You are on page 1of 197

‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الجمهـوريــــــــة التـونسيــــــــة‬
‫وزارة العـــــدل‬
‫المعهـــــد األعلـى للقضـــاء‬

‫أ‪-‬‬
‫القـاضـي المـؤطـر‬ ‫ب‪ -‬إعداد الملحق القضائي‬
‫بلقـاسم كريــد‬ ‫ساميـة الجزيـري‬

‫‪‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫أ‪ -‬السنــة القضـائيـــة ‪0222/0222:‬‬


‫الزواج أهميـة بالغـة في حيـاة اإلنسان‪ ،‬باعتبـاره الطريقـة المثـلى التي تضمـن في نفس الوقت تواصـل‬
‫النـوع البشري بصورة منظمـة‪ ،‬مع حفظ حـق المرأة والرجـل الطبيعي في اإللتقـاء الروحي والجسـدي‬
‫قصـد التعـايش المشترك في إطـار مشروع يكـون نقطـة إنطالق ألول خـاليـا المجتمعـات البشريـة‬
‫وأهمهـا على اإلطـالق أال وهـي األسـرة ‪ .‬فالزواج مشاركـة عـاطفيـة ووجدانيـة قوامهـا المودة والرحمـة‬
‫واأللفـة بين الزوجيـن ‪ .‬واألصـل في الزواج الديمـومة والتأبيـد حرصـا على إستقرار األسرة وحسـن التربيـة‬
‫البدنيـة واإلجتمـاعيـة ‪ .‬إال أن الحيـاة الزوجيـة قد ال تستمـر على وتيـرة واحدة من التفـاهم واإلنسجـام ‪.‬‬
‫ويحدث بين الزوجيـن ما يعكـر صفوهمـا كمرض أحـدهمـا أو كليهمـا الذي يمكـن أن يسبـق إبرام عقـد‬
‫الزواج كمـا يمكـن أن ال يطرئ إال بعد إبرامـه وفي كلتـا الحـالتيـن ينتـج عنـه جملـة من اإلنعكـاسات‬
‫على عقـد الزواج المؤسس على العنصـر الشخصي ألنـه ليـس مجرد صفقـة تجـاريـة بين شخصيـن مبنيـة‬
‫على المصـالح المادية بل يمثـل معـاشرة بين شخصيـن في إطـار قانـوني تجمـع بينهمـا روابط عميقـة‬
‫وإنسانيـة تحتـم على الشخص المعـافى مواسـاة قرينـه المريض والوقـوف إلى جـانبه لمجـابهـة مصيبـة‬
‫مرضـه ‪.‬‬
‫غير أن هـذه النتيجـة المنطقيـة ال يمكـن الوصـول إليهـا في كـل الحـاالت ‪ ،‬فمرض أحـد‬
‫الزوجيـن يحتمـل رفضـه من القريـن المعـافى ‪ .‬رفضـه لهذه الحيـاة الزوجيـة المعتلة منذ إبرامهـا ألن قرينـه‬
‫لم يصـارحـه بمرضـه قبل الزواج وبالتالي كذب عليـه والمعتلـة بعد إبرامهـا إذ لن يجني من ورائهـا سوى‬
‫أضرار مـاديـة ومعنويـة هـو في غنـا عنهـما وهـو مـا يفسـر رفضه لها ‪.‬‬
‫والمـرض بوصفـه مصيبـة طبيعيـة تحـل باإلنسـان‪ ،‬وتؤثـر على محيطـه العائلي واإلجتمـاعي‬
‫والمهني ‪ ،‬إهتمت بـه كـل التشاريـع السماويـة والوضفيـة عل حـد السـواء ‪.‬فتكريسـا منـه للنظريـة الواقعيـة‬
‫للـزواج وإيمانـا منـه بثنائيـة الـروح والجسـد التي تحتـم إعطـاء كـل منهمـا نصيبـه مـن التحليـل والتنظيـم‪،‬‬
‫إهتـم التشريـع اإلسـالمي بالجـانب البيـولوجي والنفسـاني في عقد الزواج على حـد السواء فإنكـب‬
‫الفقهـاء المسلمـون على دراسـة عيب المرض ‪.‬‬
‫فالعيـب حسب الفقه اإلسـالمي هو الوصمـة ‪ ،‬يقـال عـاب الشيء أي صـار ذا عيب ومنـه‬
‫قولـه تعـالى " وأردت أن أعيبهـا " سورة الكهـف اآليـة ‪ .97‬أي أجعلهـا ذات عيب وجمـع أعيـاب‬
‫وعيوب‪ .‬ويعـد شرط السـالمة من األوصاف المعتبرة للكفـاءة في عقد الزواج وقد ذهب إلى إعتبـار‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ذلك الشـافعية والمـالكيـة‪ .‬والعيـوب المعتبـرة عندهـم الجنـون والجذام والبرص ‪ ،‬فمن كـان به شيء من‬
‫هـذه األمراض ليس كفؤا لمن كـان خـاليا منهـا ألن اإلنسـان يعـاف من غيره مـا ال يعافـه من نفسـه وال‬
‫يعتبـر العمي أو قطع األطراف أو الشـل من العيـوب المؤثـرة في الكفـاءة عنـد جمهـور الشافعيـة ‪.‬‬
‫لذلـك قـال جملـة الفقهـاء بجـواز التفريـق لعيـب السالمـة بعد العقـد ‪ .‬وكـانت المشـروعية من ذلك‬
‫التفريـق بأنـه قد يحدث بأحـد الزوجيـن عيب يمنـع من تحقيق مقـاصد عقد النكـاح كلهـا أو بعضهـا أو‬
‫يؤدي إلى النفـرة وعـدم استحبـاب الحيـاة الزوجيـة إال أنهـم إختلفـوا في كـونـه حقـا ثابتـا للزوجيـن معـا أم‬
‫للزوجـة وحدهـا ؟‪ .‬كمـا أنهـم إختلفـوا في العيـوب التي يتم بهـا التفريـق بين الزوجيـن ؟‪ .‬وقد إحتجـوا في‬
‫مشروعيـة التفريـق بجملـة من األحـاديث من ذلك أنه روى عن النبي صلى اللـه عليـه وسلم أنه تزوج‬
‫إمرأة من بني عقـار فلمـا دخـل بهـا ووضـع تـوبـة وقعـد على الفراش أبصر بكفيهـا بياض فإنحـاز عن‬
‫الفراش ثم قـال خذي عليـك ثيابـك ولم يأخـذ ممـا أتـاهـا شيء"(‪ .)1‬كما روى عن عمر رضى الله عنه‬
‫أنه قال أيها إمـرأة عـز بهـا رجل جنون أو جذام أو برص‪ ،‬فلها مهرهـا بمـا أصاب منها وصداق الرجل‬
‫مـن غـره‪ ".‬وذهبت الحنفيـة إلى أنـه (‪ )2‬يثبـت للزوجـة حق التفريـق وحدهـا‪ .‬وإحتجـوا بأن الزوج يقـدر‬
‫على دفع الضرر عـن نفسـه بالطـالق وأمـا المرأة فإنهـا ال تملك الطـالق ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬االمـام أحمـد‪ ،‬مسند أحمـد ‪ ، 373/3‬والبيهـقي السنن الكبرى ‪.11 2/9‬‬
‫(‪ -)2‬اإلمام مـالك الموطأ ‪.5 21/2‬‬
‫وذهـب جمهـور الفقهـاء من المـالكيـة والشافعيـة والحنـابلـة وغيرهـم إلى أن حـق التفريـق يثبـت للزوجـين‬
‫معـا ‪.‬‬
‫وإحتجـوا بأن الزوج يتضـرر بالعيـب كالزوجـة‪ .‬والقـول بأن الزوج يملـك رفع الضرر عنـه بالطـالق ليس‬
‫صحيحـا على إطـالقه ذلك أن الزوج يلزمـه بالطـالق المهـر كلـه أو نصفـه ‪ .‬أما إذا فسخ العقـد بالعيـب‬
‫قبل الدخـول لم يلزمـه شيء من المهـر وقد أخـذ بذلك جملة من التشـاريع العربيـة التي إستلهمـت‬
‫أحكـامهـا في مجـال األحـوال الشخصيـة من الشريعـة اإلسـالمية‪ .‬من ذلك أن المادة ‪ 119‬من قـانون‬
‫األحـوال الشخصيـة السـوري نصـت على ‪ " :‬للزوج حـق طلب فسـخ عقـد الزواج إذا وجـد في زوجتـه‬
‫عيبـا جنسيـا مـانعـا من الوصـول إليهـا كالرتـق والقرن أو مرضـا منفرا بحيـث ال يمكـن المقـام معهـا عليهـا‬
‫بال ضـرر ولم يكـن الزوج قد علـم به قبـل العـقد أو رضـي به بعده صراحـة أو ضمنـا "‪ .‬كمـا نصت‬
‫" للمرأة السالمـة من كـل عيـب يحـول دون الدخـول بهـا‪ ،‬أن تراجـع‬ ‫المـادة ‪ 113‬على أن ‪:‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫القـاضي وتطلب التفريـق بينها وبين زوجهـا إذا علمت أن فيـه علة تحـول دون بنائه بها كالجب والعنـة‬
‫والخصاء وال يسمع طلب المرأة التي فيهـا عيب من العيـوب كالرتـق والقرن " ‪.‬‬
‫وقد فرق الفقه بيـن عيوب الزوج التي تجيـز للزوجة طلب التفريق وهـي نوعـان عيوب جنسيـة تحـول‬
‫دون اإلستمتـاع وممـارسة الحيـاة الزوجيـة بشكـل عـادي وهـي ‪:‬‬
‫العنــة ‪ :‬وتعني عـجز الرجل على الوصـول إلى النسـاء ويسمـى عنينـا ‪.‬‬
‫ـب ‪:‬قطـع عضـو التناسـل ويسمى مجبـوبا ‪.‬‬
‫الج ّ‬
‫الخصــاء ‪:‬نـزع الخصيتيـن ويسمى خصيـا ‪ .‬ومـا شابههـم‪ .‬فذكـر هـذه العيـوب ورد على سبيـل التمثيـل‬
‫ال الحصر وقد اشترط الفقهـاء للحكـم بالتفريـق في هـذه الحـالة مـا يأتي ‪:‬‬
‫‪+‬أن تكـون المرأة سالمـة من كـل عيـب يحـول دون الدخـول بهـا ‪.‬‬
‫‪+‬أن تكـون الزوجـة على علـم قبل عقـد الزواج بعيـب زوجهـا وأن ال ترضى به بعـد الزواج ‪.‬‬
‫‪+‬أن يكـون العيـب غير قـابل للزوال ‪.‬‬
‫وعيـوب جسدية ال تحـول دون اإلستمتـاع وال تمنـع من الدخـول ولكنهـا عـلل منفـرة واليمكـن‬
‫اإلقامـة معهـا بال ضـرر فإذا ظهـر للزوجـة قبـل الدخـول أو بعـده أن الـزوج مبتلي بعلـة أومـرض اليمكـن‬
‫اإلقامـة معـه بال ضـرر كالجـذام والبـرص أو السـل أو الزهـري أو طـرأت مثـل هـذه العلل واألمـراض فلهـا‬
‫أن تراجـع القاضي وتطلب التفريـق‪ .‬وإذا وجـد عيب كالعمـى والعـرج في الـزوج فـال وجـوب لتفريـق‬
‫ويشتـرط أن ‪:‬‬
‫‪ +‬يكـون العيب مستحكمـا ال أمـل بالشفـاء منـه حتى بعـد زمـن طويـل ‪.‬‬
‫‪ +‬أن يكـون العيب منفـرا اليمـكن اإلقامـة معـه بالضـرر‪ .‬فإذا ثبت وجـود العيب حكـم بالتفريـق سـواء‬
‫ظهـر العيب للزوجـة قبـل الدحـول أم بعـده أم طرأهـذا العيب بعـد الـزواج‪ .‬وينطبـق الحـل على الجنـون‪.‬‬
‫أمـا العيـوب الخاصـة بالزوجـة والتي تجيـز للـزوج طلب التفريـق فهي أغلبهـا جنسيـة ‪:‬‬
‫‪ +‬كالرتـق وهـو إنسـداد في فـرج المـرأة بحيث التصلـح للـزواج ‪.‬‬
‫‪ +‬والقرن وهي غدة لحميـة فـي فـرج المـرأة تمنـع اإلختـالط الجنسي وتسمـى قرنـاء ‪.‬‬
‫أو أي مـرض منفـر بحيث ال يمكـن المقـام معهـا بال ضـرر و لـم يكـن الـزوج قـد علـم بـه قبـل العقـد‪،‬‬
‫أورضـى بـه بعـده صراحـة أوضمنـا ‪.‬وقـد وردت جملـة هـذه األمـراض على سبيـل الذكـر الالحصـر وعلى‬
‫ذلك فـإن أي عيب فـي الزوجـة يبيـن أهـل الخبـرة أنـه اليمكـن إزالتـه واليمكـن اإلقامـة معـه إال بضـرر‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫يجـوز للـزوج طلب فسـخ العقـد مثـل اإلفضـاء وهـوإنخـراق ما بيـن السبيليـن‪ .‬والعفـل وهـو رطوبـة تمنـع‬
‫الرجـل مـن لـذة الجمـاع وبخـر الفـرج وهي رائحـة كريهـة تخـرج مـن الفـرج‪ .‬أمـا إذا أمكـن معالجـة هـذه‬
‫العيـوب فال يجـوز التفريـق‪ .‬أمـا شـروط التفريـق فهي نفـس الشـروط المطلـوب توفرهـا في صـورة مـرض‬
‫الـزوج‪ .‬وبالنظـر إلى قانوننـا التونسي فإنـه مـا يالحظ هـو أنـه قـد أحـاط الـزواج بتنظيـم قانـوني يتالئـم‬
‫ومكانتـه بالنسبـة للفـرد والمجموعـة ويكفي للداللـة على ذلك تفريده بنظـام قانـوني مستقـل لتوفيـر‬
‫منـاخ نفساني وأخـالقي يـكون خيـر دعـم إلنجـاح الرابطـة الزوجيـة‪ .‬ويمكـن إدراك ذلك بوضـوح سـواء‬
‫في مستـوى تكويـن عقـد الـزواج أو تنفيـذه غيـر أن المشـرع لـم يـولي الجانب البيولوجي في هـذه‬
‫العالقـة رغـم أهميتـه إال قسطـا ضئيـال مـن التنظيـم القانـوني رغـم أنـه أولى إهتمـاما خاصـا بالمريـض في‬
‫بقيـة فـروع القانـون‪ .‬ففي القانـون المدني‪ ،‬فإن الرشيـد الـذي إختـل شعـوره بمـا أخرجـه مـن االدراك‬
‫يفقـد أهليـةااللـزام وااللتـزام‪ .‬كمـا أن المجنـون في القانـون الجنـائي‪ ،‬اليعاقب إذا مـا إرتكب حـرما على‬
‫شـرط أن يكـون المـرض مأديـا إلى فقـدان اإلدراك وحريـة اإلرادة ‪.‬‬
‫وفي صـورة أخـرى خـول المشـرع التونسي للسجيـن التمتـع بالسـراح الشـرطي إذا مـا تعكـرت‬
‫حالتـه الصحيـة ‪.‬أمـا في مـادة األحـوال الشخصيـة فـإن التنظيـم القانـوني للمريـض إقتصـر على تخصـيص‬
‫الفصـل ‪ 5‬مـن م أ ش لتحديـد السـن القانـوني للـزواج‪ ،‬كقرينـة على النضـج البيولـوجي لمـن توفـر فيـه‬
‫هـذا الشـرط‪ .‬إلى جانب إشتراطـه لشهـادة طبيـة سابقـة للـزواج‪ .‬وهـذا اليعكـس إطالقـا قيمـة الناحيبـة‬
‫البيولولجيـة في إطـار عقـد الـزواج ‪ .‬وهـو موقـف مخالف تمامـا كمـا سلف أن بينـا لموقـف الفقهـاء‬
‫المسلميـن الذيـن أحاطـوا هـذا الجانب بالتحليـل والتنظيـم بمـا يتالئـم وقيمتـه الحقيقيـة فـي عالقـة‬
‫الزوجيـن ‪.‬‬
‫هـذه األخيـرة تحتـاج لضمـان إستقـرارهـا إلى سالمـة الزوجيـن مـن األمـراض الحـادة والتي مـن‬
‫شأنهـا أن تكـدر صفـو الحيـاة الزوجيـة علمـا وأن المـرض يخلف آثـار سلبيـة في نفـوس أفـراد العائلـة‪.‬‬
‫باإلضافـة إلى الخسـارة الماديـة المترتبـة عـن مصاريف العـالج‪.‬‬
‫هـذا مـا يفسـر الملل الـذي يصيب بعـض األزواج ورغبتهـم الملحـة في وضـع حـد لهـذه الحيـاة‬
‫الزوجيـة‪ .‬وأمـام هـذه األهميـة التي تكتسيهـا صحـة الزوجيـن‪ ،‬يحـق لنا التساؤل عـن تأثيـر المـرض على‬
‫قيـام الرابطـة الزوجيـة وإستمرارهـا ؟ ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫هـذا مـا لـم يجب عليـه المشـرع التونسي صراحـة صلب مجلـة األحـوال الشخصيـة‪ .‬وبنفـس‬
‫هـذا الصمت قوبـل السؤال المتعلـق بمعرفـة تأثيـر إنتفـاء القـدرة الـجنسية للقريـن‪ ،‬سواء توفرت هذه‬
‫الـحالـة عند تكـوين العقـد أو طـرأت بعـد قيـام الرابطـة الزوجيـة وهـوموقف اليعكـس بالمـرة قيمـة‬
‫االتصـال الجنسي فـي حيـاة الزوجيـن ‪ ،‬بإعتبـاره يصعب إن لـم نقـل يستحيـل مواصلـة الحيـاة الزوجيـة‬
‫مـن دونـه هـذا إلى جانب صعوبـة إثباتـه ‪.‬‬
‫كمـا نعتقـد أنـه آن األوان للتفكيـر فـي حلـول قانونيـة لظاهـرة الشعـور باإلنتمـاء إلى الجنـس‬
‫المعاكـس ‪ . transsexualisme‬خـاصة وأنهـا بـدأت تسجـل حضـورهـا في البلـدان الغربيـة أيـن‬
‫طرحت العديـد مـن المشاكـل القانونيـة المتعلقـة بشرعيـة العمليـة الجراحيـة المؤديـة إلى تغيـر الجنـس‬
‫خاصـة إذا ماعـزم مـن غيـر جنسـه على الـزواج‪ .‬وتزداد األمـور أكثـر تعقيـدا إذا أبـدىالمعني باألمر رغبـة‬
‫ملحـة في تغيـر جنسـه بعـد الـزواج فمـاهي اإلنعكاسـات المترتبـة عـن السمـاح بهـذا التغيـر الالخـق‬
‫للـزواج ؟ ‪.‬‬
‫كمـا أنـه في هـذا اإلطـار وجب التخلي مـن قبـل المشـرع التونسي عـن إشتراطـه العام‪ ،‬لوجـوب‬
‫إختـالف الجنـس بيـن الزوجيـن لقيـام الرابطـة الزوجيـة والتنصيـص على ذلك صراحـة بإعتبـار أن بداهـة‬
‫هـذا الشـرط وحتميتـه لـم تعـد مطلقـة ‪.‬كمـا تجـدر اإلشـارة وفـي غيـاب تعريـف تشريعـي لعقـد الـزواج‬
‫وفـي غيـاب تنظيـم معمـق للحالـة الصحيـة للزوجيـن والجنسيـة ومجـرد اإلدالء بشهـادة طبيّـة مجـردة‬
‫غيـر دقيقـة ولـد العديـد مـن السلبيـات التي هي اآلن محـل جـدال بيـن فقهـاء القانـون وشراحـه وقـد‬
‫تجـادلت فيهـا عديـد المحاكـم التونسيـة ولـم تتوصـل إلى تحديـد رأي فيهـا ‪.‬فهـل أن مـرض القريـن‬
‫السابـق للـزواج يعـد ضـررا يبيـح طلب الطـالق ؟ أم يعـد إخـالال بشـرط مـن الشـروط البيولوجيـة لعقـد‬
‫الـزواج يجيـز إبطـال عقـد الـزواج ؟ إن الجـواب على هذا السـؤال ليـس بيسيـر ويصعب الظفـر بـرأي‬
‫قاطـع فـي الموضـوع خاصـة فـي الوضـع الراهـن الـذي عليـه التشريـع التونسي المتعلـق بالشهـادة الطبيـة‬
‫قبـل الـزواج ألن الطبيعـة القانونيـة لهـذه الشهـادة ليست واضحـة فهـل تعتبـر ركنا مـن أركـان عقد الـزواج‬
‫أم شـرطا لصحتـه أم ال ؟ وإذا فرقنـا بيـن المـرض السابـق لعقـد الـزواج والمـرض االحـق لـه فإن ذلك‬
‫التفريـق هام في خصوص الجـزاء‪ .‬فجـزاء إبـرام عقـد الـزواج المختـل البطـالن‪ّ ،‬أما جـزاء عدم تنفيـذه‬
‫فهـو الطـالق إذا مـا إعتبرنـا عقـد الـزواج عقـدا على مستـوى تكوينـه‪ .‬لكـن مـاهو المرض ؟ وماهي أنـواع‬
‫األمـراض المؤثـرة على عقـد الـزواج ؟‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لـم يعـرف المشـرع التونسي المـرض في أي فـرع مـن فـروع القانـون غيـر أن الفقـه عرفـه (‪ )1‬بكونـه ‪:‬‬
‫"حالـة تصيب اإلنسـان‪ ،‬وتنجـر عنهـا أثـار ماديـة ونفسيـة تتمظهـر فـي ضعف بدني وإضطرابـات‬
‫نفسانيـة‪ .‬وفكريـة‪ .‬وهـذه الحالـة قـد تطـول وقـد تقصـر ممـا يؤثـر عـادة على عالقـات المـرض بمحيطـه‬
‫العائلي والمهني واإلجتمـاعي وهـو مـن شأنـه أن يـؤدي إلى قلب األدوار فـي عقـد الـزواج إذا ما تقبل‬
‫القرين المعـافى وضعية قرينه الصحية واختار مواصلة الحياة الزوجية معه رغم مرضه بما في ذلك من‬
‫تضحيات سواءا على الصعيد المـادي (اإلنفاق) أو معنوي (مساكنة)‪ .‬غيـر أنـه اليمكـن أن نعتـد‬
‫بجميـع األمـراض في الـزواج‪ .‬فاألمـراض المعديـة أو الحائلـة دون اتصـال جنسي بيـن الزوجيـن هي‬
‫المعتبرة‪ .‬وهـو مـا ذهبت إليـه المحاكـم في خصـوص تأثيـر المـرض على الـزواج ورغـم أنهـا لـم تحـدد‬
‫تلك األمـراض المعديـة والحائلـة دون اتصـال جنسي فـإن المـرض يعـد من المسائـل الموضوعيـة‬
‫الراجعـة لمطلـق إجتهـاد قضـاة األصل‪ .‬إذا وإزاء هـذا الفـراغ التشريعـي الـذي مني بـه الجانب البيولوجي‬
‫وخاصـة منـه صحـة زواج المريـض نعتقـد أنـه حـان الوقت الحاطـة هـذا المعطى باإلهتمـام وبتننظيـم‬
‫قانـوني يتالئـم مـع مكانتـه الحقيقتـه في عقـد الـزواج مـع التأمـل الموضـوعي فـي الحلـول المتقـدم بهـا‬
‫فـي هـذا الميـدان ومراجعتهـا ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪-1‬ورد هـذا التعريف في مذكـرة المـرض في القانـون التونسي لعدنـان الماطـوسي المقدنـة‬

‫إذ إكتشف أن بهـا بعـض النقائـص‪ .‬ولربمـا أمكـن القـول أن هـذا الفـراغ التشريعي ناتـج عـن‬
‫كـون المشـرع التونسي يعتبـر أن الـزواج رابطـة روحيـة اليمثـل الجانب البيولوجي في إطـارهـا سـوي‬
‫عنصـر ثانويـا يستوجب تنظيمـا قانونيـا يتماشى مـع هـذه المكانـة المحـدودة التي يحتلهـا في العالقـة‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الزوجيـة ‪ .‬وعلى فـرض أن هـذا الدفـع وقـع تبينـه مـن قبـل واضعي مجلـة األحـوال الشخصيـة فإننـا نعتقـد‬
‫أنـه اليأخـذ واقـع األمـور بعيـن اإلعتبـار نظـرا لكـون الصحـة البدنيـة للزوجيـن تلعب دورهـاما وفعـاال في‬
‫نجـاح العالقـات الزوجيـة‪ .‬ونظـرا لتلك المكانـة للجانب الصحي للزوجيـن فـي عقـد الـزواج‪ .‬وجب‬
‫التسائـل عـن تأثيـر المـرض على عقـد الزواج ؟‪.‬‬
‫هـذامـا يتطلب منـا تخصيـص جـزء أول لدراسـة المـرض والعـالقة الزوجيـة (الجـزء األول)‬
‫للبحث في جـزء ثانـي عـن المـرض وانفصـام العالقـة الزوجيـة (الجـزء الثانـي)‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الجـزء األول ‪ :‬المـرض والعالقـة الزوجيـة ‪:‬‬

‫تحتـاج العالقـة الزوجيـةلضمـان إستقرارهـا إلـى سالمـة الـزوجيـن مـن األمـراض الحـادة والتـي مـن شأنهـا‬
‫أن تكـدر صفـو الحيـاة الزوجيـة لمـا يخلفـه المـرض مـن آثـار سلبيـة فـي نفـوس أفرادهـا باإلضافـة إلـى‬
‫الخسائـر الماديـة المترتيـة عـن مصاريـف العـالج والتـداوي لـذا وحرصـا منـه علـى إحاطـة الزواج بتنظيـم‬
‫قانـوني يتالئـم ومكانتـه بالنسبـة للفـرد والمجموعـة ‪ ،‬وسعيـا منه لتوفيـر منـاخ نفسانـي وأخالقـي يكـون‬
‫خيـر دعـم إلنجـاح الرابطـة الزوجيـة سـواء علـي مستـوى تكويـن عقـد الـزوج أو تنفيـده ‪ ،‬أفـرد المشـرع‬
‫التونسـي عقـد الـزواج بتنظيـم خـاص صلـب مجلـة األحـوال الشخصيـة فـي مختلـف مراحلـه سـواء عنـد‬
‫قيامـه وإستمـراره أو حتـى عنـد إنفصامـه ‪ .‬لكـن وفـي مقابـل اإلهتـمـام التشريعـي بالزواج فـي أغلـب‬
‫مراحلـه ‪ ،‬لـم يهتـم المشـرع التونسـي ببعـض األحـداث أو العـوارض التـي قـد تطـرأ على عقـد الـزواج‬
‫وتأثـر عليـه كالمـرض ولـم يوليـه رغـم أهميتـه إال قسطـا ضئيـال مـن التنظيـم القانـوني ‪ .‬وأمـام األهميـة التـي‬
‫تكتسيهـا صحـة الزوجيـن يحـق لنـا التسائـل عـن تأثيـر المـرض علـى قيـام الرابطة الزوجيـة (القسـم األول)‬
‫؟ وإستمرارهـا (القسـم الثانـي) ؟‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫القسـم األول ‪ :‬المـرض وتكويـن العالقـة الزوجيـة ‪:‬‬


‫ليقـوم غقـد الـزواج يجب أن تتوفر فيـه جملـة مـن الشـروط ‪ ،‬ورغـم أن صحـة القريـن التعـد‬
‫شرطـا مـن بيـن شـروط إبـرام عقـد الـزواج ‪ ،‬فإن مـرض المقـدم على الزواج يؤثـر علـى شـروط إبـرام عقـد‬
‫الزواج البيولوجيـة (الفقرة األولـى) والنفسانيـة (الفقـرة الثانيـة) ‪.‬‬

‫الفقـرة األولـى ‪ :‬تأثيـر المـرض علـى الشـروط البيولوجيـة للـزواج ‪:‬‬


‫يتطلـب إبـرام عقـد الـزواج فـي البـالد التونسيـة اإلدالء بكشـف طبـي سابـق للـزواج طبقـا‬
‫لمقتضيـات القانـون عـدد ‪ 31‬لسنـة ‪ 1713‬المـؤرخ فـي ‪ 3‬نوفمبـر ‪ 1713‬يمكـن مـن خاللـه التثبـت مـن‬
‫سالمـة الزوجيـن مـن بعـض األمـراض الخطيـرة ‪ ،‬هـذا إلـى جانـب وجـوب بلـوغ كـل منهمـا سـن قانونيـة‬
‫أقرهـا المشـروع صلـب الفصـل ‪ 5‬مـن م أ ش تقـوم قرينـة علـى نضجهـا البيولوجـي وإكتسابهمـا لحـد‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫أدنـى مـن النضـج الفكـري ‪ ،‬باإلضافـة إلـى شـرط حتمـي اليعقـل الحديـث فـي غيابـه عـن قيـام رابطـة‬
‫زوجيـة ‪ ،‬أال وهـي تبايـن المترشحيـن للـزواج فـي الجنـس ‪ ،‬وهـي كلهـا معطيـات مـن شأنهـا أن توفـر‬
‫حـدا أدنـى مـن الضمانـات الكفيلـة بإنجـاح الرابطـة الزوجيـة وإستمـراريتهـا نظـرا لألهميـة البالغـة التـي‬
‫يكتسيهـا الجانـب البيولوجـي فـي عالقـة الزوجيـن ‪ .‬وإعتبـارا ألهميتهـا في إبـرام عقـد الـزواج وضـع‬
‫المشـرع التونسـي علـى كاهـل مـن عهـدت إليـه هـذه المهمـة واجـب التأكـد مـن توفرهـا عنـد تحريـر عقـد‬
‫الـزواج ‪ .‬هـذا ما يجعلنـا نتطلـع إلـى إدراك الغايـات المنشـودة مـن وراء إشتتـراط هـذه المعطيـات‬
‫البيولوجيـة للوقـوف علـى اإلنعكاسـات القانونيـة المترتبـة عـن إنتفـاء أحدهـا ‪ ،‬األمـر الذي يتطلـب منـا‬
‫التنـاول بالـدرس فـي إطـار المبحـث األول آليـة الكشـف الطبـي السابـق للـزواج (مبحـث أول) ‪ .‬للمـرور‬
‫فـي مرحلـة ثانيـة لدراسـة المـرض والسالمـة البدنيـة (مبحـث ثانـي)‪.‬‬

‫المبحـث األول ‪ :‬آليـة الكشـف الطبي السابـق للزواج ‪:‬‬

‫نطرا ألهميـة الجـانب الصحي في إطـار الحيـاة الزوجيـة اشترطـت معظـم التشـاريع الوضعيـة‬
‫إجـراء كشف طبي قبل إبرام عقـد الزواج وذلك تحسبـا لبعـض األمراض الخفيـة والتي من شأنهـا‬
‫اإلضرار بالحيـاة الزوجيـة أو نسلهـا الالحق ‪ ،‬فعقـد الزواج يتطلـب في البـالد التـونسيـة اإلدالء بكشـف‬
‫طبي سابق للزواج إذ أقـر القـانـون عـدد ‪ 31‬لسنـة ‪ 1712‬المـؤرخ في ‪ 33‬نـوفمبر ‪ 1713‬أنـه "ال يمكـن‬
‫لضـابط الحـالة المدنيـة أو العـدول إبرام الزواج إال بعـد أن يستظهـر كل من الشخصين العـازمين على‬
‫الزواج بشهـادة طبيـة" ‪ ،‬وأوجـب الفصـل ‪ 2‬على الطبيب عنـد فحص الخطيبيـن أن يوجـه عنـايتـه‬
‫لإلصـابات المعديـة‪ .‬وليس له أن يسلـم الشهـادة إال بعـد اإلطالع على فحـص الدم ويمكنـه أن يرفض‬
‫تسليـم الشهـادة إلى أن يزول خطـر العـدوى من المريض ‪.‬‬
‫إن السـؤال الجوهـري الذي يطرحـه هـذا القـانـون يتمثـل في معرفـة مـا إذا كان تطبيقـه يحـول‬
‫دون إبرام عقـد الزواج إذا كـان أحـد الخطيبيـن مصـابا بمـرض ؟‬
‫إن الجـواب على هـذا السـؤال ليس يسيـرا ويصعـب الظفـر برأي قـاطع في هـذا الشأن ألن‬
‫الطبيعـة القـانـونيـة لهـذه الشهـادة ليسـت واضحـة فهـل تعتبـر ركنـا من أركـان الزواج وشرطـا لصحتـه أم ال‬
‫؟‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪)1‬‬
‫لربمـا كـان من األسلم التطرق إلى األسـس النظريـة المبـررة العتمـاد الكشـف الطبي السـابق للزواج‬
‫( ‪)2‬‬
‫قبـل تحديد جـدواه‬
‫‪ -1‬األسـس النظريـة المـبررة للكشـف الطبي السـابق للزواج ‪:‬‬
‫جـاء التنظيم القـانوني إلجراء الكشـف الطبي مختلفـا من تشريـع من تشريع إلى آخـر وكذلك‬
‫طبقـا لإلرادة واضعي النصـوص القـانونيـة المنظمـة للزواج فكـان الحـل عنصريـا بالنسبـة لبعض األنظمـة‬
‫المتطرفـة (أ) ومثـاليـا لبعـض األنظمـة األخـرى والتي تعـول أسـاسـا على ضميـر المتـرشحين إلبرام عقـد‬
‫الزواج (ب) وواقعيـا بالنسبـة للنسـق األخيـر (ج) ‪.‬‬

‫أ‪ -‬النظـريـة العنصـريـة ‪:‬‬


‫يعتقـدون وأنهـم ينتمـون إلى جنس أسمى وأفضـل من كـل المجمـوعـات التي تـواجدت على‬
‫البسيطـة نـاسبيـن إلى أنفسهـم كـل الخصـال الرفيعـة الالئقـة بنقـاوتهـم وصفـاوة دمهـم ومعتمديـن بذلـك‬
‫على معـاييـر بيـولـوجيـة بحتـة إلبراز إلمتيـازهـم على اآلخريـن ‪ ،‬كتشـابههـم في البشرة وشكـل الرأس ولون‬
‫الشعـر وهيئـة البـدن وهـي كلهـا في الواقـع صفات نـاتجـة عـن معطيـات طبيعيـة كالبيئـة الجغـرافيـة التي‬
‫نشأت فيهـا هـذه المجمـوعـة البشريـة ‪.‬‬
‫وإيمـانـا منهـم بهـذا التعـرض الجنسي الذي يكسبهـم حسب ظنهـم الزعـامة إزاء األجنـاس‬
‫األخـرى يلتجـؤون إلى كل الوسـائل التي من شأنهـا أن تسـاعدهـم على الحفـاظ على نقـاوة جنسهـم ‪،‬‬
‫بمـا في ذلك القـانـون ‪ .‬ويعتبـر هـذا األخيـر وسيلـة فعـالة من ضمـن وسـائل أخـرى تمكنهـم من واجـب‬
‫الحفـاظ على مبتغـاهم وذلك بمنـع زواج من ال تتـوفر فيهـم الخصـال الصحيـة الكـافيـة إلنشـاء أسرة‬
‫سليمـة وتحجـر زواج بني جنسهـم بمن ينتمي إلى جنـس أخـر تفـاديا لمـا يمكـن أن يترتـب عـن ذلـك‬
‫من طمـس لجنسهـم النقي! هـذا مـا وقع تكريسـه عبـر القـانون األلمـاني النـازي لسنـة ‪ 1731‬والقـانـون‬
‫(‪)1‬‬
‫الحـالي لنظـام جنـوب أفريقيـا العنصـري ‪.‬‬
‫أقـل مـا يمكـن أن يقـال في هـذا الشأن أن التصـور باالنتمـاء إلى الجنـس األفضـل هـو شعـور‬
‫وهمي ال يستنـد إلى أي أسـاس من الصحـة باعتبـار وأن العلـم أثبـت إنعـدام أي جنـس نقـي غيـر جـامع‬
‫لدم غيـره ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬ماريـن دويدار ص‪.35‬‬

‫ب‪-‬النظـريـة المثـاليـة ‪:‬‬


‫متسمـة بالمرونـة مقارنة مع النظـرية العنصـريـة ‪ .‬فإنطـالقـا من حـق الزواج واستنـاد إلى حريـة‬
‫اإلختيـار تبنّـت بعـض التشـاريـعّ الوضعيـة حلـوال قـانـونيـة بلغـت اإلعتمـاد على تصريـح المتـرشحيـن‬
‫للزواج بخـلوهمـا من األمراض الخطيـرة لدى ضـابط الحـالة المـدنية عنـد اشهـار الزواج المزمـع إبرامه ‪،‬‬
‫وضمـانهـا الوحيـد لصحـة تصريحـات الزوجيـن أن يقسـم المعنيـان باألمـر بشرفهمـا على صحـة ما أدليـا‬
‫(‪)1‬‬
‫به لظـابط الحـالة المـدنيـة ‪ .‬هـذا الحـال المثـالي معمـول به في البـالد االسكندنـافيـة‬
‫والتفسيـر الوحيـد لهـذا التـوجه الذي بلـغ أعـلى درجـات المثـاليـة هـو التعـويل بصفـة مطلقـة على‬
‫ضميـر المتـرشحيـن للزواج وتمكينهمـا من الزواج حتى في صـورة إصـابة أحدهمـا بمرض خطيـر طـالمـا‬
‫كـانت هـي تلك إرادتهمـا ‪ .‬فهام جداّ أن تنشأ رابطـة زوجيـة سليمـة لكن أهـم من ذلك أن يقـع إحتـرام‬
‫إرادة األفـراد في ممـارسـة حـق الزواج ‪ .‬في إطار نفس هـذا الخيـار المثـالي ولكـن بصـورة أكثـر‬
‫اعتـداال نـجد القـانـون الفـرنسي الذي ينـص صلـب الفصـل ‪ 13‬م م م ف وذلك منـذ قـانـون ‪ 2‬نـوفمبـر‬
‫‪ 1735‬على أن ‪ " :‬ضـابط الحـالة المـدنيـة مطـالب قبـل المـرور إلى عمليـة إشهـار الزواج بالتثبـت من‬
‫أن كـال من الزوجـين قـام بإجـراء فحـص طبي ال يرجـع تـاريخـه إلى أكثـر من شهـرين وال يتضمـن على‬
‫أي إشارة مـا عـدا كـونهمـا قد فحـصا قصد الزواج" ‪ .‬هـذا مـا يبـرز بصـورة جليـة النظـرة المثـالية التي‬
‫تبنـاهـا المشروع الفرنـسي بتـوجيهـه أسـاسا إلى ضمير الزوجيـن (‪ . )2‬ومـؤسسـا على كـاهل الطبيـب‬
‫مسـؤوليـة عـدم التنصيـص على أي إشـارة أخـرى صلـب الكشـف الطبي ‪ ،‬كمـا أنـه ال يملـك إمكـانيـة‬
‫تأجيـل أو رفـض تسليـم الكشـف مهمـا كـانت خطـورة المرض الذي عـاينـه‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪(1)- Carbonnier page 317‬‬
‫‪-Carbonnier page 317‬‬
‫‪(2)- Carbonnier page 316‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫باإلضـافة إلى واجـب المحـافظـة على سـر المهنـة (‪ )1‬الذي يجبـره على عـدم إخبـار الطرف اآلخـر‬
‫بالحـالة المـرضيـة التي عـاينهـا ‪ ،‬إذ أنـه في صـورة عـدم احتـرام هـذا الواجـب المعـني يعـرض نفسـه إلى‬
‫عـقوبـات قـانـونيـة وأقصـى مـا يمكنـه تقديمـه هـو إسـداء النصح للمـريض عسـاه أن يتبـع العـالج الالزم‬
‫لذلـك ‪.‬‬
‫يعتبـر هـذا النهـج الذي سلكـه المشرع الفـرنسي حـال وسـطا يـراعي حـريـة الزوجيـن من جهـة ‪،‬‬
‫ووقـوفهمـا على حـالتهمـا الصحيـة قبـل إبرام عقـد الزواج من جهـة أخـرى ‪ ،‬حتى إذا مـا اكتشـف‬
‫الطبيـب إصـابـة أحـدهمـا بمـرض يتـدخـل بإسـداء النصـح لهـذا األخيـر ويـوكل األمـر لضميـره في‬
‫خصـوص إعـالم اآلخـر بذلـك ‪.‬‬
‫كنتيجـة حتميـة لهـذا الحـل يمكـن للطبيـب في فرنسـا أن يجـد نفسـه في وضعيـة ال يحسـد‬
‫عليهـا بالمـرة ‪،‬خـاصـة وأنـه مجبـر على تسليـم الكشـف الطبي إذا مـا أقـدم على إجرائه ‪ ،‬ومثـال ذلـك‬
‫اكتشـافـه لمـرض معـد وقـاتل كالسيـدا بأحـد الزوجيـن يتحتـم عليـه تبعـا لذلــك أن يختـار بيـن أمـرين‬
‫أحـدهمـا مـر فيمكنـه بالتـالي وكحـل أول االمتثـال إلى واجـب الحفـاظ على سـر المهنـة وتحمـل تأنيـب‬
‫الضميـر ‪ ،‬خـاصة إذا أقـدم المريض على الزواج ‪ ،‬كمـا أنـه يمكنـه خـرق القـانـون بإفشـاء سـر المهنـة‪،‬‬
‫وإعـالم الطرف اآلخـر المتـرشح للزواج وإرضـاء ضميـره كطبيـب والتعرض تبعـا لذلـك إلى العقـاب‬
‫(‪) 2‬‬
‫القـانـوني على الصعيـدين ‪ :‬المدنـي والجـزائي‬
‫وذلـك كحـل شأن ‪ ،‬لكـن في كلتـا الحـالتيـن يجـد نفسـه في وضعيـة حرجـة للغـايـة ‪ .‬تأكيـدا‬
‫على تثبـت القـانـون الفرنـسي بوجـوب عـدم إفشـاء سـر المهنـة رفضـت محكمـة االستئنـاف بقرونـوبل‬
‫في إحـدى القضـايـا المعـروضة عليهـا والمتعلقـة بنفي نسـب طفـل ولـد بعـد مرور فتـرة وجيـزة من إبرام‬
‫الزواج ‪،‬‬
‫ـــــــــ‬
‫» ‪(1)- Julisclasseur de droit civil « mariage » facicule A article 144 à 147 par « G Raymand‬‬
‫‪collection des jurisclasseurs civils , éditions techniques S.A Paris 1988.‬‬
‫‪(2) Pierre Voirin » Le certificat dexamen medical prenuptial ( article 4 de la Poi de 16‬‬
‫‪decembre 1942 ) J.C.P 1943 N° 322 .‬‬
‫إعتمـاد شهـادة طبيـة تقدمـت بهـا الزوجـة كحـجة إلثبـات علم زوجهـا بحملهـا‬
‫قبـل الزواج ‪ ،‬ذلك ألن هـذه الشهـادة سلمـت دون موافقـة زوجهـا وخـاصة لمخـالفـة الطبيب واجـب‬
‫الحفـاظ على سـر المهنـة المنصـوص عليـه صلب الفصـل ‪ 391‬من المجلـة الجبـائية الفـرنسيـة(‪ )1‬ولم‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫يسلـم هـذا الخيـار المثـالي الذي حصل على مسـاندة عـدد وافـر من رجـال القـانـون في فرنسـا من‬
‫االنتقـاد ‪ ،‬إذ يـرى بعض رجال القـانـون أنـه ال فـائدة ترجـى من السمـاح بزواج محكـوم عليـه مسبـق‬
‫بالبطـالن استنـاد إلى السلـوك المخطـئ للقـرين المصـاب بمـرض والمتمثـل في إخفـاء هـذه الحـالـة‬
‫المـرضيـة على الطـرف اآلخـر (‪.)2‬‬

‫ج‪ -‬النظـريـة الواقعيـة ‪:‬‬


‫تقـوم على التـوجه أسـاسـا إلى ضميـر الطـبيب ‪ ،‬هـذا األخيـر يتمتـع بصلـوحيـات تمكنـه من‬
‫‪31‬‬ ‫تأجيـل تسليـم الكشـف الطبي ورفض ذلـك التسليـم إن لزم األمـر ‪ .‬هـذا مـا نص عليـه القـانـون عـدد‬
‫لسنـة ‪ 1713‬والمنشـور بالـرائـد الرسمـي للجمهـوريـة التـونسيـة في ‪ 33‬نـوفمبـر ‪ 1713‬والمتعلـق بالشهـادة‬
‫الطبيـة السـابقـة للزواج ‪ ،‬بمقتـضى هذا القـانـون ال يمكـن لضـابط الحـالـة المـدنيـة أو العـدول الذيـن وقـع‬
‫اختيـارهم لتحـريـر عقـود الزواج أن يقـومـوا بإبـرام الزواج إال بعـد أن يتسلـموا من كـال الشخصيـن العـازميـن‬
‫على الزواج شهـادة طبيـة ال يزيـد تـاريخهـا على الشهريـن تثبـت أن المعـني باألمـر قـد وقـع فحصـه قصـد‬
‫الزواج بدون أن تـذكر بهـا أي إشـارة أخـرى ‪ .‬هـذا ويجـب ألن تـوجه عنـايـة الطبيـب أثنـاء الفحـص إلى‬
‫األصـابات المعديـة ‪ .‬واالضطرابـات العصبيـة‪ ،‬ونتـائج اإلدمـان على المشروبـات الكحـوليـة ‪ ،‬وغيرهـا‬
‫من األمراض الخطيـرة وخـاصة مرض السـل والزهـري‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1) C.Appel Grenoble 29 mai 1952 , Dallaz 1952 page 727 note « Français Givord ».‬‬
‫‪(2)- « Pierre voirin » article Précité N°322.‬‬
‫ويضيـق هـذا القـانـون أنـه ينبـغي على الطبيـب أن ال يتسلـم الكشـف الطبي إال بعـد االطـالع على‬
‫نتيجـة ‪:‬‬
‫‪-‬فحـص طبي عـام‬
‫‪-‬فحـص الرئتيـن باألشعـة وتصويرهـا إن إقتضـى الحـال ذلـك ‪.‬‬
‫‪-‬فحـص الـدم ‪.‬‬
‫وبعـد االطـالع على حـالة المتـرشح الصحيـة يجـب على الطبيـب أن يطلعـه على مـالحظـاته‬
‫ويبني له مـدى أهـميتهـا ‪ ،‬هـذا ويمكنـه رفض تسليـم الشهـادة أن تبيـن له أن هـذا الزواج غيـر مرغـوب‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫فيـه ‪،‬كمـا يمكـن تأجيـل هـذا تسليـم في انتظـار أن يزول خطـر العـدوى من المريـض أو تغييـر حـالتـه‬
‫الصحيـة أو حالته غيـر مضرة لذريتـه ‪.‬‬
‫هـذه النظـرة الواقعيـة جـابهـت جملـة من االنتقـادات تتـوجه أسـاسـا إلى كـونهـا نظـرة تغـذيهـا‬
‫الروح العنصريـة ‪ ،‬باالضـافـة إلى خنقهـا لحريـة األفـراد بحـرمـانهـم من حقهـم في الزواج بتعلـة تحسيـن‬
‫النسـل الالحـق والحفـاظ على الصحـة العـامة(‪ . )1‬كمـا يضيـف أصحـاب هـذا الرأي أن إعطـاء الطبيـب‬
‫إمكـانيـة التأجيـل أو الرفض يقف عقبـة دون إبرام عقد الزواج ‪ ،‬لكنـه لن يمنـع من وجـود عـالقـات غيـر‬
‫قـانونيـ ة من شأنهـا أن تثمـر والدات أراد أصحـاب هـذه النظريـة تفـاديهـا ‪ ،‬ويكـون بالتـالي من األفضل‬
‫ترك حريـة القرار إلى المعنييـن باألمـر والتعـويل على ضمـائرهـم رغـم أن الضميـر ال يقـوم بدوره الفعـلي‬
‫في جميـع الحـاالت ‪.‬‬
‫بعـد أن تنـاولنـا بالدرس األسس النظريـة التي ارتكـزت عليهـا التشـاريع الوضعيـة لتبريـر اشتـراط‬
‫الكشف الطبي السـابق للزواج ‪ ،‬علينـا أن نتسـائل عن فعـاليـة هـذا االجـراء في مستـوى التطبيـق ؟ هـذا‬
‫مـا سنحـاول اإلجـابة عنـه في إطـار القسـم الثـاني من هـذا المبحـث ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1)- « JAMBU-Merlin » ouvrage precité page 36.‬‬
‫‪-2‬الجـدوى التطبيقيـة للكشـف الطبي السـابق للزواج ‪.‬‬

‫إن التسـاؤل عـن فـاعليـة الكشـف الطبي السـابق للزواج في البـالد التـونسيـة يحتـم تحديـد‬
‫الطبيعـة القـانـونية لهـذه الشهـادة فهـل تعتبـر ركنـا من أركـان الزواج وشرطـا لصحتـه أم ال ؟ إن الجـواب‬
‫على هـذا التسـاؤل بالنفي أسلـم ألن المشـرع لم ينـص صراحـة على جـزاء عـدم االستظهـار بالشهـادة‬
‫قبـل إبرام العقـد فهـو لم يقـر ببطـالن الزواج وغـايـة مـا في األمـر أنـه أقـر عقـابا مـاليـا بالنسبـة لضـباط‬
‫الحـالة المدنيـة الذيـن ال يمتثلـون ألحكـام هـذا القـانـون ومن نـاحيـة أخـرى فإن هـذه الشهـادة ليسـت‬
‫إجبـاريـة بكـامل تـراب الجمهـوريـة إذ أن الفصـل األول من قـانـون ‪ 33‬نـوفمبر ‪ 1713‬نص على صـدور‬
‫قرار وزاري يظبـط الدوائـر التي تكـون فيهـا الشهـادة الطبيـة إجباريـة ومعنى ذلـك أنهـا ال تكـون وجـوبيـة‬
‫في كـل المنـاطق فضـال على أن الفصـل الخـامس من القـانـون أعـاله أجـاز للحـاكم في الحـاالت‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫االستثنـائيـة االعفـاء من تقديـم الشهـادة‪ .‬كمـا أنـه ال يقـع طلبهـا إن كان الشخصان العـازمـان على‬
‫الزواج أو أحدهمـا في حـالة احتضـار ‪.‬‬
‫تأسيسـا علـى مـا تقـدم ‪ ،‬التعـدوا أن تكـون الشهـادة الطبيـة مجـرد شكليـة تطبيقيـة ( أ ) يسهـل‬
‫تجاوزهـا بالنسبـة لمـن عـزم علـى الـزواج بالرغـم من إصابتـه بـداء خطيـر (‪ )1‬وذلك نظـرا لتقيـد الطبيب‬
‫الذي سيقـوم بفحـص المقـدم علـى الزواج بواجب إحتـرام السـر المهنـي(ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬الشهـادة الطبيـة شكليـة تطبقيـة يسهـل تجاوزهـا ‪:‬‬


‫لقـد إقتضـى الفصل ‪1‬من قانون ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1713‬أن ضابط الحالة المدنيـة والعـدول الذيـن يبرمون‬
‫عقود الزواج يجب عليهم مطالبة الزوجيـة بشهـادة طبيـة تكـون مـدة صلوحيتهـا شهريـن تثبـت أن‬
‫المعنـي باألمـرقد تـم فحصـه قصـد الزواج دون أن تذكـر بهـا‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬حكـم مدنـي إبتدائـي عـدد ‪ 1319‬فـي ‪ 33‬ديسمبـر ‪1711‬‬

‫إشـارات أخـرى" غيـر أن ذلك ال يحـ ّد بأي حـال مـن حريـة الـزواج فنتائـج الفحـص الطبـي اليقـع‬
‫الكشف عنهـا لغيـر ذات الشخـص المطالـب بالفحـص‪ ،‬ثـم إن الشهـادة الطبيـة التحتـوي سـوى علـى‬
‫اإلشـارة إلـى أن المعنـي باألمـر قـد وقـع فحصـه قصـد الفحـص الطبي ال يقـع الكشـف عنهـا لغيـر ذات‬
‫الشخـص المطـالب بالفحـص ‪ ،‬ثم إن الشهـادة الطبيـة ال تحتـوي سـوى على اإلشـارة إلى أن المعـني‬
‫باألمـر قد وقـع فحصـه قصـد الزواج(‪ )1‬دون التـوسـع في ذلـك إلى غـايـة تحديـد الحـالة الصحيـة للمـقدم‬
‫على الزواج ‪ ،‬كمـا يمكـن أن تمـتد الـمدة الـفاصلة بين ابـرام الـعقد والدخـول إلى أشهـر وفي بعض‬
‫الحـاالت إلى أعـوام‪ ،‬وهـي مـدة كـافيـة لإلصـابـة بأمـراض يمكـن أن تكـون لهـا نتـائج وخيمـة على مصيـر‬
‫الرابطـة الزوجيـة (‪ . )2‬باإلضـافـة إلى أن القـانـون التـونسي ال يفـرض التثبـت من قدرة الزوجيـن الجنسيـة‬
‫عنـد إجـراء الفحص الطبي المتعلـق بالشهـادة الطبيـة السـابقـة للزواج وهـذا الفحـص الطبي العـام ال‬
‫يمكـن من الكشـف عن بعـض األمراض الخطيرة كمـرض أو داء إنهيـار المنـاعـة المكتسبـة أو مـا‬
‫يسمى بمـرض السيـدا والذي ينتقـل بالعـدوى إمـا عـن طريق الدم أو مباشـرة بعـد حصـول إتصـال‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫جنسي ‪ ،‬وقـد عجـز أهـل االختصـاص على إيجـاد العـالج الشـافي من هـذا الداء غيـر أنـه قـد وقـع‬
‫اللجـوء إلى عـدة وسـائل وقـائية من شأنهـا التخفيـض من نسبـة المصـابيـن بهـذا المرض(‪. )3‬‬
‫فهـل يمكـن التعويـل على الفحـوص الطبيـة المجـراة على المتـرشحيـن للزواج للوقـوف على‬
‫وجـود مرض السيـدا أو إنعـدامه ؟‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1)-Jean Paul Branlard, op,cit N° D 22 page.‬‬
‫‪-Alain Bénabent, op, cit page 68.‬‬
‫‪-Jean Chevalier et Lows Bach op, cit page 184.‬‬
‫‪-Pierre Dupant Delestraint et Patrick coube, droit civil, les personnes, la famille les‬‬
‫‪incapacités. Paris Edition Dalloz 13ème Edition 1990 page 37.‬‬
‫‪(2)-Jean Paul Branlard op,cit page 360.‬‬
‫‪-Marcel Guliole op, cit page 276.‬‬
‫(‪-)3‬محمـد الحبيب الشريف مرجـع سابـق الذكـر ص ‪.53‬‬
‫مبـدئيـا استنـادا إلى قـانـون ‪ 1713‬المتعلـق بالكشف الطبي السـابق للزواج ال مـانع من التثبـت‬
‫من سـالمة المترشـحيـن للزواج من داء " السيـدا " باعتبـار أن هـذا القـانـون ينص على وجـوب القيـام‬
‫بفحـص الدم والوقـوف على وجـود السيـدا من عـدمه يكـون عن طريق تحليـل الدم ‪ ،‬لكـن هـذا العمـل‬
‫يتطلـب تجهيـزات ضخمـة يصعـب تـوفيرهـا في بـالدنـا إن لم نقـل أن ذلـك من بـاب االستحـالـة‬
‫المطلقـة وعـلى فـرض أن هـذه التجهيـزات تـم تـوفيرهـا يبـقى الكشـف الطبي غيـر كـاف للتثبـت من أن‬
‫أحـد الزوجيـن عنـد إبرامـه لعقـد الزواج سليـم معـافى من هـذا الداء نظرا لوجـود فترة زمنيـة تقل عـن‬
‫شهرين تفصل القيـام بالكشـف الطبي عـن‬
‫الزواج (‪ )1‬يمكـن خـاللهـا إصـابة أحـد المترشحيـن للـزواج بمرض " السيـدا " ‪.‬‬
‫وقد تطـور اتجـاه فقـهي يطـالب بضرورة التـوسـع في محتـويات هـذه الفحـوصـات للتأكـد من‬
‫سـالمة المقـدم على الزواج من بعـض األمراض الخطيرة التي ال يمكـن للتحـاليـل التقليـدية الكشف‬
‫عنهـا (‪ )2‬وهـي أمـراض ذات خطـورة على الطرف السليـم وعـلى األبنـاء المنتـظرين (‪ ، )3‬كمـا نـادى هـذا‬
‫االتجـاه الفقـهي بوجـوب إعـالم الطرف غيـر المصـاب بحقيقـة الحـالة الصحيـة لمن يـروم الزواج به ‪،‬‬
‫وذلك على غـرار بعض القـوانيـن المقـارنـة األخـرى (‪. )3‬لكن هـذا االتجـاه ال يخلو من النقـد فتعـطيل‬
‫تقـديم الكشـف الطبي بإضـافـة فحـوصـات جـديدة أو بإعـالم الطرف السليـم بحـالة قرينـه المستقبـلي‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الصحيـة لن يكـون الحـل الجـذري للقضـاء على هذه األمراض الخطيـرة وسيأدي إلى تطوير العـالقات‬
‫الخنائية خـارج إطـار الزواج (‪. )5‬‬
‫إذن فالكشـف الطبي السـابق للزواج سـوف لن يؤثـر بأيـة حـال على حريـة الراغـب في الزواج‬
‫من تحقيـق رغبتـه‪ .‬إذ يقـف دور الطبيـب عنـد حـد تـوعيتـه ونصحـه ويبـقى األمـر مـوكـوال له في‬
‫حضـوض إتمـام الزواج من عـدمه ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪(1)- :Macel culiole : « La maladie d’un epaux, idialisme et realisme en droit matrimonial‬‬
‫‪Français » Rev-trim droit civil 1968 page 282.‬‬
‫‪(2)- Jean poul Branlard apcit page 360‬‬
‫‪(3)- IGI toulause 26 Mars 1991 JCPII 218107‬‬
‫‪(4)- Italie pays bas Suisse Danmark cité par jean Paul Branlard apcit page 359‬‬
‫‪(5)- Roger Nerson « Progrés scientifiques et droit familial » mélango Ripart tome I page 415‬‬
‫وتأسيـسـا على مـا تقدم فإن القـانـون الحـالي غيـر كـاف للحيلـولـة دون إبرام عقـد الزواج إذ كـان‬
‫أحـد الزوجيـن مصـابا بمـرض السيـدا طـالمـا أن الشهـادة الطبيـة قبـل الزواج ليسـت إجبـاريـة بصفـة‬
‫مطلقـة كمـا أن التحـاليـل قد ال تمكـن من التأكـد من وجـود الفيـريس وأخيـرا فإنـه من النـاحيـة العمليـة‬
‫ليسـت هنـاك اإلمكـانيـات الفنيـة والمـاديـة اآلن لتجهيـز كل المـؤسسـات الصحيـة بكـامل منـاطق‬
‫‪1713‬‬ ‫الجمهـورية بالمعـدات الضـروريـة إلجـراء التحـاليـل ولعلـه حـان الوقـت لتنقيـح قـانـون ‪ 33‬نـوفمبر‬
‫والتنصيـص صراحـة على تحجيـز الزواج بالنسبـة للمصـابيـن بمـرض السيـدا وقد يبـدو هـذا المـوقف غيـر‬
‫إنسـاني أو صلبـا ‪ ،‬إال أن طبيعـة المـرض وكيفيـة نقـل العـدوى وحتميـة حمـاية األسرة والمجتمـع تفرض‬
‫ذلك (‪. )1‬‬
‫إن فكـرة انعـدام الجدوى العملية من الكشـف السابق للزواج تتضرر كذلك بحاالت اإلعفاء‬
‫من ذلك الكشف وكذلك بصفة الزواج المنعقـد في غياب كشف طبي سابـق للزواج ‪:‬‬
‫فقد نص الفصـل الخـامس من قـانـون ‪ 33‬نـوفمبر ‪ 1713‬والمتعلـق بالكشف الطبي السـابق للزواج على‬
‫أنـه ‪ " :‬يمكـن للحـاكم في حـاالت استثنـائيـة إعفـاء الشخصين العـازميـن على الزواج أو أحـدهمـا من‬
‫تقديـم الشهـادة الطبيـة"‪ .‬دون أن يبيـن مـاذا يقصـد بهـذه الحـاالت الستثنـائيـة تـاركـا بذلـك مجـاال‬
‫واسعـا إلجتهـاد القضـاة إزاء وضعيـات ممـاثلـة ‪ ،‬لكـن إذا مـا تمعنـا في فحـوى الفقـرة الثـانيـة لهـذا‬
‫الفصـل لتمكنـا من الوقـوف على عينـة من هـذه الحـاالت االستثنـائيـة وهـي تتعلـق بإعفـاء الشخصيـن‬
‫العـازميـن على الزواج من تقديـم الشهـادة الطبيـة إذا كـان في حـالة إحتضـار‪ ،‬أو إعفـاء الشخـص‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫المحتضـر فقـط ‪ ،‬ولربمـا كـانت إحـدى الغـايـات التي يرمي إليهـا المشرع التـونسي عبـر هـذا اإلعفـاء‬
‫هـو اكتسـاب الشرعيـة لعـالقـة بيـن رجـل وإمرأة تعـايشـا في إطـار مخادنة ‪،‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ -)1‬مقـال األستـاذ عبد اللـه األحمدي جريدة الصبـاح هـل يجـوز في قـانـوننـا التـونسي منـع المريض بالسيـدا من أن يتزوج ؟‬
‫الصبـاح األحـد ‪ 21‬فيفـري ‪1717‬‬

‫ومـا يمكـن أن ينتـج عـن ذلك من آثـار إيجـابيـة ‪ ،‬خـاصـة إذا علمنـا أن القـانـون التـونسي ال يحتـوي‬
‫على أي نـص صريـح تمنـع هـذه العـالقـة إذا تجـاوز الطرفـان سـن الرشـد القـانـونيـة ولقـد إتبـع لمشرع‬
‫الفرنسي نفس الحـل صلـب الفصـل ‪ 117‬م م ف لكنـه وخـالفـا للمشـرع التـونسي أو هـذه المهمـة إلى‬
‫وكيـل الجمهـوريـة الذي سيبـرم بدائرتـه الزواج ‪.‬‬
‫إلى جـانب هـذا اإلعفـاء الصريـح من الكشـف الطبي نجـد إعفـاء ضمـني من هـذا اإلجراء وال‬
‫يكلف من أراد الزواج إال مشقـة التنقـل إلى دائـرة بلديـة تكـون فيهـا الشهـادة الطبيـة غيـر إجـباريـة ‪ ،‬هـذا‬
‫بطبيعـة األمر إذا لم يكن محظـوظا ويقطـن بدائرة بلديـة تتـوفر فيهـا هـذه الميزة ‪.‬‬
‫هـذه االمكـانية واردة ألن لقرار الصـادر عن السيـد كـاتب الدولـة للداخليـة والسيـد كـاتب‬
‫الدولـة للصحـة العمـوميـة المـؤرخ في ‪ 23‬جـوان ‪ 1715‬والمتعلـق بالدوائر البلـدية التي تكـون فيهـا‬
‫الشهـادة الطبيـة السـابقـة للزواج إجبـاريـة ‪ ،‬اقتصـر على مجمـوعـة من الدوائـر البلـدية المـوجـودة بتـراب‬
‫الجمهـوريـة كلهـا ومـر ذلك انعـدام الشروط الفنيـة آنـذاك(‪.)1‬‬
‫فمـا هـو مصيـر الرابطـة الزوجيـة بالتالي في غيـاب الكشـف الطـبي ؟‬
‫نص الفصـل السـابع من القـانـون عــدد ‪ 31‬لسنـة ‪ 1713‬المـؤرخ في ‪ 33‬نـوفمبر ‪1713‬‬
‫والمتعلـق بالشهـادة الطبيـة السـابقـة للزواج‪ ،‬على العقـوبـة التي من الممكـن أن يتعـرض لهـا ضـابط‬
‫الحـالة المدنيـة والعـدول الذيـن ال يمتثلـون ألحكـام الفصـل األول من هـذا القـانـون‪ ،‬المتمثلـة في‬
‫وجـوب تسلمهـم من كـال الشخصيـن العـازميـن على الزواج شهـادة طبيـة ال يزيـد تـاريخهـا عن الشهريـن‪،‬‬
‫وتثبـت أن المعـني باألمـر قـد وقـع فحصـه قصـد الزواج‪ ،‬وتتمثـل هـذه العقـوبة في خطيـة قدرهـا مـائة‬
‫دينـار ‪ ،‬تقررهـا المحكمـة االبتـدائيـة ذات النظـر ترابيـا ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪ ) 1‬يسـرى محفـوظ " المعطيـات البيـولجيـة للزواج " رسالـة نيـل شهـادة الدراسـات المعمقـة في القـانـون الخاص‬
‫سنـة ‪ 1773‬ص ‪25‬‬
‫يمـاثـل هـذا الحـل مـا أقـره المشـرع الفرنـسي صلب الفصـل ‪ 13‬م م ف في صورة قيـام ضـابط‬
‫الحـالـة المدنيـة بعمليـة إشهـار الزواج دون تسلـم الكشـف الطبي السـابق للزواج األمر‪ ،‬الذي يعرضـه‬
‫إلى دفـع خطيـة ال تتجـاوز المـائتي فرنـك فرنـسي ‪ ،‬تقرهـا المحكمـة االبتـدائية الكبـرى ذات النظـر ‪.‬‬
‫وبالتـالي فإن الزواج المبرم في غيـاب الكشـف الطبي يبقـى صحيحـا‪ ،‬وال يكـون عرضـة للعقـاب‬
‫إال ضـابط الحـالة المدنيـة ‪ ،‬مع اإلشـارة إلى أن الشهـادة الطبيـة في القـانـون التـونسي واجبـة إلبـرام عقـد‬
‫الزواج ‪ ،‬بينمـا ال تعتبـر في فرنسـا سـوى وثيقـة تمكـن ضـابط الحـالة المدنيـة من المرور إلى‬
‫عمليـة إشهـار الزواج(‪ )1‬إن انعـدام الجـدوى العمليـة من الكشـف الطبي السـابق للزواج تتعـزز كذلك‬
‫بواجـب احترام السـر المهني من قبـل الطبيـب ‪.‬‬

‫ب ‪-‬إلتـزام الطبيـب بواجـب إحترام السـر المهـني ‪:‬‬


‫إن الطبيـب ملـزم قـانـونـا بكتمـان األسـرار التي تـودع لديه أو يطلـع عليهـا حـال مبـاشرتـه‬
‫لمهنـته‪ )2(.‬فليـس له إذاعـة تلك األسرار وإال تعرض للعقـاب المقـرر بالفصـل ‪ 253‬م ج المتعلـق‬
‫بحمـايـة سـر المهنـة‪ .‬وهـو أيضـا يتحمـل هـذا الواجـب بحكـم مهنتـه وذلـك بنـاء على الفصـل الثـامن‬
‫من مجلـة واجبـات الطبيـب الذي ينص على أنـه "‪ :‬يتعيـن على كل طبيـب المحـافظـة على السر‬
‫المهني إال في الحـاالت االستثنـائيـة التي ينص عليهـا القـانـون " ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬

‫‪(1)-Juris-classeur de droit civil , mariage, fascicule a article 144 a 147 page 6 Guyraynond.‬‬
‫‪- Pierre voirin article precité N° 322 .‬‬
‫(‪- )2‬إسمـاعيـل العيـاري "السر المهني ومسـؤوليـة الطـب" م ق ت مـارس ‪ 1711‬ص ‪. 9‬‬
‫‪ -‬سميـر أورفلي‪" ،‬مـدى المسؤوليـة الجزائيـة والمدنيـة للطبيـب إذا أفشى سرا من أسرار مهنتـه" مجلـة القضـاء والتشريـع‬
‫‪ 1792‬عــدد ‪ 2‬ص ‪. 33‬‬
‫‪ -‬محمـد الصالح بن حسيـن ‪ ،‬المسـؤولية الطبيـة في القـانـون التـونسي م ق ت ‪ 1771‬عـدد ‪ 3‬ص ‪. 19‬‬
‫‪ -‬هشـام الكسيبي "حقـوق المريض" م ق ت عــدد ‪ 1‬أكتـوبر ‪ 1771‬ص ‪. 131‬‬
‫‪ -‬التيجـاني عبيـد ‪" ،‬المسؤوليـة الطبيـة" ق ت ــدد ‪ 3‬مـارس ‪ 1717‬ص ‪. 11‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وهـذا الفـصل الذي يضع على كـاهل الطبيـب واجـب المحـافظـة على السر المهني إال في الحـاالت‬
‫االستثنـائيـة التي ينص عليهـا القـانون كمـا يلزمـه القـانـون‪ .‬عــدد ‪ 31‬لسنـة ‪ 1713‬بذلـك بصفـة ضمنيـة‬
‫وذلك بنـاء عـلىالفصـل األول منـه الـذي يضـع علـى كاهـل الطبيـب تقديـم ‪":‬شهـادة طبيـة تثبـت أن‬
‫المغنـي باألمـر قـد وقـع فحصـه قصـد الـزواج بـدون أن تذكربهـا إشـارة أخـرى‪ .‬ويلزمـه الفصـل الثالـث‬
‫فقـرة ثانيـة مـن نفـس القانـون‪ ،‬بأن يطلـع المعنـي باألمـر علـى مالحظاتـه‪ ،‬ويبيـن لـه مـدى أهميتهـا‪.‬‬
‫فليـس لـه إذن أن يطلـع الطـرف الثانـي علـى النتائـج التـي توصـل إليهـا‪.‬‬
‫وقـد إعتبـر فقـه القضـاء الفرنسـي أن الطبيـب ملـزم بإحتـرام السـرالمعنـي وذلـك بنـاء علـى الفصـل‬
‫‪ 31‬مـن المجلـة المدنيـة الفرنسيـة‪ .‬وكـل إفشـاء لسـر المهنـة يعـرض صاحبـه للعقوبـات المنصـوص عليهـا‬
‫صلب الفصـل ‪ 391‬من المجلـة الجنـائيـة الفـرنسيـة (‪. )1‬‬
‫ولهـذا إلعتبار يكتيس السـر الطبي صبغـة مطلقـة وهـو يهـم النظـام العـام(‪ )2‬غيـر أن األخـذ‬
‫بمبـدأ اإللتـزام بالسـر المهـني للطبيـب كـان محـل اختـالف بيـن الفقهـاء ‪ ،‬فهنـاك من يسـانـد فكـرة‬
‫الســر الطبي المطلـق وهنـاك من يقـر بنسبيـة‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1) Cour dappel de grenoble 29 mai 1952 note F Givord D 1952 N II page 731 chambre‬‬
‫‪criminelle 28 mai note M Gulphe D. 1948 page 109 .‬‬
‫(‪ )2‬إسمـاعيـل العيـاري مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 7‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪253‬‬ ‫هـذا المبـدأ (‪ )1‬ويسنـد مؤيـدو استحسـان العمـل بمبدأ نسبـة السـر الظني على أن الفصـل‬
‫من مجلـة األحـوال الشخصيـة ال يسـانـد في مضمـونـه فكـرة السـر المطلـق إذا ترك للطبيـب الحـريـة في‬
‫الوشـايـة بإسقـاط للجنيـن(‪.)2‬‬
‫كمـا وقـع االستنـاد إلى بعـض النصـوص الخـاصة التي تـوجب على الطبيـب القيـام باإلعـالم‪،‬‬
‫كاألمـر المؤرخ في ‪ 29‬ديسمـبر ‪ 1711‬والتي تضمـن وجـوب اإلعـالم باألمـراض المعـدية ‪ ،‬واألمر‬
‫المؤرخ في ‪ 31‬مـاي ‪ 1731‬المتعلـق بوجـوب اإلعـالم باألمراض التنـاسليـة ‪ ،‬والفصـالن السـادس‬
‫والسـابع من القـانـون عــدد ‪ 91‬لسنـة ‪ 1772‬المـؤرخ في ‪ 29‬جـوان ‪ 1772‬المتعلـق باألمراض السـاريـة ‪.‬‬
‫إذ نصـت الفقـرة الثـانيـة من الفصـل السـابع على أن ‪" :‬التصريـح الذي يتـم بمـوجب أحكام هـذا‬
‫القـانـون والنصـوص المتخـذة لتطبيقـه ال يعتبـر إخـالال بـواجـب إحتـرام السـر المهـن"ي وهـو يضـع على‬
‫كـاهل الطبيـب واجـب إعـالم السلـط الصحيـة بإكتشـاف مرض من األمراض السـاريـة (‪. )3‬‬
‫لكـن الفصـل السـابع من هـذا القـانـون ولئـن يلـزم الطبيـب بإعـالم السلـط الصحيـة حيـن تفطنـه‬
‫ألحـد األمراض السـاريـة ‪ ،‬وذلـك بنـاء على الفقـرة الثـالثـة منـه ‪ ،‬فإنـه ال يمكنـه من إعـالم األطـراف التي‬
‫يمكـن أن يشكـل المـرض‪ ،‬خطـورتـه على حيـاتهـا‪ ،‬بحقيقـة صحـة المريـض ‪ .‬فاإلعـالم يجـب أن يكـون‬
‫بواسطـة مكتـوب سري للسلـط الصحيـة دون غيرهـا فإذا مـا تفطـن الطبيـب مثـال إلى إصـابـة المقـدم‬
‫على الزواج بأحـد األمـراض السـاريـة فإنـه يبـقى مكبـال بواجـب إحتـرام السـر المهني ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬محمـد صـالح بن حسيـن مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 17‬‬
‫(‪)2‬الفقـرة الثـانيـة من الفصـل ‪ 253‬من المجلـة الجنـائيـة ‪.‬‬
‫(‪)3‬إسمـاعيـل العيـاري مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 23‬‬
‫فال يمكنـه إعـالم الطرف الثـاني بذلـك ‪ .‬إذ يكتـفي هـذا القـانـون بمعـاقبـة " كـل من سـعوا‬
‫عمـدا من خـالل سلـوكهـم إلى انتقـال المرض المصـابيـن به إلى أشخـاص آخـرين " وذلك وفقـا للفـقرة‬
‫الثـانيـة من الفصل ‪ 11‬من هـذا القـانـون ‪ .‬ويسـانـد األستـاذ إسمـاعيـل العيـاري (‪ )1‬فكرة إفشـاء سر‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫المرض في الحـالة التي يشكـل فيهـا المريـض خـطر على الغيـر ويستبعـد في هـذه الحـالة عقـاب‬
‫الطبيـب إذ يبـرر موقفـه بحـالـة الغرورة التي يكـون فيهـا اإلنسـان مضطـر إلى التضحيـة بالمصلحـة األقـل‬
‫قيمـة ( وفي هـذه الحـالة هـي مصلحـة القريـن المريـض ) للحفـاظ على المصلحـة األكثـر قيمـة ( وفي‬
‫هـذه الحـالة تتمثل هـذه المصلحـة في مصلحـة القريـن المعـافى واألبنـاء المنتظريـن ) ‪.‬‬
‫وقـد تفطـن المشـرع األنقليـزي (‪ )2‬لهـذه الثغـرة إذ حـددت الجمعيـة الطبيـة البريطـانية في كتـابهـا‬
‫آداب المهنـة الطبيـة سنـة ‪ 1713‬الظروف التي يجـوز فيهـا إفشـاء السـر ومن هـذه الظـروف أن يكـون‬
‫هـذا اإلفشـاء نـزوال علـى ضروريـات إجتمـاعيـة مثـل التبليـغ باألمـراض المعديـة فلـم يقـع تحديـد األطراف‬
‫التي سيقـع إعـالمهـا بحقيقـة الحـالة الصحيـة للـمريـض وذلك خـالفـا إلى مـا ذهـب إليـه المشـرع‬
‫التـونسي وبعـض التشـاريع العـربيـة األخـرى (‪. )3‬‬
‫بعـد أن بينـنا قصـور الكشـف الطبي السـابق للزواج من التثبـت من الصحـة البدنيـة للشخص‬
‫المقدم على الزواج ‪ ،‬فهل أن بقيـة الشروط ستمكننـا من التأكـد من سالمـة المقـدم على الزواج وخلـوه‬
‫من األمراض الحائلة دون تحقيق أهـداف عقـد الزواج ؟‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬إسمـاعيـل العيـاري ‪ ،‬مرجـع سـابق الذكـر في ‪. 25 ، 23 ، 23‬‬
‫)‪B.M.A tho hand book ofmedical Ethico 1980 B M A (2‬‬
‫‪publications‬‬
‫وردت ببحـث سميـر األورفلي مرجـع سامـق الذكـر ص ‪ 31‬و ‪. 32‬‬
‫(‪ )3‬المـادة‪ 1‬من القـانـون رقـم ‪ 25‬لسنـة ‪ 1711‬المنظـم لمهمـة الطـب في الكـويت يحـدد الحـاالت التي يجـوز فيها إفشـاء السـر‬
‫تنص على ‪ " :‬يجـوز إفشـاء السـر ‪ ...‬إذا كـان اإلفشـاء يقصد منه منع حـدوث جريمـة ويكـون االفشـاء مقصـورا على الجهـة‬
‫الرسميـة المختصـة "‪.‬‬

