Professional Documents
Culture Documents
7المحاضرة 7 النقد الأسلوبي
7المحاضرة 7 النقد الأسلوبي
-1-1مفهومه:
وفي الجذر الغربي مأخوذة من الكلمة اإلنجليزية Style؛ أي أسلوب ،وأصلها يعود إلى الجذر
الالتيني ،حيث تعني عصا مدببة تستعمل للكتابة على الشمع ،ويراد بها أداة الكتابة كالقلم والريشة ،ثم
انتقل بطريقة المجاز إلى مفاهيم تتعلق بطرائق الكتابة ،ثم أطلق على التعبير الدبي؛ ومعنى ذلك أن
السلوب معروف في كتب البالغة اليونانية بمعنى "التعبير ووسائل الصياغة".4
ب -اصطالحا:
السلوب في أبسط تعريف له وأوضحه طريق ُة الكاتب في التعبير عن مواقفه ،واإلبانة عن شخصيته،
باختبار ألفاظه وصياغة جمله وعباراته والتأليف بينها للتعبير عن معاني القصد منها اإليضاح والتأثير،5
وهو المفارقة ،Départureأو االنحراف Déviationعن أنموذج آخر.
من القول ينظر إليه على أنه معيار أو نمط ،وبالمقارنة بينهما يحصل التمييز بين النص المفارق
6
وم به
انتقاء يُق ُ
ٌ اختيار أو
ٌ ف على أنه عر ُ
والنص النمط ،ويشترط لجواز المقارنة تمثل المقام بينهما ،كما ُي ّ
المنشئ لمسميات لغوية بعينها من بين قائمة االحتماالت المتاحة في اللغة.7
49
والسلوب وفق الطريقة التقليدية يعرف بالتمييز بين ما يقال في النص الدبي وكيف يقال ،أو بين
المحتوى والشكل ،ويشار إلى المحتوى عادة بالمصطلحات اآلتية :المعلومات أو الرسالة ،Messageأو
المعنى المطروح ،بينما ُينظر إلى السلوب على أنه تغييرات تط أر على الطريقة التي تطرح من خاللها
هذه المعلومات مما يؤثر على طابعها الجمالي أو على استجابة القارئ العاطفية.8
التعريف الشائع :يرى جورج بوفون أن السلوب هو الرجل ،وهو طريق الكتابة لكاتب من الكتّاب -1
أو لجنس من الجناس أو لعصر من العصور.
الك ّتاب :يرى البعض أن السلوب هو سمة أصلية من سمات الفكر الفردي ،حيث يقول
تعريف ُ -2
عنه شوبنهاور "هو مظهر الفكر" ويرى فلوبير أنه "طريقة مطلقة لرؤية الشياء" ويلخص لنا فريديريك
أن كل فنان كبير يترك بصماته الخاصة فيما يكتب؛ لنه
دولفر وجهة نظر بروست التي يؤكد فيها ّ
9
اهتمام الكاتب به يأتي
يستخلص من كل شيء ما يناسب عبقريته الشخصية ،كما يعتبر السلوب أداةً ،و ُ
من كونه يستخدم في العمل الكتابي ،ومادام المر كذلك فال بد له ،حيث ينقل الفكرة ويشحنها بطاقة
تعبيرية قصوى.10
التعريف اللساني :يرى بيار جيرو أن السلوب جزء ال يتج أز من الدرس اللساني في قوله ّ
"إن -3
كلمة أسلوب إذا ُرّدت إلى تعريفها الصلي فإنها طريق للتعبير عن الفكر بواسطة اللغة.11
واكتسبت كلمة السلوب شهرة التقسيم الثالثي الذي استقر عليه بالغيو العصور الوسطى ،حين
ذهبوا إلى وجود ثالثة ألوان من الساليب هي :السلوب البسيط والسلوب المتوسط والسلوب السامي،
باعتبارها تمثل ثالثة نماذج كبرى في إنتاج الشاعر الروماني فرجيل الذي عاش في القرن ّ
الول ،وقد
50
أفاض أرسطو من قبل في أسلوب الخطابة ،وكثير مما قاله ينطبق على الخطابة والشعر معا ،فلألسلوب
تفرق بين أسلوب الشعر
صفات عامة يجب أن تتوافر له شع ار كان أو نثرا ،وهناك خصائص أخرى ّ
إن من السلوب ما هو حقيقة وما هو مجاز ،13ومردهما إلى قدرة الكاتب أو الشاعر
وأسلوب النثر ،ثم ّ
على االبتكار في السلوب.
