنك بعدما اشرف بنك اإلخوة "الزار" الفرنسـي بإجراء تقييـم‬

‫لـ‪ CPA‬إال أن بنك "سوسيتي جينيرال" تراجع عن األمر وطالب بتملك أكثر من ‪ 16‬من هذا البنك‪.‬‬

‫يرى بعض االقتصاديين أن هناك عدداً من التحديات التي قد تواجهها عملية الدمج بين البنوك في الجزائر‬
‫‪1‬‬
‫السيما في األجل القصير من أهمها‪:‬‬

‫– المشاكل المتعلقة باالتفاق على بعض األمور الخاصة باالسم والعالمة التجارية للكيان الجديد ونسب‬
‫التمثيل في مجلس اإلدارة وكيفية معالجة االزدواجية في بعض الوظائف‪.‬‬
‫– ظهور بعض المشاكل مثل انخفاض الكفاءة النسبية لبعض العاملين في مواجهة مستجدات العمل البنكي‬
‫في الكيان الجديد مما يستلزم مزيداً من النفقات الضرورية إلعادة تدريبهم وتأهيلهم‪.‬‬
‫– المخاوف من صعوبة إحكام الرقابة الداخلية بالكيان الجديد مع اتساع عدد الفروع والعاملين واألنشطة‬
‫البنكية المتنوعة والمستحدثة‪ ،‬السيما في المراحل األولى لنشأة الكيان الجديد‪.‬‬
‫– التكاليف الكبيرة التي تتطلبها عملية الربط التكنولوجي بين الفروع المنتشرة للكيان الجديد‪.‬‬
‫– المشاكل القانونية التي قد تنشأ نتيجة لزوال الشخصية المعنوية للبنكين أو أحدهما فيما يختص بعالقة‬
‫المتعاملين (دائنين ومدينين) مع الكيان الجديد‪ ،‬وعقود اإليجار وعقود العمل ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫– قد يؤدى الدمج إلى انخفاض رضاء العمالء نظ اًر لتغير العاملين واغالق بعض الفروع ونقل الحسابات‬
‫إلى فروع أخرى‪ ،‬ومن ثم فقدان عنصر التفاعل الشخصي بين العميل والعاملين بالفروع وهو أحد العناصر‬
‫الهامة في الحفاظ على والء العمالء‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خوصصة البنوك‬

‫تعددت المفاهيم التي تهدف التي تهدف إلى تعريف الحصحصة حيث يختلف معناها باختالف الظروف‬
‫االقتصادية التي تطبق في ظلها واختالف األهداف التي تسعى إليها‪ ،‬يمكن القول إذن بان للخصخصة مفهوم‬
‫عام ليس له تعريف اقتصادي محدد حيث يشم ل عددا واسعا ومتنوعا من األنشطة االقتصادية التي تؤدي إلى‬

‫الطيب ياسين‪ ،‬مطاي عبد القادر‪ ،‬االندماج البنكي كأداة لرفع مستوى أداء المنظومة البنكية الجزائرية‪ ،‬المؤتمر الدولي الثاني حول إصالح النظام البنكي الجزائري‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫قاصدي مرباح ورقلة‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫زيادة دور القطاع الخاص في عملية التنمية االقتصادية وتقليص دور القطاع األعمال وتقليل دور سيطرة ورقابة‬
‫‪1‬‬
‫الحكومة على النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫الخوصصة هي عملية تحويل المؤسسات جزئيا أو كليا إلى القطاع الخاص عن طريق تقليـص دور‬

‫الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬وذلك لزيادة إنتاجية المؤسسات المراد تخصيصها‪ 2،‬وخوصصة البنوك‬

‫هي عملية فتح رأسمالها بمساهمات أجنبية أو محلية جزئيا أو كليا سواء عن طريق البيع المباشر أو التداول في‬
‫سوق األوراق المالية‪ ،‬وحتى تتحقق نجاعة هذه األخيرة البد من توافر جملة من المؤكدات تضمن نجاح عملية‬
‫الخوصصة وتحقق األهداف المرجوة‪ ،‬واهم هذه المؤكدات نجد منها‪:‬‬

‫‪ -‬الحوكمة الذاتية للقائمين على عملية الخوصصة‪.‬‬


‫‪ -‬الوعي واإلدارك الشامل بكافة جوانب عملية خوصصة البنك‪.‬‬
‫‪ -‬امتالك العلم – المعرفة ‪-‬التكنولوجيا البنكية والخبرة العملية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ امتالك فاعلية وحرية الحركة‪.‬‬

‫وبالنسبة للجزائر فقد تقرر الذهاب إلى الخوصصة سنة ‪2661‬م خالل اللقاء الذي عقده مجلس الوزراء‬
‫في ‪ 6‬أ فريل من نفس السنة‪ ،‬برئاسة السيد "اليمين زروال"‪ ،‬رئيس الدولة في تلك الفترة‪ ،‬حيث تمت الموافقة على‬
‫رسالة النية التي وجهت في ذلك اليوم إلى رئيس صندوق النقد الدولي‪" ،‬ميشال كامديسوس"‪ ،‬في ذلك الوقت‬
‫والذي وافق على مضمونها‪ .‬إال أن قرار الخوصصة هذا لم يكن خيا ار وانما اضطرت الحكومة في تلك الفترة إلى‬
‫انتهاج سياسة اقتصادية حتمت عليها قبل البرنامج المقترح من طرف صندوق النقد الدولي كشرط لتقديم‬
‫المساعدات المالية واعادة جدولة الديون الخارجية التي كانت تشكل عبئا ثقيال على كاهل االقتصاد الوطني في‬
‫السنوات السابقة‪ .‬ويمكن القول إن هناك عدة دوافع وأسباب داخلية وخارجية وراء انتهاج سياسة الخوصصة في‬
‫الجزائر وهي‪:‬‬

‫نهال فريد مصطفى‪ ،‬نبيلة عباس‪ ،‬أساسيات األعمال في ظل العولمة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3001 ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫صالح الدين حسن السياسي‪،‬قضايا اقتصادية معاصرة‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،3001 ،‬ص‪.221‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبترك للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،300 ،‬ص‬


‫محسن احمد الخضري‪ ،‬خصخصة المصارف والبنوك مقدمة في علم إدارة التوازنات االقتصادية‪ ،‬ا‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪232‬ـ‪.220‬‬

‫‪158‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ .1‬الدوافع الداخلية‪ :‬تعتبر األزمة االقتصادية التي عاشتها البالد خاصة في سنة ‪2699‬م إثر انهيار أسعار‬
‫البترول إلى اقل من ‪ 21‬دوال ار للبرميل الدافع األول للتوجه نحو الخوصصة‪ ،‬فتراجعت مدا خيل البترول إلى اقل‬
‫من ‪ 1‬ماليير دوالر وانعكس ذلك على الميزان التجاري الذي سجل عج از أصبح من الصعب الوفاء بالديون‬
‫ا لخارجية وخدماتها‪ ،‬وادخل البالد في حلقة مفرغة تتمثل في اللجوء إلى البحث عن قروض جديدة لتسديد‬
‫القروض القديمة التي حل أ جلها والتي أصبح أصحابها يطالبون بها‪ ،‬والمؤكد أن هذه الحلقة المفرغة جاءت‬
‫نتيجة التبعية المطلقة للبترول الذي يحتل نسبة حوالي ‪ 69‬بالمائة من الصادرات الوطنية‪ ،‬أما الصادرات خارج‬
‫المحروقات فما زالت ضعيفة ومحدودة للغاية‪ ،‬وتتشكل من الفواكه والمنتجات االزوتية واألعشاب واألسمدة‬
‫والمعادن والنبيذ والنحاس والمعادن الثمينة والمواد الحديدية والجلود والتجهيزات الصناعية ومنتجات الصيد وغيرها‬
‫ومداخليها لم تتجاوز مليار دوالر في أحسن األحوال‪.‬‬
‫وهكذا يتضح أ ن االقتصاد الوطني مازال تابعا للمحروقات بصورة شبه كاملة‪ ،‬الشيء الذي يعني اللجوء‬
‫إلى االستيراد‪ ،‬وبالتالي وضع البالد رهينة المحروقات من ناحية‪ ،‬واالستيراد من ناحية أخرى‪ ،‬وفي السياق ذاته‬
‫فالمشكلة ال تنحصر في التبعية االقتصادية والغذائية فقد وانما أيضا في التبعية التكنولوجية‪ ،‬حيث تستورد‬
‫الجزائر كل التجهيزات الضرورية لتموين االستثمار وهو ما عرقل جهود التنمية‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬عدم توازن‬
‫التنمية التي اتبعت منذ سنوات‪ ،‬حيث أهمل فيها دور القطاع الخاص وتم االعتماد كليا على القطاع العام الذي‬
‫فشل في االستجابة لحاجيات االقتصاد الوطني واحداث التنمية‪ ،‬ولم يتم التفطن إلى هذا الوضع إال بعد تأزم‬
‫األمور على المستويين االقتصادي والمالي وأصبحت الدولة غير قادرة على تحمل األعباء والتكاليف التي‬
‫تحملتها من قبل فتركت األمر للقطاع الخاص‪.‬‬

‫‪ .0‬الدوافع الخارجية‪ :‬تتمثل الدوافع الخارجية التي كانت وراء انتهاج سياسة الخوصصة‪ ،‬ليس فقط من طرف‬
‫الجزائر‪ ،‬وانما من قبل أغلبية الدول‪ ،‬في القطبية األحادية التي برزت بعد تفكك االتحاد السوفيتي السابق‪ ،‬والتي‬
‫تريد فرض هيمنتها االقتصادية على العالم وفق تصورها ونظرتها للنظام الدولي الجديد الذي تسود فيه قاعدة‬
‫اقتصاد السوق‪ .‬وقد استخدمت الواليات المتحدة األمريكية إستراتيجية اقتصادية واستغلت لتحقيق أهدافها وضعية‬
‫البلدان النامية‪ ،‬وكذا وضعية بلدان الكتلة الشرقية المتفككة‪ .‬ففي بلدان المعسكر الشرقي استغلت الواليات‬
‫المتحدة األمريكية المشاكل االقتصادية واالجتماعية الناتجة عن فشل سياسات وأساليب التنمية التي اتبعت في‬
‫السنوات الماضية والتي عجزت عن تلبية الحاجيات االجتماعية لتلك البلدان فكان اللجوء إلى االستيراد‬
‫واالستدانة فتم الوقوع في فخ الواليات المتحدة األمريكية وصندوق النقد الدولي‪ ،‬حيث تم فرض اإلصالحات‬

‫‪159‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫ومنها الخوصصة وعلى الصعيد ذاته‪ ،‬يستعمل صندوق النقد الدولي‪ ،‬والبنك العالمي و المنظمة العالمية للتجارة‬
‫كأدوات للضغط على البلدان النامية ودول الكتلة الشرقية المنهارة لتطبيق اإلصالحات التي تسمح بفتح أسواقها‬
‫أمام منتجات البلدان المتطورة‪ ،‬وعلى رأسها الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫وتعد خوصصة البنوك أحد نتائج العولمة المالية‪ ،‬وهي مرتبطة بظاهرة الخوصصة بشكل عام وقد حدث‬
‫االتجاه نحو خوصصة البنوك في الدول النامية بالتحديد بعد زوال الملكية العامة للدولة‪ ،‬في ظل تحول الكثير‬
‫من الدول إلى تطبيق برامج اإلصالح االقتصادي والتحول آلليات اقتصاد السوق‪ ،‬وتتلخص أهم دوافع خوصصة‬
‫البنوك في مواجهة التحديات التي تواجه العمل البنكي في ضل الثورة البنكية العالمية والتكيف مع ما جاءت به‬
‫اتفاقية تحرير الخدمات المالية في إطار منظمة العالمية للتجارة‪ ،‬ويضاف إلى تلك األسباب دوافع أخرى أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬الوصول إلى تطبيق مفهوم البنوك الشاملة‪.‬‬


‫‪ ‬مواجهة المنافسة‪.‬‬
‫‪ ‬تقليل معدالت المخاطرة‪.‬‬
‫إن الرغبة في مواكبة التطورات ومواجهة المنافسة الدولية واصالح أداء البنوك ومواجهة التحديات‬
‫والتغيرات المالية‪ ،‬وظهور أنشطة جديدة كالصرافة االستثمارية وادارة األصول والمنافسة والتوسع في الخدمات‬
‫االلكترونية التي تخلق تحديات جديدة تؤثر على أداء البنوك حتما نحو تحسين األداء‪ ،‬لذلك فان الخوصصة تعد‬
‫احد البدائل الضرورية للبدء في التطوير وزيادة القدرة التنافسية للقطاع البنكي ويمكن ذكر أهم أهداف خوصصة‬
‫‪1‬‬
‫البنوك في ما يلى‪:‬‬

‫زيادة التنافسية في السوق البنكي وتحسين األداء االقتصادي‪.‬‬


‫تنشيط سوق األوراق المالية وتوسيع قاعدة الملكية‪.‬‬
‫تحديث اإلدارة وزيادة كفاءة أداء الخدمات البنكية‪.‬‬
‫ترشيد اإلنفاق العام وادارة أفضل للسياسة النقدية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬التحول إلى البنوك الشاملة‬

‫وفي ظل العولمة واعادة هيكلة صناعة الخدمات البنكية‪ ،‬زاد اتجاه البنوك وخاصة البنوك التجارية إلى‬
‫التحول نحو البنوك الشاملة‪ ،‬والتي يقصد بها مؤسسات ائتمان تمارس عدة أو كل الوظائف البنكية في نفس‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى عبد اللطيف‪ ،‬بلعور سليمان‪ ،‬تحديات العولمة المالية للمصارف العربية واستراتيجيات مواجهتها مع اإلشارة إلى القطاع البنكي الجزائري‪ ،‬ملتقى‬
‫الشلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الوقت‪ .‬ويقصد بها تلك المؤسسات المالية التي نجدها في العديد من األنشطة التي تختلف باختالف العمالء‬
‫المنتجات‪ ،‬المناطق الجغرافية والتكنولوجية ‪ ،‬كما تتجاوز أحيانا المهن البنكية الخاصة بتطوير إستراتجية بنوك‬
‫‪1‬‬
‫التامين‪.‬‬

‫والبنوك الشاملة هي تلك الكيانات البنكية التي تسعى دائما وراء تنويع مصادر التمويل وتعبئة أكبر قدر‬
‫ممكن من المدخرات من كافة القطاعات وتوظيف مواردها وتفتح وتمنح االئتمان البنكي لجميع القطاعات‪ ،‬كما‬
‫تعمل على تقديم كافة الخدمات المتنوعة والمتجددة التي قد ال تستند إلى رصيد بنكي‪ ،‬بحيث نجدها تجمع ما‬
‫بين وظائف البنوك التجارية التقليدية ووظائف البنوك المتخصصة وبنوك االستثمار واألعمال‪ .‬فعند تجسيد‬
‫البنوك الشاملة على أرض الواقع نجدها تتخذ صفة العالمية‪ ،‬لتصبح بنوك متعددة الجنسيات التي ظهرت بفعل‬
‫العولمة البنكية‪ ،‬حيث تنظم خدماتها على المستوى العالمي مما ينجر عنه تنويع المسارات اإلنتاجية‪ ،‬من اجل‬
‫تدعيم فروعها ومضاعفة أرباحها بفضل التداخل الجيد في خطوط إنتاجها من اجل تحقيق هدفها المنشود‬
‫‪2‬‬
‫المتمثل في ترقية رتبتها عبر تغطية عالم‪.‬‬

‫وقد حملت إستراتجية التنويع محاور عديدة منها المحور الخاص بمصادر التمويل والمحور الخاص‬
‫باالستخدامات البنكية ومحور الدخول في مجاالت غير بنكية‪ ،‬وعلى هذا األساس يدخل مبدأ التنويع بممارسة‬
‫وظائف تقليدية وأخرى غير تقليدية‪ 3،‬حيث تتمثل األولى في قبول الودائع بكافة أنواعها ومن مختلف المستويات‬
‫وبالمقابل تقديم قروض بنكية تدخل في إطار النشاط التجاري‪ ،‬بينما تتمثل الثانية في تلك الوظائف التي‬
‫استحدثت ضمن التطورات البنكية الحالية‪ ،‬والتي تدخل ضمن تقنيا ت جديدة لتمويل المؤسسات االقتصادية‪،‬‬
‫المتمثلة في‪:‬‬

‫‪ ‬خدمات استثمارية بنكية‪ ،‬مثل اإلصدارات الجديدة‪ ،‬االستثمارات المالية‪.‬‬


‫‪ ‬عمليات التسنيد أو التو ريق للقروض‪ ،‬أي تحويل قروض المؤسسات إلى أوراق مالية أو سندات‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بعمليات خارج الميزانية‪ ،‬أي تقديم قروض بالتوقيع والتعامل في المشتقات المالية‪.‬‬
‫‪ ‬قروض المتاجرة بالهامش‪ ،‬وهي قروض قصيرة للمتعاملين في البورصة لشراء أوراق مالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sylvie coussergues, gestion de banque du diagnostic la stratégie, dunob, 2002, p251.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Dhafer saidane, l’industrie bancaire mondialisation des acteurs et des marchés, édition Revue Banque, Paris,‬‬
‫‪2007,‬‬
‫‪3‬‬
‫غانم محمد لحمادي‪ ،‬األسواق المالية تعزز مكانتها على خارطة االستثمار‪ ،‬مجلة إتحاد المصارف العربية‪ ،‬العدد ‪ ،393‬ماي ‪ ،3001‬لبنان‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪161‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬صناديق االستثمار المشترك للسماح للمستثمر عديم الخبرة المشاركة في األسواق المالية والنقدية‪.‬‬
‫‪ ‬عقد تحويل الفاتورة لالئتمان المقدم من العميل المحلي والخارجي‪ ،‬لتسيير وتحصيل حقوقه قصيرة‬
‫ومتوسطة األجل‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بنشاط التمويل التأجيري‪ ،‬أي تمويل شراء أصول وتأجيرها للمتعاقد خالل فترة التقاعد‪.‬‬
‫‪ ‬المشاركة في تنشيط سوق المال وبرامج الخوصصة‪ ،‬بالمشاركة في إنشاء شركات تتعامل باألوراق‬
‫المالية‪ ،‬وادارة محافظها ثم تقييم تلك المطروحة للخوصصة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ومن األنشطة األخرى التي تقوم بها البنوك يمكن اإلشارة إليها فيما يلي‪:‬‬

‫شراء أو إنشاء وادارة شركات صناعية وتجارية وزراعية وخدمية أو المساهمة فيها‪.‬‬
‫إنشاء العديد من الفروع للبنك األم‪ ،‬والتي تقوم بإعطاء الخدمات البنكية التقليدية (اإلقراض‪ ،‬إيـداع‬
‫حسابات جارية‪ ،‬تحويالت نقدية)‪.‬‬
‫دخول البنوك في صناعة التأمين من خالل تقديم كافة الخدمات الخاصة بالحاسبات اآللية‪ ،‬االستثمار‬
‫المشترك السمسرة‪ ،‬واصدار عقود التأمين بأنواعها المختلفة؛‬
‫تقديم كافة االستثمارات ودراسات الجدوى االقتصادية وادارة المشروعات الجديدة في مجاالت الصناعة‬
‫والتجارة والزراعة‪.‬‬
‫البنوك اآلن تمنح خدمات بنكية لألفراد مثل تنظيم وتخطيط الضرائب الشخصية وميزانيات اإلنفاق‪ ،‬دفع‬
‫اإليجارات‪ ،‬منح بطاقات االئتمان أو الضمان‪ ،‬وبطاقات الشيكات والقيام بالعملية التأمينية‪.‬‬
‫تنظيم وادارة كل ما يتعلق بتقديم وصرف المعاشات والمنافع االجتماعية التي تحصل عليها األفراد من‬
‫الدولة‪.‬‬
‫منح األفراد بطاقات سحب النقود من الوحدات اآللية التابعة لفروع البنك في كل مكان حتى يستطيع‬
‫الفرد الحصول على أي مبلغ من دون التقيد بمواعيد العمل الرسمي في البنوك‪ ،‬وتمنح ألصحاب الحسابات‬
‫الجارية وحساب اإليداع‪.‬‬
‫التعامل في كافة أنواع األوراق المالية وما يرتبط بها من أنشطة وتقديم كافة التسهيالت للشركات‬
‫التجارية التي ترغب في إصدار بطاقة الضمان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الغفار حنفي وعبد السالم أبو قحف‪ ،‬اإلدارة الحديثة في البنوك التجارية‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،2662 ،‬ص ص‪.210 ،216‬‬

‫‪162‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫إضافة إلى تنويع الخدمات ومصادر التمويل تتجه البنوك في الوقت الحالي إلى تدويل أنشطتها‪ ،‬أي غزو‬
‫أو الدخول في أسواق الخدمات البنكية خارج حدود البلد األم‪ ،‬إذ تقوم البنوك بتقديم خدمات بنكية دولية أو ما‬
‫يعرف بالخدمات عبر الحدود‪ 1،‬وتعني قيام بنك في دولة ما بتوفير خدمات بنكية متنوعة إلى عمالء له مقيمين‬
‫في دولة أخرى‪ ،‬فكما نجد شركات متعددة الجنسيات نجد أيضا البنوك متعددة الجنسيات‪ ،‬وتلجأ البنوك لتدويل‬
‫‪2‬‬
‫عملياتها لألسباب التالية‪:‬‬
‫تجنب الخطر عن طريق تنويع األسواق‪.‬‬
‫بصفة خاصة خطر المنافسة وتشبع السوق المحلي‪ ،‬وكذلك أي اضطرابات عمالية تؤثر على‬
‫النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫انخفاض التكاليف (تكاليف العمالة‪ ،‬األرض‪ ،‬وبعض مقومات اإلنتاج األخرى) بالمقارنة بنظيرتها‬
‫في الدولة األصلية‪.‬‬
‫االستفادة من الحوافز واالمتيازات التي تقدمها الدول المضيفة‪.‬‬
‫الرغبة في النمو والتوسع‪.‬‬

‫ولن تعرف على مدى استعداد البنوك لتطبيق خيار البنك الشامل كخيار استراتيجي في ظل العولمة يستلزم‬
‫تشخيص إمكانيات واستعداد البنوك لتبني مفهوم البنك الشامل واالنطالق إلى أفق واسع في النشاط المالي‬
‫والبنكي بما ينسجم مع المستجدات الحاصل من خالل قياس التوجهات نحو خيار البنك الشامل ويتم ذلك من‬
‫طريق‪:‬‬

‫‪ -‬استطالع آراء المعنيين بالسلطة النقدية والعاملين في البنوك‪.‬‬


‫‪ -‬التشريعات والقوانين الصادرة بهذا الشـأن‪ ،‬وامكانية إنشاء سوق لألوراق المالية في حالة عدم وجوده‪.‬‬
‫‪ -‬مدى تطوير قاعدة النشاطات واألعمال المالية والبنكية‪ ،‬والعمل على زيادة رأس مال البنوك لتلبيـة‬
‫المعايير الدولية لمقررات لجنة بازل بشأن كفاية رأس المال‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل نشاطات البنوك بتحليل الودائع واالستثمار في األوراق المالية وتحليل القروض ومساهمة البنوك‬
‫في تأسيس شركات االستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬قياس إمكانية تقديم البنوك لخدمات بنكيـة جديدة تمشيًا مع رغبات ومتطلبات الزبائن‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل مدى إمكانية البنوك في تقييم األداء*من خالل األجهزة والخـبرات المتوفرة لديها لحـمايتها من‬
‫اإلخفاق في إنجاز هذا التحول‪.‬‬

‫‪ 1‬طه طارق‪ ،‬إدارة البنوك و نظم المعلومات المصرفية‪ ،‬دار الكتب للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ، 3000 ،‬ص ص ‪.230 - 226‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الغفار حنفي وعبد السالم أبو قحف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪163‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫وتتأثر البنوك الجزائرية بهذا االتجاه الجديد والدليل على ذلك تحول ‪ La CNEP‬الذي كـان لسنوات طويلة‬
‫يؤدي دور واحـد هو تجميع المدخرات وتحويلها إلى قروض سكنية ثم تحول إلى بنك تجاري حكومي يتعاطى كل‬
‫أنواع النشاط البنكي‪ ،‬مع االحتفاظ بجزء كبير من دوره كأهم مؤسسة لتجميع اإليداعات وتقديم القروض السكنية‪.‬‬
‫ويجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن البنوك الجزائرية الزالت الطريق أمامها طويلة إلدخال مثل هذه المنتجات الجديدة "‬
‫المشتقات المالية " وتعميق مفهوم التنويع داخل البنك وبالتالي التحول أو اتخاذ مفهوم البنك الشامل‪.‬‬

‫لعل من الصعوبات التي يواجهها النظام البنكي الجزائري والتي حالت دون توسع نشاطات‪ ،‬واألخذ بالبنوك‬
‫الشاملة عديدة‪ ،‬يمكن إيجازها كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬ضعف التغطية الجغرافية من قبل الشبكة البنكية الموجودة ‪:‬حيث تطور عدد البنوك خالل سنة ‪3023‬‬
‫ليصل إلى ‪ 36‬بنكا ومؤسسة مالية معتمدة يقع مقرها االجتماعي الجزائر العاصمة ويصل مجموع الشبابيك في‬
‫البنوك إلى ‪ 2119‬شباك سنة ‪ 1.3023‬وهو ما يعادل شباك واحد لكل ‪ 31100‬نسبة إال أن هذا المعدل يبقى‬
‫بعيدا عن المعدل العالمي المقدر بشباك بنكي لكل ‪20000‬مواطن‪ ،‬وقد ا زدت الفجوة في التغطية الجغرافية‬
‫اتساعا بسبب عامل آخر وهو تجميع الشبكات في ‪ 5‬بنوك تجارية وتركز أغلب فروع البنوك في الشمال‪.‬‬
‫‪ ‬التخصص القطاعي وهو ما يتعارض مع فكرة البنوك الشاملة وتقليص دور الوساطة‪ ،‬واتجاه لتمويل‬
‫التجارة الخارجية ذات الربح السريع عوض تمويل مشاريع التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬اإلدارة المقيدة لنشاطات التمويل حيث ق اررات منح االئتمان تعود إلى الدولة لخلفيات سياسية واجتماعية‬
‫شرء السلم االجتماعي‪ ،‬وال يستند لمنطق الرشادة االقتصادية مثل مسح ديون الفالحين في‪29‬‬
‫تحت شعار ا‬
‫سبتمبر ‪ 3020‬قصد تدعيم القطاع الفالحي بغالف مالي وصل قدره‪ 12‬مليار دينار‪.‬‬
‫‪ ‬إشكالية البنوك العامة في الج ازئر التي تصر على عدم التنويع في محفظة النشاط‪ ،‬بحيث تم تخصص‬
‫موارد قصيرة األجل لتمويل االستثماارت طويلة األجل‪.‬‬
‫‪ ‬البطء في إدارة السيولة النقدية ووسائل الدفع األخرى‪ ،‬إذ أن هذا المجال يمكن اعتباره من أكثر‬
‫النزعات وغيرها وهذا ما‬
‫المجاالت المعرقلة للبنوك والزبائن في آن واحد‪ ،‬فعلى هذا المستوى تكثر الشكاوى و ا‬
‫خلق نوع من القلق سواء بالنسبة للبنوك والزبائن‪.‬‬
‫شرء ديون البنوك‬
‫‪ ‬عمليات التطهير المالي المستمرة للبنوك العمومية والتي مست باألساس إعادة ا‬
‫العمومية لدى زبائنها من المؤسسات العمومية‪ ،‬وكذا ديون صندوق التوفير واالحتياط لدى الهيئات ومؤسسات‬

‫‪1‬‬
‫‪la Banque d’Algérie, rapport 2008, op.cit, p80.‬‬

‫‪164‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الترقية والتسيير العقاري وش ارء ديون المؤسسات األم واعادة هيكلتها‪ ،‬كما تكلفت الخزينة من جهتها بالقروض‬
‫الخارجية المجندة من طرف المؤسسات العمومية والتي لم يتم تسديدها للهيئة المكلفة بتسيير هذه الديون‪.‬‬
‫‪ ‬عدم فعالية شبكة نقل المعلومات حتى وان حتى وان هذه الشبكة ال يمكن مالحظتها من قبل الزبائن‬
‫ورغم التدابير التي اتخذت لتحسين أدائها‪ ،‬إال أن شبكة االتصال مزال أداءها هزيل وال يعتمد عليها كمصدر‬
‫موثوق للمعلومات‪ ،‬وقد ساهم هذا بشكل كبير في عرقلة المجهودات التي تبدل لعصرنة الخدمات البنكية وهذا‬
‫ما يعرقل حتما سيرورة اإلصالحات الجارية ككل‪.‬‬
‫الجزئر حيث بعد مضي ما يقارب عقد من الزمن على دخولها حيز النشاط‪ ،‬لم‬
‫ا‬ ‫‪ ‬عدم فعالية بورصة‬
‫تتمكن من فرص التمويل الالزم لالقتصاد باعتباره بديال لالستدانة‪ ،‬وهنا تكمن بذور األزمة التي تستشرف‬
‫مالمحها عند دارسة المعايير المختلفة التي تستخدم في قياس درجة نمو نشاط بورصة الج ازئر وموقعها في ذيل‬
‫الترتيب‪ ،‬مقارنة مع البورصات العربية والمعايير الخاصة بحجم السوق وسيولة السوق ودرجة التركز تظهر‬
‫‪1‬‬
‫الجزئر على تعبئة رؤوس األموال‪.‬‬
‫ا‬ ‫بوضوح ضعف قدرة بورصة‬
‫المطلب الخامس‪ :‬ضرورة االلتزام بمعيار كفاية رأس المال كما جاء بمقررات لجنة بازل‪1‬‬

‫فمع تزايد العولمة أصبح العمل البنكي يتعرض للعديد من المخاطر البنكية سواء كانت عوامل خارجية أو‬
‫عوامل داخلية‪ ،‬وأصبح لزاما على البنوك أن تتحوط لهذه المخاطر بعدة وسائل من أهمها تدعيم رأس المال‬
‫واالحتياطيات وقد ا تخذ معيار كفاية رأس المال أهمية متزايدة منذ أن أقرته لجنة بازل‪2699‬م‪ ،‬وأصبح لزاما‬
‫على البنوك االلتزام به كمعيار عالمي أو دولي يدل على متانة المركز المالي للبنك ويقوى ثقة المودعين فيه‪.‬‬
‫ومن ثم تأثرت البنوك العاملة بهذا المعيار حيث أصبح عليها أن تلتزم بان تصل نسبة رأسمالها إلى مجموع‬
‫أصولها الخطرة بعد ترجيحها بأوزان المخاطرة االئتمانية الى‪ % 9‬كحد أدنى مع نهاية عام ‪2663‬م‪.‬‬

‫حيث تأسست لجنة بازل من مجموعة الدول الصناعية ‪‬اإلثنى عشر في نهاية سنة ‪2611‬م تحت‬
‫بمدينة "بال" بسويس ار وذلك في ضوء تفاقم أزمة المديونية الخارجية لدول العالم‬ ‫‪‬‬
‫إشراف بنك التسويات الدولية‬
‫الثالث وازدياد حجم ونسبة الديون المشكوك في تحصيلها التي منحتها البنوك العالمية "خاصة البنوك‬
‫األمريكية"‪ ،‬وتعثر هذه البنوك وانتشار فروع البنوك خارج الدولة األم باإلضافة إلى المنافسة القوية التي خلقتها‬

‫الشريف ريحان والطاوس حمداوي‪ ،‬بورصة الجزائر– رهانات وتحديات التنمية االقتصادية‪ ،‬مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عنابة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد ‪ ، 34‬جوان ‪ ،3022‬ص‪.12‬‬


‫بلجيكا‪ ،‬كندا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬اليابان‪ ،‬هولندا‪ ،‬السويد‪ ،‬سويسرا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬لوكسمبورج‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يعمل البنك منذ سنة ‪ 2621‬في مجال تنمية التعاون بين البنوك المركزية للدول األعضاء وتقديم التسهيالت االئتمانية بالنسبة للعمليات المالية الدولية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪165‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫البنوك اليابانية إزاء البنوك الغربية نتيجة تدني رؤوس األموال‪ ،‬ويتحتم أن تحظى توصيات اللجنة بإجماع‬
‫أعضائها إذ ال تتمتع اللجنة بصالحيات قانونية ألعمال توصياتها بالدول األعضاء‪ ،‬لذا يتطلب األمر اعتماد‬
‫محافظي البنوك المركزية أو السلطات النقدية في هذه الدول للتوصيات الصادرة عن اللجنة وعقد محافظو‬
‫البنوك المركزية لمجموعة االثنى عشر اجتماعهم األول في ‪2691/23/01‬م في مدينة "بال" والذي كان‬
‫يستهدف تحقيق التوافق في األنظمة والممارسات الرقابية الوطنية للدول العشرة فيما يتعلق بكفاية رأس المال‬
‫ومعايير في المصارف الدولية‪ ،‬وأقر محافظو البنوك المركزية تقرير بازل وتم توزيع التقرير على الدول‬
‫األعضاء في المجموعة وغيرها لكي تقوم بدراسته على مستوى البنوك واالتحادات البنكية في ‪2691/23/20‬م‬
‫وقد حددت مدة اتفاقية قدرت بستة (‪ )09‬أشهر للتعرف على آراء الدول األعضاء بشأن توصيات اللجنة‬
‫الواردة بتقريرها‪.‬‬

‫وأعادت لجنة بازل صياغة تقريرها النهائي بعد دراسة آراء مقترحات الدول األعضاء وقدمته في جويلية‬
‫سنة ‪2699‬م‪ ،‬حيث تم إق ارره من طرف مجلس محافظي البنوك رسميا سمي "اتفاق بازل‪."2‬‬

‫‪ .1‬أهدافها مقررات لجنة بازل الرئيسية‬


‫تهدف أعمال لجنة بازل إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬دعم وسالمة الموقف المالي للبنوك العالمية‪.‬‬


‫‪ ‬إنشاء أساس سليم وعادل للتنافس العالمي بين البنوك الدولية وازالة مصدر مهم للمنافسة غير العادلة‬
‫والتي تنشا غالبا من االختالفات في القوانين البنكية المتعلقة برأس المال من دولة ألخرى ألن تعدد المعايير‬
‫الخاصة برأس المال واختالفها من دولة ألخرى لبعض البنوك واالستفادة من متطلبات األمان على األقل تشددا‬
‫‪1‬‬
‫أدى كل هذا إلى إضعاف استقرار وكفاءة النظام البنكي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬بنية أساسية متطورة وتشمل‪:‬‬
‫تحسين الشفافية والرقابة وتطوير النظم المحاسبية على المستوى الوطني‪.‬‬
‫تقريب وتوحيد التشريعات والقواعد التنظيمية والبنكية مع المعايير الدولية‪ ،‬ربما قد يستدعي هذا وجود‬
‫معايير محاسبية موحدة‪.‬‬
‫آليات تسمح بالتدخل الحكومي لحماية النظام البنكي عندما يتعرض للعقبات بأشكالها‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير األدوات الرقابية وخاصة في ظل استخدام الكثير من المستحدثات المالية والتطورات في أسواق‬
‫المال وحدوث تغيرات في الوظائف التقليدية للبنوك‪ ،‬وخاصة بعد دخول المؤسسات غيرالبنكية إلى األعمال‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاد البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪2‬‬
‫البنك المركزي المصري‪ ،‬الرقابة والتفتيش على المصارف التجارية‪ ،‬المعهد المصرفي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2666‬ص‪.21‬‬

‫‪166‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫البنكية‪ 1،‬فبالنسبة للجزائر الزالت في مرحلة التحول من اقتصاد الدين (المديونية إلى اقتصاد االدخار‪.‬‬
‫وفي سياق تحول الجزائر إلى اقتصاد السوق‪ ،‬ط أر تغيير جذري خالل السنوات األخيرة في طريقة تشغيل‬
‫القطاع المالي‪ ،‬حيث ترتب عن عملية إصالح السابقة تراكم مقادير ضخمة من القروض المشكوك فيها‬
‫والصادرة عن الجهاز البنكي فتدهورت المالءة المالية للبنوك‪ ،‬ومنذ عام ‪ 2661‬نفذت معايير احت ارزية جديدة‬
‫ووضعت قواعد واضحة لتصنيف القروض‪ ،‬على البنوك والمؤسسات المالية في الجزائر من الناحية القانونية‬
‫احترام معايير النشاط البنكي فيما يعود للنسب والقواعد االحت ارزية األساسية‪.‬‬

‫حددت التعليمة رقـم ‪ 22-27‬الصـادرة فـي ‪ 21‬نـوفمبر ‪2222‬م معظـم المعـ تدالت المتعلتقـة بالقواعـد‬
‫حيث ِّ‬
‫أهمهـا تلـك المتعلقـة بكفايـة رأس المــال‪ .‬فقـد فرضـت هـذه التعليمـة علــى‬
‫الحـذرة ‪ Les régles prudentielles‬و ُّ‬
‫البنوك اإللتزام بنسبة مالءة لرأس المال أكبر أو تسـاوي ‪ % 4‬تطتبـق بشـكل تـدريجي م ارعـاة للمرحلـة االنتقاليـة التـي‬
‫يمــر بهــا االقتصــاد الج ازئــري نحــو نظــام اقتصــاد الســوق‪ ،‬وح ـ تددت آخــر أجــل لــذلك نهايــة ديســمبر ‪2222‬م‪ ،‬وذلــك‬
‫وفق المراحل اآلتية‪:2‬‬

‫‪ % 2 -‬مع نهاية شهر جوان ‪.2227‬‬


‫‪ % 7 -‬مع نهاية شهر ديسمبر ‪.2226‬‬
‫مع نهاية شهر ديسمبر ‪.2227‬‬ ‫‪%6-‬‬
‫‪ % 7 -‬مع نهاية شهر ديسمبر ‪.2224‬‬
‫‪ % 4 -‬مع نهاية شهر ديسمبر ‪.2222‬‬
‫وق ــد حـ ـ تددت الم ــادة ‪ 7‬م ــن التعليم ــة رق ــم ‪ 22 – 72‬كيفتي ــة حسـ ـاب رأس الم ــال الخ ــاص للبن ــك ف ــي جزئ ــه‬
‫األساســي‪ ،‬بينمــا ح ـ تددت الم ـواد ‪ 6‬و‪ 7‬العناصــر التــي تحتســب ضــمن رأس المــال التكميلــي للبنــك‪ ،‬ومجمــوع هــذين‬
‫ـاص للبنــك‪ ،‬بينمــا بتينــت المــا تدة ‪ 4‬مــن التعليمــة مجمــوع العناصــر التــي يتــوفتر فيهــا‬
‫الج ـزأين يشـ ِّـكل رأس المــال الخـ ت‬
‫الخاصــة بهـا حسـب مـا يكافئــها مـن قـروض‪ ،‬وذلــك‬
‫ت‬ ‫عنصـر المخـاطرة‪ ،‬ثـ تم صـتنفتها المـا تدة ‪ 22‬وفـق أوزان المخـاطرة‬
‫‪3‬‬
‫مقررات بازل ‪.I‬‬‫وكل ذلك بطريقة مشابهة لما ورد في ت‬ ‫ويوزعه بنك الجزائر‪ُّ ،‬‬ ‫خاص ينشـره ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫في ملحق‬

‫عرفت البنوك الجزائرية تحسن طفيف في نسبة المالءة التي انتقلت من ‪ %1‬سنة ‪ 2661‬إلى ‪ %9‬سنة‬
‫‪ ،3000‬وفي ‪ 3003‬البنوك العمومية احترمت نسبة كوك بـ ‪ ،%9‬أما بالنسبة للبنوك الخاصة احترمت كلها هذه‬
‫النسبة من منطلق تصريحها‪.‬‬

‫‪ 1‬رشدي صالح عبد الفتاح صالح‪ ،‬البنوك الشاملة وتطوير الجهاز المصرفي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،3000 ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ 2‬لما تدة‪ 1 :‬من التعليمة رقم ‪ 10 – 10‬المؤرتخة في ‪ 11‬نوفمبر ‪ 2110‬المتعلتقة بتحديد القواعد الحذرة‪.‬‬
‫‪ 3‬سليمان ناصر‪ ،‬النظام المصرفي الجزائري واتفاقيات بازل‪ ،‬ملتقى شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫المبحث الخامس‪ :‬استراتيجيات تطوير أداء البنوك الجزائرية في ظل تطبيق سياسات التحرير المالي‬

‫في سياق المتغيرات التي اجتاحت البيئة المالية الدولية إقليميا وعالميا‪ ،‬أصبح لزاما على البنوك الجزائرية‬
‫زيادة عنايتها بجودة ما تقدمه من خدمات كأحد العناصر المحددة للقدرات التنافسية البنكية في السوق المحلية‬
‫واألجنبية ضمن حلقة عولمة مالية تعني تفاعل معادلة المال مع وسائل االتصال الحديثة‪ ،‬فاالنتقال إلى عصر‬
‫المعلوماتية يعني ضرورة تكييف البنوك الجزائرية مع تغيرات وتطورات المحيط‪ ،‬ومن هنا فقد أضحى لزاما على‬
‫البنوك مواجهة تلك التحديات باتخاذ الخطوات المالئمة التي تساعدها على االنخراط في االقتصاد العالمي‬
‫بتحوالته وتغيراته المتزايدة والمستمرة للوقوف على قدم المساواة مع البنوك العالمية‪ ،‬وذلك من خالل إعادة صياغة‬
‫استراتيجياتها وانتهاج سياسات أكثر تطو ار وشموال بهدف التكيف مع االتجاهات اإلبداعية في العمل البنكي‬
‫الدولي‪ ،‬وتطوير جودة الخدمة البنكية ورفع كفاءة األداء مما يعزز قدراتها التنافسية‪ ،‬وتتمثل أهم محاور هذه‬
‫اإلستراتيجية في التحول إلى البنوك الشاملة ذات الخدمات المتنوعة‪ ،‬والعمل على تقديم أنشطة تمويلية مبتكرة‪،‬‬
‫عالوة على تعميق استخدام التكنولوجيا في العمل البنكي وتقوية قاعدة رأسمال البنوك من خالل زيادة عمليات‬
‫االندماج بينها‪ ،‬وال شك أن نجاح البنوك في تنفيذ استراتيجيات التطوير بكفاءة وفاعلية هو أمر مرهون من جهة‬
‫بتوفير كوادر بشرية عالية التأهيل معززة بتقنيات بنكية معاصرة‪ ،‬ومن جهة أخرى بتبني المفهوم الحديث للتسويق‬
‫البنكي كأحد ركائز هذه اإلستراتيجية‪.‬‬
‫وسنحاول من خالل هذا الفصل التطرق إلى أهم هذه االستراتيجيات من خالل العناصر التالية‪:‬‬

‫– إستراتيجية تطوير الخدمة البنكية‪.‬‬

‫– إستراتيجية تطوير وتبني مفهوم التسويق البنكي‪.‬‬

‫– إستراتيجية مواكبة المعايير الدولية‪.‬‬

‫– إستراتيجية تفعيل دور البنك المركزي لتطوير أداء الجهاز البنكي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إستراتيجية تطوير الخدمة البنكية‬

‫تستدعي التطورات البنكية وضع مناهج تنظيم وتشغيل وأساليب تقنية حديثة في البنوك الجزائرية لتحقيق‬
‫فعالية األداء وحتى تضمن ذلك عليها إتباع إستراتيجية وسياسة بنكية فعالة من خالل إصالح عدة نواحي من‬
‫النشاط البنكي من أهمها‪:‬‬

‫‪168‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الفرع األول‪ :‬مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية في العمل البنكي‬

‫لعل أهم ما يميز العمل البنكي في عصر العولمة المالية هو تفاقم دور التكنولوجيا البنكية والسعي الحثيث‬
‫نحو تحقيق االستفادة القصوى من فوائد تكنولوجيا االتصال والمعلومات من أجل ترقية وتطوير وسائل تقديم‬
‫الخدمة البنكية بما يتوافق واإليقاع المتسارع للصناعة البنكية في القرن الواحد والعشرين‪ .‬وسعيا منها لمواكبة‬
‫التطورات في الصناعة البنكية عملت البنوك الجزائرية على نقل العديد من التقنيات البنكية إلى السوق الوطنية‬
‫السيما منذ سنة ‪2661‬م حيث شرعت في إدخال آالت السحب اآللي‪ ،‬إذ بلغ عددها سنة ‪3003‬م حوالي ‪310‬‬
‫جهاز‪ ،‬أم بال نسبة لبطاقات الدفع الفوري "الدفع االلكتروني" فحسب المدير العام لشركة النقد اآللي والعالقات‬
‫التقنية بين البنوك "ساتيم" فإنه تم االنطالق في إنجاز شبكة خاصة بنظام التخليص في الميدان التجاري حيث‬
‫انطلقت في بداية سنة ‪3003‬م بعدما تمر بفترة تجريبية بالجزائر العاصمة لمدة ‪ 09‬أشهر وستنفذ العملية على‬
‫مرحلتين‪ ،‬األولى تكون فيها الشبكة وطنية‪ ،‬والثانية يتم فيها ربط الشبكة مع مختلف البنوك في العالم ‪ ،1‬وبالرغم‬
‫من هذه المجهودات المبذولة إال أن الفجوة التكنولوجية بين البنوك الجزائرية ونظرائها من البنوك العربية والغربية‬
‫‪2‬‬
‫ال تزال كبيرة نظ ار للعديد من المعوقات التي شكلت حجر عثرة دون تحقيق القفزة المأمولة لعل من أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬غياب ثقافة بنكية في مجتمع ال يتعامل بالشيك البنكي إال قليال‪.‬‬


‫‪ ‬ضعف اإلقبال على استخدام وسائل الدفع االلكترونية‪.‬‬
‫‪ ‬عدم وضوح البيئة القانونية والتشريعية المتعلقة بتنظيم التجارة االلكترونية‪.‬‬
‫‪ ‬تعدد المخاطر المرتبطة بتقديم الخدمات البنكية االلكترونية‪.‬‬
‫‪ ‬ارتفاع تكلفة إنشاء وصيانة الشبكات الخاصة بالعمليات البنكية‪.‬‬
‫في ظل هذه المتغيرات الجديدة وجدت البنوك التجارية الجزائرية نفسها في وضع بالغ الحساسية ال سيما‬
‫مع تطبيق اتفاقيات تحرير التجارة في الخدمات المالية‪ ،‬إذ أصبحت ملزمة بتدعيم قدراتها التنافسية لمواجهة هذه‬
‫التحديات المرهونة بمدى نجاحها في تحقيق مكاسب تقنية المعلومات ولعل أهم المحاور التي يجب أخذها بعين‬
‫االعتبار لتعظيم االستفادة القصوى من ثورة العلم والتكنولوجيا في العمل البنكي تتمثل في‪:‬‬

‫زيادة اإلنفاق االستثماري في مجال تكنولوجيا المعلومات‪.‬‬


‫التوسع في استخدام االنترنت لتقديم تشكيلة متنوعة من الخدمات البنكية للعمالء بكفـاءة أعلى‬

‫‪1‬‬
‫تطار محمد منصف‪ ،‬النظام البنكي الجزائري والصيرفة االلكترونية‪ ،‬جامعة محمد خيضر ملتقى بسكرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫معطي اهلل خير الدين‪ ،‬بوقموم محمد‪ ،‬المعلوماتية والجهاز البنكي ـ حتمية تطوير الخدمات البنكية ـ ملتقي شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫وتكلفة أقل‪.‬‬
‫العمل على خلق شبكة بنكية تكون بمثابة حلقة وصل الكترونية بين البنوك من جهة وبين الشركات‬
‫والعمالء من جهة أخرى‪.‬‬
‫تفعيل دور شبكة االتصال بين المركز الرئيس لكل بنك وبين باقي فروعه بما يحقق السرعة في تداول‬
‫المعلومات الخاصة بالعمالء واجراء التسويات الالزمة عليها‪ ،‬باإلضافة إلى االرتباط بالشبكات االلكترونية‬
‫الخاصة بالبنوك والمؤسسات المالية األخرى‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تنويع الخدمات البنكية‬
‫في ضوء التحديات الجديدة التي أصبحت تواجه البنوك الجزائرية‪ ،‬ليس فقط من البنوك األجنبية بل وحتى‬
‫من المؤسسات المالية غير البنكية‪ ،‬والمؤسسات التجارية األخرى إزاء هذه التطورات ينبغي على البنوك الجزائرية‬
‫تدعيم قدراتها التنافسية من خالل تقديم حزمة متنوعة ومتكاملة من الخدمات البنكية تجمع فيها مابين التقليدي‬
‫والحديث تكريسا لمفهوم البنوك الشاملة ومن أهم هذه الخدمات نذكر على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬
‫‪ ‬اإلقراض بكافة أنواعه‪ ،‬أي عدم االقتصار على تقديم القروض للشركات الكبيرة بل أيضا تقديم القروض‬
‫لألف راد اللذين يرغبون في إنشاء مؤسسات فردية صغيرة للحرفيين واالهتمام بالقروض االستهالكية الموجهة لتمويل‬
‫‪1‬‬
‫االحتياجات الشخصية والعائلية‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر‪.‬‬
‫‪ ‬القروض المشتركة‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم خدمات االستشارة وخدمات الحيطة من مخاطر تقلب أسعار الفائدة وأسعار الصرف‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بتقديم القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة وأن من أهم المشاكل التي تعاني منها‬
‫المؤسسات مشكلة التمويل وصعوبة الحصول على القروض البنكية‪ ،‬وبالرغم من أن البنوك العمومية ساهمت‬
‫في سنة ‪ 3002‬بتمويالت قدرها ‪ 111‬مليار دج أي بنسبة ‪ %10090‬من مجموع التمويالت مقارنة بسنة‬
‫‪2‬‬
‫‪ 3002‬حيث قدر المبلغ آنذاك ب ‪ 212‬مليار دج أي ما يمثل ‪ % 20013‬من مجموع التمويالت‪.‬‬
‫‪ ‬ابتكار الصيغ التمويلية الحديثة ألغراض المشروعات االستثمارية الوطنية خاصة تلك التي ترتبط‬
‫بالتنمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الغفار حنفي وأبو قحف عبد السالم‪ ،‬اإلدارة الحديثة في لبنوك التجارية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،2662 ،‬ص‪.210‬‬

‫‪170‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬العمل على استحداث استعمال صيغ التمويل اإلسالمية كالمشاركة‪ ،‬المضاربة‪ ،‬المرابحة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬تقديم بعض الخدمات الحديثة أو التوسع في القائم منها‪:‬‬
‫خصم الفواتير التجارية‪.‬‬
‫إنشاء صناديق االستثمار والمساهمة في إنشاء شركات التأجير التمويلي وشركات المقاصة وشركات‬
‫‪2‬‬
‫جمع وانتاج وبيع المعلومات وشركات السمسرة‪.‬‬
‫إعطاء أهمية كبيرة للمشتقات المالية غير المطبقة في الجزائر علما أن القوانين تشجع ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬وتحسين نوعية الخدمة من خالل‪:‬‬
‫الدقة و السرعة في إجراء العمليات‪.‬‬
‫توصيل المعلومات بدقة لزبائن‪.‬‬
‫تشجيع عمال البنك على المشاركة بفعالية لتحسين الطرق واإلجراءات‪.‬‬
‫عصرنة و صيانة التجهيزات وتطوير األجهزة البنكية والمحافظة عليها‪.‬‬
‫تنمية الشبكة‪ ،‬بفتح فروع ووكاالت جديدة في مناطق متعددة وهذا لتسهيل الخدمات للمواطنين‪.‬‬
‫تطبيق أسعار فائدة مغرية تسمح بجلب مدخرات األفراد‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬االرتقاء بالعنصر البشرى‬

‫ال يكون لتطوير الجانب التقني في البنوك بإدخال آخر التكنولوجيات أثر إال إذا حدث بالتوازي تطوير‬
‫إمكانيات الموظفين في البنوك‪ ،‬فاالستفادة من أحدث ما وصل إليه العلم في مجال التكنولوجية والمعرفة سوف‬
‫تظل محدودة النتائج ما لم يتواكب معها تطوير إلمكانيات العاملين وقدراتهم الالزمة الستيعاب التطورات‬
‫المتالحقة في مجال الخدمات البنكية بما يضمن رفع مستوى تقديم الخدمة وتحقيق أفضل استثمار للموارد البشرية‬
‫في البنوك الجزائرية ويتطلب االرتقاء بالعنصر البشري تبني العديد من االستراتيجيات نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬االستعانة بخبرة البنوك العالمية لتدريب اإلطارات البنكية على استخدام األدوات المستحدثة‪ ،‬وارسال‬
‫الموظفين لبعثات تدريبية في الخارج‪.‬‬
‫‪ ‬البحث عن إدارات فاعلة وكفوءة قادرة على التفاعل مع متغيرات الصناعة البنكية المستمرة والمتواصلة‪.‬‬
‫‪ ‬مشاركة الموظفين في وضع أساليب تطوير األداء‪ ،‬وهو ما يضمن التزامهم وحماسهم عند التطبيق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صالح الدين حسن السيسي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪221‬‬
‫عبد الحافظ السيد بدوي‪ ،‬إدارة األسواق والمؤسسات المالية – نظرة معاصرة – دار الفكر العربي‪ ،2111 ،‬ص‪.81‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪171‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬وضع نموذج موضوعي لتقييم أداء العنصر البشرى من خالل عدة معايير تأخذ في اعتبارها أداء‬
‫الوحدة البنك ية التي يعمل بها الموظف ودوره في تحقيق هذه النتائج‪ ،‬مع ضرورة تحقيق التفاعل المستمر‬
‫والمباشر بين الرئيس والمرؤوس بما يسمح بحسن التقييم‪.‬‬

‫‪ ‬تشجيع الموظفين بإقامة نظام تحفيزي أحسن لألجور وذلك عن طريق‪:‬‬


‫تثمين المسؤوليات ومنح أجر مقابل االضطالع بها‪.‬‬
‫ربط الترقية بالتكوين وتحسين المردودية‪.‬‬
‫اإلسراع في وضع نظام ترقية مرتبط باالستحقاق‪.‬‬
‫تكييف عالوة المردودية مع المجهود الفردي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إستراتيجية تطوير وتبني مفهوم التسويق البنكي‬

‫يعد تبنى مفهوم التسويق البنك ي الحديث أم ار ملحا في ظل التطورات المتالحقة التي تشهدها الساحة‬
‫البنكي ة‪ ،‬والتي تبلورت أهم مالمحها في احتدام المنافسة‪ ،‬حيث يساهم هذا المفهوم في زيادة موارد البنك ومن ثم‬
‫تحقيق التوازن في هيكل موارد البنك واستخداماته‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التسويق البنكي‬

‫يعرف التسويق البنكي بأنه مجموعة المهام التي تصل على التوازن بين عرض البنك من الخدمات البنكية‬
‫واحتياجات العمالء من هذه الخدمات فهو يكفل ويضمن تدفق المنتجات البنكية في المكان والزمن المناسبين‪ ،‬وال‬
‫يجب التفكير على أن التسويق البنكي يشبه التسويق في المؤسسات الصناعية والتجارية‪ ،‬بالرغم من أن األهداف‬
‫والفلسفة واحدة‪ ،‬إال أن أساليب العمل مختلفة بالنظر لخصوصية الخدمة البنكية وسلوك المستهلك التي تتطلب‬
‫التنقيب المستمر عن طرق وأساليب إليصالها إلى العميل‪.1‬‬

‫كما يمكن تعريفه على انه مجموعة من األنشطة التي تعمل على انسياب الخدمات البنكية بكفاءة ومالئمة‬
‫‪2‬‬
‫لتحقيق رغبات المتعاملين في ظل عملية مبادلة لتحقق أهداف البنك في حدود توجهات المجتمع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sylvie cousserrgues, Gestion de la banque, édition Dunod, Paris, 1992, p219.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Kotler.ph, Marketing management, analysis, planning implantation and control, 1 Engle wood .chifts, new‬‬
‫‪jersey prentice-hall Inc, 1994, p10.‬‬

‫‪172‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬وظائف التسويق البنكي‬

‫ومن أهم ركائز ووظائف التسويق البنكي الحديث والتي يجب التركيز عليها‪:‬‬

‫‪ ‬البحث وايجاد العميل بالسعي نحو العميل المرتقب‪.‬‬


‫‪ ‬المساهمة في اكتشاف الفرص االقتصادية ودراستها وتحديد المشروعات الجيدة بما يكفل إيجاد عميل‬
‫جيد‪.‬‬
‫‪ ‬تصميم مزيج الخدمات البنكية بما يكفل إشباع رغبات واحتياجات العمالء بشكل مستمر يكفل رضاء‬
‫العميل وذلك بعد القيام بدراسة وافية الحتياجات العمالء‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة قيام مسئولو التسويق البنكي بالمعايشة الكاملة للبيئة االقتصادية واالجتماعية التي يعمل بها‬
‫البنك‪ ،‬مع استخدام المنهج العلمي في تحليل قدرات العمالء المالية وتحديد احتياجاتهم وتصميم مزيج الخدمات‬
‫البنكية الذي يتالءم معهم من خالل استخدام أساليب وأدوات ابتكارية غير تقليدية سواء في نوعية أو وسيلة تقديم‬
‫الخدمة‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق التكامل بين الوظائف التسويقية المختلفة والوظائف البنكية األخرى‪ ،‬ألن أي انفصام بينهما أو‬
‫تعارض يؤثر على وحدة الرؤية ووضوح المهام‪ ،‬وبالتالي لن يؤدى إلى تحقيق األهداف المرجوة‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك يتسع المفهوم الحديث للتسويق ليستوعب مهام التخطيط والتنظيم والتوجيه والمتابعة لتدفق وانسياب‬
‫الخدمات البنكية عبر شبكة متكاملة من فروع البنك بغرض تلبية واشباع رغبات العمالء المستهدفين‪.‬‬
‫‪ ‬تضطلع إدارة التسويق البنكي بمسئولية اختيار مواقع فروع البنك والتي تخضع لمجموعة من العوامل‬
‫واالعتبارات التسويقية‪ ،‬من أهمها قدرة الفرع على خدمة عمالء البنك الحاليين والمرتقبين ومنافسة فروع البنوك‬
‫األخرى في نفس المنطقة الجغرافية‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر التسويق البنكي الحديث أداة تحليلية هامة في فهم النشاط البنكي ومعاونة العاملين بالبنك في رسم‬
‫السياسات ومراقبة ومتابعة العمل البنكي‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك يقع في إطار المفهوم الحديث للتسويق البنكي العديد من المهام التي تعمل على موازنة النشاط‬
‫البنكي والحد من مخاطر االختالل في هذا التوازن ومن أهمها دراسة سلوك العمالء واتجاهاتهم‪ ،‬واختيار مواقع‬
‫الفروع وتوزيع الخدمات البنكية عليها‪ ،‬فضال عن الترويج واالتصال والنشر واإلعالن عن الخدمات البنكية وذلك‬
‫من خالل كافة الوسائل اإلعالنية بما فيها الوسائل الحديثة مثل شبكة اإلنترنت وماكينات الصرف اآللي‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك من وظائف التسويق البنكي الحديث المساهمة في تسعير الخدمات البنكية‪.‬‬
‫‪ ‬القيام ببحوث السوق وجمع وفحص وتحليل تطورات السوق واتجاهاته‪.‬‬
‫‪ ‬مراقبة ومتابعة المعلومات المرتدة من السوق البنكي والتي تتضمن قياس انطباعات العمالء عن‬

‫‪173‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫مزيج الخدمات المقدمة ومدى تقبلهم له ورضاهم عنه وتحديد األوجه اإليجابية والسلبية التي يتعين االستفادة‬
‫منها‪.‬‬
‫‪ ‬تهيئة بيئة بنكي ة مناسبة للعمالء تمكن البنك من االحتفاظ بهم من خالل االهتمام بتحسين االنطباع‬
‫البنكي لدى العميل عن طريق انتقاء من يتعامل مع العمالء ممن تتوافر فيهم بعض الصفات الشخصية المميزة‬
‫مثل اللباقة والذكاء والثقة والكفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬تمثل شبكة ف روع البنك أحد أهم عناصر المزيج التسويقي التي تتوقف عليها كفاءة وفاعلية األداء‬
‫التسويقي‪ ،‬حيث أصبحت الفروع مطالبة بتوليد أنواع جديدة من الخدمات وتسويقها للعمالء‪ ،‬مع التركيز على‬
‫أهمية تدعيم وسائل االتصال الشخصي وتكثيف الحوار المتبادل مع العمالء‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أهمية التسويق البنكي‬

‫لم يعد التسويق نشاطًا ساكناً‪ ،‬كما كان من بداية الثورة الصناعية وحتى الستينات‪ ،‬فقد جاء خبراء‬
‫التسويق‪ ،‬بمفاهيم وسياسات واستراتيجيات في غاية األهمية‪ ،‬هدفها الدخول إلى األسواق الكبرى والمتنامية مما‬
‫أدى إلى تعاظم عددها‪ ،‬وتكاثر اختصاصاتها‪ ،‬بتنوع السلع والخدمات‪ ،‬وتغير أذواق المستهلكين في عالم يتسم‬
‫بمنافسة شديدة وقاسية‪ ،‬جعلت رجال األعمال والمال يبتكرون وسائل للتأثير في المستهلك‪ ،‬ودفعه للتسوق‬
‫‪1‬‬
‫والشراء‪.‬‬

‫فال يوجد نشاط في مثل أهمية التسويق‪ ،‬وال يوجد بنك يمارس نشاطه بنجاح من دون وجود هذه الوظيفة‬
‫لديه فالتسويق البنك ي‪ ،‬يمثل الروح المبدعة ذات القوة الدافعة‪ ،‬لتوليد الحافز على الخلق واإلبداع والتحسين‬
‫والتطوير واالمتياز‪ ،‬وهو يشمل جهودًا متعددة‪ ،‬يقوم بها رجال التسويق‪ ،‬ويتم تقديمها في البنوك بالشكل‬
‫المطلوب بما يكفل للزبون تدفقا وانسيابا في الخدمات البنكية‪ ،‬بسهولة ويسر وكفاءة وفاعلية‪.‬‬

‫كما يحتل التسويق البنكي بصفة عامة‪ ،‬مكانة مهمة في الهيكل الوظيفي للمؤسسة البنكية‪ ،‬نتيجة لتحمله‬
‫مسؤولية مواجهة المشاكل التسويقية‪ ،‬التي يتمثل أهمها في افتتاح فروع جديدة للبنك‪ ،‬أو تقديم خدمات بنكية‬
‫جديدة لزبائنه‪ ،‬أو استثمار أموال ه في مشروعات معينة‪ ،‬تتطلب إجراء دراسات تسويقية لها‪ ،‬ضف إلى ذلك دراسة‬
‫المستهلك ورغباته ودوافعه وكيفية إشباعها من الناحية البنكية‪ ،‬وضمان استمرار تعامله مع المصرف واإلشهار‬
‫عن تلك الخدمات والترويج لها‪ ،‬بتوظيف اإلمكانيات اإلعالمية المختلفة‪ ،‬باإلضافة إلى تبنى مناهج علمية تعمل‬
‫على اكتشاف الزبائن وايجاده وفق مناهج تسويقية متقدمة تحتاج إلى الوعي بها وادراكها بشكل علمي رشيد‪.‬‬

‫‪ 1‬بن نافلة يدور‪ ،‬عرابة رابح‪ ،‬التسويق البـنكي و قدرته على إكسـاب البنوك الجزائرية ميزة تنافسية‪ ،‬ملتقى شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫وتزداد أهمية التسويق يومًا بعد يوم وتنمو بمعدالت سريعة لحظة بلحظة‪ ،‬بل تتأكد أيضاً أهمية التسويق‬
‫البنكي ودوره الفعال في المؤسسات المالية وفى البنوك بصفة خاصة من خالل األنشطة المختلفة التي يقوم بها‬
‫داخل وخارج البنك‪ ،‬وبالشكل الذي ينعكس إيجابيا على تحقيق االستقرار المالي والبنكي الذي يدعم مركز البنك‬
‫ودوره في سوق المال‪ ،‬وفى النمو المتوازن للعمليات والمعامالت البنكية كما وكيفاً والتوسع في الخدمات البنكية‬
‫واالنتشار في عدد الفروع والوكاالت‪ ،‬وكذلك الربحية المثلى القائمة على تنويع وتوزيع المخاطر والتحوط الكامل‬
‫من حدوثها باستخدام اإلمكانيات واألدوات المتوفرة ليصبح التسويق األداة الرئيسة لتفاعل وتفعيل العمل البنكي‪.‬‬

‫لذلك وغيره من العوامل‪ ،‬تطور فكر التسويق البنكي كثي ًار نتيجة لزيادة المعرفة وتراكم الخبرة وتفاعلهما مع‬
‫القدرات اإلبداعية لدى اإلنسان‪ ،‬فصار التسويق مرشدًا‪ ،‬وصانعًا لها وللزبائن المتعاملين مستندًا في ذلك إلى‬
‫مناهجه اإلبداعية االبتكارية التفاعلية المتنامية‪ ،‬حيث ازدادت وتنوعت األنشطة التسويقية في البنوك‪ ،‬بل وأدى‬
‫ذلك أحياناً إلى تعقدها وتشعب جوانبها وأبعادها في ظل المتغيرات والظروف المحلية والعالمية التي تعيشها‬
‫البنوك اليوم فأصبح من ا لضروري إحاطة العاملين في البنوك أيًا كان موقعهم والعمل المنوط بهم بعلم التسويق‬
‫البنكي وفهم الوظيفة التسويقية للبنك فهمًا تاماً يشمل جوانبها وأبعادها المتعددة وأصولها وقواعدها وأدواتها‬
‫العلمية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬إستراتيجية مواكبة المعايير الدولية‬

‫ففي ظل تأثر الجهاز البنكي بالعولمة ومع تزايد المنافسة المحلية والعالمية‪ ،‬أصبح أي بنك من البنوك‬
‫عرضه للتعرض للعديد من المخاطر التي قد تنشا من العوامل الداخلية التي تتعلق بنشاط البنك وكذلك الخارجية‬
‫الناتجة عن تغير البيئة التي يعمل فيها البنك وعلى وجه الخصوص البيئة العالمية والبيئة المحلية المتأثرة‬
‫بالتغيرات البنكية العالمية لذلك وجب على البنوك الجزائرية مواكبة المعايير الدولية في األداء البنكي‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تدعيم القواعد الرأسمالية‬

‫تحتل قضية رؤوس أموال البنوك أهمية بالغة بوصفها صمام أمان لمواجهة الصدمات واألزمات فضال‬
‫عن أهميتها في تعزيز القدرة االستثمارية للبنك‪ ،‬وتحسين نظام تق ويم المخاطر‪ ،‬وجعل فئاتها ترتبط بالمخاطر‬
‫االقتصادية التي تتعرض لها ال بنوك‪ ،‬ومن ثم فقد اهتمت لجنة بازل بإصدار مشروعها الثاني المتعلق بالكفاية‬
‫رأس المال لوضع قواعد جديدة تعكس حجم المخاطر التي يواجهها العمل البنكي في الوقت الراهن‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من أن االقتراحات الجديدة لم ترفع الحد األدنى لمعدل كفاية رأس المال عن المستوى المعمول به حاليا ‪ %9‬إال‬

‫‪175‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫أن إدراج أنواع جديدة من المخاطر يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في الحجم المطلق لمتطلبات رأس المال‪ .‬وفي‬
‫ضوء ما تقدم فإن البنك المركزي الجزائري ملزم بإلزام كافة البنوك الخاضعة له بزيادة معدل كفاية رأس مالها‪،‬‬
‫وهي خطوة هامة على طريق مواكبة المعاي ير الدولية وتقوية مراكز البنوك الجزائرية‪ ،‬إذ يجب تعزيز هذا االتجاه‬
‫سواء عن طريق بورصة األوراق المالية أو من خالل االندماج‪.‬‬

‫حيث من أهم التحديات التي أصبحت تواجه كل البنوك في العالم ومنها البنوك الجزائرية ضرورة تبني‬
‫المعايير الدولية التي أقرتها لجنة بال في مختلف اجتماعاتها فيما يتعلق بمالءة رأس المال وقواعد الحذر‬
‫وااللتزام بالشفافية‪ ،‬حيث أصبح القائمون على هذه الهياكل ملزمين الحذر واالحتياط ومجابهة هذه اآلثار وذلك‬
‫عن طريق تدعيم رؤوس أموال البنوك واحتياطاتها‪ ،‬كما أصبح لزاما على البنوك االلتزام بالمعايير العالمية في‬
‫هذا الشأن للداللة على متانة مراكزها المالية مما يزيد على تقوية ثقة المتعاملين معه ويقيه من الهزات المالية‬
‫‪1‬‬
‫التي تعصف بالبنوك الضعيفة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تطوير السياسات االئتمانية‬

‫حددت لجنة بازل رؤيتها الخاصة بالرقابة على المخاطر البنكية التي احتلت فيها قواعد منح االئتمان مكانة‬
‫بارزة‪ ،‬وقد اشتملت تلك القواعد على ضرورة كفاية القواعد اإلرشادية لمنح االئتمان‪ ،‬كفاية سياسات تقييم جودة‬
‫األصول‪ ،‬كفاية مخصصات الديون المعدومة‪ ،‬ووضع ضوابط للحد من مخاطر التركز والتي تقدر عادة بنسبة من‬
‫رأس المال تصل إلى ‪ ،%31‬كما اهتمت بوضع ضوابط للحد من مخاطر االقتراض للعمالء ذوي العالقة بالبنك‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬االهتمام بإدارة المخاطر‬

‫في ضوء االنفتاح غير المسبوق الذي شهدته الصناعة البنكية على األسواق المالية العالمية والتطور‬
‫السريع للتقدم التكنولوجي‪ ،‬فضال عن تنامي استخدام االبتكارات المالية‪ ،‬أصبحت الصناعة البنكية ترتكز في‬
‫عملها على فن إدارة المخاطر‪ ،‬والتي ترتكز على أربعة مراحل هي‪:‬‬

‫‪ ‬تعريف المخاطر التي يتعرض لها النشاط البنكي‪.‬‬


‫‪ ‬القدرة على قياس تلك المخاطر بصورة منتظمة من خالل نظام معلوماتي مناسب‪.‬‬
‫‪ ‬اختيار المخاطر التي يرغب البنك في التعرض لها‪.‬‬

‫زيدان محمد‪ ،‬دريس رشيد‪ ،‬متطلبات اندماج البنوك الجزائرية في االقتصاد العالمي‪ ،‬ملتقى شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪176‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬قدرة إدارة البنك على مراقبة تلك المخاطر باستخدام ومعايير مناسبة واتخاذ الق اررات الصحيحة في الوقت‬
‫المناسب‪.‬‬
‫ومن المعروف أن العمل البنكي يتعرض للعديد من المخاطر والمتمثلة في مخاطر االئتمان‪ ،‬السيولة‪،‬‬
‫السمعة‪ ،‬االستثمار‪ ،‬المخاطر االلكترونية‪...‬الخ‪ .‬ونظ ار لتنوع هذه المخاطر وأهمية قياسها فإن البنوك الجزائرية‬
‫ملزمة باتخاذ إجراءات لتحقيق ذلك من خالل ما يلي‪:‬‬

‫العمل على االستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال‪.‬‬


‫العمل على حسن إدارة المخاطر من خالل تحقيق القدرة على قياس كافة أنواعها وانشاء إدارات‬
‫خاصة لوضع ومتابعة السياسات المتعلقة بالمخاطر‪ ،‬وأخرى لمتابعة تنفيذ السياسات االئتمانية الموافق عليها‬
‫وتفعيل دورها بحيث يمكنها توقع المخاطر قبل حدوثها بدال من التعامل معها بأسلوب رد الفعل‪.‬‬
‫تدريب اإلطارات البنكية في هذا المجال‪.‬‬
‫وضع السياسات والقواعد واإلجراءات الكفيلة بإبراز جميع نواحي المخاطر التي يواجهها المصرف في‬
‫عملياته وكيفية حسابها وأساليب التعامل معها‪ ،‬والعمل على تحديثها بشكل مستمر لمواجهة التغيرات في األسواق‬
‫المحلية والعالمية أو التشكيالت اإلدارية في البنك‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬وضع آلية لإلنذار المبكر بالبنوك‬

‫في إطار التوجه لتدعيم سالمة النظام البنكي من قبل المؤسسات المالية الدولية ظهرت الحاجة الماسة‬
‫لتنصيب خلية للتنبؤ المبكر بحدوث األزمات البنكية بالبنوك‪ -‬خاصة عندما يلوح خطر حدوث عدم استقرار‬
‫للنظام ناشئ من القطاع المالي‪ -‬بحيث يمكن تحديد المشاكل المحتملة في وقت مبكر من اتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة إلجهاض األزمة أو التخفيف من حدتها‪ ،‬وبهذا الخصوص ويمكن إعطاء بعض التوصيات التي يمكن‬
‫أخذها بعين االعتبار عند إنشاء خلية اإلنذار المبكر تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬توفير نظام اتصاالت جيد لجمع المعلومات واتاحتها في الوقت المناسب وتحليلها التخاذ الق اررات في‬
‫ضوء تصور شامل للوضع داخل الجهاز البنكي‪.‬‬
‫‪ ‬استخدام األساليب اإلحصائية والرياضية التي يمكن من خاللها التنبؤ بحدوث المخاطر في ضوء‬
‫ظروف كل بنك‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬استخالص الدروس من األزمات السابقة التي حدثت ببعض الدول والعمل على تجنب األخطاء التي‬
‫وقعت فيها‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تفعيل دور البنك المركزي لتطوير أداء الجهاز البنكي‬

