Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الثامنة
المحاضرة الثامنة
لقد برزت إصالحات المؤسسة العمومية إذن في هذه المرحلة بالتحديد بالنظر للحاجة الشديدة
لفعل شيء ما يصحح الوضع وينقذ المؤسسة ،لكن تم تبسيط األمر برمته في نظرة جرى اختزالها
في بعدين مهمين؛ هما البعد االقتصادي لإلصالحات ويتعلق األمر هنا بتحقيق شيء ما من
االختراق في مجال اإلنتاج واإلنتاجية بالمؤسسة تحديدا واالقتصاد ككل ،والبعد التقني العضوي
والمالي المتعلق خاصة بالتفكيك البيروقراطي واستعادة التوازنات المالية.
يشير مفهوم اإلصالحات كما الوقائع المرتبطة به إذن إلى أن األمر يتجاوز المقاربة التقنية
واالقتصادية للموضوع ،فهناك فشل مزمن نوعا ما على مستوى المؤسسة ،كما هناك تعقيدات
وارتباطات تتجاوز المؤسسة بحد ذاتها .فإلى جانب إعادة هيكلة المؤسسات كانت هناك تغيرات
شاملة تحدث مجتمعيا ،وهذا ما برز في األزمة المتعددة األبعاد فيما بعد .نظريا كما موضوعيا إذن،
يمكن القول إن هذه اإلصالحات وهذه التغييرات التنظيمية لهذه المؤسسة لم تكن بدوافع ذاتية
مؤسسية باألساس ،وإنما تمت بفعل وتنظير سياسيين واقتصاديين وبيروقراطيين للدولة المالكة
والمسيرة وأجهزتها .كما أن ما يسمى اقتصاديا باليد الخفية ،وهو ما يمكن تعريفه بمقاربة
سوسيولوجية على أنه مجموع األفعال الخفية للقوى االجتماعية الصاعدة ،المناوئة للمشروع الوطني
واالشتراكي ،وتلك الباحثة عن استعادة أمجاد أو توسيع مصالح ونفوذ على حساب الخيار الوطني
ككل ،وعلى حساب المؤسسة العمومية والقطاع العام تحديدا ،كان له تأثيره بشكل أو بآخر على
استقرار هذه المؤسسات واستمرارها بتدخالت مختلفة فكريا وعمليا.
هذا على مستوى التحليل ،لكن الشائع أن إعادة الهيكلة تمت على مستويين اثنين هما
المستوى العضوي والمالي للمؤسسة .فما معنى إعادة هيكلة المؤسسة االقتصادية العمومية
الجزائرية؟ وما أسباب ذلك؟ ولماذا فشل هذا المسعى كما اتضح فيما بعد؟
↙ كبر حجم المؤسسة العمومية ،وسرعة نموها الخارجي وتمددها ،ولد لديها نوعا من اإلجراءات
والبيروقراطية والتعقيدات والثقل ..التي لم تسمح لها بالعمل بشكل مناسب عقالنيا واقتصاديا وعلى
عدة مستويات،
↙ كما أن تعدد وظائفها أدى إلى نوع من التشتت واإلرهاق والتعقيدات ،فحتى الترفيه والتخييم
وحضانة أبناء العمال اعتبر آنذاك من صميم مهامها،
↙ نقص الكفاءات الالزمة لتسيير وتشغيل هذه المؤسسات ،وضعف مؤهالت وكفاءات عمالها
ومسيريها ،إضافة إلى /وكنتيجة لضعف المنظومات المساندة القائمة خاصة التعليم والتكوين .إضافة
إلى االنتقاء غير العقالني لإلطارات والمسيرين ،والذي كان يتأثر بشكل الفت بمعايير مجتمعية
وسياسية ووالءات وانتماءات ..أكثر من تأثره بمعايير الكفاءة،
↙ وصول حجم العمالة المشغلة بالمؤسسة إلى حد ال يطاق نتيجة للسياسات التشغيلية القائمة على
معايير اجتماعية وسياسية أكثر منها معايير عقالنية واقتصادية ،لكن كذلك نتيجة التباع المسيرين
أسسا غير علمية ،غير موضوعية وغير عقالنية في التوظيف كما ونوعا.
◄ صعوبات وتعقيدات على صلة بالمحيط الخارجي للمؤسسة:
أي بالمحيط المجتمعي ككل اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا،..
↙ التدخالت السياسية للحزب خاصة وللفاعلين السياسيين ،ولألجهزة البيروقراطية ،وتبعية
المؤسسة المفرطة للمخطط الوطني ..كل ذلك وغيره سبب حالة من الالعقالنية التنظيمية والتسييرية
وحالة إرباك وترقب،
↙ اعتبار المؤسسة كجزء من منظومة سياسية واقتصادية واجتماعية أفقدها حرية وسرعة التحرك
واالستجابة .تعدد أدوارها االجتماعية مثل تنفيذ مضمون المخطط الوطني فيما يتعلق بمكافحة
البطالة،