You are on page 1of 21

‫الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي‬

‫‪:‬الباب األول‬
‫دالالت األلفاظ‬
‫دالالت األلفاظ من حيث تنوع كيفياتها‪.‬‬ ‫‪:‬أوالً‬

‫دالالت األلفاظ من حيث درجات الوضوح والخفاء فيها‪.‬‬ ‫‪:‬ثانيا ً‬

‫داللة األلفاظ من حيث انقسامها إلى خبر وإنشاء‪.‬‬ ‫‪:‬ثالثا ً‬

‫األمر‬

‫النهي‬

‫داللة األلفاظ من حيث درجة الشمول ونوعه فيها‪.‬‬ ‫‪:‬رابعا ً‬


‫قسم األمر‬

‫التحقيق في معنى لفظ (األمر)‪.‬‬ ‫أوالً‬

‫التحقيق في مدلول صيغة األمر وهي (افعل)‬ ‫ثانيا ً‬

‫التحقيق في ّ‬
‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‪.‬‬ ‫ثالثا ً‬

‫التحقيق في ّ‬
‫أن صيغة األمر هل تقتضي فورية التنفيذ أو عكسه‪.‬‬ ‫رابعا ً‬

‫التحقيق في ّ‬
‫أن صيغة األمر هل يتأثر بما كان قبله من إباحة أو تحريم‪.‬‬ ‫خامسا ً‬

‫هل األمر يسري إلى القضاء أم الب ّد له من أمر جديد‪.‬‬ ‫سادسا ً‬


‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‬
‫التحقيق في ّ‬

‫وتقوم على ثالثة آراء مختلفة‬

‫رأي الجمهور‬
‫ص‪:‬يغة األم‪:‬ر بالشي‪:‬ء إنم‪:‬ا تقتض‪:‬ي تحقي‪:‬ق ماهي‪:‬ة ذل‪:‬ك الشي‪:‬ء‪ ،‬ولك‪:‬ن لم‪:‬ا‬
‫كانت الماهية ال تتحقق إال بتنفيذ المأمور به مرة واحدة على األقل‬
‫رأي اإلمام الشافعي ورأي قدماء الحنفية‪:‬‬

‫صيغة األمر إنما هي لطلب المرة الواحدة‪.‬‬


‫رأي طائفة من المتكلمين‬

‫صيغة األمر يقتضي التكرار الدائم‪ ،‬ما لم يرد ما يوقفه أو يمنعه‬


‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‬
‫التحقيق في ّ‬

‫رأي الجمهور‬
‫صيغة األمر بالشيء إنما تقتضي تحقيق ماهية ذلك الشيء‪ ،‬ولكن لما كانت الماهية ال تتحقق إال بتنفيذ المأمور به مرة واحدة على األقل‬

‫دليل الجمهور‬

‫األم‪M‬ر ق‪M‬د يقي‪:‬د ف‪:‬ي اس‪:‬تعمال اللغ‪:‬ة العربي‪:‬ة والشرع بالمرة الواحدة وبالتكرار‪ ،‬ول‪M‬و كان األم‪M‬ر يفي‪M‬د المرة لم‪M‬ا كان قي‪M‬د المرة إال زيادة الغي‪M‬ة ال‬ ‫أوالً‬
‫معن‪M‬ى له‪M‬ا‪ ،‬ول‪M‬و كان للتكرار لكان تقييده بالتكرار زيادة الغي‪M‬ة ال معن‪M‬ى له‪M‬ا‪ ،‬وق‪M‬د أجم‪:‬ع العلماء عل‪:‬ى أن‪:‬ه قي‪:‬د مفي‪:‬د‪ ،‬فذل‪:‬ك دلي‪:‬ل عل‪:‬ى أ ّن‪ :‬األم‪:‬ر‬
‫بدون هذا القيد إنما يدل على طلب الماهية فقط‪.‬‬

‫سر االمر بالقدر المشترك بينهما وهو طلب ا‪M‬لماهية‪.‬‬


‫ورود األمر للتكرار‪ ،‬كاألمر بالصالة‪ ،‬وللمرة كاألمر بالحج‪ ،‬وهذا يقتضي أن يف ّ‬ ‫ثانيا ً‬
‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‬
‫التحقيق في ّ‬

‫رأي الجمهور‬
‫صيغة األمر بالشيء إنما تقتضي تحقيق ماهية ذلك الشيء‪ ،‬ولكن لما كانت الماهية ال تتحقق إال بتنفيذ المأمور به مرة واحدة على األقل‬