‫يعد تطوير الجهاز البنكي أحد األهداف الرئيسية التي توليها الدولة أهمية قصوى في وقتنا الحاضر‬
‫باعتبار أنه مسألة مصيرية في مستقبل االقتصاد‪ ،‬لذا فإننا ال يمكن أن نغفل الدور الذي يمكن أن تلعبه الدولة‬
‫ومؤسساتها المختلفة وباألخص البنك المركزي في تفعيل هذا التطوير وهو ما سنوضحه فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تهيئة المناخ التشريعي ليتالءم مع المستجدات على الساحة البنكية الدولية خاصة في ظل‬
‫العولمة والتحرر االقتصادي العالمي‪ ،‬وفى هذا اإلطار يجب العمل على ما يلي‪:‬‬
‫سن التشريعات الخاصة بنظم الدفع اإللكترونية التي تنظم العالقة بين أطراف العملية‪.‬‬
‫دراسة تأسيس هيئة لإلشـراف علـى توثيـق التوقيـع اإللكترونـي وفـض أيـة ن ازعـات قـد تنشـأ‬
‫ب ــين البن ــوك وعمالئه ــا‪ ،‬فض ــال ع ــن د ارس ــة إنش ــاء دوائ ــر متخصص ــة للنظ ــر ف ــي ن ازع ــات بطاق ــات‬
‫االئتمان‪.‬‬
‫‪ ‬يؤمن المنافسة السليمة ضمن القطاع البنكي‪.‬‬
‫‪ ‬يشرف على زيادة فاعلية القطاع في تمويل حاجيات االقتصاد بأقل كلفة‪.‬‬
‫‪ ‬يراقب عمليات البنوك ويدقق فيها ويتأكد من سالمة أوضاع كل مصرف من ناحية المالءة‬
‫والسيولة‪.‬‬
‫‪ ‬يؤمن الشفافية في العمليات التمويلية وفي أداء القطاع البنكي‪.‬‬
‫‪ ‬يحث الجهاز البنكي على تطوير أنواع خدماته وعلى إنشاء شركات مالية متخصصة في‬
‫بعض تلك الخدمات مثل التأجير (‪ )Leasing‬أو إصدار القيم المنقولة والترويج لها لدى الجمهور‪.‬‬
‫‪ ‬يقدم المشورة إلى الدولة في كل ما يتعلق بتقنيات وأساليب تحرير االقتصاد حسب‬
‫مقتضيات االنضمام إلى منظمة التجارة العالمية والشراكة األورو متوسطية‪.‬‬
‫‪ ‬يقدم المشورة إلى الدولة في تطوير قنوات مالية جديدة ووضعها في خدمة التنمية المحلية‬
‫والقطاعات اإلنتاجية ( قنوات شركات الضمان ومؤسسات التقاعد وانشاء سوق لألسهم والسندات)‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫‪ ‬يعمل من أجل تطوير سوق نقدية يبدأ بسوق ما بين البنوك والشركات المالية ويتطور‬
‫ليشمل مؤس سات مالية أخرى‪ ،‬مثل شركات الضمان أو مؤسسات تجارية لديها فائض سيولة على‬
‫المدى القصير‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير وتقوية الدور الرقابي واإلشرافي لبنك الجزائر على البنوك ليتالءم مع المخاطر‬
‫العديدة التي أصبحت تتعرض لها البنوك في ظل إقبالها المتزايد على تقديم المنتجات البنكية‬
‫المس تحدثة‪ ،‬بحيث تتم عملية التطوير في ضوء المبادئ الرقابية التي صدرت عن لجنة بازل‬
‫عام‪3002‬م وما ط أر عليها من تعديالت‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على تدعيم قواعد المحاسبة والمراجعة بالبنوك‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة قيام البنك المركزي بتوفير الكوادر الفنية الالزمة كما وكيفا لتحليل البيانات الواردة‬
‫من ا لبنوك من ناحية والوفاء باحتياجات التفتيش الميداني الدقيق والمستمر على جميع وحدات‬
‫الجهاز البنكي من ناحية أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على إنشاء فروع للبنك المركزي بكافة المناطق وذلك لإلسراع في إنجاز المعامالت‬
‫بالسرعة المطلوبة وممارسة الرقابة واإلشراف على البنوك بالدقة الكافية‪.‬‬
‫‪ ‬أخي اًر ال بد من التذكير بأن على البنك المركزي أن يكون فاعالً أيضا في تقوية الجو‬
‫االستثماري العام في البالد خاصة لجلب مدخرات المواطنين المهاجرين والحلول دون خروج‬
‫االدخار وأرباح القطاعات اإلنتاجية إلى أسواق المال الخارجية‪.‬‬
‫إن تحديث الجوانب التقنية في ع ملية إصالح البنوك هامة جدا وصعبة وتتطلب جهود مستمرة ومنتظمة‪،‬‬
‫كما أن خلق سلطة نقدية ذات مصداقية واستقاللية يعد المناخ المالئم لنشاط البنوك‪ ،‬ونظ ار لمحدودية فعالية‬
‫السياسة النقدية قبل فترة التسعينات لم يكن للبنك المركزي دو ار يذكر‪ ،‬بل كان مجرد وسيلة بين يدي الخزينة‬
‫العمومية وهذا ما أدى إلى زيادة مفرطة للكتلة النقدية والى تغذية التضخم هذه االنعكاسات السلبية أدت إلى‬
‫ضرورة القيام بعملية واسعة على مستوى النظام المالي والنقدي ككل في إطار تطبيق سياسة نقدية هادفة في ظل‬
‫التعامل مع صندوق النقد الدولي‪ ،‬وهذا ما سنحاول الب حث فيه من خالل الفصل الموالي والذي يتطرق إلى‬
‫انعكاسات سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪2666‬م ـ‪ 3021‬م)‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين االشتراكية وسياسات التحرير المالي‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫تميز النظام البنكي الجزائري قبل االستقالل بوجود عدد من البنوك موزعة عبر كافة التراب الوطني والتي‬
‫أقامها االحتالل الفرنسي‪ ،‬أما بعد االستقالل ورثت الجزائر نظاما بنكيا واسعا مملوكا للرأس المال الفرنسي القائم على‬
‫أساس نظام االقتصاد اللبرالي‪ .‬ويتسم النظام المالي في الجزائر بأنه نظام تمويل موجه نحو البنوك يغلب عليه صيغ‬
‫التمويل غير المباشرة وهذا هو اقتصاد االستدان ة‪ ،‬ونظ ار لما أظهره هذا النمط التمويلي من عيوب وعلى غرار الدول‬
‫النامية األخرى تقوم الجزائر بإصالح مالي لزيادة االعتماد على قوى السوق والحوافز الخاصة في مجال الوساطة‬
‫المالية لتتبني سياسة التحرير المالي والتخلص من كل أشكال الكبح‪ .‬فبالرغم من اإلصالحات المطبقة‪ ،‬فقد كانت‬
‫البنوك الجزائرية تفتقد إلى الخبرة للنهوض باألعمال البنكية التي تتميز بالفاعلية‪.‬‬

‫ففي المرحلة األولى ‪2261‬م‪ 2247-‬م تميز الجهاز البنكي بعمليات التأميم واسترجاع السيادة النقدية وابتداء‬
‫من ‪ 2272‬م أدخلت إصالحات جذرية تتمحور حول تعريف محكم للعالقة مع القطاع العام في إطار التخطيط‬
‫المركزي‪ ،‬وبالفعل أصبح الجهاز البنكي أداة في يد الدولة لتمويل المؤسسات العمومية من خالل منح قروض قصيرة‬
‫ومتوسطة األجل بأسعار فائدة ال عالقة لها بقانون العرض والطلب‪ .‬وفي المرحلة الثانية من سنة ‪2246‬م إلى غاية‬
‫اليوم تعاقبت عدة إصالحات سنة ‪ 2246‬م‪ ،‬ثم قانون استقاللية المؤسسات العمومية سنة ‪2244‬م‪ ،‬وبعدها قانون النقد‬
‫والقرض الصادر في سنة ‪ 2220‬م الذي يعتبر إطا ار تشريعيا ودعامة أساسية للتوفيق بين أجهزة اإلنتاج‪ ،‬وحدد دور‬
‫النظام البنكي في التنظيم الجديد لالقتصاد الوطني‪ ،‬وعليه هذا القانون يشكل األساس الالزمة للتنظيم النقدي‬
‫لالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫فكانت الدعوة إلى االنفتاح االقتصادي في ظل سياسة التحرير البنكي لها من مبررات أبرزها تأثي ار العولمة‬
‫المالية وعولمة النشاط البنكي ‪ ،‬وأيضا التطور التكنولوجي خاصة تكنولوجيا اإلعالم واالتصال وتوسع استخداماتها في‬
‫المجال البنك ي‪ ،‬وبروز تأثير اتفاقية تحرير الخدمات بما في ذلك الخدمات المالية والبنكية واتفاقية بازل ومقرراتها‪،‬‬
‫فأصبح االنشغال الرئيسي للقائمين على النظام البنكي لمواجهة تلك التحديات والتخفيض من تداعياتها وآثارها السلبية‬
‫وتعظم مكاسبها االيجابية‪ ،‬وذلك بتبني إستراتيجية قوية للتحرر البنكي وانفتاح الخدمات البنكية على االقتصاد‬
‫العالمي في ظل مواجهة فلسفة البنوك الشاملة والتوجه نحو االندماج لتكوين الكيانات البنكية الكبيرة ومواجهة منافسة‬
‫البنوك الكبرى‪ ،‬والعمل على تحديث وعصرنة آليات عمل البنوك الجزائرية واالستفادة من تطبيقات تكنولوجيا‬
‫الصناعة البنكية ‪ ،‬وهذا إلكمال مسار إصالحات الجيل الثاني للجهاز البنكي الجزائري‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تعد الجزائر من بين أولى البلدان النامية التي تهدف إلى تحقيق التوازنات الكلية وتحسين ميزان المدفوعات‬
‫وكسر حاجز الركود والكساد‪ ،‬فقامت بإصالحات ه يكلية على جميع المستويات‪ ،‬بدأت اإلصالحات مع بداية‬
‫الثمانينات‪ ،‬ولكن في كل مرة كانت تواجه صعوبات ونقائص تعمل على عدم بلوغ األهداف المسطرة وهذا ما‬
‫دفع بالسلطات العمومية الجزائرية وألول مرة للتعامل مع المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي‪ ،‬البنك‬
‫العالمي) سنة ‪2696‬م ‪ ،‬وابتداء من هذا التاريخ عقدت الجزائر عدة اتفاقيات تثبيت وتوجهت في األخير لبرنامج‬
‫التعديل الهيكلي‪.‬‬
‫لتأتي األلفية الثالثة والتي سطرت فيها الحكومة برامج لإلنعاش االقتصادي‪ ،‬ولقد كان للسياسة النقدية‬
‫نصيب كبير وواسع لهذه اإلصالحات من خالل صدور عدة قوانين وأوامر تسعى في مجملها إلى محاولة إرساء‬
‫دعائمها وجعلها كأداة أساسية لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية العامة للدولة‪.‬‬
‫ولكن ونظ ار لمحدودية فعالية السياسة النقدية قبل فترة التسعينات لم يكن للبنك المركزي دو ار يذكر بل كان‬
‫مجرد وسيلة بين يدي الخزينة العمومية وهذا ما أدى إلى زيادة مفرطة للكتلة النقدية والى تغذية التضخم هذه‬
‫االنعكاسات السلبية أدت إلى ضرورة القيام بعملية واسعة على مستوى النظام المالي والنقدي ككل‪ ،‬والتي أسفرت‬
‫على صدور قانون النقد والقرض رقم ‪ 20- 60‬الذي غير النظام البنكي تغيي ار جذريا وأدخل عليه تعديالت‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫لذلك ولفهم أداء السياسة النقدية في الجزائر سنحاول التطرق إلى الواقع النقدي في ظل هذه السياسات‬
‫اإلصالحية‪ ،‬ومن اجل ذلك سيتم التطرق في هذا الفصل إلى اإلطار النظري للسياسة النقدية من خالل التطرق‬
‫إلى تعريفها‪ ،‬أهدافها وكيفية تجسيد أدواتها في تحقيق االستقرار النقدي‪ ،‬ثم نتطرق إلى مسار السياسة النقدية‬
‫وأدائها ابتداء من قانون النقد والقرض رقم ‪ ،20/60‬بتتبع مسارها خالل الفترة (‪ ،)2666-2660‬ثم الفترة‬
‫(‪ )3021-3000‬وفى األخير نتطرق إلى تقييم ألداء السياسة النقدية في تحقيق األهداف االقتصادية الكلية‬
‫المتمثلة في معالجة التضخم‪ ،‬التشغيل‪ ،‬النمو االقتصادي وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الجوانب النظرية للسياسة النقدية‬


‫تمثل السياسة النقدية أداة هامة من أدوات السياسة االقتصادية العامة‪ ،‬التي تستخدمها الدولة بواسطة‬
‫سلطاتها النقدية للتأثير على عرض النقود ومعدالت الفائدة‪ ،‬بما يتماشى ومستوى النشاط االقتصادي‪ .‬وقد‬
‫تطورت السياسة النقدية بشكل سريع مع تطور الفكر االقتصادي‪ ،‬إذ تبلورت معالمها بإعطائها مفهوما محددا في‬
‫أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬عندما انحصر دورها في المحافظة على العرض النقدي من خالل ضبط استقرار‬
‫األسعار داخل االقتصاد الوطني‪ ،‬واستمر الوضع كذلك إلى غاية ظهور الفكر الكينزي‪ ،‬الذي اعتبر النقد عنصر‬
‫أن للسياسة النقدية تأثي ار على مستوى النشاط االقتصادي‪ ،‬رغم أنها تأتي في المرتبة الثانية‬
‫نشط في االقتصاد‪ ،‬و ّ‬
‫بعد السياسة المالية‪ .‬ومع مطلع الخمسينيات ظهر فكر النقديين بزعامة االقتصادي األمريكي "ميلتون فريدمان"‪،‬‬
‫الذي أثبت فعالية السياسة النقدية في تحقيق أهداف السياسة االقتصادية وادراك االستقرار االقتصادي‪ .‬وسنحاول‬
‫من خالل هذا المبحث معرفة اإلطار النظري للسياسة النقدية من خالل التطرق إلى تعريفها‪ ،‬أسسها وأنواعها‬
‫باإلضافة إلى معرفة أهدافها وفي األخير نتطرق إلى مختلف أدواتها ومتطلبات فعالية هذه األدوات لتحقيق‬
‫االستقرار النقدي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬السياسة النقدية تعريفها وأسسها‬


‫تعد السياسة النقدية من أهم السياسات االقتصادية الكلية الخاصة بتحقيق االستقرار والتوازن االقتصادي‬
‫العام‪ ،‬وللوقوف على ذلك نتطرق إلى تعريف السياسة النقدية وأسسها‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف السياسة النقدية‬
‫لقد تعددت تعاريف السياسة النقدية نذكر منها‪:‬‬
‫التعريف األول ‪ :‬المقصود بالسياسة النقدية هي تنظيم كمية النقود المتوفرة في المجتمع بغرض تحقيق أهداف‬
‫السياسة االقتصادية المت مثلة في تحقيق التنمية االقتصادية وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات والمحافظة‬
‫‪1‬‬
‫على استقرار المستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫التعريف الثاني ‪ :‬فهي مجموعة اإلجراءات والتدابير المتعلقة بتنظيم عمليات اإلصدار النقدي والرقابة على‬
‫‪2‬‬
‫االئتمان‪.‬‬
‫التعريف الثالث‪ :‬هـي مجموعة من القواعد والوسائل واإلجراءات والتدابير التـي تقوم بها السلطة النقدية‬

‫‪1‬‬
‫ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3009 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫خبابة عبد اهلل‪ ،‬االقتصاد المصرفي‪ ،‬البنوك االلكترونية‪ ،‬البنوك التجارية‪ ،‬السياسة النقدية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬الجزائر‪ ،3009 ،‬ص‪.266‬‬

‫‪183‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫للتأثير(التحكم) في عرض النقود بما يتالءم مع النشاط االقتصادي لتحقيق أهداف اقتصادية معينة خالل فترة‬
‫‪1‬‬
‫زمنية معينة‪.‬‬
‫التعريف الرابع‪ :‬هي مجموع الق اررات التي تتخذها السلطات النقدية لتغيير عرض النقود ومعدل الفائدة بما يؤثر‬
‫‪2‬‬
‫على المستوى العام لألسعار والدخل الوطني‪.‬‬
‫التعريف الخامس‪ :‬هي السياسة النقدية ذات العالقة الوطيدة بالنقد وبالجهاز البنكي وخاصة منه ما تعلق‬
‫بسياسة االئتمان أو هي السياسة التي تعني إدارة التوسع واالنكماش في حجم النقد بغية الحصول على أهداف‬
‫‪3‬‬
‫معينة‪ ،‬وهي سياسة الحكومة والبنك المركزي بالنسبة لخلق النقود‪.‬‬
‫التعريف السادس‪ :‬يقصد بالسياسة النقدية مجموع اإلجراءات النقدية والبنكية التي تستهدف مراقبة حجم النقد‬
‫المتوفر في االقتصاد الوطني‪ ،‬وبالتالي فهي تعني العمل الموجه للتأثير في النقد واالئتمان وكذلك االقتراض‬
‫الحكومي أي حجم وتركيب الدين الحكومي‪.4‬‬
‫ومن التعاريف السابقة يمكننا استخالص‪ ،‬أن ال سياسة النقدية فهي مجموعة من اإلجراءات والتدابير‬
‫واألساليب التي تتخذها السلطة النقدية المتمثلة في البنك المركزي بهدف التحكم في الكتلة النقدية أو المعروض‬
‫النقدي من أجل تحقيق التوازن االقتصادي الكلي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أسس السياسة النقدية‬
‫تختلف أسس السياسة النقدية تبعا الختالف مستويات التقدم والتطور والنظم االقتصادية واالجتماعية‬
‫للمجتمعات المختلفة‪ .‬ففي الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة تتركز هذه السياسات في المقام األول في‬
‫المحافظة على التشغيل الكامل لالقتصاد في إطار من االستقرار النقدي الداخلي‪ ،‬وفي مواجهة التقلبات‬
‫االقتصادية المختلفة‪ ،‬وتتبع هذه الدول في هذا الصدد بعض السياسات النقدية الكمية كحتمية السوق المفتوح أو‬
‫تعديل سعر الفائدة أو تغيير نسبة االحتياطي لدى البنوك و غيرها كالتأثير في االئتمان االستهالكي أو االئتمان‬
‫أل عراض المضاربة وغيرها‪ ،‬إال أن السياسات النقدية ال تعد كافية في تحقيق هذه األهداف مما قلل من أهميتها‬
‫وزاد من االعتماد على السياسات الماليـة في هذا الصدد ذلك ألن هناك حدود ال تتجاوزها الدولة في مجال‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬السياسات االقتصادية‪ ،‬تحليل كلي وجزئي‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬القاهرة‪ ،2661 ،‬ص‪.391‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Alexis Jacquemin et l'autres, fondements de l'économies analyse macro-économique et analyse économiques‬‬
‫‪internationale, édition payes bleues internationales, paris, 2001, p 86.‬‬
‫‪3‬‬
‫خيضر عباس المعمر‪ ،‬التقلبات االقتصادية بين السياسة المالية والنقدية‪ ،‬دراسة تحليلية موجزة في إطار النظرية الكنزية‪ ،‬عمادة شؤون المكتبات‪،‬‬
‫الرياض‪ ،2690 ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ 4‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬السياسات النقدية والمالية وأداء سوق األوراق المالية‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،1424 ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪184‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪1‬‬
‫خفض أسعار الفائدة أو زيادة عرض النقود وغيرها من الوسائل األخرى‪.‬‬
‫أما الدول السائرة في طريق النمو فان أسس السياسة النقدية تكمن في األهداف األساسية لسياستها‬
‫االقتصادية ومنها السياسة النقدية التي تنحصر في خدمة أهداف التنمية وتوفير التمويل الالزم لها‪ ،‬ويحد من‬
‫دور ال سياسات النقدية في توفير الموارد المالية اختالل الهيكل اإلنتاجي لتلك الدول خصوصا عنصر العمل‬
‫الفني وتخلف النظام البنكي القائم وقلة تأثيره ونطاقه فضال عن قلة المؤسسات المالية غير البنكية وضيق‬
‫األسواق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع السياسة النقدية‪.‬‬


‫تنقسم السياسة النق دية التي تتبعها السلطات النقدية إلى نوعين هما‪ :‬سياسة نقدية توسعية وسياسة نقدية‬
‫انكماشية وكل واحدة منهما تهدف إلى تحقيق المستويات المقبولة من االستقرار النقدي وسنحاول توضيح ذلك‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬سياسة نقدية توسعية‬
‫السياسة النقدية التوسعية هي السياسة الت ي تتبعها السلطات النقدية إذا مر اقتصادها بظاهرة االنكماش‬
‫حيث يحدث تباطؤ في الطلب على السلع والخدمات وتتفاوت عن العرض فيحدث ما يسمى باالنكماش أي‬
‫العرض أكثر من الطلب‪ 2،‬مما يدفع بالسلطات النقدية إلى التدخل بزيادة حجم السيولة المتداولة في السوق‬
‫إلعادة التوازن بين العرض والطلب‪ ،‬وتضييق الفجوة االنكماشية من خالل إتباع إحدى أدوات السياسة النقدية‬
‫كتخفيض سعر إعادة الخصم‪ ،‬تخفيض نسبة االحتياطي اإللزامي ودخول البنك المركزي مشتريا لألوراق المتداولة‬
‫في السوق المالي‪.‬‬
‫وبالتالي فإ ن هدف السياسة النقدية في حالة االنكماش هو زيادة االتجاه نحو خفض أدوات نقدية وخلق‬
‫المعروض النقدي‪ ،‬وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات‪ ،‬أل ن زيادة كمية النقود يؤدي إلى خفض القوى‬
‫االنكماشية في االقتصاد الوطني‪ ،‬ويمكن أن يؤدي ذلك إلى المحافظة على استمرار ارتفاع الناتج الوطني وعدم‬
‫حدوث تقلبات سعرية عنيفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي ‪ ،‬محاضرات في النظريات والسياسات النقدية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ط ‪ ،3‬الجزائر‪ ،3009 ،‬ص ‪222‬‬
‫‪2‬‬
‫زاهر عبد الرحيم عاطف‪ ،‬إدارة العمليات النقدية والمالية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الراية للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،3009 ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪185‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سياسة نقدية انكماشية‬


‫لما يمر اقتصادها بظاهرة التضخم‪ ،‬حيث يكون الطلب أكثر من‬
‫تتبع السلطات النقدية هذه السياسة ّ‬
‫العرض‪ ،‬ويكون الهدف من هذه السياسة تخفيض حجم السيولة المتداولة داخل االقتصاد من خالل إتباع إحدى‬
‫أدوات السياسة النقدية كرفع سعر إ عادة الخصم‪ ،‬رفع نسبة االحتياطي اإللزامي ودخول البنك المركزي بائعا‬
‫لألوراق المتداولة في السوق المالي‪.‬‬
‫وبالتالي فان هدف السياسة تجاه التضخم هو الحد من خلق أدوات نقدية أي الحد من خلق النقود و‬
‫تخفيض المعروض النقدي‪ ،‬وبالتالي يتم الحد من إنفاق األفراد والهيئات على شراء السلع والخدمات‪ ،‬ويالحظ انه‬
‫في نفس الوقت الذي يتم فيه تخفيض عرض النقود‪ ،‬بتقليل كمية النقود من خالل تقييد االئتمان‪ ،‬يتم أيضا رفع‬
‫‪1‬‬
‫سعر الفائدة‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى خفض معدل التضخم النقدي في الغالب‪.‬‬
‫ويرى البعض أن أي سياسة نقدية ناجحة هي التي ال تندفع نحو إحداث التضخم في مرحلة ثم عالجه في‬
‫مرحلة اخرى‪ ،‬بل السياسة النقدية المتوازنة هي التي تعمل على الحفاظ أو المحافظة على معدل تزايد ثابت لنمو‬
‫المعروض النقدي‪ ،‬أل ن ذلك هو الذي يحقق استقرار مستوى األسعار‪ ،‬باعتبار أن المعروض النقدي هو المحدد‬
‫الرئيسي لكل من المستوى ال عام لألسعار‪ ،‬باعتبار أن المعروض النقدي هو المحدد الرئيسي لكل من المستوى‬
‫العام لألسعار ومستوى الناتج الوطني والتوظيف أو العمالة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف السياسة النقدية‬
‫ترمي السياسة النقدية إلى تحقيق أهداف عديدة تمس جوانب مختلفة‪ ،‬فمن ناحية تهدف إلى التأثير عل ى‬
‫عرض النقود إليجاد التوسع أو االنكماش في حجم القوة الشرائية للمجتمع‪ ،‬فالهدف من زيادة القدرة الشرائية هو‬
‫تنشيط الطلب االستهالكي واالستثماري وزيادة اإلنتاج وتخفيض البطالة‪ ،‬والعكس يؤدي تخفيض القوة الشرائية‬
‫والذي بدوره يؤدي إلى الحد من التوسع في اإلنتاج‪.2‬ويمكن تقسيم أهدافها إلى ثالثة أهداف والتي سنتطرق إليها‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األهداف األولية‬
‫وهي متغيرات يحاول البنك المركزي أن يتحكم فيها للتأثير على األهداف الوسيطية‪ 3،‬وتتكون من‬
‫مجموعتين من المتغيرات‪ ،‬المجموعة األولى وهي مجمعات االحتياطات‪ ،‬أما المجمـوعة الثانية فهي تتعلـق‬

‫‪1‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬السياسات االقتصادية‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.222 ،223‬‬
‫‪3‬‬
‫صالح مفتاح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،3001 ،‬ص ص ‪.231 ،231‬‬

‫‪186‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫بظروف سوق النقد وسوف نتعرض لمكونات كل مجموعة على حدي وذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬مجمعات االحتياطات النقدية‪ :‬وتتضمن القاعدة النقدية ومجموع احتياطات البنوك واحتياطات الودائع الخاصة‬
‫واالحتياطات غير المقترضة‪.‬‬
‫‪ .1.1‬القاعدة النقدية‪ :‬تتكون من النقود المتداولة لدى الجمهور واالحتياطات البنكية‪ ،‬كما أن النقود المتداولة‬
‫تضم األوراق النقدية والنقود المساعدة‪.‬‬
‫‪ .0.1‬االحتياطات البنكية‪ :‬تشمل ودائع البنوك لدى البنك المركزي وتضم االحتياطات اإلجبارية واالحتياطات‬
‫اإلضافية والنقود الحاضرة في خزائن البنك‪.‬‬
‫‪ .0.1‬االحتياطات المتوفرة للودائع الخاصة‪ :‬فهي تمثل االحتياطات اإلجمالية مطروحا منها االحتياطات‬
‫المقترضة (كمية القروض المخصومة)‪.‬‬
‫‪ .0‬ظروف سوق النقد‪ :‬وهي المجموعة الثانية من األهداف األولية وتحتوي على االحتياطات الحرة ومعدل‬
‫األرصدة البنكية وأسعار الفائدة األخرى في سوق النقد التي يمارس البنك المركزي عليها رقابة قوية‪.‬‬
‫‪ .1.0‬االحتياطات الحرة ‪ :‬تمثل االحتياطات الفائضة للبنوك لدى البنك المركزي مطروحا منها االحتياطات التي‬
‫اقترضتها هذه البنوك من البنك المركزي وتسمى صافي االقتراض‪.‬‬
‫‪ .0.0‬معدل األرصدة البنكية‪ :‬هو معدل االقتراض للبنوك بعضها البعض لمدة يوم أو يومين‪.‬‬
‫‪ .0.0‬أسعار ا لفائدة األخرى في سوق النقد‪ :‬استعملت ظروف سوق النقد كأرقام قياسية مثل معدالت الفائدة‬
‫على أذونات الخزانة واألوراق التجارية ومعدل الفائدة التي تفرضه البنوك على أفضل العمالء ومعدل الفائدة على‬
‫قروض البنوك فيما بينها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األهداف الوسيطية‬
‫يقصد بها المت غيرات النقدية التي من المفروض أن يسمح ضبطها وتنظيمها ببلوغ األهداف النهائية هذه‬
‫‪1‬‬
‫األهداف يمكن أن تعتبر كمؤشرات يكون تغيرها عاكسا لتغيرات الهدف النهائي المتعلق باستقرار األسعار‪،‬‬
‫وتتمثل هذه األهداف فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬المجمعات النقدية‪ :‬هي عبارة عن مؤشر إحصائية لكمية النقود المتداولة وتعكس قدرة األعوان الماليين‬
‫‪2‬‬
‫المقيمين على اإلنفاق‪ ،‬بمعنى أنها تضم وسائل الدفع لدى هؤالء األعوان‪.‬‬
‫‪ .0‬معدالت الفائدة‪ :‬هو معدل يتقاضـاه البنك المركزي مقابل منح القروض إذا كانت مرتفعـة تؤثـر على‬

‫‪1‬‬
‫وسام مالك‪ ،‬النقود والسياسات النقدية الداخلية‪ ،‬قضايا نقدية ومالية‪ ،‬دار المنهل اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،3000 ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المجيد قدي‪ ،‬المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية دراسة تحليلية تقييمية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3002 ،‬ص‪.91‬‬

‫‪187‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫االستهالك باالنخفاض وبالتالي انخفاض االستثمار وهذا أثر سلبي والعكس صحيح‪ ،‬ويلتزم بالمرونة والتوازن في‬
‫أن واحد‪ ،‬فنرفعه في حالة التضخم ونخفضه في حالة الكساد‪.‬‬
‫فأسعار الفائدة تتجه نحو االرتفاع أو االنخفاض تبعا للوضعية التي يمر بها االقتصاد (الدورة‬
‫االقتصادية)‪ ،‬إضافة إلى أن معدل الفائدة مثلما يمكن أن يستخدم كهدف وسيط يمكن أن يستخدم كقناة إبالغ‬
‫ووسيلة للسياسة النقدية‪.‬‬
‫‪ .0‬سعر الصرف‪ :‬يتخذ سعر الصرف كهدف وسيطي من قبل السلطة النقدية‪ ،‬فانخفاض أسعار الصرف تعمل‬
‫على تحسين ميزان المدفوعات‪ ،‬كما أن استقرار هذا األخير (سعر الصرف) يشكل ضمانا باستقرار وضعية‬
‫البالد اتجاه الخارج‪ ،‬ولهذا تعمل بعض الدول على ربط عملتها بعمالت قوية قابلة للتحويل والحرص على‬
‫استقرار صرف عملتها مقابل تلك العمالت‪ ،‬مما يؤدي إلى عدم القدرة على السيطرة والتحكم في هذا الهدف‪،‬‬
‫مما يدفع السلطات النقدية إلى التدخل في التأثير على سعر الصرف واستعمال ما لديها من احتياطات‬
‫محاولة منها المحافظة على قيمة عملتها اتجاه العمالت التي ترتبط بها‪.‬‬
‫إن المحافظة على مستوى منخفض أكثر للعملة يشجع الضغوط التضخمية ويؤدي إلى إتباع سياسة سهلة‬
‫في األجل القصير‪ ،‬تدفع في المقابل في األجل الطويل إلى إضعاف القدرة الصناعية للدولة واالنخفاض النسب ي‬
‫لمستوى معيشة األفراد‪.‬‬
‫كما يفرض البحث الحفاظ على مستوى مرتفع أكثر على األعوان االقتصاديين ضغطا انكماشيا وهو ما‬
‫يحدث اختفاء بعض المؤسسات غير القادرة على التأقلم وما يبطؤ النمو‪ ،‬وفي األخير يؤدي إلى سياسة متشددة‬
‫يمكن أن تؤدي إلى الفشل‪ 1.‬لذلك فان االقتصاديات التي تتميز بانفتاح قليل على الخارج والتي ترتبط بشريك‬
‫اقتصادي أساسي ال يمكن لها أن تركز جميع األهداف الوسيطة للسياسة النقدية على معدل الصرف ولذلك فان‬
‫الهدف الوسيط الداخلي يبدو ضروريا في هذه الحالة‪ ،‬ألنه في حالة المضاربة على نقد معين إذا لم يكن ذلك‬
‫ألسباب اق تصادية موضوعية يمكن للبنك المركزي أن يستنفذ احتياطاته من العملة الصعبة مقابل الخلق المفرط‬
‫‪2‬‬
‫للنقد الوطني حتى يمكن تداوله محليا‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬األهداف النهائية‬
‫تبدأ إستراتيجية السياسة النقدية بتحديد األدوات النقدية الستخدامها للتأثير على األهداف األولية التي‬
‫اختارتها السلطات النقدية‪ ،‬ثم التأثير على األهداف الوسيطية وذلك من أ جل الوصول إلى األهداف النهائية التي‬

‫‪1‬‬
‫‪Philipe jaffré, Monnaie et politiques monétaires, 4éd, économica ,paris, 1996, P128.‬‬
‫‪2‬‬
‫وسام مالك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.301‬‬

‫‪188‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫ترسمها على ضوء السياسة االقتصادية العامة بشكل عام‪ .‬وعليه نجمل األهداف النهائية للسياسة النقدية فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تحقيق االستقرار في المستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫‪ ‬العمالة الكاملة‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق معدل نمو مرتفع‪.‬‬
‫‪ ‬توازن ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫وسنحاول تناول هذه األهداف بشيء من التفصيل كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬استقرار المستوى العام لألسعار‪ :‬تعتبر المحافظة على استقرار األسعار من أهم العوامل التي تؤثر على‬
‫النشاط االقتصادي والمؤشرات االقتصادية الرئيسية وتنحصر هذه الغاية في العمل على محاربة التغيرات‬
‫المستمرة في مستوى األسعار كون هذه التغيرات الكبيرة في مستويات األسعار من العوامل التي تؤثر سلبا عل‬
‫قيمة النقود وبالتالي أثار ضارة على مستوى الدخول والثروات وتخصيص الموارد االقتصادية بين الفروع‬
‫اإلنتاجية وبالتالي على األداء االقتصادي‪.‬‬
‫كما أن األجور في مثل هذه األوقات تتخلف عن مسايرة ارتفاعات األسعار مما يؤدي إلى القضاء على‬
‫مثل هذه االختالفات‪ ،‬وتمكن عن طريق إتباع سياسة نقدية سليمة تأخذ في االعتبار الظروف االقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫واألهداف االقتصادية المرجوة أن تحقق االستقرار في مستويات األسعار‪.‬‬
‫‪ .0‬تحقيق مستوى مرتفع من التوظيف‪ :‬تهدف معظم دول العالم المتقدم والنامي إلى االستخدام األمثل للموارد‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادية من عمالة‪ ،‬ورأس المال‪ ،‬وموارد طبيعية‪.‬‬
‫إن التوظيف الكامل أو المستوى المرتفع من التشغيل يعد من بين األهداف التي تسعى إليها السياسة‬
‫ال نقدية‪ ،‬بحيث تحرص السلطات النقدية على تثبيت النشاط االقتصادي عند مستوى أعلى من التوظيف للموارد‬
‫الطبيعية والبشرية‪ ،‬وعلى السلطات النقدية اتخاذ جميع اإلجراءات الكفيلة بتجنيب االقتصاد البطالة وما يرافقها‬
‫من عوامل انكماشية في اإلنتاج والدخل واضطرابات في العالقات االجتماعية‪ .‬ومن هذه اإلجراءات رفع حجم‬
‫الطلب الكلي على المستوى الالزم لتشغيل الموارد اإلنتاجية غير المشغلة‪.‬‬
‫‪ .0‬تحقيق معدالت نمو اقتصادي مرتفعة‪ :‬يعتبر الهدف األساسي للسياسة النقدية هو العمل على تحقيق‬
‫معدالت نمو اقتصادي مرتفعة مع العمل على تقليص الضغوط التضخمية‪ ،‬ويعتبر االقتصاديون أن هذا الهدف‬

‫‪1‬‬
‫زكريا الدوري‪ ،‬يسرى السمرائي‪ ،‬البنوك المركزية والسياسات النقدية‪ ،‬دار اليازوني العلمية‪ ،‬عمان‪ ،3009 ،‬ص ص‪.299 ،291‬‬
‫‪2‬‬
‫حسام على داود‪ ،‬مبادئ االقتصاد الكلي‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪،3020 ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪189‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫هو الهدف األولي والرئيسي للسياسة النقدية‪.‬‬


‫إن تشجيع النمو االقتصادي هو هدف ترمي إليه جميع الدول النامية والمتقدمة ويراد به تحقيق زيادة مستمرة‬
‫ومالئمة في معدل نمو الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي للقطاعين في متوسط دخل الفرد الحقيقي وتعمد الحكومات‬
‫إلى بلوغ هذا الهدف بغية إشباع حاجات األفراد ورفع مستوى رفاهيتهم وتحسين وضع ميزان المدفوعات بالحصول‬
‫على المزيد من العمالت األجنبية‪.‬‬
‫‪ .2‬تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات‪ :‬يعرف ميزان المدفوعات بأنه سجل يدون فيه كل المعامالت االقتصادية‬
‫التي ت تم بين مقيمين في بلد معين وبالد أخرى خالل فترة زمنية معينة وعادة ما تكون سنة‪ .‬ويجسد ميزان المدفوعات‬
‫لدولة ما‪ ،‬عالقتها النقدية والمالية والتجارية مع بقية دول العالم‪ ،‬ويكون هذا الميزان في صالح الدولة عندما تكون‬
‫استالماته من العالم الخارجي بالعملة الصعبة أكبر من مدفوعاته للخارج والعكس صحيح وتسعى جميع الدول مهما‬
‫اختلفت درجة تطورها االقتصادي إلى جعل هذا الميزان في صالحها من أجل المحافظة على ما لديها من مخزون‬
‫ذهبي واحتياطاتها من العملة الصعبة‪.‬‬
‫لذلك يتعين على السلطات النقدية أن تحسن من اختيار القاعدة المالئمة لإلدارة النقدية‪ ،‬فهناك قاعدة معدل‬
‫النمو الثابت للمعروض النقدي وهي تتالءم مع الدول التي تستطيع السيطرة على الكتلة النقدية المعروضة‪ ،‬وهذا‬
‫يستلزم أن يكون تحديد سعر الصرف على أساس قوى السوق‪ ،‬ومن ثم يكون هناك توازن ميزان المدفوعات ممكنا في‬
‫ظل األسعار الحالية السائ دة نتيجة إلتباع معدل ثابت في نمو النقود‪ ،‬كما يجب اإلشارة إلى انه ال يمكن تغيير هذه‬
‫‪1‬‬
‫القاعدة من وقت ألخر وخاصة لتحقيق أهداف قصيرة األجل‪.‬‬
‫ويمكن تمثيل األهداف النهائية للسياسة النقدية بواسطة الشكل التالي‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)1-0‬مخطط يوضح األهداف النهائية للسياسة النقدية ( المربع السحري )‬

‫التوازن في ميزان المدفوعات‬

‫استقرار المستوى العام لألسعار‬


‫تحقيق معدالت نمو عالية‬

‫التشغيل التام‬

‫المصدر‪ :‬قدي عبد المجيد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪1‬‬
‫صالح مفتاح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،3001 ،‬ص‪.261‬‬

‫‪190‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أدوات السياسة النقدية ومتطلبات فعاليتها لتحقيق االستقرار النقدي‬
‫من أجل تحقيق أهدافها النهائية‪ ،‬تستخدم السياسة النقدية مجموعة من األدوات‪ ،‬منها ما هي مباشرة ومنها‬
‫ما هي غير مباشرة ومكملة (مساعدة)‪ ،‬والتي تستطيع بواسطتها السلطات النقدية التأثير والسيطرة على‬
‫المعروض النقدي وادارة حجم االئتمان الممنوح وشروطه‪ .‬وتختلف هذه األدوات باختالف الوضع االقتصادي‬
‫والظرف السياسي واالجتماعي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬سياسة معدل إعادة الخصم‬
‫معدل إعادة الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركزي من البنوك التجارية مقابل‬
‫إعادة خصم األوراق التجارية التي تقدمها له‪ 1،‬وبفضل هذه الوسيلة تستطيع البنوك التجارية الحصول على‬
‫القروض من البنك المركزي لدعم السيولة النقدية لديها بسعر خص م معين‪ .‬وبمعنى آخر‪ ،‬فهو يمثل سعر الفائدة‬
‫على القروض والسلف التي يقدمها البنك المركزي للبنوك التجارية‪.‬‬
‫تعتبر هذه األداة من أقدم أدوات السياسة النقدية‪ ،‬حيث لجأت إليها البنوك في القرن التاسع عشر وأوائل‬
‫القرن العشرين‪ ،‬إلى حين ظهور سياسة السوق المفتوحة في الثالثينيات من القرن‪.‬‬
‫‪ .1‬أثر سياسة سعر إعادة الخصم ‪:‬إن تحديد سعر الخصم لدى البنك المركزي له تأثير مباشر في حجم‬
‫االئتمان‪ ،‬فإذا أراد البنك المركزي تقليل كمية االئتمان أي مكافحة التوسع في اإلنفاق النقدي للتخفيض من ظاهرة‬
‫التضخم فإنه يرفع معدل إعادة الخصم وهذا االرتفاع يجبر البنوك على االمتناع عن اللجوء إلى البنك المركزي‬
‫من أجل الحصول على السيولة الرتفاع تكلفتها‪ ،‬إال في الحاالت الطارئة وبالتالي تقل السيولة المتداولة لديها‪.‬‬
‫وأما إذا أراد البنك المركزي زيادة كمية االئتمان فإنه يخفض معدل إعادة الخصم فيزيد إقبال البنوك التجارية على‬
‫خصم األوراق التجارية التي تملكها فيزيد االحتياطات النقدية فتزيد بالتالي قدرتها على اإلقراض نتيجة انخفاض‬
‫سعر الفائدة على القروض‪ ،‬مما يشجع هؤالء العمالء على زيادة إقبالهم على االقتراض وتؤدي زيادة العرض من‬
‫النقود إلى زيادة القوة الشرائية‪ ،‬ومن ثم إلى زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة‬
‫‪2‬‬
‫اإلنتاج والتشغيل واألسعار‪ .‬ومن ثم يرتفع مستوى النشاط االقتصادي ويخرج االقتصاد من حالة الكساد‪.‬‬
‫‪ .0‬فاعلية سياسة إعادة الخصم‪ :‬إن الغرض من سياسة إعادة الخصم هو التأثير في اتجاهات السوق النقدية‬

‫‪1‬‬
‫عبد القادر بابا‪ ،‬السياسة النقدية في الجزائر بين األداء والفعالية‪ ،‬مداخلة مقدمة ضمن أشغال ملتقى الشلف حول المنظومة البنكية الجزائرية والتحوالت‬
‫االقتصادية – واقع وتحديات مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحميد الغزالي‪ ،‬أساسيات االقتصاديات النقدية وضعيا واسالميا‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬مصر‪ ،3006 ،‬ص ‪.321‬‬

‫‪191‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫ككل‪ ،‬وخاصة ما يتعلق منها بأسعار الفائدة وليس فقط التأثير على قدرة البنوك التجارية في التوسع أو التقييد‬
‫من حجم قروضها‪ .‬وفاعلية هذه السياسة تستدعي أن ال تكون هناك مصادر أخرى للسيولة أو االئتمان‪ ،‬بل‬
‫تستحوذ البنوك التجارية وحدها على تمويل المؤسسات وطالبي القروض‪ ،‬وهذا في الواقع شرط غير محقق‬
‫لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تطور أسواق القرض قصيرة والمتوسطة والطويلة األجل‪.‬‬
‫‪ ‬لجوء بعض البنوك التجارية لخصم ما لديها من أوراق تجارية رغم عدم حاجتها للسيولة‪.‬‬
‫‪ ‬رفع معدالت الفائدة يزيد من إيداعات األفراد وهذا ما يزيد من سيولة البنوك التجارية وبالتالي تترفع‬
‫قدرتها على منح القروض دون اللجوء إلى البنك المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬إن هذه السياسة ظرفية أي أنها تخضع لتقلبات االقتصاد‪ ،‬فهي أداة أقل فاعلية في حالة الكساد منها‬
‫في حالة التضخم‪.‬‬
‫‪ ‬ال يمكن تغييره بشكل دائم ما لم يكن هذا التغيير قد جاء نتيجة للتحوالت في ظروف العرض والطلب‬
‫النقدي‪.‬‬
‫‪ ‬فاعلية هذه السياسة ضئيلة في البلدان النامية ألنها تتميز بمنحنى كفاية استثمارية ال يتمتع بمرونة قوية‬
‫تبعًا للتغيرات في سعر الفائدة كما أن هذا األخير ال يمثل في كثير من المشاريع إال جزءاً ضئيال من تكاليف‬
‫التمويل‪.‬‬
‫‪ ‬إن معظم األموال التي يقوم المجتمع باقتراضها من البنوك التجارية تتم آلجال محددة ولتغطية نفقات‬
‫ثابتة يصعب تغييرها على المدى القصير‪ ،‬بحيث إذا ارتفع معدل الفائدة فلن يكون لذلك أي أثر يذكر بالنسبة‬
‫إلى مستوى الطلب على القروض والتسهيالت االئتمانية‪ ،‬و هذا يعني أنه يجب أن تمضي فترة كافية من الزمن‬
‫تستطيع خاللها المؤسسة تكييف خططها الخاصة باإلنفاق‪ ،‬قبل أن يظهر تأثير االرتفاع في معدل الفائدة‪.‬‬
‫من هنا يمكننا القول أن سعر إعادة الخصم هو وسيلة توجيه للتأثير في أسعار الفائدة وفي حجم االئتمان‬
‫واتجاهات السوق النقدية وغالباً ما تحاول البنوك التجارية أن تراعي األهداف التي دفعت البنك المركزي إلى‬
‫تحديد سعر معين للخصم‪ ،‬ولكنها وسيلة ناقصة تحتاج إلى عدة أساليب لتحقيق فاعلية أكبر‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سياسة السوق المفتوحة‬
‫سياسة السوق المفتوحة هي تدخل البنك المركزي في السوق المالية لبيع أو شراء األوراق المالية بصفة‬
‫عام ة والسندات الحكومية بصفة خاصة من أجل التأثير على عرض النقود حسب ما تتطلبه الظروف‬

‫‪192‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫االقتصادية‪ 1.‬وتعتبر هذه األداة من أكثر األدوات فعالية في الدول المتقدمة التي تمتلك أسواقا مالية متطورة فإذا‬
‫كان هدف البنك المركزي زيادة كمية النقود في السوق‪ ،‬فإنه يلجأ إلى الشراء ليضخ نقودا في السوق‪ ،‬أما إذا كان‬
‫هدفه عكس ذلك فإنه يعمد إلى البيع ليسحب من السوق كميات من النقود‪.‬‬
‫تتميز سياسة السوق المفتوحة عن سياسة معدل إعادة الخصم من ناحية مجال التطبيق وطبيعة العالقة‬
‫بين البنوك التجارية والبنك المركزي‪ .‬ففي سياسة معدل إعادة الخصم يحاول البنك المركزي التأثير في سيولة‬
‫البنوك التجارية ومن ثم في سيولة السوق النقدية‪ ،‬لتقييد أو توسيع االئتمان حسب األهداف االقتصادية المرغوبة‪،‬‬
‫أما في سياسة السوق المفتوحة فنجده عكس ذلك‪ ،‬فهو يحاول أن يؤثر في سيولة السوق النقدية وفي هيكل هذا‬
‫‪2‬‬
‫السوق بهدف التأثير في سيولة وقدرة البنوك التجارية على خلق االئتمان‪.‬‬
‫‪ .2‬أثر سياسة السوق المفتوحة‪ :‬إن عمليات السوق المفتوحة تكمل من حيث المبدأ في حال وضعها حيز‬
‫التطبيق التحرك النقدي للبنك المركزي وتؤثر على السيولة البنكية عبر شراء أو بيع البنك المركزي لسندات‬
‫صادرة عن القطاع العام مقابل سيولة وذلك طبقا لسعر السوق‪ .3‬سياسة السوق المفتوحة تؤثر على حجم‬
‫االئتمان عن طريق التغيير في كمية وسائل دفع السيولة وفي سعر الفائدة‪ ،‬فقيام البنك المركزي بعملية شراء‬
‫السندات‪ ،‬ذلك يعني أنه سيزيد من الطلب عليها مما يؤدي إلى ارتفاع قيمتها السوقية وبما أن العالقة بين قيم‬
‫األوراق المالية (أسهم وسندات) وأسعار الفائدة عالقة عكسية فهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض معدالت‬
‫الفوائد ومن ثم يحفز المستثمرين على المزيد من طلب االئتمان وتتميز عمليات السوق المفتوحة عن أدوات‬
‫السياسة النقدية األخرى بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تتم عمليات السوق المفتوحة بمبادرة من البنك المركزي الذي تكون له الرقابة الكاملة على حجم عمليات‬
‫السوق المفتوحة‪.‬‬
‫‪ ‬مرونة عمليات السوق المفتوحة‪ ،‬فيمكن لهذه العمليات أن تحقق أهدافها سواء مورست بكميات قليلة أو‬
‫كبيرة‪.‬‬
‫‪ ‬قابلية عكس عمليات السوق المفتوحة‪ ،‬فبإمكان البنك المركزي أن يعكس استخدام تلك األداة إذا ما‬
‫حدث خطأ في ممارستها‪.‬‬
‫‪ ‬السرعة في التنفيذ فهي ال تعرف تأخيرات إدارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعيد سامي الحالق ومحمد محمود العجلوني‪ ،‬النقود والبنوك والمصارف المركزية‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،3020 ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪2‬‬
‫أنس البكري ووليد الصافي‪ ،‬النقود والبنوك بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار المستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،3006 ،‬ص ‪.299‬‬
‫‪3‬‬
‫وسام مالك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.312‬‬

‫‪193‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ ‬تؤثر على سوق النقد من خالل أسعار الفائدة‪ ،‬طالما أن األوراق الحكومية تشكل الجزء األكبر من‬
‫األوراق المطروحة في السوق المالي‪.‬‬
‫‪ .3‬فاعلية السوق المفتوحة ‪:‬يتوقف نجاح البنك المركزي في تحقيق أهدافه باستعمال هذه األداة على مدى‬
‫‪1‬‬
‫تطور سوق السندات الحكومية وأذون الخزينة بحيث يكون عرضها وطلبها في مستوى كبير في السوق المالية‪،‬‬
‫ومدى تنظيم الجهاز البنكي وهذه العوامل تكاد تكون معدومة في البلدان النامية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫يمكن أن نقول أن سياسة السوق المفتوحة تستطيع أن تحقق هدفها في حالة توافر‪:‬‬
‫‪ ‬األوراق المالية في السوق النقدية ليتداولها البنك المركزي على حسب أوضاع السوق‪.‬‬
‫‪ ‬البد أن تحظى حركة السندات وأذون الخزينة بأهمية من طرف المتعاملين‪.‬‬
‫وبما أن سعر الفائدة يتحدد آليًا عن طريق السوق فقد يظهر ذلك اختالال السيما على المستوى الداخلي‬
‫وعلى المستوى الخارجي أيضًا‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬سياسة االحتياطي اإلجباري‬
‫يقصد بسياسة االحتياطي اإلجباري إلزام البنك المركزي البنوك التجارية بإيداع نسبة معينة من ودائعها في‬
‫شكل رصيد دائن لديه‪ 3.‬أي قيام البنوك التجارية بتجميد جزء من الودائع لديها على شكل احتياطي سائل لدى‬
‫البنك المركزي‪.‬‬
‫وقد كان الهدف من هذه السياسة في البداية حماية أموال المودعين ضد أخطاء تصرفات البنوك التجارية‪،‬‬
‫ثم أصبحت وسيلة فنية من شأنها التأثير في قدرة البنوك التجارية على خلق االئتمان‪ 4.‬وتأتي أهمية التحكم في‬
‫هذه ال سياسة كونها تعطي البنوك التجارية القدرة على اإلقراض‪ ،‬وتوفير السيولة النقدية للتداول في االقتصاد في‬
‫حالة خفض نسبتها من قبل البنك المركزي‪ .‬والعكس صحيح إذا عمد البنك المركزي إلى رفع نسبتها‪ ،‬حيث ينجم‬
‫عن ذلك عدم التوسع في عملية خلق النقود وبالتالي الحد من االئتمان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خبابة عبد اهلل ‪ ،‬االقتصاد البنكي ـ البنوك االكترونية ـ البنوك التجارية ـ السياسة النقدية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫‪2‬‬
‫بلخرز فريدة‪ ،‬تقنيات وسياسات التسيير المصرفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jacques- Henri David et Philippe Jaffré, la monnaie et la politique monétaire, troisième édition, économica, paris,‬‬
‫‪1990,p 113.‬‬
‫‪4‬‬
‫أنس البكري ووليد الصافي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.296‬‬

‫‪194‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬عرض مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة ‪1111‬م‪1111-‬م‬


‫شهد عقد الثمانينات تغيرات عديدة في البنية االقتصادية الدولية من تدهور في معدل النمو االقتصادي‬
‫في الدول الصناعية‪ ،‬منها ضعف التجارة الدولية وانهيار أسعار المواد األولية وانعكس ذلك على الدول النامية‬
‫ومنها الجزائر‪ ،‬فقد عانى االقتصاد الجزائري من تدنى معدل النمو االقتصادي وارتفاع عجز الميزانية العامة‬
‫وارتفاع معدالت التضخم والبطالة وتدهور الخدمات العامة للدولة‪ ،‬وتفاقم عجز ميزان المدفوعات وارتفاع حجم‬
‫المديونية الخارجية‪ .‬فبدأت الجزائر في انتهاج سياسة إصالحية بداية من سنة ‪2699‬م بعد استفحال األزمة‬
‫االقتصادية لعام ‪2699‬م التي أثرت بشكل مباشر على الوضع االقتصادي واالجتماعي للدولة حيث تدهورت‬
‫الوضعية االقتصادية متمثلة "انخفاض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي خارج المحروقات بنسبة ‪ %201‬في‬
‫المتوسط‪2699‬م‪2662-‬م‪ 1،‬وهذا ما دفع بالسلطات العمومية الجزائرية وألول مرة للتعامل مع المؤسسات المالية‬
‫الدولية (صندوق النقد الدولي‪ ،‬البنك العالمي) سنة ‪2696‬م‪ ،‬وابتداء من هذا التاريخ عقدت الجزائر عدة اتفاقيات‬
‫تثبيت وتوجهت في األخير لبرنامج التعديل الهيكلي‪.‬‬
‫حيث لم تكن هناك في الفترة السابقة لإلصالح النقدي والمالي في سنة ‪2660‬م‪ ،‬سياسة نقدية بالمعنى الحقيقي‬
‫بسبب غياب التداول النقدي الحر‪ ،‬بل كانت هناك عملية إلصدار النقود تندرج في سياق االتجاه العام لتغطية‬
‫الحاجات المالية لتمويل برامج التنمية‪ .‬وعليه‪ ،‬تعتبر السياسة النقدية ممارسة حديثة في النظام النقدي الجزائري‬
‫كانت من ثمار إصدار قانون النقد والقرض وتحول االقتصاد الجزائري نحو السوق كآلية للضبط وتخصيص‬
‫الموارد‪ .‬وهكذا فإ ن إعادة االعتبار لدور اآلليات النقدية يكون قد وفر األدوات الضرورية كي تؤدي السياسة‬
‫النقدية دورها الجديد بشكل فاعل‪.‬‬
‫لذلك سنحاول من خالل هذا المبحث التعرف على مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة‬
‫‪2696‬م ـ‪2666‬م من خالل تحليل ظروف وأهداف إصالح السياسة النقدية خالل الفترة ‪2660‬م ـ‪2666‬م‪ ،‬وكذا‬
‫معرفة واقع السياسة النقدية في ظل البرنامج اإلستعدادي االئتماني األول والثاني مع "ص‪.‬ن‪.‬د"(‪2696‬م ‪-‬‬
‫‪2662‬م)‪ ،‬ثم واقع السياسة النقدية في ظل البرنامج اإلستعدادي االئتماني الثالث مع "ص‪.‬ن‪.‬د" (أفريل ‪2661‬م‪/‬‬
‫مارس ‪2661‬م ) وفي األخير نتطرق إلى السياسة النقدية في ظل االتفاق الموسع مع صندوق النقد الدولي من‬
‫‪ 22‬مارس ‪ 2661‬إلى ‪ 2‬أفريل ‪2669‬م‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مدني بن شهرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.236‬‬

‫‪195‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تحليل ظروف وأهداف إصالح السياسة النقدية خالل الفترة ‪1111‬م ـ‪1111‬م‬
‫في ظل ظرف تميز بانفالت التضخم بسبب تحرير األسعار النسبية وتعديل التكاليف من طرف‬
‫المؤسسات‪ ،‬كانت محاربة التضخم تشكل هدفا رئيسيا للسياسة النقدية في هذه المرحلة‪ .‬إن إدارة السياسة النقدية‬
‫في هذه المرحلة كانت تتم في وضع بالغ التعقيد يتزامن فيه وجود ضا ئقة مالية حادة على مستوى البنوك‪ ،‬التي‬
‫تتميز حافظاتها بوجود حصة هامة من الديون غير الناجعة على مؤسسات القطاع العام‪ ،‬ووجود قطاع إنتاجي‬
‫غير مهيكل في حالة تحول حاسمة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬كانت إدارة السياسة النقدية في هذه المرحلة تتكيف مع الظروف‬
‫المستجدة ضمن سياق من التغيرات السريعة والعميقة في تنظيم وادارة االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫في هذه الظروف‪ ،‬كان الهدف األساسي للسياسة النقدية في سنة ‪2660‬م يتمثل في محاولة التخفيف من‬
‫حدة تسارع التضخم في ظل تطبيق سياسات التطهير المالي الكلي‪ ،‬بينما كان الهدف في سنة ‪2662‬م هو‬
‫محاولة التحكم في التضخم في ظل تطبيق سياسات التثبيت االقتصادي‪ ،‬وشهدت سنة ‪2663‬م محاولة التخفيف‬
‫من وتيرة التضخم في ظل تعديل وارتفاع التكاليف الداخلية واستمرار تحرير تشكل األسعار النسبية كنتيجة لذلك‪،‬‬
‫في حين كانت سنة ‪2662‬م ترمي إلى تحقيق نفس الهدف ولكن في سياق الجهود المبذولة للتحكم في التكاليف‬
‫‪1‬‬
‫الداخلية هذه المرة‪ ،‬وتثبيت أنظمة األسعار والتثبيت النسبي لصرف الدينار‪.‬‬
‫إن تركيز السياسة النقدية على محاربة التضخم والتحكم فيه‪ ،‬يمكن تبريره على انه عمل موجه لمنع‬
‫انفالت األسعار في ظل عملية تحرير االقتصاد الوطني "تحرير األسعار‪ ،‬تعديل األجور‪ ،‬تحرير تشكل معدالت‬
‫مر بالغ األهمية نظ ار ألن تنظيم األسعار‬
‫الفائدة‪ ،‬تكييف نظام الصرف‪ ،‬تحرير التجارة‪ "...‬وقد كان ذلك أ ا‬
‫ومراقبتها في المرحلة السابقة لإلصالح االقتصادي والمالي كان قد عمل على تراكم هائل للتناقضات‬
‫واالختالالت المالية والنقدية والتي لم تنعكس في حينها في شكل توترات على مستوى األسعار بسبب التحكم‬
‫اإلداري فيها‪ .‬وفي ظل هذه الظروف‪ ،‬كانت السياسة النقدية‪ ،‬من خالل دور التثبيت الذي كانت تقوم به تشكل‬
‫أداة المتصاص مجموع هذه االختالالت لتحضير وضع مالئم على المستوى النقدي يسمح بمباشرة وانجاح‬
‫اإلصالحات الهيكلية على مستوى النظام البنكي واالقتصاد ككل‪.‬‬
‫تتمثل أهم مميزات إدارة السياسة النقدية في هذه المرحلة في التركيز على استعمال الوسائل المباشرة نظرا‬
‫لعمق االختالالت المالية للبنوك والمؤسسات العمومية‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فقد تطور استعمال هذه األدوات الكمية المباشرة‬
‫وتكييفها بشكل مستمر تماشيـا مع تطور الوضع االقتصادي‪ ،‬بحيث كان هناك تخفيف مستمـر في‬

‫‪1‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي والبنكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.101 ،101‬‬

‫‪196‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫استعمالها مع تقدم اإلصالحات واتساع نطاق التحرير االقتصادي‪.‬‬


‫بالفعل‪ ،‬وبعد إعادة االعتبار لبنك الجزائر في تصميم وادارة السياسة النقدية‪ ،‬تم الحد من قدرة البنوك‬
‫التجارية على اللجوء إلى بنك الجزائر قصد إعادة التمويل الذي يكون محددا في إطار مبلغ إجمالي يحدده بنك‬
‫الجزائر‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬تمت خالل هذه المرحلة إدارة السياسة النقدية أساسا بواسطة تأطير القرض الذي‬
‫أخذ أشكاال متعددة وتخفيفا متواصال في كيفيات تطبيقه‪ .‬وهكذا‪ ،‬وعلى الرغم من تبني بنك الجزائر لنظام‬
‫البرمجة المالية في عام ‪ ،2662‬فقد واصل االعتماد على األدوات الكمية المباشرة التي يشكل تأطير القرض‬
‫‪1‬‬
‫أساسها‪ .‬حيث تتمثل وسائل تدخل بنك الجزائر في هذا الخصوص في وسائل أربعة هي‪:‬‬
‫‪ ‬االستمرار في تأ طير القروض للبنوك و المؤسسات المالية إضافة إلى تأطير المبالغ المسجلة في إطار‬
‫إعادة الخصم من طرف البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬تأطير القروض البنكية الصافية الممنوحة لمجموعة تتكون من ‪ 32‬مؤسسة عمومية كبرى توجد في طور‬
‫إعادة الهيكلة المالية‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد سقف أعلى إلعادة الخصم عندما يتعلق األمر بالقروض الممنوحة لهذه المؤسسات الثالثة‬
‫والعشرون‪.‬‬
‫‪ ‬استعمال تمييزي للحدود القصوى فيما يتعلق بتدخالت بنك الجزائر في السوق النقدية بين البنوك‪.‬‬

‫وخالل الفترة (‪2661‬م ـ‪2669‬م) قامت الجزائر باعتماد وتنفيذ برنامج التعديل الهيكلي مع صندوق‬
‫النقد الدولي ‪ ،‬في إطار ما يسمى ببرنامج التسهيل التمويلي الموسع‪ ،‬الذي كان الهدف الرئيسي من ورائه هو‬
‫تحرير االقتصاد الوطني‪ .‬وقد تم فعال خالل هذه الفترة إدخال أدوات تتالءم مع منطق السوق وطبيعته‪.‬‬
‫وتماشيا مع هذا المنطق‪ ،‬فقد عرفت هذه المرحلة من زاوية تصور وتصميم السياسة النقدية المرور إلى‬
‫استعمال األدوات غير المباشرة للسياسة النقدية‪ ،‬ال سيما العمليات في السوق النقدية‪ .‬وكان هذا األمر يمثل‬
‫هدفا أسمى للسياسة النقدية منذ الشروع في عملية اإلصالح المالي في سنة ‪2660‬م‪.‬‬

‫وقد كان المرور إلى استعمال الوسائل غير المباشرة متدرجا من جه ة ويأخذ اتجاهات متنوعة من جهة‬
‫أخرى‪ .‬ولكن الجهد الرئيسي كان منصبا حول تدعيم عملية الضبط النقدي (إدارة السياسة النقدية) عبر‬
‫آليات السوق النقدية‪ .‬وفي هذا اإلطار الخاص باالنتقال إلى استعمال الوسائل غير المباشرة للسياسة‬
‫النقدية‪ ،‬تم اتخاذ جملة من الخطوات تمثلت أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي والبنكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.101‬‬

‫‪197‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫– إدخال نظام االحتياطات اإلجبارية كوسيلة غير مباشرة في إدارة السياسة النقدية اعتبا ار من عام ‪2661‬م‬
‫(تعليمة بنك الجزائر رقم ‪61‬ـ‪ 29‬المؤرخة في ‪2661/01/06‬م)‪ .‬وبموجب هذا القرار‪ ،‬فرض على البنوك‬
‫التجارية احتياطي إجباري بنسبة ‪ %2‬على الودائع البنكية بالدينار على أساس مكافئة (معدل الفائدة)‬
‫تساوي ‪.%22.1‬‬
‫– شرع بنك الجزائر‪ ،‬ابتداء من ماي ‪2661‬م( تعليمة بنك الجزائر رقم ‪ 39/61‬المؤرخة في‬
‫‪ 2661/01/33‬م)‪ ،‬في استعمال نظام المقاصات عن طريق نداءات العروض في السوق النقدية قصد‬
‫تامين السيولة لفائدة البنوك التجارية‪ ،‬ويندرج ذ لك في إطار إعطاء وزن اكبر لمعدل الفائدة قصد تعزيز قوى‬
‫السوق وزيادة شفافية السياسة النقدية‪ .‬بالتوازي مع ذلك‪ ،‬حافظ بنك الجزائر على وسيلة إعادة الخصم كآلية‬
‫للضبط بالرغم من أنها لم تعد تشكل الوسيلة إلعادة تمويل البنوك بعد إدخال نظام المناقصات‪.‬‬
‫– عمليات السوق الم فتوحة التي تتضمن قيام بنك الجزائر بشراء وبيع سندات عمومية تقل مدة استحقاقها‬
‫المتبقية ستة أشهر أو أوراق خاصة مقبولة في إعادة الخصم أو في تقديم التسبيقات‪ .‬تكون عمليات شراء‬
‫وبيع هذه السندات بمبادرة من بنك الجزائر وتتم بشكل مباشر مع البنوك و المؤسسات المالية المحولة‪.‬‬
‫من زاوية عملياتية‪ ،‬كانت السياسة النقدية في إطار برنامج التعديل الهيكلي تهدف إلى احتواء فائض‬
‫الطلب بإتباع سياسة متشددة للسيطرة على التضخم المرتفع‪ ،‬باإلضافة إلى محاولة توظيف معدالت الفائدة‬
‫لتكون معيا ار لالختيارات االقتصادية‪ .‬فعال‪ ،‬لقد خلقت التوت ارت التضخمية الناجمة عن تقلب السياسة‬
‫االقتصادية في عام ‪2663‬م و‪ 2662‬م ضغوطا كبيرة على المتغيرات االقتصادية‪ ،‬حيث ظلت معدالت‬
‫الفائدة الحقيقية سلبية مما يترتب عنه أخطاء في الترجيح بين مختلف الخيارات وسوء تقييم للفرص البديلة‬
‫وهو ما ينجر عنه بطريقة آلية سوء تخصيص ا لموارد المتاحة‪ .‬وقد لجأ بنك الجزائر لتحقيق مثل هذه‬
‫الصرامة في السياسة النقدية إلى مراجعة معدالت الفائدة الخاصة بإعادة التمويل(إعادة الخصم‪ ،‬معدل‬
‫المكشوف لدى بنك الجزائر‪ ،‬معدل السوق النقدية) نحو االرتفاع في افريل عام ‪2661‬م ثم تال تكييفها الحقا‬
‫مع تطور الظروف كما يبينه الجدول التالي‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫جدول رقم(‪0‬ـ‪ :)1‬تطور معدالت إعادة التمويل في الجزائر خالل الفترة(‪1111‬م ـ‪1111‬م)‬
‫الوحدة ‪ :‬النسبة المؤوية‬

‫من‪69/3‬‬ ‫من‪61/22‬‬ ‫من‪61/1‬‬ ‫من ‪69/9‬‬ ‫من ‪61/9‬‬ ‫من‪22/2‬‬ ‫من‪62/20‬‬


‫إلى ‪66/6‬‬ ‫إلى ‪69/3‬‬ ‫إلى ‪61/9‬‬ ‫الى‪61/1‬‬ ‫الى‪69/9‬‬ ‫الى‪27/4‬‬
‫الى‪22/2‬‬

‫‪601‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪2301‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪2201‬‬ ‫معدل إعادة الخصم‬

‫‪31‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪30‬‬ ‫معدل المكشوف لدى بنك الجزائر‬

‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪22022‬‬ ‫‪32/26‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33/30‬‬ ‫‪21‬‬ ‫األخذ على سبيل األمانة‬

‫‪/‬‬ ‫‪2101‬‬ ‫‪2103‬‬ ‫‪2103‬‬ ‫‪2601‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫مناقصات القرض‬

‫المصدر‪ :‬الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي والبنكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫وهك ذا فان االنتقال التدريجي إلى استعمال الوسائل غير المباشرة قد تجسد من خالل التكييف المتواصل‬
‫سواء لمعدالت بنك الجزائر أو معدالت الفائدة المدينة والدائنة الذي يلي مبدئيا ذلك‪ .‬ويسمح تعديل معدالت بنك‬
‫الجزائر على وجه الخصوص ببعث إشارات من السلطة النقدية تخص االتجاه الذي ترغب في إعطائه للسياسة‬
‫النقدية دون اللجوء إلى طرق واليات مباشرة ذات طابع سلطوي‪ .‬ويعتبر هذا األمر مؤش ار بالغ الداللة يعكس‬
‫تحول جوهري ليس فقط في آليات عمل السلطة النقدية ولكن في سلوكها أيضا في مجال إدارة الوضع النقدي‬
‫بشكل ينسجم أكثر فأكثر مع مقتضيات السوق وشروطه‪.‬‬
‫وقد شهدت هذه المرحلة تسجيل نتائج هامة في مجال االستقرار النقدي قد شهدت هذه المرحلة تسجيل نتائج‬
‫هامة في مجال االستقرار النقدي بالرغم من استمرار مشاكل نقص السيولة البنكية‪ .‬و في هذا اإلطار فقد انتقل‬
‫معدل التضخم من ‪ %36001‬و‪ %36019‬في ‪2661‬م و‪2661‬م على التوالي إلى ‪ %3091‬في عام ‪2666‬م‬
‫وبشكل خاص إلى ‪ %0021‬في سنة ‪3000‬م ‪ .‬ويشهد تطور التضخم بهذا خصوصا على نجاح سياسة الضبط‬
‫النقدي ويشير بالتالي إلى نجاح تطهير االختالالت النقدية المتراكمة خالل سنين طويلة سابقة‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عرض السياسة النقدية في ظل ا لبرنامج اإلستعدادي االئتماني األول والثاني مع"ص‪.‬ن‪.‬د"‬
‫(‪1111‬م‪1111-‬م)‬
‫مع تصاعد األزمات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وعجز الدولة الجزائرية على دفع أعباء ديونها الخارجية‪،‬‬
‫أصبح من الضروري وأكثر من أي وقت مضى اللجوء إلى برامج اإلصالحات الهيكلية والمالية خاصة مع بداية‬
‫التحول التدريجي للجزائر من االقتصاد االشتراكي إلى االقتصاد الليبرالي‪ .‬وظهر هذا جليا بعد خطاب الوالء‬
‫الذي أرسله وزير المالية الجزائري للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي في مارس ‪2696‬م‪ ،‬والذي جاء فيه‪:‬‬
‫''‪...‬المضي في عملية الالمركزية االقتصادية تدريجيا وخلق البيئة التي تمكن من اتخاذ القرار على أساس‬
‫المسؤولية المالية والربحية واالعتماد الكبير على ميكانيزم األسعار بما في ذلك سياسة سعر الصرف''‪ 1‬بعدها‬
‫دخلت الجزائر في مفاوضات مع مؤسسات النقد الدولية للحصول على القروض والمساعدات فوقعت على‬
‫اتفاقيتين‪ ،‬األولى في‪ 22‬ماي ‪2696‬م والثانية في ‪ 02‬جوان ‪2662‬م والتي سنتطرق إليها فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬البرنامج اإلستعدادي االئتماني األول (التثبيت االقتصادي) ماي ‪1111‬م إلى‪ 02‬ماي ‪1112‬م‬
‫إن العالقة المباشرة للجزائر بصندوق النقد الدولي* ترجع إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي مما أدى‬
‫إل ى وجود مجموعة من االتفاقيات بين الجزائر والصندوق‪ ،‬بعضها نفذ جزئيا والبعض األخر لم يجد مجاال‬
‫للتطبيق ألسباب عديدة حتى إبرام هذا االتفاق وهو البرنامج الذي نال حظه من التطبيق في ضوء األزمة‬
‫االقتصادية الحادة التي واجهت الجزائر في نهاية الثمانينات‪ 2.‬وافق صندوق النقد الدولي في إطار اتفاق التثبيت‬
‫‪ 20‬ماي ‪2696‬م على تقديم ‪ 2111‬مليون وحدة حقوق السحب الخاصة كما استفادت الجزائر من تسهيل‬
‫نظ ار لالنخفاض أسعار البترول سنة‬ ‫‪3‬‬
‫تمويل تعويضي بمبلغ ‪ 221 33‬مليون وحدة حقوق سحب خاصة‬
‫‪2699‬م من جهة وارتفاع أسعار وارداتها من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ .1‬اإلجراءات العملية لبرنامج التثبيت االقتصادي‬
‫وخالل هذه المرحلة تم صدور قانون النقد والقرض‪ ،‬حيث حدثت نقطة تحول هامة في السياسة النقدية‬
‫الذي وضع االستقرار النقدي في صدارة األولويات‪ .‬وكرس البنك المركزي الذي أصبح "بنك الجزائر" كمؤسسة‬
‫مستقلة‪ .‬وقد وضع هذا القانون النظام البنكي على مسار تطور جديد‪ ،‬يتميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة‬

‫‪1‬‬
‫فاتح ساحل‪ ،‬لطفي شعباني‪ ،‬أثار وانعكاسات برنامج التعديل الهيكلي على االقتصاد الجزائري‪ ،‬مداخلة مقدمة ضمن أشغال الملتقى الدولي األول حول‬
‫أبعاد الجيل الثاني من اإلصالحات االقتصادية في الدول النامية‪ ،‬جامعة بومرداس‪ ،‬يومي ‪ 01،01‬ديسمبر ‪ ،3009‬ص ‪.01‬‬
‫* هو مؤسسه نقدية دولية وظيفته األساسية إصالح االختالالت في موازين مدفوعات الدول األعضاء فيه‪ ،‬وانضمت الجزائر له بتاريخ ‪2692/02/3‬م‬
‫‪2‬‬
‫مدني بن شهرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪3‬‬
‫خالدي الهادي‪ ،‬المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي‪ ،‬دار هومة للنشر‪،‬الجزائر‪ ،2669 ،‬ص‪.261‬‬

‫‪200‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المالية‪ ،‬و إبراز دور النقود و السياسة النقدية‪ .‬فتأسس بالتالي نظام بنكي ذو مستويين بعد أن كان ذا مستوى‬
‫واحد ألن الحدود بين الدارة البنكية والدائرة الموازنتية كانت واهية‪ .‬كما أبعد هذا القانون كل تدخل إداري في‬
‫القطاع البنكي ‪ .‬وأرجع للبنك المركزي كل صالحياته في تسيير النقد و القرض في استقاللية تامة‪ .‬كما كرس‬
‫إعادة االعتبار للبنوك كأعوان اقتصادية مستقلة‪ .‬ووضع قيودا على مدى تأثير السياسة الجبائية على النقد وذلك‬
‫‪1‬‬
‫بعزل دائرة موازنة الدولة عن الدائرة النقدية من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬وضع سقف لتسليف البنك المركزي لتمويل عجز الموازنة مع تحديد مدته واجبارية إرجاعه في كل سنة‪.‬‬
‫‪ ‬إرجاع ديون الخزينة تجاه البنك المركزي المتراكمة لغاية ‪ 21‬أفريل ‪2660‬م وفق جدول يمتد على ‪21‬‬
‫سنة‪.‬‬
‫‪ ‬إلغاء االكتتاب اإلجباري من قبل البنوك في سندات الخزينة‪.‬‬
‫‪ ‬كما أبعدت الخزينة العمومية عن دائرة االئتمان وذلك بتعريف االئتمان كعملية من عمليات البنوك من‬
‫جهة ومنع كل شخص معنوي أو طبيعي غير البنوك والمؤسسات المالية من أداء هذه العمليات من جهة أخرى‪.‬‬
‫وزيادة على ذلك أسس قانون النقد والقرض سلطة نقدية تتميز بكونها‪:‬‬
‫وحيدة‪ :‬تتمثل في مجلس النقد و القرض‪.‬‬
‫منظمة في إطار الدائرة النقدية وبالضبط في إطار البنك المركزي‪.‬‬
‫تتمتع باستقاللية الزمة لتصميم وتنفيذ السياسة النقدية‪ ،‬صياغة سياسات االئتمان والنقد األجنبي والدين‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫كما كرس القانون انفتاح القطاع البنكي لالستثمار الخاص الوطني واألجنبي دون تمييز ودون وضع أي‬
‫قيود للشراكة‪ .‬وبالتالي فإن قانون النقد و القرض وضع القطاع المالي والبنكي‪ ،‬بشكل نهائي على مسار االنتقال‬
‫من اقتصاد مسير مركزيا إلى اقتصاد موجه بآليات السوق‪.‬‬
‫وضع قانون النقد والقرض اإلطار القانوني للسياسة النقدية ووضع مسار تطورها‪ ،‬كما بدئ في نفس‬
‫الوقت في اعتبار األسعار كمتغير أساسي في االقتصاد وذلك بالتحرير التدريجي للتضخم المكبوت نظ ار لكون‬
‫األسعار كانت تحدد إداريا‪ ،‬وهذا إلى جانب التعديل االسمي لمعدالت الفائدة‪ ،‬وانزالق سعر صرف الدينار نحو‬
‫مستواه التوازني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد اهلل منصوري‪ ،‬السياسات النقدية والجبائية لمواجهة انخفاض كبير في الصادرات ـحالة اقتصاد صغير مفتوحـ أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في‬
‫العلوم االقتصادية تخصص تقد ومالية وبنوك‪ ،‬جامعة الجزائر ‪،3009‬ص ص ‪.236 239‬‬