‫المبحــث الثـاني ‪ :‬المرض والســالمة الجنسيـة ‪:‬‬

‫رغـم أهميـة الجـانب الجنسية في العـالقـة الزوجيـة ‪ ،‬فإن المشرع التـونسي لم يعـطي لهـذا‬
‫الجـانب إال قسطـا ضئيـال من التنظيـم القـانـوني وهـذا ال يعكـس إطـالقـا قيمـة النـاحيـة البيـولـوجيـة في‬
‫إطـار الزواج ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وهـو مـوقف مخـالف تمـامـا لمـوقف الفقهـاء المسلمـون الذين أحـاطـوا هـذا الجـانب بالتحليـل والتنظيـم‬
‫بمـا يتـالئم وقيمتـه الحقيقيـة في عـالقـة الزوجيـن وقـد انعكـس ذلك اإلهمـال على التثبـت من الصحـة‬
‫النجسـية للمقدميـن على الزواج‪.‬‬
‫وأمـام األهميـة التي تكتسيهـا الصحـة النجسـيـة للزوجيـن لقيـام العـالقـة الزوجيـن على أسـس سليمـة فإن‬
‫وجـب البحـث من خـالل بعـض النصـوص القـانـونيـة الخـاصـة بالشـروط البيـولـوجيـة للزواج‪ ،‬عـن تأثيـر‬
‫المـرض عـن تلـك الشـروط وخـاصـة فيمـا تعلـق منهـا بالجـانب الجنسي الذي يعـد حسـب البعـض‬
‫معيارا لتعريـف عقـد الزواج إذ يؤثـر المـرض على القـدرة الجنسيـة لزوج المستقبـل ( أوال) خـاصة إذا مـا‬
‫إنتفـى شرط التبـايـن في الجنـس (ثانيـا) على أنـه يمكـن تفـادي جميـع تلـك الصعـوبـات متـى تـم إشتراط‬
‫السـالمـة البدنيـة لقريـن المستقبـل بصفـة صريحـة صلب شرط خـاص بالعقـد (ثالثا) ‪.‬‬
‫‪-1‬المـرض والقـدرة الجنسيـة ‪:‬‬
‫يؤثـر المرض على القـدرة الجنسيـة للزوجيـن ذلك أن العجـز الجنـسي مثـال بوصفـه عيبـا‬
‫فيزيـولـوجـا‪ ،‬من شأنـه أن يخـل بحـق كـل طرف من أطراف العقـد في ممـارسـة حيـاته الجنسيـة في‬
‫نطاق شرعـي أي الزواج ليحقق في األخيـر تـوازنـه النفـسي ‪ .‬فاإلتصـال الجنـسي هـو الزم طبيعي لعقـد‬
‫الزواج ‪ ،‬وهـو يعـد هـدفا من األهـداف المرجوة عنـد إبرام عقـد الزواج إذ يعـد الزواج اإلطار الشـرعي‬
‫إلشبـاع الغـريزة الجنسيـة لدى الزوجيـن ‪ ،‬وبمـا أن اإلتصـال الجنـسي يعد هـدفا من أهـداف الزواج فإن‬
‫سـالمـة القريـن من كـل مـا يمكـن أن يحـول دون تحقيـق هـذا الهـدف تعـد شرطـا من الشروط الجـوهريـة‬
‫الفيزيـولـوجية للزواج ‪.‬‬
‫فنجـاح العـالقـة الزوجيـة يتـوقف على تـوفـر عـدة عنـاصر جـوهريـة نذكـر من أهمهـا نجـاح العـالقـة‬
‫الجنسيـة التي ال تتحقـق إال بانتفـاء كـل مـا من شأنـه أن يحـول دون إشبـاع الغريزة الجنسيـة عنـد‬
‫الزوجيـن (‪ . )1‬إذ أن عقـد الزواج يرتكـز على أمـر طبيـعي وحتمي وهـو العـالقـة الجنسية (‪. )2‬‬
‫ويعتبـر الفقـه اإلسـالمي أن أهـم الحقـوق المشتركـة بين الزوجيـن هـو حـق استمتـاع كل واحـد‬
‫منهمـا باآلخـر ‪ ،‬وذلـك بنـاء على مـا جـاء في سـورة المؤمنيـن " الذيـن هـم لفروجهـم حـافظـون إال على‬
‫أزواجهـم أو مـا ملكـت أيمـانهـم فإنهـم غيـر ملـومون" (‪ . )3‬وهـذا الحـق في االتصـال الجنسي لكل من‬
‫الزوجيـن أقـره الفقهـاء المسلمـون (‪ . )3‬ورغـم أن المشرع لتـونسي لم يعرف الزواج ولم يبيـن مكـانة‬
‫اإلتصـال الجنـسي في إطـاره فإنـه مـرر مـوقفـه بطريقـة غيـر مبـاشرة وذلك بنـاء على مـا جـاء بالفصـل ‪23‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫من م أ ش ذلك أن هـذا الفصـل‪ ،‬نص على أن كـال من الزوجيـن مطـالب بالقيـام بواجبـاته الزوجيـة وفق‬
‫مـا يقتضيـه العـرف والعـادة‪ ،‬والعـرف والعـادة يقتضيـان أن يكـون كل طرف محمـوال على رضـاته‬
‫باإلتصـال الجنسي عنـد إبـرامه لعقـد الزواج ‪.‬‬
‫وقد اعتبـرت محكمـة التعقيـب في قرار لهـا بتـاريخ ‪ 23‬جـانفي ‪ " : 1773‬إنـه من المسلـم به‬
‫فقهـا وواقعـا وتشريعـا أن من أبرز مقزمـات الزواج والواجبـات المتبـادلـة بين الزوجيـن تحقيـق االتصـال‬
‫بينهمـا دون مـوانع إختيـاريـة وال خلقيـة تحـول دونـه باعتبـاره الغـايـة المقصـودة من الزواج المرتبــة النتـائـج‬
‫المؤملـة منـه‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)1‬يسـرى محفـوظ المرجـع السـابق الذكـر الصفحـة ‪99‬‬


‫(‪)2‬قرار تعقيـبي مـدني عـدد ‪ 11215‬بتـاريخ ‪ 11‬نـوفمبـر ‪ ، 1711‬ص ‪. 39‬‬
‫(‪ )3‬سـورة المؤمنـون اآليـة عــدد ‪. 5‬‬
‫(‪)3‬بـدران أبو العيـن بدران مرجـع سـابق الذكـر ص ‪71‬‬
‫وفي طليعتـه اإلحصـان والتعفف واإلنجـاب وهـي مقومـات أسـاسيـة يقـوم عليهـا الزواج "(‪ . )1‬كمـا‬
‫اعتبرت العـالقـة الجنسيـة الزمـا طبيعيـا وامـرا حتميـا للزواج (‪ )2‬ولذا فإن القـدرة الجنسيـة كإختـالف‬
‫الجنـس تعـد من الشروط الجـوهريـة الفيزيـولـوجيـة للزواج (‪ )3‬والشـرط الجـوهري أو الصفة الجـوهرية ‪،‬‬
‫هـو الشرط الالزم تـوفره للتمكـن من احتـرام الحقـوق والواجبـات المشتركـة بين الزوجيـن (‪ . )3‬فمن غيـر‬
‫المعقـول أن يقـدم أحـد على الزواج من شخـص غيـر قـادر على تلبيـة رغبـاتـه الجنسيـة ‪ ،‬خـاصة وأنـه‬
‫محمـول مبدئيـا على عـدم اإلتصـال جنسيـا بأي كـان إلى أن يحـل له ذلك بالزواج (‪.)5‬‬
‫هـذا ويستنـد البعـض في خصـوص التأكيـد على أهميـة القـدرة الجنسيـة في إطـار الزواج على‬
‫واجـب اإلخـالص المحمـول على الزوجيـن الذي يجبرهمـا على إشبـاع رغبتهمـا الجنسيـة في إطـار‬
‫الزواج ‪ ،‬هـذا الواجـب الذي يترتـب عـن مجـالفتـه التعـرض لعقـاب جزائي صـارم طبق الفصـل ‪231‬‬
‫جديـد من المجلـة الجنـائيـة (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بعـد أن بينـا أهميـة ودور اإلتصـال الجنسي في قيـام العـالقـة الزوجيـة والذي يفتـرض تمتـع كل‬
‫من الطرفين بصحتـه الجسديـة فإنـه في المقـابل يمكـن اإلخـالل بهـذا الواجـب إلصـابة أحـد الزوجيـن‬
‫بمرض يحـول دون تحقيـق الغـايـة المقصـودة من عقـد الزواج وهـي االتصـال الجنسي(ب) لذا سيقـع‬
‫البحـث في األمراض التي بوجـودهـا ينعـدم اإلتصـال الجنـسي ‪ ،‬لكن قبـل ذلك وجـب التثبـت من قدرة‬
‫المقـدم على الزواج على الوطىء من خـالل بلـوغ السن القـانـونيـة للزواج (أ)‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 23217‬مؤرخ في ‪ 23‬جـانفي ‪ 1773‬نشريـة محكمـة التعقيـب ص ‪. 137‬‬
‫(‪)2‬قرار تعقيـبي مدني عـدد ‪ 11215‬مؤرخ ‪ 11‬نـوفمبر ‪ 1711‬م ق ت ش عــدد ‪ 1‬جـوان ‪ 1711‬ص ‪. 39‬‬
‫(‪)3‬محمـد الشريف ‪ ،‬مرجـع سابق الذكر ص ‪. 53‬‬
‫(‪G. Marty et P . Raynaud. Droit civil tome I, N° 587 page 784 )3‬‬
‫(‪ )5‬يسرى محفـوظ مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 31‬‬
‫(‪)1‬يسرى محفـوظ مرجـع سـابق الذكر ص ‪. 91‬‬

‫أ – بلـوغ السـن القـانـوني قرينـة على القدرة على الوطىء ‪:‬‬


‫ضمـن المشرع التـونسي حريـة الزواج منـذ إصداره مجلـة األحـوال الشخصيـة في ‪ 13‬أوت‬
‫‪ 1751‬حيث كـان فصلهـا الثـالث صريحـا وأمـر عندمـا نص بفقـرتـه األولى على أنـه ‪ " :‬ال ينعقـد الزواج‬
‫إال برضـا الزوجيـن " وبذلـك قطـع القـانـون التـونسي مع حـق الجبـر الذي كـان يمـارسـه الولي الشرعـي‬
‫على البنـت ‪ ،‬عمـال بأحكـام المذهـب المـالكي الذي كـان منطبقـا على أغلبيـة التـونسييـن قبـل‬
‫االستقـالل ‪.‬‬
‫ولقـد تدعـم التـوجه التشريعي الجديـد بمصـادقـة الدولـة التـونسيـة على اتفـاقيـة نيـورك الموقعـة في‬
‫‪ 13‬ديسمبـر ‪ 1712‬والمتعلقـة بالرضـا في الزواج وسـن الزواج وتسجيـل الحيـزات (‪.)1‬‬
‫ولقـد نصـت المـادة ‪ 23‬من هـذه االتفـاقيـة على أن ‪" :‬تقـوم الدول األطراف في هـذه االتفـاقيـة‬
‫بإتخـاذ التـدابيـر التشريعيـة الالزمـة لتعييـن حـد أدنى لسـن الزواج وال ينعقـد قـانـونا زواج من هـو دون‬
‫هـذه السن مـا لم تقـرر السلطـة المختصـة اإلعفـاء من شرط السـن ألسبـاب جديـة لمصلحـة الطرفيـن‬
‫المزمـع زواجهمـا " ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ولئـن كـانت حريـة الزواج مضمـونة‪ ،‬فهـي منظمـة طبق شروط قـانـونيـة راعـت في ذلك الوقـت‬
‫حريـة األفراد‪ ،‬وإستقرار األسرة‪ ،‬ومصلحـة المجتمـع بأسره من النـواحي النفسيـة والصحيـة والثقـافيـة‬
‫واإلقتصـادية ‪ .‬وعلى هـذا األسـاس حـددت حريـة الزواج بسـن قـانونيـة دنيا بالنسبـة للذكـر ‪ 23‬عـاما‬
‫واألنثـى ‪ 19‬عـاما ال يجـوز إبرام زواج قبـل بلـوغهـا إال بإذن قضـائي ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬إنضمـم تـونس لهذه اإلتفـاقيـة بمقتضـى القـانون عـدد ‪ 31‬لسنـة ‪ 1719‬المؤرخ في ‪ 21‬نـوفمبـر ‪ 1719‬المتعلـق بإنخـراط‬
‫البـالد ال تـونسيـة في إتفـاقيـة نيـويـورك الدوليـة في شأن وضعية المرأة ( الرائـد الرسمي للجمهـورية التـونسيـة الصـادر في ‪-13-21‬‬
‫نـوفمبر ‪ 1719‬ولقـد نشرت هـذه االتفـاقية بمقتضـى األمر عــدد ‪ 113‬لسنـة ‪ 1711‬المؤرخ في ‪ 33‬مـاي ‪ 1711‬وذلك بالرائد‬
‫الرسمي للجمهـورية التـونسيـة الصـادر في ‪ 13-39‬مـاي ‪. 1711‬‬
‫فعـند صـدور مجلـة األحـوال الشخصيـة في ‪ 13‬أوت ‪ 1751‬كـانت السـن الدنيـا المعـروفـة للزواج هـي‬
‫السـن المقـدرة من الشـرع للبلـوغ الطبيـعي ‪ .‬إذ نص الفصـل ‪ 5‬من م أ ش في صياغتـه األولى على أنـه‬
‫‪ ":‬يقدر سن البلـوغ بالنسبـة للمرأة بتمـام الخـامسـة عـشرة وللرجـل بتمـام الثـامنـة عشـرة وتزوج أحـدهمـا‬
‫دون السن المقـررة يتوقـف على إذن خـاص من الحـاكم وذلك بعـد ثبـوت البلـوغ الطبيـعي "‪.‬‬
‫وإثـر ذلك وألسبـاب اقتصـاديـة واجتمـاعيـة مختلفـة تمثـل خـاصـة خـاصة في إرادة إنجـاح‬
‫سيـاسة التنظيـم العـائلي وتأخيـر سن اإلنجـاب قصـد الضغـط على االستهـالك لضمـان تـوازن اإلقتصـاد‬
‫‪ ،‬وتمكيـن الفتـاة من مـواصلـة دراستهـا إلى مراحـل عليـا حتى تندمـج في الحيـاة اإلقتصـادية صدر‬
‫قـانـون ‪ 21‬أفريـل ‪ 1713‬الذي رفع في السن الدنيـا للزواج من ‪ 15‬عـامـا إلى ‪ 19‬عـاما بالنسبـة للفتـاة ‪،‬‬
‫ومن ‪ 11‬عـاما إلى ‪ 23‬سنـة بالنسبـة للفتيـان مع اإلستغنـاء على مفهـوم " البلـوغ الطبيـعي " وتعويضـه‬
‫بسـن قـانـونيـة محـددة تقوم قرينـة بسيطـة على تـوفر شروط البلـوغ الطبيعي الذي لم يصبح ثبوته شرطـا‬
‫مبدئيـا وصريحـا للحصـول على اإلذن بالزواج كمـا كـان عليـه الحـال قبل التنقيـح األخيـر ‪.‬‬
‫لكن ولئـن ألغـى تنقيـح ‪ 21‬أفريـل ‪ 1713‬شرط ثبـوت البلـوغ الطبيعي اإلذن بالزواج فإن‬
‫المحـاكم ظلت تطلب شهـادة طبيـة تفيـد البلـوغ الطبيـعي وتأكـد قدرة القـاصر من المترشحيـن للزواج‬
‫عـادة الفتـاة على القيـام بالواجبـات الزوجيـة خـاصـة في معنـاهـا الجنسي ‪.‬‬
‫وتأسيسـا على ذلك فلئـن كـان اإلذن بالزواج جـائز دون السن القـانـونية فهـو غير ممكـن دون‬
‫تـوفر شرط ثبـوت البلـوغ الطبيعي والتثبـت من قدرة الفتـاة القـاصرة على الوطـىء ‪ .‬وفي هـذا التوجـه‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫القـاضي الذي بـات تقليديـا ‪ ،‬حمـاية واضحـة لألطفـال من الزيجـات السـابقـة ألوانهـا الطبيعـي ‪،‬‬
‫الفيزيـولوجي والنفسي واإلجتمـاعي وبالتـالي تكريس لمصلحـة الطفـل الفضـلي ‪.‬‬
‫وفي عـدد من القـوانين العربيـة يتعرض المشرعـون صراحـة لضرورة تثبـت القـاضي من حصـول‬
‫البلـوغ الطبيعي ‪ ،‬من ذلـك أن التشريـع السـوري تعرض بالمـادة ‪ 11‬من قـانـون األحـوال الشخصيـة‬
‫لهـذه المسألـة حيث نـص على أنـه ‪:‬‬
‫‪-1‬إذا إدعـى المراهـق البلـوغ بعـد إكمـاله الخـامسة عشرة أو المراهقـة بعـد إكمـالهـا الثـالثـة عشرة وطلبـا‬
‫الزواج ‪ ،‬يأذن به القـاضي إذا تبيـن له صـدق دعواهمـا واحتمـال جسميهمـا ‪.‬‬
‫‪-2‬إذا كـان الولي هـو األب أو الجـد أشترطت موافقتـه ‪ .‬وجـاء في هـذا الخصـوص في شرح أحـد‬
‫رجـال القـانـون ( المحـامي األستـاذ نجـاة قصـاب حسن ‪ ،‬المواطـن والقانـون ‪ ،‬قـانـون األحوال‬
‫الشخصيـة ‪ ،‬مع شرح قـانوني وإنسـاني كـامل ‪ ،‬ص ‪ 35‬أن " من إدعيـا البلـوغ بعـد إكمـال الخـامسـة‬
‫عشـرة للخـاطب والثـالث عشرة للمخطوبـة ‪ ،‬فيمثـالن أمـام القـاضي الذي يرى من وضعهمـا الظاهـر إن‬
‫كـانا بلغ درجـة من قوة الجسـم فيحتمـالن معهـا أعبـاء الزواج ويستجـوبهمـا كذلك عـن بلـوغهمـا مبلغ‬
‫الرجـال والنساء ‪ ،‬فإن تبيـن صدق دعواهمـا أذن بالزواج إستثنـاء "‪ .‬ومـا لذلـك إال لتأكيـد أهميـة‬
‫الجـانب الفيزيـولوجي الجنسي في الزواج فالتثبـت من بلـوغ السـن القـانـونيـة للزواج مـا هـو في الحقيقـة‬
‫إال تأكـد من قدرة الزوجيـن الجنسيـة في حـد ذاتهـا ذلك أن البلـوغ الطبيعي للزواج وتبوت قدرة الزوجـة‬
‫على الوطـىء يعدان قرينـة على سـالمتهـا الجنسيـة غيـر أنـه وفي المقـابل ال يحـدد المشرع التـونسي‬
‫سنـا أقـصى للزواج ذلك أن الكبر ال يعـد مرضـا ولكنـه يحد من القـدرة الجنسيـة للقـرين ولربمـا يقـضي‬
‫عليهـا ‪.‬‬
‫فمتـى بلغ كل من طرفي العقـد السن القـانـوني للزواج والذي يعد من جـانبهمـا قرينـة على‬
‫نضحهمـا الجنس ‪ ،‬فإنـه يمكـن أن يطرئ على تلـك المقدـرة الجسديـة بعض األمراض التي تأثـر فيمـا‬
‫بعـد على النشـاط الجنسي للزوج أو الزوجـة على حـد السـوى ‪.‬‬

‫ب‪/‬تأثيـر المرض على القـدرة الجنسيـة للقريـن ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫إن األمراض التي تصيـب القريـن والتي تحـول دون اإلتصـال الجنـسي يمكـن أن تكـون نـاتجـة‬
‫عن إصـابتـه بمرض يؤثـر على قـدرتـه الجنسيـة (وال) كمـا يمكـن أن ال تكـون هـذه األمراض ذات تأثيـر‬
‫على القـدرة الجنسيـة للقريـن ومـع ذلـك فإنها تحـول دون تحقيـق اإلتصـال الجنسي (ثانيـا) ‪.‬‬
‫* األمراض المؤثـرة على القـدرة الجنسيـة ‪:‬‬
‫يمثـل عجـز الزوج عن قيـامـه بوضيفـته الجنسيـة إحـدى المشـاكل الحـادة التي من المحتمـل أن‬
‫تـواجـه الرابطـة الزوجيـة وتقـف حـاجزا أمـام استمرارهـا نظـرا لمـا يحدثـه الفراغ الجنسي من آثـار سلبيـة‬
‫في حيـاة الزوجين ‪ ،‬باعتبـار أن هـذه األخيرة تتطلب إنسجـاما روحيـا وجسـديا لضمـان تواصلهـا ‪،‬‬
‫وغيـاب أحـد هذيـن العنصريـن يحدث إختـالل بيـنـا في توازن عـالقـة الزوجيـن ‪ .‬األمر الذي يجعـل من‬
‫الفشـل أقـرب الفرضيـات لعـالقـة ممـاثلـة (‪. )1‬‬
‫هـذا العجـز الجنـسي يعـني حسـب أهـل اإلختصـاص إنعـدام القـدرة على اإلتصـال الجنسي‬
‫لدى الرجـل لعـدم تمكنـه من تحقيـق اإلنتصـاب‪ ،‬أو لتمكينـه من ذلـك دون القـدرة على المحـافظـة‬
‫عليـه ‪ ،‬بالرغـم من وجـود كل الظروف المـوضوعيـة إلثـارة الشهـوة الجنسيـة لديـه (‪. )2‬‬
‫وإنطـالقـا من هـذا التعريـف يتحتـم علينـا عـدم الخلـط بين العجـز الجنسي والحـاالت القريبـة‬
‫منـه كالعقـم ‪ ،‬بإعتبـار أن العقـم قـادر على تحقيـق اإلنتصـاب واإليـالج في المهبـل والقـذف وبلـوغ‬
‫الهـزة ‪ ،‬لكن الذي يميـزه هـو عـدم القـدرة على اإلنجـاب ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬يسرى محفـوظ المرجـع السـابق الذكـر الصفحـة ‪. 11‬‬
‫(‪-» Nouveau larousse medical «Librairie larousse-Paris edition 1987 page 521 )2‬‬
‫)‪- "Linpuissance" J Rolle et G . vantheemoche cahier medical 27-05-1980 (1621-1626‬‬

‫كذلـك يجـب التمييـز بيـن البـرود الجنسي لدى المرأة والعجـز الجنـسي لدى الرجـل بإعتبـار أن‬
‫األول يعـني قدرة المرأة على القيـام باإلتصال جنسي ‪ ،‬دون إبداء رغبـة في القيـام بذلـك لعدم‬
‫إحسـاسهـا باللـذة الجنسيـة في حيـن أن حـالة العجـز الجنسي تنفي هـذه القـدرة على اإلتصـال‬
‫الجنسي ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وتختلـف أسـباب هـذا العيـب الفيزيـولوجي حسـب األشخـاص والضروف الصحيـة والنفسـانيـة ‪،‬‬
‫واإلجتمـاعيـة المحيطـة بهـم ويمكـن تجميـع هـذه في نـوعيـن أولهمـا راجـع إلى أسبـاب نفسـانية بحتـة‬
‫وثـانيهمـا مرده خلل ببدن المعني باألمـر (‪. )1‬‬
‫فبالنسبـة للعجـز الجنسي النـاجم عن أسبـاب نفسـانية فإنـه يتميـز بقـدرة صـاحبـه البيولـوجية‬
‫على الوطء ‪ ،‬لكن الحواجـز النفسـانية التي تعيـش بداخلـه تمنعـه من تحقيـق اإلنتصـاب وتحقيـق‬
‫اإلتصـال (‪ . )2‬ويمكـن أن يكـون سبـب عـدم قـدرة الزوج على مضـاجعـة زوجتـه شـعوره بالذنـب‬
‫إلرتكـابـه لسفاح القربـى أو إلعتـدائه باإلغتصـاب ‪ ...‬وهـذه التراكمـات تجعـل الزوج يصطـدم بتذكـر‬
‫هـذه الوقـائع كلمـا حـاول القيـام بالعمليـة الجنسيـة (‪ . )3‬وهـذه الحواجز عـادة مـا تكـون قبـل الزواج ‪.‬‬
‫وإضـافـة إلى ذلـك يمكـن أن تكـون الحواجـز النفسـانيـة الحقـة لقيـام العـالقـة الزوجيـة " كالعجـز‬
‫الجنسي "‪ ،‬والكآبـة التي من شأنهـا أن تقضي على الشهوة الجنسية لدى الزوج ‪ ،‬وينتـج عنها إعـراضـه‬
‫عن مضـاجعـة زوجتـه ‪.‬‬
‫أما بالنسبـة للعجـز الجنسي الناتـج عـن خـلل ببدن الزوج ‪ ،‬فهو يتعـلق بحـاالت عـجز طبيـعي‬
‫مخلـوق مع الزوج منـذ والدتـه ‪ ،‬كأن يـولد بدون قضيـب أو كأن يكـون قضيبـه غـايـة في الصغـر ينتـج‬
‫عنـه عـجزه على حزق الفرج ‪ ،‬وهـو مـا يسمـى بالقضيـب المجهـري ‪ ،‬أو كأن يـولد بقضيبيـن وهـو مـا‬
‫يعبـر عنـه طبيـا بالقضيـب المزدوج ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ -)1‬محمـد الحبيب الشريف مرجع سـابق الذكـر ص ‪51‬‬
‫‪-Nouveau larousse medical, Librairie larousse , Paris édition 1987. Page 521.‬‬
‫(‪ -)2‬يسري محفـوظ المرجـع السابق الذكر الصفحـة ‪12‬‬
‫(‪ -)3‬إمبل خليل بيديـس مرجع سـابق الذكـر ص ‪ 37‬ومـا بعد ‪.‬‬

‫وإضـافـة إلى هـذا العجـز الطبيعي هنـالـك حـاالت أخـرى تطرأ على الرجـل سواء كـان ذلـك قبـل‬
‫أو بعـد الزواج كأن يقطـع قضيبـه نتيجـة حـادث ‪ ،‬أو عمليـة جراحيـة ‪ ،‬أو يتعـرض إلى إشعـاع خـارجي‬
‫المصدر كأشعـة إيكس المستعملـة لعـالج بعـض األمراض ‪.‬‬
‫إذن وبنـاء على ذلك فإن العجـز الجنسي يمكـن أن يصيـب الرجـل قبـل بنـاء العـالقـة الزوجيـة‬
‫كمـا يمكـن أن يطرأ على الرجـل بعـد ذلك ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وقد إهتـم الفقهـاء المسلمـون بتحديد صـور العجـز الجنسي ‪ ،‬إذ جـاء بالئحـة األحكـام‬
‫الشرعيـة أن العجـز الجنسي للزوج يعتبـر من عيـوب النكـاح ‪ .‬فقـد نص الفصـل ‪ 27‬مـالكي على أن‬
‫العيـوب الخـاصة بالرجـل هـي ‪ :‬الحب والعنـة والخصـاء واإلعتـراض ‪ ،‬وهـي كلهـا عيـوب جنسيـة‬
‫تخنلف دوامـا وخطـورة وتثبـت بعد معـاينـة الشهـود أو أهـل الخبرة من الذكـور (‪. )1‬‬
‫وقد ذهب الفقهـاء المسلمـون في إجتهـادهـم إلى حـد تعريـف تلك العيـوب‪ .‬فالجب هـو قطـع‬
‫عضو التناسـل ويسمى مجبـوبـا والمجبـوب عند الحنفية والمالكيـة هو من قطع ذكـره كلـه أو بصفـة مع‬
‫بقـاء مـا ال يمكـن الوطء به وهـو مخـل باإلستمتـاع وهـو المقصـود من النكـاح ‪ ،‬والعنة هـي عجـز‬
‫الرجـل على الوصـول إلى النسـاء ويسمـى عنينـا ‪ ،‬ألن ذكـره يستـرخي فيعن يمينـا وشمـاال وال يقصـد‬
‫للمـآتي من المرأة‪ ،‬وهـو عنـد الحنفيـة والشـافعيـة والحنـابلـة عـدم القـدرة على الوطء لعـدم إنتشـار الذكـر‬
‫لمـانع ‪ ،‬كمـرض أو ضعف في خلقتـه ‪ ،‬وهـو عنـد المـالكيـة صغـر الذكر بحيث ال يسمح باإليالج ‪،‬‬
‫ويطلـق المـالكية على العنـة السـابق بيـانهـا اإلعتراض ‪.‬‬
‫أمـا الخصـاء فهـو من سلمـت خصيـاه وبقـي ذكـره حسب الشـافعيـة والحنـابلـة ‪ ،‬أما المـالكيـة‬
‫فيرون أن الخصي هـو من قطـع ذكره دون أنثيـه ومن كـان بهـذه الصفـة يسمـى محبـوبا عنـد الشافعيـة‬
‫والحنـابلـة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ -)1‬الفصـل ‪ 31‬من الئحـة األحكـام الشرعيـة ‪.‬‬
‫وهـي كلهـا عيـوب دائمـة ال يرجي منهـا شفـاء ألنهـا تتمثـل في نقص خلقي وخـلل تكويني‬
‫فـادحيـن على خـالف اإلعتـراض وهـو يتمثـل في عـدم قدرة الذكـر على االنتصـاب واإلنتشـار ويعتبره‬
‫الفقهـاء عيبـا وقتيـا يمكـن برؤه (‪ .)1‬ولقـد جـاء "بالتحفـة " الشهيرة للقـاضي بن عـاصم األندلسي في‬
‫هـذا الشأن قـوله ‪:‬‬

‫" وداء فرح الـزوج بالقضـاء كالحـب والعنـة والخصــاء‬


‫فـليس في الحكـم به إمهـال"‬ ‫وذاك ال يرجـى لــه زوال‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وإضـافـة إلى هـذه العيـوب التي تصيـب الرجـل وتؤثـر على قدرتـه الجنسيـة في اإلتصـال فإن‬
‫الفقهـاء المسلمـون يقسمـون العيـوب التي تصيـب الزوجة في قدرتهـا الجنسيـة إلى عـدة أنواع فهـي‬
‫الرتق ضـد الفتـق والرتـق إلحـام لفتـق وإصـالحه والمرأة الرتقـاء هـي التي تـالحم الشفـران منهـا وتالحقـا‬
‫حتى ال يكـون الذكـر يجـوز فرحهـا لشدة إنضمامهـا وإنسداد الفرج بلحم بحيـث ال يمكـن معهـا‬
‫الجمـاع ‪.‬‬
‫أمـا القـرن فهـو نتـوء في الرحـم تمنـع من الجمـاع وهـو عضـم غـالبـا ‪.‬‬
‫واالخصـاء وهـو إنحـزاق مـا بيـن السبيليـن القبـل والدبـر ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )1‬الحبيـب الشريف مرجـع سـابق الذكـر ص ‪ 51‬ومـا بعـده ‪.‬‬

‫والعفـل وهـو رطوبـة تمنـع الرجـل من لذة الجمـاع‪ ،‬وأخيـرا بخـر الفرج وهـي رائحـة منتنـة تخرج من الفـرج‬
‫(‪. )1‬‬
‫وإن كـان العلـم يؤيد مـا ذهـب إليهـا الفقهـاء من أن هـذه العيـوب تعـد من قبيـل الخـلل‬
‫الجنسي الدائم وقد يكـون سببـه حلقيـا أو وراثيـا أو نـاتجـا عن حـادث أو عمليـة جراحيـة فإن هنـاك‬
‫أمراض جنسيـة أخرى لكنهـا غير مؤثـرة على القـدرة الجنسيـة ‪.‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫* األمراض غيـر المؤثرة على القـدرة الجنسيـة ‪:‬‬


‫كمـا يمكـن أن تكـون األمراض التي تصيـب القريـن والتي تؤدي إلى إنقطـاع اإلتصـال الجنسي‬
‫أو عـدم وجـوده بالمـرة نـاتجـة عـن عيب يؤثـر على قـدرتـه الجنسيـة فإنـه يؤدي إلى إنعـدام هـذا االتصـال‬
‫‪ ،‬وعـدم وجـود االتصـال الجنسي يمكـن أن ينتج إما عـن اإلصـابة بأمـراض منفرة منـه (أوال) أو بأمراض‬
‫مخـوفـة يخـشى منهـا العـدوى عبر اإلتصـال (ثانيـا) وأخـرى ال تؤثـر على القـدرة الجنسيـة وإنمـا يخـشى‬
‫منهـا على أطفـال المستقبـل الذيـن يعـدون ثمـرة الزواج (ثالثـا) ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬األمراض المنفـرة من اإلتصـال الجنـسي ‪ :‬رغبة أهميـة اإلتصـال الجنسي في الحيـاة‬
‫الزوجيـة ‪ ،‬فإن المشرع لم يذكره في مجلة األحوال الشخصيـة إال بصفـة ضمنيـة(‪ .)2‬كمـا لم‬
‫يحدد األمراض أو العيوب التي يمكـن أن تؤدي إلى إنقطـاع اإلتصـال الجنسي أو إنعـدام وجـوده‬
‫من األسـاس وذلك خـالفا لبعـض التشـاريع العربية األخـرى‪ .‬فالمادة (‪ )119‬أردني تنص على أن‬
‫‪" :‬للزوج حـق طلب فسـخ عقـد الزواج إذا وجـد في زوجتـه عيبـا جنسيـا مـانعـا من الوصـول إليهـا‬
‫كالرتـق والقرن ‪ ،‬أو مرضـا منفرا ‪ ،‬بحيـث ال يمكـن المقـام معهـا عليـه بال ضرر ولم يكن الزوج‬
‫قـد علم به قبـل العقـد أو رضى به بعده صراحـة أو ضمنيـا "‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬عبد الرحمـان الجزيري الفقـه على المذاهـب األربـعة ‪ ،‬مرجـع سـابق الذكر من ‪ 113‬و ‪. 173‬‬
‫(‪)2‬ساسي بن حليمة تعليق على قرار مدني تعقيبي عدد ‪ 1131‬بتاريخ ‪ 29‬جوان ‪ 1773‬قضاء وتشريع ص ‪.131‬‬
‫كمـا نصت المـادة ‪ 33‬من قـانون األسرة العراقي في فقرتـه األولى "إذا وجـدت الزوجـة زوجهـا‬
‫عنينا مبتلي بما يمنع البناء بهـا فلها أن تطلب إلى المحكمـة التفريـق "‪.‬‬
‫وقـد قسـم الفقهـاء المسلمـون األمراض المنجـرة من اإلتصـال إلى قسميـن ‪ ،‬األول‬
‫تتعلـق بالعيـوب التي يرجـى برؤهـا ‪ ،‬وقسـم ثـان متعلـق بالعيـوب التي ال يرجـى برؤهـا وقد وقع‬
‫تعريف العيـب بالوصمـة فيقـال عـاب الشئ أي صـار ذا عيب ومنـه قوله تعـالى " وأردت أن‬
‫أعيبهـا " سورة الكهـف آيـة ‪ 17‬أي أجعلها ذات عيب وجمـع أعيـاب وعيـوب والعيـب هـو‬
‫النقصـان البدني أو العقلي في أحـد الزوجيـن الذي يجعـل الحيـاة الزوجيـة غيـر مثمـرة وقلقـة ال‬
‫استمرار فيهـا ‪.‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وهذه العيـوب وإن لم تكـن ذات مسـاس بالقـدرة الجنسيـة للقريـن ‪ ،‬إال أنهـا تنفـر من‬
‫اإلتصـال الجنسي ‪ ،‬كالجذام ‪ ،‬والبرص ‪ ،‬والجنـون وهـي أمراض يخشى انتقـالهـا إلى الذريـة لذا‬
‫يجـوز اإلمتنـاع عـن اإلتصـال بوجـودهـا (‪. )1‬‬
‫فأمـا الجنـون فهـو نقصـان العقـل ‪ ،‬وأما الجـذام فهـو علة يحمـر منهـا العضو ثـم يسود ثم‬
‫يتقطع ويتنـاثر ويتصور ذلك في كـل عضـو لكنـه في الوجـه أغلب ‪.‬‬
‫وأمـا البرص فهـو بياض شديد يظهـر بالجلـد على شكـل بقع ويمكن التثبت من خطورة تلك‬
‫األمراض من خـالل تأثيرها الالحـق لعقد الزواج ذلك أن الموانع الجنسيـة ال يمكن الكشف‬
‫عنها إال بعد إبرام عقـد الزواج ‪ .‬وأما بالنسبـة للعيـوب التي يرجى برؤهـا يمكـن للطرف المتضرر‬
‫منهـا أن يتوقـف عن االتصـال بقرينـة أو يمتنـع عن االتصـال به ‪ ،‬إذا وجـده عنينـا مبتـلي بعـد‬
‫العقـد على أن يلتـزم بإمهـال الطرف المريض مدة من الزمـن يحـددهـا القـاضي لعلـه يبرأ ممـا‬
‫أصـابـه من مرض ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)1‬مذكـر اإلتصـال الجنسي مرجع سابق الذكر ‪.‬‬


‫وأمـا بالنسبـة للعيـوب التي ال يرجـى برؤهـا فهـي إضـافـة إلى كـونهـاتجيـز للقريـن المتضـرر‬
‫التوقف عن اإلتصـال الجنـسي بقرينـه فهـي تجيـز له كذلـك طلب التفريق الفـوري ودون إمهـال ‪.‬‬
‫وهـذا الحـل سـارت على نحـوه بعـض التشـاريع العربيـة كالتشريـع العـراقي صلـب المـادة ‪33‬‬
‫المـوجـودة صلب الفصـل الثـالث المتعلق بالتعريـف للعلـل ومثـل هـذا الحـل وإن لم يوجـد صلب‬
‫مجلـة األحـوال الشخصيـة فإننـا يمكـن أن نستشفـه عبر بعـض القرارات الصـادرة عن المحـاكم‬
‫التـونسيـة فقـد إعتبـرت محكـمة اإلستئنـاف في قرارهـا الصـادر بتـاريخ ‪ 29‬جوان ‪ 1773‬أن "‬
‫الزوج مطالب بإفتضاض بكـارة زوجيـة مـا لم يثبـت سببـا مشروعا منعـه من ذلـك " (‪. )1‬‬
‫ولم تـوضح المحكمـة مـاذا تعني بالسبـب المشروع الذي من شأنـه أن يبـرز عـدم‬
‫القيـام بواجـب إفتضـاض البكـارة ‪ ،‬فيمكـن أن يرجـع عـدم اإلفتضاض إمـا إلرتخـاء العضـو‬
‫التنـاسلي الذي قد ينعص نصف إنعـاص أو بعضه دون أن يكـون قـادرا على خرق البكـارة‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وافتضـاضها ‪ .‬لكن من الممكـن أن يكـون عـدم إفتضـاض البكـارة نـاتج عـن صـالبة غيـر عـادية‬
‫وهـو أمر نـادر لكنـه يحدث في بعـض األحيـان‪ ،‬ويؤدي إلى ضرورة إجـراء عمليـة جراحيـة على‬
‫المرأة لكي يمكـن إقتضـاض بكـارتهـا كمـا يمكـن أن نتصـور أن الزوجـة مصـابة في أرحـامهـا ‪،‬‬
‫وفي هـذه الصـورة يصبـح إحجـام الزوج عن اإلتصـال الجنسي بزوجتـه مبررا إذ أن ذلك المـرض‬
‫من شأنـه أن يقضي على الجذوة الجنسيـة التي تكـون عـادة مـوجودة عنـد الرجـل فضـال عمـا‬
‫ينتـاب الزوج من خـوف من أن يصـاب بعلـة من جراء ذلك اإلتصـال ‪.‬‬
‫وبالقيـاس على هـذا القرار فإنـه يمكـن أن نعتـبر أن كـال من الزوجيـن مطالب بإحترام واجـب‬
‫اإلتصـال الجنسي مـا لم يثبت سببـا مشروع يمنعـه من ذلك ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )1‬قرار مدني عـدد ‪ 1131‬بتـاريخ ‪ 29‬جـوان ‪ 1773‬المجلة التـونسية للقـانـون ‪ 1771‬ص ‪17‬‬
‫فهـذا السب المشروعي الذي تطرقـت له محكمـة اإلستئنـاف بسـوسة يجعـل عمليـة اإلتصـال‬
‫الجنسي غيـر ممكـن ‪ ،‬يمكـن أن يـوجد عنـد إبرام العقـد وقبـل الدخـول‪ ،‬كـا يمكـن أن يطرأ‬
‫والحـال أن العـالقـة الزوجيـة قـائمـة وهـو عنـد إبرام العقـد وقبـل البنـاء سيكـون سببـا يجبـر رفـض‬
‫اإلتصـال في حيـن أنـه سيكـون سببــا‬
‫يجبـر التوقـف عن اإلتصـال إذا وجـد إثـر قيـام العـالقـة الزوجيـة (‪. )1‬‬
‫ثانيــا ‪ :‬األمراض المنتقلـة عبـر اإلتصـال الجنـسي ‪ :‬هـذه األمراض تبقى مجهـولة من طرف‬
‫المجتمـع والمرض الوحيـد المنتقـل عبـر اإلتصـال الجنـسي الذي يعرفـه الجميـع ويخشـاه هـو‬
‫مرض السيـدا (‪. )2‬‬
‫والسـؤال المطـروح يتعلـق بمعرفـة مـا إذا كـان من حـق الطرف السليـم التـوقف عن اإلتصـال بقرينـة‬
‫لتفـادي العـدوى ‪ ،‬أم أنـه ملزم به؟ وإال أعتبـر مخـال بواجـب من واجبـاته الزوجيـة‪.‬‬
‫يمكـن هنـا الرجـوع إلى القرار اإلستئنـافي الصـادر عن محكمـة اإلستئنـاف بسـوسة بتـاريخ ‪29‬‬
‫جـوان ‪ 1773‬الذي يبيـح للزوج التفصي من القيـام بواجبـه في اإلتصـال بزوجتـه إذا وجد سبب‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫مشروع يمنعـه من ذلك وقد عبـر األستـاذ سـاسي بن حليمـة أن هـذا السبب المشروع يمكـن أن‬
‫يكـون نـاتجـا عن مرض‬
‫الزوجـة والخوف الذي يمكـن أن ينتـاب الزوج من أن يصـاب بعلـة من جراء ذلك اإلتصـال وهـذا‬
‫السبب المشروع كمـا يمكـن أن يكـون لصالـح الزوج يمكـن أن يكـون لصالح الزوجـة التي ترفـض‬
‫اإلتصـال جنسيـا بزوجهـا خـوفـا من العدوى ‪.‬‬

‫ــــــــ‬

‫(‪)1‬مذكرة اإلتصـال الجنسي ص ‪ 131‬مرجع سابق الذكر‬


‫‪)2(Jean Poul Branlard , « Le sexe et letat des personnes » opcit page 357‬‬
‫وهـو نفس الحـل الذي تـوصل إليـه الفقـه وفقـه القضـاء الفرنسي الذي مكـن القريـن المهـدد‬
‫بالعـدوى عبـر اإلتصـال الجنسي من رفض مسـاكنـة زوجتـه وهـذا الحـق في التوقف عـن اإلتصـال‬
‫سيكـون إمـا لصـالح الطرف المريض الذي يمكـن أن يؤدي اإلتصـال الجنسي إلى تعقيـد حـالتـه‬
‫الصحيـة ‪ ،‬وإمـا لصـالح الطرف السليـم الذي لـه الحـق في حمـاية صحتـه من التلـف ‪.‬‬
‫غيـر أن األمراض التي يمكـن أن ال تؤثـر على القـدرة الجنسيـة للقريـن ولكنهـا تنشأ مع‬
‫تلك العـالقـة الجنسيـة بيـن زوجـي المستقبـل ولئـن لن تؤثـر على صحـة أحـد الطرفيـن فـإن لهـا‬
‫األثـر العميـق على األبنـاء ثمرة تلـك العـالقـة ‪.‬‬
‫من م أ ش مـوانع الزواج إلى قسميـن مؤبـدة‬ ‫‪13‬‬ ‫ثـالثـا ‪ :‬زواج األق ــارب ‪ :‬لقـد قسـم الفصـل‬
‫أ ش الموانـع المؤبـدة وهـي القرابـة أو المصـاهرة أو الرضـاع أو‬ ‫ومؤقتـة ‪ ،‬وقد عـدد الفصـل‬
‫‪13‬‬
‫التطليـق ثـالث ‪.‬‬
‫فالمحرمـات بالقرابـة هـم أصـول الرجـل وفصـوله ‪ ،‬وفصـول أول أصـوله وأول فصـل من‬
‫كل أصـل وإن عـال ‪.‬‬
‫والمحرمـات بالمصـاهرة أصـول الزوجـات بمجـرد العقـد وفصـولهـن بشرط الدخول باألم‬
‫وزوجـات األبنـاء وإن علـوا وزوجـات األوالد وإن سفلـوا ‪ :‬مجرد العقـد ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫كمـا يحرم من الرضـاع مـا يحرم من النسب والمصـاهرة ويقـدر الطفـل الرضيـع خـاصة‬
‫دون إخـوة وأخـواته ولـدا للمرضـة وزوجا لهـا وال يمنـع الرضـاع من النكـاح إال إذا حصـل في‬
‫الحـوليـن األوليـن ‪.‬‬
‫مـا يالحـظ أن صيغـة هـذه اافصـول ولئـن كـانت صيغـة يغلـب عليهـا الطابـع الفقـهي‬
‫المستمـد أسـاسا من الفقـه اإلسـالمي ‪ ،‬فإنهـا في مضمـونهـا تتمـاشى ومـا تـوصـل إليـه العلـم اليـوم‬
‫والطـب خـاصة ممـا ينجـر عـن زواج األقـارب من أمراض بالنسبـة ألبنـاء المستقبـل لمـا لهذه‬
‫المواضيع من مقـاصـد علميـة ومعـاني صحيـة عميقـة ‪.‬‬
‫لذا يترتـب عن إبرام زيجـات مثل هـذا البطـالن وهـي نصوص تهـم النضـام العـام ال يمكـن‬
‫لألطراف اإلتفـاق على خـالفهـا ‪.‬‬
‫فالموانـع التي تـم التحـدث عنهـا صلب تلك الفصـول لهـا مسحـة دينيـة ومبنيـة على‬
‫إعتبـارات نفسـانيـة واجتمـاعيـة هـامة كمـا لهـا كذلك إعتـبارات صحيـة ألبنـاء المستقبـل ‪ .‬ذلك‬
‫أن نمـوذج الشهـادة الطبيـة السـابقـة للزواج والتي بهـا قـانـون ‪ 3‬نـوفمبر ‪ 1713‬تحتـوي على‬
‫فحـوصـات متعلقـة بالدم وبفصيلتـه حتى يتـم التثبـت من التوافـق تلك الفصـائل من عـدمهـا ‪.‬‬
‫كمـا أن نص ذلك النمـوذج على أن الطبيـب يقـدم نصـائح تتعلـق بالعوامـل الوراثيـة‬
‫بحكـم صلـة القـرابـة وقد وضع الفصـل ‪ 15‬م أ ش مبدأ مطلق بالنسبـة لمـانع الزواج فإذا مـا أبرم‬
‫عقـد زواج بالرغـم من وجـود هذا المـانع فإنـه باطل‪ ،‬وال يمكـن بأي صـورة من الصـور التحصيـل‬
‫على الترخيـص خـالفـا لمـا يـوجـد في بعـض التشـاريع من إمكـانية الترخيـص إلبرام عقـد زواج بيـن‬
‫الخـال وإبنـة أختـه أو العم وإبنـة أخيـه فبالنسبـة للقـانـون التـونسي ال وجـود ألي ترخيـص وعلى‬
‫فرض أن مثـل هـذا الزواج يبرم فإنـه باطـل غيـر أنـه ينتـج بعض األثـار من بينهـا إثبـات نسب‬
‫القرابـي ‪.‬‬
‫وهـو مـا يبيـن حرص المشرع على تـالف زيجـات األقـارب ومـا تنتـجه من آثـار على صحـة‬
‫أبنـاء المستقبـل فيولد البعـض منهـم بعـاهـات قد يصعـب أو يستحيـل عـالجهـا نتيجـة لتـالقـح بين‬
‫نـوعيـن من الفصـائل الدمويـة التي ال تنسجم فيمـا بينهـا ‪ ،‬وهـي ظـاهرة جـد منتشرة في األوساط‬
‫الريفيـة خـاصـة ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وفي إطـار السـالمـة الجنسيـة للزوجيـن وجـب التثبـت باإلضـافـة إلى القـدرة الجنسيـة للزوجين من‬
‫توفـر شرط حتمي في غيـابه ال يمكـن الحديـث عن قيـام رابطـة زوجيـة ‪ ،‬أال وهـو تباين‬
‫المترشحيـن للزواج في الجنـس ‪.‬‬

‫‪-2‬المـرض وشرط التبـاين في الجنـس ‪:‬‬


‫إن فلسفـة الزواج تحتـم وجـود رجـل وإمرأة إلمكانيـة قيـام الرابطـة الزوجيـة‪ .‬وفي غيـاب هـذا‬
‫التبـاين الطبيعي في الجنـس ال يعقـل الحديث عـن تكوين عقـد زواج ‪ .‬وإيمـانـا ببداهـة هـذا المبدأ‬
‫وحتميتـه لم يشترطه المشرع بصـورة صريحـة صلب مجلـة األحـوال الشخصيـة‪ ،‬منتهجـا بذلـك نفس‬
‫السبيـل التي سلكتهـا جل التشـاريع الوضعيـة باستثنـاء المشرع الدنمـاركي الذي شد عن القـاعدة تحت‬
‫تأثير التيـار المنـاهض لوجـود التبـاين في الجنـس عنـد الزواج(‪. )1‬‬
‫غيـر أن شرط التبـاين في الجنـس يعـد شرطا جوهريـا إلنعقـاد الزواج (أ) لكن مـا هـو الحـل في‬
‫صـورة القيـام بتغييـر الجنـس قبـل إبرام عقـد الزواج(ب) ؟ ‪.‬‬

‫أ‪ -‬التبـاين في الجنـس شـرط جوهـري إلنعقـا الزواج ‪:‬‬


‫إن المتأمـل في قـانـون األسرة التـونسي ال يقـف على أي نـص صريـح يمنـح الزواج بيـن‬
‫شخصيـن من نفـس الجنـس ‪ ،‬شأنـه في ذلك شأن القـانـون الفرنسي الذي ال يحتوي بدوره على أي‬
‫إشـارة صريحـة تفيـد ذلك المنـع ‪ ،‬وهـو مـوقف ال يثيـر الحيرة في نفـس رجل القـانـون باعتبـاره يعلـم علـم‬
‫اليقيـن أن غيـاب التنصيـص صراحـة على شرط التبـايـن في الجنـس الواجـب توفره عنـد إبرام عقـد الزواج‬
‫يرجـع أسـاسا إلى أن هـذا األمر بديهـي وال يحتـاج إلى اشتراطـه صراحـة عبـر نـص قـانـوني ‪ ،‬خـاصـة‬
‫وأنـه إذا مـا تفحصنـا مليـا مجلـة األحوال الشخصيـة لوجدنـا إشـارات ضمنيـة تـدل على بداهـة وحتميـة‬
‫توفـر هـذا الشرط لقيـام رابطـة زوجيـة ‪ .‬فاستعمـال عبارات كالزوج والزوجة والرجل والمرأة عبر الفصول‬
‫‪ 1‬و‪ 7‬و ‪ 13‬و ‪ 23‬و ‪ 23‬م أ ش يكفي للداللـة على أن الزواج يتطلـب ذكرا وأنثـى وهـو نفـس الحـل‬
‫الذي نصـل إليـه إثـر تفحصنـا الفصـل ‪ 95‬م م ف ‪ ،‬الذي يضع على كـاهل ضـابط الحـالة المدنيـة‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫واجـب اإلستمـاع إلى تصريـح كل من المترشحيـن للزواج بأنهمـا يرغبـان في الحيـاة مع بعضهمـا كزوج‬
‫وزوجـة ‪.‬‬
‫ــــــــ‬
‫(‪ -)1‬القـانـون الدانمـاركي الصـادر في ‪ 21‬مـاي ‪. 1717‬‬
‫هـذا الشرط الضمني يستمـد جذوره أسـاسا من طبيعـة الحيـاة البشريـة التي تضمـن تواصلهـا‬
‫عبـر التنـاسل الحـاصل بيـن الذكـور واإلنـاث والحيـاد عن هـذه القـاعـدة الطبيعيـة يؤدي حتمـا إلى‬
‫طمـس الطبيعـة البشريـة التي تقتضـي أن يكـون التجـاذب الطبيعي حـاصـال بيـن الرجـل والمرأة إذ أن‬
‫تـواصل النـوع البشـري ال يتحقـق إال باحتـرام هـذه القـاعدة البـديهيـة وكل تصـرف مخـالف لهـذا القـانـون‬
‫الطبيعي يعتبـر شـاذا ويتحتـم صـده (‪. )1‬‬
‫هذا مـا يفسـر الموقـف الرافض للديـانـات السمـاويـة إزاء كل سلوك بشري شـاذ يبحـث عن‬
‫إيجـاد شرعيـة لعـالقـات جنسيـة بيـن أشخـاص من نفس الجنس ‪ .‬وأكبـر تجسيـم لهـذا الرفـض نجـده‬
‫عبـر قصـة " لـوط " عليـه السـالم الواردة في القرآن (‪ )2‬والتي تتحـدث عـن قـوم يأتـون الذكـور ويعـرضـون‬
‫عـن اإلنـاث وأمـام تعنتهـم وتشبثهـم بهـذا التصرف المشيـن أنـزل اللـه عليهـم أقسـى العـذاب وأهلكهـم‬
‫ليجعلهـم عبرة لمـن تحدثهـم أنفسهـم بالنسـج علـى منوالهـم مؤكـدا بذلـك أن التبايـن فـي الجنـس شـرط‬
‫يجب توفـره لقيـام الروابـط الزوجيـة ومخالفتـه تعـرض مرتكبيهـا إلـى أشـد العـذاب ‪.‬‬
‫اإلشكـال الـذي يطـرح نفسـه فـي هذا اإلطـار يتعلـق بأشخـاص يصعـب إن لم نقل يستحيل تحديد‬
‫جنسهـم ‪ ،‬أو أن أجهزتهـم التناسليـة هذه ال تمكـن من التعرف إن كانوا ينتمـون إلـىجنـس اإلنـاث أو‬
‫الذكـور فهـل يحـق لهـؤالء األشخـاص الـزواج دون خـرق شـرط التبايـن فـي الجنـس ؟‬
‫إن الرجـوع إلـى النصـوص القانونيـة سـواء فـي تونـس أو فـي فرنسـا اليعيننـا فـي شيء بإعتبـار‬
‫عـدم تعرضهـم إلـى هـذه الصـورة ‪ ،‬عكـس الموقـف الـذي إتخـذه الفقـه اإلسالمـي ‪ ،‬هـذا اآلخيـر يمنـع‬
‫زواج الخنثـي المشكـل وهـو‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ -)1‬مذكـرة يسـرى محفـوظ المعطيـات البيـولوجيـة للزواج ‪ :‬ص ‪ 39‬ومـا بعدهـا ‪.‬‬
‫(‪ -)2‬أحمـد بهجت – أنبياء الله – مطـابع الشرق بيروت – القاهرة الطبعـة الحـاديـة عشر ص ‪ 131‬ومـا بعدهـا ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الشخـص الـذي لـم يستبـن أمـره فـال هـو رجـل والهـو أنثـى (‪ )1‬وبنـاء علـى هـذا الحـل ‪ ،‬فإن‬
‫الفقـه اإلسالمـي يعتبـر غمـوض الجنـس مماثـال لإلنتمـاء إلـى نفـس الجنـس األمـر الـذي يستوجـب‬
‫منـع مثـل هـذه الزيجـات ويكـون بذلـك قـد إتبـع حـال يكـرس النظريـة الواقعيـة للـزواج ‪ ،‬الـذي يعتبـره‬
‫رابطـة روحيـة وجسديـة ‪.‬‬
‫خالفـا لفقـه القضـاء التونسـي الـذي لـم يسبـق أن أتيحت لـه الفرصـة لإلجابـة علـى هـذا السـؤال فـإن‬
‫فقـه القضـاء الفرنسـي حـدد موقفـه مـن هـذه المسألـة فـي فتـرة أولـى وبالتحديـد قبـل سنـة ‪.)2( 1733‬‬
‫آنـذاك كـان يعتبـر أن إنعـدام الجهـاز التناسلـي أو إستحالـة تحديـده‪ ،‬همـا صورتـان مترادفتـان لصـورة‬
‫اإلنتمـاء إلـى نفـس الجنـس ويقفـان حاجـزا أمـام إبـرام عقـد الـزواج ‪ .‬لكـن وبمناسبـة قـرار أصـدرتـه‬
‫محكمـة التعقيـب الفرنسيـة فـي ‪ 1‬أفريـل ‪ )3( 1733‬تراجعـت تمامـا فـي موقفهـا السابـق ‪ ،‬وإعتبـرت أن‬
‫إنعـدام الجهـاز التناسلـي أو ضعفـه أو إختاللـه اليمنـع مـن الـزواج إذا كانت المظـاهـر الخارجيـة المثبتـة‬
‫إلختـالف الجنـس كالشعـروالثدييـن والصـوت متوفـرة‪ .‬وهـو موقـف يكـرس تجـذر النظـرة المثاليـة فـي‬
‫القضـاء الفرنسـي الـذي يعتبـر أن الرابطـة الزوجيـة ترتكـز أساسـا علـى الجانـب الروحـي والمانـع مـن‬
‫قيامهـا فـي غيـاب الجانـب البيولـوجي بإعتبـاره عنصـرا ثانويـا فـي حيـاة الزوجيـن ‪ .‬وفي غيـاب نـص‬
‫قـانوني يمكننا اإلستنـاد إليـه أو فقـه قضـاء تـونسي متعلـق بهـذه المسألـة نعتقـد مبدئيـاأن صـورة إنعـدام‬
‫الجهـازالتنـاسلي أو استحـالة التعرف عليـه ‪ ،‬هي صـورة مرادفـة لإلنتمـاء إلى نفس الجنـس نظـرا‬
‫إلستحـالة الوقـوف على ذكـورة المعنـى باألمراض من أنـوثتـه‪ .‬األمر الذي يجعـل التحقـق من التبـايـن في‬
‫جنـس ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ " -)1‬أحكام الزواج والطالق في اإلسالم " بدران أبو العنين بدران‪ -‬دار المعـارف – الطبعة الثالثـة ‪ 1713‬ص ‪. 231‬‬
‫(‪Nisse 29 Novembre 1869 D p 1972 -)2‬‬
‫)‪Cass civ 6 avril 1903 D p 1904 I p page 395 concl -Boudoin- (3‬‬
‫الزوجيـن مستحيال وقيام رابطـة من هـذا النـوع تعتبر تصرفـا خـارق لقـانون األسرة ‪.‬‬
‫غيـر أن الشعـور باإلنتمـاء إلى الجنـس اآلخـر قـد يدفـع البعـض إلى تغييـر جنسهـم‪ .‬فهل يعـد‬
‫كذلك شرط التبـاين في الجنـس غير متـوفر في صـورة إبرامهـم لعقـد زواج ؟‬

‫ب‪ -‬صـورة تغيـر الجنـس ‪:‬‬


‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫عرف المجتمـع البشري منـذ بدايـة الوجـود ظـاهرة شـاذة تتمثـل في شعـور بعـض األشخـاص‬
‫بانتمـائهـم إلى الجنـس المعـاكس بالرغـم من اكتسـابهـم لكـل مقـوماتهـم البيـولوجية والتنـاسليـة ‪ .‬هذا مـا‬
‫يفسـر شعـور الرجـل منهـم بأنـه امرأة محبـوسـة في جسـم رجـل ‪ ،‬وشعـور المرأة بأنهـا رجـل محبـوس في‬
‫جسـم إمرأة ‪ ،‬األمر الذي يولـد فيهـم كرها شديد لجنسهـم الظاهـري ويزرع في نفـوسهـم شعـورا بالظلـم‬
‫يعتقـدون أن الطبيعـة سلطتـه عليهـم بمنحهـا إيـاهـم جنسـا غريبـا عن جنسهـم الحقيقي الذي يشعـرون‬
‫باإلنتمـاء إليـه ‪ .‬لذلـك نجدهـم يبحثـون بكـل الطرق عن الوسيلـة المؤديـة إلى إصـالح هـذا الخطأ‬
‫الطبيعي مرورا بالمـواد الهرمونيـة إلى حـد اللجـوء إلى الجراحـة ‪ ،‬حتى إذا ما باءت محـاولتهـم بالفشل‬
‫يلجأ البعض منهم إلى بتـر أعضـائهـم التنـاسليـة أو اإلنتحـار (‪. )1‬‬
‫(‪)Homo sexualité‬‬ ‫هـذه الحـالـة يـجب تفريقهـا عـن حـاالت قريبـة كالشـذوذ الجنسي‬
‫الذي يتمثـل في الميـل إلى الجنس المماثل وعدم التقيـد بالوظيفـة الجنسيـة الطبيعيـة إلى جـانب‬
‫الشذوذ الجنسي الحـاد (‪ )Trovestime‬والذي يصـل أصحـابه إلى إبـداء رغبـة شديدة في الظهـور‬
‫بمظهـر الجنس المعـاكس لما يحبـونـه في هـذا التصـرف من لذة وارتيـاح ‪ .‬لكن وفي كلتـا الحـالتيـن ال‬
‫(‪)2‬‬
‫يشعـر هـؤالء باإلنتمـاء إلى الجنـس المعـاكس‪ ،‬والحـاجة الملحـة إلى إصـالح هـذا الخطأ الطبيعي‬
‫‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1) -Le transexualisme : esquisse pour un profil culturel et juridique « lucien‬‬
‫‪linossier »D. 1981 . I chronique page 139 .‬‬
‫‪(2) - « Roger Nerson » article precité page 844 .‬‬
‫أمـام تطور العلـم وبالتحديـد اإلكتشـافـات الطبيـة التي شهدتهـا الخمسنيـات والمتعلقـة بإمكـانيـة‬
‫تغييـر الجنـس عبـر الجراحـة ‪ ،‬أصبـح العلـم حقيقـة بالنسبـة لمن يشعرون باإلنتمـاء إلى الجنس‬
‫المعـاكس‪ .‬لكن هـذا اإلنعراج الطبي أفرز عـدة صعـوبـات قـانـونية ( مطلب أولى ) لعـل نتـائجهـا تبرز‬
‫خـاصة على مستـوى إقـدام الشخـص على إبرام عقـد زواج بعد أن قـام بعمليـة جراحيـة لتغييـر جنسـه‬
‫( مطلب ثـاني ) ‪.‬‬
‫المطلــب األول ‪ :‬الصعـوبـات القـانـونية المتعلقـة بجراحـة تغييـر الجنس ‪:‬‬
‫يرفـض أصحـاب الموقف المنـاهض للتغييـر في الجنس إكسـاب العمليـة الجراحيـة المؤديـة إلى‬
‫ذلك ‪ ،‬الشرعيـة القـانونيـة لمـا لها من مساس بالنظـام العـام‪ .‬باإلضـافـة إلى كونهـا عمـال إداريـا يهـدف‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫إلى إحـداث تغييـر إصطنـاعي في بدن اإلنسـان يمكـن تـالفيـه عبر العـالج النفسـاني‪ ،‬الذي يجنـب‬
‫صاحبـه القيـام بتصرفـات ال تمكـن في نهـاية المطـاف من التغييـر الحقيقي لجنسـه باعتبـار أن هـذه‬
‫العمليـة الجراحيـة ال تـؤدي إال إلى إكسـاب المظـاهر المرفـولـوجيـة للجنس المعـاكس مع اإلبقـاء على‬
‫المقـومـات البيـولـوجية والتنـاسليـة للجنـس الذي ينتمي إليـه منـذ والدتـه ‪.‬ويكـون بذلـك هـذا السلـوك‬
‫خـارقـا للمبـادئ القـانـونية التي ال تسمـح بالتصـرف في بدن اإلنسـان والتعـدي على حرمتـه إآل في‬
‫حـاالت إستثنـائيـة مشروعـة كالعمليـات الجراحيـة التي تهـدف إلى عـالج المريض وتخليصـه من الداء‬
‫الملم به ‪ ،‬وال يقـع اإللتجـاء إلى المس من بدنـه والتنقيـص منـه إال لغـاية الحفـاظ على حياتـه‪ .‬وبنـاء‬
‫على مـا تقدـم يرى أصحـاب هـذا الرأي وجـوب تسليـط عقـاب قـانـوني على كـل من تجري عليـه عمليـة‬
‫من هـذا النـوع‪ ،‬وعلى كل طبيـب يوافـق على القيام بإجرائهـا ‪ ،‬طبقـا للنصـوص الجزائيـة التي تمنـع‬
‫(‪)1‬‬
‫الحصي والضرب والجرح عمـدا ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1) –« Jacqueline petit » etude précitée page 274 .‬‬

