Professional Documents
Culture Documents
البحث النهائي 16.11.2023
البحث النهائي 16.11.2023
[Sous-titre du document]
[Date]
Compte Microsoft
[nom de la société]
الفهرس
مقدمة..................................................................................................................... :
المبحث األول :العمل.......................................................................................................
المطلب األول :مفهوم العمل..................................................................................................................................................
املطلب األول
مفهوم العمل
وردت عدة تعاريف للعمل واختلفت باختالف العلماء واملجاالت ،فعلماء النفس اهتموا وركزوا في تعاريفهم للعمل
بإبراز البعد النفسي له ،في حين اعتبره علماء االقتصاد أحد عناصر اإلنتاج األساسية ،بينما ركز علماء االجتماع على
الناحية االجتماعية للعمل ،وفي بحثنا هذا اعتمدنا على طرح مجموعة من التعاريف للعمل بدأ من تعرفه لغة إلى
مجموعة من التعاريف حسب علماء النفس وعلماء االجتماع باإلضافة إلى علماء االقتصاد ونظرة املختصين في اإلدارة
للعمل.
.1العمل لغة :عمل ،يعمل :عمال ،فعل بقصد وفكر
1
يبرز التعريف اللغوي للعمل النشاط أو الفعل الذي ينجزه الفرد أو العامل عن قصد ولتحقيق هدف أو غاية عمل
2
بمعنى مارس نشاطا وقام بجهد للحصول على منفعة أو للوصول إلى نتيجة مجدية
.2تعريف العمل حسب علماء النفس:
" العمل هو مجموعة املهام أو الواجبات املوكلة لشخص بهدف تحقيق غايات محددة ،عن طريق مجموعة من
3
الوسائل ،و يصنف حسب سلم التقييم إلى سهل/معقد ،روتيني أو يتطلب مبادرة و مها رات يدوي /فكري ...الخ
4
العمل هو سلوك مكتسب من خالل التعلم ،يهدف إلى التكيف مع متطلبات املهمة.
5
ويعرفه " " Christian Guillevicبأنه الفعل الذي ننجزه ،وكذلك الناتج واملكانة االجتماعية التي نحتلها في املجتمع
اهتم علماء النفس بابراز الجوانب النفسية للعمل واعتباره سلوك هادف وكذلك محصلة تفاعل بين اإلمكانيات
املادية والتقنية واملورد البشري ،حيث ركز " " Muccheilliفي تعريفه له على مجموعة ،األنشطة واملهام املنجزة
أثناءه ،في حين اعتبره" " J.Le Platسلوك مكتسب هادف.
جبران مسعود :الرائد ،معجم ألفبائي في اللغة واالعالم ،دار العلم للماليين ،ط ،2003 ،1لبنان ص 625 1
صبحي حمودي :المنجد في اللغة العربية المعاصرة ،دار المشرق ،ط ،2001 ،2لبنان ص 1920 2
3
Roger Muccheilli : Etudes de poste de travail Ed ESF, France,1979. P 99.
4
Jacques le plat : Regard sur l’activité humaine. Ed PUF, France, 1997. P 93 .
5
Cristian Guillevic : Opcit P 14.
يشير هذا املصطلح بمعناه العام إلى أي نشاط أو جهد نحو إنجاز هدف معين ،6تطلق صفة العامل على كل إنسان
7
يمارس نشاطا معينا
حسب ما ورد في التعريف األول فالعمل هو نشاط أو جهد ذو غاية و قصد ،و هذا ما سبق و أشار إليه فريدمان «
" G.Freidmannفي كتابه" رسالة في سوسيولوجية العمل " هو مجموعة نشاطات ذات هدف اجرائي يقوم بها
اإلنسان بواسطة عقله ويديه واألدوات واآلالت ،وينفذها على املادة ،هذه النشاطات تسهم بدورها في تطويره
،واملالحظ من هذه التعاريف على اختالف العلماء والفترة الزمنية سواء الحديثة منها أو القديمة نوعا ما ،اعتبرته
نشاط هادف ،وواعي كما ركزت على تغيرات التي ينجزها العامل على املادة أو مدخالت العمل.
.4العمل حسب علماء االقتصاد:
العمل يعبر عن ذلك النشاط الواعي و الهادف ,املبذول في عملية اإلنتاج أي في استعمال أدوات اإلنتاج من أجل تحويل
8
مادة العمل
-يعرفه علماء االقتصاد االشتراكيون بأنه صورة العنصر األساسي و هو قوة العمل التي تكمن في ذات أو جسم
اإلنسان الحي بحيث تظهر عند إنفاقها في صورة عمل ,و يهدف " ماركس " قوة العمل بأنها مجموعة من الطاقات
الجسمية والفكرية املتواجدة في جسم اإلنسان في شخصيته الحية ،و التي يجب أن يجعلها في حركة لكي ينتج أشياء
9
نافعة
العمل هو ذلك النشاط الغائي الهادف الذي يبذله العاملون أثناء اإلنتاج،10
يركز علماء االقتصاد االشتراكيون على أهمية عملية اإلنتاج أو إنشاء منفعة ،حيث يعتبرون أن العمل البشري هو
أساس كل عملية االنتاج ،فالفرد هو ركيزة النشاط االقتصاد.
في حين أن رب العمل في املؤسسة الرأسمالية ما هي إال مستغل ،قد جمع راس املال بواسطة االستيالء على فائض
القيمة (ماركس) إال أن رأسماليون يرون أن راس املال هو العنصر األساسي في عملية اإلنتاج و العامل يتلقى مقابل
الجهد املبذول األجر ،في حين أن أكبر نسبة األرباح تعود لصاحب راس املال لكونه املالك و املؤسس و من املنطقي
حسب الرأسماليون استحواذه على أكبر جزء من عوائد عملية اإلنتاج .
فاروق مداس :قاموس مصطلحات علم االجتماع ،دار مدني ،الجزائر 2003ص )) 56 6
7
فريديريك معتوق :معجم العلوم االجتماعية ،دار النشر أكادمية ،لبنان . 2001 ،ص 23
8جورج فريدمان و بيار نافيل :رسالة في سوسيولوجيا العمل .مرجع سبق ذكره .ص 12
ناصر دادي عدون :مرجع سابق ص 123 9
صمويل عبود :اقتصاد المؤسسة ,ديوان المطبوعات الجامعية ,الج ا زئر 1982ص 14 11
فالعمل حسب تايلور يحدد بدقة من طرف اإلدارة ،ويوزع على العمال حسب "قدراتهم ومهاراتهم «أن كل عامل يجب
12
أن يعطي له أعلى مستوى من العمل يناسب قد ا رته وحالته الجسمية
على الرغم من تعدد التعاريف التي تتناول مفهوم العمل حسب تخصصات وعلوم مختلفة (علم النفس ،علم
االجتماع ،علم االقتصاد) إال أنها تؤكد في مجملها على أنه نشاط هادف وغائي ،يختص به اإلنسان.