‫دليل الجمهور‬

‫ثالثا ً ل‪M‬و كان مقتض‪M‬ى األم‪M‬ر التكرار لع ّم‪ :‬ذل‪:‬ك األوقات كله‪:‬ا‪ ،‬فيكون تكليفا ً بم‪M‬ا ال يطاق‪ ،‬ولتعارض م‪:‬ع ك‪:‬ل تكلي‪:‬ف آخ‪:‬ر ال يتف‪M‬ق مع‪M‬ه‪ ،‬وك‪M‬ل ذل‪M‬ك باط‪M‬ل‪،‬‬
‫فبطل ما أدى إليه من أنه يقتضي التكرار‪.‬‬

‫أعط‪ M‬الفقي‪M‬ر درهماً‪ ..‬فال يفه‪:‬م أح‪:‬د م‪:‬ن هذه األوام‪:‬ر إال طل‪:‬ب ماهي‪:‬ة الماء‪ ،‬وتحقي‪M‬ق م‪M‬ا يس‪M‬مى بقراء‪M‬ة‬
‫ِ‬ ‫رابعا ً تقول‪ :‬اس‪M‬قني ماء‪ ،‬أ‪M‬و اقرأ درس‪M‬ك‪ ،‬أ‪M‬و‬
‫أن‪ :‬معن‪:‬ى‬
‫الدرس وإعطاء الدره‪M‬م للفقي‪M‬ر‪ ،‬وال يتص‪M‬ور المأمور ضرورة تكري‪M‬ر هذه األشياء‪ ،‬إال إذا طل‪M‬ب اآلم‪M‬ر تكراره‪M‬ا وذل‪:‬ك دلي‪:‬ل عل‪:‬ى ّ‬

‫التكرار أو المرة بحد ذاتها غير داخل في حقيقة األمر‪.‬‬


‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‬
‫التحقيق في ّ‬

‫دليل الجمهور‬

‫وقد سمعه يقول للناس‪  :‬ما قاله األقرع بن حابس لرسول هللا‬
‫أبرز‬
‫عام يا رسول هللا؟‪..‬‬
‫"أيها الناس حجوا"‪ ..‬ألكل ٍ‬
‫مثال ودليل‬
‫‪ .‬فقال عليه الصالة والسالم‪ :‬لو قلت نعم لوجبت‪ ،‬وال تطيقون‪ ،‬أيها الناس اتركوني ما تركتكم‬

‫فقد أوضح النبي ‪ ‬بجوابه هذا أنّ أمره ‪ ‬للناس بالحج ال يدّل على أكثر من طلب تحقيق ماهية الحج شرعاً‪،‬‬
‫ولذلك عاتبه ‪ ‬على السؤال عن شيء لم يطلبه وال شمله أمره‪.‬‬
‫ولو كانت صيغة األمر دالة بذاتها على التكرار‪ ،‬ألوضح ذلك في جوابه على سؤال األقرع بن حابس‪ ،‬ولم يعاتبه‪.‬‬
‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‬
‫التحقيق في ّ‬
‫رأي اإلمام الشافعي‬
‫صيغة األمر لطلب المرة الواحدة‬

‫الخالف بينهم وبين الجمهور لفظي إذ مؤدى القولين واحد وإن اختلف السبيل أليه بينهما‬

‫وسبيله عند اآلخرين طلب المرة بذاتها‬ ‫فسبيله عند الجمهور طلب الماهية‬
‫دون وساطة الماهية‬ ‫والمرة من ضرورياتها‬
‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‬
‫التحقيق في ّ‬

‫رأي طائفة من المتكلمين‬


‫صيغة األمر يقتضي التكرار الدائم‪ ،‬ما لم يرد ما يوقفه أو يمنعه‬

‫دليلهم‬

‫النهي يقتضي تكرار االنتهاء عن المنهي عنه باتفاق‪ ،‬فليكن األمر مثله في اقتضاء تكرار المأمور به‪.‬‬ ‫أوالً‬
‫ويرد علي‪M‬ه بأ ّن‪ M‬تكرار االنتهاء يعت‪M‬بر م‪M‬ن طبيع‪M‬ة النه‪M‬ي‪ ،‬ب‪M‬ل‪ M‬ال يعت‪M‬بر المخاط‪M‬ب بالنه‪M‬ي إال منتهيا ً إال إذا داوم عل‪M‬ى االنتهاء ولي‪M‬س األم‪M‬ر كذل‪M‬ك‪،‬‬
‫بل يتحقق االئتمار بمرة واحدة‪.‬‬

