You are on page 1of 26

[Titre du document]

[Sous-titre du document]

[Date]

Compte Microsoft
[nom de la société]
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪..................................................................................................................... :‬‬
‫المبحث األول‪ :‬العمل‪.......................................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العمل‪..................................................................................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تطور نظرة العمل‪...........................................................................................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تصنيفات العمل‪............................................................................................................................................‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مكونات العمل‪................................................................................................................................................‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬الحاجات في العمل‪......................................................................................................................................‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬نظريات العمل‪.............................................................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬اإلدارة‬


‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم اإلدارة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أهمية اإلدارة و خصائصها‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬نظرية هنري فايول في اإلدارة‬
‫المبحث األول ‪ :‬نظرية هنري فايول في اإلدارة‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم اإلدارة عند هنري فايول‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األسس العامة لنظرية‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬األسس العامة لإلدارة ( مبادئ اإلدارة )‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬وظائف اإلدارة‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أبرز االنتقادات الموجهة لنظرية هنري فايول‬
‫المطلب األول ‪ :‬نقد نظرية اإلدارة العامة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الفرق بين أفكار تايلور و أفكار فايول‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬أسباب وجود نقائص في اإلدارة عند هنري فايول‬
‫الخاتمة‬
‫قائمة المراجع‬
‫املقدمة‬
‫تقوم جميع املجتمعات ببناء أشكال من التقسيم الطبقي واإلنتاج وتوزيع السلطة والثروة‪ .‬كما يقومون أيًض ا بتعيين‬
‫مكان مركزي أكثر أو أقل للعمل‪ .‬ألم العمل‪ ،‬أو قيود العمل‪ ،‬أو العمل املتحرر‪ ،‬كان هذا املوضوع حاضًر ا بشكل‬
‫خاص منذ أن بدأ شكله املعاصر في الظهور‪ ،‬في القرن السابع عشر‪ ،‬وخاصة في القرن التاسع عشر‪ ،‬مع التصنيع‪ .‬ومن‬
‫هنا ولد علم االجتماع‪ ،‬في فترة تدمير‪/‬إعادة هيكلة أنماط اإلنتاج القديمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن علم اجتماع العمل‪ ،‬وهو‬
‫أحد فروع علم االجتماع األكثر حيوية‪ ،‬لم يتم تأسيسه إال مؤخًر ا نسبًي ا في فرنسا‪ .‬يعود تاريخ ميالدها إلى‬
‫الخمسينيات‪ .‬لكنها كانت في طليعة التجديد التأديبي بعد الحرب‪ .‬تكمن أصالته في أنه كان منذ البداية علم اجتماع‬
‫نقدي‪ ،‬متأثًر ا بشكل غير مباشر باملاركسية‪ ،‬ولكنه أكثر انتقاًد ا لعلم االجتماع النفسي للعمل والعالقات اإلنسانية كما‬
‫كانت تمارس آنذاك في الواليات املتحدة‪ .‬لم يكن الباحثون الفرنسيون في البداية‪ ،‬مثل زمالئهم األمريكيين‪ ،‬مدفوعين‬
‫بالبحث عن إنتاجية أكبر للفرد في العمل‪ ،‬بل بالرغبة في فهم الطبقة العاملة‪ .‬وكان معظمهم من األكاديميين أو‬
‫ًا‬
‫الباحثين العاملين لدى الدولة‪ ،‬وليس لدى الشركات‪ ،‬وكان اتجاه أبحاثهم متأثر للغاية بمموليهم األوائل‪ ،‬وخاصة‬
‫وزارة العمل‪ ،‬التي سعت بعد التحرير إلى تعرف على كيفية‪.‬‬
‫منذ نهاية الخمسينيات‪ ،‬وخاصة خالل العقود التالية‪ ،‬التي شهدت تضاعف عدد الباحثين ومصادر تمويلهم‪ ،‬تنوعت‬
‫املواضيع حول العالقة بالعمل‪ ،‬ثم بالتوظيف‪ .‬يرتبط تطور علم اجتماع العمل باالختالفات ‪-‬أهمية املنظمة وعالقتها‬
‫بالعمل‪ .‬الصناعة لديها كان في أصل نشاطها‪ :‬العمل في خط التجميع‪ ،‬والعمل في الفتات (فريدمان)‪ ،‬و األتمتة”‬
‫(نافيل) والكائن من التحليالت االجتماعية األولى ملجتمع األجور‪،‬و ارتفاع الخدمات مقارنة بالعمل الصناعي جلب تريل‬
‫الفروق األولى في التحليل التقليدي وظيفي‪ .‬ولكن‪ ،‬إذا تم تحويل محتويات العمل‪ ،‬فإن لقد أصبحت املسألة‬
‫االجتماعية املركزية اآلن هي مسألة توظيف‪ .‬هذه هي مركزية العمل وفي نفس الوقت سوسيولوجيا العمل برمتها والتي‬
‫هي موضع تساؤل‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬ال ينبغي لنا أن نخلط بين التخفيض في حصة العاملين في العمل مع نهاية العمل "‪ .‬يجددها النهج االجتماعي‪،‬‬
‫ًط‬
‫كما يتضح من حقيقة أنه منذ الثمانينات‪ ،‬ترتبط ارتبا ا وثيًق ا بتحوالت العمل وأسئلة حول العمل‪.‬إن تقييم قدرة‬
‫علم االجتماع على تحليل تحوالت العمل يعني أيًض ا التشكيك في مكانة هذا التحليل في علم االجتماع ككل‪ ،‬والذي ال‬
‫يمكن تحديد خصوصيته فقط من خالل مجال الدراسة‪ ،‬ألنه يستخدم املراجع النظرية للتخصص‪ .‬لذلك‪ ،‬سنبدأ‬
‫بوضع علم اجتماع العمل ضمن التخصصات األخرى التي تحلل العمل ‪.‬‬
‫قبل دراسة ظروف والدته وتطوره وسنقوم بعد ذلك بوصف املوضوعات الرئيسية التي يتناولها قبل أن ندرس أخيًر ا‬
‫إعادة تركيب املشكالت بين علماء اجتماع العمل‪.‬‬
‫املبحث االول‪:‬‬
‫العمل‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫يشير العمل إلى ذلك النشاط الغائي والواعي الذي يختص به اإلنسان‪ ،‬مجموعة من النشاطات واملهام التي ينجزها‬
‫الفرد ضمن تنظيم أو مؤسسة ما‪ ،‬ويهدف إلى تحقيق وإشباع مجموعة من الحاجات‪.‬‬
‫فهو يحقق مجموعة من الغايات باعتباره نشاط هادف ومنتج ألشياء وقيم لها أهميتها في املجتمع للفرد‪.‬‬
‫إن كان فكري او يدوي من خالله االنسان يبتكر ويبدع‪ ،‬ويتجلى ذلك في اسهام العمل اإلنساني في بناء الحضارات‪.‬‬

‫املطلب األول‬
‫مفهوم العمل‬

‫وردت عدة تعاريف للعمل واختلفت باختالف العلماء واملجاالت‪ ،‬فعلماء النفس اهتموا وركزوا في تعاريفهم للعمل‬
‫بإبراز البعد النفسي له‪ ،‬في حين اعتبره علماء االقتصاد أحد عناصر اإلنتاج األساسية‪ ،‬بينما ركز علماء االجتماع على‬
‫الناحية االجتماعية للعمل‪ ،‬وفي بحثنا هذا اعتمدنا على طرح مجموعة من التعاريف للعمل بدأ من تعرفه لغة إلى‬
‫مجموعة من التعاريف حسب علماء النفس وعلماء االجتماع باإلضافة إلى علماء االقتصاد ونظرة املختصين في اإلدارة‬
‫للعمل‪.‬‬
‫‪ .1‬العمل لغة‪ :‬عمل‪ ،‬يعمل‪ :‬عمال‪ ،‬فعل بقصد وفكر‬
‫‪1‬‬

‫يبرز التعريف اللغوي للعمل النشاط أو الفعل الذي ينجزه الفرد أو العامل عن قصد ولتحقيق هدف أو غاية عمل‬
‫‪2‬‬
‫بمعنى مارس نشاطا وقام بجهد للحصول على منفعة أو للوصول إلى نتيجة مجدية‬
‫‪ .2‬تعريف العمل حسب علماء النفس‪:‬‬
‫" العمل هو مجموعة املهام أو الواجبات املوكلة لشخص بهدف تحقيق غايات محددة‪ ،‬عن طريق مجموعة من‬
‫‪3‬‬
‫الوسائل‪ ،‬و يصنف حسب سلم التقييم إلى سهل‪/‬معقد‪ ،‬روتيني أو يتطلب مبادرة و مها رات يدوي‪ /‬فكري ‪ ...‬الخ‬
‫‪4‬‬
‫العمل هو سلوك مكتسب من خالل التعلم‪ ،‬يهدف إلى التكيف مع متطلبات املهمة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ويعرفه " ‪ " Christian Guillevic‬بأنه الفعل الذي ننجزه‪ ،‬وكذلك الناتج واملكانة االجتماعية التي نحتلها في املجتمع‬
‫اهتم علماء النفس بابراز الجوانب النفسية للعمل واعتباره سلوك هادف وكذلك محصلة تفاعل بين اإلمكانيات‬
‫املادية والتقنية واملورد البشري‪ ،‬حيث ركز " ‪ " Muccheilli‬في تعريفه له على مجموعة‪ ،‬األنشطة واملهام املنجزة‬
‫أثناءه‪ ،‬في حين اعتبره" ‪ " J.Le Plat‬سلوك مكتسب هادف‪.‬‬

‫تعريف العمل حسب علماء االجتماع‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫جبران مسعود‪ :‬الرائد‪ ،‬معجم ألفبائي في اللغة واالعالم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬ط ‪ ،2003 ،1‬لبنان ص ‪625‬‬ ‫‪1‬‬

‫صبحي حمودي ‪ :‬المنجد في اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬ط ‪ ،2001 ،2‬لبنان ص ‪1920‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Roger Muccheilli : Etudes de poste de travail Ed ESF, France,1979. P 99.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Jacques le plat : Regard sur l’activité humaine. Ed PUF, France, 1997. P 93 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Cristian Guillevic : Opcit P 14.‬‬
‫يشير هذا املصطلح بمعناه العام إلى أي نشاط أو جهد نحو إنجاز هدف معين ‪ ،6‬تطلق صفة العامل على كل إنسان‬
‫‪7‬‬
‫يمارس نشاطا معينا‬
‫حسب ما ورد في التعريف األول فالعمل هو نشاط أو جهد ذو غاية و قصد‪ ،‬و هذا ما سبق و أشار إليه فريدمان «‬
‫‪ " G.Freidmann‬في كتابه" رسالة في سوسيولوجية العمل " هو مجموعة نشاطات ذات هدف اجرائي يقوم بها‬
‫اإلنسان بواسطة عقله ويديه واألدوات واآلالت‪ ،‬وينفذها على املادة‪ ،‬هذه النشاطات تسهم بدورها في تطويره‬
‫‪ ،‬واملالحظ من هذه التعاريف على اختالف العلماء والفترة الزمنية سواء الحديثة منها أو القديمة نوعا ما‪ ،‬اعتبرته‬
‫نشاط هادف‪ ،‬وواعي كما ركزت على تغيرات التي ينجزها العامل على املادة أو مدخالت العمل‪.‬‬
‫‪ .4‬العمل حسب علماء االقتصاد‪:‬‬
‫العمل يعبر عن ذلك النشاط الواعي و الهادف ‪ ,‬املبذول في عملية اإلنتاج أي في استعمال أدوات اإلنتاج من أجل تحويل‬
‫‪8‬‬
‫مادة العمل‬
‫‪ -‬يعرفه علماء االقتصاد االشتراكيون بأنه صورة العنصر األساسي و هو قوة العمل التي تكمن في ذات أو جسم‬
‫اإلنسان الحي بحيث تظهر عند إنفاقها في صورة عمل‪ ,‬و يهدف " ماركس " قوة العمل بأنها مجموعة من الطاقات‬
‫الجسمية والفكرية املتواجدة في جسم اإلنسان في شخصيته الحية ‪،‬و التي يجب أن يجعلها في حركة لكي ينتج أشياء‬
‫‪9‬‬
‫نافعة‬
‫العمل هو ذلك النشاط الغائي الهادف الذي يبذله العاملون أثناء اإلنتاج‪،10‬‬
‫يركز علماء االقتصاد االشتراكيون على أهمية عملية اإلنتاج أو إنشاء منفعة‪ ،‬حيث يعتبرون أن العمل البشري هو‬
‫أساس كل عملية االنتاج‪ ،‬فالفرد هو ركيزة النشاط االقتصاد‪.‬‬
‫في حين أن رب العمل في املؤسسة الرأسمالية ما هي إال مستغل‪ ،‬قد جمع راس املال بواسطة االستيالء على فائض‬
‫القيمة (ماركس) إال أن رأسماليون يرون أن راس املال هو العنصر األساسي في عملية اإلنتاج و العامل يتلقى مقابل‬
‫الجهد املبذول األجر‪ ،‬في حين أن أكبر نسبة األرباح تعود لصاحب راس املال لكونه املالك و املؤسس و من املنطقي‬
‫حسب الرأسماليون استحواذه على أكبر جزء من عوائد عملية اإلنتاج ‪.‬‬