يمكن تعريف العمل على أنه نشاط أو مجموعة االنشطة واملهام التي ينجزها الفرد العامل ،قصد تحقيق غاية أو
هدف (مخرج معين مادي أو معنوي) للحصول على مقابل أو أجر نظير الجهد املبذول.
-كذلك يمكن القول ان كل تخصص أو علم ينظر للعمل من ناحيته ،فعلماء النفس يهتمون بالبعد النفسي له،
ويعتبرون العمل نشاط ،في حين يعني لدى علماء االجتماع مصطلح العمل الكفاءة ،بينما لدى علماء االقتصاد يدل
على االستخدام أو الوظيفة ،
يكون كل مجتمع وكل ثقافة تصورات ووجهات عن العالم والبيئة املحيطة على اختالفها ،ويحتل العمل مكانة مهمة
ضمنها لقد نشأة فكرة العمل وتطورت مع وجود وتطور اإلنسان منذ األزل ،إال أن نظرة اإلنسان لهذه الفكرة أخذت
عدة صور وأشكال منذ القدم إلى يومنا الحالي.
إن الشواهد القائمة إلى يومنا هذا الدالة عن بعض الحضارات القادمة ،ال تزال وستبقى تدل على مدى أهمية العمل
في حياة اإلنسان القديم الذي شيد أعظم البنيان وأعرق الحضارات عبر التاريخ والعصور ،فالعمل إذن كان وسيظل
مصد ا ر لإلنتاج والتطور والرقي.
ورغم ذلك اختلفت القيم املرتبطة بالعمل ،فهناك من يعتبر العمل عقابا إالهيا وعليه فهو مخصص للعبيد فقط ومن
13
ثمة فعليه القوم واألسياد ال يعملون ،وآخرون جعلوا من العمل الفكري أسمي وأرقي مظاهره،
املطلب الثالث:
عبد النور أرزقي :رسالة ماجيستير في علم النفس العمل و التنظيم ،محددات الرضا الوظيفي و معنى العمل عند العمال الجزائريون اشراف محمود بوسنة، 14
16
Ahmed Koudri : L’économie de l’entreprise. Ed. E.N.A.G. Algérie, 1999. P 28.
اإلدارة مصطلح يطلق عادة في املجال الحكومي على تنسيق جهود االفراد والجماعات لتحقيق هدف معين وتشمل
مهمات ووظائف مختلفة كالتخطيط ،التوجيه والتنسيق .17
املطلب الرابع:
مكونات العمل
حسب") Faverge" ( 1972العمل يتطلب :18
-إنجاز حركات.
-استقبال املعلومات حول الشيء أوعن طريق وسيط واإلجابة تكون على الشيء أو على الوسيط ،بمعنى آخر
ضمان االتصال بين اجزاء الشيء أو عن طريق وسطاء.
-قيادة أو إيصال املتغير للقيمة املعيارية أو النموذجية ،و الحرص على الحفاظ على هذه القيمة.
-استخدام أنماط التفكير واستعمال الخوارزميات ومناهج الكشف ،واستعمال تقنيات واستراتيجيات اتخاذ
القرارات ...إلخ.
وخالفا لذلك إن تحليل األعمال اليدوية يركز على املهام الحركية ،بينما الجانب األهم في هذه النشاطات أو املهام
يتمثل في كيفية اتخاذ العامل القرارات في التنظيم.
مهما كانت صفة العمل اليدوي او الفكري الذي نحن بصدد تحليله يجب قبل كل شيء االهتمام والبحث عن معنى
19
وأهمية كل عنصر من العناصر األربعة في مهام أو نشاطات العامل
املطلب الخامس:
الحاجات في العمل
العمل نشاط غائي يهدف إلى تحقيق مجموعة من األهداف منها ما يرتبط بالفرد العامل .يمارس االفراد أعماال معينة
قصد إشباع مجموعة من الحاجات والتي يعتبر العمل الوسيلة املثلى لتحقيقها،
من بين هذه الحاجات نجد العائد املادي ،األمن الوظيفي ،التقدم والترقية ،املركز االجتماعي.،إلخ.
باإلضافة إلى كون العمل مصدر الرزق فهو كذلك وسيلة إلثبات الشخصية وتحقيق الذات فهو إذن يتعدى كونه
وسيلة لكسب املال ،الرتباطه بحاجات عديدة ومتعددة تتجاوز الجوانب املادية.
يعرف العمل من خالل معانيه ،وما يقدمه من مقابل كاألجر واملكافئات وكذا التحديات التي يفرضها واالستقاللية التي
20
يتيحها و العالقات مع اآلخرين
عبد الرحمان العيسوي :الكفاية اإلدارية ،الدار الجامعية للطباعة والنشر .اإلسكندرية .1998ص 23 17
18
C. Guillevic : Opcit P 122
19
Ibid : P 121.
ع-مقدم :المؤثرات الثقافية على التسيير والتنمية في الثقافة والتسيير .ديوان المطبوعات الجامعية .الج ا زئر .1992 .ص 21 20
كل هذه الحاجات تمثل محور اهتمام الفرد العامل والتي يسعى إلى تحقيقها من خالل العمل .ومن النادر أن يكون لكل
العاملين نفس الحاجات ،ذلك أنها تختلف من عامل آلخر وفقا لعدة عوامل كاملستوى االجتماعي واملنهي ...إلخ ،وعموما
يمكن أن نفرق بين نوعين من الحاجات:
أ-حاجات املستويات األدنى :و هي تشير حسب سلم ماسلو للحاجات الفيزيولوجية و التي تمثل الحاجات
األساسية بالنسبة للفرد وتشمل في ميدان العمل كل من :األجر ،األمن ،ظروف العمل الفيزيقية ...إلخ ،و التي يطلق
عليها بصفة عامة كذلك الحاجات املادية.
ب-حاجات املستوى األعلى:
الحاجات النفسية :بمعنى االنتظارات التي تتعلق بالترقية و النمو الفردي ،االستقاللية في التفكير واملهام
21
املتنوعة
و فمايلي سنعرض بشيء من التفصيل بعض هذه الحاجات حسب هذا التصنيف:
الحاجات املادية: -1
1 األجر :
الراتب أو العائد املادي الذي يتقاضاه العامل مقابل العمل الذي ينجزه وتحدد قيمته بناءا على الوظيفة التي يشغلها
العامل .وتضاف لألجر العالوات والتعويضات وهي تختلف حسب طبيعة العمل و الخبرة و الجهد اإلضافي.