‫في الطرف المقـابل يرى أصحـاب الرأي المعـاكس أن السمـاح بإجراء عمليـة تغييـر الجنس‬
‫يهـدف أسـاسا إلى عالج أصحـاب الشعـور باإلنتمـاء إلى الجنـس المعـاكس إذ أن العـالج الهرمـوني‬
‫والنفسـاني ال يمكـن إعتمـاده إال في فترة مـا قبـل البلـوغ الطبيعي للمعني باألمـر ‪ .‬بعد ذلك يصبـح‬
‫إجراء العمليـة الجراحيـة أمر متأكـد ‪ ،‬ألنـه الخـلل الوحيـد الذي يجنـب هـؤالء اللجـوء إلى بتر أعضائهـم‬
‫التنـاسليـة أو اإلنتحـار ‪ ،‬والقـول بأن التغييـر إرادي ومصنـع ال يستقيـم بإعتبـار أن الشعـور الذي يتملـك‬
‫هؤالء األشخاص أقـوى من كـل إرادة معـاكسة ‪ .‬وبالتـالي يكمـن الحـل األسلـم في تمكينهـم قـانـونـا من‬
‫القيـام بهـذا النـوع من الجراحـة (‪. )1‬‬
‫وهـذا التضـارب في األراء أفرز في مستـوى الحلول الوضعيـة موقفيـن ‪ :‬األول يتمثل في‬
‫السمـاح بإجراء هـذه العمليـة وتنظيم شروطهـا عبر تدخـل المشرع صراحـة وأول من بادر بإتخـاذ هـذا‬
‫الموقـف هـو المشرع السويدي وذلك في ‪ 21‬أفريل ‪. 1792‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫أما الموقف الثـاني فهو مخـالف لهـذا التدخل الصريح ويتمثـل في إلتـزام الصمـت من طرف‬
‫التشـاريع ‪ ،‬والسبب في ذلك راجـع إما لرفضهـا السمـاح بهـذا النـوع من العمليـات الجراحية أو‬
‫لخشيتهـا من تفشي هـذه الظاهرة التي من المحتمـل أن يتسبب فيـه السمـاح القـانـوني بذلك ويبقـى‬
‫األمر موكـوال إلى القضـاة الذين ال يرون في هـذا النـوع من العمليـات خرقـا للقـانون إذا إقتنعـوا بأن‬
‫غـايتهـا العـالج ال غيـر ‪ ،‬أمـا إذا كـان إقتنـاعهـم مغـاير لذلك‪ ،‬فإنهـم يبدون رفضهـم إزاء العمليـات‬
‫الجراحيـة إستنـاد إلى مخـالفتهـا للنصـوص الجزائيـة ‪.‬‬
‫لم يتعرض فقه القضـاء التـونسي إلى هـذا النوع من القضـايا ‪ ،‬وعلى فرض أن ذلك يحصـل‬
‫يومـا مـا فإن موقـف قضـائنـا ستحـدده قنـاعـاتهـم الحـاصلة حول هـذه الظـاهرة فإن اعتبـروا أن إجراء‬
‫عمليـة لتغييـر الجنـس يهدف أسـاسا إلى عـالج صـاحبهـا فسيكـون موقفهـم بالقبـول بهذا التصـرف ‪،‬‬
‫أما في صـورة رفضهـم ذلـك‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1) - «Jacqueline petit » etude précitée page 275 .‬‬
‫فمن الممكـن أن يقـع عقـاب تصرف كهذا على أسـاس الفصـل ‪ 221‬م ج المتعلـق بالحصي نظرا‬
‫لغياب نص صريح يتعلـق بصـورة تغييـر الجنس ‪ ،‬وباعتبـار أن عمليـة تغييـر الجنـس تحتـم خصي‬
‫صاحبهـا هـذا وتجـدر اإلشـارة إلى أن فقـه القضـاء المصري قبـل اإلعتـراف بشرعيـة عمليـة جراحيـة‬
‫أجريـت سنـة ‪ 1711‬على رجـل تحـول على إثرهـا من ذكـر إلى أنثـى وذلك بالنظـر إلى الغـاية الشفـائية‬
‫التي ترمي إليهـا هـذه العمليـة (‪. )1‬‬
‫المطلـب الثــاني ‪ :‬تأثيـر تغييـر الجنـس على إبرام عقـد الزواج ‪:‬‬
‫يعتبـر الزواج إحـدى المطامـح التي يصبو إليهـا أصحـاب الشعـور باإلنتمـاء إلى الجنس‬
‫المعـاكس بعـد قيـامهـم بتغييـر جنسهـم بواسطـة الجراحـة وهنـاك صـورتـان ‪.‬‬
‫الصـورة األولى ‪ :‬تتعلـق بشخـص قـام بعمليـة جراحيـة أدت إلى تغييـر جنسـه دون أن تشفع بتغييـر في‬
‫الحـالة المدنيـة ‪ ،‬فهـل يمكـن لهذا األخيـر إن كـان تحـوله من ذكر إلى أنثـى مثـال أن يبرم عقـد زواج‬
‫مع رجـل باعتبـار تباينهمـا الظاهـري في الجنـس ؟ اإلجـابة بالنفي نظـرا إلنتمـائهمـا القـانـوني إلى نفس‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الجنس أي جنس الذكـور وهذا مـا يجب على ضابط الحـالة المدنيـة أو العدليـن المكلفيـن بإبرام‬
‫الزواج التثبـت منه عند تحريـر عقـد الزواج ‪ .‬لكن وفي غيـاب هـذه اإلمكانيـة هـل يجـوز لهـذا الشخـص‬
‫الذي تحـول إلى أنثى أن يبرم عقد زواج مع إمرأة أخـرى على الرغـم من إنتمـائهمـا الظـاهري إلى نفـس‬
‫الجنس ؟‬
‫نعتقـد أن ذلك ممكـنـا قـانونا باعتبـار إنتمـائهمـا القـانوني إلى جنس متبايـن منـصوص عليه‬
‫صراحـة برسم والدتهمـا وعلى ضابط الحـالة المدنيـة في هـاته الصـورة إبرام عقـد الزواج بالرغـم من غرابـة‬
‫هـذه الرابطـة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪)1( « Transsexualité et justice islamique » Djey Nab Hane‬‬
‫‪jeune Afrique N 1502 , 16 Octobre 1989 Page 21 .‬‬
‫إن جملة هـذه الصعـوبات التي من الممكـن أن يطرحهـا المعطي البيـولوجي المتمثـل في شرط‬
‫التبايـن في الجنـس والتحقق من القـدرة الجنسيـة للمقـدم على الزواج أو حتى مسألـة الصحـة البدنيـة‬
‫لقريـن المستقبـل ‪ ،‬والتي ال يمكـن التعويـل على الفحـص الطبي للتثبـت من سـالمتهـا ‪ ،‬إن جملـة هـذه‬
‫الصعـوبات ستدفـع بالمقدم على إبرام عقـد زواجـه عن البحـث عن طريقـة أخرى تكون بمثـابـة الضمـان‬
‫في صورة ما إكتشـف بعد إبرام عقـد زواجـه مرض قرينـه وتتمثـل هـذه الطريقـة في أن يشترط صراحـة‬
‫في عقـد الزواج سالمـة قرينـه من أي داء ‪.‬‬
‫‪-3‬المرض وشـرط الســالمـة ‪:‬‬
‫نص الفصـل ‪ 11‬من مجلـة األحوال الشخصيـة على أنـه " يثبـت خيـار الشرط ويترتـب على‬
‫عـدم وجـوده أو على مخـالفتـه إمكـان طلب الفسـخ بالطـالق من غيـر أن يترتـب عـن الفسـخ أي عرم‬
‫إذا كـان الطالق قبـل البنـاء " من الواضح أن هـذا الفصـل مستمـد من الفقـه اإلسـالمي الذي أباح‬
‫إقتران الزواج بشرط ‪ ،‬وإتفق الفقهـاء على أن الشروط المقترنـة بالعقـد تنقسـم إلى شروط صحيـة‬
‫وأخرى غير صحيـة واختلفـوا بعد ذلك في الشرط الصحي الذي يجب الوفـاء به وإال فسـخ العقـد ‪.‬‬
‫وتجـدر اإلشـارة إلى أن المذهـب الحنـفي يعـد أوسع المذاهـب الفقهيـة تيسيـرا في مسألـة الشروط‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ولعلـه يكون مصدر الفصـل ‪ 11‬من مجلة أحوال الشخصيـة ألنه يحقق رغبـات الناس في اإلشتراطـات‬
‫العقديـة ‪.‬‬
‫والشرط الصحيح عنـد الحنـابلـة هو "مـا كان فيه منفعـة ألحـد العاقديـن ما لم يكن مخـال بالمقصـود‬
‫األصلي من العقـد‪ ،‬أورد من الشارع نهي عنـه بخصـوصه سـواء كـان موافقا لمـا يقتضيـه العقـد أوال " ‪.‬‬
‫وبالتالي فإن خيار الشرط يمكـن القرين بعد إبرام العقـد والدخـول ‪ ،‬وفي صـورة عـدم توفر‬
‫الشرط ‪ ،‬يمكنـه من أن يختـار بين قبولـه الحـالة على مـا هي عليـه والرضـا والسكـوت أو الطـالق لعـدم‬
‫تـوفر الشروط ‪.‬‬
‫فهـل يمكـن ألحـد الطرفيـن أن يشترط على اآلخـر شرط سـالمة في العقـد ؟‬
‫ال شيء يمنـع أحـد الطرفين من أن يشترط على اآلخـر أن يكون سـالما من األمراض ذو صحة جيدة‬
‫ذلك أن هذا الشرط ال يتنـافى مع جوهـر العقـد بل بالعكـس فإن السـالمة البدنيـة هـي من جوهـر‬
‫العقـد حتى يقـوم كـل طرف في العقـد بواجبـاته المحمـولة عليـه كواجـب اإلتصـال الجنسي بقرينـه ‪.‬‬
‫فإن إشترطـت الزوجـة مثـال على زوجهـا المستقبلي السـالمة من العيـوب ‪ ،‬في هـذه الحـالة‬
‫يصبـح الزوج ملزمـا بأن يعرض نفسـه قبل الزواج على طبيب مختص ليتحقق من سـالمتـه من العجـز‬
‫الجنسي ‪.‬‬
‫فهل يمكـن للزوج أن يشترط أن تكـزن زوجتـه عذراء عنـد الدخـول بهـا ؟‬
‫وهـل تعـد العذريـة صفة من الصفـات الجوهريـة المنتظـرة عنـد إبرام عقـد الزواج ؟ أم تعـد شرطـا من‬
‫شروط السـالمة ؟‬
‫إن مجلة األحوال الشخصيـة لم تتعـرض إلى التفريـق بين الثيب والعذراء ‪ ،‬ويتعيـن حينئـذ‬
‫الرجـوع إلى الفقـه اإلسـالمي الذي هـو من أهـم المصادر التي استمـدت منهـا المجلـة أحكـامهـا ‪ .‬وقد‬
‫أجمـع الفقهـاء المسلمـون على أن البكر هي التي لم يسبـق لها زواج يقطع النظر عن كونهـا الزالـت‬
‫عذراء أم أصبحـت ثيبـا ‪ ،‬فمن تزوج ببكـر ولم يشترط عذراء فإنـه ليس له ردهـا إال أن يشترط عذراء‬
‫حتى ولو أن العرف يقضي بكون البكـر هـي العذراء ‪ ،‬فالعـذريـة إذن ليسـت شرط صحـة للزوجـة ولكن‬
‫من يروم الزواج بعذراء أن يشترط ذلك ‪ ،‬وذلك بناء على الفصـل ‪ 11‬من م أ ش المتعلـق بحيـار‬
‫الشرط‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ولقد إعتبـر فقه القضـاء الفرنسي أن فقدان البكـارة على عكـس المرض ال يعـد حـاجزا أمام‬
‫القيـام بالواجبـات الزوجيـة وال يمكـن بأنـه حـال أن يمنـع إستمراريـة الحيـاة ازوجيـة ‪ .‬وأنه من غير‬
‫المعقـول أن يجعـل الزوج من عذريـة زوجتـه شرطـا جوهريا للزواج في حيـن أنـه ال يثبـت مـا يؤكـد‬
‫عذريتـه أي عـدم إتصـاله جنسيـا بأي كـان قبل الزواج ‪.‬‬
‫وبنـاء على التأويل الذي أعطـاه الفقـه الفرنسي للصفـة الجوهريـة‪ ،‬فإن العذريـة ال يمكـن أن تعـد‬
‫صفـة من الصفـات الجـوهرية للزواج ألن غيـاب هـذه الصفـة ال يمنع الشخص من تحقيق اإلتصـال‬
‫الجنسي وبالتالي من احتـرام الحقـوق والواجبات النـاشئة عن العالقـة الزوجيـة ‪.‬‬
‫ولقـد كان لفقه القضـاء التونسي نفس الموقف ‪ ،‬ففي حكـم مدني صادر عم المحكمـة‬
‫اإلبتدائيـة بقرنبـاليـة بتاريخ ‪ 11/12/33‬الحظـت المحكمـة أن م أ ش لم تتعرض إلى التفريق بين الثيـب‬
‫والعـذراء وبذلك يتضـح وأن المشرع قد أهمـل هـذه المسألـة عـن قصـد "‪ ...‬وحيث يتعيـن حينئـذ‬
‫الرجوع إلى الفقـه اإلسـالمي الذي هـو أهـم المصـادر التي استمـدت منهـا م أ ش أحكامهـا‪ .‬وحيث أن‬
‫حقيقـة البكـر في الفقـه اإلسـالمي هي التي لم يسبق منها بزواج بقطـع النظر عن كونهـا عذراء أم ال ‪.‬‬
‫أما العذراء فهي التي الزالـت بخاتم ربهـا وذلك هـو ما إقتضـاه مشهـور مذهـب مـالك إذ قـال ابن‬
‫( والزوج حيث لم يجدهـا بكر لم يرجع إال باشتراط عـذراء )‪.‬‬ ‫العـاص ‪،‬‬
‫وحيث ال وجـود بكتب الصداق ألي شرط يفيـد إشتراط العذرية بصفـة صريحـة وبذلـك فإن‬
‫وصف ال بكـارة بدون أن يصحبـه أي بيان أو توضيح ال ينهض حجـة كـافية على أن مقصـد الطرفين‬
‫من وصف البكـارة هـو بقـاء العذرة ‪ .‬فمن الواضح إذن بأن عبـارة بكر ال تفي بحـاجة من يريـد أن‬
‫يشترط عذارة الزوجـة الذي يجـب عليـه أن يبيـن ذلك صراحة‪ ،‬أو أن يقرن عبـارة بكر بكلمـة " بختم‬
‫ربهـا ‪ ".‬هـذا ما بينته محكمـة قرنبـاليـة بالرجوع للفقـه اإلسـالمي ‪.‬‬
‫إضـافة لهذه الشروط البيـولوجية التي من الممكـن للمرض أن يؤثر عليهـا سلبـا وعلى إمكـانية‬
‫استمرارهـا فيمـا بعـد‪ ،‬لعقـد الزواج شروط كذلك نفسـانية تتأثـر بمرض قريـن المستقبـل النفسي والعصبي‬
‫‪.‬‬
‫الفقــرة الثـانيـة ‪ :‬تأثيـر المرض على الشروط النفسـانية للزواج ‪:‬‬
‫يعتبـر الرضـا أهـم عنصـر من العنـاصر الالزمـة لتكوين مؤسسـة الزواج ‪ ،‬فلقـد نص الفصـل‬
‫الثـالث من مجلـة أ ش فقرة أولى ‪ " :‬ال ينعقـد الزواج إالّ برضى الزوجيـن " وهـذا المبدأ يعـد من أهـم‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫القواعـد المقـررة بالنظريـة العـامة لإللتزام ‪ ،‬ضرورة أن الفصـل الثـاني من مجلـة أ ع ينص على أن ‪" :‬‬
‫أركـان العقد الذي يترتـب عليـه تعمير الذمـة هـي ‪ ...‬ثـانيـا ‪ :‬التصريـح بالرضـا بما ينبني عليـه العقـد‬
‫تصريحـا معتبـرا "‪ .‬وقد جـاء مبدأ وجـود الرضـا في إبرام عقـد الزواج حـدا لما كـان يعرف من الفقـه‬
‫اإلسالمي من ممـارسـة حق الجبر والذي بمقتضـاه ‪ ":‬يخول لولي القـاصر أن يجبره على الزواج بالرغـم‬
‫من معارضتـه تكريسـا للفكرة السـائدة من أن الولي هـو الذي يعرف مصلحـة القـاصر ويدرك كنههـا‬
‫أكثر منه لذلك فمن حقه أن يجبـره على إبرام زواج ال يرتضيـه ‪ .‬وبحذفـه لهذا الحق أصبح في القانون‬
‫التونسي الزما إلبرام عقد الزواج‪ ،‬وجـوب صدور الرضا من كل مترشح للزواج ذكرا كـان أم أنثى قاصـرا‬
‫أم راشـدا ‪ .‬لكن المرض يمكن أن يؤثر على هـذا الرضا إذ يمكـن أن يعدمـه تمـاما ( مبحث أول )‬
‫كما يمكن أن يعيبـه فقط ( مبحث ثاني )‪.‬‬
‫المبحـث األول ‪ :‬المرض ووجـود الرضــاء ‪:‬‬
‫يجب أن يكون الرضـا صادر عـن إرادة واعيـة وهـذا من الممكـن أن يطرح إشكاال بالنسبـة‬
‫للمجنـون (أوال) والمريض مرض الموت(ثانيـا) وكذلك بالنسبـة لألخرس واألصم (ثالثـا)‪.‬‬
‫‪-1‬زواج المجنـون ‪:‬‬
‫ك مـا أسلفنـا القـول فإن الزواج ال ينعقـد إذا لم يصدر الرضا عن طرفي العقـد ويجـب أن يكـون‬
‫هـذا الرضـا صادرة عن إدارة واعيـة بكيفيـة تجعـل إقتران اإليجـاب والقبـول ال مطعـن فيـه ‪ .‬غير أنـه من‬
‫الممكـن أن يكـون أحـد الطرفيـن أو كليهمـا مصـاب بجنـون فمـا هـو تأثيـر هـذا الجنـون على الزواج ؟‬
‫هـل يحق هـذا الشخـص أن يبرم عقـد زواج والحـال وأنـه فـاقد األهليـة ؟‬
‫لقـد عرف الفصـل ‪ 113‬م أ ش المجنـون بكـونـه ‪ " :‬الشخـص الذي فقـد عقلـه سواء أكـان‬
‫جنـونـه مطبقـا يستغرق جميع أوقاتـه أم تعتـريه فترات يثوب إليـه عقلـه فيهـا "‪ .‬بالتـالي وحسب هـذا‬
‫الفصـل فإن الشخـص يعـد مجنـونا سواء كـان جنـونـه مطبقـا أو حتى نسبيـا ويكـون المجنـون فاقـد‬
‫التمييـز فتكـون تصرفـاته غير نـافذة ألن رضاه معدوم ذلك أن الجنـون أنواع إذ يمكـن أن يكون جنـونـا‬
‫مطبقـا ومسترسال‪ ،‬والمصـاب به ال يمكـن أن يصدر عنـه رضـا بالطريقـة السليمـة‪ .‬كمـا أن رضـاه غيـر‬
‫صـادر عن إرادة واعيـة فال يمكـن بالتالي أن يبرم عقـد زواج ‪ ،‬وإذا أبرمـه فإنـه في هـذه الحـالة يعـد‬
‫باطــال ‪.‬‬
‫كمـا يمكـن أن يكون الجنـون نسبيـا‪ ،‬أي يكون الجنـون منقطـع يكـون في بعض األحيان‬
‫مجنـونا ويثـوب إليـه رشده في بعـض األحيـان األخرى أي يتخـلل الجنـون فترات يثـوب فيهـا للمريض‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫رشده ويصبـح شخـصا عـاديا ‪ ،‬فإذا صدر عنـه الرضـا خـالل فترة من هـذه الفترات أمكـن إعتبـاره‬
‫صحيحـا وسليمـا ‪ .‬وهنـا إنقسـم الفقهـاء لمعرفـة حكـم الزواج الذي يبرمـه هـذا الشخـص في حـالة‬
‫يكون فيهـا ذلك الشخـص متمتع بمداركـه العقليـة ‪ ،‬فهنـاك من يرى أن مثـل هـذا الزواج صحيحـا ألن‬
‫الرضـا كـان عنـد إبرام العقـد صـادرا عن إرادة واعيـة‪ ،‬وهنـاك من يعتبـر أن ذلك ال يكفي ألن العبرة‬
‫ليسـت فقـط بحـالة الشخـص عنـد إبرامـه لعـقد الزواج إذ أن ذلك العقـد من شأنـه أن يؤسس عـائلـة ‪،‬‬
‫فإذا كـان هـذا الشخـص غير قـادر على التحمـل بمسؤولياتـه وعلى القيـام بواجبـاتـه فإن مثل هـذا الزواج‬
‫يكون محكـوم عليـه بالفشـل ‪ ،‬ويكـون بالتـالي من المتجـه عـدم تمكين ذلك الشخـص من الزواج ‪،‬‬
‫ذلك أن األمر بالنسبـة لهـم يتعـدى فترة تلك اللحظـة التي وقع التعبير فيهـا عن الرضـا ليمس جوهر‬
‫مؤسسـة الزواج التي تفترض وجـوبا تحمـل الزوج لمسؤوليـلته فيهـا ‪.‬‬
‫ولقـد فرقـت محكمـة التعقيـب في إصدار قراراتهـا بيـن الجنـون المطبـق والجنـون النفسي رغـم‬
‫أن الشرع التـونسي لم يفرق بيـن الجنـون النفسي والمطبق فكـالهمـا سواء ويعد معهمـا الشخـص‬
‫مجنـونا إذ إعتبرت في قرارهـا عـدد ‪ 5727‬الصادر بتاريـخ ‪ 1711/12/15‬أن " الزوجـة ليسـت مصابـة‬
‫بجنـون مطبق وإنمـا كـل مـا في األمر هـو إصـابتهـا بمرض عصبي يجعـل أعصـابهـا ال تتحمـل اإلشارة‬
‫والغضـب " ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فلو كـانت مصابـة بجنـون مطبق ألضحي من حـق الزوج طلب الطـالق ‪ ،‬أما‬
‫مرض األعصـاب فترى وإن يشكـل عيبـا فإنـه يسمـح للزوج بالقيـام مع زوجتـه ‪.‬‬
‫وتكـون بذلـك محكمـة التعقيـب متفقـة مع الفقـه اإلسـالمي في حصوص الجنـون كسب‬
‫مـوجب للتفريـق بين الزوجيـن إن نص الفصـل ‪ 135‬من قـانون األحوال الشخصيـة السـوري المعتمـد‬
‫أسـاسا على الراجـح من المذهـب الحنفي على ما يلي ‪:‬‬
‫"للزوجـة طلب التفريـق بينهـا وبيـن زوجهـا في الحـالتيـن التاليتيـن ‪:‬‬
‫‪-‬إذا كـان فيـه إحـدى العـلل المـانعـة من الدخـول بشرط سـالمهـا هـي منهـا‬
‫جن الزوج بعـد العقـد "‬
‫‪-‬إذا ّ‬
‫لكنهـا مختلفـة معـه في خصـوص زواج المجنـون في حـد ذاتـه ذلك أن جمهـور الفقهـاء ذهبـو إلى‬
‫جوار زواج المجنـون وإلى عـدم إشتراط العقـل لصحـة الزواج فيجـوز للولي أن يزوج المجنـون‬
‫والمجنـونة والمعتـوه ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫فقال الشافعيـة ‪ ،‬يلزم األب والجـد ومثلهمـا الحـاكم عنـد عدمهـا بتزويـج مجنـون أو مجنـونة‬
‫ظهرت حـاجتهـا لذلك أو يتوقـع شفـاؤها بالزواج وقـال المالكيـة للحـاكم أن يجبـر المجنـون على الزواج‬
‫إن تعين الزواج طريقـا لعنـايتـه من الزنا والضيـاع (‪. )1‬‬
‫لكن نالحـظ في المقـابل أن زواج المجنـون كـان دائمـا مقيـدا بظهـور الحـاجة لذلـك أو‬
‫بالشفـاء ولعدم الضيـاع وعلقت صحـة الزواج على إذن القـاضي فقـد جـاء بالفصـل ‪ 1‬من القـانـون‬
‫السـوري اآلخـذ بالمذهـب الشـافعي أن ‪ " :‬للقـاضي أن يأذن بزواج من به جنـون أو عنـة إذا ثبت‬
‫بتقرير طبي أن في زواجـه مصلحـة لـه " ‪.‬‬
‫أمـا في فقـه القضـاء الفرنـسي فقد كثـر الحـديث في أواخـر هـذا القرن عن صحـة زواج‬
‫المجنـون(‪ ، )2‬فمحكمـة التعقيـب الفرنسيـة وخـالفـا لمحكمـة التعقيـب البلجيكيـة أقرت دائمـا بصحـة‬
‫زواج المجنـون ذلك أن قـانـون ‪ 3‬جـانفي ‪ 1711‬أخـذ بصفـة صمتيـة صحـة زواج لمجنـون لما مكـن‬
‫الصغيـر المميـز من الزواج ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬محمـود السرطـاوي ‪" :‬شرح قـان األحوال الشخصيـة" ‪ :‬ص ‪ 73‬و ‪. 71‬‬
‫‪(3)- Note ( poncet ) page 61 Dp 1888 (1) – 1887‬‬ ‫)‪ (3‬ت الفرنسية ‪ 7‬نوفمبر ‪1119‬‬
‫لكـن وفي المقـابل هنـاك العديد من القرارات التعقيبيـة التي تبنـت بطالن زواج المجنـون على أسـاس‬
‫(‪)1‬‬
‫الفصـل ‪ 131‬فرنسي عنمـا يكـون المقـدم على الزواج غير مؤهـل عقليـا على إبرام عقـد الزواج ‪.‬‬
‫ذلك أن القصـور الذهني يجـب أن يضـع الشخـص في حـالة ال تمكنـه من فهـم معنى الزواج وال‬
‫الغـايـةمنـه ومـا ذلك إال تأكيد على حريـة الزواج بتوسيـع مجـالـه وتمكين كل شخـص من حقـه في‬
‫ـدعم كذلك من خـالل‬ ‫التزوج لكن وفي المقـابل دون اإلضرار بالطرف اآلخر ‪ .‬كمـا أن حرية الزواج تت ّ‬
‫تمكيـن المحتضر من الزواج ‪.‬‬
‫‪-2‬زواج المريـض مرض المـوت ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لقد أعفـى الفصل ‪ 5‬في فقرتـه الثانيـة من قـانون ‪ 3‬نـوفمبر ‪ 1713‬المتعلـق بالشهـادة الطبيـة‬
‫السابقـة للزواج الشخص المحتضـر من اإلدالء بكشـف طبي ‪.‬‬
‫إن الغـاية من هـذا اإلعفـاء هـي إكسـاب شرعيـة لعـالقـة بيـن رجـل وإمرأة تعـايشـافي إطار مخـادنـة ‪.‬‬
‫ذلك أنـه ال وجـود في القـانـون التونسي ألي نـص صريـح يمنـع هـذه العـالقـة خـاصـة إذا تجـاوز الطرفـان‬
‫سـن الرشـد القـانـوني ويكـون المرض مرض مـوت إذا أقعـد صـاحبـه عـن الحركـة وأن يؤدي هـذا المرض‬
‫في زمن قريـب إلى الموت وأن يكون هـذا المرض مخيفـا و مرعبـا أي أن يدخـل في نفـس المريض‬
‫الشعـور بقرب النهـاية وبالتـالي فإن مرض الموت من شأنـه أن يؤثـر على نفسيـة المقـدم على الزواج أو‬
‫أن يعدمهـا ‪.‬‬
‫ففـي التشريع الفرنسي القديم أعتبـر وأن صحـة زواج المريـض مرض الموت مرتبـط بصحـة‬
‫وسـالمة رضـاه وهو مـا جعلـه يرفض زواج مريض مرض الموت ‪ ,‬غير أن البعض إعتبـر وأنـه على‬
‫عكـس ذلك فإن المشرع لما ربـط صحـة زواج المريض مرض الموت بصحـة وسالمـة رضاه يكـون قد‬
‫أقـر بصفـة ضمنيـة بصحـة هـذا الزواج ‪ .‬وقد سـار فقـه القضـاء الفرنـسي في نفـس هـذا المنحـى من‬
‫ذلك قرار صـادر عـن محكمـة التعقيـب الفرنسي بتـاريـخ ‪ 22‬جـانفي ‪. 1711‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪cass – cham reunies 21 juins 1892 Dp 1892 (1) p 369‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫فقـد أقـرت محكمـة التعقيـب الفرنسيـة أنـه " وحيث أن إتجـاه فقـه القضـاء قديمـا يقـوم على‬
‫عـدم معـاقبـة العـالقـات الخنـائيـة بل وتشجيـع العـالقات الشرعية وفي المقابل ترفض زواج مريض مرض‬
‫الموت " غير أن التشريع الحديث وفي إطار إكتساب شرعيـة للعـالقـات الخنـائيـة فقد أقـر بصحـة‬
‫زواج مريض مرض الموت(‪ )1‬ذلك أن الفصـل ‪ 917‬من المجلة المدنيـة الفرنسيـة أعفـى الشخـص‬
‫المحتضر من اإلدالء بالكشـف الطبي السـابق للزواج ‪ ،‬كمـا أن الفصـل ‪ 191‬أعـطى لرئيس الدولـة‬
‫إستنـادا إلى أسبـاب خطيرة اإلذن بإبرام الزواج في صـورة وفاة أحـد الزوجيـن بعـد إتمـامه لكل إجراءات‬
‫الزواج الرسمية بما يثبت عزمـه على ذلك وبعد الزواج تأخـذ المفعـول إبتداء من اليوم السابـق لوفاتـه‬
‫غير أن الطرف البـاقي على قيـد الحاة ال يتمتـع بأي حق في التركـة ‪.‬‬
‫ولقـد نظـم الفقـه اإلسـالمي زواج مريض مرض الموت وإعتبـر وأنـه ‪" :‬إذا تزوج الرجـل في مرض‬
‫موتـه إمرأة بمهـر يسـاوي مهـر المثـل ‪ ،‬أخذتـه الزوجـة من التركـة بعـد موتـه وإذا كـان المهـر زائدا على‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫مهـر المثـل أخـذت الزيادة حكـم الوصيـة ‪ ،‬والوصيـة تنفـذ في الثلـث من التركـة جبـرا على الورثـة ومـا زاد‬
‫عن الثلـث ينفـذ باختيـار الورثـة "‪ .‬وهـو رأي الحنفيـة ‪.‬‬
‫غير أن المالكيـة إختلفـوا في صحـة زواج المـريض مرض الموت إذ رأى شق أول أنه ال يجـوز‬
‫ذلك الزواج ويفسـخ عقد النكـاح مطلقـا سـواء أذن له الوارث أم ال أو سـواء إحتـاج المريض للزواج أم‬
‫ال ألن فيـه إدخـال وارث على الورثـة وهـو منهي عنـه ‪ .‬أما الرأي الثـاني فقـال بجوازه إن إحتـاج‬
‫المريض لزوجة سـواء أذن الوارث في ذلك أم لم يأذن ‪ .‬وللزوجـة األقـل من المسمى أو مهـر المثـل أو‬
‫ثلث التركـة إن جعل دخـول أو مـات الزوج ‪ ،‬وإن لم يجعـل دخـول فسـخ الزواج ‪ ،‬وال شيء للزوجـة‬
‫قبل الدخول أو المـوت" ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪1- J.C.P 1968 ed G II 15422‬‬


‫‪93‬‬ ‫وقد أخـذ الشـرع السـوري بمـا قـرره الحنفيـة فـي تصـرفـات مـرض المـوت فقـد نصت المـادة‬
‫‪ .‬علـى أنـه ‪ " :‬إذا تـزوج أحـد فـي مـرض موتـه ينتظـر فإن كـان المهـر المسمـى مساويـا لمهـر المثـل‬
‫تأخـذه الزوجـة مـن تركـة الـزوج وإن كـان زائـد عليـه يجـري فـي الزيـادة حكـم الوصيـة" ‪.‬‬
‫ويكـون الشـرع التونسـي بإقـراره هـو اآلخـر بصحـة زواج المريـض مـرض المـوت ‪ ،‬فقـد إنتهـج‬
‫نفـس المنهـج السائـر فيه أغلب الفقهـاء المسلميـن فـي صحـة هـذا الـزواج رغـم مالمـرض المـوت مـن‬
‫تأثيـر علـى ركـن الرضـا فـي العقـد مـن حيث كيفيـة التعبيـر عنـه مثلمـا هـو الحـال بالنسبـة لألخـرس‬
‫واألصـم ‪.‬‬
‫‪-3‬زواج األخـرس واألصـم ‪:‬‬
‫بالنسبـة لألخـرس األصـم خالفـا للمجنـون ‪ ،‬يتمنـع بكامـل مداركـه العقليـة لكـن لـه بعـض‬
‫الصعوبـة فـي كيفيـة التعبيـر عـن إرادتـه فيمكـن تلقـي رضـاه عـن طريـق الكتابـة أو عـن طريـق شخـص‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫يتولـى ترجمـة اإلشـارات الصـادرة عنـه بكـل أمانـة ويلـزم إمضـاءه فـي العقـد فمتـى تـم اإلهتـداء لتلك‬
‫اإلرادة صـح زواج األخـرس األصـم ‪.‬‬
‫وتختلف هـذه الصـورة عـن صـورة تلقـى رضـا الفتـاة فـي العقـد كمـا هـو معمـول بـه فـي التشريـع‬
‫اإلسالمـي فاألصـل فـي ذلك هـو قـول النبي صلى الله عليه وسلم"الثيب أحـق بنفسهـا مـن وليهـا‬
‫والبكـر تستأذن مـن نفسهـا وإذنهـا صمتهـا" ‪.‬‬
‫وفـي روايـة أبـي هريـرة أن ‪":‬التنكـح األيمـة حتـى تستأمـر وال البكـر حتـى تستأذن ‪ .‬قالـوا يـا رسـول الله‬
‫كيف إذنهـا ؟ قـال أن تسكت"(‪. )1‬‬
‫كمـا سلـف أن ذكرنـا فإنـه متى تـم اإلهتـداء إلرادة األخـرس األصـم عقـد قرانـه وصـح عقـد زواجـه ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪ -1‬عبـد الرحمـان عبـد الخالـق" الـزواج فـي ظـل اإلسـالم" ص ‪. 53‬‬
‫ويتـم عقـد الـزواج بإختيـار الطرفيـن إمـا لـدى ضابـط الحالـة المدنيـة أو إبرامـه لـدى عـدلي إشهـاد‬
‫بمحضـر شاهديـن على الـزواج ‪.‬‬
‫وفي خصـوص إبـرام عقـد الـزواج عـن طريـق عدليـن فـإن قانـون عـدد ‪ 13‬لسنـة ‪ 1773‬مـؤرخ فـي ‪23‬‬
‫مـاي ‪ 1773‬المتعلـق بتنظيـم مهنـة عـدول اإلشهـاد نـص فـي فصلـه ‪ 23‬أنـه ‪" :‬عالوة على الشـروط‬
‫المفروضـة بالفصـل السابـق ‪ ،‬تحريـر عقـود التفويت في المكـاسب المبرمـة مـن طـرف األشخـاص‬
‫المصابيـن بعاهـاة كبيـرة كالصـم والبكـم والعمي وماشابـهها مـن العهـات ‪ ،‬بمحضـر شخـص يعينـه رئيـس‬
‫المحكمـة اإلبتدائيـة" ‪ .‬فقـد تعـرض هـذا الفصـل إلى كيفيـة تلقـي الرضا مـن قبـل أشخـاص مصابيـن‬
‫بعاهـات كبيـرة كالصـم والبكـم والعمي فـي خصـوص عقـود التفويت فـي المكاسب المبرمـة مـن طـرف‬
‫هـؤالء األشخـاص وذلك بمحضـرثالث عـن العقـد يعيـن مـن قبـل رئيـس المحكمـة بمقتضـى إذن على‬
‫عريضـة وعـادة مايكـون مـن بيـن األشخـاص القادريـن على فهـم مايمكـن أن يصـدر عـن أصحـاب تلك‬
‫العاهـات مـن إشـارات يتـم نقلهـا إلى عدلي اإلشهـاد ‪.‬‬
‫ويكـون بذلك المشـرع قـد أحـاط أصحـاب العاهـات بجملـة مـن اإلجـراءات الخاصـة وذلك‬
‫ضمانـا لحقوقهـم خاصـة فيمـا يخـص عقـود التفويت في المكاسب والتي مـن شأنهـا أن تضـر‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بمكاسبهـم مثلمـا كـان الحـال بالنسبـة لألمـي الـذي اليحسـن الكتابـة فإلتزامـه اليمضـى حتى يتلقـاه‬
‫عـدول أو غيرهـم مـن المأموريـن المأذونيـن فـي ذلك الفصـل ‪ 353‬م اع ‪.‬‬
‫فهـل يمكـن تطبيـق الفصـل ‪ 23‬مـن قانـون عـدد ‪ 13‬لسنـة ‪ 1773‬المـؤرخ فـي ‪ 23‬مـاي ‪1773‬‬
‫على عقـد الـزواج فـي خصـوص شكليـة إبرامـه إذا كـان أحـد األطـراف أوكليهمـا أخـرس أو أصـم ؟‬
‫لقد جاء الفصـل ‪ 23‬صريحـا في خصـوص أنواع العقـود التي تفتـرض توفر شخـص ثـالث المبرمـة بيـن‬
‫أصحـاب العـاهات فهـي عقـود التفويـت في المكـاسب وهـي صـورة خـاصة أراد المشرع أن يفردهـا‬
‫بشكليـة إضـافيـة وهـي حضـور شخـص ثالث زمـن إبـرام عقـد التفويت لـدى العدليـن ليترجـم مايصـدر‬
‫عـن أصحـاب تلك العاهـات مـن إشـارات ‪ ،‬ومادام النـص صريـح وواضـح فإنـه اليمكـن تأويلـه وال‬
‫التوسـع فيـه وعلى هـذا االسـاس فـإن هـذا النـص الينطبـق على عقـد الـزواج المبـرم بيـن أصحـاب‬
‫العاهـات ‪ ،‬لكـن وفـي المقابـل وفي إطـار توفيـر أكثـر ضمانـات ألصحـاب تلـك العاهـات فـي مـا‬
‫يبرمونـه مـن عقـود زواج فإنـه الشـيء يمنـع مـن تطبيـق هـذا النـص على عقـد الـزواج ‪ .‬ذلك أنـه وبمقارنـة‬
‫عقـد الـزواج بعقـود التفويت في المكاسب فإن عقـد الـزواج اليقـل خطـورة عـن عقـود التفويت فـي‬
‫المكاسب بـل إن عقـد الـزواج يعـد مـن أهـم وأخطـر العقـود التي يبرمهـا األشخـاص في حياتهـم ‪.‬‬
‫إذا مـا أعـدم المـرض فـي بعـض األحيـان الرضـا تمامـا فإنـه فـي بعـض األحيـان مـن شأنـه أن يعيبـه فقط‬
‫‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬المـرض ونعييب الرضـا ‪:‬‬
‫يجب أن يكـون الرضـا سليمـا أي خـال مـن كـل عيب مـن عيـوب الرضـا ‪ .‬ويتحـدث الفصـل‪3‬‬
‫م أ ش عـن رضـا الزوجيـن بـدون أن يفسـر خاصيـات هـذا الرضـا ونقصـد هنـا بالـذات خلـو الرضـا مـن‬
‫العيـوب فهـل أن ذلك يوجب الرجـوع للقوعد العامـة لعيـوب الرضـا المنصـوص عليهـا بالفصـل ‪ 33‬إلى‬
‫‪1‬مإع؟‬
‫إذا مـا إعتبرنـا أن الـزواج عقـد فإنـه يخضـع مبدئيـا للنظريـة العامـة لعيـوب الرضـا لكـن علينـا أن الننسى‬
‫أن الـزواج هـو أكثـر مـن عقـد بمـا أنـه يؤسـس عائلـة فهـو مـن جهـة أخـرى يكتسي صفـة المؤسسـة‬
‫لذلك فإن النظريـة العامـة للعقـود التنطبـق في هـذا المجـال بصـورة مطلقـة بـل إن نظريـة البطـالن‬
‫للعيـوب التي قـد تـرد على الرضـا تكتسـي بعـض الخصائـص ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫والبـد أن نالحظ أن اإللتجـاء إلى النظريـة العامـة المنصوص عليهـا صلب مجلـة االلتزامات‬
‫والعقـود بخصـوص مسألـة الرضـا يحتمـه إحجـام المشرع التـونسي عـن الحديـث تفصيليـا عـن ركن‬
‫الـرضـا الواجـب تـوفره لتكويـن مؤسسـة الزواج كمـا ورد بذلك الفصـل الثـالث من أ ش وذلك على‬
‫عكـس المشـرع الفرنسي الذي أوجـب في الفصـل ‪ 113‬من المجلـة المدنيـة أن يكـون رضـا الزوجيـن‬
‫خـال من العيـوب (‪. )1‬‬
‫والنظريـة العـامة لعيـوب الرضـا تعتبـر وأنـه من الممكـن إبطال عقـد أبرم تحـت تأثيـر غـش أو‬
‫تحيـل أو إكراه أو غلـط عمـال بأحكـام الفصل ‪ 33‬وما بعده من مجلـة أ ع ‪ .‬فأمـا بالنسبـة للعيـب‬
‫األول وهـو الغـش أو التحيـل أو التغريـر فإنـه ال يعتمـد كسبب إلبطـال الزواج ألنـه لوحظ أنـه في‬
‫األغلبيـة الساحقـة من الصـور يسعـى كل من الطرفيـن في أن يرسـم لنفسـه صيغـات غيـر متـوفرة فيـه‬
‫وكثيـرا مـا يكشـف الشخـص أن القريـن الذي تزوجـه يختلـف في واقـع األمر عـن الخـاطب الذي كـان‬
‫ينوي اإلقتـران به ولقـد اعتمـد المشـرع الفرنسي منـذ القديـم هـذا الحـل عمـال بقـولة شهيـرة منسـوبـة إلى‬
‫بعض الفقهـاء الفرنسييـن‬
‫‪» il trempe qui peut« Loysel‬‬
‫أما اإلكـراه فقد نص عليـه صراحـة الشرع الفرنسي في فصلـه ‪ 113‬صلب فقرتـه األولى ‪ ،‬فمـا‬
‫هـوالحـل بالنسبـة للغلط ؟‬
‫يمكـن ألحـد الطرفيـن أن يقـع فريسـة للغـلط في الصحـة البدنيـة للطرف اآلخـر (أوال) ‪ ،‬خـاصة‬
‫إذا مـا كـان الطرف اآلخـر عـاجز جنسيـا وغيـر قـادر على القيـام بواجبـاته الجنسيـة تجـاه الطرف اآلخـر‬
‫(ثانيـا) ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ــــــــ ـ‬
‫(‪ -)1‬المفهوم القانوني واإلجتماعي للزواج ‪ :‬محمد رابـح رسالة تخرج من المعهـد األعلى للقضـاء الفوج الثالث السنة ‪- 1771‬‬
‫‪.1772‬‬

‫‪ – 1‬المـرض والصفـة الجوهريـة للقريـن ‪:‬‬

‫هل أن مرض أحـد طرفي عقـد الزواج السابـق إلبرامـه دون علـم الطرف اآلخـر يعـد غلطـا في‬
‫صفتـه الجـوهريـة ؟‬
‫وفي المقـابل هـل أن صحـة المقبـل على الزواج تعـد صفـة جـوهريـة في إبرام عقـد الزواج ؟‬
‫الصفـة الجوهريـة هـي الصفـة الواجـب توفرهـا للتمكـن من إحترام الحقوق والواجبـات المشتركـة بيـن‬
‫الزوجيـن (‪. )1‬‬
‫والفصـل ‪ 31‬م ا ع يؤكـد أن الغلـط في أحـد المتعـاقدين أو في صفتـه ال يكـون موجبـا للفسـخ‬
‫إال إذا كـانت ذات المتعـاقد معـه أو صفتـه من األسبـاب المـوجبة للرضـا بالعقـد ‪ .‬وهـو فصـل يثيـر‬
‫جملـة من اإلشكـاالت ‪:‬‬
‫‪-‬أولهـا أن هـذا الفصـل ال يتعلـق بالزواج بصفـة صريحـة إذ هـو موجـود بـ م ا ع وهـو نـص عـام ينطبـق‬
‫مبدئيـا على كـل العقـود وال مـانع من أن ينطبـق على عقـد الزواج على خـالف الفصـل ‪ 113‬م م‬
‫الفرنسيـة ‪.‬‬
‫‪-‬ثـانيـا يبطـل العقـد لصفـة من صفـات المتعـاقد لكـن ليسـت كل الصيفـات التي حصـل حـولهـا الغلـط‬
‫هـي من الممكـن أن تؤدي إلى البطـالن ‪ ،‬فالعبـارة التي استعملهـا المشرع هـي أن هـذه الصفـة يجب‬
‫أن تكـون مـوجبـة للرضـا بالعقـد ‪ ،‬أي أنـه لو لم تتوفـر تلك الصفـة مـا كـان للمتعـاقد أن يبرم العقـد ‪.‬‬
‫‪-‬ثالثـا ورغمـا عن وجـود هذا النص والذي كـان من الممكـن استعمـاله كأسـاس قانـوني لدعـوى فسـخ‬
‫عقـد الزواج فإن المحـاكم التونسيـة لم تنظـر في مثـل هذه الدعـوى ولم تقـل كلمتهـا في الموضـوع ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪(1) J.P Branlord opcit N° 1081 page 375 « Les qualités essentielles son cellesqui sant‬‬
‫‪indispensables pour permettre l’accomplissement des droits et devoirs respectifs des épaux » .‬‬

‫لكن من الممكـن (صحيـح) في فقـه القضـاء أن يجـد قـرار تعقيـبي تمـت اإلشـارة فيـه إلى الغلط في‬
‫الشخـص بوصفـه سببـا لبطـالن عقـد الزواج ‪ ،‬ولقـد كـانت القضيـة المطروحـة تهـم في الواقـع الطـالق ‪،‬‬
‫فقـد قـام الزوج بقضيـة في الطـالق للضرر على أسـاس أن زوجتـه مصـابة بمرض األعصـاب ولقـد‬
‫عـالجهـا لكن دون أن تشفـى ‪ .‬فقـالت محكمـة التعقيـب ‪" :‬مرض األعصـاب عنـد الزوجـة مصيبـة‬
‫طبيعيـة حلت بالزوج ال تكـون وحدهـا سببـا لطلب الطـالق للضـرر من الزوجـة مع تغريمهـا للزوج‬
‫وحرمـانهـا من حضـانة أوالدهـا منـه ولذا فإنالحكـم الصادر بالطـالق للضرر من أجـل ذلك ال يكـون‬
‫مرتكـزا على سنـد صحيح ‪ ...‬وبمـا أنه كـان بإمكـان الزوج أن يقـوم بقضيـة في إبطـال عقـد الزواج لو‬
‫أثبـت أن المرض كـان موجـودا قبل الزواج دون أن يكـون عالمـا بوجوده وأنـه ما كـان ليتـزوج لو كـان‬
‫عـالمـا بالحقيقة " (‪. )1‬‬
‫وتكـون بذلـك محكمـة التعقيـب قد فتحـت البـاب لقضيـة في البطـالن للغلـط في الشخـص‬
‫المرض ‪-‬وبينـت الشروط التي البد من توفرهـا للتحصيـل على حكـم قـاض بإبطـال الزواج – وجـود‬
‫مرض قبل إبرام العقـد – أن يكـون الزوج جـاهـال بوجـود ذلك المرض ‪ -‬فإذا ثبـت أنـه كـان عـالمـا به‬
‫فإنـه يعتبـر وكأنـه قد رضي بمـا كـانت عليـه الزوجـة ويجـب كذلك أن يثبـت أن الغلـط مـوجب للرضـا‬
‫أي أن يثبـت أنه مـا كـان ليتـزوج لو كـان عـالمـا بأن زوجتـه مريضـة ‪ ،‬وعلى هـذا األسـاس فإن محكمـة‬
‫التعقيـب اعتبرت وأن المرض صفـة جـوهريـة تمكـن من طلب بطالن الزواج ‪.‬‬
‫وقد اعتبـر الفقـه الفرنسي أن موضـوع الغلـط قد فقـد أهميتـه بالمقـارنـة مع صفـة هـذا الغلـط ‪،‬‬
‫أي طبيعتـه الجوهريـة ‪ ،‬فليـس المهـم أن يقـع الغلـط حـول صفـة من صفـات القريـن بل يجـب أن تكـون‬
‫هـذه الصفـة جوهـريـة أي منتظـرة عنـد إبـرام العقـد ‪ .‬هـذا ولم يتخـلى فقـه القضـاء الفرنسي عـن النظـرة‬
‫المثـاليـة‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬قرار محكمـة تعقيـب ق ت مدني صـادر في ‪ 15‬ديسمبر ‪1711‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫للزواج حيث أنـه يعتـبر الزواج رابطـة روحيـة ال يمثـل الجـانب البيولـوجي سـوى عنصـر ثـانوي ‪ .‬فهـو إذ‬
‫يقضي بإبطـال الزواج ال يستنـد على مرض القريـن السـابق للزواج بل على الغلـط الذي يكـون قد وقع‬
‫فيـه المدعي الذي لو علـم قبـل الزواج بمرض قرينـه لمـا قبـل بالزواج ‪.‬‬
‫فاألسـاس ليـس المرض في حـد ذاتـه بل األسـاس هـو الغلـط في صفـة من الصفـات الجـوهرية‬
‫للقريـن الذي تحصـل الرضـا تجعـل الرضـا معيبـا ‪.‬‬
‫ومهمـا يكـون من أمر فإن األمراض تختلف بحسـب خطـورتهـا وبحسـب تأثيرهـا الالحـق على‬
‫الزواج ‪.‬‬
‫‪-2‬العجـز الجنسي ومفهـوم الصفـة الجوهـرية ‪:‬‬
‫إن إفراد العجـز الجنسي عن بقيـة األمراض نـابعـا باألسـاس مـن أهميتـه وتأثيـره على عقـد الزواج‬
‫‪ ،‬وألن طبيعتـه كمـرض في حـد ذاتـه مختلـف فيهـا ‪.‬‬
‫فإن كـان العجـز الجنـسي للزوج قـد يؤطر بصعـوبة في المعطي البيولـوجي ‪ ،‬فإن مسألـة زواج العـاجزين‬
‫جنسيـا تطرح أسـاسـا من زاويـة معطى نفـسي بحت هـو أسـاس تعييـب رضـا الزوجـة التي لم تكـن لتقبـل‬
‫اإلرتبـاط بشخص عـاجز جنسيـا ‪ ،‬ويكـون بذلك ذلك الشخـص قد أوقع معاقـده في غلـط ‪.‬‬
‫فإن كانت قضايا اإلبطـال الزواج من أجـل الغلـط في شخـص القرين العـاجز جنسيـا لم تطرح‬
‫إلى حـد اآلن أمـام محكمـة التعقيـب التـونسيـة ‪ ،‬فـإن لكن الواقـع القضـائي ال يمنـع من طرح المسألـة‬
‫مستقبـال أمـام محـاكمنـا خـاصة وأن فقـه القضـاء الفرنسي زاخـر بمثـل هـذه القضـايا ‪.‬‬
‫وهي أن تعتـبر أن الزوجـة قد وقعـت في غلـط في الذات المـادية للشخـص فاعتقـدت أنهـا‬
‫إرتبطـت بزوج سيوفـر لهـا إتصـاالت جنسيـة شرعيـة وإشبـاع غريـزي فإذا بهـا تجـد نفسهـا وكأنهـا‬
‫ارتبـطت بأنثى (‪. )1‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬األستـاذ الحبيب الشريف تعليـق على قرار عـدد ‪ 11215‬مرجـع سابق الذكر صفحـة ‪51‬‬
‫فكيـف نعتبـر وأن العجـز الجنسي للزوج غلطـا في الصفـة الجوهريـة ؟‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫رأى المشرع الفرنسي ضرورة تنقيـح الفصـل ‪ 113‬مدني فرنسي ليجعلـه شـامال إضـافـة للغلـط‬
‫في الذات المـاديـة أو الحـالة المدنيـة غلـطا في الصفـات الجـوهريـة للقريـن وذلك سعيـا منـه لتوسيـع‬
‫مفهـوم الغلـط في الشخـص إلى غلـط في الصفـات الجـوهريـة (‪. )1‬‬
‫فاعتبـارا وأن القدرة الجنسيـة للقريـن تعـد من األسبـاب المـوجهـة للرضـا بالعقـد وخصـوصا بأن‬
‫األصـل السـالمـة الجنسيـة للزوج واإلستثنـاء تعيبهـا تكـون المقـدمة على الزواج بالتـالي قد ذهب في‬
‫ظنهـا على أن من عزمت على اإلرتبـاط به شخصـا سليمـا جنسيـا قـادرا على أن يشبـع رغباتهـا الشرعيـة‬
‫‪.‬‬
‫وبمـا أن العجـز الجنـسي للزوج يشكـل عـائقـا طبيعيـا أمـا قيـام العـالقـة الزوجيـة وال يتصـور لهـذه العـالقـة‬
‫وجـودا أو أثـرا فإن المرأة التي إرتبطـت بشخـص غير قـادر على اإلتصـال الجنسي بمـا مستقبـال تكـون‬
‫قـد أمضـت العقـد ورضـاها معيـب حيث أنهـا لو علمت بخلـو معاقدهـا من صفـة جوهريـة أسـاسيـة‬
‫وهـي قدرتـه الجنسيـة ‪ ،‬لرفضت بمناسبـة التعبيـر عـن الرضى اإلرتبـاط به ‪ .‬فمثلمـا اعتبـرت محكمـة‬
‫التعقيـب أن الغلـط الذي يرتكبـه القريـن حـول وجـود مرض لدى قرينـه يبطـل العقـد باعتبـار السـالمـة‬
‫الصحيـة صفـة جـوهريـة من صفـات الشخـص فإن العجز الجنسي كذلك من شأنه أن يبـرر قيـام الزوجـة‬
‫بطلـب إبطـال عقد الزواج إذا ثبت أنهـا لم تكن تعلـم بالعيب الفيزيولوجي للزوج ولم ترضى به بعـد‬
‫الدخـول ‪.‬‬
‫يبـدو في الختـام أنـه ال شيء يمنـع المريض من أن يتزوج لحريـة الزواج في القـانـون التـونسي‬
‫رغـم إمكـانيـة تأثيـر المرض على بعـض شروط تكويـن عقـد الزواج وهـو مـا يمكـن معـه أن يضـع صحـة‬
‫عقـد الزواج في الميـزان ‪ .‬لكن يمكـن أن ال يصـاب أحـد الزوجيـن بمـرض إال بعـد إبرام العقـد وذلك‬
‫لمـا يمكـن أن يعترض عقـد الزواج من عـوارض وأحـداث كالمرض خـالل قيـام العـالقـة الزوجيـة ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪(1) tciv de Grenoble 13-3/20-11-1958 op cit page 495 note cornu.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫القسـم الثـاني ‪ :‬المـرض أثنـاء قيـام العـالقـة الزوجيـة ‪:‬‬

‫سبـق وأن بينـا وأن ال شيء يمنـع المريض من أن يبـرم عقـد زواج ‪ .‬بل أن هنـاك العديد من‬
‫النصـوص القـانـونية تكرس مبدأ حريـة الزواج ‪ .‬وهـو مبدأ ينطبق حتى على المريض ‪ .‬وبالتالي فبإمكـان‬
‫الشخـص المريض أن يبـرم عقـد زواجـه بكل حريـة رغـم مـا لهـذا المرض من تأثيـر على قيـام العـالقـة‬
‫الزوجيـة ‪ .‬كمـا يمكـن لشخـص معـاف أن يبرم عقـد زواجـه ثـم بعـد ذلك يصـاب بمرض مـا ‪ ،‬وهـو مـا‬
‫من شأنـه أن يؤثـر على الحيـاة الزوجيـة حـال قيـامهـا خـاصـة إذا مـا لم يختـر الطرف المعافي التخلي‬
‫عن قرينه المريض" بل فضـل البقـاء إلى جـانبـه في محنتـه المرضيـة ‪.‬‬
‫والمـرض خـالل قيـام العـالقة الزوجيـة وإن كـان من شأنـه أن ال يثيـر مشـاكل علـى مستـوى‬
‫المحـاكم ‪ ،‬ذلك أنـه متى إرتضـى الشخـص المعـافى البقـاء مع زوجـه المريض وعـدم التخلي عنـه فإنـه‬
‫لن يلتـجئ للمحـاكم للمطـالبـة باإلنفصـام عن قرينـه ولكن وبالرغـم من ذلك فإن مرض أحـد الزوجيـن‬
‫خـالل قيـام العـالقـة الزوجيـة وفي صـورة عـدم تخلي القريـن المعـافى عن قرينـه المريض من شأنـه أن يثيـر‬
‫جملـة من المشـاكل التطبيعيـة سـواء فيمـا يتعلـق بالعـالقـات الشخصيـة بين الزوجيـن ( الفقـرة األولى )‬
‫أو في خصـوص العـالقـات المـاليـة ( الفقـرة الثانيـة) ‪.‬‬

‫الفقـرة األولى ‪ :‬تأثيـر المرض على العـالقـات الشخصيـة بيـن الزوجيـن ‪:‬‬
‫إن التحـول الذي يمكـن أن يطرأ على الحيـاة الزوجيـة لمرض أحـد الزوجيـن ‪ .‬يمكـن أن يؤثـر‬
‫من النـاحيـة القـانـونية على حقـوق وواجبـات الزوجيـن ‪ .‬فيمكـن أن يؤول األمر إلى التخلي عـن القيـام‬
‫بواجبـاتهـم أو ممـارسـة حقوقهـم نتيجـة لتأثيـر المرض ‪ ،‬كمـا يمكـن أن يؤول األمر إلى تغييـر أدوارهـم أو‬
‫حتى قلبهـا داخـل األسرة ‪.‬‬
‫فلكـل من الزوجيـن حقوق وواجبـات في نطاق عقـد الزواج تجـاه بعضهمـا ‪ ،‬ومن شأن المـرض‬
‫الذي يلم بأحدهمـا أن يعيـق أحـدهمـا على القيـام بواجبـاتـه الشخصيـة والواجبـات الشخصيـة لم يقـع‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪33‬و‪35‬و‪31‬‬ ‫تبويبهـا من قبـل المشرع التونسي ‪ ،‬على عكـس المشرع المغربي الذي جمعهـا في المواد‬
‫من المدونـة وقسمهـا إلى ‪ :‬واجبـات للزوج تجـاه الزوجـة ‪ ،‬وواجبات للزوجـة تجـاه زوجهـا ‪ ،‬أو‬
‫واجبـات خـاصة بكل من الزوجيـن ‪ .‬غير ان المرض ال يمكـن أن يؤثـر على جملـة هـذه الواجبـات بل‬
‫البعـض منهـا ‪.‬‬
‫فالمرض يمكـن أن يؤثـر على حـق المساكنـة بيـن الزوجيـن (المبحث األول) والتي لهـا والتي‬
‫بالـغ األثـر على مسألـة النسب (المبحث الثاني ) إضافـة إلى تأثيـر المـرض عى حضانـة األبنـاء‬
‫(المبحث الثالث ) ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬تأثيـر المـرض على واجب المساكنـة بيـن الزوجيـن ‪:‬‬
‫يعتبـر هـذا الـواجب مـن بيـن الواجبـات المشتركـة بيـن الزوجيـن ومـن أهمهـا‪ .‬وهـو واجب‬
‫جوهـري إن أخـل بـه أحـد الزوجيـن بـدون مبـرر أصبـح األخـر محقا في المطالبـة بالطـالق‪ .‬وبالفعـل‬
‫التكـاد تخلـو القـرارت التي تتعـرض إلى هـذا الواجب‪ ،‬مـن التأكيـد على أنـه "أبـرز مظـاهر ترابط‬
‫الطرفيـن بعقـد الـزواج " و"مـن أوكـد الواجبـات ازوجيـة" بإعتبـارهـا تمثـل الغـرض األساسـي المطلـوب مـن‬
‫عقـد الزواج" (‪ .)1‬ولعـل أبرز خرق لهـذا الواجـب يتمثـل في " النشـوز "وقد عرفه األستـاذ محمـد‬
‫الصالـح العيـاري بكونـه "كل إساءة للزوج" ‪ .‬فلئـن كان كل نشـوز إسـاءة‪ ،‬فمـا كل إسـاءة بنشـوز ألن‬
‫بيـن الحـالتيـن عمـوما وخصـوصا مطلقـا " ‪.‬‬
‫ولذلـك حـدد النشـوز في حـاالت ثـالث ‪:‬‬
‫*‪-‬إذا منعـت الزوجـة نفسهـا عن زوجهـا في المضجـع بغيـر إعتـالل ثـابت وبغيـر عذر مقبـول ‪.‬‬
‫*‪-‬إذا هجـرت محـل الزوجـة لغيـر سبـب شرعي ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬أنظر ق ت مدني عـدد ‪ 1115‬في ‪ 1791/35/37‬ص ‪ 79‬م ق ت ‪ 13‬ص ‪ 13‬مع تعليق نبيلـة مزغني‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫*‪-‬إذا امتنعـت من مطـاوعـة زوجهـا في السكـن بالمحـل المنـاسب إلمثـالهـا‪ ،‬إال إذا كـان امتنـاعهـا هـذا‬
‫نـاشئـا عن خـوفهـا من اعتداء الزوج أو تضييقـه عليهـا بدون وجـه جري باإلعتبـار‪ ،‬وكـان لهـذا الخـوف‬
‫مبرراتـه الجديـة (‪. )1‬‬
‫فهـل يمكـن أن نعتبـر أن إمتنـاع الزوجـة أو الزوج من مسـاكنـة قرينـه اآلخر لمرضـه يعـد نشـوزا ؟ وهل‬
‫يمكـن التفصي من واجـب المسـاكنـة في صـورة وجـود المرض ؟‬
‫يجـب أن نقـوم بدراسـة واجـب المسـاكنـة وتأثـره بالمرض من خـالل تنقيـح ‪ 12‬جويليـة ‪ 1773‬لمجلـة‬
‫األحوال الشخصيـة ‪.‬‬
‫فقد كـانت مقتضيـات الفصـل ‪ 23‬م أ ش قبـل تنقيحـه تفرض على الزوجـة وغاية زوجها وطاعتـه في مـا‬
‫يأمرهـا به من حقـوق طبق ما يقتضيه العرف والعـادة‪ .‬لذلك حرصت محكمـة التعقيـب في أكثـر من‬
‫قرار على أن تقـرن واجـب المساكنـة المحمـول على الزوجـة بواجـب الطاعـة (‪ .)2‬وهذا يعـود لمـا للزوج‬
‫من قوامـه على زوجتـه‪ .‬فهـو الذي يتخـذ القرارات في نطـاق األسرة ويقـوم بتوجيه أفرادهـا ‪ ،‬ولكن منـذ‬
‫تنقيـح ‪ 12‬جويليـة ‪ 1773‬بموجـب القـانون عـدد ‪ 93‬لسنـة ‪ 1773‬حذف واجـب الطاعـة من محتـوى‬
‫الفصـل ‪ 23‬من م أ ش وجـاءت األحكـام المتعلقـة بحقـوق وواجبـات الزوجيـن متساويـة ‪ ،‬بينهمـا إذا‬
‫أصبحـت تنص على مـا يلي ‪ " :‬على كل واحـد من الزوجيـن أن يعامـل اآلخـر بالمعروف ويتجنـب‬
‫إلحاق الضرر به‪ ،‬ويقوم الزوجـان بالواجبات الزوجيـة حسب ما يقتضيـه العرف والعادة‪ ،‬ويتعـاونـان على‬
‫تسيير شؤون األسرة‪ ،‬وحسن تربيـة األبنـاء ‪ .‬وتصريـف شؤونهـم بما في ذلك التعليـم والسفـر‬
‫والمعامـالت الماليـة ‪ ".‬فهـذا التنقيـح منح الزوج رئاسـة العـائلـة وحذف مـا يقـابلـه من طاعـة محمـولـة‬
‫على الزوجـة ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــ‬

‫(‪-)1‬متى تكون الزوجة ناشزا ‪ ...‬فيسقط حقها في النفقة ‪ :‬محمد الصالح العياري جريدة الصباح ليوم ‪ 1712/33/23‬ص ‪. 11‬‬
‫(‪ -)2‬تعقيـب مدني ‪ 9311‬صادر في مارس ‪ 1713‬ق ق ت قسم مدني ‪ 1713‬ص ‪. 193‬‬
‫وبذلـك تم تغييـر مفهـوم المشـاركة بحذف واجـب الطاعـة المقتـرن به‪ .‬ذلـك أن اإلخـالل به لم‬
‫يعد يتمثـل في مغـادرة الزوجـة لمحـل الزوجيـة بدون مبرر شرعي وبدون إذن الـزوج‪ ،‬بـل أن مقتضيـات‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الفصـل ‪ 23‬م أ ش الجديـدة تفتـرض حـذف الجـزء الخـاص بإذن الـزوج مـن تعريـف اإلخـالل‬
‫بالمساكنـة‪ ،‬وبذلك يصبـح هـذا الواجب خاضـع لمعيـار موضوعي يتمثـل فـي وجـود أوعـدم وجـود‬
‫مبـررشـرعي لعـدم مساكنـة الزوجـة لزوجهـا ‪.‬‬
‫وإذا إعتمدنـا على هـذا الفهـم الجديـد لـواجب المساكنـة فهـل يمكـن أن نعتبر الزوجـة ناشـزا إذا‬
‫غـادرت محـل الزوجيـة لتلقي العـالج بأحـد المستشفيـات ؟‪.‬‬
‫وهنـا تسائلنـا حـول نشـوز الزوجـة بإعتبـار وأن فقـه القضـاء يحمـل هـذا الـواجب على الزوجـة فقط‬
‫محافظـا بذلك على مـا ورد فـي الفقـه اإلسـالمي وإعتبـر أن هجـر الـزوج لمحـل الزوجيـة بـدون غايـة‬
‫(‪)1‬‬
‫وهـذا مـا اليستقيـم مع‬ ‫التفصي مـن الواجبـات المفروضـة عليـه قانونـا‪ ،‬غير موجبة للعقاب‬
‫المقتضيات الجديدة للفصل ‪.‬‬
‫كمـا يكـون مـن الصعب التوصـل إلى حـل منصف فـي خصـوص إخـالل الزوجـة بـواجب‬
‫المساكنـة للعـالج‪ ،‬خاصـة وأن مغادرتهـا لمحـل الزوجيـة يكـون مبـررا بمرضهـا وخضوعهـا للعـالج سـواء‬
‫داخـل أو خـارج البـالد أيـن توجـد وسائـل عـالج ضروريـة‪ .‬كمـا أنـه تعد مـن جهة أخـرى الزوجـة مخلـة‬
‫بواجباتهـا التي ألزمهـا القانـون على وجـوب إحترامتهـا إذا مـا غـادرت محـل الزوجيـة بـدون إذن زوجهـا‬
‫وإستقـرت خارجـه ‪.‬‬
‫إال أنـه مـن األسلـم تـرك مثـل هـذه الوضعيـات الواقعيـة لمحـض إجتهـاد محكمـة الموضـوع ‪.‬‬
‫فالنشـوز خطـأ مـن جانب المـرأة إال أن هـذا الخطـأ لـه درجـات وخطئهـا مـن أجـل تلقـي العـالج‪ ،‬أو‬
‫الخـوف مـن إنتقـال المـرض إليهـا عنـد مساكنتهـا لزوجهـا أقـل جسامـة مـن المـرأة التي هجـرت محـل‬
‫الزوجيـة ألسبـاب أخـرى ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬تعقيب جـزائي عـدد ‪ 11133‬مـؤرخ ‪ 1791/2/23‬ن م ق ت سنـة ص ‪. 173‬‬
‫أمـا فـي القانـون الفرنسـي ورغـم أن المساكنـة تعـد مـن النظـام العـام فإنـه يمكـن للمساكنـة أن‬
‫تنقطـع في صـورة مـرض أحـد الزوجيـن‪ ،‬سـواء لمصلحـة الـزوج الـذي مـن الممكـن أن يعالـج بأكثـر‬
‫عنايـة فـي إحـدى المصحـات وإال عنـد أهلـه وهـو مـا أقرتـه محكمـة التعقيب في قرارها الصادر بتاريـخ‬
‫‪ 13‬جـوان ‪ . )1( 1751‬أو لمصلحـة األبنـاء والـزوج المعافى إذا كـان القريـن األخـر مريـض بمـرض‬
‫معـدي‪ .‬وذلك على حـالف اإلتجـاه القضائي الـذي كـان سائـدا والـذي اليقبـل إخـالل أحـد الزوجيـن‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بـواجب المعاشـرة بسب المـرض ولـوكـان معديـا‪ .‬وهـو اإلتجـاه الـذي عكـس ضـرورة التمسك بـواجب‬
‫المساكنـة حتى فـي صـورة وجـود مـرض معـدي إال فـي حالـة وجـود إمكانيـة لمعالجـة الشخـص المريـض‬
‫فـي مصحـة مختصـة ‪.‬‬
‫لكـن بعـد تنقيـح قانـون ‪ 22‬ديسمـبر ‪ 1732‬الـذي أعطـى مفهـوم ذاتـي للخطـر البدني أو‬
‫النفسـي ‪ ،‬أمكـن التفصي مـن بعـض الواجبـات بيـن الزوجيـن وأصبـح اليـوم مـرض أحـد الزوجيـن يشـرع‬
‫للطـرف المعافي إمكانيـة التفصي مـن واجب المساكنـة ‪ -‬سـواد كـان الهـدف مـن ذلك السعـي لعـدم‬
‫تدهـور الحالـة الصحيـة للقريـن المعافـى لمـا مـن تأثيـر للعالقـات الجنسيـة على صحتـة ‪ ،‬أو يهـدف‬
‫إلى عـدم تعـرض المعـافى للعـدوى إذا كـان المـرض المصـاب بـه قرينـه معدي وقد ذهـب المشرع‬
‫الفرنسي إلى أكثر من ذلك بأن ألزم الطرف المريض بالسعي لمعـالجـة مرضـه ال التهـاون في ذلك ‪،‬‬
‫خـاصة إذا مـا كـان المرض معـدي‪ ،‬ومؤثـر على العـالقـات الجنسيـة بين الزوجيـن ذلك أن الزوجـان‬
‫مطالبـان بالمسـاكنـة والقيـام بعـالقـات حميمة على أن ال تكـون سببا في إصابـه أحـد منهمـا بمرض‬
‫نـاتج عن إنتقـاله من الطرف اآلخـر عن طريق العـدوى‪ ،‬لذلـك وجـب عليهـم االإعتنـاء بصحتهـم‬
‫وبصحـة أبنـائهـم مستقبـال حتىال يورثوهم أمراض معديـة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1)-Paris 10 Juin 1958 D 1958 J 735 note critique voirin .‬‬
‫كمـا تحمـل على القريـن واجبـات ‪ ،‬من أهمهـا بمقتضـى صفتـه كقريـن ينصـح قرينـه المريض‬
‫اإلمتثـال للعـالج ‪ .‬كما إعتبـروا أن مسانـدة القريـن المعـافى لقرينـه المريض‪ ،‬تعـد حق من حقـوق‬
‫المريض كزيـارتـه بالمصحـات أو تقبـل شتـم قرينـه أو ضربه إذا مـا كـان مريضـا مرضـا عقليـا ‪.‬‬
‫فواجـب المسانـدة هـذا غير مـوجـود بأي فصل من الفصـول بل يمكـن إستنتـاجه من الفصـل ‪ 212‬من‬
‫م م الفرنسية ‪.‬‬
‫فهـل يمكـن أن نجـد صدى لواجـب المسانـدة في القانـون التونسي ؟ يمكـن أن نجـد ذلك‬
‫في الفصـل ‪ 23‬من م أ ش الذي ينص على واجـب المعـاملة بالمعروف بين الزوجيـن فهـذا الواجـب‬
‫يتسـم بصبغـة أخـالقيـة واضحـة ذلك أنـه يتجـاوز حـدود القـواعـد القـانـونية لييندرج في إطار العـالقـات‬
‫العـاطفية واإلنسـانية واألخـالقيـة بين الزوجيـن ‪ .‬كمـا نـص هـذا الفصـل على رعـاية الزوجـة لزوجهـا‪.‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ولعـل من أهـم مظـاهر رعـاية الزوجـة لزوجهـا هـو مسانـدته في مرضـه بمـا يدخـل في ذلك من العنـاية‬
‫به والقيـام بشؤونـه في ضـل حياة زوجيـةقائمـة على التكـافل والتآزر ‪.‬‬

‫المبحـث الثـانـي ‪ :‬المـرض والنسـب ‪:‬‬


‫إذا مـا تـم اإلخالل بواجب المساكنـة المحمـول على الزوجين ‪ ،‬يمكـن أن تثار نتيجـة لذلـك‬
‫جملـة من المشـاكل لعل أهمهـا إثبات نسب الطفل والعـالقـة الزوجيـة قائمـة‪ ،‬ولكـن من جهـة أخـرى‬
‫واجـب المساكنـة تم اإلخـالل به وهـو مـا يجعـل األب السـاعي إلى نفي هـذا المولـود عنـد التمسـك‬
‫بعدم تـالقيـه مع قرينتـه أثنـاء المـدة القـانـونية للحمـل (أوال) ‪ .‬وحتى وإن تمسـك الطرف اآلخـر بأنـه‬
‫كـان محترم لواجـب المساكنـة ولم يغـادر محـل الزوجيـة ‪ ،‬فإنـه بإمكـان األب أن يتمسك بمرضه‬
‫كعجـزه الجنسي ‪ ،‬أو عقمـه وعـدم قدرتـه على اإلنجـاب (ثانيـا) ‪.‬‬
‫‪ -1‬نفي النسـب لعـدم التـالقي في المكـان ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫يمكـن لألب الذي أقـام بأحـد مؤسسـات اإلستشفـاء نتيجـة مرضـه ‪ ،‬أن ينفي نسب إبن زوجتـه‬
‫إلبتعـاده عـن محـل الزوجيـة‪ ،‬وعـدم إقـامتـه به‪ ،‬وبإثبـاتـه لعـدم حصـول إتصـال بينـه وبين زوجتـه خـالل‬
‫فترة الحمـل ‪.‬‬
‫فالفصـل ‪ 17‬م أ ش ينص على أنه ‪" :‬ال يثبـت النسـب عنـد اإلنكـار لولد زوجتـه ثبـت عـدم التالقي‬
‫بينهـا وبين زوجهـا " وهـذه الصـورة جـاءت كذلك بـالئحـة الشيـخ جعيط في تبريرهـا حسب المـذهب‬
‫المـالكي ونص عليهـا الفصـل ‪ 127‬م أ ش السـوري ‪ " :‬النسـب ال يثبـت إذا أثبـت األب عـدم التـالقي‬
‫بينـه وبين زوجتـه من جراء السجـن‪ ،‬أو الوجـود في بلـد بعيـد أثنـا مدة الحمـل "‪ .‬ولقـد إعتمـد نفس‬
‫الحـل المشرع المصري صلـب الفصـل ‪ 51‬من المدونـة ‪ ،‬وهـو حـل منطقي ذلك أنـه يبدو من البديهـي‬
‫أن ال ينسـب الطفـل إلى الزوج إذا أثبـت عـدم التـالقي بين الزوجيـن أثنـاء المدة القـانـونية للحمـل ‪.‬‬
‫وعـدم التالقي بين الزوجيـن في المكـان نتيجـة لمقـام الزوج بالمستشفي من الصور التي‬
‫عرضـت على المحـاكم‪ ،‬والتي طالب فيهـا الزوج بنفي نسـب مولـود زوجتـه‪ .‬وهـي صورة من شأنهـا أن‬
‫ال تفيـد عـدم إمكـانية التالقي بين الزوجيـن بصـورة مطلقـة ‪.‬‬
‫فالمـكوث بالمستشفى رغمـا عن وجـود أحـد الزوجين بقـاعة عمـومية من الممكـن تصور خلوة بين‬
‫الزوجيـن ‪.‬‬
‫وقد زخـر فقه القضـاء الفرنسي بالعديد من هذه الصور ‪ .‬فالمحـاكم الفرنسيـة كـانت قديمـا ال‬
‫تقبـل المبدأ في حـد ذاتـه ونعني بذلك التمسـك بعدم المساكنـة لمرض قرينـه ‪ ،‬فواجـب المسـاكنة‬
‫يبقى قـائمـا حتى في صـورة ما ألم بالقريـن اآلخـر مرض ولو كـان مرضـا خطيرا ومعديـا ‪ ،‬واإلمكـانيـة‬
‫الوحيـدة لإلخـالل بواجـب المسـاكنـة والحـال أن الزوج مريض هي حـالة إصـابة القريـن بجنون مع‬
‫إشتراط أن يكـون هـذا الجنون من شأنـه أن يشكـل خطرا على العـائلـة‪ .‬ثم بعـد ذلك تم التـوسع في‬
‫واجـب المساكنـة من قبل فقـه القضـاء وخـاصة بعد صدور قـانون ‪ 22‬سبتمبر ‪ 1732‬وعلى هـذا‬
‫األسـاس قبلـت المحـاكم نفي بسبب األب لمولـود زوجتـه لتمسكـه بعـدم إمكـانية التـالقي بينـه وبين‬
‫زوجتـه بنسـب مرضـه بشرط أن يؤثـر هـذا المرض على حـالتـه البدنيـة‪ ،‬وقدرتـه الجنسيـة‪ ،‬وذلك‬
‫بالتمسـك بأحكـام الفصـل ‪ 312‬من المجلـة المدنية الفرنسيـة‪ .‬في حين أن قضاة األصـل قبلـوا بهـذا‬
‫السبـب‪ ،‬أي صـورة عـدم التالقي لنفي النسـب بموجـب المرض بشرط أن يثبـت األب أن مرضـه قد‬
‫نتـج عنـه عـدم القـدرة على اإلنجـاب(‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وقد تعرضـت المحـاكم التونسيـة إلى عـديد القضـايا التي ترمي إلى نفي نسب المولـود نظرا‬
‫لعدم التـالقي بين الزوجيـن ‪ ،‬وقد اعتبرت محكمـة التعقيـب أن النسـب ال يثبـت إذا إتضـح وثبت عـدم‬
‫التالقي بين الزوجيـن (‪ .)2‬ففي هـذه القضيـة التي تمثلـت وقائعهـا في قيام أخ الزوج بصفته وارثـا له‬
‫بقضيـة طالبـا نفي نسب الولـد الذي أنجبتـه زوجـة أخيـه إعتمـادا على مـا كان صرح به ذلك الزوج‬
‫بمنـاسبـة قضيـة طـالبا فيهـا بالطـالق من زوجتـه بعـد الدخـول بكونهـا فارقتـه مـدة طويلـة وغـادرت محـل‬
‫الزوجيـة دون أن يكون له أبنـاء منهـاوقد عرض المدعي بينـة تفيـد عـدم حصـول التـالقي بين أخيه‬
‫المتـوفي وزوجـة المدعي عليـه وذلك طيلـة المدة القـانونيـة الحمـل‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1)-Trits civil NONCY 13 FIVRIER 1957 J.C.P 1958‬‬
‫(‪-)2‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 7931‬بتاريخ ‪ 5‬فيفري ‪ 1793‬ن م ت ‪ 1793‬الجزء األول ص ‪. 153‬‬
‫لكـن حكام األصل أعرضوا عن سمـاع هـذه البينـة فنقضت محكمـة التعقيـب حكمهـم نظرا‬
‫لمخـالفته ألحكـام الفصـل ‪ 95‬من مجلـة أ ش ‪.‬‬
‫وقد كـان على محكمـة التعقيـب أن تتعرض إلى الفصـل ‪ 17‬من م أ ش الذي يتعلـق بعدم‬
‫التالقي (‪ . )1‬كمـا أن إثبـات عدم حصول التـالقي نظرا للبعـد المكـاني بين الزوجيـن‪ ،‬يمكـن أن يتصـور‬
‫إثباتـه كحـالة إقـامة الزوج بالمستشـفى‪ .‬ومحكمـة التعقيـب تقبـل إثبـات عـدم حصول التـالقي بجميع‬
‫وسائـل اإلثبـات ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نفي النسـب لعـدم وجـود إتصـال جنسي بيـن الزوجيـن ‪:‬‬
‫إن القرينـة الفراش التي نص عليهـا الفصـل ‪ 11‬من م أ ش ‪،‬ال تعـدو أن تكـون مجرد قرينـة‬
‫بسيطـة وغير قاطعـة يمكـن دحضها إذا مـا ثبـت أنهـا ال تعكـس الحقيقـة البيـولـوجية‪ ،‬المتمثلـة في عـدم‬
‫انتساب المولـود للزوج (‪ . )2‬وقد أورد المشرع صور نفي النسب بسبب عـدم التالقي بين الزوجيـن‬
‫بالفصـل ‪17‬من م أ ش‪ .‬وواضح من خـالل هـذا الفصـل أن المشرع التونسي قد إتبع المذهـب‬
‫المالكي الذي يشترط لثبـوت النسب إمكـانية الوطء (‪.)3‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫كمـا يمكن أن ينفي الزوج كون الولد من صلبـه‪ ،‬وذلك بالرغـم من إقامـته مع زوجتـه تحـت‬
‫سقـف واحد طوال المدة القـانونيـة للعمـل ‪ .‬وعـدم التـالقي ال يعني في هـذه الحالـة البعـد المكـاني بل‬
‫هـو يعني البعـد النفساني أو عـدم اتصـال الزوج جنسيـا بزوجتـه في هـذه المدة ‪.‬‬
‫والمشكـل الذي يعترض المدعي في هـذه الحـالة يتمثـل فـي إثبـات عـدم وقـوع هـذا االتصـال‬
‫الجنسي أثنـاء المـدة القانـونيـة للحمـل ‪.‬وهنـا تكمـن الصعوبـة فـي كيفيـة إثبـات عـدم حصـول هـذا‬
‫اإلتصـال الجنسي بالرغـم مـن وجـود الزوجيـن فـي مكـان واحـد وإلتقـائهمـا ببعضهمـا ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬عبـد الرؤوف بالشيخ مرجع سابق الذكر ص ‪. 31‬‬
‫‪.315‬‬ ‫(‪-)2‬األميـن الشابـي ‪:‬مرجـع سابـق الذكـر صفحـة ‪ 13‬و‬
‫(‪-)3‬المادة ‪ 532‬فـي تحريـرهـا المالكي مـن الئحـة األحكـام الشرعيـة ‪ ،‬مرجع سابـق الذكـر ص ‪.173‬‬
‫ويمكـن أن يتيسـر ذلك إذا مـا إعتـرفت الزوجـة بعـدم التالقـي جنسيـا بزوجهـا أثنـاء المـدة‬
‫القانونيـة للحمـل ‪ .‬هـذا مـا أقـره فقـه القضـاء ‪.‬ففـي قضيـة عـرضت أمـام محكمـة التعقيب تمثلت‬
‫وقائعهـا فـي قيـام المدعـي بقضيـة فـي الطـالق قبـل البنـاء ‪ .‬فصـدر حكـم بذلك ‪ .‬وبعـد إنقضـاء ستـة‬
‫أشهـر مـن تـاريخ العقـد وضعت المدعـي عليهـا بنتـا رسمتها بدفاتـر الحالـة المدنيـة منسوبـة لمفارقهـا‪.‬‬
‫فقـام هـذا األخيـر بدعـوى ترمـي الى نفـي نسب هـذه البنت‪ ،‬نظـرا لعـدم حصـول الدخـول‪ ،‬باإلضافـة‬
‫إلـى سـوء سلـوك مفارقتـه‪ ،‬زيـادة علـى تفطنـه لحملهـا فـي شهرهـا الثـالث بمجـرد إبـرام عقـد الـزواج ‪.‬‬
‫فردت الزوجة بأنهـا كـانت قـد عاشرتـه قبـل إنعقـاد النكـاح بينهمـا بأربعـة أشهـر‪ ،‬وأن تلك البنت ولـدت‬
‫لهـا بعـد انقضـاء ستـة أشهـر مـن ذلك العقـد‪ ،‬وحينئذ فهـي ابنتـه وفقـا لمقتضيـات الفصـل ‪ 91‬مـن‬
‫مجلـة األحـوال الشخصيـة ‪.‬‬
‫فـرأت محكمـة البدايـة وجـاهـة هـذا الـرأي وقضت بعـدم سمـاع دعـوى نفـي النسب ولـدى‬
‫محكمـة األستئنـاف تأيـد هـذا الحكـم ‪ .‬لكـن محكمـة التعقيب نقضت ذلك القـرار معللـة وجهـة‬
‫نظرهـابقولهـا ‪":‬وحيـث أن القائـم إستنـد إلـى دليـل مـادي وجوهـري‪ ،‬وهـو إعتـراف الزوجـة بعـدم التالقـي‬
‫بينهـا وبينة جنسيـا مـن تاريـخ العقـد‪ ،‬إذ العبـرة بالزنـا إن سبـق وقوعـه قبـل العقـد‪ .‬والمحكمـة لـم‬
‫تفحـص هـذا الدليـل ولـم تـرد عليـه شـيء‪ .‬ولـم تلتفت إليـه‪ .‬مـع أنـه إن ثبت وكـان لـه أصـل مـن أوراق‬
‫القضيـة فإنـه يترتـب عنـه نتائـج مغايـرة (‪ ".)1‬كمـا يمكـن أن يتيسـر اثبـات عـدم إلتقـاء الزوجيـن جنسيـا‪،‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫فـي صـورة إثبـات الزوج لعـدم قـدرته علـى القيـام بوظيفتـه الجنسيـة أثنـاء المـدة القانونيـة للحمـل‪ .‬وهـو‬
‫أمـر يسهـل تصـورة نظريـا‪ ،‬لكـن وعلـى المستـوى التطبيقـي يصعب تصـور أن يقـوم زوج بنفـي نسب‬
‫المولـود الـذي أتت بـه زوجيـة بسب عـدم قدرتـه الجنسيـة التي هـي سمـة مـن سمـات الرجولـة لديـه ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬قرار تعقيب مدني عـدد ‪ 7153‬بتاريخ ‪ 27‬أفريل ‪ 1795‬ن م ت ‪ 1795‬ص ‪231‬‬
‫وقـد أقـر الفقهـاء المسلمـون إمكانيـة نفي نسب المولـود فـي صـورة عدم قـدرة الـزوج علـى‬
‫الوطـئ‪ .‬فالفصـل ‪ 533‬مـن الئحـة األحكـام الشرعيـة فـي تحريـره علـي المذهبيـن المالكـي والحنفـي‬
‫نـص على صورتيـن ينتفـي فيهمـا النسب ‪ :‬أمـا الصـورة األولـى فتتمثـل فـي عـدم قـدرة الـزوج على‬
‫االنجـاب نظـرا لصغر سنه إذ اليتصـور منـه وقـاع وال احبـال ‪ ،‬وأمـا الصـورة الثانيـة فتتعلـق يعجـز الـزوج‬
‫جنسيـا على االتصـال بزوجيـة (‪.)1‬‬
‫المشـرع الفرنسـي يقـر بإمكانيـة نفـي نسب المولـود فـي صـورة عجـز الـزوج جنسيـا هـذا‬
‫ونـالحظ تطـورا فـي موقـف المشـرع الفرنسـي فـي خصـوص إعتبـار العجـز الجنسـي سببـا يبـرر نفـي‬
‫النسب ‪ ،‬ففـي مرحلـة أولـى حـول المشـرع الفرنسـي هـذه الحالـة فـي صـورة العجـز الجنسـي الناتـج عـن‬
‫حـادث مـا‪ .‬لكـن مـا فتـئ المشـرع الفرنسـي أن قبـل طلب نفي النسب بسبب العجـز الجنسـي‬
‫الطبيعـي‪ ،‬وذلك بنـاء على ما جـاء بالفصـل ‪ 312‬جديـد مـن الـم الفرنسية المنقـح بمقتضـى قانـون ‪3‬‬
‫جانفـي ‪. 1792‬‬
‫والمشكـل الـذي يمكـن أن يعتـرض الـزوج الـذي يقـوم بدعـوى فـي نفـي نسب المولـود الـذي‬
‫أنجبتـه زوجيـة لكونـه كـان عاجـزا جنسيـا على االتصــال بزوجيـة أثنـاء المـدة القانونيـة للحمـل‪ ،‬يتمثـل‬
‫في اثبـات هـذا العجـز ‪ .‬فالطـب مـازال عاجـز إلى حـد اليـوم على القطـع بأن شخصـا مـا يعانـي عجـزا‬
‫جنسيـا طبيعيـا وأنـه مـا كـان بإستطاعتـه االتصـال جنسيـا بزوجيـة ال أثنـاء المـدة القانونيـة للحمـل وال‬
‫أثنـاء أي وقت آخـر ‪ .‬كمـا تكمـن الصعوبـة فـي إثبـات هـذا العجـوز الجنسـي‪ ،‬بإثبـات أنـه كـان عاجـزا‬
‫عـن االتصـال جنسيـا بزوجتـه أثنـاء المـدة القانونيـة للحمـل ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪Rinant de Bellefonds trait du droit musulman comparé Tome III N°4456 page 47 )1‬‬
‫نستنتـج بالتالي أن الشرع التونسي مكـن من القيام بدعوى في نفي نسب المولود الذي تنجبـه الزوجـة‬
‫نظرا لعدم وجود إتصـال جنسي بيـن الزوجـين أثنـاء المدة القـانونية للحمـل ‪ .‬والفصـول الواردة بالمجلـة‬
‫تنطوي على هـذه اإلمكانيـة‪ .‬والزوج يمكـن أن ينفى نسب المولـود الذي تنجبـه زوجتـه بالرغـم من‬
‫إعراضـه عن وجـود اتصـال جنسي بينه وبين زوجتـه أثناء المدة القـانونية للحمـل ‪.‬‬
‫ويمكنـه ذلك لو أدلى بما يثبـت أنـه كان عقيمـا بحيث أنـه ال يستطيـع اإلنجـاب وقد تثـار‬
‫بعـض المشـاكل في خصـوص التلقيـح الصنـاعي ‪ .‬ذلك أنه يعـد من األعمـال الطبيـة المستحدثـة التي‬
‫تمكـن من تجاوز مشكلـة العقـم لدى الزوجـة والزوج على حـد السـواء فهو آليـة عالجيـة تجرى لعـالج‬
‫العقـم غـايتهـا الحد من الخـالفات الزوجيـة إذا كان أحد الزوجيـن عقيمـا ‪.‬‬
‫وتتمثـل هـذه العمليـة في إدخال منى الزوج أو غيره في عضـو تنـاسل المرأة وذلك بدون‬
‫اإلتصال الجنسي الطبيعي ‪ .‬وأمام عـدم الوضوح القـانوني بالنسبة لهذه العمليـة فإنـه البد من توفـر‬
‫عـدة شروط هـامة أهمـها وجـود عقـد زواج مع وجـود العقـم كحـالة ضرورة للقيـام بهـا ‪.‬‬
‫فاشتراط العـالقة الزوجيـة بين طرفي العمليـة غايـته حمايـة األسرة والمحـافظة على قدسيتهـا‬
‫واإلستقرار اإلجتمـاعي في منـع إختـالط األنساب فاألسرة تهـم النظـام العام وال يمكـن بحـال من‬
‫األحوال المس منهـا من خـالل قبول التلقيـح الصنـاعي عن طريق نقل منى شخـص أجنـبي غير الزوج‬
‫سـواء المرأة متزوجـة أو غير متزوجة ‪.‬‬
‫وقد إعتبـر مجلس المجمـع الفقـهي لرابطـة العالـم اإلسـالمي جواز التلقيـح شرعـا إذا تم بمنـى‬
‫الزوج ‪ .‬فالتلقيـح الصنـاعي إلمرأة متزوجـة بمـنى شخص أجنبي يعتبر عمـال غير أخـالقي حتى لو كان‬
‫العرض منه معالجـة العقيم‪ .‬كمـا أنه يتعـارض مع نظام البنوة وإخـالال بالواجـب األخالقي الذي يتطلب‬
‫اإلمتنـاع عن القيـام بأي عـالقـة جنسيـة خارج رابطـة الزواج‪ .‬كما أن هـذا العمل يعتبر باطـال ألنـه يهم‬
‫النظـام العام ‪.‬‬
‫كمـا أن إشتراط اإلصـابة بالعقـم‪ ،‬أي وجـود مـانع طبيعي يحـول دون تحقيق حلـم اإلنجـاب‬
‫هو من الضروريات األسـاسية لإلنجـاز لمثـل هـذه العمليـة وذلك حتى يتحقق الحلم في إنجـاب‬
‫األطفال طالمـا حرم منه المصـابين يالعقـم‪ ،‬ومن ثمـة المحـافظـة على استقرار الحيـاة الزوجيـة‬
‫واإلستقرار اإلجتمـاعي (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ولكـن قد يتوفـر األبنـاء ‪ ،‬أي أنـه ال يشكـو أحـد الزوجيـن من العقـم وقـادر على إنجـاب األبنـاء‬
‫وفي المقابـل قد يكـون مريض مرض جسدي أو عقلي فكيف يمكن حمـاية األطفال في حال وجـود‬
‫هـذا المرض ؟‬
‫المبحـث الثـالث ‪ :‬المـرض والحضـانة ‪:‬‬
‫تتجسد حمايـة األبنـاء في عـدة مستويات وذلك خشيـة على األطفال من المرض ‪ ،‬فقد راع‬
‫المشرع مصلحـة المحضـون الشرعي أي النـاشئ عن لعـالقـة زوجيـة (أوال) كمـا راع أيضـا مصلحـة‬
‫المتبني(ثانيـا) ‪.‬‬
‫‪-1‬مراعـاة مصلحـة المحضـون ‪:‬‬
‫إعتنـى المشـرع بحضانـة الطفـل وإهتـم بهـا وأولـى حمايـة قصـوى لهـذه المؤسسـة ‪ .‬ويمكـن‬
‫تعريـف الحضانـة بأنهـا حفـظ الولـد فـي مبيتـه والقيـام بتربيتـة‪ .‬وهـو التعريـف الـواد صلب الفصـل ‪ 53‬مـن‬
‫مجلـة األحـوال الشخصيـة ‪.‬والحضانـة هـي مـن حقـوق الزوجيـن مـاداما علـى قيـد الحياة والعالقـة‬
‫الزوجيـة قائمـة بينهمـا‪ .‬وهـذه الصـورة تفتـرض أن العائلـة هادئـة مستقـرة اليعكـر صفوهـا أي عـارض‪.‬‬
‫غيـر أن هذه العالقة يمكن أن تتأثـر بمـرض أحـد الزوجيـن إذ يمكـن أن ينبثـق نـزاع حـول الحضانـة‬
‫حـال قيـام الرابطـة الزوجيـة ودون وجـود قضيـة فـي الطـالق إذا كـان أحـد الزوجيـن مريضـا‪ .‬فحسب‬
‫الفصـل ‪ 51‬مـن مجلـة األحـول الشخصيـة فإنـه يشتـرط فـي مستحـق الحضانـة أن يكـون مكلفـا أمينـا‬
‫قـادرا على القيـام بشـوؤن المحضـون سالمـا مـن األمـراض المعديـة ويبـدو أن مبنـى هـذه الشـروط أن‬
‫يكـون الشخـص المترشـح للحضانـة خاليـا مـن األمـراض المعديـة مـن خـالل اشتـراطهـا صـراحـة صلب‬
‫الفصـل المذكـور ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬المرض في القانون التونسي ‪ :‬رسالة ختم التخرج من المعهد األعلى للقضاء ‪ 77/71‬عدنان الماطوسي‪.‬‬