‫‪ .5‬العمل حسب علماء اإلدارة ‪:‬‬


‫يعتبر علماء اإلدارة املنظمة مجموعة من االفراد يمارسون وظائف معينة قصد تحقيق أهداف محددة وفقا لنظام‬
‫يحدد املسؤوليات والسلطات بناًء ا على مختلف أفكار املختصين في اإلدارة‪ ،‬نجد أنها ركزت على العمل بدءا من تايلور‬
‫الذي سعى إلى تكوين وتدريب العمال ألداء العمل بطريقة أفضل‪ ،‬باإلضافة إلى تقسيم العمل وتنظيمه‪ ،‬كما حاول‬
‫الفصل بين اإلدارة والعمال في املؤسسة‪.‬‬
‫" و يرى تايلور أن أهم عنصر في اإلدارة هو فكرة الوظيفة‪ ،‬فعل كل فرد مخطط تخطيطا كامال بواسطة اإلدارة يوما‬
‫‪11‬‬
‫مسبقا على األقل‪ ،‬و في معظم الحاالت يتسلم العامل تعليمات مكتوبة كاملة‪ ،‬تشرح بالتفصيل العمل املطلوب منه‬

‫فاروق مداس ‪ :‬قاموس مصطلحات علم االجتماع‪ ،‬دار مدني‪ ،‬الجزائر ‪ 2003‬ص ‪)) 56‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪7‬‬
‫فريديريك معتوق ‪ :‬معجم العلوم االجتماعية‪ ،‬دار النشر أكادمية‪ ،‬لبنان‪ . 2001 ،‬ص ‪23‬‬
‫‪ 8‬جورج فريدمان و بيار نافيل ‪ :‬رسالة في سوسيولوجيا العمل‪ .‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪12‬‬
‫ناصر دادي عدون ‪ :‬مرجع سابق ص ‪123‬‬ ‫‪9‬‬

‫نفس المرجع السابق ص ‪123‬‬ ‫‪10‬‬

‫صمويل عبود‪ :‬اقتصاد المؤسسة ‪ ,‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ,‬الج ا زئر ‪ 1982‬ص ‪14‬‬ ‫‪11‬‬
‫فالعمل حسب تايلور يحدد بدقة من طرف اإلدارة‪ ،‬ويوزع على العمال حسب "قدراتهم ومهاراتهم «أن كل عامل يجب‬
‫‪12‬‬
‫أن يعطي له أعلى مستوى من العمل يناسب قد ا رته وحالته الجسمية‬
‫على الرغم من تعدد التعاريف التي تتناول مفهوم العمل حسب تخصصات وعلوم مختلفة (علم النفس‪ ،‬علم‬
‫االجتماع‪ ،‬علم االقتصاد) إال أنها تؤكد في مجملها على أنه نشاط هادف وغائي‪ ،‬يختص به اإلنسان‪.‬‬
‫يمكن تعريف العمل على أنه نشاط أو مجموعة االنشطة واملهام التي ينجزها الفرد العامل‪ ،‬قصد تحقيق غاية أو‬
‫هدف (مخرج معين مادي أو معنوي) للحصول على مقابل أو أجر نظير الجهد املبذول‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك يمكن القول ان كل تخصص أو علم ينظر للعمل من ناحيته ‪،‬فعلماء النفس يهتمون بالبعد النفسي له‪،‬‬
‫ويعتبرون العمل نشاط‪ ،‬في حين يعني لدى علماء االجتماع مصطلح العمل الكفاءة‪ ،‬بينما لدى علماء االقتصاد يدل‬
‫على االستخدام أو الوظيفة ‪،‬‬

‫املطلب لثاني ‪:‬‬


‫تطور النظرة للعمل‬

‫يكون كل مجتمع وكل ثقافة تصورات ووجهات عن العالم والبيئة املحيطة على اختالفها‪ ،‬ويحتل العمل مكانة مهمة‬
‫ضمنها لقد نشأة فكرة العمل وتطورت مع وجود وتطور اإلنسان منذ األزل‪ ،‬إال أن نظرة اإلنسان لهذه الفكرة أخذت‬
‫عدة صور وأشكال منذ القدم إلى يومنا الحالي‪.‬‬
‫إن الشواهد القائمة إلى يومنا هذا الدالة عن بعض الحضارات القادمة‪ ،‬ال تزال وستبقى تدل على مدى أهمية العمل‬
‫في حياة اإلنسان القديم الذي شيد أعظم البنيان وأعرق الحضارات عبر التاريخ والعصور‪ ،‬فالعمل إذن كان وسيظل‬
‫مصد ا ر لإلنتاج والتطور والرقي‪.‬‬
‫ورغم ذلك اختلفت القيم املرتبطة بالعمل‪ ،‬فهناك من يعتبر العمل عقابا إالهيا وعليه فهو مخصص للعبيد فقط ومن‬
‫‪13‬‬
‫ثمة فعليه القوم واألسياد ال يعملون‪ ،‬وآخرون جعلوا من العمل الفكري أسمي وأرقي مظاهره‪،‬‬

‫‪ .1‬مفهوم العمل في الحضارات القديمة ‪:‬‬


‫إذا تتبعنا معنى العمل عبر التاريخ نجده قد اختلف من حقبة ألخرى وأخذ يتطور حتى وصل ملعانيه الحالية‪.‬‬
‫لقد كان اإلغريق والرومان يعتبرون العمل عقابا وكانت الطبقة الحاكمة والنبالء ال تدنس نفسها بالعمل‪ ،‬ذلك أن‬
‫العمل للعبيد والفقراء‪.‬‬
‫في عهد الرومان كان العمل اليدوي يفرض على العبيد و الفقراء فحين أشتهر االشراف و النبالء بحب العمل الفالحي‬
‫حيث كانوا يشرفون على االراضي الواسعة التي يملكونها و التي يقضون فيها أغلب أوقاتهم‪.‬‬
‫ومن ثمة فقد كان األسياد يستفيدون من جهد وإنتاج عبيدهم ورغم ذلك لم يمنحوهم حقوقهم و حرياتهم‪ ،‬خشية‬
‫الثورة عليهم و على ممتلكاتهم و سلطانهم‪.‬‬
‫أما الحضارة البابلية فقد اشتهرت بالصيد أكثر من الزراعة نظرا لطبيعة اراضيهم حيث كان غالبية البابليون يعملون‬
‫في حفر األرض واستخراج املعادن مثل الرصاص‪ ،‬والحديد والذهب والفضة وما يجدر اإلشارة إليه هو أن الحضارة‬
‫البابلية من الحضارات القليلة التي حددت فيها األجور و كذلك األسعار من طرف الدولة و هذا بمقتضى قوانين امللك‬
‫‪12‬‬
‫نفس املرجع السابق ص ‪126‬‬
‫‪13‬‬
‫أحمية سليمان ‪ :‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ 1998‬ص ‪17‬‬
‫حمورابي و هو مؤسس الدولة البابلية ‪ ،‬حكمها بالعدل ملدة ‪ 43‬سنة الذي حدد أجور البنائين و التجار و الرعاة حيث‬
‫وضع عدة قوانين فاقت ‪ 285‬قانون رتبت بما يضاهي الترتيب العالمي الحالي فقد قسمت إلى قوانين خاصة باألمالك‬
‫املنقولة و األمالك العقارية و التجارة و الصناعة ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫لقد كانت الحضارة البابلية من أعظم الحضارات في مختلف املجاالت‪ :‬الطب‪ ،‬علوم الفلك‪ ،‬علم اللغة القانون وقد‬
‫شهدت رقي وازدهار علمي يقارب تطورات الحضارة األوروبية في عصرنا الحالي‪.‬‬
‫لقد كان شعبها من الشعوب التي كانت تمجد العمل وتقبل عليه سواء الطبقة الغنية أو الفقيرة إذ اعتبر لدى البابليين‬
‫وسيلة للرقي والنهوض باملجتمع وشواهد حضارتهم تدل على مدى أهمية العمل لديهم‪.‬‬
‫أما مصر فقد عرفت منذ عهودها األولى بصناعات مختلفة كالبرونز إلنتاج األسلحة وصناعة اآلجر والزجاج والفخار‪،‬‬
‫وقد مارس املصريون القدامى أعماال متعددة كالصناعة وخاصة الزراعة‪.‬‬
‫لم يكن العمل مقتصرا على العبيد فقط كما كان عند الرومان واإلغريق‪ ،‬بل كان االحرار واالشراف كذلك يمارسون‬
‫مختلف األعمال‪.14‬‬

‫‪ .2‬العمل في الفكر االقتصادي الحديث‪:‬‬


‫يعتبر النظام الرسمالي واالشتراكي العمل محرك اإلنتاج ومصدر كافة الثروات‪ .‬فقد اعتبر "آدم سميث" و "ريكاردو"‬
‫بأن العمل البشري هو مصدر قيمة األشياء والخدمات‪.‬‬
‫ويرى "ريكاردو" أن األشياء إذا اتفق على اعتبارها صالحة إلشباع حاجات الناس فإنها تستمد قيمتها التبادلية من‬
‫عنصرين هما ‪ :‬ندرتها و كمية العمل الضروري إلنتاجها ‪ 15‬و لكن بالرغم من اعتراف الفكر الرأسمالي بقيمة العمل و‬
‫اعتباره مصدر قيمة األشياء و الخدمات ‪ :‬أي مصدر فائض القيمة بمعنى الربح‪،‬‬
‫ّال‬
‫إ أنه لم يكن عادال مع العمال ولم يمنحهم حقهم املنصف مقابل الجهد الذي بذلوه ويتضح ذلك في طبقية املجتمع‬
‫الرأسمالي‪ ،‬الذي يتكون من طبقتين‪ ،‬الطبقة الغنية التي تملك راس املال وسائل اإلنتاج والطبقة الفقيرة التي تملك‬
‫القدرة على العمل فقط (بروليتاريا كما كانت توصف أصحاب الياقات الزرقاء) أما املذهب االشتراكي فيعتبر أن العمل‬
‫أساس القيمة لكل سلعة أو خدمة كذلك‪ ،‬ويعتبر ماركس أن هذه القيمة الفائضة الناتجة عن العمل يجب أن تعود‬
‫بكاملها على العامل ألنه العنصر الوحيد لإلنتاج‪.‬‬
‫‪ .3‬العمل في اإلسالم‪:‬‬
‫لقد وردت كلمة عمل على مختلف صيغتها‪ :‬عمل‪ ،‬عملت‪ ،‬عملتم‪ ،‬عملوا‪ ،‬اعملوا في ‪ 347‬موضعا في القرآن وهذا يدل‬
‫على املكانة التي يحتلها العمل في الشريعة اإلسالمية وكيف ال وقد اقترن باإليمان في أكثر هذه اآليات‪.‬‬
‫كما احتوى القرآن الكريم كذلك من األحكام تخص العمل‪ ،‬كما أن حيث شرحت العديد من اآليات العالقة بين العمل‬
‫واإليمان ووضحت أنواع العمل وربطت بين العبادة وعمل الدنيا‪ .‬ولم يقتصر فقط على تشجيع االفراد على العمل‬
‫وكسب الرزق في الحالل فحسب‪ ،‬بل دعا إلى إتقان العمل وحسن إنجازه‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪:‬‬

‫عبد النور أرزقي ‪ :‬رسالة ماجيستير في علم النفس العمل و التنظيم‪ ،‬محددات الرضا الوظيفي و معنى العمل عند العمال الجزائريون اشراف محمود بوسنة‪،‬‬ ‫‪14‬‬