‫أن‪ M‬النس‪M‬خ ال يرد إال عل‪M‬ى أم‪M‬ر دلّ‪:‬ت القرائ‪:‬ن عل‪M‬ى أن‪M‬ه‬
‫وينقض‪::‬ه ّ‬ ‫ثانيا ً ل‪M‬و ل‪M‬م يك‪M‬ن األم‪M‬ر للتكرار لم‪M‬ا كان هنال‪M‬ك أ‪M‬ي معن‪M‬ى للنس‪:‬خ‪ ،‬إ‪:‬ذ النس‪:‬خ‬
‫للتكرار وال إشكال ف‪M‬ي نس‪M‬خه‪ ،‬أم‪M‬ا األم‪M‬ر الذي ل‪M‬م يق‪M‬م أ‪M‬ي قرين‪M‬ة‬ ‫ال يأت‪:‬ي إال ليقط‪:‬ع االس‪:‬تمرار الذي يقتضي‪M‬ه األم‪M‬ر الس‪M‬ابق‪ ،‬فم‪M‬ا الذي‬
‫ت ما يثبت أنه قد ينسخ بعد تحقيقه‪.‬‬
‫على أنه لل‪M‬تكرار فلم يأ ِ‬ ‫يُنسخ إذا كان األمر ال يقتضي االستمرار؟‬
‫أن صيغة األمر هل تتناول الداللة على مرة أو أكثر‬
‫التحقيق في ّ‬

‫رأي طائفة من المتكلمين‬


‫صيغة األمر يقتضي التكرار الدائم‪ ،‬ما لم يرد ما يوقفه أو يمنعه‬

‫دليلهم‬

‫ت به بعد‪ ،‬وال إشكال فيه‪.‬‬


‫قلت‪ :‬بل قد ينسخ في حق من لم يأ ِ‬
‫أن األمر إذا كان مقيداً بشرط أو علّة أو كان من قبيل الحكم على المشتق فهو للتكرار‬
‫هذا والكل متفقون على ّ‬
‫وموا ِل ُرْؤ َيتِ ِه َوَأ ْف ِط ُروا ِل ُرْؤ َيته)‪،‬‬
‫ُ‬ ‫(ص‬
‫ُ‬ ‫السالم‪:‬‬
‫و‬ ‫الصالة‬ ‫عليه‬ ‫وقوله‬ ‫﴾‬ ‫‪..‬‬‫س‬‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الش‬ ‫الصاَل ةَ ِل ُدلُ ِ‬
‫وك‬ ‫َّ‬ ‫كقوله جل جالله‪َِ ﴿ :‬أقِ‬
‫م‬
‫فاألمر في مثل هذه الحاالت للتكرار وهو خارج عن محل النزاع‪.‬‬
‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬
‫نلحظ وجود قولين في هذا المجال‬

‫القائلين ّ‬
‫بأن األمر يقتضي التكرار‬
‫يقولون بأنه يقتضي الفور أيضاً‪ ،‬إذ هما متالزمتان‬
‫القائلون بأنه لطلب الماهية أو للمرة الواحدة‬
‫فقد اختلفوا فيما بينهم‬

‫وقال الرازي أنه‬


‫قول الجمهور‬
‫الحق‬

‫البيضاوي‬ ‫وابن الحاجب‬ ‫الحنفية‬ ‫الشافعي وأصحابه‬

‫األمر يقتضي طلب الماهية‬

‫األمر يفيد الفور‬ ‫قول آخرون‬


‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫قول‬
‫األمر ال يقتضي بحد ذاته فوراً وال تراخياً‪ ،‬وإنما هو يقتضي طلب الماهية‬ ‫الجمهور‬
‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫لو كان للفور لكان التقييد به زيادة ال حاجة إليها‬ ‫قد يأتي مقيداً بالفورية‬ ‫‪1‬‬ ‫ال يفيد‬
‫تكراراً‬
‫قد يأتي مقيداً بالتراخي‬ ‫وال مرة‬
‫لو كان للتراخي لكان التقييد به زيادة ال لزوم لها‬ ‫‪2‬‬
‫دليل‬
‫الجمهور‬
‫ورد‬
‫فاألولى حمله على القدر المشترك الصالح لهما‪،‬‬
‫للفور‬
‫‪ .‬وهو مطلق طلب الماهية بقطع النظر عن الوقت وحدوده‬ ‫وللتراخي‬
‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫وهنا نلحظ حالتين‬