ونتذكر كيف أن "فريديريك تايلور " قد ركز على العائد املادي أو األجر بصورة كبيرة في تجربته بمصنع للصلب مع "
شميث " العامل الهولندي .الذي تمكن من رفع 4,7طن من سبائك الحديد يوميا عوض 2,5التي كان العمال يحملونها
نظير زيادة في األجر ،غير أنه ليس من املؤكد أن األجر هو الدافع الوحيد الذي يوجه سلوك اإلنسان ،يرى" ميللر" و"
فروم" أن دوافع العمل ال ترتبط بالحاجات االقتصادية فقط ،فاالفراد قد يستمرون في العمل حتى و لو كانوا في غير
22
حاجة إلى منافع مادية ...إلخ ،ألن املكافآت التي يحصلون عليها من عملهم هي مكافئات اجتماعية
ظروف العمل:
تعتبر ظروف العمل مسألة مهمة في بيئات العمل ،إذ كثيرا ما يرتبط تراجع مؤسسة ما في تحقيق أهدافها بسوء
ظروف العمل .إذن فهي عامل هام تساعد العمال على بذل جهد أكثر إذا كانت جّي دة.
وتشمل ظروف العمل مجموعة من العوامل الفيزيقية أو الظروف البيئية املحيطة بالعمل .يقصد بالظروف الفيزيقية
للعمل :اإلضاءة ،التهوية ،درجة الحرارة والرطوبة وكذا الضوضاء وغيرها.23
.ويطلق على كل هذه العوامل أيضا العوامل الخارجية املؤثرة في إنتاجية العامل وكفايته املهنية ونستطيع التأكيد أن
هذه الظروف الفيزيقية ليست العوامل املؤثرة وحدها في إنتاجية العامل ولكن يتفاعل معها ويتضافر العوامل
24
الداخلية
وهي من ضمن العوامل التي يتوقف عليها أداء العامل .لذا تحرص االدارة املتقدمة للوحدات اإلنتاجية على توفير هذه
الظروف والعناية بالعامل بقدر رعايتها باملؤسسة ذاتها ،فهذه هي الوسيلة الوحيدة لزيادة اإلنتاج كما وكيفا ،وهي
الوسيلة األكيدة لنجاح العامل في أدائه ورضائه عنه.
21
Muanga a Mabanga Muanyiany : Opcit. P100
أحمد صقر عاشور :إدارة القوى العاملة ،دار النهضة العربية ،بيروت . 1983 .ص 147 22
عبد الفتاح محمد دويدار :أصول علم النفس المهني و الصناعي و التنظيمي و تطبيقاته ،دار المعرفة الجامعية .مصر) ، 23
. 2000 .ص20
نفس المرجع :ص 68 24
الحاجة إلى األمن الوظيفي:
إن الحاجة لألمن حاجة مالزمة للنفس البشرية ،وهي تبرز في أشكال ومظاهر متنوعة كالحاجة لالستقرار والضمانات
الوظيفية والوقاية ...إلخ و هي تعبر الرغبة امللحة في التحرر من الخوف من عدة أشياء كافتقاد الوظيفة و افتقاد
25
العائد املادي
فهي تتضمن كل ما يضمن سالمة وأمن الفرد وحمايته من املخاطر .وعلى ذلك فهي تشير إلى الرغبة في الحصول على
عمل دائم ومستقر يوفر أجر كافيا وكذا توفير بعض املال والحصول على أنواع مختلفة من التأمين ،والعمل وسط
محيط خالي من املخاطر التي تهدد أمن وصحة الفرد وسالمته ،وهذه الحاجات حسب هرم ماسلو مباشرة الحاجات
الفيزيولوجية ،وتعتبر تلبية هذه الحاجة ضرورية بالنسبة لكل أفراد املؤسسة.
ولوجود حاجة األمن لدى الجميع فهي من أقوى الدوافع .وتعد من املهام األكثر صعوبة التي تواجه اإلدارة كيفية تلبية
حاجة األمن عند العامل 26ةو النتيجة هي أنه ال بد من وضع األمن ضمن العوامل األولية.
تمثل هذه الحاجات السابقة في ثالثية الدرفير :حاجات البقاء بالنسبة للمؤسسات.
حاجات املستويات العليا أو الحاجات النفسية االجتماعية: ب-
التقدم والترقية:
يعطي العمال أهمية بالغة للحاجة إلى الصعود أو التقدم إلى وظائف أعلى – الترقية الداخلية – في املؤسسة،
فباإلضافة إلى كونها تعني الزيادة في األجر فهي تشكل اعتراف من اإلدارة بالجهد املبذول من قبل العامل أو العمال و
اعتبا را لقدراتهم ،كما تمثل الترقية الفرصة املناسبة لتنمية قدرات الفرد و إمكاناته.
وتختلف الرغبة في الترقية أو التقدم بين االفراد ،حتى وأن كانت األغلبية تحب الترقية وتعمل على الحصول عليها
نظرا لكونها تمثل حسب ماسلو إشباعا لحاجات التقدير وتحقيق الذات.
وقد أظهرت بعض الدراسات أن الحاجة إلى التقدم والترقية من ضمن الحاجات األساسية التي يولي االفراد لها أهمية
عند اختيار وظيفة معّي نة.
الحاجة إلى اإلنجاز:
يعد اإلنجاز أحد الحاجات التي يجرى بحثها بكثافة و تكرار .و من العلماء اللذين ترتبط أسماؤهم بالبحث حول هذه
الظاهرة "ديفد مكليالن" " David MALEINDو"ج .و .اتسكونJ.W. ATKINSON"27
الحاجة لإلنجاز أو الدافع إلى اإلنجاز هو الرغبة في تحقيق نتائج جّي دة و مرضية و يرى "مكليالن" أن
االفراداللذين يمتلكون دافع إنجاز قوي يفضلون تفادي األخطار و يميلون إلى اختيار األعمال التي تكون
درجة املخاطر فيها متوسطة و محددة ،كما تتصف نتائجها بإمكانية القياس و التقدير.
Fو يتصف االفرادالذين لديهم دافع إنجاز قوى بالخصائص التالية 36
)2( :
-يفضلون أداء املهام التي تمنح قد ا ر كافيا من املسؤولية و االستقاللية.