‫الجزائر ‪ 1997‬ص ‪117‬‬


‫‪15‬‬
‫أحمية سليمان‪ :‬مرجع سابق ص ‪25‬‬
‫تصنيفات العمل‬
‫على اعتبار العمل مجموعة من النشاطات واملهام‪ ،‬فهو يتطلب قدرات وكفاءات تختلف باختالف العمل في حّد ذاته‪.‬‬
‫فاملهارات والقدرات التي يتطلبها العمل ضمن القطاع التعليمي تختلف عن العمل الصناعي‪ .‬كما أن املواصفات‬
‫والكفاءات التي تتطلبها مهنة الطبيب مثال تختلف عن متطلبات مهنة العامل املنفذ أو الحارس مثال‪.‬‬
‫وعلى ذلك فاألعمال تختلف وتصنف تبعا لذلك‪:‬‬
‫‪ ‬العمل الفكري ‪:‬‬
‫يتطلب هذا الصنف من األعمال قدرات عقلية و فكرية و من ثمة مؤهالت خاصة و الشخص الذي يمارس عمال‬
‫فكريا تتوفر لديه صفات خاصة و تكوين خاص‪ .‬فمن غير الجائز أن يكلف شخص ال يتوفر لديه مستوى علمي معّي ن‬
‫لشغل وظيفة أستاذ مثال أو طبيب‪.‬‬
‫‪ ‬العمل اليدوي‪:‬‬
‫يمكن أن نعتبر كل عمل يمارس بصفة يدوية عمال يدويا‪ ،‬واألعمال اليدوية ال تتطلب قدرات فكرية عالية‪ ،‬في حين أن‬
‫الشخص الذي يمارس هذا الصنف من األعمال يجب أن تتوافر فيه بنية جسمية تتالءم مع متطلبات هذا النوع من‬
‫األعمال‪ .‬أين يتطلب من شاغليها أن يكونوا سليمي البنية ليستطيعوا ممارسة هذه األعمال‪.‬‬
‫‪ ‬العمل الفردي ‪:‬‬
‫هناك بعض األنواع من األعمال تقتضي ممارستها فرديا وبالتالي ال يحتاج العمل الفردي تصورات ومعارف مشتركة‪ .‬و‬
‫ينطبق هذا الصنف من األعمال على مجموعة من الوظائف و املهن‪ :‬كالطبيب‪ ،‬الحارس أو أستاذ أو ممرض و بعض‬
‫الوظائف التي يشغلها العمال املنفذين و التي ال تنجز ضمن سلسلة‪ ،‬و يمكن أن نجد هذا العمل في مختلف املؤسسات‬
‫االقتصادية تجارية كانت أو صناعية أو خدماتية‪.‬‬
‫‪ ‬العمل الجماعي ‪:‬‬
‫يشترك في إنجاز هذا الصنف من األعمال مجموعة من األشخاص‪ ،‬تقسم األنشطة واملهام بينهم‪ .‬مثال ‪ :‬األعمال التي‬
‫تنجز في ورشات مصانع الحديد و الصلب‪ ،‬حيث توزع األعمال على فريق عمل ‪ :‬يتضمن عمال بسطاء و مهندسين و‬
‫أعوان تحكم يعملون ضمن نظام املناوبة أو في مدة العمل الرسمية‪.‬‬
‫ولتحقيق تنسيق بين أداء كل عضو في فريق العمل يتطلب مجموعة من التصورات و املعارف املشتركة حول العمل‪.‬‬
‫وينفرد العمل الجماعي بميزة جوهرية‪ ،‬إمكانية االستفادة من اقتراحات االراء متعددة لفريق العمل لتحسين‬
‫املخرجات واختصار الجهد والوقت خاصة إذا توافرت ظروف العمل املناسبة لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬العمل الصناعي‪:‬‬
‫"الصناعة هي نشاط يهدف إلى تحويل املواد األولية من خالل عمليات مستمرة و بوتيرة هامة املنتجات صناعية‬
‫‪16‬‬
‫مختلفة‬
‫يتضمن العمل ضمن الصناعة مجموعة من األنشطة واملهام التي تهدف إلى تحويل املواد األولية إلى مواد مصنعة أو‬
‫نصف مصنعة‪.‬‬
‫‪ ‬العمل اإلداري‪:‬‬
‫تطلق عبارة عمل إداري على مختلف النشاطات واملهام اإلدارية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪Ahmed Koudri : L’économie de l’entreprise. Ed. E.N.A.G. Algérie, 1999. P 28.‬‬
‫اإلدارة مصطلح يطلق عادة في املجال الحكومي على تنسيق جهود االفراد والجماعات لتحقيق هدف معين وتشمل‬
‫مهمات ووظائف مختلفة كالتخطيط‪ ،‬التوجيه والتنسيق ‪.17‬‬

‫املطلب الرابع‪:‬‬
‫مكونات العمل‬
‫حسب")‪ Faverge" ( 1972‬العمل يتطلب ‪:18‬‬
‫‪ -‬إنجاز حركات‪.‬‬
‫‪ -‬استقبال املعلومات حول الشيء أوعن طريق وسيط واإلجابة تكون على الشيء أو على الوسيط‪ ،‬بمعنى آخر‬
‫ضمان االتصال بين اجزاء الشيء أو عن طريق وسطاء‪.‬‬
‫‪ -‬قيادة أو إيصال املتغير للقيمة املعيارية أو النموذجية‪ ،‬و الحرص على الحفاظ على هذه القيمة‪.‬‬
‫‪-‬استخدام أنماط التفكير واستعمال الخوارزميات ومناهج الكشف‪ ،‬واستعمال تقنيات واستراتيجيات اتخاذ‬
‫القرارات‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وخالفا لذلك إن تحليل األعمال اليدوية يركز على املهام الحركية‪ ،‬بينما الجانب األهم في هذه النشاطات أو املهام‬
‫يتمثل في كيفية اتخاذ العامل القرارات في التنظيم‪.‬‬
‫مهما كانت صفة العمل اليدوي او الفكري الذي نحن بصدد تحليله يجب قبل كل شيء االهتمام والبحث عن معنى‬
‫‪19‬‬
‫وأهمية كل عنصر من العناصر األربعة في مهام أو نشاطات العامل‬

‫املطلب الخامس‪:‬‬
‫الحاجات في العمل‬

‫العمل نشاط غائي يهدف إلى تحقيق مجموعة من األهداف منها ما يرتبط بالفرد العامل‪ .‬يمارس االفراد أعماال معينة‬
‫قصد إشباع مجموعة من الحاجات والتي يعتبر العمل الوسيلة املثلى لتحقيقها‪،‬‬
‫من بين هذه الحاجات نجد العائد املادي‪ ،‬األمن الوظيفي‪ ،‬التقدم والترقية‪ ،‬املركز االجتماعي‪.،‬إلخ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى كون العمل مصدر الرزق فهو كذلك وسيلة إلثبات الشخصية وتحقيق الذات فهو إذن يتعدى كونه‬
‫وسيلة لكسب املال‪ ،‬الرتباطه بحاجات عديدة ومتعددة تتجاوز الجوانب املادية‪.‬‬
‫يعرف العمل من خالل معانيه‪ ،‬وما يقدمه من مقابل كاألجر واملكافئات وكذا التحديات التي يفرضها واالستقاللية التي‬
‫‪20‬‬
‫يتيحها و العالقات مع اآلخرين‬

‫عبد الرحمان العيسوي‪ :‬الكفاية اإلدارية‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ .‬اإلسكندرية ‪ .1998‬ص ‪23‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪18‬‬
‫‪C. Guillevic : Opcit P 122‬‬
‫‪19‬‬
‫‪Ibid : P 121.‬‬
‫ع‪-‬مقدم‪ :‬المؤثرات الثقافية على التسيير والتنمية في الثقافة والتسيير‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ .‬الج ا زئر‪ .1992 .‬ص ‪21‬‬ ‫‪20‬‬
‫كل هذه الحاجات تمثل محور اهتمام الفرد العامل والتي يسعى إلى تحقيقها من خالل العمل‪ .‬ومن النادر أن يكون لكل‬
‫العاملين نفس الحاجات‪ ،‬ذلك أنها تختلف من عامل آلخر وفقا لعدة عوامل كاملستوى االجتماعي واملنهي ‪...‬إلخ‪ ،‬وعموما‬
‫يمكن أن نفرق بين نوعين من الحاجات‪:‬‬
‫أ‪-‬حاجات املستويات األدنى‪ :‬و هي تشير حسب سلم ماسلو للحاجات الفيزيولوجية و التي تمثل الحاجات‬
‫األساسية بالنسبة للفرد وتشمل في ميدان العمل كل من‪ :‬األجر‪ ،‬األمن‪ ،‬ظروف العمل الفيزيقية ‪...‬إلخ‪ ،‬و التي يطلق‬
‫عليها بصفة عامة كذلك الحاجات املادية‪.‬‬
‫ب‪-‬حاجات املستوى األعلى‪:‬‬
‫‪ ‬الحاجات النفسية‪ :‬بمعنى االنتظارات التي تتعلق بالترقية و النمو الفردي‪ ،‬االستقاللية في التفكير واملهام‬
‫‪21‬‬
‫املتنوعة‬
‫و فمايلي سنعرض بشيء من التفصيل بعض هذه الحاجات حسب هذا التصنيف‪:‬‬
‫الحاجات املادية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪1 ‬األجر ‪:‬‬
‫الراتب أو العائد املادي الذي يتقاضاه العامل مقابل العمل الذي ينجزه وتحدد قيمته بناءا على الوظيفة التي يشغلها‬
‫العامل‪ .‬وتضاف لألجر العالوات والتعويضات وهي تختلف حسب طبيعة العمل و الخبرة و الجهد اإلضافي‪.‬‬
‫ونتذكر كيف أن "فريديريك تايلور " قد ركز على العائد املادي أو األجر بصورة كبيرة في تجربته بمصنع للصلب مع "‬
‫شميث " العامل الهولندي‪ .‬الذي تمكن من رفع ‪ 4,7‬طن من سبائك الحديد يوميا عوض ‪ 2,5‬التي كان العمال يحملونها‬
‫نظير زيادة في األجر ‪،‬غير أنه ليس من املؤكد أن األجر هو الدافع الوحيد الذي يوجه سلوك اإلنسان‪ ،‬يرى" ميللر" و"‬
‫فروم" أن دوافع العمل ال ترتبط بالحاجات االقتصادية فقط‪ ،‬فاالفراد قد يستمرون في العمل حتى و لو كانوا في غير‬
‫‪22‬‬
‫حاجة إلى منافع مادية‪ ...‬إلخ‪ ،‬ألن املكافآت التي يحصلون عليها من عملهم هي مكافئات اجتماعية‬

‫‪ ‬ظروف العمل‪:‬‬
‫تعتبر ظروف العمل مسألة مهمة في بيئات العمل‪ ،‬إذ كثيرا ما يرتبط تراجع مؤسسة ما في تحقيق أهدافها بسوء‬
‫ظروف العمل‪ .‬إذن فهي عامل هام تساعد العمال على بذل جهد أكثر إذا كانت جّي دة‪.‬‬
‫وتشمل ظروف العمل مجموعة من العوامل الفيزيقية أو الظروف البيئية املحيطة بالعمل‪ .‬يقصد بالظروف الفيزيقية‬
‫للعمل‪ :‬اإلضاءة‪ ،‬التهوية‪ ،‬درجة الحرارة والرطوبة وكذا الضوضاء وغيرها‪.23‬‬
‫‪ .‬ويطلق على كل هذه العوامل أيضا العوامل الخارجية املؤثرة في إنتاجية العامل وكفايته املهنية ونستطيع التأكيد أن‬
‫هذه الظروف الفيزيقية ليست العوامل املؤثرة وحدها في إنتاجية العامل ولكن يتفاعل معها ويتضافر العوامل‬
‫‪24‬‬
‫الداخلية‬
‫وهي من ضمن العوامل التي يتوقف عليها أداء العامل‪ .‬لذا تحرص االدارة املتقدمة للوحدات اإلنتاجية على توفير هذه‬
‫الظروف والعناية بالعامل بقدر رعايتها باملؤسسة ذاتها‪ ،‬فهذه هي الوسيلة الوحيدة لزيادة اإلنتاج كما وكيفا‪ ،‬وهي‬
‫الوسيلة األكيدة لنجاح العامل في أدائه ورضائه عنه‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Muanga a Mabanga Muanyiany : Opcit. P100‬‬
‫أحمد صقر عاشور ‪ :‬إدارة القوى العاملة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ . 1983 .‬ص ‪147‬‬ ‫‪22‬‬

