You are on page 1of 49

‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ﺍﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ‪ :‬ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺘﻪ‪ ،‬ﺿﻮﺍﺑﻄﻪ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﻗﻒتطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬ ‫ﻣﺠﻠﺔعلى‬ ‫الوقف‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫المقاصدية‬
‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﻗﻔﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﺸؤﻭﻥأولوياته‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪ -‬ﻣﺮﻛﺰ‬ ‫ضوابطه‪،‬‬ ‫ﻭﺯﺍﺭﺓَّ‬
‫مشروعيته‪،‬‬
‫ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﻓﺮﺝ‪ ،‬ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪1‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫د‪ .‬سعيد بن أحمد صالح فرج‬ ‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2023‬‬
‫المشارك في جامعة الملك خالد ‪ -‬المملكة العربية السعودية‬ ‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪ :‬أصول الفقه‬
‫أستاذ‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺃﺑﺮﻳﻞ‬ ‫ُ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫(سلم البحث للنشر في‪ ،2022/02/12 :‬واعتمد للنشر في‪)2022/05/10 :‬‬
‫‪113 - 159‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪saeed_frg@yahoo.com‬‬
‫‪1396175‬‬
‫‪https://doi.org/10.59723/AWQ001/04‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪Arabic‬‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬ملخص البحث ‪:‬‬
‫مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬البحث لبيان‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪهيدف هذا‬
‫الثورة املرتقبة‬
‫ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‬ ‫أنهﺍﻟﻮﻗﻒ‪،‬‬ ‫بحكم‬
‫ﺃﺣﻜﺎﻡ‬ ‫االصطناعي‪،‬‬
‫ﺍﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ‪،‬‬ ‫الذكاء‬
‫ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ‬ ‫بيان ماهية‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬‬ ‫بدراسة رشعية‪ ،‬بعد‬
‫ﺍﻟﻮﻗﻒ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ‬
‫يف عامل املعلومات والتكنولوجيا‪ ،‬كام هيدف لبيان ضوابط مرشوعية الوقف عىل‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1396175‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫تطبيقات الذكاء االصطناعي وجماالته‪ ،‬وبيان تصور مقاصدي ألولويات الوقف‬
‫عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ .‬ومشكلة البحث الرئيسة تتمثل يف ماهية احلكم‬
‫الرشعي للوقف عىل التطبيقات الذكية وضوابطه وأولوياته‪ .‬وقد اتبع الباحث‬
‫وتوصل لعدة نتائج لعل من أبرزها‪ :‬أن الوقف‬ ‫َّ‬ ‫املنهج االستقرائي التحلييل‪،‬‬
‫االصطناعي مرشوع‪ ،‬ويشهد له عموم نصوص الرشيعة‪،‬‬ ‫تطبيقاتﺟﻤﻴﻊالذكاء‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫عىلﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫© ‪2023‬‬

‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭمن َأ َّن‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫الوقف‬
‫)ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫ميادينﻭﺳﻴﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬ ‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭالباحث‬
‫وما قرره‬
‫وميادينه‪،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬ ‫الوقف‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪،‬‬ ‫الفقهاء يف‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫ﻃﺒﺎﻋﺔكالم‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬ ‫وعموم‬‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫اجتهادية‪ ،‬وليست توقيفية‪ ،‬ومنها‪ :‬أن للوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‬

‫‪113‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬


‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫المقاصدية‬
‫ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ﺍﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ‪:‬‬ ‫أولوياته‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ‬ ‫ضوابطه‪،‬‬
‫)‪ .(2023‬ﺍﻟﻮﻗﻒ‬ ‫ﺻﺎﻟﺢ‪.‬‬
‫َّ‬
‫ﺃﺣﻤﺪته‪،‬‬
‫مشروعي‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﻓﺮﺝ‪ ،‬ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ‬
‫ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺘﻪ‪ ،‬ﺿﻮﺍﺑﻄﻪ‪ ،‬ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻮﻗﻒ‪ ،‬ﻉ‪ .159 - 113 ،1‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬
‫ﻣﻦ ‪1396175/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫د‪ .‬سعيد بن أحمد صالح فرج‬
‫ﻓﺮﺝ‪ ،‬ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ‪" .‬ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ﺍﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ‪:‬‬
‫ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺘﻪ‪ ،‬ﺿﻮﺍﺑﻄﻪ‪ ،‬ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﺔ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻮﻗﻒﻉ‪.159 - 113 :(2023) 1‬‬
‫السعودية‬ ‫أصول الفقه المشارك في جامعة الملك خالد ‪ -‬المملكة العربية‬
‫‪1396175/Record/com.mandumah.search//:http‬‬ ‫أستاذ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬

‫ُ‬
‫(سلم البحث للنشر في‪ ،2022/02/12 :‬واعتمد للنشر في‪)2022/05/10 :‬‬
‫‪saeed_frg@yahoo.com‬‬
‫‪https://doi.org/10.59723/AWQ001/04‬‬

‫ملخص البحث ‪:‬‬


‫هيدف هذا البحث لبيان مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‬
‫بدراسة رشعية‪ ،‬بعد بيان ماهية الذكاء االصطناعي‪ ،‬بحكم أنه الثورة املرتقبة‬
‫يف عامل املعلومات والتكنولوجيا‪ ،‬كام هيدف لبيان ضوابط مرشوعية الوقف عىل‬
‫تطبيقات الذكاء االصطناعي وجماالته‪ ،‬وبيان تصور مقاصدي ألولويات الوقف‬
‫عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ .‬ومشكلة البحث الرئيسة تتمثل يف ماهية احلكم‬
‫الرشعي للوقف عىل التطبيقات الذكية وضوابطه وأولوياته‪ .‬وقد اتبع الباحث‬
‫وتوصل لعدة نتائج لعل من أبرزها‪ :‬أن الوقف‬ ‫َّ‬ ‫املنهج االستقرائي التحلييل‪،‬‬
‫االصطناعي مرشوع‪ ،‬ويشهد له عموم نصوص الرشيعة‪،‬‬ ‫تطبيقاتﺟﻤﻴﻊالذكاء‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫عىلﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫© ‪2023‬‬

‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭمن َأ َّن‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫الوقف‬
‫)ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫ميادينﻭﺳﻴﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬ ‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭالباحث‬
‫وما قرره‬
‫وميادينه‪،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬ ‫الوقف‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪،‬‬ ‫الفقهاء يف‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫ﻃﺒﺎﻋﺔكالم‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬ ‫وعموم‬‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫اجتهادية‪ ،‬وليست توقيفية‪ ،‬ومنها‪ :‬أن للوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‬

‫‪113‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬


‫َّ‬
‫مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫د‪ .‬سعيد بن أحمد صالح فرج‬


‫أستاذ أصول الفقه المشارك في جامعة الملك خالد ‪ -‬المملكة العربية السعودية‬
‫ُ‬
‫(سلم البحث للنشر في‪ ،2022/02/12 :‬واعتمد للنشر في‪)2022/05/10 :‬‬
‫‪saeed_frg@yahoo.com‬‬
‫‪https://doi.org/10.59723/AWQ001/04‬‬

‫ملخص البحث ‪:‬‬


‫هيدف هذا البحث لبيان مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‬
‫بدراسة رشعية‪ ،‬بعد بيان ماهية الذكاء االصطناعي‪ ،‬بحكم أنه الثورة املرتقبة‬
‫يف عامل املعلومات والتكنولوجيا‪ ،‬كام هيدف لبيان ضوابط مرشوعية الوقف عىل‬
‫تطبيقات الذكاء االصطناعي وجماالته‪ ،‬وبيان تصور مقاصدي ألولويات الوقف‬
‫عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ .‬ومشكلة البحث الرئيسة تتمثل يف ماهية احلكم‬
‫الرشعي للوقف عىل التطبيقات الذكية وضوابطه وأولوياته‪ .‬وقد اتبع الباحث‬
‫وتوصل لعدة نتائج لعل من أبرزها‪ :‬أن الوقف‬ ‫َّ‬ ‫املنهج االستقرائي التحلييل‪،‬‬
‫عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي مرشوع‪ ،‬ويشهد له عموم نصوص الرشيعة‪،‬‬
‫وعموم كالم الفقهاء يف الوقف وميادينه‪ ،‬وما قرره الباحث من َأ َّن ميادين الوقف‬
‫اجتهادية‪ ،‬وليست توقيفية‪ ،‬ومنها‪ :‬أن للوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‬

