Professional Documents
Culture Documents
الاختصاص النوعي والاقليمي
الاختصاص النوعي والاقليمي
مع التطور التاريخي أصبح لمرفق القضاء ضرورة وجوده لحماية الحقوق والحريات للفصل ما بين
المتخاصمين ومنعهم من اقتصاص حقهم بأنفسهم ،فالقضاء يختص دون غيره من سلطات الدولة ،فقد حدد
الدستور الجزائري وظيفة السلطة القضائية المجتمع والحريات ،وتضمن للجميع ولكل واحد المحافظة على
حقوقهم األساسية واالختصاص عموما أي سواء كان نوعي أو محلي يقصد به والية جهة قضائية معينة
للفصل في الدعوى دون غيرها وهذا األخير هو موضوع نقاشنا ومن هنا نطرح اإلشكال كالتالي:
مقدمة
الخاتمة
1
المبحث األول :االختصاص النوعي
وسنتناول في هذا الفصل :مفهوم اإلختصاص النوعي وذلك في المبحث األول ،حيث سنتطرق إلى تعريفه
في المطلب األول ،وبيان أهميته في المطلب الثاني ،على أن نخصص المطلب الثالث لطبيعته
أما المبحث الثاني :فسنتطرق فيه إلى تحديد اإلختصاص النوعي لمختلف جهات القضاء ،فنتناول بذلك :
تحديد اإلختصاص النوعي للمحاكم في المطلب األول منه ،أما تحديد اإلختصاص النوعي للمجا لس
القضائية فسنتناوله في المطلب الثاني
إذا كان االختصاص الوظيفي أو الوالئي يعني توزيع وظيفة أو والية القضاء على مختلف جهتي القضاء
العادي و اإلداري ،و باقي الجهات في الدولة على اعتبار انه القسط من القضاء في الدولة الممنوح لكل
جهة قضائية من جهات قضائها .
فإن المقصود من االختصاص النوعي أمر آخر ،و لكون توزيع العمل بين محاكم القضاء اإلداري له عالقة
بالقانون اإلداري ،فان ما يعنينا هنا هو االختصاص المتعلق بالقضاء العادي ،على أننا سنتطرق الختصاص
القضاء المدني و الذي يختلف عن القضاء الجنائي رغم انتمائهما لجهة قضاء واحدة و هي القضاء العادي
،فقد افرد المشرع للقضاء الجنائي تنظيما خاصا به .
يقصد باالختصاص النوعي والية الجهة القضائية على اختالف درجاتها بالنظر في نوع محدد من الدعاوى
فهو توزيع القضايا بين الجهات القضائية المختلفة على أساس نوع الدعوى
و بعبارة أخرى توزيع العمل بين المحاكم المختلفة في داخل الجهة القضائية الواحد بحسب نوع القضية .
و المعيار الذي لجأ إليه المشرع في هذا الصدد هو ما يسمى بالمعيار النوعي ،و يقصد بهذا المعيار أن
يتخذ من نوع النزاع أساس لحديد نوع المحكمة المختصة ،بحيث تختص كل محكمة بدعاوي محددة
بنوعها و بصرف النظر عن أي اعتبار أخر
2
الفرع الثاني :أهمية االختصاص النوعي :
تظهر أهمية قواعد االختصاص النوعي في توزيع االختصاص بين المحاكم و المجالس القضائية.
فبين هاتين الطبقتين يتوزع االختصاص بنظر القضايا تبعا لنوعها أو قيمتها ،أما اختصاص محاكم
االستئناف فال يثير أية صعوبة ،فهي تختص بنظر الطعون الموجهة ضد أحكام محاكم أول درجة .
كذلك فان اختصاص محكمة النقض يقتصر على نظر الطعون ضد أحكام محاكم االستئناف .
تنص المادة 36من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على ما يلي :
"عدم االختصاص النوعي من النظام العام ،تقضي به الجهة القضائية تلقائيا في أي مرحلة كانت عليها
الدعوى "
اعتمادا على نص م 36نجد أن المشرع قد فصل صراحة في طبيعة االختصاص النوعي ،إذ اعتبره من
النظام العام ،و على هذا األساس فال يمكن االتفاق على ما أتى به النص مع عدم جواز مخالفة أحكامه ،
باإلضافة إلى انه لل جهة القضائية أن تقضي به تلقائيا و معنى ذلك أنها تقضي به من تلقاء نفسها و إن لم
يثره األطراف ،و ذلك في أي مرحلة كانت عليها الدعوى .