‫عبد الفتاح محمد دويدار ‪ :‬أصول علم النفس المهني و الصناعي و التنظيمي و تطبيقاته‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ .‬مصر‪) ،‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪ . 2000 .‬ص‪20‬‬
‫نفس المرجع‪ :‬ص ‪68‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى األمن الوظيفي‪:‬‬
‫إن الحاجة لألمن حاجة مالزمة للنفس البشرية‪ ،‬وهي تبرز في أشكال ومظاهر متنوعة كالحاجة لالستقرار والضمانات‬
‫الوظيفية والوقاية‪ ...‬إلخ و هي تعبر الرغبة امللحة في التحرر من الخوف من عدة أشياء كافتقاد الوظيفة و افتقاد‬
‫‪25‬‬
‫العائد املادي‬
‫فهي تتضمن كل ما يضمن سالمة وأمن الفرد وحمايته من املخاطر‪ .‬وعلى ذلك فهي تشير إلى الرغبة في الحصول على‬
‫عمل دائم ومستقر يوفر أجر كافيا وكذا توفير بعض املال والحصول على أنواع مختلفة من التأمين‪ ،‬والعمل وسط‬
‫محيط خالي من املخاطر التي تهدد أمن وصحة الفرد وسالمته‪ ،‬وهذه الحاجات حسب هرم ماسلو مباشرة الحاجات‬
‫الفيزيولوجية‪ ،‬وتعتبر تلبية هذه الحاجة ضرورية بالنسبة لكل أفراد املؤسسة‪.‬‬
‫ولوجود حاجة األمن لدى الجميع فهي من أقوى الدوافع‪ .‬وتعد من املهام األكثر صعوبة التي تواجه اإلدارة كيفية تلبية‬
‫حاجة األمن عند العامل ‪26‬ةو النتيجة هي أنه ال بد من وضع األمن ضمن العوامل األولية‪.‬‬
‫تمثل هذه الحاجات السابقة في ثالثية الدرفير ‪ :‬حاجات البقاء بالنسبة للمؤسسات‪.‬‬
‫حاجات املستويات العليا أو الحاجات النفسية االجتماعية‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪ ‬التقدم والترقية‪:‬‬
‫يعطي العمال أهمية بالغة للحاجة إلى الصعود أو التقدم إلى وظائف أعلى – الترقية الداخلية – في املؤسسة‪،‬‬
‫فباإلضافة إلى كونها تعني الزيادة في األجر فهي تشكل اعتراف من اإلدارة بالجهد املبذول من قبل العامل أو العمال و‬
‫اعتبا را لقدراتهم‪ ،‬كما تمثل الترقية الفرصة املناسبة لتنمية قدرات الفرد و إمكاناته‪.‬‬
‫وتختلف الرغبة في الترقية أو التقدم بين االفراد‪ ،‬حتى وأن كانت األغلبية تحب الترقية وتعمل على الحصول عليها‬
‫نظرا لكونها تمثل حسب ماسلو إشباعا لحاجات التقدير وتحقيق الذات‪.‬‬
‫وقد أظهرت بعض الدراسات أن الحاجة إلى التقدم والترقية من ضمن الحاجات األساسية التي يولي االفراد لها أهمية‬
‫عند اختيار وظيفة معّي نة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى اإلنجاز‪:‬‬
‫يعد اإلنجاز أحد الحاجات التي يجرى بحثها بكثافة و تكرار‪ .‬و من العلماء اللذين ترتبط أسماؤهم بالبحث حول هذه‬
‫الظاهرة "ديفد مكليالن" " ‪ David MALEIND‬و"ج‪ .‬و‪ .‬اتسكون‪J.W. ATKINSON"27‬‬
‫الحاجة لإلنجاز أو الدافع إلى اإلنجاز هو الرغبة في تحقيق نتائج جّي دة و مرضية و يرى "مكليالن" أن‬
‫االفراداللذين يمتلكون دافع إنجاز قوي يفضلون تفادي األخطار و يميلون إلى اختيار األعمال التي تكون‬
‫درجة املخاطر فيها متوسطة و محددة‪ ،‬كما تتصف نتائجها بإمكانية القياس و التقدير‪.‬‬
‫‪ F‬و يتصف االفرادالذين لديهم دافع إنجاز قوى بالخصائص التالية ‪36‬‬
‫‪)2( :‬‬
‫‪ -‬يفضلون أداء املهام التي تمنح قد ا ر كافيا من املسؤولية و االستقاللية‪.‬‬
‫‪ -‬يفضلون تحديد األهداف الصعبة نسبيا و لديهم دافع قوي على املثابرة و تحمل املخاطر في حاالت‬
‫الفشل‪ .‬و إنجازهم يكون أكبر من إنجاز االفرادالذين يتميزون بدافع إنجاز ضعيف‪.‬‬
‫كامل محمد عويضة ‪ :‬علم النفس الصناعي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ .‬لبنان‪ . 1996 ،‬ص ‪44‬‬ ‫‪25‬‬

‫محمد أحمد محمد عبد اهلل ‪ :‬علم النفس الصناعي بين النظرية و التطبيق‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر و بيروت‪) 1996 ،‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ .‬ص ‪68‬‬
‫أندرو دي سيزالقي مارك جي واالس ‪ :‬السلوك التنظيمي و األداء‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪58‬‬ ‫‪27‬‬
‫‪ ) 1 .‬أندرو دي سيزالقي مارك جي واالس ‪ :‬السلوك التنظيمي و األداء‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪) 58‬‬
‫‪ )2 -112.‬أحمد صقر عاشور ‪ :‬إدارة القوى العاملة‪ ،‬مرجع سابق‪ . 1983 .‬ص ص ‪) 111‬‬
‫‪ -‬تسيطر مشاعر الرضا على االفرادالذين يتميزون بدافع إنجاز قوي لدى تحقيقهم نتائج جّي دة حتى و إن لم‬
‫تكن تلك النتائج متبوعة بعوائد مادية‪.‬‬
‫‪ / 3-2-5‬الحاجة إلى االنتماء ‪:‬‬
‫مدى أهمية الحاجة إلى االنتماء (‪ )Western Electric‬أكدت نتائج أبحاث وسترن إلكتريك للجماعات وتكوين عالقات‬
‫صداقة والتفاعل بين العاملين‪ .‬حيث تعتبر تلبية هذه الحاجة في املنظمة ضرورية بالنسبة لكل فرد وكذلك من ضمن‬
‫الحاجات األساسية املرتبطة بالعمل‪.‬‬
‫تحتل حاجة االنتماء حسب سلم "ماسلو " للحاجات املرتبة الثالثة من حيث أهميتها كحاجة دافعة لدى الفرد كما تمثل‬
‫الحد الفاصل بين الحاجات املادية والنفسية‪ .‬واالفراد الذين لديهم حاجة االنتماء يسعون إلى إقامة عالقات اجتماعية‬
‫‪28‬‬
‫في املنظمة ويقبلون على املهام التي توفر لهم إمكانية التفاعل االجتماعي‬
‫ولإلشارة‪ ،‬تشبع حاجة االنتماء في املؤسسة من خالل تنمية روح الفريق وتنظيم العمل بحيث يمكن االفراد من‬
‫االتصال و تكوين جماعات غير رسمية‪ ،‬و قد أكدت حركة العالقات اإلنسانية مدى أهمية اإلشباع االجتماعي وكذا‬
‫أهمية التنظيم غير الرسمي في تحقيق هذا اإلشباع‪ ،‬فالفرد ال يستطيع العيش بمعزل عن الجماعة‪ ،‬فهو قبل كل شيء‬
‫كائن اجتماعي‪ ،‬يسعى إلى إقامة عالقات اجتماعية مع أف ا رد آخرين إلشباع الحاجات االجتماعية و الحاجة إلى‬
‫االنتماء‪ ،‬ينتقل الفرد في مسار نموه عبر مراحله املختلفة بعديد الجماعات على اختالف طابعها بدءا من األسرة مرورا‬
‫باملدرسة و الجامعة و بالتالي فهو دوما في حاجة ألن يكون في جماعة ما و في الحياة املهنية و في واقع املؤسسات ال‬
‫يمكننا تصور خالفا لذلك ما دام أننا ال نستطيع تصور مؤسسة دون أف ا رد و دون تفاعل بينهم‪.‬‬

‫‪ ‬الحاجة إلى املركز واملسؤولية‪:‬‬


‫تولي غالبية نظريات السلوك التنظيمي املفسرة للدافعية نحو العمل أهمية لحاجات املركز واملسؤولية التي جعلها‬
‫"ماسلو" في قمة هرم سلمه من خالل مفهوم تأكيد الذات‪ .‬ونجدها أيضا ضمن الفئات التي صدرت سنة ‪ . 1961‬حيث‬
‫يرى " ‪ " " Mc clelland‬الثالثة األساسية لنظرية اإلنجاز للباحث "مكليالن" أن االفراد اللذين لديهم الحاجة إلى القوة‬
‫يسعون للحصول على املركز و السلطة فهم بالتالي يتجهون إلى األعمال التي تمكنهم من تحقيق هذه الحاجة‪ ،‬أما‬
‫"هريزبرغ " فيعتبرها من بين حاجات العوامل الدافعة و املسؤولة عن الشعور بحالة الرضا عن العمل الذي ينجزوه‪،‬‬
‫إذ يظهر لديهم دافع البحث عن منصب ذي املسؤولية كمنصب رئيس فريق أورئيس مصلحة ‪...‬إلخ‪ ،‬و ألجل ذلك على‬
‫اإلدارة الحكيمة إيجاد مخطط‬

‫املطلب السادس‪:‬‬
‫نظريات العمل‬
‫يعبر العمل عن الجهد العقلي و العضلي املبذول بغرض تحقيق أهداف ( مادية‪ ،‬نفسية‪ ،‬اجتماعية) و قد أهتم مختلف‬
‫األخصائيون في مجاالت متعددة بفهم العمل و طبيعته‪ ،‬و من خالله فهم العامل و توفير كافة شروط الضرورية‬
‫لألداء الجيد لتحقيق النجاح للمؤسسة و الفعالية‪ ،‬و قد كانت بداية الدراسات في هذا املجال من طرف علماء اإلدارة‬
‫و التنظيم ( تايلور‪ ،‬فايول‪ ،‬آدم سميث ‪ ...‬إلخ)‪.‬‬

‫أحمد صقر عاشور ‪ :‬إدارة القوى العاملة‪ ،‬مرجع سابق‪ . 1983 .‬ص ص ‪112-11‬‬ ‫‪28‬‬
‫ثم تعاقبت الدراسات و أبحاث التي اهتمت بالعمل البشري‪ ،‬أبحاث "إلتون مايو" في هاوثورن ( ‪)Electric Western‬‬
‫الذي أهتم بتوضيح أهمية ظروف العمل االجتماعية و توصل إلى نتيجة أن العمال يتأثرون بعوامل متعددة و ليس‬
‫بالعوامل املادية فقط‪.‬‬
‫ومن الباحثين اللذين أجروا أبحاث ود راسات حول العمال و تنظيمه و تقسيم يمكن ذكر" ثيلور" دراسة تقسيم‬
‫العلمي للعمل‪" ،‬فايول" و أفكاره حول االدارة‪ ،‬و" هريزبرغ" و نظرية العاملين‪.‬‬
‫اإلدارة العلمية "تايلور" ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫إن الدراسات الفعلية ملشكالت و حاجات املنظمات التي كانت في ذروة الحركة الصناعية بدأت بالدراسات التي قدمها‬
‫فريديريك تايلور و زمالئه " حركة التنظيم العلمي للعمل "‪ ،‬و تقوم الفلسفة التيلورية على اساس مجموعة من‬
‫االفتراضات ‪:‬‬
‫‪ ‬تبسيط الوظائف وتنميطها وتخصيصها لكل عنصر من عناصر العمل املطلوب أداؤه بحيث تتم تجزئة كل‬
‫وظيفة إلى وحدات صغيرة و تنميط االجراءات الالزمة ألدائها و كذلك تدريب العمال لتنفيذها بكفاءة و‬
‫الفعالية الالزمة‪.29‬‬
‫والسبيل الوحيد لتحقيق الفعالية هو العمل على تطبيق الطريقة املثلى إلنجاز األعمال والتي يتم التوصل إليها علميا‬
‫‪30‬‬
‫عن طريق دراسة الوقت والحركة‬
‫وتتميز الوظائف التي صممت بطريقة علمية بكونها ال تحتاج إلى مهارات عالية‪ ،‬حيث صممت الوظائف بصورة تجعلها‬
‫تتطلب مهارات بسيطة و سهلة التعلم و ال تحتاج إلى تكوين و تدريب‪ ،‬حيث يؤدي نفس العمليات في مدة زمنية‬
‫قصيرة لعدة مرات خالل فترة العمل‪ ،‬و كذلك التحديد املسبق للوسائل و أدوات العمل و األسلوب الذي ينجزبه‬
‫العامل عمله‪.‬‬
‫وكل عامل مسؤول عن أداء جزء من العمل بشكل انفرادي بالفصل بين العاملين الواقفين على مسافات متباعدة على‬
‫طول خط االنتاج لتجنب قيام عالقات بين العاملين‪.‬‬
‫واالفراد في نظر تايلور يجب أن يخضعوا للعقاب والترغيب في آن واحد حتى يعملوا بفعالية والترغيب يتجسد في‬
‫الحوافز املادية فقط‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫طبقت مبادئ اإلدارة العلمية في الدول الصناعية‪ ،‬ومن األساليب املعروفة املطبقة خط التجميع ‪24‬‬
‫كما استخدمت في أعمال أخرى‪ ،‬خاصة تلك التي يمكن تجزئتها إلى وحدات متخصصة و يمكن أداؤها بدرجة عالية من‬
‫الكفاءة‬
‫وقد قدم " تايلور " من خالل دراسته لعوامل الدافعية وإعادة تصميم الوظائف‪ ،‬بحيث تستفيد املنظمة إلى أقصى‬
‫درجة من التخصص والتبسيط للوصول إلى نسبة عالية من الكفاءة والفعالية نظرة جديدة النظرة الفردية إلى الفرد‬
‫في املنظمة‪ ،‬واعتباره املنطلق أي بحوث أو دراسات تستهدف تحسين اإلنتاج كما وكيفا‪.‬‬
‫" و املتمعن في دراسات تايلور يكتشف أنها مجردة من الجوانب النفسية و االجتماعية للفرد و أن الدافع الوحيد إلى‬
‫العمل هو العامل املادي ألن الدراسة تقوم على فرضية مفادها أن الفرد رجل اقتصادي‪ ،‬ففي فلسفة اإلدارة‬
‫العلمية‪ ،‬فالفرد ليس بآلة و لكنه يعمل مثل اآللة ‪.‬‬

‫مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪144‬‬ ‫‪29‬‬

‫عبد الفتاح بوخمخم ‪ :‬مفهوم الدافعية في مختلف نظريات السلوك التنظيمي‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية و االجتماعية‪ ،‬قسنطينة‪) ،‬‬ ‫‪30‬‬