‫‪201‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫وقد تمت عملية التعدي ل هذه في ظروف كانت تتميز بتشديد القيود على وسائل الدفع األجنبية وتراجع‬
‫النمو االقتصادي أثر تقليص استيراد المدخالت الالزمة لتشغيل القطاع اإلنتاجي‪ .‬وبالتالي فإن هدف السياسة‬
‫االقتصادية لم يكن ليقتصر في االستمرار في عملية إعادة الهيكلة وتطهير الشركات الوطنية في القطاع‬
‫اإلنتاجي فحسب‪ ،‬بل كان يجب أن يشمل التصدي لتراجع النمو االقتصادي المصحوب بالتضخم‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار كان الهدف األساسي للسياسة النقدية هو احتواء تفاقم األسعار‪ .‬ضمن هذا اإلطار المؤسساتي الجديد‬
‫أدخل عدد من اإلصالحات اإلضافية في سنتي ‪2662‬م – ‪2663‬م منها فرض حد أقصى على الحجم الكلي‬
‫إلعادة التمويل من البنك المركزي إلى البنوك العمومية‪ ،‬بينما أزيلت الحدود القصوى على ما تقدمه البنوك من‬
‫ائتمان إلى بقية االقتصاد‪ ،‬كما كان الحال بالنسبة لمعدالت الخصم لقطاعات محددة‪.‬‬
‫‪ .0‬أهداف البرنامج‪:‬‬
‫ترمي سياسات التثبيت أو االستقرار ب صفة عامة‪ ،‬إلى ضرورة تصحيح االختالالت المالية الناتجة عن‬
‫التضخم الداخلي وعجز القطاع الخارجي‪ ،‬أو كالهما‪ 1.‬حيث كان االتفاق يهدف إلى منح قروض ومساعدات‬
‫من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ضمن شروط‪ ،‬ويمكن أن نوجز أهم ما تعلق بالسياسة النقدية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مراقبة الكتلة النقدية بالحد من التدفق النقدي وتقليص حجم الموازنة‪.‬‬
‫‪ ‬الحد من التضخم وتخفيض قيمة الدينار‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير التجارة الخارجية والسماح بتدفق رؤوس األموال األجنبية‪.‬‬
‫‪ ‬إلغاء عجز الميزانية واصالح المنظومة الضريبية والجمركية‪.‬‬
‫ولتحقيق هذه األهداف قامت السلطات النقدية باإلجراءات التالية‪:‬‬
‫رفع معدل إعادة الخصم من ‪ %101‬إلى ‪ %2001‬بغية التأطير الشامل للقروض‪.‬‬
‫إدخال سوق التعامل بين البنوك ( السوق المشتركة بين البنوك)‪.‬‬
‫إصالح نظام األسعار‪.‬‬
‫رفع سعر الفائدة من‪ %1‬إلى ‪ %9‬بهدف جعل سعر الفائدة الحقيقي موجب ومن ثم رفع حجم‬
‫المدخرات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مهدي ميلود‪ ،‬مضمون برامج اإلصالح الهيكلي المدعمة من طرف المؤسسات المالية الدولية وانعكاساتها االقتصادية واالجتماعية في الجزائر‪ ،‬مداخلة‬
‫مقدمة ضمن أشغال الملتقى الدولي األول حول أبعاد الجيل الثاني من اإلصالحات االقتصادية في الدول النامية‪ ،‬جامعة بومرداس‪ ،‬يومي ‪01،01‬‬
‫ديسمبر ‪ ،3009‬ص ‪.01‬‬

‫‪202‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ .0‬السياسة النقدية في ظل القانون رقم ‪:12-12‬‬


‫أحدث هذا االتفاق تغي ار جذريا على مستوى المنظومة التشريعية في المجال النقدي إذ بعد سنة تقريبا من‬
‫تاريخ االتفاق تم صدور قانون النقد والقرض رقم ‪ 20- 60‬الصادر في ‪ 21‬أفريل ‪2660‬م والذي يعتبر نصا‬
‫تشريعيا يعكس بحق اعتراف ا بأهمية المكانة التي يجب أن يكون عليها النظام البنكي ويعتبر من القوانين‬
‫التشريعية األساسية لإلصالحات‪ ، 1‬كما يمكن اعتباره مرحلة فاصلة بين حقبتين مر بهما مجمل االقتصاد‬
‫الجزائري باالنتقال من مرحلة االقتصاد المركزي إلى مرحلة اقتصاد السوق‪ ،‬مما يستدعي استعمال أدوات جديدة‬
‫على مستوى كل السياسات ومنها السياسة النقدية التي تميزت بما يلي‪:‬‬
‫‪ .1.0‬استقاللية السلطة النقدية ‪ :‬يمكن أن يظهر لنا التطور الحاصل بين ما كنا نراه في المرحلة األولى وما‬
‫جاء به هذا القانون من خالل المهام واألهداف التي اهتمت بها هذه السلطة‪ ،‬وتعطي إعادة التنظيم المنبثقة عن‬
‫القانون ‪ 20- 60‬استقاللية نسبية للبنك المركزي‪ ،2‬وفي إطار هذا القانون أصبح البنك المركزي يحمل اسم بنك‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ .0.0‬ا لفصل بين القطاع النقدي والحقيقي ‪ :‬إن النظام البنكي ذو المستوى الواحد الذي كان سائدا أدى إلى‬
‫التداخل بين الوظيفتين وخضع فيه اإلصدار لقرار االستثمار‪ ،‬كما أن سياسة الميزانية لم تكن مستقلة عن قرار‬
‫االستثمار‪ ،‬حيث أدت الخزينة العمومية من قبل هذا القانون دور الممول لالستثمارات الطويلة األجل‪ ،‬وبالتالي لم‬
‫تؤدي السياسة النقدية دورها‪ ،‬وتظهر مالمح الدور السلبي للسياسة النقدية في ذلك التوسع النقدي غير مضبوط‪،‬‬
‫إذ انتقل حجم النقود المتداولة من ‪ 229‬مليار دج سنة ‪2690‬م إلى ‪ 130.3‬مليار دج عام ‪2660‬م كما وصل‬
‫متوسط نمو الكتلة النقدية سنويا إلى ‪.%39‬‬
‫ومن اإلجراءات الجديدة التي حددها اإلصالح الجديد نجد‪:‬‬
‫‪ ‬تسيير وتنويع وسائل الدفع‪.‬‬
‫‪ ‬تعبئة االدخار‪.‬‬
‫‪ ‬عقلنة النشاط االئتماني‪.‬‬
‫‪ ‬إضفاء التنافسية على عمل الجهاز البنكي ‪.‬‬
‫‪ .0.0‬إبعاد الخزينة عن االئتمان‪ :‬إن تمويل عجز الخزينة بواسطة الجهاز البنكي من خالل التسبيقات المقدمة‬
‫جعل الدين العمومي يصل إلى حدود ‪ 29‬مليار دج في نهاية ‪2696‬م اتجاه البنك المركزي و‪ 20‬مليار دج‬

‫‪1‬‬
‫الطاهر لطرش‪ ،‬تقنيات البنوك‪ ،‬مرجع سبق ذكره ص‪.269‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود حميدات‪ ،‬مدخل للتحليل النقدي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3001 ،‬ص ‪. 213‬‬

‫‪203‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫اتجاه البنوك التجارية أي نسبة ‪ % 11‬من مجموع الدين العمومي الداخلي وقد حدد القانون الجديد فترة ‪ 21‬سنة‬
‫للخزينة لتسديد هذه التسبيقات كما أبعد القانون الجديد الخزينة عن دور تمويل االستثمارات العمومية الطويلة‬
‫المدى للمؤسسات المستقلة وأصبح ذلك من مهام البنوك عن طريق االقتراض‪.‬‬
‫‪ .2.0‬تح ديد العالقة بين بنك الجزائر والجهاز التنفيذي‪ :‬ألزم الترتيب الجديد الحكومة استشارة البنك المركزي‬
‫في األمور المالية والنقدية‪ ،‬واقترح هذا األخير أي إجراء يمكنه التأثير على االستقرار النقدي كما حدد القانون‬
‫‪1‬‬
‫عالقات البنك مع الهيئات الخارجية من خالل عقد االتفاقات الدولية المتعلقة بالدفع والصرف والمقاصة‪.‬‬
‫‪ .2‬الهيئات المنظمة للسياسة النقدية‪:‬‬
‫حدد قانون النقد والقرض الهيئات المنظمة للسياسة النقدية وهي‪:‬‬
‫‪ .1.2‬مجلس النقد والقرض ‪ :‬يمكن لهذا المجلس أن يتصل باألشخاص والمؤسسات التي يرى أهمية في‬
‫استشارتهم كما له صالحيات مجلس إدارة بت حديد الميزانية السنوية لبنك الجزائر وتعديلها‪ ،‬وحسب المادة ‪،293‬‬
‫يخول للمجلس صالحيات بصفته سلطة نقدية في الميادين المتعلقة بما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬إصدار النقد كما هو منصوص عليه في المادتين ‪ 1‬و‪ 1‬من هذا األمر وكذا تغطيته‪ ،‬وكذلك عمليات‬
‫الخصم والسندات وشروط فتح البنوك ومراقبة الصرف وتنظيم السوق‪.‬‬
‫‪ ‬الترخيص بإنشاء البنوك والمؤسسات المالية والمعاقبة على المخالفات المثبتة زيادة على المالحقة المدنية‬
‫والجزائية‪.‬‬
‫‪ .0.2‬اللجنة البنكية‪ :‬كلفت اللجنة البنكية بعد تأسيسها بمراقبة حسن تطبيق القوانين واألنظمة التي تخضع لها‬
‫البنوك والمؤسسات المالية وبالمعاقبة على النقائص التي يتم مالحظتها‪ ،3‬فهي لها دور رقابي من خالل السهر‬
‫على تطبيق القوانين واألنظمة التي تخضع البنوك والمؤسسات المالية والتأكد من أن الق اررات المتخذة من طرف‬
‫البنك ال تعرضه ألخطار كبيرة وال لمالءة البنك كما أنها تفرض احترام البنوك لقواعد الحذر المحددة من طرف‬
‫بنك الجزائر فيما يخص تغطية األخطار وتصنيف درجة خطر الديون وتشكيل االحتياطي لمخاطر القرض‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بأهم النتائج المحققة في هذه الفترة نوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عياش قويدر‪ ،‬عبد اهلل إبراهيمي‪ ،‬أثر استقاللية البنك المركزي على أداء سياسة نقدية حقيقية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ملتقى المنظومة البنكية الجزائرية‬
‫والتحوالت االقتصادية‪ ،‬واقع وتحديات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مبروك حسين‪،‬المدونة البنكية الجزائرية مع النصوص التطبيقية واالجتهاد القضائي والنصوص المتممة‪،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪. 61‬‬
‫‪3‬‬
‫محمود حميدات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪204‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫– تطورت الكتلة النقدية ‪ M‬بين ‪2696‬م و‪2660‬م بنسبة ‪ % 22.23‬في حين تغير الناتج المحل ي‬
‫اإلجمالي بمعدل ‪ 1% 0.90‬فقط وهو ما يبين وجود فجوة بين المؤشرات العينية‪ ،‬مما يوحي بوجود كتلة نقدية‬
‫بدون مقابل مما يساعد على بروز اختناقات تضخمية‪ ،‬كما تم تسجيل بعض المؤشرات االقتصادية‪.‬‬
‫– نمو ضعيف للناتج الداخلي الخام ‪.% 0.9‬‬
‫– ارتفاع القروض المقدمة لالقتصاد بـ‪%29‬‬
‫– سلبية معدل الفائدة الحقيقي نتيجة التضخم الكامن‪ ،‬حيث وصل معدل التضخم في ذلك العام بمؤشر‬
‫أسعار االستهالك إلى ‪ % 21.3‬مقابل ‪ % 62‬عام ‪2696‬م‪.‬‬
‫– ارتفاع التسرب النقدي بنسبة ‪.%23.11‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬البرنامج اإلستعدادي االئتماني الثاني من ‪ 0‬جوان ‪1111‬م إلى ‪ 02‬مارس ‪1110‬م‬
‫إن لجوء الجزائر إلى صندوق النقد الدولي مرة أخرى من اجل حصولها على األموال الالزمة لمواصلة‬
‫سلسلة اإلصالحات االقتصادية من اجل إيجاد التوازنات على المستوى الكلي وعليه تم االتفاق اإلستعدادي‬
‫الثاني بين صندوق النقد الدولي والجزائر بتاريخ ‪ 02‬جوان ‪2662‬م‪ ،‬حيث تم تحرير رسالة في ‪/ 31‬‬
‫‪2662/01‬م تم بموجبه تقديم ‪ 200‬مليون وحدة حقوق السحب الخاصة مقسمة على أربعة شرائح‪ ،‬كل شريحة‬
‫بمبلغ ‪ 11‬مليون وحدة حقوق السحب الخاصة‪.2‬‬
‫– الشريحة األولى‪ :‬جوان ‪2662‬م‪.‬‬
‫– الشريحة الثانية‪ :‬سبتمبر ‪2662‬م‪.‬‬
‫– الشريحة الثالثة‪ :‬ديسمبر ‪2662‬م‪.‬‬
‫– الشريحة الرابعة‪ :‬مارس ‪2663‬م‪.‬‬
‫ونشير إلى أن هذا االتفاق عرف بعض الظروف غير المالئمة‪ ،‬مما جعلها تقف عائق أمام تطبيق بنوده‬
‫المتفق عليها‪.‬‬
‫‪ .1‬أهداف االتفاق‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫هذا االتفاق كان يهدف إلى تسريع اإلصالحات االقتصادية من خالل‪:‬‬
‫– إصالح المنظومة المالية بما فيها إصالح النظام الضريبي والجمركي واالستقاللية المالية للبنك المركزي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪. 260‬‬
‫‪2‬‬
‫دحمان بن عبد الفتاح‪ ،‬األداء المتميز للمنظومة البنكية بالجزائر لتحقيق إدارة فعالة لالقتصاد الجزائري‪ ،‬مداخلة تدخل ضمن فعاليات المؤتمر العالمي‬
‫الدولي حول األداء المتميز للمنظمات والحكومة‪،‬جامعة ورقلة‪ ،‬يومي ‪ 6 - 9‬مارس ‪.3001‬‬
‫‪3‬‬
‫مدني بن شهرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.223،222‬‬

‫‪205‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫– تخفيض سعر الصرف واعادة االعتبار للدينار الجزائري ‪.‬‬


‫– الحد من تدخل الدولة في الحياة االقتصادية وترقية النمو االقتصادي عن طريق المؤسسات العمومية‬
‫والخاصة ‪.‬‬
‫– مواصلة الجهود من اجل القضاء على تشوهات االستهالك واالدخار الناتجة عن التحديد اإلداري‬
‫ألسعار السلع والخدمات وسعر الصرف‪.‬‬
‫– تحرير التجارة الداخلية والخارجية من اجل الوصول إلى قابلية تحويل الدينار‪.‬‬
‫– وضع سقوف قصوى لإلقراض الموجه للمؤسسات العمومية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ولقد وضعت الحكومة لتحقيق هذه األهداف مجموعة من اإلجراءات النقدية نلخصها فيما يلي‪:‬‬
‫العمل على الحد من الكتلة النقدية بجعلها في حدود ‪ 12‬مليار دج أي ما يعادل ‪ % 23‬سنة ‪.2662‬‬
‫تأطير تدفقات القرض للمؤسسات المختلة غير المستقلة‪.‬‬
‫تخفيض قيمة الدينار الجزائري في حدود ‪ % 31‬للفترة الممتدة ما بين نهاية ‪ 2660‬إلى مارس ‪2662‬‬
‫قصد تقليص الفرق الموجود بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار الصرف في السوق الموازية‪.‬‬
‫تعديل المعدالت المطبقة في إعادة التمويل‪ ،‬إذ تم رفع معدل الخصم في أكتوبر ‪ 2662‬إلى ‪% 22.1‬‬
‫بدال من ‪. % 20.1‬‬
‫تقليص الدعم الموجه للمواد األساسية والذي عوض بالدعم المباشر عن طريق المنح ‪.‬‬
‫التحكم في التضخم عن طريق تثب يت األجور وخفض النفقات العامة وتوجيه الفائض في الميزانية‬
‫للتطهير المالي للمؤسسات باإلضافة إلى خوصصة المؤسسات التي ال تحقق مردودية‪.‬‬
‫مراجعة إعادة تمويل البنك المركزي للبنوك التجارية‪ ،‬بزيادة التكاليف للحد من التوسع النقدي‪.‬‬
‫التحرير التدريجي لسعر الصرف الجاري الخارجي بسبب التحضير إلنشاء سوق األوراق المالية (القيم‬
‫المنقولة ) بإنشاء لجنة تنظيم ومراقبة للبورصة وشركة تسيير سوق القيم المنقولة مع إمكانية السماح‬
‫للمؤسسات الوطنية ذات النتائج الجيدة بالتوسع في رأس مالها بنسبة ‪% 30‬ابتداء من ‪.2669‬‬
‫العمل على إرساء نظام الصرف واستق ارره‪ ،‬المرفق بإنشاء سوق ما بين البنوك مع إحداث مكاتب‬
‫للصرف ابتداء من ‪ ،2669/ 02/ 02‬والعمل على تحول (دج) ألجل المعامالت الخارجية الجارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أكن لونيس‪ ،‬السياسة النقدية ودورها في ضبط العرض النقدي في الجزائر خالل الفترة ‪ ،0221-0222‬مذكرة ماجستير في العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ، 3022 ،02‬ص‪.210‬‬

‫‪206‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ .0‬نتائج االتفاق‪:‬‬
‫وخالل هذه المدة تحققت النتائج التالية‪:‬‬
‫– انخفاض المديونية الخارجية من ‪39.216‬مليار دوالر سنة ‪2660‬م إلى ‪ 31.91‬مليار دوالر سنة‬
‫‪2662‬م إلى ‪ 39.1‬مليار دوالر سنة ‪2663‬م مع ارتفاع خدمة المديونية‪ .‬حيث انتقلت من ‪ %12.6‬في‬
‫سنة‪ %19.1‬سنة ‪2663‬م‪.‬‬
‫– بلغ رصيد الخزينة ‪ 21‬مليار دينا ار كفائض نتيجة تطبيق سياسة الترشيد في النفقات العامة والى ارتفاع‬
‫اإليرادات ‪.‬‬
‫– بلغ فائض الميزان التجاري ‪ 1.10‬مليار دوال ار حيث كانت الصادرات ‪ 23.12‬مليار دوالر والواردات‬
‫‪ 9.02‬مليارات دوالرا‪.‬‬
‫– رفع معدل الخصم في أكتوبر ‪2662‬م من ‪ %20.1‬الى‪%22.1‬سنة ‪2663‬م مع رفع معدل المطبق‬
‫على كشوف البنوك من ‪%21‬إلى ‪ %30‬مع تحديد سعر تدخل بنك الجزائر عند مستوى السوق النقدية ‪%21‬‬
‫حيث الهدف من ذلك تحقق سعر فائدة حقيقي موجب و بالتالي المساهمة في رفع حجم المدخرات‪.‬‬
‫لكن ابتداء من سنة ‪2663‬م بدأت تظ هر االختالالت الهيكلية في االقتصاد الجزائري حيث زاد االستهالك‬
‫الحكومي بنسبة ‪ %3‬من اإلجمالي الناتج المحلى وذلك نتيجة الدعم الحكومي للسلع االستهالكية األساسية التي‬
‫شكلت ‪%1‬من إجمالي الناتج المحلى خالل الفترة ‪2663‬ـ‪ 2662‬مما أدى بالجزائر إلى إصدار النقد لتغطية‬
‫العجز في ميزانية الدولة ومنها تغير مقدار التضخم مما أدى إلى تغيير قيمة الدينار بسبب ارتفاع في الكتلة‬
‫النقدية بحوالي ‪ %32.3‬كما أن نسبة البطالة وصلت إلى ‪.%32.3‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬عرض السياسة النقدية في ظل البرنامج اإلستعدادي االئتماني الثالث مع"ص‪.‬ن‪.‬د" (أفريل‬
‫‪1112‬م‪/‬مارس ‪1111‬م)‬
‫إن تنفيذ برنامج التعديل الهيكلي يقتضي القيام بجملة من اإلجراءات‪ ،‬منها إيقاف تراجع النمو االقتصادي‬
‫واحتواء وتيرة التضخم‪ ،‬والتسي ير الجيد للطلب المحلي بواسطة سياسات نقدية صارمة‪ ،‬وتعميق اإلصالحات‬
‫الهيكلية‪ ،‬مع تخفيف خدمات الديون الخارجية‪ .‬حيث بعد فشل االتفاقيتين السابقتين مع مؤسسات النقد الدولية‪،‬‬
‫وتحت ضغط األزمة االقتصادية والمالية واألمنية‪ ،‬كانت السلطات الجزائرية مرغمة على اللجوء مرة ثالثة إلى‬
‫صندوق النقد الدولي والبنك العالمي إلبرام برنامج تصحيح لمدة سنة‪ ،‬بحيث تحصلت بموجبه على قرض بقيمة‬

‫‪207‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ 111.3‬مليون حقوق سحب خاصة أي ما يعادل مليار دوالر أمريكي‪ ،‬والذي تضمن مجموعة من خطوات عمل‬
‫تقوم بها الجزائر حتى تتمكن من تحقيق االستقرار االقتصادي مما يسمح لها فيما بعد من عقد اتفاق موسع‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬أهداف االتفاق‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫– الحد من توسع الكتلة النقدية ‪ M3‬بتخفيض حجمها من ‪ % 32‬سنة ‪2662‬م إلى ‪ % 21‬سنة ‪2661‬م‪.‬‬
‫– تخفيض قيمة الدينار الجزائري بنسبة ‪ % 10.21‬في أفريل ‪ ( 2661‬ليصل ‪2‬دوالر مقابل ‪ 29‬دج )‬
‫بغية تقليص الفرق بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار الصرف في السوق السوداء‪.‬‬
‫– استعادة وتيرة النمو االقتصادي وتحقيق نمو مستقر ومقبول في الناتج المحلي الخام بنسبة ‪ % 2‬سنة‬
‫‪ 2661‬م و‪ % 9‬سنة ‪ 2661‬م إحداث مناصب شغل المتصاص البطالة‪.‬‬
‫– تحرير معدالت الفائدة المدينة للبنوك مع رفع معدالت الفائدة الدائنة على االدخار ومن ثم تحقيق أسعار‬
‫فائدة حقيقية موجبة إلحداث منافسة على مستوى تعبئة المدخرات للمساهمة في تمويل االستثمارات وتحسين‬
‫فعالية االستثمار بالرفع من إنتاجية رأس المال‪ ،‬وبالتالي رفع معدل النمو االقتصادي المراد تحقيقه خالل الفترة ‪.‬‬
‫– جعل معدل تدخل البنك المركزي في السوق النقدية عند مستوى ‪.% 30‬‬
‫– العمل من أجل االستقرار المالي بتخفيض معدل التضخم إلى أقل من ‪.% 20‬‬
‫– توفير الشروط الالزمة لتحرير التجارة الخارجية تمهيدا لالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة‪ ،‬وبالتالي‬
‫االندماج في العولمة االقتصادية‪.‬‬
‫– رفع احتياطات الصرف بغية دعم القيمة الخارجية للعملة ‪.‬‬
‫إن ما يمكن استخالصه مما سبق هو التطبيق الصارم للسياسات المعلنة وكذا بداية ظهور لمالمح آليات‬
‫السوق‪ ،‬بحيث لجأت الحكومة منذ سنة‪2661‬م إلى استعمال أدوات السياسة النقدية غير المباشرة للحد من‬
‫التوسع في نمو الكتلة النقدية ‪ ، M3‬ومن ثم العمل على تخفيض معدل التضخم إلى المستوى الذي يسمح‬
‫باستقرار األسعار وهذا ما يفسر رفع معدالت الفائدة خالل هذه الفترة‪ ،‬والغاء السقوف على الفوائد‬
‫المدينة‪،‬والسقوف على الفائدة في السوق النقدية فيما بين البنوك‪ ،‬كما قامت بفرض نسبة ‪ % 31‬كاحتياطي نقدي‬
‫قان وني على كافة الودائع بالعملة الوطنية وفي نفس الوقت باشرت الخزينة بإصدار سندات بأسعار فائدة بلغت‬
‫‪.% 29.1‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.261‬‬

‫‪208‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫أما السياسة المتبعة من طرف السلطات في مجال إصالح النظام المالي كانت تهدف إلى تنمية الوساطة‬
‫المالية بفضل تحسين أدوات السياسة النقدية وترقية النظام البنكي حيث في ‪ 2661‬تم اعتماد نظام االحتياطي‬
‫القانوني ألجل تنمية إمكانيات مراقبة السيولة النقدية عن طريق إعادة الخصم للبنوك التجارية من قبل البنك‬
‫المركزي ليحل السوق النقدي مكانه كأداة من أدوات السياسة النقدية‪ ،‬كما تم إدخال أداة عمليات البيع بالمزاد‬
‫العلني في السوق النقدية في شكل مزايدات القروض‪ ،‬ولقد أدركت السلطات الجزائرية أنها تلزمها إصالحات‬
‫جذرية للتخلص من التبعية إلى الخارج‪ ،‬مما أدى بها إلى عقد اتفاق موسع آخر لمدة ‪ 02‬سنوات‪ ،‬وهذا ما سنراه‬
‫الحقا‪.‬‬
‫‪ .0‬نتائج البرنامج‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫أهم النتائج المحققة في ظل هذا البرنامج تتمثل يلي‪:‬‬
‫– ارتفاع نسبة السلع المحرر أسعارها إلى ‪ %91‬من إجمالي السلع المدرجة في مؤشر أسعار المستهلك‪.‬‬
‫– حقق الناتج المحلي الحقيقي نمو سلبي بمعدل ‪ % 0.1‬سنة ‪ 2661‬م مقارنة بمعدل النمو المقدر في‬
‫البرنامج بـ‪.% 2‬‬
‫– انخفاض العجز الكلي في الميزانية بالنسبة إلى الناتج المحلي اإلجمالي بمعدل ‪ ،% 1.1‬مقابل ‪%1.1‬‬
‫المقدرة في البرنامج الحكومي‪.‬‬
‫– ارتفاع االئتمان المحلي بنسبة ‪ % 20‬عام ‪ 2661‬والغاء السقوف على الفوائد المدينة‪ ،‬كما تم فرض‬

‫‪ % 31‬كمعدل احتياطي إلزامي على الودائع بالعملة الوطنية‪ ،‬كما باشرت الخزينة إصدار سندات بأسعار فائدة‬
‫‪.% 29.1‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬عرض السياسة النقدية في ظل االتفاق الموسع مع"ص‪.‬ن‪.‬د" من ‪ 01‬مارس ‪ 1111‬إلى ‪1‬‬
‫افريل ‪1111‬م‬
‫كانت الجزائر تختنق الديون بالعملة الصعبة التي غالبا ما أبرمتها باستخفاف مع المؤسسات المالية‬
‫الدولية‪ ،‬وبالرجوع إلى المديونية نجد أن المديونية الخارجية قد تراجع ت حسب مذكرة بنك الجزائر بين ‪2661‬‬
‫و‪ 2669‬بحوالي ‪ 110‬مليون دوالر لتصل إلى ‪ 20011‬مليار دوالر سنة ‪2669‬م مقابل ‪ 22033‬مليار سنة‬
‫‪2661‬م‪ ،‬فإ ن انهيار أسعار النفط وتراجع المداخيل افرز ارتفاعا محسوسا لمعدل خدمات الديون وخاصة بعد أن‬
‫تمت إعادة جدولة ‪ %10‬من القيمة اإلجمالية للمديونية الجزائرية مع تراجع للديون المتوسطة‪ .‬وافق صندوق‬

‫‪1‬حاكمي بوحفص‪ ،‬مسيرة االقتصاد الجزائري وأثرھا على النمو االقتصادي‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد‪ ،32‬جانفي‪.3001‬‬

‫‪209‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫النقد الدولي على اتفاق القرض الموسع مع الجزائر الممتد خالل الفترة (‪ ،) 2669- 2661‬وذلك بعد نهاية‬
‫تنفيذ اتفاقية برنامج التثبيت لمدة سنة بشكل مرض‪ ،‬كما ينص االتفاق على إعادة جدولة ثانية للقروض‬
‫المتوسط ة والطويلة مع نادي باريس ولندن‪ .‬واحتوت رسالة النية المحررة من قبل السلطات الجزائرية ‪ 20‬مارس‬
‫‪2661‬م على مذكرة بالسياسات االقتصادية والمالية للجزائر للفترة (‪2661‬م – ‪2669‬م ) متضمنة على‬
‫‪1‬‬
‫الخصوص قبول الجزائر سلسلة إصالحات من أجل تحويل االقتصاد الجزائري إلى نظام اقتصاد السوق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .1‬أهداف البرنامج ‪ :‬يهدف برنامج التعديل الهيكلي إلى تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫– تحقيق نمو متوسط ‪ % 1‬من إجمالي اإلنتاج الخام خارج المحروقات‪.‬‬
‫– تخفيض نسبة التضخم إلى ‪.% 20.2‬‬
‫– التحرير التدريجي لعجز الميزان الجاري الخارجي بحيث سينخفض العجز ‪. % 9.6‬‬
‫– التحضير إلنشاء سوق لألوراق المالية ( القيم المنقولة ) بإنشاء لجنة تنظيم ومراقبة للبورصة وشركة‬
‫تسيير سوق القيم مع إمكانية السماح للمؤسسات الوطنية ذات النتائج الجيدة بالتوسع في رأس مالها بنسبة‬
‫‪ %30‬ابتداء من ‪2669‬م ‪.‬‬
‫– العمل على إرساء نظام الصرف واستق ارره‪ ،‬المرفق بإنشاء سوق مابين البنوك مع إحداث مكاتب للصرف‬
‫ابتداء من ‪2669 /02/ 02‬م‪ ،‬والعمل على تحول (دج) ألجل المعامالت الخارجية الجارية‪.‬‬
‫‪ .0‬نتائج االتفاق‪ :‬ومن أهم النتائج المتوصل إليها نجد‪:‬‬
‫– انخفاض معدل التضخم من ‪ % 36‬سنة ‪2661‬م إلى ‪ %101‬سنة ‪2661‬م و‪ %1‬سنة ‪2669‬م ونتيجة‬
‫‪3‬‬
‫لذلك انخفض معدل إعادة الخصم من ‪ % 21‬سنة ‪2661‬م إلى ‪ % 6.1‬سنة ‪2669‬م‪.‬‬
‫– انخفاض سعر صرف الدينار‪ ،‬فمن ‪ 29‬دج‪ $/‬سنة ‪2661‬م بلغ سعر الصرف سنة ‪ 2669‬حوالي ‪19‬‬
‫دج‪ $/‬أي انخفاض بنسبة ‪.% 92‬‬
‫– ارتفاع المديونية الخارجية من ‪ 36.16‬مليار ‪ $‬سنة ‪2661‬م إلى ‪ 20.11‬مليار‪ $‬سنة ‪2669‬م وهذا‬
‫بسبب االنخفاض المفاجئ في موارد الصادرات التي بلغت حوالي ‪ 20‬مليار ‪ ،$‬هذا وقد سجل تحسن‬
‫ملحوظ في مورد الدولة من العملة الصعبة في سنوات ‪2669‬م(‪ 22.9‬مليار‪ )$‬و‪22.1( 2661‬‬
‫مليار‪.)$‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪. 262،261‬‬
‫‪2‬‬
‫كريالي بغداد‪ ،‬نظرة عامة على التحوالت االقتصادية في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد‪ ،3001 ،9‬ص ص ‪.23 ،22‬‬
‫‪3‬‬
‫ناصر دادي عدون‪ ،‬منتاوي محمد‪ ،‬الجزائر والمنظمة العالمية للتجارة‪ ،‬دار المحمدية العامة‪ ،‬الجزائر‪ ،3002‬ص‪.239‬‬

‫‪210‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫– ارتفاع احتياطي الصرف من ‪ 2.2‬مليار‪ $‬سنة ‪2661‬م إلى ‪ 1‬مليار‪ $‬سنة ‪2669‬م (تضاعف بـ‪9.29‬‬
‫مرة)‪.‬‬
‫– ومنه يمكننا القول أن برنامج التعديل الهيكلي عرف نتائج يمكن وصفها بالمقبولة على مستوى مؤشرات‬
‫التوازن االقتصادي الكلي باإلضافة إلى إعادة تفعيل السياسة النقدية كوسيلة ضبط مالي واقتصادي‬
‫وكسياسة إلدارة الطلب‪.‬‬
‫لقد أظهرت النتائج المتوصل إليها خالل هذه المرحلة (‪2660‬م ‪2669-‬م) تباين آثار برامج اإلصالح‬
‫المدعومة على المؤشرات االقتصادية المختلفة مما يجعل من عملية التقويم وابداء الحكم على مدى نجاعتها‬
‫صعبا للغاية هذا من جهة‪ ،‬ومن جانب آخر فإن أداء االقتصاد الجزائري بصفة عامة والسياسة النقدية بصفة‬
‫خاصة مرهون بأحوال أسواق البترول‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬عرض مسار السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬
‫إن األوضاع االقتصادية الحرجة التي مرت بها الجزائر أثناء التسعينيات والتي تميزت في شكلها العام‬
‫بضعف النمو االقتصادي‪ ،‬ارتفاع معدالت التضخم‪ ،‬اختالل التوازنات الخارجية والعجز عن سداد خدمات‬
‫الديون وغيرها‪ ،‬دفعت بالسلطات االقتصادية إلى تبني العديد من السياسات اإلصالحية التي استمرت إلى غاية‬
‫األلفية الثالثة‪ ،‬وقد استخدمت هذه السياسات ضمن آلياتها السياسة النقدية كوسيلة لتحقيق االستقرار االقتصادي‪.‬‬
‫لهذا فقد مرت السياسة النقدية في ا لجزائر بالعديد من التطورات التي كان لها انعكاس واضح على النظام‬
‫البنكي وأداء السياسة االقتصادية‪ .‬وعليه سنحاول في هذا المبحث تسليط الضوء على أهم التطورات التي عرفتها‬
‫السياسة النقدية خالل األلفية الثالثة‪ ،‬أهم األدوات المعتمدة وكذا تطور الكتلة النقدية ومقابالتها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أهم التعديالت القانونية لسير السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة ‪0222‬م‪0212-‬م‬
‫نتيجة لألوضاع االقتصادية الصعبة التي عرفتها الجزائر في نهاية الثمانينيات والتي أدت إلى عدم‬
‫االستقرار االقتصادي‪ ،‬حاولت السلطات الجزائرية سنة ‪2660‬م احتواء هذه األوضاع بإتباع سياسة نقدية‬
‫باعتبارها الوسيلة المزدوجة المبذولة لتحقيق االستقرار االقتصادي‪ ،‬واحدى الركائز األساسية للسياسات‬
‫االقتصادية الكلية التي تمكنها من مراقبة التضخم وتنظيم سوق الصرف وتحقيق االستقرار النقدي‪ 1.‬وعلى هذا‬
‫األساس‪ ،‬أ ِ‬
‫دخل على النظام البنكي ا لجزائري العديد من اإلصالحات كان أهمها إصدار قانون النقد والقرض رقم‬
‫‪60‬ـ ‪ ،20‬الذي وضع النظام البنكي على مسار تطور جديد‪ ،‬تميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة المالية وابراز‬
‫دور النقد في السياسة النقدية‪ ،‬وارجاع صالحيات السلطات النقدية في تسيير النقد ورسم السياسة النقدية في ظل‬
‫استقاللية تامة‪ .‬وقد جاء أول تعديل لقانون رقم ‪60‬ـ ‪ 20‬مباشرة مع مطلع األلفية الثالثة بموجب األمر‪02‬ـ ‪02‬‬
‫المعدل والمتمم لقانون رقم ‪60‬ـ ‪ 20‬والمؤرخ في ‪ 31‬فيفري ‪3002‬م‪ ،‬حيث حمل هذا األمر في طياته بعض‬
‫التعديالت لمواجهة بعض الثغرات اإلدارية وتعزيز فعالية بنك الجزائر في تحقيق أهدافه المنشودة‪ ،‬لذلك فقد مس‬
‫وبصفة مطلقة الجوانب اإلدارية في تسيير بنك الجزائر دون المساس بصلب القانون ومواده المطبقة‪.‬‬
‫إن الثغرات التي حدثت في النظام البنكي الجزائري والتي كشفت عن ضعف آليات الرقابة والتحكم من‬
‫ّ‬
‫طرف بنك الجزائر‪ ،‬دفعت بالسلطات النقدية إلى إعادة النظر في هذا الجهاز البنكي والسياسة النقدية المطبقة‬
‫بإصدار قانون رقم ‪02‬ـ ‪ 22‬المتعلق بالنقد والقرض بتاريخ ‪ 39‬أوت ‪3002‬م‪ ،‬والذي أعطى لبنك الجزائر أكثر‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى عبد اللطيف وبلعور سليمان‪ ،‬النظام البنكي بعد االصالحات‪ ،‬مداخلة مقدمة ضمن أشغال الملتقى الوطني األول حول اإلصالحات االقتصادية‬
‫في الجزائر الممارسة التسويقية‪ ،‬المركز الجامعي بشار‪ ،‬يومي ‪30‬ـ ‪ 32‬أفريل ‪،3001‬‬

‫‪212‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫فعالية من حيث المراقبة والتنظيم واإلشراف على السياسة النقدية وسياسة الصرف‪ .‬ومن أجل تعزيز اإلطار‬
‫التنظيمي والعم لياتي للسياسة النقدية‪ ،‬جاء األمر ‪20‬ـ ‪ 01‬المعدل والمتمم لألمر ‪02‬ـ ‪ 22‬والصادر بتاريخ ‪39‬‬
‫أوت ‪3020‬م‪ ،‬فقد أعطى هذا األمر إرساء قانونيا الستقرار األسعار كهدف صريح للسياسة النقدية‪ .‬وبصفة‬
‫‪1‬‬
‫عامة‪ ،‬يمكن إيجاز أهم التطورات التي عرفتها السياسة النقدية خالل الفترة المدروسة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إصدار النظام رقم ‪3000‬ـ ‪ 02‬المؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪3000‬م المتعلق بعمليات إعادة الخصم‬
‫والقروض للمصارف‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار التعليمة رقم ‪03‬ـ ‪ 3003‬المؤرخة في ‪ 22‬أفريل ‪3003‬م المتضمنة إدخال استرجاع السيولة في‬
‫السوق النقدية‪ ،‬ويتعلق األمر بعمليات استرجاع للسيولة على البياض تتم عن طريق مناقصات فورية والتي يمكن‬
‫أن تكون في شكل ودائع لمدة ‪ 31‬ساعة أو ألجل‪ ،‬يتم مكافأتها بمعدل فائدة يحدد بالنسبة لكل عملية مناقصة‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار النظام رقم ‪01‬ـ ‪ 03‬المؤرخ في ‪ 01‬مارس ‪3001‬م المحدد لشروط تكوين االحتياطيات‬
‫اإلجب ارية الدنيا‪ .‬وقد أشار هذا النظام إلى المبادئ العامة أي المؤسسات الخاضعة لتكوين االحتياطيات‬
‫اإلجبارية‪ ،‬المعدل األقصى ووعاء التكوين‪ ،‬فترة التكوين والمكافأة المتصلة بذلك‪ ،‬باإلضافة إلى تحديده للعقوبة‬
‫المطبقة في حالة عدم القيام بتكوين االحتياطيات اإلجبارية التنظيمية أو في حالة ما إذا كان تكوينها غير كاف‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار التعليمة رقم ‪01‬ـ‪ 01‬المؤرخة في ‪ 21‬جوان ‪3001‬م المتعلقة بتسهيلة الودائع المغلة للفائدة‪.‬‬
‫ويتعلق األمر هنا بالتسهيلة الدائمة‪ ،‬يتم القيام بها على بياض ويخصصها بنك الجزائر لصالح المصارف بشكل‬
‫حصري‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار التعليمة رقم ‪22‬ـ ‪ 01‬المؤرخة في ‪ 31‬ديسمبر ‪3001‬م المعدلة والمتممة للتعليمة رقم ‪03‬ـ ‪01‬‬
‫المتعلقة بنظام االحتياطيات اإلجبارية‪ .‬وفقا للمادة ‪ 02‬من هذه التعليمة‪ ،‬حدد معدل االحتياطيات اإلجبارية عند‬
‫‪ %09‬من الوعاء المحدد‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار التعليمة رقم ‪03‬ـ ‪ 09‬المؤرخة في ‪ 22‬مارس ‪ 3009‬المعدلة للتعليمة رقم ‪02‬ـ ‪ 01‬المتعلقة‬
‫‪2‬‬
‫بنظام االحتياطيات اإلجبارية حيث حددت هذه التعليمة مكافأة االحتياطيات اإلجبارية بنسبة ‪.%0.11‬‬
‫‪ ‬لقد تم في سنة ‪ 3006‬مراجعة وتكملة اإلطار التنظيمي المتعلق بتدخالت بنك الجزائر بموجب تنفيذ‬
‫أهداف السياسة النقدية والمحددة من طرف مجلس النقد والقرض‪ ،‬بناء على المادة ‪ 93‬من األمر ‪02‬ـ ‪ .22‬ولهذا‬

‫‪1‬‬
‫بوشنب موسى‪ ،‬نحو تنسيق السياسات االقتصادية الكلية لتحقيق االستقرار االقتصادي حالة الجزائر ‪0222‬ـ ‪ ،0212‬أطروحة دكتوراه في العلوم‬
‫االقتصادية ‪ ،‬تخصص اقتصاديات المالية والبنوك‪ ،‬جامعة بومرداس‪ ،3021/3021 ،‬ص‪.293‬‬
‫‪2‬‬
‫بنك الجزائر‪ ،‬التطور االقتصادي والنقدي للجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0221‬سبتمبر ‪ ،3006‬ص ص ‪290‬ـ ‪.293‬‬

‫‪213‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الغرض‪ ،‬أصدر مجلس النقد والقرض النظام رقم ‪06‬ـ ‪ 03‬المؤرخ في ‪ 39‬ماي ‪ 3006‬المتعلق بعمليات السياسة‬
‫النقدية‪ ،‬ووسائلها واجراءاتها‪ .‬فقد حدد هذا النظام معيار عمليات السياسة النقدية لبنك الجزائر‪ ،‬ووضح على وجه‬
‫‪1‬‬
‫الخصوص‪ ،‬عمليات السياسة النقدية التي يقوم بها في السوق النقدية‪ .‬ويحدد هذا النظام بشكل خاص ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مقابالت عمليات السياسة النقدية لبنك الجزائر والعقوبات التي يمكن التعرض لها في حالة عدم احترام‬
‫التزاماتها بصفتها كمقابالت‪.‬‬
‫‪ ‬األوراق المقبولة من طرف بنك الجزائر والتي يتخذها كضمان للعمليات الخاصة بالتنازالت المؤقتة أو‬
‫النهائية وكذا طريقة تقييمها‪.‬‬
‫‪ ‬عمليات السياسة النقدية‪ ،‬وبشكل خاص‪ ،‬العمليات التي يكون بنك الجزائر مدعوا للقيام بها في السوق‬
‫النقدية‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬كانت كل عمليات السوق (عمليات إعادة التمويل األساسية‪ ،‬عمليات إعادة التمويل‬
‫لمدة أطول‪ ،‬عمليات التعديل الدقيق‪ ،‬العمليات الهيكلية) محل التطورات‪.‬‬
‫‪ ‬التسهيالت الدائمة‪ ،‬والمتمثلة في تسهيلة التسليفة الهامشية‪ ،‬تسهيلة الودائع المغلة للفائدة‪ ،‬حيث تتصف‬
‫هذه التسهيالت بأنها عمليات تتم بمبادرة من المصارف التي تشكل مقابالت لعمليات السياسة النقدية لبنك‬
‫الجزائر‪ ،‬والتي شهدت تعزي از في إرسائها التنظيمي‪.‬‬
‫‪ ‬إجراءات تدخل بنك الجزائر في السوق النقدية التي تم تمحيصها‪ ،‬إذ تتمثل هذه اإلجراءات في إجراءات‬
‫المناقصات الدورية واإلجراءات المتعلقة بالمناقصات السريعة‪.‬‬
‫‪ ‬إجراءات حركة األموال الخا صة بعمليات السياسة النقدية‪ ،‬والتي تتم حصريا عبر نظام الدفع الفوري‬
‫للمبالغ الكبيرة والمدفوعات المستعجلة قيد التشغيل منذ فيفري ‪.3009‬‬
‫‪ ‬إصدار التعليمة رقم ‪02‬ـ ‪ 06‬المؤرخة في ‪ 31‬فيفري ‪ ،3006‬والتي حددت معدل المكافأة التي يمنحها‬
‫بنك الجزائر للبنوك مقابل االحتياطي اإلجباري بـ ‪ %0.1‬مقابل ‪ %0.11‬التي كانت في السابق‪.‬‬
‫‪ ‬في إطار إدارة السياسة النقدية‪ ،‬يتدخل بنك الجزائر أيضا بواسطة االستخدام النقدي الذي يتضمن‬
‫عملياته مع المصارف خارج السوق النقدية (إعادة الخصم‪ ،‬أخذ ومنح اإلعانات‪ ،‬تسبيقات) وعملياته في السوق‬

‫‪1‬‬
‫أنظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬بنك الجزائر‪ ،‬التطور االقتصادي والنقدي للجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0212‬جويلية ‪ ،3022‬ص‪ ،‬ص ‪.211 ،219‬‬
‫‪-Banque d’Algérie, évolution économique et monétaire en Algérie, rapport 2011, octobre 2012, p 112.‬‬

‫‪214‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫(عمليات السوق المفت وحة بواسطة التنازل المؤقت واسترجاع السيولة عن طريق المناقصات) على حد سواء‬
‫‪1‬‬
‫فضال عن متابعة التنظيم في مجال االحتياطيات اإلجبارية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدوات السياسة النقدية المستخدمة في الجزائر خالل الفترة ‪0222‬م‪0212-‬م‬
‫عرفت األدوات النقدية المستعملة في الجزائر مرحلتين هامتين‪ ،‬فقبل سنة ‪2660‬م كانت عبارة عن أدوات‬
‫مباشرة أما بعد إصالحات التسعينات وصدور قانون رقم ‪ 20/60‬المتعلق بالنقد والقرض فقد تم االنتقال من‬
‫استعمال األدوات المباشرة إلى استعمال األدوات الغير المباشرة التي جاءت لتواكب اإلصالحات االقتصادية‬
‫خاصة بعد صدور قانون النقد والقرض رقم ‪ 20/60‬حيث شرعت السلطات النقدية في إدخال عدة أدوات غير‬
‫مباشرة تتماشى مع الحاجة التي يتطلبها االقتصاد وخاصة السوق النقدية و البنكية والمتمثلة أساسا في معل‬
‫إعادة الخضم ‪،‬سياسة االحتياطي اإلجباري وعمليات السوق المفتوحة ثم تم عزيز ذلك بنوع أخر من األدوات‬
‫غير المباشرة في ضخ السيولة وامتصاصها وهذا ما سنتطرق إليه‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬معدل إعادة الخصم‬
‫كما رأينا سابقا معدل الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقضاه البنك المركزي مقابل إعادة خصمه‬
‫األوراق التجارية التي تقدمها البنوك التجارية لخصمها واال قتراض منه باعتباره المالذ األخير لإلقراض ويسمى‬
‫أيضا سعر البنك‪ .‬ويعتبر معدل إعادة الخصم أحد أدوات السياسة النقدية يستعمله بنك الجزائر للتأثير في مقدرة‬
‫البنوك التجارية على منح القروض بالزيادة أو بالنقصان‪ ،‬إذ كان بنك الجزائر قبل صدور قانون النقد والقرض‬
‫رقم(‪ ) 20/60‬يعامل القطاعات االقتصادية وفق معيار المفاضلة في منح القروض بتطبيق معدل إعادة خصم‬
‫خاص بكل قطاع‪ ،‬ولكن منذ سنة ‪2663‬م تم تعويضه بنظام التحديد الموحد لمعدل إعادة الخصم‪ ،‬والذي يتم‬
‫تغييره كل ‪ 23‬شهر تقريبا ويقوم مجلس النقد والقرض بكيفيات وشروط تحديده‪ ،‬وفي بداية كل سنة يقوم بنك‬
‫الجزائر لمجلس النقد والقرض بالتوقعات المتعلقة بتطور المجاميع النقدية لتحقيق الهدف المحدد حسب األهداف‬
‫الوسيطة لبلوغ الهدف النهائي‪ ،‬وفي بداية كل ثالثي يبرمج بنك الجزائر المبالغ اإلجمالية القصوى التي تكون‬
‫قابلة إلعادة الخصم إال أنه تم تثبيت هذه النسبة سنة ‪.2661‬‬
‫الجدول التالي يوضح معدل إعادة الخصم للفترة (‪3000‬م‪3021-‬م)‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫بنك الجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0221‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬

‫‪215‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)0-0‬تطور معدل إعادة الخصم في الجزائر للفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬


‫المعدل‬ ‫إلى‬ ‫يحتسب ابتداء من‬

‫‪%7.1‬‬ ‫‪0222-12-01‬‬ ‫‪0222-21-07‬‬

‫‪%6.1‬‬ ‫‪0220-21-11‬‬ ‫‪0222-12-00‬‬

‫‪%1.1‬‬ ‫‪0220-21-01‬‬ ‫‪0220-21-02‬‬

‫‪%2.1‬‬ ‫‪0222-20-26‬‬ ‫‪0220-26-21‬‬

‫‪%2‬‬ ‫إلى يومنا هذا‬ ‫‪0222-20-27‬‬

‫المصدر‪ :‬بنك الجزائر‪ ،‬النشرة اإلحصائية الثالثية رقم ‪ ،07‬سبتمبر ‪ ،3021‬ص‪.26‬‬

‫حسب الجدول أعاله نالحظ أن معدل إعادة الخصم في انخفاض تدريجي‪ ،‬حيث في سنة ‪ 3000‬قدر‬
‫ب‪ %1.1‬لينخفض إلى ‪ %9.1‬سنة ‪ 3003‬بس بب الحالة المالية الجيدة على مستوى البنوك التي خفضت من‬
‫مستوى إعادة تمويلها لدى بنك الجزائر‪ ،‬من ‪ 210.1‬مليار دج سنة ‪ 3000‬إلى ‪ 203.6‬مليار دج في جوان‬
‫‪ ، 3002‬وقد ساهم هذا الوضع في كبح وتيرة نمو الكتلة النقدية‪ ،‬ولكن االنخفاض في معدل إعادة الخصم لم‬
‫يشجع البنوك على اقتحام ميدان االستثمار لتعادله مع معدل الفائدة المدين وفي سنة ‪ 3003‬استمر معدل إعادة‬
‫الخصم في االنخفاض ليصل إلى‪ %1.1‬وانعدم في هذه السنة عادة التمويل من طرف البنوك لدى بنك الجزائر‬
‫وما يؤكد ذلك هو ارتفاع ودائعها إلى ‪ 369.1‬مليار دج ‪.‬‬
‫نفس الشيء حدث في ‪ 3001-3002‬فاستمر االنخفاض في معدل إعادة الخصم إلى ‪ %1.1‬و‪%1‬‬
‫وبقي هذا المعدل ثابتا إلى غاية اليوم ويعد هذا مؤش ار جيدا ويعبر عن التحسن في مستويات التضخم‪ ،‬وانعدام‬
‫إعادة التمويل لدى بنك الجزائر‪ ،‬والتي أصبحت ال تلجا إليه البنوك منذ سنة ‪ 3003‬بسبب السيولة الزائدة التي‬
‫أصب حت تتوفر عليها مما جعل ودائعها تتضاعف لدى بنك الجزائر‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معدل االحتياطي اإلجباري‬
‫حسب المادة ‪ 62‬من قانون النقد والقرض ألزمت البنوك التجارية بفتح حساب خاص ومغلق لتكوين‬
‫‪1‬‬
‫احتياطي يحسب إما من مجموع لودائع أو لجزء منها‪ ،‬ويسمى هذا االحتياطي باالحتياطي اإلجباري أو اإللزامي‬
‫وال يمكن أن يتعدى االحتياطي اإللزامي ثمانية وعشرين بالمائة من المبالغ المعتمدة كأساس الحتسابه‪ ،‬إال أنه‬

‫‪1‬‬
‫اكن لونيس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.260‬‬

‫‪216‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫يجوز لبنك الجزائر أن يحدد نسبة أعلى في حالة الضرورة المثبتة قانونا وكل نقص في االحتياطي اإللزامي‬
‫يخضع البنوك والمؤسسات المالية حكما بغرامة تساوي ‪ %2‬من المبلغ الناقص ويستوفي بنك الجزائر هذه‬
‫الغرامة‪ 1‬لقد بدأ بنك الجزائر في فرض احتياطي على البنوك التجارية بـ‪ %3.1‬في أكتوبر ‪ 2661‬من الودائع‬
‫البنكية من دون الودائع بالعمالت الصعبة غير أنها لم تطبق فعليا إلى غاية ‪ 3002‬نظ ار لوضعية السيولة‬
‫الضعيفة لدى البنوك‪.2‬‬
‫وتطبيق هذه التعليمة بحوالي ‪ 20‬أشهر فقط اصدر بنك الجزائر تعليمة أخرى تحت رقم‪3002/09 :‬‬
‫معدلة ومتممة للتعليمة رقم ‪3002/02‬م تنص على رفع نسبة االحتياطي إلى ‪ %1.31‬انطالقا من‬
‫تاريخ‪3002/23/21‬م وقد بلغت نسبتها في‪ 3002‬و‪ )%9.31،%9.1( 3001‬على التوالي‪ .‬وبقيت هذه النسبة‬
‫بدون تغيير لمدة ‪2‬سنوات‪ ،‬ثم جاءت التعليمة رقم ‪ 22/01‬المؤرخة في ‪ 3001/23/31‬حيث تنص على رفع‬
‫نسبة االحتياطي إلى ‪ %9‬وكان هذا التغيير الذي أدلى به بنك الجزائر في التعليمة رقم ‪ 02/06‬المؤرخة في‬
‫‪ 3006/03/31‬كما اثبت معدل المكافئة التي يمنحها بنك الجزائر للبنوك مقابل االحتياطي اإلجباري بـ‪%1‬‬
‫مقابل ‪ %0.11‬التي كانت سابقا‪.‬‬
‫‪ ‬تقييم أداة االحتياطي اإلجباري‪:‬‬
‫تعد هذه األداة من أهم األدوات باعتبارها الضمان األول للمودع وأداة فعالة في يد السياسة النقدية إذا‬
‫استعملت بحزم‪ ،‬في سنة ‪3000‬م نجد أن بنك الجزائر فرض احتياطيا إلزاميا على البنوك التجارية بنسبة ‪%2‬‬
‫من مجموع الودائع البنكية (مع استبعاد الودائع بالعمالت األجنبية ) مع تعويضها بنسبة ‪ %22.1‬وهو مستوى‬
‫عال إذا ما قورن بالدول المجاورة التي ال تخضع ألي تعويض على اإلطالق‪ ،‬ارتفع هذا المعدل في عام ‪3002‬‬
‫إلى ‪ %1.31‬و لم يتم تطبيقه فعليا حتى ‪ 21‬ديسمبر ‪ 3002‬وهذا نظ ار للوضعية السيئة للبنوك‪.‬‬
‫وقد فرضت السلطات النقدية عقوبة على البنوك و المؤسسات المالية التي ينقص احتياطها اإلجباري‪،‬‬
‫تتمثل في غرامة مالية ‪ %2‬من المبلغ الناقص والهدف األساسي من هذه األداة هو تنظيم السيولة البنكية‪ ،‬حيث‬
‫كانت البنوك في تلك المرحلة تنفذ برنامجا لإلعادة الهيكلة الداخلية والمالية‪ ،‬وقد أبقى بنك الجزائر على‬
‫االحتياطات اإلجبارية كأداة غير مباشرة للسياسة النقدية على امتداد سنة ‪ ،3002‬وخالل سنة ‪ 3001‬تم تفعيل‬
‫أداة االحتياطي اإلجباري من جديد ألن مجلس النقد والقرض نشر تنظيما يحدد إطار االحتياطي اإلجباري‪ ،‬كما‬
‫أن معدله وصل إلى ‪ %9.1‬في ماي ‪ 3001‬وزيادة على ذلك فإن األدوات غير المباشرة للسياسة النقدية‬

‫‪1‬‬
‫قدي عبد المجيد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫كريم النشاشيبي وآخرون‪،‬الجزائر‪ :‬تحقيق االستقرار والتحول إلى اقتصاد السوق‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪ ،‬واشنطن‪ ،2669 ،‬ص‪.16‬‬

‫‪217‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫(األمانات‪ ،‬مزادات القروض ‪ )...‬وقد استعملت هذه األداة بكيفية نشطة تماشيا مع التطورات التي جاءت بعد‬
‫‪ 3002‬حيث بدأت نسبة االحتياطي القانوني في االرتفاع المفرط في السيولة البنكية‪ ،‬إال أنه ال يمكن اعتبارها‬
‫كأداة التنظيم النهائي "للسيولة البنكية" وأ نه قد يكون لهذه األداة على األكثر دون معدل تلقائي‪ ،‬غير أن رفع هذه‬
‫النسبة من ‪ %1.31‬إلى ‪ %6‬ثم إلى ‪ %23‬مع احتمال رفعها إلى معدالت اكبر فان هذه األدوات ذات عبئ‬
‫‪1‬‬
‫ألنها تقتضي تعليمة جديدة في كل مرة‪.‬‬
‫الجدول التالي يوضح تطور معدل االحتياطي اإلجباري‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)0-0‬تطور معدل االحتياطي اإلجباري خالل الفترة (‪0221‬م ـ ‪0212‬م)‪.‬‬

‫الوحدة‪ :‬نسبة مؤوية‬

‫‪0227‬‬ ‫‪0226‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫السنـة‬


‫‪%09.1‬‬ ‫‪%09.1‬‬ ‫‪%09.1‬‬ ‫‪%09.1 %09.31 %01.31‬‬ ‫‪%02‬‬ ‫المعدل‬
‫‪0212‬‬ ‫‪0210‬‬ ‫‪1210‬‬ ‫‪0211‬‬ ‫‪0212‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫السنة‬
‫‪%23‬‬ ‫‪%23‬‬ ‫‪%23‬‬ ‫‪%09‬‬ ‫‪%09‬‬ ‫‪%09‬‬ ‫‪%09‬‬ ‫المعدل‬

‫المصدر‪:‬‬
‫‪ ‬بنك الجزائر‪ ،‬النشرة االحصائية الثالثية رقم ‪ ،21‬ديسمبر ‪.3009‬‬
‫‪ ‬بنك الجزائر‪ ،‬النشرة االحصائية الثالثية رقم ‪ ،01‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪ ‬بنك الجزائر‪ ،‬التطور االقتصادي والنقدي للجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0210‬ص ‪.211‬‬
‫من خالل الجدول أعاله نالحظ أن تعديل معدل االحتياطي اإلجباري نحو االرتفاع اعتبا ار من سنة‬
‫إن ارتفاع هذا المعدل من ‪%01.31‬‬
‫‪3003‬م‪ ،‬كان له دور كبير في امتصاص فائض السيولة في االقتصاد‪ّ .‬‬
‫سنة ‪3003‬م إلى ‪ %09.1‬سنة ‪ 3001‬ثم إلى ‪ %09‬سنة ‪3009‬م و‪ %23‬سنة ‪ 3023‬م‪ ،‬صاحبته زيادة في‬
‫حجم ودائع البنوك باسم االحتياطي اإلجباري لدى البنك المركزي حيث انتقلت هذه الودائع من ‪ 12.1‬مليار دج‬
‫سنة ‪3003‬م إلى ‪ 233.9‬مليار دج سنة ‪ ،3002‬لتواصل ارتفاعها إلى ‪ 211.2‬مليار دج سنة ‪ 3001‬ثم إلى‬
‫‪ 261.22‬مليار دج و‪ 161.22‬مليار دج خالل سنتي ‪3006‬م و‪3020‬م على التوالي‪ ،‬لتصل سنة ‪ 3023‬م‬

‫‪1‬‬
‫بن طالبي فريد‪ ،‬فعالية السياسة النقدية في ظل برامج اإلصالح االقتصادي حالة االقتصاد الجزائري للفترة ‪0791‬ـ ‪ ،1100‬أطروحة دكتوراه في في العلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ، 1421 ،41‬ص‪.311‬‬

‫‪218‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫إلى ‪ 111.2‬مليار دج ثم إلى ‪ 962.26‬مليار دج سنة ‪ 1،3022‬مساهمة في ذلك في التخفيف من فائض‬


‫السيولة في السوق النقدية خالل سنوات األل فية الثالثة‪ .‬رغم ذلك‪ ،‬ال يمكن اعتبار معدل االحتياطي اإلجباري‬
‫كأداة للتنظيم النهائي للسيولة البنكية ‪ ،‬وأنه قد يكون لهذه األداة على األكثر دون معدل تلقائي‪ ،‬أضف إلى ذلك‪،‬‬
‫أن رفع معدل االحتياطي اإلجباري من ‪ %01.31‬سنة ‪3003‬م إلى ‪ %09‬سنة ‪3009‬م لم يكن كافيا‬
‫‪2‬‬ ‫ٍ‬
‫عبء تقتضي في كل مرة تعليمة جديدة‪.‬‬ ‫المتصاص فائض السيولة الزائدة في االقتصاد‪ ،‬لكون هذه األداة ذات‬
‫وعليه يمكن توضيح تطور معدل االحتياطي اإلجباري بيانيا فيما يلي‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)0-0‬منحنى تطور معدل االحتياطي اإلجباري في الجزائر للفترة (‪0221‬م‪0212-‬م)‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناء على معطيات الجدول رقم (‪.)2-2‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أدوات التدخل في السوق النقدية‬


‫أنشئت السوق النقدية في الجزائر في جوان ‪2696‬م‪ ،‬لكن سرعان ما عرفت عدة تطورات في تنظيمها بعد‬
‫صدور قانون النقد والقرض والتنظيم رقم ‪ 9-62‬في ‪ 21‬أوت ‪2662‬م والمتضمن تنظيم السوق النقدية وحسب‬
‫التعليمة رقم ‪ 39/61‬الصادرة في أفريل ‪ 2661‬م فإن اإلجراءات التي اتخذها البنك المركزي لتنظيم السوق هي‪:‬‬
‫عمليات السوق المفتوحة‪ ،‬مزادات القروض‪ ،‬مزادات أذونات الخزينة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر إلى‪:‬‬
‫ـ بنك الجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0212‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.293‬‬
‫ـ بنك الجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0210‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪2‬‬
‫إكن لونيس‪ ،‬السياسة النقدية ودورها في ضبط العرض النقدي في الجزائر خالل الفترة ‪ ،0221 ،0222‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪،263‬‬

‫‪219‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ .1‬عمليات السوق المفتوحة‪:‬‬


‫تعني تقنية السوق المفتوحة إمكانية تدخل بنك الجزائر في السوق النقدية لبيع وشراء السندات العمومية‬
‫التي يكون تاريخ استحقاقها اقل من ستة أشهر‪ ،‬وسندات خاصة قابلة للخصم‪ ،‬أو بغرض منح القروض‪ ،‬وال‬
‫يجوز في أي وقت كان أن يتعدى المبلغ اإلجمالي للعمليات التي يجريها البنك المركزي على سندات عامة‬
‫‪ %30‬من اإليرادات العامة المثبتة في موازنة السنة المالية السابقة‪ ،1‬غير أن هذا السقف تم التخلي عنه منذ‬
‫صدور األمر ‪ 22/02‬المتعلق بالنقد والقرض في المادة رقم ‪ ، 11‬كما ال يسمح له بالتدخل في السوق األولية‬
‫للحصول على سندات الخزينة‪.‬‬
‫تتم عمليات السوق المفتوحة عن طريق التلكس أو الفاكس‪ ،‬وذلك بإعالن مصالح البنك المركزي بصفة‬
‫إال أن‬ ‫‪2‬‬
‫دائمة عن عروض الحصة ليتم اتخاذ قرار الصفقة ألحسن القروض المختارة‪ ،‬رغم أهمية هذه األداة‬
‫البنك الجزائر لم يطلقها إال مرة واحدة وذلك في ‪2669/23/20‬م بمبلغ ‪ 01‬مليار دينار و بمعدل فائدة متوسط‬
‫يقدر بـ‪. %21.61‬‬
‫ورغم فعالية هذه األ داة في السوق وفي ظل الفائض المتواصل في السيولة البنكية منذ سنة ‪3002‬م لم‬
‫يتمكن بنك الجزائر من بيع سندات عمومية المتصاص السيولة الفائضة‪ ،‬ورغم كل المجهودات المبذولة فهي لم‬
‫تستعمل إال مرة واحدة بصفة تجريبية في سنة ‪2669‬م وذلك بسبب ضعف وضيق السوق النقدية وغياب سوق‬
‫نقدية متطورة ‪.‬‬
‫‪ .0‬عمليات األمانة‪:‬‬
‫يتدخل البنك الجزائر في السوق النقدية لتوفير السيولة بتعديل معدل الفائدة المتفاوض عليه‪ ،‬ويحدد مبلغ‬
‫هذا التدخل بناءا على الوضع الذي يتصوره والمقاييس التي يحددها‪ ،‬وتقوم على مبدأ يتمثل في أن كل بنك‬
‫مقترض عليه أن يقدم ضمانات ت تمثل في سندات عمومية أو خاصة يلتزم بها أمام البنك المقرض‪ ،‬بمعنى هي‬
‫عمليات مضمونة تعتمد على تسليم أو ا لتنازل مؤقتا عن السندات مقابل دين أي قروض ممنوحة لمدة معينة منذ‬
‫يوم إجراء العملية‪ ،‬وتكون هذه القروض مضمونة لمدة القرض‪ ،‬وعند اقتضاء أجل القرض يرجع البنك المقرض‬
‫السندات للبنك المقترض‪ ،‬حيث أنه لم يتم استعمال عمليات األمانة إال في شكل ضخ للسيولة رغم أنها ذات‬
‫اتجاهين‪ ،‬ولذلك ومنذ أن عرف النظام البنكي فائضا في السيولة فهي لم تستخدم‪ ،‬ولكننا بتتبع سعر الفائدة الذي‬
‫يحدده بنك الجزائر في السوق النقدية كسعر توجيهي ومرجعي نجده قد عرف تراجعا مستم ار فمن‪ % 20.11‬عام‬

‫‪1‬‬
‫المادتان ‪ 11 ،19‬من القانون رقم ‪.20-60‬‬
‫‪2‬‬
‫بن طالبي فريد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.311‬‬

‫‪220‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪3000‬م إلى (‪ ) % 1.1 ،% 9.11‬في سنتي ‪3002‬م و‪3002‬م حيث بقي ثابت سنتي ‪3002‬م‪3003 ،‬م ثم‬
‫‪1‬‬
‫انخفض إلى ‪ % 1.1‬سنة ‪3002‬م حيث استمر في هذا الثبات حتى سنة ‪3009‬م‪.‬‬
‫‪ .0‬مزادات القروض‪:‬‬
‫تم استخدام هذه األداة ألول مرة في الجزائر في ‪2661/01/33‬م وهذا بهدف توفير السيولة الالزمة‬
‫للبنوك التجارية‪ ،‬وقد كانت هذه المزادات تسعى إلى تقوية دور أسعار الفائدة من خالل السماح بتطبيق‬
‫ممارسات أكثر تنافسا في األسواق‪ ،‬ويعلن البنك المركزي وفقا لنظام المزادات سعر فائدة أدنى قبل المزاد‪ ،‬لتقدم‬
‫بعد ذلك البنوك أو المؤسسات المالية بعطاءاتها في شكل أسعار فائدة وأحجام االئتمان وتتم هذه المناقصات عن‬
‫‪2‬‬
‫طريق التلكس أو الفاكس ليلة العملية على األكثر وتنقسم السندات في شكل ضمانات إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬سندات الفئة األولى‪ :‬وتتمثل في سندات الخزينة‪ ،‬سندات التجهيز‪ ،‬سندات تمثل قروضا بنكية و مضمونة‬
‫من طرف الدولة‪ ،‬سندات تمثل القروض الممنوحة للمؤسسات من الصنف األول‪ ،‬وهي قابلة للمناقصة ‪.‬‬
‫‪ -‬سندات الفئة الثانية ‪ :‬وهي سندات تمثل قروضا ممنوحة لمؤسسات من الصنف الثاني‪ ،‬وال تقبل إال إذا حدد‬
‫ذلك في المناقصة‪.‬‬
‫‪ -‬سندات الفئة الثالثة‪ :‬وهي سندات تمثل قروضا ممنوحة لمؤسسات من الصنف الثالث‪ ،‬وهي غير مؤهلة‬
‫للمزايدات‪.‬‬
‫وقد تم تصنيف المؤسسات التي تستفيد من القروض إلى ثالثة أصناف حسب التعليمة ‪ 61/11‬المؤرخة‬
‫في ‪2661/22/03‬م والمتعلقة بتحديد قواعد الحذر في تسيير البنوك كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مؤسسات لها ديون جارية وبدون مشاكل‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسات لها ديون ذات مشاكل محتملة الوقوع‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسات ذات ديون و مخاطر كثيرة جدا ‪.‬‬
‫تمنح األولوية للبنوك التجارية على المؤسسات المالية‪ ،‬حيث يتم تقديم القروض يوم المناقصة من الساعة‬
‫‪ 6:00‬إلى الساعة ‪22:00‬صباحا‪ ،‬وتعلن النتائج في نفس اليوم قبل الساعة ‪ 21:00‬مساءا‪ ،‬يعلم بنك الجزائر‬
‫المشاركين ويقوم بترصيد قيمة القروض التي اشتراها في الجانب الدائن في حسابات البنوك المفتوحة لديه‪ ،‬ويوم‬
‫االستحقاق تكون البنوك التجارية مدينة بالمبالغ المستحقة مضافا إليها الفوائد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اكن لونيس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.261‬‬
‫‪2‬‬
‫بوشنب موسى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.321‬‬

‫‪221‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫أما فيما يخص السعر المرجعي الذي يحدده بنك الجزائر فقد عرف تراجعا من ‪ %9.31‬سنة ‪3000‬م إلى‬
‫‪ %1.31‬سنة ‪3001‬م‪ ،‬بعد ما كان يقدر بـ‪ %26.1‬سنة ‪2661‬م‪ ،‬مع العلم انه منذ سنة ‪3001‬م لم يعد بنك‬
‫‪1‬‬
‫الجزائر يستعمل هذه األدوات‪.‬‬
‫‪ .2‬مزادات أذونات الخزينة‪:‬‬
‫بدأ استخدام هذه التقنية ألول مرة في أكتوبر ‪ 2661‬استكماال للنظام السابق‪ ،‬حيث تقوم الخزينة بإصدار‬
‫سن دات عمومية تخضع لشروط السوق النقدية في شكل مناقصة سندات ذات استحقاقات موحدة‪.‬‬
‫كما يمكنها التدخل في السوق النقدية من خالل البنك المركزي باعتبارها وكيلها المالي‪ ،‬والذي يقوم‬
‫بخدمتها بضمان تحقيق عمليات مناقصات بيع سنداتها القابلة للتداول في السوق النقدية‪ ،‬وقد بلغت أسعار‬
‫الفائدة في أكتوبر ‪ 2661‬حوالي ‪ %33.1‬لتنخفض في نهاية السنة إلى ‪ 21.1‬مما سهل عمليات السوق‬
‫المفتوحة في نهاية ‪ 2669‬ويتعلق األمر هنا بأدوات قصيرة األجل وفقا الحتياجات خزينة الدولة التي تؤسس‬
‫قرار إصدارها طبقا للعروض المقدمة في إطار شروط سعر السوق النقدية من طرف المتدخلين فيه‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬األدوات األخرى للسياسة النقدية‬
‫بداية من ‪ 3003‬قام بنك الجزائر بتعزيز الوسائل غير المباشرة للسياسة النقدية المتصاص السيولة‬
‫والمتمثلة في‪:‬‬
‫‪ .1‬أداة استرجاع السيولة‪ :‬هي وسيلة جديدة تم إد خالها لتدعيم الوسائل غير المباشرة للسياسة النقدية من أجل‬
‫السماح لبنك الجزائر بمواجهة فائض السيولة‪.‬‬
‫انطالقا من سنة ‪ 3000‬وخاصة منذ سنة ‪ 3002‬تعيش المنظومة البنكية الجزائرية حالة سيولة هيكلية‬
‫مفرطة غير معهودة‪ ،‬تبعا آلثار الموارد البترولية بصفة عامة‪ ،‬أم ار مثي ار لالنشغال وخلق صعوبة كبيرة وزيادة‬
‫على نسبة إعادة الخصم كنسبة موجهة واالحتياطات اإلجبارية والسوق الحرة‪ ،‬غير أن اللجوء إلى هذه األخيرة‬
‫في أفريل ‪3003‬م علما أن القانون ال يقر هذه األداة بوضوح والتي هي عبارة عن إيداع طوعي واختياري‬
‫لفائض الودائع لدى بنك الجزائر‪ ،‬وما يميز هذه األداة أنها أكثر مرونة من االحتياطات اإلجبارية‪ ،‬حيث يمكن‬
‫تعديلها يوما بعد يوم‪ ،‬وليست إجبارية مما يتيح الفرصة لكل بنك إمكانية تسيير سيولته وقد ساهمت هذه األداة‬
‫في امتصاص كمية هائلة من السيولة النقدية الفائضة وبالتالي تعتبر عنصر التنظيم األكثر فعالية خالل‬

‫‪1‬‬
‫بن طالبي فريد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.311 ،319‬‬