‫لكـن هـذا الفصـل يتحـدث عن الحضانـة بعـد انفصـام الربطـة الزوجيـة إمـا بطـالق أو بمـوت‬
‫لكـن هـل يمكـن أن يتمسك أحـد الزوجيـن بحضانـةأبنـاءه والحـال أن العالقـة الزوجيـة قائمـة ألن قرينـة‬
‫مريـض ؟‪.‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫إن الفصـل‪ 59‬من م أ ش صريـح مـن كون الحضانـة مـن حقـوق األبويـن مـادامت الزوجيـة‬
‫مستمـرة بينهمـا‪ ،‬فإذا كـان األمـر ماذكـر فإنـه اليمـكن تفريـد أحـد الزوجيـن بالحضاتـة وتخصيصـه بهـا‬
‫مـادام المشـرع يعتتبرهـا مـن حـق األخـر كذلك وال يمـكن للمحكمـة أن تنتـزع مـن شخـص حقـا منحـة‬
‫ايـاه المشـرع غيـر أنـه فـي المقابـل الشـيء يمنـع حسب رأي األستـاذ ساسي بـن حليمـة (‪ )1‬مـن اسنـاد‬
‫الحضانـة ألحـد الزوجيـن حـال أن الزوجيـة قائمـة بينهمـا دون أن يعتبـر ذلك منهمـا خرقـا ألحكـام‬
‫الفصـل ‪ 59‬ذلك أن العبـرة هـي بالمقاصـد التي يرمـي إليهـا المشـرع البحـروف النصـوص ‪.‬‬
‫ومقاصـد المشـرع تتلخـص فـي مصلحـة المحضـون‪ .‬فمصلحـة المحضـون هـي المعيـار‬
‫واألسـاس فـي إسنـاد الحضانـة وليـس مـن مصلحـة المحضـون أن يصـاب بالعـدوى مـن الحاضـن‬
‫أويعيـش مـع شخـص مريـض غيـر قـادر على السهـر عليه ممـا قـد يكـون لـه عـواقب وخيمـة عليـه ‪.‬‬
‫ونـالحظ أن االجمـاع حاصـل قانونـا وفي فقـه القضـاء على هـذا المعيـار‪ .‬مـن ذلك أن محكمـة‬
‫التعقيب اعتبـرت وأنـه ‪" :‬يكـون قابـال للنقـض الحكـم الـذي قضى بحرمـان والدة من حضانة ابنهـا‬
‫بحجـة أنهـا مصابـة بمـرض قبـل التحقـق مـن خطـورة هـذا المـرض ومـن استمـراره" (‪ )2‬وكذلك اشتـراط‬
‫السالمـة الجسديـة والعقليـة‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬مقال األستاذ ساسـي بـن حليمـة "هل يمكن إسنـاد الحضانـة ألحـد الزوجيـن أو لغيـرهمـا حـال قيـام الزوجـة ودون وجـود قضيـة‬
‫فـي الطـالق " الم الق التـ ‪1772‬‬
‫(‪)2‬قرار تعقيبي عدد ‪ 3112‬مؤرخ في ‪ 13‬فيفـري نشرية القضاء والتشريع لسنـة ‪ 1719‬ص ‪. 21‬‬
‫وهـذا مانستنتجـه بصفـة ضمنيـة مـن خـالل إقـرار المشـرع بوجـوب أن يكـون الحـاضن قـادرا‬
‫على القيـام بشـؤون المحضـون‪ .‬واليمكـن أن نتصـور شخـص فاقـدا األهليـة في اإلدراك أو ضعيـف‬
‫التمييـز أن يكـون مـؤهال للحضانـة ‪.‬‬
‫وهـذا األمـر ينسحب على ذوي العاهات ‪ ،‬مثال األعمى واألصم واألبكم أو العاجزين على‬
‫الحركة العضوية أو المصابين بأمراض خطيرة على شـرط أن يكـون هـذا المـرض مـن شأنـه أن يعيـق‬
‫حفظ الطفـل والقيـام بتربيتـه ورعايتـه‪ .‬فالمعيـار الـذي يعتمـده فقـه القضـاء التـونسي فـي موضـوع الحانـة‬
‫سـواء بإسنـاد اواالسقـاط هـو مصلحـة المحضـون‪ .‬والمانـع أن يعتمـد في ظـل قيـام العالقـة الزوجيـة وقـد‬
‫جـاء تأكيـد محكمـة التعقيب على ذلك في عـدة قـرارات بأن "مصلحـة المحضـون هـي األسـاس فـي‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫إسنـاد الحضانـة‪ )1( ".‬معتبـرة وألنـه "يكـون قابـال للنقـض الحكـم الـذي قضى بالحضانـة دون مراعـاة‬
‫مصلحـة المحضـون مع أنهـا أساسية فـي الموضـوع"‪ )2( .‬وأن ‪" :‬تقديـر تلك المصلحـة مسألـة‬
‫موضوعيـة خاضعـة الجتهـاد حاكم األسـاس"(‪ )3‬فالحـاضن إلـى جانب تحليـه بالصفـات األخالقيـة‬
‫يجب أن تكـون صحتـه جيـدة ومداركـه سليمـة وهـو قانونا وطبيعـيا يستحق الحضانـة ‪ .‬علـى أن إثبـات‬
‫إنتفـاء أو وجـود المـرض‪ ،‬يجـب ان يتـم بواسطـة اإلختيـار الطـبي وحـده الـذي يعـد الوسيلـة الوحيـدة‬
‫للوصـول إلـى تقديـر حالـة الشخـص الصحيـة‪ .‬وهـذا مـا أكدتـه محكمـة التعقييب حيـن إعتبـرت وأنـه‬
‫‪":‬اليجـب االكتفـاء بتقريـر المرشـدة اإلجتماعية الثبـات وجـود مرض إذا كـان االختبـار الطبي قـد نفـى‬
‫ذلك المـرض‪ )3( ".‬فليـس إذن كـل مـرض يحـول دون إسنـاد الحضانـة بـل فقط األمـراض التي يخشـى‬
‫منهـا أن تضـر بمصلحـة المحضـون ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬قرار تعقيبي مؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪ 1711‬نشرية ‪ 1711‬ص ‪. 31‬‬
‫(‪)2‬قرار تعقيبي عـدد ‪ 1129‬مؤرخ في ‪ 1‬جويلية ‪ 1717‬نشرية ‪ 1717‬ص ‪. 97‬‬
‫(‪)3‬قرار تعقيبي عـدد ‪ 1797‬مؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ . 1712‬نشرية ‪ 1712‬ص ‪. 31‬‬
‫(‪ )3‬قرار تعقيبي عـدد ‪ 192‬مؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ . 1799‬نشرية ‪ 1799‬ص ‪. 29‬‬
‫فاألمـراض المعديـة التي تتنقـل مـن المريـض إلـى مـن جـاوره بحكـم المخالطـة مثـل الحصبـاء‬
‫والجـذري ومـرض فقـدان المناعـة المكتسبـة‪ ،‬هي فقط المعتبرة‪ .‬والغايـة مـن اشتـراط أن يكـون الـحاضن‬
‫سالمـا مـن األمـراض المعديـة هـي حمايـة المحضـون مـن اإلصابـة بهـذه األمـراض بإنتقالهـا مـن‬
‫الحـاضن إليـه بسبب معاشرتـه لـه وإختالطـه بـه ‪ .‬وكـل ذلك بنـدرج فـي إطـار حـرص المشـرع على‬
‫ضمـان مصلحـة المحضـون وحمايـة صحتـه مـن كـل مـايشوبهـا مـن أمـراض يمـكن أن تنـجز عـن اسنـاد‬
‫حضانتـه إلـى شخـص مصـابـا بأمـراض معديـة ‪.‬‬
‫ونجـد نفس هـذا الشرط منصـوصا عليـه في بعض القوانيـن العربيـة (‪ )1‬إال أن بعـض القوانيـن العربيـة‬
‫األخـرى ال تعتبر ذلك صراحـة من شروط إسناد الحضـانة(‪ .)2‬وإنمـا تدمـج هذا الشرط في إشتراط‬
‫القـدرة الصحـية للحـاضن (‪ . )3‬ويذهـب بعـض الفقهـاء إلى إقتراح إبعاد المحضـون عن حاضنتـه حتى‬
‫إذا كـان مصـابا بنفس المرض لما يتوقـع من زيادة مرض بالمخـالطـة ‪ .‬وقد ربط بعض الفقهـاء المرض‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بالسقـوط فال يمكـن أن تسقـط الحضـانة إذا لم تكن هنـاك مخـالطـة كمـا ربط البعض اآلخر السقـوط‬
‫بدرجـة المرض المعدي‪ ،‬فإذا كان المرض خفيفـا صحـت الحضـانة وإذا كان العكس سقطـت ‪.‬‬
‫وقد إختلـف موقف محكمـة التعقيـب من تطبيق شرط السـالمة من األمراض المعديـة فتارة‬
‫تؤول هـذا الشرط تأويـال واسعـا وتـارة تؤولـه تأويـال ضيقـا ‪.‬‬
‫فمـرة ترى أن الحاضن ال بد أن يكون سليمـا من كل األمراض التي مـن شـأنهـا أن قعيـقه عن القيـام‬
‫بشؤون المحضـون سـواء كـانت هـذه األمـراض معديـة أو غيـر معديـة ‪.‬‬
‫فالمنظـور إليـه أصالـة فـي مـادة الحضانـةهـو قـدرة الحـاضن على القيـام بشـؤون المحضـون وتحليـه بمـا‬
‫يجب مـن الصفـات األخالقيـة والصحيـة‪ .‬إذ أن توفيـر هـذه الشـروط فـي الحاضـن هـو الـذي يبعث‬
‫االطمئنـان على القيـام بواجب الحضانة (‪.)3‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬المادة ‪ 132‬من من مشروع القانون العربي الموحد لألحوال الشخصية الفصل ‪ 71‬من المدونة المغربية لألحوال الشخصية ‪.‬‬
‫(‪)2‬القانـون المصري والقانـون السـوري ‪.‬‬
‫(‪)3‬المادة ‪ 139‬من قانون األحوال الشخصية السوري ‪.‬‬
‫(‪)3‬تعقيب عـدد ‪ 1539‬المذكور آنفا ‪.‬‬
‫وهـو تأويـل موسـع يدمـج بيـن شـرطي السالمـة مـن األمـراض المعديـة‪ ،‬والقـدرة علي القيـام بشـؤون‬
‫المحضـون ‪ .‬فاألمـراض األخـرى وإن لـم تكـن معديـة فهـي تعيـق الحاضـن عـن اإلضطـالع بأعبـاء‬
‫الحضانـة وهـو ما من شأنـه أن يضـر بمصلحـة المحضـون ‪.‬‬
‫مـرة أخـرى تـرى محكمـة التعقيب أن ‪" :‬إصابـة الحاضـن بنوبـات عصبيـة ليـس مـن األمـراض المانعـة‬
‫من استحقـاق الحضـانة على معنى الفصـل الفصل ‪ 51‬م أ ش (‪". )1‬‬
‫وهذا التأويـل الضيق غير مستصاغ ألنه يفصـل شروط إسنـاد الحضـانة عن يصفهـا وينظـر إلى‬
‫كل واحـد بإنفراده بالرغـم من أن الفصل ‪ 51‬م أ ش يشتـرط إجتمـاعهـا في شخص الحاضن ‪.‬‬
‫فالمرض العصبي ولئن لم يكن من األمراض المعديـة التي يشترط في مستحـق الحضـانة خلوه منهـا‪،‬‬
‫فإن له تأثيـرا على قدرة الحاضن على القيام بشؤون المحضـون التي تعتبـر هـي األخرى شرطـا إلسنـاد‬
‫الحضـانة ‪ .‬وعلى المحكمـة أن تثيـر ذلك من تلقـاء نفسهـا لتعلـق مصلحـة المحضـون بالنظـام العـام ‪.‬‬
‫‪-2‬مـراعـاة مصلحــة المتبنـي ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫مـارس‬ ‫‪33‬‬ ‫المؤرخ في‬ ‫‪1751‬‬ ‫لسنـة‬


‫نظم المشرع التونسي التبني من خـالل القانـون عـدد‬
‫‪29‬‬
‫‪ 1751‬وهذا القانون إعتنى بتبني اللقطـاء والمهمليـن ‪.‬‬
‫ومن الشروط الظروريـة التي ينبغي أن تتوفـر في المتبني أن يكون شخصـا رشيـدا سليم العقـل‬
‫والجسـم وقادرا على القيـام بشـؤون المتبني ‪.‬‬
‫وقد خـص حاكم الناحيـة بالنظر في مطـالب التبني المقدمـة من طرف المترشحين لتبني طفل‪،‬‬
‫والحكـم فيهـا بمصـادقـة جميع األطراف بعد التحـقق من توفر جميع الشروط وهذا التأكيد من الشرع‬
‫على وجـوب خلو المتبني من األمراض العقليـة والجسميـة ضمان لمصلحـة المتبني ‪ ،‬وحتى تتمكـن‬
‫المؤسسـة من اإلطـالع بدورهـا وتحقيق الغـاية المرجـوة منهـا ‪ ،‬فالتبني جعـل في للراغبيـن في إلحـاق‬
‫أطفـال بنسبهـم وجعلهـم أوالدا لهم بمقتضـى القـانون‪،‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬تعقيب مدني عدد ‪ 5231‬مؤرخ في ‪ 1711/35/12‬ج ا ص ‪. 331‬‬
‫فتكـون لهـم عـائلـة يتمتعـون بحقـوق أبنـاء الصلب ‪ ،‬وتحمـل عليهـم واجبـاتهـم تجـاه المتبني ‪.‬‬
‫فالمتبني وضـع على قدم المسـاواة مع اإلبن الشرعي فـال فرق بينهمـا لذلـك إشترط المشرع‬
‫السـالمة الجسديـة والعقليـة حتى يمكـن القيام بشؤون المتبني ‪ .‬خصـوصا أنه طفل قاصـر وجبت‬
‫حمـايتـه سواء داخـل العـائلـة أو خـارجهـا‪.‬‬
‫فطالما أن المشرع جعل االبن المتبني في نفس المرتبة مع اإلبن الشرعي من حيث الواجبات‬
‫والحقوق وكذلك بالنسبة لألب الشرعي وبالتبني ‪ ،‬أي ال بد أن يترتـب عن مؤسسة التبني نفس‬
‫النتائج وأن تكـون لهذه الوضعية القانـونية نفس اإلطار بالنسبة للوضعية الشرعية ‪ .‬فهنـاك إطار قانـوني‬
‫للتبني جعله المشرع متجـانسا مع البنوة القانونيـة ما عـدى موانع الزواج ‪ .‬فمن بين الوثائق التي يجب‬
‫اإلدالء بها الحصـول على حكم في التبني لدى المحكمـة المختصة وحسب قائمة أو جدول‬
‫تضبطه الوزارة اإلجتماعيـة نجـد الشهـادة الطبية التي تفيد وتقيم الدليل على خلـو األب واألم بالتبني‬
‫من األمراض التي من الممكن أن تؤثر على الطفل المتبني بحكم المعـاشرة ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وباإلضافـة إلى الشهـادة الطبية المقدمة ‪ ،‬فإنـه يجري بحث إجتماعي من قبل مرشدة إجتماعية‬
‫للتثبـت من حسن سيرة وسلـوك المتبني والمتبنيـة الزوجة وكذلك التثبت من أنهمـا سليمي العقل‬
‫والجسـم ‪ .‬فهـذا البحـث اإلجتماعي من شأنـه أن يضمـن ويكفـل التثبت من القدرة الصحيـة للزوجيـن‬
‫بإعتباره وأنه بحث يتم على عين المكـان ويمكـن من التثبت من وجود عـاهات أو إعاقـات تنعـدم‬
‫معهـا إمكانية القيام على الطفل المتبني ورعاية مصالحـه ‪.‬‬
‫ورغم أن المشرع نظم التبني في مجلة األحوال الشخصيـة ‪ ،‬بالتعرض إلى شرود إسناده ‪ ،‬فإنه‬
‫في المقابل لم يتعرض إلى شروط إسقاطـه ممـا جعل نظام التبني القانـوني منقوصا ‪ .‬غير أن فقه قضاء‬
‫محكمـة التعقيب تجاوز هـذا النقص وأقام نظرية في هـذا الموضوع مع ضوابط تمكن من الرجـوع في‬
‫التبني ‪ ،‬في حـالة ما إذا كانت هنـاك أسباب خطيرة تعجل من مصلحة التبني تفرض الرجـوع في‬
‫حكم تبنيه وذلك راجع باألساس إلى مطلق إجتهاد القاضي وبالتالي يمكن أن يصدر حكم بالرجوع‬
‫في التبني إذا ثبت بعد الحكم به إصابة المتبني أو زوجتـه بمرض خطير ومعدي يضر بمصلحـة‬
‫المتبني ‪.‬‬

‫الفقـرة الثانيـة ‪ :‬تأثيـر المـرض على العـالقـات المـاليـة بيـن الزوجيـن ‪:‬‬
‫يؤثـر مرض احـد الزوجيـن على مؤسسة الزواج من النـاحية المـالية مما يجعـل الطرف المعـافى‬
‫يتحمـل جملة من الواجبـات تجـاه الزوج المريـض ( المبحث األول ) كما يتخـذ جملـة من المواقف‬
‫تجـاه التصرفـات المـاليـة لزوجـه المريض ( البحـث الثاني ) ‪.‬‬
‫المبحـث األول ‪ :‬واجبـات الزوج المعـافى الماليـة تجـاه الزوج المريض ‪:‬‬
‫يقوم عقد الزواج على جملة من الواجات كواجب التعـاون (أوال) وواجب األنفاق (ثانيا)‪.‬‬
‫‪ -1‬واجب التعـاون ‪:‬‬
‫لم يعرف الفقـه واجـب التعـاون بين الزوجيـن غير أنه يحمـل في معنـاه اإلصطالحي مفهـوم‬
‫تبادل المساعـدة والمؤازرة وهي معـاني تفيـد في مجمـوعهـا التعـاضد والتكـافل للتغلـب على مصـاعب‬
‫معينـة أو مواجهـة مخـاطر ال يقـوى عليهـا الشخـص منفردا ‪.‬‬
‫وقد حـاول الفقـه تعريف واجب التعـاون بين الزوجيـن ال باإلعتمـاد على التصاريف السابقـة‬
‫فحسب‪ ،‬بل أيضـا بالرجـوع إلى خصـوصية عقد الزواج ‪ ،‬من ذلك الفقيهيـن ريبـار وبلنيـول اللذان فرقـا‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بين واجب المساعـدة وواجـب العـون (‪ )1‬فعرفـا األوا بأنـه " اإللتزام المجهـول على الزوجيـن غـاية تـوفير‬
‫المداخيل الالزمـة للحيـاة الزوجيـة في حـدود مـا تتحملـه ذممهم الماليـة " وعرفـه الثاني بأنـه إلتزام‬
‫محمـول على كل من الزوجيـن بأن يسهـر كل منهمـا على صحـة قرينـه ويتحمـل معـه متاعـب الحياة "‬
‫‪ ،‬وقد إعتمـد هـذا التعريـف على مـا جاء بالفصـل ‪ 212‬من المجلـة المدنيـة الفرنسيـة الذي فرق بين‬
‫واجـب المسـاعدة والعـون ‪ .‬ويوافـق هذا الفصـل في القـانـون التـونسي الفصـل ‪ 23‬من م أ ش الذي‬
‫ينص على أنـه " يتعـاون الزوجـان على تسييـر شؤون األسرة وتربيـة األبنـاء وتصريف شؤونهم بما في‬
‫ذلك التعليـم والسفـر والمعـامـالت المـالية " ‪ .‬والفرق بين النص أن األول وكما سبق أن ذكرنـا يفرق‬
‫بين العـون والمسـاعدة أما الثـاني فـال ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪(1) devoir de secours et devoire d’assistance .‬‬

‫كمـا أن الثـاني أي الفصـل ‪ 23‬م أ ش وردت صياغتـه عـامة مما يجعلهـا تتسع لكـافة‬
‫الشؤون الداخليـة في الحياة الزوجيـة الماليـة والمعنويـة ‪.‬‬
‫ولئـن لم يحـدد المشرع التونسي المشمـوالت الماليـة لواجـب التعـاون فإن تحديدهـا قد يتيسـر‬
‫بالرجـوع إلى أحكـام اإلنفـاق وإمكـانيـة التعـاون اإلقتصـادي بين الزوجيـن ‪.‬‬
‫ويعـرف التعـاول على الإلنفاق في الفقـه الفرنسي بعبـارة المساعـدة ‪.‬وذهب جانب مـن الفقـه‬
‫إلى إعتبـار أن الوجـه المالي للتعـاون على شـؤون األسـرة ليـس إال واجب اإلنفاق ‪ ،‬أما في القانون‬
‫التونسي فإن واجب التعـاون أشمـل مـن أن ينحصـر في اإلنفـاق إذهـو أكثـر إتساعـا ذلك ألن واجب‬
‫التعـاون الـوارد بالفقـرة الثالثـة مـن الفصـل ‪ 23‬مـن م أ ش ورد مطلـق العبـارة وبالتالـي وجب إطـالق عبـارة‬
‫التعـاون لتشمـل جميـع مـا تقتضيـه الحيـاة األسريـة بينهمـا كالمأكـل والملبـس والمسكـن والمعالجـة‬
‫الطبيـة ‪ .‬وهـو توسـع إتجـه فيـه جانب مـن القضـاء الفرنسي (‪. )1‬‬
‫على أن التعـاون على إطالقـه يبقـى في جوهـره محكومـا أساسـا بمضمـون واجب اإلنفـاق سـواء كـان‬
‫(‪)2‬‬
‫محمـوال أصالـة على الـزوج أو محموال إحتياطا على الزوجـة‬
‫بعنـوان مساهمـة ‪ .‬ويعتبـر إنفـاق الـزوج مضمونـا ماليـا لتنفيـذ واجب التعـاون بيـن الزوجيـن إنطالقـاممـا‬
‫نـص عليـه الفصـل‪ 31‬مـن م أ ش وكذلك الفصـل ‪ 53‬مـن نفـس المجلـة وقـد إستقـر فقـه القضـاء‬
‫التونسي منـذ ‪ 1757‬إلى اليـوم على إعتمـاد هـذا المفهـوم لإلنفـاق ‪.‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وعلى هـذا األسـاس فـإن تعكـر صحـة القريـن ومرضـه تستـوجب ووفقـا لـواجب التعـاون إعانتـه‬
‫مـن قبـل قرينـه المعـافى وعـدم التخـلي عنـه ‪ .‬فإن كانت الزوجـة هي المريضـة ولـم يكـن لهـا مـال تنفقـه‬
‫على نفسهـا فإن زوجهـا ملـزم‬
‫ـــــــــ‬

‫‪ -1‬كاتريـن فليب الفصـل ‪ 53‬و ‪ 52‬مـن م أ ش ص ‪ 59‬حكـم مدني مـؤرخ في ‪1731 -32-21‬‬
‫دالـوز ‪ 1731‬ص ‪ 231‬المحكمـة المدنيـة بسـان‪.‬‬
‫‪ -2‬حكـم مدني ناحيـة تونـس عـدد ‪ 297‬مـؤرخ في ‪ 19‬مـارس ‪ 1757‬ق ت‪ 1757/9‬ص ‪.13‬‬

‫باإلعتمـاد على واجب التعـاون بدفـع مصـاريف التـداوي بالمستشفـى حتى وإن كـان محمـال بواجب‬
‫االنفـاق عليهـا باإلضافـة إلى واجب االنفـاق عليهـا في مأكلهـا وملبسهـا ومـا يعتبـر مـن الضروريـات‬
‫حسب العـرف والعـادة ‪.‬‬
‫وتعـد مصاريـف التـداوي والعـالج في صـورة مرض الزوجـة‪ ،‬من أوكـد تلك الضروريـات وهـو واجـب قائم‬
‫في القـانـون الفرنسي حسب مقتضيـات الفصـل ‪ 212‬من م م ف مهمـا كـان النظـام المـالي المتفق‬
‫عليـه من طرف الزوجيـن سواء كـان إشتراكا أو إنفرادا في الملكيـة ‪.‬‬
‫فإذا كـان النظـام المتبع نظـام اإلشتراك في الملكيـة فإن المحـاكم الفرنسيـة إعتبرت في بعض‬
‫الصور القضـائية التي عرضت عليهـا وأن مصاريف تداوي الزوجـة دينا مشتركـا بينهـا وبين زوجهـا‪ .‬كمـا‬
‫تعـد وحسب القـانون الجبـائي مصـاريف المرض األخير للمتوفي دينـا مشتـركا بين الزوج المتوفي‬
‫والقرين الباقي على قيـد الحيـاة وتحسـب منـاصفـة بينهمـا ‪ .‬وهذا الديـن المتأتي من مصاريـف العـالج‬
‫وبوصفـه يصنـف ضمن المصاريف المعـاشيـة‪ ،‬يعتبر اليوم من أهـم ركائزالشراكـة الدائمـة بين الزوج‬
‫والزوجـة ‪ .‬والفصـل ‪ 1337‬من م م ف والذي ألم بهذه المسألة في جميـع جوانبها ‪ ،‬ينص على ذلك‬
‫صراحـة ولكنـه فرض أن يكـون المرض معديـا‪ ،‬وأصيـب به القريـن المعـافى‪ ،‬إللتزامـه بالقيـام بواجبـاته‬
‫الزوجيـة التي يفرضهـا عليـه عقـد الزواج(‪.)1‬‬
‫وتدعيمـا لذلـك يمكـن التسـاؤل من خـالل الفصـل ‪ 1319‬م م ف والذي ينـص على أنه ‪:‬‬
‫"يمكـن فسـخ نظام اإلشتـراك في الملكيـة ما بين الزوجيـن في صـورة ما إذا تخـاذل أحـد الطرفيـن على‬
‫القيام بالواجبـات التي يحتمهـا عقد الزواج"‪ ،‬هل أن عدم دفع معاليم التداوي يعد إخالال بتلك‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الواجبات مما يجوز معه فسخ عقد الشراكة ؟ يظهـر أنـه ال يمكـن أن نقر بذلـك مثلمـا يدعـو إليـه‬
‫بعـض الفقهـاء ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1)-Seine 11 juillet 1922 precite : Soc 27 janvier 1939 D.H. 199 ; civ . 17 decembre 1946 . D .‬‬
‫‪1946 . 93 ; Planial et Ripert trprat . de dr civ . Fr . tv III , Régimes matrimoniaux par Nast . N°‬‬
‫‪330 .‬‬

‫ومهمـا يكـن من أمر فإنـه وبالرغـم من عمـوميـة الفصـل ‪ 1337‬م م ف فإن مصـاريـف التداوي وعـالج‬
‫القريـن المريض تضمـن تحـت واجـب العـالج المحمـول على الطرف اآلخر ‪.‬‬
‫وأما إذا كـان النظـام المتبع هـو نظـام اإلنفصام في الملكيـة فإن واجـب التعـاون يظهـر خاصة‬
‫في حـالة إعسـار القريـن المريض فحسـب ما يفرضـه عقد الزواج عـامة ‪.‬‬
‫فإن الزوج مطـالب في نطـاق معـاملة قرينـه اآلخر بالمعـروف أن يقف بجـانب قرينـه في صـورة‬
‫مرضـه ‪.‬‬
‫كمـا أن واجـب اإلنفـاق يفرض عليـه أن ينفـق عليـه‪ ،‬ال فقـط في خصوص مـأكله وملبسـه‪ ،‬بل‬
‫وكذلـك أن يعـالجـه في صـورة مرضـه وأن يدفـع معـاليـم تداويـه ويسعـى كل من الزوجيـن إلى العمـل على‬
‫إعـانة قرينـه خـاصة في الظـروف واألزمات التي يحتـاج فيهـا إلى من يقـف إلى جـانبـه ويشد أزره ‪.‬‬
‫وقد وردت عبـارة التعاون في الفصـل ‪ 23‬من أ ش مطلقـة األمر الذي ال يمنع من إعتبـار‬
‫المسـاعدة المعنـوية داخـلة فيهـا ‪ ،‬وقد توسع فقـه القضـاء في مظـاهر التعـاون المعنـوي بيـن الزوجيـن إال‬
‫أنـه يتفـق في أغلبـه على أن من أهـم مظـاهر مرض القريـن ذلك أن حـالة المرض تفرض على القريـن أن‬
‫يصـالح نفسـه إن كـان مريضـا وأن يبـادر إلى عـالج قرينـه عنـد اإلقتضـاء ويتحمـل معـه مـا يترتـب عـن‬
‫ذلك من نتائج كالمبادرة إلى عـالجه إن لم يعالج فقـد قضـت محكمـة مونبلينـي في ‪ 1731/35/13‬أن‬
‫الزوج الذي لم يبـادر إلى عـالج زوجتـه العـالج الالزم للتخلص من إدمانهـا يعد خرقـا منـه ألحكـام‬
‫الفصـل ‪ 212‬م م ف ‪.‬‬
‫وقد إعتبر الفقـه الفرنسي أن التعـاون على الظروف الصعبـة التي يمكـن أن تواجه كل قريـن عنـد‬
‫قيام الزوجـة وعليـه يجب التعـاون عليهـا حتى وإن ترتـب عليهـا اإلضرار بالقريـن اآلخر ويستمـد أنصـار‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫هـذا اإلتجـاه أفكارهـم من مقولـة نـابليـون بونبـارت " إن كـانت الشيخوخـة مـرضـا يمكـن التغلـب عليـه‬
‫منـذ الصغـر فـال‬
‫حـاجة لي بالزواج " (‪.)1‬‬
‫فمرض القريـد المعدي أو الخطيـر يعـد من األسبـاب المـوجبـة للتعـاون والتي ال يحوز معهـا‬
‫للقريـن غيـر المريض التخلي عن قرينـه بدعـوى إحتمـال تضرره ‪ ،‬ألن ذلك مخـالف ال فقـط ألخكـام‬
‫القـانون المدني والقانـون اإلنسـاني بل أيضـا لقواعـد األخـالق والديـن وقد تأثرت بعض المحـاكم‬
‫(‪)2‬‬
‫الفرنسيـة بهذه النظرية ‪ ،‬فقضـت بأنـه ال يجوز للزوجة ترك زوجهـا المريض واالمتنـاع عن مسـاكنتـه‬
‫‪.‬‬
‫وأمعـن الفقـه في هذا اإلتجـاه المثـاليإلى حـد إباحـة التبرع باألعضـاء لفـائدة القريـن الذي في‬
‫حـاجة إليهـا إلحتمـال حصـول مضاعفـات خطيرة ‪.‬‬
‫ويحـاول القـاضي في نطـاق مهمتـه في تطبيق القـانـون‪ ،‬أن يوسـع في نطاق تطبيق فصل ‪23‬‬
‫من م أ ش ‪ .‬كمـا فعل ذلك فقـه القضـاء الفرنسي الذي قبـل في حـالة اإلنفصـام في الملكيـة وأقـر‬
‫بواجـب التعـاون في عقـد الزواج رغـم غياب نـص قـانوني لحمـاية مصـالح كل طرف من األطراف في‬
‫عقـد الزواج ولسيمـا مصلحـته في أن يعينـه واإلعتنـاء به في حـالة مرضـه والتكفـل بدفـع مصاريـف‬
‫عـالجـه ‪ .‬هـذا إن لم يدخلـه إلى مصحـات أو دور إستشفـاء لمداواتـه وحتى السفـر لعـالجه بالخـارج ‪.‬‬
‫كمـا أنـه وباإلضـافة إلى القـانون العـام أي القـانون المدني الذي أمكـن تطبيقـه في خصـوص‬
‫عقـد الزواج بالنسبـة لواجـب التعـاون ‪ ،‬فإن جملـة القوانيـن األخـرى وخـاصة منهـا القـانون اإلجتمـاعي‬
‫يكرس هـذا المبدأ في خصـوص عقـد الزواج من ذلك أن قـانون الضمـان اإلجتماعي وبالنسبـة لتغطيـة‬
‫مصاريف العـالج والتداوي واإلقامـة بالمستشفيـات تحتـم تأمينهـا من قبـل القريـن ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1)-Si lhomme ne devrait pas viellir, et la villesse et une maladie qui se soigne jeune je ne lui‬‬
‫» ‪voudrait pas de mariage‬‬
‫‪(2)Allement « … une cause de lègume abondon la loi civil ne l’autaise pas … la loi humain le‬‬
‫‪codamne » .‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وفي نفس السيـاق فإن اإلعـانة اإلجتمـاعيـة تمكـن القريـن المريض من التداوي مجـانا حتى‬
‫وإن كـان قرينـه المعـافى قـادر على مجـابهـة مصاريـف عـالجه ‪.‬‬
‫كمـا مكن قانـون الضمـان اإلجتمـاعي ‪ ،‬القرين المنخرط من اإلنتفـاع بالتشريع المنطبق على‬
‫الضمـان اإلجتمـاعي هـو وأفراد عـائلـة ‪ ،‬وحـدد الفصـل ‪ 7‬من قانـون ‪ 21‬فيفري ‪ 1773‬أفراد العـائلة‬
‫بالقريـن واألعقاب واألصـول واألخوة واألصهار ‪ .‬ففي صورة إنخراط القريـن في الضمـان اإلجتمـاعي‬
‫وعـدم إنخراط قرينـه اآلخـر‪ ،‬فإن هـذا األخيـر ينتفـع بمنـافع الصنـدوق‪ .‬إذ أن إشتراك قرينـه ينسحـب‬
‫عليـه ‪ .‬فإذا مـا مرض وهـو غير منخرط فإنـه يتمتـع وحسب هـذا القـانـون‪ ،‬بإمكـانية العـالج والتداوي‬
‫واإلقامـة بالمستشفـى‪ .‬كمـا أن قانـون التأمين يمتـع القريـن اآلخر بأحكـام قانـون التأميـن‪ ،‬في خصـوص‬
‫التداوي والعـالج بصفـة آليـا إنطـالقـا مـن تأميـن القريـن المعافـى ‪.‬‬
‫إضافـة لقيـام القريـن بواجب إعانـة قرينـه وهـو واجب ولئـن نـص عليـه الفصـل ‪ 23‬مـن م أ ش فهـو‬
‫واجب يعـد مـن المبـادىء العامـة التي تحكـم جميـع العقـود بـدون إستثنـاء ‪ ،‬غيـر أن هنـاك واجب‬
‫يستأثـر بـه قانـون األحـوال الشخصيـة وهـو واجب إنفـاق ‪.‬‬
‫‪ -2‬واجب اإلنفـاق ‪:‬‬
‫لقـد حمـل القانـون الـزوج واجبـات ماليـة متعـددة تختلف فـي أهميتهـا ‪ .‬ويعـد واجب اإلنفـاق‬
‫مـن أهـم تلك الواجبـات وقـد نـص الفصـل ‪ 53‬مـن م أش أن النفقـة تشمـل ‪":‬الطعـام والكسـوة‬
‫والمسكـن والتعليـم ومـا يعتبـر مـن الضروريـات فـي العـرف والعـادة" ومـن الواضـح أن المشـرع لـم يحصـر‬
‫النفقـة فـي عناصـر معينـة بـل آثـر تـرك البـاب مفتـوحـا لمستحقي النفقـة كي يطالبـوا بمـازاد على ذلك‬
‫كلمـا أثبتـوا أن العـرف والعادة يقضيـان إعتبـاره ضروريـا للمعيشـة‪ .‬وقـد إستقـر فقـه القضـاء التونسـي منـذ‬
‫‪ 1757‬إلى اليـوم على إعتمـاد هـذا المفهـوم لإلنفـاق‪ .‬فالنفقـة محمولة أصالـة على الـزوج‪ ،‬ومساهمـة‬
‫على الزوجـة‪ .‬على أن النفقـة تتأثـر بجملـة مـن العوامـل كتغيـر وضعيـة الدائـن والمديـن‪ ،‬فهـي ترتفـع‬
‫أوتنخفـض بحسب حالـة المديـن يسـارا أم إعسـارا ‪ .‬فقـد إعتبـر المشـرع التونسي أن عسـر المديـن‬
‫سببـا فـي سقـوط النفقـة لكنـه لـم يوضـح مفهـوم هـذا العسـر ‪.‬‬

‫أ‪ -‬مفهـوم العسـر المسقط للنفقـة ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لقـد ورد بالفصـل ‪ 37‬مـن أ ش أن الـزوج ال يلـزم بالنفقـة إذا أعسـر‪ .‬كمـا نـص الفصـل ‪ 39‬مـن‬
‫م أ ش أن عسـر األب يجعـل األم مقدمـة على الجـ ّد فـي اإلنفـاق على ولدهـا‪ .‬فـي حيـن إكتفى‬
‫الفصـل ‪ 35‬مـن أ ش بأن إشتـراط اليسـار فـي المديـن بالنفقـة على أصولـه ‪.‬‬
‫وإذا عدنـا للمبـادىء الفقهيـة السائـدة وخاصـة المستمـدة مـن المـذاهب الحنفيـة والشافعيـة‬
‫والحنبليـة فـإن مفهـوم اليسـار يعنـي قـدرة المديـن على الكسب‪ .‬إلى حـد أن المـذهب الحنفـي يمنـح‬
‫القاضي الحـق فـي أمـر المديـن الممتنـع عـن العمـل وبـه قـدرة عليـه‪ ،‬أن يتكسب لتوفيـر النفقـة الواجبـة‬
‫عليـه ‪.‬‬
‫ولقـد كـان لفقـه القضـاء دور هـام فـي ضبط مفهـوم عسـر المديـن للنفقـة‪ .‬إذ أنـه يفرق بيـن‬
‫حـالة العـوز الوقتي وحـالة العسـر ‪ .‬فالبطـالة تعتبـر عـارضا وقتيـا حتى لو كان السبب فيهـا الحـالة‬
‫الصحيـة للمـدين‪ .‬فقـد إعتبـرت محكمـة التعقيـب أن "إنقطـاع المدين عن العمـل ألسبـاب صحيـة ال‬
‫يعني أنـه فقيـر الحـال‪ ،‬وال يمكنـه اإلنفاق على إبنـه‪ ،‬إذ أن إنقطـاعه عن العمـل سـوف يكـون بصفـة‬
‫وقتيـة حتى تتحسـن حـالته" ‪.‬‬
‫فالنفقـة ال تسقـط إذا ظهـر العجز الحقيقي للمـدين عن العمـل ولم تكن لديـه مكـاسب توفر‬
‫له مـال‪.‬ا فإذا دفع المديـن بعجزه عن العمـل‪ ،‬عليـه أن يثبـت حـالتـه‪ .‬ويمكـن للقـاضي في نطـاق‬
‫سلطتـه التأكـد من جديـة هـذا الدفـع‪ .‬ويمكنـه الحكـم تحضيريـا بعرض المديـن على اإلختبـار الطبي‬
‫للتحقق من عجزه لكي يعفـى من اإلنفـاق ‪.‬‬
‫ويبدو أن المشرع قد سعـى إلى التيسيـر على المدني حتى ال يصـل إلى هـذه الدرجـة من‬
‫العـجز التام‪ .‬إذ أقـر الفصـل ‪ 53‬م أ ش أن "المنفـق إذا لم يستطيع اإلنفـاق على مستحقي النفقـة في‬
‫حـالة التعـدد‪ ،‬يلزم بنفقـة الزوجـة قبـل األوالد وبنفقـه األوالد الصغـار قبـل األصول "‪.‬‬
‫ولنـا أن نتسائـل عـن كيفيـة التوفيـق بيـن مقتضيـات الفصـل ‪ 53‬ومفهـوم العسـر الذي جـاء‬
‫واحـد؟ عندمـا يقتـضي العجـز التام عن العمـل؟ إضافـة إلى أن أحكـام النفقـةبالقرابـة تتعلـق باألصـول‬
‫والفروع الذين تأسس حقهـم في النفقـة أي مبدأ الجزئيـة بين المنفق والمنفق عليـه وبالتـالي تبقي‬
‫أحكـام الفصـل ‪ 53‬التي أقرت ترتيبـا تفاضليـا بيـن الدائنين نظريـة أكثـر منهـا واقعيـة ‪.‬‬

‫ب‪ -‬آثـار عسـر المديــن ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫إن الحكـم بعسر المديـن ينقـل وجـوبا النفقـة إلى مدني آخر وهذا يتحقق خاصـة في حـالة‬
‫األب المعسر‪ .‬إذ ينتقـل الوجـوب إلى األم‪ .‬وعند عسـرهـا ينتقـل إلى الجـد عمـال بالفصـل ‪ 39‬من م أ‬
‫ش‪ .‬أما عندمـا يكون المدين زوجـا فإن عسره يمكـن أن يؤدي إلى طالق الزوجـة عمـال بالفصـل ‪37‬‬
‫من م أ ش‪ .‬بشرط عـدم علمهـا بعسره عنـد إبرام الزواج إذ تعتبـر في هـاته الحـالة قد قبلـت بوضع‬
‫زوجهـا ويبـدو أن المشرع قد إحتـاط لتجنـب إنفصـال الزوجيـن‪ ،‬بأن إشترط منـع المدين أجـل شهـرين‪،‬‬
‫عسـاه يتمكـن من العمـل‪ ،‬وبإنتهـاهـما يحـق للزوجـة طلب الطـالق ‪ .‬ولنـا أن نتسـائل هـل أن الطـالق‬
‫لعسـر الزوج صورة خـاصة مستقلـة عن صور الطـالق المنصـوص عليهـا بالفصـل ‪ 31‬من م أ ش ؟ أم‬
‫أنـه مجـرد أحكـام موروثـة عـن الفقـه اإلسـالمي راي المشرع إدراجهـاكمـا هـي في الكتـاب الرابع من‬
‫مجلـة األحوال الشخصيـة المنظـم للنفقـة ؟‬
‫إذا رأينـا مفهـوم عسر الزوج في فقـه القضـاء ‪ ،‬والذي يعني إنعـدام وجـود مـال لدى المدني‬
‫وعجزه عن العمـل بسبب حـالتـه الصحيـة‪ ،‬فإنـه من الممكـن إعتبـار العسـر بالنفقـة‪ ،‬وإن كـان يحقق‬
‫ضـررا للزوجيـن فإنـه غير مبني عـن خطإ الزوج‪ .‬ألن عـدم إنفاقـه كان لسبب خـارج عـن إرادتـه ويصبـح‬
‫بذلـك الطـالق لعسـر الزوج صـورة خـاصـة يتوفـر فيهـا الضـرر بدون خطأ ويعفي الزوج من أداء غرامـات‬
‫للزوجـة‪ .‬وهـذا المنحـى نجـده في محـاكم األصل في صـورة أخـرى تتعلق خـاصة بالطـالق بسـب‬
‫الضرر المنجـر عن مرض أحـد الزوجـين وخـاصة العجـز الجنسي ‪ .‬أمـا إذا عتبرنـا الطـالق لعسـر الزوج‬
‫قد ورد في فصـل مستقل عن الفصل ‪ 31‬من م أ ش فإنه يمكن قبول طـالق الزوجـة بتحـقق ضررهـا‬
‫لفقدانهـا حقهـا في النفقـة دون تغريم الزوج إلنعدام الخطأ نظرا لمفهـوم حـالة العسـر وبذلـك يكون‬
‫الفصـل ‪ 37‬من م أ ش صورة مستثنـاة من المبادئ العـامـة التي تنظـم الطالق ‪.‬‬
‫المبحـث الثـاني ‪ :‬موقـف الزوج المعـافى من التصرفـات الماليـة لزوجـه‬
‫المريـض ‪:‬‬
‫يختلف موقف الزوج المعـافى من تصرفات قرينـه المريض بحسـب إختالف تنظيـم العـالقـات‬
‫الماليـة بينهمـا ‪.‬‬
‫‪-1‬في صـورة إختيـار نظام اإلنفصـام في الذمـة المـاليـة ‪:‬‬
‫في هـذه الحـالة يكون لكل طرف من الزوجيـن أمـواله الخـاصة يتصـرف فيهـا بمطلق الحريـة‬
‫دون تقيـد ما للطرف اآلخر ‪ .‬وتكـون حسب الفصـل ‪ 23‬من م أ ش "ال واليـة الزوج على أموال‬
‫زوجتـه الخـاصة بهـا‪ ".‬وهـو مـا يستبعـد معـه إمكـانية تدخـل الزوج في الشؤون المالية الخـاصة لزوجتـه‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وتجريده من كل سلطـة على مكـاسبهـا الخـاصة‪ .‬بما يجعـل مؤسسـة الزواج متكـونـة من ذمتيـن ماليتيـن‬
‫منفصلتيـن عـن بعضهمـا ‪ ،‬إحداهمـا خـاصـة بالزوج وأخـرى خـاصة بالزوجـة بحيـث يحتفـظ كل من‬
‫الزوجيـن بصفتـه القـانونيـة كمـالك لألشيـاء التي جلبهـا معـه إلى بيت الزوجيـة‪ .‬وينفـرد بذمة الماليـة‬
‫فيتصرف فيهـا بالتجـارة أو الهبـة أو غير ذلك من أنواع التصرف‪ ،‬دون أن يمكـن للقريـن األخـر‬
‫التدخـل في هـذه الشؤون المـالية الخـاصة بقرينـه إال بتوكيـل‪ .‬من ذلـك أن محكمـة التعقيـب في قرارها‬
‫عـدد ‪ 12323‬مؤرخ في ‪ 1791/39/23‬أقرت أن ‪" :‬اإللتزام بالتفويت الصادر عـن زوج صـاحبة العقـار‬
‫دون توكيل منهـا ال يلزمهـا طالمـا لم تصـادق عليـه (‪. ")1‬‬
‫لكن هـل أن هـذا النظـام ينطبـق بحذافره حتى في صورة بمرض أحـد الزوجيـن ؟‬
‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬نشريـة عـام ‪ 1791‬ج ‪ 2‬ص ‪. 225‬‬


‫نعني بالمرض هنـا المرض الذي يؤثر على المدارك العقلية للشخص بشكل يجعل من حماية المريض‬
‫حماية أكيدة حتى ال يقـوم بتبديـد مكـاسبـه واإلضرار بمصلحـة ‪.‬فيمكـن للقريـن المعـافى وسعيـا منـه‬
‫لحمـاية أموال قرينـه وأمـوال العـائلة ككـل‪ ،‬أن يقوم بجملـة من التصرفـات التي تمكـن من حمـايـة أموال‬
‫قرينـه المريـض ‪.‬‬

‫أ‪ -‬إمكـانيـة القيـام بحجـر قضـائي ‪:‬‬


‫يعـد الحج ـر القضـائي مؤسسة حمـائيـة أقرهـا المشرع هـدفهـا باألسـاس حماية المريـض ‪ .‬ونظـرا ألن‬
‫أحكـام األهليـة إلزاميـة‪ ،‬فإن من ال يستـطيع التمييـز كالمجنـون ومن ضعفـت مداركـه العقليـة‪ ،‬ال يمكـن‬
‫أن يتصـرف التصرف القانـوني المسؤول لغيـاب اإلرادة (‪ . )1‬وقد خصهـا المشرع بنظـام خـاص وقسـم‬
‫المحجـورين إلى صنفيـن همـا معدومي األهليـة المطلقـة‪ ،‬وذوي األهليـة المقيدة ‪ .‬ومن بين معدومي‬
‫األهميـة مطلقا لمرضهـم نجـد المجنـون ذلك أن فاقد العقـل تميزه معـدوم فالمجنـون يعرفه الفصـل‬
‫‪ 113‬م أ ش بأنـه‪ " :‬الشخـص الذي فقـد عقلـه سواء كـان جنـونه مطبقـا يستغرق جميـع أوقاتـه أو‬
‫منطبقـا تعتـريه فترات يثـوب إليـه عقلـه فيهـا "‪ .‬واعتبـر المشرع أن كل تصرفـاتـه غير نـافذة حسـب‬
‫الفصـل ‪ 113‬من م أ ش ويتعيـن للحجـر عليـه طبق الفصـل ‪ 111‬من م أ ش‪ ،‬بحكـم من الحاكم وال‬
‫يمكـن له التعـاقد إال بواسطـة وفي الحدود التي ضبطهـا المشرع للصبي الغير مميز ‪ .‬فهذا الحجر‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫األصل فيه لفائدة المحجور المجنون الذي ولئـن بلغ الرشـد فإن أهليتـه تأثـر بالمرض الذي يؤثـر على‬
‫إرادتـه ويفقـده التمييـز‪ ،‬وتكـون بالتالي تصرفاته غير نافذة ‪ .‬ذلك أن الجنون حالة مرضيـة تصيـب‬
‫المدارك العقـلية للشخـص ‪.‬‬
‫أما في خصـوص أصحـاب األهليـة المقيدة فإن حمـايتـهم تتمحور حـول الخطـر من تبديد‬
‫مكاسبـهم نتيجـة المرض الذي أصيـبوا به‪ .‬وقد حـدد المشـرع حالتيـن عددهـا صلب الفصـل ‪ 113‬و‬
‫‪ 113‬أ ش والتي تخص كل من ضعيف العقـل والسفية ‪.‬‬
‫فضعيف العقـل هـو من أصيب بخـلل عقلي ال يصـل إلى حـد الجنـون أي فقدان العقـل‬
‫تمـاما‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ -)1‬األستاذ محمـد الزين النظرية العامـة اإللتزامـات "العقـد" ص ‪. 13‬‬
‫وقد عرضـه الفصـل ‪ 113‬أ ش بأنـه الشخـص الغير كامل الوعي السيئ التدبيـر الذي ال يهتدي إلى‬
‫التصرفـات الرائجـة ويعيـن في المبايعات "‪ .‬ويقـع الحجـز عليـه بمقتضى حكـم قضائي مثـل المجنـون‬
‫تمـاما‪.‬‬
‫وتكـون أهليتـه مقيدة حسـب الفصـل ‪ 112‬م أ ش والتصرفـات التي يقـوم بهـا المحجوز عليـه بدون‬
‫مساعـدة تكون باطلـة إذ لم يجرهـا الولي ‪.‬‬
‫وتتداخـل مع ضعـف العقـل حـاالت من المرض العقلي أهمهـا العته ‪ .‬وهـي أشـد الحـاالت أثـرا‬
‫على العقـل‪ .‬فالمعتـوه ال ينمـو عقلـه ويكـون كالطفـل تمـاما‪ .‬ثم البلـع وهـو دون حـالة النقـص العقلي‬
‫ويكـون ضعيف المـالحظـة واالنتبـاه وهـو يعـد غيـر مميـز ‪ .‬وضعيـف العقـل هـو آخـر هـذه الدرجـات ‪،‬‬
‫فضعيـف العقـل هـو قليـل الخبرة سيء التدبيـر ‪.‬‬
‫أما السفية فقد عرفـه الفصـل ‪ 113‬م أ ش بأنـه ‪" :‬الشخـص الذي ال يحـسن التصرف في مـالـه‬
‫ويعمـل فيـه بالتبذيـر واإلسراف‪ .‬والحجـر عليـه يتوقـف على حكـم الحـاكم "‪ .‬ويتوقف الحجـر عليـه‬
‫بحكـم من الحـاكم‪ .‬ويعتبـر السفية حـالة مرضيـة نفسيـة أقل درجـة من ضعـف العقـل وهـذا ما يتجسـد‬
‫من خـالل النظـام الحمـائي الذي أخضع له ‪.‬‬
‫فالسفه أقـل حـدة من ضعـف العقـل‪ ،‬ذلك أنـه يتميـز بملكـة تمييـز أكثـر من ضعيـف العقـل‪ .‬وهـذا مـا‬
‫المشرع صلب الفصل ‪ 115‬من م أ ش ‪" :‬جميع التصرفـات التي باشرهـا السفيـة قبل الحكـم‬ ‫ّ‬ ‫أكـدة‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫صحيحـة نافذة وال رجـوع فيهـا ‪ ".‬أما التي باشرهـا بعـد الحكم فيتوفـق نفاذهـا على إجارة وليـه حسب‬
‫الفصـل ‪ 115‬م أ ش ‪.‬‬
‫وقد أقـر المشرع التونسي الحجـر القضـائي بالنسبـة للمجنـون‪ ،‬وضعيف العقل‪ ،‬والسفيـه‪ ،‬بغـايـة‬
‫حمـايتهـم ‪ .‬فهـل للزوجـة صفـة القيـام في دعوى الحجـز ؟‬
‫بتصفحنـا لمجلـة أ ش وقانـون ‪ 11‬جويليـة ‪ 1759‬المتعلـق بتنظيم تسميـة المقدميـن ومراقبـة‬
‫تصرفـاتهـم وحسـاباتهـم ال نجـد اإلجابة للشافيـة حـول التنظيم اإلجرائي لدعـوى الحجـر والتي ال نجـد‬
‫فيهـا األشخـاص المتمتعيـن بصفـة القيام ‪ .‬لكن يمكـن أن نستنـد للفصـل ‪ 17‬م م م ت الذي يعـد‬
‫القـاعدة اإلجرائية العـامة والتي تقر بأن "صحـة قبول الدعـوى مقترنـة بتوفـر الصفـة والمصلحـة في‬
‫الشخـص القـائم بهـا‪ ".‬والزوج أو الزوجـة يعـد من أوكـد األشخـاص الذين لهـم الصفـة والمصلحـة للقيـام‬
‫بدعـوى الحجـز على القريـن المريض‪ ،‬محـافظـة على أمـوال العـائلـة ككـل ‪.‬‬
‫على أن بعـض القوانيـن المقـارنـة نصـت على ذلك صراحـة‪ .‬من ذلك أن الشرع الفرنسي أقر‬
‫في فصلـه ‪ 373‬من المجلـة المدنية الفرنسية للزوج أو الزوجـة حسـب األحوال بصفـة القيـام ‪.‬وبمقتضى‬
‫حكـم الحجـر تتوفـر في الولي على المحجـور جملـة من الحقوق تمكنـه من التصدي لتصرفـات قرينـه‪،‬‬
‫والتي يمكـن أن تمثل خطرا على أموال العـائلـة‪ ،‬بتبديدهـا والتصرف فيها بدون درايـة ‪ .‬كمـا يمكـن‬
‫للقريـن المعـافى أن يقف حـائال دون قيـام قرينه المريض في مرض موته بتصرفـات من شأنهـا أن تؤثر‬
‫عليه كوارث في ما بعد‪.‬‬

‫ب‪ -‬موقف القريـن المعـافى من تصرفات قرينه في مرض موتـه ‪:‬‬


‫إن المريض مرض الموت قد يقوم بعـدة تصرفـات قـانونيـة فقد يبيـع أو يشتـري أو يهب أو‬
‫يسقـط ديناأو يكفـل وقد اعتنى المشرع ببعـض تصرفـات المريض وأتى بحلـول قـانونيـة مختلفـة‬
‫بحسـب أنواع هذه التصرفـات‪ .‬وهي تنقسـم إلى تصرفـات بعوض (أوال) وتصرفـات مجـانية بدون‬
‫مقـابل وهـو مـا يصطلح على تسميـة بعقـود التبرع (ثانيـا) ‪.‬‬
‫* التصـرفـات بعـوض ‪:‬‬
‫من أهـم هـذه التصرفـات عقد البيـع الذي يبرمـه المريض أثنـاء مرض موتـه‪ .‬وقد جعل المشـرع‬
‫قيودا على هـذه العقـود من ذلك أن الفصل ‪ 515‬من م أ ع نص على أن ‪" :‬بيع المريض في مرض‬
‫موته يجرى عليه حكم الفصـل ‪ 353‬من م أ ع إذا كـان لوارث ‪ ،‬أو فيـه قصد المحـاباة كأن يبيـع له‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بأقـل من الثمـن المتعـارف بكثير ويشتـري منـه بأزيـد ‪ " ...‬فنجـد شرط خـاص بالبيـع هـو ضهـور قصـد‬
‫المحـاباة من طرف البـائع وهـو شرط معـارضـة نفـاذ البيـع ‪ .‬وبالرجـوع للفصـل ‪ 353‬م أ ع نجـد أن‬
‫المحـاباة تأخـذ حكـم الفصـل ‪ 197‬من م أ ش الخـاص بالوصيـة فـال تصح لوارث وال في ما جـاوز‬
‫ثلث التركة للغيـر إال بإيجـاز الوارث‪ ،‬والزوجـة من بني الورثـة ‪.‬‬
‫ومسألـة المحـاباة مـوكولة إلجتهـاد القـاضي ‪ ،‬فللقـاضي السلطـة المطلقـة في تحديـد وجـود‬
‫المحـاباة من عـدمه ولألطراف إثبات وجـودهـا ‪.‬‬
‫والتصرفـات بعـوض‪ ،‬هـي التي تخـص العقـود المبرمـة من طرف المريض عنـد مرض موتـه لوارث‬
‫أو لغيـره بمقـابل‪ ،‬وأهمـها على الإلطـالق عقـد البيـع وقد نظـم المشرع عقـد البيـع نظـرا ألن المريـض قد‬
‫يلجأ اثنـاء هـذه الفترة في تميـز وارث عـن آخر‪ ،‬أو تفضيـل شخـص أجنبي دون الورثـة ‪ .‬والشخـص‬
‫األجنبي هـو الغيـر الذي ال يدخـل في زمرة الورثـة‪ .‬وذلك للحـد من بيع المريض مرض الموت‪ ،‬إال‬
‫بمصادقـة الورثـة وهـو خوف من تصرفـاتـه التي قد يقدم عليهـا‪ ،‬وهو في كـامل مداركـه العقليـة وتحت‬
‫ضغط نفسي نتيجـة لشعـوره بدنو األجـل ‪ .‬والبيـع يكـون إما لوارث ويجـرى عليـه حكـم الفصـل ‪ 353‬م‬
‫إ ع ويقـر هذا الفصـل أن مثل هـذا البيـع ال يصح إال بمصـادقـة جميع الورثـة عليـه ‪ .‬أمـا البيـع لغيـر‬
‫الوارث فتجـرى عليـه أحكـام الفصـل ‪ 335‬م إ ع حسب مـا جـاء في الفصـل ‪ 515‬م ا ع ‪ .‬فالبيـع لغيـر‬
‫وارث في مرض موتـه يعتبـر في ثلث مخلفـه بعد إستفـاء الديـون ومصـاريف جنـازتـه ‪.‬‬
‫* عقــود التبـرع ‪:‬‬
‫هـي التي تكون مجـانيـة بدون عوض ‪ .‬فهي التي ال مقـابل مالي لهـا كعقد الهبـة والتي نضمهـا‬
‫في مرض الموت الفصـل ‪ 231‬م أ ش واعتبرهـا وصيـة ‪.‬‬
‫فإذا صدرت الهبـة من مريض الموت لوارث يسري عليـه حكم الوصيـة بالرغـم وأن الفصـل ‪197‬‬
‫من م أ ش قد نص على ‪ " :‬ال وصيـة لوارث وال في ما زاد على الثلـث إال بإجـارة الورثـة بعد وفاة‬
‫الموصي " ‪.‬‬
‫أما بالنسبـة للوصيـة لغيـر الوارث فقد نـص الفصـل ‪ 119‬من م أ ش أن الوصيـة لغيـر وارث‬
‫تمضي في الثلث من التركـة بدون توفق على إجازة الورثـة " ‪.‬‬
‫كمـا تعـد من عقود التبرع إسقـاط الدين ‪ .‬فاإلسقـاط الصادر من مريض في مرض‬
‫موتـه على أحـد الورثـة‪ ،‬سواء كـان اإلسقـاط في الكل أو البعـض‪ ،‬ال يصح إال بمصـادقـة جميع الورثـة‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫عليـه‪ ،‬وذلك حسب مقتضيـات الفصـل ‪ 353‬من م ا ع ‪ .‬أما الفصـل ‪ 355‬م ا ع فقد ذكر أن ‪:‬‬
‫"اإلسقـاط الصادر عـن الدائـن لغيـر وارث في مرض موتـه يعتـبر في ثلـث مخلفـه بعـد إستفـاء الديون‬
‫ومصـاريف جنـازتـه " ‪.‬‬
‫وبمـا أن الكفـالـة عقد يلتـزم بمقتضـاه شخص بأن يؤدي للدائن ما إلتزم به المدين إن لم يؤده‬
‫‪ ،‬فهو اآلخر يعد من التصرفـات بدون عوض ‪ .‬وقد يحدث أن يكفـل المريض في مرض موتـه‪ ،‬ويريـد‬
‫بعقده هـذا أن يميـز ويفضـل وارث أو غيـرا ‪ ،‬ممـا قد يضر بالورثـة وحقـوقهـم‪ ،‬لذلك أقر المشرع صلب‬
‫الفصـل ‪ 1311‬أن ‪" :‬كفـالة المريض أثنـاء مرض موتـه ال تصح إال في ثلـث مالـه ‪ ،‬إال إذا رضي ورثتـه‬
‫بما هـو أكثـر " ‪.‬‬
‫ورغـم أن نطـام االنفصـام في الذمـة المـاليـة ال يخصص أي حمـاية ألموال العائلـة‪ ،‬فإنه في‬
‫المقابل أمكـن الوصـول إلى حمايـة ناجعة من خـالل إستنبـاط آليات من القـانون المدني بصفـة عـامة‬
‫‪ .‬على خـالف ذلك فإن نظام اإلشتراك في الملكيـة أقر بصفـة صريحـة وخصص حمـاية أموال العائلـة‬
‫بنظام كـامل ‪.‬‬
‫‪-2‬في صـورة إختيـار نظام اإلشتـراك في الملكيــة ‪:‬‬
‫إرتأى المشرع بموجـب القـانـون عـدد ‪ 73‬لسنـة ‪ 1771‬إحداث نظام اإلشتراك في الملكيـة بين‬
‫الزوجيـن وغـايتـه في ذلك إيجـاد نظـام آخر موازي لنظـام التفرقـة في األموال بين الزوجيـن‪ ،‬وتسهيـال‬
‫منـه على الزوجيـن الذيـن يرغبـان في اإلشتراك في األمـالك‪ ،‬ذلك أنـه بمجـرد إختيـارهمـا لنظـام اإلشتراك‬
‫في األمـالك تصبـح عـالق تهمـا المـالية محكـومة فيمـا يتعلـق بتسييـرها‪ ،‬وإدارتهـا‪ ،‬وحفظهـا‪ .‬والتصرف‬
‫فيهـا ومـا إلى ذلك بالقانـون المـذكور دون حاجة إلى بيان ذلك ضمن إتفـاق مفصـل ‪.‬‬
‫وعلى خـالف المشرع الفرنسي الذي جعـل جملـة األموال المكتسبـة بعـد الزواج بقطـع النظـر‬
‫عن طبيعتهـا منقـولة كـانت أو غير منقـولة داخلـة ضمـن اإلشتراك ‪ ،‬إقتصـر المشرع التونسي على‬
‫تحديـد منـاط اإلشتراك‪ ،‬في العقـارات المكتسبـة بعـد الزواج والمعـدة لسكنـى العـائلـة أو استعمـالهـا‬
‫والمبينـة بالفصليـن ‪ 13‬و ‪ 11‬من القـانـون المذكـور ذلك أنـه بمجـرد إختيـار الزوجيـن لنظـام اإلشتراك‬
‫في األمـالك يتكفـل القـانـون بتحديـد عنـاصر ومـوضـوع اإلشتـراك‪ .‬إذ إقتضـى الفصـل العاشـر بأنـه ‪:‬‬
‫"تعتبـر مشتركـة بيـن الزوجيـن‪ ،‬العقـارات المكتسبـة بعـد الـزواج أو بعـد إبـرام عقـد اإلشتـراك مـا لـم تـؤل‬
‫ملكيتهـا إلـى أحدهمـا بوجـه اإلرث أو الوصيـة بشـرط أن تكـون مخصصـة إلستعمـال العائلـة أو‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لمصلحتهـا سـواء كـان اإلستعمـال مستمـرا أو مومسميـا أو عرضيـا‪ .‬كمـا تعـد مشتركـة بالتبعيـة توابـع‬
‫ذلك العقـار وعلتـه مهمـا كانت طبيعتهـا والتعـد كذلك العقـارات المعـدة إلستغـالل مهني بحث ‪.‬‬
‫والمقصـود بالعقـارات المكتسبـة بعـد الـزواج والتـي تكـون لهـا صبغـة سكنيـة تلك الموجـودة بمناطـق‬
‫الممولـة بقروض‬
‫سكنيـة أو المقتنـاة مـن باعثيـن عقارييـن محتصيـن فـي إقامـة محـالت السكـنى و ّ‬
‫سكنيـة أو العقـارات المنصـوص فـي عقـود إقتنائهـا على أنهـا تستعمـل للسكنى أو التي يثبت أنـه وقـع‬
‫إستغـاللهـا فعـال لسكنـى العائلـة"‬
‫كمـا خـول المشـرع للزوجيـن إمكانيـة التوسـع فـي نطـاق اإلشتـراك بشـرط التنصيـص على ذلك صراحـة‬
‫صلب عقـد الـزواج أوعقـد اإلشتـراك ‪.‬‬
‫كمـا حـدد هذا القانـون صالحيـات كـل طرف من الزوجيـن وميـز بيـن ثـالث أنواع من‬
‫التصـرفات وهـي ‪ :‬التصرفـات النافعـة لملك المشتري‪ .‬والتصرفـات الدائـرة بين النفـع والضـرر‪.‬‬
‫والتصرفـات التي تعد من قبيل الضـرر المحصن ‪.‬‬
‫فأما النوع األول من التصـرفـات‪ ،‬فقد نظمهـا بالفصـل ‪ 11‬من هـذا القـانـون وهـي تصرفـات‬
‫موكـولة لكل واحـد من الزوجيـن يباشرهمـا دون التوقـف على إرادة الطرف اآلخـر ‪ .‬غير أن إطالق يد‬
‫كل واحـد من الزوجيـن في مباشرة أعمـال الحفظ واألدارة ‪ ،‬قد يؤدي إلى اإلضرار بالملـك المشتـرك‬
‫إذا مـا أساء أحـد الزوجيـن التصـرف أو أدى تصرفـه إلى تبـديد الملـك المشتـرك ‪ .‬لذلك تدخـل المشرع‬
‫بالفقـرة الثانيـة من الفصـل ‪ 11‬ليخـول لكل واحـد من الزوجيـن أن يستصـدر حكمـا استعجـايا قاضيـا‬
‫برفـع يد قرينـه مؤقتـا عن اإلدارة متى أثبت سوء تصرف أو تبديـد قرينه ‪.‬‬
‫وسوء التصرف أو التبديـد يمكـن أن يكـون مصدره المرض وتأثيـر ذلك المرض على الرضا‬
‫المعبـر عنـه في التصرفـات القـانونيـة نظـرا لحالـة صعـف المريض ‪.‬‬
‫وعبء إثبات سوء التصـرف أو التبديـد يقع على الزوج الذي يروم رفع يد قرينـه عن التصـرف‬
‫في الملـك المشترك ‪ ،‬وطـالمـا أن األمر يتعلـق بإثبـات واقعـه قانـونيـة فإن اإلثبـان يكون بجميـع الوسائـل‬
‫‪.‬‬
‫ويكـون إثبات سـوء التصـرف أو التبديـد تأسيسـا على معيـار " رب األسرة الصالـح " دون‬
‫حـاجـة إلى إثبـات سوء نيـة أو تعمـد القريـن إسـائة التصـرف‪ .‬وتقـدير سوء التصرف أو التبديـد من‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫عـدمه يخضـع إلجتهـاد القـاضي اإلستعجـالي‪ .‬ومـتى ثبت سـوء تصـرف القريـن أو تبديـده‪ ،‬فإن‬
‫القاضـي اإلستعجـالي يصـدر الحكـم برفـع يـد القريـن المذكـور مؤقتـا عـن اإلدارة ‪.‬‬
‫كمـا إقتضى الفصـل ‪ 23‬مـن نفـس القانـون أنـه ‪" :‬إذا مـا تصـرف أحـد الزوجيـن في األمـالك المشتركـة‬
‫أو أدارهـا بشكـل مـن شأنـه أن يعـرض مصالـح قرينـه أو مصالـح العائلـة إل التلف‪ ،‬فالـزوج األخـر أن‬
‫يطلب مـن المحكمـة الحكـم بإنهـاء حالـة اإلشتـراك" ‪ .‬وهـو مـا يـؤدي إلى أن القريـن المقـام ضـده‬
‫يبقـى ممنوعـا مـن مباشـرة صالحيـات اإلدارة‪ .‬أمـا النـوع الثاني مـن التصرفـات الدائـرة بيـن النفـع‬
‫والضـرر‪ ،‬فقـد عددهـا الفصـل ‪ 19‬حصـرا إذ إقتضى أنـه ‪":‬ال يصـح التفويت فـي المشتـرك وإلنشـاء‬
‫الحقـوق المعينـة عليـه وال كرائـه للغيـر لمـدة تتجـاوز الثالثـة أعـوام إال برضـا كـال الزوجيـن" وهـذه‬
‫التصرفـات كمـا يستـروح مـن أحكـام الفصـل المذكـور‪ ،‬اليجـوز القيـام بهـا مـن أحـد الزوجيـن بمفـرده ‪،‬‬
‫بـل يشترط المشـرع توافـق إرادتـي الزوجيـن على مباشرتهـا ‪.‬‬
‫والجـدال في أن التصرفـات لمنصـوص عليهـا بالفصـل ‪ 19‬قـد وردت على سبيـل الحصـر ال‬
‫الذكـر‪ .‬وهـذا الحصـر اليضـر فـي شـيء بإعتبـار أن المشـرع إستعمـل عبـارة التفويت لتوسيـع مجـال‬
‫إنطبـاق هـذا الفصـل‪ .‬فيكـون شامـال بإستعمالـه لعبـارة التفويت لجميـع التصرفـات القانونيـة التي مـن‬
‫شـأنها تغييـر الوضعيـة القانونيـة للمـال كالبيـع والمعاوضـة والمساهمـة في الشركـة وغيرهـا ‪.‬‬
‫أمـا بالنسبـة للحقـوق العينيـة فإنه اليجـوز إنشاؤهـا على ملك المشتـرك إال برضـا الزوجيـن ‪.‬إال أن‬
‫المشـرع لـم يتعـرض إلى جـزاء مخالفـة أحكـام هـذا الفصـل فإذا مـا تولى أحـد الزوجيـن ‪.‬‬
‫التفويت في الملك المشتـرك دون رضـا قرينـه فمـا هـو مـآل هـذا التفويت ؟‪.‬‬
‫إن أول مايتبـادر إلـى الذهـن أن جـزاء هـذا التصرف هـو البطـالن المطلـق بإعتبـار أن المشـرع إستعمـل‬
‫عبـارة "اليصـح" ‪.‬‬
‫لكـن إعتمـاد مثـل هـذا اإلتجـاه اليتمـاشى مـع البطـالن في القـانون التونسي الـذي يفـرق بيـن‬
‫البطـالن المطلـق وهـو الجـزاء الـذي يتسـلط على العقـدكلمـا خلى مـن أحـد أركانـه الجوهريـة التي‬
‫اليقـوم بدونهـا‪ .‬والبطـالن النسـي وهـو الجـزاء الـذي يصبـر العقـد قابـال لإلبطـال كلمـا خلى مـن إحـدى‬
‫الشـروط التي أعـدت لحمايـة أحـد أطرافـه أو الغيـر‪ .‬وكلمـا تعلـق األمـر ببطـالن نسبي فإنـه يجـوز لمـن‬
‫شـرع لمصلحتـه التخلي عـن حقـه فـي المطالبـة بـه وذلك عبـر المصادقـة على العقـد أو إجازتـه ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وفـي صـورة الحـال فإن إشتـراط المشـرع رضـا الزوجيـن معـا لصحـة التصرفـات الواردة صلب‬
‫الفصـل ‪ 19‬يكتسـي طابعـا حمائيا لكال الزوجيـن ‪.‬فإذا مـا تولى أحدهمـا التفويت فـي الملك المشتـرك‬
‫دون رضـا الطـرف األخـر كـان هـذا التعرف باطـال‪ .‬لكـن هـذا البطـالن ذو طابـع حمـائي‪ .‬ولمـا كـان‬
‫كذلك فإنـه يجـوز للقريـن الـذي شـرع لمصلحتـه التخلي عـن حقـه في إنقـاذ التصـرف وبالتـالي عـن‬
‫حقـه في المطالبـة بالبطـالن‪ ،‬وذلك عبـر إجازتـه‪ ،‬فيصيـر بذلك التصـرف نافـذا ‪ .‬واليطـال البطـالن إال‬
‫الجـزء المشـاع الخـاص بالقريـن المتضـرر ويبقـى العقـد صحيحـا تجـاه مـن أبرمـه ‪.‬وقـد أورد المشـرع‬
‫صورتيـن يجـوز فيهمـا ألحـد الزوجيـن إجـراء إحـدى األعمـال المذكـورة بالفصـل ‪ 19‬بمفـرده ودون‬
‫توقـف على رضـاء قرينـة لكنـه قيـد ذلك بإستصـدار حكـم إستعجـالي يأذن للـزوج الـذي يرغب في‬
‫مباشـرة تلك األعمـال ‪.‬‬
‫أمـا الحالـة األولى فهـي صـورة ما إذا كـان أحـد الزوجيـن في حالـة يتعـذر عليـه معهـا التصريـح‬
‫بإرادتـه‪ ،‬كمـا هـو الشأن بالنسبـة للـزوج الـذي فقـد أهليتـه وتـم ضـرب الحجـز عليـه‪ ،‬لسفـه أو لضعف‬
‫عقـله أو لجنـونه ‪.‬‬
‫والحالـة الثانيـة هي صـورة ما إذا ثبت سـوء تصـرف أحـدى الزوجيـن فـي الملك المشتـرك أوتبديـده لـه‬
‫‪.‬وسـواءا تعلـق األمـر بالحالـة األولى أوبالثانيـة ‪ ،‬فإن الـزوج الـذي يرغب في إجـراء أحـد األعمـال‬
‫المذكـورة بالفصـل ‪ ،19‬اليتسنى لـه ذلك إال إذا إستصـدر حكمـا إستعجاليـا يأذن لـه مباشـرة تلك‬
‫األعمـال ‪.‬وبالنسبـة للصـورة األولى فإنـه على القـاضي اإلستعجـالي أن يتحقـق مـن جـدوى إجـراء أحـد‬
‫أعمـال التصرف المذكورة‪ ،‬ومدى مالئمته ذلك لمصلحة الزوج الذي تعـذر عليـه التصريح بإرادتـه ‪.‬‬
‫وهـذه المعايـير نستمـدهـا مـن أحكـام الفصـل ‪ 15‬م ا ع الـذي إقتـضى بأن الحاكـم المختـص‬
‫اليعطـي إذنـه للولي في التصـرف فيمـا هـو موكـول لنظـره مـن أمـوال القاصـر إال عنـد الضـرورة وللمصلحة‬
‫الواضحـة لهـذا األخيـر ‪.‬‬
‫وقـد أوكـل المشـرع مهمـة إصـدار مثـل هذه األذون إلى القضـاء اإلستعجالي‪ ،‬وأخرجهـا مـن نطـاق‬
‫األذون على العرائـض‪ ،‬حفاظـا على حقـوق الزوجيـن وتكريسا لمبـدأ المواجهة الذي يتسنى بموجبه‬
‫للزوج المقام ضده بيـان موقفه والدفـاع عـن حقوقـه ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫أمـا النـوع الثالث مـن التصرفـات فهي تلك التصرفـات التي تعـد مـن قبـل الضـرر‪ .‬المحـض‬
‫وهي جميـع أعمـال التبـرع التي تخـرج المشتـرك أو شـيء‪ ،‬منـه مـن ذمـة الزوجيـن دون مقابـل ‪ .‬فقـد‬
‫إشتـرط المشـرع لصحـة التبـرع بالمشتـرك أوبشـيء منـه رضـا كال الزوجيـن ‪.‬‬
‫ويمكن أن ينعـدم رضـا أحـد الزوجيـن بسب جنونـه أو لمرضـه الشـيء الـذي يـؤدي إلى التـأثير‬
‫على إرادتـه فيعيبهـا أو يجعلها سهلـة التعيب والتي ال تسمـح للشخـص المصـاب بـه أن يعبـر بحريـة‬
‫عـن رضـاه‪ ،‬أو يجعلـه عرضـة للوقـوع في عيب مـن العيـوب الرضـاء كسهولـة الغلط وهـو مـا يذكرنـا‬
‫بالصـم والبكـم والمكفوفيـن ‪.‬فهـل أن القريـن المعـافى سيـرضى بنصيبـه أم سيسعى إلى التخلـص مـن‬
‫هـذا الـزواج الـذي سيكبـده مصـاريف ماديـة وأالم معنويـة هوفي غنـا عنهـا ؟‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الجـزء الثانـي ‪ :‬المـرض وإنفصـام العالقـة الزوجيـة ‪:‬‬