‫عدد ‪ 5‬جوان ‪ 2001 .‬ص ‪136‬‬


‫‪ 31‬عبد الفتاح بوخمخم ‪ :‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪136‬‬
‫ورغم هذا فإن الفضل يرجع إلى مبادئ " التايلورية " و التي بتطبيقها بشكل أو بآخر أدى إلى انتقال منظمات األعمال‬
‫من نظام اإلنتاجي البسيط إلى املنظمات الصناعية‬
‫أفكار فايول فيما يخص اإلدارة‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يعد فايول من األوائل الذين قدموا تقسيمات للوظائف املوجودة باملؤسسة‪ ،‬وأطلق " فايول " اسم على مختلف‬
‫‪32‬‬
‫املهام التي تتم في املؤسسة‪ ،‬و التي أصبحت تدعى فيما بعد (‪ ) Opérations‬العمليات بالوظائف‬
‫وقد قدم فايول مجموعة من الوظائف للمؤسسة االقتصادية على مختلف أنواعها في كتابه الذي نشر عند وفاته سنة‬
‫‪33‬‬
‫‪ " 1925‬اإلدارة الصناعية والعامة " وقد حدد ستة وظائف أساسية‪:‬‬
‫‪ 1 -‬الوظيفة التقنية ‪ :‬إنتاج‪ ،‬تصنيف‪ ،‬تحويل‪.‬‬
‫‪ 2 -‬الوظيفة التجارية ‪ :‬شراء‪ ،‬بيع‪ ،‬تبادل‪.‬‬
‫‪ 3 -‬الوظيفة املالية ‪ :‬البحث عن األموال و تسييرها‪.‬‬
‫‪ 4 -‬الوظيفة االدارية ‪ :‬حماية املمتلكات و األشخاص‪.‬‬
‫‪ 5 -‬وظيفة املحاسبة ‪ :‬جرد‪ ،‬ميزانية‪ ،‬سعر التكلفة‪ ،‬إحصائيات ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ 6 -‬وظيفة االدارية ‪ :‬التنبؤ‪ ،‬التنظيم‪ ،‬القيادة‪ ،‬التنسيق و املراقبة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫حسب فايول أن هذه الوظائف موجودة في كافة املؤسسات‪ ،‬وهي تشكل مجموعة األعمال واملهام‪opérations( ،‬‬
‫‪ )administratives‬التي تقوم بها املؤسسة ويعطي فايول أهمية بالغة للوظيفة اإلدارية يعرض مكوناتها ابتداءا من‬
‫التنبؤ الذي يقصد به توقع املستقبل ووضع برنامج العمل لفترة زمنية مقبلة‪.‬‬
‫وهذا ما سبق وأن أشار إليه تايلور في ضرورة معرفة العامل ملا سوف ينجزه بفترة مسبقة‪.‬‬
‫‪ 1 -‬تقسيم العمل‪.‬‬
‫‪ 2 -‬السلطة (تكافؤ السلطة و املسؤولية)‪.‬‬
‫‪ 3 -‬االنضباط ( التزام العامل باألنظمة)‪.‬‬
‫‪ 4 -‬وحدة األمر‪.‬‬
‫‪ 5 -‬وحدة التوجيه‪.‬‬
‫‪ 6 -‬خضوع املصلحة الشخصية مع املصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ 7 -‬تعويض العاملين‪.‬‬
‫‪ 8 -‬املركزية‪.‬‬
‫‪ 9 -‬التسلسل الهرمي و الرئاسي‪.‬‬
‫‪ -10‬الترتيب و النظام‪.‬‬
‫‪-11‬العدالة‪.‬‬
‫‪-12‬االستقرار الوظيفي‪.‬‬
‫‪-113‬املبادرة‪.‬‬
‫‪-14‬ر‪-‬وح املبادرة‪.‬‬

‫مرجع سابق ص ‪137‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪ 33‬مرجع سابق ص ‪137‬‬


‫و يضع فايول ضمن اإلدارة أيضا القيادة‪ )Le commandement( ،‬إن مفهوم اإلدارة و القيادة قد يختلطان‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪34‬‬
‫فلديه اإلدارة هي ‪ :‬التقدير‪ ،‬التنظيم و القيادة ‪ :‬التنسيق و الم ا رقبة‬
‫هذه املبادئ التي سبق ذكرها‪ ،‬قد تم تطبيقها في مختلف أنحاء العالم سواء في املجتمعات الرأسمالية أواالشتراكية‪ ،‬إال‬
‫أن هناك انتقادات وجهت إلى املدرسة الكالسيكية "فايول"‪" ،‬تايور" ‪ T.Gilberth""،‬من بينها عدم دقة الفرضيات‬
‫املتعلقة بالتفاعالت و التقليل من أثر الصراعات في املؤسسة و قد تطورت املؤسسات منذ ظهور مبادئ فايول في‬
‫اإلدارة و تقسيم العمل بصفة عامة تطو را ملحوظا مما أدى إلى إعادة النظر في هذه الوظائف و ترتيبها و إحداث‬
‫إضافات أخرى‪.‬‬
‫االثراء الوظيفي ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫انطلق هريزبيرغ في د را سته التي أجراها على مائتي محاسب و مهندس من مجموعتين من العوامل أطلق عليها عوامل‬
‫الدافعية و الوقاية‪ ،‬حيث استخدم طريقة األحداث الجوهرية في جمع البيانات‪ ،‬طرح مجموعة من األسئلة ‪:‬‬
‫‪ -‬هل يمكنك أن تصف بالتفصيل حالتك عندما تحس بالرضا التام بوظيفتك؟‬
‫‪ -‬و هل يمكنك أن تصف بالتفصيل شعورك بعدم الرضا عن وظيفتك؟ ‪.‬‬
‫و توصل هريزبيرغ من خالل در ا سته إلى مجموعتين من العوامل‪:‬‬
‫‪ -‬عوامل الرضا‪.‬‬
‫‪ -‬عوامل عدم الرضا‪.‬‬
‫ويركز أسلوب االثراء الوظيفي على هذين العنصرين‪ " ،‬وفيما يخص عوامل الدافعية مثل توافر عوامل التحدي في‬
‫الوظيفة وجدية التصرف واملسؤولية واالنجاز تؤدي إلى الشعور بالرضا‪ ،‬وعندما يتم تطبيق نظرية العاملين على‬
‫‪35‬‬
‫تصميم الوظائف فأنها تركز على إحداث تغيرات في العمل نفسه‪ ،‬بالتوسع أ رسيا‪ ،‬أي العوامل الدافعية النظرية‬
‫من املمكن إثراء الوظائف بإدخال مجموعة من التعديالت‪ ،‬و التي تتضنها عوامل الدافعية في نظرية هريزبيرغ ‪:‬‬
‫‪ -‬املسؤولية ‪ :‬توسع مسؤولية العامل بجعله مسؤوال ليس فقط على االنتاج بل و عن ضبط الجودة و الصيانة‬
‫املقررة‪ ،‬وتعمل هذه الجوانب الثالثة – اإلنتاج – و ضبط الجودة و الصيانة على إيجاد وحدة عمل منسجمة و‬
‫متكاملة أي وحدة املهمة و تنوعها‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ القرارات ‪ :‬توسيع سلطة العامل وحرية تصرفه في العمل من خالل وضع معايير لإلنتاج والتحكم في سرعة‬
‫األداء والتقليل من االشراف املباشر أي االستقاللية في أداء املهمة‪.‬‬
‫‪ -‬التقنية العكسية ‪ :‬تزويد العامل باملعلومات املرتدة املباشرة بتوفير بيانات عن االداء‪ ،‬وترك للعامل نفسه مهمة‬
‫جمع و حفظ تلك البيانات أي املعلومات املرتدة حول أداء املهمة‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم العامل و مكافئته ‪ :‬مكافئة العامل بناءا على ما تم إنجازه من أهداف و تقييم آداءه‪.‬‬
‫‪ -‬النمو و التطور الذاتي ‪ :‬تشجيع العامل على اقت ا رح تحسينات في النظام و كذا امكانية التقدم الوظيفي‪.‬‬
‫‪ -‬االنجاز ‪ :‬من خالل التوسع في املسؤولية و االستقاللية و التقييم‪ ،‬ينشأ شعور باالنجاز شيء ذي قيمة العامل‬
‫وتتوافر الوظيفة التي يتم اثراؤها الدافعية نحو العمل و األداء و الشعور بالرضا و يؤدي ذلك إلى ارتفاع انتاجية‬
‫الفرد و الجودة العالية للمخرجات وانخفاض في معدالت ترك العمل و التغيب‪.‬‬

‫‪ 34‬ناصر دادي ‪ :‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪206‬‬


‫‪ 35‬نفس المرجع السابق ‪ :‬ص ‪205‬‬
‫وقد تم تنفيذ برامج إلثراء الوظيفي منذ احداثه في عدد من املنظمات شملت الشركة االمريكي للهاتف و التلكس‬
‫‪36‬‬
‫ونكساس أنسترومون و جنرال فوذر و أي ب أم و بولورويد‬
‫إعادة تصميم خصائص الوظيفة و اثرائها بحيث تحدث للعامل حالة الرضا و الدافعية من ضمن الجوانب االيجابية‬
‫الناتجة عن تطبيق أسلوب االثراء الوظيفي‪ ،‬غير أن ذلك يتطلب ميزانية ضخمة للتدريب و تجديد املباني والرواتب‬
‫العالية‪ ،‬كما أن التعديالت التي أدخلها هيريزبرغ على الوظائف( املسؤولية‪ ،‬اتخاذ القرارات‪ ،‬االنجاز‪ ،‬النمو‬
‫والتطور ‪ ...‬إلخ) تتطلب يد عاملة مؤهلة و كفاءة عالية و التي تستوجب تكوين املناسب و دافعية من طرف العمال‪،‬‬
‫و بصفة عامة نجد أن بعض العمال خاصة كبار السن يقاومون تلك التعديالت و يفضلون أداء وظائفهم كما هي عليها‬
‫دون احداث تغيير‪.‬‬

‫‪ 36‬نفس المرجع السابق ‪ :‬ص ‪149‬‬


‫املبحث الثاني‬
‫نشأة علم اجتماع العمل‬
‫علم اجتماع العمل (بالفرنسية‪ )Sociologie du Travail :‬يرتبط بكتابات بعض علماء االجتماع الفرنسيين فى‬
‫الخمسينيات والستينيات‪ ،‬الذين قدموا فى ذلك الوقت نقدا مفيدا التجاه دراسة املصنع فى التيار األساسى لعلم‬
‫االجتماع الصناعى (وهو توجه أنجلو ساكسونى أساسا)‪ .‬وقد عمل هذا االتجاه على إعادة تأسيس الصالت التى‬
‫ًا‬
‫حاول كارل ماركس أن يقيمها بين التغيرات التى تطر على تنظيم العمل وعلى التكنولوجيا‪ ،‬وعلى اإلنتاج من ناحية‪،‬‬
‫وبين االغتراب الفردى‪ ،‬والطبقة‪ ،‬والعالقات االجتماعية السياسية من ناحية أخرى‪ .‬ومن أبرز أعالم هذا‬
‫امليدان جورج فريدمان‪ ،‬وميشيل كروزييه‪ ،‬وبيير نافيل‪ ،‬وآالن تورين‪ ،‬وسيرج ماليه‪ ،‬الذى ترجمت أغلب أعماله إلى‬
‫اللغة االنجليزية‪ .‬وقد أثارت مؤلفات ماليه ‪ Mallet‬مناقشات مهمة حول حقيقة وجود طبقة عاملة جديدة‪ .‬ولكن ما‬
‫يعيب تلك األعمال هو ما يعيب أغلب أعمال سوسيولوجيا العمل‪ ،‬أال وهو أن محاوالتهم تحطيم أصنام التراث‬
‫التقليدى لعلم االجتماع الصناعى قد قلل من قيمتهاو فكرة اإليمان بالتكنوقراط والحتمية التكنولوجية‪.‬‬

‫ويالحظ عموما أن تأثير هذا االتجاه على البحوث واألفكار اليسارية باللغة اإلنجليزية قد تراجع إلى حد بعيد بسبب‬
‫املناقشات التى دارت مؤخرا عن موضوعات املهارة‪ ،‬وإفقاد املهارة‪ ،‬وعملية العمل‪ ،‬وما بعد الفوردية‪ ،‬وظواهر‬
‫العمالة املرنة‪ .‬ويقدم مؤلف مايكل روز املعنون‪ :‬خدام القوة فى عالم ما بعدالصناعة‪ ،‬الصادر عام ‪ 1979‬عرضا‬
‫ممتازا باللغة االنجليزية لتاريخ وتحليل نظريات هذه الحركة ومؤلفاتها‪.‬‬