‫‪222‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫السنوات األخيرة‪ ،‬وسمحت لبنك الجزائر بتوظيف موارد جامدة لتحكم أفضل في العرض النقدي‪ ،‬وقد سمحت هذه‬
‫األداة بشكل كثيف ودائم وكأداة تنظيم لمساندة أداة االحتياطي اإلجباري وأداة إعادة الخصم‪.‬‬
‫لقد سمحت هذه األداة المخصصة للمراقبة بسحب اقتطاعات إضافية من السيوالت‪ ،‬وسمحت أيضا هذه‬
‫األداة بتوظيف ‪ 2200‬مليار دج لدى بنك الجزائر إلى بداية ‪3020‬م وتفوق هذه الودائع المستويات المطلوبة‬
‫إعادة تشكيل االحتياطات اإلجبارية وأصبحت هذه األداة النقدية المفضلة لدى بنك الجزائر‪ ،‬و يلجأ إليها بنك‬
‫الجزائر بصفة تلقائية‪.‬‬
‫‪ .0‬تسهيلة الوديعة المغلة للفائدة‪ :‬ومن أجل احتواء فائض السيولة الهيكلي والحد من أثاره السلبية على‬
‫التضخم أدخل بنك الجزائر في‪3001‬م وسيلة جديدة وذلك الحتواء جزء مهم من فائض الخزينة لدى بعض‬
‫المصارف وتتمثل في التسهيلة الخاصة بالوديعة المغلة للفائدة والتي تسمح بانجاز ودائع لمدة ‪ 31‬ساعة لدى‬
‫بنك الجزائر وقد استعملت بشكل كثيف منذ إدخالها‪.‬‬
‫يمكن ذكر فرق بين هاتين األداتين في أن األولى هي وسيلة السوق أما الثانية فهي تسهيلة دائمة‬
‫إذن فأدوات السياسة النقدية بعد سنة ‪2660‬م وما رافقها من إصالحات تلخصت في إصدار قانون النقد والقرض‬
‫الذي خلصها من التبعية المطلقة للخزينة العمومية‪ ،‬حيث بعد هذه السنة أصبحت السياسة النقدية تلعب دورا‬
‫هاما وايجابيا في االقتصاد الوطني من خالل األدوات المستعملة لتحقيق األهداف المنشودة‪ ،‬وهذا ما سنتطرق‬
‫إليه الحقا‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطور الكتلة النقدية في الجزائر (‪.)0212-0222‬‬


‫تتكون الكتلة النقدية من المتاحات النقدية (‪ ،)M1‬والكتلة النقدية (‪ ،)M2‬وسيولة االقتصاد (‪ .)M3‬بالنسبة‬
‫للمتاحات النقدية (‪ )M1‬فإنها تشمل األوراق والقطع النقدية المتداولة خارج الجهاز البنكي مضافا إليها الودائع‬
‫تحت الطلب لدى البنوك‪ .‬أما (‪ )M2‬فإنها تشمل باإلضافة إلى (‪ )M1‬الودائع ألجل‪ ،‬ودائع االدخار قصيرة‬
‫األجل بالبنوك وودائع التوفير لدى صندوق التوفير‪ .‬ولما نضيف لـ (‪ )M2‬الودائع ألجل لدى المؤسسات المالية‬
‫‪1‬‬
‫البنكية وغير البنكية وودائع االدخار السكني والودائع االدخارية نتحصل على سيولة االقتصاد (‪.)M3‬‬
‫‪2‬‬
‫تتكون الكتلة النقدية في الجزائر من ثالثة أصناف هي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد اهلل الطاهر وعلي خليل موفق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد لكصاسي‪ ،‬الوضعية النقدية وسير السياسة النقدية في الجزائر‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬أبوظبي‪ ،‬سبتمبر ‪ ،3002‬ص ‪.23‬‬

‫‪223‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ .1‬النقود القانونية (التداول االئتماني)‪ :‬وتشمل األوراق النقدية المتداولة الصادرة عن بنك الجزائر وكذا النقود‬
‫المساعدة‪.‬‬
‫‪ .0‬الودائع تحت الطلب‪ :‬وتشمل الودائع الجارية لدى البنوك التجارية ومراكز البريد وصناديق االدخار وودائع‬
‫األموال الخاصة لدى الخزينة‪.‬‬
‫‪ .0‬الودائع ألجل ( أشباه النقود)‪ :‬وتتكون من الودائع ألجل لدى البنوك‪ ،‬والودائع ألجل لدى الصندوق الوطني‬
‫للتوفير واالحتياط‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمقابالت الكتلة النقدية فهي تعبر عن مجموع الذمم التي تحدث كلما وقع إصدار كمية من‬
‫العم لة‪ ،‬أي هي األصول والديون التي تقابل عملية إصدار العملة من طرف النظام البنكي‪ 1.‬وعليه فإن العمليات‬
‫‪2‬‬
‫التي تؤدي إلى طرح الكتلة النقدية هي‪:‬‬
‫‪ ‬الذمم على الخارج‪ :‬وتتمثل في الذهب والعمالت األجنبية التي يحجزها البنك المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬القروض الممنوحة للخزينة العامة‪ :‬وتتمثل في منح قدرة شرائية جديدة للدولة مقابل دين عليها‪.‬‬
‫‪ ‬القروض الممنوحة لالقتصاد‪ :‬وتتمثل في منح قدرة شرائية جديدة للمتعاملين االقتصاديين مقابل دين‬
‫عليهم‪.‬‬
‫لقد عرفت الكتلة النقدية في الجزائر تطو ار مستم ار خالل السنوات األربع عشرة من األلفية الثالثة‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب التوسع ال كبير في مجموع الموجودات الخارجية الصافية التي تجاوزت في بعض الفترات السيولة النقدية‬
‫وشبه النقد في االقتصاد الوطني‪ .‬والجدول الموالي يوضح تطور الكتلة النقدية خالل الفترة المدروسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد هني‪ ،‬العملة والنقود‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3009 ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر إلى‪:‬‬
‫‪ ‬فريدة بخراز يعدل‪ ،‬تقنيات وسياسات التسيير المصرفي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،3001 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ ‬أحمد هني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬

‫‪224‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)2-0‬تطور الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م ـ ‪0212‬م)‬
‫الوحدة‪ :‬مليار دج‬
‫معدل نمو معدل‬ ‫الكتلة‬ ‫الودائع‬ ‫الودائع‬ ‫التداول‬ ‫النقود‬ ‫البيان‬
‫السيولة‬ ‫‪% M2‬‬ ‫النقدية‬ ‫ألجل‬ ‫تحت‬ ‫االئتماني‬ ‫‪M1‬‬
‫‪PIB/M2‬‬ ‫‪M2‬‬ ‫الطلب‬
‫‪16.0‬‬ ‫‪%22‬‬ ‫‪3033.1‬‬ ‫‪611.2‬‬ ‫‪192.1‬‬ ‫‪191.1‬‬ ‫‪2019.3‬‬ ‫‪0222‬‬
‫‪19.2‬‬ ‫‪%33.2‬‬ ‫‪3112.1‬‬ ‫‪2321.0‬‬ ‫‪992.2‬‬ ‫‪111.3‬‬ ‫‪2329.1‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪92.6‬‬ ‫‪%21.2‬‬ ‫‪3602.1‬‬ ‫‪2191.3‬‬ ‫‪112.9‬‬ ‫‪991.1‬‬ ‫‪2129.2‬‬ ‫‪0220‬‬
‫‪93.6‬‬ ‫‪%21.9‬‬ ‫‪2366.1‬‬ ‫‪2919.0‬‬ ‫‪993.2‬‬ ‫‪192.1‬‬ ‫‪2912.1‬‬ ‫‪0220‬‬
‫‪16.1‬‬ ‫‪%20.1‬‬ ‫‪2911.2‬‬ ‫‪2119.1‬‬ ‫‪2362.2‬‬ ‫‪911.2‬‬ ‫‪3291.9‬‬ ‫‪0222‬‬
‫‪11.0‬‬ ‫‪%22.1‬‬ ‫‪1010.1‬‬ ‫‪2923.6‬‬ ‫‪2129.1‬‬ ‫‪632.0‬‬ ‫‪3121.1‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪11.0‬‬ ‫‪%29.9‬‬ ‫‪1931.9‬‬ ‫‪2916.9‬‬ ‫‪3069.1‬‬ ‫‪2092.1‬‬ ‫‪2211.9‬‬ ‫‪0226‬‬
‫‪92.9‬‬ ‫‪%31.3‬‬ ‫‪1661.9‬‬ ‫‪2192.0‬‬ ‫‪3616.2‬‬ ‫‪2391.1‬‬ ‫‪1322.9‬‬ ‫‪0227‬‬
‫‪92.29‬‬ ‫‪%29‬‬ ‫‪9611.6‬‬ ‫‪2662‬‬ ‫‪2131‬‬ ‫‪2110‬‬ ‫‪1691.6‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪%02.2‬‬ ‫‪1212.2‬‬ ‫‪3339.6‬‬ ‫‪2221.9‬‬ ‫‪2936.1‬‬ ‫‪1611.3‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪96.2‬‬ ‫‪%21.1‬‬ ‫‪9390.1‬‬ ‫‪3131.2‬‬ ‫‪2911.9‬‬ ‫‪3069.9‬‬ ‫‪1119.1‬‬ ‫‪0212‬‬
‫‪99.1‬‬ ‫‪%26.6‬‬ ‫‪6636.3‬‬ ‫‪3191.1‬‬ ‫‪1110.3‬‬ ‫‪3112.1‬‬ ‫‪1212.1‬‬ ‫‪0211‬‬
‫‪99.1‬‬ ‫‪%20.6 22021.2‬‬ ‫‪2222.9‬‬ ‫‪1136.3‬‬ ‫‪3613.2‬‬ ‫‪1992.1‬‬ ‫‪0210‬‬
‫‪13.2‬‬ ‫‪%09.1 22612.1‬‬ ‫‪2962.1‬‬ ‫‪1011.9‬‬ ‫‪2301‬‬ ‫‪9316.9‬‬ ‫‪0210‬‬
‫‪11.11‬‬ ‫‪23.09 22293.2‬‬ ‫‪2692.1‬‬ ‫‪1192.9‬‬ ‫‪2911.2‬‬ ‫‪6129.1‬‬ ‫‪0212‬‬
‫المصدر‪:‬‬
‫‪Banque d’Algérie, évolution économique et monétaire en Algérie , rapport 2002, 2004, 2007,‬‬
‫‪2011, 2013.‬‬
‫ـ سنة ‪ ،3021‬مستخرجة من بنك الجزائر‪ ،‬النشرة االحصائية الثالثية رقم ‪ ،01‬مرجع سابق ذكره‪.‬‬
‫نالحظ من خالل الجدول رقم (‪ ،)1/2‬أن الكتلة النقدية (‪ )M2‬عرفت توسعا كبي ار خالل الفترة المدروسة‪،‬‬
‫حيث قدرت قيمتها ‪ 3112.1‬مليار دج في سنة ‪3002‬م مقابل ‪ 3033.1‬مليار دج في سنة ‪ ،3000‬أي بمعدل‬

‫‪225‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫ارتفاع سنوي قدره ‪ ، %33.2‬ويرجع ذلك إلى الزيادة في األرصدة النقدية الصافية الخارجية التي بلغت ‪2220.9‬‬
‫مليار دج سنة ‪ ، 3002‬باإلضافة إلى إطالق الحكومة لبرنامج اإلنعاش االقتصادي الذي أقره رئيس الجمهورية‬
‫ص له مبلغ ‪ 01‬ماليير دوالر أي ما يعادل ‪ 130‬مليار دج‪ .‬لكن سرعان ما‬ ‫ِ‬
‫في أفريل ‪ ،3002‬والذي خص َ‬
‫تراجع معدل نمو الكتلة النقدية (‪ )M2‬ابتداء من سنة ‪ 3003‬والى غاية سنة ‪ ،3001‬إذ بلغ خالل سنوات‬
‫‪ ،3001 ،3001 ،3002‬ما يقارب ‪ %20.1 ،%21.9 ،%21.2‬على التوالي‪ ،‬وهو ما يعكس االستقرار‬
‫النقدي المحقق في هذه الفترة‪.‬‬
‫واصلت الكتلة النقدية مسارها نحو االرتفاع انطالقا من سنة ‪ 3009‬حيث حققت ما يقارب ‪1931.9‬‬
‫مليار دج أي بمعدل نمو سنوي قدره ‪ ، %29.9‬واستمرت على نفس الوتيرة إلى غاية سنة ‪ 3009‬التي تراجع‬
‫فيها معدل نمو الكتلة النقدية (‪ )M2‬إلى ‪ %29‬مقابل ‪ %31.3‬في سنة ‪ .3001‬ويفسر هذا التراجع أساسا‬
‫بتراجع نمو الودائع تحت الطلب لدى المصارف (ـ‪ ،)%22.1‬الناتج عن تقلص قوي في ودائع قطاع المحروقات‬
‫(ـ‪ .) %39.92‬يعكس هذا األمر أثر الصدمة الخارجية على الوضع النقدي للمؤسسات في هذا القطاع التي‬
‫تعرف قدرة التمويل لديها تآكال‪ ،‬في ظرف تميز بتنفيذ برنامج هام لالستثمارات منذ الثالثي الثاني من سنة‬
‫‪ 1،3006‬التي شهدت هي األخرى تسجيل معدل النمو النقدي لمستوى منخفض تاريخيا (‪ )%02.2‬تحت أثر‬
‫األزمة المالية العالمية‪ 2،‬التي ترتب عنها تراجع الموجودات الخارجية الصافية (‪ .)%9.32‬أما سنة ‪ 3020‬فقد‬
‫تميزت بالعودة إلى التوسع النقدي بوتيرة ‪ %21.1‬بمفهوم الكتلة النقدية (‪ ،)M2‬ليرتفع سنة ‪ 3022‬إلى ‪%26.6‬‬
‫أي بمبلغ يقارب ‪ 6636.3‬مليار دج مقابل ‪ 9390.1‬مليار دج في سنة ‪ .3020‬ويرجع هذا التوسع إلى ارتفاع‬
‫الموجودات الخارجية الصافية التي بلغت خالل سنتي ‪ 3020‬و‪ 3022‬نموا قدره ‪ %20.32‬و ‪ %29.01‬على‬
‫التوالي‪ 3.‬وكذلك بد اية دورة توسع عملية الدفع بموجب نفقات ميزانية التجهيز المتعلقة بمخطط دعم النمو‬
‫(‪3001‬ـ ‪ .)3006‬وفي سنة ‪ ،3023‬تراجع التوسع النقدي من جديد حيث بلغ ما يقارب ‪ 22021.2‬مليار دج‬
‫في ‪ 3023‬و‪ 22612.1‬مليار دج في ‪ ،3022‬أي بمعدل نمو سنوي قدره ‪ %20.6‬و‪ %09.1‬على التوالي‪،‬‬
‫ويف سر ذلك بتراجع صافي الموجودات الخارجية الذي سجل قائمه ‪ 21331.29‬مليار دج في ‪ 3022‬مقابل‬
‫‪ 21626.61‬مليار دج في ‪ ،3023‬وذلك بمعدل نمو سنوي قدره ‪ %02.62‬في ‪ 3022‬مقابل ‪ %01.22‬في‬

‫‪1‬‬
‫محمد لكصاسي‪ ،‬تطورات الوضعية المالية والنقدية في الجزائر‪ ،‬تدخل محافظ بنك الجزائر أمام المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬أكتوبر ‪.3006‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Banque d’Algérie, évolution économique et monétaire en Algérie, rapport 2010, juillet 2011, p 165.‬‬
‫‪3‬‬
‫بنك الجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0211‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.291‬‬

‫‪226‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ 1.3023‬وفي سنة ‪ 3021‬سجلت الكتلة النقدية ارتفاعا محسوسا قدر بـ ‪ 22293.2‬مليار دج وبمعدل نمو‬
‫سنوي ‪ . %23.09‬هذا ما يؤكد أهمية وضعية الموجودات الخارجية الصافية التي تعتمد على موارد قطاع‬
‫المحروقات‪ ،‬كضمان للنقود في االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫أما من حيث تطور هيكل الكتلة النقدية فنجد ارتفاعا محسوسا في الودائع ألجل (أشباه النقود)‪ ،‬حيث‬
‫بلغت نسبتها من إجمالي الكتلة النقدية سنة ‪ %12.29 ،3003‬مقابل ‪ %19.21‬سنة ‪ 3000‬وهي أكبر من‬
‫نسبة النقود االئتمانية (‪ )%32.61‬ونسبة ودائع تحت الطلب (‪ ،)%31.91‬ويفسر ذلك بزيادة قدرات االدخار‬
‫لدى المتعاملين االقتصاديين في ظرف تميز بتحسن شروط تمويل االقتصاد الوطني‪ ،‬وكذلك زيادة حصة‬
‫التوظيفات أل جل والودائع بالعملة الصعبة والتي ساهمت بنسبة كبيرة في نمو الكتلة النقدية (‪ )M2‬مقارنة مع‬
‫النقود االئتمانية والودائع تحت الطلب‪ .‬وابتداء من سنة ‪ 3002‬عرفت نسبة نمو الودائع ألجل تراجعا إلى مستوى‬
‫‪ ،%10.29‬لتسجل بعد ذلك استق ار ار خالل سنتي ‪ 3001‬و‪ 3001‬حيث قدرت نسبت ها على الترتيب ‪%10.11‬‬
‫و‪ ،%10.22‬لتنخفض بعد ذلك إلى مستوى ‪ %21.21‬سنة ‪ .3009‬وقد واصلت انخفاضها لصالح النقود‬
‫االئتمانية والودائع تحت الطلب‪ ،‬إذ سجلت سنة ‪ 3009‬ما يقارب ‪ %39.93‬من مجموع الكتلة النقدية‪ ،‬ويعود‬
‫السبب في ذلك إلى تغير السلوك االقتصادي لألفراد والمؤسسات‪ ،‬وتغير تراكم االدخار المالي من طرف‬
‫مؤسسات قطاع المحروقات‪ .‬ما عدا سنة ‪ ،) %39.01( 3022‬شهدت نسبة الودائع ألجل ارتفاعا واضحا حيث‬
‫وصلت سنة ‪ 3022‬إلى ‪ ،%20.62‬في حين سجلت سنة ‪ 3021‬ما نسبته ‪ %36.92‬من مجموع الكتلة‬
‫النقدية‪ ،‬ويفسر هذا االرتفاع بالزيادة المسجلة في الودائع بالعملة الصعبة‪.‬‬
‫أما بالنسبة للنقود االئتمانية (التداول االئتماني) فقد عرفت نسبتها من مجموع الكتلة النقدية تراجعا‪ ،‬حيث‬
‫بلغت في ‪ 3003‬ما يقارب ‪ %33.6‬مقابل ‪ %32.61‬في ‪ ،3000‬وهو ما يعبر على أن هناك ضعفا في‬
‫مستوى اللجوء إلى الوسائل البنكية األخرى إلجراء المبادالت‪ ،‬واعتبا ار من سنة ‪ 3002‬سجلت هذه النسبة‬
‫ارتفاعا طفيفا حيث بلغت ‪ ،%32.99‬لتعرف بعد ذلك شبه استقرار إلى غاية سنة ‪ ،3006‬التي شهدت ارتفاعا‬
‫آخر وصل إلى مستوى ‪ %31.1‬ثم إلى ‪ %39.9‬و‪ %39.92‬خالل سنتي ‪ 3023‬و‪ 3022‬على الترتيب‪،‬‬
‫لتسجل ارتفاعا طفيفا في ‪ 3021‬قدر بـ ‪ .%31.22‬هذا ما يبين أن تفضيل األرصدة النقدية يميز التصرفات‬
‫المتصلة بالطلب النقدي في الجزائر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بنك الجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0210‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.211‬‬

‫‪227‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫بالنسبة للودائع تحت الطلب فقد شهدت هي األخرى تطو ار ملحوظا‪ ،‬فبعدما عرفت شبه استقرار خالل‬
‫األربع سنوات األولى من األلفية الثالثة؛ والتي تراوحت نسبتها من إجمالي الكتلة النقدية (‪ )M2‬فيها ما بين‬
‫‪ %31.91‬في سنة ‪ 3000‬م و‪ %39.23‬في سنة ‪3002‬م‪ ،‬سرعان ما أخذت هذه النسبة في االرتفاع‪،‬‬
‫باستثناء سنة ‪ 3006‬التي سجلت انخفاضا طفيفا (‪ )%12.13‬بسبب الصدمة الخارجية الناتجة عن األزمة‬
‫المالية العالمية‪ ،‬إذ انتقلت من ‪ %21.12‬في سنة ‪3001‬م إلى ‪ %19.03‬في سنة ‪3022‬م‪ ،‬وهو ما يفسره‬
‫زيادة االدخار المالي في مؤسسات قطاع المحروقات بسبب ارتفاع أسعار البترول في السوق الدولي‪ .‬وفي سنة‬
‫‪3023‬م سجلت نسبة الودائع تحت الطلب من مجموع (‪ )M2‬انخفاضا طفيفا حيث بلغت نسبتها ‪،%13.31‬‬
‫لترتفع في سنة ‪ 3021‬م إلى ‪ .%12.01‬والجدول الموالي يوضح هيكل الكتلة النقدية خالل الفترة المدروسة‬
‫(‪3000‬م ـ ‪3021‬م)‪.‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)1-0‬تطور هيكل الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م ـ ‪0212‬م)‬
‫الوحدة‪ :‬النسبة المئوية (‪)%‬‬
‫الكتلة النقدية‬ ‫ودائع تحت الطلب الودائع ألجل‬ ‫التداول االئتماني‬ ‫البيان‬
‫‪%200‬‬ ‫‪19.21‬‬ ‫‪31.91‬‬ ‫‪32.61‬‬ ‫‪0222‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪16.63‬‬ ‫‪39.12‬‬ ‫‪32.22‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪12.29‬‬ ‫‪31.6‬‬ ‫‪33.6‬‬ ‫‪0220‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪10.29‬‬ ‫‪39.23‬‬ ‫‪32.99‬‬ ‫‪0220‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪10.11‬‬ ‫‪21.12‬‬ ‫‪32.66‬‬ ‫‪0222‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪10.22‬‬ ‫‪21.31‬‬ ‫‪33.93‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪21.21‬‬ ‫‪12.13‬‬ ‫‪33.1‬‬ ‫‪0226‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪36.21‬‬ ‫‪16.26‬‬ ‫‪32.13‬‬ ‫‪0227‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪39.93‬‬ ‫‪16.32‬‬ ‫‪33.22‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪22.01‬‬ ‫‪12.13‬‬ ‫‪31.1‬‬ ‫‪0221‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪20.19‬‬ ‫‪11.21‬‬ ‫‪31.21‬‬ ‫‪0212‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪39.01‬‬ ‫‪19.03‬‬ ‫‪31.96‬‬ ‫‪0211‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪20.39‬‬ ‫‪13.62‬‬ ‫‪39.9‬‬ ‫‪0210‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪20.62‬‬ ‫‪13.31‬‬ ‫‪39.92‬‬ ‫‪0210‬‬
‫‪%200‬‬ ‫‪36.92‬‬ ‫‪12.01‬‬ ‫‪31.22‬‬ ‫‪0212‬‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناء على معطيات الجدول رقم (‪.)1/2‬‬

‫‪228‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫فيما يخص تطور معدل السيولة (الكتلة النقدية ‪ )PIB/M2‬الذي يعبر عن وضعية السيولة في‬
‫االقتصاد‪ ،‬فمن خالل الجدول رقم (‪ ،)01/01‬نالحظ أنه في اتجاه تصاعدي (باستثناء بعض السنوات التي‬
‫سجل فيها انخفاضا طفيفا)‪ ،‬حيث فاق هذا المعدل ‪ %10‬في جميع سنوات الفترة المدروسة‪ ،‬وهو ما يعني أن‬
‫النمو المتزايد للكتلة النقدية يفوق تزايد الناتج المحلي الخام ‪ ،PIB‬األمر الذي يؤكد على أن هناك سيولة واسعة‬
‫في االقتصاد تجعله أكثر عرضة للضغوط التضخمية‪ .‬أما بالنسبة لالنخفاض الذي شهدته بعض السنوات‬
‫السيما سنة ‪ 3001 ،3001 ،3002‬والتي وصلت فيها نسبة السيولة إلى ‪ %11 ،%16.1 ،%93.6‬على‬
‫الترتيب‪ ،‬إنما يعود إلى االستقرار النسبي المسجل في أشباه النقود‪ ،‬وكذلك االستقرار النقدي الذي حققته السياسة‬
‫النقدية بفضل اعتمادها على أدوات جديدة في تلك الفترة كأداة استرجاع السيولة وتسهيلة الوديعة المغلة للفائدة‪،‬‬
‫اللتان كان لهما دور كبير في امتصاص فائض السيولة في االقتصاد‪.‬‬
‫وعليه يمكن ترجمة المعطيات السابقة بيانيا كما هو موضح في المنحنى البياني التالي‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)0-0‬تطور الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م ـ ‪0212‬م)‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناء على معطيات الجدول رقم (‪.)1/2‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تطور مقابالت الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬
‫تمثل مقابالت الكتلة النقدية'' مجموع الذمم التي تحدث كلما وقع إصدار كمية من العملة‪ ،‬أي هي‬
‫األصول والديون التي تقابل عملية إصدار العملة من طرف النظام البنكي ‪''.‬والعمليات التي تؤدي إلى طرح‬
‫الكتلة النقدية هي‪:‬‬
‫‪ ‬الذمم على الخارج‪ :‬وتتمثل في الذهب والعمالت األجنبية التي يحجزها البنك المركزي‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ ‬القروض الممنوحة للخزينة العامة‪ :‬وهي تتمثل في منح قدرة شرائية جديدة للدولة مقابل دين عليها‪.‬‬
‫‪ ‬القروض الممنوحة لالقتصاد‪ :‬وهي منح قدرة شرائية جديدة للمتعاملين االقتصاديين مقابل دين عليهم‬
‫ويتم تلخيص تطور مقابالت الكتلة النقدية في الجزائر للفترة ‪ 3021-3000‬في الجدول الموالي‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ : ) 6-0‬تطور مقابالت الكتلة النقدية في الجزائر خالل الفترة(‪)0212-0222‬‬
‫الوحدة ‪ :‬مليار دج‬
‫عمليات أخرى‬ ‫القروض‬ ‫القروض‬ ‫األصول‬
‫السنوات‬
‫صافية‬ ‫لالقتصاد‬ ‫للخزينة‬ ‫الخارجية‬
‫‪212-‬‬ ‫‪119.3‬‬ ‫‪109.9‬‬ ‫‪111.6‬‬ ‫‪3000‬‬
‫‪191.1-‬‬ ‫‪2019.1‬‬ ‫‪196.1‬‬ ‫‪2220.9‬‬ ‫‪3002‬‬
‫‪966.9-‬‬ ‫‪2399.9‬‬ ‫‪119.9‬‬ ‫‪2111.1‬‬ ‫‪3003‬‬
‫‪162.9-‬‬ ‫‪162.9‬‬ ‫‪132.1‬‬ ‫‪3213.9‬‬ ‫‪3002‬‬
‫‪961.9-‬‬ ‫‪961.9‬‬ ‫‪30.9-‬‬ ‫‪2226.3‬‬ ‫‪3001‬‬
‫‪912.1-‬‬ ‫‪2119.2‬‬ ‫‪626.2-‬‬ ‫‪1216.1‬‬ ‫‪3001‬‬
‫‪2321.6-‬‬ ‫‪2601.1‬‬ ‫‪2201.2-‬‬ ‫‪1121.0‬‬ ‫‪3009‬‬
‫‪2296.1-‬‬ ‫‪3301.3‬‬ ‫‪3262.2-‬‬ ‫‪1121.1‬‬ ‫‪3001‬‬
‫‪3031.1-‬‬ ‫‪3921.1‬‬ ‫‪2931.2-‬‬ ‫‪20319.6‬‬ ‫‪3009‬‬
‫‪3032.2-‬‬ ‫‪3993.9‬‬ ‫‪2901.0-‬‬ ‫‪20311.1‬‬ ‫‪3006‬‬
‫‪2110.2-‬‬ ‫‪2399.2‬‬ ‫‪2120.6-‬‬ ‫‪22661‬‬ ‫‪3020‬‬
‫‪1360.9-‬‬ ‫‪2139.1‬‬ ‫‪2109.9‬‬ ‫‪22633.1‬‬ ‫‪3022‬‬
‫‪1910.3-‬‬ ‫‪1391.9‬‬ ‫‪2229.2-‬‬ ‫‪21610‬‬ ‫‪3023‬‬
‫‪1211.1-‬‬ ‫‪1219.2‬‬ ‫‪2321.1-‬‬ ‫‪21331.3‬‬ ‫‪3022‬‬
‫‪1322.1-‬‬ ‫‪1190.9‬‬ ‫‪3101.9-‬‬ ‫‪21221.9‬‬ ‫‪3021‬‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناءا على‪:‬‬

‫بنك الجزائر‪ ،‬التطور االقتصادي والنقدي للجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪3022، 3023 ،3022 ،3020 ،3006 ،3009‬‬ ‫‪-‬‬
‫مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫من خالل الجدول رقم(‪ )9/ 2‬يمكن إبراز تطور مقابالت الكتلة النقدية في الجزائر كالتالي‪ :‬مع بداية‬
‫األلفية الثالثة التي شهدت تحسن أسعار النفط حققت األصول الخارجية ارتفاعا متواصال انتقلت من ‪775.9‬‬
‫مليار دج سنة ‪ 2000‬إلى ‪ 4179.4‬مليار دج سنة ‪.2001‬‬
‫أما بالنسبة للقروض المقدمة لالقتصاد فقد عرف هذا النوع من مقابالت الكتلة النقدية ت ازيدا متسارعا بعد‬
‫انتقالها من ‪ 776.2‬مليار دج سنة ‪ 2000‬إلى ‪ 1778.3‬مليار دج سنة ‪.3001‬‬
‫وفيما يخص القروض المقدمة إلى الخزينة التي حققت فيها الجزائر قفزة اقتصادية عقب تحسن أسعار‬
‫النفط‪ ،‬فقد تميزت بانخفاض أكثر لهذا النوع من مقابالت الكتلة النقدية‪ ،‬وذلك بانتقالها من ‪ 506.6‬مليار دج‬
‫سنة ‪ 2000‬إلى ‪ 626.2‬مليار دج سنة ‪.3001‬‬
‫وتبين الوضعية النقدية لسنة ‪ 3009‬أن الموجودات الخارجية سجلت نموا قويا بنسبة ‪ %29.3‬وهي‬
‫معدالت متشابهة مع السنوات األخيرة حيث أن معدل النمو يقع قريبا ‪ ،%21.19‬بالنسبة للسنة ‪ 3001‬فقد كان‬
‫معدل نموها يعادل نسبة ‪ %21.19‬فاستقر مجموع الموجودات الخارجية الصافية في نهاية ديسمبر‬
‫‪ 20319.69‬مليار دينار بعد انتقاله من ‪ 1121.01‬مليار دينار سنة ‪ 3009‬إلى ‪ 1121.19‬مليار دينار سنة‬
‫‪، 3001‬سجلت القروض لالقتصاد نموا قويا ‪ %21.91‬ويعتبر معدال مرتفعا بالنسبة لسنة ‪)%23.29 ( 3009‬‬
‫وسجلت سنة ‪ 3001‬ارتفاعا في القروض بنسبة ‪ %21.33‬حاملة بذلك االنتعاش لقروض االقتصاد‪ ،‬أما مجموع‬
‫القروض على الدولة فقد كان متناقصا تحت تأثير التقليص التدريجي لمديونية الخزينة وتعتبر الخزينة العمومية‬
‫دائنا صافيا اتجاه مجموع النظام البنكي منذ ‪ ،3001‬ويرتفع هذا الدين الصافي إلى ‪ 2931.2‬مليار دينار سنة‬
‫‪ 3009‬مقابل ‪ 3262.3‬مليار دينار سنة ‪.3001‬‬
‫رغم عودة الموجودات الخارجية الصافية في عملية اإلنشاء النقدي في ‪ 3020‬استمرت حيوية القروض‬
‫في ظرف يتميز بارتفاع نسبي لصافي الديون للدولة على النظام البنكي ‪ 2120.62‬مليار دينار مقابل‬
‫‪ 2199.63‬مليار دينار في نهاية ‪،3006‬ارتفعت القروض لالقتصاد بـ ‪ %21.9‬هذا ما يؤكد الطبيعة المستمرة‬
‫النتعاش القروض لالقتصاد‪.‬‬
‫في سنة ‪ 3022‬سجلت الموجودات الخارجية نموا قدره ‪ %29.01‬مقابل ‪ %20.32‬في ‪ 3020‬وهذا يؤكد‬
‫صالبة الوضعية المالية الخارجية ‪،‬الديون الصا فية للمصارف على الخزينة العمومية ازدادت بنسبة ‪،%39.96‬‬
‫عرفت الديون الصافية على الدولة زيادة طفيفة بنسبة ‪ %0.1‬وازدادت الديون الصافية للمصارف على الخزينة‬
‫العمومية ‪ %39.96‬في ‪.3022‬‬

‫‪231‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫تميزت السنة ‪ 3023‬بارتفاع صافي الموجودات الخارجية بـ‪ %1.2‬مقابل ‪ %29.01‬بموجب السنة‬
‫‪ ،3022‬وتيرة قوية الرتفاع القروض الموجهة لالقتصاد ‪ %21.2‬من بين أهم محددات التوسع النقدي في‬
‫‪ ، 3023‬كذلك بلغت قروض الخزينة ‪ 2229.2‬مليار دينار‪.‬‬
‫عرف صافي الموجودات الخارجية الذي سجل ‪ 21331.29‬مليار دينار نهاية ‪ 3022‬مقابل‬
‫‪ 21626.61‬مليار دينار ديسمبر ‪ 3023‬ارتفاعا ضعيفا ‪ %2.62‬مقارنة بالسنة السابقة ‪ %1.22‬ارتباطا‬
‫بتطور الوضعية الخارجية ‪،‬كذلك النمو القوي لقروض االقتصاد ‪ %30.31‬سنة ‪ 3022‬يفوق ما سجلته السنة‬
‫الماضية ‪ ، %21.2‬سجلت الخزينة العمومية استق ار ار نسبيا لصافي الوضعية المالية للدولة و النقدية‪ ،‬رغم ذلك‬
‫سجلت الودائع نموا قدره ‪ %.6‬في حين ارتفعت قوائم االدخار المالية للخزينة العمومية ‪ 1912.33‬مليار دينار‪.‬‬
‫في سنة ‪ 3022‬تباطؤ التوسع النقدي بمقابل نمو معتبر للقروض لالقتصاد في ظرف يتميز بارتفاع‬
‫متواضع لصافي الموجودات الخارجية الذي سجل ‪ 21331.29‬مليار دينار مقابل ‪ 21626.61‬مليار دينار في‬
‫‪ ،3023‬وارتفعت نسبة القروض لالقتصاد إلى ‪ M2‬خارج ودائع قطاع المحروقات إلى ‪ %11.2‬مقابل ‪%12.2‬‬
‫نهاية ‪ 3023‬و‪ %12.6‬نهاية ‪. 3022‬‬
‫أما في سنة ‪ 30021‬فنالحظ ارتفاع القروض المقدمة لالقتصاد حيث وصلت إلى ‪ 1190.9‬مليار دينار‬
‫باإلضافة إلى تحسن في مقابالت الكتلة النق دية من قروض الخزينة وهذا نتيجة االنخفاض الذي وصل إلى‬
‫‪ 3101.9‬مليار دينار‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬تقييم أداء السياسة النقدية في تحقيق األهداف االقتصادية خالل الفترة ‪0222‬م‪0212-‬م‬
‫إن مهمة البنك المركزي في مجال النقد والقرض والصرف تتمثل في توفير أفضل الشروط لنمو منتظم‬
‫لالقتصاد الوطني والحفاظ عليه بإنماء جيد للطاقات اإلنتاجية الوطنية مع السهر على االستقرار الداخلي‬
‫والخارجي للنقد‪ ،‬نجد أن أهداف السياسة النقدية تتوزع بين تحقيق معدل نمو اقتصادي منتظم وتحقيق التشغيل‬
‫الكامل في المقام األول‪ ،‬إلى جانب هدف استقرار األسعار والحفاظ على استقرار العملة خارجيا وعليه فإن‬
‫األهداف المرسومة للسياسة النقدية تتميز بأنها تتعدد وتتنوع في مجموعها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تقييم أداء السياسة النقدية في ضبط التضخم في الجزائر (‪0222‬م‪0212 -‬م)‬
‫إن الهدف النهائي للسياسة النقدية في الجزائر منذ إصدار قانون النقد والقرض يتمثل في المحافظة على‬
‫استقرار األسعار‪ ،‬ومراقبة وتيرة التضخم التي يقيسها مؤشر أسعار االستهالك والجدول التالي يوضح تغيرات‬
‫أسعار االستهالك بالنسب خالل الفترة ‪3000‬م‪3021-‬م‪.‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)7-0‬تطور معدالت التضخم في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬
‫الوحدة‪ :‬النسبة المئوية(‪)%‬‬

‫معدل التضخم‬ ‫السنة‬

‫‪%2.02‬‬ ‫‪0222‬‬

‫‪%2.00‬‬ ‫‪0221‬‬

‫‪%1.20‬‬ ‫‪0220‬‬

‫‪%0.11‬‬ ‫‪0220‬‬

‫‪%0.16‬‬ ‫‪0222‬‬

‫‪%1.62‬‬ ‫‪0221‬‬

‫‪%0.10‬‬ ‫‪0226‬‬

‫‪%3.68‬‬ ‫‪0227‬‬

‫‪%2.16‬‬ ‫‪0221‬‬

‫‪233‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪%1.72‬‬ ‫‪0221‬‬

‫‪%0.11‬‬ ‫‪0212‬‬

‫‪%2.10‬‬ ‫‪0211‬‬

‫‪%1.1‬‬ ‫‪0210‬‬

‫‪%1.1‬‬ ‫‪0210‬‬

‫‪%7.2‬‬ ‫‪0212‬‬

‫‪Source: banque d’Algérie, rapport 2000………..2014.‬‬

‫من خالل الجدول أعاله يمكن مالحظة انخفاض معدالت التضخم مع بداية األلفية الثالثة إلى مستوى‬
‫قياسي حيث بلغ ‪ 0.34%‬سنة ‪3000‬م وهذا يعود للتراجع في النمو النقدي بفضل االستقرار الكلي واستقرار‬
‫األسعار‪ ،‬وأيضا لزيادة مدا خيل البترول الذي عزز قيمة العملة الوطنية وتقليل اللجوء إلى إعادة التمويل لدى‬
‫بنك الجزائر ما رفع من عرض األموال القابلة لالقتراض في السوق النقدية‪ ،‬ليعود لالرتفاع سنة ‪3002‬م أين بلغ‬
‫‪ %1.32‬ويعود هذا االرتفاع في معدل التضخم إلى ارتفاع نمو الكتلة النقدية بنسبة ‪ %13.6‬بسبب الزيادة في‬
‫األرصدة النقدية الصافية الخارجية‪ ،‬باإلضافة إلى إطالق برنامج اإلنعاش االقتصادي في أفريل ‪3002‬م‪ ،‬مما‬
‫أدى لتزايد نفقات الموازاة التي ترتب عنها ارتفاع معدل التضخم لمستوى ‪ ،%1.32‬أما في سنة ‪3003‬م فقد عاد‬
‫لالنخفاض ليبلغ ‪ %2.13‬نتيجة تخفيف ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض الواردات والمواد الزراعية‬
‫وبفضل إلى إطالق برنامج اإلنعاش االقتصادي‪.‬‬
‫ابتداء من ‪3002‬م أصبح بنك الجزائر يحدد نسبة للتضخم ال يتجاوز ‪ ،%2‬هنا يمكن القول أن المعدل‬
‫المستهدف في سنة ‪3002‬م قد تم تحقيقه حيث بلغ ‪ % 3.16‬و هذا بفضل اإلصالحات التي حملها األمر‬
‫‪ ،22/02‬في سنة ‪3001‬م أصبح معدل التضخم ‪ ،%2.19‬وقد تجاوز هذا المعدل ما كان قد استهدفته السياسة‬
‫النقدية في هذه السنة والمقدر بـ‪ ، %2‬ويعود السبب إلى ارتفاع العمال باإلضافة إلى الفائض الكبير للسيولة‬
‫المتواجدة لدى البنوك‪.‬‬
‫في سنة ‪3001‬م‪ ،‬عاد معدل التضخم لالنخفاض إلى ‪ %2.91‬ويعود هذا التحسن إلى االنعكاس‬
‫اإليجابي الستقرار االقتصاد الكلي على الوضع المالي والنقدي من خالل انخفاض معدل السيولة (‪)M2/PIB‬‬
‫إلى ‪ %12.2‬مقابل ‪ %92‬عام ‪3001‬م‪ ،‬وهو أقل معدل منذ ‪ 1‬سنوات‪ ،‬باإلضافة إلى أن الموجودات الخارجية‬

‫‪234‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الصافية تمثل ‪ %11.9‬من الناتج الداخلي الخام وما ساعد على ذلك هو إدراج وسائل نقدية جديدة المتصاص‬
‫السيولة‪.‬‬
‫وقد عرفت سنة ‪3009‬م توسعا نقديا حيث نمت الكتلة النقدية (‪ )M2‬بـ‪ %29.91‬بعد إطالق برنامج ثاني‬
‫وهو البرنامج التكمي لي لدعم النمو االقتصادي الذي أقرته الحكومة استكماال للبرنامج األول حيث نجم عنه زيادة‬
‫حجم النفقات العامة التي ضاعفت من عجز الموازنة العامة‪.‬‬
‫وأصبح معدل التضخم ‪ %3.12‬سنة ‪3009‬م‪ ،‬إال أن ادخار الخزينة لجزء من موارد الجباية البترولية‬
‫ساهم في تخفيض هذا التوسع وبف ضل وضع بنك الجزائر لسياسة نقدية تسمح بشكل دائم بامتصاص السيولة في‬
‫السوق النقدي‪.‬‬
‫أما السنوات ‪3001‬م فقد كان التضخم بمعدل‪3009،% 2.99‬م بمعدل ‪3006 ،%1.9‬م بمعدل‬
‫‪ %1.11‬وهي معدالت مرتفعة‪ ،‬ويمكن تفسير ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد األساسية من جهة‪ ،‬وكذلك الزيادة‬
‫في األ جور التي أدت إلى ارتفاع الطلب العائلي‪ ،‬مع العلم أن السلطات ترجع ذلك في كل مرة إلى االرتفاع‬
‫المتنامي ألسعار السلع على المستوى العالمي خاصة في ظل األزمة العالمية لسنة ‪3006‬م‪.‬‬
‫في سنة ‪3020‬م سجل التضخم نسبة ‪ %2.63‬وقد تولد التضخم أساسا عن طريق ارتفاع السلع‬
‫المص نعة‪ ،‬حتى ولو أن السلع الغذائية قد عرفت زيادات مرتفعة مع بقائها ضعيفة جدا‪.‬‬
‫أما في ‪3022‬م واصل التضخم باالرتفاع حيث بلغ ‪ %1.13‬ويعود السبب في ارتفاع التضخم لعدة‬
‫عوامل منها التوسع النقدي الذي بلغ ‪ %26.62‬بسبب ارتفاع القروض لالقتصاد ونفقات الميزانية الجارية‪ ،‬وقد‬
‫ساهمت أسعار السلع المصنعة بصفة أكبر في تضخم األسعار الداخلية باإلضافة إلى العوامل الداخلية لألسواق‬
‫التي تضخم أثر السعر وللحد من الضغوط التضخمية التي ظهرت في ‪3022‬م اتخذت السلطات مجموعة‬
‫تدابير مناسبة‪.‬‬
‫بالنسبة للسنة ‪3023‬م وفي ظرف يتميز بتضخم مرتفع حيث بلغ ‪ %9.6‬بسبب استمرار الضغوطات‬
‫التضخمية الداخلية عقب الصدمة على األسعار المحلية في بداية السنة‪ ،‬باألحرى فإن التوسع في نفقات‬
‫خصوصا االرتفاع في التحويالت لمواجهة هذه الصدمة في األسعار‪ ،‬قد ّغذى أثر السعر ومن‬
‫ً‬ ‫الميزانية الجارية‪،‬‬
‫ثم صعب إدارة السياسة النقدية من قبل بنك الجزائر ضمن اإلطار القانوني الجديد المتضمن هدف التضخم‪،‬‬
‫علما أن سنة ‪2012‬م هي السنة الثانية في هذا المجال والتي تميزت من جهة أخرى بحدة التضخم المحلي‬
‫الناجم عن أثر السعر في بعض المواد الطازجة‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫إن معدل التضخم الذي تسارع ابتداء من السداسي الثاني من سنة‪2011‬م وبلغ ذروة في سنة ‪2012‬م‬
‫‪ %8,9‬مقابل ‪ ٪4,5‬في سنة‪2011‬م و‪ ٪3,8‬كمتوسط سنوي قد انخفض خالل سنة‪2013‬م إلى ‪ %9.2‬ثم‬
‫أن تدابير الدعم المالئمة دعم ميزاني وتدابير جبائية أخرى المتخذة من‬
‫الى‪ %1.1‬سنة ‪3021‬م‪ ،‬مع العلم ّ‬
‫طرف السلطات العمومية في‪2011‬م لمواجهة التضخم المستورد بقيت قائمة‪ ،‬يعد األداء المحقق في مجال‬
‫التضخم في‪2013‬م و‪3021‬م مكسبا الستقرار االقتصاد الكلي‪ ،‬مدعوما بالتعزيز الميزاني المباشر فيه خالل‬
‫هذه السنة‪.‬‬
‫ويمكن توضيح تطور معدل التضخم خالل الفترة المدروسة بيانيا في الشكل الموالي‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)2-0‬منحنى تطور معدل التضخم في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناء على معطيات الجدول (‪.)1-2‬‬

‫ومنه فإن بنك الجزائر قام بإدارة السياسة النقدية أساسا بواسطة أدوات استرجاع السيولة وتسهيلة الودائع‬
‫المغالت للفائدة‪ ،‬واالحتياطي اإلجباري سمح هذا بامتصاص فائض السيولة في السوق النقدية بشكل فعلي‬
‫والتحكم في التضخم ودعم االستقرار النقدي بشكل أكبر علما أن بنك الجزائر أصبح يتوفر على إطار للسياسة‬
‫النقدية يتطابق مع المعايير الدولية في مجال وسائل السياسة النقدية كما يؤكده النظام ‪ 03/06‬المؤرخ في‬
‫‪ 3006/01/39‬المتعلق بعمليات السياسة النقدية ووسائلها واجراءاتها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقييم أداء السياسة النقدية في تحقيق هدف التشغيل في الجزائر (‪0222‬م‪0212 -‬م)‬
‫تبعا لتطور السياسة النقدية‪ ،‬تميزت الفترة المدروسة بتغير أهداف السياسة النقدية وذلك عقب صدور‬
‫األمر ‪ 22/02‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬والذي اعتبر أن الحد من التضخم هو الهدف النهائي والصريح للسياسة‬
‫النقدية‪ ،‬بينما هدف التشغيل والنمو االقتصادي يحتالن المرتبة الثانية‪ ،‬لهذا الغرض كانت إدارة السياسة النقدية‬

‫‪236‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫من طرف بنك الجزائر موجهة بشكل خاص نحو امتصاص فائض السيولة الهيكلي‪ ،‬لكن دون إهمال هدف‬
‫التشغيل والنمو االقتصادي‪ .‬ولتحليل مشكلة البطالة والتشغيل خالل الفترة المدروسة‪ ،‬نجد أن معدل البطالة‬
‫عرف انخفاضا محسوسا من ‪ %36.1‬سنة ‪ 3000‬إلى ‪ %6.9‬سنة ‪ ،3021‬وهو ما يوضحه الجدول الموالي‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)1-0‬تطور معدالت البطالة في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م ـ‪0212‬م)‬
‫الوحدة‪ :‬نسبة مؤوية‬
‫‪0227‬‬ ‫‪0226‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫السنوات‬
‫معدل‬
‫‪22.9‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫‪21.2‬‬ ‫‪21.1‬‬ ‫‪32.1‬‬ ‫‪39.0‬‬ ‫‪39.11‬‬ ‫‪36.1‬‬
‫البطالة‬
‫ـ‬ ‫‪0212‬‬ ‫‪0210‬‬ ‫‪0210‬‬ ‫‪0211‬‬ ‫‪0212‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫السنوات‬
‫معدل‬
‫‪6.9‬‬ ‫‪6.9‬‬ ‫‪22.0‬‬ ‫‪20.0‬‬ ‫‪20.0‬‬ ‫‪20.3‬‬ ‫‪22.2‬‬
‫البطالة‬
‫‪Source : Banque d’Algérie, rapport 2003, 2008, 2012, 2013 ,2014‬‬

‫من خالل الجدول أعاله نالحظ أن معدالت البطالة في الجزائر بدأت في االنخفاض مع بداية األلفية‬
‫الثالثة‪ ،‬إذ انتقلت من ‪ %36.1‬سنة ‪3000‬م إلى ‪ %39.11‬سنة ‪3002‬م‪ ،‬وهذا ما يوضح األثر اإليجابي‬
‫لبرنامج اإلنعاش االقتصادي ومساهمة كل القطاعات في توفير مناصب الشغل التي ترتكز بالدرجة األولى في‬
‫قطاع التجارة والخدمات فهذا األخير يضم أكثر من ‪ 50 %‬من القوى العاملة في الجزائر ثم ‪ %21.2‬سنة‬
‫‪3001‬م لتصل إلى ‪ %11,3‬سنة ‪2009‬م‪ ،‬وذلك بعد إطالق برنامجي اإلنعاش االقتصادي والبرنامج التكميلي‬
‫لدعم النمو االقتصادي‪ ،‬اللذان تمثل فيهما السياسة المالية المرجع األساسي الحتواء البطالة من خالل تنشيط‬
‫العجلة االقتصادية بزيادة حجم المشاريع االستثمارية‪ ،‬مما تؤكده الزيادة الكبيرة في حجم النفقات العامة طيلة فترة‬
‫تنفيذ البرنامجين لتصل إلى حدود ‪ %20‬سنة ‪3022‬م كما أن معدل البطالة خالل هذا البرنامج وفي السنة‬
‫األولى أي‪2010‬م شهد انخفاض فقد وصل إلى‪ %20‬بعدما كان ‪% 20.3‬سنة ‪2009‬م‪ ،‬ويرجع ذلك في‬
‫األساس إلى تدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع المصغرة) كمشروع ‪ 100‬محل في كل مدينة(‪،‬‬
‫باإلضافة إلى زيادة الدعم لوكالة تشغيل الشباب‪.‬ثم ارتفعت سنة ‪3023‬م لتصل ‪ %22‬ثم انخفضت خالل‬
‫السنوات ‪3022‬م‪3021 ،‬م إلى ‪ %6.9‬ويعود ذلك للوفرة المالية التي عرفتها الجزائر والناتجة عن ارتفاع أسعار‬
‫النفط في األسواق العالمية وبالتالي انتهاج الجزائر لسياسة نقدية ومالية توسعية لحل مشكلة البطالة عن طريق‬
‫تنشيط الطلب الكلي الفعا ل ويتطلب ذلك تنشيط االستثمار عن طريق تخفيض معدالت الفائدة لالقتراب من حالة‬

‫‪237‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫العمالة الكاملة‪ ،‬وفي هذه الفترة شهدت تخفيضات متتالية بمعدل إعادة الخصم‪ ،‬ولكن هذا لم ينشط االستثمار‬
‫الوطني ولم يحفز االستثمار األجنبي لتنشيط الطلب الفعال‪.‬‬
‫ففي ظل الوفرة المالية فق د تم اعتماد سياسة مالية توسعية تقوم على تشجيع االستثمار المولد لمناصب الشغل‬
‫من خالل إطالق برامج تنموية هدفها األساسي باإلضافة إلى إحداث نمو اقتصادي التخفيف من حدة البطالة‬
‫نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬المخطط الوطني للتنمية الفالحية والريفية للفترة (‪.)3001 -3002‬‬
‫‪ ‬برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي (‪.)3001 -3002‬‬
‫‪ ‬برنامج دعم النمو االقتصادي (‪.)3006 -3001‬‬
‫‪ ‬البرنامج التكميلي لإلنماء (‪.)3021-3020‬‬
‫وكان لها األثر على ظاهرة البطالة وتحسين الظروف االجتماعية بتخفيض معدل البطالة عن طريق‬
‫اإلنفاق العام‪ ،‬واستعمال المشاريع ذات الكثافة العمالية العالية‪ ،‬وبمجرد إنهاء هذه المشاريع والمرتبطة بهذه‬
‫البرامج اإلنعاشية ستعود معدالت البطالة إلى االرتفاع‪ ،‬ألن مناصب الشغل المتوفرة حاليا أغلبيتها مجرد‬
‫مناصب مؤقتة‪ .‬كما يمكن توضيح تطور معدالت البطالة بيانيا في الشكل الموالي‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)1-0‬تطور معدالت البطالة في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬ـ‪)0212‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناء على معطيات الجدول (‪.)9-2‬‬

‫من خالل ما سبق يمكن القول‪ :‬أ ّن السياسة النقدية لم تتمكن من تحقيق هدف التشغيل خالل الفترة‬
‫المدروسة‪ ،‬رغم االنخفاض المستمر لمعدالت البطالة‪ ،‬والذي يرجع أساسا إلى السياسة المالية التوسعية التي‬
‫انتهجتها السلطات الحكومية بإطالق برامج اقتصادية ضخمة على غرار برنامج اإلنعاش االقتصادي (‪3002‬م‬
‫ـ‪3001‬م)‪ ،‬برنامج دعم النمو االقتصادي (‪3001‬م ـ‪3006‬م) والبرنامج التكميلي لإلنماء أو برنامج توطيد النمو‬

‫‪238‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫االقتصادي (‪3020‬م ـ‪3021‬م)‪ ،‬إلى جانب صيغ التوظيف المذكورة سالفا‪ ،‬وهي كلها برامج تعتمد في مرجعيتها‬
‫إن السياسة النقدية التي "تدخل حسب‬
‫الفكرية على الفكر الكينزي في حل مشكلة البطالة‪ .‬لذا يمكن القول‪ّ :‬‬
‫النظرية الكينزية في حل مشكلة البطالة عن طريق تنشيط الطلب الكلي الفعال بتنشيط االستثمار عن طريق‬
‫تخفيض معدالت الفائدة لالقتراب من حالة التشغيل الكامل‪ ،‬والتي ترجمها بنك الجزائر بالتخفيضات المتتالية‬
‫لمعدل إعادة الخصم‪ ،‬لم تكن فعالة في تنشيط االستثمار الوطني وتحفيز االستثمار األجنبي لتنشيط الطلب‬
‫الفعال"‪ ، 1‬هذا ما جعل السياسة النقدية غير قادرة على تحقيق هدف التشغيل الكامل في الجزائر خالل الفترة‬
‫المدروسة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تقييم أداء السياسة النقدية في تحقيق النمو االقتصادي في الجزائر(‪0222‬م‪0212 -‬م)‬
‫تعتبر إشكالية النمو واإلنعاش ومن ثم التنمية الشاملة قضية عالمية وادارة القضايا العالمية في األلفية‬
‫الجديدة يتطلب مشاركة نشطة في جميع البلدان وهذا على الرغم من أن البلدان النامية تحتوي على نحو ‪%91‬‬
‫من سكان العالم البالغ عددهم ‪ 1.6‬مليار نسمة سنة ‪.2669‬‬
‫ليس هناك نموذج واحد يمكن استخدامه لتحقيق النمو واإلنعاش ولكن التجربة خالل السنوات الماضية‬
‫وحتى بداية األلفية الجديدة تقضى إلى دروس هامة متمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تحقيق استقرار إطار االقتصاد الكلي شرط أول لتحقيق النمو الالزم للتنمية‪.‬‬
‫‪ .0‬النمو ال يصل تلقائيا إلى الفقراء لذلك يجب معالجة احتياجات األفراد مباشرة‪.‬‬
‫‪ .0‬البد من تطبيق سياسات وأساليب شاملة في ظل عدم وجود سياسة واحدة قادرة على أحداث التنمية‪.‬‬
‫‪ .2‬متطلبات التنمية الشاملة تقتضي أخد الجانب االجتماعي واألحوال المعتبرة بعين االعتبار‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫للمؤسسات دور هام في التنمية‪.‬‬
‫ومن خالل استقراء القرن الماضي فإن العالم تبين على عتبة األلفية الثالثة وأمامه مجموعة من التحديات‬
‫‪2‬‬
‫تشمل‪ :‬تقليص الفقر‪ ،‬توفر ل لخدمات الصحة والتعليمة‪ ،‬تأمين األمن الغذائي والماء‪ ،‬المحافظة على البيئة‪.‬‬
‫يتم التعبير عن معدالت النمو االقتصادي من خالل التطورات الحاصلة في الناتج الداخلي الخام‬
‫وباستقراء الناتج الداخلي الخام في الجزائر فقد عرف عدة تذبذبات كما هو موضح في الجدول‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صالح مفتاح‪ ،‬أهداف السياسة النقدية في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬فيفري ‪.3001‬‬
‫‪2‬‬
‫حاكمي بوحفص‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪239‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الجدول رقم(‪ :)1-0‬تطور معدالت النمو الحقيقي للناتج الداخلي الخام في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪-‬‬
‫‪0212‬م)‪.‬‬
‫الوحدة‪ :‬نسبة مؤوية‪.‬‬
‫‪0227‬‬ ‫‪0226‬‬ ‫‪0221 0222 0220‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫السنوات ‪0221 0222‬‬
‫معدل‬
‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪6.9‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫النمو ‪%‬‬
‫‪PIB‬‬
‫‪0212‬‬ ‫‪0210 0210 0211‬‬ ‫‪0212‬‬ ‫السنوات ‪0221 0221‬‬
‫معدل‬
‫‪2.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0.0‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫النمو ‪%‬‬
‫‪PIB‬‬
‫المصدر‪:‬‬
‫‪ -‬بنك الجزائر‪ ،‬التطور االقتصادي والنقدي للجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪.3022 ………………3009‬‬

‫‪-banque d’Algérie, évolution économique et monétaire en Algérie, rapports 2000-2007.‬‬

‫نالحظ من الجدول أنه وبداية من األلف ية الثالثة عرفت معدالت النمو االقتصادي وتيرة متزايدة حيث بلغت‬
‫سنة‪3001‬م (‪ )%1.2‬بسبب عودة االستقرار لالقتصاد الوطني وعودة االنتعاش وتعزيز الوضعية المالية‬
‫العمومية وتطبيق البرنامج اإلنعاش االقتصادي‪.‬‬
‫عادت معدالته لالنخفاض ليصل سنتي ‪3009‬م و‪3006‬م لنسبة ‪ %3.1‬على التوالي وهذا راجع للتبعية‬
‫القوية للجزائر إلى لصادرات المحروقات وضعف تغطية احتياجات الغذائية بواسطة اإلنتاج الفالحي والنمو‬
‫الصناعي غير الكافي كلها تؤثر في وتيرة النمو الحقيقي‪.‬‬
‫وبغض النظر عن الركود في قطاع المحروقات الذي سجل انخفاضات متتالية في القيمة المضافة واألداء‬
‫السلبي للفالحة فان النمو في إجمالي الناتج الداخلي يتم بفضل ديناميكية قطاعات البناء واألشغال العمومية‬
‫والخدمات واألداء األفضل لقطاع الصناعة‪.‬‬
‫في سنة ‪3020‬م بعد سنتين من الوتيرة المتواضعة بنسبة ‪ % 3.1‬تسارع النمو االقتصادي بصورة طفيفة‬
‫الذي جره الطلب الداخلي المحفز بحد ذاته بتزايد الموارد وقد قدر بمبلغ ‪23016.1‬م مليار دينار وازداد الناتج‬
‫الداخلي بنسبة قدرها ‪ %2.1‬وقد عرفت كل القطاعات نموا ايجابيا ما عدا المتعلق بالمحروقات التي انخفضت‬

‫‪240‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫قيمتها المضافة بنسبة ‪ %3.9‬والقطاع الفالحي والصناعي اللذان عرفا تراجعا واضحا ويبقى هذا النمو ايجابيا‬
‫لكل قطاعات األنشطة لكنه ضعيف مقارنة ‪3006‬م‪.‬‬
‫السنة ‪3022‬م عرف بها النمو تباطؤا جليا بتسجيل نسبة ‪%3.1‬بسبب الركود االقتصادي المستمر في‬
‫قطاع المحروقات وانخفاض النشاط في قطاع البناء واألشغال العمومية الذي لم يعوضهما كل من التوسع في‬
‫اإلنتاج الزراعي والزيادة في الخدمات العمومية‪ ،‬مع ذلك ارتفع إجمالي الناتج الداخلي خارج المحروقات بنسبة‬
‫قدرها ‪ %1.3‬وشهدت جميع قطاعات األنشطة باستثناء قطاع المحروقات نموا ايجابيا‪.‬‬
‫بالنسبة للسنة ‪3023‬م عرف النمو االقتصادي انتعاشا حيث سجل نسبة ‪ %2.2‬ورغم أنه بطيء مدفوعا‬
‫من طرف جميع القطاعات تقريبا على الرغم من التراجع الملحوظ في قطاع المحروقات بـ‪ %2.1‬سجلت‬
‫قطاعات األنشطة األخرى خارج المحروقات باستثناء الخدمات المسوقة و الفالحة نموا معتب ار يفوق ذلك المسجل‬
‫في ‪3022‬م‪.‬‬
‫السنة ‪3022‬م عرفت تباطؤا في النمو االقتصادي من جديد بعد االنتعاش الطفيف الذي سجله ‪3023‬م‬
‫فكانت النسبة هذه السنة ‪ ، %3.9‬إذ لم يتمكن التوسع المعتبر في قطاع الفالحة والخدمات والبناء‪،‬أن يعوض‬
‫األداءات الضعيفة بقطاع المحروقات وباستثناء هذا األخير الذي يعيش مرحلة ركود طويل فقد حققت كل‬
‫القطاعات األخرى نموا ايجابيا وبقى النمو خارج المحروقات معتب ار بمعدل ‪.%1.2‬‬
‫إن القطاعات المستفيدة من برنامج التنمية الخماسي في هذه الفترة خصصت لها المبالغ التالية‪:‬‬
‫‪ -‬قطاع التنمية المحلية والبشرية‪ :‬استفاد من برنامج خاص يصل ‪ 6602‬مليار دج‪ ،‬ما يمثل نسبة‬
‫‪ %11013‬من إجمالي البرنامج‪.‬‬
‫‪ -‬قطاع األشغال العمومية والهياكل القاعدية‪ :‬يقدر المبلغ المخصص له ‪ 9100‬مليار دج‪ ،‬بنسبة‬
‫‪ %29013‬من إجمالي البرنامج‪.‬‬
‫‪ -‬قطاعات الصناعة‪ ،‬الفالحة‪ ،‬الصيد البحري والتشغيل‪ :‬استفادت من ‪ 2100‬مليار دج‪ ،‬ما يمثل نسبة‬
‫‪ %29001‬من إجمالي البرنامج‪.‬‬
‫‪ -‬عموما يمكن القول أن التوزيع للبرامج السابقة الذكر يعكس رغبة الحكومة في استهداف أهم القطاعات‬
‫التي تؤثر بصورة مباشرة في معدالت النمو االقتصادي ومستويات التشغيل‪.‬‬
‫إن هشاشة االقتصاد الجزائري اتجاه قطاع المحروقات أي اتجاه أسعار البترول مطروحة بحدة خاصة وأن‬
‫الركود في قطاع المحروقات مستمر منذ ‪3009‬م‪ ،‬رغم المجهودات االستثمارية المبذولة خالل السنوات األخيرة‪،‬‬
‫هذا يؤثر سلبا على نشاط االقتصاد الوطني فضال لألداء الجيد للنمو خارج المحروقات‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫ويؤكد النمو الحقيقي إلجمالي الناتج الداخلي خارج المحروقات االتجاه الهيكلي لمعدل توسع القطاعات‬
‫خارج المحروقات واألداء الجيد خص وصا لقطاع البناء واألشغال العمومية والمالية وقطاع الخدمات المسبوقة‬
‫وغير المسبوقة باإلضافة إلى تعميق اإلصالحات في سنة ‪ 3021‬بتخفيض فعال لموارد االدخار الوطني لفائدة‬
‫االستثمار المنتج وتمويل النمو خارج المحروقات‪ .‬كما يمكن توضيح تطور معدل النمو الحقيقي للناتج الداخلي‬
‫الخام بيانيا في الشكل الموالي‪:‬‬
‫الشكل رقم(‪ :) 6-0‬تطور معدل النمو الحقيقي للناتج الداخلي الخام في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‬
‫ـ‪0212‬م)‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناءا على معطيات الجدول (‪)6-2‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تقييم أداء السياسة النقدية في تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات في الجزائر (‪0222‬م‪-‬‬
‫‪0212‬م)‬
‫يعرف ميزان المدفوعات على أنه عبارة عن سجل لكافة المعامالت االقتصادية الخارجيـة التـي تـتم بـين المقيمـين‬
‫فــي دولــة معينــة‪ ،‬و المقيمــين فــي الخــارج خــالل فت ـرة زمنيــة معينــة و عــادة تكــون ســنة وهــو ينقســم إلــى الحســاب‬
‫الجــاري‪ ،‬حســاب التحــويالت و حســاب أرس المــال ووضــع ميـزان المــدفوعات الج ازئــري يخضــع باألســاس إلــى تغيــر‬
‫الوضــع الــدولي وارتفــاع أو انخفــاض فــي أســعار البتــرول وكــذلك تقلبــات أســعار الصــرف‪ .‬هــذا مــا جعــل السياســة‬
‫النقديــة غيــر قــادرة علــى المحافظــة علــى اســتق ارره‪ ،‬نظـ ار الرتباطــه بمتغيـرات تــتحكم فيهــا عوامــل خارجيــة أكثــر منهــا‬
‫داخلية‪ .‬و الجدول التالي يبين تطور ميزان المدفوعات و عناصره األساسية خالل الفترة (‪ 3000‬م‪3021-‬م)‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)12-0‬تطور رصيد ميزان المدفوعات في الجزائر خالل الفترة (‪0222‬م‪0212-‬م)‬
‫الوحدة‪( :‬مليار دوالر)‬
‫‪2007‬‬ ‫‪0226‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫البيان‬
‫رصيد‬
‫‪30.6‬‬ ‫‪28.95‬‬ ‫‪21.72‬‬ ‫‪11.12‬‬ ‫‪8.84‬‬ ‫‪4.37‬‬ ‫‪7.06‬‬ ‫‪8.93‬‬ ‫الحساب‬
‫الجاري‬
‫الميزان‬
‫‪34.24‬‬ ‫‪34.06‬‬ ‫‪26.81‬‬ ‫‪14.27‬‬ ‫‪11.14‬‬ ‫‪6.7‬‬ ‫‪9.61‬‬ ‫‪12.3‬‬
‫التجاري‬
‫الصادرات‬
‫‪60.59‬‬ ‫‪54.74‬‬ ‫‪46.38‬‬ ‫‪32.22‬‬ ‫‪24.47 18.71 19.09 21.65‬‬
‫)‪(fob‬‬
‫‪59.61‬‬ ‫‪53.61‬‬ ‫‪45.59‬‬ ‫‪31.55‬‬ ‫‪23.99 18.11 18.53 21.06‬‬ ‫المحروقات‬
‫‪0.98‬‬ ‫‪1.13‬‬ ‫‪0.79‬‬ ‫‪0.67‬‬ ‫‪0.47‬‬ ‫‪0.61‬‬ ‫‪0.56‬‬ ‫‪0.59‬‬ ‫أخرى‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الواردات‬
‫‪-26.35‬‬ ‫‪-20.68‬‬ ‫‪-19.57 -17.95‬‬ ‫‪-9.48 -9.35‬‬
‫‪13.32 12.01‬‬ ‫)‪(fob‬‬
‫ميزان حساب‬
‫‪-1.05‬‬ ‫‪-11.22‬‬ ‫‪-4.78‬‬ ‫‪-1.87‬‬ ‫‪-1.37 -0.71 -0.87 -1.36‬‬
‫رأس المال‬
‫م‪.‬‬
‫‪29.55‬‬ ‫‪17.73‬‬ ‫‪16.94‬‬ ‫‪9.25‬‬ ‫‪7.47‬‬ ‫‪3.66‬‬ ‫‪6.19‬‬ ‫‪7.57‬‬
‫المدفوعات‬
‫ـ‬ ‫‪0212‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫البيان‬
‫رصيد‬
‫ـ‬ ‫‪9.10‬ـ‬ ‫‪0.83‬‬ ‫‪12.41‬‬ ‫‪17.76 12.14‬‬ ‫‪0.41‬‬ ‫‪35.18‬‬ ‫الحساب‬
‫الجاري‬
‫الميزان‬
‫ـ‬ ‫‪0.59‬‬ ‫‪11.06‬‬ ‫‪20.16‬‬ ‫‪25.96 18.20‬‬ ‫‪7.78‬‬ ‫‪41.24‬‬
‫التجاري‬
‫الصادرات‬
‫ـ‬ ‫‪60.04‬‬ ‫‪65.91‬‬ ‫‪71.73‬‬ ‫‪72.88 57.09 45.18 78.63‬‬
‫)‪(fob‬‬
‫ـ‬ ‫‪58.34‬‬ ‫‪63.75‬‬ ‫‪70.58‬‬ ‫‪71.66 56.12 44.41 77.19‬‬ ‫المحروقات‬
‫ـ‬ ‫‪1.69‬‬ ‫‪2.16‬‬ ‫‪1.15‬‬ ‫‪1.22‬‬ ‫‪0.96‬‬ ‫‪0.77‬‬ ‫‪1.44‬‬ ‫أخرى‬
‫ـ‬ ‫‪59.44‬ـ‬ ‫‪54.85‬ـ‬ ‫‪51.56‬ـ‬ ‫‪37.40‬ـ ‪38.88‬ـ ‪46.92‬ـ‬ ‫‪-‬‬ ‫الواردات‬

‫‪243‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪37.39‬‬ ‫)‪(fob‬‬
‫ميزان حساب‬
‫ـ‬ ‫‪3.23‬‬ ‫‪0,70‬ـ‬ ‫‪0.36‬ـ‬ ‫‪2.37‬‬ ‫‪3.17‬‬ ‫‪3.45‬‬ ‫‪1.85‬‬
‫رأس المال‬
‫م‪.‬‬
‫ـ‬ ‫‪5.88‬ـ‬ ‫‪0.13‬‬ ‫‪12.05‬‬ ‫‪20.14 15.32‬‬ ‫‪3.86‬‬ ‫‪37.04‬‬
‫المدفوعات‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالبة بناء على‪:‬‬
‫‪- Banque d’Algérie, bulletin statistique trimestriel N07, juin 2009, p 15.‬‬
‫‪- Banque d’Algérie, Rapport 2012, 2013,2014‬‬
‫من خالل الجدول نالحظ ما يلي‪ :‬وتيرة متزايدة للحساب الجاري وصل إلى ‪ 2009‬مليار دوالر سنة ‪3001‬م‬
‫مقابل ‪ 9062‬مليار دوالر سنة ‪3000‬م‪ ،‬واستمرار ارتفاع قيمة العجز في ميزان المدفوعات بسبب التسديد‬
‫المسبق للدين الخارجي حتى ‪3009‬م ثم تعززت الوضعية المالية الخارجية الصافية للجزائر سنة ‪3001‬م برصيد‬
‫إجمالي لميزان المدفوعات بـ‪ 36011‬مليار دوالر و على العموم فقد حقق ميزان المدفوعات قيما متزايدة حيث بلغ‬
‫‪ 1011‬مليار دوالر و‪ 9026‬مليار دوالر سنتي ‪3000‬م و ‪3002‬م على الترتيب و ‪ 21012‬مليار دوالر‬
‫و‪ 36011‬مليار دوالر سنتي ‪3009‬م و‪ 3001‬على الترتيب بسبب تحسن أسعار البترول بـ‪ %3001‬و بلغ سعر‬
‫برميل البترول ‪ 91091‬دوالر هذا ما انعكس إيجابا على الميزان التجاري حيث بلغ ‪ 21031‬مليار دوالر سنة‬
‫‪ 3001‬م‬
‫باإلضافة إلى أن رصيد ميزان المدفوعات سجل فائضا قدره ‪ 1.11‬مليار دوالر سنة ‪ 3000‬م ‪ ،‬ومرد‬
‫ذلك هو االرتفاع الكبير الذي عرفته أسعار المحروقات في األسواق الدولية‪ ،‬والتي بلغ فيها سعر برميل البترول‬
‫‪ 39.16‬دوال ار بعدما كان يقدر بـ ‪ 21‬دوال ار سنة ‪2666‬م‪ .‬واعتبا ار من سنة ‪3002‬م ‪ ،‬أخذ رصيد ميزان‬
‫المدفوعات في االتجاه نحو االنخفاض مسجال في ذلك ما يقارب ‪ 9.26‬و‪ 2.99‬مليار دوالر خالل سنتي‬
‫‪ 3002‬م و‪ 3003‬م على الترتيب‪ ،‬ويرجع ذلك أساسا إلى تراجع أسعار البترول في األسواق الدولية بنسبة‬
‫‪ 31.31 ( %22.12‬دوالر سنة ‪3003‬م مقابل ‪ 39.16‬دوالر سنة ‪3000‬م)‪ ،‬وزيادة حجم الواردات التي بلغت‬
‫‪ 23‬مليار دوالر سنة ‪3003‬م مقابل ‪ 6.21‬مليار دوالر سنة ‪3000‬م‪ ،‬بسبب التوسع في واردات مواد التجهيز‬
‫في ظرف تميز بتحسن نسبة االستثمار في االقتصاد الوطني (برنامج اإلنعاش االقتصادي) وارتفاع قيمة األورو‬
‫مقابل الدوالر‪ 1،‬باإلضافة إلى تراجع حجم الصادرات إلى مستوى ‪ 29.12‬مليار دوالر سنة ‪ 3003‬مقابل‬
‫‪ 32.91‬مليار دوالر سنة ‪3000‬م ‪ ،‬وهو ما أدى إلى تسجيل تراجع في رصيد الميزان التجاري في ‪ 3003‬إلى‬