-غير انه يجب التمييز بين إثارة الدفع بعدم االختصاص و التراجع ،فإذا ما رأت جهة قضائية
باختصاصها و تصدت للموضوع ،ليس لذات الجهة أن تتراجع فيما بعد عن موقفها فتقضي بعدم
اختصاصها النوعي .إنما يجوز إثارة الدفع من جديد أمام جهات الطعن و تقضي فيه بناء على
قناعة مستقلة من قضاة هذه الجهات .
المطلب الثاني :تحديد االختصاص النوعي لمختلف محاكم جهة القضاء العادي :
إن المشرع عند وضعه لقواعد االختصاص النوعي ،قد استجاب لدوافع شتى اهمها :طبيعة الدعوى
(مدنية ،تجارية ،منازعات العمل ...الخ ) و اإلسراع في الفصل في النزاع (القسم االستعجالي )
3
لذلك فدور قواعد االختصاص النوعي يتمثل في تبيان المنازعات التي تدخل ضمن والية جهة قضائية
معينة و تحديد المنازعات التي تخرج من مجال اختصاصها.
المحاكم هي الجهات القضائية األساسية و تفصل في أول درجة ما لم ينص القانون على خالف ذلك
كما هو الشأن في بعض القضايا العمالية و في أحكام الطالق و هذا حسب المادة ( 1/32من قانون
اإلجراءات المدنية و اإلدارية ) و قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية حدد في المادتين ()33/32
االختصاص النوعي للمحاكم .
حدد المشرع عدد األقسام المشكلة للمحكمة و نوعها وذكرها في ستة ( )06هي األقسام المدنية و
التجارية و البحرية و االجتماعية و العقارية و قضايا شؤون األسرة .و تتم جدولة القضايا أمام هذه
األقسام بحسب طبيعة النزاع عمال بأحكام المواد ( )423إلى ( )536من القانون الجديد التي وردت
تحت عنوان اإلجراءات الخاصة بكل جهة قضائية .أما المحاكم التي لم تنشا فيها األقسام على النحو
المبين أعاله ،يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستثناء القضايا االجتماعية .
فبالرجوع إلى أحكام المادتين ( )33-32نجد المشرع و من خالل قانون اإلجراءات المدنية نص أن
المحكمة هي الجهة القضائية ذات االختصاص العام و تتشكل من أقسام وفق ما نص على ذلك القانون
رقم 11/05المؤرخ في 17يوليو 2005المتعلق بالتنظيم القضائي .
و نجد المشرع قد حدد للقضاء العادي الفاصل في المواد المدنية نوع القضايا التي يفصل فيها سواء
م ن حيث طبيعتها أو نوعها من حيث قيمتها و حتى من حيث تشكيلتها محددا في المادة ()800
االختصاص النوعي للجهات القضائية اإلدارية
4
لكن السؤال الذي يمكن طرحه هو ما هي أهمية األقسام المتواجدة على مستوى كل محكمة وفق ما
نص على ذلك القانون رقم 11-05المتعلق بالتنظيم القضائي المادة 13منه و التي تم التأكيد بالنص
عليها في المادة 32منة قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ؟
نظريا يتبادر إلى الذهن أن كل قسم يختص بنوع معين من القضايا و في حالة جدولة قضية من طبيعة
معينة أمام قسم آخر فانه يجوز الدفع لعدم االختصاص النوعي .