‫املطلب االول‬

‫نبذة تاريخية عن جورج فيليب فريدمان (‪)1977-1902‬‬


‫‪))Georges- Friedmann‬‬

‫جورج فريدمان ‪ Georges-Friedmann‬عالم اجتماع وفيلسوف فرنسي ولد بباريس‪ ،‬في ‪ 13‬ماي ‪ .1902‬التحق بمدرسة‬
‫ّل‬
‫املع مين العليا سنة ‪ ،1923‬وكان من أبرز أصدقائه فيها جان بول سارتر وكلود ليفي شتراوس‪ .‬دّر س في معهد بورج (‬
‫ّل‬
‫‪ )Bourges‬سنة ‪ ،1929‬ثّم أصبح باحثا مساعدا في مركز التوثيق االجتماعي بمدرسة املع مين العليا‪،‬‬
‫ّال‬
‫وانخرط في التيار املاركسي‪ ،‬وكان يكتب في عدد من املج ت الفرنسّي ة (‪ )Clarté, Europe, l’Esprit‬رفقة بيير مورانج (‬
‫‪ ،)Pierre Morhange‬وهنري لوفافر (‪ ،)Henri Lefebvre‬وجورج بوليتزر (‪ ،)Georges Politzer‬ونوربر جوترمان (‬
‫‪ ،)Norbert Guterman‬وقد أثارت كتاباتهم جدال فكرّي ا واسعا حول املاركسّي ة في فرنسا‪ .‬من ذلك ما أثاره كتابا‬
‫ّت‬
‫فريدمان حول "مشكالت النزعة اآللّي ة في اال حاد السوفياتي‪ ،‬وفي البلدان الرأسمالّي ة" (‪ ،)1934‬وحول "أزمة‬
‫التقّد م ‪"1936‬‬
‫ّل‬ ‫ّل‬
‫وتو ى فريدمان اإلشراف على جملة من األبحاث حول تطّو ر العمل وتع م اللغة الروسّي ة‪ ،‬وزار االتحاد السوفياتي‬
‫مّر ات عّد ة‪ ،‬وقد كان ينتقد طريقة إدارة العمل‪ ،‬ويرى في تجزئته وتقسيمه سمة أساسّي ة من سمات النظام‬
‫الرأسمالي‪ ،‬انتهت بتقليص القدرة املهارّي ة للعّم ال‪ ،‬وهو ما جعله يميل إلى النشاط الحرفي الحّر واملهاري‪ ،‬وما يحمله في‬
‫ّل‬
‫نظره من أبعاد إنسانّي ة واجتماعّي ة وأخالقّي ة‪ .‬لذا نجده في هذه الفترة يشغل وظيفة مع م بمدرسة مهنّي ة‪ ،‬تدّر س‬
‫فنون النجارة وصناعة األثاث‪ ...‬قبل أن يتّم تجنيده بين سنتي ‪ 1939‬و‪.1940‬‬
‫ّت‬
‫وإثر تحرير فرنسا اشتغل مف شا عاّم ا للتعليم الفّن ي‪ ،‬ثّم شغل كرسّي تاريخ العمل في "كونسرفتوار الفنون الجميلة‬
‫ّي ‪37‬‬
‫والتطبيقّي ة في باريس؛ وهو مدرسة هندسّي ة مشهورة‪ ،‬حيث كان يدرس مقّر رات مسائ ة‬
‫عرف بدراساته املتخصصة في مجال علم اجتماع العمل‪ ،‬وانتشرت أعماله بعد الحرب العاملية الثانية‪ ،‬كما عرف عنه‬
‫نقده الالذع لحركة اإلدارة العلمية التي ظهرت في بريطانيا‪ ،‬منذ بدايات القرن العشرين‪.‬‬
‫ولكن الفكرة األساسية التي شغلته في الفترات الالحقة تدور حول تساؤله األساسي «إلى أين يمضي العمل اإلنساني "‬
‫ًا‬
‫‪ ، "Où va le travail humain‬ويظهر ميله إلى القول إن نموذج التقانة يتجه آنذاك ألن يصبح عاملي ‪ ،‬غير مكترث‬
‫ًال‬
‫بالنظام السياسي‪ ،‬ويتناول مثا على ذلك الصناعة األمريكية‪ ،‬مما يشير إلى تأثره الواضح بنظرية التقارب التي سادت‬
‫في تلك األثناء‪.‬‬
‫ّل‬
‫وأعّد رسالة دكتوراه نشرها سنة ‪ ،1946‬حول فلسفة ليبنتز وسبينوزا‪ .‬قبل أن يتو ى إدارة مركز الدراسات‬
‫ّك‬
‫السوسيولوجّي ة‪ ،‬أحد فروع املركز القومي للبحث العلمي‪ ،‬في الفترة املمتّد ة بين ‪ 1949‬و‪ ،1951‬وش ل بالتعاون مع‬
‫ّل‬
‫فرنان برودل وشارل موراز هيئة تحرير مج ة الحولّي ات (‪ .)Les Annales‬وأّه له نشاطه هذا‪ ،‬في مجال علم اجتماع‬
‫العمل‪ ،‬ليكتسب شهرة في أوساط املشتغلين بعلم االجتماع عاّم ة‪ ،‬وقد عّد فريدمان العمل سمة ممّي زة للكائن البشري‪،‬‬
‫وألّح على صلته باملنفعة والحّر ّي ة‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫ويجد فريدمان أن التقدم التقاني‪ ،‬إذا أصبح إنساني ‪ ،‬يصبح طريق لبقاء املجتمع اإلنساني وتطوره‪ .‬لقد كتب على‬
‫التوالي «أزمة التقدم» ‪ la Crise du progrès‬عام (‪ ،)1936‬و«مشكالت أمريكا الالتينية»‪Problèmes de l’Amérique‬‬
‫‪ latine‬عام (‪ ،)1956‬و«سبع دراسات حول اإلنسان والتقانة» ‪ Sept Études sur l’homme et la technique‬عام (‬
‫‪.)1966‬‬
‫ّل‬ ‫ّت‬
‫في سنة ‪ 1960‬ساهم فريدمان في تأسيس مركز دراسات اال صاالت رفقة روالن بارت وموران‪ ،‬وعنه صدرت مج ة‬
‫ّت‬
‫ا صاالت (‪ )Communication‬التي كانت محّل ثقة واحترام في هذا املجال‪.‬‬
‫ّل‬
‫من مؤ فاته‪" :‬أين يذهب العمل الصناعي؟"‪" ،‬مشكالت أمريكا الالتينّي ة"‪" ،‬مقّد مة في علم اجتماع العمل"‪،‬‬
‫‪38‬‬ ‫ّف‬
‫"القدرة والحكمة"‪ ، ...‬تو ي فريدمان بباريس في ‪ 15‬نوفمبر ‪.1977‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫مفهوم العمل عند فريدمان‬
‫تأثر به عدد كبير من الباحثين الفرنسيين كميشيل كروزييه ‪ M.Crozier‬وآالن تورين ‪ ،A.Tourain‬وغيرهما‪،‬‬
‫وظهر تأثيره في منهجية األبحاث التي كان يجريها من جهة‪ ،‬وفي مجموعة األفكار املتعلقة بتفتيتية العمل‪ ،‬ونقده لحركة‬
‫اإلدارة العلمية من جهة أخرى‪ ،‬ففي الوقت الذي استحوذت طريقته في دراسة املشكالت على اهتمام عدد كبير من‬
‫الباحثين‪ ،‬إذ اعُت ِم دت في مجموعة من برامج البحوث التي أجريت بعد ذلك‪ ،‬انتشر انتقاده لتفتيتية العمل بين أوساط‬
‫الباحثين الفرنسيين‪ ،‬فتفتيت العمل‪ ،‬برأيه‪ ،‬سمة أساسية من سمات الرأسمالية‪ ،‬وقد ظهرت من خالل السعي نحو‬
‫فصل عمليات التنفيذ عن عمليات الضبط‪ ،‬ومن ثم عن العمال الذين فقدوا مهاراتهم املهنية إثر ذلك‪ .‬ويجد فريدمان‬

‫‪ 37‬دوفني‪ ،‬ج‪ .)2010( .‬فريدمان جورج‪ .‬ضمن الموسوعة الدولّية للعلوم االجتماعّية‪( .‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬مترجم)‪( .‬ط‪ .)1.‬القاهرة‪ :‬المركز القومي‬
‫للترجمة‪.‬‬
‫دوفني‪ ،2010 ،‬ج‪ ،2‬ص ص ‪223-222‬‬ ‫‪38‬‬
‫أن نظام العمل الحرفي التقليدي ينطوي على أبعاد أخالقية وإنسانية واجتماعية بالنسبة إلى األفراد الذين ينخرطون‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫فيه ال تظهر واضحة في نظام تفتيت العمل وتجزئته‪ ،‬الذي يمارس قسر تعليمي وإنساني على املتدربين‪.‬‬
‫وإليمانه العميق بفكرة العمل الحرفي الحر واملاهر‪ ،‬فقد اندفع إلى االنخراط في نظام التدريب املنهي بوصفه‬
‫ًا‬ ‫ًال‬
‫عام معاون ‪ ،‬األمر الذي جعله يعيش تجربته الخاصة التي بنى عليها مجموعة واسعة من التصورات العملية فيما بعد‪.‬‬
‫حاول فريدمان في مؤلفاته العديدة اإلجابة عن سؤال مهم شغل املفكرين االجتماعيين واالقتصاديين في تلك‬
‫اآلونة‪ ،‬وهو ما املقصود بتعبير «العمل»؟‪ ،‬وفي سياق محاوالته يجد فريدمان أن العمل هو السمة التي تميز الجنس‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫البشري من الكائنات الحية األخرى‪ ،‬فاإلنسان كائن اجتماعي منشغل أساس بالعمل الذي يعد قاسم مشترك بين‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫جموع البشر‪ ،‬وشرط أساسي لكل حياة اجتماعية‪ ،‬وهو يرتبط باملنفعة التي تعد واحدة من مزاياه الجوهرية‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي أشار إليه معظم االقتصاديين الليبراليين آنذاك‪ ،‬فالعمل هو الوظيفة التي يقوم بها اإلنسان بقواه الجسدية‬
‫والخلقية إلنتاج الثروات والخدمات‪ ،‬ويذهب برغسون ‪ H.Bergson‬صاحب كتاب «التطور الخالق» ‪L’Evolution‬‬
‫‪ ، Créatrice‬إلى أن العمل اإلنساني يرتكز على تحقيق املنفعة‪ ،‬ولهذا يؤكد فريدمان ضرورة االحتفاظ باملنفعة ضمن‬
‫ًا‬
‫غائية العمل‪ ،‬غير أن اإلسهام األكثر عمق وأهمية برأي فريدمان هو إسهام كارل ماركس ‪ Karl Marx‬الذي أفاد في‬
‫كتابه «رأس املال» ‪ Capital‬أن العمل قبل كل شيء هو عقد قائم بين اإلنسان والطبيعة‪ ،‬فيؤدي اإلنسان ذاته دور‬
‫واحدة من قوى الطبيعة في سياق عالقته معها‪.‬‬
‫ًا‬
‫وفي سياق العالقة بين مفهومي العمل والسلوك‪ ،‬يجد فريدمان أن العمل ال يصبح سلوك إال حين يعّب ر عن‬
‫ًا‬
‫امليول الشخصية الدفينة ويساعدها على التحقق‪ ،‬ويأخذ بعض من مالحظات سيغموند فرويد ‪ S.Freud‬بهذا‬
‫الخصوص‪ ،‬فمن خالل العمل يرتفع اإلنسان فوق مستوى الحيوانية‪ ،‬وهو العامل األساس في تفتح الحضارات‪.‬‬
‫وفي ضوء هذه التصورات يأخذ فريدمان بنقد مبدأ تفتيتية العمل‪ ،‬ونظرية اإلدارة العلمية لتايلور ‪،F.Taylor‬‬
‫ًا‬
‫فالعمل الذي ال يتكيف معه الفرد وال يحسن اختياره يؤثر سلب في حياة اإلنسان النفسية واالجتماعية‪ ،‬وعلى املرء أن‬
‫يتجنب األعمال التي ال تناسب ميوله واهتماماته‪ ،‬في الوقت الذي البد أن تتوفر في أي عمل الشروط املالئمة من‬
‫النواحي النفسية واالجتماعية والتقنية لتجنيب العامل احتمال الشعور باالستغالل والغبن‪ ،‬ولتعزيز شعوره‬
‫باالستقرار‪ ،‬وأنه ُي كافأ على عمله بما يناسب مؤهالته وجهوده‪ ،‬وباملقارنة مع غيره من العاملين‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫ويجد فريدمان أن العمل بوصفه نشاط إنساني ‪ ،‬ينطوي على مجموعة من الجوانب املهمة واألساسية املتمثلة‬
‫بالجانب التقني‪ ،‬ويراد به استخدام الفرد األدوات والتقانات التي يستطيع من خاللها تحويل األشياء وتغييرها من حال‬
‫إلى حال‪ ،‬والجانب الفيزيولوجي‪ ،‬ويراد به التعب الذي يشعر به الفرد بعد ممارسته العمل‪ ،‬وهو نتيجة مجموعة من‬
‫العوامل التي تختلف من عامل إلى غيره‪ ،‬ومن مهنة إلى أخرى‪ ،‬والجانب النفسي الذي يتفاعل العامل من خالله مع‬
‫العمل نفسه‪ ،‬ومع الظروف املحيطة به‪ ،‬من حيث الرضا عنه وتقبله وإتقانه‪ ،‬والجانب االجتماعي الذي يسهم في‬
‫تحديد املكانة التي يشغلها الفرد في محيطه االجتماعي‪.‬‬
‫ولألهمية النفسية واالجتماعية التي يحظى بها العمل بالنسبة إلى األفراد فإن غياب العمل يمكن أن يسبب‬
‫اضطرابات عديدة بالنسبة إلى األفراد الذين ال يجدون فرص عملهم التي تضمن لهم تلبية حاجاتهم املتعددة‪ ،‬وتسهم‬
‫ًا‬
‫في بناء شخصياتهم وتحقيق التوازن النفسي لكل منهم‪ ،‬وغالب ما يستطيع الفرد أن يحقق لنفسه موقعه االجتماعي في‬
‫ًا‬
‫األسرة‪ ،‬والعائلة‪ ،‬ودور العبادة‪ ،‬وغيرها من املواقع التي يسعى الفرد إلى أن يشغلها ويصبح جزء منها‪ ،‬ملا فيها من‬
‫شعور باألمن واألمان‪.‬‬
‫ويعود فريدمان مرة أخرى للتأكيد على أهمية الحرية في مفهوم العمل‪ ،‬ويرفض مبدأ اإلكراه والضغط‪ ،‬لينفذ‬
‫من خالل ذلك إلى التايلورية ‪ ، taylorisme‬أو اإلدارة العلمية للعمل‪ ،‬ويعتمد في نقده لتفتيتية العمل على دراسات‬
‫ًا‬
‫عديدة في علم النفس‪ ،‬التي تفيد بأن مصدر اإللزام غالب ما يأتي من مصدرين أساسيين‪ ،‬أولهما اإللزام الداخلي‪،‬‬
‫وينبثق من مثل أعلى وقيمة عليا يشعر بها املرء‪ ،‬أما املصدر الثاني فيتمثل بالضغوط االقتصادية واإلدارية‬
‫والتنظيمية‪ ،‬وفي حين يؤدي اإللزام الداخلي إلى مزيد من تفاعل الفرد مع عمله‪ ،‬واندماجه فيه‪ ،‬يؤدي الضغط‬
‫الخارجي إلى مزيد من االنفصال والخضوع ملظاهر العبودية‪.‬‬
‫ًا‬
‫لقد جعلت هذه االهتمامات املركزة على موضوعات العمل من جورج فريدمان واحد من املختصين في مجال‬
‫ًا‬
‫علم اجتماع العمل‪ ،‬بل واحد من مؤسسيه على مستوى العالم‪.‬‬