‫يمكـن للرابطـة الزوجيـة أن تقـوم حـال أن أحـد طرفيهـا مريـض ‪ .‬وهـو مـا يعسـر معـه نجـاح‬
‫العالقـة الزوجيـة وإستمرارهـا ‪ .‬وهي إمكانيـة جـد محتملـة نظـرا إلنعـدام الجـدوى التطبقيـة للكشف‬
‫الطبي السابـق للـزواج‪ ،‬ااـذي يعتبـر شكليـة قانـونيـة يسهـل تجاوزهـا في بـالدنـا بالنسبـة لمن عـزم على‬
‫الزواج بالرغـم من إصابتـه بـداء خطير ‪ .‬باإلضـافة إلى أن مضمـون هـذه الشهـادة الطبيـة ال يمكـن من‬
‫التثبـت الشـامل لصحـة المترشـح ‪ .‬هـذا ما يفسـر إمكـانيـة إقـدام هـذا األخيـر على الزواج رغـم إصـابته‬
‫بمرض خطيـر لم ينبهـه له الفحـص الطبي الواجـب للزواج ‪ .‬ويحتمـل أن يكـون المرض الحقـا للزواج‪،‬‬
‫وذلك بعـد أن توفرت سالمـة الزوجيـن في تـاريخ إبرام عقد الزواج‪.‬‬
‫وفي كل الحـاالت يلحـق الطرف السليـم ضررا أكيدا يولـد إنعكـاسات سلبيـة على مجـرى‬
‫الحيـاة الزوجيـة ‪ ،‬فمرض أحـد الزوجيـن يمكن أن يتقبـله الطرف المعـافى بالصبـر والمواسـاة والبحـث‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫عـن أنجـح الحلـول الكفيلـة لعـالجـه ‪ .‬كمـا يحتمـل رفضـه لهذة الحيـاة الزوجيـة التي لن يجنـي من‬
‫ورائ هـا إال األضرار المـادية والمعنـوية ‪ .‬هـذا ما يفسـر سعيـه إلى فصم هـذه الرابطـة الزوجيـة سواء كـان‬
‫ذلك بواسطـة الطالق ( القسم األول ) أو عـن طريق اللجـوء إلى طلب إبطـال الزواج ( القسـم ثـاني )‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫القسـم األول ‪ :‬طلب الطـالق لمرض أحـد الزوجيـن ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫إن لجـوء الطرف المتضـرر من مرص الطرف اآلخـر في عـقد الزواج إلى إمكـانيتي الطالق‬
‫الممنوحتيـن صلب الفقـرة األولى والثـانية من الفصل ‪ 31‬جديد من م أ ش ال يثيـر أي إشكـال قانـوني‬
‫‪ ،‬خـالفا لسعـيه إلى التحصيـل على إمكـانيـة الطـالق الممنـوحـة صلـب الفقـرة الثـانيـة من نفس الفصـل‪،‬‬
‫لمـا أثـاره تأويـل هـذه الفقـرة من إنقسـام في الحلـول النظريـة ( الفقـرة األولى ) وقع تجسيمـه بوضـوح‬
‫في مستـوى التطبيق ( الفقرة الثانيـة ) ‪.‬‬
‫الفقـرة األولـى ‪ :‬المرض سنـد لطلـب الطـالق للضـرر ‪:‬‬
‫يمكـن ألحـد الزوجيـن في صـورة تيقنـه من إستحـالة إستمراريـة الرابطـة الزوجيـة‪ ،‬نتيجـة لمـا‬
‫حصـل له من ضـرر‪ ،‬تسبب فيـه المرض الذي ألم بالطرف اآلخـر‪ ،‬إنشاء الطـالق على أسـاس الفقـرة‬
‫الثانيـة من الفصـل ‪ 31‬من م أ ش وتحمـل التبعـات المـادية مقابـل بلـوغ مبتغـاه ‪ .‬هـذا إلى جـانب‬
‫إمكـانيـة إتفـاق الزوجيـن على طلب الطـالق بالتراضـي طبقـا ألحكـام الفقـرة األولى من نفـس الفصـل ‪.‬‬
‫لكن عـدم إستعداد بعـض األزواج لدفـع غرامـات مـاليـة‪ ،‬وانعـدام التراضي على الطـالق‪،‬‬
‫باإلضـافة إلى إمكـانية التحصيـل على تعويـض للضرر المعنـوي والمـادي النـاجـم عـن الطـالق‪ ،‬يبرر‬
‫لجـوء الطرف المتضـرر إلى طلب الطـالق علـى أسـاس الفقرة الثـانيـة من الفصل ‪ 31‬جديد من م أ ش‬
‫التي أصبحـت تنص بمقتـضى التنقيـح الحـاصل في ‪ 11‬فيفري ‪ " 1711‬أوال على أنـه يحكـم بالطـالق‬
‫‪ ...‬ثانيا بنـاءا على طلب أحـد الزوجيـن بسبب مـا حصـل له من ضـرر"(‪ .)1‬فهل يعـد الـمرض ضـررا‬
‫( مبحـث أول ) ؟ وهـل يكفي اإلستنـاد إلى الضـرر الناجـم عـن مرض القريـن وإثبـاته للحصـول على‬
‫الطـالق طبقـا لهـذه الفقـرة ( المبحـث الثاني ) ؟‪ ،‬أم ال بد من إثبـات سلـوكـه المخطئ إضـافة إلى‬
‫ذلك ( مبحـث ثالث ) ؟‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪-‬نقح الفصل ‪ 31‬من م أ ش بمقتـضى القـانون عـدد ‪ 9‬لسنـة ‪ 1711‬المؤرخ في ‪ 11‬فيفري ‪ 1711‬والمنشـور بالرائد الرسمي‬
‫للجمهـورية التونسية عـدد ‪ 11‬بتـاريخ ‪ 23‬فيفري ‪ 1711‬ص ‪. 351‬‬
‫المبحـث األول ‪ :‬المـرض ومفهـوم الضـرر ‪:‬‬
‫لم يعـرف المشرع التونـسي الضـرر ولم يحـدده وربمـا يعـود ذلك إلنعدام الجـدوى من تعـداد‬
‫الحـاالت الضـارة وحصرهـا إذ من شأن هـذا الحـصر أن يقيـد عمـل القـاضي نظرا لكثـرة وتنوع الصـور‬
‫خصـوصـا وأنهـا مسألـة تـالمس الواقـع األسرى واإلجتمـاعي ‪ ،‬فتبقـى المسألـة موكـولة إلجتهـاد القضـاة‬
‫من تحديد الضـرر من عـدمـه حسب األحـوال والظـروف‪ .‬ومن منطلق قـانوني وواقـعي فإن مرض أحـد‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الزوجـين قد يشكـل ضـررا لآلخـر ‪ .‬فالمـرض من شأنـه أن يشكـل ضررا نفسيـا أو معنـويا نتيجـة العـجز‬
‫الجنسي أو العقـم أو العـاهـات العقليـة ‪ ،‬فالمرض قد يحـدث سـواء ببدن القريـن (أوال) أوأللـم نفسي‬
‫(ثانيا) ‪.‬‬
‫‪ - 1‬الضـرر المـادي ‪:‬‬
‫إن الضـرر النـاجم عن المرض يجـب أن يمس بصـورة مباشرة شخص القريـن وأن يكون فعليـا‬
‫أي موجـودا يستحيـل معـه مواصلـة الحيـاة الزوجيـة بمعـنى أن يكـون المرض مـانعا لقيـام القريـن بواجبـاته‬
‫الزوجيـة‪ .‬كمـا أن المرض يجـب أن يكـون موجـودا فعـال إذ أن الشخـص يجـب أن يكـون مصـابا‬
‫بالمرض فعـال ال أن يكـون مهـددا به أو من المحتمـل إصـابتـه به مستقبـال‪ ،‬مثـال ذلك األمراض‬
‫الوراثيـة ‪ .‬فمـا هي األمراض التي تأثـر على الحيـاة الزوجيـة والتي قـد تلحـق ضـررا بالقريـن المعـافى مـاديا‬
‫؟ قبل اإلجـابة عـن ذلك وجـب اإلشـارة إلى أن أهـم األضـرار المـادية التي يمكـن أن تلحـق القريـن‬
‫المعـافى تتمثل في مصاريـف معـالجـة قرينـه المريض‪ ،‬واستشفـائه ‪ .‬غير أن تلك المصـاريف تعـد واجبـا‬
‫من جهـة أخـرى إذا مـا أدخلنـهـا ضمن مكونـات واجـب اإلنفـاق المحمـول على الزوج ‪.‬‬
‫ولعـل من أهـم األضرار المـاديـة التي تلحـق القريـن ضرره من عـدم إتصالـه جنسيـا بقرينـه لمرضـه‬
‫‪ .‬ذلك أن أغلب األمراض تؤثـر من بعيـد أو من قريب على قـدرة الزوج الجنسيـة ‪.‬‬
‫فاألمراض المؤثرة على الحيـاة الزوجيـة أو قد تلحـق ضررا هي في مجملهـا األمراض العقليـة والبدنيـة‬
‫والتنـاسليـة والعجـز الجنسي ‪.‬‬
‫فأمـا األمراض العقليـة والبدنيـة فهي ال تثيـر إشكـاال ‪ ،‬فمتى ثبـت إصـابة القرين بعاهـة عقليـة‬
‫تجعلـه مجنـونـا أو ضعيف التميـز ‪ ،‬ممـا يؤثر على قدرتـه في القيام بواجبـاته الزوجيـة أو إصـابتـه بمرض‬
‫معدي وخطير يجعـل انتقـالـه أمرا أكيـدا عنـد مساكنـة القريـن له ‪ ،‬أمكـن المطـالبة بالطـالق للضرر ‪.‬‬
‫أما في خصـوص األمراض التنـاسلية وهـي األمراض الجرثـومية كمرض السيـدا فهـي من األمراض‬
‫التي تشكـل ضررا ثابتـا يجبـر طلـب الطـالق للضرر لسببيـن ‪ :‬أولهما أنـه معد وقد ثبـت ذلك علميـا ‪،‬‬
‫وثانيهمـا ألنـه يمنـع اإلتصـال الجنسي‪ ،‬باعتبـاره يؤدي حتمـا إلى تسرب الفيريس ‪ .‬وفي هـذه الحـالة‬
‫كمـا هـو الشأن في خصـوص األمراض العقليـة أو البدنيـة المعديـة فإن الشخـص المعـافى يعفـى من‬
‫القيـام بواجبـاتـه الزوجيـة كواجـب اإلتصـال الجنسي خـوفا من انتقـال العـدوى ‪ .‬فالزوجـة التي تمتنـع من‬
‫تمكين زوجهـا من نفسهـا ألنـه مصاب بالسيـدا وكذلك الزوج الذي يمسـك عـن اإلتصـال الجنسي‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بزوجتـه ألنهـا مصـابة بهـذا الداء ال يعتبـر مخـال بواجباتـه الزوجيـة إذ أن هـذا الموقـف مبني على‬
‫أسبـاب شرعيـة ‪ ،‬ذلك أن اإلقدام على العمليـة الجنسيـة في هـذه الضروف هـو إنتحـار (‪. )1‬‬
‫وقد ينبـثق إشكـال في خصـوص عذريـة الزوجـة فهـل أن فقدان العذريـة يعـد ضررا مـوجبـا‬
‫للطـالق على معنى الفقـرة ‪ 2‬من الفصـل ‪ 31‬من م أ ش ؟ ‪ .‬إن الضـرر المـوجب للطـالق يجـب أن‬
‫تتوفر فيه شروط معينـة ‪ ،‬فيجـب أن يكـون الضرر المتمسـك به يشكـل إخـالال إللتـزامـات عقديـة هي‬
‫محتـوى الفصـل ‪ 23‬شخصي ‪ .‬والضـرر المعتبـر هـو الضـرر الجسيـم وذلك إعتبـارا إلى أن الرابطة‬
‫الزوجيـة مؤسسـة وال يجـب أن تنفصـم بمجـرد إقتراف القريـن لخطـأ بسيـط ‪ .‬ولقـد أكـدت محكمـة‬
‫(‪)2‬‬
‫التعقيـب على ذلك وخصوصا على عـدم التسـاهـل في فصـم عرى الحيـاة الزوجيـة‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪) 1‬مقـال األستاذ عبد الله األحمدي بعنوان ‪" :‬هل يجوز في قانوننـا التـونسي منع المريض بالسيدا من أن يتزوج" ‪ .‬جريدة الصباح‬
‫‪ 21 .‬فيفري ‪. 1717‬‬
‫(‪ )2‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 7313‬مؤرخ في ‪ 1793/39/13‬المجلـة القانـونية التونسية ‪ 1791‬ص ‪ 31‬مع تعليق األستاذ‬
‫ساسي بن حليمـة ‪.‬‬
‫ففقدان العـذرة ال يمنـع الزوجـة من القيام بواجبـاتهـا الزوجيـة وليس عيبـا يعتد بـه قضاء للحكـم بالطالق‬
‫للضرر ‪ .‬فمـن فقـدت عذرتهـا هـي قادرة على أن توفر لزوجهـا حيـاة جنسيـة عـادية ولقـد أكـدت‬
‫محكمـة التعقيـب على أن كـل عيب أو مرض غير مانـع مـاديا من اإلتصـال الجنسي ‪ .‬ومن مباشرة‬
‫الزوجـة في ظروف عـاديـة‬
‫ال يمكـن أن يؤسس على أساسـه دعـوى الطـالق للضرر (‪ . )1‬وهـو موقف يسهـل الربط بينـه وبين‬
‫مبادئ المذهـب الحنبلي (‪ )2‬حيث يرى اإلمـام ابن حنبل " أن العيـوب التي يثبـت بهـا الحق في طلب‬
‫التفريق هـي التي تمنـع حصـول المتعـة الجنسيـة ‪ .‬والعيـوب الجسميـة المنفرة أو الضارة التي ال يرجـى‬
‫شفـاؤهـا أو يكـون الشفـاء منهـا بعـد زمـن طويل ‪ ...‬ويعـرف ذلك عن طريق أهـل الخبـرة (‪." )3‬‬
‫فاإلفتضـاض حينئـذ وقياسـا على العيـب شرعـا وقـانونا ‪ ،‬ال يعـد عيبـا منفرا وال معـديا وخصوصا مـانعـا‬
‫من مباشرة الزوجـة فالزوج ال يصيبـه ضرر يعتـد به عرفـا يمنعـه من حيـاة زوجيـة وجنسيـة طبيعيـة وهـو‬
‫موقـف أكـدته محكمـة التعقيـب بمنـاسبـة صور أرى (‪. )3‬‬
‫ومن األمراض المـانعـة من تحقيق إتصـال جنسي بين الزوجيـن نجـد العجـز الجنسي لعـدم‬
‫تمكـن الرجل من إتيان المرأة إما لسبب بيـولوجي وبدني أو لسبب نفسي ‪ .‬فإن كـان العجـز بدنيـا ال‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بد أن نفرق بين العجـز التـام والعلـم به مفتـرض والعجـز المؤقت كنـوع من البرود الجنسي وهـو نـاجم‬
‫عـامة إما عن تنـاول أدوية معينـة أو تنـاول المخدرات أو اإلصـابة بمرض السكري ‪ .‬وفي كل تلك‬
‫الحـاالت تفقـد المرأة تلك اللـذة الجنسيـة التي كـانت تمني بها نفسهـا من وراء الزواج ممـا يجعـل‬
‫األلـم والحسرة تعتمـر في نفسهـا ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 13397‬مؤرخ في ‪ 1711/33/32‬نشرية محكمـة التعقيب ج ‪ 2‬ص ‪. 22‬‬
‫(‪ ) 2‬األستاذ فوزي بالكناني "الطالق والضرر" مذكر لإلحراز على شهـادة الدراسات المعمقة في القانون الخـاص جوان ‪. 1711‬‬
‫(‪)3‬زكي شعبان ‪ ،‬األحكام الشرعية لألحوال الشخصيـة مرجـع مذكرة ص ‪ 313‬و ‪. 315‬‬
‫(‪)3‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 5727‬مؤرخ في ‪ 1711/12/15‬ن م ت ‪ 1711‬ج ‪ 3‬ص ‪. 253‬‬
‫ونظـرا ألهميـة اإلتصـال الجنسي في عقـد الزواج فإن العجـز الجنسي في المقـابل للقريـن يعـد ضررا‬
‫يمكن من طلب الطـالق للقريـن المتضرر ‪.‬‬
‫على أن الضـرر الذي يصيـب القريـن من جراء مرض قرينـه ال يتمثـل في الضـرر المادي فقط بل‬
‫يمكـن أن يكـون معنـويا أيضـا ‪.‬‬
‫‪ -2‬الضـرر المعنـوي ‪:‬‬
‫إن الضـرر المفضـي إلى طلب الطـالق ليس الضرر المادي فحسب بل هـو الضرر المعنـوي أو‬
‫الضرر األدبي وهو كـل مـا ال يصيـب الشخـص مـاديا يرجعـه الدكتـور عبد الرزاق السنهـوري إلى أحوال‬
‫معينـة هـي ‪:‬‬
‫‪+‬الضرر األدبي الذي يصيب الجسـم من جـروح وألم وتشـوه ‪.‬‬
‫‪+‬الضرر األدبي الذي يصيـب الشرف واالعتبار والعرض مثل القذف والسب ‪.‬‬
‫‪+‬الضـرر األدبي الذي يصيـب الشخص من مجرد اإلعتداء على حـق ثابت له (االعتداء على ملكـه‬
‫الخـاص (‪. )1‬‬
‫الغم واألسى والحـزن ‪ ،‬وهـو‬ ‫‪+‬الضرر األدبي الذي يصيب العاطفـة والشعـور ‪ ...‬ويدخـل إلى القلـب ّ‬
‫العنصـر الذي يمكـن أن يتأسس عليـه طلب الطـالق للضرر عنـد إكتشـاف مرض قرينـه عند الدخـول‬
‫به ‪ .‬غير أن إثبات الضرر المعنـوي وباعتبـاره يمس الجـانب النفسي للشخـص‪ ،‬يصعـب التعرف إليـه‬
‫كمـا يكتسي صعـوبـة قصوى في اإلثبات ويبقى الزوج تطبيقـا للفصـل ‪ 321‬من م م م ت مطـالبـا‬
‫بإثبـات مـا يدعيـه من حصول ضـرر معنـوي ألم به وبمشـاعره‪ .‬وله في ذلك الحريـة الكـاملة إعتبـارا وأن‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫اإلثبات يتعلـق بواقعـه المـادية ويبقـى للقـاضي ولقضـاة األصل عمـوما الحريـة في تكييف الضـرر وتقديره‬
‫معتبريـن في ذلك الجانب النفسي للشخـص وذاتيتـه ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ ) 1‬الدكتـور عبد الرزاق الشهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ :‬مصادر اإللتزام دار النشر للجـامعات المصرية ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫‪ 1752‬ص ‪ ( 113‬بتصرف ) ‪.‬‬

‫لكن الضرر المعنـوي ال يقف عنـد حـدود الشعـور بالتأزم النفسي بل قد يتعـداه إلى مـا قد يشعـر به‬
‫الزوج من ألم وحسرة نتيجـة إخفـاء زوجتـه أمـرا جوهريا كـان عليـه أو عليهـا من باب النزاهـة واألمانـة‬
‫أن تعلمـه به حتى يكـون على بينـة من أمره (‪. )1‬‬
‫وهـذا الواجـب هو مـا إصطلـح على تسميتـه الفقـه الفرنسي بواجب المصارحـة في عقد الزواج‬
‫(‪. )2‬‬
‫فما هـو حظ هـذا الواجـب من الوجـود في القـانون التونسي لألحوال الشخـصية ؟ وهل يمكـن أن‬
‫نعتبره الخطأ الذي تؤسس عليـه مسؤوليـة الزوجـة فيمـا لحق الزوج من ضـرر معنـوي ؟‬
‫فكيف يفهـم هـذا الـواجب في عقـد الـزواج ؟ يعتبـر مبدئيـا كـل مـا وقـع خـارج إطـار الـزواج خـارجـا عـن‬
‫نطـاق العالقـة الزوجيـة واليدخـل في مـاعسى أن يحـاسب عليـه أحـد الزوجيـن فالعبـرة بسلوكـه نحـو‬
‫قرينـه منـذ تـاريخ الـزواج (‪. )3‬‬
‫حينئـذ ‪ ،‬فال عبـرة بمـا كـان للـزوج أو الزوجة مـن تصرفـات سابقـة ومـا على كل شخـص يعلـق‬
‫أهميـة على معرفـة ماضي قرينـة‪ ،‬إال أن يتجند شخصـيا للبحث والتقصى عن كل مـا من شأنـه أن‬
‫يكـون ذا فائـدة "حتى إذا مـا إكتشف بعـد الـزواج أمـورا لـم يكـن مطلعـا عليهـا فإنـه ال يسعـه إال أن‬
‫يلـوم نفسـه"‪ .‬على أن هـذا قـد ال يـكون كافيـا وقـد يثيـر إشكـاالت واقعيـة ‪ ،‬خصـوصـا إذا مـاكـان األمـر‬
‫الـذي خفي على مـن يهمـه األمـر أمـرا لـم يكـن فـي إمكانـه كشفـه قبـل الـزواج ولـو حـرص على ذلك ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ -)1‬األستاذ ساسي بن حليمة محـاضرة "الزوجـة العـذراء" مرجـع سابـق الذكـر‪.‬‬
‫‪(2)-Guyon yves de l’obligation de sincérité dans le mariage R T D 1964 p 473 .‬‬
‫)‪" - (3‬ماهو تأثيـر مـرض الزوجة على مصير الرابطة الزوجية" مقال األستاذ ساسي بن حليمة ص‬
‫‪ 11‬مرجع مذكور‪.‬‬
‫مـن ذلك مثـال مـا يتعلـق بالصحـة الجسديـة للشخـص ومايكـون قـد أصيب بـه مـن أمـراض ‪،‬‬
‫وعلـل ‪ ,‬شفـي منهـا أولـم يشفـى ‪ .‬فهـل أن الـزوج أو الزوجـة مطـالب كـل منهمـا هنـا أن يتصـل بالطبيب‬
‫الخـاص للطـرف اآلخـر ؟ وعلى كـل فهـذا لـن يجديه نفعـا إعتبـارا للسـر المهني الـذي يلتـزم بـه كل‬
‫طبيب ‪ .‬فكيف لـه إذا أن يعـرف أمـورا ذاتيـة تتعلـق بشخـص القريـن وحـده ومـامـن سبيـل لكشفهـا إال‬
‫عـن طريقـه هـو فحسب ؟‪.‬‬
‫فمـاذا عسـى مـن إكتشف عيبـا خلقيـا أو غيـر خلقيـا مـن شأنـه اإلضـراربـه مـاديـا أومعنويـا ‪ ،‬أن‬
‫يفعـل ‪ ،‬خصوصـا إذا مـا أصبـح يعتبـر أن إستمـرار الزوجيـة أصبـح مستحيـال مـع وجـود ذلك العيب ؟‪.‬‬
‫واإلستحالـة هـي إستحالـة معنويـة أكثـر منهـا ‪ ،‬ماديـة ‪ ،‬لمـا يشعربـه مـن مهانـة وقلـة شـأن ‪ ،‬حيـث أنـه‬
‫وقـع في مغالطـة كمـن إكتشف أن سبب إستئصـال ثـدي زوجتـه ‪ ،‬إصابتهـا بمـرض سرطـان سابـق‬
‫للـزواج ‪ ،‬وليـس حـاذث مـرور إدعت وقوعـه وأقنعتـه بأنـه السب الفعلـي وراء عمليـة اإلجتـذاذ ؟‬
‫كذلك مـا العمـل فـي مـن إكتشفت أن اإلعاقـة التي يشكـو منهـا زوجهـا‪ ،‬ليـس مردهـا حـادث شغـل‬
‫أومـرور بـل إعاقـة وراثيـة ؟ ‪ .‬أو كذلك مـن إكتشف بمناسبـة الدخـول بزوجتـه آثـار لعمليـة جراحيـة على‬
‫مستـوى البطـن إدعت الزوجـة أنهـا نتيجـة إستئصـال الزائـدة الدوديـة فـي حيـن أن سببهـا عمليـة قيصريـة‬
‫قـامت بهـا الزوجـة قبـل الـزواج للتخلـص مـن حملهـا والحفـاظ على سالمـة غشـاء البكـارة ألن حملهـا‬
‫كـان نتيجـة اتصـاالت سطحيـة بالدلك مـع اإلنتشـار (‪ )1‬؟ ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪1 – N aoual el saadaoui opcit p 89 .‬‬

‫كلهـا حـاالت واردة وليست ثمـرة خيـال نظـري بحت ‪ ،‬بل هـي إشكاليـات واقعيـة مـردهـا أمـور‬
‫سابقـة للـزواج ‪ ،‬وبالتالي اإللتـزام العقـدي لكـل مـن الطرفيـن‪ .‬لـذا فالمشكـل طـرح فـي خصـوص‬
‫إعتبارهـا حـاالت للبطـالن أو للطـالق للضـرر ‪ ،‬ولقـد تأرجـح فقـه القضـاء لوهلـة مـن الزمـن بيـن الطـالق‬
‫والبطـالن‪ .‬وإختلفت محاكـم األصـل مـع محكمـة التعقيـب الفرنسيـة فـي هذا الخصـوص (‪ )1‬وهـذا‬
‫التـردي كمـا فسـره األستـاذ سـاسي بـن حليمـة مـرة أنـه فـي فتـرة مـن الفتـرات سجـل غلقـا لبـاب الطـالق‬
‫إلـى حـدود سنـة ‪ ، 1113‬فمـا كـان أمـام المتقاضـي إذا مـارام فصـم العالقـة الزوجيـة إال أن يقصـد بـاب‬
‫البطـالن المؤسـس على غلط فـي الشخـص على أسـاس أحكـام الفصـل ‪ 113‬مدني فرنسي ‪ .‬وهنـا‬
‫توسـع فقـه القضـاء في الصـور‪ ،‬وعـدد المـواقف إال أن العكـس حصـل حيث جـاءت فتـرة فتـخ فيهـا‬
‫(‪)2‬‬
‫بـاب الطـالق على مصراعيـه وبالمقابـل أغلـق بـاب الطـالق ‪ .‬ولقـد ساهمت محكمـة التعقيب‬
‫بقسـط وافـر فـي إحكـام الغلـق حيث إعتبـرت بدوائرهـا المجتمعـة أن الغلط اليجب أن يؤسـس لطلب‬
‫إبطـال الـزواج إال إذا مـا كـان غلطـا فـي الشخـص ‪ ،‬فـي الـذات الماديـة لـه أوفـي الحالـة الماديـة "دون‬
‫األخـذ بعيـن اإلعتبـار إذا ما وقـع حول صفـات الشخص (‪. )3‬‬
‫لـذا وأمـام هـذا الوضـع أعـادت المحاكـم فتـح بـاب الطـالق فـي وجـه مـن تمسك بـه بـأن قرينـه‬
‫أخفى عليـه أمرا هامـا ‪ ،‬كوجـود عجـز جنسـي أومـرض خطيـر ‪ ،‬فإعتبـرت محكمـة التعقيب الفرنسيـة‬
‫أن ‪" :‬كـل إخفـاء لحالـة صحيـة معينـة‪ ،‬كوجـود عيب بالجهـاز التناسلـي للمـرأة مانـع مـن اإلتصـال‬
‫الجنسـي (‪ ، )3‬أو مـرض تناسلـي خطيـر مـن شأنـه إلحـاق ضـرر صحـي بالقريـن عمومـا‪ ،‬فهـو أمـر‬
‫موجب لطلب الطـالق للضـرر (‪. )5‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪1-cass civ 5/7/1956 Dallaz, 1956 J.CP page 609.‬‬
‫‪2-cass civ ch: Réun 24 – 4 –1862.‬‬
‫(‪ -)3‬األستـاذ ساسـي بـن حليمـة مرجـع سابـق الذكـر ‪.‬‬
‫‪3- cass civil 7- 5- 1951 D 1951 JG P 472‬‬
‫‪5-Cass civil 5-7-1956 D 1956 JG P609.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وهـذا اإلطـار الخـاص للطـالق للضـرر أصطلـح فقـه القضـاء على إعتبـاره ينـدرح ضمـن مايمـس‬
‫بواجب المصارحـة حيث أنـه " أصبـح يعتبـر أن كـل مـن الطرفيـن مطالب بواجب المصارحـة نحو قرينـه‬
‫المنتظر حتى إذا مـا أخـل بذلك الواجب فإنـه يعتبـر قـد إرتكب خطـأ يبـرر الحكـم بالطـالق للضـرر ‪.‬‬
‫وإعتبـرت المحكـم انـه بالرغـم مـن أن الضـرر الموجب للطـالق اليمكـن أن يأخـذ بعيـن‬
‫اإلعتبـار إال إذا مـا كـان ضـرار مـرده أفعـاال لعقـد الزواج ‪ ،‬لكننـا نقبـل عمـومـا أن نعتبـر إخفـاء أمـر مـا‬
‫مـن طـرف القريـن على اآلخـر وإن كـان أمـرا سابقـا لإلرتبـاط القانوني ‪ ،‬مـن الممكـن أن يشكـل ضـررا‬
‫خطيـرا إن كان من األمـور التي لو علم بها القريـن ‪ ،‬من الممكن أن يكـون قـد رفـض اإلتبـاط (‪. )1‬‬
‫بهـذا يجد فقـه القضـاء الفرنسي لنفسـه مبـررا إذا ما خـالف المبـدأ القـائل بأن عقـد الـزواج‬
‫الينتـج آثـاره إال منـذ إبـرامـه ‪ .‬فلقـد كلف نفسـه عنـاء التعليـل والتبريـر ‪( ،‬وإن كـان أسـاسا غيـر ملـزم بـه)‬
‫‪ ،‬لمـا عرفتـه الساحـة الفقهيـة الفرنسيـة مـن رفـض لهـذا الواجب السابـق لـزواج‪ ،‬والذي يخلف آثـارا ‪،‬‬
‫وكأنـه واجب الحـق للـزواج بمـا أنه يمكـن مـن طلب الطـالق للضـرر إذا مـا تخلـف ‪.‬‬
‫لقـد إعتبـر الفقـه الفرنسـي هـذا الواجب مـن بـاب التزيـد على عقـد الـزواج‪ ،‬بمـا أنـه الوجـود لنـص‬
‫تشريعـي يفرضـه‪ .‬وخصوصـا ألن جريـان العمـل إفتـرض دائمـا حسـن النيـة فـي كال الطرفيـن وأنـه إذا مـا‬
‫إعتبـر أحدهمـا أن اإلخفـاء تـم عمـدا ما عليـه إال إثبـات ذلك ‪.‬‬
‫كمـا جعـل الفقـه الفرنسـي مـن واجب المصارحـة السابـق للـزواج "ذلك الواجب الـذي يلتـزم‬
‫بمقتضـاه المترشـح للـزواج مـن اإلمتناع عـن كـل مـا مـن شأنـه أن يوقـع معاقـده فـي الخطـأ مـن منـاورات‬
‫وخزعبالت وأن اليمنـع حصولـه على معلومـات قـد تحـدد نوعيـة قـراره (‪ )2‬فجعـل منـه واجبـا غيـر‬
‫ضـروري‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫‪1-Cour dappel golmar 3 –3 –1954 opcit p373‬‬
‫‪2-Le devoir pré – conjucal de sincérité dans le mariage RTD CIV 1964 PAGE 473.‬‬

‫بمـا أن عقـد الـزواج محـاطا بمـا يلـزم مـن إشهـار وتأكيـد مـن وجـود الرضـا وسالمتـه ‪.‬‬
‫كمـا إعتبـره واجب خطيـر ألنـه سيحمل التقنين الشخصي ألن يتكفل بحمايـة "المغفلين‬
‫والمهملين" من مـاطر مـا أهملـوه مـن معلـومـات كانت لتفيدهـم لـو حرصـوا على ذلك (‪ .)1‬وهـو مـا‬
‫يعـرف التينيـا بـ « ‪»Jura vigilantibues prodeunt‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ولـكن لـم يمـثل هـذا الشـق الفقهـي الرافـض "لإلكتشـاف الجديـد" لفقـه القضـاء إال األقليـة النادرة‪.‬‬
‫حيث لقي هـذا الواجــب السـابق للزواج رواجـا بفضـل المسـاندات التي عمتـه به الدراسـات الفقهيـة‬
‫المتعـددة ‪ ،‬من ذلك أن جعل له مبررات الوجـود ‪ ،‬ومفهـوما قانـونيا ونظـاما خـاصا به ‪.‬‬
‫فأما على مستـوى التبريـر فالفقـه الفرنسي يعتبـر أن التقارب اليوم بين الزوجيـن يجب من‬
‫واجـب المصارحـة أكثر لزومـا وفـاعلية من ذي قبـل ‪ ،‬بل لعلـه إحـدى مظاهـر واجـب التعـاون المضمن‬
‫بالفصـل ‪ 212‬مدني فرنسي (‪. )2‬‬
‫أما على المستوى المفهـوم القـانوني‪ ،‬وحتى ال نقع في الخلط مع المفهوم األخـالقي للواجـب‬
‫فإن التمسك بواجـب المصـارحة لطلب الطالق للضرر يجب أن يتقيد بشرطيـن ‪:‬‬
‫‪+‬أن يكون أمر مـا قد خفى عن الطرف المتضرر ‪ ،‬أمرا ذابـال ‪.‬‬
‫‪+‬أن يكون اإلخفـاء تـم بواسطـة منـاورات ‪ ،‬خزعيالت‪ ،‬أو إخفـاء تغرير بالكتمـان ويعتبـر الفقـه عمـوما‬
‫أن كل إخفاء يتعـارض مع مرامي الزواج الشرعية هـو إخفـاء مذنب موجـب للتمسك بواجـب‬
‫المصارحـة لطلب الطـالق للضرر ‪ .‬كمـا أن كل إخفـاء وعـدم مصارحـة سواء تمـت بتغرير بخزعيالت‬
‫أو بمجـرد الكتمـان ‪ ،‬هي إخـالل بواجبـات الزوج وبالتالي خطأ موجـب للطـالق للضرر ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1) « Le legistateur ne peut poursuivre lirrealisable dessein de protèger les imbèciles ou‬‬
‫‪les imprudents » GuyonYvesopcit 474 .‬‬
‫‪(2) Guyon yves apcit p 474 .‬‬
‫ويعتبـر فقـه القضـاء الفرنسي أن مجرد اإلخفـاء قرينـة على سـوء النيـة‪ ،‬ومـا على المدعي عليـه إال إثبـات‬
‫العكـس إمـا إطالع المدعي عليـه قبـل الزواج أو أنـه لم يقصـد ولم يتعمـد اإلخفاء ‪ ،‬إيمانـا منـه بأن‬
‫المسألـة ثانـوية وربمـا هـامشية لديه ولدى قرينـه باألساس ‪.‬‬
‫غير أن مسألـة المصـارحـة يمكـن النظـر إليهـا من جـانب الخطـئ أو السلـوك المخطئ للقريـن‬
‫الذي تعمـد إخفـاء حـالتـه الصحيـة على قرينـه ممـا يجعلـه مخطـئا ‪.‬‬
‫المبحـث الثـاني ‪ :‬المـرض سبـب الضـرر ‪:‬‬
‫إذا ما اعتبرنـا وأن المرض يعـد في حـد ذاتـه ضررا للقرين المعـافى ‪ .‬وهو ما يمكنـه من‬
‫المطـالبـة بالطـالق للضرر الحاصـل له من مرض قرينـه ‪ .‬غير أن هـذه النتيجـة ال يمكـن أن نصل إليهـا‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫في كـل الحـاالت وذلك راجـع إلختـالف فقهـاء القـانون حـول مبنى الضـرر في الطـالق ‪ .‬فلقـد تبلورت‬
‫لدى فقهـاء القـانون نظريتـان في خصـوص الضـرر الموجـب للطـالق األولي نظريـة تقليديـة أطلق عليهـا‬
‫تسميـة نظريـة إشتراط وجـوب تأسيـس الضـرر على الخطأ ( النظرية األولى ) والثـانيـة نظريـة حديثة‬
‫(النظريـة الثانيـة) أطلق عليها تسمية نظريـة اإلكتفـاء بمجـرد حصـول الضـرر‪.‬‬
‫‪-1‬النظـرية األولى ‪ :‬النظرية التقليدية‪ ،‬أو نظرية إشتراط وجـوب تأسيس الضرر على‬
‫الخطـئ ‪:‬‬
‫من أهـم أنصار هـذه النظريـة األستـاذ ساسي بن حليمـة‪ .‬وهـي ترى أن الضـرر الموجـب للطـالق ال‬
‫يمكـن أن يثبتـه أحـد الزوجيـن إال إذا أثبـت خطأ إيجـابي أو تقصيري قصدي في جـانب القريـن‪.‬‬
‫بحيث ال يمكـن إعتبـار أن الضرر مـوجب للطـالق إال إذا كـان منطويا على خطإ يرتكبـه أحـد الزوجيـن‬
‫(‪. )1‬‬
‫وهذه النظريـة التقليديـة التي تشترط وجـوب تأسيـس الضـرر على الخطأ تبنـاها القانون الفرنسي‬
‫صلب الفصـل ‪ 232‬و ‪ 233‬من المجلة المدنيـة الفرنسيـة المنقـح بقـانون ‪ 11‬جويليـة ‪. )2( 1795‬‬
‫ــــــــ‬
‫(‪)1‬محمـد الحبيب الشريف مرجـع سابق الذكر ص ‪11‬‬
‫(‪)2‬الحبيب الغربي مرجع سابق الذكر ص ‪. 3‬‬
‫‪Le divorce‬‬ ‫ويطلـق على هـذه النظريـة تسميـة نظريـة الطـالق كجـزاء أو كعقـوبة‬
‫‪ Senction‬إذ يعد الطـالق وفقا لهـذه النظريـة عقوبـة للمخـالفـة التي يرتكبهـا أحد الزوجيـن أوكليهمـا‬
‫لإللتزامـات المترتبـة على الزواج (‪. )1‬‬
‫فبالنسبـة لألستـاذ ساسي بن حليمـة ‪ ،‬وجب في البدايـة معرفـة مقصـد المشرع من خـالل سنـة‬
‫للفقـرة األولـى مـن الفصـل ‪ 31‬قـديم‪ ،‬الـذي ينـص على أنـه "يحكـم بالطـالق بنـاء على طلب الـزوج أو‬
‫الزوجـة لألسبـاب المبنيـة فصـول هـذه المجلـة" ‪ ،‬ومـا إذا كـان ينـوي بسنهـا تمكيـن كـل زوج مـن‬
‫المطالبـة بالطـالق بمجـرد إقامتـه الدليـل على أنـه متضـرر مـن قرينـه (‪. )2‬‬
‫أو السمـاح بالطـالق على شـرط أن يثبت أن الضـرر ناشىء عـن خطـإ إقترفـه ذلك القريـن ‪.‬وبالنسبـة‬
‫لألستـاذ بـن حليمـة اليحكـم بالطـالق على أسـاس تلك الفقـرة إال إذا أثبـت المدعـي أن قرينـه ألحق بـه‬
‫ضـررا ناتجـا عـن حرقـه لواجباتـه الزوجيـة‪ .‬لـذا وجب تحليـل تصـرف المدعي عليـه لمعرفـة إن كـان‬
‫مخطئـا أم ال ‪ ،‬حتى إذا لـم يكـن مخطئـا‪ ،‬فـإن الحكـم يكـون رغـم وجـود الضـرر‪ ،‬بعـدم سمـاع دعـوى‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫المدعـي (‪ .)3‬ويضـرب األستـاذ على ذلك مثـال محسـوسـا هـو أن مجـرد المـرض الـذي يعتـري أحـد‬
‫الزوجيـن بعـد الدخـول ال يمكـن لـزوج اآلخـر مـن المطالبـة بالطـالق على معنـى الفقـرة األولـى مـن‬
‫الفصـل ‪ 31‬قـديم مادام الـزوج المريـض لـم يرتكب أي خطـإ يـؤاخـذ مـن أجلـه كرفضـه مثـال تلقـي‬
‫العـالج الـذي مـن شأنـه إزالـة ذلك (‪ .)3‬ويـرى األستـاذ يسري محفـوظ (‪ )5‬أن هـذا التوجـه‬

‫ـــــــــ‬

‫فـوزي بالكنـاني مرجـع سابـق الذكـر ص ‪. 23‬‬ ‫‪-1‬‬


‫سـاسي بـن حليمـة تعليـق على قـرارتعقيبـي مدني عـدد ‪ 13397‬مرجـع سابـق الـذكر ص ‪ 11‬الصبـاح بتاريـخ ‪ 23‬أوت‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ 1713‬ص ‪. 11‬‬
‫سـاسي بـن حليمـة تعليـق على قـرار تعقيبـي مدني عـدد ‪ 13397‬مرجـع سابـق الذكـر ص‪11‬‬ ‫‪-3‬‬
‫رضـا األجهـري مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 1‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يسـرى محفـوظ مرجـع سـابق الذكـر ص‪. 13‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اليخلـو مـن الوجاهـة بإعتبـاره ينصف الطـرف المريـض خاصـة إذا مـا فعـل كـل مـا فـي وسعـه لتفـادي‬
‫الـداء الـذي ألـم بـه ‪.‬‬
‫وهـويتمـاشى وإرادة المشـرع‪ ،‬وذلك بنـاء علىمـا جـاء بالفصـل ‪ 23‬مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة سـواء‬
‫فـي تحريـره القديـم أو الجديـد فهـو ينـص صلب تحريـره القديـم أنـه ‪":‬على الزوج أن يتجنب إلحـاق‬
‫الضـرر بزوجتـه"‪ .‬أمـا التحريـر الجديـد للفصـل ‪ 23‬فقـد وسـع مـن نطـاق هـذا اإللتـزام ليصبـح متبـادال‬
‫بيـن الزوجيـن ‪،‬فبإقحامـه لعبـارة "يتجنب إلحـاق الضـرربـه" نستشف مـن ذلك أن المشـرع اليرتب أي‬
‫أثـر قانـوني على الضـرر الـذي أثبت صاحبـه أنـه فعـل كـل مـا فـي وسعـه لتفاديـه لكنـه لـم ينـجح (‪. )1‬‬
‫وتبعـا لذلك يـرى أصحـاب النظريـة التقليديـة فـي خصـوص التعويـض‪ ،‬أنـه اليتـم التعويـض إال بثبـوت‬
‫الخطـإ فحسب التوجـه الـذي ذهب إليـه مؤيـدو النظـرية التقلديـة أنـه اليمكـن إيقـاع الطـالق للضـرر إال‬
‫بإثبـات خطـإ أو تقصيـر عمـدي مـن طـرف المدعـي عليـه وتاسيسـا على ذلك اليتـم التعويـض إال فـي‬
‫هـذه الحالـة فقـط فالطـالق فـي حـد ذاتـه غيـر كاف لرفـع المضـرة‪ ،‬والوجـه بالتالـي التعويـض إال بثبـوت‬
‫الخطـأ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫فالقضـاء بالتعويـض ليـس باألمـر الحتمـي بمجـرد ثبـوت الضـرر بـل يرتبط أساسـا بالسلـوك‬
‫المخطـئ للقريـن‪ .‬ومـا دام لـم يثيت أن المطالب بالتعويـض تسب فـي الضـرر خطـأ وعمـدا ‪،‬فال يسـأل‬
‫عـن دفعـه‪ ،‬تطبيقـا ألحكـام الفصليـن ‪ 12‬و‪ 13‬مدنـي (‪ .)2‬فالضـرر حسب هـذه النظريـة غيـر كـاف‬
‫فـي حـد ذاتـه بـل يجب أن يكـون مقترنـا بخطـأ ‪ .‬فالـزوج المريـض تسلط عليـه مرضـا بمثابـة المصيبـة‬
‫(‪)3‬‬
‫مـن غير اللـه ومـن غيـد العـدل واإلنصـاف الحكـم بالـطـالق وطلب التعويـض‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ -)1‬يسـر محفـوظ مرجـع سابـق الذكـر ص ‪. 13‬‬
‫(‪-)2‬حيثيـات الحكـم اإلستئنـافي بتصرف مأخـوذ عـن مذكـرة عـذرة الزوجـة لسـارة قمـارة ‪.‬‬
‫(‪-)3‬مذكـرة ختـم لـدروس بالمعهـد األعلـى القضـاء المـرض والقانـون المدنـي ص ‪.137‬‬
‫وهـو تمشـي يتوافـق والمبـادىء القانونيـة التي تعتبـر أن المسؤوليـة الشخصيـة التتوفـر إال بتوفـر‬
‫الخطـأ ‪ .‬ولكنهـا تتعـارض مـع مبـادئ أخـرى ذلك أن المنطـق يفتـرض إذا مـا ثبت الضـرر حكـم بـه‬
‫وبالتعويـض على أسـاسـه ‪ ،‬ذلك أنـه اليمكـن الحكـم بالطـالق للضـرردونمـا التعريـض عـن ذلك الضـرر‬
‫‪.‬‬
‫على أعقـاب جملـة هـذه اإلنتقـادات المتعلقـة إمـا بأسـاس الضـرر فـي دعـوى الطـالق للضـرر‬
‫فـي خصـوص المـرض ‪ ،‬أو بمبنـى التعويـض عنـه ‪ ،‬قامـت النظريـة الحديثـة التي تأسست على مجـرد‬
‫الضـرر إليقـاع الطـالق وكنتيجـة لذلك على أليـة التعويـض بمجـرد إيقـاع الطـالق ‪.‬‬

‫‪ -2‬النظرية الثـانية ‪ :‬النظريـة الحديثـة أو نظريـة اإلكتفـاء بمجـرد الضـرر ‪:‬‬

‫حاول بعـض شراح القـانون إستنتـاج حصـول تطور في مفهـوم الضرر الموجب للطـالق في‬
‫القانـون التونسي‪ ،‬وذلك من خـالل المقـارنـة بين التحرير القديـم الصيغـة الجديدة للفصـل ‪ 31‬بعد‬
‫التنقيـح الذي أدخـله المشرع التونسي على بعض فصـول المجلـة في ‪ 31‬أفريل ‪ . )1( 1711‬إذ أن‬
‫الصيغـة الجديدة للفصـل ‪ 31‬تفيد أن مبدأعامـا جديدا‪ ،‬بخصـوص مفهـوم الضـرر الموجـب للطـالق قد‬
‫برز للوجـود ‪ ،‬إذ أن النص المنقـح جـاء يكرس فكرة اإلكتفـاء بمجـرد حصول الضـرر للمطـالبـة‬
‫بالطـالق على معـنى الفقـرة الثانيـة من الفصـل المذكـور ‪ .‬فإستعمـال النص الجـديد لمصطلح الضـرر‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫صراحـة إنمـا يفيـد أن المشـرع أراد أن يضع مبدأ نظريـا عـاما في خصوص مـا يعرف لدى فقـه القضـاء‬
‫بالطـالق للضـرر (‪. )2‬‬
‫وهـكذا أصبـح بالنسبـة لمؤيدي هـه النظريـة مجـرد حصـول الضـرر سببـا كـافيـا إلمكـان طلب‬
‫الطـالق والحكـم به وهـم يستنـدون في ذلك على ‪:‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪-1‬نقـح الفصـل ‪ 13‬مـن م أ ش بمقتضـى القانـون عـدد ‪ 9‬لسنـة ‪ 1711‬المـؤرخ فـي ‪ 11‬فيفـري ‪ 1711‬والمنشـور بالرائـد‬
‫الرسمـي للجمهوريـة التونسيـة عـدد ‪ 11‬بتاريـخ ‪ 23‬فيفـري ‪ 1711‬ص ‪351‬‬
‫‪-2‬رضـا األجهـوري مرجـع سابـق الـذكر ص ‪. 13‬‬
‫‪ -1‬نص الفقـرة الثانيـة من الفصـل ‪ 31‬جديد من مجلـة األحوال الشخصيـة الذي ال يشترط وجـوب‬
‫تأسيـس الضـرر على الخطأ لوروده في صيغـة عـامة‪ .‬وأن نص الفقرة األولى من الفصـل ‪ 31‬في تحريره‬
‫القديـم ال يقتـضي حتمـا تأسيس الضـرر علىالخطأ‪ ،‬بل ورد في صيغـة عـامة تحتمـل الموقفيـن معـا‪ ،‬وأن‬
‫تطبيقـه ال يقتصـر فقط على حـالة الضـرر المؤسس على الخطأ وإنمـا يمكـن أن يستغـنى عن إشتراط‬
‫الخطأ في تحديد مفهـوم الضـرر الموجـب للطـالق (‪.)1‬‬
‫‪ -2‬إن عبارة " يتجنـب إلحاق الضرر بهـا " الوارد بالفصـل ‪ 23‬من مجلـة األحـوال الشخصيـة يفيـد‬
‫حقيقـة تأسيس الضرر على الخطأ ‪ .‬لكن هـذا النص هو تعبيـر على حـالة خـاصة أوردهـا المشـرع‬
‫صلـب الفصـل ‪ 23‬مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة عنـد بيانـه إللتزامـات الـزوج تجـاه الزوجـة ‪ .‬واليمكـن‬
‫تعميمهـا ‪ ،‬فالضـرر المـؤدي إلـى الطـالق اليكـون بالضـرورة ناتـج عـن الخطـإ ‪ ،‬إذ يمكـن أن يكـون‬
‫قائمـا بذاتـه دون إشتـراط وجـوب تأسيسـه على الخطـأ ‪.‬‬
‫‪-3‬إن النظـرية التقليديـة تـؤدي إلـى تضـارب فـي النتائـج رغـم وحـدة المنطلـق ‪ .‬ويظهـر هـذا التضـارب‬
‫حيـن يرفـض الفقـه وفقـه القضـاء اللـذان يتبنيـان النظريـة التقليديـة للضرر إعتبـار العقـم رعـم إمكانيـة‬
‫ثبـوت الضـرر الناتـج عنـه‪،‬‬
‫ضـرار موجبـا للطـالق فـي خيـن أنـه يعتبـر العجـز الجنسـي ضـررا موجبـا للطـالق رغـم إنتفـاء الخطـأ مـن‬
‫طـرف الـزوج المصـاب ‪ ،‬والحـال وأن العجـز الجنسـي والعقـم يشتركـان فـي خصـوص إنتفـاء الخطـإ في‬
‫كليهمـا (‪ .)2‬لكـن األستـاذ الحبيب الغربـي يـرى عكـس مـا ذهب إليـه مؤيـدو النظريـة الحديثـة وقـد ركـز‬
‫نقـده علـى فكرتيـن إثنتيـن ‪:‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬رضـا األجهـوري مرجـع سابـق الذكـر ص ‪. 13‬‬


‫(‪-)2‬رضـا األجهري مرجـع سابـق الذكـر ص‪. 13‬‬
‫‪-1‬أن فقـه القضـاء يأخـذ بالنظريـة التقليديـة إذ أن األصـل فيـه أن الطـالق اليتقـرر إال فـي صـورة إخـالل‬
‫أحـد الزوجيـن بإلتزامتاتـه الزوجيـة (‪.)1‬‬
‫‪-2‬أن نظريـة "الطـالق جـزاء" لهـا جـذورهـا فـي النصـوص التشريعيـة ‪ .‬وهـو ينفي أيـة صلـةللنصـوص‬
‫التشريعيـة ‪ .‬بنظريـة "الطـالق عـالج" وذلك بنـاء على ماجـاء صلب الفصـل ‪ 23‬مـن مجلـة األحـوال‬
‫الشخصيـة الـذي يضـع على كاهـل الـزوج واجب تجنب إلحـاق الضـرر بزوجتـه ‪ .‬فهـو يـرى أن هـذا‬
‫الفصـل لـوكـان يكتفـي بالضـرر إليقـاع الطـالق لمـا إستعمـل عبـارة "يتجنب" فالمشـرع يقصـد أن‬
‫يكـون الضـرر بـإرادة الـزوج وبالتـالي كـان مذهبـه في الفصـل هـو "الطـالق جـزاء" ثـم إنبـرى األستـاذ‬
‫الحبيب الغربـي يفتـد حجـج األستـاذ األجهـوري واحـدة بواحـدة وذلك بالرجـوع إلـى األعمـال‬
‫التحضريـة لقانـون ‪ 11‬فيفـري ‪ 1711‬التي ووفقـا لمـا ذهب إليـه األستـاذ الغربـي اليحتـوي علـى أي دليـل‬
‫يؤكـد نيـة المشـرع فـي تبني نظريـة اإلكتفـاء بمجـرد حصـول الضـرر مـن خـالل تنقيحـه للفصـل ‪ 31‬مـن‬
‫مجلـة األحـوال الشخصيـة‪ .‬فغايـة مـا في األمـر أن المشـرع أراد مـن خـالل الصياغـة العامـة لعبـارة الضـرر‬
‫"فتـح بـاب اإلجتهـاد وتـرك المجـال للقضـاء الـتونسي الـذي تكفـل بتحديـد وتقديـر األضـرارالموجبـة‬
‫للطـالق خسب مالبسـات ووقائـع كـل حـالة (‪." )2‬‬
‫وأن التضـارب في النتائـج المزعـوم الـذي تؤدي إليـه النظريـة التقليديـة الأسـاس لـه من الصحـة‬
‫إذ أنـه بالرجـوع إلى األحكـام المنـشورة والصـادرة في بـاب الطـالق لضـرر يالحظ األستـاذ الحبيب‬
‫الغربـي وجـود تمـاسك بيـن مختلف هـذه األحكـام إلنطالقهـا كلهـا مـن فكـرة أساسيـة وهـي ضـرورة‬
‫إقتـران خطـإ الـزوج المذنب بالمضـرة الحاصلـة طالب الطـالق (‪. )3‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬الحبيب الغربـي ‪،‬مرجـع سابـق الذكـر ‪،‬ص‪. 1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪ -)2‬الحبيب الغربـي ‪،‬مرجـع سابـق الذكـر ص‪. 9‬‬


‫(‪-)3‬الحبيب الغربـي ‪،‬مرجـع سابـق الذكـر ‪،‬ص ‪. 1‬‬
‫ويـرى األستـاذ محمـد الحبيب الشريف‪ )1( ،‬أن النظريـة الحديثـة للضـرر المـوجب للطـالق التي تكتفـي‬
‫بمجـردحصـول الضـرر تتماشـى مـع الفقـرة الثانيـة مـن الفصـل ‪ 31‬مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة ‪.‬لكـن‬
‫يشتـرط أن يقـع تقيـدهـا بشـرط حسـن نيـة الطـرف المتضـرر وعـدم علمـه بعيب قرينـه ‪ ،‬وبسـوء نيـة هـذا‬
‫القريـن لكـن أال يعـد ذلك رجـوعا إلـى النظريـة التقليديـة التي تشتـرط باإلضافـة إلـى حصـول الضـرر‬
‫وجود خطإ فـي جـانب الـزوج المدعي عليـه ؟ (‪.)3‬‬
‫أمـا فـي خصـوص التعويـض حسب النظريـة الحديثـة فهـو أمـر ضـروري باإلضافـة إلى الحكـم‬
‫بالطـالق إذ كان صـادرا إنشـاءا أو للضـرر ‪ .‬فبمـوجب القانـون المـؤرخ فـي ‪ 1711/11/11‬أصبـح‬
‫الفصـل ‪ 31‬شخصي ينـص على أنـه "يقضـي لمـن تضـررمـن الزوجيـن بتعويـض عـن الضـرر المـادي‬
‫والمعنـوي الناجـم عـن الطـالق فـي الحالتيـن المبينتيـن بالفقـرة الثانيـة والثالثـة " ‪.‬‬
‫لـذا وخصـوصـا والنـص يأذن ويدعـو صراحـة إلى التعويـض عـن الضـرر بـات مـن المتوقـع أن‬
‫تقضـي المحاكـم آليـا بالغرامـة كلمـا إتجـه عندهـا الحكـم بالطـالق للضـرر ‪.‬فبقطـع النظـر عـن حالتي‬
‫الطـالق للضـرر المشتـرك أو لغيبـة الزوج أصبح من البديـهي القضاء بالتعويـض كلما ثبت أن ضرار‬
‫لحـق القريـن ‪.‬‬
‫فكلمـا ثبـت تضرر القريـن من مرض قرينـه إستحـق مبدئيـا التعويـض ويرى األستاذ الحبيـب‬
‫الغربي أنه ليس من الضروري أن يقترن الضـرر بخطأ‪ ،‬إذ يكفي أن يتوفـر عنصـر الضـرر لتقضي‬
‫المحكمـة بالطـالق بقطـع النظـر عن توفر عنصـر الخطأ من عدمه ‪ ...‬ذلك أن قانون ‪ 11‬فيفري‬
‫‪ 1711‬يحمـل في طياتـه بذور نظريـة اإلكتفـاء بمجرد حصول الضرر خاصة وأن الفصل ‪ 31‬من مجلة‬
‫األحوال الشخصية لم يشترط صراحـة في تحريره الجديد‪،‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪-5‬محمـد الحبيب الشريف ‪ ،‬تعليـق على قـرار حـول "تـأثيـر العجـز الجنسـي للـزوج عى قيـام العالقـة الزوجيـة وإنفصـالها"‬
‫بتاريـخ ‪ 11‬نوفمبـر ‪ 1711‬مرجـع سابـق الذكـر ص‪.11‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وجوب تأسيـس الضرر على الخطأ‪ ،‬لورود عبـارة الضـرر في صيغـة عـامة ومطلقـة (‪. )1‬‬
‫فالمشرع كـان واضحـا لما حـدد مصدر الضـرر بقولـه ‪ " :‬الضـرر المـادي والمعنـوي النـاجم عن‬
‫الطـالق " والمفهـوم بالضرورة ‪ ،‬الضـرر النـاجم عن فسخ عقـد الزواج ‪.‬‬
‫إن تحديد األساس النضري الذي ينبني عليـه تصور القانـون التونسي للضـرر المـؤدي إلى‬
‫الطـالق ليس من باب النقـاش النظري الهـادف إلى استعـراض المعلـومـات القانـونيـة في الموضـوع ‪ ،‬بل‬
‫الهـدف منـه البحـث عـن جملـة العنـاصر التي من شأنهـا أن تقـودنـا إلى معرفـة الزاويـة التي ينظـر منهـا‬
‫القـانون التـونسي إلى الضـرر المتسبب فيـه المرض ممـا يمكننـا من تفسيـر مواقفـه التي إتخذها إزاء‬
‫صـور الضـرر الخـاصة بالمـرض ومن التكهـن بالموافقـة التي سيتخذهـا إزاء الصـور التي لم يتعـرض إليهـا‬
‫إعتمـادا على هـذا التـوجه العـام ذلك أن تنـوع الحلـول النضريـة في خصـوص مبنـى الضـرر ونتـائجـه‬
‫المنجرة عن المرض سيكـون من أبرز نتـائجهـا على المستـوى التطبيقي تعـدد الحلـول في هـذه‬
‫المسألـة ولربمـا تنـاقضهـا ‪.‬‬
‫الفقـرة الثـانيـة ‪ :‬التطبيـق القضـائي ‪:‬‬
‫إن المتأمـل في فقـه القضـاء ال يلبـث أن تتملكــه حيرة نتيجـة مـا يلحظـه من عـدم استقراره‬
‫على نظريـة " الطـالق عـالج " أو نظريـة " الطـالق جـزاء "وسيكشـف إضطراب فقـه القضـاء إذا مـا‬
‫حـاولنـا النظـر إليـه من زاويـة إحـدى هاتيـن النظريتيـن ( المبحـث األول ) ‪ .‬كمـا انعكس هـذا اإلضراب‬
‫بصفـة آليـة على مسألـة التعويـض ( مبحث ثـاني ) ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)1‬محمـد الحبيب الشريف مرجـع سابق الذكر ص‪. 12‬‬

‫المبحـث األول ‪ :‬موقـف فقه القضاء في خصـوص الطـالق ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫إن تتبـع فقه القضـاء في هـذا المجـال يتبيـن منه وجود إضطراب في المـواقف (أوال) إنعكـس‬
‫على مسألـة اإلثبـات (ثانيـا) ‪.‬‬
‫‪ -1‬إضطراب فقه القضـاء في خصـوص الطـالق ‪:‬‬
‫لقـد كـانت كل من النظريتيـن األولى والثـانيـة قاصـرة على استيعـاب موقـف فقه القضـاء وهـو مـا‬
‫جعـل فقه قضـاءه مضطربـا بالقيـاس مع هـاتين النظريتيـن (أ)‪ .‬بمـا يجرنـا إلى الرجـوع إلى الفقـه‬
‫اإلسـالمي الذي يبـدو في في نظرنا األقرب إلى تفسيـر المنهـج الذي سلكـه فقـه القضـاء من النظريتيـن‬
‫سابقتي الذكـر (ب) ‪.‬‬

‫أ‪-‬إضطراب فقـه القضـاء بالقياس مع نظريتي الطـالق عـالج والطـالق عقـاب ‪:‬‬
‫لقد أسلفنـا القـول أنـه ال يمكـن الإلطمئنـان إلى نظرية الطـالق عقاب كأسـاس نظـري يعتمـده‬
‫فقه القضـاء التـونسي لتحديد الضـرر الذي ينجـر عنـه الطـالق بموجـب المرض وهـو موقف يغلـب عـن‬
‫الظـن أن محكمة التعقيب تشاطرنا إيـاه وخـاصـة في قرارهـا الصادر في ‪. )1( 1711/11/11‬‬
‫والذي تتـلخص وقائعـه في قـيام الزوجـة لدى المحكمـة اإلبتدائيـة بتونس عـارضة أنـه وقع الدخـول بها‬
‫منـذ قرابـة العام ونصف ولكنهـا مع ذلك بقيـت محـافضة على عذريتهـا نظرا للعجـز الجنسي الذي‬
‫يعـاني منـه زوجهـا ‪ ،‬ولذلـك فهي تطـالب بالطـالق لتضررهـا مع تعويـض الضرر الناجـم لها عـن الطـالق‬
‫‪.‬‬
‫وكأن الزوج إطمأن إلى وجـوب تأسيـس الضـرر على الخطأ حتى يؤدي إلى إيقـاع الطـالق فلم‬
‫يجسد نفسـه عنـاء منـاقشـة عجزه الجنسي وإكتفـى بمـالحظـة أنـه حتى لو وقع التسليـم جدال بعجـزه‬
‫الجنسي‪ ،‬فهو غير مسؤول عن تبعـات هـذا العجـز‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )1‬ق ت مدني عــدد ‪11215‬في ‪ 1711/11/11‬ن م ت ‪ 1711‬جزء اا ص ‪.177‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ولذلـك يطلب عـدم سماع دعـوى زوجتـه ‪ .‬غير أن الحكـم صدر بإيقـاع الطـالق للضـرر‬
‫فطـعن فيه الزوج لدى محكمـة اإلستئنـاف بتونس الذي صدر قرارهـا مفصحـا على التردد بين حليـن‬
‫مر يتمثـل أولهمـا في الحكم بالطـالق للضرر وبتعويض للزوجـة تحملـه على كـامل الزوج حال‬ ‫أحـدهما ّ‬
‫أنـه ال يمكـن نسبـه أي خطإ إليـه ‪.‬‬
‫فما هـو ذنب الزوج إذا تبيـن بعـد الدخـول أن به عجـزا جنسيـا‪ .‬مـانعا من المباشرة ؟ قد يقـال‬
‫أن ذنبه يتمثـل في إخفائـه لعـجزه الجنـسي عـن زوجتـه قبل الدخـول ممـا يشكـل إخـالال بواجـب‬
‫المصـارحـة ‪ .‬لكن وكمـا أسلفنـا الذكـر سابقـا أن الزوج غير محمـول على محـاولـة اإلتصـال الجنسي‬
‫قبـل الدخـول ليتثبـت من قدراتـه الجنسيـة ‪ .‬مكمـا أنـه غيـر محمـول على عـرض نفسـه على طبيب‬
‫مختص ليتثبـت من صحتـه الجنسيـة ‪ .‬وحتى الفحـص الطبي السابق للزواج ال يمكـن أن يسعفـه بأي‬
‫معلـومـات حـول إصابتـه بالعجـز الجنسي ‪.‬كل ذلك يجعـل الزوج يتخلـص بسهولـة من كل تقصيـر‬
‫ينسـب إليـه بخصـوص واجـب المصارحـة المرتبـط بالزواج ‪.‬‬
‫أما الحـل الثاني فمفـاده أن الزوجـة قد لحقهـا ضـرر جسيـم نتيجـة العجـز الجنسي الذي يعـاني‬
‫منـه الزوج ‪ .‬فهـي قد تزوجـت لتحقق مـع زوجهـا التكـامل المنشـود ولتربـط بينهـا وبيـن زوجهـا عـالئـق‬
‫روحيـة وفكريـة متينـة ‪ ،‬ولكن أيضا لتجـد عنـده ما تفرضـه عليهـا أنوثتهـا من إتصال جنسي حيلت‬
‫نفسـانيا وحسـدا على الحـاجة إليـه (‪ .)1‬فربمـا لو تـم رفض دعـوى الطـالق للضرر إللتجـأت الزوجـة‬
‫إلنشـاء الطـالق للتخلـص من هـذه الوضعيـة التي ال تطـاق بالنسبـة لهـا ‪.‬‬
‫ومن البديهي أن إلتجـاء الزوجـة إلى رحاب الفقرة الثانيـة من الفصـل ‪ 31‬ينتـج عنـه إثقـال كـاهلهـا‬
‫بتعويـض الضرر الـناجـم للزوج عـن الطـالق‪ .‬في حـال أنهـا هـي المتضـرره من هـذا الزواج ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬الطـالق والضـرر ‪ :‬المذكـرة فـوزي كناني ص ‪.31‬‬


‫حـاولت محكمـة االستئنـاف أن تتجنب هـذين الحليـن معـا وأن تتبنـى حـال توفيقيـا يراعي‬
‫مصلحـة كـل األطراف ‪ .‬فكان أن أصدرت قرارهـا بنقض الحكـم اإلبتدائي والقضـاء من جديـد بفـك‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫العصمـة بين الطرفيـن مرة أولى بعد البنـاء إلستمراريـة الحيـاة الزوجيـة وعـدم سمـاع الدعـوى في‬
‫خصوص الغـرامـة (‪ .)1‬وهـو حـل يبدو منطقيـا فيمـا أن الضـرر يجب أن يؤسس على الخطأ ليفـضي إلى‬
‫الطـالق حسـب محكمـة اإلستئنـاف ‪ ،‬فقـد أسسـت المحكمـة قضـائهـا بالطـالق على "إستحـالة‬
‫إستمرار الحيـاة الزوجيـة ‪ "،‬ألن إعتقـادهـا راسـخ بـأن الرابطـة الجسديـة عنصـر مهـم لتمتيـن الصلـة بيـن‬
‫الزوجيـن‪ .‬وبـدونهـا تتضـاءل حظـوظ األسـرة فـي التمـاسك والقبـام بـدورهـا اإلجتمـاعي على النحـو‬
‫المرجـو منهـا ‪ .‬بمـا أنـه ال وجـود للضـرر المـؤدي إلـى الطـالق ‪.‬فـال وجـود لتعويـض ألنـه الوجـود‬
‫لمتسب فـي الضـرر الناجـم عـن الطـالق (‪. )2‬‬
‫ولكـن الزوجـة طعنت فـي هـذا القـرار بالتعقيب ‪ ،‬ناعيـة عليـه بالخصـوص خرقـه للفصـل ‪ 31‬م أ‬
‫ش‪ ،‬بتنصيصـه على سبب جديـد للطـالق لـم يـرد لـه ذكـر فـي أي فقرة مـن فقرات الفصل المذكـور‬
‫وللفصل ‪ 23‬م أ ش والفصل ‪ 123‬مـن م م م ت‪ .‬لمـا إعتـبر العـجز الجنسـي اليلحـق ضـررا بالزوجـة‬
‫وبالتـالي اليخـول لهـا المطالبـة بالتعويـض عمـال بأحكـام الفصـل ‪ 23‬رغـم أن التعويـض مرتبط بالضـرر‬
‫الـذي كـان ثابتـا‪ ،‬ومتمثـال في إنعـدام العالقـة الجنسيـة التـي هـي "مـن أهم مقومـات الحيـاة الزوجيـة" ‪.‬‬
‫فمـا كـان مـن محكمـة التعقيب إال أن قضت بالنقـض واإلحالـة معـددة مآخـذ القـرار‬
‫اإلستئنـافي المعـروض على أنضارهـا ولعـل مـن أهمهـا حزقه للفصليـن ‪ 31‬مـن م أ ش و‪ 123‬مـن م م م‬
‫ت ‪ .‬فقـد عللت محكمـة التعقيب قرارهـا علىالنحـو الـتالي ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬قـرار مذكـور سابقـا ص ‪. 177‬‬
‫(‪-)2‬تعليـق سابـق الذكـر لألستـاذ الحبيب الشريف جريـدة الصبـاح ليـوم ‪ 11/1/2‬ص ‪11‬‬

‫"وحيث أن محكمـة القـرار لمـا قضت بالطـالق دون أن تعتمـد سببـا مـن األسبـاب الثالثـة‬
‫الواردة بهـا الفصل المـذكـور‪ .‬تكـون قـد خـالفت أحكامـه وخرقت أحكام الفصـل ‪ 123‬مـن م م م ت‬
‫مـن حيث إهمـال السنـد القـانوني في طلب الطـالق" (‪. )1‬‬
‫وبالفعـل فالفصـل ‪ 31‬جـاء بصـور ثـالث خـول فيهـا القـانون طلب الطـالق واليمكـن تجـاوزهـا أو‬
‫الزيـادة فيهـا ‪.‬وينبغـي للحكـم الصـادر بالطـالق أن يكـون مندرجـا ضمـن أحدهمـا حتى اليكـون مآلـه‬
‫النقـض ‪ .‬ولكـن الطـالق الـذي قضت بـه محكمـة اإلستئنـاف اليمكـن تصنيفـه ضمـن أي صـورة مـن‬
‫هـذه الصـور الثـالث التي نـص عليهـا الفصـل ‪ 31‬على وجـه الحصـر ‪.‬إذ ال يمكـن نعتـه بالطـالق‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫اإلتفـاقي ألن الـزوج غيـر موافـق على الطـالق ويطـالب يرفـض دعـوى الزوجـة‪ ،‬كمـا أنـه ليـس بطـالق‬
‫إنشـائي ألن الزوجـة طالبت بالطـالق على معنـى الفقـرة‬
‫الثانيـة مـن الفصـل ‪ 31‬دائـرة تضـررهـا مـن زوجهـا ومطالبـة بتعويـض ضـررهاو أيضـا يستحيـل على هـذا‬
‫الطـالق أن ينـدرج في سيـاق الفقـرة الثانيـة مـن الفصـل ‪ 31‬ألن المحكمـة لم تقضي بالطـالق‬
‫للضـررالـذي لحـق الزوجـة بـل أن قضـاؤهـا مؤسسـا علي "إستحالـة إستمراريـة الحيـاة الزوجيـة" ‪.‬كمـا أن‬
‫محكمـة اإلستئنـاف قضت بعـدم سمـاع الدعـوى بخصـوص الغرامـة فـي حيـن كانت الفقـرة الرابعـة مـن‬
‫الفصـل ‪ 31‬صريحـة فـي وجـوب تعويـض الضـرر الناجـم عـن الطـالق فـي الحالتيـن المبينتيـن بالفقرتيـن‬
‫الثانيـة والثالثـة أعـاله ‪.‬ممـا اليـدع مجاال للشك في خروج الطـالق الذي قضت بـه محكمـة اإلستئناف‬
‫عـن كـل صـور الفصـل ‪ 31‬وهـو ما الحظتـه محكمـة التعقيب وإعتبرتـه خرقـا للفصـل ‪ 123‬من م م م‬
‫ت الذي ينـص على وجـوب أن يتضمن كل حكـم " ‪ ...‬خـامسـا ‪ :‬السندات الواقعيـة والقـانونيـة"‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪-3‬قضـاء وتشريـع مدنـي عـدد ‪ 11215‬مؤرخ فـي ‪ 11/11/11‬المرجـع المذكـور سابقـا ‪.‬‬
‫وهو مـا لم يتوفـر في قـرار محكمـة االستئنـاف الذي جـاء خـاليـا من أي مستنـد قـانـوني نظرا لخـلو‬
‫الفصـل ‪ 31‬من صورة الطـالق التي قضـى بها ‪ .‬ومن هنـا جـاء المأخـذ الثـاني لهـذا القرار الذي أثـارتـه‬
‫محكمـة التعقيـب قائلـة ‪" :‬وحيث أن محكمـة القرار لما اعتبرت العجـز الجنسي‪ ،‬سببـا يحـول دون‬
‫إستمرار العـالقـة الزوجيـة ولم تعتبـره ضررا يبيح طلب التعويـض تكـون قد أسـاءت تطبيق القـانون "‪.‬‬
‫وإلى هـذا الحـد يمكـن الجزم بأن نظريـة " الطـالق عـالج " هـي التي إتبعهـا هـذا القرار‬
‫فمحكمـة التعقيـب لم تطلـب من محكمـة اإلستئنـاف أن تتحقـق من وجـود الخطإ الذي يمكـن نسبتـه‬
‫للمدعي عليـه‪ ،‬ويصلـح أساسا للضـرر ولم تشر عليهـا بالحكم بعدم سمـاع الدعـوى إذا كـان الضـرر ال‬
‫ينبـني على خطأ إقترفـه القريـن اآلخـر (‪ )1‬بل عابـت على قضـاة الموضـوع عدم بحثهـم في وجـود الضـرر‬
‫من عدمـه والقضـاء في حـالة تحقق وجـوده بالطـالق على معنى الفقرة الثـانيـة من الفصـل ‪ 31‬من‬
‫مجلـة األحوال الشخصيـة ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ممـا يمكـن من الجزم بأن نظريـة " الطـالق عـالج " هـي التي اتبـع سبيلهـا هـذا القرار ‪ ،‬غير أن‬
‫القرار اإلستثنـائي الواقـع نقضـه من طرف محكمـة التعقيـب ولئـن أدى بنـا إلى هذا اإلستنتـاج فإن نفس‬
‫القـرار االستئنـافي قد وقـع تحليلـه من قبـل أنصـار نظريـة " الطـالق جزاء " بشكـل يتوافـق ومبادئ هـذه‬
‫النظريـة ‪.‬‬
‫فلئـن اعتبـر أنصـار النظريـة الحديثـة أن محكمـة اإلستئنـاف إقتصرت على حصول الضرر الناتـج‬
‫عـن العجـز الجنسي للزوج (‪ ،)2‬من خـالل حيثيتهـا التي اعتبـرت فيهـا أن ‪ " :‬العجـز الجنـسي يلحـق‬
‫ضررا بالزوجـة لمخـالفتـه ألحكـام الفقـرة األولى من الفصـل ‪ 23‬من م أ ش التي تفرض على الزوج‬
‫إجتنـاب إلحـاق الضرر بزوجتـه " إعتبار مؤيـدو النظريـة التقليديـة وبنـاء على مـاديات القرار‪ ،‬أن‬
‫محكمـة اإلستئنـاف بتونس أسست حكمـا على الضرر الحـاصل للزوجـة بسبب الخطأ الصادر عـن‬
‫الزوج ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬فوزي بالكناني مرجـع سابق الذكـر ‪.‬‬
‫(‪-)2‬رضـا األجهـوري مرجـع سابق الذكـر ص ‪.21‬‬
‫إذ تفيـد وقائـع القرار أنه وبنـاء على عـدم تمكـن المدعي عليـه من إزالـة بكـارة زوجتـه المدعيـة‬
‫في قضيـة الحـال‪ ،‬بسبب وجـود صـالبة في عضـو تنـاسلهـا قامـت هـذه األخيرة بإجراء عمليـة جراحيـة‬
‫برغبـة من زوجهـا إلزالـة غشـاوة البكـارة تسهيـال لواقعهـا ولكنهـا أصرت أن زوجهـا لم يواقعهـا بعد تلك‬
‫العمليـة ‪ ،‬لذا قـامت الزوجـة لدى المحكمـة اإلبتدائيـة طالبـة فك عصمتهـا من زوجهـا لعجـزه ‪ ،‬وتغريمـه‬
‫إيـاه للضرر الحـاصل لها إال أن المحكمـة قضـت بعدم سمـاع الدعـوى بنـاء على الفحص الذي أدلى‬
‫به اإلختصـاصي الذي كـان قـد أجرى عليهـا العمليـة المذكـورة والذي أفـاد بأن بكارة المدعية غشاتهـا‬
‫قويـة جدا وألن اإلتصـال الجنسي لم يقـع بعد تلك العمليـة ‪.‬وقد استأنفـت الزوجـة الحكـم المذكـور‬
‫فحكـم بنقضـه والقضـاء مجددا بإيقـاع الطـالق للضـرر ‪ .‬وقد إستنـدت المحكمـة في ذلك على أن‬
‫األخصـائي ذكر بأن غشـاوة المرأة بهـا صـالبة لكنـه لم يذكـر بكشفـه أنـه يتعـذر على رجـل عادي‬
‫إقتضـاض بكارتهـا ‪ .‬وبذلـك اعتبرت محكمـة االستئنـاف أن تأويل المحكمـة اإلبتدائيـة بأن المرأة غير‬
‫عـادية هـو استنتـاج ال مستنـد له بشهـادتي الحكـم " وحيث أن مـا تعرضت له المستأنفـة بإذن من‬
‫زوجهـا بإزالـة بكارتهـا بواسطـة الطبيـب دون جـدوى ‪،‬إذ أن اإلتصـال الجنسي لم يتـم بعـد عمليـة‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الحكيـم المومأ لها فقـد سبب لهـا ضررا واضحـا‪ ،‬عـالوة على أن عـدم قدرة الزوج على المواقعـة كاف‬
‫وحـده إلثبـات الضـرر " وهـو وحسـب أصحـاب مؤيدي هـذه النظريـة خطأ مضـاعف ألنـه تسبب لهـا‬
‫في إزالـة بكـارتهـا دون أن يتمكـن من اإلتصـال بها ‪،‬وألنـه كذلك غيـر قادر على المواقعـة " ‪.‬‬
‫وهـذا العجـز الجنسي محمـول على أنـه قد حصـل له قبـل البنـاء بزوجتـه التي لم تكـن على علـم‬
‫بذلك قبـل الـزواج ولم ترضي به بعده والدليـل على ذلك أنهـا قـامت بدعـوى في الطـالق للضرر"(‪.)1‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ -)1‬الحبيب الغـربي مرجـع سابق الذكـر ص ‪. 7‬‬