-يفضلون تحديد األهداف الصعبة نسبيا و لديهم دافع قوي على املثابرة و تحمل املخاطر في حاالت
الفشل .و إنجازهم يكون أكبر من إنجاز االفرادالذين يتميزون بدافع إنجاز ضعيف.
كامل محمد عويضة :علم النفس الصناعي ،دار الكتب العلمية ،بيروت .لبنان . 1996 ،ص 44 25
محمد أحمد محمد عبد اهلل :علم النفس الصناعي بين النظرية و التطبيق ،دار المعرفة الجامعية ،مصر و بيروت) 1996 ، 26
.ص 68
أندرو دي سيزالقي مارك جي واالس :السلوك التنظيمي و األداء .مرجع سابق .ص 58 27
) 1 .أندرو دي سيزالقي مارك جي واالس :السلوك التنظيمي و األداء .مرجع سابق .ص ) 58
)2 -112.أحمد صقر عاشور :إدارة القوى العاملة ،مرجع سابق . 1983 .ص ص ) 111
-تسيطر مشاعر الرضا على االفرادالذين يتميزون بدافع إنجاز قوي لدى تحقيقهم نتائج جّي دة حتى و إن لم
تكن تلك النتائج متبوعة بعوائد مادية.
/ 3-2-5الحاجة إلى االنتماء :
مدى أهمية الحاجة إلى االنتماء ( )Western Electricأكدت نتائج أبحاث وسترن إلكتريك للجماعات وتكوين عالقات
صداقة والتفاعل بين العاملين .حيث تعتبر تلبية هذه الحاجة في املنظمة ضرورية بالنسبة لكل فرد وكذلك من ضمن
الحاجات األساسية املرتبطة بالعمل.
تحتل حاجة االنتماء حسب سلم "ماسلو " للحاجات املرتبة الثالثة من حيث أهميتها كحاجة دافعة لدى الفرد كما تمثل
الحد الفاصل بين الحاجات املادية والنفسية .واالفراد الذين لديهم حاجة االنتماء يسعون إلى إقامة عالقات اجتماعية
28
في املنظمة ويقبلون على املهام التي توفر لهم إمكانية التفاعل االجتماعي
ولإلشارة ،تشبع حاجة االنتماء في املؤسسة من خالل تنمية روح الفريق وتنظيم العمل بحيث يمكن االفراد من
االتصال و تكوين جماعات غير رسمية ،و قد أكدت حركة العالقات اإلنسانية مدى أهمية اإلشباع االجتماعي وكذا
أهمية التنظيم غير الرسمي في تحقيق هذا اإلشباع ،فالفرد ال يستطيع العيش بمعزل عن الجماعة ،فهو قبل كل شيء
كائن اجتماعي ،يسعى إلى إقامة عالقات اجتماعية مع أف ا رد آخرين إلشباع الحاجات االجتماعية و الحاجة إلى
االنتماء ،ينتقل الفرد في مسار نموه عبر مراحله املختلفة بعديد الجماعات على اختالف طابعها بدءا من األسرة مرورا
باملدرسة و الجامعة و بالتالي فهو دوما في حاجة ألن يكون في جماعة ما و في الحياة املهنية و في واقع املؤسسات ال
يمكننا تصور خالفا لذلك ما دام أننا ال نستطيع تصور مؤسسة دون أف ا رد و دون تفاعل بينهم.
املطلب السادس:
نظريات العمل
يعبر العمل عن الجهد العقلي و العضلي املبذول بغرض تحقيق أهداف ( مادية ،نفسية ،اجتماعية) و قد أهتم مختلف
األخصائيون في مجاالت متعددة بفهم العمل و طبيعته ،و من خالله فهم العامل و توفير كافة شروط الضرورية
لألداء الجيد لتحقيق النجاح للمؤسسة و الفعالية ،و قد كانت بداية الدراسات في هذا املجال من طرف علماء اإلدارة
و التنظيم ( تايلور ،فايول ،آدم سميث ...إلخ).
أحمد صقر عاشور :إدارة القوى العاملة ،مرجع سابق . 1983 .ص ص 112-11 28
ثم تعاقبت الدراسات و أبحاث التي اهتمت بالعمل البشري ،أبحاث "إلتون مايو" في هاوثورن ( )Electric Western
الذي أهتم بتوضيح أهمية ظروف العمل االجتماعية و توصل إلى نتيجة أن العمال يتأثرون بعوامل متعددة و ليس
بالعوامل املادية فقط.
ومن الباحثين اللذين أجروا أبحاث ود راسات حول العمال و تنظيمه و تقسيم يمكن ذكر" ثيلور" دراسة تقسيم
العلمي للعمل" ،فايول" و أفكاره حول االدارة ،و" هريزبرغ" و نظرية العاملين.
اإلدارة العلمية "تايلور" : .1
إن الدراسات الفعلية ملشكالت و حاجات املنظمات التي كانت في ذروة الحركة الصناعية بدأت بالدراسات التي قدمها
فريديريك تايلور و زمالئه " حركة التنظيم العلمي للعمل " ،و تقوم الفلسفة التيلورية على اساس مجموعة من
االفتراضات :
تبسيط الوظائف وتنميطها وتخصيصها لكل عنصر من عناصر العمل املطلوب أداؤه بحيث تتم تجزئة كل
وظيفة إلى وحدات صغيرة و تنميط االجراءات الالزمة ألدائها و كذلك تدريب العمال لتنفيذها بكفاءة و
الفعالية الالزمة.29
والسبيل الوحيد لتحقيق الفعالية هو العمل على تطبيق الطريقة املثلى إلنجاز األعمال والتي يتم التوصل إليها علميا
30
عن طريق دراسة الوقت والحركة
وتتميز الوظائف التي صممت بطريقة علمية بكونها ال تحتاج إلى مهارات عالية ،حيث صممت الوظائف بصورة تجعلها
تتطلب مهارات بسيطة و سهلة التعلم و ال تحتاج إلى تكوين و تدريب ،حيث يؤدي نفس العمليات في مدة زمنية
قصيرة لعدة مرات خالل فترة العمل ،و كذلك التحديد املسبق للوسائل و أدوات العمل و األسلوب الذي ينجزبه
العامل عمله.
وكل عامل مسؤول عن أداء جزء من العمل بشكل انفرادي بالفصل بين العاملين الواقفين على مسافات متباعدة على
طول خط االنتاج لتجنب قيام عالقات بين العاملين.
واالفراد في نظر تايلور يجب أن يخضعوا للعقاب والترغيب في آن واحد حتى يعملوا بفعالية والترغيب يتجسد في
الحوافز املادية فقط.