‫‪113‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫ضوابط‪ ،‬أمهها‪ :‬أن كل تطبيق ال حيقق مصلحة رشعية ال يوقف عليه‪ ،‬وأال يعود‬
‫الوقف عىل هذه التطبيقات بالرضر عىل الفرد أو املجتمع‪ ،‬ووجوب مراعاة‬
‫اجلانب األخالقي يف هذا النوع من الوقف‪ .‬ويف األخري جعل الباحث أولويات‬
‫يف الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬حتى حتقق مقاصد الرشيعة‪ ،‬وحتى‬
‫ال هيتم باملفضول ويرتك الفاضل‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الوقف‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬املقاصد‪ ،‬التوقيف‪،‬‬
‫االجتهاد‪ ،‬ضوابط‪.‬‬

‫‪Endowing Artificial Intelligence Based Applications:‬‬


‫‪Aspects of Legitimacy, Controls, Priorities, and Objectives‬‬

‫‪Dr. Saeed bin Ahmed Saleh Farag‬‬

‫‪https://doi.org/10.59723/AWQ001/04‬‬

‫‪114‬‬
‫ أولوياته المقاصدية‬،‫ ضوابطه‬،‫ مشروعيته‬:‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‬

Abstract
This research aims to demonstrate the legitimacy of the endowment on
artificial intelligence applications, after explaining the nature of artificial
intelligence, it also aims to clarify the controls of the legality of the
endowment on the applications of artificial intelligence and its fields, and
a statement of Maqasid’s perception of the priorities of the endowment on
artificial intelligence applications. The main research problem is what is the
legal ruling for endowment on smart applications, its controls and priorities.
The researcher followed the inductive - analytical approach, and reached
several results, perhaps the most prominent of which are: The endowment on
the applications of artificial intelligence is legitimate, and the general texts
of Sharia, and the generality of the words of the jurists in the endowment
and its fields, testify to it, and what the researcher decided that the fields of
endowment are jurisprudential, not endowment, Including: that the endowment
on artificial intelligence applications has controls, the most important of
which are: that every application that does not achieve a legitimate interest
is not stopped, and that the endowment on these applications does not cause
harm to the individual or society, and that the moral aspect of this type of
endowment must be taken into account. And in the end, the researcher made
priorities in the endowment on the applications of artificial intelligence, so
that the purposes of the Sharia are achieved, and so that he does not care about
the preferred and leave the virtuous.
Keywords: endowment, artificial intelligence applications, purposes, arrest,
diligence, controls.