‫املطلب الثالث‬

‫تعريف علم اجتماع العمل‬


‫ًا‬
‫ظل علم اجتماع العمل نفسه لفترة طويلة محصور ‪ ،‬مع استثناءات نادرة جًد ا‪ ،‬في تحليل العمل العمالي في الصناعة‬
‫واسعة النطاق‪ .‬إن هذه الصعوبة في فهم تحوالت العمل‪ ،‬ال سيما من خالل األخذ بعين االعتبار تلك التي أثرت على‬
‫التشغيل وتوزيعه‪ ،‬أدت بالتالي إلى تشخيص أزمة متكررة في سوسيولوجيا العمل‪ ،‬ثابتة في إطار نظري ومقتصرة على‬
‫دراسة العمل‪ .‬ولم تعد الطبقة العاملة تحتل املكانة املركزية التي كانت لها منذ فترة طويلة‪ .‬لذلك كان من املغري فتح‬
‫مجاالت جديدة للتخصص ذات حدود يسهل اختراقها إلى حد ما‪ ،‬ولكنها محددة دائًم ا من خالل موضوعها‪ :‬التنظيم‪،‬‬
‫والتوظيف‪ ،‬واألعمال التجارية‪ ،‬وفي نهاية املطاف‪ ،‬املهن بينما يشغل العمل‪ ،‬في هذا كله‪ ،‬جزًء ا مقّي ًد ا بشكل متزايد‪.‬‬
‫ُف‬
‫عمل ؛ "إن ما يميز العمل عن النشاط في الواقع هو أنه يستجيب اللتزام‪" ،‬سواء تم االشتراك فيه طوًع ا أو رض‬
‫‪39‬‬
‫طوًع ا‪ ...‬فالعمل دائًم ا ُم درج في سند قانوني‬
‫لقد تم تناول العالقات بين تنظيم وترشيد املهام والتطور التكنولوجي من زاويتين رئيسيتين‪ ،‬منذ البحث التأسيسي‬
‫لفريدمان ونافيل‪ :‬عواقب التطورات التقنية على تحويل محطات العمل‪ ،‬ومقاومة العمال للقيود تايلور‪ .‬تقنية وتنظيم‬
‫العمل‪.‬‬

‫اّن البناء االجتماعي وموضوع التمثيل االجتماعي هو مساحة للعالقات االجتماعية ذات املستويات املختلفة‪ :‬تنظيم‬
‫مساحات العمل‪ ،‬والعالقات الجماعية والفردية التي يخلقها العمل ومن حوله‪ .‬يتم تحليل كل جانب من هذه الجوانب‬
‫من خالل علم اجتماع العمل‪.‬‬
‫املواضيع التقليدية تقسيم املهام‪ ،‬التطورات التكنولوجية‪ ،‬دور القواعد‪ :...‬املواضيع الرئيسية لعلم اجتماع العمل‬
‫مرتبطة بالقضايا االجتماعية الهامة‪ .‬ولكن سواء كان ذلك ينطوي على تحليل تنظيم العمل أو مؤهالته‪ ،‬فإن مواقف‬
‫وسلوك العمال‪ ،‬والعمل الجماعي أو التدريب املنهي‪ ،‬وأساليب النهج‪ ،‬ومجاالت وموضوعات البحث تتطور مع‬
‫التحوالت االقتصادية واالجتماعية‪ .‬أصبحت أكثر وضوحا من فوائده بالنسبة للعمال‪ .‬من بين املواضيع الثالثة‬
‫الرئيسية املهيمنة‪ ،‬يتمحور موضوعان حول العمل في الشركة‪ :‬تنظيم العمل وتأهيله؛ والثالث يتعلق بأشكال العمل‬
‫‪40‬‬
‫الجماعي ووعي العمال‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫سوبيو أ‪ ،.‬ما وراء التوظيف‪ ،‬باريس‪ ،‬فالماريون‪.1999 ،‬‬

‫‪ 40‬دراسات سوسيولوجيا العمل في الجزائر‬


‫لقد تعددت التعريفات واملسميات الخاصة بهذا العلم منذ ظهوره كفرع من علم االجتماع العام‪ ،‬وفيما يلي نحاول‬
‫تقديم مفهوم هذا العلم وموضوعه ومجاالت دراسته‪.‬‬
‫"يهتم علم اجتماع العمل بدراسة العالقة بين كل من بيئة العمل واملحيط االجتماعي الذي يعيش فيه العامل‪ ،‬من‬
‫عالقات اجتماعية و ادوار وممارسات وكل ما يرتبط باملؤسسة وما يحدث بداخلها أي دراسة النسق الداخلي و‬
‫الخارجي للمؤسسة ا ولعالقة بينهما"‪.‬‬
‫"دراسة متعددة املظاهر لكل الجماعات اإلنسانية التي تنشأ بسبب العمل"‬
‫وبالتالي فهو دراسة كل ما ينجم عن العمل من عالقات عمل الظواهر مرتبطة به‪ ،‬لقد اهتم علم االجتماع العمل في‬
‫البداية باملؤسسات الصناعية‪ ،‬ثم انتقل بعد ذلك إلى التنظيمات األخرى غير الصناعية ليشمل مجمل التنظيمات او‬
‫الفضاءات االجتماعية األخرى كاملدارس والجامعات‪ ...‬وبهذا لم يبقى حكرا على املصنع فلم يعد يرتبط باملجتمعات‬
‫الصناعية فقد كان املصنع بمثابة الزبون األول لعالم االجتماع أما اليوم خالفا لذلك‪ ،‬فقد اتسع حقل التحليل‪.‬‬

‫املطلب الرابع‬
‫‪41‬‬
‫كيف تكون املؤسسة محورا لتحليل السوسيولوجي‬

‫ضمن االهتمامات املختلفة لعلم االجتماع العمل‪ ،‬هناك ما يعرف بتحليل األبنية االجتماعية التي يتشكل منها التنظيم‬
‫ككل‪ ،‬ويتمدد إلى التفاعل القائم بين املؤسسة والبيئة الخارجية في إطار النسق املفتوح‪.‬‬
‫من الناحية السوسيولوجية املؤسسة هي بمثابة جماعة اجتماعية متضامنة تتداخل فيها األدوار واملكانات‪ ،‬وفق نسق‬
‫تنظيمي متسلسل‪ ،‬وال ينظر إليها بمنظار املفهوم االقتصادي ) مدخالت‪ +‬أنشطة‪ +‬مخرجات( فهو يتجاوز هذا التصور‬
‫ليشكل منظومة اجتماعية متماسكة وشبكة عالئقية تجسد البعد اإلجرائي واإلنساني‪ ،‬كل هذا يكون من خالل‬
‫الدراسة الحقلية للبنى والوظائف الظاهرة والكامنة‪ ،‬وكيف تؤثر على مستوى األداء العام للمؤسسة‪ ،‬وكجزء ال يتجزأ‬
‫من املحيط العام ‪.‬‬
‫إن التنظيم باملفهوم السوسيولوجي هو ظاهرة اجتماعية لها عدة جوانب متداخلة مع بعضها البعض لتشكل معالم‬
‫الحياة البشرية‪ ،‬وعلى عالم االجتماع أن يركز في تحليله للمؤسسة على جانبين أساسيين هما ‪:‬‬
‫‪ -‬املؤسسة كنسق اجتماعي يؤدي وظائفه دون أي خالل أو مشكالت‪– .‬‬
‫‪ -‬املؤسسة كرابطة إلزامية قهرية تقوم بتنظيم معين للسلطة مفعم بالصراعات‪.‬‬

‫املطلب الخامس‬
‫‪42‬‬
‫الفرق بين علم اجتماع العمل وعلم اجتماع الصناعي‬

‫هناك تداخل كبير بين علم االجتماع العمل وعلم االجتماع الصناعي باعتبار هذا األخير "أحد الفروع التخصصية في‬
‫علم االجتماع الذي يعنى بدراسة ظاهرة التصنيع وما ينجم عنها من آثار إيجابية أو سلبية في النسق الداخلي والخارجي‬
‫للتنظيم‪ ،‬وتطبيق املناهج والنظريات السوسيولوجية املعروفة أي تطبيق املنهج السوسيولوجي في املصنع من خالل‬
‫‪ 41‬مرجع سابق‬
‫‪42‬‬
‫‪Friedmann Georges, Problèmes humains du machinisme industriel, Gallimard, 1946.‬‬
‫تحليل داخلي وخارجي للنسق التنظيمي‪ ،‬وسنحاول أن نبرز أهم نقاط التي مر بها علم اجتماع العمل قبل أن يصير على‬
‫الصورة التي عليها اليوم حيث‪:‬‬
‫‪ -‬كان االهتمام بموضوع الصناعة ومشكالتها صاحب التحوالت التي طرأت على العالم املتقدم كإنجلترا وأمريكا‪،‬‬
‫خاصة فيما يتعمق بالنزوع نحو الرأسمالية الصناعية‪ ،‬وتطبيق مفهوم الرجل االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬علم اجتماع العمل هو صورة حديثة ومتطورة لعلم االجتماع الصناعي‪ ،‬فمن خالل الدراسات والتراكمات املعرفية‬
‫في ميدان الصناعة ومجاالتها‪ ،‬تطلعت التصورات و الرؤى إلى أبعد من ذلك فظهرت ظواهر تستدعي البحث والتقصي‬
‫من طرف علماء االجتماع‪ ،‬فازدادت املفاهيم واملناهج وتبلور علم االجتماع العمل في شكله النهائي‪.‬‬
‫‪ -‬علم االجتماع الصناعي ساد مع ظهور الصناعة ومع بروز اآللة والرأسمالية الصناعية وموجة االزدهار التي مهدت‬
‫لظهور علم االجتماع‪ ,‬حيث أن الصناعة هي محور التغيير االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬أما علم اجتماع العمل فهو عالج منظورات وتصورات جديدة لفهم الواقع التنظيمي‪ ،‬وهو يطرح بدائل جديدة لفهم‬
‫سلوك العمل ضمن محيط العمل والشبكة العالئقية القائمة ضمن النسق التنظيمي ككل والتصورات كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬علم اجتماع العمل مساره محدد‪ ،‬املؤسسة ومختلف أشكالها‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بتحقيق غايات وأهداف اجتماعية‬
‫تتجاوز النسق املغلق للتنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬علم اجتماع الصناعي يبقى متقوقع داخل التنظيم الصناعي‪ ،‬والتركيز يكون منصب على البناءات الداخلية وآليات‬
‫العمل ضمن نطاق البيئة الداخلية‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن علم االجتماع العمل ولد من رحم علم االجتماع الصناعي وحاول تقديم منظورات جديدة لفهم مجاالت‬
‫العمل من سلوكيات ومواقف إنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬كما يرتبط علم اجتماع العمل بعلم االجتماع املنهي والذي يدرس األدوار الوظيفية واملهنية التي يمارسها العامل‬
‫داخل التنظيمات‪ ،‬وما ينجر عنها من عالقات وتفاعالت‪ ،‬هذا األخير تكون موضوعا لعلم االجتماع التنظيم وفق نسق‬
‫تنظيمي مترابط على أساس الهياكل والخرائط‪.‬‬
‫‪ -‬علم اجتماع العمل يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية داخل املنظمات الصناعية واإلدارية ا ولخدماتية في ضوء‬
‫نظريات علم االجتماع العام ونظريات علم االجتماع التنظيم مستفيدا من التخصصات االخرى كاالنتروبولوجيا وعلم‬
‫النفس وعلوم التسيير وغيرها‪.‬‬