‫لم يكن معه قرينة‬ ‫‪2‬‬ ‫أن القرائن إذا كانت دالة على فور أو تكرار‬ ‫‪1‬‬

‫وهنا وجه البحث والنزاع‬ ‫فإنها تقطع البحث والنزاع‬

‫فإن‪::::‬نوع الطل‪::::‬ب يحم‪::::‬ل‬


‫ّ‬ ‫كقول القائل‪:‬‬
‫كقول‪::‬ه علي‪::‬ه الص‪::‬الة والس‪::‬الم لألعراب‪::‬ي الذي أفس‪::‬د‬
‫في طيه الداللة على الفورية‬ ‫اسقني أو أطعمني‬
‫صومه بالجماع‪" :‬صم شهرين متتابعين"‪.‬‬
‫فإن ‪:‬القرين‪::‬ة دال‪::‬ة عل‪::‬ى أن ‪:ّ:‬‬
‫ّ‬

‫وكقول‪:::‬ه تعال‪:::‬ى ف‪:::‬ي ح‪:::‬ق المس‪:::‬افر ف‪:::‬ي رمضان‪:‬‬ ‫المطلوب أداء الص‪:::::::::‬لوات‬ ‫‪:‬وكقول القائل‬

‫﴿‪ ‬فَ ِع َّدةٌ ِّمنْ َأيَّ ٍام ُأ َخ َر ۗ‪.﴾ ‬‬ ‫عندم‪::‬ا يحي‪::‬ن وقته‪::‬ا ال عن‪::‬د‬
‫أ ّد الصلوات ألوقاتها‬
‫التلفظ باألمر بها‪.‬‬
‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫األمر يفيد الفور‬ ‫اآلخرون‬


‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫ض‬
‫ولو كان األمر ال يفيد الفورية‪ ،‬لما كان ثمة مقت ٍ‬ ‫أنه سبحانه وتعالى ذم إبليس على‬
‫‪1‬‬
‫لذم هللا تعالى له‪ ،‬إذ لم يتبين بعد أنه لم يستجب لألمر‪.‬‬ ‫عدم مبادرته إلى السجود آلدم‬

‫استدل‬
‫لو جاز تأخير التنفيذ‬ ‫اآلخرون‬
‫إما أن يكون إلى أمد معين‪ ،‬وليس ثمة أمد يستطيع أن يعرفه‬

‫جواز التأخير‬
‫المأمور‪ ،‬ال مكان انخرام األجل في كل لحظة‬ ‫فإما أن يكون ذلك ألداء بدل عنه‬
‫وهو العزم على الفعل فيسقط بذلك‬ ‫‪2‬‬
‫وإما أن يكون إلى غير أمد معين فيكون معنى ذلك أنه غير‬
‫واجب‪ ،‬وهو خالف مقتضى األمر فدّل اذلك على أنّ األمر ال ب ّد‬ ‫أو بدون أي بدل‪ ،‬فلم يتحقق الوجوب بذلك‬
‫‪.‬أن يكون للفور‬ ‫‪:‬لوجوب‬
‫(‬ ‫)وهو خ‪:‬الفما ا‪:‬تفقنا عليه‪ :‬منأ ّ‪:‬نا‪::‬ألمر ل‪:‬‬
‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫فذلك لتلبس األمر بقرينة تدل على طلب الفور‪ ،‬وهو الفاء وإذا من قوله تعالى‪:‬‬ ‫أنه سبحانه وتعالى‬
‫ين‪ ﴾ ‬الحجر‪29 :‬‬
‫اج ِد َ‬
‫س ِ‬ ‫﴿ فَِإ َذا َ‬
‫س َّو ْيتُهُ َونَفَ ْختُ ِفي ِه ِمن ُّرو ِحي فَقَ ُعوا لَهُ َ‬ ‫ذم إبليس على‬
‫‪1‬‬
‫فقد دلّت الفاء وأداة الظرف على وجوب السجود فور حصول المعلق عليه وهو‬ ‫عدم مبادرته إلى‬
‫نفخ الروح‪ ،‬فالذم على ترك المبادرة بسبب وجود هذه القرينة‪.‬‬ ‫السجود آلدم‬ ‫جواب‬
‫الجمهور عل‪:::‬ى‬

‫كأن يقول‪ :‬أوجبت عليك أن تفعل كذا في الوقت الذي تشاء‪ ،‬فقد أوجب الفعل‬ ‫هذين الدليلين‬