‫‪1‬‬
‫‪Banque d’Algérie, media Bank N 68, octobre 2003, p 39‬‬

‫‪244‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫مستوى ‪ 9.1‬مليار دوالر مقابل ‪ 23.2‬مليار دوالر في ‪3000‬م‪ .‬وفي سنة ‪ 3002‬سجل رصيد ميزان‬
‫المدفوعات تحسنا مستم ار من سنة ألخرى إلى غاية سنة ‪3006‬م‪ ،‬سنة الصدمة العالمية‪ ،‬إذ سجل فائضا قدر بـ‬
‫‪ 1.11‬مليار دوالر في ‪3002‬م لينتقل إلى ‪ 6.31‬و‪ 29.61‬مليار دوالر خالل سنتي ‪ 3001‬و‪ 3001‬على‬
‫الترتيب وبنسبة زيادة قدرت بـ ‪ %32.93‬و‪ %92.22‬على التوالي‪ ،‬ثم إلى ‪ 21.12‬و‪ 36.11‬مليار دوالر خالل‬
‫سنتي ‪ 3009‬و‪ 3001‬وبنسبة زيادة قدرت بـ ‪ %1.99‬و‪ %99.99‬على الترتيب‪ ،‬ليصل إلى ‪ 21.01‬مليار‬
‫دوالر وبنسبة زيادة تقدر بـ ‪ %31.21‬في ‪ .3009‬ويفسر هذا االرتفاع في رصيد ميزان المدفوعات باالرتفاع‬
‫الكبير والمستمر ألسعار البترول ف ي األسواق الدولية‪ ،‬حيث قفز سعر برميل البترول سنة ‪ 3009‬إلى ‪66.99‬‬
‫دوال ار مقابل ‪ 29.99‬دوال ار سنة ‪ ،3001‬أي بنسبة زيادة قدرت بـ ‪ ،%219.2‬وهو ما يؤكد تبعية االقتصاد‬
‫الوطني بصفة عامة وميزان المدفوعات بصفة خاصة لصادرات المحروقات‪ ،‬بينما ال تزال مساهمة الصادرات‬
‫خارج المحروقات في قابلية استمرار فائض ميزان المدفوعات جد ضعيفة‪ ،‬وهو ما يطرح بإلحاح التحسن‬
‫الضروري للتنافسية الخارجية أمام االنفتاح المتزايد لالقتصاد الوطني‪ ،‬وبذلك يظهر التحدي المرتبط بتنويع‬
‫الصادرات‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬لقد ترتب عن ارتفاع أسعار البترول في السوق الدولي‪ ،‬ارتفاع حصيلة الصادرات‬
‫إلى مستوى ‪ 19.92‬مليار دوالر في ‪ 3009‬بعدما كانت ‪ 23.33‬مليار دوالر سنة ‪ ،3001‬مقابل ارتفاع حجم‬
‫الواردات التي بلغت هي األخرى سنة ‪ 3009‬ما يقارب ‪ 21.26‬مليار دوالر مقابل ‪ 21.61‬مليار دوالر في‬
‫‪ ،3001‬وذلك بسبب التوسع في واردات سلع التجهيز والمنتجات نصف المصنعة‪ ،‬التي كانت موجهة لبرامج‬
‫االستثمارات العمومية التي شرعت فيها الحكومة منذ مطلع األلفية الثالثة‪ ،‬مما انعكس في النهاية باإليجاب على‬
‫رصيد الميزان التجاري الذي حقق فائضا سنة ‪ 3009‬قدر بـ ‪ 12.31‬مليار دوالر مقابل ‪ 21.31‬مليار دوالر‬
‫سنة ‪ .3001‬وعليه "فإن التعزيز المتواصل لسالمة ميزان المدفوعات خالل السنوات من ‪ 3000‬إلى ‪ 3009‬قد‬
‫تدعم بواسطة المحيط الدولي المواتي في مجال تطور أسعار المحروقات‪ .‬واذا كان االقتصاد الجزائري ال يزال‬
‫رهينة صادرات المحروقات‪ ،‬فقد سجل ميزان المدفوعات في ‪ 3009‬عنص ار جديدا من عناصر الهشاشة تمثل في‬
‫القفزة المسجلة على مستوى واردات السلع والخدمات"‪ ،1‬وظهور المؤشرات األولى لألزمة المالية العالمية‪ ،‬منذ‬
‫أوت ‪ ،3001‬وتزايد حدتها اعتبا ار من سبتمبر ‪ ،3009‬وهو ما أدى إلى انهيار رصيد ميزان المدفوعات بحوالي‬
‫عما كان عليه الحال في ‪ ،3009‬حيث انخفض من ‪ 21.01‬مليار دوالر سنة ‪ 3009‬إلى ‪2.99‬‬
‫‪ 20‬مرات ّ‬
‫مليار دوالر سنة ‪ ، 3006‬مما سبب صدمة خارجية لالقتصاد الجزائري ترتب عنها انخفاض الميزان التجاري في‬

‫‪1‬‬
‫بنك الجزائر‪ ،‬التقرير السنوي ‪ ،0221‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪245‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫‪ 3006‬إلى مستوى ‪ 1.19‬مليار دوالر مقابل ‪ 12.31‬مليار دوالر سنة ‪ ،3009‬ويعود ذلك إلى االنخفاض‬
‫المفاجئ ألسعار البترول في السوق الدولي‪.‬‬
‫بعد أن سجل ميزان المدفوعات الخارجي الجاري‪ 0012‬وهي أدني قيمة له‪ ،‬عاد للتحسن سنة ‪ 3020‬مرتك از‬
‫على تحسين متواصل لسعر برميل البترول واالرتفاع القوي إليرادات صادرات المحروقات محققا فائض معتبر‬
‫(‪ 101‬من إجمالي الناتج الداخلي) أما حساب رأس المال الذي يقتصر أساسا في بند االستثمارات الخارجية‬
‫وبسبب تسديد الدين الخارجي يعتبر هو أيضا في حالة فائض قيمة ‪ 2021‬مليار دوالر‪ ،‬ويغذى الرصيد‬
‫اإلجمالي لميزان المدفوعات الخارجي المقدر بـ‪ 21023‬مليار دوالر باالحتياطات الرسمية للصرف‪.‬‬

‫سجل ميزان المدفوعات الخارجية الجارية المعتمدة على مواصلة التحسن الجيد لسعر برميل البترول في سنة‬
‫‪ %20(3022‬من إجمالي الناتج الداخلي ) في ظرف يتميز بارتفاع الواردات واستقرار في عجز بند الخدمات‬
‫واستقرار في بند التحويالت الخارجية ‪ ،‬وجاء فائض الحساب الجاري الخارجي ‪ 21019‬مليار دوالر معز از لقدرة‬
‫ميزان المدفوعات الخارجية للجزائر‪ ،‬في حين أكدت أن طبيعة الواردات و كذا هيكلها يمثل خط ار ال يستهان به‪،‬‬
‫في حين تمثل وضعية حساب رأس المال والعمليات المالية التي هي في حالة شبه التوازن لسنة ‪30211(3022‬‬
‫مليار دوالر)‪ ،‬ومنه سجل ميزان المدفوعات فائض بقيمة ‪ 30021‬مليار دوالر‪.‬‬

‫أما بالنسبة للسنة ‪ 3023‬فقد سجل ميزان المدفوعات الخارجية فائض معتبر (‪ %9.03‬من إجمالي الناتج‬
‫الداخلي ) مترك از على سعر ‪ 222‬دوالر أمريكي للبرميل من البترول ولكن يبقى هذا أدنى من أداء ‪3022‬‬
‫بـ‪ 23.01‬مليار دوالر سنة ‪ 3023‬ويفسر هذا الضعف بالزيادة الحادة في واردات السلع المرتبطة باالرتفاع‬
‫المعتبر للحصة النسبية للسلع االستهالكية ‪.‬‬

‫تميزت السنة أيضا بتقلص حجم صادرات المحروقات واتساع العجز ‪12.99‬مليار دوالر سنة ‪ 3022‬إلى‬
‫‪10.19‬مليار دوالر سنة ‪ 3023‬كذلك ارتفاع واردات السلع االستهالكية غير الغذائية التي زادت بـ‪%29.1‬‬
‫ساهمت بشكل رئيسي في ارتفاع إجمالي الواردات من السلع مشكال نقطة الضعف على المدى القصير لميزان‬
‫المدفوعات للجزائر‪ ،‬أيضا حقق حساب رأس المال عج از طفيفا (‪ )0.29-‬في وضع يتميز بتراجع صافي‬
‫المداخيل األجنبية المباشرة ‪.‬‬

‫وبخصوص سنتي ‪ 3022‬و‪ ،3021‬فقد سجل فيهما رصيد ميزان المدفوعات انخفاضا كبي ار قدر بـ‬
‫‪ 0.22‬مليار دوالر و‪ 1.99‬ـ مليار دوالر على الرتيب‪ ،‬وذلك تحت تأثير استمرار المنحنى التصاعدي للواردات‪،‬‬

‫‪246‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫وتراجع صادرات المحروقات بسبب انخفاض سعر برميل البترول إلى مستوى ‪ 206.11‬دوال ار و‪ 62.20‬دوال ار‬
‫خالل سنتي ‪ 3022‬و‪ 3021‬على الترتيب‪.‬‬
‫إن ميزان المدفوعات الجزائري الذي سجل فوائض معتبرة خالل الفترة‬
‫إذن‪ ،‬وكمحصلة‪ ،‬يمكن القول‪ّ :‬‬
‫المدروسة‪ ،‬يبقى رهينة تقلبات أسعار البترول في األسواق الدولية‪ ،‬لذا فإن أي تغير في هذه األخيرة يستجيب له‬
‫وبسرعة فائقة رصيد ميزان المدفوعات‪ ،‬هذا ما يؤكد أن ميزان المدفوعات الجزائري ال يزال تتحكم فيه عوامل‬
‫خارجية أكثر منها داخلية‪ ،‬األمر الذي يجعل السياسة النقدية في الجزائر غير قادرة على المحافظة على‬
‫االستمرار في استق ارره‪.‬‬

‫والجزائر كباقي دول العالم عرفت مرحلة انتقالية من اقتصاد االشتراكي إلى اقتصاد السوق‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫إتب اعها لمجموعة من اإلصالحات والتي لم تمس فقط السياسة النقدية بل مست جميع المستويات االقتصادية‬
‫وعلى رأسها النظام المالي والبنكي‪ ،‬والتي تهدف من خاللها إلى رفع مستواه وكفائته من أجل ضمان التمويل‬
‫الفعال لمختلف المؤسسات االقتصادية‪ ،‬وهذا ما سنحاول بحثه في الفصل الرابع من خالل التطرق لمختلف‬
‫ميكانيزمات تمويل االقتصاد الوطني ومختلف التطورات الحاصلة فيها باإلضافة إلى معرفة واقع التقنيات‬
‫المستحدثة للتمويل في الجزائر‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اثر سياسات التحرير المالي على مسار السياسة النقدية في الجزائر (‪7990‬ـ‪)2074‬‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫لم يشهد االقتصاد الجزائري سياسة نقدية واضحة المعالم قبل سنة ‪2660‬م‪ ،‬إذ أن البداية التي أخذت‬
‫تتجسد فيها معالم هذه السياسة كانت بصدور قانون النقد والقرض ‪ 20-60‬لسنة ‪2660‬م‪ ،‬وانطالقا من هذا‬
‫التاريخ بدأ تأثير السياسة النقدية على متغيرات االقتصاد الكلي يظهر شيئا فشيئا خاصة بعد اإلصالحات‬
‫المتتالية التي أدخلت عليها‪ ،‬حيث شهدت السياسة النقدية في الج زائر عدة إصالحات‪ ،‬كانت بدايتها صدور‬
‫قانون النقد والقرض ‪ 20-60‬سنة ‪2660‬م‪ ،‬والذي أدخلت عليه بعض التعديالت بموجب األمر ‪02-02‬‬
‫الصادر في سنة ‪3002‬م المعدل والمتمم لقانون النقد والقرض‪ ،‬واألمر الساري المفعول إلى يومنا هذا والملغي‬
‫لقانون النقد والقرض ‪ 20-60‬وهو األمر ‪ 22-02‬المتعلق بالنقد والقرض المؤرخ في سنة ‪.3002‬‬
‫ويمكن القول بأن السياسة النقدية في الجزائر تمكنت من تحقيق هدف استقرار األسعار‪ ،‬الذي أصبح هدفا نهائيا‬
‫لها منذ صدور األمر ‪ 22/02‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬وقد كان ذلك بفضل إدارة بنك الجزائر للسياسة النقدية‬
‫بواسطة وسائل استرجاع السيولة وتسهيلة الوديعة المغلة للفائدة واالحتياطي اإلجباري‪ ،‬والتي كان لها الفضل في‬
‫امتصاص فائض السيولة الهيكلي وتحقيق معدل التضخم عند مستوى أقل (‪ %2.16‬كمتوسط عام) من ذلك‬
‫المعدل المستهدف من طرف مجلس النقد والقرض والمصرح به ما بين ‪ %02‬و‪ %01‬منذ سنة ‪3001‬م‪ .‬أما‬
‫بخصوص تحقيق األهداف األخرى فنجد أن السياسة النقدية قد عجزت عن ذلك فالمالحظ أن قطاع المحروقات‬
‫ال يزال يحدد مسار النمو االقتصادي والتشغيل في الجزائر إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬كما أن استقرار‬
‫ميزان المدفوعات ال يزال رهينة تقلبات أسعار ال بترول في األسواق الدولية‪ ،‬لذلك فإن أي تغير في هذا األخير‬
‫يستجيب له وبسرعة فائقة رصيد ميزان المدفوعات‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫يمر االقتصاد العالمي بتطورات سريعة‪ ،‬في ضوء المتغيرات والتطورات الدولية المتسارعة‪ ،‬سواء على‬
‫مستوى االقتصاد الكلي أو على مستوى االق تصاد الجزئي وذلك من خالل االتجاه نحو االنفتاح الكامل على‬
‫العالم الخارجي من خالل سياسات التحرير االقتصادي‪ ،‬التي تنتهجها مختلف دول العالم للدخول في اقتصاد‬
‫السوق ‪.‬‬

‫ويعتبر اجتياح موجة العولمة كان له األثر الكبير على القطاع المالي بشكل عام والقطاع البنكي بشكل‬
‫خ اص‪ ،‬وجعل أغلبية دول العالم تعمل على االنفتاح على االقتصاد العالمي لمسايرة التحوالت االقتصادية‬
‫واالندماج في االقتصاد العالمي‪ ،‬وفي ظل هذه التطورات كان البد على القطاع المالي التكيف مع مستجدات‬
‫الصناعة البنكية والمالية العالمية‪ ،‬ويكمن تأثير التحرير المالي على ميكانيزمات تمويل االقتصاد من خالل‬
‫تطوير وترقية مصادر تمويلها التقليدية‪ ،‬سواء كانت مباشرة من خالل البنوك أو غير مباشرة من خالل األسواق‬
‫المالية‪ ،‬باإلضافة إلى ابتكار تقنيات أو خدمات مالية بنكية مستحدثة تساعدها في تمويل مختلف احتياجاتها‬
‫التمويلية لالقتصاد والتي ساعدت القطاع البنكي على زيادة القدرة التنافسية في ظل سياسات التحرير المالي‬
‫والبنكي ‪ ،‬القيام بدور البنوك الشاملة وترك المجال لمؤسسات مالية غير بنكية متخصصة في مجاالت تمويلية‬
‫مستحدثة وهذا كله أدى إلى ظهور تقنيات تمويلية تساير النمو المتزايد للمؤسسات االقتصادية وتساير التطورات‬
‫العالمية الراهنة‪.‬‬

‫وسنحاول من خالل هدا الفصل التعرض إلى أهم الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬
‫وواقعها في الجزائر وذلك وفق العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬بورصة الجزائر ومكانتها في تمويل االقتصاد الوطني‪.‬‬


‫التمويل بتقنية االستئجار‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬التمويل بتقنية عقد تحويل فاتورة ‪.‬‬
‫‪ -‬التمويل بتقنية رأس المال المخاطر‪.‬‬
‫‪ -‬التمويل بتقنية تمويل المشروع‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المبحث األول‪ :‬بورصة الجزائر ومكانتها في تمويل االقتصاد الوطني‬


‫يتجه النشاط المالي الدولي نحو نظام مالي القتصاد األسواق المالية من خالل إلغاء الحواجز بين‬
‫األسواق واندماجها واختفاء نسبي للوساطة المالية‪ ،‬حيث باتت العمليات التقليدية التي تقوم بها البنوك جزءا يسيرا‬
‫من عملها الذي توسع ليشمل عمليات ال عالقة لها بالوساطة‪ ،‬أي أن جانبا كبي ار من الوساطة المالية يتم اآلن‬
‫من خالل تداول األوراق المالية ولم يعد يتحقق من عمليات قروض البنوك والودائع‪ ،‬ولهذا تخشى البنوك في‬
‫كثير من الدول النامية أن هذا التوجه إلى األسواق المالية باالنتقال إلى اقتصاد األسواق المالية وبالتالي أسلوب‬
‫التمويل المباشر أن يؤدي إلى تناقص حجم عملياتها إ ذ نمت األسواق‪ ،‬لكن التحسينات األولية في أداء السوق‬
‫المتطورة تحقق نسبة أعلى في قروض الشركات إلى أسهمها‪ ،‬ومن ثم المزيد من العمليات للبنوك‪ .‬وتستند أهمية‬
‫السوق المالي إلى ما تؤديه من وظائف حتى في الدول ذات النظم البنكية المتطورة وال ينطوي تطوير األسواق‬
‫المالية بالضرورة على تأثير سلبي على النظم البنكية القائمة‪ .‬إذ تلعب األسواق والبنوك في النظم المالية النامية‬
‫أدوا ار متكاملة‪.‬‬

‫وفي هذا المناخ المعولم‪ ،‬على اإلصالح المالي في الجزائر أن يأخذ هذه التغيرات بعين االعتبار لالندماج‬
‫في االقتصاد العالمي‪ ،‬غير أن اإلصالح المال ي ال يطرح إشكالية اختيار أي من النظم المالية يجب إتباعها‪،‬‬
‫هل االتجاه إلى التمويل المباشر أ و التشبث بالتمويل الغير مباشر وبالتالي اقتصاد المديونية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪،‬‬
‫فإن اإلصالح المالي في الجزائر يجب أن يرتبط بترقية نظام مالي مزدوج يبرز في نفس الوقت مميزات اقتصاد‬
‫السوق المالية واقتصاد المديونية‪ ،‬أي بمعنى آخر تشييد سوق التمويل تعتمد على تآزر المميزات المؤسساتية و‬
‫السوق لنمطي النظام المالي‪.‬‬

‫ويدخل إنشاء بورصة الجزائر في إطار عملية إعادة هيكلة االقتصاد الوطني‪ ،‬السيما القطاع المالي‬
‫منه‪ ،‬والهدف من ذلك كان التحول من اقتصاد المديونية إلى اقتصاد السوق‪ ،‬حيث تم إنشاء بورصة الجزائر‬
‫باعتبارها ميكانيزم جديد لتمويل المؤسسات االقتصادية‪ ،‬وأداة من أدوات خوصصة المؤسسات العمومية ومن‬
‫بينها المؤسسات البنكية الجزائرية ‪ .‬ومع أن بورصة الجزائر حديثة النشأة وذات خبرة تكاد منعدمة‪ ،‬إال أن‬
‫السلطات حاولت منذ انطالقها مواكبتها لنظيراتها من البورصات العربية والعالمية‪ ،‬خاصة في مجال تمويل‬
‫المؤسسات االقتصادية العمومية والخاصة‪ ،‬وذلك من خالل وضعها في إطار تشريعي محكم يكفل لها عملية‬
‫التنظيم وفق هيئات وشروط للتعامل بها‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫وسنحاول من خالل هذا المبحث ا لتطرق إلى مكانة تفعيل بورصة الجزائر باعتبارها إستراتيجية البد منها‬
‫لتطوير أداء المنظومة االقتصادية عامة والمنظومة المالية الجزائرية بصفة خاصة من خالل التطرق للعناصر‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ ‬نشأة بورصة الجزائر وأهميتها االقتصادية‪.‬‬


‫‪ ‬شروط دخول المؤسسات االقتصادية للبورصة وتجربة تمويل بعض المؤسسات فيها‪.‬‬
‫‪ ‬مؤشرات أداء بورصة الجزائر خالل الفترة ‪2222‬م ـ‪1006‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬معوقاتها بورصة الجزائر وسبل تفعيلها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نشأة بورصة الجزائر وأهميتها االقتصادية‬

‫دخلت الجزائر في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات في سلسلة من اإلصالحات االقتصادية نتيجة‬
‫أزمة ‪2699‬م ‪ ،‬والتي فرضت عليها تغيير النهج االقتصادي المتبع آنذاك وانتهاج نظام اقتصاد السوق‪ ،‬فبدأت‬
‫الجزائر في وضع أعمدته األساسية من خوصصة‪ ،‬وتحرير األسعار وكذا إنشاء سوق لألصول المالية كقناة‬
‫جديدة من قنوات التمويل واالستثمار الحديثة للتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وسنحاول من خالل هذا المطلب البحث في مراحل نشأة بورصة الجزائر باإلضافة إلى أهميتها‬
‫االقتصادية والتمويلية على مستوى المؤسسات االقتصادية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬نشأة بورصة الجزائر‬
‫ت دخل فكرة إنشاء بورصة األوراق المالية بالجزائر‪ ،‬في إطار برنامج اإلصالح االقتصادي‪ ،‬الذي أعلن‬
‫عنه عام ‪1987‬م ودخل حيز التطبيق عام ‪1988‬م أما التحضير الفعلي إلنشاء هذه البورصة‪ ،‬فكان ابتداء من‬
‫سنة ‪ ،1990‬ومنذ ذلك الحين إلى غاية الوقت الحالي‪ ،‬مرت هذه العملية بعدة مراحل نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬المرحلة التقريرية (‪1112‬م‪1110 -‬م)‬
‫لقد ظهرت فكرة إنشاء بورصة الجزائر عام‪2660‬م وبهذا نص المرسوم رقم ‪60‬ـ ‪ 20‬المؤرخ بتاريخ ‪31‬‬
‫مارس ‪ 2660‬على إمكانية مفاوضة قيم الخزينة بين المؤسسات العمومية فقط‪ ،‬كما أوضح المرسوم رقم ‪60‬‬
‫ـ‪ 203‬المؤرخ بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ 2660‬أنواع شهادات األسهم التي يمكن أن تقوم بإصدارها الشركات العمومية‬
‫ا القتصادية وكذا شروط مفاوضتها‪ ،‬حيث سمح هذا المرسوم للشركات المذكورة باكتساب شهادات األسهم‬
‫المكتسبة برؤوس أموال الشركات العمومية االقتصادية األخرى‪ ،‬وفي أكتوبر من نفس السنة‪ ،‬ومن خالل هيأة‬
‫مؤهلة هي الجمعية العامة لصناديق المساهمة‪ ،‬اتخذت الحكومة قرار إنشاء هذه الهيأة بتسمية مؤقتة "شركة القيم‬

‫‪252‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المتداولة"‪ ،‬وبتاريخ ‪ 06‬نوفمبر ‪ 2660‬قامت صناديق المساهمة الثمانية بتأسيس شركة ذات أسهم برأس مال‬

‫يقدر بمبلغ ‪ 230000‬دج‪ 1،‬موزع بحصص متساوية بين الصناديق الثمانية‪ ،‬ويديرها مجلس إدارة متكون من‬

‫ثمانية أعضاء‪ ،‬كل عضو يمثل أحد صناديق المساهمة‪ 2،‬ويقوم المجلس بتعيين المدير العام الذي يتولى مهمة‬
‫تسيير الشركة‪ ،‬ولقد نصت القوانين األساسية لهذه الشركة بأن هدفها األساسي يكمن في وضع تنظيم يسمح‬
‫بإنشاء بورصة لألوراق المالية في أفضل الشروط‪ ،‬وتتوفر لديها جميع اإلمكانات للرقي واالزدهار محققة بذلك‬
‫األهداف المنوطة بها‪ ،‬ونظ ار لبعض الصعوبات التي واجهتها هذه الشركة‪ ،‬والخاصة بالدور غير الواضح الذي‬
‫يجب أن تلعبه‪ ،‬وبضعف رأسمالها فقد تم تعديل قوانينها ورفع رأسمالها في فبراير ‪ 2663‬إلى ‪ 6230000‬دج‬
‫كما غير اسمها لتحمل بذلك اسم بورصة األوراق المالية‪ .‬وبالرغم من كل المجهودات المبذولة إال أن البورصة‬
‫لم تتمكن من أن تكون عملية بالمرة في هذه المرحلة‪ ،‬حيث اعترضت انطالقتها العديد من الصعوبات المتعلقة‬
‫بالمحيط االقتصادي واالجتماعي للبالد‪.‬‬
‫‪ .0‬المرحلة االبتدائية )‪1110‬م‪1116-‬م)‬
‫لقد تم في هذه المرحلة تعديل القانون التجاري ا لذي كان ال يتوافق مع شروط سير البورصة‪ ،‬حيث منع‬
‫قانون‪ 99‬ـ ‪ 01‬المؤرخ بتاريخ ‪ 23‬جانفي ‪2699‬م عملية تنازل الشركات العمومية عن أسهمها لغير المؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬لهذا الغرض وبموجب المرسوم التشريعي رقم ‪ 62‬ـ ‪ 09‬المؤرخ في ‪ 31‬أفريل‪2662‬م تم إدخال بعض‬
‫التعديالت على القا نون التجاري يتعلق األمر بتعديالت خاصة بشركات األسهم و بالقيم المنقولة ‪،‬أما فيما يخص‬
‫شركات األسهم فقد نص المرسوم بصفة واضحة على إمكانية تأسيسها و الشروع في العرض العمومي لالدخار‬
‫سواء عند تأسيس الشركة أو عند تقرير رفع رأسمالها ‪ ،‬كما تم رفع المبلغ األدنى الالزم لتكوين شركة األسهم من‬
‫‪ 200000‬إلى‪:‬‬
‫‪ ‬خمسة ماليين دينار جزائري في حالة إجراء العرض العمومي لالدخار‪.‬‬
‫‪ ‬مليون دينار جزائري عند عدم اللجوء إلى العرض العمومي لالدخار‪.‬‬
‫وبهذا أصبحت شركة األسهم تشكل وسيلة فعالة لتعبئة االدخار‪ ،‬أما فيما يخص القيم المنقولة فقد نص‬
‫ال مرسوم على إمكانية إصدار أنواع جديدة من القيم المنقولة تتمثل في‪ :‬أسهم التمتع‪ ،‬شهادات االستثمار‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد براق‪ ،‬بورصة القيم المتداولة ودورها في تحقيق التنمية‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه الدولة في العلوم االقتصادية‪ ،‬معهد العلوم االقتصادية‬
‫جامعة الجزائر‪ ،2666 ،‬ص‪.296‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 08-93‬المؤرخ في ‪ 25‬أفريل ‪.1993‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 16 -11‬المؤرخ في ‪ 39‬سبتمبر ‪ 2611‬المتضمن للقانون‬
‫التجاري الجريدة الرسمية ‪ ،‬العدد ‪ ، 27‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬أفريل ‪.1993‬‬

‫‪253‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫شهادات الحق في التصويت‪ ،‬شهادات المشاركة‪ ،‬السندات‪ ،‬السندات القابلة للتحويل إلى أسهم والسندات المرفقة‬
‫بأذونات االكتتاب‪ .‬إن اتخاذ مثل هذا القرار‪ ،‬أي قرار ادخار قيم منقولة جديدة يعتبر في غاية األهمية خاصة‬
‫مع إنشاء بورصة للقيم المنقولة بالجزائر‪.‬‬
‫في إطار هذا المضمون فإن المادة ‪ 121‬مكررة ‪ 20‬من المرسوم التشريعي الجديد نصت على ما يلي‪:‬‬

‫القيم المنقولة‪ 1‬هي سندات قابلة للتداول تصدرها شركات المساهمة‪ ،‬وتكون مسعرة في البورصة أو يمكن أن‬
‫تسعر‪ ،‬وتمنح حقوقا مماثلة حسب الصنف كما تسمح بالدخول مباشرة أو بصورة غير مباشرة في حصة معينة‬
‫من رأسمال الشركة المصدرة أو حق مديونية عام على أموالها ‪،‬إذ يظهر جليا مما سبق ذكره أهمية وضرورة‬
‫قابلية استهالك وتداول القيم‪ ،‬التي تعتبر شرطا أساسيا في السير الحسن للسوق المالي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أما فيما يتعلق بالهيئات العاملة ببورصة القيم المنقولة فتتمثل في الهيئتين التاليتين‪:‬‬
‫لجنة تنظيم ومراقبة العمليات البورصة )‪ (COSOB‬وهي تشكل سلطة سوق القيم المنقولة‪.‬‬
‫شركة تسيير القيم )‪ ( SGBV‬مكلفة بالسهر على ضمان السير الحسن للعمليات المتداولة في‬
‫البورصة‪ ،‬وال يجوز إجراء أية عملية مفاوضات للقيم المنقولة‪ ،‬إال داخل مقصورة البورصة‪ ،‬وعن طريق وسطاء‬
‫في عمليات البورصة‪ ،‬بعد اعتمادهم من طرف اللجنة‪.‬‬
‫‪ .0‬مرحلة االنطالق الفعلية (من ‪1996‬م إلى وقتنا الحالي)‬
‫مع نهاية سنة ‪ 2669‬كانت كل الظروف جاهزة من الناحية القانونية و التقنية إلنشاء بورصة القيم‬
‫المنقولة حيث‪:‬‬
‫‪ ‬تم وضع نص قانوني إلنشاء و تنظيم هذه البورصة‪.‬‬
‫‪ ‬أصبح للبورصة مكان مادي بغرفة التجارة‪.‬‬
‫‪ ‬تم تشكيل لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة )‪ (COSOB‬في فيفري ‪2669‬م‪ ،‬إلى جانب شركة‬
‫تسيير القيم )‪ (SGBV‬مع تحديد مخطط كل منهم ا‪ ،‬وأصبح كل األفراد العاملين بالهيئتين جاهزين للعمل‪.‬‬
‫ومع بداية سنة ‪ ، 2661‬تم اختيار الوسطاء في العمليات البورصية يمثلون مختلف المؤسسات المالية‬
‫(بنوك وشركات تأمين)‪ ،‬حيث تولت لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة مهمة تكوين هؤالء عن طريق‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 121‬مكرر ‪ 20‬مستخرج من األمر رقم ‪ 16-11‬المؤرخ في ‪ 39‬سبتمبر ‪ 2611‬المعدل و المتمم بالمرسوم التشريعي رقم ‪ 09-62‬المؤرخ في ‪31‬‬
‫افريل ‪ ،2662‬المتضمن للقانون التجاري الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ، 27‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬أفريل ‪.1993‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 10-93‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ ،1993‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬العدد ‪ ، 34‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪.1993‬‬

‫‪254‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫االستعانة بالخبراء الكنديين‪ ،‬وتنظيم عدة ملتقيات من بينها ملتقيين أسبوعين في كل من تونس وفرنسا‪ ،‬بهدف‬
‫االستفادة ولو بشكل سطحي من خبرة هذين البلدين‪ ،‬في مجال التعامل بالسوق المالي‪.‬‬
‫وقد عملت لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة طوال سنة ‪2661‬م‪ ،‬على تهيئة الجو المالئم‪ ،‬وتحضير‬
‫كل الهيئات الم عنية للشروع في العمل بالتاريخ المحدد‪ ،‬وهو نهاية سنة‪2661‬م‪ ،‬وتم بالفعل إصدار أول قيمة‬
‫منقولة بالجزائر بتاريخ ‪ 3‬جانفي ‪2669‬م‪ ،‬متمثال في القرض السندي لسوناطراك‪ ،‬وذلك فيما يسمى بالسوق‬
‫األولي للسوق المالي‪ ،‬وعلى هذا األساس أصبحت شركة سوناطراك أول متعامل اقتصادي يدشن سوق للرأسمال‬
‫في الجزائر‪ ،‬في الوقت الذي كان ينتظر أن تصبح بورصة الجزائر عملية‪.‬‬
‫ونشير إلى أنه ثمة ثالث شركات قامت باإلصدار الفعلي لألوراق المالية بغية رفع رأسمالها االجتماعي‬
‫مرو ار بالبورصة وهي‪:‬‬
‫شركة الرياض سطيف‪ :‬فتح رأسمالها االجتماعي بنسبة ‪.%20‬‬
‫مجمع صيد ال‪ :‬رفع رأسماله االجتماعي بنسبة ‪.%20‬‬
‫فندق األوراسي‪ :‬رفع رأسماله االجتماعي بنسبة ‪.%20‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األهمية االقتصادية لبورصة الجزائر‬
‫باعتبار أن النظام القديم لتمويل االقتصاد الجزائري‪ ،‬قد فشل في تحقيق النمو واالزدهار للبالد‪ ،‬إضافة‬
‫إلى ذلك فقد نجمت عنه مض اعفات خطيرة منها التوسع الفادح في اإلصدار النقدي‪ ،‬واتساع المديونية الخارجية‪،‬‬
‫وظهور توترات في سعر الصرف‪...‬الخ‪ ،‬وعليه أصبح إنشاء سوق لألصول المالية في الجزائر متطلبا أساسيا‬
‫لتطبيق برنامج اإلصالح االقتصادي بعد تنفيذ العديد من اإلصالحات االقتصادية والمالية والهيكلة‪ ،‬هدفها‬
‫تحقيق االستقرار االقتصادي ومناخ االستثمار والعمل على زيادة دور القطاع الخاص في التنمية االقتصادية‪،‬‬
‫باعتبار أن أسواق األصول المالية تعد مصد ار تمويليا لمشروعات القطاع الخاص‪.‬‬
‫بالنظر إلى محدودية القطاع البنكي في جذب المدخرات وتمويل التنمية االقتصادية أدى بالجزائر إلى‬
‫‪1‬‬
‫إنشاء سوق األوراق المالية التي يراد منها القيام بالدور الموالي‪:‬‬
‫‪ ‬تشجيع وتعزيز مستوى ومعدل عملية االدخار واالستثمار في االقتصاد الوطني‪ ،‬من خالل ما تسمح به‬
‫السوق من زيادة السيولة والوساطة وتنويع مصادر التمويل‪ ،‬وتسهيل التقاء رؤوس األموال الباحثة عن فرص‬

‫‪1‬‬
‫‪- M. Dif, «Mise en place du marché financier en Algérie», Media Banque, Revue interne de la Banque d’Algérie,‬‬
‫‪N°30, Juillet 1997, pp, 16-17.‬‬

‫‪255‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫لالستثمار بالطلب عليها من قبل رجال األعمال والمستثمرين والقطاع الحكومي وهو ما يوفر مصدر هام لتمويل‬
‫االستثمارات التي يحتاجها قطاع األعمال عبر إصدارهم لألسهم والسندات‪ ،‬وتحسين إدارة الشركات باعتبار أن‬
‫أسواق األوراق المالية تمثل سلطة رقابية على كفاءة الشركات التي يجري تداول أوراق مالية في السوق‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن هذه األخيرة‪ ،‬تعتبر أداة لتقويم الشركات والمشروعات االستثمارية‪.‬‬
‫‪ ‬تمثل سوق األصول المالية عامال هاما لنجاح برنامج الخوصصة في االقتصاد الوطني أي نقل الملكية‬
‫لبعض المؤسسات العمومية إلى القطاع الخا ص‪ ،‬وال شك أن غياب هذه السوق ستحول دون التقييم الصحيح‬
‫والحقيقي لألصول ومن نجاح تنفيذ البرنامج وتحقيق أهدافه‪.‬‬
‫‪ ‬توفر سوق األصول المالية مجموعة من األدوات المالية التي تهيئ للمستثمر فرصا أوسع لالختيار في‬
‫شتى مجاالت االستثمار‪ ،‬مما يجنب المدخرين مشقة البحث عن وجود هذه االستثمارات وباألشكال التي‬
‫تناسبهم‪ ،‬باإلضافة إلى تشجيع صغار المدخرين على االدخار والذين ال يستطيعون إقامة المشاريع االستثمارية‬
‫لعدد من األسباب‪ ،‬منها ما يتعلق بصغر حجم هذه المدخرات فضال عن عدم معرفتهم بفرص االستثمار المتاحة‬
‫والمجدية‪ ،‬وبالتالي فإن األف راد الذين ال يستطيعون إقامة مشاريع استثمارية يفضلون شراء أصول مالية على قدر‬
‫أموالهم‪ ،‬األمر الذي ينعكس في تكوين أو زيادة رؤوس األموال للشركات والمؤسسات االستثمارية‪ ،‬وبالتالي زيادة‬
‫معدل نمو االستثمار وزيادة معدالت التشغيل‪ ،‬ومن ثم زيادة معدل النمو االقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬تعمل السوق على خلق شعور بالطمأنينة لدى المستثمرين المحليين واألجانب في مصداقية توجه الدولة‬
‫وجديتها في األخذ بنظام السوق‪.‬‬
‫‪ ‬الحد من معدالت نمو التضخم في االقتصاد الوطني‪ ،‬حيث يساعد سوق األصول المالية على جذب‬
‫المدخرات نحو االستثمار بدال من االستهالك‪ ،‬ومن ثم المساهمة في زيادة فعالية السياسات النقدية والمالية‪.‬‬
‫‪ ‬االستفادة من التطورات المالية واالقتصادية العالمية‪ ،‬حيث تعمل سوق األصول المالية على زيادة‬
‫الترابط مع العالم الخارجي‪ ،‬عن طريق ارتباطها باألسواق المالية العالمية وجذب االستثمارات األجنبية‪ ،‬وتوطيد‬
‫التكنولوجيا وما يصاحبها من ظهور وانشاء أدوات مالية واستثمارية بصورة مستمرة وتوسيع قاعدة عرض األدوات‬
‫المالية التي تتيح خيارات من المخاطر واألرباح‪ ،‬األمر الذي يزيد من القدرة على تجميع المدخرات‪ ،‬ومن ثم‬
‫زيادة االستثمارات‪.‬‬
‫‪ ‬توفر البورصة مؤش ار يوميا عن ظروف االستثمار واتجاهه‪ ،‬وهو مؤشر يعكس قوة االقتصاد الوطني أو‬
‫ضعفه‪ ،‬كما أنه يعكس مستوى األداء للقطاعات االقتصادية وكذلك األداء المالي للشركات االستثمارية على‬

‫‪256‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫أساس إظهار البيانات المالية عن أحوال الشركات بإفصاح وشفافية وهذا كفيل بتوجيه المستثمر إلى التعامل مع‬
‫‪1‬‬
‫الشركات ذات األداء األفضل‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬يمكن القول أن بورصة الجزائر تواجه مجموعة من العوائق والعراقيل حالت دون تحقيق‬
‫األهداف الموجودة منها‪ ،‬وهذا ما سيتم تناوله الحقا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط دخول المؤسسات االقتصادية للبورصة وتجربة تمويل بعض المؤسسات فيها‬

‫حتى يتم قبول األوراق المال ية وتسجيلها في قيد بورصة الجزائر ينبغي على الشركة التي ترغب في ذلك‬
‫أن تتوفر فيها جملة من الشروط‪ ،‬سنحاول من خالل هذا المطلب التعرف على شروط الدخول في السوق المالي‬
‫الجزائري سواء كانت هذه الشروط عامة أو خاصة باإلضافة إلي التعرف على تجربة تمويل بعض المؤسسات‬
‫االقتصادية الجزائرية في بورصة الجزائر‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬شروط دخول المؤسسات االقتصادية للبورصة‬

‫يمكن حصر أهم الشروط العامة والخاصة الواجب توفرها في المؤسسات االقتصادية الجزائرية حتى تدرج‬
‫أوراقها المالية في بورصة الجزائر كما يلي‪:‬‬

‫‪ .2‬الشروط العامة‬
‫تتمثل الشروط الع امة الواجب توفرها في الشركات التي ترغب قيد أوراقها المالية في بورصة الجزائر‬
‫‪2‬‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون الشركة المصدرة لألصول المالية شركة ذات أسهم طبقا لما هو منصوص عليه في أحكام‬
‫القانون التجاري الجزائري‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم تقرير تقييمي ألصول الشركة يعده خبير مصنف من الخبراء المحاسبين الجزائريين‪ ،‬على أن يكون‬
‫هو نفسه محافظ حسابات الشركة‪.‬‬
‫‪ ‬إثبات وجود هيئة مراجعة داخلية‪ ،‬ويتطلب أن تكون هذه الهيئة موضوع تقدير وتقييم محافظ الحسابات‬
‫في تقرير في شأن الرقابة الداخلية في الشركة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد سفر‪ ،‬المصارف واألسواق المالية‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،3009 ،‬ص ‪.200‬‬
‫شيخي بالل‪ ،‬تقييم األصول المالية في السوق الثانوية مع دراسة حالة الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الماجستير في علوم التسيير‪ ،‬جامعة بومرداس الجزائر‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،3001،3009‬ص‪266‬‬

‫‪257‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ ‬نشر القوائم المالية مصادق عليها لثالث سنوات مالية سابقة للسنة التي تم فيها تقديم طلب القبول‪ ،‬مع‬
‫ضرورة تحقيق أرباح خالل السنة المالية التي سبقت سنة تقديم الطلب‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم مذكرة إعالمية مصادق عليها من طرف لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إعالم شركة تسيير البورصة عند القيام باستعمال معلومة مميزة أو خاصة من قبل أحد‬
‫المساهمين بحوزته مراقبة المؤسسة على حساب غيره من المساهمين‪ ،‬حيث يكون من حق اللجنة الفصل في‬
‫مثل هذه الحالة‪.‬‬
‫‪ .0‬الشروط الخاصة‬
‫‪1‬‬
‫هناك شروط تتعلق باألسهم وشروط أخرى متعلقة بالسندات سنحاول ذكرها كما يلي‪:‬‬

‫‪ :2 .0‬الشروط الخاصة باألسهم‬

‫تتمثل الشروط المرتبطة بقيد األسهم في بورصة الجزائر كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬أن تتوفر الشركة المصدرة على رأسمال ال يقل عن مائة مليون دينار جزائري محررة بالكامل عند‬
‫االكتتاب‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة توزيع على الجمهور ما نسبته ‪ %30‬على األقل من رأس المال اإلجمالي للشركة‪.‬‬
‫‪ ‬توزيع األسهم المعروضة للجمهور على عدد ال يقل عن ثالث مائة مساهم في أجل ال يتعدى يوم‬
‫اإلدخال‪.‬‬
‫‪ :0.0‬الشروط الخاصة بالسندات‬

‫حتى يتم قبول السندات للتداول في بورصة الجزائر ينبغي توافر ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬أن تعادل قيمة القرض مائة مليون دينار جزائري على األقل يوم اإلدخال‪.‬‬
‫‪ ‬توزيع السندات موضوع طلب القبول على مئة مكتتب على األقل يوم اإلدخال‪.‬‬
‫‪ ‬قيم القروض المصدرة من قبل الدولة غير ملزمة بالحد األدنى وال بقيمة اإلصدار وال بعدد المكتتبين‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تجربة تمويل بعض المؤسسات االقتصادية الجزائرية‬

‫تعتبر البورصة المؤشر االقتصادي الذي يعكس درجة نمو وتقدم االقتصاد الوطني من خالل دورها الهام‬
‫في جذب المدخرات وتوجيهها نحو االستثمارات المنتجة‪ ،‬وبالتالي فهو سوق هامة تقدم للمشروعات ما تحتاج‬
‫إليه من تمويل‪ ،‬وباعتبار بورصة الجزائر حديثة النشأة‪ ،‬فإن مساهمتها في تمويل المؤسسات االقتصادية‬

‫‪1‬‬
‫حوليات لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة‪ ،‬لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة‪ ،‬رقم ‪ ،2669 ،2‬ص ص‪.31-32 ،‬‬

‫‪258‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫الجزائرية كانت جد محتشمة‪ ،‬وذلك راجع لقلة المؤسسات المنظمة فيها‪ ،‬باإلضافة إلى ملكيتها العمومية بنسبة‬
‫كبيرة‪ ،‬وقلة عمليات التداول على أصولها المالية ‪.‬وسنحاول من خالل هذا العنصر عرض أهم المؤسسات التي‬
‫لجأت إلى البورصة لتوفير احتياجاتها المالية كما يلي‪:‬‬
‫‪ .0‬القرض السندي لسوناطراك‬
‫منحت لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة التأشيرة رقم ‪ 001‬بتاريخ ‪1997-11-18‬م بموجب المذكرة‬
‫اإلعالمية المسلمة من طرف شركة سوناطراك‪ ،‬والمتعلقة بقرض سندي بمبلغ خمسة ماليير دينار بسعر فائدة‬

‫مقداره ‪ %13‬مدته خمس سنوات ‪.1‬وكانت أهم خصائص هذا القرض أنه تميز باألمان و المردودية‪ ،‬الشيء‬
‫الذي أكسب ه سيولة عالية ترجمت بطلب يفوق بكثير مبلغ القرض‪ ،‬األمر الذي تطلب تعديل المذكرة اإلعالمية‬
‫أعاله لتشتمل بذلك على الخصائص التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬مبلغ القرض النهائي قدر بحوالي ‪ 12,126‬مليار دينار ؛‬
‫‪ -‬عالوة اإلصدار تقدر بنسبة ‪ %2,5‬من القيمة االسمية ؛‬
‫‪ -‬مدة القرض ‪ 5‬سنوات انطالقا من ‪ 4‬جانفي ‪1998‬م ؛‬
‫و تم طرح ثالث فئات من السندات بقيم اسمية مختلفة تمثلت في ‪ 100000 ، 50000 ،10000 :‬دج و ذلك‬
‫بغية استقطاب أكبر قدر ممكن من المستثمرين‪ ،‬وتوفير أكبر قدر من السيولة للسندات محل اإلصدار‪ ،‬وتمت‬

‫بذلك أول تسعيرة بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪1999‬م‪ ،‬أما تاريخ االستحقاق فقد كان يوم ‪ 2.2003-01-03‬وقد تم إصدار‬
‫قرص سندي أخر في ‪ 1‬ديسمبر ‪ 1441‬م وتاريخ استحقاقه في ‪ 1‬ديسمبر ‪ 1448‬م بقيمة إجمالية ‪ 5‬مليار دج‬
‫حيث القيمة االسمية لسند ‪244444‬دج وبلغ عدد السندات ‪ 54444‬سند‪ ،‬بمعدل فائدة ‪ 0‬سنويا‪.‬‬
‫‪ .2‬مجمع رياض سطيف‬

‫قرر المجلس الوطن ي لمساهمات الدولة في جلسته المنعقدة بتاريخ ‪ 15‬أفريل ‪2118‬م إدخال الشركة العمومية‬
‫االقتصادية ‪ Eriad-Setif‬بسوق األوراق المالية بالجزائر لوضعيتها المالية اإليجابية‪ ،‬وفي ‪ 11‬أفريل ‪2118‬م‬
‫حددت الجمعية العامة غير العادية لمؤسسة ‪ Eriad-Setif‬اإلطار العام لزيادة رأس المال عن طريق اللجوء‬
‫العلني لالدخار برفع رأس مالها من ‪ 0‬مليار دج إلى ‪ 5‬مليار دج ‪ ،‬أي بنسبة ‪ .% 25‬و ذلك بإصدار ‪1 000‬‬

‫محمد براق‪ ،‬بورصة القيم المنقولة و دورها في تحقيق التنمية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪. 399‬‬ ‫‪1‬‬

‫زيدان محمد‪ ،‬نورين بومدين‪ ،‬دور السوق المالي في تمويل التنمية االقتصادية بالجزائر‪،‬المعوقات واألفاق‪ ،‬الملتقى الدولي حول‬ ‫‪2‬‬

‫سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات و المؤسسات‪ ،‬جامعة بسكرة يومي‪ 11/12‬نوفمبر ‪. 1443‬‬

‫‪259‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ 000‬سهم بقيمة اسمية ‪ 1000‬دج‪ .‬و قد تم تحديد سعر إصدار ‪ 2300‬دج‪ .‬خالل فترة االكتتاب التي امتدت‬
‫من ‪ 41‬نوفمبر ‪2118‬م إلى ‪ 25‬ديسمبر‪2118‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬فندق األوراسي‬

‫وبمقتضى المرسوم رقم‪ 25-95‬المتعلق بتسيير األموال التجارية للدولة ‪ ،‬تم تحويل ملكية الفندق إلى الشركة‬
‫القابضة للخدمات ‪ ،‬و تنفيذا لبرنامج الخوصصة و بهدف تنشيط بورصة الجزائر ‪ ،‬تم اتخاذ قرار إدخال جزء من‬
‫رأسمال الفندق إلى البورصة بنسبة ‪ ، 20%‬من رأس ماله االجتماعي أي ما يقدر بحوالي ‪ 1200000‬سهم وذلك‬
‫انطالقا من ‪ 15‬جوان ‪ 2299‬إلى غاية ‪ 18‬جويلية ‪1999‬م‪ ،‬و قدر السعر الوحدوي للسهم بقيمة ‪ 400‬دج‪ ،‬و‬
‫الرشد المالي‪.‬‬
‫تمت العملية بمساعدة الوسطاء الماليون على رأسهم شركة ا‬

‫‪ .4‬شركة الخطوط الجوية الجزائرية‬

‫تتمتع شركة ا لخطوط الجوية الجزائرية بتجربة رائدة في مجالها‪ ،‬حيث تتمثل حصتها في سوق نقل‬
‫المسافرين بنسبة ‪ %7472‬على مستوى الشبكة الدولية‪ ، ،‬ولديها ‪ 24‬محطة دولية و‪ 12‬وطنية‪ ،‬كما تتمتع بشبكة‬
‫تجارية قوية وتشمل ‪ 22‬وكالة بالخارج و‪ 24‬وكالة موزعة على التراب الوطني موصلة بشبكة للبيع بأكثر من‬
‫‪ 2000‬وكالة معتمدة في الجزائر وفي الخارج‪.‬وتحصلت شركة الخطوط الجوية الجزائرية على تأشيرة لجنة تنظيم‬
‫ومراقبة عمليات البورصة ومراقبتها بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ 1002‬م تحت رقم ‪.01/02‬‬

‫حيث قامت شركة الخطوط الجوية الجزائرية بإصدار سندات على مرحلتين‪ ،‬المرحلة األولى تمت في شهر‬
‫مارس ‪1002‬م ‪ ،‬أما المرحلة الثانية فتمت في شهر نوفمبر ‪1002‬م ‪ ،‬وكان الهدف من إصدار هذه السندات هو‬
‫تمويل عملية اقتناء طائرتين جديدتين‪ ،‬وحدد المبلغ األدنى لالكتتاب بـ ‪ 70000‬دج‪ ،‬وكل اكتتاب إضافي يكون‬
‫بأقساط من ‪ 20000‬دج لكل قسط‪ ،‬ويمكن للمكتتبين ش ارء ما يريدون من السندات ابتداء من ‪ 1‬إلى ‪ 20‬نوفمبر‬
‫‪1002‬م على مستوى كل البنوك ذات الشبكة والبنك المرافق لهذه العملية هو البنك الوطني الجزائري‪ .‬وقد بلغت‬
‫قيمة القرض السندي في المرحلة األولى ‪ 272‬مليار دينار‪ ،‬والذي كان يخص قطاع البنوك ومؤسسات‬
‫‪1‬‬
‫االستثمار‪ ،‬كما تضمن هذا القرض السندي شطرين‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬بمعدل فائدة ‪ %2‬ومدة استحقاق تتراوح بين سنة و‪ 2‬سنوات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬بمعدل فائدة ‪ %2777‬ومدة استحقاق ‪ 7‬سنوات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫شيخي بالل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.145‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪260‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫أما قيمة القرض السندي في المرحلة الثانية فقد بلغ ‪ 12724‬مليار دينار‪ ،‬وتضمن هذا القرض شطرين‪:‬‬

‫الشطر األول‪ :‬والذي خصص لالكتتاب من قبل الجمهور العام بمبلغ ‪ 22724‬مليار دينار ولمدة ‪ 6‬سنوات‬ ‫‪-‬‬
‫وبمعدل فائدة متزايد كل سنتين (‪.)%6 ،%2777 ،%2‬‬
‫الشطر الثاني‪ :‬والذي خصص لقطاع البنوك ومؤسسات االستثمار‪ ،‬بمبلغ إجمالي ‪ 20772‬مليار دينار ولمدة‬ ‫‪-‬‬
‫محصورة بين سنتين و‪ 7‬سنوات وبمعدل فائدة ‪ %2‬و‪.%2777‬‬

‫‪ .7‬شركة سونالغاز‬

‫قامت شركة سونلغاز بإصدار قرض سندي بقيمة ‪ 10‬مليار دينار‪ ،1‬خصص لتمويل مشاريع استثمارية‬
‫من أجل التوسع في نشاطها وقد اقتصر العرض على البنوك ومؤسسات االستثمار في مرحلته األولى وبعدها تم‬
‫إصدار جزء آخر للجمهور‪ .‬وتحصلت شركة سونلغاز على تأشيرة لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة‬
‫ومراقبتها بتاريخ ‪ 17‬أفريل ‪1007‬م تحت رقم ‪.7/01‬‬

‫وتضمن اإلصدار األول من هذا القرض السندي ثالثة أقسام وهي‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬بمبلغ ‪ 4‬مليار دينار بمعدل فائدة ‪ %2‬ومدة ‪ 7‬سنوات؛‬ ‫‪-‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬بمبلغ ‪ 6‬مليار دينار بمعدل فائدة ‪ % 2717‬ومدة ‪ 6‬سنوات؛‬ ‫‪-‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬بمبلغ ‪ 6‬مليار دينار بمعدل فائدة ‪ %2770‬ومدة ‪ 7‬سنوات؛‬ ‫‪-‬‬
‫وبعدها تم تخصيص إصدار آخر للجمهور واألشخاص المعنويين باستثناء المؤسسات المالية ما عدا‬
‫البنوك العضوة في نقابة اإلصدار وذلك لضمان سيولة السندات‪ ،‬وحدد المبلغ األدنى لالكتتاب بقيمة ‪10000‬‬
‫دج‪ ،‬وكل اكتتاب إضافي يكون بأقساط من ‪ 20000‬دج لكل قسط‪ ،‬وهذه السندات غير مجسدة وهي لحاملها‬
‫ومسجلة لدى حافظي الحسابات المخولين من لجنة التنظيم في عمليات البورصة ومراقبتها‪.‬‬

‫وكان إصدار هذه السندات بقيمة ‪ 10 000‬دج للسند الواحد ويدفع مبلغها كليا عند االكتتاب‪ ،‬ويمكن‬
‫للمكتتبين شراء ما يريدون من السندات ابتداء من ‪ 11‬ماي إلى ‪ 12‬جوان ‪1007‬م على مستوى البنوك التابعة‬
‫لنقابة اإلصدار والبنك المرافق لهذه العملية هو البنك الوطني الجزائري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪NOTICE D’INFORMATION DE SONELGAZ ,2008.‬‬

‫‪261‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ .6‬مؤسسة اتصاالت الجزائر‪:‬‬

‫حيث قامت بإصدار قرض سندي في أكتوبر ‪ 1007‬بقيمة ‪ 776‬مليار دج ‪ ،‬وفي سبتمبر ‪1006‬م بقيمة‬
‫‪ 10‬مليار دج لتميل المشاريع التنموية الخاصة باالستثمار ولتطوير شبكة ‪.MOBILIS‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مؤشرات أداء بورصة الجزائر خالل الفترة ‪7999‬م ـ ‪2002‬م‪.‬‬

‫لدراسة أداء بورصة الجزائر البد أن نعتمد في ذلك على المؤشرات التالية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬نسبة رأس مال السوق ‪Market capitalisation‬‬
‫تمثل نسبة رأس مال السوق قيمة األوراق المالية المدرجة في سوق األوراق المالية إلى الناتج المحلي‬
‫‪1‬‬
‫اإلجمالي‬
‫الجدول رقم (‪ : )7-4‬تطور نسبة رأس مال السوق في بورصة الجزائر [ ‪7999‬م – ‪2002‬م ]‬

‫رأسمال السوق مليار‬


‫رأس مال السوق ‪% PIB /‬‬ ‫‪ PIB‬مليار دج‬ ‫التغير ‪%‬‬ ‫السنوات‬
‫دج‬
‫‪4.51‬‬ ‫‪1118.1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪21.215‬‬ ‫‪2111‬‬
‫‪4.51‬‬ ‫‪0418.8‬‬ ‫‪21.24 +‬‬ ‫‪12.015‬‬ ‫‪1444‬‬
‫‪4.15‬‬ ‫‪0102.8‬‬ ‫‪12.51 -‬‬ ‫‪20.114‬‬ ‫‪1442‬‬
‫‪4.15‬‬ ‫‪0055.0‬‬ ‫‪15.10 -‬‬ ‫‪24.114‬‬ ‫‪1441‬‬
‫‪4.11‬‬ ‫‪5210.4‬‬ ‫‪42.44 +‬‬ ‫‪22.244‬‬ ‫‪1441‬‬
‫……‬ ‫‪6126.6‬‬ ‫‪…..‬‬ ‫……‬ ‫‪2004‬‬

‫‪0.14‬‬ ‫‪7519.0‬‬ ‫‪…..‬‬ ‫‪10.40‬‬ ‫‪2005‬‬


‫‪0.88‬‬ ‫‪8391.0‬‬ ‫‪-35.48‬‬ ‫‪6.71‬‬ ‫‪2006‬‬
‫المصدر‪ :‬بيانات شركة إدارة بورصة الجزائر‬
‫من خالل الجدول أعاله نجد أن دور بورصة الجزائر في تمويل االقتصاد يعتبر دو ار محتشما من خالل‬
‫نسبة رأس مال السوق إلى الناتج المحلي اإلجمالي حيث بلغت هذه النسبة ‪ % 4.51‬عام ‪2111‬م ثم أخذت في‬

‫‪ 1‬عاطف وليم أندراوس‪ ،‬السياسة المالية وأسواق األوراق المالية ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪262‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫االنخفاض إلى أن وصلت ‪ % 4.11‬عام ‪1441‬م ‪ ،‬رغم أن رأس مال السوق ارتفع في سنة ‪1444‬م إلى‬
‫‪ 12.015‬مليار دينار جزائري بعد أن كان ‪ 21.215‬مليار دينار جزائري أي بزيادة قدرها ‪ % 21.24‬وهذا راجع‬
‫إلى إدراج أسهم فندق األوراسي‪ .‬غير أن هذه الزيادة سرعان ما أخذت في التراجع إذ تراجعت إلى ‪22.244‬‬
‫مليار دينار عام ‪ ،1441‬وعرفت انخفاض حاد سنة ‪ 1443‬حيث بلغ رأس مال السوق‪ 3.04‬مليار دج أي‬
‫مايعادل ‪ ٪4.88‬من الناتج المحلي الخام‪ .‬ويرجع هذا التراجع إلى الجمود الذي ساد حصص التداول مما أدى‬
‫إلى انخفاض أسعار أسهم الشركات المدرجة إذا م ا أخذنا في عين االعتبار أن رأس مال السوق = عدد األسهم‬
‫‪ ‬سعر السهم ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حجم التداول‬
‫تشير تلك النسبة إلى حجم التعامالت في سوق األوراق المالية بالنسبة إلى حجم االقتصاد الوطني‪ ،‬وهي‬

‫تعكس بشكل كبير مستوى السيولة في االقتصاد الوطني‪. 1‬والجدول التالي يوضح لنا ذلك ‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪ :) 1-4‬تطور حجم التداول في بورصة الجزائر خالل الفترة [ ‪0777‬م – ‪1112‬م ]‬

‫قيمة المعامالت دج‬ ‫حجم المعامالت‬ ‫عدد المعامالت‬ ‫السنوات‬


‫‪248411314‬‬ ‫‪15108‬‬ ‫‪2453‬‬ ‫‪2111‬‬
‫‪114411234‬‬ ‫‪111114‬‬ ‫‪0551‬‬ ‫‪1444‬‬
‫‪511121145‬‬ ‫‪132005‬‬ ‫‪1818‬‬ ‫‪1442‬‬
‫‪221434105‬‬ ‫‪84232‬‬ ‫‪1412‬‬ ‫‪1441‬‬
‫‪21151144‬‬ ‫‪11311‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪1441‬‬
‫‪1138534‬‬ ‫‪5124‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪1440‬‬
‫‪0288144‬‬ ‫‪21081‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪1445‬‬
‫‪11153154‬‬ ‫‪31532‬‬ ‫‪122‬‬ ‫‪1443‬‬

‫المصدر‪:‬بيانات شركة إدارة بورصة‪ ،‬الجزائر‬


‫المالحظ من الجدول رقم أعاله ارتفاع عدد المعامالت المبرمة في بورصة الجزائر خالل عام ‪ 1444‬و إذ‬
‫وصل عددها إلى ‪ 0551‬و يرجع هذا االرتفاع إلى اإلقبال الكبير للمستثمرين على سندات سونطراك وكذا‬
‫اإلدراج الجديد ألسهم فندق األوراسي‪ ،‬لكن بعد هذا العام شهدت انخفاضا شديدا إذ وصل عدد المعامالت خالل‬
‫عام ‪ 1440‬إلى ‪ 14‬معاملة أي بانخفاض نسبته ‪ ، % 11.10‬وذلك النخفاض أسعار أسهم الشركات المدرجة‪،‬‬

‫عاطف وليم أندرواس‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪263‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫ثم عرفت تطور طفيف سنتي ‪1445‬م و‪1443‬م بلغ ‪ 113‬و‪ 122‬معاملة على التوالي وهذا راجع إلى إقبال‬
‫الجمهور والمستثمرين على سندات سونلغاز وشركة اتصاالت الجزائر ‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬معوقات بورصة الجزائر وسبل تفعيلها‬
‫لقد أصبحت بورصة الج زائر واقعا ملموسا من الناحية المؤسساتية وهذا في حد ذاته خطوة هامة نحو‬
‫المساهمة في تمويل المشاريع االستثمارية‪ .‬إال أنه ومن خالل المؤشرات السابقة نجد أن هناك معوقات حالت‬
‫دون تحقيق الفعالية المرجوة منها وهذه العقبات قد تأخذ طابع اقتصادي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬ثقافي وتنظيمي ‪...‬الخ‪.‬‬
‫وعليه فإنه البد من تشخيص هذه العقبات حتى يتسنى لنا إعطاء الحلول التي من شأنها أن تساهم في تحقيق‬
‫األهداف المرجوة من بورصة الجزائر‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬معوقات بورصة الجزائر‬


‫هناك العديد من المعوقات التي أثرت على كفاءة أداء عمل البورصة الج ازئرية سواء في جانبها التمويلي‬
‫أو االستثماري ومن أهمها االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬التشريعية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية والدينية وأخي ار التنظيمية‪.‬‬

‫‪ .1‬المعوقات االقتصادية‬
‫ومن أهم هذه المعوقات االقتصادية نجد‪:‬‬
‫‪ .1.1‬التضخم‪ :‬وذلك من خالل تأثيره على االدخار‪ ،‬إذ يؤدي إلى التقليل من الميل إلى االدخار بل وتقليل‬
‫حجم المدخرات الموجودة فعال‪ .‬حيث يدفع التضخم األفراد ذوي الدخول الثابتة أو المنخفضة إلى اللجوء إلى‬
‫مدخراتهم القتطاع جزء منها إلنفاقها على السلع االستهالكية رغبة منهم في المحافظة على مستويات استهالكهم‬
‫عندما ال تكفي دخوله م النقدية الجارية في تحقيق مستويات االستهالك التي اعتادوا عليها‪.‬‬
‫واذا استمر الوضع على هذه الحالة فمن الممكن أن يؤدي إلى هبوط معدل االدخار الوطني إلى مستويات‬
‫غير مرغوب فيها‪ .‬وقد شوهد في بداية التسعينات ارتفاعا كبي ار لمعدالت التضخم بالجزائر‪ ،‬ترجمت بارتفاع‬
‫مستوى أسعار السلع و زيادة تداول الكتلة النقدية‪.‬‬
‫كما أن المستثمر عندما يتخذ ق ارراته االستثمارية‪ ،‬البد أن تكون حسابات التكلفة والعائد على أساس‬
‫األرقام الحقيقية وليست االسمية‪ ،‬ذلك ألن العائد يفقد جزءا من قيمته نتيجة االنخفاض في قوته الشرائية خالل‬
‫فترة االستثمار تبعا لمعدل التضخم السائد خالل هذه الفترة ‪.‬‬
‫إضافة إلى أنه يؤدي إلى توجيه رؤوس األموال إلى فروع النشاط االقتصادي األقل إنتاجية‪ ،‬فعند ظهور‬
‫الحالة التضخمية تلجأ الدولة إلى رفع سعر الفائدة للحد من التضخم‪ ،‬األمر الذي يؤدي باألفراد إلى إيداع ما‬

‫‪264‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫لديهم من أموال ف ي البنوك للحصول على فائدة عالية ومضمونة‪ ،‬وبما أن التضخم يعبر عن الحالة السيئة التي‬
‫يمر بها االقتصاد فإنه يشجع على انتقال رؤوس األموال نحو األسواق األجنبية التي تتميز باالستقرار وهكذا فإن‬
‫التضخم يمثل عائقا بالنسبة لنشاط البورصة في الجزائر من خالل توجيه رؤوس األموال في ميادين أخرى غير‬
‫البورصة‪.‬‬
‫‪ .0.1‬السوق الموازية‪ :‬إن األرباح المحققة في هذه السوق على قدر كبير من األهمية‪ ،‬لذا فإن وجود هذه‬
‫السوق ال يشجع إطالقا العائالت على توجيه إدخاراتها نحو االستثمار في األوراق المالية‪.‬‬

‫‪ .0.1‬ضعف الحوافز الجبائية‪ :‬ما يميز النظام ا لجبائي الجزائري هو أنه أخضع األعوان االقتصاديين إلى‬
‫ضرائب مرتفعة على الدخل‪ ،‬فمثال نسبة الضريبة على أرباح الشركات تعادل‪ %31‬من األرباح‪ ،‬هذه النسبة‬
‫تؤدي إلى تخفيض نسبة األرباح القابلة للتوزيع على المساهمين‪ ،‬زيادة عن الضريبة على الدخل اإلجمالي التي‬
‫تخضع لها مرة أخرى التوزيعات عند تحويلها إلي حسابات المساهمين ‪ ،‬كل هذه الضرائب تضعف من مردودية‬
‫األموال المستثمرة في األوراق المالية ‪ .‬لذا فإن هذا الضغط الجبائي أدى بهم إلى تغيير سلوكهم االدخاري‬
‫واالستثماري‪.‬‬
‫‪ .2.1‬ضعف الجهاز اإلنتاجي‪ :‬يمثل القطاع العمومي للمؤسسات االقتصادية قرابة ‪ % 90‬من مجموع‬
‫االستثمارات الجزائرية وأهم ما يميز هذا القطاع‪:‬‬

‫‪ -‬ارتفاع عدد العمال وضعف مردودية العمل ويد عاملة غير مؤهلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬مؤسسات عمومية غير متوازنة ماليا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬تعيين مسيري المؤسسات غالبا ما يكون إلى اعتبارات غير اقتصادية مما ينعكس سلبا على أداء هذه‬ ‫‪‬‬
‫المؤسسات‪.‬‬
‫صف إلى ذلك أن أغلبية المؤسسات الخاصة مكونة على شكل شركات ذات مسئولية محدودة أو شركة‬
‫تضامن ليس لدى مالكها استعداد لفتح رأس مالها للغير‪.‬‬
‫‪ .1‬المعوقات السياسية والتشريعية‬
‫‪ .1.0‬المعوقات السياسية‪ :‬من المعروف أن بورصة الجزائر أنها افتتحت في ظروف سياسية غير مستقرة‪ ،‬وهذا‬
‫ما ساهم في عرقلة النشاط الفعلي لبورصة األوراق المالية‪ .‬بحكم أن المستثمر يبحث دائما على عامل األمان‬
‫والمردودية بالدرجة األولى‪ ،‬وهذان العامالن ال يتحققان إال في محيط يتميز باالستقرار السياسي‪ ،‬إذ عادة ما تنفر‬

‫‪265‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫رؤوس األموال من البلدان أين تسود الحروب‪ ،‬االنقالبات السياسية‪ ،‬والتغيرات المستمرة للسياسات والقوانين‬
‫المتعامل بها‪.‬‬

‫‪.0.0‬المعوقات التشريعية‪ :‬طبقا للقانون المتضمن شروط القيد ببورصة الجزائر نجد أنه يشترط وجوب‬
‫إصدار األوراق المالية من الشركات ذات األسهم‪ ،‬إال أن أغلب مؤسسات القطاع الخاص في الجزائر شركات‬
‫‪1‬‬

‫ذات مسؤولية محدودة أو شركات ذات شخص وحيد‪ ،‬ضف إلى ذلك اإلطار التشريعي البطيء حيث أن‬
‫تأسيس بورصة الجزائر كان في التاريخ الذي تم فيه إنشاء لجنة تنظيم و مراقبة عمليات البورصة ‪ ،‬إال أن‬
‫تعيين أعضائها لم يكن إال بتاريخ ‪2661 -23 -31‬م‪ ،‬أما التنصيب الرسمي فلم يتم إال في شهر فيفري من‬
‫عام ‪2669‬م‪ .‬كما أن شركة إدارة بورصة القيم انعقدت جمعيتها التأسيسية بتاريخ ‪2661 -01 -32‬م رغم أن‬
‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 20 -62‬المؤرخ في ‪ 32‬ماي ‪2662‬م قد نص صراحة على إنشائها‪ ،‬نفس الشيء‬
‫‪2‬‬

‫يمكن ذكره عند التطرق للوسطاء في عمليات البورصة حيث نجد صدور نظام ‪ COSOB‬رقم ‪ 02-69‬المؤرخ‬
‫في ‪ 02‬جوان ‪2669‬م المتعلق بهم ‪ ،‬أن تأسيس معظم شركات الوساطة كان في سنة ‪2666‬م‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ .0‬المعوقات االجتماعية والثقافية والدينية‬

‫‪ .1.0‬العائق االجتماعي والثقافي‪ :‬إنا العامل الديمغرافي في الجزائر جعل العائالت منشغلة بحاجياتها من غذاء‬
‫ولباس‪ ،‬إضافة إلى هذا فإن العائالت تميل إلى توجيه ادخارها أساسا نحو البنوك العمومية باعتبارها تمثل أكبر‬
‫قدر ممكن من الثقة واألمان وهذا مما يؤدي إلى إعاقة عمل البورصة في الجزائر‪ .‬كما نجد غياب الثقافة‬
‫البورصية لدى أفراد المجتمع وذلك لجهل الفئات العريضة من المجتمع بماهية البورصة وأهميتها‪ ،‬التي تمثل‬
‫عائقا حقيقيا بالنسبة لمعظم الناس غير الواعين من أجل استثمار أموالهم في القيم المتداولة‪.‬‬
‫‪ 0.0‬العامل الديني‪ :‬ال يخفى على أحد أن اللجوء إلى عملية التمويل عن طريق البورصة من خالل‬
‫إصدار أسهم وسندات هي من إحدى طرق التمويل العصرية غير أن التعامل بها من طرف المجتمعات‬
‫العربية واإلسالمية يعتريها بعض الحرج من الناحية الدينية خاصة السندات باعتبارها قرض ربوي‪ ،‬واذا ما‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 20‬من نظام لجنة تنظيم ورقابة عمليات البورصة رقم ‪ 02-61‬المؤرخ في ‪ 29‬نوفمبر ‪ ،2661‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،91‬المؤرخ في‬
‫‪.2661-23-36‬‬
‫‪2‬‬
‫بوكساني رشيد‪ ،‬معوقات أسواق األوراق المالية في الدول العربية وسبل تفعيلها ‪ ،‬رسالة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم االقتصادية تخصص نقود ومالية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر ‪ ،3009/3001‬ص ‪.293‬‬
‫‪3‬‬
‫نظام لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة رقم ‪ 02-69‬المؤرخ في ‪ 02‬جوان ‪ 2669‬المتعلق بشروط اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،29‬الصادر في ‪ 02‬جوان ‪.2661‬‬

‫‪266‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫نظرنا إلى قرار مجمع الفقه اإلسالمي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة من ‪ 1 – 6‬ماي ‪ 2663‬الذي‬
‫أقر بأن األصل حرمة اإلسهام في شركات تتعامل أحيانا بالمحرمات كالربا ونحوه بالرغم من أن أنشطتها‬
‫األساسية مشروعة كل هذا من شأنها أن يؤثر على الق اررات االستثمارية للمدخرين التي ال بد أن تصب في‬
‫خانة الكسب الحالل‪.‬‬
‫‪.2‬المعوقات التنظيمية‪ :‬ونذكر منها‪:‬‬
‫‪ 1.2‬قلة المؤسسات المدرجة‪ :‬تعتبر المؤسسات المحرك األساسي للبورصة‪ ،‬فهي العامل الذي يؤدي إلى نموها‬
‫حيث كلما زاد عدد المؤسسات المدرجة في البورصة كلما زادت فعالية البورصة والعكس صحيح‪ .‬وما يالحظ‬
‫اآلن في بورصة الجزائر هو أن هناك عدد محدود جدا من المؤسسات المدرجة‪ ،‬ذلك ألن عدد المؤسسات‬
‫ال مؤهلة والقادرة على أن تدرج في البورصة محدود جدا وهذا بسبب الوضعية المالية المتدهورة التي تميز‬
‫المؤسسات‪ ،‬وهذا ما يعيق نمو البورصة‪.‬‬

‫‪0.2‬عدم تنوع األوراق المالية‪ :‬يعد التنويع أحد أهم الركائز التي تقوم عليها األسواق المالية في الدول المتقدمة‬
‫إذ تعرض أمام المستث مرين تشكيلة متنوعة ومتعددة من األوراق المالية‪ ،‬تفسح لهم المجال واسعا الختيار منها‬
‫ما يالءم إمكانياتهم‪ ،‬أهدافهم وميوالتهم الشخصية‪ ،‬والتنويع من هذا المنطلق يعمل على تخفيض حجم‬
‫المخاطر‪ .‬أما البورصة الجزائرية فهي حديثة النشأة وال يتداول فيها إال ثالثة أصناف من األوراق المالية‪ ،‬مما‬
‫يجعلها بذلك تفتقر للكفاءة التقنية كما وسبق اإلشارة إليه‪ ،‬األمر الذي يرفع من حجم المخاطر‪ ،‬ويحد من رغبة‬
‫المستثمرين على االستثمار في األوراق المالية‪.‬‬
‫‪ 0.2‬غياب الشفافية‪ :‬سواء بالنسبة للتعامل في القيم المتداولة أو بالنسبة لمصداقية المعلومات التي يجب أن‬
‫تقدمها المؤسسات المقيدة في البورصة للجمهور‪ ،‬بحيث يجب أن تكون هذه المعلومات ذات طابع اقتصادي‬
‫مالي‪ ،‬محاسبي‪ ...‬إلخ وذلك بغرض معالجة الوضعية السابقة والحالية والمستقبلية للمؤسسة‪ .‬وفي حالة الجزائر‬
‫ال نجد نظام معلومات يضمن الشفافية لمستعمليها يضاف إليه صعوبة الحصول على هذه المعلومات التي‬
‫تسمح للمتعاملين القيام بالعمليات التي يريدونها في الوقت المناسب دون الوقوع في خطر‪.‬‬
‫‪2.2‬سير عمل البورصة‪ :‬حيث نجد أن شركة إدارة بورصة القيم كانت تنظم حصص التفاوض مرة واحدة في‬
‫األسبوع وذلك كل اثنين من الساعة ‪ 06:20‬إلى الساعة ‪ 20:20‬صباحا‪.‬صف إلى ذلك أن عملية التسوية تتم‬
‫خالل أسبوعا كامال مما يعرقل السير الحسن للتعامالت فإذا كان أمر المساهم غير منفذ كليا وهناك مدة طويلة‬
‫ليستلم شهادة السهم‪ ،‬فهذا الوقت الطويل سيحط من رغبته في القيام بأمر بيع أو شراء آخر‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫كما نالحظ نقص الوسطاء خاصة الخواص منهم إذ أن هناك خمس مؤسسات فقط تعمل كوسيط في‬
‫عمليات البورصة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سبل تفعيل بورصة الجزائر‬

‫إن نجاح سوق األوراق المالية في أي دولة من دول العالم يعتمد على ما توفره الحكومة من رعاية لهذه‬
‫السوق‪ ،‬وتتخذ هذه الرعاية مظاهر عدة للنهوض بسوق األوراق المالية في الجزائر تتمثل في‪:‬‬