‫فالتأويـل الـذي قدمـه األستـاذ فوزي بالكنـاني لما جـاء في حيثيـة المحكمـة قد تجـاوز مضمـون تعليـل‬
‫المحكمة إذ جـاء بهـذه الحيثيـة أن ‪" :‬العـجز الجنـسي يلحـق ضررا بالزوجـة لمخـافتـه ألحكـام الفقـرة‬
‫األولى من الفصـل ‪ 23‬من مجلـة األحـوال الشخصيـة التي تفرض على الزوج إجتنـاب إلحاق الضرر‬
‫بالزوجـة "‪ .‬فبالنسبة لمحكمـة اإلستئنـاف يعـد الزوج مخطأ أو مخـالفا ألحكـام الفقـرة األولى من‬
‫الفصـل ‪ 23‬من مجلـه األحوال الشخصيـة لمجـرد إصـابتـه بالعـجز الجنسي دون البحـث في مسألـة‬
‫علـم الزوج من عـدمه بعجزه قبل الزواج ‪ .‬في حين وأنـه حسب أنصـار النظريـة التقليديـة هـذا المنحـى‬
‫بالعكـس‪ ،‬ال يتمـاش ومقتضيـات الفصـل ‪ 23‬من مجلـة األحوال الشخصيـة ألن المرض الذي يصيـب‬
‫أحـد الزوجيـن ويلحـق ضـررا باآلخر ال يشكـل خرقـا إراديـا للواجبـات الزوجيـة ‪.‬‬
‫فالزوج مطـالب في ظـل الفصـل القديـم بأن يتجنـب إلحـاق الضـرر بزوجتـه ووفقـا للفصـل ‪23‬‬
‫جديد فإن كال الزوجيـن مطـالب بتجنـب إلحـاق الضـرر بقرينـه فالمرض الذي يصيـب أحـدهمـا ويلحـق‬
‫ضررا بالقريـن المعـافى ال يمكـن أن يعتبـر سببـا منطقيـا لطلـب الطـالق مـا لم يثبـت الطرف المعـافى أن‬
‫القريـن المريض لم يتجنـب إلحـاق الضـرر به ‪.‬‬
‫وقد دعـم أنصـار النظـرية موقفهم ببعـض القرارات التي تتمـاشى واتجـاههم من ذلك القرار‬
‫الصادر عن محكمـة التعقيـب بتاريـخ ‪ 15‬ديسمبر ‪ . )1( 1711‬فقد اعتبـرت محكمـة التعقيـب أن‬
‫العيـوب الناتجـة عن إصـابة أحـد الزوجيـن بمرض مزمـن كمرض األعصـاب المصابـة به الزوجـة في‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫قضيـة الحـال ال يمكـن قبولهـا كأساس للطـالق للضـرر ‪ ،‬ألنـه ال دخـل للمصـاب به في النتـائج‬
‫المتـرتبـة عليـه ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 5227‬ن م ت القسم المدني الجزء الرابع ‪ 1711‬ص ‪. 253‬‬

‫وقد عـللت محكـمة التعقيـب رفضهـا تمكين المدعي من الحصـول على الطـالق للضرر‬
‫النـاجم عن مرض زوجتـه باألعصـاب‪ ،‬بكـون "‪ ... :‬اإلخـالل بالطـاعـة‪ ،‬والواجبـات الزوجيـة المفروضـة‬
‫على الزوجـة‪ ،‬ال يكـون سببـا من أسبـاب الطـالق للضـرر‪ ،‬إال إذا كـان نـاتجـا عن فعل الزوجـة إستهتـارا‬
‫منهـا بحقـوق زوجهـا بعقـد الزواج المبني على المودة والرحمـة " ‪.‬‬
‫فحسب محكمـة التعقيب ال يمكـن اإلعتداد بإخـالل الزوجـة بواجبـاتهـا الزوجيـة إال إذا إقترن‬
‫هـذا اإلخـالل " بإستهتـار وبإستخفـاف بالواجبـات الزوجيـة أي أن يكـون هـذا اإلخـالل نـاتجـا عن‬
‫خطأ ينسـب للزوجـة (‪." )1‬‬
‫وقد أضـافت محكمـة التعقيـب للتأكيـد على توجههـا هـذا أن ‪" :‬الضرر الناتـج عن المرض هـو‬
‫مصيبـة من عنـد اللـه حلـت بالزوجـة‪ ،‬وذلك يعني أنـه ال دخـل لها في اإلخـالل بالواجبـات الزوجيـة‬
‫بموجـب تلك المصيبـة " فحسب تحليـل محكمـة التعقيـب فإن الضرر الذي قصـده الفصـل ‪ 31‬في‬
‫فقرتـه الثانيـة‪ ،‬هو الضرر الذي يبرز من ورائـه خطأ الزوجـة ونيتهـا في اإلضرار بزوجهـا ‪ ،‬وفي هـذا‬
‫تطبيـق واضح لنظريـة الطـالق جـزاء (‪. )2‬‬
‫فمحكمـة التعقيـب تعتـرف بتضـرر الزوج من جـراء مرض زوجتـه لكن رغمـا عن ثبـوت تلك‬
‫المضـرة فإنـه ال يمكـن تطليقهـا للضرر (‪. )3‬‬
‫‪19‬جويليـة ‪1711‬‬ ‫وتدعمـا لتمسكهـا بنظـرية الطـالق جزاء ‪ ،‬قـررت محكمـة التعقيـب في‬
‫إيقـاع الطـالق بمنـاسبة قضيـة تتلخـص وقائعهـا في إخفـاء الزوجـة السر الحقيقي إلستئصـال ثدييهـا عن‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫زوجهـا وإيهـامه أن ذلك كـان نتيجـة حـادث مرور ‪ ،‬في حيـن أن السبب الحقيقي يرجـع إلى مرضهـا‬
‫بالسرطـان ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬فوزي بالكنـاني مرجـع سابق الذكر ‪.‬‬
‫(‪-)2‬يسرى محفوظ مرجـع سابق الذكـر ص ‪. 19‬‬
‫(‪ )3‬ساسي بن حليمة مرجع سابق الذكر ‪.‬‬
‫فخطأ الزوجـة يتمثـل في مغـالطـة زوجهـا وإخفـائهـا لحقيقـة مرضهـا وهـو مـا يشكـل خرقـا إراديـا‬
‫للواجبـات الزوجيـة التي نـص عليهـا الفصـل ‪23‬‬
‫من مجلة األحـوال الشخصيـة ‪ .‬وقد جـاء بإحـدى حيثيـات هـذا القرار (‪ ": )1‬وحيث أنهـا على علـم‬
‫تـام بمرضهـا وأخفت ذلك على زوجهـا مدعيـة أن حادث مرور حصل لهـا ولم تقدم ما يثبـته ‪ ،‬األمر‬
‫الذي يجعـل الزوج متضـررا منـه وتبعـا لذلـك فإن طالقـه منهـا من أجـل المضرة كـان طلبـا وجيهـا " ‪.‬‬
‫ويعتبـر األستـاذ فوزي بالكنـاني أن محكمـة التعقيـب قد تبنـت في قرارهـا هـذا نظريـة الطـالق‬
‫جراء إلقتنـاعهـا بأن الضرر وحده ال يكفي إليقـاع الطـالق ‪ ،‬إذ لو كـان األمر كذلك‪ ،‬إلكتفـت‬
‫محكمـة التعقيـب بمـالحظـة إصابـة الزوجة بمرض السرطان حسب الشهـادة الطبيـة المعروضـة عليهـا‬
‫لتحكـم بالطـالق بالضـرر دون أن تجسـم نفسهـا عنـاء توضيـح الخطأ الذي إقترفـه الزوج والذي كـان‬
‫مصدر للضرر الذي لحـق الزوج (‪ . )2‬ولكـن وبالرغـم من وجاهـة هـذا المنحـى إلعتمـاده تحليـال قانـونيا‬
‫مقنعـا ‪ ،‬فإن إشكـال قانـونـي يطرح نفسـه ويتعـلق بوجاهـة إعتمـاد هـذا السبب إليقـاع الطـالق للضـرر‬
‫خـاصة وأن السلـوك المتحـدث عنه سابقـا للزواج وال يمثـل أي خرق للواجبات الزوجيـة التي تبدأ‬
‫إنطالقـا من إبرام عقد الزواج ال قبلـه وال يجوز قـانـونا الحـديث عن إمكـانيـة الطـالق للضـرر إال في‬
‫صـورة توفر سلـوك مخطئ طرأ بعـد إبرام عقـد الزواج (‪. )3‬‬
‫نعتقـد أن طلب الطـالق للضرر يعني طلب فسـخ عقـد الزواج بالطـالق إلخـالل أحـد الطرفيـن‬
‫بإحـدى إلتزامـاته التي يفرضهـا عليـه هـذا العقـد المميـز خاصـة وأنـه قبل بهـا بإقدامـه على الزواج وال‬
‫نظـن أن من بين هـذه اإللتزامـات ما يسبق الزواج‬

‫ـــــــــ‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪ )1‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 15371‬مؤرخ في ‪ 19‬جوان ‪ 1711‬م ق ت ‪ 1711‬عـدد ‪ 9‬ص ‪. 92‬‬
‫(‪ )2‬فوزي بالكنان مرجـع سابق الذكر ص ‪. 11‬‬
‫(‪ )3‬تعليق األستاذ ساسي بن حليمـة على قرار محكمة التعقيب الصادر في ‪ 19‬جوان ‪ 1711‬جريدة الصباح ‪ 12‬ماي ‪1711‬‬
‫ص ‪. 11‬‬
‫ألن ذلك خـارج عن إطـار العقـد ما عـدى صورة خيار الشرط المنصـوص عليهـا صلب الفصـل اا من م‬
‫أ ش وفي خصـوص قضيـة الحال فإن المغـالطـة توفرت قبـل الزواج وهـذا ما ال يجـوز منطقيـا اإلستنـاد‬
‫إليـه ‪ .‬لكن محكمـة التعقيـب أشارت في قـرارهـا إلى أن محضـر الجلسـة الصلحيـة يؤكـد أن‪ ،‬الزوجـة‬
‫أصرت على استئصـال ثدييهـا مرده حـادث مـرور ال إصـابتهـا بالسرطـان ‪ ،‬هـذا مـا يثبـت سلـوكهـا‬
‫المخطـئ بعد الزواج‪ ،‬ويوفـر أرضيـة قـانونيـة صلبـة يستنـد إليهـا قرار محكمـة التعقيـب بإيقـاع الطـالق‬
‫للضرر ‪.‬‬
‫خـالفـا لفقـه القضـاء التونسي الذي يقـر إمكـانية الطـالق في صـورة إصـابة أحـد الزوجيـن‬
‫بمرض معدي أو حائل دون إتصـال جنسي ويغض الطـرف على أي سلـوك‬
‫مخطـئ من جانب المريض‪ ،‬فإن فقه القضـاء الفرنسي ينفي هـذه اإلمكانيـة مهمـا كانت خطـورة هـذا‬
‫(‪)2‬‬
‫المرض(‪ .)1‬وال يقبل بإيقاع الطـالق إال في صـورة توفر سلـوك مخطـئ من قبـل الطرف المريض‬
‫ويعتبـر هـذا الموقف تجسيمـا إلرادة المشرع الفرنسي الذي يبني نظريـة " الطـالق جزاء "‪ ،‬وكرسهـا‬
‫صلب الفصـل ‪ 232‬م م ف الذي يشترط مبدأ توفر السلـوك المخطـئ إلقاع الطـالق ‪.‬‬
‫فمتـى أخـفى أحـد الزوجيـن عيوبـه على اآلخـر عـد إخفائـه هـذا خرقـا لواجـب المصارحـة‬
‫باألمور األساسيـة التي وقعـت قبل البنـاء والتي من شأنهـا أن تؤثـر على رضا القريـن لو علـم بهـا‪ ،‬وعلى‬
‫هـذا األساس ال تعتبـر العـاهة الفيزيويـولوجيـة المتمثلـة في عجـز الزوج جنسيـا‪ ،‬أو في مرض أحـد‬
‫الزوجيـن خطأ في حـد ذاتـه وإنمـا الخطأ يكمـن في الموقف النفساني السابـق المتمثل في الكتمـان‬
‫(‪ .)3‬هكذا يبتلـع العيـب النفساني ( التغرير ) العيب الفيزيولـوجي ( المرض ) (‪. )3‬‬
‫ـــــــــ‬

‫‪(1)Cass civil 4 mars 1902 D P 1902 I P 192 .‬‬


‫‪(2)Cass civil 5 Juillet 1956 D 1956 page 609 .‬‬
‫‪(3)-Cass civil 2ème , 16 Desembre 1963 Note J .A, J.C.P 1964 II .J.N 13660‬‬
‫(‪-)3‬محمد الحبيب الشريف ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ص ‪ 13‬و ‪. 15‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وموقـف فقه القضـاء الفرنسي هذا يعـد متطـورا بالمقـارنة مع مـا كانت تقضي به المحـاكم‬
‫الفرنسيـة في مثل هـذه الحاالت ‪ .‬إذ أن فقه القضاء الفرنسي إعتبـر في مرحلـة أولى أن المرض هـو‬
‫أمر خـارج عن إرادة المريض‪ ،‬لم يختره بإرادتـه وهو ال يبرر طلب الطـالق (‪. )1‬‬
‫وفي مرحلـة ثانيـة‪ ،‬إعتبـر فقه القضـاء الفرنسي أن المرض الواقع قبـل الزواج‪ ،‬والذي تم‬
‫السكـوت عنـه إهانـة ‪ .‬وهـذه اإلهـانة ال تتمثـل في عـدم القدرة على االتصـال للمريض ‪ ،‬ولكـن في‬
‫سوء نية القرين المصـاب المتمثلـة في إخفاء تلـك الحقيقة المرة والجـوهريـة قبل الزفاف (‪. )2‬‬
‫وهذا يوضح فلسفـة القانـون الفرنسي الذي ترتكـز على وجـوب توفر الخطأ في جـانب المدعي عليـه‬
‫لقبول طلب الطـالق (‪. )3‬‬
‫وبنـاء على ذلك إعتبـر فقه القضـاء الفرنسي أن القرين المصـاب ال يعـد مخطئا وال مخـال‬
‫بواجب المصـارحة إذا كـان معروفـا لدى العام والخـاص بحالتـه تلـك ‪ ،‬فسكـوتـه في هـذه الحالـة ال‬
‫يشكـل خطأ في جـانبـه (‪. )3‬كمـا إعتبـر فقه القضـاء الفرنسي أن عدم القرين بالحـالة التي هـو عليهـا‬
‫يبرر رفض الطـالق ‪ ،‬وهو في هـذه الحالـة ال يعـد مخـال بواجب المصارحـة ألنـه يحمل حالـة المرض‬
‫التي يعـاني منهـا (‪ )5‬لكنـه في صورة أخرى يعد مخطأ إذا ما تهـاون في معالجة نفسـه أو امتنـع عـن‬
‫ذلك (‪.)1‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1)-Trits civil Seine 27 decembre 1886 Gazpal 1887 teme I page 138‬‬
‫‪(2)-Nancy 12 Mai 1958 D 1958 tome II Somp 121.‬‬
‫‪(3)-Yves Guyon « de l’abligation de sincerite dans le mariage » RTD civ Sirey 1964 , N°10‬‬
‫‪page 483 et 488.‬‬
‫‪(3)-Grenoble 13 decembre 1910 D . 1913 II page 151.‬‬
‫‪(5)-Caen , 10 mai 1926 S 1926 , II page 62 .‬‬
‫‪(1)-Nancy , 6 mai 1946 Gaz pal 1946 II page 7 .‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وهنـا يبرز جليـا أنـه بالنسبـة لفقه القضـاء الفرنسي ال تكفي العـاهة الجسديـة لوحدهـا كأسـاس‬
‫لطلـب الطـالق ‪ ،‬بل وجـب البحـث في التصـرف المخطأ للقريـن المريض ‪ .‬وهـذا التصرف المخطـئ‬
‫يمكـن أن يتمثـل في إخفـائه لحقيقـة حـالتـه الصحيـة قبل البنـاء أو في تهـاونـه في العـالج ‪ ،‬األمر الذي‬
‫يلحـق ضررا بالقريـن المعـافى ممـا يبـرر طلب الطـالق (‪. )1‬‬
‫لكن هنـاك إشكـال قـانوني يطرح نفسـه في هـذا اإلطـار ويتعلـق بوجـاهـة إعتمـاد هـذه المغـالطة‬
‫التي تتـم قبـل البنـاء‪ ،‬وتؤثـر على مصيـر العـالقة الزوجيـة كسبب إليقـاع الطـالق للضرر ‪ ،‬خـاصة وأن‬
‫السلـوك المتحدث عنـه سابق للزواج وال يعتبـر في حـد ذاتـه خرقـا لواجبـات الزوجيـة التي تنطلـق من‬
‫حين إبرام عقد الزواج ؟ وال يمكن الحديـث عن إمكـانية الطـالق للضرر قـانـونيا إال في صـورة تـوفر‬
‫سلوك مخطأ طرأ بعد إبرام عقـد الزواج (‪ )2‬؟ فإذا قلنـا واجبات زوجتـه فإن ذلك يفترض وجـود زواج ‪،‬‬
‫أي بعبـارة أخـرى أن السلـوك المخطئ يجـب أن يكون الحقـا للزوج إذ أنـه إذا كان سابقـا له فإنـه ال‬
‫يمكـن أن يشكـل خرقـا للواجبـات الزوجيـة ‪.‬‬
‫وفي خصـوص القضية التي يطالـب فيهـا الزوج بإيقـاع الطـالق للضـرر نظـرا إلخفـاء الزوجـة‬
‫للسبـب الحقيقي لإلستئصـال ثديهـا وإدعـائها بأنـه كان نتيجـة حـادث مـرور والواقـع هـو أن السبب‬
‫الحقيقي راجـع لمرضهـا بداء السرطـان ‪ .‬في هـذه القضيـة مثـال فإن المغـالطة قد تمـت زمنيـا قبل‬
‫الزواج وهـذا ما ال يجـوز منطقيـا االستنـاد عليه إليقـاع الطـالق للضـرر ‪.‬‬

‫ــــــــ‬

‫‪(1)- « l’impuissance » opcip p 156 .‬‬


‫(‪ -)2‬فوزي بالكنـاني مرجـع سابق الذكـر ص ‪. 11‬‬

‫لكن محكمـة التعقيب أشارت في قـرارهـا إلى أن الزوجـة أصرت على أن إدعـائهـا ذلك حتى‬
‫بعـد الزواج‪ ،‬وهـذا ما يؤكده محضـر الجلسـة الصلحيـة وهـذا ما يثبـت سلـوكهـا المخطئ بعد الزواج‬
‫ويوفر أرضيـة قانـونية صلبة يستنـد إليهـا قرار محكمـة التعقيـب إليقـاع الطالق للضرر (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫والسؤال الذي وقع طرحـه من قبـل الفقـهاء يتمثـل في تحديد الزمـان الذي يجـب أن تتـم فيـه‬
‫المصـارحـة ‪ ،‬خاصـة وأن المجلـة المدنيـة الفرنسيـة لم تتعرض إلى ذلك ؟‬
‫بالنسبـة للفقيـه ‪ Carbonnier‬يمكـن أن ينتـج عن مجرد التراضي على الزواج أثار بقطـع النظـر عـن‬
‫إبرام الزواج من عـدمه (‪ .)2‬ومن هـذه اآلثار إلتزام كل طرف بمصـارحـة قرينـه بمـا يمكـن أن يكـون له‬
‫تأثيـر على مصيـر الرابطـة الزوجيـة ‪.‬‬
‫كمـا وقع البحـث في طبيعـة هـذا األمر الذي يكـون إلخفـائه تأثيـر على مصير الرابطـة الزوجيـة‬
‫‪ ،‬إذ يرى الفقيـه ‪ Guyon‬بأن هـذا األمر يجب أن يكـون ذا مساس بهدف من األهـداف الجـوهريـه‬
‫للزواج بحيث يحـول دون تحقيقـه ‪ ،‬وأن يكـون ذا أهميـة بحيث أنـه يشكـل خرقـا للواقـع من طرف‬
‫القريـن لما تـم الزواج (‪ . )3‬وفي هـذه الحـالة يقع التسـائل هل أن الصحـة البدنيـة تعـد صفـة جوهريـة‬
‫للزواج ؟‬
‫إن فقه القضـاء الفرنسي يعتبـر أن الحـالة الصحيـة للقريـن صفة جـوهرية للزواج‪ ،‬وأن أي‬
‫مخـالفـة تخص صحـة القريـن وال سيمـا حـالتـه الجنسيـة وجب التصريح بهـا قبـل الزواج ‪.‬‬
‫ورغمـا عن المبدأ الموجـود في القانـون الفرنسي تأثرا بالقـولـة المشهيرة المنسـوبة للفقيه لوازيل‬
‫(‪ " )3‬يحق لكـل مترشـح للزواج أن يغـالط قرينـه المنتظـر"‪ ،‬فإن فقه القضـاء الفرنسي أصبح يعتبـر أن‬
‫كل مقدم على الزواج مطـالب بواجـب‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬فوزي بالكناني مرجع سابق الذكـر ص ‪. 17‬‬
‫‪(2)-Jean carbonnier , « terre et ciel dans le droit Français du mariage » ap . cit . page 329 .‬‬
‫‪(3)-Yves Guyon , « De l’abliguation de sincérite dans le mariage apcit page 478.‬‬
‫‪(4)-Loysel, Institutes cautumiéres . Edition , Dupion et labaulaye page 145 . NIOS Paris 1846 :‬‬
‫‪« on dit communement quonmariage il trompe qui peut ».‬‬

‫المصـارحـة نحـو الطرف اآلخـر‪ .‬وأن كل إخـالل بهـذا الواجـب يعتبـر خطأ في جـانب مرتكبـه ممـا يبرر‬
‫الحكـم بالطـالق للضـرر(‪. )1‬‬
‫وبالنسبـة للقـانون التونسي فإنـه ولئن بدى مستقـر على إعتبـار أن العقـم مثـال ال يكفي لتأسيـس‬
‫الحكـم بالطـالق رغـم ما ينتجـه هـذا المرض من ضـرر جسيـم بالنسبـة للقريـن اآلخـر (‪ ،)2‬والمتمثـل‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫حسب األستـاذ بن حليمـة في حرمـان الزوج من لذة التمتـع بأبنـاء هـم زينـة الحيـاة الدنيـا فاألبناء‬
‫يدخلـون على والدهـم البهجـة بوجـودهـم أن لم يكن بنجـاحهـم ويمكنـونه بصورة غير مباشـرة من‬
‫تحقيق مـا كان يطمـح إليـه ولم يحققه بنفسـه ويحدون من وقع المـوت على نفسـه ‪ ،‬إذ يتكـون لديه‬
‫شعور بالبقاء والخلود رغمـا عن موتـه إذا ترك أبنـاء يرثـون اسمـه ويخلدون ذكراه (‪ ، )3‬فإنـه ال يمكـن‬
‫الجزم في خصـوص بقيـة األمراض بإندراج فقـه القضـاء ضمـن نظريـة " الطـالق عـالج " أو نظريـة "‬
‫الطالق جزاء " ‪ ،‬فالمنـاهج المتوخـاة للحكـم بالطـالق إختلفـت حسـب الصور والقرارات ممـا يحمـل‬
‫على اإلعتقـاد بأن فقه القضـاء يتسـم بتضـارب النتـائج (‪. )3‬‬
‫فبنـاء على مـا تقـدم يمكـن أن نحـوصل موقـف فقـه القضـاء في خصـوص المرض في فكرتيـن‬
‫أول هتيـن الفكرتيـن أنهـافرقت بين‪ ،‬المرض بصفـة عـامة‪ ،‬والعجـز الجنسي بصفـة خـاصة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1)-Roger Nerson, « Le choix de l’action en nullite comme mode de dissolution du lien‬‬


‫‪conjugal », RTD civil 1981 page 147.‬‬
‫(‪+)2‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 51211‬مؤرخ في ‪ 15/11/39‬ق ت ‪ 13‬ص ‪ 13‬إلى ‪. 133‬‬
‫‪+‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 51223‬مؤرخ في ‪ 15/11/33‬ق ت ‪ 11‬ص ‪. 93‬‬
‫‪+‬قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 3335‬مؤرخ في ‪ 11/5/19‬ق ت ‪ 11‬ص ‪. 311/37‬‬
‫(‪-)3‬األستاذ ساسي بن حليمـة تعليق على قرار مذكور سابقا جريدة الصباح ‪ 13/1/23‬ص ‪. 19‬‬
‫(‪ )3‬األستاذ األجهـوري ص ‪. 13‬‬
‫ففي خصـوص المرض إشترطـت إليقـاع الطـالق للضرر بسبب المرض أن يكـون هـذا المرض‬
‫معديـا ‪ ،‬أو حـائال دون اإلتصـال لكنها لم تحـدد هـذه األمراض كمـا لم تتعـرض مجلـة األحـوال‬
‫الشخصيـة لهذه األمراض التي بوجـوبهـا يمكـن طلب الطـالق للضـرر ‪ .‬كمـا هـو الشأن بالنسبة للفقـه‬
‫اإلسالمي (‪ ، )1‬أو لبعض التشـاريع العربيـة (‪. )2‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وفي مـا عـدا األمراض المعدية‪ ،‬أو الحـائلة دون االتصـال ‪ ،‬فإن فقه القضـاء التونسي ال يقـر‬
‫بإيقـاع الطـالق للضرر إال بتوفـر سلـوك مخطأ من قبل القريـن المريض كإخفائـه لحقيقـة حـالته الصحيـة‬
‫قبـل البنـاء ‪.‬‬
‫ومهمـا يكـن من أمر فإنـه وإن لم تعرض على المحـاكم قضايا متعلقـة بطلـب الطـالق للضرر‬
‫لمرض القريـن بعد البنـاء فإنـه يمكـن القول أن فقه القضـاء التونسي ال يعيـر أهميـة لزمـان وقوع اإلصابـة‬
‫سواء كـان قبل أو بعـد البنـاء ‪ .‬فمـا يقـع اإلعتـداء به إليقـاع الطـالق هـو إمـا تـوفر سلـوك مخطـئ من‬
‫طرف القـرين المريض كرفضـه تلقي العـالج الذي من شأنـه أن يزيـل ذلك المرض ‪ ،‬أو طبيعـة ذلك‬
‫المرض الذي يكون إمـا معديـا أو مانعـا من اإلتصـال ‪.‬‬
‫وموقـف فقـه القضـاء هـذا يختـلف عن موقـف فقه القضاء الفرنسي الذي يشترط إليقـلع‬
‫الطالق تـوفر سلـوك مخطإ من جـانب الطرف المريض وذلك بنـاء على مـا جاء بالفصـل ‪ 232‬من‬
‫المجلـة المدنية الفرنسيـة الذي يشترط وجـوب توفر سلـوك مخطأ إليقـاع الطـالق ‪ ،‬وفي ذلك تكريس‬
‫لنظريـة الطـالق جـزاء ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬عبد العزيز جعيط ‪ ،‬الفصل ‪ 33‬من تحريره المالكي والحنفي ص ‪. 13‬‬


‫‪-‬عبد الرحمـان الصابوني ‪ ،‬شرح قانون األحوال الشخصية السوري الجزء الثاني ‪ :‬الطالق وآثاره مطبعـة جامعـة دمشق ‪-1792‬‬
‫‪ 1793‬ص ‪. 93‬‬
‫‪-‬محمـد مصطفى شلبي مرجع سابق الذكر ص ‪.597‬‬
‫(‪-)2‬المادة ‪ 33‬من قانـون األسرة العراقي الفقرة ‪ " : 2‬إذا إطلعت الزوجـة بعد العقد ألن الزوج ‪ ....‬بعلة ال يمكن معهـا معاشرته‬
‫بال ضرار كالجذام والبرص والسل والزهري والجنون أو أصيب أخيرا بعلة من هـذه العـلل فلها أن تراجع المحكمة وتطلب التفريق "‬
‫‪.‬‬
‫وفقه القضـاء الفرنسي ال يفرق بين األمراض المعدية أو المـانعـة من اإلتصال ‪ ،‬وبين غيرهـا من‬
‫األمراض ‪ ،‬فالمهـم هـو البحـث في السلـوك المخطأ للقريـن المصـاب ‪.‬‬
‫أما في خصـوص إيقـاع الطـالق للضـرر بالنسبـة للعجـز الجنسي فإن القرارات التي وقع التعـرض‬
‫إليهـا تفيـد أن محـاكمنـا تكتفي بوجـود هـذا العجز الذي يعتبـر بالنسبـة لهـا دليل على إخـالل الزوج‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بأحـد واجبـاته الزوجيـة المنصـوص عليهـا صلب الفصـل ‪ 23‬من مجلـة األحوال الشخصيـة ‪ .‬فخطأ‬
‫الزوج حسب فقه القضـاء يتمثـل في عجزه المانـع من تحقيق االتصـال (‪. )1‬‬
‫ويرى األستـاذ محمـد الحبيـب الشريف أنه‪ ،‬في خصـوص إيقـاع الطـالق للضرر لعـجز الزوج‬
‫جنسيـا كال النظريتيـن يؤديـان إلى نفس النتيجـة إذ أن ذلك العيـب الفيزيـولوجي يعتبر إخـالال‬
‫‪ 23‬من مجلة األحـوال الشخصيـة حسب‬ ‫بالواجبـات الزوجيـة من طرف الزوج بمقتـضى الفصـل‬
‫النظريـة التقليـدية ‪ ،‬وهو يعتبـر إضرارا بالزوجـة يمكنها من طلب الطـالق للضرر دون البحث في سلـوك‬
‫الزوج حسب النظريـة الحديثـة (‪ ، )2‬فهـل أن موقـف فقه القضاء التونسي في خصـوص العجـز الجنسي‬
‫مطابق لما جـاء بنظريـة الطـالق جزاء ؟‬
‫يجب المـالحظـة في البدايـة أن أنصار النظريـة التقليديـة ينادون "بضرورة تحليـل تصرف‬
‫المدعي عليـه لمعرفـة إن كـان مخطأ أو ال ‪ .‬حتى إذا لم يكن مخطأ فإن الحكـم يكـون رغـم وجـود‬
‫الضـرر بعدم سمـاع دعـوى المدعي (‪ )3‬وأن مـا ذهـب إليـه فقـه القضـاء يدل على أنـه لم يقـع اإلعتمـاد‬
‫على نظريـة الطـالق كعـالج إليقـاع الطـالق للضـرر ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ -)1‬قرار محكمـة اإلستئنـاف بتونس تحـت عـدد ‪ 33213‬بتاريخ ‪ 11‬أفريل ‪ 1791‬مرجع سابق الذكر ص ‪. 137‬‬
‫(‪-)2‬محمد الحبيب الشريف مرجع سابق الذكر ص ‪ 57‬و ‪. 13‬‬
‫(‪-)3‬ساسي بن حليمـة ‪ ،‬تعليق على قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ، 13397‬مؤرخ في ‪ 12‬أفريل ‪ 1793‬جريدة الصباح بتاريـخ ‪23‬‬
‫أوت ‪ 1713‬ص ‪. 11‬‬

‫ولو كـان األمر كذلك إلكتفـى فقه القضـاء في هـذه الحـالة بعجـز الزوج الجنسي وتضرر الزوجـة منه‬
‫دون أن يجهـد نفسـه في البحـث عـن السلـوك المخطأ للقريـن (‪. )1‬‬
‫إنـه من الواضـح أن فقـه القضـاء التونسي أراد أن يجمـع بين أمرين يصعـب التوفيق بينهمـا ‪.‬‬
‫أولهمـا ‪ :‬وتأثيـرا بنظريـة " الطـالق جزاء " يبدو أن القضـاة مصرون على عـدم إيقـاع الطـالق للضـرر إال‬
‫بتوفـر سلـوك مخطئ من طرف القريـن العـاجز‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ثانيـهمـا ‪:‬إدراك القضاة أنهـم لو رفضـوا دعـوى الطالق‪ .‬لكانـوا يطلبـون من الزوجـة شيئـا فوق طاقتهـا‬
‫وهـو أن تتجـرد من آدميتهـا وتكتـفي بالرباط الروحي والفكري النـاشئ عن الزواج " (‪ .)2‬وهـم بذلـك‬
‫سيدفعـون الزوجـة إلى اإللتجـاء إلى إنشـاء الطـالق للتخلص من هـذه الوضعيـة وإلتجـاء الزوجـة إلى‬
‫رحـاب الفقرة الثالثـة من الفصـل ‪ 31‬ينشأ عنه إثقـال كاهلهـا بتعويض الضـرر الناجـم للزوج عن الطـالق‬
‫‪ ،‬والحـال أنهـا هـي المتضـررة من عجـز زوجهـا الجنسي ‪.‬‬
‫فالزوج العاجز جنسيـا‪ ،‬يعد مخطئا أو مخـال بواجـب من الواجبـات المنصـوص عليهـا صلب الفصـل‬
‫‪ 23‬من مجلة األحوال الشخصيـة ‪.‬‬
‫في حين لـم يقـع البحث في سلـوك الـزوج‪ ،‬لمعرفـة إذا كانت الحالـة التي تعاني منهـا الزوجـة ناتجـة عـن‬
‫سلـوك مخطـأ مـن جانبـه كإخفائـه لعجـزه الجنسـي قبـل البنـاء أو تهاونـه في العـالج مثلمـا هـو األمـر‬
‫بالنسبـة للمحاكـم الفرنسيـة التي تشتـرط إضافـة إلى إنعـدام القـدرة الجنسية مـن جهة الزوج توفـر سلـوك‬
‫مخطـئ (‪. )3‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬ساسي بن حليمة ‪ ،‬تعليق علي قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 1131‬مؤرخ في ‪ 29‬جوان ‪ 1773‬مرجع سابق الذكر ص ‪.13‬‬
‫(‪-)2‬فـوزي بالكنـاني مرجـع سابـق الـذكر ص ‪.31‬‬

‫‪(3)- Nancy, 12 mai 1958.‬‬


‫مجمـل القـول إذن أنـه اليمكن الجـزم بأن فقـه القضـاء التونسي ينـدرج ضمـن "الطـالق عـالج"‬
‫أو نظريـة "الطـالق جـزاء" فالمناهـج المتوخـاة للحكـم بالطـالق إختلفت حسب الصـور والقـرارت ممـا‬
‫يبعث على اإلعتقـاد بأن فقـه القضـاء يتسـم ‪.‬‬
‫"بتضـارب النتائـج" (‪ ،)1‬على حـد تعبيـر األستـاذ األجهـوري ‪.‬فهـل نسلـم بهـذااإلنطبـاع كنتيجـة حتميـة‬
‫لنظرنـا إلـى فقـه القضـاء التونسي مـن خـالل زاويـة الطـالق عـالج ثـم زاويـة "الطـالق جـزاء" فقط ؟ ‪.‬وإن‬
‫لـم تستطـع أي مـن هاتيـن النظريتيـن التـواصل إلى تفسيـر شامـل لفقـه القضـاء التونسي ‪ ،‬فهـذا ليـس‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫مدعـاة للتسليـم بإضطرابـه وخروجـه مـن كـل منهـج عـام يحكـم مواقفـه التي إتخـذها في كـل الحـاالت‬
‫بل أن هـذه النتيجـة التـدل عـن قصـور هـذه النظريـات عـن اإللمـام بفقـه القضـاء التـونسي مـن جميـع‬
‫جوانبـه‪ ،‬ممـا ينبغـي أن يكـون حافـزا على البحث على أسـس أخـرى تنجـح حيث أضعفت هاتـان‬
‫النظريتـان ولعلنـا نجـد ضالتنـا في الفقـه اإلسـالمي فتستمـد منـه أسسـا ثابتـة للضـرر المفضـي إلى‬
‫الطـالق في قانوننـا التـونسي (‪. )2‬‬

‫ب‪ -‬األسـس المستمـدة مـن الفقـه اإلسـالمي ‪:‬‬


‫إن المتأمـل في فقـه قضائنـا المتعلـق بإعتبـار المـرض ضـررا يبـرر اللجـوء إلى الطـالق البـد أن‬
‫يقف على مـدى مـا أورده األستـاذ الشـرفي مـن وجـود"حبـل سـري" يربط القضـاء التونسي بالفقـه‬
‫اإلسـالمي (‪.)3‬‬
‫ولكـن فقـه قضائنـا لـم يتقيـد بمذهب دون آخـر بـل إتخـذ المنهـج الـذي ورد في المذكـرة‬
‫الصـادرة عـن وزارة العـدل غـداة صـدور مجاة األحـوال الشخصيـة والتي جـاء فيهـا ‪":‬أخذنـا ‪ ...‬مـن‬
‫مناهـل الشريعـة الفياضـة ومختلف مصادرهـا‪ ،‬بـدون التقيـد بمـذهب دون آخر وبـرأي طائفـة مـن‬
‫الفقهـاء دون األخـرى" (‪. )4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪-2‬األستـاذ األجهـوري ص ‪.13‬‬
‫(‪-)3‬مذكرة الطالق للضرر فوزي بالكناني ص ‪.31‬‬
‫‪(4)-Le droit de la famille entre lislam et la modernité Mr Charfi RTD 1973 I(..).‬‬
‫(‪-)5‬مذكرة صادرة عن وزارة العدل في ‪ 5111/3‬بمناسبة إصدار مجلة األحوال الشخصية مرجع سابق الذكر ‪.‬‬
‫فيقتـرح األستـاذ فـوزي بالكنـاني قـراءة جديـدة لقـرارت محكمـة التعقيـب على ضـوء ماجـاء بـه الفقـه‬
‫اإلسـالمي‪ .‬فهـو يـرى أن مـوقف محكمـة التعقيب فـي خصـوص المـرض الـذي يبـرر طلب الطـالق‬
‫للضـرر ‪.‬يتمـاشى مـع مـا أقـره المـذهب الحنبـلي مـن حـق كـل مـن الزوجيـن في طلب التفريـق إذا وجـد‬
‫بالطـرف الثاني عيبـا مانعـا مـن حصـول المتعـة الجنسيـة‪ .‬أو عيبـا جسيمـا‪ ،‬منفـرا أوضـارا اليـرجي شفـاؤه‬
‫‪.‬ففي قـرار صـادر في ‪ 93/3/2‬والـذي تتلخـص وقائعـه في قيـام الـزوج لـدى المحكمـة اإلبتدائيـة بسوسـة‬
‫عارضـا أنـه فوجئ عنـد دخولـه بزوجتـه بوجـود عيب في جهازهـا التنـاسلي رغـم أنـه يمنـع مـن اإلتصـال‬
‫بهـا ‪.‬وقـد حـاول عالجهـا منـه دون جـدوى ولذلك فهـو يطلب الطـالق للضـرر المتمثـل في بقائـه‬
‫محرومـا مـن مباشرتهـا ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وقـد صـدر هـذا الحكـم بعـدم سمـاع الدعـوى وتـأيد هـذا الحكـم لـدى اإلستئنـاف فطعـن الـزوج‬
‫في قـرار محكمـة اإلستئنـاف بسوسـة بالتعقيب ناعيا عليـه قضـاؤه على هـذا النحـو حـال أن الزوجـة‬
‫إعتـرفت بوجـود العيب الـذي اليـرجى بـرؤه فيهـا وهـو والينبغـي أن يؤثـر فيـه ماورد في اإلختيـار الطبـي‪،‬‬
‫مـن أن مرضهـا اليمنـع مـن حيـاة جنسيـة عاديـة ألن ذلك اليفيـد شفائهـا مـن مرضهـا وألن النفـس‬
‫البشريـة تأبـى هـذه الحالـة"‪ .‬ركـز هـذا المطعن أذن على إعتبـار أن مـرض الزوجـة الـذي يستعصـي‬
‫عالجـه يمكـن أن يؤسـس الطـالق عليـه مهمـا كـان نـوع هـذا المـرض وحتى لـو كـان غيـر مانـع للزوجـة‬
‫مـن القيـام بوجباتهـا الزوجيـة في ظـروف عاديـة غيـر أن محكمـة التعقيب رفضت بوضـوح سلـوك هـذا‬
‫المنهـج وفضلت مجـاراة أحكـام األصل فيمـا ذهبـوا إليـه مبينـة أن ‪" :‬اإلختبـارات الطبيـة السالمـة مـن‬
‫كـل مطعن وأكدت بـأن علتهـا هـذه غيـر معديـة والتمنـع الـزوج مـن اإلتصـال بهـا جنسيـا في ظروف‬
‫عاديـة‪ .‬وكنتيجـة لمـا سبـق إعتبـر األستـاذ فـوزي بالكنـاني أن محكمـة التعقيب إعتبـرت أن العيـوب‬
‫الموجب للطـالق على معنى الفصـل ‪ 31‬في فقرتـه الثانيـة هي العيـوب التي تمنـع مـن المباشـرة‬
‫والعيـوب الضـارة التي اليرجـى الشفـاء منهـا‪ .‬فهـو يـرى أن موقف محكمـة التعقيب في خصـوص‬
‫المـرض الـذي يبـرر طلب الطـالق للضـرر يتماشى مـع مـا أقـره المذهب الحنبلي مـن حـق كـل مـن‬
‫الزوجيـن في طلب التفـريق إذا وجـد بالطـرف الثانـي عيبـا مانعـا مـن حصـول المتعـة الجنسيـة أوعيبـا‬
‫جسيمـا منفـرا أو ضـارا اليرجى شفـاؤه ‪.‬‬
‫أمـا العيـوب التي يمكـن المقام معهـا بـدون ضـرر ‪ ،‬أو ضرر اليعتـد بـه عرفـا كالعقـم‪ ،‬والعـرج‬
‫والخـرس‪ .‬فـاليجبر أحـد الزوجيـن على البقـاء فـي الحيـاة الزوجيـة إذاكـان باآلخـر علـة مـن هـذه العـلل‬
‫مـن شأنـه أن ينغـص حياتـه ويقلبهـا إلى شفاء دائـم‪ .‬وقد يعـرض حياتـه للخطـر إذا كـان المـرض معديـا‬
‫(‪. )1‬‬
‫غيـر أن األستـاذة زعـرة البجـاوي عابت على تحليـل األستـاذ فـوزي بالكنـاني الـذي إعتمـد على قـراءة‬
‫حاطئـة لمـا جـاء في قـرار محكمـة التعقيب فهـي تـرى وأن محكمـة التعقيب وفي نـص قـرارهـا إعتبـرت‬
‫وأن العيـوب التي تبـرر طلب الطـالق للضـرر ‪ ،‬هي تلك التي يشـى منهـا العـدوى أوتمنـع االتصـال‬
‫الجنسي أي أن محكمـة التعقيب إعتبـرت وأن العيـوب التي تمنـع مـن المبـاشرة مبـررة لطلب الطـالق‬
‫للضـرر ‪ ،‬ولكـن اليوجـد مـا يثبت وأن محكمـة اتعقيب قـد إعتبـرت وأن العيـوب الضـارة التي اليرجى‬
‫لهـا شفـاء تبـرر طلب الطـالق للضـرركمـا ذهب إلى ذلك األستـاذ فـوزي بالكنـاني وقـد أعتبـرت‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫األستـاذة زعـرة البجـاوي أن األمـراض الضـارة والتي اليـرجى لهـا شفـاء ليست بالضـرورة أمرضـا معديـة‬
‫والعكـس صحيـح إذ يوجـد مـن األمـراض ماهـو ضـار واليـرجى لـه شفـاء ولكـن مـع ذلك اليخشـى‬
‫إنتقالـه ويتمثـل الضـرر في هـذه الحالـة في الضـرر المعنـوي الـذي يمكـن أن يصيب القريـن مـن جـراء‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )1‬زكي الديـن شعبـان المرجـع سابـق الذكـر ص ‪ 313‬و ‪315‬‬

‫ومـع ذلك فـإن فقـه القضـاء اليعتبـر أن المـرض يبـرر الطـالق للضـرر إال إذا كـان معديـا أو مانعـا مـن‬
‫االتصـال (‪. )1‬‬
‫وإعتبـرت األستـاذة زعـرة البجـاوي أنـه باإلمكـان تبـرير مـوقف محكمـة التعقيب في هـذا القـرار‬
‫بالرجـوع للمذهبيـن المالكـي والحنفي اللـذي كـان محـل تطبيـق بالبـالد التونسيـة قبـل دخـول مجلـة‬
‫األحـوال الشخصيـة حيـز التطبيـق بدايـة مـن أول جانفي ‪ .)2( 1759‬إذ يـرى الحنفيـة أنـه يجـوز التفريـق‬
‫للعيب المستحكـم‪ ،‬الـذي يمنـع التناسـل بيـن الرجـل والمـرأة وذلك بأن يكـون الـزوج محبوبا أو عنينا أو‬
‫خصيا)‪ (3‬وقـد إقتصـر الحنفيـة على هـذه العيـوب دون غيرهـا‪ .‬في حيـن يضيف المالكيـة إلى هـذه‬
‫األسبـاب أسبابـا أخـرى تجبـر التفريـق لعيب مستحكـم بالمـرأة كالرتـق‪ ،‬القـرن‪ ،‬والعفـل‪ .‬وهي عيـوب‬
‫تمنـع االتصـال الجنسي إضافـة إلى العيـوب التي تمنـع المعاشـرة كالجنـون والجـذام والبـرص ألنهـاضـارة‬
‫ويمكـن إنتقالهـا إلى الذريـة (‪ . )3‬ويـرى الحنفيـة أنـه فيمـا عـدا هـذه العيـوب اليمكـن التفريـق إذأنـه على‬
‫كـل واحـد مـن الزوجيـن أن يحتمـل مـا ينـزل بصاحبـه مـن بلـوات فال يصـح قطـع العالقـة الزوجيـة لمعيبـة‬
‫حلت بالقريـن سـواء حصـل ذلك قبـل أوبعـد العقـد (‪ .)5‬فيمكـن إلى هـذا الحـد مسـايرة األستـاذ فوزي‬
‫بالكنـاني في ما ذهب إليـه وإعتبار أن فقه القضاء قد إستلهم أحكامه من الفقه اإلسالمي الذي يجبر‬
‫طلب التفريق للمرض الذي يمنـع من االتصال الجنسي أو يخشى منه العدوى‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪)1‬المذكـرة االتصال الجنسي بين الزوجين ص ‪191‬‬
‫(‪) 2‬محمـد الحبيب الشريف ‪ ،‬تعليـق على قـرار مدني حول "تأثيـر العجـز الجنسي للـزوج على قيـام العالقـة الزوجيـة وانفصامهـا" ‪،‬‬
‫مرجـع سابـق الذكـر ص‪. 51‬‬
‫(‪)3‬عبد الرحمـان الجزيـري مرجـع سابـق الذكـر ص ‪312‬‬
‫(‪)3‬محمـد أبـوزهرة مرجـع سابـق الذكـر ص ‪313‬‬
‫(‪)5‬عبـد الرحمـان الجزيـري مرجـع سابـق الذكـر ص ‪. 113‬‬
‫وأنه في مـا عـدا هـذه العيـوب ال يمكـن طلب الطـالق ألن المرض هـو حـالة من الحاالت التي يمكـن‬
‫أن تصيب كـل آدمي كبيرا كـان أو صغيرا وال يمكـن بحال أن يكـون سببـا يعتمـد لطلـب الطـالق‬
‫بمـوجب الضرر إال بإثبـات خطأ في سلـوك القريـن المريض وهـذا الخطأ يمكـن أن يكـون حسب‬
‫الجعفرية ناتج عن اإلمتنـاع عن العـالج (‪. )1‬‬
‫ولكن ولئن امكـن إيجـاد تبريـر لموقـف فقه القضـاء في خصـوص المرض بالرجـوع إلى الفقـه‬
‫األسـالمي فإن موقـف فقـه القضـاء من العـجز الجنسي يصعـب أن يوجـد له أساس مستمـدة من الفقـه‬
‫اإلسـالمي لألسبـاب التاليـة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الفقه اإلسالمي ال يفرق بين العجـز الجنسي والمـرض فالعـجز الجنسي هـو مرض يصيب‬
‫الرجـل في قدرتـه الجنسيـة ويجـوز به طلب التفريـق ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن سبب التفريق للعـجز الجنسي حسـب الفقـه اإلسـالمي ال يتمثـل في خطأ الزوج المتمثل في‬
‫إخـالله بواجـب من واجبـاتـه الزوجيـة كمـا ذهب إليه فقه القضـاء بل أن ذلك يعـود إلى أن العجـز‬
‫الجنسي عيبـا ال يتحقق معـه المقصـود من عـقد الزواج‪ .‬ويمنـع التنـاسل بين الرجـل والمرأة (‪ )2‬ولو ال‬
‫أن العـجز الجنسي تتنـافى معـه الزوجيـة لمـا أجبر طلب التفريـق (‪.)3‬‬
‫‪ -3‬أنـه في الحقيقة ال يتمثـل الخطأ في القرائـة الخـاطئة لفقه القضـاء من زاويـة " الطـالق عـالج " أو‬
‫" الطـالق جزاء " بل في محـاولة الجمـع بين أمريـن متنـاقضيـن ‪.‬‬
‫ذلك أنه بخصـوص العـجز الجنسي الذي يعتبـره فقـه القضـاء مبرر الطلــب الطـالق للضرر نظرا لخطأ‬
‫الزوج المتمثـل في إخـالله بواجـب من واجبـاته الزوجيـة والحـال أنـه ال يمكـن ومن خـالل وقائع‬
‫بالقضـايا التي وقـع النظـر فيهـا نسبـة أي خطأ‪ .‬أو تقصيـر قصدي للزوج‪ .‬وهمـا شرطـان أساسيـان‬
‫ترتكـز عليهمـا النظريـة التقليديـة أي نظرية الطـالق جزاء لقبـول طلب الطـالق للضـرر (‪. )3‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬محمـد مصطفى شلبي مرجع سابق الذكر ص ‪. 517‬‬
‫(‪-)2‬عبد العزيز عامر مرجـع سابق الذكر ص ‪. 312‬‬
‫(‪-)3‬عبد الرحمان الجزيري مرجع سابق الذكر ص ‪. 113‬‬
‫(‪-)3‬رضا األجهـوري مرجـع سابق الذكر ص ‪. 12‬‬
‫وخـالصة القول يصعـب الحكم بنـاء على ما خرج به القضاء بأن نظرية الطالق جزاء أو نظرية‬
‫الطالق عـالج التي وقع اعتمـادها للقضاء بالطـالق للضرر الناتـج عن مرض القرين وتزداد الصعـوبة في‬
‫إثبات الضرر المتسبب فيه المرض ‪.‬‬
‫‪ -2‬إثبات المـرض أسـاس الضـرر ‪:‬‬
‫لقد سبق أن رأينـا أن الكشـوفـات الطبيـة السابقـة للزواج غير نـاجعـة من الناحيـة العمليـة في‬
‫الكشـف عـن جملـة األمراض التي يكون أحـد القادميـن على الزواج مصاعـب بها وخـاصة تلك‬
‫األمراض التي من شأنهـا أن تؤثـر فيمـا بعـد على الحيـاة الزوجيـة خاصـة وأن الشهـادة الطبية المدلى بها‬
‫ال تحتـوي سوى على اإلشارة إلى أن المعنى باألمراض قد وقع فحـصه قصدالزواج دون التوسـع في‬
‫ذلك إلى غـاية تحديد الحـالة الصحيـة للمقدم على الزواج باإلضـافة إلى أن القانـون التونسي ال يفرض‬
‫التثبـت من قدرة الزوجيـن الجنسية عنـد إجراء الفحص الطبي المتعلق بالشهـادة الطبيـة السابقـة للزواج‬
‫كمـا أن هـذا الفحص الطبي العام ال يمكـن من الكشـف عن بعض األمراض الخطيرة وعلى هذا‬
‫األساس فإذا ما تزوج شخـص واكتشف أن قرينـه الذي تزوج به مريض بداء خطير أو معدي أو حـائل‬
‫دون اإلتصـال الجنسي (‪ )1‬مطالب بإثبات ما يدعيـه وال يمكن التعويـل على الشهـادة الطبية السابقـة‬
‫للزواج ‪ .‬وتعتبر اإلختبارات الطبيـة من اآلليات المعمـول بها من قبـل المحـاكم إلثبات ما يدعيـه‬
‫طالب الطالق لتضرره من مرض قرينـه خـاصة إذا أنكره الطرف الثاني ‪ .‬ففقه القضاء أضحى يشيـر‬
‫إلى اإلختبارات الطبية إما بوصفهـا ماذونا بهـا من قبل المحكمـة أو مطالب بها من قبل أحـد الزوجين‬
‫‪ .‬ذلك أن القاعـدة األساسيـة في المادة المدنية هي أن المدعي مطالب بإثبات ما يدعيه إال في‬
‫بعض الحـاالت التي يكون فيهـا معفى من عبء اإلثبات ما يدعيه إذا كان متمتعـا بقرينـة تسمـح له‬
‫بذلك‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬المعايير التي وضعتها المحاكم في خصوص األمراض المؤثرة على الزواج لغياب تحديد تشريعي لألمراض المؤثرة على‬
‫الزواج‪.‬‬
‫ومبدئيـا ال يتمتع الزوج وال الزوجـة في قضايا الطـالق بأي قرينـة (‪. )1‬‬
‫وعمـوما فإن األمراض المؤثرة على الحياة الزوجيـة أو قد تلحق في مجملهـا بالقريـن اآلخر‬
‫المعـافى ضررا يسهـل إثباتهـا كاألمراض العقليـة والبدنيـة والتناسليـة من ذلك أنه في إحـدى الصور‬
‫التطبيقيـة التي عرضت على المحاكم ‪ ،‬وإلثبات إخفاء زوجة عن زوجها سـبب إستئصال ثديها بسبب‬
‫إصابتها بداء السرطـان ‪ ،‬قدم الزوج وثيقـة طبيـة محـررة من معهـد مختص في مرض السرطان تفيـد‬
‫إصابة زوجته بهذا الداء وبعـالجها منه بإستئصـال ثديها (‪. )2‬‬
‫لكن ما يصعـب إثباتـه هـو إصابة القرين بداء العجـز الجنسي ‪ ،‬فكيف يثبت ؟‬
‫* إثبات العجـز الجنسي ‪:‬‬
‫مبدئيـا يصبح السؤال عن كيفيـة إثبات العجـز عديم الجـدوى إذا ما اعترف الزوج بعجزه‬
‫مصرحـا بأنـه بصـدد العـالج (‪ .)3‬أو يعتـرف ضمنيـا بمصـابه مفيـدا أنـه حتى على فرض ذلك ‪ ،‬فهو‬
‫غيـر مسؤول عنه أو يكتفي بالتصريح بأنـه ال يكمـل العمليـة الجنسية (‪ . )3‬ولكن نادرا ما يرد هـذا‬
‫اإلعتراف مما يجبر الطرف اآلخر على المطالبة بعرضه على الفحـص الطبي (ب)‪ .‬لكن بعض‬
‫المحاكم إعتبرت وأن عذرية الزوجـة قرينة على عجز زوجها جنسيا (أ) ‪.‬‬

‫أ‪ -‬بقاء العـذريـة قرينـة على العـجز الجنسي للزوج ‪:‬‬


‫فالفقه اإلسالمي يعتبـر وأنـه إذا ما أجـل العنين أو المعترض ‪ ،‬سنة قمريـة بتدارك الوضـع أو‬
‫العـالج ولم يستطـع إتيان زوجتـه وثبـت حفاظهـا على عذريـتهـا ‪ ،‬فهذا يقـف دليـالقاطـع على عـجز‬
‫الزوج الجنسي ويفرق القـاضي بينهـما ‪ ،‬تفريقـا بائنـا (‪ . )5‬أما في القـانون التونسي فإن الزوجة في إطار‬
‫قضايا الطـالق ال تتمتع بأي قرينـة قانـونية ‪ ،‬غير أن عدم إفتضاض الزوجة لبكارتهـا رغما عن الدخول‬
‫بها لمدة معينة يعد دليـال غير مباشـر على عـجز الزوج الجنسي أو على األقـل على عجزه عن‬
‫إفتضـاض غشاء بكارتهـا ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ــــــــ ـ‬
‫حليمة ص ‪133‬‬‫(‪-)1‬تعليق على قرار تعقيبي عدد ‪ 1313‬مؤرخ في ‪ 33‬ماي ‪ 1773‬قضاء وتشريع جانفي ‪ 1773‬األستاذ ساسي بن‬
‫(‪-)2‬تعليق األستاذ ساسي بن حليمة على قرار تعقيبي عدد ‪ 15371‬بتاريخ ‪ 19‬جوان ‪ 1711‬منشور بجريدة الصباح ‪.‬‬
‫(‪-)3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 23217‬مؤرخ في ‪ 1773/31/23‬نشرية م ت ‪ 1773‬قسم مدني ص ‪. 137‬‬
‫(‪-)3‬قرار مدني استئنـافي عدد ‪ 1313‬مؤرخ في ‪ 1773/35/33‬مذكور ‪.‬‬
‫(‪-)5‬عبد الرحمان الجزيري كتاب الفقه على المذاهب األربع ص ‪ 133‬وما بعدها ‪.‬‬
‫فإذا ما رامـت الزوجـة وضع حـد للعـالقة الزوجيـة ‪ ،‬التي جمعتهـا بزوج عجـز عن إتيـانهـا فهـي تعمـد إلى‬
‫تضميـن ملف القضيـة بشهـادة طبية تفيـد سالمـة عذرتهـا أي أنـه لم يقـع اإلتصـال بهـا جنسيـا بإيـالج‬
‫كامـل ‪ .‬ويعتبـر فقه القضـاء التـونسي أن سالمـة الغشـاء رغمـا عن الدخـول بالزوجـة قرينـة فعليـة على‬
‫عجـز الزوج عن اإلتصـال جنسيـا بهـا أو على األقـل على إقتضـاضهـا ‪ .‬بمعنى أنـه ال يملـك جهـازا‬
‫تنـاسليـا صلبـا صالبة كافيـة تمكـن من إختراق غشاء البكـارة ‪ .‬فحفـاض الزوجـة على بكـارتهـا وإن لم‬
‫يكـن حجـة فعليـة على العـجز الجنسي فهـو على األقـل نتيجـة له ‪ ،‬فالزوج مطالب بإقتضـاض بكارة‬
‫زوجتـه وال يمكنـه تبريـر عـدم قيامـه بذلك الواجـب إال بإثبات سـبب خارجي عنـه فينقل عبء اإلثبـات‬
‫ويصبـح الزوج محمـال بعبء ثقيـل وهـو عبء إثبات السبب الشرعي الذي حـال بينـه وبين إقتضاض‬
‫بكـارة زوجتـه ‪ .‬فأول دفع قد يتمسـك به الزوج هـو أن زوجتـه منعتـة من اإلتصال بها جنسيـا ولم‬
‫تمكنـه من نفسهـا‪ .‬وقد يدفـع الزوج بأن بقاء زوجتـه عـذراء رغمـا عن الدخـول بهـا مرده إحجـامه عنهـا‬
‫لما وجـده لديهـا من عيـوب نفرته من اإلتصـال الجنسي بهـا ‪.‬كأن كانت لها رائحـة كريهـة أو عيـب‬
‫على مستـوى جهـازها التنـاسلي أو أن هـذا العيـب أو المرض بلـغ حـدا منعـه من إتيانهـا (‪. )1‬‬
‫ولكن وعلى أهمية مثل هـذه الدفـوعات ‪ ،‬فإن الزوج الذي يريـد فعـال أن يدحـض القرينـة أي‬
‫قرينـة سـالمـة العـذرة ومـا أثبتتـه عرضا من عجـز جنسي منسـوب إليـه ‪ ،‬قد يتمسك بإحـدى األمرين ‪:‬‬
‫‪-‬إما صالبـة البكـارة وعجز الزوج العادي عن إقتضـاضهـا ‪.‬‬
‫‪-‬أو سالمتـه الجسديـة ويدلي في ذلك بكشـف طبي مثبتا لقدرته على الوطء ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪-)1‬تعقيـب مدني عدد ‪ 13317‬مؤرخ في ‪ 1793/33/32‬جريدة الصباح ‪ 1713/31/17‬مع تعليـق األستاذ ساسي بن‬
‫حليمـة ‪.‬‬
‫فأما في خصـوص الدفـع المتعلـق بصالبـة البكـارة ‪ ،‬فإن المسألـة طرحـت على منبـر القضـاء‬
‫بمنـاسبـة دعـوىتقدم بها المدعـو عبد الحميـد في حـق إبنتـه ضـد المدعي عليـه نجيب في الطـالق‬
‫للضـرر بسبب عـجز هذا األخير عن إزالـة بكـارة إبنته‪ .‬وتمسـك المطلـوب لدى محكمـة البدايـة بأن‬
‫العضـو التنـاسلي للزوجـة على درجـة من القوة بصفـة منعتـة من إفتضـاضهـا حتى بعـد إجراء العمليـة‬
‫تسهيـال لوقـوعهـا‪ .‬وقضت محكمـة البداية على ذلك األساس إعتمـادا على أن بكـارة الزوجـة غير‬
‫عـادية ‪.‬‬
‫واستأنـف المدعي في حـق إبنتـه مفيدا أن تقريـر الطبيب رغـم أنـه أفـاد صالبـة البكـارة إال أنـه‬
‫لم يفد أنـه بدرجـة يصعـب على الزوج إقتضـاضهـا ومن باب أحرى على الرجـل العـادي ‪ .‬إقتضـاضهـا‬
‫فقضـت محكمـة االستئنـاف بنقـض الحكـم اإلبتدائي وبالطـالق للعجز ألول مرة بعد البنـاء ‪.‬‬
‫فالمسألـة المطروحـة صـالبة البكـارة بصفـةجعلت اإلتصـال الجنسي غيـر ممكـن وعلى فرض‬
‫ذلك وخصوصا وأنه ثبت علميـا هذا‪ ،‬أي أن الغشـاء قد يكون صلبـا وقويـا بدرجـة ال تمكـن من‬
‫إفتضاضه بصفـة طبيعيـة ويستلزم حتمـا تدخـل الطبيب المختص لتسهيـل عمليـة الوقاع وذلك بإحداث‬
‫جرح على مستـوى الغشـاء تسهيـال لإليـالج الذكـري أو بالقيـام بعمليـة اإلفتضـاض كاملـة وإزالـة غشـاء‬
‫البكـارة كله بواسطـة الجراحـة أي رغمـا عن الصـالبة تمكن الزوج في قضيـة الحال من إتيان زوجتـه‬
‫بعد تسهيـل عمليـة الوقـاع لكان له ما أراد‪ .‬أي دحض قرينـه القدرة ‪ ،‬لكنـه لم يتمكـن من ذلك‬
‫خصـوصا وألنهـا ‪ ،‬أي العمليـة ‪ ،‬أصبحـت سهلـة وفي متنـاول الرجـل العـادي ‪ ،‬لذا فلقـد ثبـت بصفـة‬
‫غيـر مباشرة عجزه الجنسي المتداعي به ممـا جعـل محكمـة االستئنـاف تحكـم لصـالح الدعـوى (‪. )1‬‬
‫أمـا في خصـوص الكشف الطبي المدلى بـه مـن قبـل الـزوج ‪ ،‬والمثبت لسالمتـه الجنسيـة ‪،‬‬
‫فهـو مبدئيـا يدحـضقرينـة العـذرة ويجعـل عبء اإلثبـات مـن جديــد‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)1‬حكم إستئنافي مدني عـدد ‪33213‬مؤرخ في ‪ 1791-2-11‬مجلـة القضـاء والتشريـع ‪ 1792‬العـدد ‪ 2‬ص ‪213‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ينتقـل إلى الزوجـة التي تصبـح مطالبـة مـرة أخـرى بإثبـات العجـز الـذي تنسبـه لزوجهـا ‪.‬وهـذا اإلثبـات‬
‫يصعب أمـام وجـود تقريـر طبي أوتقاريـر مثبـة للسالمـة الجسديـة للمفحـوص‪ .‬أي أنـه يتمتـع مبدئيـا‬
‫بأعضـاء تناسليـة كاملـة وجيـدة ‪ ،‬تمكنـه في ظـروف طبيعيـة مـن الوطء وإفتضـاض البكـارة ‪ .‬لـذا فلـن‬
‫تجـد الزوجـة مـن حـل سـوى التشكيك في صحـة تلك التقاريـر الطبيـة المثبـة لقـدرة زوجهـا على الوطء‬
‫بمقولـة أنهـا تقاريـر محـررة مـن طـرف طبيب مأجـور (‪ . )1‬أو أنهـا صـادرة عـن طبيب غيـر مختـص في‬
‫األمـراض الجنسيـة بـل المجـاري البوليـة (‪ .)2‬أوأنـه حتى على فرض صحتهـا أي صحة مـا تأكـده مـن‬
‫سالمـة بيولوجيـة ألعضـاء الـزوج التناسليـة ‪ ،‬فـإن ذلك اليفيـد حتمـا أنـه سليمـا جنسيـا بـل أن عجـزه قـد‬
‫يكـون مـرده سببـا نفسيـا بحتـا‪ .‬لذا فهي تطلب اإلذن بعـرض المدعي عليـه على الفحص الطبي ‪،‬هذا‬
‫إذا لم تكن قد طالبت بذلك على سبيل االحتياط ‪ ،‬ضمن أسانيد الدعـوى ‪.‬‬
‫فمـا عسى هـذا الكشف الطبي المـأذون بـه قضـاءا أن يثبت ؟‬

‫ب‪ /‬اإلختيـار الطبي واثبـات العجـز الجنسي ‪:‬‬


‫إن إثبـات العجـز الجنسي للـزوج المتـداعي بـه مـن قبـل الزوجـة إجـراء معمـول بـه لـدى الفقـه‬
‫اإلسـالمي حيث يتولى أهـل اإلختصـاص إذا مـا عابت الزوجـة على زوجهـا عنـة أوجب أو خصـاء ‪،‬‬
‫القيـام بعمليـة الجـس وتحسـس الموضـع و"الحـس يتأتي بـه العلـم في ذلك" (‪ .)3‬أو بالنظـر إلى‬
‫غيـر عاجز ‪ ،‬فهـو أخف الضرريـن‬ ‫المطلـوب مباشـرة وفحـص أعضـاءه التناسليـة والنظـر إن كـان‬
‫إذالـم يمكـن الحـس مـن الفصـل في المسألـة أمـا إذا مـا عـابت الزوجـة على زوجهـا اعتراضـا أي‬
‫إرتخـاءا في عضـوه التنـاسلي‪،‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪-1‬حكـم إستئنـافي عـدد ‪ /21517‬مؤرخ في ‪ 2‬مـارس ‪ 1771‬غيـر منشـور الملحـق‬
‫‪-2‬حكـم إستئنـافي مدني عـدد ‪ 1131‬مـؤرخ في ‪1773/1/29‬‬
‫‪-3‬عبد الرحمـان الجزيـري ‪ ،‬كتـاب الفقـه على المذاهب األربعـة ج‪3‬‬
‫فهـو عيب اليعـرف البالحـس والبالنظـرفهنـا يصــدق الرجـل بيمينـه أي إذا مـا حلف أنـه غيـر مصـاب‬
‫بإعتـراض في عضـوه التنـاسلي حمـل على أنـه صـادق وأجـل سنـة قمريـة‪ .‬فـإن ثبت حفـاظ الزوجـة على‬
‫(‪)1‬‬
‫عذريتهـا بواسطـه الكشف عليهـا مـن طـرف إمرأتيـن بعـد مـرو السنـة ‪ ،‬كـان القـول قولهـا وفـرق بينهمـا‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـرد العجـز الجنسي‬‫‪ .‬فهـذا اإلثبـات إن دل على شيء فهـو يـدل على صعوبـة اإلثبـات إذا مـا كـان م ّ‬
‫خلل العالقـة لـه بالتكويـن العضـوي ‪ ،‬بـل بالجهـاز العصبي للـزوج أوبأمـور أخـرى تعيقـه عـن إتيـان‬
‫االنتصـاب الكـامل أو تصيب عضـوه التناسلي بإرتخـاء إذا مـا إنتصب ‪ ،‬فإننـا نجـد أن القانـون الفرنسي‬
‫القديـم كـان يقـم الدليـل على مثـل هـذه الحالـة وعلى العجـز الجنسي عمومـا ‪ ،‬بمـا يسمى بالفرنسيـة‬
‫بـ ‪ L’épreuve du congrès‬عربهـا أستاذنـا سـاسي بـن حليمـة "بإمتحـان المضاجعـة"‪ .‬وتتمثـل‬
‫العمليـة في عـرض الـزوج المتنـازع في قدرتـه الجنسيـة على عمليـة إختيـار قضـائي تتـم بمحضـر شهـود‬
‫معينيـن مـن قبـل المحكمـة ‪ ،‬للتثبت مـن "فحولتـه" وقدرتـه على مجامعـة النسـاء(‪ .)2‬وهي طريقـة "على‬
‫فضاعتهـا وتنافيها مـع الحيـاء والحشمـة" لـن تثبت شيئـا ‪ ،‬بـل أنهـا قـد تثبت عجـز الـزوج الجنسي ‪،‬‬
‫في حيـن أن العكـس هـو الصحيـح وأن مـا أفادتـه العمليـة ‪ ،‬مـرده إصابتـه بالخـوف والرهبـة ‪ ،‬نتيجـة‬
‫قيـامه بالعمليـة علنـا ‪ ،‬وبمحضـر جمـع إرتبك بوجودهـم فأصيب بالفشـل الجنسي حـال أنـه سليمـا ‪.‬‬
‫لهـذا تخلـص القانـون الفرنسي ‪ ،‬مـن هـذه التقنيـة الالإنسانيـة ‪ ،‬التي عمـل بهـا منـذ القـرن ‪ 13‬لفائـدة‬
‫الكشف الطبي الـذي يتـواله أهـل اإلختصـاص مـن "الطب الجنسي الذكـري"وأصبحت ‪،‬حينئـذ‬
‫اإلختيـارات الطبيـة وسيلـة القضـاء فـي الفصل ‪ ،‬إمـا بطلب الخصـوم أو بإذن المحكمـة نفسهـا ‪،‬‬
‫حسمـا للنـزاع ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬مجلـة األحكـام العدليـة للشيـخ جعيط المـادة ‪.33‬‬


‫(‪-)2‬سـاسي بـن حليمـة تعليـق على قـرار إستئنـافي عـدد ‪1313‬‬
‫ولقـد كـان للقضـاء الفرنسي عديـد المناسبـات ‪ ،‬التي تمسك فيهـا باالختبـار الطبي حيث ينتدب‬
‫الخبيـر إمـا بمناسبـة التداعـي ‪ ،‬أو بواسطـة حكـم تحضيـري ‪.‬‬
‫لكـن ماهـو محتـوى هـذا االختبـار الطبي ؟ ومـاهي حجيتـه القانونيـة ؟‪.‬‬
‫المطلب األول ‪:‬محتـوى اإلختبـار الطبي ‪ :‬يطرح محتـوى اإلختيـار الطبـي إشكاليـن ‪ ،‬يتعلـق األول‬
‫بعمليـة الفحـص الطبي نفسيـا والثـاني بنتيجـة اإلختبـار والشهـادة الطبية المسلمـة ‪.‬‬
‫‪+‬فأمـا في خصـوص عمليـة الفحص الطبي ‪ :‬فيجـب قطع ‪ 3‬مراحـل هـامة ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫أوال ‪ :‬يجب أن تعيـن المحكمـة خبيرا ليتـولى فحـص المطلـوب ‪ .‬وهـذا القرار تتخـذه هيئـة المحكمـة‬
‫من نفسهـا أو بطلـب من الخصـوم سـواء كان الزوج عنـد منازعتـه في اإلدعـاء أو الزوجـة عرضـت‬
‫تأسيسـا لدعـواها في خضـم العـالقة الزوجيـة ‪ .‬لكن قد يدلي الزوج بكشـف طبي صـادر عن طبيـب‬
‫يتوجـه إليـه الزوج بمحضـى إرادتـه ‪ ،‬وعلى كـل ‪ ،‬فهـذا الخبيـر المنتـدب سواء كـان طبيـب الصحـة‬
‫العمـوميـة أو طبيب حر ‪ ،‬يجب أن يكون مختص في الجهاز التناسلي الذكري واإلنازع األطراف في‬
‫عدم إختصاصه (‪. )1‬‬
‫ثـانيـا ‪ :‬مكـان الفحص أين يجـب أن يتـم الفحـص ؟ منطقيـا إذا مـا كان الخبير المنتدب خبير الصحة‬
‫العمومية فإن اإلختبار يتم بالمستشفى العمومي أما إذا ما كان الخبير طبيبـا حرا فالفحص عادة يقع‬
‫بعيـادة خـاصة ولكـن هنا ألن نخـشى على مصداقيـة اإلختبـار ؟‬
‫مبدئيـا إن الخبيـر المنتدب هـو خبيـر معيـن قضاءا وهـو بمثـابة الشاهـد وإن كانت شهـادتـه كتابيـة ‪،‬‬
‫فيمكـن أن نعتبـره خاضعـا ألحكـام الشهـادة في خصـوص اليميـن والتجريـح إلى غيـر ذلك ‪ .‬أمـا أهـم‬
‫هـذه المراحـل ‪ ،‬فهي دون شـك مرحلـة الفحص ومضمـون الفحـص الطبي ‪ .‬فالمحكمـة نادرا مـا تشيـر‬
‫إلى محتـوى " المأمـورية الموكـولة إلى الخبيـر تدقيقـا وتفصيـال " بل هـي تكفي باإلذن بعرض المدعي‬
‫عليـه على الفحص الطبي للتأكـد من سـالمته الجنسيـة (‪. )2‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬قرار إستئنـافي مدني عـدد ‪ 1131‬مؤرخ في ‪. 1773/31/29‬‬
‫(‪ -)2‬حكم استئنـافي مدني عـدد ‪ 21519‬مؤرخ في ‪. 1771/33/32‬‬
‫فباإلستنـاد إلى محتـوى المأمـورية نجـد أن الطبيب مطـالب بالتثبـت من أن الشخص المعروض على‬
‫الفحص يشكـو عجزا جنسيـا أم ال والبحـث في أسبـاب ذلك ‪ .‬فيتـولى الخبير بواسطـة تحـاليل‬
‫واختبـارات عينـة ومجهـرية ‪ ،‬البحـث في قدرة الشخـص الجنسيـة ‪ ،‬فهـو أوال ‪،‬سيبحـث في العنـاصر‬
‫البيـولوجيـة لدى الشخـص وهـل أنهـا مكتملـة ؟ وذلك بفحـص عضـو الذكـر ‪ ،‬في خصـوص حجمـه ‪،‬‬
‫وتركيبتـه الفزيـولوجيـة وهـل أن عيبـا أو تشويهـا خلقيـا أم حـادثا أصابـه خاصـة إذا كـان طبيبـا مختصـا في‬
‫الجهـاز التناسلي الذكـري ‪ .‬كمـا أنـه يتولى البحث في مـا من شأنـه أن يؤثـر عكسـا على النشـاط‬
‫الجنسي للرجـل ‪ ،‬من وجـود أمراض كمرض السكـري ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫أو ضغـط الدم ‪ ،‬أو ضغطـا جسديـا عـاما إضافـة إلى ضرورة التثبت من عـدم تعـاطي الشخـص‬
‫المعـروض على الفحـص لعقـاقير أو أدوية من شأنهـا أن تصيبـه بالفتـور الجنسي كتنـاول الكحـول‬
‫المفرط أو بعض األنواع من المخـدرات التي قد تخـدر عضـوه الذكري ‪.‬‬
‫يستعيـن الخبيـر الطبي كذلك بفحـص دقيق للكروموزومـات الذكريـة ‪ ،‬فيبحـث عـن وجـود عيب‬
‫خلقي بهـا أو عن مـا من شأنه أن يفيـد إحتمـال إصـابة الشخـص بخـلل أو فتـور جنسي ‪ .‬وقد يضطر‬
‫الطبيب إلى إخضـاع الشخـص موضـوع الفحـص إلى التجـارب قصـد التأكـد من قدرتـه على اإلنصاص‬
‫إنصاصا سليمـا وطبيعيـا ‪.‬‬
‫فهل من الممكـن للخبيـر أن يبيـن إن كان الشخـص الخـاضع للفحـص مصـابا أو غيـر مصـاب‬
‫بعجـز جنسي ؟‬
‫‪+‬نتيجـة اإلختبـار الطبي ‪ :‬نجـد من حين إلى آخر صلب فقه القضـاء المتعلـق بالعجـز الجنسي اإلشارة‬
‫إلى اإلختبار الطبي ‪ ،‬وكأن اإلختبـار الطبي يمثـل الحـل الطبيعي والعـادي والثابت لحـل المشكلـة ‪،‬‬
‫بمعرفـة إن كـان الزوج عـاجزا جنسيـا أم ال ‪.‬‬
‫فقد يتمكـن الطبيب بواسطـة ما أجراه من فحوص وتحـاليـل ‪ ،‬وخصـوصا كشفـا عينيـا أن يثبـت‬
‫أن الشخص غير قـادر على اإلنعـاص أو على اإلتصـال الجنسي بصفـة مرضيـة وذلك إمـا ‪:‬‬
‫‪+‬ألنـه عايـن كروموزميـا دائمـا يمنع من هذا اإلتصـال الجنسي ‪.‬‬
‫‪+‬أو ألنـه بواسطـة التحـاليل ثبت لديـه وجـود مرض معيـن ( كمرض السكري ) أثـر سلبيـا على‬
‫قدرات الشخـص الجنسيـة ‪ ،‬أو أن الشخـص تعرض إلى استئصـال بروستـاتـا ‪ ،‬أو أصيـب في الصغـر‬
‫بمرض اعتلـت بسببـه قدراتـه الجنسيـة (‪. )1‬‬
‫غير أنـه ليس من السهـل في كل الحـاالت أن يجـزم الطبيب أن المعني باألمـر مصاب بعجـز‬
‫جنسي ‪ .‬كمـا أن الواقـع القضـائي التونسي لم يشهـد حتى اآلن توصل الخبيـر المنتـدب إلى أن يثبـت‬
‫قطعـا العجـز الجنسي للزوج ‪ ،‬بل أقصى مـا توصـل إليـه اإلختبار في إحـدى الصور هـو أنـه أثبـت أن‬
‫الشخـص موضـوع الفحـص " مصـاب بإرهاق جنسي نـاتج عن تقدمـه في السـن " (‪. )2‬‬
‫بل إن الصـور التي عرضـت على فقـه القضـاء والتي إنتـدب بمنـاسبتهـا خبيـر طبي أثبتت كلهـا‬
‫سـالمة الشخـص الجنسيـة وقدرتـه على الوطء ‪ ،‬حيث أنـه يتمتـع بقضيـب عـادي وهـو خلو من‬
‫األمراض التي قد تؤثـر على نشـاطه الجنسي ومن العيـوب الخلقيـة كالعنـة واألخصـاء وغيرهـا (‪. )3‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لكن في المقـابل قد يكـون للرجـل قضيب عـادي دون أن يمنـع ذلك من أنـه عـاجزا جنسيـا ‪،‬‬
‫فما هـي حجـة اإلختبار الطبي حينئـذ ؟‬
‫المطلب الثـاني ‪ :‬حجيـة اإلختبـار الطبي ‪ :‬بيقى اإلختبار الطبي وسيلـة إثبات نسبيـة وذلك على‬
‫مستـويين ‪:‬‬
‫‪ +‬فإما على المستـوى الشكلي ‪ :‬فالمحكمـة غير مقيـدة بقبـول مطلب الخصـوم في إجراء إختبـار‬
‫طبي فهـي مسألـة موضـوعية ال تخضـع لمراقبـة محكمـة التعقيـب (‪. )3‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1) -Trib civ de Bordeaux 07/02/1951 Dalloz 1951‬‬