و من ثم فأساس التقسيم المعتمد قانونا بالنسبة للمحاكم المدنية هو لحسن سير مرفق العدالة و حتى يتم
الفصل في الدعاوي على أكمل وجه و من قبل قضاة متخصصين
و قد قضت المحكمة العليا :متى كان مقررا قانونا أن المحاكم هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون
العام و هي تفصل في جميع القضايا المدنية و التجارية أو دعاوى الشركات التي تختص بها محليا فان
إنشاء بعض الفروع لدى المحاكم ال يعد اختصاصا نوعيا لهذه الفروع بل هي تنظيم إداري بحت ،و
من ثم فإن الدفع بالقرار بدعوى خرق قواعد االختصاص النوعي غير سليم يتعين رفضه .حسب
(الملف رقم ) 54288قرار بتاريخ . 1989/02/19
و الذي يعتبر اختصاصا من النظام العام يثيره القاضي من تلقاء نفسه و ال يجوز للخصوم االتفاق على
خالفه و هو ما أكدته أيضا (م 500ق.إ.م.إ) التي نصت على (يختص القسم االجتماعي اختصاصا
مانعا )...و قد جاءت المادة تحت عنوان (في االختصاص النوعي للقسم االجتماعي و هذا يعود للتشكيلة
الخاصة للقسم االجتماعي أي من قاض رئيس و مساعدين و طبقا لنص (م )500يختص القسم
االجتماعي دون سواه بمعنى انه اختصاص نوعي من النظام العام يثيره القاضي من تلقاء نفسه أو
األطراف و في أي مرحلة كانت عليها الدعوى في الدعاوي التالية (إثبات عقود العمل و التكوين و
التمهين /تنفيذ و تعليق و إنهاء عقود العمل و التكوين و التمهين /منازعات انتخاب مندوبي العمال
/المنازعات المتعلقة بممارسة الحق النقابي /المنازعات المتعلقة بممارسة حق اإلضراب /منازعات
الضمان االجتماعي و التقاعد /المنازعات المتعلقة باالتفاقات و االتفاقيات الجماعية للعمل )
5
ثالثا:االستثناء الثاني عن القاعدة العامة :األقطاب المتخصصة.
تنص الفقرة 7من المادة 32على ان تختص األقطاب المتخصصة المنعقدة في بعض المحاكم بالنظر دون
سواها في المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية واإلفالس والتسوية القضائية في المنازعات المتعلقة بالبنوك
ومنازعات الملكية الفكرية والمنازعات البحرية والنقل الجوي ومنازعات التأمينات.
ومهما يكن فانه طبقا لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فان اختصاص األقطاب المتخصصة اختصاص
فرعي من النظام العام عكس األقسام المكونة للمحكمة.
الحكمة من اإلحالة هي االقتصاد في الوقت وفي اإلجراءات والنفقات حتى ال يتحمل المدعي أعباء رفع
دعوى جديدة .واإلحالة التي اقرها المشرع بموجب المادة 320من (ق إ م إ) بين األقسام المشكلة لنفس
المحكمة فهي تخص حالة جدولة قضية أمام قسم غير القسم المعني بالنظر فيها فيحال الملف الى القسم
المعني عن طريق أمانة الضبط بعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا.
لم يحدد القانون العضوي عدد المجالس القضائية بل يجب الرجوع إلى عددها المحدد بثمانية وأربعون
( )48المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول.
تكرس المادة ( )34من ق إ م) مبدأ التقاضي على درجتين بحيث يجوز الطعن باالستئناف في جميع األحكام
الصادرة عن المحاكم في الدرجة األولى وفي جميع المواد حتى ولو كان وصفها خاطئا والمادة الجديدة
هي عبارة عن تصحيح في الصياغة للمادة ( 5من ق ا م ) و المراد من تمديد الطعن ليشمل األحكام التي
كان وصفها خاطئا تمكين المجلس من بسط واليته على األحكام الصادرة من أول درجة لمنع التعسف
ومراقبة التكييف القانوني ،فقد يأتي وصف الحكم على انه نهائي بينما هو ابتدائي ،في مثل هذه الحالة
6
يجوز للمجلس أن ينظر في االستئناف وال يتوقف عند الوصف الخاطئ له ،ومعنى ذلك ان الوصف القانوني
هو الذي يحدد طرق الطعن وليس الوصف القضائي.
إن الثقة في القاضي وحكمه اسمى األهداف التي تطمح إلى تحقيقها األنظمة القانونية المعاصرة وال يسوغ
لها ذلك إذا لم تتوفر للمتقاضي الوسائل القانونية والمادية التي تجعله يطمئن ألحكام القضاء ،من بينها نظام
رد وتنحي القاضي الذي يهدف إلى توفير اكبر قدر من الضمان واالطمئنان إلى ما يصدره القاضي ،وكذلك
لحماية القاضي من نفسه .وقد حدد المشرع الجزائري جملة من األسباب التي يجوز إذا توفرت أن يتنحى
القاضي من تلقاء نفسه أو بموجب أمر بالتنحي بعد رفع طلب الرد أمام الجهة المختصة .وبقراءة (م 241
ق ا م ) نجدها جاءت بصيغة الجواز وهذا أمر مؤسف ألنه على عكس بعض األنظمة القضائية المقارنة
جعلت نظام الرد والتنحي من النظام العام يجعل الحكم الصادر من القاضي باطال وقد حصرت (م 241
ق ا م ا) األسباب لتي يمكن أن يؤسس عليها طلب الرد أو التي يمكن أن يتنحى القاضي اختياريا عن الحكم
في القضية المعروضة أمامه.
