Professional Documents
Culture Documents
001 الرأي العام
001 الرأي العام
مع أن الرأي العام من المصطمحات الحديثة التي لم تعرف إال مع أواخر القرن 11م ،إبان حرب االستقالل
األمريكية والثورة الفرنسية ،فال يمكن القول أن بأن الحضارات القديمة لم تعرف المفاىيم المشابية لمرأي
العام.
وقد عرف اليونان المفاىيم القريبة من فكرة الرأي العام ،كاالتفاق العام أو االتجاىات السائدة وكانوا يحتفون
بيا أشد احتفاء حتى أنيم خمدوىا في معبد البانتويون .وتحدث الرومان أيضا عن اآلراء الشائعة بين الناس
ووصموا في أواخر عيود إمبراطوريتيم إلى مفيوم صوت الجميور أو صوت الشعب ،ولعمو يقترب كثي ار من
اصطالح الرأي العام في التاريخ الحديث.
واذا انتقمنا إلى العصور الوسطى وجدنا أن العالم اإلسالمي والعالم المسيحي قد أدركا أىمية الرأي العام .فقد
كان الخمفاء المسممون يعنون عناية كبيرة بمعرفة أحوال الرعية و اتجاىات الرأي العام فييا ،والشك أن العالم
اإلسالمي قد عرف الش ورى التي تنطوي عمى االعتراف بأىمية الرأي العام " وشاورىم في األمر "و "أمرىم
شورى بينيم" ومن الثابت أن عمر بن الخطاب كان يتولى بنفسو دراسة الرأي العام عن طريق االتصال
بعامة الشعب ،واالستماع إلى آماليم وآالميم.
ويروي التاريخ مئات القصص عن ىذا الخميفة وغيره ممن قاموا بالتعرف عمى أحوال الشعب وميولو
واتجاىاتو وحل كل مشكالتو بكل تواضع وزىد حتى أن بعضيم كان يحمل الطعام عمى ظيره ليقدمو إلى
أسر المنكوبين والمعوزين ،أما عبارة معاوية الخالدة التي كان يقول فييا أن بينو وبين الناس شعرة ال تنقطع
فإذا أرخوىا شدىا ،واذا شدوىا أرخاىا ،فإنيا تدل أبمغ داللة عمى االىتمام بآراء الجماىير وفن سياستيم .
وقد عرف العالم المسيحي أيضا في العصور الوسطى عبارة االتفاق العام أو اإلجماع وىي مبنية عمى
لفكرة الشعور العام أو الجماعي التي كان يستعمميا أنصار البابا وخصوميم أنصار المفيوم الراقي
1
اإلمبراطور لمتعبير عن التقاليد السائدة واالتجاىات العامة لمرأي في المناطق المتنازع عمييا.
وفي مستيل العصور الحديثة كان مكيافيممي أولمن وجو األنظار إلى ضرورة االىتمام بصوت الشعب
واتجاىاتو وكثي ار ما كان يردد العبارة القائمة بأن صوت الشعب ىو صوت اهلل ،وقد عبر الشاعر اإلنجميزي
شكسبير بمسان ىنري الرابع عن " الرأي العام الذي يساعد في الوصل إلى الحكم".
1
كامل خورشيد مراد ،االتصال الجماىيري واإلعال م ،التطور .الخصائص .النظريات ، ،دار المسيرة لمنشر و التوزيع ،عمان ، 1111 ،ص.753
1
كثير عمى تداول
ا والشك أن الحروب والمنازعات التي قامت في انجمت ار بين الممك والبرلمان قد ساعدت
يتمسك بيا الطيريون والبدلمانيون في خصومتيم الدموية من الممكيين معاني الرأي السائد التي كان
والكاثوليك وقد عبر " وليم تميل" فيما نشره سنة 1731عن طبيعة الحكومة ومصدرىا أن مصدر إنما يرجع
إلى الرأي السائد إلى الحكومة والخير والشجاعة التي يتصف بيا الحاكم ،أما الفيمسوف االنجميزي جون
لوك فقد اىتم بدراسة األسس القانونية واألخالقية لمرأي العام وخاصة في مقالو الذي نشره عام 1761
بعنوان الفيم اإلنساني.
وانتقمت أفكار الحرية والثورة عمى الطغيان من انجمت ار حيث التوترات األىمية في القرن السابع عشر ،التي
كمفت البالد رأس الممك شارل األول سنة ،1766وعرش الممك جيمس الثاني 1711إلى أمريكا حيث
اندلعت حروب االستقالل ،ثم فرنسا حيث شبت الثورة الفرنسية التي أطاحت باإلقطاع ورأس الممك لويس
السادس عشر .وقد عبر الفالسفة الفرنسيون عن مفيوم الرأي العام بمسميات مختمفة فاختار مونتسكيون "
إصالح العقل العام" أما روسو ففضل اصطالح آخر ىو " اإلرادة العامة" وكانت العبارات األلمانية مطابقة
ليذه المصطمحات الفرنسية كما يبدو من لفظ . volks geest
وفي خضم الثورة الفرنسية ظير االصطالح الحديث وىو الرأي العام Public opinionوكان يتكرر كثي ار
بين فالسفة العصر ورجال السياسة و األدب ،وخاصة بين أتباع الوزير Neckerوىكذا يمكن القول أن
مفيوم الرأي العام كان تتويجا لمراحل طويمة من الكفاح المرير من أجل الحرية ،فالعيد األعظم الذي ظفر
بو االنجميز من الممك جون 1115م والبرلمان الذي اجتمع بعد صراع سيمون دي مونتفورت ضد الممك
ىنري الثالث 1175م .وثورة كرومويل ضد الممك شارل األول سنة 1761م وخمع الممك جيمس الثاني
1711م ،ثم انتقال ش اررة الحرية إلى القطرة األمريكية حيث شبت حروب االستقالل والى فرنسا حيث اندلعت
الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر ،ىذه الحركات التحررية التي عجمت عمى إعالن صوت الشعب
2
ىي التي أدت إلى ظيور الرأي العام واالعتراف بقوتو.
2
بن طراد وفاء ،تقييم الرأي العام ،جامعة باجي مختار ،عنابة ، 1111-1111 ،ص .7-1
1