-2األسلوبية:
تعريفها :تعرف السلوبية بأنها مجال من مجاالت البحث المعاصر يهتم بتحليل النصوص الدبية ،مع
محاولة االلتزام بمنهج موضوعيُ ،يحلل الساليب ليظهر جماع الرؤى التي تنطوي عليها أعمال الكتّاب،
ويكشف عن القيم الجمالية لهذه العمال ،منطلقا من تحليل الظواهر اللغوية والبالغية للنص ،مستعينا
بآليات اللغة وأدواتها التعبيرية والنقدية.14
-1-2نشأتها:
لم يظهر مصطلح السلوبية إال في بداية القرن العشرين مع ظهور الدراسات اللغوية الحديثة التي
قدمه فرديناند دي سوسير ،ويذهب الدارسون إلى تحديد مولد علم السلوب في قول عالم
نذكر منها ما ّ
اللسانيات الفرنسي جوستاف كوبرتنج" :إن علم السلوب الفرنسي مبدؤه شبه مهجور تماما حتى اآلن،
فواضعوا الرسائل يقتصرون على تأليف وقائع السلوب التي تلفت أنظارهم طبقا للمناهج التقليدية ،لكن
الهدف الحقيقي لهذا النوع من البحث ينبغي أن يكون أصالة هذا التعبير أو ذاك ،وخصائص العمل أو
المؤلف التي تكشف عن أوضاعها السلوبية في الدب ،كما تكشف بنفس الطريقة عن التأثير الذي
مارسته هذه الوضاع.15
يعد شارل بالي مؤسس علم السلوب في المدرسة الفرنسية ،وخليف ُة دي سوسير في كرسي علم اللغة
العام بجامعة جنيف ،وقد نشر عام 1902كتابه الول "بحث في علم السلوب الفرنسي" ثم أتبعه
عرفه على أنه "العلم الذي يدرس وقائع التعبير بدراسات أخرى ّ
أسس بها علم السلوب التعبيري ،الذي ُي ّ
اللغوي من ناحية محتواه العاطفي؛ أي التعبير عن واقع الحساسية الشعورية من خالل اللغة ،وو ُ
اقع اللغة
عبر هذه الحساسية".16
51
عبر عن أزمة الدراسات السلوبية وهي تتذبذب بين موضوعية اللسانيات ونسبية
وفي سنة ّ 1941
االستقراءات وجفاف المستخلصات ،فنادى بحق السلوبية في شرعية الوجود ضمن أفنان الشجرة اللسانية
أن هذا النداء ليس إالّ بندا من بنود مشروع أفسح منه أرجاء وأعمق جذورا ،يخص قواعد
العامة ،وال شك ّ
بشر بها رينيه ويليك ووارن أوستن في النظرية الدبية.17
إرساء نظرية الدب بعامة كالتي ّ
لتنعقد في سنة 1960بجامعة إنديانا بالواليات المتحدة المريكية ندوة عالمية شارك فيها أبرز
اللسانيين والنقاد والدباء كان محورها السلوب ،ألقي فيها جاكبسون محاضرته حول اللسانيات اإلنشائية،
التي أ ّكد فيها سالمة بناء الجسر الواصل بين اللسانيات والدب.18
وفي العام 1965ازداد اللسانيون ونقاد الدب اطمئنانا إلى ثراء البحوث السلوبية ،واقتناعا بمستقبل
حصيلتها الموضوعية ،وذلك عندما ترجم تودوروف نصوص الشكالنيين الروس إلى الفرنسية ،ليتم بذلك
في سنة 1969تأكيد السلوبية على أساس أنها علم لساني يتصل بحقل النقد ،وذلك على لسان الناقد
"إن السلوبية اليوم من أكثر أفنان اللسانيات صرامة على ما يعتري غائيات هذا
اللماني ستيفن أولمان ّ
تردد ،ولنا أن نتنبأ بما سيكون للبحوث السلوبية من فضل على
العلم الوليد ومناهجه ومصطلحاته من ّ
النقد الدبي واللسانيات معا".19
-1-3األسلوبية البنيوية :ظهرت في ستينيات القرن الماضي مع أعمال رومان جاكبسون وتزفيتان
تودوروف وكلود بريمون وروالن بارت وجيرار جينيت وجماعة مو وجوليا كرستيفا وجوليان
غريماس وجوزيف كورتيس ومايكل ريفاتير ،اللذين أثروا الساحة النقدية بعديد البحوث والمؤلفات،
لتُجمع في كتاب بداية سبعينيات القرن الماضي معنون بـ"أبحاث حول السلوبية البنيوية" ،ولم
تستطع اللسانيات الحديثة أن تفوت على نفسها فرصة طرح السلوب ،لذا "استخدمت مصطلح