يكون ثمة تنازع في االختصاص بين القضاة عندما تقضي جهتان قضائيتان و أكثر في نفس النزاع
باالختصاص او عدم االختصاص.
إذا كانت المحاكم تابعة لنفس المجلس القضائي تقدم عريضة الفصل في التنازع أمام الجهة التي تحدد الجهة
القضائية المختصة وتحيل القضية عليها لتفصل فيها طبقا للقانون ،وإذا كانت هذه المحاكم تابعة لمجالس
قضائية مختلفة تقدم العريضة أمام الغرفة المدنية للمحكمة العليا.
إذا قضى مجلسان قضائيان باختصاصهما أو بعدم اختصاصهما أو إذا وقع تنازع بين محكمة ومجلس
قضائي تقدم العريضة أمام الغرفة المدنية للمحكمة العليا ،تعين المحكمة العليا الجهة القضائية المختصة
وال يجوز لهذه األخيرة التصريح بعدم االختصاص.
7
تقدم عريضة الفصل في تنازع االختصاص بين القضاة أمام الجهة القضائية المختصة في اجل شهرين
ويسري ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي ألخر حكم الى الخصم المحكوم عليه تقدم عريضة الفصل في
التنازع االختصاص بين القضاة أمام المجلس القضائي وفقا للقواعد المقررة لرفع عريضة االستئناف
وتخضع العريضة التي تقدم أمام المحكمة العليا للقواعد المقررة لعريضة الطعن بالنقض.
لقد حددت المواد من 37إلى 40من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية االختصاص اإلقليمي للجهات
القضائية
يقصد باالختصاص اإلقليمي والية الجهة القضائية بالنظر في الدعاوى المرفوعة أمامها إستنادا إلى معيار
جغرافي يخضع للتقسيم القضائي.
وبمعنى آخر الحيز الجغرافي الذي تختص كل محكمة النظر والفصل في المنازعات التي تثار فيه والذي
يتم تحديده عن طريق التنظيم ،فدور قواعد االختصاص اإلقليمي إذن هي تحديد محكمة معينة يمكن أن
تقدم إليها الدعوى.
ونشير هنا إلى أن ما يالحظ على النص الجديد هو اعتماد المشرع على مصطلح اإلقليمي بدال من المحلي
وذلك لالنسجام مع أحكام الدستور من الناحية االصطالحية.
ويستلزم تسيير التقاضي و سرعة فض النزاعات تعدد المحاكم وانتشارها ،لتكون بقدر من اإلمكان قريبة
من موطن الخصوم أو من محل تواجد موضوع النزاع القائم بينهم.
وهذه القواعد تخص المحاكم والمجالس القضائية فحسب ،ألنه ال توجد سوى محكمة عليا واحدة لها
اختصاص يشمل كامل التراب الوطني .
8
الفرع الثالث:طبيعة االختصاص اإلقليمي
على خالف االختصاص النوعي ،ال يعتبر االختصاص اإلقليمي من النظام العام وبالتالي يجوز لألطراف
االتفاق على خالفه إال في حاالت استثنائية وردت على سبيل الحصر وقد تضمنتها المادة 40من القانون
الجديد والتي تنص " :ترفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المبينة أدناه دون سواها "....
فقد حددت المادة جملة من الدعاوى التي ال يمكن رفعها إال أمام جهات قضائية محددة ومن بين هذه
الدعاوى مثال نذكر:
.1في المواد العقارية أو األشغال المتعلقة بالعقار ،أو دعاوى اإليجارات بما فيها التجارية المتعلقة
بالعقارات ،و الدعاوى المتعلقة باإلشغال العمومية ،حيث ال يجوز رفعها إال أمام المحكمة التي يقع
في دائرة اختصاصها العقار ،أو المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تنفيذ األشغال.