‫‪ .1‬التحكم في المحيط االقتصادي الكلي‪ :‬من خالل ما يلي‪:‬‬


‫‪ .1.1‬محاربة االقتصاد الموازي‪ :‬إصالح أدوات الضبط االقتصادي التي كانت تشكو من غياب الشفافية‬
‫وطغيان للرشوة والفساد وهذا من خالل العمل على إعداد مشروع قانون لإلصالح الجبائي‪ ،‬يعمل على تبسيط‬
‫الجباية والرفــع من مرد وديتها دون المساس بمبدأ العدل الجبائي‪ ،‬وكذا تسهيل اإلجراءات اإلدارية المتعلقة‬
‫بتنظيم وتسيير النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ .0.1‬إصالح النظام الجبائي‪ :‬وهذا لما للسياسة الضريبية أثر كبير في تطوير البورصة من ناحيتين‪:‬‬
‫‪ ‬األثر على االستثمار‪ :‬إذ تمارس السياسة الضريبية تأثيراتها على االستثمار من خالل التأثير على تكلفة‬
‫رأس المال ومن ثم معدل العائد على االستثمار‪ ،‬إذ أنه في ظل وجود ضرائب تؤسس ق اررات االستثمار على‬
‫التكلفة والعائد بعد الضريبة‪ ،‬وفي ظل هدف تعظيم األرباح سوف تستثمر الشركة حتى النقطة التي يتساوى‬
‫عندها معدل العائد الحقيقي على االستثمار مع التكلفة الحدية له‪ ،‬ومن الطبيعي أن يتأثر حجم االستثمار‬
‫بالسياسة الضريبية المطبقة وحوافز االستثمار المقررة‪ .‬لذا فإن تعدد الضرائب المفروضة على دخل االستثمار‬
‫من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع تكلفة االستثمار األمر الذي ينعكس سلبا على حجم االستثمار‪ ،‬إذ يتزايد تبعا لذلك‬
‫عدد المشروعات المرفوضة‪ ،‬ومؤدى ما تقدم انخفاض الطلب على األموال القابلة لإلقراض ومن ثم عرض‬
‫األوراق المالية‪ .‬ونتيجة لما تقدم ال بد أن تتضمن التشريعات الضريبية العديد من النصوص التي تمنح حوافز‬
‫ضريبية بشكل يسهم في تخفيض المعدالت الفعالة للضريبة ويرفع من ثم من معدالت العوائد ويخفض من ثم‬
‫تكلفة االستثمار بعد الضريبة‪ ،‬وذلك بهدف زيادة حجم االستثمار ومن ثم الطلب على األموال القابلة لإلقراض‬
‫وعرض األوراق المالية‪.‬‬
‫‪ ‬األثر على الق اررات التمويلية للمؤسسات‪ :‬تمثل تكلفة التمويل أحد أهم مكونات تكلفة رأس المال التي‬
‫تعد المحدد األساسي لالستثمار ومن ثم عرض األوراق المالية‪ .‬وتعتمد التكلفة اإلجمالية الفعلية للتمويل على‬

‫‪268‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫اختيارات الشركات لمصادر تمويل االستثمارات وعلى تكلفة كل مصدر تمويلي‪ .‬وتتأثر الق اررات التمويلية بدورها‬
‫بالسياسة الضريبية اعتمادا على المعاملة الضريبية لكل مصدر تمويلي‪ .‬إذ أن المعاملة الضريبية لمصادر‬
‫تمويل االستثمارات المختلفة‪ :‬الدين‪ ،‬واألسهم‪ ،‬واألرباح المحتجزة قد تختلف بشكل يؤثر على تكلفة كل مصدر‬
‫تمويلي ومن ثم على هيكل تمويل الشركة الستثماراتها في ضوء الق اررات التمويلية‪.‬‬
‫لذا ينبغي على النظام الضريبي أن يحفز الشركات على اختيار التمويل بإصدار أسهم جديدة وذلك من‬
‫خالل منح االمتيازات واإلعفاءات الضريبية‪.‬‬

‫‪ .0‬تسريع عملية الخوصصة‪ :‬تعتبر البورصة آلية من آليات الخوصصة‪ ،‬وذلك من خالل فتح رأس مال‬
‫المؤسسات العمومية أمام المستثمرين الخواص في سوق األوراق المالية‪ .‬مما يؤدي إلى زيادة عرض‬
‫األوراق المالية في البورصة‪ ،‬وتنوع فرص االستثمار بالنسبة للمدخرين وبالتالي تحقيق شرط من شروط‬
‫قيام السوق وهو عمق السوق‪.‬‬
‫‪ .1.0‬تخفيض سعر الفائدة‪ :‬ذلك ألن تخفيض سعر الفائدة من شأنه تشجيع المدخرين إلى االتجاه نحو سوق‬
‫األوراق المالية باعتبار أن األصول المتداولة فيه تعتبر بديال للودائع البنكية‪.‬‬

‫‪ .0.0‬تفعيل دور البنك المركزي والجهاز البنكي في تنمية البورصة‪ :‬يرتكز دور الجهاز البنكي في تنمية سوق‬
‫األوراق المالية أساسا على مدى تحرير القطاع المالي ويضطلع كل من البنك المركزي والبنوك التجارية بدور‬
‫هام في مجال تطبيق اإلجراءات الساعية إلى تحقيق التحرير المالي وتخفيف القيود على عمليات سوق األوراق‬
‫المالية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬دور البنك المركزي‪ :‬يلعب البنك المركزي دو ار هاما في إنعاش وتفعيل دور البورصة ودلك عن طريق‪:‬‬
‫السماح بإنشا ء بنوك استثمار خاصة للترويج واالكتتاب في اإلصدارات الجديدة من األسهم والسندات‬
‫وضمان االكتتاب بها‪.‬‬
‫ضمان البنك المركزي للسندات الصادرة عن المؤسسات العمومية األمر الذي سيوسع من سوق‬
‫السندات‪.‬‬
‫العمل على تحرير أسعار الفائدة لما لها من عالقة عكسية مع أسعار األو ارق المالية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬دور البنوك التجارية‪ :‬كما تساهم البنوك التجارية في تطوير سوق األوراق المالية عن طريق‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫بن طلحة صليحة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.332‬‬

‫‪269‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المساهمة المباشرة في تأسيس الشركات الجديدة بهدف تنشيط سوق اإلصدار ومن ثم سوق التداول‪.‬‬
‫تسويق وترويج أسهم الشركات الجديدة أو القائمة‪.‬‬
‫التوسع في منح القروض لضمان األوراق المالية مما يشجع األفراد والمؤسسات على االستثمار في‬
‫األوراق المالية‪ ،‬واضافة متعاملين جدد في سوق األوراق المالية‪.‬‬
‫‪ .0‬مقترحات تمس الجانب التنظيمي لبورصة الجزائر‬
‫‪ .1.0‬تجزئة سوق البورصة‪ :‬يمكن تقسيم بورصة الجزائر إلى قسمين‪ :‬سوق رسمية وسوق ثانية‪ .‬ففي السوق‬
‫الرسمية يتم فيها تداول األوراق المالية للشركات التي توفرت فيهم كامل الشروط‪ ،‬أما السوق الثانية فيتم فيها‬
‫تداول األوراق المالية للشركات التي لم تكتمل شروط إدراجها في السوق الرسمية‪ ،‬مع العلم أن كال السوقين‬
‫ينقسمان إلى سوق أولي وسوق الثاوي‪ ،‬وبالتالي فإن شروط الدخول إلى السوق الرسمية تختلف عن شروط‬
‫الدخول إلى السوق الثانية‪.‬‬

‫والعبرة من هذه الشروط هي السماح للمؤسسات الصغيرة المتوسطة من تمويل نفسها‪ ،‬فالبورصة على‬
‫الشكل الحالي تهدف إلى التخلص من الشركات التي لديها أهمية ضئيلة في السوق‪ ،‬بسبب الوضعية المالية‬
‫فبالرغم من وصف البورصة من أنها سوق لجلب األموال الالزمة لتمويل االستثمارات إال أنها تبعد المؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوسطة من االستفادة منها‪ ،‬ومن أجل هذا يجب إعادة هيكلتها حتى تستفيد منها الشركات الكبيرة‬
‫والمتوسطة على السواء‪.‬‬

‫‪ .0.0‬مكننة أنظمة التداول‪ :‬إذ ال بد من تحديث أنظمة التداول واستخدام التقنيات الحديثة لتسهيل عملية تداول‬
‫األسهم‪ ،‬وذلك من أجل رفع كفاءة وسرعة التعامل باألوراق المالية وزيادة الشفافية واألمان لدى المتعاملين‪،‬‬
‫كإدخال خدمة التداول عن بعد خاصة عن طريق اإلنترنت‪ ،‬وهي من ضمن الخدمات الجديدة التي تشهدها‬
‫األسواق العالمية وذلك من أجل تمكين شركات الوساطة من إتمام الصفقات من مكاتبها دون الحاجة إلى وجود‬
‫‪1‬‬
‫مندوبين عنها في السوق‪.‬‬

‫‪ .0.0‬تعزيز الشفافية واإلفصاح‪ :‬أولت أسواق األوراق المالية العربية اهتمامًا كبي ًار لزيادة درجة اإلفصاح وتعديل‬
‫متطلباته بما يتالءم مع المعايير الدولية وذلك بهدف تعزيز الدور الرقابي للسوق من جانب‪ ،‬وتوفير تكافؤ‬
‫الفرص للمتعاملين في السوق من جانب آخر‪ ،‬فتوافر المعلومات ذات الكفاءة العالية واإلفصاح والشفافية تؤدي‬

‫‪1‬‬
‫زيدان محمد‪ ،‬نورين بومدين‪ ،‬دور السوق المالي في تمويل التنمية االقتصادية بالجزائر‪ ،‬المعوقات واألفاق‪ ،‬ملتقى بسكرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫إلى التعامل بأسعار تعكس حقيقة قيمة المؤسسات التي تتداول أوراقها فيها وهكذا يؤدي التقييم الحقيقي إلى اتجاه‬
‫‪1‬‬
‫المستثمرين بمدخراتهم إلى المؤسسات األكثر ربحية سواء في المدى القصير أو الطويل‪.‬‬

‫فمن جانب السوق المالي‪ ،‬يتعين توسيع نطاق المعلومات والبيانات التي يتوجب على لجنة تنظيم البورصة‬
‫اإلفصاح عنها سواء تلك المعلومات المتعلقة بأسماء الجهات المصدرة لألوراق المالية وأسماء أعضاء السوق‬
‫باإلضافة إلى البيانات الدورية المتضمنة لحركة التداول والمؤشرات المالية الرئيسية‪ .‬وفي هذا الجانب‪ ،‬على‬
‫شركة إدارة بورصة إصدار نشرات يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية تتضمن معلومات عامة عن السوق وق اررات‬
‫مجلس اإلدارة ومعلومات عن أحجام التداول ومؤشرات األسعار‪ ،‬مع إبرام اتفاقيات مع شركات عالمية لنشر‬
‫المعلومات الخاصة بالتداول بصورة آنية‪ ،‬كشركتي" رويترز وبلومبيرج"‪.‬‬

‫‪ .2‬مقترحات بخصوص الجانب السياسي والتشريعي‬


‫‪ .1.2‬العمل على ضمان االستقرار السياسي‪ :‬إنه ليس من الممكن وضع سياسة رشيدة وحقيقية لتجنيد االدخار‬
‫بغية ضمان انطالقة تحقق لنا التنمية االقتصادية دون وجود استقرار سياسي في البالد‪ ،‬وفي هذا الصدد فإن‬
‫المستثمرين يطرحون جملة من األسئلة قبل البدء في عملية االستثمار‪ ،‬لذا يجب أن تكون هناك إستراتيجية‬
‫واضحة في وضع القوانين حتى ال تزول هذه األخيرة بزوال الفريق الحكومي وذلك من أجل إقناع المستثمرين‬
‫بأنه مهما كانت مجموعة أعضاء الحكومة أو السلطة فإن القوانين السارية في البورصة وخاصة المتعلقة بضمان‬
‫األموال مضمونة‪.‬‬

‫إذا فالعمل على تحقيق االستقرار السياسي يعتبر بمثابة حجر الزاوية لكل سياسة تهدف إلى تحقيق‬
‫انطالقة اقتصادية‪.‬‬

‫‪ .0.2‬مراجعة اإلطار التشريعي‪ :‬إن القدرة على التكيف مع المحيط الداخلي والخارجي يعتبر عامال محددا في‬
‫نجاح أي مؤسسة‪ ،‬وعليه فإن نجاح سوق األوراق المالية في الجزائر يقتضي التكيف مع المستجدات والمعطيات‬
‫ذات الطابع السياسي‪ ،‬االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والثقافي‪ .‬وال يتم ذلك إال بوضع التشريعات والتنظيمات الفعالة‬
‫لتنظيم عملية التبادل في سوق األوراق المالية خاصة تلك المتعلقة بسلوك المتدخلين‪ ،‬صف إلى ذلك يجب أن‬

‫‪1‬‬
‫محمود أمين زويل‪ ،‬بورصة األوراق المالية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3000 ،‬ص‪.91‬‬

‫‪271‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫تكون هذه التشريعات واضحة ومرنة ومرتبطة بالمستثمر‪.‬على أن تتماشى هذه التشريعات مع خصائص وطبيعة‬
‫‪1‬‬
‫المجتمع من الناحية االقتصادية لحماية المستثمرين واالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪ .1‬مقترحات تخص الجانب الثقافي والديني‬


‫‪ 1.1‬إرساء الثقافة البورصية‪ :‬إن تطور سوق األوراق المالية في الجزائر يقتضي تشجيع العائالت على توجيه‬
‫مدخراتها نحو االستثمار في األوراق المالية‪ ،‬وعليه فإنه يتعين وضع سياسات حقيقية متعلقة بالبورصة يكون‬
‫الغرض من وراءها تعريف مختلف األعوان االقتصاديين سواء كانوا طالبين أوعارضين بأهمية وفائدة هذه‬
‫المؤسسة في تمويل مختلف االستثمارات‪.‬‬

‫ولهذا ينبغي انتهاج سياسة إعالمية واضحة عن طريق مختلف وسائل اإلعالم‪ ،‬ولجنة تنظيم ومراقبة‬
‫البورصة وشرك ة إدارة بورصة القيم وكذا الوسطاء في بورصة الجزائر وذلك من أجل تبديد المخاوف التي تؤثر‬
‫على البورصة كذلك يجب ترسيخ هذه الثقافة لدى الطلبة من خالل المؤسسات التربوية والجامعات وغيرها من‬
‫الوسائل التي تهدف في مجملها إلى التعريف بهذه المؤسسة الفعالة في تمويل االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪0.1‬الجانب الديني‪ :‬بغية رفع الحرج في التعامل في سوق األوراق المالية ‪،‬يتعين إنشاء وادراج أسهم البنوك‬
‫اإلسالمية ودخولها وعمالئها كمتعاملين في البورصة وكذا إدراج األدوات المالية اإلسالمية مع االستفادة من‬
‫أنظمة الوساطة والتداول التي أنشأتها و جربتها المؤسسات المالية اإلسالمية كصناديق االستثمار اإلسالمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫زيدان محمد‪ ،‬نورين بومدين‪ ،‬دور السوق المالي في تمويل التنمية االقتصادية بالجزائر‪،‬المعوقات واألفاق‪ ،‬ملتقى شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪crédit- bail‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬التمويل بتقنية االستئجار(التمويل التأجيري)‬

‫تمثل عملية تجهيز المؤسسات االقتصادية المختلفة باألصول الرأسمالية الالزمة‪ ،‬تحديا كبي ار لمواردها‬
‫المالية التي تحد د حجم وامكانيات توسعها وكذلك قدرتها على اآلخذ باألساليب التكنولوجية الحديثة‪ ،‬إذ يلزم أن‬
‫تتوافر لدى المؤسسة التمويل الالزم لتغطية تكاليف شراء هذه األصول سواء من مصادر تمويل ذاتية ‪،‬أو من‬
‫مصادر تمويل غير ذاتية متمثلة في االقتراض من سوق رأس المال بصوره المختلفة‪ ،‬وفي هذا الخصوص حاول‬
‫القائمون على إدارة المؤسسات التماس كافة السبل التمويلية التي تمكنهم من تخفيف األعباء التمويلية‪ ،‬خاصة‬
‫أن مصادر التمويل الذاتي قد ال تكون كافية‪ .‬وكذلك فإ ن توفير التمويل عن طريق االقتراض من المؤسسات‬
‫المالية أو إصدار سندات في التوقيت الم ناسب وباآلجال الطويلة نسبيا تعد مسألة ليست يسيرة‪ ،‬ألنها تتوقف‬
‫على عوامل كثيرة مرتبطة برأس المال المؤسسة وحجم وجودة الضمانات المقدمة ودرجة المخاطر ومستوى‬
‫‪1‬‬
‫الربحية والظروف االقتصادية والسياسات النقدية والمالية المطبقة‪.‬‬

‫وفي ضوء ما سبق‪ ،‬فقد ابتدع الفكر التمويلي نهجا جديدا في توفير التمويل اآلجل للمؤسسات‪ ،‬وذلك‬
‫باستحداث أسلوب أو تقنية التأجير التمويلي‪ ،‬الذي يمثل قمة التطور القانوني لصيغ التمويل الالزم لتمكين‬
‫المؤسسات من الحصول على األصول الرأسمالية المطلوبة بتأجيرها دون الحاجة القتنائها‪ ،‬وخاصة مع التطور‬
‫الهائل والسريع في تكنولوجيا االكتشافات واالختراعات التي تخص وسائل اإلنتاج‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة التأجير التمويلي وانتشاره عالميا‬

‫يعد نشاط التأجير نشاطا قديما قدم التاريخ ‪ ،‬فقد أقر البعض أن فكر تأجير األصول الرأسمالية تعود إلى‬
‫عام ‪3000‬م قبل الميالد في عهد السومريين ثم أصبحت الفكرة أكثر قبوال في عهد الرومان‪ 2‬وحديثا فقد تنوعت‬
‫صيغ وأنماط التأجير التي من أهمها صيغة التأجير التمويلي‪ ،‬الذي ظهر في صورته األصلية المعروفة بإصالح‬
‫"‪ "leasing‬في الواليات المتحدة األمريكية لدى أحد رجال الصناعة اسمه ‪ D. poothe junior‬عام ‪2613‬م‪،‬‬
‫‪united states leasing‬‬ ‫وذلك عندما أسس السيد" بوث " شركة التأجير التمويلي والتي عرفت باسم‬

‫‪1‬‬
‫فخري الدين الفقي‪ ،‬صناعة الـتأجير التمويلي مع دراسة تحليلية للسوق المصري‪ ،‬سلسلة رسائل البنك الصناعي‪ ،‬العدد ‪ ،90‬مارس ‪ ،3000‬الكويت‪،‬‬
‫ص‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Eric garrido, le crédit-bail;outil de financement structurel et d'ingénierie commerciale, revue banque édition,‬‬
‫‪paris, sone date, p11‬‬

‫‪273‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ 1 ،corporation‬وفي أعقاب تأسيس هذه الشركة سرعان ما زاد الطلب على إيجار المعدات اإلنتاجية وتعاظمت‬
‫أرباح هذه الشركة في فترة زمنية وجيزة‪ ،‬وما لبث أن تأسست شركات تأجير تمويلي أخرى حتى صار التأجير‬
‫التمويلي من الظواهر المستقرة في االقتصاد األمريكي‪.‬‬

‫وفي إطار تكثيف استثمارات رأس المال األمريكي في القارة األوروبية عقب الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كان‬
‫أول خروج لظاهرة التأجير التمويلي من الواليات المتحدة إلى القارة األوروبية في بداية الستينيات من القرن‬
‫العشرين ‪ ،‬وأولى الدول األوروبية التي شهدت مزاولة هذا النشاط فيها كانت بريطانيا وذلك بفعل إنشاء فروع‬
‫لشركات التأجير التمويلي األمريكية "‪"leasing companies‬‬

‫ثم ما لبث أن انتشرت عدوى التأجير التمويلي في العديد من الدول األوروبية مثل بلجيكا‪ ،‬ألمانيا هولندا‪،‬‬
‫فرنسا‪ ،‬ايطاليا واسبانيا ثم اللوكسمبورج‪ ،‬النرويج والدنمارك في مرحلة الحقة‪.‬‬

‫ومن خالل نشاط رأس المال األمريكي وتدويل التأجير التمويلي األمريكي بدأت دول العالم الثالث في‬
‫اكتشاف ظاهرة التأجير التمويلي‪ ،‬حيث تأسست العديد من الشركات في عدد من الدول النامية لمزاولة هذا‬
‫النشاط كما حدث في كوريا الجنوبية‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬اندونيسيا‪ ،‬الفلبين وتايالند‪.‬‬

‫واذا كان الفضل األول في انتشار التأجير التمويلي عالميا‪ ،‬يرجع إلى رأس المال األمريكي بوصفه خالق‬
‫هذه الظاهرة أو التقنية المستحدثة‪ ،‬فقد استطاع رأس المال الفرنسي نقل التأجير التمويلي في صورته المعروفة‬
‫في فرنسا إلى العديد من الدول النامية التي تدور في فلك االقتصاد الفرنسي‪ ،‬وأهمها دول المغرب العربي ودول‬
‫غرب إفريقيا الناطقة بالغة الفرنسية‪.‬‬

‫وفي هذا الخصوص‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن نشاط التأجير التمويلي قد شهد نموا كبي ار في اآلونة األخيرة‬
‫خاصة في الدول النامية ‪ ،‬فعلى الرغم من أن حجم نشاط التأجير التمويلي في األسواق الناشئة في الدول النامية‬
‫لم يتعد نسبة ‪ 1‬من إجمالي هذا النشاط على مستوى العالم كمتوسط للفترة (‪ )2661-2660‬إال أن معدالت‬

‫‪1‬‬
‫هاني محمد دويدار‪ ،‬التأجير التمويلي من الوجهة القانونية‪ ،‬أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت تحت عنوان‪ :‬الجديد في أعمال‬
‫المصارف من الوجهتين القانونية واالقتصادية‪ ،‬لبنان‪ ،3003 ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ ‬في نهاية الخمسينات مولت الشركة األمريكية ‪ American industrial leasing‬عملية بناء منطقة لضخ الغاز الطبيعي واستخراجه من منطقة ‪Campo‬‬
‫‪ Duran‬باألرجنتين‪،‬وذلك أثر طرح الشركة الوطنية األرجنتينية للغاز ‪ Gasdel Estado‬مناقصة دعت إلى المشاركة فيها مؤسسات التمويل المختلفة‬
‫ورست على الشركة األمريكية المذكورة ‪،‬و تعهدت الحكومة األمريكية بتحمل جميع المخاطر السياسية التي كان من المحتمل أن يواجهها المشروع‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫نموه في هذه األسواق قد فاقت التوقعات مقارنة بمعدالت نموه في األسواق المتقدمة للدول المتقدمة وذلك وفق‬
‫الجدول التالي‪:‬‬

‫جدول رقم(‪ :)0-2‬حجم نشاط التأجير التمويلي في األسواق المتقدمة واألسواق الناشئة متوسط الفترة‬
‫(‪.)1112-1112‬‬

‫الوحدة‪ :‬مليار دوالر‬


‫النشاط‬ ‫حجم‬
‫معدالت نمو سنوية‬ ‫الدولة‬
‫(مليار دوالر)‬
‫‪%61‬‬ ‫‪2.00‬‬ ‫أسيا ومنها‬
‫‪%11‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫الفلبين‬
‫‪%200‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫تايالند‬
‫‪%91‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫تركيا‬
‫‪%11‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫أمريكا الالتينية ومنها‬
‫‪%92‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫الب ارزيل‬
‫‪%10‬‬ ‫‪2.00‬‬ ‫إفريقيا ومنها‬
‫‪%90‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫مصر‬
‫‪%200-%11‬‬ ‫‪21.00‬‬ ‫إجمالي دول نامية‬
‫‪%2-%3‬‬ ‫‪269.00‬‬ ‫إجمالي دول متقدمة‬
‫‪%29-%1‬‬ ‫‪120.00‬‬ ‫إجمالي عالم‬

‫المصدر‪ :‬فخري الدين الفقي‪ ،‬صناعة التأجير التمويلي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫وخالل الجدول أعاله تبين لنا النمو الهائل لهذا النشاط التمويلي في الدول النامية‪ ،‬حيث تراوح متوسط‬
‫معدل نمو هذا النشاط في الدول النامية بين ‪ %92‬في الب ارزيل كحد أدنى و‪ %200‬في تايالند كحد أعلى‪ ،‬بينما‬
‫لم يعرف نمو كبي ار في الدول المتقدمة صناعيا حيث بلغت النسبة ‪%2‬خالل متوسط معدل نمو نفس الفترة‪.‬‬

‫وعموما يمكن تفسير هذا النمو المطرد في نشاط التأجير التمويلي لما يشهده العالم حاليا من نمو متسارع‬
‫في تكن ولوجيا اإلنتاج واالتصاالت‪ ،‬التي جعلت الحصول على التكنولوجيا المتطورة وحق المعرفة يحتاج إلى‬

‫‪275‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫تكاليف استثمارية باهظة بحيث يتطلب األمر استحداث وسائل تمويلية أكثر مرونة لتوفير التمويل الالزم‬
‫للمؤسسات االقتصادية‪ ،‬حتى يتسنى لها تحقيق معدالت عالية من النمو في إطار عالم يتسم باالنفتاح ومناخ‬
‫تسوده الحرية االقتصادية ‪،‬باإلضافة إلى وجود تشريعات قانونية تسمح للبنوك التجارية أو المؤسسات المالية‬
‫المتخصصة بممارسة هذا النشاط دون قيود‪ ،‬واالستفادة من مزايا أو امتيازات ضريبية لهذا النشاط‪.‬‬

‫ويرى البعض في اللجوء إلى التأجير التمويلي عالجا للقدرات المالية المحدودة لمشروعات الدول النامية‬
‫والصعوبات التي تواجهها في الحصول على سبل التمويل البنكي‪ ،‬وهناك أبحاث علمية قد وجهت جهودها إلى‬
‫دراسة مشكالت التمويل في دولة محددة من الدول النامية تقرر أن التمويل التأجيري يعد من عناصر دفع التنمية‬
‫اال قتصادية‪ ،‬لما يمثله من سبيل هام لتمويل استثمارات مؤسساتها االقتصادية فضال عن اعتباره وسيلة جديدة‬
‫‪1‬‬
‫لتمويل المشروعات التي تعاني من صعوبات مالية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم التأجير التمويلي وأنواعه‬

‫التأجير التمويلي وسيلة حديثة نسبيا لتمويل استثمارات المؤسسات االقتصادية‪ ،‬ويتميز بأنه تمويل عيني‪،‬‬
‫يمكن مالكي المؤسسات من االنتفاع باألموال الالزمة لهم في مزاولة النشاط‪ ،‬بدال من تقديم سبل التمويل النقدي‬
‫لشراء هذه األموال‪ ،‬ومن خالل هذا العنصر سنحاول البحث في مفهوم التأجير التمويلي من خالل الصيغة‬
‫القانونية واالقتصادية باإلضافة إلى ذكر أهم أنواعه‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التمويل التأجيري‬

‫ويمكننا إيضاح مفهوم التمويل التأجيري من خالل مجموعة التعاريف التالية الذكر‪:‬‬

‫التعريف األول‪ :‬عرف المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص )‪ )UNIDROIT‬اإليجار التمويلي‪ ،‬بأنه عملية‬
‫تجارية مالية مثلثية األط ارف وثنائية العقود‪ ،‬حيث يقوم الطرف األول المؤجر "‪ "lessor‬وبناء على المواصفات‬
‫‪2‬‬
‫التي يحددها طرف ثاني "‪" lessee‬بـ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫هاني محمد دويرار‪ ،‬التأجير التمويلي من الجهة القانونية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪2‬‬
‫طه محمد أبو العال‪ ،‬اإليجار التمويلي الحقيقي للمعدات اإلنتاجية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬إسكندرية‪ ،3001 ،‬ص‪.63‬‬

‫‪276‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ -‬يقوم بالدخول في اتفاق أول (اتفاق توريد مع طرف ثالث – المورد‪ )-‬وبناء على هذا االتفاق يحصل‬
‫المؤجر على مصانع أو بضائع رأسمالية أو معدات أخرى وفقا لشروط يوقع عليها المستأجر فيما يخص‬
‫احتياجاته ومصالحه‪.‬‬

‫‪ -‬ثم يقوم بالدخول في اتفاق ثاني (اتفاق االيجارة) مع المستأجر‪ ،‬يمنح على أساسه المستأجر الحق في‬
‫استخدام المعدات مقابل دفع القيمة االيجارية‪.‬‬

‫التعريف الثاني‪ :‬وهو عبـارة عن عملية يقوم بموجبها بنك أو مؤسسة مالية أو شـركة تأجير مؤهلة قانونا‬

‫بذلك‪ ،‬بوضع آالت ومعدات أو أية أصول مادية أخرى بحوزة مؤسسة مستعملة على سبيل اإليجار مع إمكانية‬
‫‪1‬‬
‫التنازل عنها في نهاية الفترة المتعاقدة عليها ويتم التسديد على أقساط يتفق بشأنها‪ ،‬تسمى ثمن اإليجار‪.‬‬

‫التعريف الثالث‪ :‬اإليجار التمويلي عقد محدد المدة غير قابل لإللغاء بين مؤجر ومستأجر‪ ،‬الستئجار أصل‬
‫معين يتم اختيارها بمعرفة المستأجر من منتج هذه المعدات أومن البائع لها‪ ،‬وبموجب هذا العقد يحصل‬
‫المستأجر على المعدات ويستحوذ عليها حيازة صامتة‪ ،‬وينتفع بها ويكون هو المالك االقتصادي لها مقابل سداد‬
‫دفعات ايجارية محددة بالعقد للمؤجر الذي يحتفظ بالملكية القانونية لهذه المعدات‪.‬‬

‫ومن خالل كل هذه التعاريف تعددت الرؤية إلى التمويل التأجيري‪ ،‬فهناك من يراه عقد ينتهي بإمكانية‬
‫تملك المستأجر لألصل في نهاية العقد‪ ،‬وهناك من يرى انه عقد ساري المفعول حتى النهاية وال مجال إليقافه‪،‬‬
‫على عكس آخرين يرون إمكانية توقيف العقد أو فسخه في أي وقت‪ ،‬ومنه وبصفة عامة فان التمويل التأجيري‬
‫هو عبارة عن إيجار أصول لمدة معينة‪ ،‬مقابل أقساط تغطي مدة اإليجار‪ ،‬وحتى يتضح لنا جليا مفهوم التمويل‬
‫التأجيري سنبحث في أهم أنواعه من خالل العنصر الموالي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع التمويل التأجيري‬

‫هناك العديد من أنواع التمويل االيجاري‪ ،‬وذلك حسب الزاوية التي يتم منها النظر إليه‪ ،‬وسنحاول من‬
‫خالل دراستنا التعرض إلى دراسة نوعين هما‪:‬‬

‫‪ ‬التمويل التأجيري حسب طبيعة العقد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Belmoukadem Mustapha, halima wahiba, le leasing: un outil de finance sous utilisé, siméniar de Beskra0 op cit.‬‬

‫‪277‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ ‬التمويل التأجيري حسب طبيعة موضوع العقد‪.‬‬


‫‪ .1‬التمويل التأجيري حسب طبيعة العقد‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫حسب هذا التصنيف هناك نوعين هما‪ :‬التمويل االيجاري المالي والتمويل االيجاري العملي(التشغيلي)‪.‬‬

‫‪ .1.1‬التمويل التأجيري المالي‪crédit – bail financier :‬‬


‫ويعتبر التمويل التأ جيري مالي إذا تم تحويل كل الحقوق وااللتزامات والمساوئ والمخاطر المرتبطة بملكية‬
‫األصل المعـني إلى المستأجر‪ ،‬ويعني ذلك أن مدة عقـ د االئتمان التأجيري كافية لكي تسمح للمؤجر‬

‫باستعادة كل نفقات رأس مال مضاف إليه مكافأة هذه األموال المستثمرة‪.‬‬

‫ويتميز التمويل التأجيري المالي عادة بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تقع األعباء الخاصة بصيانة وخدمة األصول المستأجرة على عاتق المؤسسة التي تقوم باالستئجار‪.‬‬
‫‪ ‬ال يستطيع المستأجر إيقاف عملية االستئجار و إنما عليه االستمرار في سداد أقساط االستئجار حتى‬
‫نهاية العقد‪.‬‬
‫‪ ‬يستمر عقد اإليجار المالي لفترة زمنية طويلة نسبيا‪ ،‬تتفق عادة مع الحياة اإلنتاجية لألصل وبالتالي‬
‫‪2‬‬
‫يستهلك األصل بالكامل خالل هذه الفترة فيحصل مالك األصل على قيمة األموال المستثمرة في األصل‪.‬‬
‫‪ .0.1‬التمويل التأجيري العملي (أو التشغيلي)‪crédit- bail opérationnel :‬‬

‫ويقصد به العقد الذي ال يتم من خالله تحويل كل الحقوق وااللتزامات والمنافع والمساوئ والمخاطر‬
‫المرتبطة بملكية أصل المعني أو تقريبا كلها إلى المستأجر‪ 3،‬وهذا ما يسمح بالقول أن جزء من كل ذلك يبقى‬
‫على عاتق المؤجر‪ ،‬ومعنى ذلك أن فترة العقد غير كافية لكي يسترجع المؤجر كل نفقاته‪ ،‬وبالتالي فانه يجب‬
‫انتظار فرصة أخرى الستعادة ما تبقى من النفقات سواء بتجديد العقد أو بيع األصل‪.‬‬

‫وتعتبر الحاسبات اآللية‪ ،‬آالت لتصوير المستندات‪ ،‬السيارات‪ ،‬وما شابهها من أهم أنواع المعدات التي يتم‬
‫استئجارها في ظل هذا النوع من اإليجار الذي يسمى أحيانا باستئجار الخدمات‪.‬‬

‫ويتميز التمويل االيجاري العملي بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫بريش السعيد‪ ،‬التمويل التأجيري كبديل لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪ ،‬مداخلة في الملتقى الدولي حول سياسات التمويل وأثرها على‬
‫االقتصاديات والمؤسسات‪ -‬ملتقى بسكرة مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Pierre conso, la gestion financier de l'entreprise, dunob, paris, p403.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Nathalie, muorgues, financent et coût du capitale de l'entreprise, économica, paris, 2001, p220.‬‬

‫‪278‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ ‬يلتزم مالك األصل ب صيانة وخدمات األصل المؤجر للغير على أن تدخل تكاليف الصيانة ضمن‬
‫المدفوعات الثابتة التي يقوم المستأجر بسدادها‪.‬‬
‫‪ ‬يستمر هذا النوع من االستئجار لفترة زمنية قصيرة نسبيا تكون عادة اقل من الحياة اإلنتاجية لألصول‬
‫‪،‬وبالتالي فان قيمة االستئجار ال تغطي تكلفة األصل ومن ثم يتوقع مالك األصل استعادة قيمة االستثمارات‬
‫الموظفة في هذا األصل من خالل تكرار عمليات تأجيرها ‪،‬إما لنفس المؤسسة أو ألخرى‪.‬‬
‫‪ ‬تشمل عقود االستئجار التشغيلي عادة ما يفيد بإمكانية إيقاف عملية االستئجار قبل المدة المتفق عليها‬
‫ومن الواضح أن هذا الشرط يتقابل مع مصل حة المستأجر إلى حد كبير حيث يمكنه في هذه الحالة إعادة األصل‬
‫إلى المؤجر طالما انتهت الحاجة إليه أو في حالة ظهور معدات احدث وبصفة خاصة في حالة األصول‬
‫والمعدات التكنولوجية التي تتطور بشكل سريع كالحاسب اآللي مثال‪.‬‬
‫‪ .0‬التمويل التأجيري حسب طبيعة موضوع العقد‪:‬‬
‫وحسب هذا التصنيف هناك نوعين هما‪ :‬التمويل التأجيري لألصول المنقولة والتمويل التأجيري لألصول‬
‫غير المنقولة‪.‬‬

‫‪ .1.0‬التمويل التأجيري لألصول المنقولة‪ :‬ويختص تمويل األصول المنقولة للمؤسسة االقتصادية التي تكون‬
‫بحاجة لها للقيام باإلنتاج‪ ،‬ويقدم التمويل من طرف مؤسسات مالية متخصصة أو فروع من بنوك‪ ،‬وفي نهاية‬
‫‪1‬‬
‫مدة اإليجار يقوم المستأجر إما بشراء القيمة المتبقية‪ ،‬أو تجديد العقد أو إرجاعه إلى المؤجر‪.‬‬

‫‪ .0.0‬التمويل التأجيري لألصول غير المنقولة‪ :‬وترتكز على تمويل األصول الغير المنقولة المتمثلة في المباني‬
‫ذات الطابع المهني الصناعي أو التجاري‪،‬التي أنجزت أو في طريق االنجاز‪،‬ونظ ار للقيمة المعبرة لألصول غير‬
‫المنقولة أو العقارات فإنها تتميز بنوع من الصعوبة مقارنة مع األصول المنقولة‪ ،‬وتستدعي المشاركة من المؤجر‬
‫والمستأجر النجازها‪ ،‬ويمكن أن تكون األرض ملكا للمستأجر ‪،‬بينما المؤجر يقوم بتنفيذ المباني عليها ويؤجرها‬
‫لصاحب األرض‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مزايا التمويل التأجيري‬

‫لم تنشأ الحاجة إلى تطبيق أسلوب التمويل التأ جيري من فراغ‪ ،‬فقد ظهرت أهمية التأجير التمويلي باعتباره‬
‫قناة مكملة لوسائل التمويل التقليدية في دفع عجلة التنمية االقتصادية في القطاعات االقتصادية المختلفة‪ ،‬كما‬

‫‪1‬‬
‫ثروت عبد الحميد ‪،‬اتفاق التمويل العقاري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬إسكندرية‪ ،3001 ،‬ص‪.22‬‬

‫‪279‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫انه يعد بديال أكثر مرونة لمواجهة احتياجات المشروعات المختلفة‪ ،‬عندما يتعذر عليها الحصول على التمويل‬
‫بالوسائل التقليدية‪ ،‬وتبرز مزايا التمويل التأ جيري من خالل مستويين هما ‪:‬بالنسبة لالقتصاد الكلي وبالنسبة‬
‫للمؤسسات االقتصادية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المزايا على مستوى االقتصاد الكلي‪:‬‬

‫يحقق أسلوب التمويل التأ جيري مزايا عديدة لالقتصاد الكلي حيث يساهم بصورة ايجابية في تحقيق‬
‫معدالت النمو االقتصادي المعمر‪ ،‬ذلك أن نشاط التأجير التمويلي يقدم تمويال كامال أي نسبة ‪ %200‬لتوفير‬
‫أصول إنتاجية جديدة‪ 1،‬فضال عن أنه يساهم في تسريع معدالت النمو لتأثيره على كفاءة استخدام الموارد‬
‫االقتصادية المتاحة من حيث المساهمة في إدخال أحدث األساليب التكنولوجية التي تمكن المستأجر من إجراء‬
‫عمليات اإلحالل والتجديد لألصول القائمة بأصول أكثر حداثة‪ ،‬وبالتالي المساعدة في عملية المالحقة المستمرة‬
‫ألحدث تقنيات العصر ومن ثم رفع جودة اإلنتاج وخفض التكلفة وبالتالي زيادة القدرة التنافسية لالقتصاد ودفع‬
‫عجلة الصادرات‪.‬‬

‫كذلك تساهم صناعة التأجير التمويلي في رفع كفاءة الجهاز البنكي في تمويل عملية التنمية وبالتالي‬
‫المساهمة في تحقيق معدالت نمو مرتفعة‪ ،‬إذ يساهم ويوفر السرعة والمرونة في تنفيذ المشروعات وتخفيض‬
‫تكلفة التمويل في األجل المتوسط بسبب المنافسة الشديدة بين مصادر التمويل التقليدية المختلفة ومصادر‬
‫التمويل التأجيرية‪ ،‬كذلك يساهم نشاط التأجير التمويلي في خلق مزيد من فرص العمل وتحقيق قدر مالئم من‬
‫االستقرار السعري‪ ،‬وكبح جماح التضخم من خالل خفض تكلفة التوسعات االستثمارية للمشروعات الجديدة حيث‬
‫يقضي على فترات االنتظار التي تحتاجها هذه المؤسسات لتكوين احتياطي أو لالقتراض أو طرح أسهم جديدة أو‬
‫تعديل هيكل رأس المال‪ 2،‬وهذه السرعة في تنفيذ المشروعات يؤدي إلى خلق مزيد من فرص العمل‪ ،‬وبالتالي‬
‫الرفع من مستويات التشغيل واإلنتاج ‪،‬كذلك يساهم نشاط التأجير التمويلي في تحفيز عمليات البحث والتطوير‬
‫التكنولوجي باعتباره عامال منشطا للطلب على مستحدثات التقدم التكنولوجي في مجال إنتاج األصول‬
‫االستثمارية خاصة عندما تسمح عقود التأجير مبادلة األصول التي في حوزة المستأجر بكل ما هو مستحدث‬
‫تكنولوجيا‪.‬‬

‫معدالت نمو عالية ومستديمة في إطار مستويات عالية للتشغيل واستقرار سعري مالئم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫فخر الدين الفقي‪ ،‬مرجع سبق ذكر‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫قدي عبد الفتاح الشهاوي‪ ،‬موسوعة التأجير التمويلي‪ ،‬توزيع المعارف‪ ،‬إسكندرية ‪ ،3002‬ص‪.31‬‬

‫‪280‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المزايا على مستوى المؤسسات االقتصادية‬

‫لعل من أهم المزايا التي تعود على المؤسسات االقتصادية ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬يوفر للمستأجر حيازة األصول االستثمارية بتكلفة أ قل نسبيا عنها في حالة شراء هذه األصول باستخدام‬
‫أساليب التمويل األخرى التقليدية‪.‬‬
‫‪ ‬يجنب المؤسسات كثير من المشاكل التي يمكن أن تنجم عن تجميد جزء من أموالها في شراء احتياجاتها‬
‫من األصول الرأسمالية‪ ،‬ومن ثم فهو يساهم في توفير هذه األموال لالستخدام في أوجه اإلنفاق األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك يوفر ميزة أخرى تتمثل في عدم حاجة المستأجر لتقديم ضمانات بنكية مكلفة ومعقدة كما هو‬
‫الوضع في حالة التمويل البنكي التقليدي‪.‬‬
‫‪ ‬تمكين المؤسسات االقتصادية بالقيام بعمليات اإلحالل والتجديد ألصولها بأحدث تقنيات العصر عن‬
‫طريق إبرام عقود للتأجير التمويلي دون تحميل ميزانياتها أعباء شراء هذه األصول واالكتفاء فقط بدفع قيمة‬
‫‪1‬‬
‫اإليجار الدوري المتفق عليه‪.‬‬

‫‪ ‬يساهم في تحسين صورة المؤشرات المالية وكذلك المركز المالي للمؤسسة االقتصادية‪ ،‬فاألصول المؤجرة‬
‫لن تسجل في جانب األصول رغم وجودها في التشغيل ‪،‬وبالتالي لن تسجل إهتالكاتها في جانب الخصوم‪ ،‬لكن‬
‫‪2‬‬
‫األمر سيقتصر على تسجيل المدفوعات اإليجارية لهذه األصول كمصروف محققا بذلك ميزة ضريبية للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬يوفر أسلوب التأجير التمويلي السيولة الالزمة لبعض المؤسسات التي تعاني من خلل في هياكلها‬
‫التمويلية وذلك بإتباع صيغة البيع مع إعادة التأجير ‪،‬وذلك بان تتفق مؤسسة قائمة ببيع بعض أصولها للمؤجر‬
‫بغرض توفير السيولة الالزمة لها على أن يقوم األخير بتأجيرها للشركة المذكورة مع منحها حق شراء أصولها‬
‫‪3‬‬
‫في نهاية مدة العقد‪.‬‬
‫من خالل هذا تبين لنا الدور الذي يقوم به نشاط التمويل التأجيري في عملية تمويل المؤسسات‬
‫االقتصادية‪ ،‬باعتباره قناة مكملة ل وسائل التمويل التقليدية ‪،‬حيث يعد بديال أكثر مرونة لمواجهة االحتياجات‬
‫االستثمارية عندما يتعذر عليها الحصول على التمويل الالزم بالوسائل التقليدية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حبيب مزهر‪ ،‬الطبيعة القانونية لعقد الليزنغ‪ ،‬المؤتمر السنوي حول الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية واالقتصادية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‬
‫ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫طه محمد أبو العال‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪3‬‬
‫فخر الدين الفقي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪281‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية التمويل التأجيري في الجزائر‬

‫إن تحديث القطاع البنكي والمالي في الجزائر‪ ،‬يستدعي تطوير العالقة بين المؤسسة االقتصادية ومموليها‬
‫بالقروض سواء كانت البنوك التجارية أو المؤسسات المالية عن طريق استعمال وسائل وتقنيات التمويل الجديدة‪،‬‬
‫حيث ستساعد هذه التقنيات المؤسسة االقتصادية على دعم وانعاش االستثمار واعطاء قيمة أكبر للوساطة‬
‫البنكية‪ ،‬ولقد تجسدت تقنيات مستحدثة في الجزائر من خالل عدة تشريعات وقوانين بعد صدور قانون النقد‬
‫والقرض‪ ،‬فهناك شهدت انطالقتها الحقيقية والفعلية بوجود مؤسسات تتعامل فيها كالقرض التأجيري‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلطار القانوني لتقنية التمويل التأجيري في الجزائر‬

‫عرف االئتمان اإليجاري تأخ ار معتب ار ويرجع هذا التأخر نتيجة السياسات االقتصادية المنتهجة بعد‬
‫االستقالل‪ ،‬و التي لم تعرف االنفتاح إال في السنوات األخيرة ومع بداية اقتصاد السوق الحر ألزمها بتبني بعض‬
‫المفاهيم الجديدة‪ ،‬التي تسمح لها بالتعايش مع المرحلة الجديدة ومن هذه المفاهيم عقد االئتمان اإليجاري أو‬
‫التمويل التأجيري‪ ،‬الذي نظمه المشرع بموجب المرسوم التشريعي ‪ 06/69‬المتعلق باالعتماد االيجاري‪ .‬حيث‬
‫‪1‬‬
‫عرفه كما يلي‪:‬‬

‫يعتبر االعتماد اإليجار‪ ،‬موضوع هذا األمر‪،‬عملية تجارية و مالية حيث‪:‬‬

‫‪ -‬يتم تحقيقها من طرف البنوك والمؤسسات المالية أو شركة تأجير مؤهلة قانونا ومعتمدة صراحة بهذه‬
‫الصفة‪ ،‬ومع المتعاملين االقتصاديين الجزائريين أو األجانب‪،‬أشخاصا طبيعيين أو معنويين تابعين للقانون العام‬
‫أو الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬تكون قائمة على عقد إيجار يمكن أن يتضمن أو ال يتضمن حق الخيار بالشراء لصالح المستأجر‪.‬‬

‫‪ -‬وتتعلق فقط بأصول منقولة أو غير منقولة ذات االستعمال المهني أو بالمحالت التجارية أو‬
‫بمؤسسات حرفية‪.‬‬

‫إن انتشار االئتمان اإل يجاري في الجزائر مازال في بدايته رغم التطورات الحاصلة والمندرجة في سياق‬
‫اإلصالحات االقتصادية‪ ،‬ويعود ذلك إلى قلة الشركات التي تمارس هذا النشاط‪ ،‬والتي يمكن أن نتعرف عليها‬
‫وعلى نشاطاتها ومن خالل العناصر اآلتية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أمر رقم ‪ 06-69‬مؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪ 2669‬يتعلق باالعتماد االيجاري‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 2‬المؤرخ في ‪.2669/2/21‬‬

‫‪282‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المؤسسات المتخصصة في االئتمان اإليجاري في الجزائر‬

‫ينحصر نشاط االئتمان اإليجاري في الجزائر في مجموعة شركات أساسية متخصصة في االئتمان‬
‫اإليجاري هما سالم '‪ 'SALEM‬والشركة العربية لإليجار المالي والمؤسسة المالية لالستثمار والمشاركة‬
‫والتوظيف"‪ ،" Sofinance‬باإلضافة إلى إدخال بعض البنوك هذه التقنية في نشاطها كبنك البركة الجزائري أو‬
‫‪1‬‬
‫البنوك التجارية األخرى‪ .‬نركز هنا على المؤسسات المتخصصة فقط‪.‬‬

‫‪ .1‬الشركة الجزائرية إليجار األصول المنقولة "‪ :"SALEM‬هي شركة مساهمة معتمدة من طرف بنك الجزائر‬
‫في القرار رقم ‪ 02/61‬المؤرخ في ‪ ،2661/01/39‬وهي خاضعة لألمر ‪ 06/69‬المؤرخ في ‪2669/20/20‬‬
‫الخاص باالعتماد اإليجاري‪ ،‬رأسمالها االجتماعي يقدر ب ‪ 300‬مليون دينار جزائري مقسم إلى ‪ 3000‬سهم‬
‫اسمي‪ ،‬بقيمة ‪ 200.000‬د‪.‬ج للسهم ‪ ،‬كان في البداية مقسم بين ''‪ ''CNMA‬ب ‪ % 60‬والشركة القابضة‬
‫الميكانيكية ب‪ 20%‬لكن بعد التعديل الذي اجري في االجتماع العام بتاريخ ‪ 2666/23/26‬انسحبت الشركة‬
‫القابضة الميكانيكية وبقيت ‪ CNMA‬المساهمة الوحيدة في شركة‪.SALEM‬‬
‫‪ .0‬الشركة العربية لإليجار المالي‪ :‬هي شركة مساهمة معتمدة من طرف بنك الجزائر في ديسمبر ‪3002‬‬
‫ومهمتها هي القيام بعمليات االعتماد االيجاري‪ ،‬تتوفر على رأس مال اجتماعي قيمته ‪ 119.000.000‬دج‬
‫موزع على سبعة مساهمين كما يلي‪:‬‬
‫بنك المؤسسة البنكية الجزائر ‪ ،%21‬الشركة العربية لالستثمار‪ ،%31‬المؤسسة الماليالدولية‪%01‬‬
‫الصندوق الوطني للتوفير واالحتياط ‪ ،%30‬ديجيمكس‪ ،%06‬الجيمتكو‪ ،%1.666‬رحمون إسماعيل‬
‫‪2‬‬
‫‪.%0.002‬‬

‫‪ .0‬المؤسسة المالية لالستثمار والمشاركة والتوظيف ‪ Sofinance‬وهي مؤسسة تأسست من طرف ‪ 22‬شركة‬
‫قابضة في ‪ 1‬أفريل ‪3000‬م برأس مال ‪ 1‬مليار دج‪ ،‬بعد حصولها على تصريح من بنك الجزائر الذي اعتمدها‬
‫لممارسة نشاطها إبتداءا من ‪ 6‬جانفي ‪ .3002‬حيث أنشئت سوفينانس لممارسة عدة مهام أهمها تطوير استعمال‬
‫كل من القرض اإليجاري لكل المؤسسات مهما كان حجمها و ملكيتها‪ ،‬رأس االستثمار‪ ،‬تسيير رؤوس األموال‬
‫‪3‬‬
‫والهندسة المالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المقرر رقم ‪ 20-10‬المؤرخ في ‪ 1‬فيفري ‪ 3001‬المتضمن قائمة المؤسسات المالية المعتمدة في الجزائر‪،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،21‬ص‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫عاشور عكوش‪ ،‬التمويل باالئتمان اإليجاري‪ ،‬االكتتاب في عقوده وتقييمه‪،‬دراسة حالة الجزائر‪ ،‬مداخلة في ملتقى بسكرة ‪ ،3009‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Abdelkrim Sadeg : Réglementaire de L´Activité bancaire, Edition A.C.A, Alger, 2006, p124‬‬

‫‪283‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تمويل االئتمان اإليجاري في الجزائر‬

‫وتشهد السوق الجزائرية إقباال كبي ار ومتزايدا فيما يخص الطلب على استئجار اآلالت‪ ،‬و بالرغم أن‬
‫المؤسسات المتخصصة ليس بإمكانها تلبية رغباتهم‪ ،‬فعلى المستوى الوطني بينت الدراسات أن هناك عدم‬
‫التوازن بين الطلب العرض وهذا يظهر جليا على مستوى الواليات حيث إن عملية التجديد واإلحالل التي تعيشها‬
‫وحدات القطاع العام‪ ،‬وعملية الزيادة من الكفاية اإلنتاجية والتشغيلية يترتب عنهما الزيادة في اإلنتاج مع تحسين‬
‫جودته والسيما أن الجزائر دخلت في عقد شراكة مع السوق األوربية المشتركة وهي مقبلة لالنضمام إلى اتفاقية‬
‫المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫فمثال في القطاع الفالحي‪ ،‬يعتبر النهوض بالقطاع الزراعي من األمر العاجل في الجزائر‪ ،‬وهذا لتحقيق‬
‫إنتاجية أعلى على مساحات مزروعة حاليا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى استصالح األراضي في الهضاب العليا أو‬
‫المناطق الصحراوية فالعمليتان تتضمن موارد مالية وطرق عملية حديثة الشيء الذي يكلف الفالح الصغير عن‬
‫القيام بها معتمدا على مداخله القليلة أو االقتراض التقليدي‪ .‬أما فيما يخص قطاع الري فقد تم وضع السدود‬
‫وانشاء شركات متخصصة لتأجير العتاد الزراعي للري كالشركة الجزائرية إليجار األصول المنقولة وشركة دعم‬
‫اإليجار العربية للجزائر‪.‬‬

‫ومن جانب قطاع الصيد البحري‪ ،‬بقي متأخ ار عن القطاعات األخرى إن لم نقل معدوما تقريبا مقارنة‬
‫بالدول المجاورة لنا )تونس‪ ،‬المغرب ‪ (...‬مما يحتاج إلى تجديد فعال‪ .‬فقد اهتمت و ازرة الفالحة والصيد البحري‬
‫بتمويل هدا القطاع بحيث قدم مخطط التمويل بتعهد من خالله كل من مؤسسة ‪ FIDA‬والقرض اإليطالي‬
‫)‪(crédit Italian‬والسوق األوربية )‪ (Communauté européenne‬هذه التجربة لتحريك ودفع السياسة‬
‫الوطنية لترقية تشغيل الشباب بمشاركة الدول وتدعيمها في التمويل‪ ،‬فحصلنا على اإلحصائيات التي تبين ما‬
‫يقارب ‪ 150‬تعاونية على ‪ 350‬التي تكونت واستفادت من هذه الوسيلة بمساعدة الدولة وتسطر مستقبال لتطوير‬
‫هذا القطاع بتمويل مشروعين‪:‬‬

‫‪ -‬األول لتدعيم المؤسسات الصغيرة بزوارق ل ‪ 5‬أمتار و لكن بقوة تصل إلى( ‪20- 16‬متر)‪.‬‬
‫‪ -‬والثاني لتمويل الباخرات ذات الحجم الكبير للصيد في أعماق البحار وهذا لتنمية وتطوير نحو إنتاج‬
‫أمثل‪.‬‬
‫ولعل المعطيات التي تم الحصول عليها‪ ،‬أحسن دليل عن استثمار الجزائر في المجال الزراعي بما فيه‬

‫‪284‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫اآلالت والمعدات للزراعة‪ ،‬الري‪ ،‬والصيد لهدا القطاع من طرف مؤسسة "‪ "SALEM‬وهذا مبين في الجدول‬
‫أدناه‪ ،‬التي تبين االستثمارات المحققة المتواجدة في الجزائر العاصمة والتي قامت بتمويل مشروعات على‬
‫المستوى الوطني ومست مختلف الواليات وهذا كالتالي‪:‬‬

‫جدول رقم (‪ :)2-2‬االستثمارات المحققة الستعمال القرض االيجاري الستئجار المعدات واآلالت الزراعية‬
‫الوحدة‪ :‬مليون دينار جزائري‬ ‫خالل الفترة ‪1998‬م ـ‪ 2003‬م‪.‬‬
‫نسبة مجموع االستثمار‬ ‫المبلغ بالمليون دج‬ ‫الواليات‬ ‫رقم الترتيب‬

‫‪%19.96‬‬ ‫‪89.099.204.27‬‬ ‫الجزائر العاصمة‬ ‫‪1‬‬


‫‪%14.11‬‬ ‫‪61.171.594.68‬‬ ‫البليدة‬ ‫‪2‬‬
‫‪%12.68‬‬ ‫‪52.526.852.00‬‬ ‫البويرة‬ ‫‪3‬‬
‫‪%9.14‬‬ ‫‪33.296.669.09‬‬ ‫تيبازة‬ ‫‪4‬‬
‫‪%5.58‬‬ ‫‪22.713.589.05‬‬ ‫عنابة‬ ‫‪5‬‬
‫‪%4.45‬‬ ‫‪20.751.014.91‬‬ ‫عين الدفلة‬ ‫‪6‬‬
‫‪%4.18‬‬ ‫‪19.490.076.77‬‬ ‫سوق أهراس‬ ‫‪7‬‬
‫‪%3.96‬‬ ‫‪18.493.899.71‬‬ ‫ورقلة‬ ‫‪8‬‬
‫‪%3.82‬‬ ‫‪17.839.217.00‬‬ ‫أدرار‬ ‫‪9‬‬
‫‪%3.04‬‬ ‫‪14.185.094.07‬‬ ‫تيارت‬ ‫‪10‬‬
‫‪%3.01‬‬ ‫‪14.045.152.22‬‬ ‫شلف‬ ‫‪11‬‬
‫‪%2.9‬‬ ‫‪9.029.797.19‬‬ ‫سيدي بلعباس‬ ‫‪12‬‬
‫‪%1.65‬‬ ‫‪7.723.892.36‬‬ ‫عين تيموشنت‬ ‫‪13‬‬
‫‪%1.64‬‬ ‫‪7.692.475.99‬‬ ‫بجاية‬ ‫‪14‬‬
‫‪%1.62‬‬ ‫‪8.918.600.60‬‬ ‫قسنطينة‬ ‫‪15‬‬
‫‪%1.33‬‬ ‫‪6.919.403.79‬‬ ‫تلمسان‬ ‫‪16‬‬
‫‪%1.30‬‬ ‫‪6.616.492.32‬‬ ‫وهران‬ ‫‪17‬‬
‫‪%1.04‬‬ ‫‪6.246.669.11‬‬ ‫جفلة‬ ‫‪18‬‬

‫‪285‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪%0.93‬‬ ‫‪6.092.001.08‬‬ ‫برج بوعريريج‬ ‫‪19‬‬


‫‪%0.93‬‬ ‫‪4.884.914.28‬‬ ‫بومرداس‬ ‫‪20‬‬
‫‪%0.92‬‬ ‫‪4.381.404.82‬‬ ‫األغواط‬ ‫‪21‬‬
‫‪%0.76‬‬ ‫‪3.515.991.56‬‬ ‫المسيلة‬ ‫‪22‬‬
‫‪%0.74‬‬ ‫‪3.421.222.19‬‬ ‫خنشلة‬ ‫‪23‬‬
‫‪%0.70‬‬ ‫‪3.262.083.62‬‬ ‫بسكرة‬ ‫‪24‬‬
‫‪%0.66‬‬ ‫‪3.076.923.08‬‬ ‫تيزي وزو‬ ‫‪25‬‬
‫‪%0.64‬‬ ‫‪2.979.967.78‬‬ ‫غرداية‬ ‫‪26‬‬
‫‪%0.61‬‬ ‫‪3.262.458.66‬‬ ‫معسكر‬ ‫‪27‬‬
‫المصدر‪ :‬إحصائيات شركة "‪ " Salem‬الفترة ‪.2003-1998‬‬

‫إن القطاع الفالحي شهد انتعاشا اقتصاديا حيث حقق حوالي ‪ %19.96‬من نسبة االستثمار اإلجمالي‬
‫الموزع في الجزائر العاصمة وحتى البليدة نسبة‪ %14.11‬والبويرة ب‪ %12.68‬مقارنة بمناطق أخرى التي لم‬
‫تستفد بشكل كبير من هذه االستثمارات كوهران‪ ،‬تلمسان‪ ،‬االغواط وهذا راجع إلى أن هؤالء المستفيدين ذوى‬
‫أراضى فالحيه رعوية وتحتاج إلى تدعيم في هذا المجال باإلضافة إلى أن هذه المناطق التي تتواجد بالقرب من‬
‫المؤسسة الممولة » ‪ «Salem‬بإمكان مراقبتها بصفة مستمرة ‪ .‬وما شجع هذه المؤسسة أو باألحرى شركة «‬
‫»‪Salem‬على تمويل هذه المشروعات هو تجربة وخبرة هؤالء الفالحين في هذا المجال و حسن استغاللهم‬
‫وتسييرهم للعتاد الفالحي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ومن أجل تدعيم وتحفيز شركات التمويل التأجيري اتخذت عدة إجراءات جبائية بإعفاء من‪:‬‬
‫‪ ‬الرسم على القيمة المضافة على التجهيزات المستعملة في شركات التمويل التأجيري‪.‬‬
‫‪ ‬ضرائب على أرباح الشركات‪ ،‬باعتبار أن شركات التمويل التأجيري هي شركات أموال‪.‬‬
‫‪ ‬ضرائب عل ى الدخل اإلجمالي ‪،‬إذا كانت شركات التمويل التأجيري تأخذ شكل شركة فردية‪.‬‬
‫‪ ‬الدفع الجزافي ومن الرسم العقاري لمدة ‪ 20‬سنوات‪.‬‬
‫في األخير يمكن القول أن التمويل عن طريق اإليجار يعتبر بديال أكثر مرونة لطرق التمويل طويلة‬
‫ومتوسطة األجل واستراتيجية جديدة لتغيير العمل البنكي كما يعتبر الركيزة األساسية إلعادة إنعاش االقتصاد‬
‫الوطني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Lettre de formation de la chambre de commerce nº59, 1996, p3.‬‬

‫‪286‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التمويل بتقنية عقد تحويل الفاتورة‬

‫من بين أهم المشاكل التي تعاني منها المؤسسات االقتصادية هي مشكلة تسيير وتحصيل حقوق زبائنها‬
‫وذلك نظ ار لما يكلفها من مال ووقت‪ ،‬ومن اجل التخلص من ذل ك ظهرت عدة تقنيات مستحدثة تساعد هذه‬
‫األخيرة على التخلص من متابعة حقوقها وتحصيلها ومن أهم هذه التقنيات التي جاءت مساندة إلصالحات‬
‫الجهاز البنكي‪ ،‬بإدخال هذه التقنيات في مجال نشاطه نجد عقد تحويل الفاتورة أو الفاكتورنج‪ ،‬والتي سنحاول‬
‫التعرف على التطور التاريخي لها والتعرف على ماهيتها وأهميتها وواقع تطبيقها في الجزائر‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي لنظام عقد تحويل الفاتورة‬

‫يعتبر عقد تحويل الفاتورة ترجمة للمصطلح الفرنسي ''‪ ''affacturage‬وللمصطلح االنجليزي"‪"factoring‬‬
‫بينما يستخدم في المشرق "عقد شراء الحقوق التجارية "وفي الجزائر استعمل مصطلح "عقد تحويل الفاتورة "‪.‬نشأ‬
‫نظام عقد تحويل الفاتورة في انجلت ار في القرن الثامن عشر‪ ،‬ثم انتشر في الواليات المتحدة األمريكية عندما كانت‬
‫مستعمرة بريطانية حيث ظهرت أول مؤسسة عقد تحويل الفاتورة في أمريكا سنة ‪ ،2909‬مع صدور قانون‬
‫‪1‬‬
‫ينظمها‪ ،‬وتطورت في أوروبا مع بداية ‪2690‬م بظهور أول مؤسسة ‪ factor‬في بريطانيا‪.‬‬

‫حيث تعاملت بها المؤسسات األمريكية‪ ،‬كحل عملي لتحصيل الديون المترتبة لها على عمالئها قبل‬
‫استحقاق تلك الديون لما يوفره من سيولة تسهل عملها‪ ،‬بدال من تجميد مبالغ طائلة بانتظار مواعيد استحقاق تلك‬
‫الديون‪ 2 ،‬وهو يعتبر من العقود الحديثة و التقنيات المستحدثة لتمويل المؤسسات االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم عقد تحويل الفاتورة‬

‫ويمكننا إبراز مفهوم عقد تحويل الفاتورة من خالل التعاريف التالية الذكر‪:‬‬

‫التعريف األول‪ :‬عقد تحويل الفاتورة هو تقنية تمويل حقوق قصير المدى ‪،‬حيث تقوم المؤسسة بالتخلي على كل‬
‫حقوقها (الفواتير) إلى شركة عقد تحويل الفاتورة (‪ )factor‬الذي يختلف عن البنك وهي غالبا فرع من بنك كبير‬
‫‪3‬‬
‫تقوم هذه األخيرة بتغطية الفواتير‪ ،‬متابعة المدينين ‪،‬التحصيل وتامين المتابعة القضائية في حالة عدم الدفع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪M.roves .factoring, nouvelle méthode de crédit, collection la vis de l'entreprise 1969, p35.‬‬
‫‪2‬‬
‫مروان كركبي‪ ،‬عقد الفاكتورنغ‪ ،‬المؤتمر العلمي السنوي حول الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية واالقتصادية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬‬
‫ص‪.291‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Merchichi said, problématique de financement des entreprise publique et conséquences sur leur gestion‬‬
‫‪financier, mémoire de magestere dans science de gestion, université d'Alger, Alger 2006/2007, p50.‬‬

‫‪287‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫التعريف الثاني ‪:‬عقد تحويل الفاتورة هو عقد تحل بمقتضاه شركة متخصصة تسمى"عميل " محل زبونها‬
‫المسمى "متنازل له" عندما تسدد فو ار لهذا األخير المبلغ التا م لفاتورة ألجل محدد ناتج عن عقد‪ ،‬وتتكفل بتبعية‬
‫‪1‬‬
‫عدم التسديد وذلك مقابل أجر‪.‬‬

‫التعريف الثالث‪ :‬عقد تحويل الفاتورة هو مجموعة حلول عامة لتسيير المدنيين‪ ،‬حيث يتم تحويل الفواتير إلى‬
‫‪2‬‬
‫مؤسسة متخصصة (‪ )factor‬التي تقوم باإلدارة‪ ،‬المراقبة‪ ،‬تمويل‪ ،‬وتغطية خطر عدم التسديد‪.‬‬

‫ومن خالل كل هذه المفاهيم فان عقد تحويل الفاتورة هو عبارة عن تحويل الحقوق التجارية من أصحابها‬
‫إلى مؤسسة قرض مت خصصة في عقد تحويل الفاتورة التي تتكفل بتحصيله وضمانه في حالة عدم التسديد على‬
‫أن تقوم بتسبيق جزء أوكل الحقوق المحولة‪.‬‬

‫ويعتمد عقد تحويل الفاتورة على ثالث أطراف هم‪:‬المورد‪ ،‬الزبون‪ ،‬الفاكتور ضمن ثالث عمليات ومراحل‬
‫‪3‬‬
‫ابتداء من تحرير الفاتورة إلى غاية تحصيلها أو تغطيتها نهائيا‪.‬‬

‫ويمكن إظهار العالقة بين األطراف الثالثة في إطار عقد تحويل الفاتورة من خالل الشكل‪:‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)1-2‬أطراف وعالقات عقد تحويل الفاتورة‬

‫المورد البائع‬
‫التسديد‬ ‫الطلبية‬

‫تنازل عن الحقوق‬ ‫تسليم وفوترة‬

‫الفاكتور‬ ‫التحصيل‬ ‫المشتري (زبون)‬

‫اإلخطار بالتسديد‬

‫‪2006, p16 mars n°6, srategica, caractéristique, le factoring brèvedescription et principales0Gelles benoi Source:‬‬

‫ومن خالل الشكل أعاله تظهر لنا مراحل سير عقد تحويل الفاتورة كما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫معوش بوعالم‪ ،‬بن طلحة صليحة‪ ،‬دور عقد تحويل الفاتورة في تمويل وتحصيل الديون‪ ،‬مداخلة ضمن ملتقى شلف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫سمير محمد عبد العزيز‪ ،‬اقتصاديات إدارة النقود البنوك في إطار عالمية القرن الحادي والعشرين‪ ،‬مكتب عربي‪ ،‬إسكندرية‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪3‬‬
‫بن طلحة صليحة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪288‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المرحلة األولى‪ :‬تشمل العالقة بين الزبون والمورد‪ ،‬بحيث يتم إرسال طلبيه الشراء من الزبون‪ ،‬ثم إرسال السلع‬
‫أو تقديم الخدمة من المورد‪ ،‬الذي يقوم بتحرير الفاتورة وارسالها إلى الزبون‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬وتشمل العالقة بين المورد والفاكتور‪ ،‬يقوم المورد كزبون له بالتنازل عن حقوق زبائنه لصالحها‬
‫والحصول على تسبيقات أموال بشيك أو بسند ألمر‪ ،‬وبالتالي ضمان حقه من زبائنه‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬تكون العالقة بين الزبون والفاكتور‪ ،‬حيث يقوم الفاكتور بإخطار الزبون على تسديد الحقوق‬
‫لصالحه في تاريخ االستحقاق المحدد مع المورد‪ ،‬وعنده يتم تغطية الحق تماما‪ ،‬إما اخويا أو باللجوء إلى القضاء‬
‫ولكن دون الرجوع إلى المورد‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهمية عقد تحويل الفاتورة‬

‫وتظهر أهمية هذه التقنية بالنسبة للمؤسسة االقتصادية‪ ،‬من خالل الخدمات التي تقدمها مؤسسة الفاكتورنغ‬
‫للمؤسسة كما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تسيير محفظة أوراق الزبائن‬

‫تأخذ المؤسسة المتخصصة في تحويل عقد الفاتورة (‪ )factor‬على عاتقها تسيير حسابات الزبائن من تحصيل‬
‫إدارة ومتابعة الفواتير‪،‬عن طريق تقديم كشف يومي عام ومفصل للتسديدات المحصلة الخاصة بالفواتير وكذا‬
‫التسديدات المتبقية‪.‬‬

‫كما تتولى المؤسسة المتخصصة في عقد تحويل الفاتورة تحرير الفواتير‪ ،‬ومسك محاسبة كل زبون بمتابعة‬
‫التحصيل‪ ،‬وتبرير العمليات الخاصة بالزبائن المشكوك فيهم إن وجدت‪ ،‬وبالتالي تولي الشؤون القانونية والقضائية‬
‫للزبائن وفي مقابل هذه العملية والخدمة يحصل ‪ factor‬على اقتطا عات من عموالت وعلى هذا األساس فهو‬
‫حساب جاري لزبونه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التأمين ضد مخاطر عدم التسديد‬


‫وهي تقنية تامين القرض أو ضمان الحقوق المحولة‪ ،1‬يقوم من خاللها المورد بإبالغ المؤسسة‬
‫المتخصصة في عقد تحويل فاتورة عن نوعية مدينها من خالل تقرير مفصل على مالءة كل زبون لتحديد الحد‬

‫‪1‬‬
‫‪Alexandre coyas, le factoring :ses incidences sur la rentabilité de l'exploitation, mémoire pour le D.E.S.S de‬‬
‫‪finance et fiscalité ,université de paris ,septembre ,1985, p28.‬‬

‫‪289‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫األقصى الذي ال يمكن تجاوزه عند إقراضه‪ ،‬ويساعد هذا التقرير من تقدير المخاطر لتفادي المفاجآت غير‬
‫السارة‪ ،‬وبدورها تقوم المؤسسة المتخصصة في عقد تحويل الفاتورة بدراسة مجانية حول كل زبائن المورد‬
‫المتعامل معها‪ ،‬وفي حاالت كثيرة هي التي تختار الزبائن التي على المورد التعامل معهم والذين يقبلون التعامل‬
‫مع المورد باستعمال عقد تحويل الفاتورة بعد إعالمهم‪ ،‬كل هذا لتفادي الوقوع في زبائن غير قادرين على الدفع‪،‬‬
‫وبالتالي تخفيض إمكانية الوقوع في عدم التسديد‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التمويل المرن للمؤسسة‬

‫يعتبر عقد تحويل الفاتورة أداة تمويل قصير األجل للحقوق مقابل تخليها جزئيا أو كليا على حقوقها تجاه‬
‫زبائنها لصالح المؤسسة المتخصصة في عقد تحويل الفاتورة بسعر تفاوضي يدفع مسبقا حيث يفتح هذا األخير‬
‫خط اعتماد قصير األجل نقدا‪ ،‬أي تسبيق ألجل محدد بناءا على الفواتير الم تنازل عنها ويمكن أن تصل نسبة‬
‫التمويل أو التسبيق إلى ‪ %60‬من الحقوق وهذا بدون سقف محدد القيمة‪ ،‬وال ضمانات إضافية مما يسمح‬
‫للمؤسسة الممولة الحصول على أموال تمكنها من متابعة نشاطها‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية عقد تحويل الفاتورة في الجزائر‬

‫حسب المادة ‪ 112‬مكرر من المرسوم التشريعي رقم ‪ 09/62‬المؤرخ في ‪ 31‬أفريل ‪2662‬م فإن عقد‬
‫تحويل الفاتورة هو عقد تحل بمقتضاه شركة متخصصة‪ ،‬تسمى "وسيط" محل زبونها المسمى "المنتمي" عندما‬
‫تسدد فو ار لهذا األخير المبلغ التام لفاتورة ألجل محدد ناتج عن عقد وتتكفل بتبعة عدم التسديد‪ ،‬وذلك مقابل‬
‫‪1‬‬
‫أجر‪.‬‬

‫من هذا التعريف نستنتج أن عقد تحويل الفاتورة هو إجراء وتقنية مالية لتحويل دائنية تجارية من الفواتير‬
‫المتمثلة في حقوق على الزبائن (ح‪ 122/‬وفقا للنظام المحاسبي المالي) في‪:‬‬

‫‪ -‬أداة تمويل قصيرة مدى لحقوق المؤسسة مقابل تخليها عن الحقوق كليا أو جزئيا بسعر تفاوضي يدفع‬
‫مسبقا‪.‬‬

‫‪ -‬تقنية لضمان وتأمين ضد مخاطر عدم التسديد أو عدم القدرة على الوفاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مبروك حسن‪ ،‬المدونة النقدية والمالية الجزائرية‪ ،‬طبعة األولى‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،3001 ،‬ص‪.296‬‬

‫‪290‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ -‬عملية السترجاع وتسيير حسابات زبائن المؤسسة من قبل البنك المختص (الوكيل) الذي يتحصل على‬
‫ملكية الحقوق باختيار عدد من الزبائن بدقة وبعد تحريات واسعة عن مالءتهم‪.‬‬

‫وبصفة عقد تحويل الفاتورة عقد بين طرفين‪ ،‬فإن أهميته تظهر لكليهما‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬بالنسبة للمؤسسة المتخلية عن الحقوق‬

‫فهي تتخلى كليًا أو جزئيًا من عملية محاسبة الزبائن من تسجيل‪ ،‬وتحصيل‪ ،‬ومتابعة التي تكلفها في‬
‫الوقت والمال‪ ،‬كما يجنبها خطر عدم التسديد‪ ،‬وما ينجر من وراءها من فقدان ألموالها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬بالنسبة للمؤسسة البنكية المختصة في عقد تحويل الفاتورة‬

‫فهي تتلقى عموالت في مقابل ما تتحمله من مخاطر عند تقديم الضمان و متابعة حقوق الزبائن‬
‫(المدينين)‪ .‬وحسب القانون الجزائري البد من توفر شروط لتأهيل الشركات لممارسة عقد تحويل الفاتورة وهذا‬
‫‪1‬‬
‫حسب المواد اآلتية الذكر‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ :0‬تعتبر "محولة الفواتير" التي تقوم في إ طار مهنتها العادية العادة بعمليات تحويل الفواتير حسب‬
‫مفهوم المادة ‪ 112‬مكرر ‪ 21‬من القانون التجاري شركة تجارية تؤسس في شكل شركة مساهمة أو شركة ذات‬
‫مسؤولية محدودة‪ ،‬وتخضع للتشريع والتنظيم المطبقين على الشركات التجارية‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ : 0‬ال يمكن أن تمارس الشركة نشاطها إال بعد حصولها على التأهيل من الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ :2‬يجب أن يقدم طلب التأهيل كتابيا إلى الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ :1‬يجب أن يصحب طلب التأهيل بالمستندات التالية‪:‬‬