31
طبقت مبادئ اإلدارة العلمية في الدول الصناعية ،ومن األساليب املعروفة املطبقة خط التجميع 24
كما استخدمت في أعمال أخرى ،خاصة تلك التي يمكن تجزئتها إلى وحدات متخصصة و يمكن أداؤها بدرجة عالية من
الكفاءة
وقد قدم " تايلور " من خالل دراسته لعوامل الدافعية وإعادة تصميم الوظائف ،بحيث تستفيد املنظمة إلى أقصى
درجة من التخصص والتبسيط للوصول إلى نسبة عالية من الكفاءة والفعالية نظرة جديدة النظرة الفردية إلى الفرد
في املنظمة ،واعتباره املنطلق أي بحوث أو دراسات تستهدف تحسين اإلنتاج كما وكيفا.
" و املتمعن في دراسات تايلور يكتشف أنها مجردة من الجوانب النفسية و االجتماعية للفرد و أن الدافع الوحيد إلى
العمل هو العامل املادي ألن الدراسة تقوم على فرضية مفادها أن الفرد رجل اقتصادي ،ففي فلسفة اإلدارة
العلمية ،فالفرد ليس بآلة و لكنه يعمل مثل اآللة .
عبد الفتاح بوخمخم :مفهوم الدافعية في مختلف نظريات السلوك التنظيمي ،مجلة العلوم اإلنسانية و االجتماعية ،قسنطينة) ، 30
ويالحظ عموما أن تأثير هذا االتجاه على البحوث واألفكار اليسارية باللغة اإلنجليزية قد تراجع إلى حد بعيد بسبب
املناقشات التى دارت مؤخرا عن موضوعات املهارة ،وإفقاد املهارة ،وعملية العمل ،وما بعد الفوردية ،وظواهر
العمالة املرنة .ويقدم مؤلف مايكل روز املعنون :خدام القوة فى عالم ما بعدالصناعة ،الصادر عام 1979عرضا
ممتازا باللغة االنجليزية لتاريخ وتحليل نظريات هذه الحركة ومؤلفاتها.
املطلب االول
جورج فريدمان Georges-Friedmannعالم اجتماع وفيلسوف فرنسي ولد بباريس ،في 13ماي .1902التحق بمدرسة
ّل
املع مين العليا سنة ،1923وكان من أبرز أصدقائه فيها جان بول سارتر وكلود ليفي شتراوس .دّر س في معهد بورج (
ّل
)Bourgesسنة ،1929ثّم أصبح باحثا مساعدا في مركز التوثيق االجتماعي بمدرسة املع مين العليا،
ّال
وانخرط في التيار املاركسي ،وكان يكتب في عدد من املج ت الفرنسّي ة ( )Clarté, Europe, l’Espritرفقة بيير مورانج (
،)Pierre Morhangeوهنري لوفافر ( ،)Henri Lefebvreوجورج بوليتزر ( ،)Georges Politzerونوربر جوترمان (
،)Norbert Gutermanوقد أثارت كتاباتهم جدال فكرّي ا واسعا حول املاركسّي ة في فرنسا .من ذلك ما أثاره كتابا
ّت
فريدمان حول "مشكالت النزعة اآللّي ة في اال حاد السوفياتي ،وفي البلدان الرأسمالّي ة" ( ،)1934وحول "أزمة
التقّد م "1936
ّل ّل
وتو ى فريدمان اإلشراف على جملة من األبحاث حول تطّو ر العمل وتع م اللغة الروسّي ة ،وزار االتحاد السوفياتي
مّر ات عّد ة ،وقد كان ينتقد طريقة إدارة العمل ،ويرى في تجزئته وتقسيمه سمة أساسّي ة من سمات النظام
الرأسمالي ،انتهت بتقليص القدرة املهارّي ة للعّم ال ،وهو ما جعله يميل إلى النشاط الحرفي الحّر واملهاري ،وما يحمله في
ّل
نظره من أبعاد إنسانّي ة واجتماعّي ة وأخالقّي ة .لذا نجده في هذه الفترة يشغل وظيفة مع م بمدرسة مهنّي ة ،تدّر س
فنون النجارة وصناعة األثاث ...قبل أن يتّم تجنيده بين سنتي 1939و.1940
ّت
وإثر تحرير فرنسا اشتغل مف شا عاّم ا للتعليم الفّن ي ،ثّم شغل كرسّي تاريخ العمل في "كونسرفتوار الفنون الجميلة
ّي 37
والتطبيقّي ة في باريس؛ وهو مدرسة هندسّي ة مشهورة ،حيث كان يدرس مقّر رات مسائ ة
عرف بدراساته املتخصصة في مجال علم اجتماع العمل ،وانتشرت أعماله بعد الحرب العاملية الثانية ،كما عرف عنه
نقده الالذع لحركة اإلدارة العلمية التي ظهرت في بريطانيا ،منذ بدايات القرن العشرين.
ولكن الفكرة األساسية التي شغلته في الفترات الالحقة تدور حول تساؤله األساسي «إلى أين يمضي العمل اإلنساني "
ًا
، "Où va le travail humainويظهر ميله إلى القول إن نموذج التقانة يتجه آنذاك ألن يصبح عاملي ،غير مكترث
ًال
بالنظام السياسي ،ويتناول مثا على ذلك الصناعة األمريكية ،مما يشير إلى تأثره الواضح بنظرية التقارب التي سادت
في تلك األثناء.
ّل
وأعّد رسالة دكتوراه نشرها سنة ،1946حول فلسفة ليبنتز وسبينوزا .قبل أن يتو ى إدارة مركز الدراسات
ّك
السوسيولوجّي ة ،أحد فروع املركز القومي للبحث العلمي ،في الفترة املمتّد ة بين 1949و ،1951وش ل بالتعاون مع
ّل
فرنان برودل وشارل موراز هيئة تحرير مج ة الحولّي ات ( .)Les Annalesوأّه له نشاطه هذا ،في مجال علم اجتماع
العمل ،ليكتسب شهرة في أوساط املشتغلين بعلم االجتماع عاّم ة ،وقد عّد فريدمان العمل سمة ممّي زة للكائن البشري،
وألّح على صلته باملنفعة والحّر ّي ة.