. 2في مواد الميراث ،دعاوى الطالق أو الرجوع ،الحضانة ،النفقة الغذائية والسكن على التوالي،
أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المتوفى ،مسكن الزوجية ،مكان ممارسة
الحضانة ،موطن الدائن بالنفقة ،مكان وجود السكن.
-هذا باإلضافة إلى دعاوى أخرى كمواد اإلفالس أو التسوية القضائية للشركات ومواد الملكية الفكرية
والمواد المتعلقة بالخدمات الطبية وغيرها من المواد التي ذكرتها المادة 40من هذا القانون.
و يترتب على كون االختصاص اإلقليمي ليس من النظام العام عدة أمور:
.2يجوز للخصوم الحضور باختيارهم أمام القاضي ،حتى ولو لم يكن مختصا إقليميا وهو ما نصت
عليه المادة 46من القانون نفسه.
. 3انه يجب إثارة الدفع بعدم االختصاص اإلقليمي قبل أي دفاع في الموضوع أو دفع بعدم القبول
وإسقاط الحق في ذلك ،ويترتب على هذا االستثناء الوارد على جواز اتفاق األطراف على خالف ما
ينص عليه قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية فيما يتعلق باالختصاص اإلقليمي ما دام ليس من
النظام العام -وهو االستثناء الذي جاءت به المادة 40بأنه ال يجوز رفع بعض الدعاوى أمام جهات
قضائية أخرى غير المنصوص عليها في المادة ما يلي:
-أنه يعتبر الغيا وعديم األثر ،كل شرط يمنع االختصاص اإلقليمي لجهة قضائية غير مختصة إال إذا تم
بين التجار ،وقد نصت على ذلك المادة .45
9
وترمي المادة من وراء ذلك أساسا إلى حماية األطراف الضعيفة في العقود السيما في عقود اإلذعان حيث
يفرض الطرف القوي في العقد شروطا مسبقة بما فيها مسالة انعقاد االختصاص.
" يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه ،وإن لم
يكن له موطن معروف ،فيعود االختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها آخر موطن له ،وفي حالة اختيار
موطن ،يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع فيها الموطن المختار ،ما لم ينص القانون
على خالف ذلك.
ومن خالل هذا النص نالحظ أن القاعدة العامة في االختصاص اإلقليمي هي موطن المدعي عليه أو مقامه
كما يطلق عليه البعض ،والموطن معناه المحل الذي يوجد فيه السكن الرئيسي للشخص ،وفي حالة عدم
وجوده يحل محلها مكان اإلقامة العادي ،ويعتبر المكان الذي يمارس فيه الشخص تجارة أو حرفة موطنا
خاصة بالنسبة إلى المعامالت المتعلقة بهذه التجارة أو المهنة وموطن القاصر والمحجور عليه والمفقود و
الغائب هو موطن من ينوب عن هؤالء قانونا.
ويتمثل الفرق بين الموطن ومحل اإلقامة في أن األول هو المحل الذي يحتمل فيه إقامة الشخص قانونا (
الموطن الحكمي ) ،أما الثاني فهو محل اإلقامة الفعلية ،ونظرا الحتمال أن يكون الموطن مختلفا و بعيدا
عن محل اإلقامة ،فمصلحة المدعى عليه تتطلب رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامته.
مبررات القاعدة:
تكاد تجمع تشريعات دول العالم على عقد االختصاص المكاني لمحكمة مقام المدعي عليه كقاعدة عامة،
يرجع ذلك إلى أن األصل هو براءة الذمة ومن ثم فعلى من يطالب خصمه بشيء أن يسعى إلى أقرب
محكمة إليه.
ثم إن المدعي هو الذي أخذ زمام المبادرة فرفع الدعوى في الوقت الذي يناسبه هو ،فيجب أن يكون هناك
توازن فال يختار أيضا المحكمة التي تناسبه وهي عادة الواقع في دائرتها مقامه ،وإنما تلك التي يقع بها
مقام المدعى عليه.
10
وقد كان نص المادة 8الوارد في القانون و التي أوردت استثناءا على ذلك بالنسبة لمجموعة من الطلبات
تقدم خصيصا أمام الجهات القضائية التي حددتها وقد كان نص م 8الوارد في القانون القديم ينص على ما
يلي:
"يكون االختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه بالنسبة للدعاوى الخاصة
باألموال المنقولة و دعاوى الحقوق الشخصية العقارية،وكذلك جميع الدعاوى التي لم ينص فيها على
اختصاص محلي خاص ،فإن لم يكن للمدعى عليه موطن معروف يعود الختصاص للجهة القضائية التي
يقع في دائرتها محل إقامته ،و إن لم يكن له محل إقامة معروف ،فيكون االختصاص للجهة القضائية الواقع
بدائرتها أخر موطن له .