‫املطلب السادس‬
‫‪43‬‬
‫موضوعات علم االجتماع العمل‬

‫لقد أعطى علم االجتماع العمل ملواضيعه تنوعا معرفيا وامبريقيا‪ ،‬خاصة بأنواع التنظيم املوجودة في حياتنا سواء ما‬
‫كان اجتماعيا‪ ،‬اقتصاديا‪ ،‬ثقافيا‪...‬الخ‪ ،‬أو تلك السمة التي تعطي لهذا الكيان التنظيمي املرونة والتخفي )التنظيم‬
‫الرسمي(‪ ،‬مع كل هذا هناك حقيقة ال مفر منها وهي أن اإلنسان هو املحرك الحقيقي لهذا املؤسسة بكل مفاهيمها‬
‫ومتغيرات بيئتها الداخلية والخارجية‪ ،‬وتظهر هذه املوضوعات في ‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫‪Friedmann Georges ،Le travail en miettes : spécialisations et loisirs, Gallimard, 1956‬‬
‫بنية التنظيم ومكوناته األساسية وطبيعة العالقة القائمة بين هذه املكونات بمعنى ‪-‬يدرس نوعية التنظيم ا‬ ‫أ‪-‬‬
‫ولعالقات املتواجدة في الهيكل التنظيمي‪ ،‬يدرس طبيعة نطاق اإلشراف‪.‬‬
‫قضايا التنظيم من حيث املعايير واألهداف ومشكلة االتصال وكيفية اتخاذ القرار "هناك ‪-‬عنصرين‬ ‫ب‪-‬‬
‫الستراتيجية املؤسسة‪ :‬الرؤية والرسالة‪ ،‬هما اللتان يصنعان وضوحها وطريقة تنفيذ خططها القاعدية‪.‬‬
‫جماعة العمل ودينامكية التنظيم غير الرسمي‪- .‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫العمليات االجتماعية التي تحدث داخل التنظيم من تعاون وصراعات وعنف ‪. -‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫مشكالت العمل ومتطلباته‪ ،‬إلى جانب القضايا التنظيمية مثل املناخ والفاعلية ‪ . -‬و التكنولوجيا وأنساقها‬ ‫ج‪-‬‬
‫املختلفة وكيف تتداخل مع عالقات العمل‪ ،‬كذلك اإلدارة اإلنسانية ‪ -‬ومتطلباتها‪.‬‬

‫املطلب السابع‬
‫‪44‬‬
‫مجاالت علم االجتماع العمل‬

‫أينما يوجد العمل اإلنساني هناك مجال للبحث فيه‪ ،‬وقد أورد أحمد األصفر وأديب عقيل هذه املجاالت في ‪:‬‬
‫املؤسسات اإلنتاجية‪- .‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬املؤسسات املعنية بالخدمات االجتماعية‪- .‬‬
‫ت‪ -‬املؤسسات الثقافية واإلعالمية‪- .‬‬
‫ث‪ -‬املؤسسات السياسية كاألحزاب والتنظيمات واالتحادات ذات األغراض السياسية‪- .‬‬
‫ج‪ -‬املؤسسات األمنية املعنية باملحافظة على أمن املواطن وأمن الدولة‪- .‬‬
‫ح‪ -‬التنظيمات االجتماعية ذات األهداف الخاصة كاالتحادات العمالية والفالحين‪- .‬‬
‫خ‪ -‬التنظيمات االجتماعية الرسمية ذات األهداف الخاصة واألهداف غير املشروعة – تنظيمات املخدرات‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫َتَق‬
‫نشأ علم اجتماع العمل وتقوى بالقدر الذي برزت فيه التناقضات االجتماعية داخل محيط العمل وخارجه و َّو ت؛‬
‫اًل‬
‫مما جعل ظاهرة العمل ومختلف ما اتصل بها من عالقات ومسائل اجتماعّي ة تصبح إشكا ومحّل نزاع وعدم اتفاق‪.‬‬

‫وقد طّو ر ذلك النزاع مالمح بارزة من افتقاد مجاالت العمل لإلجماع على القيم والتصورات‪ ،‬وكذلك على املقاربات‬

‫والتحليالت‪.‬‬

‫‪ 44‬مرجع سابق‬
‫قدم لنا جورج فريدمان تحليال مفصال عن مفهوم سوسيولوجيا العمل حيث يرى أن سوسيولوجيا العمل ظهرت‬

‫للوهلة االولى في األدبيات العلمية‪ ،‬وأن قبل هذا التاريخ كان هناك استعمال واسع ملفهوم السوسيولوجيا الصناعية‬

‫فأثناء ظهور استعمال هذا املفهوم من اجل االختالف عن السيسيولوجيا االمبريقية االمريكية والتي يرى فريدمان انها‬

‫كانت لها تأثير على سوسيولوجيا العمل الفرنسية‪ .‬كما يمكن اإلشارة أن الفكر املاركسي كان كذلك لديه تأثير على‬

‫السوسيولوجيا الفرنسية‪ .‬فالتمازج األصيل ما بين املنهجية االمريكية واملفاهيم املاركسية أدت إلى نشأة علم االجتماع‬

‫العمل في فرنسا‪.‬‬
‫ّث‬
‫‪ .‬وهو ما سوف يم ل أحد أهم اآلليات املحّر كة للتطّو ر الفكري والنظري لعلم اجتماع العمل وما سوف يتطّو ر في‬

‫رحابه ‪-‬الحًق ا‪-‬من مدار س وتوجهات فكرّي ة مختلفة‪.‬‬


‫املراجع‪:‬‬
‫جبران مسعود‪ :‬الرائد‪ ،‬معجم ألفبائي في اللغة واالعالم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬ط ‪ ،2003 ،1‬لبنان ص ‪625‬‬ ‫‪.1‬‬
‫صبحي حمودي ‪ :‬املنجد في اللغة العربية املعاصرة‪ ،‬دار املشرق‪ ،‬ط ‪ ،2001 ،2‬لبنان ص ‪1920‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.Roger Muccheilli : Etudes de poste de travail Ed ESF, France,1979. P 99‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪. Jacques le plat : Regard sur l’activité humaine. Ed PUF, France, 1997. P 93‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪.Cristian Guillevic : Opcit P 14‬‬ ‫‪.5‬‬
‫فاروق مداس ‪ :‬قاموس مصطلحات علم االجتماع‪ ،‬دار مدني‪ ،‬الجزائر ‪ 2003‬ص ‪)) 56‬‬ ‫‪.6‬‬
‫فريديريك معتوق ‪ :‬معجم العلوم االجتماعية‪ ،‬دار النشر أكادمية‪ ،‬لبنان‪ . 2001 ،‬ص ‪23‬‬ ‫‪.7‬‬
‫جورج فريدمان و بيار نافيل ‪ :‬رسالة في سوسيولوجيا العمل‪ .‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪12‬‬ ‫‪.8‬‬
‫ناصر دادي عدون ‪ :‬مرجع سابق ص ‪123‬‬ ‫‪.9‬‬
‫نفس املرجع السابق ص ‪123‬‬ ‫‪.10‬‬
‫صمويل عبود‪ :‬اقتصاد املؤسسة ‪ ,‬ديوان املطبوعات الجامعية ‪ ,‬الج ا زئر ‪ 1982‬ص ‪14‬‬ ‫‪.11‬‬
‫نفس املرجع السابق ص ‪126‬‬ ‫‪.12‬‬
‫أحمية سليمان ‪ :‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان املطبوعات‬ ‫‪.13‬‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ 1998‬ص ‪17‬‬
‫عبد النور أرزقي ‪ :‬رسالة ماجيستير في علم النفس العمل و التنظيم‪ ،‬محددات الرضا الوظيفي و معنى العمل‬ ‫‪.14‬‬
‫عند العمال الجزائريون اشراف محمود بوسنة‪ ،‬الجزائر ‪ 1997‬ص ‪117‬‬
‫أحمية سليمان‪ :‬مرجع سابق ص ‪25‬‬ ‫‪.15‬‬
‫‪.Ahmed Koudri : L’économie de l’entreprise. Ed. E.N.A.G. Algérie, 1999. P 28‬‬ ‫‪.16‬‬
‫عبد الرحمان العيسوي‪ :‬الكفاية اإلدارية‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ .‬اإلسكندرية ‪ .1998‬ص ‪23‬‬ ‫‪.17‬‬
‫‪C. Guillevic : Opcit P 122‬‬ ‫‪.18‬‬
‫‪.Ibid : P 121‬‬ ‫‪.19‬‬
‫ع‪-‬مقدم‪ :‬املؤثرات الثقافية على التسيير والتنمية في الثقافة والتسيير‪ .‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ .‬الج ا زئر‪.‬‬ ‫‪.20‬‬
‫‪ .1992‬ص ‪21‬‬
‫‪Muanga a Mabanga Muanyiany : Opcit. P100‬‬ ‫‪.21‬‬
‫أحمد صقر عاشور ‪ :‬إدارة القوى العاملة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ . 1983 .‬ص ‪147‬‬ ‫‪.22‬‬
‫عبد الفتاح محمد دويدار ‪ :‬أصول علم النفس املنهي و الصناعي و التنظيمي و تطبيقاته‪ ،‬دار املعرفة‬ ‫‪.23‬‬
‫الجامعية‪ .‬مصر‪ 2000 .،‬ص‪20‬‬
‫نفس املرجع‪ :‬ص ‪68‬‬ ‫‪.24‬‬
‫كامل محمد عويضة ‪ :‬علم النفس الصناعي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ .‬لبنان‪ . 1996 ،‬ص ‪44‬‬ ‫‪.25‬‬
‫محمد أحمد محمد عبد هللا ‪ :‬علم النفس الصناعي بين النظرية و التطبيق‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬مصر و‬ ‫‪.26‬‬
‫بيروت‪) 1996 ،‬ص ‪68‬‬
‫أندرو دي سيزالقي مارك جي واالس ‪ :‬السلوك التنظيمي و األداء‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪58‬‬ ‫‪.27‬‬
‫أحمد صقر عاشور ‪ :‬إدارة القوى العاملة‪ ،‬مرجع سابق‪ . 1983 .‬ص ص ‪112-11‬‬ ‫‪.28‬‬
‫مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪144‬‬ ‫‪.29‬‬
‫عبد الفتاح بوخمخم ‪ :‬مفهوم الدافعية في مختلف نظريات السلوك التنظيمي‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية و‬ ‫‪.30‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬قسنطينة‪) ،‬عدد ‪ 5‬جوان ‪ 2001 .‬ص ‪136‬‬
‫عبد الفتاح بوخمخم ‪ :‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪136‬‬ ‫‪.31‬‬
‫مرجع سابق ص ‪137‬‬ ‫‪.32‬‬
‫مرجع سابق ص ‪137‬‬ ‫‪.33‬‬
‫ناصر دادي ‪ :‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪206‬‬ ‫‪.34‬‬
‫نفس املرجع السابق ‪ :‬ص ‪205‬‬ ‫‪.35‬‬
‫نفس املرجع السابق ‪ :‬ص ‪149‬‬ ‫‪.36‬‬
‫ّي‬ ‫ّي‬
‫دوفني‪ ،‬ج‪ .)2010( .‬فريدمان جورج‪ .‬ضمن املوسوعة الدول ة للعلوم االجتماع ة‪( .‬مجموعة من الباحثين‪،‬‬ ‫‪.37‬‬
‫مترجم)‪( .‬ط‪ .)1.‬القاهرة‪ :‬املركز القومي للترجمة‪.‬‬
‫دوفني‪ ،2010 ،‬ج‪ ،2‬ص ص ‪223-222‬‬ ‫‪.38‬‬
‫سوبيو أ‪ ،.‬ما وراء التوظيف‪ ،‬باريس‪ ،‬فالماريون‪.1999 ،‬‬ ‫‪.39‬‬
‫دراسات سوسيولوجيا العمل في الجزائر‬ ‫‪.40‬‬
‫مرجع سابق‬ ‫‪.41‬‬
‫‪.Friedmann Georges, Problèmes humains du machinisme industriel, Gallimard, 1946‬‬ ‫‪.42‬‬
‫‪Friedmann Georges ،Le travail en miettes : spécialisations et loisirs, Gallimard, 1956‬‬ ‫‪.43‬‬
‫مرجع سابق‬ ‫‪.44‬‬

You might also like