البنية لتُظهر أن القيمة السلوبية تتعلق بمكانها ضمن النظام اللغوي ،بينما تنتسب كل إشارة من
اإلشارات إلى بنيتين :الولى بنية القانون وهي تحديد مكان اإلشارة ضمن الفئة االستبدالية،
حددا".20
والثانية هي بنية الرسالة وتحتل اإلشارة فيها موقعا تركيبيا ُم ّ
52
-2-3األسلوبية اإلحصائية :يعد بيير جيرو من روادها دون أن ننسى شارل مولر في كتابه "المعجمية
ظفا المقاربة
اإلحصائية :مبادئ ومناهج" ،وقد اهتم بيير جيرو خصوصا باللغة المعجميةُ ،مو ّ
اإلحصائية في اكتشافها؛ أي أنه ساهم في تأسيس دراسة موضوعاتية إحصائية ترصد البنيات
المعجمية السلوبية لدى مجموعة من المبدعين مثل :فاليري وأبولينير وكورناي مع تتبع المعجم
إحصائيا في المؤلفات الدبية ،باستقراء الحقلين :الداللي والمعجمي ،ولقد انصب اهتمام بيير
جيرو على دراسة المعجم في المؤلفات المتميزة بتوظيف اإلحصاء واستلهام المقاربة التاريخية
التطورية للكلمات ،ويتضح ذلك جليا في كتابيه" :اللسانيات اإلحصائية :المناهج والمشاكل"
و"البنيات االشتقاقية للمعجم الفرنسي".21
-3-3األسلوبية األدبية :من بين روادها كارل فوسلر الذي دعا إلى ضرورة االهتمام باللغة في التاريخ
الدبي ،خاصة التحليل اللغوي منها ،فجاكبسون مثال اعتبر الرسالة الدبية إثارة انتباه عن طريق
اإللحاح على بنيتها التركيبية التي ترتكز على داللة النص ،لذلك تتناول السلوبية الظاهرة
كوناتها اللغوية وخصائصها ،فهي منهج يتبع في دراسة الدب ونقده.22
الدبية من خالل بحث ُم ّ
-4-3األسلوبية الوظيفية :رائدها رومان جاكبسون ،بترسيمه لخطاطته االتصالية وبتحليله للوظيفة
تمر بها الرسالة بين
توضح المراحل التي ّ
ُ تصور خريطة تجسيدية ّ الشعرية في اللغة ،حيث
المستقب ُل (السامع) ،مرو ار بالمرجع ثم الرسالة وصوال عند الشيفرة (اللغة).
المرسل (المتكلم) و ُ
53
هوامش المحاضرة:
.1ابن منظور :لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،لبنان ،2000 ،ط ،1مج ،7مادة (س ل ب) ،ص .224
.2المصدر نفسه ،ص .225
.3الخليل بن أحمد الفراهيدي :العين ،تح :عبد الحميد الهنداوي ،دار الكتب العالمية ،بيروت ،2002 ،ط ،1مج
.262 ،2
.4أيوب جرجس العطية :األسلوبية في النقد العربي المعاصر ،عالم الكتب الحديثة ،إربد ،األردن ،2014 ،ط،1
ص .11
.5المرجع نفسه ،ص .11
.6سعد مصلوح :في النص األدبي :دراسات أسلوبية إحصائية ،عالم الكتب ،القاهرة ،2002 ،ط ،3ص .24
.7المرجع نفسه ،ص .25
.8عبد المنعم خفاجي وآخرون :األسلوبية والبيان العربي ،الدار المصرية اللبنانية ،القاهرة ،لبنان ،1992 ،ط،1
ص .11
.9منذر عياشي :األسلوبية وتحليل الخطاب ،مركز اإلنماء الحضاري ،حلب ،سوريا ،2002 ،ط ،1ص ص -33
.34
.10المرجع نفسه ،ص .34
.11المرجع نفسه ،ص .35
.12عبد المنعم خفاجي :األسلوبية والبيان العربي ،مرجع سابق ،ص .11
.13المرجع نفسه ،ص .12
.14أيوب جرجس العطية :األسلوبية في النقد العربي المعاصر ،مرجع سابق ،ص .32
.15عبد المنعم خفاجي :األسلوبية والبيان العربي ،مرجع سابق ،ص .13
.16المرجع نفسه ،ص .14
.17عبد السالم المسدي :األسلوب واألسلوبية ،دار الكتاب الجديد ،بيروت ،ط ،2002 ،1ص .22
.18عبد المنعم خفاجي وآخرون :األسلوبية والبيان العربي ،مرجع سابق ،ص.14
.19المرجع نفسه ،ص .14
.20بيير جيرو :األسلوبية ،تر :منذر عياشي ،مركز اإلنماء الحضاري ،حلب ،سوريا ،ط ،1994 ،2ص.115
.21جميل حمداوي :اتجاهات األسلوبية ،األلوكة للطباعة والنشر ،مصر ،ط ،2015 ،1ص.15
.22المرجع نفسه ،ص.16
54