غير أنه"....
و لقد أخذ المشرع الجزائري بقاعدة اختصاص محكمة موطن المدعى عليه في الحقوق الشخصية و
العينية على أساس ما يلي:
-1في الحقوق الشخصية تفترض براءة الذمة فال يكون أي شخص مدينا لألخر.
-2في الحقوق العينية يجب حماية الوضع الظاهر بافتراض شرعيته إلى غاية إثبات العكس ،فمن
يحوز ماال يفترض كونه مالكا له.
لذا من الطبيعي عند إرادة نقض إحدى القاعدتين أن يلتزم المدعى بتقديم دليله كقاعدة عامة أمام المحكمة
التي تقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه إذ ال يعقل أن يستدعي المدعى خصمه إلى موطنه
ليدافع عن نفسه في دعوة قد يتبين في النهاية عدم تأسيسها فضال عن أنه لو تترك للمدعى حرية اختيار
المحكمة المختصة يمكن ان يتعسف في ذلك ان كان سيئ النية فيختار محكمة بعيدة جدا عن موطن المدعى
عليه.
و قد ميز المشرع الجزائري بين حالتين في القاعدة العامة موطن المدعى عليه " لالختصاص اإلقليمي:
فعندما يكون المدعى عليه شخصا واحدا ،يتم إعمال القاعدة العامة إذ ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع
في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه وفق المادة .37
أما إذا تعدد المدعى عليهم ،فللمدعي االختيار بأن يرفع الدعوى أمام المحكمة الواقع في دائرتها أي منهم.
11
المادة :38
" في حالة تعدد المدعى عليهم ،يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها
موطن أحدهم".
و الهدف من تقرير هذه القاعدة هو تفادي رفع قضايا متعددة دون مبرر ،و للمدعي الحق في اختيار
موطن أحد المدعى عليهم وتطبق هذه القاعدة حتى و لو كان أحد المدعى عليهم شخص معنوي.
-يجب أن يكون هناك أكثر من مدعى عليه واحد ( تعدد المدعى عليهم ).
-أن تكون الجهة القضائية المرفوع النزاع أمامها مختصة نوعيا للنظر في النزاع المرفوع ضد جميع
المدعى عليهم ثم أن تكون هذه الجهة مختصة إقليميا بنظر المرفوع ضد أحدهم.
لقد رأينا أن المحكمة المختصة إقليميا هي مبدئيا المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ولكن
أدخل القانون على هذا المبدأ استثناءات كثيرة فبعد أن أخضع بعض المواد لمحكمة غير التي يقع بها موطن
المدعى عليه أجاز خيار االختصاص في بعض الحاالت ونظرا للتداخل بين االختصاص اإلقليمي والنوعي
الذي يتميز به تشريعنا فيجب في بعض الحاالت التنسيق بين هذين االختصاصين لتحديد المحكمة المختصة
محليا.
حددت المادة 37من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية المحكمة المختصة إقليميا للنظر في بعض الدعاوى
بغض النظر عن موطن المدعى عليه وهذه الدعاوى قد تكون مدنية أو تجارية أو اجتماعية أو متعلقة
باألحوال الشخصية أو باالستعجال.
أ -القضايا المدنية :فيما يخص الدعاوى العقارية تكون المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها هي
المختصة كلما تعلق األمر بدعوى عقارية.
ب -القضايا التجارية :في الدعاوى المتعلقة بالشركات بالنسبة لمنازعات الشركاء يرفع الطلب إلى المحكمة
التي يقع في دائرة اختصاصها المركز الرئيسي للشركة ومادام المشرع لم يحدد نوع الشركة فتطبق القاعدة
سواء تعلق األمر بشركة تجارية أو مدنية.