‫القانون األساسي للشركة‪.‬‬


‫حصيلة االفتتاح‪ ،‬تستخلص منها أصول فعلية صافية متوفرة‪،‬تخصص لعمليات تحويل الفواتير‪.‬‬
‫وصل التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ :6‬يجب على الشركة المؤهلة أن تقوم بما يلي‪:‬‬

‫تحافظ دائما على الحد األدنى من األصول ا لصافية الفعلية المذكورة أعاله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 222/61‬المؤرخ في ‪ 31‬أكتوبر ‪ ،2661‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ 91‬المؤرخ في ‪ 36‬أكتوبر ‪.2661‬‬

‫‪291‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫ترسل الحصيلة الختامية إلى الو ازرة الكلفة بالمالية‪ ،‬كل سنة مصحوبة بالمعلومات التفصيلية عن‬
‫الوضعية المالية التي تسمح بإثبات أن الشركة تملك الحد األدنى من األصول الصافية الفعلية‬
‫المطلوبة‪.‬‬
‫ومن أجل تفادي سلبيات عقد تحويل الفاتورة خاصة بالنسبة للمؤسسة البنكية المختصة في عقد تحويل‬
‫‪1‬‬
‫الفاتورة‪ ،‬فإن هذه األخيرة تضع عدة شروط حتى تتقبل التعامل مع ذلك المورد (زبونها)‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬قيام المؤسسة البنكية المختصة في عقد تحويل الفاتورة بدراسة مدققة للزبائن (المدينين) قبل التعامل‬
‫معهم‪ ،‬ففي حاال ت كثيرة تختارهم وتقترحهم أو تفرضهم على زبائنها الدائنين أو المؤسسات التي تلجأ لها‪.‬‬

‫‪ -‬وجود سمعة طيبة للمؤسسة المتنازلة عن الحقوق‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون أساس التعامل في الفواتير المقبولة هو نشاط تجاري وانتاجي وليس استثماري ألنه يعتمد على‬
‫فترة قصيرة المدى‪.‬‬

‫‪ -‬ال تقبل كل الفواتير ومهما كانت قيمتها بل يجب وجود حد أدنى لكل فاتورة مقبولة‪.‬‬

‫وتهتم بعقد تحويل الفاتورة كل مؤسسة تعمل على تحسين وسائل تمويل قصيرة المدى وكذا على تسيير‬
‫حساب زبائنها‪ ،‬ونظ ار لألهمية التي يحظى بها عقد تحويل الفاتورة‪ ،‬فإنه يخص كل المؤسسات ذات المهن الحرة‬
‫والمستقلة‪ ،‬بحيث تستجيب هذه التقنية لمتطلبات المؤسسات التي تتميز‪:‬‬

‫‪ ‬بمرحلة نمو مرتفعة‪.‬‬


‫‪ ‬بموسم متطور‪.‬‬
‫‪ ‬بمرحلة استثمار مهمة‪.‬‬
‫‪ ‬بإرادة منح آجال للدفع لزبائنها‪.‬‬
‫‪ ‬بالرغبة في التخلي على تسيير حساب زبائنها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى شروط تأهيل الشركات التي تمارس تحويل الفاتورة‪ ،‬فإنه يمكن لهذه األخيرة تقوم بمجموعة‬
‫‪2‬‬
‫من الخدمات البنكية األخرى وفق إمكانيتها واحتياجاتها منها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫معوشي بوعالم ‪ ،‬بن طلحة صليحة‪ ،‬دور عقد تحويل الفاتورة في تمويل وتحصيل الحقوق‪ ،‬ملتقى شلف ‪ ،3001‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫بوشناقة أحمد ‪،‬بن حمودة محبوب‪ ،‬ضرورة إصالح نضام التمويل البنكي في الجزائر من خالل التقنيات المقننة لعقد تحويل الفاتورة (‪(factoring‬‬
‫واالعتماد االيجاري )‪ ،(leasing‬المؤتمر الوطني حول المنظومة البنكية في ظل التحوالت القانونية واالقتصادية‪ ،‬أيام ‪ 31-31‬أفريل ‪ ،3009‬المركز‬
‫الجامعي بشار‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫تمويل مبيعات المؤسسة بين ‪ %10‬و‪ % 61‬حسب النشاط الممارس‪ ،‬وذلك من مبلغ الفواتير‬
‫المدفوعة للموردين قبل تاريخ االستحقاق‪.‬‬
‫مسك حسابات ودفاتر الزبائن من طرف الشركات التي تمارس عقد تحويل الفاتورة‪ ،‬مع المساهمة في‬
‫تزويد المؤسسات االقتصادية بمعلومات متنوعة منها تجارية تخص السوق‪ ،‬وأخرى إحصائية تخص تطور‬
‫النشاط االقتصادي لقطاع األعمال داخلياً وخارجيا‪.‬‬
‫هذا من الجانب النظري والقانوني‪ ،‬لكن من الجانب الواقعي يمكن ذكر أهم مؤسسة في الج ازئر‪ ،‬يكون‬

‫فيها وجود مؤسسة متخصصة في عقد تحويل الفاتورة لتحصيل مستحقاتها هي مؤسسة سونلغاز‪ .‬تعمل سونلغاز‬
‫دائما على رفع أسعارها لتأمين تمويل استثماراتها التي تساهم في تطوير شبكات إنتاجها وتوزيعها ومواجهة‬
‫الطلب المتزايد‪ ،‬إال أنها تواجه أهم مشكلة وهي تحصيل مستح قاتها حيث أشار المدير التنفيذي للشركة‪ ،‬أنها قد‬
‫بلغت في آخر سنة ‪3001‬م قيمة ‪ 39‬مليار دينار منها ‪ %21‬تابعة لمؤسسات القطاع االقتصادي التي منها ‪2‬‬
‫مليار دينار لم تدفعه مؤسسة المياه‪ ،‬أما اإلدارات فقدرت ديونها بأكثر من ‪1‬مليار دينار أي نسبة ‪ % 31‬والباقي‬
‫ديون الخواص‪ .‬إن عملية محاسبة الحقوق يكلف في المال والوقت لتسييرها‪ ،‬متابعتها‪ ،‬تحصيلها‪ ،‬والمقاضاة في‬
‫حالة الدفع‪ ،‬وهذا يستدعي وجود مؤسسة بنكية مختصة في عقد تحويل الفاتورة للتكفل بالعبء ويمكن سونلغاز‬
‫بالمقابل الحصول على تمويل يساعدها على تطوير شبكات إنتاجها وتوزيعها ومواجهة الطلب المتزايد على‬
‫الكهرباء‪.‬‬

‫ورغم مرور عدة سنوات منذ صدور القانون الذي يقر باستعمال عقد تحويل الفاتورة‪ ،‬إال أنه يبقى األمل‬
‫والتطلع لفتح فروع من مؤسسات أجنبية تمارس عقد تحويل الفاتورة‪ .‬وقد فكرت في ذلك مؤسسة تونسية تدعى‬
‫"‪"Oxi‬التي لها تجربة كبيرة في مجال قرض الزبائن خاصة تسيير المخاطر والتعهدات القرض اإليجاري‪ ،‬عقد‬
‫تحويل الفاتورة‪ ،‬تسيير المتابعات القضائية‪ ،‬تسيير المؤونات‪ ،‬وتهتم ‪ Oxia‬بتسيير التغطية القانونية لحقوق‬
‫الزبائن وكذا وضعت نظام معلومات سواء للقرض اإليجاري‪ ،‬أو لعقد تحويل الفاتورة في عدة دول إفريقية‪ .‬وفي‬
‫مجال التسيير فهي موجودة في مجاالت متعددة صناعية‪ ،‬تجارية للتوزيع والسوق هي تنوي فتح فرع لها في‬
‫الجزائر‪ ،‬ويمكن القول أن القطاع البنكي يحتاج لهذا النوع من الحلول لتحديث نظامه ويكون ضمن المعايير‬
‫‪1‬‬
‫الدولية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫معوشي بوعالم‪ ،‬بن طلحة صليحة‪ ،‬دور عقد تحويل الفاتورة في تمويل وتحصيل الحقوق‪ ،‬ملتقى شلف ‪ ،3001‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التمويل بتقنية رأس المال المخاطر‬

‫تحتاجها المؤسسات خاصة‬ ‫إن مضمون رأس المال المخاطر في اعتباره تقنية تمويلية مستحدثة‬
‫المتوسطة والصغيرة لتغطية احتياجاتها التمويلية‪ ،‬جد ضرورية خاصة في عالم تسوده المنافسة على جميع‬
‫المستويات حيث تعتبر هذه األخيرة ذات أهمية قصوى داخل نسيج االقتصاديات المعاصرة‪ ،‬لما لها أهمية‬
‫جوهرية في تنشيط االقتصاد الكلي‪ ،‬وتحقق التطور الهيكلي والتقدم‪ ،‬زيادة دورها في مجال محاربة البطالة إال أن‬
‫هناك مشاكل تمويلية تعاني منها حيث ال يمكنها اللجوء إلى السوق المالي وذلك لقلة ضماناتها وكذلك ارتفاع‬
‫تكاليف االقتراض وهذا ما يحد من تطورها واستم ارريتها‪ ،‬ونظ ار لألهمية الكبرى لهذه المؤسسات فقد أولت لها‬
‫السلطات المحلية اهتماما خاصا لتمكينها من تعبئة الموارد المالية الالزمة لها ولنشاطها‪ ،‬وذلك من خالل إنشاء‬
‫صناديق االستثمار خاصة هي رأس مال المخاطر التي تعمل على تمويل هذه المؤسسات وفق تقنية مستحدثة‬
‫أال وهي تقنية رأس المال المخاطر التي سنحاول التعرض إلى ماهيتها من خالل معرفة نشأة تقنية رأس المال‬
‫المخاطر وكذا مفهومها باإلضافة إلى أسباب ومراحل التمويل في مؤسسات رأس مال المخاطر وفي األخير‬
‫تشخيص هذه التقنية في الجزائر‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة رأس المال المخاطر‬

‫ظهرت فكرة رأس المال المخاطر بعد الحرب العالمية الثانية عندما عرف العالم وعلى رأسه الواليات‬
‫المتحدة األمريكية أن السبيل إلى التطور االقتصادي هو البحث والتطوير عن طريق إنشاء مؤسسات قادرة على‬
‫استعمال التكنولوجيا علمية وأبحاث متطورة تقوم على وسائل اتصال عالية‪ ،‬مثل صناعة الكمبيوتر وااللكترونيات‬
‫وتكنولوجيا المعلومات التي مخاطرها مرتفعة‪ ،‬وتم إنشاء أول مؤسسة متخصصة في رأس مال مخاطر عام‬
‫‪1‬‬
‫‪2619‬م‪.‬‬

‫وبقيت مؤسسات رأس مال المخاطر دون نشاط يذكر بسبب القيود الجبائية والتنظيمية المحيطة بها إلى‬
‫غاية ‪2616‬م‪ ،‬أين تم إلغاء كل هذه القيود بت خفيض الضرائب على القيمة المضافة‪ ،‬فشهدت مؤسسات رأس مال‬
‫‪2‬‬
‫المخاطر طفرة كبيرة‪ ،‬بلغ بين ‪2616‬م و‪ 2692‬م‪ ،‬حجم مال مستثمر ‪ 3‬مليار دوالر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Vanina paoli-gagin, véronique de Lalande ,le capitale –risque gualino éditeur, paris 2003, p17.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Kamel eddin boutouta, le capitale investissement enjeux et plus perspectives ,édition grand livres ,Alger 2005‬‬
‫‪,p73.‬‬

‫‪294‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫أما في أوروبا فقد عرفت مؤسسات رأس مال المخاطر في تاريخ أحدث‪ ،‬لكنها لقت عناية كبيرة من‬
‫الجماعة األوروبية الت ي أسست في بروكسل عام ‪2692‬م الجمعية األوروبية لرأس مال المخاطر لتطوير حرفة‬
‫رأس المال المخاطر في أوروبا‪ ،‬وحدث فعال تزايد ملحوظ في نشاط مؤسسات رأس مال المخاطر منذ إنشاء هذه‬
‫‪1‬‬
‫الجمعية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم رأس مال المخاطر‬

‫على الرغم من أن تعريف رأس مال المخاطر ليس محل اتفاق في الفكر المالي‪ ،‬إال أن مضمونه في‬
‫اعتباره تقنية تمويلية تحتاجها المؤسسات خاصة المتوسطة والصغيرة لتغطية احتياجاتها التمويلية جد ضرورية‬
‫خاصة في عالم تسوده المنافسة على جميع المستويات‪ ،‬ولذلك سنحاول ذكر بعض التعاريف التي تناولت‬
‫تعريف رأس مال المخاطر‪.‬‬

‫التعريف األول‪ :‬طبقا للتعريف الذي حدده تقرير الجمعية األوروبية لرأس مال المخاطر ‪ EVCA‬والذي رأت فيه‬
‫بأنه كل رأس مال يوظف بواسطة وسيط مالي متخصص‪ ،‬في مشروعات خاصة ذات مخاطر مرتفعة تتميز‬
‫باحتمال نمو قوي‪ ،‬لكنها ال تنطوي في الحال على تيقن بالحصول على دخل أ و التأكد من استرداد رأس مال في‬
‫التاريخ المحدد‪ ،‬وذلك هو مصدر المخاط‪ ،‬أمال في الحصول على فائض قيمة قوي في المستقبل البعيد نسبيا‬
‫‪2‬‬
‫حال إعادة بيع حصة هذه المؤسسات بعد عدة سنوات متأخرة (تعويض المخاطر)‪.‬‬

‫التعريف الثاني‪ :‬هو مشاركة في الخطر‪ ،‬بها مستثمرين في األموال الذين يعملون على مصاحبة مساهمين في‬
‫مؤسسات غير مسعرة في البورصة‪ ،‬في إدارة والتسيير والرقابة على النشاط‪ ،‬لتحقيق فوائض في القيمة المضافة‬
‫‪3‬‬
‫عند التنازل عن حصصهم في البورصة في األجل الطويل‪.‬‬

‫ومنه نستنتج أن رأس مال المخاطر يهدف إلى التغلب على عدم كفاية العرض من رؤوس األموال بشروط‬
‫مالئمة من المؤسسات المالية القائمة‪ ،‬والى توفير التمويل للمؤسسات الجديدة أو عالية المخاطر والتي تتوافر‬
‫لديها إمكانيات نمو وعائد مرتفع‪ ،‬وبذلك يمكن القول أن مؤسسات رأس مال المخاطر تدخل كشريك مستثمر في‬
‫األموال الخاصة‪ ،‬أسهم أو بنسبة رأس مال السندات القابلة للتحويل إلى أسهم‪ ،‬وهو مستعمل في المؤسسات‬

‫‪1‬‬
‫عبد الباسط وفا‪ ،‬مؤسسات رأس مال المخاطر ودورها في تدعيم المشروعات الناشئة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬حلوان ‪ ،3002‬ص‪.1‬‬
‫‪‬‬
‫‪EVCA:européen venture capital risque.‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الباسط وفا‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Kamel elddine boutouta, opp-cit p35-36 .‬‬

‫‪295‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫الصغيرة والمتوسطة أو غير مسعرة في البورصة‪ ،‬تتحمل المخاطر المرتقبة وتهدف إلى تحقيق عوائد مالية‬
‫مرتفعة وغير مؤكدة‪ ،‬كما تدخل شريك في اإلدارة والتسيير‪ ،‬على أن يتنازل عن تلك المشاركة عندما يتأكد من‬
‫إمكانية المؤسسة في تحقيق األرباح أو فائض قيمة سواء ببيع المشاركة أو الدخول في السوق‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب ومراحل التمويل في مؤسسات رأس مال المخاطر‬

‫عادة ما تلجا المؤسسات االقتصادية إلى هذا النوع من التمويل ألسباب مختلفة وخالل فترات مختلفة من‬
‫مراحل تطورها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أسباب التمويل بتقنية رأس مال المخاطر‬

‫وعادة تلجا المؤسسات االقتصادية لهذا النوع من التمويل بسبب‪:‬‬

‫‪ ‬أن التمويل يكون في صورة مشاركة في رأس المال‪ ،‬حيث تعمل هذه المؤسسات المتخصصة في تقديم‬
‫‪1‬‬
‫المشورة والدعم التسيير لها‪.‬‬
‫‪ ‬قدرة تمويل ذاتي غير كافية‪ ،‬وضعف قدرة التفاوض مع المستثمرين واللجوء إلى البنوك‪.‬‬
‫‪ ‬غياب التسعيرة في السوق المالية مع عجز المعلومات على الحكم على الوضعية المالية للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬غياب األصول المادية كضمان للقروض البنكية‪.‬‬
‫‪ ‬االستعداد لتقاسم السلطة مع شركات رأس مال المخاطر والقدرة على النمو وتحقيق المردودية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مراحل التمويل برأس مال المخاطر‬

‫ويلبي رأس مال المخاطر االحتياجات التمويلية للمؤسسات االقتصادية عبر المراحل المختلفة التي تمر‬
‫‪2‬‬
‫بها حيث نجد‪:‬‬

‫‪ .2‬تمويل مرحلة اإلنشاء‪ :‬يتولى رأس مال اإلنشاء توفير الغطاء التمويلي لمشروعات ناشئة أو مبتكرة حيث‬
‫تكون درجة المخاطر مرتفعة‪ ،‬ولديها أمل كبير في التطور‪ ،‬وتنقسم مرحلة رأس مال اإلنشاء إلى مرحلتين‬
‫فرعيتين ‪:‬‬

‫‪ ‬رأس مال ما قبل اإلنشاء أو قبل االنطالق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫منير إبراهيم الهندي‪ ،‬إدارة المخاطر باستخدام التو ريق والمشتقات‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬إسكندرية ‪ ،3009‬ص‪.260‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الباسط وفا‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.91‬‬

‫‪296‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ ‬رأس مال االنطالق‪.‬‬


‫وعموما تتميز مرحلة النشأة‪ ،‬بأنها من أصعب المراحل التي تمر بها المؤسسات من الناحية التمويلية ألنها‬
‫تجمع كل المخاطر وذلك لتعلقها بمشروع يعمل في مستوى أدنى من المرحلة الالزمة للوصول إلى االستغالل‬
‫ومن ثم فإ نه ال يقدم أدنى ضمانات لمموليه ‪،‬ولهذا السبب تكون حاجاته التمويلية غير مقبولة من مؤسسات‬
‫التمويل التقليدية‪ ،‬بحيث تمثل مؤسسات رأس مال المخاطر المصدر المالي الوحيد التي تقبل تمويل هذه‬
‫المرحلة‪.‬‬

‫‪ .0‬رأس مال التطوير (النمو)‪ :‬في هذه المرحلة يمول المؤسسات االقتصادية الناشئة لتحقق نتائج‪ ،‬وتريد بالمقابل‬
‫تطوير قدراتها الداخلية أو الخارجية بالحصول على أموال لرفع القدرات اإلنتاجية أو التسويقية والدخول في‬
‫‪1‬‬
‫أسواق خارجية‪.‬‬
‫‪ .0‬رأس مال التقويم واعادة التدوير‪ :‬ويخص المؤسسات االقتصادية التي تعاني من صعوبات خاصة كنقص‬
‫النشاط‪ ،‬ولكن تتوافر لديها إمكانات ذاتية الستعادة نشاطها‪ ،‬فهي تحتاج إلى دفع مالي جديد لتجتاز الفترة فتلجأ‬
‫إلى مؤسسة رأس مال المخاطر لتساعدها في ترتيب أوضاعها‪ ،‬ولتساعدها في االستقرار في السوق لتحقيق‬
‫مكاسب‪.‬‬
‫ومن خالل كل ما سبق يمكننا القول أن مؤسسات رأس مال المخاطر تعتبر إحدى قنوات التمويل الهامة‬
‫في العصر الحديث‪ ،‬نظ ار لما تقوم به من دور حيوي في تقديم الدعم المالي والفني للمؤسسات االقتصادية‬
‫الواعدة التي تعمل في مجاالت استثمارية عالية المخاطر أمال في تحقيق أرباح رأسمالية ذات معدل مرتفع في‬
‫األجلين المتوسط والطويل‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية رأس مال المخاطر في الجزائر‬

‫تعاني بعض المؤسسات من عدم إمكانية تلبية احتياجاتها المالية‪ ،‬سواء من البنوك التي ال تقدم لها‬
‫قروض لعدم كفاية األموال الخاص ة‪ ،‬أو لعدم وجود ضمانات الالزمة أو من السوق المالي لصعوبة الدخول فيها‪،‬‬
‫خاصة منها المؤسسة الصغيرة والمتوسطة التي لها دور كبير في تكثيف النسيج الصناعي‪ ،‬وخلق مناصب شغل‬
‫وقيمه مضافة‪ ،‬والمشاركة في النمو االقتصادي وتنمية الصادرات‪ ،‬فهي تخص باهتمام السلطات العمومية التي‬
‫‪2‬‬
‫تعمل على مضاعفة إنشاءها ودعم نشاطها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jean lachmann ,capital-risque et capital investissement ,economeca ,paris 1999,p34.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪kamel eddine Bouatonato, op cit,p16-17.‬‬

‫‪297‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫يفتح أسلوب التمويل برأسمال المخاطر أفاقا واعدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪ ،‬حيث أنه‬
‫يعد بديال هاما ألسلوب التمويل البنكي‪ ،‬الذي يعتمد على القروض حيث أن شركات رأسمال المخاطر تقوم‪،‬‬
‫بمشاركة صاحب المشروع أو المؤسسة دون ضمان العائد وال المبلغ األصلي‪ ،‬وهذا النوع من التمويل يناسب‬
‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظ ار النعدام الضمانات في هذه التقنية‪ ،‬كما أن دراسة جدوى المشروع تكون‬
‫أكثر دقة عندما يشترك فيها طرفان مختلفان يتوجب على كل منهما تحقيق الربح‪ ،‬واألساس الذي يقوم عليه هذا‬
‫النوع من الشركات هو مبدأ المشاركة في األرباح والخسائر‪ ،‬وهي تقنية ال تقوم على تقديم األموال الالزمة بل‬
‫‪1‬‬
‫تتعداها إلى تقديم المساعدة إلدارة الشركة بما يحقق استم ار ار المؤسسة وتطورها‪.‬‬

‫ولتجسيد تلك المساعدات وتأطيرها ميدانيا‪ ،‬أنشأنا شركات رأس مال االستثمار في الجزائر بموجب القانون‬
‫‪ 09/22‬المؤرخ في ‪3009/09/31‬م الخاص بشركات رأس مال االستثمار الموجهة خصوصا لتمويل‬
‫المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولتساهم في إرساء قواعد السوق‪ ،‬دون أن يعني عدم إمكانية تمويل مؤسسات‬
‫اقتصادية أخرى في مختلف مراحلها من إنشاء تطوير‪ ،‬تحويل خصوصية‪ ،‬ولممارسة نشاطها تخضع شركات‬
‫رأسمال االستثمار لتصريح من و ازرة المالية بضمان من مسيرها الذين يجب أن يمتازوا باالحترافية وأن تدخل في‬
‫السوق المالية لتكون وتسير القيم المتداولة وبالتالي لرقابة "‪ "COSOB‬مع إمكانية االستفادة من تحفيزات مالية‬
‫كاإلعفاء من الضرائب على األرباح الشركات لمدة ‪ 1‬سنوات‪ ،2‬وتأخذ شركات رأسمال االستثمار شكل شركات‬
‫أسهم برأسمال أدنى محرر ‪ %10‬عند التأسيس وتقوم بتمويل ألعلى الميزانية للمؤسسات االقتصادية بالتمويل‬
‫الضروري لها لحد أقصى‪ ،‬ثم تشغيل إال ‪ %21‬من أموالهم الخاصة واحتياطاتهم للمشاركة في رأس مال نفس‬
‫‪3‬‬
‫المؤسسة‪ ،‬وال تقدم إال في حدود ‪ %20‬من رأس مالها الصافي‪.‬‬

‫بالرغم من أهمية تقنية التمويل عن طريق رأسمال المخاطر فإن االهتمام بهذه التقنية ما يزال ضئيال‬
‫حيث أن نشاط هذه األخيرة يعتبر جد حديث وضعيف‪ ،‬وأول مؤسسة مارست دور رأس مال االستثمار في‬
‫الج ازئر "‪ "Finalep‬المالية الجزائرية األوروبية للمشاركة التي تم إنشاءها في أفريل ‪2662‬م شركة مختلطة ذات‬
‫أسهم متكونة من بنكيين عموميين جزائريين ‪ CPA-BDL‬ومساهمين أوروبيين ‪ AFD‬الوكالة الفرنسية للتنمية‬
‫و‪ BEI‬البنك األوروبي لالستثمار برأس مال ‪ 10‬مليون دج‪ ،‬هدفها تطوير االستثمار في الجزائر بمشاركة‬

‫‪1‬‬
‫السعيد بريش‪ ،‬رأس مال المخاطر كبديل للتمويل المؤسسات صغيرة ومتوسطة‪ ،‬دراسة حالة الجزائر جامعة عنابة أطلع عليه من الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http:// www.Ulum.nl/brebich.pdf‬‬ ‫اطلع عليه يوم ‪3006/02/21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪scud dib, capital risque au mouvement, chronique financière al-watan économie N° 80 de 20au 22 2006, p2.‬‬

‫‪298‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫أوروبية وتأخذ مشاركات في رأس مال االجتماعي للمؤسسات بحيث ال تفوق ‪ %20‬إلى ‪ %30‬حسب حجمها‬
‫واحتياجاتها في مختلف مراحل حياتها‪.‬‬

‫رغم العمل على وجود شركات رأسمال االستثمار كطريقة لتمويل المؤسسات االقتصادية في الجزائر إال‬
‫ألن وجود "‪ "Finalep‬كمؤسسة ماليـة خاضعة لمجلس النقد والقرض‪ ،‬يدخـل في إطار سياسة‬

‫الشراكة األورو جزائرية‪ ،‬حيث لم تمارس وظيفتها بقبول الودائع تقديم القروض وتسيير وسائل الدفع‪.‬‬

‫كما تساهم المؤسسة المالية لالستثمار والمشاركة والتوظيف "‪ "sofinance‬في تمويل المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة‪ ،‬حيث نشأت هذه المؤسسة في ‪ 1‬أفريل ‪3000‬م بالشراكة مع مؤسسة مالية أجنبية برأس مال قدره ‪1‬‬
‫مليار دج‪ 1‬ومن مهام هذه الشركة المساهمة في إنشاء المؤسسات الجديدة في إطار االستثمار األجنبي المباشرة‬
‫نشاطها في التاسع من شهر جانفي ‪3002‬م وهو تاريخ الذي حصلت فيه على االعتماد من بنك الجزائر‪ ،‬ومن‬
‫أهم الوظائف التي تقوم بها مؤسسة" ‪ "sofinance‬ناهيك عن مساهمتها في ترقية وتطوير المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة من خالل المساهمة في عملية تمويلها‪ ،‬ما جاء به المجلس الوطني لمساهمات الدولة المعتمدة في‬
‫‪ 30‬أكتوبر ‪ 3002‬م كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ترك يز نشاط الشركة على القطاع العام وتوسيع تدخالتها في المهام فيما يتعلق بمساعدة المؤسسات في‬
‫عملية الخوصصة وتسيير الموارد العامة التجارية غير المرصودة‪.‬‬
‫‪ -‬تركيز مهام الشركة في دعم وتأهيل وتوفير المؤسسات عن طريق إرشادها ومساندتها في المادة هيكلتها‬
‫المالية واإلست راتيجية (التخصص فتح رأس مال البحث عن الشركة) ويتوفر كل فرض التمويل المالئمة (مساهمة‬
‫رأس مال قروض متوسطة‪ ،‬فإن الكافالت والقروض اإليجارية)‪.‬‬
‫‪ -‬وتظهر أهمية تقنية رأس مال االستثمار في الجزائر من خالل مساهمتها في تطوير المؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوسطة خاصة مع تزايد عددها واحتياجاتها لألموال وقلة الضمانات وعدم إمكانية اللجوء إلى‬
‫البورصة إال أن درجة المنافسة ونقائص النظام الضريبي يضعف من إمكانية جلب رأس مال االستثمار في‬
‫الجزائر والذي يمكن تفعيله بالقضاء على كل هذه الصعوبات من خالل سبل دعم لهذه الشركات والمتمثلة في‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫السعيد بريش‪ ،‬رأس مال المخاطر كبديل للتمويل المؤسسات صغيرة ومتوسطة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫التدع يم غير المباشر لشركات رأسمال االستثمار‪ :‬وهو كل ما يتعلق بالحوافز الضريبية والشروط التنظيمية‬
‫التي تحكم عمل هذه المؤسسات وكذا الجانب التشريعي الذي يخلق بيئة مالئمة لتطورها لذلك يجب أن‬
‫تتميز اللوائح و التنظيمات التي تصدرها الدولة بالبساطة والمعمول إنشاء هذه المؤسسات‪.‬‬
‫التدعيم المباشر‪ :‬من خالل االشتراك في نشاطاتها ويتخذ هذا التدعيم عدة أشكال نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬توفير التمويل مباشر للمشروعات من قبل الدولة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫‪ -‬إنشاء الدولة لصناديق مشتركة أو عامة لرأسمال االستثمار كشكل من أشكال الدعم المباشر لهذا‬
‫النشاط‪.‬‬

‫‪ -‬االستثمار في المؤسسات رأسمال االستثمار الذي تتولى تمويله المؤسسات صغيرة ومتوسطة‪.‬‬

‫‪ -‬دور األعوان الماليين في االقتصاد مثل البنك‪ ،‬المؤسسات المالية شركات التأمين أن تلعب دو ار‬
‫حيويا في تطوير شركات رأس مال استثمار‪.‬‬

‫إن تدعيم الدولة ومساهماتها تؤدي إلى زيا دة فاعلية مؤسسات رأس مال االستثمار لمواجهة الحاجات‬
‫التمويلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي ال يقبل عليها سوق التمويل التقليدي عادة الرتفاع المخاطر وال‬
‫شك أن الموارد المالية لمؤسسات رأس مال االستثمار لن تكفي بمفردها للوفاء بكل هذه الحاجات لذا تعتبر‬
‫مساهمة الدولة دفعة قوية نحو توسيع طاقتها المالية‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المبحث الخامس‪ :‬التمويل بتقنية تمويل المشروع‬

‫عادة ما تكون البيئة التمويلية للمؤسسة االقتصادية غير مشجعة للدخول في مجاالت استثمارية تتيح لها‬
‫فرصة النمو والتوسع‪ ،‬وهذا راجع لقصر المؤسسات المالية في تمويل هذه األخيرة سواء كان ذلك لقلة ضماناتها‬
‫المادية وغير مادية ‪،‬لذلك جاءت تقنية تمويل المشروع "‪ "Project financing‬كأداة تمويلية عملت على تجاوز‬
‫هذه الصعوبات ‪،‬وسنحاول تبيين ذلك من خالل معرفة نشأت تقنية تمويل المشروع و مفهومها باإلضافة إلى‬
‫أسس تقنية تمويل المشروع في األخير تشخيصها القانوني والتطبيقي في الجزائر‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة تقنية تمويل المشروع‬

‫كان أول ظهور لتقنية تمويل المشروع في ‪2636‬م‪ ،‬عندما منح البنك االيطالي "فريسكو‬
‫بلدي""‪ "Frescobaldi‬قرضا لإلمبراطور االنجليزي لتطوير مناجم الفضة من أجل صنع قطع نقدية‪ ،‬بحيث‬
‫يكون للممول الرقابة على استخراجه مدة سنة كاملة مهما كانت نوعية الفضة المستخرجة وأن يتحمل تكلفة‬
‫اإلخراج‪ ،‬دون أن يتحصل على أية ضمانات تخص الكمية أو النوعية المستخرجة‪ ،‬وعليه فتقنية تمويل المشروع‬
‫هي انجوسكسونية‪ ،‬عاودت الظهور في القرن الماضي في الثمانينات مع موجة انسحاب الدولة من النشاط‬
‫االقتصادي لتتطور في الواليات المتحدة األمريكية والمملكة المتحدة من اجل التخفيض من العجز العمومي‬
‫‪1‬‬
‫بانسحاب الدولة من تمويل الخدمات العمومية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم تقنية تمويل المشروع‬

‫تعتبر تقنية تمويل المشروع أداة تمويلية زاد استخدامها في العقدين األخيرين من القرن العشرين ويمكن‬
‫إيضاح مفهومها من خالل التعاريف التالية‪:‬‬

‫التعريف األول‪ :‬تتمثل في تقديم التمويل لوحدة اقتصادية يعتمد المقرض فيه كلية على التوقعات النقدية والعوائد‬
‫المحققة منها‪ ،‬كمصدر يتم سداد القرض منه باإلضافة إلى األصول المملوكة لهذه المؤسسة كضمان لهذا‬
‫المقرض‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Dib said, le Project financing de refait en algerie ,el watan économie n"136du 28janvier au 3 février 2008, p2 .‬‬
‫‪2‬‬
‫رشدي صالح عبد الفتاح صالح‪ ،‬التمويل البنكي للمشروعات‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،3009‬ص‪.291‬‬

‫‪301‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫التعريف الثاني‪ :‬وتعرف مؤسسة التمويل الدولية تقنية تمويل المشروع بأنها أداة لالستثمار تركز على تمويل‬
‫المشروعات الجديدة اعتمادا على التدفقات النقدية واألصول دون الحاجة إلى ضمانات من القائم بالمشروع وبهذه‬
‫الطريقة تنخفض مخاطر تمويل المشروع وتحقق فائدة لكل من القائم على المشروع والمستثمر‪.‬‬

‫وتقنية تمويل المشروعات استخدم في فترات سابقة وفي حدود ضيقة ولنوعية معينة من المشروعات‬
‫كمشروعات المناجم ومصادر الطاقة الرئيسية‪ ،‬وازداد استخدامه لتوفير التمويل‪ ،‬خاصة في األسواق الناشئة‪.‬‬

‫ومن خالل ما سبق نجد أن تقنية تمويل المشروع ترتكز على الحقائق التالية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون المشروع وحدة اقتصادية من حيث الوجود وقائم بذاته‪.‬‬


‫‪ ‬أن يكون االعتماد عند التمويل على ما يحققه المشروع من تدفقات نقدية تساعد على تحقيق الموارد‬
‫الالزمة للسداد‪.‬‬
‫‪ ‬تمويل المشروع يجمع مجموعة مختلفة من المستثمرين والدائنين وأطراف أخرى ليتعاونوا جميعا في‬
‫تحمل التكاليف والمخاطر في ظل توافر الشفافية ووجود أسواق متعددة‪.‬‬
‫‪ ‬وجود مؤسسة مالية مستعدة لمنح األموال الطويلة األجل الالزمة للمشروع من ‪ 21‬إلى ‪ 20‬سنة‪.‬‬
‫‪ ‬التدفقات النقدية هي متوقعة مستقرة‪ ،‬توزع بين الممولين والمساهمين‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الخصائص ال بد من توفر شروط ضرورية لنجاح المشروع والتي تغنى عن الضمانات‬
‫وتتمثل في‪:‬‬

‫دراسة الجدوى التقنية االقتصادية للمشروع لمواجهة المخاطر التكنولوجية واالقتصادية‪.‬‬


‫استم اررية المشروع بوجود مداخيل يجب أن تغطي التكاليف والفوائد على القروض‪.‬‬
‫توفر المادة األولية من حيث الكمية والنوعية خالل فترة االنجاز‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أسس تقنية تمويل المشروع‬

‫وجدت تقنية تمويل المشروع لمقابلة االحتياجات المالية لمشروعات محددة‪ ،‬واستعادة التمويل المقدم لن‬
‫يتحقق إال بالتدفقات النقدية للمشروع وحده‪ ،‬ولكن هناك أطراف أخرى مثل أصحاب حقوق الملكية‪ ،‬حقوق‬

‫‪302‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المستثمرين‪ ،‬حاملي السندات الدائنون والموردون‪ ،‬لذلك يتعدد األفراد والجهات المرتبطين بنجاح المشروع ونشأت‬
‫‪1‬‬
‫ضرورة تحديد أصحاب الحقوق على المشروع وأصوله والعقود المرتبطة به‪ ،‬ويوجد ثالث أنواع رئيسية هي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تمويل المشروع بدون حق الرجوع‬

‫وتعني أن المساهمين في رأس مال المشروع‪ ،‬ودائني المشروع ليس لهم عالقة مباشرة بالقائم على المشروع‪،‬‬
‫ولكن الضمانات ال تزيد عن أصول المشروع‪ ،‬والدائنون يعتمدون على التدفقات المتولدة من المشروع‪ ،‬وال يضمن‬
‫المساهمون من أموالهم الخا صة أية مستحقات أو مديونيات دفع على المشروع عن أطرافه وأنه الضامن الوحيد‬
‫لكل االلتزامات التي تقع عليه‪ ،‬ولذلك يجب أن تتوافر في مثل هذه المشروعات عدة خصائص تجعلها متميزة‪،‬‬
‫وذات درجة أمان عالية يمكن بمقتضاها توفير التمويل لها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تمويل المشروع مع حق الرجوع المحدود‬

‫هو أكثر الصور انتشا ار من حيث التجسيد‪ ،‬وفي هذه الصورة التمويلية يكون االعتماد على سداد‬
‫االلتزامات والديون القائمة والخاصة بالمشروع على التدفقات النقدية المتولدة من النشاط لإلضافة إلى تقديم عدة‬
‫ضمانات أخرى محدودة لضمان حقوق المقرضين للمشروع وتكون غالبا محددة لفترة معينة‪ ،‬يكون بعدها‬
‫المشروع قاد ار على سداد التزاماته مثل ضمان عدم التأخير في التنفيذ‪ ،‬الكفاءة في التشغيل‪ ،‬ضمان وجود‬
‫مستهلكين وأسواق للمنتجات المتولدة عن المشروع‪ ،‬ضمان توفير رأس مال إضافي من المساهمين في حالة‬
‫الحاجة إليه أال تتجاوز القروض نسبة معينة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تمويل المشروع مع حق الرجوع‬

‫يعتمد على مدى كفاءة المؤسسة المنفذة أو القائمة بالمشروع وقوة المركز المالي لكليهما كمصدر لسداد‬
‫التمويل المطلوب‪ ،‬ويهتم المستثمر (المقرض) بالمركز المالي للمشروع وجدواه االقتصادية‪ ،‬وقيمة األصول‬
‫المادية المملوكة له باإلضافة إلى االسم التجاري‪ ،‬ولذلك يكون التمويل مبنيا على أصول الشركة المنفذة وفي‬
‫حالة فشل المشروع فمازال أمام المقرضين والمستثمرين ما يمكنهم الرجوع عليه وبالتالي تكون خسارتهم محدودة‪.‬‬

‫ومن خالل كل ما سبق‪ ،‬يمكننا القول بأن تقنية تمويل المشروع تعتبر ذات أهمية مالية واقتصادية في‬
‫ترقية المشاريع وتوسيعها‪ ،‬لما تعود عليه من مزايا تمويلية على أصحاب المشروع والدائنين له‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رشدي صالح عبد الفتاح‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.296-299‬‬

‫‪303‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تقنية تمويل المشروع في الجزائر‬

‫هذه التقنية قليلة االنتشار في الجزائر وهذا راجع لتعقد اإلجراءات من أجل إصدار هذا النوع من التمويل‬
‫ألنها تحتاج إلى ترتيبات قانونية ومالية أكثر تطورا‪ .‬لكن هذا التعقيد سيسمح من تعديل المشاكل الضخمة التي‬
‫تطرح حاليا على المسرح االقتصادي و بالخصوص مشكل الضمان الذي يختفي هنا‪.‬‬

‫وفيما يخص تمويل المشروع لألجل طويل في مجال الهياكل األساسية وفي التطوير الصناعي و‬
‫الخدمات العامة على أساس بنية مالية تكون تكلفة المشروع ورأس المال المستعمل من اجل تمويل المشروع‬
‫تسدد بفضل التدفق النقدي (‪ ) cash flow‬المتولد عن المشروع‪ .‬تستعمل في العالم كامال على نطاق واسع من‬
‫قبل القطاعات‪ ،‬كما أن هذه التقنية من التمويل تعد أكثر فأكثر شعبية ألن الحكومات تبحث عن مشاركة القطاع‬
‫الخاص في التمويل واستغالل الهياكل األساسية العمومية‪.‬‬

‫أما في الجانب التطبيقي لهذه التقنية نجد أن مؤسسة" سونلغاز"‪ 1‬كانت الرائدة في استعمال هذه التقنية‬
‫وهذا من أجل تطوير استثماراتها‪ ،‬فشرعت هذه األخيرة في إقامة مراكز كهربائية في عدة نقاط من الجزائر من‬
‫أجل مواجهة سوق المنافسة في ميدان الكهرباء‪ ،‬حيث كلفت المؤسسة شركات لتنفيذ واستغالل المشروع الذي‬
‫ترعب في إقامته باستعمال تقنية تمويل المشروع"' ‪" Project financing‬حيث تتكفل شركة المشروع بكل ما‬
‫يتعلق بالعملية في جوانبها المالية والمادية والتقنية‪،‬و ذلك من أجل تمويله من عدة أطراف كخطوة أولى‪ ،‬ثم‬
‫استغالله لفترة محددة كخطوة ثانية‪.‬‬

‫تم في سنة ‪2227‬م إنشاء المؤسسة الوطنية العمومية "كهرباء وغاز الجزائر" المعروفة اختصا ار بالحروف الرامزة "‪ ،"EGA‬التي اسند إليها احتكار‪ ،‬إنتاج‬ ‫‪‬‬

‫الكهرباء ونقلها وتوزيعها‪ ،‬وكذلك توزيع الغاز‪ ،‬وقعت تحت مفعول قانون التأميم الذي أصدرته الدولة الفرنسية سنة ‪.2226‬‬
‫تحولت ‪ EGA‬في سنة ‪ 2262‬إلى سونلغاز "الشركة الوطنية للكهرباء و الغاز" و ما لبثت أن أضحت مؤسسة ذات حجم هام‪ ،‬و كان الهدف المقصود من‬
‫تحويل الشركة إلى شركة وطنية‪ ،‬هو إعطاء المؤسسة قدرات تنظيمية و تسييرية لكي يكون في مقدورها مرافقة و مساندة التنمية االقتصادية للبالد و‬
‫المقصود بوجه خاص هو التنمية الصناعية‪ ،‬و حصول عدد كبير من السكان على الطاقة الكهربائية خاصة اإلنارة الريفية‪،‬و هو مشروع يندرج في‬
‫مخطط التنمية الذي أعدته السلطات العمومية‪ ،‬و قد أوكلت لها المهام التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬إحتكار‪ ،‬إنتاج‪ ،‬نقل‪ ،‬توزيع الطاقة الكهربائية؛‬
‫‪ ‬نقل الغاز الطبيعي عن طريق قنوات عبر كامل التراب الوطني؛‬
‫‪ ‬توزيع الغاز الطبيعي لالستعمال المنزلي و الصناعي عبر كامل التراب الوطني؛‬
‫في ‪ 2222‬م تحولت سونلغاز إلى مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري (‪ ، )EPIC‬إن إعادة النظر في القانون األساسي إذ يثبت للمؤسسة‬
‫مهمة الخدمة العمومية‪ ،‬فانه يطرح ضرورة التسيير االقتصادي و التكفل بالجانب التجاري‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫ومن مبادئ تقنية تمويل المشروع‪ ،‬أن تقوم الشركة المكلفة بالمشروع من حيث اإلنجاز والتشغيل لمدة‬
‫محددة بدراسة كاملة للمشروع من أجل ت حديد تكلفة‪ ،‬مصادر أمواله‪ ،‬وعوائده‪ ،‬وتشتمل تكلفة المشروع مجموع‬
‫التكاليف المتعلقة بعقد اإلنجاز والتطوير‪ ،‬الفوائد خالل مرحلة اإلنجاز‪ ،‬نفقات مالية أخرى‪ ،‬حيث يكون تمويل‬
‫‪1‬‬
‫المشروع من مصدر ين رئيسين‪ ،‬هما‪.‬‬

‫‪ -‬المصدر األول‪ :‬يمثل األموال الخاصة للمشروع الذي يملكه مجموع المساهمين في الشركة والمحدد‬
‫بنسبة ‪ % 20‬من تكلفة المشروع‪.‬‬
‫‪ -‬أما المصدر الثاني‪ :‬فيكون تمويل بنكي بنسبة ‪ % 70‬من أكثر من بنك واحد‪ ،‬يكون أحدهم هو البنك‬
‫الوطن الجزائري الممول لمؤسسة سونلغاز وكموجه للبنوك األخرى باعتباره الضامن والمنظم وماسك الحسابات‪.‬‬
‫ومن بين المشا ريع الذي طبقت فيها تقنية تمويل المشروع‪ .‬نجد مشروع "حجرة النص" المتواجد بشرشال‬
‫والية تيبازة‪ ،‬والذي يعتبر مركز اإلنتاج الطاقة الكهربائية حيث تم إطالق المشروع في أكتوبر ‪1002‬م بطاقة‬
‫تصل إلى ‪ 2117‬ميقاواط‪ 2،‬على ثالث أجزاء كل جزء بحوالي ‪ 200‬ميقاواط‪ ،‬وهذا من خالل ثالث مولدات‬
‫ح اررية غازية‪ ،‬وثالث مولدات ح اررية بخارية‪ ،‬ذلك باعتمادها على الغاز الطبيعي من سونطراك أو على‬
‫المازوت في حالة النجدة‪ ،‬ويقوم بشراء الطاقة المنتجة مجموعة من الشركات ذات األسهم التابعة لسونلغاز وهي‪:‬‬

‫‪ ‬توزيع الجزائر العاصمة (‪.)SDA‬‬


‫‪ ‬سونلغاز توزيع الشرق(‪. )SDC‬‬
‫‪ ‬سونلغاز توزيع الشرق(‪. )SDE‬‬
‫‪ ‬سونلغاز توزيع الغرب(‪.)CDO‬‬
‫وتقوم بإنجاز المركز الكهربائي لحجرة النص "شركة كهرباء حجرة النص ‪ "SKH‬بشرشال وهي الشركة‬
‫ذات أسهم ‪ ،‬وقدرت إجمالي التمويل الالزم لهذا المشروع بـ ‪ 416‬مليون دوالر‪ ،'3‬وتمثل مساهمة شركة المشروع‬
‫‪ SKH‬بـ ‪ % 30‬من تمويل المشروع المقدرة بـ ‪ 124‬مليون دوالر‪ ،‬ويمثل المساهمون في شركة مشروع"حجرة‬
‫النص" ما يلي‪:‬‬

‫شركة الطاقة الجزائرية ‪ AEC‬وهي شركة ذات أسهم بنسبة ‪% 12‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LA CENTRALE électrique de Hadjret Ennous sera livrée en avril 2009 et la station de dessalement de Cap Djinet en‬‬
‫‪octobre 2010, de la fédération, bulletin d’information de la FNTIEG/UGTA .N°40.octobre2008.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nouredine Boutarfa, Président, Directeur général de SONELGAZ, A l’occasion de la signature du parckage‬‬
‫‪contractuel de la centrale de Hadjret Ennouss- NOOR Revue trimestrielle de sonelgAZ ;N 5 Octobre2006 .‬‬

‫‪305‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫الشركة القابضة وهي شركة االستثمارات والمشاركات ‪ SIP‬كشركة ذات أسهم تعتبر فرع لشركة‬
‫سونطراك مكلفة بأخذ مشاركات بنسبة مشاركة ‪.% 20‬‬
‫سونلغاز ‪ SPA‬وهي ‪ SONALGAZ‬شركة ذات أسهم بنسبة مشاركة ‪.%20‬‬
‫)‪ Algerian utilities internationnal limited (AUIL‬وهي شركة ذات مسؤولية محدودة بنسبة‬
‫مشاركة ‪.%72‬‬
‫وقد تم توقيع بروتوكول ألخذ المشاركات في ‪ 24‬فيفري ‪1006‬م‪ ،‬والتوقيع على اتفاقية الشراكة والقوانين‬
‫األساسية في ‪ 22‬جوان ‪1006‬م والتوقيع على كل العقود في ‪ 27‬جويلية ‪1006‬م‪.‬‬

‫أما التمويل ‪ %70‬الباقية من المشروع فتمت من خالل التمويل البنكي الذي يقدربـ ‪ 774‬مليون دوالر‪،‬‬
‫الذي تقوم به البنوك التجارية في مقدمتهم البنك الوطني الجزائري ‪ BNA‬كموجه وبصفته العون المنظم‪ ،‬الضامن‬
‫وماسك الحسابات ومع بنوك أخرى تتشارك معه هي البنك الخارجي الجزائري ‪ BEA‬الصندوق الوطني للتوفير‬
‫واالحتياط ‪.CNEP1‬‬

‫ويقدم التمويل البنكي مع شكل قرض طويل األجل قيمته ‪ 774‬مليون دوالر‪ ،‬وينقسم إلى جزأين أحدهما‬
‫بالدينار واألخر بالعملة الصعبة‪.‬‬

‫الجزء األول ‪ :‬المقيم بالدينار الجزائري‪ ،‬ويكون على شريحتين األول كتسبيق بنسبة ‪ %20‬من المبلغ‪ ،‬أي بما‬
‫قيمته ‪ 1‬مليار دج والباقي ‪ %20‬بتحويل بنكي يدفع حسب تقدم أشغال المشروع‪.‬‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬المقيم بالعملة الصعبة‪ ،‬وهو كذلك على شريحتين األولى كتسبيق أيضا بنسبة ‪ %20‬من المبلغ أي‬
‫بما قيمته ‪ 7774‬مليون دوالر والثانية على شكل اعتماد مستندي بنسبة ‪ %20‬من قيمة المشروع‪.‬‬

‫بعد تحديد مشاركة كل مساهم‪ ،‬وقيمة التمويل البنكي تم في ‪ 20‬أكتوبر ‪1006‬م التوقيع على وثائق‬
‫التمويل‪ ،‬وتم االنتهاء من عملية تمويل المشروع في ‪ 27‬أكتوبر ‪1006‬م‪.‬‬

‫ومن بي ن المشاريع الحديثة التي دخلت فيها مؤسسة سونلغاز مستعملة تقنية تمويل المشروع في تمويلها‪،‬‬
‫بعد نجاح تطبيقها في مشروع" حجرة النص"‪ ،‬مشروعي محطتي توليد الكهرباء بترقا(عين تموشنت)‪ ،‬وكدية‬

‫‪1‬‬
‫‪WWW.SONELGAZ.DZ‬‬ ‫أطلع عليه يوم ‪1441/41/24‬‬

‫‪306‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫الدراوش (الطارف)‪ ،‬حيث تم التوقيع على الوثائق التعاقدية لمشروعي محطتي توليد الكهرباء في ‪ 2‬ماي ‪1004‬‬
‫التي تقدر طاقة كل واحدة منها ‪ 2100‬ميغاواط بحضور وزير الطاقة والمناجم السيد "شكيب خليل"‪ ،‬وممثلي‬
‫عن و ازرة المالية والصناعة والرئيسين المديرين العامين لسونطراك وسونلغاز والرئيسين المديرين العامين للبنك‬
‫الوطني الجزائري والقرض الشعبي الجزائري‪ ،‬حيث تم التوقيع على على إنشاء شركة كهرباء كدية الدراوش‬
‫(شركة ذات أسهم) وشركة كهرباء ترقة (شركة ذات أسهم)‪ ،‬اللتان من شأنهما تعزيز القدرات الوطنية إلنتاج‬
‫الكهرباء في حدود ‪ ،1021‬من خالل تشغيل شبكة وطنية بسعة ‪ 1200‬ميغاواط وهي الطاقة التي تضاف إلى‬
‫‪1‬‬
‫‪ 2100‬ميغاواط الجاري انجازها والتي تنطلق تشغيلها على مدى سنة ‪1002‬م‪.‬‬

‫ويعتبر هذين المشروعين األولين من نوعهما في الجزائر لكونهما سينجزان بمشاركة متعاملين جزائريين‬
‫فحسب كمساهمين‪،‬وهما مجمع سونلغاز وسونطراك‪ .‬حيث أكد السيد" بوطرفة" الرئيس المدير العام لمؤسسة‬
‫سونلغاز‪ ،‬أن هذين المشروعين يتسمان بطابع خاص ألنهما سينجزان دون اللجوء ألي ضمانات من الدولة بما‬
‫أن العقود أبرمت دون ضمانات بتوقيع من فروع التوزيع األربعة لسونلغاز وهي سونلغاز للتوزيع بالجزائر‬
‫العاصمة (شركة ذات أسهم)‪ ،‬وسونلغاز للتوزيع بالشرق(شركة ذات أسهم)‪ ،‬سونلغاز للتوزيع الوسط (شركة ذات‬
‫أسهم)‪ ،‬سونلغاز للتوزيع بالغرب (شركة ذات أسهم)‪.‬‬

‫وتم التوقيع على عقود هذه االستثمارات وكان إجمالي التمويل الالزم من اجل شركة كهرباء كدية‬
‫الدراوش(‪)SKD‬ب ‪ 272‬مليار دج أي حوالي ‪ 177‬مليار دوالر‪،‬ومن اجل شركة الترقة (‪ )SKT‬ب‪ 272‬مليار دج‬
‫أي حوالي ‪ 102‬مليار دج ‪.‬‬

‫‪ -‬وفيما يتعلق بتمويل هذين االستثمارين فكان كما يلي‪:‬‬


‫‪ -7‬فيما يتعلق بشركة (‪ ،)SKD‬التمويل سيكون بمبلغ ‪ 7277‬مليار دج من طرف المساهمين الوحيدين وهما‬
‫مؤسسة سونلغاز ومؤسسة سونطراك‪ ،‬عن طريق عقد مشاركة في رأس المال الشركة‪ ،‬و‪ 21777‬مليار دج ممولة‬
‫من طرف القرص الشعبي الجزائري (‪)CPA‬‬

‫‪1‬‬
‫التوقع على الوثائق التعاقدية لمشروعي محطتي توليد الكهرباء‪،‬أخبار االتحادية‪ :‬مجلة ثالثية تصدر عن االتحادية الوطنية لعمال الصناعات الكهربائية‬
‫والغازية‪ ،‬رقم‪، 9:‬الجزائر‪ ،‬جوان ‪ ،3009‬ص‪.90‬‬

‫‪307‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫‪ -2‬فيما يتعلق بشركة (‪ ،)SKT‬التمويل سيكون بمبلغ ‪ 27‬مليار دج من طرف المساهمين الوحيدين وهما‬
‫مؤسسة سونلغاز وسونطراك عن طريق عقد مشاركة في رأس المال الشركة‪ ،‬و‪221‬مليار دج ممولة من طرف‬
‫لبنك الوطني الجزائري(‪. )BNA‬‬

‫وتمثل مساهمة سونلغاز ‪ 72‬من رأس مال الشركتين في حين مساهمة سونطلراك تمثل ‪ 22‬وهذا ما‬
‫يخول مؤسسة سونلغاز بتسيير الشركتين واإلشراف على المشترين األربعة اللذان يتعامالن مع الشركتين والتابعين‬
‫لها‪ .‬وهذا النوع من التمويل يلزم كل من (‪ ،)SKD( ، )SKT‬بضمان دفع المستحقات التمويلية من خالل عوائد‬
‫المشروعين خالل مدة االستغالل‪ ،‬حيث يتم التسديد الديون دون اللجوء ألموال المساهمين‪ ،‬حيث المخاطر تكون‬
‫موزعة على جميع المتعاملين في المشروع مثل الدولة‪ ،‬المشتركون(الفروع األربعة)‪ ،‬البنوك‪ ،‬التامين‪ ،‬وكذا‬
‫المساهمين للشركتين(‪،)SKD( ،)SKT‬‬

‫‪308‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التحرير المالي وانعكاساته على الميكانيزمات المستحدثة لتمويل االقتصاد الوطني‬

‫خالصة‪:‬‬

‫شرعت الجزائر في تطبيق مجموعة من اإلصالحات االقتصادية منذ بداية عقد التسعينات‪ ،‬من أجل‬
‫تغيير نمط تسيير االقتصاد من االقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق‪ ،‬وتقليل درجة التدخل في االقتصاد وافساح‬
‫المجال للمبادرة الخاصة‪ ،‬ومست اإلصالحات جميع القطاعات االقتصادية‪ ،‬وان اختلفت درجة اإلصالح من‬
‫قطاع آلخر‪ .‬وكغيره من القطاعات‪ ،‬شهد القطاع المالي والبنكي أولى اإلصالحات باعتماد قانون النقد والقرض‬
‫سنة ‪2220‬م‪ ،‬والذي جاء بالشيء الجديد لتمويل االقتصاد الوطني من خالل عملية خلق ميكانيزمات جديدة‬
‫للتمويل‪ ،‬وبالموازاة مع اإلصالحات البنكية شهدت الجزائر عملية إنشاء بورصة للقيم المنقولة لتساهم هي األخرى‬
‫في عملية تمويل المؤسسات سواء كان من خالل فتح رأسمال المؤسسات أو من خالل عمليات إصدار القروض‬
‫السندية‪ ،‬ورغم كل المجهودات المبذولة من طرف السلطات إلرساء فعالية بورصة الجزائر في الواقع التمويلي‬
‫لمختلف المؤسسات‪ ،‬إال أن مؤشراتها تدل على هشاشتها ونقص الكفاءة فيها‪ ،‬باإلضافة إلى احتاللها المراتب‬
‫األخيرة في البورصات العربية وذلك راجع لقلة المؤسسات المدرجة فيها باإلضافة إلى صفة العمومية التي تغلب‬
‫على معظم المؤسسات المدرجة فيها‪.‬‬

‫في ظل هذه التطورات كان ال بد على القطاع المالي والبنكي التكيف مع مستجدات الصناعة المالية‬
‫والبنكية العالمية‪ ،‬وذلك خالل االتجاه نحو مفهوم البنوك الشاملة التي تؤدي الوظائف التقليدية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫استحداث وظائف ضمن التطورات البنكية الحالية من خالل ظهور تقنيات مستحدثة لتمويل المؤسسات‬
‫االقتصادية رغم قلة استعمالها أو وجود أطر تشريعية لتنظيمها فقط‪ ،‬والمتمثلة في تقنيات مستحدثة لتمويل‬
‫المؤسسة منها التمويل ألتأجيري كبديل لتمويل االستثمارات وعقد تحويل الفاتورة لتحصيل حقوقها‪ ،‬وكذلك تقنية‬
‫رأس مال المخاطر التي تمول مؤسسات صغيرة ومتوسطة وأخي ار تقنية تمويل المشروع كبديل للتمويل البنكي‬
‫الذي يتطلب ضمانات‪ .‬حيث عرفت انتشار طفيف لتقنيات التمويل التأجيري وتقنيات رأس المال المخاطر بشكل‬
‫محتشم جدا رغم وجود القاعدة القانونية المنظمة لها‪ ،‬أما تقنية تحويل الفاتورة فهي غير مجسدة على أرض الواقع‬
‫وه ذا لغياب اإلطار القانوني لها‪ ،‬أما تقنية تمويل المشروع فقد تجسدت ميدانيا عن طريق شركة سونلغاز في‬
‫العديد من المشاريع التابعة لها‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫بعد تناولنا لهذا الموضوع المعنون بـ "التحرير المالي وانعكاساته على المنظومة البنكية الجزائرية" والذي‬
‫حاولنا االحاطة بكل جوانبه من خالل الفصول االربعة السالف ذكرها‪ ،‬حيث توصلنا إلى مجموعة من النتائج‬
‫التي بواسطتها يمكننا اإلجابة عن اإلشكالية العامة‪ ،‬األسئلة الفرعية واختبار صحة الفرضيات من عدمها‪.‬‬
‫حيث تشكل المنظومة البنكية جزءا هاما من النسيج االقتصادي ككل تتأثر به وتؤثر فيه‪ ،‬واذا كان انتشار‬
‫ظاهرة العولمة قد ترك آثا ار بعيدة المدى على مختلف األنشطة االقتصادية‪ ،‬فإن إعادة صياغة العالقات‬
‫االقتصادية على النحو الذي فرضته العولمة قد فرض الكثير من التحديات السيما أمام األنشطة المالية والبنكية‪،‬‬
‫والتي تمثلت أهم مالمحها في االتجاه المتزايد نحو التحرر من القيود وازالة المعوقات التشريعية والتنظيمية التي‬
‫كانت تحول دون انطالق الخدمات البنكي ة آلفاق أكثر رحابة وهذا ما مثل تغي ار في طبيعة الوساطة البنكية‪ ،‬كما‬
‫يعد التقدم التكنولوجي من أهم العناصر التي ساهمت في تفسير مالمح الخريطة البنكية الدولية‪ ،‬حيث ساهم في‬
‫تحول عدد كبير من البنوك إلى المعامالت اإللكترونية وتوسعت هذه البنوك في استخدام التجارة اإللكترونية‬
‫وتقديم الخدمات البنكية المتطورة‪ ،‬مما أحدث تغيي ار في أنماط العمل البنكي على النحو الذي بات يهدد الشكل‬
‫التقليدي للبنك‪.‬‬

‫وقد ساهمت المؤسسات الدولية بدورها في تغيير طبيعة العمل البنكي من خالل المعايير والقواعد البنكي ة‬
‫والمالية الجديدة للجنة بازل في مجالي الرقابة البنكية وكفاية رأس المال‪ ،‬والتي شكلت ضغوطا جديدة على‬
‫البنوك في مجال تدعيم وتقوية نظامها المالي‪ ،‬ناهيك عن اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية التي جاء في‬
‫إطار تكثيف الجهود الدولية لتحرير تجارة الخدمات المالية تحت مظلة المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫وكغيرها من دول العالم النامي‪ ،‬يتسم النظام المالي الجزائري بأنه نظام تمويل موجه نحو البنوك يغلب‬
‫عليه التمويل المباشر وهذا هو اقتصاد االستدانة‪ ،‬ونظ ار لما أظهره هذا النمط التمويلي من مشاكل قامت الجزائر‬
‫بإصالح مالي وبنكي لزيادة االعتماد على قوى السوق والحوافز الخاصة في مجال الوساطة المالية لتبني سياسة‬
‫التحرر المالي والتخلص من كل أشكال الكبح المالي‪.‬‬

‫وبالرغم من اإلصالحات المطبقة‪ ،‬فقد كانت البنوك الجزائري ة تفتقد إلى الخبرة للنهوض باألعمال البنكية‬
‫التي تتميز بالفاعلية‪ ،‬وفي سياق تحول الجزائر إلى اقتصاد السوق رأت السلطات نفسها مدعوة أكثر إلى إعادة‬
‫تنظيم هياكلها االقتصادية‪ ،‬وقد قطع الجهاز البنكي عدة أشواط انطالقا من االستقالل‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫ففي المرحلة األولى ‪2693‬م‪2691-‬م تميز الجهاز البنكي بعمليات التأميم واسترجاع السيادة النقدية حيث‬
‫إبتداءا من سنة ‪2612‬م أدخلت إصالحات جذرية تتمحور حول تعريف محكم للعالقة مع القطاع العام في إطار‬
‫التخطيط المركزي‪ ،‬و بالفعل أصبح الجهاز البنكي أداة في يد الدولة لتمويل المؤسسات العمومية من خالل منح‬
‫قروض قصيرة ومتوسطة األجل بأسعار فائدة ال عالقة لها بقانون العرض والطلب‪.‬‬

‫وفي المرحلة الثانية ‪2699‬م إلى غاية اليوم‪ ،‬تعاقبت عدة إصالحات سنة ‪2699‬م‪ ،‬ثم قانون استقاللية‬
‫المؤسسات العمومية ‪2699‬م‪ ،‬ومنه يمكن القول أن المنظومة البنكية الجزائرية عرفت قوانين إصالحية عديدة في‬
‫الفترة االشتراكية إال أنها لم تؤدي إلى تفعيل أداءها بسبب التداخل في الصالحيات بين الدوائر النقدية والمالية‬
‫والحقيقية‪ .‬حيث تماشيا والنظام االقتصادي االشتراكي الذي تبنته الجزائر بعد االستقالل لم يكن للمؤسسات‬
‫البنكية والمالية دو ار بار از في تحقيق التنمية االقتصادية المرجوة وانما كانت أداة لتنفيذ مخططات الدولة المبنية‬
‫على التسيير المركزي لق اررات االقتصاد الوطني ومركزية ق اررات االستثمار والتي تعتبر من صالحيات جهاز‬
‫التخطيط وبتطبيق مجموع اإلجراءات‪ ،‬أصبحت البنوك مجرد صناديق تمر من خاللها األموال من الخزينة إلى‬
‫المؤسسات العمومية دون تدخل البنوك في ذلك‪ ،‬ورغم اإلصالحات االقتصادية المتتالية لسنة ‪2612‬م‪،‬‬
‫‪2699‬م‪2699 ،‬م التي قامت بها الدولة إال أن فعالية أداء هذه المنظومة كان سلبيا وكان يتصف بالمميزات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ ‬سيطرة الخزينة العمومية على النظام المالي الجزائري وهذا ارجع لعدم وجود قانون بنكي موحد يحدد‬
‫ويوضح العالقة بين البنوك والبنك المركزي والخزينة العامة وبالتالي ساد التناقض والتداخل في الصالحيات بين‬
‫هذه األطراف‪.‬‬
‫‪ ‬غياب دور البنك المركزي وعدم قيامه بمهامه الرئيسية كبنك للبنوك‪ ،‬واقتصار دوره في إعادة تمويل‬
‫الخزينة والبنوك التجارية دون توجيه أو رقابة على تداولها في السوق ومعنى ذلك عدم تمتعه باالستقاللية في‬
‫ممارسة سلطته النقدية في إدارة السياسة النقدية‪.‬‬
‫‪ ‬كانت البنوك عبارة عن صناديق توفر السيولة الالزمة لتمويل المؤسسات العمومية واستثمارات الدولة‪،‬‬
‫وعليه غاب هدف المردودية المالي ة لهذه البنوك وغابت الوظيفة األساسية للبنوك وهي الوساطة المالية‪.‬‬
‫‪ ‬غياب سلطة القرار على منح القروض للبنوك وغياب محفزاتها في تجميع الموارد‪.‬‬
‫‪ ‬غياب المنافسة الحقيقية بين البنوك نتيجة التخصص حيث كانت كل مؤسسة بنكية العمومية تختص‬
‫في تمويل قطاع معين مثل الصندوق الوطني للتوفير واالحتياط كان مختصا في تمويل قروض السكن‪،‬البنك‬

‫‪312‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫الوطني الجزائري كان مختصا في تمويل استثمارات المؤسسات االقتصادية‪ ،‬بنك الفالحة والتنمية الريفية كان‬
‫يختص في تمويل القطاع الفالحي‪.‬‬
‫‪ -‬غياب القرض البنكي في تمويل المؤسسات وتكفل الخزينة بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبار التسبيقات التي تمنحها الخزينة للمؤسسات العمومية بمثابة هبات‪.‬‬
‫‪ -‬اقتصار دور البنوك على توزيع الموارد المالية المتاحة على المؤسسات العمومية الموجودة وفقا لقائمة‬
‫تعدها و ازرة المالية‪.‬‬
‫وبعدها جاء قانون النقد والقرض الصادر في‪2660 /01/21‬م الذي يعتبر إطا ار تشريعيا ودعامة أساسية‬
‫للتوفيق بين أجهزة اإلنتاج وتحقيق نجاعة أداء المؤسسات البنكية الجزائرية في ممارسة السياسة التمويلية‪ ،‬وحدد‬
‫دور النظام البنكي في التنظيم الجديد لالقتصاد الوطني‪ ،‬وعليه هذا القانون يشكل األساس الالزم للتنظيم النقدي‬
‫لالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫إال أنه يمكن القول أن الغاية من قانون رقم ‪ 20/60‬قد أصبحت غير واضحة بسبب االختالف الملحوظ‬
‫بين معايير االقتصاد المالي للسوق والسلوك البنكي الناتج عن بنوكنا‪ ،‬فهذه األخيرة غير قادرة لالستجابة للشروط‬
‫العادية للنشاط‪ ،‬مما أدى إلى تعزيزه بقوانين أخرى من خالل األمر‪ 02/02‬الصادر في ‪ 31‬فيفري ‪3002‬م‪،‬‬
‫واألمر ‪ 22/02‬الصادر في ‪ 39‬أوت ‪3002‬م وآخرها األمر ‪ 01/20‬الصادر في ‪ 39‬أوت ‪3020‬م وهذا سعيا‬
‫لتحقيق المعايير العالمية خاصة أن االقتصاد الوطني سيواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة‪.‬‬

‫ومن هنا فقد أضحى لزاما على البنوك الجزائرية مواجهة تلك التحديات باتخاذ الخطوات المالئمة التي‬
‫تساعدها على االنخراط في االقتصاد العالمي بتحوالته وتغيراته المتزايدة والمستمرة للوقوف على قدم المساواة مع‬
‫البنوك العالمية‪ ،‬وذلك من خالل إعادة صياغة استراتيجياتها وانتهاج سياسات أكثر تطو ار وشموال بهدف التكيف‬
‫مع االتجاهات اإلبداعية في العمل البنكي الدولي‪ ،‬وتطوير جودة الخدمة البنكية ورفع كفاءة األداء مما يعزز‬
‫قدراتها التنافسية‪ ،‬وتتمثل أهم محاور هذه اإلستراتيجية في التحول إلى البنوك الشاملة ذات الخدمات المتنوعة‪،‬‬
‫والعمل على تقديم أنشطة تمويلية مبتكرة مثل التمويل التأجيري‪ ،‬التمويل برأس ال مال المخاطر‪ ،‬التمويل عن‬
‫طريق عقد تحويل الفاتورة وتقنية تمويل المشروع‪ ،‬عالوة على تعميق استخدام التكنولوجيا في العمل البنكي‬
‫وتقوية قاعدة رأسمال البنوك من خالل زيادة عمليات االندماج بينها‪ ،‬وال شك أن نجاح البنوك في تنفيذ‬
‫استراتيجيات التطوير بكفاءة وفاعلية هو أ مر مرهون من جهة بتوفير كوادر بشرية عالية التأهيل معززة بتقنيات‬
‫بنكية معاصرة‪ ،‬ومن جهة أخرى بتبني المفهوم الحديث للتسويق البنكي كأحد ركائز هذه اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫‪ .1‬اختبار الفرضيات‪:‬‬
‫ومن خالل ما سبق يمكننا اختبار صحة الفرضيات من عدمها كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الفرضـــية األولـــى‪ :‬تعتب ــر المب ــادئ الت ــي تعم ــل عليه ــا مؤسس ــات العولم ــة االقتص ــادية سـ ـواء ف ــي الجان ــب‬
‫النقــدي‪ ،‬المــالي والتجــاري فــي إطــار العالقــة التكامليــة‪ ،‬مــن أهــم العوامــل التــي فرضــت وســرعت مــن وتي ـرة تطبيــق‬
‫سياسات التحرير المالي في دول العالم‪.‬‬

‫وهي صحيحة‪ ،‬بحيث أدى التطور الذي شهده العالم إلى عولمة النشاط االقتصادي‪ ،‬والغاء مختلف القيود‬
‫على التجارة الخارجية‪ ،‬وحركة رؤوس األموال واالستثمارات‪ ،‬والتوحيد في السياسات النقدية والمالية والتطور في‬
‫نظم االتصاالت والمعلومات جعل العالم المترامي األطراف كأنه كيان واحد تحكمه قوانين تعتمد على قوى السوق‬
‫االقتصاد ية وتعتبر المؤسسات الداعمة لها المتمثلة في كل من البنك العالمي‪ ،‬وصندوق النقد الدولي والمنظمة‬
‫العالمية للتجارة من أهم الدعائم األساسية التي يقوم عليها النظام االقتصادي الجديد‪ ،‬وذلك للدور التسييري الذي‬
‫تقوم به إلعادة تنظيم العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬وذلك م ن خالل البرامج التي تعمل على تنفيذها في مختلف‬
‫الدول األعضاء وهذا لتسريع وتيرة اندماجها في االقتصاد العالمي من خالل فرض سياسات التحرير المالي‪.‬‬

‫الفرضية الثانية‪ :‬مسيرة إصالح المنظومة البنكية الجزائرية عرفت تطو ار نوعيا في الفترة (‪2660‬م‪3021 -‬م)‬
‫لكونها عرفت إصدار العديد من القوانين االقتصادية والبنكية والتي كان لها انعكاس ايجابي في تطوير أداء‬
‫النظام البنكي الجزائري‪.‬‬

‫هذه الفرضية صحيحة في شطرها األول‪ ،‬حيث يعتبر صدور القانون المتعلق بالنقد والقرض بتاريخ‬
‫‪2660/01/21‬م والتعديالت الالحقة له بمثابة الوثبة النوعية في تجسيد عملية اإلصالحات االقتصادية التي‬
‫وضعتها الجزائر لالنتقال من اقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق‪ ،‬حيث جاء قانون النقد والقرض إلصالح‬
‫الجهاز البنكي واعطاء المهام الحقيقية لكل من الخزينة العمومية‪ ،‬البنك المركزي والبنوك التجارية‪ ،‬وكذا تحديد‬
‫العالقة بصفة واضحة بين مختلف الفاعلين في النظام البنكي والمالي‪ ،‬ويعتبر إصالح النظام البنكي من أهم‬
‫مشاريع اإلصالح الجاري مباشرتها في الجزائر ضمن مجموعة اإلصالحات االقتصادية األخرى وتستمد عملية‬
‫اإلصالح البنك ي أهميتها كون القطاع البنكي يشكل احد أهم العوامل التي تحدد مستقبل العالقات االقتصادية‬
‫بين الجزائر وشركائها االقتصاديين‪ ،‬فالعمل البنك ي لم يعد محصو ار في نطاق ضيق التطبيق بين مجموعة من‬