ًا ًا
ويجد فريدمان أن التقدم التقاني ،إذا أصبح إنساني ،يصبح طريق لبقاء املجتمع اإلنساني وتطوره .لقد كتب على
التوالي «أزمة التقدم» la Crise du progrèsعام ( ،)1936و«مشكالت أمريكا الالتينية»Problèmes de l’Amérique
latineعام ( ،)1956و«سبع دراسات حول اإلنسان والتقانة» Sept Études sur l’homme et la techniqueعام (
.)1966
ّل ّت
في سنة 1960ساهم فريدمان في تأسيس مركز دراسات اال صاالت رفقة روالن بارت وموران ،وعنه صدرت مج ة
ّت
ا صاالت ( )Communicationالتي كانت محّل ثقة واحترام في هذا املجال.
ّل
من مؤ فاته" :أين يذهب العمل الصناعي؟"" ،مشكالت أمريكا الالتينّي ة"" ،مقّد مة في علم اجتماع العمل"،
38 ّف
"القدرة والحكمة" ، ...تو ي فريدمان بباريس في 15نوفمبر .1977
املطلب الثاني
مفهوم العمل عند فريدمان
تأثر به عدد كبير من الباحثين الفرنسيين كميشيل كروزييه M.Crozierوآالن تورين ،A.Tourainوغيرهما،
وظهر تأثيره في منهجية األبحاث التي كان يجريها من جهة ،وفي مجموعة األفكار املتعلقة بتفتيتية العمل ،ونقده لحركة
اإلدارة العلمية من جهة أخرى ،ففي الوقت الذي استحوذت طريقته في دراسة املشكالت على اهتمام عدد كبير من
الباحثين ،إذ اعُت ِم دت في مجموعة من برامج البحوث التي أجريت بعد ذلك ،انتشر انتقاده لتفتيتية العمل بين أوساط
الباحثين الفرنسيين ،فتفتيت العمل ،برأيه ،سمة أساسية من سمات الرأسمالية ،وقد ظهرت من خالل السعي نحو
فصل عمليات التنفيذ عن عمليات الضبط ،ومن ثم عن العمال الذين فقدوا مهاراتهم املهنية إثر ذلك .ويجد فريدمان
37دوفني ،ج .)2010( .فريدمان جورج .ضمن الموسوعة الدولّية للعلوم االجتماعّية( .مجموعة من الباحثين ،مترجم)( .ط .)1.القاهرة :المركز القومي
للترجمة.
دوفني ،2010 ،ج ،2ص ص 223-222 38
أن نظام العمل الحرفي التقليدي ينطوي على أبعاد أخالقية وإنسانية واجتماعية بالنسبة إلى األفراد الذين ينخرطون
ًا ًا ًا
فيه ال تظهر واضحة في نظام تفتيت العمل وتجزئته ،الذي يمارس قسر تعليمي وإنساني على املتدربين.
وإليمانه العميق بفكرة العمل الحرفي الحر واملاهر ،فقد اندفع إلى االنخراط في نظام التدريب املنهي بوصفه
ًا ًال
عام معاون ،األمر الذي جعله يعيش تجربته الخاصة التي بنى عليها مجموعة واسعة من التصورات العملية فيما بعد.
حاول فريدمان في مؤلفاته العديدة اإلجابة عن سؤال مهم شغل املفكرين االجتماعيين واالقتصاديين في تلك
اآلونة ،وهو ما املقصود بتعبير «العمل»؟ ،وفي سياق محاوالته يجد فريدمان أن العمل هو السمة التي تميز الجنس
ًا ًا ًا
البشري من الكائنات الحية األخرى ،فاإلنسان كائن اجتماعي منشغل أساس بالعمل الذي يعد قاسم مشترك بين
ًا ًا
جموع البشر ،وشرط أساسي لكل حياة اجتماعية ،وهو يرتبط باملنفعة التي تعد واحدة من مزاياه الجوهرية ،وهو
األمر الذي أشار إليه معظم االقتصاديين الليبراليين آنذاك ،فالعمل هو الوظيفة التي يقوم بها اإلنسان بقواه الجسدية
والخلقية إلنتاج الثروات والخدمات ،ويذهب برغسون H.Bergsonصاحب كتاب «التطور الخالق» L’Evolution
، Créatriceإلى أن العمل اإلنساني يرتكز على تحقيق املنفعة ،ولهذا يؤكد فريدمان ضرورة االحتفاظ باملنفعة ضمن
ًا
غائية العمل ،غير أن اإلسهام األكثر عمق وأهمية برأي فريدمان هو إسهام كارل ماركس Karl Marxالذي أفاد في
كتابه «رأس املال» Capitalأن العمل قبل كل شيء هو عقد قائم بين اإلنسان والطبيعة ،فيؤدي اإلنسان ذاته دور
واحدة من قوى الطبيعة في سياق عالقته معها.
ًا
وفي سياق العالقة بين مفهومي العمل والسلوك ،يجد فريدمان أن العمل ال يصبح سلوك إال حين يعّب ر عن
ًا
امليول الشخصية الدفينة ويساعدها على التحقق ،ويأخذ بعض من مالحظات سيغموند فرويد S.Freudبهذا
الخصوص ،فمن خالل العمل يرتفع اإلنسان فوق مستوى الحيوانية ،وهو العامل األساس في تفتح الحضارات.
وفي ضوء هذه التصورات يأخذ فريدمان بنقد مبدأ تفتيتية العمل ،ونظرية اإلدارة العلمية لتايلور ،F.Taylor
ًا
فالعمل الذي ال يتكيف معه الفرد وال يحسن اختياره يؤثر سلب في حياة اإلنسان النفسية واالجتماعية ،وعلى املرء أن
يتجنب األعمال التي ال تناسب ميوله واهتماماته ،في الوقت الذي البد أن تتوفر في أي عمل الشروط املالئمة من
النواحي النفسية واالجتماعية والتقنية لتجنيب العامل احتمال الشعور باالستغالل والغبن ،ولتعزيز شعوره
باالستقرار ،وأنه ُي كافأ على عمله بما يناسب مؤهالته وجهوده ،وباملقارنة مع غيره من العاملين.
ًا ًا
ويجد فريدمان أن العمل بوصفه نشاط إنساني ،ينطوي على مجموعة من الجوانب املهمة واألساسية املتمثلة
بالجانب التقني ،ويراد به استخدام الفرد األدوات والتقانات التي يستطيع من خاللها تحويل األشياء وتغييرها من حال
إلى حال ،والجانب الفيزيولوجي ،ويراد به التعب الذي يشعر به الفرد بعد ممارسته العمل ،وهو نتيجة مجموعة من
العوامل التي تختلف من عامل إلى غيره ،ومن مهنة إلى أخرى ،والجانب النفسي الذي يتفاعل العامل من خالله مع
العمل نفسه ،ومع الظروف املحيطة به ،من حيث الرضا عنه وتقبله وإتقانه ،والجانب االجتماعي الذي يسهم في
تحديد املكانة التي يشغلها الفرد في محيطه االجتماعي.