ت -القضايا االجتماعية :النزاعات الفردية في العمل والمنازعات في مجال الضمان االجتماعي ال تطبق
أمام المحكمة الفاصلة في المسائل االجتماعية قاعدة اختصاص موطن المدعى عليه قد يكون موطن صاحب
12
العمل أو صاحب األجرة بعيدا عن مكان العمل والمحكمة الفاصلة في المسائل االجتماعية أنشئت لتطبق
على المتقاضين العادات المتداولة محليا في المهنة وهذا االهتمام هو الذي دفع المشرع إلى إقرار قواعد
خاصة طرأت عليها بعض التعديالت فيها بعد.
ث -قضايا األحوال الشخصية :في دعاوى الطالق ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرة
اختصاصها مسكن الزوجية .وفي دعاوى الحضانة تختص المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان
ممارسة الحضانة وأما الدعاوى المتعلقة بالنفقة فيجب أن يرفع الطلب أمام المحكمة التي يقع في دائرة
اختصاصها موطن أو مسكن الدائن بقيمة النفقة .وفي مواد الميراث يرفع الطلب أمام المحكمة التي يقع في
دائرة اختصاصها مكان التركة.
ج -القضايا المستعجلة :تخفيف قواعد االختصاص المحلي في مواد االستعجال للحصول على أمر
استعجالي من المفروض أن ترفع القضية لرئيس المحكمة التي يكون مختصا محليا للفصل في موضوع
اإلشكال ولكن باعتبار ضرورة تدخل القاضي بصفة مستعجلة فإن المشرع أقر قواعد خاصة إذا أوجب
رفع الدعوى أمام المحكمة الواقعة في دائرة اختصاصها (مكان الشكل التنفيذي) أو (التدبير المطلوب).
أجاز المشرع للمدعي في بعض المواد أن يختار بين محكمتين أو أكثر عند تقديم طلبه وهذا الخيار قد
يكون على محكمتين بمعنى أنه يمكن للمدعي أن يرفع طلبه أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها
موطن المدعى عليه وإما أمام محكمة أخرى كما قد يكون هذا االختيار متعددا أي يكون االختصاص
المحلي موزعا على أكثر من محكمتين وفي بعض الحاالت االستثنائية قد يكون االختصاص وطني يجيز
رفع الدعوى أمام أي محكمة من محاكم الجزائر.
-الدعاوى المختلطة :يجوز في مثل هذا النوع من الدعاوى أن يرفع الطلب إما إلى المحكمة التي يقع في
دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه أو مسكنه وإما أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها
مقر األموال.
-دعاوى تعويض الضرر الناشئ من جريمة :إذا كانت متعلقة بتعويض الضرر الناشئ من جناية أو جنحة
أو مخالفة ،يجوز أن يرفع الطلب إما إلى محكمة موطن المدعى عليه وإما أمام الجهة القضائية التي وقع
في دائرة اختصاصها الفعل الضار .في حالة اختيار الموطن فإن المحكمة المختصة إقليميا إلى جانب
المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه هي الجهة القضائية للموطن المختار.
13
ب -الحاالت التي تختص فيها عدة محاكم :
تختص عدة محاكم في حالة تعدد المدعى عليهم ،المنازعات المتعلقة بالتوريدات واألشغال وأجور العمال
أو الصناع ،الدعاوى التجارية ،الدعوى المرفوعة ضد شركة.
إذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو مسكن في الجزائر يجوز رفع الدعوى أمام المحكمة التي يختارها المدعي
وتطبق هذه القاعدة خاصة في المنازعات المتعلقة بتنفيذ العقود التي أبرمها أجنبي في بلد أجنبي مع جزائري
أو المنازعات الناشئة عن تنفيذ التزامات تعاقد عليها جزائري في بلد أجنبي.
الخاتمة:
إن من الحقوق التي كفلها الدستور للمواطنين هو حق اللجوء إلى القضاء و ضمانا لحسن سير العدالة و
لتقريب العدالة من المتقاضين أقر المشرع مبدأ التقاضي على درجات ( اختصاص نوعي ) و هذا يؤدي
إلى تحديد درجة المحكمة المختصة ( محكمة ،مجلس قضائي ،محكمة عليا ) و أقر تعدد المحاكم ذات
الدرجة الواحدة مما يؤدي إلى وضع قواعد تبين أية محكمة من محاكم الدرجة الواحدة تختص بالفصل في
النزاع و هذا كله يؤدي إلى نتيجة حتمية و هي األهمية البالغة للقواعد التي تبين نصيب كل محكمة من
14