‫‪314‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫المتعاملين‪ ،‬بل أصبح قطاعا يؤثر في سلوكيات األفراد والمؤسسات والمنظمات على اختالفها وهو يسعى لتوفير‬
‫الظروف المالئمة التي تسمح لالقتصاد بالتطور والنمو وتحقيق االستقرار الضروري إلحداث التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫ومن أهم النقاط التي تضمنها قانون النقد والقرض‪ ،‬هو إحداث عالقة جديدة بين مكونات المنظومة‬
‫البنك ية من جهة‪ ،‬وبين المؤسسات االقتصادية العمومية من جهة أخرى‪ ،‬حيث أصبحت البنوك بموجب‬
‫القانون تضطلع بدور مهم ف ي الوساطة المالية سواء من خالل جمع الودائع وتعبئتها‪ ،‬أو في مجال منح‬
‫القروض وتمويلها لمختلف االستثمارات‪ ،‬وبهذا جاء قانون النقد والقرض بمجموعة من التدابير نذكر أهمها‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تعديل مهام البنوك العمومية لزيادة فعاليتها في النشاط البنكي‪ ،‬بقيامها بالوساطة المالية في تمويل‬
‫االقتصاد الوطني‪ ،‬وذلك بإلغاء التخصص في النشاط البنكي‪ ،‬وتشجيع البنوك على تقديم منتجات وخدمات بنكية‬
‫جديدة‪ ،‬ودخول األسواق المالية ومواجهة المنافسة نتيجة انفتاح السوق البنكية على القطاع البنكي الخاص‬
‫الوطني واألجنبي‪.‬‬
‫‪ -‬اعتالء البنك المركزي الجزائري الذي أصبح يسمى "بنك الجزائر" هرم السلطة النقدية‪ ،‬واعتباره سلطة‬
‫نقدية حقيقية مستقلة عن السلطات المالية‪ ،‬حيث يتولى إدارة وتوجيه السياسة النقدية في البالد‪ ،‬إلى جانب إعادة‬
‫تنظيمه‪ ،‬وذلك بظهور هيئات جديدة تتولى تسيير البنك وادارته ومراقبته‪.‬‬
‫‪ -‬تعديل دور السوق البنكية في التنمية وتمويل االقتصاد الوطني وفتحه أمام البنوك الخاصة والبنوك‬
‫األجنبية لمزاولة أنشطتها البنكية‪.‬‬
‫‪ -‬إبعاد الخزينة عن منح القروض للمؤسسات العمومية‪ ،‬وبالتالي تخليها على التسيير المركزي للموارد‬
‫المالية‪ ،‬مع وضع حد لعجز الخزينة وتمويل الدين العمومي بتسبيقات من بنك الجزائر‪ ،‬والقيام بدفع كل‬
‫ديونها السابقة في اجل أقصاه ‪ 21‬سنة‪ ،‬وال يمكن لبنك الجزائر تقديم قروض بأكثر من ‪ %20‬من الموارد‬
‫العادية للدولة للسنة السابقة لتمويل االستثمارات العمومية‪.‬‬
‫أما في شطرها الثاني فهي غير صحيحة‪ ،‬حيث ايجابية قانون النقد والقرض لم تكن مطلقة بل هي‬
‫نسبية‪ ،‬وهذا راجع إلى إفالس بنك الخليفة والبنك الصناعي والتجاري والتي تعد بمثابة الصدمة واالنتكاسة التي‬
‫شهدها القطاع البنكي الخاص في الجزائر‪ ،‬ففي الوقت الذي ظهرت فيه بوادر تحرير السوق البنكي والمنافسة‬
‫وبدأت البنوك الخاصة الوطنية واألجنبية تتموقع تدريجيا وتحتل مساحة معقولة وبدأت حصتها السوقية في النمو‬
‫حيث بلغت ‪%21‬عام ‪1001‬م‪ ،‬وظهرت عالمات التفاؤل على المتعاملين االقتصاديين جاء اإلعالن عن إفالس‬

‫‪315‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫البنكين المذكورين ليعيد الوضع إلى نقطة البداية‪ ،‬فشهدت الساحة البنكية الجزائرية تراجعا‪ ،‬وتزعزعت ثقة‬
‫ا لجمهور والمتعاملين االقتصاديين في القطاع البنكي الخاص الوطني واألجنبي بشكل عام‪ ،‬وعاد األمر إلى‬
‫سابق عهده بهيمنة البنوك العمومية على النشاط البنكي وتراجعت المنافسة في السوق البنكي الجزائري‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن القوانين المنظمة للجهاز البنكي تتميز بالغموض وتداخل الصالحيات بين مختلف البنوك كما‬
‫تتميز هذه األخيرة بضعفها من حيث الرأسمال والتعقيدات في إجراءاتها البيروقراطية ومحدودية دورها في تمويل‬
‫االستثمارات ولعل المعضلة التي تواجه الجهاز البنكي الجزائري تتمثل في غياب الشفافية في معامالتها مما‬
‫يطرح الكثير من التساؤالت حول أنشطتها في مواجهة الغير‪.‬‬

‫الفرضـــية الثالثـــة‪ :‬ارتبطــت فعاليــة السياس ــة النقديــة فــي الج ازئ ــر بتطبيــق سياســات التحري ــر المــالي والبنك ــي‬
‫المفروضة من طرف صندوق النقد الدولي‪ ،‬الذي فرض مجموعة من الب ارمج أثرت على مسارها ‪.‬‬

‫هذه الفرضية خاطئة‪،‬حيث شهد عقد الثمانينات والتسعينات تغيرات عديدة في البنية االقتصادية‬
‫الجزائرية‪ ،‬فقد عانى االقتصاد الجزائري من تدنى معدل النمو االقتصادي فعرف نمو ضعيف للناتج الداخلي‬
‫الخام ‪% 0.9‬سنة ‪2660‬م‪ ،‬وارتفاع معدالت التضخم حيث وصل إلى ‪ %36001‬و‪ %36019‬في سنة ‪2661‬م‬
‫و‪2661‬م على التوالي‪ ،‬باإلضافة إلى ارتفاع معدالت البطالة لتصل إلى ‪%3301‬و ‪ %26019‬و‪ %31029‬في‬
‫سنة ‪2691‬م و‪2660‬م و‪2661‬م على التوالي‪ ،‬باإلضافة إلى تدهور الخدمات العامة للدولة وتفاقم عجز ميزان‬
‫المدفوعات وارتفاع حجم المديونية الخارجية‪ .‬حيث بدأت الجزائر في انتهاج سياسة إصالحية اقتصادية مست‬
‫بشكل كبير الجانب المالي للدولة وهذا بعد استفحال األزمة االقتصادية لعام ‪2699‬م التي أثرت في تدهور‬
‫الوضعية االقتصادية‪ ،‬وهذا ما دفع بالسلطات العمومية الجزائرية وألول مرة للتعامل مع المؤسسات النقد الدولية‬
‫(صندوق النقد الدولي) سنة ‪2696‬م‪ ،‬وابتداء من هذا التاريخ عقدت الجزائر عدة اتفاقيات تثبيت وتوجهت في‬
‫األخير لبرنامج التعديل الهيكلي والذي بدوره اثر بشكل مباشر على مسار السياسة النقدية‪ ،‬وخالل هذه المرحلة‬
‫تم صدور قانون النقد والقرض‪ ،‬حيث حدثت نقطة تحول هامة في هذه األخيرة بحيث وضع االستقرار النقدي في‬
‫صدارة األولويات‪ ،‬وكرس البنك المركزي الذي أصبح "بنك الجزائر" كمؤسسة مستقلة فقد وضع هذا القانون‬
‫النظام البنكي على مسار تطور جديد‪ ،‬يتميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة المالية‪ ،‬وابراز دور النقود والسياسة‬
‫النقدية‪ .‬فتأسس بالتالي نظام البنكي ذو مستويين بعد أن كان ذا مستوى واحد ألن الحدود بين الدارة البنكية‬
‫والدائرة الموازنتية كانت واهية‪ .‬كما أبعد هذا القانون كل تدخل إداري في القطاع البنكي‪ .‬وأرجع للبنك المركزي‬
‫كل صالحياته في تسيير النقد والقرض في استقاللية تامة‪ .‬كما كرس إعادة االعتبار للبنوك كأعوان اقتصادية‬

‫‪316‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫مستقلة‪ .‬ووضع قيودا على مدى تأثير السياسة الجبائية على النقد وذلك بعزل دائرة موازنة الدولة عن الدائرة‬
‫النقدية‪ .‬أما بخصوص فعالية السياسة النقدية فنجد أنها قد استطاعت تحقيق مستويات مقبولة من استقرار‬
‫األسعار أما األهداف األخرى فنجد أن السياسة النقدية قد عجزت عن ذلك فالمالحظ أن قطاع المحروقات ال‬
‫يزال يحدد مسار النمو االقتصادي والتشغيل في الجزائر إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬كما أن استقرار‬
‫ميزان المدفوعات ال يزال رهينة تقلبات أسعار البترول في األسواق الدولية‪ ،‬لذلك فإن أي تغير في هذا األخير‬
‫يستجيب له وبسرعة فائقة رصيد ميزان المدفوعات‪.‬‬

‫الفرضية الرابعة‪ :‬سمح انفتاح وتحرير السوق البنكي الجزائري من ظهور أما بخصوص تحقيق األهداف‬
‫األخرى فنجد أن السياسة النقدية قد عجزت عن ذلك فالمالحظ أن قطاع المحروقات ال يزال يحدد مسار النمو‬
‫االقتصادي والتشغيل في الجزائر إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬كما أن استقرار ميزان المدفوعات ال يزال‬
‫رهينة تقلبات أسعار البترول في األسواق الدولية‪ ،‬لذلك فإن أي تغير في هذا األخير يستجيب له وبسرعة فائقة‬
‫رصيد ميزان المدفوعات‪.‬‬

‫بتطبيق التقنيات‬ ‫تحديات بوادر المنافسة وحفز البنوك على إدخال تكنولوجيا الصناعة البنكية واالهتمام‬
‫المستحدثة للتمويل البنكي‪.‬‬

‫هذه الفرضية غير صحيحة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى واقع السوق البنكية الج ازئرية‪ ،‬بحيث لم يسمح تحرير السوق‬
‫البنكية من بروز المنافسة بين البنوك‪ ،‬وذلك راجع من جهة لهيمنة البنوك العمومية وتمتعها بمزايا احتكارية في‬
‫السوق‪ ،‬ومن جهة ثانية يعود إلى تعثر وفشل تجربة القطاع البنكي الخاص بالجزائر‪ ،‬رغم بقاء بعض البنوك‬
‫الخاصة األجنبية في السوق‪ ،‬وبالتالي لم ينعكس هذا الوضع على تطوير الخدمات البنكية وادخال تكنولوجيا‬
‫الصناعة البنكية على غرار ما حصل في كثير من الدول‪.‬‬

‫‪ .0‬نتائج البحث‪:‬‬
‫وعلى ضوء هذه الدراسة توصلنا إلى مجموعة من النتائج محاولين اإلجابة على اإلشكالية وعلى مختلف‬
‫التساؤالت الفرعية‪:‬‬

‫‪ -‬ساهمت المتغيرات االقتصادية الدولية وعلى رأسها العولمة االقتصادية والمؤسسات الداعمة لها إلى انتهاج‬
‫سياسات التحرير المالي والبنكي من طرف الدول التي تعرف مرحلة انتقالية إلى اقتصاد السوق وهذا من‬
‫خالل القيود التي وضعها على هذه الدول لالندماج في االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫‪ -‬إن التحرير المالي يطرح مزيدا من الفرص كما يطرح مزيدا من التحديات‪ ،‬وذلك ألن االنفتاح على األسواق‬
‫العالمية يؤدي إلى رفع كفاءة القطاع المالي وانخفاض تكلفة التمويل وارتفاع االحتياطات األجنبية‪ ،‬ولكنه في‬
‫الوقت نفسه يجعل الدولة معرضة إلى جملة من المخاطر تتمثل في التدفقات الرأسمالية المزعزعة لالستقرار‬
‫وتعرض الجهاز البنكي المحلي لألزمات ودخول األموال القذرة‪.‬‬
‫‪ -‬شهد القطاع المالي على مستوى العالم جملة من التطورات المتواصلة والسريعة والمتالحقة أدت إلى تنامي‬
‫دور المؤسسات المالية‪ ،‬وظهور كم هائل ومتنوع من الخدمات المالية التي تقدمها والمجاالت االقتصادية‬
‫تمولها‪ ،‬وما ساعدها في الوصول إلى ذلك االستخدام المتزايد للتقنيات المالية الحديثة‪.‬‬
‫التي ّ‬
‫‪ -‬من أهم اآلثار السلبية للعولمة المالية هي تلك األزمات القوية التي تعرض لها الجهاز البنكي في عدد من‬
‫دول العالم حيث تشير بعض الدراسات إلى أنه خالل الفترة ‪2690‬م‪2669-‬م حدثت أزمات في الجهاز‬
‫البنكي في ما ال يقل عن ثلث الدول األعضاء في صندوق النقد الدولي‪ ،‬حيث تصاعدت أزمات البنوك في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية وكندا وشمال أوربا وجنوب شرق آسيا وافريقيا وأمريكا الالتينية فضال عن األزمات‬
‫التي واجهتها بنوك روسيا ودول شرق ووسط أوروبا‪.‬‬
‫‪ -‬تشكل الخدمات المالية قطاعا كبي ار ومتناميا في جميع االقتصاديات المتطورة منها والنامية على حد سواء‪.‬‬
‫وقد بدأت تجارة الخدمات المالية والبنكية بالنمو المتزايد بسبب االنتشار الواسع لسياسات التحرير المالي‬
‫والتجاري‪ ،‬وانتشار العولمة البنك ية والتي تمثل حالة كونية فاعلة ومتفاعلة تخرج بالبنك من إطار المحلية إلى‬
‫أفاق العالمية‪ ،‬وتدمجه نشاطيا ودوليا في السوق العالمي بجوانبه وأبعاده المختلفة‪ ،‬وبما يجعله في مركز‬
‫التطور المتسارع نحو مزيد من القوة‪ ،‬السيطرة‪ ،‬والهيمنة البنكية إذا ما كان يرغب في النمو والتوسع‬
‫واالستمرار‪ ،‬واذا ما كان يرغب في غير ذلك تجعله يخضع للتراجع أو التهميش‪ ،‬فالعولمة اتجاه مصيري‬
‫يعبر عن صراع في إطار الكيانات والتكتالت البنكية بالغة الضخامة ومتعاظمة القوة‪.‬‬
‫يعتبر الجهاز البنكي الشريان الرئيسي ألي اقتصاد في العالم غير أن ذلك يتوقف على مدى مسايرته‬ ‫‪-‬‬
‫للمستجدات من حيث نوعية الخدمات وادراج التقنيات لتسوية المعامالت بسرعة‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر صدور القانون رقم ‪ 20 /60‬المتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬منعطفا حاسما فرضه منطق التحول إلى‬
‫ا قتصاد السوق وذلك من أجل القضاء على نظام تمويل االقتصاد الوطني القائم على المديونية والتضخم‬
‫حيث وضع القانون النظام البنكي والمالي على مسار تطور جديد‪ ،‬تميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة‬
‫المالية‪ ،‬من خالل إعطاء االستقاللية للبنوك التجارية في عملية تمويل المؤسسات االقتصادية وهذا لزيادة‬
‫فعاليتها‪ ،‬حيث تم إلغاء التخصص في النشاط البنكي وتشجيع البنوك على تقديم منتجات وخدمات بنكية‬

‫‪318‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫جديدة‪ ،‬باإلضافة إلى تفعيل دور السوق البنك ية في تمويل المؤسسات االقتصادية من خالل فتح المجال أمام‬
‫البنوك الخاصة سواء وطنية أو أجنبية لمزاولة أنشطتها البنكية‪ ،‬إلى جانب إق ارره بإنشاء سوق للقيم المنقولة‬
‫والمتمثلة في الميكانيزم المستحدث لتمويل المؤسسات وهي بورصة الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬رغم كل اإلصالحات التي عرفها القطاع البنكي‪ ،‬إال أنه ال يزال بعيدا عن المستوى المطلوب والواقع خير‬
‫دليل على ذلك‪ ،‬كإفالس البنوك الخاصة برأس مال محلي‪ ،‬واختالس األموال وارتفاع محافظ الديون المشكوك‬
‫فيها أو المعدومة‪ ،‬هذه الوضعية التي نتجت عن ضعف أداء البنوك ومحدوديتها لجذب الودائع والمدخرات‬
‫مع غياب الوعي البنكي‪ ،‬إضافة إلى عدم الكفاءة في تقدير األخطاء لعدم أهلية وكفاءة البنوك وجدارتها‬
‫االئتمانية لذا كان من الضروري االهتمام برفع كفاءة المنظومة البنكية وتفعيل دورها في النشاط االقتصادي‬
‫بشكل يسمح باالستجابة للتطورات االقتصادية العالمية التي أفرزتها ظاهرة العولمة‪.‬‬
‫‪ -‬بالرغم من هيمنة البنوك العمومية الستة على السوق البنكية الجزائرية إال أن وضعيتها المالية والتنظيمية‬
‫والتسييرية ال تبعث على االطمئنان وتعاني من إختالالت على عدة مستويات‪ ،‬سواء تعلق األمر بالجانب‬
‫التسييري والتحكم في وظائفها بفعالية‪ ،‬أو من حيث تنوع منتجاتها وخدماتها‪ .‬فهيمنتها على النشاط البنكي ال‬
‫يعود إلى قدرة هذه البنوك على التحكم في التسيير والوصول إلى مختلف شرائح السوق على أساس تنافسي‪،‬‬
‫بل مرده إلى ضعف ونقص احترافية البنوك الخاصة الوطنية‪ ،‬واقتصار البنوك األجنبية على خدمة قطاعات‬
‫محدودة‪ ،‬ومرده أيضا إلى فقدان ثقة المتعاملين في القطاع البنكي الخاص بعد أزمة بنك الخليفة والبنك‬
‫الصناعي والتجاري‪.‬‬
‫‪ -‬يعت بر سوق األوراق المالية أداة فعالة لتفعيل وتنشيط أداء البنك المركزي في أداء السياسة النقدية من جهة‬
‫وأداة لتنشيط العمل البنكي من جهة أخري‪ ،‬وتعتبر بورصة الجزائر ميكانيزم جديد لتمويل االقتصاد إال أن‬
‫فعاليتها ضعيفة جدا وهذا راجع لقلة المؤسسات المدرجة فيها‪ ،‬إلى جانب اقتصارها في طرح القروض‬
‫السندية‪ ،‬وهذا ما جعل أداءها يبقى ضعيف نتيجة وجود عوائق تشريعية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية تعيق عملها‬
‫وتطورها‪.‬‬
‫‪ -‬ساهمت تقنيات التمويل المستحدثة في الجزائر والمتمثلة في تقنية التمويل التأجيري‪ ،‬رأس مال المخاطر في‬
‫تلبية احتياجات المؤسسات اال قتصادية الجزائرية ولكن بنسب ضئيلة مقارنة مع الدول المتقدمة وهذا راجع لقلة‬
‫المؤسسات المالية العاملة فيها‪ ،‬أما تقنية عقد تحويل الفاتورة فلم تستعمل لحد اآلن رغم وجود األطر‬
‫التشريعية التي تنظمها إال أن المؤسسات المالية المتخصصة فيها لم تظهر لحد اآلن‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫‪ -‬بالنسبة لتقنية عقد تحويل الفاتورة‪ ،‬فهي غير موجودة عمليا ألنها تتطلب تحكم في قانون األعمال وهو‬
‫الشيء الذي ال يزال لم يرقى إلى مستوى الذي يساعد على ذلك‪ ،‬إضافة إلى أن عقد تحويل الفاتورة يستخدم‬
‫بكثرة في التجارة الخارجية في حالة وجود مصدرين‪ ،‬إال أن المؤسسات الجزائرية العامة والخاصة في‬
‫وضعيتها الحالية ال تصدر وانما تستورد في مجملها وبالتالي ال توجد حقوق مؤسسات جزائرية في الخارج‪.‬‬
‫‪ -‬بالرغم من الجهود المبذولة من الناحية التشريعية في مجال اإلصالحات البنكية إال أنها لم يكن لها‬
‫انعكاسات على تحسين أداء البنوك الجزائرية وتحسين الخدمات البنكية المقدمة‪.‬‬
‫‪ -‬تمكنت السياسة النقدية خالل الفترة المدروسة (‪3000‬م ‪3021-‬م) من تحقيق هدف استقرار األسعار فقط‪،‬‬
‫دون أن تتمكن من تحقيق هدف التشغيل الكامل‪ ،‬تشجيع معدل النمو االقتصادي وتحقيق التوازن في ميزان‬
‫المدفوعات‪ ،‬والتي تبقى مرتبطة بشكل أساسي بتقلبات أسعار البترول في السوق الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬أضحى لزاما على البنوك الجزائرية مواجهة تحديات العولمة باتخاذ الخطوات المالئمة التي تساعدها على‬
‫االنخراط في االقتصاد العالمي بتحوالته وتغيراته المتزايدة والمستمرة للوقوف على قدم المساواة مع البنوك‬
‫العالمية‪ ،‬وذلك من خالل إعادة صياغة استراتيجياتها وانتهاج سياسات أكثر تطو ار وشموال بهدف التكيف مع‬
‫االتجاهات اإلبداعية في العمل البنكي الدولي‪ ،‬وتطوير جودة الخدمة البنكية ورفع كفاءة األداء مما يعزز‬
‫قدراتها التنافسية‪ ،‬وتتمثل أهم محاور هذه اإلستراتيجية في التحول إلى البنوك الشاملة ذات الخدمات‬
‫المتنوعة‪ ،‬والعمل على تقديم أنشطة تمويلية مبتكرة‪ ،‬عالوة على تعميم استخدام التكنولوجيا في العمل البنكي‬
‫وتقوية قاعدة رأسمال البنوك من خالل زيادة عمليات االندماج بينها‪ ،‬وال شك أن نجاح البنوك في تنفيذ‬
‫استراتيجيات التطوير بكفاءة وفاعلية هو أمر مرهون من جهة بتوفير كوادر بشرية عالية التأهيل معززة‬
‫بتقنيات بنكية معاصرة‪ ،‬ومن جهة أخرى بتبني المفهوم الحديث للتسويق البنكي كأحد ركائز هذه‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -‬ورغم ما ينطوي عليه تحرير هذا القطاع من تحديات أمام النظام البنكي في الجزائر إال أنه يتضمن العديد‬
‫من المزايا الملموسة نذكر منها‪:‬‬
‫سيؤدي هذا التحرير إلى تعزيز المنافسة وتحسين كفاءة أداء القطاعات‪ ،‬مما سيؤدي إلى تقديم خدمات‬
‫مالية تتسم بانخفاض تكلفتها وحسن نوعيتها وتزايد تنوعها‪.‬‬
‫سيؤدي هذا التحرير إلى تحسين خدمات الوساطة المالية والفرص االستثمارية من خالل تعزيز التوزيع‬
‫القطاعي الفعال للموارد‪ ،‬وأيضا بتوفير آليات أفضل إلدارة المخاطر واستيعاب الصدمات‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫تشجيع الدولة على تحسين إدارتها للسياسات االقتصادية العامة‪ ،‬وسيدفعها إلنهاء التدخالت المؤدية إلى‬
‫التشوهات في األسواق المالية‪ ،‬والى وضع التشريعات المرنة و المالئمة لألسواق المالية مع توفير‬
‫اإلشراف المناسب على عملياتها‪.‬‬

‫‪ .0‬توصيات البحث‪:‬‬
‫بناءا على النتائج التي تحصلنا عليها في هذه الدراسة حاولنا وضع بعض االقتراحات والتوصيات للتحسين‬
‫من أداء المنظومة البنكية الجزائرية في ظل االنتشار الواسع لسياسات التحرير المالي والبنكي‪:‬‬

‫‪ -‬لمواجهة التحديات المفروضة على منظومتنا المالية عامة والجهاز البنكي خاصة‪ ،‬التفكير في السبل‬
‫واآلليات الكفيلة بتعزيز مكانة البنوك وتقوية مراكزها المالية ودعم قدراتها التنافسية‪ ،‬من خالل تقوية رأس مالها‬
‫وتحولها إلى البنوك الشاملة التي تقدم كافة الخدمات وبالخصوص تطوير جميع صيغ التمويل المستحدثة وهذا‬
‫لتنويع إستراتجيتها االستثمارية من جهة وتلبية احتياجات التمويلية للمؤسسات اقتصادية من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير التشريعات والقوانين المنظمة ألعمال القطاع البنكي حتى يستفيد النظام البنكي والمالي في‬
‫الجزائر من تحرير قطاع الخدمات المالية‪ ،‬وهذا من خالل توفر مجموعة من الشروط الضرورية التي نعتبرها‬
‫مهمة لنجاح انضمام الجزائر إلى اتفاقية تحرير قطاع الخدمات‪ ،‬هذه الشروط تدخل في إطار ما يسمى ببيئة‬
‫األعمال آو مناخ االستثمار المالئم‪ ،‬الذي يشمل جوانب متعددة بعضها متعلق بمدى توافر البنية األساسية‪،‬‬
‫والبعض اآلخر بالنظم القانونية واألوضاع السياسية‪ ،‬والثالث بالمؤسسات والرابع بالسياسات‪.‬‬
‫‪ -‬النهوض بعمليات التحديث واستخدام التكنولوجيا والتركيز على التدريب‪ ،‬وذلك لتنمية مهارات العاملين‬
‫بالبنوك واعداد الكوادر البنكية على مستوى عالمي من خالل زيادة االستثمار في العنصر البشري خصوصا في‬
‫مجاالت تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت واجتذاب الخبرات العلمية والعملية إلدارة البنوك وفق الفكر والعمل‬
‫المالي والبنكي الحديث‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة توجه القطاع البنكي الجزائري نحو البنوك الشاملة‪ ،‬فهذه البنوك يمكن أن تساعد كثي ار في التغلب‬
‫على مشكلة الوضع الراهن في ا لسوق المالي وتطويرها وتعمل على خلق مناخ استثماري مالئم وتشجع على‬
‫السير قدما في مجال اإلصالح االقتصادي في الدولة الجزائرية‪ ،‬ومن أهم الوظائف التي يمكن أن تقوم بها هذه‬
‫المصارف تنشيط عمليات الخوصصة وترويج الفرص االستثمارية الجديدة والمساهمة في تأسيس صناديق‬
‫االستثمار المشترك واصدار األسهم والسندات واالتجار في العمالت وتمويل إنشاء المجمعات الصناعية‬

‫‪321‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫المتكاملة ودخول نشاطات مثل التمويل التأجيري‪ ،‬صيرفة األعمال‪ ،‬التأمين‪ ،‬الخدمات البنكية الخاصة‪ ،‬الخدمات‬
‫الشخصية‪ ،‬الصناديق االستثمارية والرأسمالية‪ ،‬أنشطة أسواق رأس المال وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬البد من اتجاه العديد من البنوك الجزائرية نحو استخدام استراتيجيات وسياسات مبتكرة في مجال إدارة‬
‫المخاطر وادارة الموجودات والمطلوبات وتنمية القدرة على إدارة األزمات‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين عمليات اإلفصاح وتداول المعلومات للمؤسسات االقتصادية من أجل إعالم الجمهور بالبيانات‬
‫المالية واالقتصادية‪ ،‬وخلق الثقة الالزمة والمساعدة على دخولها إلى السوق المالي‪ ،‬باإلضافة إلى التقليل من‬
‫شروط االنضمام إلى البورصة وهذا لفسح المجال لعدد أكبر من المؤسسات لالستفادة من الدور التمويلي لها‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة االهتمام بإنجاح بورصة الجزائر كوسيلة فاعلة في تنشيط العمل البنكي ولجلب االستثمار غير‬
‫المباشر سواء كان محليا أو أجنبيا‪ ،‬وكسب ثقة عن طريق دخول شركات التأمين وأموال التأمينات في البورصة‬
‫إلنعاشها‪ ،‬فنجاح البورصة يولد الثقة لالستثمار فيها‪ ،‬والعمل على تنويع المنتجات المالية ومصادر التمويل‬
‫الموجهة لالقتصاد‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع إقام ة شركات رأس المال المخاطر كطريقة لإلصالح المالي واإلداري للمؤسسات االقتصادية‪،‬‬
‫باعتبار أن هذه التقنية التمويلية تعمل على مساعدة المؤسسة الصغيرة والمتوسطة في تلبية احتياجاتها التمويلية‬
‫في مختلف مراحل حياتها باإلضافة لتقديم النصح والمشورة التسييرية لها‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على إيجاد الواقع العملي الستعمال تقنية عقد تحويل الفاتورة من خالل إعادة النظر في قانون‬
‫الشركات الذي يعتبر المعرقل الوحيد إلقامة مؤسسات متخصصة في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة تطبيق وتوسيع استخدام االعتماد االيجاري وعقد تحويل الفاتورة كتقنيتين للتمويل البنكي المقننة‬
‫ضمن إطار المنظومة البنك ية بالجزائر‪ ،‬وهذا يتطلب توفير كل الظروف المادية والمعنوية من خالل التشجيع‬
‫على إنشاء مؤسسات متخصصة‪ ،‬وخلق أدوات جديدة وتوفير مناخ مالئم اقتصاديا وسياسيا‪ ،‬ونشر الوعي‪،‬‬
‫وتوفير المعلومات الكافية عن قطاعات األعمال المختلفة ون شاطاتها والعمل على تطوير قانون األعمال وفقا لما‬
‫يتطلبه المحيط االقتصادي الجديد‪.‬‬

‫‪ .2‬أفاق الدراسة‬
‫رغم أننا سعينا لإللمام بكل جوانب هذا الموضوع إال أننا ندرك بأن هناك بعض النقاط لم ندرسها وأخرى‬
‫لم نوفها حقها من الدراسة والتي يمكن أن تكون انطالقا لبحوث قادمة وهي‪:‬‬

‫‪ -‬استراتيجيات التصدي لألزمات المالية الدولية في ظل سياسات التحرير المالي‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫خاتمة عامة‬

‫‪ -‬البيئة البنكية الجزائرية والقواعد االحت ارزية الجديدة لبازل ‪.3‬‬


‫‪ -‬واقع أداء القطاع البنكي الخاص في تمويل التنمية في الجزائر‪.‬‬
‫ـ واقع وأفاق البنوك اإلسالمية في الجزائر واستراتيجيات تفعيل أدائها‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .I‬باللغة العربية‬
‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫‪ .1‬أحمد سفر‪ ،‬المصارف واألسواق المالية‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪.3009 ،‬‬
‫‪ .0‬أحمد هني‪ ،‬العملة والنقود‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.3009 ،‬‬
‫‪ .0‬أنس البكري ووليد الصافي‪ ،‬النقود والبنوك بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار المستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪.3006‬‬
‫‪ .2‬بلعزوز بن علي‪ ،‬محاضرات في النظريات والسياسات النقدية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬طبعة الثانية‪،‬‬
‫الجزائر‪.3009 ،‬‬
‫‪ .1‬ثروت عبد الحميد‪ ،‬اتفاق التمويل العقاري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬إسكندرية‪.3001 ،‬‬
‫‪ .6‬حسام على داود‪ ،‬مبادئ االقتصاد الكلي‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪.3020 ،‬‬
‫‪ .7‬حسن لطيف كاظم الزبيري‪ ،‬العولمة ومستقبل الدور االقتصادي للدولة في العالم الثالث‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪. 3002 ،‬‬
‫‪ .1‬خالد وهيب الراوي‪ ،‬العمليات المصرفية الخارجية‪ ،‬دار المناهج‪ ،‬الطبعة الثانية‪.3000 ،‬‬
‫‪ .1‬خالدي الهادي‪ ،‬المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2669 ،‬‬
‫‪ .12‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬االقتصاد المصرفي‪ ،‬البنوك االلكترونية‪ ،‬البنوك التجارية‪ ،‬السياسة النقدية‪ ،‬مؤسسة شباب‬
‫الجامعة‪ ،‬الجزائر‪.3009 ،‬‬
‫‪ .11‬خيضر عباس المعمر‪ ،‬التقلبات االقتص ادية بين السياسة المالية والنقدية‪ ،‬دراسة تحليلية موجزة في إطار‬
‫النظرية الكنزية‪ ،‬عمادة شؤون المكتبات‪ ،‬الرياض‪.2690 ،‬‬
‫‪ .10‬رشدي صالح عبد الفتاح صالح‪ ،‬البنوك الشاملة وتطوير الجهاز المصرفي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.3000 ،‬‬
‫‪ .10‬رشدي صالح عبد الفتاح صالح‪ ،‬التمويل المصرفي للمشروعات‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.3009‬‬
‫‪ .12‬رضا عبد السالم ‪ ،‬محددات االستثمار االجنبي المباشر في عصر العولمة‪ ،‬مكتبة العصر‪ ،‬مصر‪.3001،‬‬
‫‪ .11‬زاهر عبد الرحيم عاطف‪ ،‬إدارة العمليات النقدية والمالية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الراية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن‪3009 ،‬‬
‫‪ .16‬زكريا الدوري‪ ،‬يسرى السمرائي البنوك المركزية والسياسات النقدية‪ ،‬دار اليازوني العلمية‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪.3009‬‬
‫‪325‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .17‬سعيد النجار‪ ،‬السياسات المالية وأسواق المال‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬
‫‪.2661‬‬
‫‪ .11‬سعيد سامي الحالق ومحمد محمود العجلوني‪ ،‬النقود والبنوك والمصارف المركزية‪ ،‬دار اليازوري العلمية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،3020 ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ .11‬سمير محمد عبد العزيز‪ ،‬اقتصاديات وادارة النقود في إطار عالمية الحادي والعشرين‪ ،‬الصناعة المالية‬
‫الحديثة‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬
‫‪ .02‬شاكر القزويني‪ ،‬محاضرات في اقتصاد البنوك‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.3000 ،‬‬
‫‪ .01‬صالح مفتاح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.3001 ،‬‬
‫‪ .00‬صالح الدين حسن التيسي‪ ،‬القطاع المصرفي واالقتصاد الوطني‪ ،‬القطاع الصرفي وغسل األموال‪ ،‬عالم‬
‫الكتب‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬
‫‪ .00‬صالح الدين حسن السياسي‪ ،‬قضايا اقتصادية معاصرة‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.3001 ،‬‬
‫‪ .02‬صالح عباس‪ ،‬العولمة وأثرها في الفكر المالي والنقدي‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬إسكندرية‪.3001 ،‬‬
‫‪ .01‬ضياء مجيد الموساوي‪ ،‬الخصخصة والتصحيحات الهيكلية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪.3009 ،‬‬
‫‪ .06‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪.3009 ،‬‬
‫‪ .07‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬التطورات االقتصادية العالمية وانعكاساتها على أعمال البنوك‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.3002 ،‬‬
‫‪ .01‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬اندماج وخصخصة البنوك‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.3002 ،‬‬
‫‪ .01‬طارق محمود عبد السالم السالوس‪ ،‬الدمج المصرفي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر ‪.3001‬‬
‫‪ .02‬الطاهر لطرش‪ ،‬االقتصاد النقدي والبنكي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.3023 ،‬‬
‫‪ .01‬طاهر لطرش‪ ،‬تقنيات بنكية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪.3003 ،‬‬
‫‪ .00‬طه طارق‪ ،‬إدارة البنوك ونظم المعلومات المصرفية‪ ،‬دار الكتب للنشر‪ ،‬القاهرة‪.3000 ،‬‬
‫‪ .00‬طه محمد أبو العال ‪ ،‬اإليجار التمويلي الحقيقي للمعدات اإلنتاجية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬إسكندرية‪.3001 ،‬‬
‫‪ .02‬عاطف وليم اندراس ‪ ،‬السياسة المالية وأسواق األوراق المالية خالل فترة التحول االقتصادي‪ ،‬مؤسسة‬
‫شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪.3001 ،‬‬

‫‪326‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .01‬عاطف وليم أندرواس ‪ ،‬أسواق األوراق المالية بين ضرورات التحول االقتصادي والتحرير المالي ومتطلبات‬
‫تطويرها‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.3001 ،‬‬
‫‪ .06‬عبد الباسط وفا‪ ،‬مؤسسات رأس مال المخاطر ودورها في تدعيم المشروعات الناشئة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬حلوان ‪.3002‬‬
‫‪ .07‬عبد الحميد الغزالي‪ ،‬أساسيات االقتصاديات النقدية وضعيا واسالميا‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.3006‬‬
‫‪ .01‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬الدار الجامعية اإلسكندرية‪.3001 ،‬‬
‫‪ .01‬عبد الحميد عبد المطلب ‪ ،‬البنوك الشاملة عمليات وارداتها‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬السكندرية‪.3000 ،‬‬
‫‪ .22‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬الديون المصرفية المتعثرة واألزمة المالية المصرفية العالمية‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.3006 ،‬‬
‫‪ .21‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬السياسات االقتصادية‪ ،‬تحليل كلي وجزئي‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.2661‬‬
‫‪ .20‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬السياسات االقتصادية‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .20‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬الدار الجامعية ‪،‬مصر‪.3001،‬‬
‫‪ .22‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪.3002 ،‬‬
‫‪ .21‬عبد الحافظ السيد بدوي‪ ،‬إدارة األسواق والمؤسسات المالية‪ ،‬نظرة معاصرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪2111 ،‬‬
‫‪ .26‬عبد الغفار حنفي وأبو قحف عبد السالم‪ ،‬اإلدارة الحديثة في لبنوك التجارية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.2662‬‬
‫‪ .27‬عبد الغفار حنفي وعبد السالم أبو قحف‪ ،‬اإلدارة الحديثة في البنوك التجارية‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪،‬‬
‫القاهرة‪.2662 ،‬‬
‫‪ .21‬عبد الفتاح بيومي حجازي‪ ،‬النظام القانوني لحماية التجارة اإللكترونية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.3003‬‬
‫‪ .21‬عبد المجيد قدي‪ ،‬المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية دراسة تحليلية تقييمية‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.3002 ،‬‬

‫‪327‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .12‬عبد الناصر نزال العبادي‪ ،‬منظمة التجارة العلمية واقتصاديات الدول النامية‪ ،‬دار الصفاء‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2666‬‬
‫‪ .11‬علي عبد الفتاح أبوشرار‪ ،‬االقتصاد الدولي نظريات وسياسات‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬األردن‪.3001،‬‬
‫‪ .10‬عمر صقر‪ ،‬العولمة وقضايا اقتصادية معاصرة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.3002 ،‬‬
‫‪ .10‬فريد النجار‪ ،‬إدارة األعمال االقتصادية والعالمية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2669 ،‬‬
‫‪ .12‬فريد النجار‪ ،‬إعادة هندسة العمليات وهيكلة الشركات للتعامل مع العولمة والحروب التجارية الجديدة‪،‬‬
‫دار طيبة للنشر‪ ،‬القاهرة‪.3001 ،‬‬
‫‪ .11‬فريدة بلخراز يعدل‪ ،‬تقنيات وسياسات التسيير المصرفي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪.3001 ،‬‬
‫‪ .16‬فالح كاظم السنه‪ ،‬العولمة والجدل الدائر حولها‪ ،‬دار الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.3003 ،‬‬
‫‪ .17‬فليح حسن خلف‪ ،‬العولمة االقتصادية‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬األردن‪.3020 ،‬‬
‫‪ .11‬قدي عبد الفتاح الشهاوي‪ ،‬موسوعة التأجير التمويلي‪ ،‬توزيع المعارف‪ ،‬إسكندرية‪.3002 ،‬‬
‫‪ .11‬لشعب محفوظ‪ ،‬سلسلة القانون االقتصادي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2661 ،‬‬
‫‪ .62‬مبروك حسن‪ ،‬المدونة النقدية والمالية الجزائرية‪ ،‬طبعة األولى‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.3001 ،‬‬
‫‪ .61‬مبروك حسين‪ ،‬المدونة البنكية الجزائرية مع النصوص التطبيقية واالجتهاد القضائي والنصوص المتممة‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .60‬محسن أحمد الخضري‪ ،‬العولمة‪ :‬مقدمة في فكر واقتصاد وادارة عصر الالدولة‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪،‬‬
‫إسكندرية‪.3003 ،‬‬
‫‪ .60‬محسن أحمد الخضيري‪ ،‬العولمة اإلجتياحية‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪.3002،‬‬
‫‪ .62‬محمد األطرش‪ ،‬العرب وتحديات النظام العالمي‪ ،‬سلسلة كتب المستقبل العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪.3001 ،‬‬
‫‪ .61‬محمد عبد العزيز محمد‪ ،‬الدور التمويلي لصندوق النقد والبنك الدوليين‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.3009‬‬
‫‪ .66‬محمد محمود يوسف‪ ،‬إعادة هيكلة وخصخصة المؤسسات المالية‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪،‬‬
‫مصر‪.3001 ،‬‬
‫‪328‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .67‬محمود أمين زويل‪ ،‬بورصة األوراق المالية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.3000 ،‬‬
‫‪ .61‬محمود حميدات‪ ،‬مدخل للتحليل النقدي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.3001 ،‬‬
‫‪ .61‬محمود حميدات‪ ،‬مدخل للتحليل النقدي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.3000 ،‬‬
‫‪ .72‬مدني بن شهرة‪ ،‬اإلصالح القتصادي وسياسة التشغيل ( التجربة الجزائرية)‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن‪.3009 ،‬‬
‫‪ .71‬ممدوح محمود منصور‪ ،‬العولمة دراسة في المفهوم والظاهرة واألبعاد‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.3002‬‬
‫‪ .70‬منير إبراهيم الهندي‪ ،‬إدارة المخاطر باستخدام التوريق والمشتقات‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬إسكندرية ‪.3009‬‬
‫‪ .70‬منير الحمش‪ ،‬اإلصالح االقتصادي بين أوهام الليبرالية القتصادية الجديدة وحق الشعوب في الحياة‪ ،‬دار‬
‫الرضا للنشر‪ ،‬مصر‪.3002،‬‬
‫‪ .72‬ناصر دادي عدون‪ ،‬منتاوي محمد‪ ،‬الجزائر والمنظمة العالمية للتجارة‪ ،‬دار المحمدية العامة‪،‬‬
‫الجزائر‪.3002‬‬
‫‪ .71‬نهال فريد مصطفى‪ ،‬نبيلة عباس‪ ،‬أساسيات األعمال في ظل العولمة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.3001‬‬
‫‪ .76‬الهادي خالدي‪ ،‬المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2669 ،‬‬
‫‪ .77‬هيفاء عبد الرحمان ياسين التكريتي‪ ،‬آليات العولمة االقتصادية وآثارها المستقبلية في االقتصاد العربي‪،‬‬
‫دار الحامد‪ ،‬عمان‪.3006،‬‬
‫‪ .71‬وسام مالك ‪ ،‬النقود والسياسات النقدية الداخلية‪ ،‬قضايا نقدية ومالية‪ ،‬دار المنهل اللبناني‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.3000‬‬
‫‪ .71‬يوسف أبو فارة‪ ،‬األزمات المالية واالقتصادية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪.3021 ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬المجالت والدوريات‬
‫‪ .1‬أحمد بوراس‪ ،‬ا لجهاز المصرفي والمالي العربي وقدرته على التأقلم مع المستجدات العالمية‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬عدد‪.3002 ،3‬‬
‫‪ .0‬بلقاسم سلطانية‪ ،‬حقيقة العولمة‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬عدد ‪ ،23‬الجزائر‪.2666 ،‬‬

‫‪329‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .0‬بوكساني رشيد ورشام كهينة‪ ،‬اتفاقيات للتع اون والربط بين األسواق المالية العربية في إطار تحقيق مشروع‬
‫البورصة العربية الموحدة‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬جامعة األغواط‪ ،‬العدد ‪ ،09‬جوان ‪.3006‬‬
‫‪ .2‬جوزيف طربيه‪ ،‬التطور المالي والسياسات النقدية والمصرفية في منظمة الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪،‬‬
‫مجلة إتحاد المصارف العربية‪ ،‬العدد ‪ ،392‬لبنان‪ ،‬يونيو ‪.3001‬‬
‫‪ .1‬حاكمي بوحفص‪ ،‬مسيرة االقتصاد الجزائري وأثرھا على النمو االقتصادي‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬السنة‬
‫الرابعة‪ ،‬العدد‪ ،32‬جانفي‪.3001‬‬
‫‪ .6‬صالح مفتاح‪ ،‬أهداف السياسة النقدية في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫فيفري ‪.3001‬‬
‫‪ .7‬عبد الحميد زعباط‪ ،‬مستقبل المؤسسة االقتصادية الجزائرية في ظل االنضمام إلى المنظمة العالمية‬
‫للتجارة‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد‪ ،9‬جوان ‪.3001‬‬
‫‪ .1‬غانم محمد لحمادي‪ ،‬األسواق المالية تعزز مكانتها على خارطة االستثمار‪ ،‬مجلة إتحاد المصارف العربية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،393‬ماي ‪ ،3001‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .1‬فخري الدين الفقي‪ ،‬صناعة الـتأجير التمويلي مع دراسة تحليلية للسوق المصري‪ ،‬سلسلة رسائل البنك‬
‫الصناعي‪ ،‬العدد ‪ ،90‬الكويت‪ ،‬مارس‪.3000 ،‬‬
‫‪ .12‬فؤاد شاكر‪ ،‬فتح األسواق المصرفية العربية‪ ،‬مجلة إتحاد المصارف العربية‪ ،‬عدد‪ ،391:‬لبنان‪ ،‬أكتوبر‬
‫‪.3001‬‬
‫‪ .11‬قدي عبد المجيد‪ ،‬الكوكبة وواقع دول العالم الثالث‪ ،‬مجلة اللوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫العدد‪ ،02‬نوفمبر‪.3002 ،‬‬
‫‪ .10‬كريالي بغداد‪ ،‬نظرة عامة على التحوالت االقتصادية في الجزائر ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫العدد‪.3001 ،9‬‬
‫‪ .10‬محسن احمد الخضيري‪ ،‬عولمة النشاط المصرفي‪ ،‬مجلة اتحاد المصارف العربية‪ ،‬العدد ‪ ،333‬يونيو‬
‫‪.2666‬‬
‫‪ .12‬محمد عدنان وديع‪ ،‬العولمة والبطالة ‪:‬تحديات التنمية البشرية ‪ ،‬سلسلة اجتماعات الخبراء بالمعهد العربي‬
‫للتخطيط‪ ،‬العدد ‪ ،32‬افريل ‪.3001‬‬
‫‪ .11‬مقدم عبيرات‪ ،‬عبد المجيد قدي‪ ،‬العولمة وتأثيراتها على االقتصاد العربي‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد‪.02،3003‬‬
‫‪330‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .16‬نبيل مرزوق‪ ،‬أثر اتفاقيات الجات لعام‪1112‬على سياسات األجور‪ ،‬مجلة العمل والتنمية‪ ،‬العدد ‪،23‬‬
‫الجزائر‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ .17‬ناصر دادي عدون ومحمد متناوي ‪ ،‬انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة األهداف والعراقيل‪ ،‬مجلة‬
‫الباحث‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪3001 ،2‬‬
‫‪ .11‬نزار العبسي‪ ،‬تأثيرات التحرير المالي على السياسة النقدية والمضاعف النقدي الحالة األردنية‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة النجاح لألبحاث‪ ،‬العلوم اإلنسانية‪ ،‬األردن‪ ،‬المجلد‪.3001 ،32‬‬
‫‪ .11‬هالة حلمي السعيد‪ ،‬األسواق المالية الناشئة ودورها في التنمية االقتصادية في ظل العولمة‪ ،‬مجلة بنك‬
‫الكويت الصناعي‪ ،‬العدد ‪ ،19‬الكويت‪ ،‬سبتمبر‪.2660‬‬
‫‪ .02‬حوليات لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة‪ ،‬لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة‪ ،‬رقم ‪.2669 ،2‬‬
‫ثالثا‪ :‬الملتقيات والمؤتمرات‬
‫‪ .1‬أحمد بوراس‪ ،‬الجهاز المالي والمصرفي العربي وقدرته على التأقلم مع المتغيرات المستجدة‪ ،‬المؤتمر العلمي‬
‫األول لكلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة العلوم التطبيقية‪ ،‬عمان‪. 3002،‬‬
‫‪ .0‬بريش السعيد‪ ،‬التمويل التأجيري كبديل لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر‪ ،‬مداخلة في‬
‫الملتقى الدولي حول سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‪-‬دراسة حالة الجزائر والدول‬
‫النامية‪ ،‬يومي ‪ 32‬و‪ 33‬نوفمبر ‪ 3009‬بجامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .0‬بلعزوز بن علي وكتوش عاشور‪ ،‬دراسة لتقييم انعكاس اإلصالحات االقتصادية على السياسات النقدية‪،‬‬
‫الملتقى الدولي حول السياسات االقتصادية في الجزائر‪ ،‬الواقع واآلفاق‪ ،‬جامعة تلمسان أيام‪-36 :‬‬
‫‪.3001/20/20‬‬
‫‪ .2‬بلمقدم مصطفى‪ ،‬شعور راضية‪ ،‬تقييم المنظومة المصرفية الجزائرية‪ ،‬الملتقى الوطني األول حول المنظومة‬
‫المصرفية الجزائرية والتحوالت االقتصادية‪ ،‬الواقع واآلفاق‪ ،‬جامعة شلف‪ ،‬الجزائر‪.3001/23/21-21 ،‬‬
‫‪ .1‬بوشناقة أحمد‪ ،‬بن حمودة محبوب‪ ،‬ضرورة إصالح نضام التمويل المصرفي في الجزائر من خالل التقنيات‬
‫المقننة لعقد تحويل الفاتورة( ‪ (factoring‬واالعتماد االيجاري )‪ ،(leasing‬المؤتمر الوطني حول‬
‫المنظومة البنكية في ظل التحوالت القانونية واالقتصادية‪ ،‬أيام ‪ 31-31‬أفريل ‪ ،3009‬المركز الجامعي‬
‫بشار‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .6‬تطار محمد منصف‪ ،‬النظام المصرفي الجزائري والصيرفة االلكترونية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪.3003 ،‬‬
‫‪331‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .7‬خبابة عبد اهلل‪ ،‬باللطة مبارك‪ ،‬تأثير ظاهرة غسيل األموال على مصادر تمويل اقتصاديات البلدان النامية‪،‬‬
‫مداخلة قدمت ضمن الملتقى الدولي حول سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات جامعة‬
‫بسكرة‪ ،‬يومي ‪ 33/32‬نوفمبر ‪.3009‬‬
‫‪ .1‬دحمان بن عبد الفتاح ‪ ،‬األداء المتميز للمنظومة المصرفية بالجزائر لتحقيق إدارة فعالة لالقتصاد الجزائري‪،‬‬
‫مداخلة تدخل ضمن فعاليات المؤتمر العالمي الدولي حول األداء المتميز للمنظمات والحكومة‪ ،‬ورقلة‪ ،‬يومي‬
‫‪6- 9‬مارس ‪.3001‬‬
‫‪ .1‬رماي عبد الوهاب‪ ،‬سماي علي‪ ،‬العولمة المالية وأثارها على اقتصاديات الدول النامية‪ ،‬مداخلة مقدمة‬
‫ضمن الملتقى الدولي حول سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات حالة الجزائر والدول‬
‫النامية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ 32 ،30 ،‬نوفمبر ‪.3009‬‬
‫‪ .12‬فاتح ساحل‪ ،‬لطفي شعباني‪ ،‬أثار وانعكاسات برنامج التعديل الهيكلي على االقتصاد الجزائري‪ ،‬مداخلة‬
‫مقدمة ضمن أشغال الملتقى الدولي األول حول أبعاد الجيل الثاني من اإلصالحات االقتصادية في الدول‬
‫النامية‪ ،‬جامعة بومرداس‪ ،‬يومي ‪ 01،01‬ديسمبر ‪،3009‬‬
‫‪ .11‬سحنون بوعشة مبارك‪ ،‬تقييم هياكل ودورات التمويل في الجزائر‪ ،‬الملتقى الدولي المعنون بـ‪ :‬سياسات‬
‫التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات‪ -‬دراسة حالة الجزائر والدول النامية‪ ،‬جامعة بسكرة –الجزائر‬
‫‪.3009/22/33-32-‬‬
‫‪ .10‬سرمد كوكب الجميل‪ ،‬تحديات العولمة وخيارات االستجابة‪ ،‬تحليل اتجاهات التحرر المالي تجاه‬
‫االستثمارات األجنبية‪ ،‬المؤت مر العلمي األول حول العولمة وأبعادها االقتصادية‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم‬
‫اإلدارية في جامعة الزرقاء األهلية‪ ،‬من ‪ 9‬إلى ‪ 20‬أوت ‪.3000‬‬
‫‪ .10‬السيد اريك دوفيرجي‪ ،‬ندوة صحفية بفندق الجزائر‪ ،‬يوم ‪ 32‬اكتوبر ‪.3001‬‬
‫‪ .12‬عبد المنعم محمد الطيب حمد النيل‪ ،‬العولمة وآثارها االقتصادية على المصارف‪ ،‬نظرة شمولية مداخلة‬
‫قدمت في الملتقى الوطني األول حول المنظومة المصرفية والتحوالت االقتصادية‪ ،‬جامعة شلف‪ ،‬يومي ‪،21‬‬
‫‪ ،21‬ديسمبر ‪.3001‬‬
‫‪ .11‬فريد يايسي‪ ،‬دراسة ميدانية حول توزيع الوكاالت البنكية في والية بجاية‪ ،‬مجمع النصوص الملتقى‬
‫الوطني األول حول المنظومة المصرفية الجزائرية‪ ،‬المنظم بجامعة الشلف بتاريخ ‪ 21-21‬ديسمبر ‪.3001‬‬

‫‪332‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .16‬كمال رزيق‪ ،‬عبد الحليم فضلي‪ ،‬تحديث النظام المصرفي الجزائري‪ ،‬مداخلة ضمن الملتقى الدولي األول‬
‫حول المنظومة المصرفية والتحوالت االقتصادية واقع وأفاق يومي‪ 21-21‬ديسمبر ‪ ،3001‬جامعة الشلف‪،‬‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ .17‬محمد يعقوبي‪ ،‬توفيق تمار‪ ،‬آثار العولمة المالية على االستثمارات األجنبية المباشرة‪ :‬حالة الدول‬
‫العربية‪ ،‬مداخلة مقدمة في الملتقى الدولي حول سياسات التمويل وأثرها على االقتصاديات والمؤسسات –‬
‫حالة الجزائر والدول الناميةـ جامعة بسكرة‪.‬‬
‫‪ .11‬مصطفى عبد اللطيف‪ ،‬بلعور سليمان‪ ،‬النظام المصرفي بعد اإلصالحات‪ ،‬الملتقى الوطني األول حول‬
‫اإلصالحات االقتصادية في الجزائر الممارسة التسويقية‪ ،‬المركز الجامعي ببشار‪ ،‬يومي ‪ 32/30‬افريل‬
‫‪.3001‬‬
‫‪ .11‬مفتاح صالح‪ ،‬معارفي فريدة‪ ،‬أزمة النظام المالي العالمي وبديل البنوك اإلسالمية‪ ،‬مداخلة مقدمة ضمن‬
‫المل تقى الدولي الثاني المعنون األزمة المالية الراهنة والبدائل المالية والمصرفية‪ ،‬النظام المصرفي اإلسالمي‬
‫نموذجا‪ ،‬جامعة خميس مليانة‪ ،‬الجزائر يومي ‪ 9 ،1‬ماي ‪.3006‬‬
‫‪ .02‬تشام فاروق ‪ ،‬العولمة المالية وآثارها على القطاع المصرفي والنمو االقتصادي في البلدان العربية‪،‬‬
‫مداخلة م قدمة في المؤتمر العالمي األول حول "اقتصاديات األعمال في ظل عالم متغير"‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية واإلدارية الجامعة ‪ ،‬األردن‪.3000،‬‬
‫‪ .01‬هاني محمد دويدار‪ ،‬التأجير التمويلي من الوجهة القانونية‪ ،‬أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق‬
‫بجامعة بيروت تحت عنوان‪ :‬الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية واالقتصادية‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.3003‬‬

‫رابعا‪ :‬الرسائل واألطروحات‬


‫‪ .1‬إبراهيم علي العبيدات‪ ،‬الجهاز المصرفي األردني في ظل العولمة والتحرير المالي‪ ،‬رسالة ماجستير في‬
‫االقتصاد والعلوم اإلدارية تخصص التمويل والمصارف‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬األردن‪.3020 ،‬‬
‫‪ .0‬أحمد طه محمد العجلوني ‪ ،‬آثار العولمة المالية على المصارف اإلسالمية األردنية واالستراتيجيات‬
‫المقترحة لمواجهتها ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في الفلسفة تخصص تمويل‪ ،‬جامعة عمان العربية‬
‫للدراسات العليا‪.3001 ،‬‬
‫‪333‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .0‬أكن لونيس‪ ،‬السياسة النقدية ودورها في ضبط العرض النقدي في الجزائر خالل الفترة ‪،0221-0222‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.3020 ،‬‬
‫‪ .2‬بريش عبد القادر‪ ،‬التحرير المصرفي ومتطلبات تطوير الخدمات المصرفية وزيادة القدرة التنافسية للبنوك‬
‫الجزائرية‪ ،‬رسالة دكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪. 1443 ،‬‬
‫‪ .1‬بوكساني رشيد‪ ،‬معوقات أسواق األوراق المالية في الدول العربية وسبل تفعيلها‪ ،‬رسالة لنيل درجة‬
‫الدكتوراه في العلوم االقتصادية تخصص نقود ومالية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.3009/3001‬‬
‫‪ .6‬دريس رشيد‪ ،‬إستراتيجية تكيف منظومة مصرفية جزائرية في ظل اقتصاد السوق‪ ،‬أطروحة دكتوراه في‬
‫العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر ‪.3001/3009‬‬
‫‪ .9‬فريد بن طالبي‪ ،‬فعالية السياسة النقدية في ظل برامج االصالح االقتصادي حالة االقتصاد الجزائري للفترة‬
‫‪0791‬ـ ‪ ،1100‬أطروحة دكتوراه في في العلوم االيتصادية‪ ،‬كلية العلوم االيتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪.1421 ،41‬‬
‫‪ .1‬شذى يوسف عبد الحق‪ ،‬االستثمار ومحدداته في ظل التحرير المالي‪ ،‬دراسة عينة من الدول العربية في‬
‫الفترة ‪1110‬ـ‪ ، 0220‬أطروحة دكتوراه في اقتصاد األعمال‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬الجامعة األردنية‪،‬‬
‫‪.3009‬‬
‫‪ .1‬شيخي بالل‪ ،‬تقييم األصول المال ية في السوق الثانوية مع دراسة حالة الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل درجة‬
‫الماجستير في علوم التسيير‪ ،‬جامعة بومرداس الجزائر‪.3009/3001 ،‬‬
‫‪ .12‬عبد اهلل منصوري‪ ،‬السياسات النقدية والجبائية لمواجهة انخفاض كبير في الصادرات حالة اقتصاد‬
‫صغير مفتوح‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في العلوم االقتصادية تخصص تقد ومالية وبنوك‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪.3009‬‬
‫خامسا‪ :‬التقارير‬
‫‪ .1‬كريم النشاشيبي وآخرون‪ ،‬الجزائر‪ :‬تحقيق االستقرار والتحول إلى اقتصاد السوق‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪،‬‬
‫واشنطن‪.2669 ،‬‬
‫‪ .0‬محمد لكصاسي‪ ،‬تطورات الوضعية المالية والنقدية في الجزائر‪ ،‬تدخل محافظ بن ك الجزائر أمام المجلس‬
‫الشعبي الوطني‪ ،‬أكتوبر ‪3006‬م‪.‬‬
‫‪ .0‬تقارير بنك الجزائر عن وضع االقتصادي والمالي لسنوات (‪3000‬م‪3021-‬م)‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .2‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي حول وضعية النظام المصرفي الجزائري‪ ،‬السداسي الثاني ‪2661‬م‪.‬‬
‫‪ .1‬تقريرالمجلس الوطني االقتصادي االجتماعي‪ ،‬مشروع التقرير التمهيدي حول الظرف االقتصادي‬
‫واالجتماعي للسداسي األول من سنة ‪ ،3001‬الدورة العامة العادية‪ 31 ،‬ديسمبر ‪3001‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬تقريرالمجلس الوطني واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬إشكالية إصالح المنظومة المصرفية‪ ،‬عناصر من اجل فتح‬
‫نقاش اجتماعي‪ ،‬الدورة السادسة عشر‪ ،‬نوفمبر ‪3000‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬تقريرالمؤسسة العربية لضمان الستثمار‪ ،‬العدد ‪ ،219‬يونيو ‪3000‬‬
‫سادسا‪ :‬القوانين واألوامر والتعليمات‬
‫‪ .1‬األمر رقم ‪12‬ـ‪ 11‬المتضمن مؤسسات القرض‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪11‬الصادر بتاريخ ‪.2612/1/9‬‬
‫‪ .2‬القانون رقم ‪ 60‬ـ‪ 20‬المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 2660‬يتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ 29‬الصادر في ‪ 29‬أفريل ‪.2660‬‬
‫‪ .0‬المقرر رقم ‪ 20-10‬المؤرخ في ‪ 1‬فيفري ‪ 3001‬المتضمن قائمة المؤسسات المالية المعتمدة في الجزائر‪،‬‬
‫ج ر‪ ،‬العدد‪.21:‬‬
‫‪ .0‬قانون البنوك والقروض ‪ ،23/99‬الصادر بتاريخ ‪ 2691/09/26‬بالجريدة الرسمية‪،‬العدد ‪ ،21‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪.2699/09/30‬‬
‫‪ .2‬الجريدة الرسمية الصادرة تاريخ ‪ 2691/02/03‬المتعلقة بالمخطط الخماسي (‪.)2691/2690‬‬
‫‪ .1‬المرسوم التشريعي رقم ‪ 08-93‬المؤرخ في ‪ 25‬أفريل ‪.1993‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 16 -11‬المؤرخ‬
‫في ‪ 39‬سبتمبر ‪ 2611‬المتضمن للقانون التجاري الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،27‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬أفريل‬
‫‪.1993‬‬
‫‪ .6‬المرسوم التشريعي رقم ‪ 10-93‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ ،1993‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،34‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 23‬ماي ‪.1993‬‬
‫‪ .7‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 222/61‬المؤرخ في ‪ 31‬أكتوبر ‪،2661‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ 91‬المؤرخ في ‪ 36‬أكتوبر‬
‫‪.2661‬‬
‫‪ .1‬أمر رقم ‪ 06-69‬مؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪ 2669‬يتعلق باالعتماد االيجاري ‪،‬ج ر العدد ‪ 2‬المؤرخ في‬
‫‪2669/2/21‬‬

‫‪335‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .1‬نظام لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة رقم ‪ 02-69‬المؤرخ في ‪ 02‬جوان ‪ 2669‬المتعلق بشروط‬
‫اعتماد الوسطاء في عمليات البورصة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،29‬الصادر في ‪ 02‬جوان ‪.2661‬‬
‫‪ .12‬المادة ‪ 20‬من نظام لجنة تنظيم ورقابة عمليات البورصة رقم ‪ 02-61‬المؤرخ في ‪ 29‬نوفمبر ‪،2661‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،91‬المؤرخ في ‪.2661-23-36‬‬
‫‪ .11‬األمر ‪ 02/02‬المؤرخ في ‪ ،3002/03/31‬المعدل والمتمم للقانون ‪( 20/60‬أنظر المادة‪ ،)03‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد‪ ،13‬الصادرة بتاريخ ‪.3002/20/39‬‬
‫‪ .10‬النظام رقم ‪ 02/01‬المؤرخ بتاريخ ‪ 3001/02/01‬الصادر عن بنك الجزائر المتعلق بتحديد الحد األدنى‬
‫لرأس مال البنوك‪.‬‬
‫‪ .10‬النظام رقم ‪ 02/01‬المؤرخ في ‪ ،3001/02/01‬المتعلق بإنشاء نظام التأمين على الودائع البنكية‪.‬‬
‫‪ .12‬المادة ‪ 121‬مكرر ‪ 20‬مستخرج من األمر رقم ‪ 16-11‬المؤرخ في ‪ 39‬سبتمبر ‪ 2611‬المعدل والمتمم‬
‫بالمرسوم التشريعي رقم ‪ 09-62‬المؤرخ في ‪ 31‬افريل ‪ ،2662‬المتضمن للقانون التجاري الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 27‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬أفريل ‪.1993‬‬
‫سابعا‪ :‬مواقع االنترنت‬
‫‪ .1‬السعيد بريش‪ ،‬رأس مال المخاطر كبديل للتمويل المؤسسات صغيرة ومتوسطة‪ ،‬د ارسة حالة الجزائر جامعة‬
‫عنابة أطلع عليه من الموقع اإللكتروني‪http:// www.Ulum.nl/brebich.pdf :‬‬
‫‪WWW.SONELGAZ.DZ‬‬ ‫موقع شركة سونلغاز‬ ‫‪.0‬‬
‫‪ .II‬باللغة الفرنسية‬
‫‪1. Livres‬‬
‫‪1. A.BEN ACHENHOU, L’expérience algérienne de planification et de‬‬
‫‪développement “1962-1982”, Alger. O.P.U. 2éme édition.‬‬
‫‪2. Abdelkrim Sadeg, Réglementaire de L´Activité bancaire, Edition A.C.A, Alger,‬‬
‫‪2006.‬‬
‫‪3. Abderahmene benhkalfa, facteurs de blocage et moteurs du changement dans‬‬
‫‪le secteur bancaire, ouvrage collectif encadré par Abdelatif ben achenhou, édition‬‬
‫‪alpha, 2004.‬‬
‫‪4. Adda Jacques, "La Mondialisation de l'économie", 3ème édition, édition du‬‬
‫‪découverte, 1997.‬‬

‫‪336‬‬
‫قائمة المراجع‬

5. Alexis Jacquemin et l'autres, fondements de l’économie analyse macro-


économique et analyse économiques internationale, édition payes bleues
internationales, paris, 2001.
6. Ammour Ben halima, le système bancaire algérien texte et réalité, édition
dehleb, Alger, 2001.
7. Benhlima ammour, le système bancaire algérien; édition dehleb; Alger ,1996.
8. Benissad M.E, Algérie "restructuration et référence économique(1979/1993),
OPU, 1994.
9. Benissad M.E., Essai d'analyse monétaire avec référence a l'Algérie –OPU-
Alger-1975.
10. Benissad. M.E, Economie du développement du l'Algérie, 2eme édition, OPU,
Alger, 1982.
11. Benissad. M.E, Essai d'analyse monétaire avec référence à l'Algérie, 2eme
édition, OPU, Alger, 1980.
12. Boumghar. M.Y, Qualité de la Relation entre la banque et l'entreprise
Algériennes, CREAD, ALGER, 2001.
13. Carreau Dominique et Patrick juillard, droit international économique 0 ,ème
édition, l G Jdelta ,Paris ,2118.
14. Dominique Plihon ,Les enjeux de la globalisation financière ,Casbah éditions,
Alger ,2111.
15. Eddy FOUGIER, parlons mondialisation en 30 questions, édition la
documentation française, Paris, 2012.
16. François bourguignon, trajectoires et enjeux de l’économie mondiale, nota
bene, Paris, 2012.
17. François FONTAIN ,La mondialisation pour les nuls ,édition First ,Paris, 1424.
18. Henri Bourguinat, finance internationale, édition presse universitaire de
France2111.
19. Jacques- Henri David et Philippe Jaffré, la monnaie et la politique monétaire,
troisième édition, économica, paris, 1990.
20. Jean lachmann, capital-risque et capital investissement, économeca, paris 1999.
21. Jean Pierre ALLEGRET - Pascal MERRER , Economie de la mondialisation,
édition De Boeck ,Belgique, 1441.
22. Jean Yves CALVEZ, 80 mots pour la mondialisation, édition Desclée De
Brouwer, Paris, 2008.
23. Kamel eddin boutouta, le capitale investissement enjeux et plus perspectives,
édition grand livres, Alger 2005.
337
‫قائمة المراجع‬

24. Kotler.ph, Marketing management, analysis, planning implantation and


control, Engle wood .chifts, new jersey prentice-hall Inc, 1994.
25. M.roves .factoring, nouvelle méthode de crédit, collection la vis de l'entreprise
1969, p35.
26. Mohamed Ghernaout, crises financières et faillites des banques algériennes,
édition G.A.L, 2004.
27. Naas Abdelkrim, le système bancaire Algérien, Maisonneuve & Larose, France,
2003.
28. Nathalie, muorgues, financent et coût du capitale de l'entreprise, économica
paris, 2001.
29. Philipe jaffré, Monnaie et politiques monétaires, 4éd, économica, paris, 1996.
30. Philippe Dalvisenent Jean et Piette petit, économie international la place des
banques, Dunod paris, 1999.
31. Pierre conso, la gestion financier de l'entreprise, dunob, paris.
32. Sylvie coussergues, gestion de banque du diagnostic la stratégie, dunob, 2002.
33. Sylvie cousserrgues, Gestion de la banque, édition Dunod, Paris, 1992.
34. Vanina paoli-gagin, véronique de Lalande, le capitale –risque gualino éditeur,
paris 2003.
1.Revues:
1. Banque d’Algérie, media Bank N 68, octobre 2003.
2. Dib said, le Project financing de refait en algerie, el watan économie n"136du
28janvier au 3 février 2008.
3. Eric garrido, le crédit-bail; outil de financement structurel et d'ingénierie
commerciale, revue banque édition, paris,sone date.
4. Hadj Nacer Roustoumi, Les cahiers de la référence a l’Algérie, N°4, E.N.A.G
1990.
5. Lettre de formation de la chambre de commerce nº59, 1996.
6. M. Dif, «Mise en place du marché financier en Algérie», Media Banque,
Revue interne de la Banque d’Algérie, N°30, Juillet 1997.
7. Revue mutation, N°33 Septembre 2000.
8. scud dib, capital risque au mouvement, chronique financière al-watan économie
N° 80 de 20au 22 2006.
9. Thomas fabre ,les bienfaits attendus de la globalisation financière ,revue gabiers
français ,n°345 ,1448.

338
‫قائمة المراجع‬

10. Nouredine Boutarfa, Président, Directeur général de SONELGAZ, A


l’occasion de la signature du parckage contractuel de la centrale de Hadjret
Ennouss- NOOR Revue trimestrielle de sonelgAZ ;N 5 Octobre2006 .
11. LA CENTRALE électrique de Hadjret Ennous sera livrée en avril 2009 et la
station de dessalement de Cap Djinet en octobre 2010, de la fédération, bulletin
d’information de la FNTIEG/UGTA .N°40.octobre2008
3.Mémoires
1. Alexandre coyas, le factoring: ses incidences sur la rentabilité de l'exploitation,
mémoire pour le D.E.S.S de finance et fiscalité, université de paris septembre,
1985.
2. Benmalek Riad, la reforme du secteur Bancaire en Algérie, mémoire pour
l'obtention de la maîtrise sciences économiques, option monnaie et finance),
université des sciences sociale, Toulouse, France, 1998/1999.
3. Merchichi said, problématique de financement des entreprises publiques et
conséquences sur leur gestion financier, mémoire de magistère dans science de
gestion, université d'Alger, Alger 2006/2007

4. Siméniar
1. Belmoukadem Mustapha, halima wahiba, le leasing: un outil de finance sous
utilisé, financement des siméniar de Beskra, 2006.
5.Sites internets
1. Banque d’Algérie : « Banque et établissements financière », à partir du site
d’Internet: www.banque-of-algeria.dz/banque.htm.

339
‫الملخص‬

‫الملخص‪:‬‬

‫نسعى من خالل هذا البحث والذي جاء بعنوان "التحرير المالي وانعكاساته على المنظومة البنكية‬
‫الجزائرية" إلى التعرف على العولمة االقتصادية واهم المؤسسات الداعمة لها وكيفية تاثير هذه األخيرة في انتشار‬
‫سياسات التحرير المالي والمصرفي‪ ،‬باالضافة الى التعرف على ماهية سياسات التحرير المالي واهم االثار الذي‬
‫تخلفها على النظم المالية والمصرفية في الدول التي تتعرض لها‪ ،‬بعدها انتقلنا الى الواقع النظري الجزائري من‬
‫خالل التعرف على مراحل تطور المنظومة البنكية الجزائرية بين الفترة االشتراكية وفترة التحرير االقتصادي‬
‫وابراز مكانة قانون النقد والقرض رقم ‪ 20 / 20‬في إحداث تغير جذري لمسار المنظومة البنكية الجزائرية‪ ،‬وكذا‬
‫إبرار انعكاسات سياسة التحرير المصرف ي على النشاط المصرفي بشكل عام وعلى البنوك العمومية على وجه‬
‫التحديد نظ ار للدور الذي لعبته عبر مختلف مراحل التنمية‪ ،‬ونظ ار للدور اإلستراتيجي الذي يجب أن تلعبه في‬
‫المرحلة الراهنة و ضرورة امتالكها لعناصر القوة والمنافسة من اجل تشكيل ردة فعل إستراتيجية لالستفادة من‬
‫الفرص التي يتيحها التحرير المالي‪ ،‬والحد من المخاطر التي تنتج عنه‪ ،‬من خالل تقييم قدرتها على مواجهة‬
‫متطلباته وتحدياته ‪ ،‬ثم اقتراح االستراتيجيات المالئمة التي يمكن للبنوك الجزائرية من تبنيها من اجل االستفادة‬
‫من الفرص و الحد من المخاطر المرتبطة بها‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬التحرير المالي‪ ،‬البنوك الجزائرية‪ ،‬العولمة المالية‪ ،‬مخاطر ومزايا التحرير المالي‪.‬‬

‫‪RESUME :‬‬
‫‪Nous aspirons à travers cette recherche intitulée « La libéralisation financière et son impact‬‬
‫‪sur le système bancaire Algérien" à identifier la mondialisation économique ses plus importantes‬‬
‫‪institutions de soutien et l'influence de ces dernières‬‬ ‫‪dans la diffusion des politiques de‬‬
‫‪libéralisation financières et bancaires, ainsi que d'identifier la nature des politiques de‬‬
‫‪libéralisation financière et les plus importants répercussions sur les systèmes financiers et‬‬
‫‪bancaires dans les pays concernés. Puis, nous avons traité la réalité Algérienne théorique en‬‬
‫‪identifiant les étapes de l'évolution du système bancaire Algérien entre la période socialiste et la‬‬
‫‪période de libéralisation économique , tout en étalant la visibilité de la Loi sur l'échange et le‬‬
‫‪prêt(crédit) 90/10 qui abouti à un changement radicale dans le système bancaire de l'Algérie, ainsi‬‬
‫‪que de démontrer les répercussions de la politique de la libéralisation financière sur l'activité‬‬
‫‪bancaire en général et les banques publiques en particulier, en raison du rôle qu'elle occupe à‬‬

‫‪340‬‬
‫الملخص‬

travers divers stades de développement, et compte tenu du rôle stratégique qu’elle doit
actuellement ,et la nécessité de posséder les éléments de la puissance et de la concurrence
nécessaires dans le souci de former une réaction stratégique pour tirer profit des opportunités
offertes par la libéralisation financière, et la réduction des risques, en évaluant sa capacité à
répondre différents besoins et défis imposés, puis de proposer des stratégies appropriées que les
banques Algérienne doivent adopter en vue de tirer profit des opportunités et réduire les risques
qui leur sont associés.

Mots clés: la libéralisation financière, les banques Algériennes, la mondialisation financière, les
risques et les avantages de la libéralisation financière.

The Abstract :

This present research entitled " The financial liberalization and its impact on the Algerian
banking system " is suggested in order to identify the economic globalization, and the most
important supporting institutions which supporting it, and also the influence of the latter in the
spread of the financial and banking liberalization policies, as well as to identify the nature of
financial liberalization policies and the most important negatives results, which left behind a
financial and banking systems in the countries where they are exposed. Then we moved to
theoretical Algerian reality by identifying the different stages of the evolution of the Algerian
banking system from the socialist period to the period of economic liberalization and the visibility
of the exchange Act and the loan 90/10 to radically change of the Algerian banking system, as well
as, the different reflections of editorial policy of banking on the banking activity in general and the
public banks precisely, because of the role it has played through various stages of development, and
given the strategic role to be played at the current stage and the need to possess the elements of
power and competition in order to form the reaction of a strategy to take profit of the opportunities
offered by financial liberalization, and the reduction of the risk, by assessing its ability to meet its
requirements and challenges, and then to propose appropriate strategies that can Algerian banks
adopt in order to take profit of these opportunities and reduce the risks associated with them.
Key words: financial liberalization, Algerian banks, financial globalization, the risks and benefits
of financial liberalization.

341

You might also like