ولألهمية النفسية واالجتماعية التي يحظى بها العمل بالنسبة إلى األفراد فإن غياب العمل يمكن أن يسبب
اضطرابات عديدة بالنسبة إلى األفراد الذين ال يجدون فرص عملهم التي تضمن لهم تلبية حاجاتهم املتعددة ،وتسهم
ًا
في بناء شخصياتهم وتحقيق التوازن النفسي لكل منهم ،وغالب ما يستطيع الفرد أن يحقق لنفسه موقعه االجتماعي في
ًا
األسرة ،والعائلة ،ودور العبادة ،وغيرها من املواقع التي يسعى الفرد إلى أن يشغلها ويصبح جزء منها ،ملا فيها من
شعور باألمن واألمان.
ويعود فريدمان مرة أخرى للتأكيد على أهمية الحرية في مفهوم العمل ،ويرفض مبدأ اإلكراه والضغط ،لينفذ
من خالل ذلك إلى التايلورية ، taylorismeأو اإلدارة العلمية للعمل ،ويعتمد في نقده لتفتيتية العمل على دراسات
ًا
عديدة في علم النفس ،التي تفيد بأن مصدر اإللزام غالب ما يأتي من مصدرين أساسيين ،أولهما اإللزام الداخلي،
وينبثق من مثل أعلى وقيمة عليا يشعر بها املرء ،أما املصدر الثاني فيتمثل بالضغوط االقتصادية واإلدارية
والتنظيمية ،وفي حين يؤدي اإللزام الداخلي إلى مزيد من تفاعل الفرد مع عمله ،واندماجه فيه ،يؤدي الضغط
الخارجي إلى مزيد من االنفصال والخضوع ملظاهر العبودية.
ًا
لقد جعلت هذه االهتمامات املركزة على موضوعات العمل من جورج فريدمان واحد من املختصين في مجال
ًا
علم اجتماع العمل ،بل واحد من مؤسسيه على مستوى العالم.
املطلب الثالث
اّن البناء االجتماعي وموضوع التمثيل االجتماعي هو مساحة للعالقات االجتماعية ذات املستويات املختلفة :تنظيم
مساحات العمل ،والعالقات الجماعية والفردية التي يخلقها العمل ومن حوله .يتم تحليل كل جانب من هذه الجوانب
من خالل علم اجتماع العمل.
املواضيع التقليدية تقسيم املهام ،التطورات التكنولوجية ،دور القواعد :...املواضيع الرئيسية لعلم اجتماع العمل
مرتبطة بالقضايا االجتماعية الهامة .ولكن سواء كان ذلك ينطوي على تحليل تنظيم العمل أو مؤهالته ،فإن مواقف
وسلوك العمال ،والعمل الجماعي أو التدريب املنهي ،وأساليب النهج ،ومجاالت وموضوعات البحث تتطور مع
التحوالت االقتصادية واالجتماعية .أصبحت أكثر وضوحا من فوائده بالنسبة للعمال .من بين املواضيع الثالثة
الرئيسية املهيمنة ،يتمحور موضوعان حول العمل في الشركة :تنظيم العمل وتأهيله؛ والثالث يتعلق بأشكال العمل
40
الجماعي ووعي العمال.
39
سوبيو أ ،.ما وراء التوظيف ،باريس ،فالماريون.1999 ،
املطلب الرابع
41
كيف تكون املؤسسة محورا لتحليل السوسيولوجي
ضمن االهتمامات املختلفة لعلم االجتماع العمل ،هناك ما يعرف بتحليل األبنية االجتماعية التي يتشكل منها التنظيم
ككل ،ويتمدد إلى التفاعل القائم بين املؤسسة والبيئة الخارجية في إطار النسق املفتوح.
من الناحية السوسيولوجية املؤسسة هي بمثابة جماعة اجتماعية متضامنة تتداخل فيها األدوار واملكانات ،وفق نسق
تنظيمي متسلسل ،وال ينظر إليها بمنظار املفهوم االقتصادي ) مدخالت +أنشطة +مخرجات( فهو يتجاوز هذا التصور
ليشكل منظومة اجتماعية متماسكة وشبكة عالئقية تجسد البعد اإلجرائي واإلنساني ،كل هذا يكون من خالل
الدراسة الحقلية للبنى والوظائف الظاهرة والكامنة ،وكيف تؤثر على مستوى األداء العام للمؤسسة ،وكجزء ال يتجزأ
من املحيط العام .
إن التنظيم باملفهوم السوسيولوجي هو ظاهرة اجتماعية لها عدة جوانب متداخلة مع بعضها البعض لتشكل معالم
الحياة البشرية ،وعلى عالم االجتماع أن يركز في تحليله للمؤسسة على جانبين أساسيين هما :
-املؤسسة كنسق اجتماعي يؤدي وظائفه دون أي خالل أو مشكالت– .
-املؤسسة كرابطة إلزامية قهرية تقوم بتنظيم معين للسلطة مفعم بالصراعات.
املطلب الخامس
42
الفرق بين علم اجتماع العمل وعلم اجتماع الصناعي
هناك تداخل كبير بين علم االجتماع العمل وعلم االجتماع الصناعي باعتبار هذا األخير "أحد الفروع التخصصية في
علم االجتماع الذي يعنى بدراسة ظاهرة التصنيع وما ينجم عنها من آثار إيجابية أو سلبية في النسق الداخلي والخارجي
للتنظيم ،وتطبيق املناهج والنظريات السوسيولوجية املعروفة أي تطبيق املنهج السوسيولوجي في املصنع من خالل
41مرجع سابق
42
Friedmann Georges, Problèmes humains du machinisme industriel, Gallimard, 1946.
تحليل داخلي وخارجي للنسق التنظيمي ،وسنحاول أن نبرز أهم نقاط التي مر بها علم اجتماع العمل قبل أن يصير على
الصورة التي عليها اليوم حيث:
-كان االهتمام بموضوع الصناعة ومشكالتها صاحب التحوالت التي طرأت على العالم املتقدم كإنجلترا وأمريكا،
خاصة فيما يتعمق بالنزوع نحو الرأسمالية الصناعية ،وتطبيق مفهوم الرجل االقتصادي.
-علم اجتماع العمل هو صورة حديثة ومتطورة لعلم االجتماع الصناعي ،فمن خالل الدراسات والتراكمات املعرفية
في ميدان الصناعة ومجاالتها ،تطلعت التصورات و الرؤى إلى أبعد من ذلك فظهرت ظواهر تستدعي البحث والتقصي
من طرف علماء االجتماع ،فازدادت املفاهيم واملناهج وتبلور علم االجتماع العمل في شكله النهائي.