‫وص ّرح باإلذن في أمهال التنفيذ فما كان جوابا ً لكم عن هذه الصورة المحتملة‪،‬‬
‫فهو جواب لنا عن دليلكم الذي ذكرتموهن وتفصيل الجواب أنّ التأخير إنما‬ ‫صرح اآلمر بجواز‬
‫‪2‬‬
‫يستلزم نفي الوجوب فيما إذا كان إلى آخر أزمنة اإلمكان‪ ،‬أما أن يف ّوض إليه‬ ‫التأخير‬
‫الشارع اختيار وقت لتنفيذه ضمن فترة القدرة واإلمكان فذلك ال يتنافى مع‬
‫الوجوب‪ ،‬وهو معنى التراخي الذي يحتمله األمر‬
‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫ومن تطبيقات هذه المسألة ما فهمه الجمهور من‪:‬‬

‫يما‬ ‫وسلِّموا تَ ِ‬ ‫صلُّوا َعلَ ْي ِه‬ ‫﴾ قوله تعالى‪َ ﴿ :‬يا َُّأي َها الَِّذ َ‬
‫سل ً‬‫ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫آم ُنوا َ‬
‫ين َ‬ ‫ضوا تَفَثَ ُه ْم ﴾‬
‫قوله تعالى‪ ﴿ :‬ثَُّم ْل َي ْق ُ‬

‫فإنّ األمر بالصالة على النبي ‪ ‬غير مقيّد بزمن مخصوص‬ ‫فهو أمر مطلق عن قرينة الفور والتراخي‬
‫تراخ‬
‫ٍ‬ ‫وال بفور وال‬
‫فإن ‪M‬م‪MM‬ن نذر أ‪MM‬ن يعتك‪MM‬ف أ‪MM‬و يص‪MM‬وم شهراً‬
‫وبناء علي‪MM‬ه‪ّ ،‬‬
‫فيفه‪M‬م من‪M‬ه ّ‬
‫أن‪ M‬المطلوب م‪M‬ن المس‪M‬لم أ‪M‬ن يحق‪M‬ق ماهي‪M‬ة الص‪M‬الة عل‪M‬ى‬
‫مثالً‪ ،‬دون أ‪M‬ن يقي‪M‬د ذل‪M‬ك بوق‪M‬ت معي‪M‬ن‪ ،‬يكلّ‪M‬ف باعتكاف أ‪M‬ي‬
‫الن‪M‬بي ‪ ‬ف‪M‬ي أ‪M‬ي وق‪M‬ت م‪M‬ن حيات‪M‬ه‪ ،‬وليخت‪M‬ر لذل‪M‬ك الوق‪M‬ت الذي يشاء‪،‬‬
‫شهر وصومهن وله أن يبادر إذا شاء‪ ،‬وله أن يؤخر‪.‬‬
‫فهذا هو أصل الوجوب بمقتضى هذا األمر‪.‬‬
‫هل تقتضي صيغة األمر فورية التنفيذ‬

‫قال السرخسي في أصوله‪:‬‬


‫فإن قيل‪ :‬فوقت الموت غير معلوم للمكلّف‪ .‬وباإلجماع‪ ،‬بعد التم ّكن من األداء إذا لم يؤ ّد حتى مات‬
‫‪ .‬يكون مف ّرطا ً آثما ً فيما صنع‪ .‬فبه يتبين أنه ال يسعه التأخير‬
‫‪،‬قلنا‪ :‬الوجوب ثابت بعد األمر‪ ،‬والتأخير في األداء مباح له بشرط أن ال يكون تفويتا ً‬
‫‪.‬وتقييد المباح بشرط فيه خطر مستقيم في الشرع‪ ،‬كالرمي إلى الصيد‪ ،‬مباح بشرط أن ال يصيب آدميا ً‬
‫‪.‬وهذا ألنه متمكن ترك هذا الترخص بالتأخير‬
‫وال ينكر كونه مندوبا ً للمسارعة إلى األداء‪ .‬قال هللا تعالى‪﴿ :‬فاستبقوا الخيرات﴾ فقلنا بأنه يتمكن من البناء على‬
‫مفرطاً لتمكنه من ترك الترخص بالتأخير‬
‫حياً عادة‪ ،‬إو ن مات كان ّ‬
‫‪.‬الظاهر من التأخير مادام يرجو أن يبقى ّ‬

You might also like