‫(‪-)2‬حكم استئنـافي مدني عدد ‪ 21519‬مؤرخ في ‪1771/33/32‬‬
‫(‪-)3‬قرار مدني عـدد ‪ 1131‬مؤرخ في ‪. 1773/31/29‬‬
‫(‪-)3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 2172‬مؤرخ فـي ‪ 17‬أكتـوبر ‪ 1715‬نشرتـه محكمـة التعقيب ‪ 1711‬ج ا ص ‪39‬‬
‫كمـا أن المحكمـة قد ترفض إجراء اإلختبـار في نطـاق سلطتهـا التقديريـة ‪ ،‬إما ألنه ثبـت‬
‫لديهـا األمر المنسـوب للشخـص أي العجـز الجنسي ‪ ،‬بصـورة غيـر مبـاشرة ‪ ،‬كأن يكـون إعترف بعدم‬
‫قدرتـه على إكتمـال العمليـة الجنسيـة أو أن الوقائع أفادت عرضيـا ثبوت الضـرر بالنسبـة للزوجـة ‪،‬‬
‫تجعـل المحكمـة غيـر ملزمـة بالبحث في العجـز الجنسـي أو السالمـة منـه وهـو مـا إتبعتـه محكمـة‬
‫اإلستئنـاف بتـونس في إحـدى قـررهـا إذ لـم تجـاري الـزوج في طلبـه بعرضـه على األختيـار‪ .‬وقـد‬
‫إستنـدت في قضائهـا إلى مـا صدر عنـه مـن إعتراف بمناسبـة الجلسـة الصلحية ‪ ،‬فرغـم أنـه لـم يعتـرف‬
‫بصـورة واضحـة وصريحـة بأنـه عاجـز جنسيـا إال أنـه إعتـرف بأنـه "اليكمـل مجامعـة زوجيـة وأنـه يعيـد‬
‫الكـرة مرارا دون أن يتبيـن هـل أنـه يكملهـا أم ال ‪ ".‬وهـو تصريـح مقنـع بالعجـز الجنسـي أو على األقـل‬
‫على عـدم إمكانيـة القيـام باالتصـال الجنسـي بصـورة عاديـة ومرضيـة وقـد تغـزز ذلك التصريـح بعـدة‬
‫قرائـن في وقائـع القـرار مـن بينهـا تصريحـات الزوجـة ومـا سبـق ألن إستهـدف لـه الـزوج مـن تطليـق‬
‫للضـرر مـن لـدن زوجـة أولى اشتكت كذلك مـن عجـزه الجنسـي(‪.)1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫كمـا أن المحكمـة حتى وإن قبلت مطلب الخصـوم في خصـوص االختبـار أو أذنت هي بـه‬
‫مـن تلقـاء نفسهـا ‪ ،‬فرأي الخبيـر اليقيـد المحكمـة ويبقـى لهـا الحـق فـي رده إذا ماعللت سبب الـرد‬
‫تعليـال ضافيـا (‪. )2‬هـذا باإلضافـة إلى أن الشخـص ‪ ،‬قـد يرفـض الخضـوع للفحـص الطبي ‪ ،‬وال تملك‬
‫(‪)3‬‬
‫المحكمـة إجبـاره على ذلك‪ ،‬أو القضـاء ضـده على أسـاس االقـرار الضمنـي بالعجـز الجنسـي‬
‫‪.‬الوجـود لقاعـدة قانـونيـة تفـرض على الشخـص أن يعـرض نفسـه على طبيب‪ ،‬واليمكـن مبدئيـا‬
‫استنتـاج وجود عجـز جنسي من مجرد رفض ذلك الشخـص عـرض نفسـه على الطبيب ‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬قـرار إستئنـافي مدني عـدد ‪ 1313‬مـؤرخ فـي ‪ 33‬مـاي ‪1773‬‬
‫(‪-)2‬قـرار تعقييبي مـدني عـدد ‪ 1539‬مـؤرخ في ‪ 23‬أفريـل ‪ 1792‬نشريـة محكمـة التعقيب ‪ 1793‬ج ا‬
‫(‪-)3‬قـرر إستئنـافي مدني عـدد ‪ 1313‬مـؤرخ فـي ‪ 33‬مـاي ‪ 1773‬ص ‪ 339‬مـع تعليق االستـاذ سـاسي بـن حليمـة‬
‫وأمـا على المستـوى الموضـوعي ‪ ،‬فإنـه وإن تسنى للطبيب الجـزم بسالمـة الشخـص الجنسيـة ‪ ،‬فإن‬
‫األمـر في خصـوص العجـز الجنسي يبـدو صعبا وقـد اليكـون ممكنـا‪.‬‬
‫فقـد يكـون العجـز الجنسـي المصـاب بـه الشخـص غيـر ناتـج عـن أسبـاب فيزيولوجيـة‬
‫أوبيولوجيـة بـل عـن أسبـاب نفسانيـة كأن يكـون الرجـل غير قادر مـع مـرأة معينـة أومـع نـوع معيـن مـن‬
‫النسـاء أو االنـاث بصـورة عامـة فقـد يكشف الطبي على أن الشخص قـادر مبدئيـا على اإلنعاص لكـن‬
‫دون أن يفيد ذلك بأنه غير عاجز جنسيا مع زوجتـه وقد تتعـدد األسباب ذلك أن العجز الجنسي‬
‫النسبي والمحـدود ناتـجعن إنطفاء الجـذوة الجنسيـة مـن جـراء مـرور مـدة زمنيـة على الـزواج وعـدم قـدرة‬
‫الزوجيـن على تغذيـة تلك الجـذوة (‪ . )1‬ومـن الممكن أن يأتي العجـز مـن نفـرة الزوجـة إمـا لسب‬
‫بيولوجي أوبـدني‪ ،‬كأن تكـون مصابـة برئحـة كريهـة في فمهـا أو فرجهـا أو لسب نفسـاني كـأن تكـون‬
‫شرسـة األخـالق أوغيـر مرهفـة الشعـور ‪.‬‬
‫وفي مثـل هـذه الصـورة يصبـح مـن الصعب تقريـر وجـود العجـز واليمكنـه بطبيعـة األمـر أن يؤكـد وجـود‬
‫مـادام غيـر محقـق منـه ‪.‬‬
‫فهـل أن القضـاء هنـا في وسعـه أن يأذن بالعـرض على الفحـص النفسـاني ؟‬
‫كانت لفقـه القضـاء مناسبـة ‪ ،‬ليقـول فيهـا كلمتـه ‪ ،‬عنـدما تمسكت إحـدى الزوجـات ‪ ،‬بأن عجـز‬
‫زوجهـا الجنسي قـد يكـون مـرده أمـر نفساني بحث ‪.‬ولكـن المحكمـة وشعـورا منهـا بالضـرر الـذي‬
‫لحـق الزوجـة ‪ ،‬لـم تـرى بـدا مـن مناقشـة هـذا السنـد مادامـت ستقضي لصالـح الدعـوى ‪.‬‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وتـرى األستـاذة سـارة قمـارة (‪ )2‬أنـه مـن الممكـن علميـا ‪ ،‬االستعانـة بالطب النفسـي فـي إطـار‬
‫إثبـات العجـز أو الفتور الجنسي لدى الرجل ‪ ،‬خصوصا لجديـة المسألة‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬قـرار إستئنـافي مدني عـدد‪ 1313‬مـؤرخ في ‪33‬مـاي ‪1773‬مـع تعليـق االستـاذ ساسي بـن حليمـة ص‪335‬‬
‫(‪ -)2‬عذريـة الزوجـة ‪ :‬مذكـرة المرحلـة الثالثـة مـن الدراسـات المعمقـة ‪ :‬كليـة الحقـوق والعلـوم اإلجتماعيـة تونـس سـارة قمـارة ‪ .‬ص‬
‫‪133‬‬
‫سـواء في إطـارفهـم العالقـة الزوجيـة أوفي إطـار اثبـات أو نفي النسب على كـل ‪ ،‬فسـواء ‪ ،‬كـان‬
‫االختيـار الطبي ‪ ،‬إطـاره طب عضـوي أوطب نفسـاني فهـو يبقي نسبيا‪ .‬وتختلف نتائجه بإختـالف‬
‫األشخـاص والظـروف والمعطيـات الماديـة لكـل حالـة ‪.‬‬
‫وإن كنـا قـد أفردنـا العجـز الجنسي مـن خـالل إثبـات وجـوده مـن عدمـه بالتحليـل فذلك راجـع‬
‫مـن جهـة إلى صعوبـة إثباتـه كمـا أسلفنـا الذكـر ‪ ،‬ومـن جهـة ثانيـة ألنـه يعـد وحسب التقسيـم الـذي‬
‫وضحـه فقـه القضـاء مـن األمـراض المانعـة مـن االتصـل الجنـسي أو الحائلـة دونـه وهي مـن أهـم تلك‬
‫األمـراض ‪.‬إضافـة إلى أن اإلختبـار في ماعـداه ممكـن كذلك أي بخصـوص األمـراض األخـرى‬
‫المعديـة‪ ،‬وتنطبـق عليـه جميـع إجـراءات اإلختبـار الطبي المجـراة على العاجـز جنسيـا ‪ .‬مـع اإلشـارة‬
‫إلى نجاعـة اإلختيـار في خصـوص األمـراض المعديـة مـن حيث محتـواه ومـن حيث األخـد بـه مـن قبـل‬
‫المحاكـم ‪.‬‬
‫ومهمـا يكـن مـن أمـر ‪ ،‬فإنـه متى ثبت الضـرر وتـم التطليـق على أساسـه "فمبدئيـا "ال يستحـق الطـرف‬
‫المتضـرر تعويضـا عـن مضرتـه‪ .‬قلنـا قلنـا مبدئيـا ألن المحاكـم تناقضت في خصـوص التعويـض ‪.‬‬
‫المبحث الثانـي ‪ :‬موقـف فقـه القضـاء فـي خصـوص التعويـض ‪:‬‬
‫لـم يكـن فقـه القضـاء التونسي ‪ ،‬يقضي بالتعويـض عنـد إيقـاع الطـالق للضـرر وإنشـاءه‪ .‬فضـال‬
‫عـلى أن حرفيـة النـص (‪ )1‬لـم تكن لتمكنـه مـن ذلك ‪ ،‬كـان فقـه القضـاء يعتتبـر أن حكـم الطـالق كاف‬
‫لوحـده لرفـع المضـرة عـن القريـن‪.‬ولكـن تدخـل المشـرع بمقتضى القانـون المـؤرخ في ‪1711/11/11‬‬
‫ونقـح الفصـل ‪ 31‬شخصي الـذي أصبـح ينـص على أنـه "يقضي لمـن تضـرر مـن الزوجيـن" بتعويـض‬
‫عـن الضـرر المـادي والمعنـوي الناجـم عـن الطـالق في الحالتيـن المبينتيـن بالفقـرتين الثانيـة والثالثـة (‪.)2‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪-)1‬الفصل ‪ 31‬شخصي قديـم إكتفي بذكـر صـور الطـالق ‪ ،‬دون اإلشـارة إلى إستحقـاق التعويـض ‪.‬‬
‫(‪-)2‬الفصل ‪ 31‬جديـد مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة ‪.‬‬
‫لـذا وخصوصـا والنـص يـأذن ويدعـو صراحـة إلى تعويض الضـرر ‪ ،‬بات مـن المتوقـع أن تقضي‬
‫المحاكـم آليـا بالغرامـة كلمـا إتجـه عندهـا الحكـم بالطـالق للضـرر ‪ .‬فبقطـع النظـر عـن حالتي الطـالق‬
‫للضـرر المشترك (‪ )1‬أو لغيبة الزوج(‪ )2‬أصبـح مـن البديهـي القضـاء بالتعويـض كلمـا ‪ ،‬ثبت أن ضـرر‬
‫الحـق القريـن فإذا ثبت تضـرر الزوجـة أو الـزوج مـن مـرض قرينـه وحكـم لـه بالطـالق لتضـرر مـن مـرض‬
‫قرينـة فإنـه مـن طبيعـة حكـم أن يقضـي بتعويـض هـذه المضـرة التي لحقت بالقريـن بـل إن عـدم إعتبـار‬
‫العجـز الجنسي مثـال مرضـا يبـاح بسبـه طلب التعويـض رأت فيـه محكمـة التعقيب إسـاءة في تطبيـق‬
‫القانـون (‪ )3‬غيـر أن محكمـة اإلستئنـاف بسوسـة إعتبـرت "أن ثبـوت الضـرر وإن كـان يـؤدي حتمـا إلى‬
‫ضـرورة الحكـم بالطـالق ‪ ،‬فـإن األمـر على خـالف ذلك بالنسبـة للتعويـض (‪. )3‬‬
‫ولقـد واصلت مفيـدة أنـه "اليحكـم بالتعويـض إال إذا توافـرت شروطـه وعنـاصره الواجب الرجـوع في‬
‫شأنهـا إلى قواعـد القانـون العامـة"‪.‬‬
‫فقضـاة األصـل لـم يرفضـوا إعتبـاطا ‪ ،‬القضـاء بالتعويـض بـل على أسـاس أنـه ‪" :‬ليـس أمـرحتمي‬
‫بمجـرد ثبـوت الضـرر بل يرتبط أساسـا بالسلوك المخطئ للقريـن ‪ ،‬وما دام لم تثبـت أن المطـالب‬
‫بالتعـويض تسبب في الضـرر خطأ أو عمـدا فال يسأل عن دفعـه ‪ ،‬تطبيقـا ألحكـام الفصليـن ‪ 12‬و ‪13‬‬
‫مدني " محـاولة بذلك إيجـاد أسـاس قـانوني إلستحقـاق التعويـض النـاجم عن الطـالق للضـرر ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬حكـم إستئنـافي عـدد ‪ 93923‬مـؤرخ فـي‪ 1719/11/12‬غيـر منشـور ‪،‬أنظـر الملحـق‬


‫(‪-)2‬الفصـل ‪ 31‬شخصي‬
‫(‪-)3‬تعقيب مدني عـدد‪ 1215‬مـؤرخ في ‪1711/11/11‬مذكـور‬
‫(‪-)3‬إسئنـافي مدني عـدد ‪ 1131‬مـؤرخ في ‪ 1773/1/29‬مذكـور‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لذا ستقـع في مرحلة أولى دراسـة الحلـول التطبيقيـة المتعلقـة بالتعـويض (أوال) وفي مرحلة ثـانيـة‬
‫سيقـع البحـث في الحلـول النظـرية في خصـوص إسنـاد التعويـض (ثانيـا) ‪.‬‬
‫‪-1‬الحلـول التطبيقيـة المتعلقـة بالتعـويـض ‪:‬‬
‫إن هـذه الحلـول التطبيقيـة متنـوعـة وهـذا التنوع يعـد تعبيـرا عن إختـالف الحلـول النظريـة في‬
‫هـذه المسألـة ففي حيـن يرى مسانـد والنظـرية الحديثـة أن مجرد الضـرر يـوجب الحكـم بالطـالق لكن‬
‫بدون تعويـض ‪ ،‬في حين أن الضـرر الناشئ عن خطإ يوجـب إضـافة إلى الحكـم بالطـالق القـضاء‬
‫بتعويـض للمتضرر (‪ ،)1‬يؤدي التوجـه الذي ذهـب إليـه مؤيـدوالنظريـة التقليـدية إلى عـدم القضـاء‬
‫بالطـالق للضـرر إال بإثبـات خطإ أو تقصيـر عمـدي من طرف المدعي عليـه وبالتـالي فإنـه ال يتـم‬
‫التعويـض إال في هـذه الحـالة فحسب (‪. )2‬‬
‫فقـد إعتبرت محكمـة اإلستئنـاف بسوسـة أن الفصـل ‪ 31‬شخصي وإن كـان يدعـو للقضـاء‬
‫بتعويض الضـرر ‪ ،‬إال أن ذلك التعويـض ليس آليـا وحتميـا بمجـرد القضـاء بالطـالق فالتعـويض يفترض‬
‫‪ ،‬للنظـر في استحقـاقه ‪ ،‬الرجـوع إلى القـواعـد العامـة للمجلـة المدنيـة ‪ ،‬أي يجب أن تتـوفر عنـاصره من‬
‫ثبـوت للخطأ وللضرر ‪ ،‬وللعـالقـة السببيـة بينهمـا ‪.‬‬
‫وعمـال بأحكـام الفصـول ‪ 12‬و ‪ 139 ، 13‬مدني‪ ،‬اعتبـرت محكمـة اإلستئنـاف أن مسؤوليـة‬
‫الزوج تجـاه زوجتـه هـي مسؤوليـة تقصيريـة يفترض فيهـا ‪ ،‬ثبـوت حصـول ضـرر جسيـم للزوجـة ‪ ،‬تسبب‬
‫فيـه الخطأ أو التقصيـر المتعمـد أو غيـر المتعمـد من جـانب القريـن وقيام عـالقة سببيـة أكيدة بين‬
‫هـذيـن العنصريـن ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ -)1‬رضـا األجهـوري ‪ ،‬مرجـع سابق الذكـر ص ‪. 12‬‬


‫(‪-)2‬ساسي بن حليمـة ‪ ،‬تعليـق على قرار عـدد ‪ 1131‬بتاريخ ‪ 29‬جوان ‪ 1773‬مرجـع سابق الذكـر ص ‪133‬‬

‫من ذلك أن محكمـة االستئنـاف ولما ثبت لها أن الزوجـة لم تنسب سلـوكا مخطئأ للقريـن ‪( ،‬وبمـا أن‬
‫الخطأ في إطار المسؤوليـة التقصيـريـة غيـر مفترض ‪ ،‬بل على من تمسـك به إثباتـه قضت بعـدم سمـاع‬
‫دعـوى الزوجـة بالنسبـة للفـرع المتعلـق بتعويـض الضـرر ‪ ،‬بل وأكـدت أن القضـاء ضـد الزوجـة بتعويـض‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الضـرر الذي لحـق زوجتـه بسبب العجـز الجنسي الذي هـو حالة خـارجـة عن إرادتـه وال شأن له فيهـا ‪،‬‬
‫يؤدي إلى إلزامـه بدفـع ثمـن " مصاب جلل " لزوجتـه ‪ ،‬فضـال على أنـه أمر ال أخـالقي ‪ ،‬ألنـه يقـر مبدأ‬
‫إلتزام شخصي بتعـويض غير ضـرر عن مسؤول عنـه ‪.‬‬
‫كمـا صـدر بتـاريخ ‪ 1793/35/22‬تحـت عـدد ‪ 1123‬قرار تعقيبي تضمـن " على المحكمـة عنـد‬
‫الحكـم في غرامـة الطـالق المنصـوص عليـها بالفصـل ‪ 31‬م أ ش أن تبرز عنـاصر المضـرة طبق مـا‬
‫تقتضيـه أحكـام الفصـل ‪ 12‬من م ا ع وما بعده "من هـذا المنطلق قد يبدو منطقيـا أن نعتبـر أن الزوج‬
‫مـالم يرتكـب خطأ يؤاخـذ عليـه لمجـرد مرضـه ‪ ،‬غير مسؤول عـن الضـرر الذي لحـق قرينـه‪ ،‬ففضـال عن‬
‫تمـاشيـه مع مبـادئ العـدل واألنصـاف ‪ ،‬يحترم هذا الموقـف المبادئ القانونيـة التي تعتبر أن المسؤوليـة‬
‫الشخصيـة ال تتـوفر إال بتوفـر الخطـأ(‪ . )1‬غير أنـه من جهـة أخرى قد يؤدي إلى ذبذبـة على مستـوى‬
‫المبادئ القـانونية‪ .‬ذلك أنـه لو إكتفـت محكمـةاالستئنـاف بسـوسة بثبـوت الضـرر‪ ،‬وأقـرت صراحـة أنـه‬
‫وإن كان الزوج لم يرتكـب خطأا أو تقصيـرا ‪ ،‬فرغـما عـن ذلك فالزوجـة محقـة لطلـب الطـالق للضـرر ‪،‬‬
‫مادامت مضرتهـا ثابتـة ببقـائهـا عذراء رغمـا عن المضي مـدة عن الدخـول بهـا لعتبرنـاها قد أخـذت‬
‫بالنضريـة الحديثـة التي تفصـل بين الضرر والخطأ ‪" ،‬فتكـون الزوجـة المطلقـة لعجـز زوجهـا الجنسي ال‬
‫تستحـق العـزم ‪ ،‬إال إذا أعتبر الزوج مخطئا قصـدا " (‪.)2‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬ساسي بن حليمـة ‪ ،‬تعليق على قرار استئنـافي مدني عـدد ‪ 1313‬مذكور ص ‪ ( 319‬بتصرف )‬
‫(‪-)2‬األستاذ الحبيب الشريف تعليق على قرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 11215‬مذكور ص ‪. 12‬‬

‫ولكن محكمـة االستئنـاف تحدثـت عن مسؤولية الزوج فيما لحق الزوجة من ضرر ‪ ،‬واعتبرتـه‬
‫المسؤول الوحيـد عن إتمـام الواجـب المحمـول عليـه ( في هـذه القضيـة واجب إختصـاص بكـارة‬
‫زوجتـه ) وبالتـالي مخـال بأحكـام الفصـل ‪ 23‬شخصي مـا دام هـذا الواجـب يدخـل في نطـاق واجبـاتـه‬
‫الزوجيـة العـامة والمقصـودة مباشرة بما هـو مذكـور من الفصـل ‪ 23‬من م أ ش (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫فهي بهـذا وإن لم تشـر وتأكد صراحـة على خطأ منسـوب للزوج ‪ ،‬أفادت ضمنيـا وأنهـا تدين بالنظريـة‬
‫التقليـدية المؤسسـة على الخطأ‪ .‬وإن كـان كذلك ‪ ،‬فبات من الحتـمي أن تقضي بالغرم إضـافة إلى‬
‫الحكـم بالطـالق بالضـرر ‪ ،‬فما دام الزوج مخطأ‪ ،‬فمن البديهي أن يتحمـل تبعـات خطئـه ‪.‬‬
‫ولكن المحكمـة جعلـت في اآلن ذاتـه من الزوج مسؤوال ومخـال بأحكـام الفصـل ‪ 23‬شخصي‬
‫‪ ،‬ممـا إتجـه تطليقـه للضـرر " وضحيـة " لمصـاب وأمـر خـارج عن إرادتـه ‪ ،‬ليس من العـدل واإلنصـاف‬
‫أن تحملـه تبعـاته !! ‪.‬‬
‫فمحكمـة االستئنـاف اعتبـرت أن الزوج مسؤوال وغيـر مخطأ في اآلن نفسـه‪ .‬ولكـن وعلى فرض أننـا‬
‫إعتبرنـا بأن المحكمـة تكتفي بثبـوت الضرر إليقـاع الطـالق‪ .‬بينمـا تشترط ثبـوت سلـوك مخطإ للعـاجز‬
‫جنسيـا لتغريمه ‪ ،‬عمال بأحكام الفصل ‪ 12‬و ‪ 13‬مدني ‪ ،‬فهل أن مسؤوليـة الزوج هـي حـقا مسؤوليـة‬
‫تقصيـرية ؟‬
‫إن إقحـام المسؤوليـة التقصيريـة في القضـاء بمقتـضى المسؤوليـة التعـاقدية هـو تحليـل ال‬
‫يستسـاغ رغم أن هـذين النوعين من المسؤوليـة المدنيـة يتحـدان في األركـان إال أن كل منهمـا ولقيـام‬
‫المسؤوليـة ال بد من تـوفر الخطأ والضرر والعـالقـة السببيـة بينهمـا ‪ ،‬إال أن المسؤوليتيـن يفترقـان خـاصة‬
‫على مستوى اإلثبات والطبيعـة القـانونية ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)3‬حيثيات الحكم االستئنافي ‪.‬‬

‫وهـو إقحـام أدى بمحكمـة التعقيب في قرارهـا عـدد ‪ ، 1123‬إلى إعتبار وأنه عنـد الحكـم في غرامـة‬
‫الطالق وفي الغـرامـة الناجمـة عن فسـخ عقـد الزواج طبق الفصـل ‪ 31‬من مجلـة م أ ش أنـه يجـب إبراز‬
‫المضرة الناجمـة عن خطأ تقصيـري طبق ما يقتضيـه الفصـل ‪ 113‬من م أ ع ومـا بعده ‪.‬‬
‫وقد أكدت هـذا اإلتجـاه محكمـة االستئنـاف بسـوسة لمـا إشترطـت الحكـم بالتعويض عـن‬
‫ضرر الطـالق أن يكـون المطـالب باألداء قد إرتكـب جنحـة أو شبـه جنحـة على معـنى الفصـل ‪ 12‬من‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫المجـلة المدنيـة ‪ .‬وقد فسـرت محكمـة االستئنـاف هـذا الموقـف بكونـه إذا قضى بتعويـض ضـرر غير‬
‫نـاتج عن تقصيـر متعمـد أو غير متعمـد فإن ذلك يؤدي إلى إلزام المصـاب من الزوجيـن بمرض خـارج‬
‫عن إرادتـه إلى دفع ثمـن مصيبتـه لزوجـه المتمسـك بحقـه في طلب الطـالق ‪.‬‬
‫ويرى األستـاذ ساسي بن حليمـة أنـه من النـاحيـة القانـونية ال مـانع من إشتراط الخطأ العقدي‬
‫في جـانب المطـالب بالتعويض عوضا عـن الخطإ التقصيـري ‪ ،‬ففي تعليقـه على القـرار االستئنـافي‬
‫المذكـور يرى األستـاذ ‪:‬‬
‫"أنه إذا كـان ذلك موقف المحكمـة فإننـا نظن أنـه من الممكـن مجـاراتهـا فيه فاألمر ال يتعلـق ال‬
‫بجنحـة مدنيـة وال بشبههـا بل يتعلـق بصفـة ‪ ،‬وبذلـك يتجـه الحديث عن مسؤويـة تعاقدية رغـم إتحـاد‬
‫المسؤوليتيـن في األركـان ‪ ،‬والفرق يتعلـق خـاصة باإلثبـات إن الخطأ في المسؤوليـة العقديـة يكـون‬
‫مفتـرضا‪ ،‬إذا كـان اإللتزام الواقـع اإلخـالل به إلتزاما بنتيجـة‪ ،‬ويصبـح المطـالب باألداء للتقـصي من‬
‫المسؤوليـة‪ ،‬مطالب بإثبات حصول قـوة قاهـرة أو خطأ من الطرف اآلخـر ‪ .‬ولقـد أدبي األمر بالمحكـة‬
‫من جراء ذلك‪ ،‬إلى اإللتجـاء إلى إطار قانـوني مخطئ لتحليل مسؤوليـة الزوج فاعتبرتهـا تقصيريـة حـال‬
‫أنهـا تعـاقدية " ‪.‬‬
‫فمحكمـة االستئنـاف لم تأخـذ بالنظـرية القـائلـة بكفايـة ثبوت الضرر للقضـاء بالطـالق عنـد‬
‫تمسك الزوجة بعجـز زوجهـا الجنسي وبالتالي بتعويـض المضرة ‪ ،‬رغمـا على أن البعـض يرى أن هـذا‬
‫هـو موقف فقه القضـاء التونسي كلما طرحـت مشكلـة العجز الجنسي للزوج وبقـاء الزوجـة عذراء رغـم‬
‫مرور مدة عـن الدخـول بهـا‪ .‬كمـا أنهـا لم تشر صراحـة إلى ضرورة تأسيـس الطـالق للضرر على الخطأ‪.‬‬
‫وبالتالي يكون السلوك المخطئ للقريـن هو المتسبـب في الضرر بما يجعـل المدعي عليـه مطالبـا‬
‫بالتعويض ‪ ،‬بل إن محكمـة االستئنـاف أرادت أن تعتبـر كفايـة الضـرر للقضـاء بالطـالق وضرورة تـوفر‬
‫الخطأ للقضـاء بالتعويض ‪ ،‬وهو تضاربـت سبق لمحكمـة االستئنـاف بتـونس (‪ )1‬أن وقعـت فيه ولقـد‬
‫حرصـت على إجتنـاب ما وصلت إليه محكمـة االستئنـاف بسوسة (‪ )2‬فاستنبطـت نوعـا جديدا من‬
‫الطـالق إستوحتـه من القـانون الفرنسي (‪ )3‬وهـو الطـالق إلستحـالة إستمرار الحيـاة الزوجيـة (‪ . )3‬لكن‬
‫محكمـة التعقيب نقحت قرار محكمـة االستئنـاف وإعتبرت أن هـذا الموقف يتنـافى مع أحكـام‬
‫الفصل ‪ 31‬وأنه كان على محكمـة االستئنـاف أن تتحقق من وجـود الضرر المدعي به وتعتمـده في‬
‫حكمهـا‪ ،‬أو تفند وجوده وتقضي بعدـم سمـاع الدعـوى ‪ .‬وأن هـذه المحكمـة لما اعتبرت العجز‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الجنسي سببا يحـول دون استمرار العالقـة الزوجيـة ولم تعتبره ضــررا يبيح طلب التعويـض تكـون قد‬
‫أسائت تطبيق القانـون (‪. )3‬‬
‫‪- 2‬الحلـول النظريـة المتعلقـة بالتعـويض ‪:‬‬
‫يرى األستـاذ الحبيب الغربي أنـه بإمكـان فقه القضـاء االعتمـاد على الرأي القـائل بالتمييز بين‬
‫أساس الطـالق وأثر الطالق (‪ . )5‬وأنـه بالنسبـة ألساس الطـالق ليس من الضروري أن يقترن الضـرر‬
‫بالخطأ إذ يكفي أن يتوفـر عنصـر الضـرر لتقضي المحكمـة بالطـالق بقطـع النظـر عن توفر عنصـر‬
‫الخطأ مـن عدمـه ‪."...‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬حكم استئنافي مدني عدد ‪ 11391‬مؤرخ في ‪ 12‬جوان ‪ 1711‬غير منشور ‪ ،‬أنظر القرار التعقيبي المدني عدد‬
‫‪ 11215‬مذكور ‪.‬‬
‫(‪ -)2‬الحكم االستئنافي عدد ‪ 1131‬مذكور ‪.‬‬
‫(‪-)3‬الفصل ‪ 227‬مدني ( جديد ) المنقح بمقتضى القانون المؤرخ في ‪. 1795/39/11‬‬
‫(‪-)3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 11215‬صادر بتاريخ ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1711‬مرجع سابق الذكر ‪.‬‬
‫(‪-)5‬الحبيب الغربي مرجـع سـابق الذكـر ص ‪.27‬‬

‫ذلك أن قانـون ‪ 11‬فيفـري ‪ 1711‬يحمـل في طياتـه بـذور نظريـة االكتفـاء بمجـرد حصـول الضـرر‪ ،‬وأن‬
‫الفصـل ‪ 31‬مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة لـم يشتـرط صراحـة فـي تحريـره الجديـد وجـوب تأسيـس‬
‫الضـرر على الخطـأ لورود عبـارة الضـرر في صيغـة عـامة ومطلقـة "‪ .‬في حين أنـه بالنسبـة ألثـر الطـالق‬
‫أي مـا تقضـى بـه المحكمـة مـن تعويـض فـإنه علي القضـاء أن يفرق بيـن الضـرر المجـرد الـذي يوجب‬
‫في بعـض الحـاالت الحكـم بالطـالق بدون تغريـم‪ ،‬وبيـن الضـرر الناتـج عـن خطـأ القريـن فأنـه يمكـن‬
‫المتضـرر مـن الحصـول على الطـالق مـع التعويـض وذلك طبقـا للفقـرة األخيـرة مـن الفصـل ‪ 31‬مـن‬
‫مجلـة األحـوال الشخصيـة"‪ .‬لكـن على ما يبـدو عليـه هـذا الرأي مـن تماسك إذ أنـه يـرى أن المشـروع‬
‫قـد تبنى نظريـة"الطـالق جـزاء" مـن خـالل تنقيحـه للفصـل ‪ 31‬مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة وذلك‬
‫بنـاء على األعمـال التحضيريـة المتعلقـة بتنقيـح ذلك الفصـل بمقتضى قانـون ‪ 11‬فيفـري ‪ 1711‬غيـر أن‬
‫هـذه األعمـال التحضيريـة التحتـوي على أي دليـل يؤكـد نيـة المشـرع في تبني نظريـة اإلكتفـاء بمجـرد‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫حصـول الضـرر فغايـة مـا في األمـر هـو أن المشـرع أراد مـن خـالل الصياغـة العامـة لعبـارة الضـرر فتـح‬
‫بـاب اإلجتهـاد للقضـاء التونسـي الـذي يتكفـل بتحديـد وتقديـر األضـرارالموجبـة للطالق حسب‬
‫مالبسـات و وقـائع كل حالـة (‪. )1‬‬
‫وربمـا يرجـع هـذا الموقف إلى اإلحسـاس بـان كـال النظرتييـن الحديثـة والتقليديـة التمكـن مـن‬
‫إنصـاف الزوجيـن (‪.)2‬‬
‫فالنظريـة الحديثـة ورغـم شمولهـا تفتـح ثغـرة كبيـرة في بنـاء األسـرة بحيث يستشف منهـا وكأن‬
‫المشـرع يشجـع على اللجـوء إلى الطـالق ممـا يهدد األسـرة بالتصدع (‪. )3‬‬
‫ـــــــــ‬

‫(‪ -)1‬الحبيب الغربي مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 9‬‬


‫(‪-)2‬سـاسي بن حليمـة تعليق على قرار عدد ‪ 1131‬بتاريخ ‪ 29‬جـوان ‪1773‬مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 115‬‬
‫(‪-)3‬رضـا األجهـوري مرجـع سـابق الذكـر ص ‪. 33‬‬
‫كمـا‪ .‬أن النظريـة التقليديـة التنصف الـزوج المتضـرر الـذي يوصـد في وجهـه بـاب الطـالق لعـدم قدرتـه‬
‫على إثبـات سلـوك مخطـأ في جانب قرينتـه ‪.‬‬
‫والـوضح في هـذا القـرار أن محكمـة التعقيب قـد تثبت مـن جهـة نظريـة "الطـالق عـالج"‬
‫وذلك بإقرارهـا أنـه ‪ ،‬يجب التثبت مـن وجـود الضـرر للحكـم بالطـالق ومـن جهـة أخـرى ‪ ،‬حـالفت‬
‫محكمـة التعقيب النظريـة الحديثـة التي تشتـرط للقضـاء بالتعويـض أن يكـون هـذا الضـرر ناجـم عـن‬
‫خطـأ تسبب فيـه الـزوج المـدعي عليـه ‪ .‬إذ اليوجـد صلب القـرار مـا يـدل على أن محكمـة التعقيب‬
‫إستنـدت على السلـوك المخطئ للـزوج العاجـز جنسيـا لتقضـي بالتعويـض ‪ .‬وقـد إعتبـر األستـاذ محمـد‬
‫الشـريف أن محكمـة التعقيب إعتمـدت النظريـة التقليديـة لمـا رأت الحكـم بالغرامـة لفائـدة الزوجـة‬
‫واجب(‪ . )1‬ولكـن ماذهبت إليـه محكمـة التعقيب اليمكـن إعتبـاره تبنيـا لمـا جـاءت بـه النظريـة‬
‫التقليديـة ‪ ،‬نظـرا إلى أن هـذه النظريـة تربـط بيـن الخطـأ والضـرر ‪ ،‬فـال يمكـن وفقهـا إيقـاع الطـالق بنـاء‬
‫على الفقـرة الثانيـة مـن الفصـل ‪ ،‬إال بوجـود خطـأ في جانب الـزوج المدعى عليـه واليتـم التعويـض إال‬
‫في هـذه الحالـة فحسب ‪.‬‬
‫ويمكـن في الختـام تبريـر مـوقف محكمـة اإلستئنـاف في قرارهـا المنقـوض مـن قبـل محكمـة‬
‫التعقيب ‪ ،‬بسعي محكمـة اإلستئنـاف بأن تجعـل مـن "إستحالـة إستمـرار الحيـاة الزوجيـة" أساسـا‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫جـديدا يحكـم قضـايا الطـالق للضـرر ‪ ،‬التي ال يمكـن فيهـا نسبـة سلوك مخطـئ للقريـن ‪ ،‬كإصابتـه‬
‫بمرض أو بحـادث مـرور تسبـب له في سقـوط مزمـن ‪ ،‬أو في صـورة إذا مـا كـان أحـد الزوجيـن عـاقرا ‪،‬‬
‫أو عـاجزا جنسيـا ‪ ،‬وأن تجعـل كذلك عـدم أحقيـة القريـن في التعويض عن الضـرر (‪. )2‬‬
‫أمام هـذا اإلشكـال ‪ ،‬حـاول الفقـه إيجـاد حلـول بديلـة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬محمـد الحبيب الشريف تعليـق على قرار عدد ‪ 11215‬بتاريخ ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1711‬مرجـع سابق الذكر ص ‪. 12‬‬
‫(‪-)2‬عذرية الزوجة مرجع سابق الذكر ص ‪. 111‬‬
‫ويقتـرح األستاذ ساسي بن حليمـة أن يقـع اإللتجـاء إلى الطالق على أساس الفقرة الثالثـة من‬
‫الفصل ‪ 31‬من مجلـة األحوال الشخصيـة ‪ ،‬مع بيان أن طلب الطـالق الذي تقـدم به أحـد الزوجين لم‬
‫يكن مبنيـا على تعسـف ‪ ،‬بل على حالـة أصبح منهـا هـو متضرر ‪ ،‬وصيرت الحيـاة الزوجيـة أمرا‬
‫مستحيـال ‪ .‬وفي هـذه الحـالة تأخـذ المحـاكم هذا الدفع في تقديرهـا للغرامـات التي قد يطالب بهـا‬
‫المدعي عليـه إما لعدم الحكـم بها مطلقـا أو الحكم بمبالغ تأخـذ بعيـن اإلعتبـار الدوافع التي أدت‬
‫بالمدعي إلى اإللتجـاء للطـالق (‪.)1‬‬
‫لكن مع ذلك يقـر األستـاذ الساسي بن حليمـة أن هـذه الصورة تبدو غريبـة بالنسبـة لمن يقرأ‬
‫الفصـل ‪ . 31‬إذ أن الطـالق للضـرر ‪ ،‬والطـالق على أسـاس الفقرة الثالثـة همـا صورتـان مرتبطتـان بصفـة‬
‫ويقتتـرح األستاذ سـاسي بن حليمـة حـال ثانيـا يتمثـل‬ ‫ال شعورية بإمكـانية تعويـض الضـرر (‪. )2‬‬
‫في ‪ ،‬تمكيـن المتضرر من الزوجيـن من أن يضـع حـدا للعـالقـة الزوجيـة ‪ ،‬وذلك دون أن يكـون مطالب‬
‫بإثبات السلوك المخطأ من طرف القريـن ‪ ،‬ودون أن يمكـنه مطالبـة قرينـه بتعويض عن مضرتـه ‪.‬‬
‫ويقـر األستاذ ساسي بن حليمـة أن هـذا النوع من الطـالق للضـرر اليتجسـم مـع تصـوره‬
‫للطـالق للضـرر ‪ ،‬الـذي يجب أن يكـون مؤسـسـا على سلـوك مخطـأ للقريـن ‪ .‬ولكـن ذلك مـن شـأنـه‬
‫أن يفتـح بابـا جديـدا في التأويـل القضـائي لميـدان الفقــرة الثانيـة مـن الفصـل ‪ 31‬مـن مجلـة األحـوال‬
‫الشخصيـة فتصبـح تشمـل الطـالق للضـرر المؤسـس على خطـأ الموجب للتعويـض والطـالق للضـرر‬
‫غيـر المؤسـس علـى خطـإوغيـر موجب للتعويـض إذ أن المشـرع لـم يشتـرط أن يكـون الضـرر ناتجـا عـن‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫سلـوك مخطئ للقريـن (‪ )3‬ولكـن وباإلضافـة إلى مـا أقـره األستـاذ سـاسي بـن حليمـة مـن أن هــذا التوج ـه‬
‫يتعـارض مـع النظريـة التي‬

‫ـــــــــ‬
‫‪-1‬سـاسي بن حليمـة ‪:‬تعليق على قرار عدد ‪ 1131‬بتاريـخ ‪ 29‬جـون ‪ 1773‬مرجـع سابـق الذكـر ص ‪115‬‬
‫‪-2‬سـاسي بن حليمـة ‪:‬تعليق على قرار عدد ‪ 1131‬بتاريـخ ‪ 29‬جـون ‪ 1773‬مرجـع سابـق الذكـر ص ‪111‬‬
‫‪-3‬سـاسي بـن حليمـة ‪:‬تعليـق علىقرار عـدد ‪ 1131‬قـرار بتاريـخ ‪ 29‬جـون ‪ 1773‬مرجـع سابـق الذكـر ص ‪. 119‬‬
‫يتبناهـا وهـي النظريـة التي توجب وجـود سلـوك مخطـأمـن القريـن للقضـاء بالطـالق وبالتعويـض ‪،‬أال‬
‫يمكـن إعتبـار هـذا التوجـه تبينـا لنظريـة "الطـالق عـالج" الـذي يفـرق بيـن الطـالق للضـرر المؤسـس على‬
‫الخطـأ والموجب للتعويـض والطـالق للضـرر غيـر المؤسـس على خطـإ والغيـر موجب للتعويـض ؟‬
‫ثـم إن الفقـرة الرابعـة مـن الفصـل ‪ 31‬مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة التحتـوي على تفريـق بيـن‬
‫‪ ،‬الضـرر الناتـج عـن خطـأ ‪ ،‬والضـرر الغيـر ناتـج عن خطـأ ‪ ،‬للقضـاء بالتعويـض ‪ .‬والفصـل ‪ 533‬م ا ع‬
‫صريـح إذ أنـه ينـص على أنـه إذا "كانت عبـارة القانـون مطلقـة ‪ ،‬جرت على إطالقهـا" كمـا ان الفصـل‬
‫‪ 531‬مـن نفـس المجلـة يحتـم عنـد وجـوب تأويـل القـانون ترجيـح التسييـر على الشـدة ‪ .‬وأن التأويـل‬
‫اليكـون داعيـا لزيـادة تضييـق القـانون ‪ .‬وبالتـال وباإلستنـاد علي هذيـن الفصليـن ‪ ،‬وبمـا أن المشـرع لـم‬
‫يشتـرط أن يكـون هـذا الضـرر المـؤدي للطـالق ناتجـا عـن سلـوك مخطـئ ليقـع إستحقـاق التعويـض ‪،‬‬
‫فال يمكـن بالتـالي التضييـق والشـدةفـي تفسيـر الفقـرة ‪.‬‬
‫وبمـا كانت هـذه اآلراء الفقهيـة ناتجـة عـن رغبـة جامحـة فـي التفريـق بيـن حـاالت يكـون فيهـا‬
‫الضـرر غيـر ناتـج عـن سلـوك مخطـأ ‪ .‬ولكـن إلنصـاف الزوجيـن يقـع التفريـق بينهمـا للحـد مـن الضـرر‬
‫دون تحميـل أحدهمـا مسؤليـة مـا لـم يقترفـه بيديـه ‪ ،‬وحـاالت أخـرى يكـون فيهـا الضـرر ناتـج عـن حطـأ‬
‫فيقـع باإلضافـة إلى إيقـاع الطـالق تحميـل المخطـأ مـن الزوجيـن تبعـات خطئـه ‪ .‬وقـد كـان مـن اليسيـر‬
‫تصـور ذلك لـو كانت الفقـرة الرابعـة مـن الفصـل ‪ 31‬مـن مجلـة األحـوال الشخصيـة تفـرق بيـن الضـرر‬
‫الناتـج عـن خطـأ والضـرر غيـر الناتـج عـن خطـإ ‪.‬‬
‫فالضـرر الـوارد بالفقـرة الرابعـة هـو الضـرر النـاجم عـن الطـالق بصريـح النـص سـواء كـان الطـالق‬
‫بمـوجب الضـرر أو إنشـاء أو برغبـة خـاصة ‪ .‬بحيث يكـون التعويـض عمـا يفقدهـة الطـالب المجبـر‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫على الطـالق بسبب إضـرار قرينـه بـه في صـورة الطـالق للضـرر ‪ .‬لذلك أقـر المشـرع مبـدأ التعويـض إذا‬
‫طلب الطـالق بمـوجب الضـرر ‪ ،‬أو كـان مبينـا على مجـرد إستعمـال الحـق ‪.‬‬
‫غيـر أن ذلك اليعني بالمـرة التوسـع مـن جهـة أخـرى فـي مفهـوم الضـرر ‪ .‬إذ يجب البحث عـن‬
‫كنـه الضـرر الموجب للطـالق ‪ .‬إذ ال يعتـد إال بالضـرر الـذي يصيب طرفـي عقـد الـزواج ‪ ،‬ومـن شأنـه‬
‫أن يستحيـل معـه واصـل الحيـاة األسريـة في منـاخ يساعـد على إستقـرار جميـع أفـراده نفسانيـا وماديـا‬
‫وأدبيـا ‪ ،‬ليعتـد بـه للحكـم على معنى الفقـرة الثانيـة مـن الفصـل ‪( 31‬جديـد) مـن م أ ش سـواء كـان‬
‫ذلك الضـرر ناجمـا عـن خطـأ القريـن أو لـم يكـن لهـذا األخيـر فيـه يـد كالمـرض المعقـد ‪ .‬والعجـز‬
‫الجنسـي ‪ .‬وبذلك فليـس كـل خطـإ ينجـر عنـه ضـرر يكـون بالضـرورة مخـوال لطب الطـالق ‪ .‬فالخطـأ‬
‫العابـر الـذي الينجـر عنـه ضـرر مستديـم اليصلـح أن يكـون سنـد الدعـوى الطـالق فـي الختـام وجب‬
‫اإلشـارة إلى أن التعويـض نوعـان مادي ومعنـوي ‪ .‬ذلك أن الفقـرة ‪ 3‬مـن الفصـل ‪ 31‬م اش نصت على‬
‫أنـه يقضـي لمـن تضـرر مـن الزوجيـن بتعويـض عـن الضـرر المـادي واألدبـي" ‪ .‬على أن تقديـر التعويـض‬
‫يراعـي فيـه وقـع ذلك الضـرر على المضـرور ‪ ،‬ومـدى تأثيـره عليـه ‪ .‬فعناصـر المضـرة تتمثـل خـاصة في‬
‫وقـع الطـالق وأثـره على حيـاة المطلـق مستقبـال سـواء نفسانيـا أو ماديـا ‪ .‬مـع األخـذ بعيـن اإلعتبـار‬
‫حالـة طالب الطـالق أو المتسبب فيـه وحتى األسبـاب التي دفعتـه لطلب الطـالق (‪. )1‬‬
‫بعـد أن تناولنـا بالـدرس وسيلـة الطـالق كحـل قانـوني أول يمكـن اإللتجـاء إليـه لوضـع حـد‬
‫للرابطـة الزوجيـة ‪ ،‬سيقـع التطـرق في إطـار الفـرع الثاني إلى الوسيلـة القانونيـة الثانيـة التي يلتجـأ إليهـا‬
‫الشخـص الـراغب فـي حـل الرابطـة الزوجيـة ‪ ،‬والمتمثلـة في طلب إبطـال عقـد الـزواج لمـرض قرينـة‬
‫السابـق للزواج ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬مقـال الضـرر في دعـوى الطـالق محمـد التريكـي ق ت مـا ي ‪ 1771‬ص ‪.153‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫القســم الثــاني ‪ :‬طلب البطـالن لمرض أحـد الزوجيـن‬

‫تتمثـل الوسيلـة القـانونية الثانيـة التي يلتجئ إليهـا الشخـص الراغـب في حـل الرابطـة الزوجيـة ‪،‬‬
‫نتيجـة لما حصـل له من ضرر تسبب فيه مرض الطرف الثـاني في طلب إبطـال عقـد الـزواج ‪ .‬لكن‬
‫قبل التعرض إلى هـذه اإلمكـانية الممنـوحة للمتضرر من الزوجين في طلب إبطال الزواج ‪،‬يتجـه البحـث‬
‫على الفائدة العمليـة من التفريـق بيـن الطـالق والبطـالن كحـل إلنفصـام الرابطـة الزوجيـة ‪.‬‬
‫إن التفريـق بيـن البطـالن والطـالق في القـانون الفرنسي أهميـة كبيرة وذلك على ضـوء مـا عرفـه القانـون‬
‫الوضعي الفرنسي من تطـور وغلق باب الطـالق في وقت ما ‪ .‬ممـا يبعـث بالمتقـاضين الراغبيـن في‬
‫حـل الرابطـة الزوجيـة إلى طرق باب مؤسسـة أخـرى وهـي البطـالن ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أما في القانـون التونسي فإن األمر على خـالف ذلك فبـاب الطـالق مفتـوح على مصرعيـه‬
‫دون أن يكون مغلقـا ‪ .‬فاإللتجـاء إلى البطـالن ال يمثـل تأكـدا مثلمـا كان ذلك يقـع في فرنسـا في‬
‫وقت مـا ‪ .‬ولذا فإن المصلحـة التي تكمن في تـونس في التفريق بيـن الطـالق والبطـالن يجـب تقييمهـا‬
‫باعتبتـار أن كـال من تلك الطريقتيـن لحل عقـد الزواج ممكـن مبدئيا إال أنـه يترتـب على الطـالق غرمـا‬
‫ماديـا وأدبيـا ال يحكـم به بالضرورة في قضايـا اإلبطـال ‪ .‬ويتجـه لدراسـة مسألـة البطـالن البحـث عن‬
‫األساس القـانوني لدعـوى البطـالن (الفقرة األولى ) للمرور في مرحلـة ثانيـة في البحث عن النظـام‬
‫القـانوني للبطـالن ( الفقرة الثانيـة ) ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪ -)1‬ساسي بن حليمـة ‪" ،‬ما هـو تأثير مرض الزوجـة على مصير الرابطـة الزوجيـة" ‪ .‬جريدة الصباح ‪ 12‬ماي ‪ 1711‬ص ‪. 11‬‬

‫الفقـرة األولى ‪ :‬األساس القـانوني للبطــالن ‪:‬‬


‫إن البطـالن يتعلـق بفـك عصمـة الزواج لعـدم إحترام أحـدى شروط تكوين العقـد ‪ .‬في حين أن‬
‫الطـالق يمثـل الوسيلـة القانـونية التي تمكن من وضـع حـد للزواج أخـل أحد طرفيـه بتنفيـذ أحـد‬
‫واجبـات الزوجيـة ‪.‬‬
‫والمهـم هـو معرفـة األساس القـانوني الذي ترتكـز عليـه دعوى البطـالن ‪ ،‬فهـل سيقـع اإلرتكـاز‬
‫على الطعـن في صحـة الزواج ؟ ( المبحـث األول ) أم على الغلط في إحـدى الصفـات الجوهريـة‬
‫للقريـن ؟ (المبحث الثاني ) ‪.‬‬
‫المبحـث األول ‪ :‬الطعـن في صحـة الزواج ‪:‬‬
‫إن المتأمـل في قـانون األسرة التونسي ال يقـف على أي نص يمنـع زواج المريض ‪ ،‬كمـا أن‬
‫الفصـل ‪ 31‬من م أ ش ال ينص على مرض أحـد الزوجيـن من ضمـن صـور البطـالن التي أشار إليهـا‬
‫صراحـة ‪ .‬هـذا باإلضـافة إلى أن المشرع التونسي يعفـى صراحـة الشخـص المحتضر من اإلدالء‬
‫بالكشف الطبي السابـق للزواج وذلك طبقـا للفقـرة ‪ 2‬من الفصـل الخـامس لقـانون ‪ 3‬نوفمبر ‪1713‬‬
‫المتعلق بالشهـادة الطبية السابقـة للزواج الذي ينص على أنـه " ‪ ...‬وال تطلـب الشهـادة من كل‬
‫الشخصيـن العـازمين على الزواج إذا كان أحدهمـا في حـالة إحتضـار " ‪ .‬كمـا يسمـح القـانون التونسي‬
‫للشخص المقدم على الزواج والذي لم يبلـغ بعد السـن القـانونيـة للزواج ‪ ،‬من إبرام عقد زواجـه بعد‬
‫التحصـل على إذن في ذلك ‪.‬‬
‫فمن رغب في الزواج رغـم أنه لم يبلغ بعد السن القـانونية ‪ ،‬يمكنـه التزوج بعد أخـذ إذن من‬
‫الحـاكم وهو مـا يبرهـن على حرية الزواج في القانـون التونسي ‪ .‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬فإذا ما اعترفضت‬
‫المقدم على الزواج صعوبـة كمعـارضـة أبيـه ‪ ،‬أو أمـه ‪ ،‬لهـذا الـزواج ‪ .‬أمكنه أن يرفـع أمره للحـاكم‪.‬‬
‫فااـمهم بـالنسبة للـقانـون الـتونسي هو توفر الـتراضي على الزواج ‪ .‬وذلك بنـاء على الفصل الـثالث من‬
‫مجلـة األحوال الـشخصية فمتى توفر الـرضا بالـزواج ‪ ،‬انتفى كل ما من شأنـه عرقلـة زواج الـمريض‪.‬‬
‫بالتالي فإن عـدم إشتراط توفر شرط السـالمة صراحة من طرف المشـرع إلى جـانب عـدم‬
‫التنصيص على صورة البطـالن إلنعـدام القـدرة البدنيـة أو للمرض صلب الفصـل‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ 21‬من م أ ش يؤكد صحة زواج المريض ‪ ،‬وهو نفس الحل الذي أقره فقه القضـاء الفرنسي سنـة‬
‫‪، )1( 1733‬‬
‫الذي تبنى نفس النظرية المثـاليـة للزواج (‪ .)2‬وقد كرس فقه القضـاء هـذه النظرية المثـاليـةعبر قبولـه‬
‫لصحـة زواج المريض مرض الموت مع إشتراط وجـوب التثبـت ‪ .‬في هـذه الحـالة من وجـود الرضـا‬
‫بالزواج طبقـا لمقتضيـات الفصـل ‪ 131‬من المجلـة المدنيـة الفرنسيـة (‪ )3‬وهـو أمر خـاضع لمطلق‬
‫إجتهـاد القـاضي ‪.‬‬
‫ويخـالف في المقـابل موقـف المشرع التونسي من صحـة زواج المريض موقف المذاهـب‬
‫الفقهيـة وخـاصة منه المذهـب المالكي ‪.‬‬
‫فالفقـه اإلسـالمي يشترط في الزواج عـدة شروط ال بد من توفرهـا فيـه حتى يكون عقد الزواج‬
‫عقدا صحيحـا من بينهـا شرط صحة القريـن ‪ ،‬فقد إشترط بعض الفقـهـاء أن ال يكون القرين مريض‬
‫مرضا مخيفـا ‪ ،‬أي يتوقـع موتـه على حساب العادة سواء كان مشرفـا على الموت أم ال ‪ .‬وهـذا شرط‬
‫مختلف فيه بين الفقهـاء فالمذهـب الحنفي والشافعي يذهبـان إلى أنه ليس بشرط في الزواج وال في‬
‫الزوجـة بمعنـى أن المريض يجوز نكـاحه (‪.)3‬‬
‫أما المذهـب المالكي فقد إعتبـر وأن المرض المخـوف مانـع من موانع صحـة النكـاح (‪ )5‬غير‬
‫أنهـم إختلفـوا في هـذا الرأي على رأييـن ‪:‬‬
‫أولهمـا أن المرض المخـوف مانع من صحة الزواج مطلقا أي سواء أكان ورثـة هذا المريض‬
‫الراغـب في النكـاح الرشداء قد أذنوا له في هـذا الزواج أم لم يأذنـوا له وذلك أن إذن ورثتـه الرشداء له‬
‫بالزواج كعـدم إذنهـم له إذ أنـه من الجـائز أن يتوفى من أذن له من الورثـة قبل المرض نفسـه وحينـئذ‬
‫يكون قد ضهـر وارث جديد حل محـل الوارث الذي مات كأبنـائه مثـال ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1)-Cass civil 6 Avril 1903 . D 1904 tome I page 395 conclusion PG Boudouin .‬‬
‫(‪-)2‬يسرى محفـوظ مرجـع سابق الذكر ص ‪ 93‬و ‪. 73‬‬
‫(‪-)3‬يسرى محفـوظ مرجـع سابق الذكر ص ‪. 95‬‬
‫(‪-)3‬الحاوي للماوردي ج ‪ 12‬ص ‪. 3‬‬
‫(‪ -)5‬بداية المجتهـد ج ‪ 2‬ص ‪. 37‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وهـذا الوارث الجديد لم يأذن لهـذا المريض بالزواج فأصبـح إذن الوارث كعـدم اإلذن‬
‫وسواء في المنـع أيضا أكان هذا المريض محتـاجا إلى الزواج بأن رغب فيه أو كان محتـاجا إلى زوجـة‬
‫تقوم على خـدمتـه في مرضـه أم لم يكن محتـاجا إلى شيئ من ذلك ‪ .‬وهـذا الرأي الراجـح عنـد‬
‫المالكيـة ‪ ،‬وقد إستنـدوا في هـذا إلى النهي عـن إدخـال وارث ‪ .‬وأمـا ثاني الرأييـن عنـد المالكيـة فإنـه‬
‫يذهـب إلى أن المرض مـانع من صحـة النكـاح إن كان المريض غير محتـاج إلى النكـاح ‪ .‬وأما إذا‬
‫كـان محتـاجـا إلى النكـاح ‪ ،‬لم يمنـع حتى ولو لم يأذن له الوارث في ذلك ‪.‬‬
‫هذا وينبـغي أن نشير إلى أن خـالف المالكيـة الذي ذكرنـاه اآلن هـو حـالة ما إذا كان أحـد‬
‫الزوجيـن مريضـا ‪ ،‬وأمـا إذا كـان كل من الزوجيـن مريضا فقد إتفق المالكيـة حينـئذ على عـدم صحـة‬
‫نكاحهمـا ‪.‬‬
‫هذا ويرجـع اإلختـالف بين المالكيـة وغيرهـم في إعتبـار المرض مانعـا من صحـة عقد الزواج أم‬
‫ال ‪ ،‬راجعـا إلى أمريـن ‪:‬‬
‫أولهمـا طبيعـة عقـد الزواج ‪ ،‬فهذا العقـد يتردد بين البيع والهبـة ‪ ،‬فإن المريـض في مـرض موتـه يجـوز لـه‬
‫أن يبيـع مـايشـاء مـن ممتتلكاتـه وبالتالي اليكـون المـرضمانعـا مـن صحـة عقـد الـزواج كمـا أنـه ليـس‬
‫بمانـع مـن صحـة عقـد البيـع ‪.‬أمـا إذا ألحقنـا بعقـد الهبـة فـإن المريـض في مـرض موتـه اليصـح أن يهب‬
‫شيئـا مـن مالـه إال فـي حـدود الثلث ‪ ،‬وبالتـالي فإذامـا ألحقنـا عقـد الـزواج بالهبـة يكـون مانعـا مـن‬
‫صحتـه ‪.‬‬
‫ثانيهمـا‪ ،‬أن المـرض مريضـا مخيفـا إذا أراد الـزواج‪ ،‬متهـم بإدخـال الضـررعلى ورثتـه ألن زواجـه سيـؤدي‬
‫إلى إدخـال وارث جديـد زائـد على ورثتـه الحاليـن‪ .‬وهـومـا يـؤدي إلى إنقـاص نصيب كـل منهـم مـن‬
‫التركـة ‪.‬‬
‫هـذان همـا األمران اللـذان يرجـع إليهمـا إختـالف العلمـاء فـي هـذه المسألـة‪. .‬والوقـع أن قيـاس‬
‫عقـد الـزواج على الهبـة قيـاس غيـر صحيـح وذلك ألن العلمـاء متفقـون على أن الهبـة تجـوز مـن‬
‫المريـض إذا كانت داخلـه في حـدود ثلثي مالـه والذيـن إعتبـروا المـرض مانعـا مـن صحـة عقـد الـزواج‪،‬‬
‫لـم يحـددوا لذلك نطاقـا معينـا ‪.‬فلـم يقولوا بصحـة عقـد الـزواج إذا كـان مـا سيتربت عليـه مـن حقـوق‬
‫داخـال في حـدود ثلث المـال بـل أطلقـوا األمـر‪ .‬أي أن المرض عندهـم مانـع مـن صحـة عقـد الـزواج‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫سـواء أكـان مـا سيترتب عليـه مـن حقـوق داخـال في حـدود ثلث المـال‪ ،‬أم ال ‪ .‬ومـن هنـا يستطـاع‬
‫القول بـأن عقـد الــزواج مختلف عـن الهبـة ‪.‬‬
‫كمـا أن القول بعـدم صحـة عقـد الـزواج إلدخـار وارث جديـد هـو قيـاس مصلحـي اليجـوزه أكثـر‬
‫الفقهـاء ‪.‬‬
‫وربمـا كانت هـذه الدوافـع هي التي حعلت المشـرع التونسـي اليأخـذ بإتجـاه الفقـه اإلسـالمي‬
‫في خصـوص عـدم السمـاح بـزواج المريـض‪ .‬رغـم أن المذهب المالكي والقائـل بذلك اإلتجـاه كـان‬
‫(‪)1‬‬
‫معمـوالبـه في البـالد التونسيـة والـذي كـان يرفـض السمـاح بالـزواج لشخـص مصـاب بمـرض مخـوف‬
‫‪.‬‬
‫بنـاء على ذلك ولعـدم إمكانيـة الطعـن في صحـة زواج المريـض فإن الشخص القـائم بدعوى‬
‫في إبطال زواجـه المبرم مع قرينـه المريض‪ ،‬لن يجد نفعـا في إعتمـاد هـذا السبب للطعـن في صحة‬
‫الزوج نظـرا لعدم اشتراط المشـرع التونسي سالمـة الزوجيـن من األمراض لصحة عقد الزواج‪ .‬وهو نفس‬
‫الحـل المتبـع من قبـل المشرع الفرنسي الذي يعتبـر الزواج رابطـة روحيـة ال يمثـل الجانـب البيـولوجي‬
‫سوى عنصر ثـانوي ‪ .‬غير أن فقه القضـاء الفرنسي وفي خصوص العـجز الجنسي للقريـن كان له‬
‫منحـى آخر مختلف عمـا سار عليـه بخصـوص المرض‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬يسـرى محفـوظ مرجـع سابق الذكر ص ‪ 93‬و ‪73‬‬

‫من ذلك أنـه إعتبر وأن الزواج المبرم وأحـد الزوجيـن مصابـا بخـلل في أجهزتـه التنـاسليـة زواجـا باطـال‬
‫(‪ . )1‬وكمـا أجمـع فقـه القضـاء الفرنسي أنـه مثلمـا يعتبـر الزواج من امرأة منقـوصة اإلكتمـال الجنـسي (‬
‫غياب الفرج أو المبيض ) زواجا باطـال (‪ ، )2‬فإن الزواج كذلك من شخـص مقطـوع القضيـب أو ممـن‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ال يمكـن معرفـة نوع جنسـه زواجـا باطـال (‪ . )3‬ولكن هـذا يفقـد أساسـه إذا ما ثبـت أن للشخـص رغمـا‬
‫عن عـدم إكتمـال أجهزتـه التنـاسلية ‪ :‬مظاهـر األنـوثة إن كان الزوجـة أو الرجـولة إن كان الزوج طبعـا ‪.‬‬
‫وأما في خصـوص تعيـب الجهـاز التنـاسلي للقريـن فلقـد إختلـف الفقـه الفرنـسي في خصـوص‬
‫إعتبـاره أساسـا إلبطـال الزواج (‪ . )3‬ولم يعتبره فقـه القضـاء الفرنسي يعيب العقـد أو يبطلـه من ذلك أن‬
‫العجـز الجنـسي الطبيعي ( بالخلـق ) أو العارض ( بواسطـة حـادث ) ال يبطـل العقـد (‪. )5‬‬
‫ولكن تعتبـر بعض التقنيات العربيـة اآلخـذة عن التشريع اإلسـالمي أن الزواج يبطـل لعيب أو‬
‫عجـز جنسي مانـع من اإلتصـال الجنسي (‪. )1‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬األستـاذ ساسي بن حليمة ‪ ،‬محاضرات السنة الثالثة شعبة قضائية في القانون المدني ‪ ،‬مذكور ‪.‬‬
‫‪(2)-T civ d’Alès 23-01-1873 periodique 1882 , page 71 .‬‬
‫‪(3)-Cass civ 6-4-1903 ; D periodique 1904 , 1 page 395 concl Boudoin‬‬
‫‪(4)-Nimes 29-4-1869 .D. 1872, I page 32 .‬‬
‫‪(5)-Guy Raymond . Mariage , Fax . 10.op cit page 7 .‬‬
‫‪(6)-Bemmelha « element du droit algerien de la famille » page 44 cité par َAlayli Bahaeddine,‬‬
‫‪la reglementation des rapports secsuels en droit musulman comparé ap.cit lors de lanalyse de la‬‬
‫‪condition de difference de sexe de larticle 4 du code de la famille page 64 .‬‬

‫كمـا يجعـل التقنين السنغـالي لألحوال الشخصية من العجز الجنسي للزوج سببا للبطـالن النسبي‬
‫لعقـد الزواج (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وأمـام صعـوبة تأسيـس دعـوى البطـالن على إنعـدام صحـة القرين ‪ ،‬فإنـه ال يبقي من حـل لمن‬
‫رام إبطال زواجه لمـرض قرينـه سوى ‪ ،‬طلب بطالن الزواج على أساس الغلط في صفة من الصيفـات‬
‫الجوهريـة للقريـن ‪.‬‬

‫المبحـث الثـاني ‪ :‬طلب البطـالن للغلـط في الصفـة الجوهريـة للقريـن ‪:‬‬


‫الصفـة الجوهريـة هي الصفـة الواجـب توفرهـا للتمكـن من إحترام الحقـوق والواجبـات المشتركـة‬
‫بين الزوجيـن (‪ . )2‬وهي صفـة منتظرة بالنسبـة للمقـدم على الزواج بحيـث أنـه لم يكن ليقبـل بالزواج إذا‬
‫ما علم بإنتفـائهـا ‪.‬‬
‫فهل يجـوز إعتمـاد الغلط في إحـدى الصفـات الجوهريـة ألحـد الزوجيـن قصد إبطال زواج أبرم‬
‫دون علم الطرف المقـابل بمرض قرينـه السـابق للزواج ‪ ،‬خاصـة وأنه مـا كان ليقبـل بهذه الزيجـة لو كـان‬
‫على علم بالحقيقـة قبل الزواج ؟ لم تجـب محـاكمنـا على هـذا السؤال نضرا لشبه إنعدام قضايـا‬
‫البطـالن في مـادة الزواج الناتج عن فتـح باب الطالق على مصرعيـه من طرف المشرع التونسي ‪.‬‬
‫وقد تعرض المشرع التونسي للزواج الفاسـد صلب الفصـل ‪ 21‬من مجلـة األحـوال الشخصيـة‬
‫فإعتبـر أنه " الزواج الذي اقتـرن بشرط يتنـافى مع جـوهر العقـد أو إنعقـد بدون مراعـاة أحكـام الفقـرة‬
‫األولى من الفصـل الثـالث " ‪ .‬هـذه الفقـرة التي تنـص على أن " الزواج ال ينعقـد إال برضا الزوجيـن "‬
‫علمـا وأن الرضـا المعيـب بغلـط أو باإلكراه يعتبـر كأنـه غيـر موجـود ويبطـل به العقـد (‪. )3‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪(1)L’article 138 al 4° code de la fammille de la repablique du sènègal‬‬


‫‪(2)J. mazeaud et m de J uglard, lecon de droit civil tome I 2ème vol.‬‬
‫(‪-)3‬محمـدالحبيب الشريف ‪،‬مرجـع سابـق الذكـر ص ‪. 51‬‬

‫وبالرغـم مـن عـدم إشـارة هـذا الفصـل إلى عيـوب الرضـا كاإلكـراه والغلط ‪ ،‬فإنـه الشيء يمنـع مبدئيـا مـن‬
‫تطبيـق النظريـة العامـة لعيـوب الرضـا على عقـد الـزواج ‪ .‬بإعتبـاره يخضـع رغمـا عـن خصائصـه إلى‬
‫األحكـام العامـة المنظمـة للعقـود ‪ ،‬مـا لـم ينـص المشـرع على خـالف ذلك (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وبمـا أن الشـرع التونسي لـم يضـع أحكامـا خاصـة بالنسبـة للرضـا في مـادة الـزواج وعيوبـه ‪ ،‬فإنـه‬
‫يتجـه الرجـوع إلى أحكـام مجلـة اإللتزامـات والعقـود وبالـذات الفصـل ‪ 33‬مـن المجلـة الـذي ينـص على‬
‫أن ‪ ":‬الرضـا الصـادر عـن غلط يقبـل اإلبطـال"‪ .‬كمـا أن الفصـل ‪ 31‬مـن م إ ع يؤكـد أن ‪" :‬الغلط في‬
‫أحـد المتعاقديـن أو صفتـه ‪ ،‬اليكـون موجبـا للفسـخ ‪ ،‬إال إذا كانت ذات المتعاقـد معـه أو صفتـه مـن‬
‫األسبـاب الموجبـة للرضـا بالعقـد" ‪.‬‬
‫وقـد تعـددت في فرنسـا الصـور التطبقيـة المتعلقـة بالبطـالن في مـادة الـزواج بمـا في ذلك‬
‫الحـاالت المتعلقـة بالغلط في إحـدى الصيفـات الجوهريـة ألحـد الزوجيـن خاصـة وأن إمكانيـة الطـالق‬
‫كـانت منعدمـة في وقت مـا(‪. )2‬‬
‫فالمجلـة المدنيـة الفرنسيـة تعرضت لدعـاوي اإلبطـال في الـزواج ضمـن فصليهـا ‪ 31‬و‪ ، 113‬وكانت‬
‫المحاكـم الفرنسيـة في مرحلـة أولىتقبـل بإبطـال الـزواج إذا وقـع غلط حـول ذات القريـن الماديـة ‪،‬‬
‫أوحالتـه المدنيـة ‪ .‬في حيـن التقبـل بذلك إذا مـا تعلـق األمـر بغلط في صفـة مـن صفاتـه الجوهريـة ‪.‬‬
‫فقـد وقـع تأويـل الفصليـن بصفـة ضيفـة ‪ ،‬خاصـة بعـد قـرار الدوائـر المجتمعـة لمحكمـة التعقييب سنـة‬
‫‪ 1112‬والمعـروف بقـرار "برتـون" (‪ . )3‬فمـا كـان لمـرض أحـد الزوجيـن السابـق للـزوج ‪ ،‬أن يؤدي إلـي‬
‫إبطـال الـزواج في فتـرة تأثـر فقـه القضـاء الفرنسيى بقـرار برتـون ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫)‪-(1‬يسـرى محفـوظ مرجـع سابـق الذكـر ص ‪. 92‬‬
‫)‪-(2‬ساسي بـن حليمـة تعليـق على قـرار محكمـة التعقيب الصـادر في ‪ 19‬جـوان ‪ 1711‬الصبـاح ‪ 13‬مـاي ‪ 1711‬ص‪. 11‬‬
‫‪(3)-Cass Fran chambres réunis, 24 Avril 1862.s 1862 tomes I P153‬‬

‫لكـن اإلنتقـادات الموجهـة لفقـه قضـاء الدوئـر المجتمعـة لمحكمـة التعقيب الفرنسـية التي تقبـل‬
‫بإبطـال عقـد الـزواج رغـم تفاهـةالسب المعتمـد (كالغلط في الحالـة المدنيـة للشخـص) في حيـن أنهـا‬
‫ترفـض ذلك بالرغـم مـن أهميـة األسبـاب التي وقـع اإلستنـاد إليهـا لطلب إبطـال الـزواج والمتمثلـة في‬
‫الغلط حـول إحـدى الصيفـات الجوهريـة ألحـد الزوجيـن ‪ .‬أدت إلى تخلي بعـض المحاكـم الفرنسيـة‬
‫عـن التأويـل الضيـق للفصـل ‪ 113‬مـن المجلـة المدنيـة الفرنسيـة‪ .‬ليصبـح الغلط يشمـل صفـة مـن‬
‫الصيفـات األساسيـة للقريـن(‪ . )1‬وهـذا التحـول الـذي شهـده فقـه القضـاء الفرنسي ‪ ،‬وقـع تكريسـه قانونيـا‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بالتنصيـص على الغلط في إحـدى الصيفـات الجوهريـة للقريـن صلب الفصـل ‪ 113‬مـن المجلـة المدنيـة‬
‫الفرنسيـة ‪ ،‬كسب مـن شأنـه تمكيـن المدعي مـن االبطـال النسبي لعقـد الـزواج وذلك بنـاء على تنقيـح‬
‫‪ 11‬جويليـة ‪ . )2( 1795‬وفي غيـاب تحديـد قانـوني لهـذه الصفـات التي تعتبـر جوهريـة في الشخـص ‪،‬‬
‫فـإن فقـه القضـاء الفرنسي إعتبـر أن الغلط في صفـه مـن صفـات الشخـص ‪،‬اليـؤدي إلى بطـالن الـزواج‬
‫إال إذا مـا وقـع تكييف هـذه الصفـة مـن قبـل القضـاء وإعتبارهـا جوهريـة ‪ .‬وفي غيابهـا يعتبـر الرضـا معيبـا‬
‫(‪ )3‬هـذا مـا يفسـر قبـول فقـه القضـاء الفرنسـي إعتبـار المـرض صفـة جوهريـة تمكـن طـالب اإلبطـال مـن‬
‫مبتغـاه ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪1-Trib grande instance . mans 18 mars 1965 D.S 1966 p203 note prodel‬‬
‫‪2-Pierre Dupont Delestraint et Patrick courbe apcit p 49‬‬
‫‪3-Gerard cornu, « cetenaire »opcit p219‬‬

‫وهـذا التكييف القضـائي يتـم بالرجـوع إلى عنصريـن هاميـن ‪:‬‬


‫‪ )1‬يقـع البحث في نفسيـةالشخـص الـذي يطـالب بإبطـال الـزواج لغلط في صفـة مـن صفـات قرينـه ‪،‬‬
‫أي البحث فيمـاإذا كـان عالمـا بذلك قبـل الـزواج ‪ ،‬وفيمـا إذا كـان ليرضى بالـزواج لـو علـم بعـدم توفـر‬
‫صفـة مـن الصفـات الجوهريـة قبـل الـزواج ‪.‬‬
‫‪)2‬ثـم ويقطـع النظـر عـن نفسيـة الـزوج الـذي يطـالب بالبطـالن يركـز القضـاة بحثهـم فيمـا إذا كانت‬
‫الصفـة غيـر المتوفـرة ‪ .‬تؤثـر على إتمـام الـزواج ‪ .‬وذلك بالقيـاس مـع شخـص يوضـع في نفـس الوضعيـة‬
‫على أن ينتمي إلى نفـس المحيـط اإلجتمـاعي ‪ .‬والثقافي للـزوج الـذي يطـالب ببطـالن الـزواج (‪. )1‬‬
‫فمعيـار تقديـر هـذه الصفـة الجوهريـة يتـم بالرجـوع إلى معطييـن إثنيـن وهمـا ‪ ،‬المعطى النفساني أي‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫بالرجـوع إلى شخصيـة ذات الشخـص الـذي يطالب بالبطـالن ‪ ،‬والمعطى اإلجتمـاعي وذلك بمحاولـة‬
‫البحث في رد فعـل المحيط الـذي يعيـش فيـه المتقـاضي ‪ )2( .‬ولكـن سرعـان ماتخلى فقـه القضـاء‬
‫الفرنسي عـن البحث في موقف المحيـط اإلجتماعي الـذي يعيـش فيـه المدعي‪ ،‬وفيمـا إذا كـان يعتبـر‬
‫مبـررا لطلب اإلبطـال أم ال ‪.‬فمنـذ قـرار محكمــة اإلستئنـاف بباريـس المـؤرخ في ‪ 13‬جويليـة ‪، )3( 1793‬‬
‫أصبـح فقـه القضـاء الفرنسي يعـود لتحديـد أهميـة هـذه الصفـة الجوهريـة المفقـودة ‪ ،‬إلى ذات القريـن‬
‫المطالب بالبطـالن لمعرفـة مـا إذا كانت هـذه الصفـة منتظـرة عنـد إبـرام عقـد الـزواج ومـا إذا كـان ليرضي‬
‫بالـزواج لـوعلـم بإنتتفائهـا(‪. )3‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪1-Gerard cornu, « cetenaire », opcit p220.‬‬


‫‪2-Tribunal de grande instance de lille, 17 mai 1962 D1963 somn .p10‬‬

‫‪3-cour d’d’appel de Paris D 1974 . J 175‬‬


‫‪4-Paris , 1er chambre .supp . 26 mars 1982 Gaz Pal 1982 J 519 .‬‬

‫وهـو نفـس الحـل الـذي نص عليـه المشـرع التونسي صلب الفصـل ‪ 31‬مـن م إ ع الذي ينـص‬
‫على أن "الغلط في ذات أحـد المتعاقديـن أوفي صفتـه اليكـون موجبـا للفسـخ إال إذا كانت المتعاقـد‬
‫معـه أوصفتـه مـن األسبـاب الموجبـة للرضى بالعقـد"‬
‫وبالتالي وعلى فـرض أن أحـد األزواج يعـزم على طلب إبطـال عقـد الـزواج إلكتشافـه مـرض زوجتـه‬
‫السابـق للـزواج ‪ ،‬يمكنـه حسب رأي األستـاذ سـاسي بـن حليمـة تأسيـس دعـواه على الفصـل ‪ 3‬مـن م أ‬
‫ش المتعلـق بتوفـر الرضـا لصحـة عقـد الـزواج ‪.‬وبالرغـم مـن عـدم إشـارة هـذا الفصـل إلى عيـوب الرضـا‬
‫كاإلكـراه والغلط ‪ ،‬فإنـه اليوجـد أي مانـع مـن تطبيـق النظريـة العامـة لعيـوب الرضـا على عقـد الـزواج ‪.‬‬
‫بإعتبـاره يخضـع رغمـا عـن خصائصـه إلى األحكـام العامـة المنظمـة للعقـود ‪ .‬مـا لـم ينـص المشـرع على‬
‫خـالف ذلك ‪.‬وبمـا أن المشـرع التونسي لـم يضـع أحكامـا خاصـة بالنسبـة للرضـا في مـادة الـزواج‬
‫وعيوبـه ‪ ،‬فإنـه يتجـه الرجـوع إلى أحكـام م إ ع وبالتحديـد إلى الفصـل ‪ 31‬مـن م ا ع لتأسـيس دعـوى‬
‫اإلبطـال (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫وإذا كـان المجـال للحديث عـن اإلكـراه في خصـوص المـرض ‪ ،‬فاليعقـل أن يكـون الـزوج قـد أكـره‬
‫زوجتـه على االرتبـاط بـه أو العكـس رغـم مرضـه فهـل يمكـن أن نعتبـره قـد غـرر بـها عندمـا أقـدم على‬
‫التـزوج بهـا رغـم علمـه بمرضـه ؟ لقـد أشـارت محكمـة التعقيب ‪ ،‬بمناسبـة إحـدى القضايـا ‪ ،‬أن‬
‫المـرض إذا مـا كـان سابقـا عـن العقـد ووقـع السكـوت عنـه عنـد إبـرام العقـد غشـا وتدليسـا‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬تعليق األستـاذ سـاسي بـن حليمـة على قـرار محكمـة التعقيب الصـادر في ‪ 19‬جـوان ‪ 1711‬مرجـع سابـق الذكر الصبـاح‬
‫‪ 13‬مـاي ص ‪11‬‬