-علم االجتماع الصناعي ساد مع ظهور الصناعة ومع بروز اآللة والرأسمالية الصناعية وموجة االزدهار التي مهدت
لظهور علم االجتماع ,حيث أن الصناعة هي محور التغيير االجتماعي.
-أما علم اجتماع العمل فهو عالج منظورات وتصورات جديدة لفهم الواقع التنظيمي ،وهو يطرح بدائل جديدة لفهم
سلوك العمل ضمن محيط العمل والشبكة العالئقية القائمة ضمن النسق التنظيمي ككل والتصورات كذلك.
-علم اجتماع العمل مساره محدد ،املؤسسة ومختلف أشكالها ،وخاصة فيما يتعلق بتحقيق غايات وأهداف اجتماعية
تتجاوز النسق املغلق للتنظيم.
-علم اجتماع الصناعي يبقى متقوقع داخل التنظيم الصناعي ،والتركيز يكون منصب على البناءات الداخلية وآليات
العمل ضمن نطاق البيئة الداخلية.
-كما أن علم االجتماع العمل ولد من رحم علم االجتماع الصناعي وحاول تقديم منظورات جديدة لفهم مجاالت
العمل من سلوكيات ومواقف إنسانية.
-كما يرتبط علم اجتماع العمل بعلم االجتماع املنهي والذي يدرس األدوار الوظيفية واملهنية التي يمارسها العامل
داخل التنظيمات ،وما ينجر عنها من عالقات وتفاعالت ،هذا األخير تكون موضوعا لعلم االجتماع التنظيم وفق نسق
تنظيمي مترابط على أساس الهياكل والخرائط.
-علم اجتماع العمل يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية داخل املنظمات الصناعية واإلدارية ا ولخدماتية في ضوء
نظريات علم االجتماع العام ونظريات علم االجتماع التنظيم مستفيدا من التخصصات االخرى كاالنتروبولوجيا وعلم
النفس وعلوم التسيير وغيرها.
املطلب السادس
43
موضوعات علم االجتماع العمل
لقد أعطى علم االجتماع العمل ملواضيعه تنوعا معرفيا وامبريقيا ،خاصة بأنواع التنظيم املوجودة في حياتنا سواء ما
كان اجتماعيا ،اقتصاديا ،ثقافيا...الخ ،أو تلك السمة التي تعطي لهذا الكيان التنظيمي املرونة والتخفي )التنظيم
الرسمي( ،مع كل هذا هناك حقيقة ال مفر منها وهي أن اإلنسان هو املحرك الحقيقي لهذا املؤسسة بكل مفاهيمها
ومتغيرات بيئتها الداخلية والخارجية ،وتظهر هذه املوضوعات في :
43
Friedmann Georges ،Le travail en miettes : spécialisations et loisirs, Gallimard, 1956
بنية التنظيم ومكوناته األساسية وطبيعة العالقة القائمة بين هذه املكونات بمعنى -يدرس نوعية التنظيم ا أ-
ولعالقات املتواجدة في الهيكل التنظيمي ،يدرس طبيعة نطاق اإلشراف.
قضايا التنظيم من حيث املعايير واألهداف ومشكلة االتصال وكيفية اتخاذ القرار "هناك -عنصرين ب-
الستراتيجية املؤسسة :الرؤية والرسالة ،هما اللتان يصنعان وضوحها وطريقة تنفيذ خططها القاعدية.
جماعة العمل ودينامكية التنظيم غير الرسمي- . ت-
العمليات االجتماعية التي تحدث داخل التنظيم من تعاون وصراعات وعنف . - ث-
مشكالت العمل ومتطلباته ،إلى جانب القضايا التنظيمية مثل املناخ والفاعلية . -و التكنولوجيا وأنساقها ج-
املختلفة وكيف تتداخل مع عالقات العمل ،كذلك اإلدارة اإلنسانية -ومتطلباتها.
املطلب السابع
44
مجاالت علم االجتماع العمل
أينما يوجد العمل اإلنساني هناك مجال للبحث فيه ،وقد أورد أحمد األصفر وأديب عقيل هذه املجاالت في :
املؤسسات اإلنتاجية- . أ-
ب -املؤسسات املعنية بالخدمات االجتماعية- .
ت -املؤسسات الثقافية واإلعالمية- .
ث -املؤسسات السياسية كاألحزاب والتنظيمات واالتحادات ذات األغراض السياسية- .
ج -املؤسسات األمنية املعنية باملحافظة على أمن املواطن وأمن الدولة- .
ح -التنظيمات االجتماعية ذات األهداف الخاصة كاالتحادات العمالية والفالحين- .
خ -التنظيمات االجتماعية الرسمية ذات األهداف الخاصة واألهداف غير املشروعة – تنظيمات املخدرات.
الخاتمة
َتَق
نشأ علم اجتماع العمل وتقوى بالقدر الذي برزت فيه التناقضات االجتماعية داخل محيط العمل وخارجه و َّو ت؛
اًل
مما جعل ظاهرة العمل ومختلف ما اتصل بها من عالقات ومسائل اجتماعّي ة تصبح إشكا ومحّل نزاع وعدم اتفاق.
وقد طّو ر ذلك النزاع مالمح بارزة من افتقاد مجاالت العمل لإلجماع على القيم والتصورات ،وكذلك على املقاربات
والتحليالت.
44مرجع سابق
قدم لنا جورج فريدمان تحليال مفصال عن مفهوم سوسيولوجيا العمل حيث يرى أن سوسيولوجيا العمل ظهرت
للوهلة االولى في األدبيات العلمية ،وأن قبل هذا التاريخ كان هناك استعمال واسع ملفهوم السوسيولوجيا الصناعية
فأثناء ظهور استعمال هذا املفهوم من اجل االختالف عن السيسيولوجيا االمبريقية االمريكية والتي يرى فريدمان انها
كانت لها تأثير على سوسيولوجيا العمل الفرنسية .كما يمكن اإلشارة أن الفكر املاركسي كان كذلك لديه تأثير على
السوسيولوجيا الفرنسية .فالتمازج األصيل ما بين املنهجية االمريكية واملفاهيم املاركسية أدت إلى نشأة علم االجتماع
العمل في فرنسا.
ّث
.وهو ما سوف يم ل أحد أهم اآلليات املحّر كة للتطّو ر الفكري والنظري لعلم اجتماع العمل وما سوف يتطّو ر في