‫ولـم يحصـل الرضـا بـه بعـد العلـم ‪ ،‬يمكـن أن يكـون سببـا فـي طلب فسـح عقـد النكـاح‬
‫اإلبطـال (‪. )1‬‬
‫ورغـم أن التغريـر بالنسبـة للقانـون الفرنسي وإن كـان عيبـا مـن عيـوب الرضـا "ليـس مقبـوال‬
‫لإلستنـاد عليـه في إبطـال الـزواج" ‪ ،‬حسب القاعـدة الفرنسيـة ‪ ":‬في الـزواج يضـرر مـن إستطـاع لذلك‬
‫سبيـال (‪ . )2‬إال أن فقـه القضـاء الفرنسي أجـاز إبطـال الـزواج على إعتبـار وأن التغريـر الصـادر عـن أحـد‬
‫الـزوجيـن يعـد غلطـا بالنسبـة لآلخر (‪. )3‬‬
‫لهـذا لربمـا كـان اإلشكـال األكثـر أهميـة ‪ ،‬فـي خصـوص المـرض السابـق عـن إبـرام عقـد الـزواج ‪ ،‬يتعلـق‬
‫بوقـوع الزوجـة في الغلط وبحصـول توهـم في ذهنهـا ‪ ،‬بصفتهـا متعاقـدة ‪ ،‬صـور لهـا األمـر على غيـر‬
‫حقيقتـه ‪ ،‬تصـورا خاطئـا دفعهـا إلى إبـرام عقـد ماكانت لتببرمــه لو تبينت لهـا حقيقتـه (أو العكـس) ‪.‬‬
‫ويفتـرض الوقـوع في الغلط ‪"،‬توفـر أمريـن جوهرييـن ‪ ،‬يتعلـق أولهمـا بفكـرة جالت بخاطـر الزوجـة أو‬
‫الـزوج الواقـع في غلط ‪ .‬والثـاني بتعبير واعي في ذهنـه ‪ ،‬صـور لـه أنـه فكـرة صحيحـة مطابقـة لعيـن‬
‫الحقيقـة"(‪ )3‬وهـذا العنصـر هـو مـا يميـز الغلط عـن التغريـر ‪ ،‬حيث يقـع المتعاقـد في الصـورة األولى مـن‬
‫تلقـاء نفسـه ‪ ،‬بينـما يتسبب الغيـر فـي ذلك ‪ ،‬عنـد وقوعـه في تغريـر ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬تعقيبـي مدني عـدد ‪ 5727‬مؤرخ في ‪1711/12/15‬‬


‫(‪-)2‬األستـاذ محمـد الحبيب الشريـف ‪ ،‬تعليـق على قـرار عـدد ‪ 11215‬مذكـور ص ‪. 51‬‬
‫(‪-)3‬نفـس المرجـع ص ‪. 51‬‬
‫(‪-)3‬شكـري الشيـخ ‪ ":‬الغلط كعيب للرضـا‪ ، ".‬مذكرة لنبيـل شهادة الدراسـات المعمقـة في القـانون الخـاص ‪ 1711‬ص ‪. 3‬‬

‫ومثلمـا إعتبـرت محكمـة التعقيب ‪ ،‬أن الغلط الـذي يرتكبـه القريـن حـول وجـود مـرض لـدى‬
‫قرينـه يبطـل العقـد ‪ ،‬بإعتبـار السالمـة الصحيـة صفـة جوهريـة مـن صفـات الشخـص فالعجـز الجنسي‬
‫كذلك ‪ ،‬مـن شأنـه أن يبـرر قيـام الزوجـة بطلب إبطـال عقـد الـزواج ‪ .‬إذا مـا ثبت أنهـا لـم تكـن تعلـم‬
‫بالعيب الفيزيولـوجي للـزوج ولـم تـرضى بـه بعـد الدخـول ‪.‬‬
‫على أن فقـه القضـاء الفرنسي يشتـرط لألخـذ بفكـرة الغلط في الصفـة الجوهريـة للشخـص في‬
‫إطـار العجـز الجنسي ‪ ،‬أن يكـون العيب مطلقـا ودائمـا(‪ . )1‬مـن ذلك أن العيب المـؤقت أو الضعف‬
‫أو اإلرهـاق الجنسي ‪ ،‬لـن يبطـل العقـد ‪ .‬فال عبـرة بمـا تشكـوه الزوجـة مـن عـدم إكتمـال العمليـة‬
‫الجنسيـة أوفتـور أوضعف على مستـوى العمليـة نفسهـا ‪.‬‬
‫وبمـا أن الغلط في الصفـة الجوهريـةللشخـص ‪ ،‬يأول في نطـاق مرامـي وغايـات عقـد الـزواج ‪.‬‬
‫وبمـا أن اإلتصـال الجنسي أمـر حتمي في الـزواج(‪ )2‬والغايـة المقصـودة منـه(‪ )3‬فإنـه مـن البديـهي ‪.‬‬
‫أن نلجـأ إلى إبطال عقـد الزواج على أساس الغلـط في الشخص وبذلـك " ينحـل اإلرتباط وال تبقـى‬
‫الزوجـة مرتبطـة بعـالقة هي مصدر شقـاء وتعـاسة عوض أن تكـون مصدر هنـاء وسعـادة (‪." )3‬‬
‫إضافـة إلى أن إعتمـاد البطـالن للغلـط في الشخـص ‪ ،‬يجنـب المتقـاضي عبء اإلثبـات‪ .‬مـادامت‬
‫أهميـة القـدرة الجنسيـة للـزوج ‪ ،‬أمـرا بديهيـا ‪ ،‬في تكويـن العقـد والرضـا بـه وخصوصـا يجنب الزوجـة ‪،‬‬
‫البحث في السلـوك المخطئ للقريـن واليستهـدف هـذا األخيـر إلى حكـم بالتعويـض ‪،‬مـادام كان‬
‫يجهـل عيبـه الجنسي ‪،‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ـــــــــ‬
‫‪(1)tribunale de Gande Instane de Lille 17-5-1962 prèc.‬‬
‫(‪-)2‬تعقيب مدني عـدد ‪ 11215‬مؤرخ ‪. 1711-11-11‬‬
‫(‪-)3‬تعقيب مدني عـدد ‪ 23217‬مؤرخ في ‪ 1773-31-23‬مرجـع مذكـور‬
‫(‪-)3‬األستاذ ساسي بن حليمة تعليق على قرار عـدد ‪ 1313‬مذكـور ص ‪. 321‬‬
‫ولم يثبـت أنـه قد تعمـد مغالطـة الزوجـة وإبقـائهـا في توهـم سالمتـه الجنسيـة سواء تحيـال أو‬
‫كتمـانا (‪ . )1‬خاصـة وأن الزوج غير محمـول على محـاولة اإلتصـال الجنسي قبل الدخـول ليتثبـت من‬
‫قدرتـه الجنسيـة ‪ .‬كمـا أنه غير ملزم بعرض نفسـه على طبيب مختص ليتأكـد من سـالمتـه من العجـز‬
‫الجنسي ذلك القانـون التونسي ال يفرض التثبـت من قدرتـه الزوجيـة جنسيـا عند إجراء الفحص الطبي‬
‫السابق للزواج (‪ ، )2‬ثم إن األمر يتعلـق بعضـو في جسم اإلنسان تجعلـه التقـاليـد اإلجتمـاعية محـل‬
‫حشمـة وحياء ‪ ،‬كمـا أن التجـارب الجنسيـة تكـاد تكـون منعـدمة خـاصة في األوساط الريفيـة ألنهـا ال‬
‫تحـل إال بالزواج ‪ ،‬األمر الذي يجعـل إمكـانية التفطـن إلى العجـز الجنسي مستحيـل كمـا أن الزوج‬
‫غير مطـالب بأن يعرض نفسـه على أخصـائي ليتأكـد من قدرتـه الجنسيـة ‪ ،‬إلن العادة جرت على أن‬
‫ال يلتجأ إلى الطبيب إال إذا مـا وقع إحساس بدبيب المرض في الجسم ‪ ،‬ومن البديهي أنه الشيئ‬
‫ينبئ المصـاب بالعجـز بوقـوعه فريسـة لهـذا المرض وبالتالي ال شيئ يدعـو إلى استشـارة الطبيب (‪. )3‬‬
‫وال يعد الزوج مخطئـا إال إذا ثبـت وأنه قد تعمـد مغـالطـة زوجتـه تحيـال منه أو كتمـانا ‪ .‬ورغـم‬
‫أن اإلخـالل بواجب المصـارحـة كمـا أسلفنـا سابقـا ‪ ،‬وإلن إعتبره فقـه القضـاء خطأ يبرر الحكـم‬
‫بالطـالق للضرر ‪ ،‬فإن شق آخر من هـذا اإلتجـاه وإستنـاد إلى أن عقـد الزواج ال ينتـج آثـاره إال منذ‬
‫إبرامه ‪ ،‬يعـد من األفعال السابقـة لعقـد الزواج ‪ ،‬ويؤسس عليـه طلب البطـالن ‪ .‬ذلك أن هـذا الواجب‬
‫السابق لعقد الزواج ‪ .‬يلتـزم بمقتضـاه كل طرف تجـاه اآلخـر بإطـالع قرينـه على إمـور إن خفيت عنـه ‪،‬‬
‫قد يضر به كشفهـا بعد العقـد ولن يرضـاها ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪-)1‬األستاذ ساسي بن حليمة تعليق على قرار عـدد ‪ 1313‬ص ‪. 321‬‬


‫(‪-)2‬الحبيب الشريف مرجع سابق الذكر الصفحة ‪. 53‬‬
‫(‪-)3‬فوزي بالكنـاني مرجع سابق الذكر ص ‪. 31‬‬

‫وبالرغـم مـن الرفض الفقهي لهذا الواجـب ‪ ،‬وعـن التـردد الكبير الذي عرفـه فقه القضـاء‬
‫الفرنسي ‪ ،‬فلقـد تمكـن واجـب المصـارحة من أن يجد له منفـذا ومن أن يجعـل لنفسـه شروط قيام‬
‫ونفـاذ ‪.‬‬
‫فالزوج في إطار إلتزامـه بواجـب المصـارحة مطـالب بأن ال يخـفي عن قرينـه أمرا له من األهميـة‬
‫بدرجـة تجعـل كشف الالحـق عن الزواج ‪ ،‬مضرا به ضـررا جسيمـا ‪ ،‬مـا كان ليتحملـه وليقبـل التعـاقد لو‬
‫عـلم بالعيـب مسبقـا ‪.‬‬
‫فإذا كـان الزوج عـاجزا جنسيـا من قبـل تاريخ إبرام العقـد وعـالمـا بعيبـه ولكنه أخفى ذلك عـن‬
‫زوجتـه ‪ ،‬خالف واجب المصـارحـة وعـد مخطئـا تجـاه الزوجـة التي ضحـك عليهـا " حسب عبـارة فقه‬
‫القضـاء الفرنسي" (‪. )1‬‬
‫فاإلخفـاء المتعمـد للعجـز الجنسي عـن الزوجـة إهـانة مضاعفـة للزوجـة ‪ .‬أهـانهـا من جهـة ‪،‬‬
‫عنـدما تبيـن أنـه عـاجز جنسيـا عن اإلتصـال بهـا ومن جهـة أخـرى عندمـا أخـفى عنهـا عمـدا تلـك‬
‫الحقيقـة المرة والجوهريـة عندما قبل الزفاف ‪ .‬فيكـون سكـوته عن عيبـه الفيزيـولوجـي بمثـابة المغـالطة‬
‫( ‪. )2‬‬
‫فعلـم القريـن بوجـود عيب فيزيـولوجي لديـه مانع له من الجمـاع ‪ .‬أو عجز تـام عن اإلتصـال‬
‫الجنسي وإخفـاءه ذلك عنـد إبرام العقـد ‪ ،‬أمر يتعـارض مع أخـالقيـات عقـد الزواج خصوصـا وأن‬
‫المسألـة تتعلـق بأهـداف ومرامي الزواج نفسـه ‪ .‬لكن وفي المقـابل إعتبـر فقه القضـاء الفرنسي أنـه إذا‬
‫مـا كان العجـز الجنسي للزوج أمرا شائعـا يعلمـه الخـاص والعـام ‪ ،‬فالزوجـة محمـولة على أنهـا على علم‬
‫بالعيـب وأنهـا اقدمـت مع ذلك على اإلرتباط بالقريـن مع رضاهـا ‪ ،‬وسكوت الزوج ال عبرة له وال يعتبـر‬
‫إهـانة للزوجـة المفترض علمهـا بالعيـب (‪. )3‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫(‪-)1‬محمـد الحبيب الشريف مرجـع سابق الذكر ص ‪. 12‬‬


‫(‪Civil 25/01/1922 Gazpal 1922 1er partie page 438 )2‬‬
‫)‪-(3‬مذكرة عذرية الزوجـة الصفحـة ‪111‬مرجـع سابـق الذكـر‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار إعتبر فقه القضـاء الفرنسي ‪ ،‬أن الزوجـة متحملـة لجملـة من المخـاطر في عقـد‬
‫الزواج ( الفصـل ‪ 553‬مدني ) مخـاطر ال تخـرج عن النطـاق العـادي ‪ .‬فإذا مـا أقدمـت على التزوج‬
‫بشخص مدمن على الكحـول أو المخـدرات ‪ ،‬فهي بذلك تتوقع تأثيـر هـذه " السمـوم " على قدراتـه‬
‫الجنسيـة ‪ ،‬وال عبرة بالضرر الذي يصيبهـا ‪ .‬كذلك الشأن إذا ما كـانت على علـم بمـا تعرض له الزوج‬
‫في صغـره ‪ ،‬كأن يكـون حـادث يفتـرض تأثيـره السلبي على عضوه الذكـري ‪ ،‬كأن يكـون قد أصيـب‬
‫بإحتراق على مستـوى العانـة ولعل أبلغ الصور التي تتحمـل فيهـا الزوجـة " الغـرم بالغنـم" هي ‪ ،‬اإلقدام‬
‫على اإلرتبـاط بالمسنيـن او المبتورين ممن اليتصور لهم قدرة على االتصال الجنسي‪.‬‬
‫فلقد اعتبرت محكمة االستئناف بتونس ان االقدام على التزوج بـمسن أضعـف العمـر‬
‫واإلرهـاق قدراتـه الجنسيـة ‪ ،‬مثلمـا أفـاد ذلك اإلختبـار الطبي ‪ ،‬ال يمنـح الزوجـة حقا فـي طلب‬
‫الطـالق للضـرر بسبب العيب الجنسي ‪ ،‬ما دام العيـب ال يعدو أن يكون إال ضعفـا جنسيـا كانت‬
‫الزوجـة لتتوقعـه ‪ ،‬إستنتـاجـا من تقدم الـزوج في السن ووعيـا بفـارق السن بينهمـا ‪ .‬فهي وإن لم تكن‬
‫تتـوقع عجـزا تامـا كامـال ‪ .‬فهي على األقـل كانت لتتوقـع ضعفـا جنسيـا وزوجـا لن يأتي حرثـه إال لماما‬
‫(‪. )1‬‬
‫وفي خصوص المرض ككـل‪ ،‬فإن محكمـة التعقيـب التونسيـة بمنـاسبة قرارهـا الصادر في ‪15‬‬
‫ديسمبـر ‪ )2( 1711‬المتعلـق بالنظـر في طلب الطـالق للضرر الناجـم عن مرض الزوجـة باألعصـاب‬
‫والذي إحتوت إحـدى حيثيـاته على مـا يلي ‪ ... " :‬أما العيـوب الناتجـة عن إصابـة أحـد الزوجيـن‬
‫بمرض مزمـن ‪ ...‬إنمـا يمكـن أن تكـون سببـا في طلب فسـخ عقـد النكـاح‪ ،‬إن وقع السكـوت عن‬
‫بيانهـا عنـد عقـد الزواج غشـا وتدليسـا ولم يحصـل الرضا بهـا بعـد العلـم "‪ .‬هـذا ما يضع على عـائق‬
‫طالب إبطـال عقد الزواج إثبات‪ ،‬وجـود المرض باإلضـافـة إلى كونـه ما كـان ليقبـل بالزواج لو كـان على‬
‫علـم به‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪-1‬حكـم إستئنـافي مـدني عدد ‪ 21519‬مـؤرخ في ‪ 1771-3-2‬غيـر منشـور‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪-2‬ق ت مدني صـادر فـي ‪ 15‬ديسمبـر ‪ 1711‬سابـق الذكـر‬


‫ويبقى القرار األخير خـاضعـا لمطلق إجتهـاد القاضي الذي يقرر حسب اقتنـاعـه الحـاصل على‬
‫ضـوءما قدم له من مستندات ‪ ،‬إمكـانيـة البطـالن مـن عدمهـا ‪.‬وفي هـذا اإلطـار نسـوق ملحوظـة هامـة‬
‫وهي أن الكشف الطبي السابـق للـزواج يجب أن يضطلـع بمهـام أكثـر جديـة ‪.‬‬
‫فالوضـع الراهـن والدعـاوي العديـدة التي تمأل خزائـن المحاكـم ‪ ،‬في خصـوص الطـالق للضـرر‬
‫والعجـز الجنسي للـزوج ‪ ،‬يجب أن تحفـز المشـرع على أن يجعـل مـن الكشف الطبي كشفا يشتمـل‬
‫أوال وبالضرورة التحقـق من السـالمة الجنسيـة للـزوج ‪.‬‬
‫تمامـا مثـل ما يدعـو الفقـه الفرنس إلى ذلك‪ ،‬ومـا انفك يؤكـد عليـة ‪ ،‬كلمـا كـان موضـوع‬
‫الفحـص الطبي السابـق للـزواج محـل تحليـل ونقـاش (‪ .)1‬وتمـاما مثلمـا أكـد على ذلك سابقـا األستـاذ‬
‫أحمـد حسيـن ‪ ،‬عنـد دعوتـه لضـرورة جعـل الكشف الطبي الالحق للزواج مفروضـا‪ ،‬فلقـد أكـد على‬
‫أنـه ‪ ،‬يجب أن يعنى إضافـة عـن بحثـه في وجـود أمـراض خبيثـة أوأمـراض مزمنـة وخطيـرة ‪ ،‬بأمـر اليقـل‬
‫درجـة في األهميـة عمـا سبـق ذكـره‪ .‬وهـو التأكـد قبـل الـزواج مـن صالحيـة كـل مـن الزوجيـن للقيـام‬
‫بوظيفتـه الجنسيـة الحيويـة ‪ . ..‬فلـو جـرى التحقـق قبـل الـزواج مـن سالمـة الـزوج وسالمـة صحتـه‬
‫الجنسيـة ‪ ...‬إلستفنينـا عن طلب الطـالق المتأخـر لهذا السبب والذي يجـر وراءه الفضيحـة والعـار‬
‫واإلزدراء (‪ .)2‬فمـاذا دام الكشف الطبي لسابـق للـزواج مفـروضـا في قانوننـا التونسي ‪ ،‬أفليـس مـن‬
‫األجـدر أن يسعى المشـرع ألن يجعلـه أكثـر فاعليـة !!!‬

‫ـــــــــ‬

‫‪1-Verin Pierre, le certificat medical prenuptral jurisclasseur Doctrine page 322‬‬


‫(‪- )2‬أحمـد حسيـن "الـزواج والمـرأة" مطبعـة دار الكتب المصريـة ‪ ،‬مصر ‪. 1713‬ص ‪. 11‬‬

‫الفقـرة الثـانيـة ‪ :‬النظـام القـانوني للبطــالن ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫سيتـم البحـث في هـذا المحـور عن طبيعـة البطـالن ( المحور األول ) كما سنحـاول إعطـاء‬
‫بعـض حاالته ( المبحـث الثـاني ) ‪.‬‬
‫المبحـث األول ‪ :‬طبيعـة البطــالن ‪:‬‬
‫يقتضي الحـديث عـن بطالن في الزواج أوال التعريف بالزواج الباطـل أو الفـاسد إذ أن القانـون‬
‫الفرنسي يستعمـل لفضـا واحـد ( ‪ ) Le mariage nul‬بينمـا يشتمـل المشرع التونسي عبارتـي "‬
‫فاسـدة " و " باطلــة " ويبدو أنـه لم يفـرق بين هذين اللفظين إذ جعلهمـا يؤديـان نفـس المعـنى قـانونـا‬
‫(‪.)1‬‬
‫لذا يتكلـم المشرع صلب الفصـل ‪ 21‬من م أ ش تارة عن الزواج " الفـاسـد "‪ ،‬ثم يتكلـم صلـب‬
‫الفصـل ‪ 22‬من م أ ش تارة أخـرى عن بطـالن الزواج الفاسـد فينص على ما يلي " يبطـل الزواج الفاسـد‬
‫"‪ .‬فالمشـرع يشيـر إلى البطـالن والفسـاد في نفس الوقـت ممـا يبعـث على أنـه يفرق بيـن المعنييـن ‪،‬‬
‫ذلك أن بعض المذاهـب الفقهيـة مثل المذهـب المالكي ال تفرق بين الزواج الفاسـد وزواج الباطـل‬
‫بينمـا نجـد المذهـب الحنـفي قد جعـل لكل من العقـدين مفهـوما خـاصا ‪.‬‬
‫فالزواج الباطـل هـو الذي إنعدم فيه شرط من شروط اإلنعقـاد كأن يوجـد مانـع مؤبـد فال ينتـج‬
‫عنـه أي آثـار ‪.‬‬
‫أما الزواج الفاسـد فهـو الذي إنعـدم فيـه شرط من شروط الصحـة كعـدم حضـور شاهـدين وينتـج‬
‫عنـه بعض اآلثـار مثل عـدم ثبـوت النسـب (‪. )2‬‬
‫ويبـدو من خـالل هـذين المفهـومين أن المشرع لم يعتمـد هذه التفرقـة ألنـه رتب آثـار عـن‬
‫الزواج دون تفرقـة غير أن المشرع التونسي قد إختلف في تقنيـة البطـالن في الزواج ‪ ،‬فالمشرع الفرنسي‬
‫الذي إستعمـل لفظ ‪ Nul‬للتعبيـر عن البطـالن فرق بيـن ‪:‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬حول موقف المشرع التونسي من الفساد والبطـالن – أنظر الهـدي كرو الولد للفراش ق ت ص ‪. 11‬‬
‫(‪-)2‬مذكـرة "الزواج الباطـل" فيصـل بن جعفـر ص ‪. 2‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ -‬البطـالن النسبي ‪ :‬وهو الجزاء المتعلـق بعقـد زواج شامـل لجميـع أركـانه مع وجـود عيـب‬
‫بأحـدهمـا كعيـوب الرضـا ‪ ،‬وقد شرع لمصلحـة المتضرر ‪.‬‬
‫‪ -‬البطـالن المطـلق ‪ :‬وهـو الجزاء المتعلـق بعقـد لم يتوفـر فيـه أحـد األركـان‪ ،‬وهـو الشكـل الذي‬
‫حـدده القـانون في العقـود الشكليـة وقد شرع مراعـاة للنظـام العـام ‪.‬‬
‫فبتفريقـه بين حـاالت البطـالن المطـلق وحـاالت البطـالن النسي تمكـن المشرع الفرنسي من‬
‫ضبط درجـة البطـالن ونتيجـة لذلـك تمكـن بالرجـوع إلى القـواعد العـامة التي يخضـع لهـا البطـالن من‬
‫تحديد األشخـاص الذيـن لهـم صفـة في القيـام ومن ضبـط آجـال القيـام ومدة التقـادم (‪. )1‬‬
‫خـالفا لذلـك لم يحـدد المشـرع التونسي طبيعـة البطـالن وإجـراءاتـه في حين أنـه قد حـدد‬
‫إجراءات دعـوى الطـالق ‪ ،‬فهـل يجـوز تطبيق هـذه اإلجراءات في دعـوى إبطـال الزواج ؟‪.‬‬
‫يبدو الجـواب بالنفي نظـرا للطبيعـة الخصـوصيـة لكل من المؤسستيـن ‪ ،‬فدعـوى الطالق ترمي‬
‫إلى إنحـالل عـالقـة زواج صحيح بطلـب من أحـد الطرفيـن إلنهـاء عـالقـة فاشلـة ‪.‬في حين أن دعـوى‬
‫اإلبطـال ترمي إلى إبطال وضعيـة باطلـة يمنعهـا القـانون ممـا يفتـرض وجـود إجراءات خـاصـة ‪.‬‬
‫ففي خصـوص طبيعـة البطـالن فإن الفصـل ‪ 22‬م أ ش ينص صراحـة على أن الزواج الفاسـد‬
‫يبطـل وجـوبا وعبارة وجـوبا ال يمكـن أن تدلنـا على الطبيعـة القـانونيـة للبطـالن وكـان على المشـرع أن‬
‫يبـين ذلك‪ .‬وبالتالي فإن الرجـوع إلى النص ال يفيدنـا بشيء كمـا أن فقـه القضـاء لم يقل كلمتـه في‬
‫هـذا الموضـوع إذ لم تعرضـه قضـايا متعلقـة بمختلـف صـور البطـالن ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪-)1(Mazeaud- les personnes 3ème vol tome I page 157‬‬


‫( ‪)1‬‬
‫فذكرت محكمـة التعقيـب في إحـدى قراراتهـا ‪،‬أن قانـون األسـرة يهـم النظـام العـام وهـو‬
‫مؤسسـة قبـل أن يكـون عقـدا وحـل رباط الزوجيـة أمر هـام ومتعلق بالنظام العـام لما له من خطورة إذ ال‬
‫تقـف العـالقـة عنـد مستـوى الزوجيـن ‪.‬‬
‫بل أنهـا تتعـدى ذلك عنـدما تكون هنـاك مصلحـة أبنـاء يجب أن تأخذ بعيـن اإلعتبار ‪ .‬وأن الزواج ال‬
‫يبرم إال طبق أحكـام معينـة ودقيقـة ال يمكـن أن نتركـه رهن إرادة الزوجيـن يتحكـمان في صحته من‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫عدمه ‪ .‬وإنمـا يجـب أن يكون الزواج تامـا وصحيحـا طبق ما إقتضـاه القانون وإال فهو باطل في صورة‬
‫إبرامـه بدون إحترام مقتضيـات القـانون ‪.‬‬
‫ولكن إعتبـرنا أن قـانون األسرة يهـم النظـام العام وبالتالي فإن البطـالن يكون بطـالنـا مطلقـا‪،‬‬
‫يمكـن لكن من له مصلحـة في القيام أن يكـون مدعيـا في قضيـة متعلقـة بإبطال زواج حتى النيابـة‬
‫العمـوميـة (‪، )2‬‬
‫إال أنـه في بعض الحـاالت تكـون دعـوى إبطـال الزواج ال تهـم إال الطرفيـن ‪ ،‬ومثال ذلك أن‬
‫يكون رضا أحـد الزوجين معيبـا والقـانـون يحمي في هـذا المجـال مصلحـة الطرفيـن فقط وال يمكـن أن‬
‫يتـرأى ألي كـان أن عيبـامـن عيـوب الرضـاء لـه مسـاس بالنظـام العـام وأكبـر دليـل على ذلك أنه مـن كـان‬
‫من الطرفين رضـاه معيبـا يمـكنه أن يصـادق على العقـد ‪ .‬وليـس في ذلك إال حمايـة للطرفيـن‪ .‬وبالتـالي‬
‫فـإن دعـوى إبطـال عقـد الـزواج القائمـة على أسـاس وجـود إكـراه‪ ،‬وال يمكـن أن يقـوم بهـا إال الشخـص‬
‫الذي أراد القانـون أن يحميـه وهـو الطـرف الـذي كان رضاه معيبـا في العقـد ‪ ،‬ذلك أن القـانون لم‬
‫يقصد من وراء كل ذلك إال حمـايةمصلحـة الشخـص‪ ،‬وليـس هنـاك مايمكـن أن يهـدد النظـام العـام في‬
‫مـا عـدا ذلك لـذا ففي صـورة كهـذه يتجـه إعتبـار البطـالن بطالنـا نسبيـا ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪-)1‬تعقيب مدني عـدد ‪ 317‬مؤرخ في ‪ 1711-1-19‬م ق ت عدد ‪ 15‬لسنة ‪ 1713‬ص ‪. 13‬‬
‫(‪" -)2‬الدعـاوي المتعلقـة بحقـوق األسـرة تهـم النظـام العـام والنيابـة العموميـة هي التي لهـا صفـة القيـام" ‪ .‬قرار مؤرخ في ‪ 3‬مـارس‬
‫‪ 1791‬ص ق ت لسنة ‪ 1791‬قسم مدني ص ‪. 139‬‬

‫لذلك البـد للمشرع أن يتـدخـل ليحـدد طبيعـة البطـالن ألن تحديـد الطبيعـة القانونيـة للبطـالن‬
‫مـن شأنـه أن يحـل جملـة من المشاكل مـن بينهـا صفـة القيـام ‪.‬‬
‫والمشكـل الثـاني يتعلـق باألجـل الـذي تنقـرض بـه دعـوى اإلبطـال للغلط في صفـة مـن‬
‫الصفـات الجوهريـة للقريـن إذ لـم يتعـرض المشـرع التونسي صراحـة لذلك ‪ .‬وذلك خالفـا للمشـرع‬
‫الفرنسي ‪ ،‬إذ نـص افصـل ‪ 111‬مـن المجلـة المدنيـة الفرنسيـة أن دعـوى البطـالن تسقط بمـرور ستـة‬
‫أشهـر مـن المساكنـة المستمـرة وذلك إنطلقـا مـن اليـوم الـذي وقـع التفطـن فيـه للغلط(‪.)1‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫أمـا المشـرع التونسي فقـد توخى السكـوت ولـم يحـدد أي أجـل وقـد أول البعـض هـذا الموقف‬
‫بأن مثـل هـذه الدعـاوي التنقرض بمـرور الزمـن نظـرا لتعلقهـا بحالـة األشخـاص غيـر أن هـذا الحـل غير‬
‫مرضي ألنـه يحـول دون إستقـرار األسـرة‪ ،‬ويمكـن اإلعتمـاد على م ا ع التي حددت أجـل سقـوط‬
‫القيـام بمـرور الزمـن بالفصـل ‪ 333‬وهـو ‪15‬سنـة مهمـا كـان سبب الفسـاد ‪.‬‬
‫وكـان من األليق تحديـد هـذا األجـل حتى اليقـع إستغـالل ذلك مـن طـرف ذوي النفـوس‬
‫الخبيثـة ويقـع طلب بطـالن الـزواج في آجـال بعيـدة جـدا مـن تاريـخ العقـد ‪ ،‬مـع مافي ذلك مـن‬
‫إنعكاسـات وخيمـة على الطـرف الثـاني الـذي يبقى مهـددا بالبطـالن طـوال مـدة العالقـة الزوجيـة ‪.‬‬
‫هـذا وقـد إعتبـر فقـه القضـاء الفرنسي أن في تواصـل المساكنـة بيـن الزوجيـن بعـد التفطـن إلى‬
‫إختـالل صفـة الجوهريـة رضـا ضمني بقبـول هـذه الوضعيـة األمـر الـذي يـؤدي إلـى سقـوط الحـق في‬
‫المطالبـة ببطـالن الـزواج (‪. )2‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪1-Pierre Dupont Delestraint et Patrick courbe opcit page 50.‬‬


‫‪2-D . Langé « le conjoint de l’aliène » RTD civ 1984 p 56 n° 42 .‬‬

‫أمـا في خصـوص المحكمـة المختصـة في دعـوي اإلبطـال فـإن الفصل ‪ 33‬من م م م ت‬


‫نـص على أن المحكمـة اإلبتدائيـة تنظـر في دعـاوي الحالـة المدنيـة‪ .‬وتعـرض فقـه القضـاء إلى‬
‫إختصـاص المحكمـة فذكـرت محكمـة التعقيب أن المحكمـة اإلبتدائيـة مختصـة في مـادة األحـوال‬
‫الشخصيـة‪ .‬قـرار تعقيبـي مدن مؤرخ فيي ‪": 1715-2-23‬المحكمـة المختصـة في مـادة األحـوال‬
‫الشخصيـة" ‪.‬‬
‫وإستثنـاءا إلختصـاص المحكمـة اإلبتدائيـة‪ ،‬إذا إقتـرن إبطـال الـزواج بعقـاب جـزائي في حالـة‬
‫تعـدد الزوجـات أو إبـرام زواج خالفـا للصيـغ القانونيـة فـإن محكمـة الناحيـة تكـون مختصـة في إيقـاع‬
‫العقـاب وإبطـال الـزواج قـرار جـزائي مـؤرخ في ‪. 1713-12-21‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الحاالت التي يمكن فيها القيام بدعـوى في إبطال الـزواج ‪:‬‬
‫يمـكن الرجـوع إلى فقـه القضـاء الفرنسي الـذي هـو غني بالدعـاوي المتعلقـة بإبطـال الـزواج ‪،‬‬
‫في حيـن أن دعـاوي إبطـال الـزواج في تونـس تكـاد تكـون منعدمـة ‪.‬وقـد إعتبـر الفقـه الفرنسي أن‬
‫موضـوع الغلط قـد فقـد أهميـة بالمقارنـة مـع صفـة هـذا الغلط أي طبيعتـه الجوهريـة ‪،‬فليـس المهـم أن‬
‫يقـع الغلط حـول صفـة مـن صفـات القريـن بـل يجب أن تكـون هـذه الصفـة جوهريـة أي منتظـرة عنـد‬
‫إبـرام العقـد (‪. )1‬‬
‫ويعتبـر الفقيـه ‪ Demolombe‬أن الصفـات الجوهريـة في الشخـص هي ‪:‬‬
‫‪« Les qualités qui rendent l’individu habile au mariage et en font une personne‬‬
‫‪mariable » (2) .‬‬
‫وقـد مر فقـه القضـاء الفرنسي بمرحلتيـن إثتنيـن ‪:‬‬
‫‪-‬في المرحلـة أولى إعتبـر الفقـه أن المـرض اليبيـح طلب إبطـال الـزواج إال إذا كـان ناتجـا عـن تغريـر أي‬
‫إخفـاء لهـذا العيب قبل الـزواج أوعـن تهـاون على العالج (‪. )3‬‬
‫ـــــــــ‬
‫‪1-Roger Norson « les cas de nullité de mariage » opcit page 328 et 323‬‬
‫‪2-Figure dans l’article de Roger Norson, opcit page 143.‬‬
‫‪3-Carbonnier, « terre et ciel dans le droit Français du mariage » opcit page33‬‬
‫‪-‬في مرحلـة ثانيـة أصبـح الغلط صفـة مـن الصفـات الجوهريـة للقريـن يبـرز لوحـده طلب البطـالن دون‬
‫البحث عـن سلـوك مخطـأ مـن طـرف القريـن أي فيمـا كـان هذا الغلط ناتجـا عـن تغرير مـن طـرف‬
‫القريـن المصـاب تسبب فيـه إخفـاء حالتـه الصحيـة عـن قرينـه (‪ )1‬مـن ذلك أنـه بالنسبـة للعجـز الجنسي‬
‫لـدى الـزوج قامت إمـرأةضـد زوجهـا تطالب بإبطـال عقـد زوجهـا ألنـه عاجـز بصفـة اليرجى منهـا شفـاء‬
‫‪ ،‬فإعتبـرت محكمـة قرونوبـل‬
‫"أن العجـز الجنسي للـزوج يمثـل عائقـا نهائيـا أمـام قيـام العالقـة الزوجيـة بصفـة طبعيـة وأن المدعيـة‬
‫لـوعلمت بعجـز معاقدهـا الـذي حـال دون تكويـن أسـرة‪ ،‬وإنجـاب أبنـاء عنـد التعبيـر عـن رضـاها‬
‫وتكـون دعـواها فـي طريقهـا ويتجـه التصريـح ببطـالن الـزواج المبـرم بيـن الطرفيـن" (‪ )2‬هـذا ولـم يتخلى‬
‫فقـه القضـاء الفرنسي عـن النظـرة المثاليـة للـزواج حيث أنـه يعتبـر الـزواج رابطـة روحيـة اليمثـل الجانب‬
‫البيولوجي فيـه سـوى عنصـا ثانويـا ‪ .‬فهـوإذ يقضـي بإبطـال الـزواج اليستنـد إلـى إصابـة الـزوج بعاهـة مـا‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫سـواء كـان عجـزا جنسيـا أومريضـا بـل على الغلط الـذي يكـون قـد وقـع فيـه المدعي الـذي لـو علـم قبـل‬
‫زواجـه بعلـة قرينـه لمـا قبـل بالـزواج ‪.‬‬
‫فأسـاس القيـام بالدعـوى في البطـالن ليـس اإلصابـة بعاهـة مـا بـل يتمثـل هـذا األسـاس في‬
‫الغلط في صفـة مـن صفـات الجوههريـة للقريـن الـذي يجعـل الرضـا معيبـا (‪ )3‬ورغـم األهميـة النظريـة‬
‫لمؤسسـة الـزواج الباطـل والفوائـد العمليـة مـن اإللتجـاء إلى هـذا الحـل إلنهـاء العالقـة الزوجيـة بأقـل‬
‫تك اليـف فـإن التطبقـات القضائيـة بقيت قليلـة فـي القانـون التونسي نظـرا ألهميـة الطـالق لحـل الرابطـة‬
‫الزوجيـة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫‪1-Paris 26 mars 1982 G P 1982, 2.519.‬‬
‫(‪-)2‬محمـد الحبيب الشريف مرجـع سابق الذكر ص ‪. 51‬‬
‫‪Roger Nerson opcit page 146 .‬‬ ‫(‪-)3‬‬

‫"ولربمـا كـان الطـالق هـو الطريقـة الواضحـة المعروفـة والتي يلتجئ إليهـا المتقاضـي بأكثـر‬
‫سهولـة إذ التظـن أن مـن البديـهي بالنسبـة للمتقاضيـن العادييـن أو حتى بالنسبـة لبعـض المحاميـن أن‬
‫يخطـر ببالهـم التفكيـر في طـرق باب البطـالن لغلط في الشخص نظرا لقلـة القضـايا إن لم تقل‬
‫إلنعدامهـا في ذلك الميدان "‪.‬‬
‫وقد طرحـت قضيـة أمـام محكمـة التعقيب يطالب فيهـا المدعي بالطـالق للضرر نظرا لمرض زوجتـه‬
‫باألعصـاب ‪ .‬فقضـت المحكمـة بعدم تمكين المدعي من الطـالق ‪ ،‬نظرا لعدم إثبات توفر سلوك‬
‫مخطأ من طرف الزوجـة ‪ .‬ولقـد إنتهـزت المحكمـة هـذه الفرصـة لتبيـن أن ‪ " :‬إصابـة أحـد الزوجيـن‬
‫بمرض مزمـن يمكـن أن يكـون سبـبا في طلب فسـخ عقـد النكـاح إن وقع السكـوت عن بيانهـا غشـا‬
‫وتدليسـا ولم يحصـل الرضـا به بعد العلـم ‪ .‬األمر الذي يضع على عـائق طالب إبطـال عقـد الزواج‬
‫إثبـات السلـوك المخطئ من طرف القريـن المصـاب أي إخفـائه لحقيقـة حـالتـه الصحيـة قبل الزواج ‪.‬‬
‫وهـذا مـا يتمـاشى مع موقف الفقـه الفرنسي الذي كـان ال يبيـح إبطال عقـد الزواج إال إذا كـان الغلـط‬
‫في صفـة من صفـات القريـن الجوهريـة نـاتجـا عن تغريـر ‪ ،‬في حيـن تخلي الفقـه الفرنـسي في مرحلـة‬
‫ثانيـة عن هـذا الشرط ليصبـح الغلـط لوحـده كافيـا لتبريـر طلب البطـالن دون البحث عن سلـوك مخطـئ‬
‫من طرف القريـن ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لقـد خـولت لنـا هـذه الدراسـة الوقـوف عـن كثب على خطـورة المـرض على عقـد الـزواج‬
‫وإدراك اإلنعكاسـات السلبيـة المتأتيـة مـن ضآلـه التشريـع التونسـي المخصـص لهـذا الجـانب ‪ .‬وليـس‬
‫أدل على ذلك مـن تضـارب الحلـول النطريـة والتطبقيـة المتقـدم بهـافي خصـوص تأثيـر مـرض أحـد‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫الزوجيـن على الرابطـة الزوجيـة هـذا مـا يجعلنـا نـدرك مدى خطـورة هـذا العامـل في قيـام الرابطـة الزوجيـة‬
‫وإستمراريتهـا وحتى إنفصامهـا ‪ .‬عسـانا نوجـه إهتمامـات التشريـع لمـدى خطـورة المـرض على الـزواج‬
‫ككـل‪ .‬ولعـل أول خطـوة إيجابيـة يمكنـه القيـام بهـا في هـذا الصـدد تكمـن في تعريف الـزواج ‪ ،‬علـة‬
‫بذلك يسهـل مأموريـة رجـل القانـون الذي يطمـح إلى إدراك إرادة المشـرع الحقيقيـة ‪.‬‬
‫إلى جانب قيمـة التشريـع في كـل المجاالت الهامـة‪ .‬فإنـه مـن االيجـابي مراجعـة بعـض الحلـول‬
‫المنقوصـة التي ثبت إنعـدام جدوهـا في مستـوي التطبيـق ‪ ،‬وليـس أدل على هذا الرأي مـن قانـون ‪3‬‬
‫نوفمبـر ‪ 1713‬المتعلـق بالشهـادة الطبيـة السابقـةللزواج ‪ .‬هـذا األخيـر يحتـاج حسب إعتقـادنـا إلى‬
‫تـدارك بعـض النقائـص التي حدت مـن نجاعتـه التطبيقيـة ولعل تعميـم هـذه الشهـادة الطبيـة السابقـة‬
‫للـزواج بكامـل تـراب الجمهوريـة ‪ ،‬باإلضـافة إلى تشديـد المراقبـة على طريقـة إجرائهـا ‪ ،‬مـن شأنـه أن‬
‫يقـدم دفع ـا إيجابيـا لهـذا القانـون الهـام ‪ ،‬يكـون لـه عميـق األثـر في مستـوى التطبيـق ‪ .‬وتظـل األعمـال‬
‫الطبيـة المستحدثـة مشكلـة وجب معالجتهـا بوضـع نصـوص قانونيـة تنظـم مـا تحلف تنظيمـه خصوصـا‬
‫في ميـدان تغييـر الجنـس نظـرا ألنـه أصبـح واقعـا مفـروضـا ال يجـب تجاهلـه وذلك بإعتمـاد حـل إمـا‬
‫إقـراره أو رفضـه قصـد تالفي مـاعسى أن يجعـل مـن تضـارب محتمـل في مستـوى الحلـول النظريـة‬
‫والتطبقيـة ‪.‬‬
‫فـإن تـم إقـراره إن دعت الحاجـة إليـه وذلك في ضـروف خاصـة جـدا حتى اليـؤدي حرمانـه مـن هـذا‬
‫الحـق مـن شعـوره بالظلـم وإقدامـه على اإلنتقـام مـن نفسـه أو مـن الغيـر فقـد يؤدي األمـر بـه إلى‬
‫االنتحـار أو فـرض سلوكـه ونمـط حياتـه على المجتمـع مـن خـالل ممارسـة الجنسيـة الشـاذة التي تنقـل‬
‫األمـراض خصوصا األمراض القاتلـة التي تؤدي إلى إنهيـار المجتمـع واإلنحـالل والتفسـخ األخـالقي ‪.‬‬
‫وأن يكـون بعـد نفـاذ كـل سبيـل للعـالج وبعـد ترخيـص مـن األطبـاء إضافـة إلى شـرط العزوبـة ‪.‬أو منعـة‬
‫مننعـا باتـا وتجريمـه ‪ ،‬فيصبـح تغييـر الجنـس جريمـة يعاقب عليهـا القانـون ‪.‬‬
‫ولضمـان أعلى درجـات النجاعـة المرجـوة مـن القاعـدة القانونيـة ‪ ،‬يتحتـم على هـذه األخيـرة‬
‫كمـا سمحت طبيعـة الموضـوع ‪ ،‬أن تأخـذ بعيـن اإلعتبـار التطـورات العلميـة المسجلـة في مجـال‬
‫تدخلهـا ‪ .‬حتى يكتسي مضمونهـا طابعـا موضوعيـا يترتب عنـه منطقـا النجاعـة والفاعليـة في مستـوى‬
‫التطبيـق ‪ .‬خاصـة وأن فقـه القضـاء مـا فتـيء يتعـرض إلى جملـة مـن الصعوبـات في غيـاب النصـوص‬
‫القانونيـة المتعلقـة بموضـوع المـرض ‪ .‬مـن ذلك كـان عليـه أن يجتهـد فـي البحث عـن األسـاس القانـون‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫لفهـم العالقـة الزوجيـة التي تكـون قـد جمعت زوج بزوجـة مريضـة أو زوجـة بـزوج عاجـز جنسيـا عـن‬
‫االتصـال الجنسي بهـا ‪ .‬محـاوال أن يجـد مـالذا في مفهـوم الضـرر والطـالق للضـرر على معنى الفقـرة‬
‫‪ 2‬شخصي ولكـن وإعتبـار لصعوبـة البحث عـن سلـوك مخطـئ للقريـن ولصعـوبة إثباتـه ‪ ،‬تسائلنـا إن‬
‫كـان الطـالق للضـرر هـو الحـل المالئـم لفصـم العالقـة الزوجيـة ‪ .‬وهـل أنـه بإمكاننـا إعتبـار القريـن‬
‫المتضرر مـن مـرض قرينـه قـد وقـع في غلط أعاب رضـاه ؟‬
‫وكـان بودنـا أن يطـرح النقـاش في خصوص إبطـال الـزواج للغلط في الشخـص ‪ ،‬ولو مـرة واحـدة‬
‫بمناسبـة عيب خفي سـواء كـان مـرض أوعيب جنسي ‪ .‬هـذا باإلضافـة إلى أنـه وددنـا لـو أن محكمـة‬
‫التعقيب تفضلت بتوضيـح على األقـل موقفهـا في خصـوص جـواز اإلكتفـاء بالضـرر للتخلـص مـن‬
‫العالقـة الزوجيـة التي أصيب طـرف فيهـا بمـرض ‪ ،‬أوعجـز أو بأي مصيبـة تجعـل إستمـرار الحيـاة‬
‫الزوجيـة مستحيلـة !! خصوصـا وأن النقـاش قـد يطـرح كذلك بخصـوص إصابـة الزوجـة بالبـرود‬
‫الجنسي أوعيب مانـع مـن اإلتصـال الجنسي بهـا ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫المراجـع المعتمـدة ‪:‬‬


‫‪ -1‬باللغـة العربيـة ‪:‬‬
‫أ‪-‬المراجـع العامـة ‪:‬‬
‫‪1791‬‬ ‫‪ ‬الزواج في الشريعـة اإلسالميـة ‪:‬على حسب الله دارالفكـر العربي الطبعـة األولى‬
‫‪ ‬عقـد الـزواج ‪ :‬أركـانه وشـروط صحتـه في الفقـه اإلسـالمي ‪ :‬الدكتـور محمـد رأفت عثمـان ‪ :‬دار‬
‫الكت ــاب الجامعي –القاهـرة‪ -‬الطبعـة األولى ‪.‬‬
‫‪ ‬أحكـام ا الـزواج والطـالق في اإلسـالم ‪ :‬بـدران أبـو العنيـن بـدران "دار المعـارف" الطبعـة الثالثـة‬
‫‪.1713‬‬
‫‪ ‬عقـود الـزواج الفاسـدة فـي اإلسـالم ‪ :‬أحمـد محمـد الخليفي الشلبي المنشـأة العامـة للنشـر والتوزيـع‬
‫واإلعـالن طرابلـس ليبيـا الطبعـة األولى ‪. 1713‬‬
‫‪ ‬الـزواج والمـرأة ‪ :‬أحمـد حسيـن مطبعـة دار الكتب المصريـة ‪ ،‬مصـر ‪. 1713‬‬
‫‪ ‬الفقـه المقـارن لألحـوال الشخصيـة بيـن المـذاهب األربعـة السنـة والمذهب الجعفـري والقانـون الـزواج‬
‫والطـالق ‪ .‬المجموعـة األولى المجموعـة األولى دار النهضـة العربيـة للطباعـة والنشـر بيـروت ‪: 1719‬‬
‫بـدان أبـو العنيـن بـدران ‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ ‬الوسيط في شـرح القانـون المـدني ‪ :‬عبـد الرزاق السنهـوري ‪ ،‬مصـادر اإللتـزام دار النشـر للجامعـات‬
‫المصريـة القاهـرة ‪.1752‬‬
‫‪ ‬شـرح قانـون األحـوال السوري‪ .‬عبـد الرحمـان الصابـوني الجـزء الثاني الطـالق وآثـاره مطبعـة جامعـة‬
‫دمشـق ‪. 1792‬‬
‫‪ ‬األحـوال الشخصيـة في الشريعـة اإلسالميـة ‪:‬عبـد العزيـر عامـر ‪ :‬القاهـرة دار الفكـر العربي ‪. 1791‬‬
‫‪ ‬أحكـام األسـرة في اإلسالم ‪ .‬محمد مصطفى شلبـي دار النهضـة العربيـة بيروت الطبعـة الثانيـة‬
‫‪. 1799‬‬
‫‪ ‬األحكـام الشرعيـة لألحـوال الشخصيـة ‪ :‬زكي الديـن شعبـان الطبعة الثالثة منشـورات الجامعـة العربيـة‬
‫الليبيـة كليـة الحقـوق مطابـع الشـروق بيـروت ‪. 1793‬‬
‫‪ ‬الفقـه عن المذاهب األربعـة‪ .‬عبد الرحمـان الجزيـري الجـزء الرابـع دار العـودة ‪1713‬‬
‫واجبـات الـزوج الجنسيـة ‪ :‬إميـل خليـل بيديـس منشـورات دار األفـاق الجديـدة ‪ ،‬بيـروت لطبعـة األولى‬
‫‪.1715‬‬
‫‪ ‬أنبيـاء اللـه أحمـد بهجت ‪ :‬مطابع الشرق بيـروت القاهرة ‪:‬لطبعـة الحاديـة عشـر ‪.‬‬
‫الحاوى للمـاوردي المجموعـة الثانيـة عشـر‪.‬‬
‫‪ ‬بدايـة المجتهـد المجمـوعة الثانيـة‬
‫ب‪ -‬المحاضـرات ‪:‬‬
‫‪ ‬دورس السنـة الثالثـة (قانـون خـاص) األستـاذ ساسي بـن حليمـة السنـة الجامعيـة ‪ 1793-1795‬كليـة‬
‫الحقـوق بتونـس ‪.‬‬
‫‪ ‬دروس السنـة األولى مـن لمرحلـة الثالثـة (قانـون خـاص) األستـاذ ساسي بن حليمـة (‪– 1773‬‬
‫‪ )1717‬كليـة الحقـوق بتونـس ‪.‬‬
‫‪ ‬دروس السنة الثانيـة (مدني)‪ :‬األستـاذ محمد الزين النظريـة العامة لإللتزامـات "العقـد" ‪.‬‬
‫ج‪-‬المذكـرات ‪:‬‬
‫‪ ‬المعطيـات البيولوجيـة والـزواج ‪ :‬يسـرى محفـوظ مذكـرة لإلحـراز على شهـادة الدراسـات المغمقـة في‬
‫القانون الخاص‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪+‬االتصـال الجنسي بيـن الزوجيـن ‪ :‬زعـرة البجـاوي مذكـرة االحـراز علي شهـادة الدراسـات العليـا في‬
‫القانـون الخـاص ‪.‬‬
‫‪+‬المـرض في القانـون التونسي ‪ :‬عـدنـان الماطوسي رسالـة تخـرج مـن المعهـد األعلى للقضـاء الفـوج‬
‫العاشـر السنـة ‪.1777-1771‬‬
‫‪+‬المفهـوم القانـوني واإلجتمـاعي للـزواج ‪:‬محمـد رابـح رسالـة تخـرج مـن المعهـد األعلى للقضـاء الفـوج‬
‫الثالث السنـة ‪.1772-1771‬‬
‫‪ +‬عذريـة الزوجـة‪ :‬سـارة قمـارة مذكـرة اإلحـراز على شهـادة الدراسـات المعمقـة في القانـون الخـاص ‪.‬‬
‫‪ +‬الـزواج الباطـل ‪ :‬األستـاذ فـوزي بالكنـاني رسالـة اإلحـراز على شهـادة الدرسـات المعمقـة في القانـون‬
‫الخـاص جـوان ‪. 1711‬‬
‫‪+‬الغلط كعيب للرضـا شكـري الشيـخ مذكـرة اإلحـراز على شهـادة الدرسـات المعمقـة في القانـون‬
‫الخـاص ‪.1711‬‬
‫‪ +‬الوضعيـة القانونيـة للبنـوة غيـر الشرعيـة في القانـون التونسي ‪ :‬مذكـرة اإلحـراز على شهـادة الدرسـات‬
‫المعمقـة في القـانون الخـاص تونـس ‪. 1797‬‬
‫‪. 1773-1717‬‬ ‫‪ +‬الحضانـة نـادرة اللومي رسالـة تخـرج مـن لمعهـد األعلى للقضـاء الفـوج األول سنـة‬
‫‪ +‬النفقـة ‪ :‬زينب زغلـول رسـالـة تخـرج مـن المعهـد األعلى للقضـاء الفـوج الخامـس السنـة ‪-1773‬‬
‫‪. 1773‬‬
‫‪ +‬واجب التعـاون بيـن الزوجيـن ‪ :‬جلـول شلبي رسالـة تخـرج مـن المعهـد األعلى للقضـاء الفـوج التاسـع‬
‫السنـة ‪. 1771-1779‬‬
‫د‪-‬المق ــاالت ‪:‬‬
‫‪1711‬‬ ‫مؤرخ في ‪-1-19‬‬ ‫عدد‪1337‬‬
‫‪ +‬األستاذ ساسي بن حليمـة تعليـق على قرار تعقيبي مدني‬
‫جريـدة الصبـاح ‪ 1711-5-12‬ص ‪" 11‬الطـالق لمـرض الزوجـة"‬
‫‪ +‬األستـاذ سـاسي بـن حليمـة تعليـق على قـرار تعقيبي مدني عـدد ‪ 15371‬مؤرخى في ‪1711-1-19‬‬
‫م ق ت عـدد ‪ 9‬ص ‪. 92‬‬
‫‪ +‬األستـاذ ساسي بـن حليمـة تعليـق على قـرار إستئنـافي مدني عـدد ‪ 1313‬مـؤرخ في ‪1773-5-33‬‬
‫المجلـة القانونيـة التونسيـة ‪ 1773‬ص ‪273‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫المجلـة‬ ‫‪1773-1-29‬‬ ‫‪ +‬األستـاذ ساسي بـن حليمـة تعليـق على قـرار مدني عـدد ‪ 1131‬مـؤرخ في‬
‫القانونيـة التونسيـة ‪ 1771‬ص‪. 15‬‬
‫‪ +‬األستـاذ ساسي بـن حليمـة مقـال "الزوجـة العـذراء"محاضـرة ألقيت بكليـة الحقـوق والعلـوم السياسيـة‬
‫بتونـس جريـدة الصبـاح الخميـس ‪. 1711/2/19-11-15‬‬
‫‪+‬األستـاذ ساسي بـن حليمـة ‪ .‬تعليـق على قـرار تعقيبـي مدني عـدد ‪ 7313‬مـؤرخ في ‪1793-9-13‬‬
‫الم الـق الت ‪ 1791‬ص ‪. 31‬‬
‫‪+‬األستـاذ عبـد الله األحمـدي ‪ :‬هـل يجـوز في قانـوننـا التونسي منـع المريـض بالسيدا من أن يتـزوج‬
‫مقـال منشـور بجريـدة الصبـاح مـؤرخ فـي ‪ 21‬فيفـري ‪. 1717‬‬
‫‪ +‬األستـاذ حاتـم األسـود "هـل يبطـل العجـز الجنسـي عقـد الـزواج" جريـدة الصبـاح ‪2‬نوفمبـر ‪1711‬‬
‫ص‪. 13‬‬
‫‪ +‬ضوابـط قانونيـة لجراحـة تغييـر الجنـس الشـروق ‪. 1717-11-13‬‬
‫‪ +‬حـول تأثيـر العجـز الجنسي للـزوج على قيـام العالقـة الزوجيـة وإنفصـامهـا م الق والت ‪ 1711‬العـدد‬
‫‪ 1‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ +‬الجوانب القانونيـة لتقنيـات التلقيـح الصناعي م ق ت جانفي ‪ 1772‬عـدد ‪ 1‬ص ‪. 9‬‬
‫‪ +‬نشـوز الزوجـة بيـن الشريعـة والقانـون م ق ت ‪ 1795‬عـدد ‪3‬و‪ 3‬و‪. 5‬‬
‫‪ +‬السـر المهني والمسؤوليـة الطبيـة إسماعيـل العيـاري م ق ت مـارس ‪. 1711‬‬
‫‪ +‬مـدى المسؤوليـة الجـزائيـة والمدنيـة للطبيب إذا أفشى سـرا مـن أسـرار مهنتـه سميـر الورفلي م ق ت‬
‫‪ 1792‬عـدد ‪. 2‬‬
‫‪ +‬المسؤوليـة الطبيـة التيجـان عبيـد م ق ت عـدد ‪ . 3‬مـارس ‪. 1717‬‬
‫‪ +‬ألستـاذ ساسي بـن حليمـة ‪ :‬مقـال هـل يمكـن إسنـاد الحضانـة ألحـد الزوجيـن أو لغيرهمـا حـال قيـام‬
‫الزوجيـة ودون وجـود قضيـة في الطـالق ؟ الـم الق الت ‪. 1772‬‬
‫‪ +‬الضـرر في دعـوى الطـالق محمـد التريكي ق ت مـاي ‪ 1711‬ص ‪. 153‬‬
‫‪ +‬تليعـق األستـاذ محمـد صالـح العياري على مقـال األستـاذ سـاسي بـن حليمـة جريـدة الصبـاح ‪17-11‬‬
‫أوت ‪. 1711‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ +‬الهـادي كـرو المـرأة في مجلـة األحـوال الشخصيـة مجلـة القضـاء والتشريـع سنـة ‪ 1799‬العـدد ‪ 3‬ص‬
‫‪. 11‬‬
‫‪ +‬ماريـز دويـدار حريـة الـزواج المجلـة الجزائريـة للعلـوم القانونيـة ‪. 1793‬‬
‫‪ +‬محمـد صـالح بـن حسيـن المسؤولية الطبيـة في القانـون التونسـي ‪ .‬م ق ت ‪ 1771‬عـدد ‪. 3‬‬
‫‪ +‬هشـام الكسيبي حقـوق المريـض م ق ت عـدد ‪ 1‬أكتوبـر ‪.1711‬‬
‫‪ +‬نبيلـة المزعني تعليـق على قـرار مدني عـدد ‪ 1115‬مـؤرخ في ‪ 1791-5-7‬م ق ت ‪1713‬‬
‫‪ +‬محمد صالح العياري "مـتى تكـون الزوجـة ناشـزا فيسقط حقها فـي النفقـة ؟"مقـال منشـور بجريـدة‬
‫الصبـاح ‪. 1712-3-23‬‬
‫‪ +‬األميـن الشـابي البنـوة الشرعيـة في القانـون المقـارن م ق ت ‪ 1791‬الجـزء ‪ I‬عـدد ‪ 1‬ص ‪. 11‬‬
‫‪ +‬الحبيب الغربي ‪ :‬الضـرر الموجب للطـالق في القانـون التونسي محاضـرة ختـم التمريـن في المحامـاة‬
‫‪. 1711‬‬
‫‪ +‬محمـد رضـا األجهـوري تطـور مفهـوم الضـرر في القانـون التونسي بحث ‪.‬‬

‫‪-2‬باللغـة الفرنسيـة ‪:‬‬


‫‪A-ouvrages generaux :‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Carbonnier Jean : droit civil tome Ipuf paris 1960.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Carbonnier Gerard : drioit civil la famille Monchrestien octobre 1984.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Marty et Raynoud : traite de droit civil Français tome II.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Alex well et Français terre : droit civil : les personnes la famille- les‬‬
‫‪incapacités : precis Dallaz 5éme édition.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Jurisclasseur de droit civil : mariage fax A art 144 à147 Guy Roynoud collection‬‬
‫‪des Jurisclasseur civil edition technique S .A 1988‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Nauveau larousse Médical : libraire larousse Paris ed 1987.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Mazoud les personnes : sirey 3éme edition par P.Roynoud 1965.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Chevalier Jean et louis barch : Droit civil introduction a l’etude de droit‬‬
‫‪personnes physiques la famille, les biens sirey tome I 11éme edition 1993.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

- Bupont delestraint Pierre et Courbe Patricke droit civil les personnes la famille
les incapacités Dalloz 13 éme edition 1990.
- Cours de droit civil 3 éme anneé faxicule I premiere partie- les cours de droit
de Paris v 1973 « Jambu-Merlin »
- Benabent Alain droit civil la famille litec 6éme edition 1994.
- Naoual EL Saadaoui : editions des femmes Paris 1981.

B- ouvrages speciaux :
- Branlard Jean Paul : le sexe de l’etat des personnes aspects historiques
Socialogiques et juridiques L.G.D.J Paris 1993.
- « Le transxualisme » actes de la rénuion tenue le 17-06-83 au Palais de
luxenbourg droit et ethique médical vol I : la collection de médecine légale et
toxicologie médicale.
- Alayli Bahaeddine : réglementation des rapports sexuls en droit musulman
comparé thése de doctorat Paris1980.
C- Article et Notes :
- La maladie d’un epaux idealisme et realisme on droit matrimonial Français
Marcel Gulioli Rev trim dt.civ 1968 P 253.
- Progrés scientifiques et droit famellial Melanges Ripert Rogers Nerson Page
403.
- L’influence de la biologie et la Medecine Moderne sur droit civil « Roger
Nerson » Rev trim dt cv 1970 page 661.
- Lambiguité du droite face au syndrame transsexuel. Jacqueline petit. Rev trim
de droit civil 1976 page 263.
- Transsexualité et justice islamique : Djey Nubttane jeure Afrique N 1502, 16
octobre 1989 p21.
- Gulple M : Note sous chambre creminelle 28 Mais 1947 D 1948.
- Voiren : Note sous cour de paris le 10 juin 1958 D 1958 J p735.

‫ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

- Voiren - le certificat Médical prenuptial jurischasseur semaine juridique 3/10


janvier 1943 Doctrine 322.
- J.Roullet et G.vantheensche cahier Medical 27-05-1980 l’impuissance.
- Prodel Jaen note sautt G.I le Mans 18 mars 1965 D 1967 JP 203.
- Gerard carnu : la gecivil Mélanges Roubier 1961 II page 9.
- Rinant de bellefonds : traité du droit Muslman comparé tome III N 4456 page 47.
- Guyonyves : « de L’obligation de sincerité dans le Mariage RTD 1964 page 473 »
- Cass civil 06-04-1903 D periodique 1904, page 395 conclusion boudoin.
- D – lange « le conjoint de l’aliene » RTD civ 1984 p 56 N 42.

‫إلى أمـي‬
‫إلى أبـي‬
‫إلى زوجـي‬
‫إلى إخـوتي‬

‫إلى كـل مـن ساعدني على إنجـاز هـذا العمـل المتواضـع‬

‫ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫باللغـة العربيـة ‪:‬‬


‫م أ ش ‪ :‬مجلـة األحـوال الشخصيـة ‪.‬‬
‫م أ ع ‪ :‬مجلـة اإللتـزامـات والعقـود ‪.‬‬
‫م م م ت ‪ :‬مجلـة المرافـعـات المدنيـة والتجاريـة ‪.‬‬
‫م ق ت ‪ :‬مجلـة القضـاء والتشريـع ‪.‬‬
‫الـم الق ت ‪ :‬المجلـة القـانـونيـة التونسيـة ‪.‬‬
‫ن م ت ‪ :‬نشريـة محكمـة التعقيب ‪.‬‬
‫م ت ‪ :‬محكمـة التعقيب ‪.‬‬
‫ن م ت ق م ‪ :‬نشريـة محكمـة التعقيب قسـم مدني ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬الجـزء ‪.‬‬
‫ص ‪ :‬الصفحـة ‪.‬‬
‫ط ‪ :‬الطبعـة ‪.‬‬
‫م م الف ‪ :‬المجلـة المدنيـة الفرنسـة ‪:‬‬

‫باللغـة الفرنسيـة ‪:‬‬

‫‪-Rev trim dt civ : Revu trimmestrielle de droit civil‬‬


‫‪-R t d : revu trimmestrielle de droit‬‬
‫‪-J c c : Jurisclasseur de droit civil‬‬
‫‪-J cp : Jurisclasseur de droit pénal‬‬
‫‪-Cass ci : cour de cassation chambre civil‬‬
‫‪-trits civil : tribunal civil‬‬
‫‪-Gaz pall :Gazette de Palle.‬‬
‫‪-Ed Dal: Edition Dalloz.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪-D: Doctrine.‬‬
‫‪-P: Page.‬‬

‫ص‪31‬‬ ‫المقــدمـة ‪:‬‬


‫ص‪13‬‬ ‫الجـزء األول ‪ :‬المرض والعالقـة الزوجيـة‬
‫ص‪12‬‬ ‫القسـم األول ‪ :‬المـرض وتكويـن العالقـة الزوجيـة‬
‫‪:‬ص‪12‬‬ ‫الفقـرة األولى ‪ :‬تأثيـر الـمرض علـى الشـروط البيولولجيـة للزواج‬
‫ص‪13‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬آليـة الكشف الطبـي السابق للزواج ‪:‬‬
‫ص‪13‬‬ ‫‪ – 1‬األسس النظرية المبررة للكشف الطبي السابق للزواج ‪:‬‬
‫ص‪13‬‬ ‫أ‪ -‬النظريـة العنصريـة‬

‫ص‪15‬‬ ‫ب‪ -‬النظريـة المثاليـة‬

‫ص‪19‬‬ ‫ج ‪ -‬النظريـة الواقعيـة‬


‫ص‪17‬‬ ‫‪ -2‬الجوى التطبيقية من الكشف الطبـية السابق للزواج ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الشهـادة الطبيـة شكليـة تطبيقيـة يسهـل تجاوزهـا‪.‬‬
‫ص‪17‬‬
‫ص‪23‬‬ ‫ب ‪ -‬إلتـزام الطبيب بواجب إحتـرام السـر المهنـي ‪.‬‬
‫ص‪21‬‬ ‫المبحث الثانـي ‪ :‬المـرض والسالمـة الجنسية ‪:‬‬
‫ص‪21‬‬ ‫‪ -1‬المـرض والقـدرة الجنسيـة‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ص‪31‬‬ ‫أ ‪ -‬بلـوغ السـن القانونـي قرينـة علـى القـدرة على الوطـئ‬

‫ب‪ -‬تأثيـر المـرض على القـدرة الجنسيـة‬


‫ص‪33‬‬
‫ص‪33‬‬ ‫*األمـراض المؤثـرة علـى القـدرة الجنسيـة‬
‫ص‪31‬‬ ‫*األمـراض غيـر المؤثـرة على القـدرة الجنسيـة‬
‫ص‪31‬‬ ‫ثانيـا ‪ :‬تأثيـر المنتقلـة عبـر اإلتصـال الجنسـي‬
‫ص‪32‬‬ ‫ثـالثـا ‪ :‬زواج األقــارب‬
‫ص‪33‬‬ ‫‪ -2‬المـرض وشـرط التبايـن فـي الجنـس‬
‫ص‪33‬‬ ‫أ ‪ -‬التبايـن فـي الجنـس شـرط جوهـري إلنعقـاد الـزواج‬

‫ص‪39‬‬ ‫ب‪ -‬صـورة تغيـر الجنـس‬


‫ص‪31‬‬ ‫* المطلب األول ‪ :‬الصعوبات القانونية المتعلقة بجراحة تغير الجنس‬
‫ص‪53‬‬ ‫* المطلب الثـاني ‪ :‬تأثيـر تغيـر الجنـس علـى إبرام عقـد الزاوج‬
‫ص‪51‬‬ ‫‪ -3‬المـرض وشـرط السالمـة ‪:‬‬
‫ص‪53‬‬ ‫الفقـرة الثانيـة ‪ :‬تأثيـر المـرض علـى الشـروط النفسانيـة للزواج ‪:‬‬
‫ص‪53‬‬ ‫المبحـث األول ‪ :‬المـرض ووجـود الرضـا ‪:‬‬
‫ص‪53‬‬ ‫‪ -1‬زواج المجنـون‬
‫ص‪75‬‬ ‫‪ -2‬زواج المريـض مـرض المـوت‬
‫ص‪57‬‬ ‫‪ -3‬زواج األبكـــم واألصــــم‬
‫ص‪11‬‬ ‫المبحث الثانـي ‪ :‬المـرض وتعييب الرضـا ‪:‬‬
‫ص‪13‬‬ ‫‪ -1‬المـرض والصفـة الجوهريـة للقريـن‬
‫ص‪15‬‬ ‫‪ -2‬العجـز الجنسـي ومفهـوم الصفـة الجوهريـة‬
‫ص‪11‬‬ ‫القسـم الثانـي ‪ :‬المـرض أثنـاء قيـام العالقـة الزوجيـة‬
‫ص‪11‬‬ ‫الفقـرة األولـى ‪ :‬تأثيـر المـرض علـى العالقـات الشخصيـة‬
‫بيـن الزوجيـن‬
‫ص‪17‬‬ ‫المبحـث األول ‪ :‬تأثير المرض على واجب الساكنة بيـن الزوجيـن‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ص‪93‬‬ ‫المبحـث الثانـي ‪ :‬المـرض والنسب‬


‫ص‪93‬‬ ‫نفـي النسب لعـدم التالقـي فـي المكـان‬
‫ص‪91‬‬ ‫‪ -1‬نفـي السـب لعدم وجود إتصـال جنسـي بين الزوجيـن‬
‫ص‪13‬‬ ‫المبحـث الثالث ‪ :‬المـرض والحضانـة‬
‫ص‪13‬‬ ‫‪ -1‬مراعـاة مصلحـة المحضـون‬
‫ص‪13‬‬ ‫‪ -2‬مراعـاة مصلحـة المتبنـي‬
‫ص‪11‬‬ ‫الفقـرة الثانيـة ‪ :‬تأثير المرض على العالقـات المالية بيـن الزوجيـن ‪:‬‬

‫ص‪11‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬واجبات الزوج المعافي المالية تجاه الزوج المريض‪:‬‬
‫ص‪11‬‬ ‫‪ -1‬واجـب التعـاون‬
‫ص‪71‬‬ ‫‪ -2‬واجـب اإلنفـاق‬
‫ص‪72‬‬ ‫أ‪ -‬مفهـوم عسـر المديـن المسطـق للنفقـة‬

‫ص‪73‬‬ ‫ب‪ -‬أثـار عسـر المديـن‬


‫ص‪73‬‬ ‫المبحـث الثانـي ‪ :‬موقـف الـزوج المعافـى مـن التصرفـات‬
‫الماليـة لزوجـه المريـض ‪:‬‬
‫ص‪73‬‬ ‫‪ -1‬فـي صـورة إختيـار نظـام اإلنفصـام في الذمـة الماليـة ‪:‬‬
‫أ‪-‬إمكانيـة القيـام بحجـر قضـائـي‬
‫ص‪75‬‬
‫ص‪79‬‬ ‫ب‪-‬موقـف القريـن المعافـى مـن تصرفـات قرينـه فـي مـرض موتـه ‪:‬‬
‫ص‪79‬‬ ‫* التصـرف بعــوض‬
‫ص‪71‬‬ ‫* عقـود التبــــرع‬
‫ص‪77‬‬ ‫‪ -2‬فـي صـورة إختيــار نظـام اإلشتــراك فـي الملكيـة ‪:‬‬
‫ص‪133‬‬ ‫الجـزء الثانـي ‪ :‬المـرض وإنفصـام العالقـة الزوجيـة ‪:‬‬
‫ص‪139‬‬ ‫القسـم األول ‪ :‬طلب الطـالق لمـرض أحـد الزوجيـن ‪:‬‬
‫ص‪139‬‬ ‫الفقـرة األولـى ‪ :‬المرض سنـد لطلب الطـالق للضـرر ‪:‬‬
‫ص‪131‬‬ ‫المبحـث األول ‪ :‬المـرض ومفهـوم الضـر ر ‪:‬‬
‫ص‪131‬‬ ‫‪ -‬الضـرر المـادي‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ص‪111‬‬ ‫‪ -‬الضـرر المعنـوي‬


‫‪-1‬‬ ‫ص‪119‬‬ ‫المبحـث الثـاني ‪ :‬المـرض سـبب الضـرر ‪:‬‬
‫ص‪119‬‬ ‫النظريـة األولـى ‪ :‬النظريـة التقليديـة أونظريـة‬
‫إشتـراط وجـوب تأسيـس الضــرر علـى الخطـئ ‪.‬‬
‫ص‪123‬‬ ‫‪ -2‬النظريـة الثانيـة ‪ :‬النظريـة الحديثة أونظرية اإلكتفاء‬
‫بمجرد الضـرر ‪.‬‬

‫ص‪123‬‬ ‫الفقـرة الثانيـة ‪ :‬التطبيـق القضائـي ‪:‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫ص‪125‬‬ ‫المبحـث األول ‪ :‬موقـف فقـه القضـاء في خصوص الطالق ‪:‬‬


‫ص‪125‬‬ ‫‪-1‬إضطـراب فقـه القضـاء فـي خصـوص الطـالق ‪:‬‬
‫ص‪125‬‬ ‫أ‪-‬إضطـراب فقـه القضـاء بالقياس مـع نظريتـي الطـالق عـالج والطـالق عقـاب ‪:‬‬

‫ص‪132‬‬ ‫ب‪ -‬األسـس المستمـدة مـن الفقـه اإلسالمـي ‪:‬‬


‫ص‪139‬‬ ‫‪ -2‬إثبـات المـرض أسـاس الضـرر ‪:‬‬
‫ص‪131‬‬ ‫* إثبـات العجـز الجنسـي ‪:‬‬
‫ص‪131‬‬ ‫أ‪ -‬بقـاء العذريـة قرينـة علـى عجـز الـزوج الجنسـي‬

‫ص‪151‬‬ ‫ب‪ -‬اإلختبـار الطبـي وإثبـات العجـز الجنسـي‬


‫ص‪153‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬محتـوى اإلختبـار الطبـي‬
‫ص‪153‬‬ ‫‪+‬عمليـة الفحـص الطبـي‬
‫ص‪153‬‬ ‫‪+‬نتيجـة اإلختبـار الطبـي‬
‫ص‪155‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬حجيـة اإلختبـار الطبـي‬
‫ص‪151‬‬ ‫المبحث الثانـي ‪ :‬موقـف فقـه القضاء في خصوص التعويض‪:‬‬
‫ص‪113‬‬ ‫‪ -1‬الحلـول التطبيقيـة المتعلقـة بالتعويـض‬
‫ص‪113‬‬ ‫‪ -2‬الحلـول النظريـة المتعلقـة بالتعويـض‬
‫ص‪191‬‬ ‫القسـم الثانـي ‪ :‬طلب البطـالن لمـرض أحد الزوجين ‪:‬‬
‫ص‪192‬‬ ‫الفقـرة األولى ‪ :‬األســاس القـانونـي للبطـالن ‪:‬‬
‫ص‪192‬‬ ‫المبحـث األول ‪ :‬الطعـن فـي صحـة الـزواج ‪:‬‬
‫ص‪199‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬طلب البطالن للغلط في الصفة الجوهرية للقرين ‪:‬‬
‫ص‪111‬‬ ‫الفقـرة الثانيـة ‪:‬النظـام القـانونـي للبطـالن ‪:‬‬
‫ص‪111‬‬ ‫المبحـث األول ‪ :‬طبيعـة البطـالن‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحاالت التي يمكن فيهاالقيام بدعوى في إبطال الزواج‪ .‬ص‪172‬‬
‫ص‪179‬‬ ‫الخــاتمـة‬
‫المــالحق‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫"للحـق وهبنـا أنفسنـ ـ ــا‬

‫وكفــاه ب ــأن يحـي فينــا"‬

‫"حيـاة الفتى والله بالعلم والتقـي‬

‫إذا لم يكونا ال إعتبـار لذاتــه"‬

‫"وإذا إفترنـا إلى الذخـائر لم نجد‬

‫ذخـرا يكـون كصالح األعمـال"‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫تحيـة شكـر وتقديـر وإمتنـان إلى السيـد القـاضي الفـاضل بلقـاسم كريـد‬
‫الذي منحني من وقتـه وأحـاطني بعنـايتـه إلنجـاز هذا العمـل ‪ .‬وإلى‬
‫رؤسـائي بمحكمـة مدنيـن اإلبتـدائية الذيـن مدوا لي يد المسـاعدة ولم‬
‫يبخلـوا عني بالنصـح واإلرشـاد والتوجيـه‪.‬‬
‫كمـا أتقـدم بجزيـل الشكـر إلى أستـاذي الفـاضل السيـد جمـال الجربـوعي‬
‫الذي بعث فيـا حـب المعرفـة والعلـم والتـوق إلى األفضـل‪.‬‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬
‫رسـالة تخـرج من المعهـد األعلـى للقضـاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المـرض والـزواج‬

‫‪ ‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفحــــــــــــــة‬

You might also like