115
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫يف كل يوم تتوسع ميادين احلياة‪ ،‬فتتوسع معها احتياجات الدولة والفرد املسلم‪،‬‬
‫ماسة ملواكبة التطور ومعاجلة االحتياجات املجتمعية‪،‬‬
‫فاحلاجة يف كل مرحلة َّ‬
‫من خالل وجود منبع يسد االحتياجات املتكررة واملستدامة‪ ،‬وعدم الرضوخ‬
‫ملتطلباهتا مرة بعد مرة‪.‬‬
‫ويمثل التكافل االجتامعي ًّ‬
‫حال من احللول العاجلة لسدِّ هذه االحتياجات؛ ولكن‬
‫حال جذري ًا للمسألة؛ لذا جاءت الرشيعة بصورة خاصة من صور‬ ‫التكافل ال يعد ًّ‬
‫تسمى (الوقف)‪ ،‬الذي يمثل احلل عىل املدى الطويل لالحتياجات خاصة‬ ‫التربع َّ‬
‫كانت أو عامة‪ ،‬بحسب ما يشرتط فيها الواقف‪ ،‬فيسد هبا ثغرة من ثغرات التكافل‬
‫االجتامعي‪ ،‬وعليه فيمكننا القول‪ :‬إن الوقف صورة من صور التكافل االجتامعي‬
‫األنفع عىل املدى البعيد‪ ،‬وكل النصوص التي حتث عىل التكافل االجتامعي حاثة‬
‫عىل الوقف الرشعي‪ ،‬وكل النصوص التي حتض عىل اإلنفاق يف سبيل اهلل حاضة‬
‫عىل الوقف ضمنًا‪.‬‬
‫أن أكثر من ثامنني صحاب ًّيا قد‬‫فتسابق املسلمون يف ميادين الوقف‪ ،‬حتى ورد َّ‬
‫أوقفوا أوقا ًفا كثرية(‪ ،)1‬ثم تسابق أهل اخلري والصالح فيه‪ ،‬ملا فيه من سدِّ احتياجات‬
‫الفقراء واملساكني وابن السبيل‪ ،‬وتواتر عمل الصاحلني بالوقف حتى يومنا هذا‪.‬‬
‫ومع تطور العلم والعامل جاءت لنا ميادين جديدة حتتاج لالجتهاد فيها‪ ،‬كتطبيقات‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬الذي يشري العلامء أننا بصدد ثورة فيها؛ ألهنا تقوم باألعامل‬
‫يف ميادين كثرية أفضل من العنرص البرشي‪ ،‬فجاء التساؤل عن إمكانية خدمة‬
‫الرشيعة بجعل أوقاف خاصة بتطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬لسد احتياجات‬
‫مقدارا أكرب لو كانت برشية‪ ،‬فتناول البحث هذا اجلانب ببيان‬ ‫ً‬ ‫كثرية تتكلف‬
‫املرشوعية‪ ،‬والضوابط‪ ،‬وأولويات الوقف يف هذا املجال‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معرفة السنن واآلثار‪ ،‬للبيهقي‪.)41/9( ،‬‬

‫‪116‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تكمن أمهية هذا البحث يف اآليت‪:‬‬
‫اتساع نطاق جمال الذكاء االصطناعي‪ ،‬حتى باتت كثري من الدول هتدف أن‬ ‫‪.1‬‬
‫تكون ذكية بالكامل‪.‬‬
‫فتح جمال للوقف اإلسالمي يستفيد منه املسلمون‪ ،‬وتسد فيه االحتياجات‬ ‫‪.2‬‬
‫املجتمعية‪.‬‬
‫دعوة الصاحلني من املنفقني للوقف عىل ما يعود نفعه بأجر متعدٍّ لآلخرين‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫تكلفة تطبيقات الذكاء االصطناعي أقل بكثري من تكلفة االعتامد عىل‬ ‫‪.4‬‬
‫العنرص البرشي‪.‬‬
‫جودة األداء واملخرجات يف تطبيقات الذكاء االصطناعي مقارنة بغريها‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫هيدف هذا البحث لبيان ما يأيت‪:‬‬
‫‪ .1‬حقيقة تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ .2‬ماهية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ .3‬حكم الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ .4‬ضوابط الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ .5‬كيفية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ .6‬ميادين وأولويات الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي؛ لتحقيق‬
‫مقاصد الرشيعة‪.‬‬
‫مشكلة وأسئلة البحث‪:‬‬
‫تكمن مشكلة البحث الرئيسة يف مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي وضوابطه وجماالته‪ ،‬وأولويات الوقف فيه‪ ،‬ويمكن أن تصاغ أسئلة‬

‫‪117‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫البحث املنبثقة من هذه املشكلة يف اآليت‪:‬‬


‫‪ .1‬ما حقيقة تطبيقات الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ .2‬ما ماهية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ .3‬ما حكم الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ .4‬ما ضوابط الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ .5‬كيفية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ .6‬ما أولويات الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي؟‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫مل أقف ‪ -‬بحسب بحثي واطالعي ‪ -‬عىل دراسة أكاديمية تدرس مرشوعية الوقف‬
‫عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬أو تبني ضوابط الوقف عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬والكتابات الرشعية عىل موضوع الذكاء االصطناعي ما زالت قليلة‬
‫وحتتاج إىل إثراء‪.‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬
‫سيتبع الباحث يف هذه الورقة املنهج التحلييل االستقرائي‪ ،‬حيث سيعمد جلمع‬
‫النصوص الواردة يف الوقف‪ ،‬ثم حتليلها الستشفاف مقاصد الرشيعة من الوقف‪،‬‬
‫ثم سينزل هذه النصوص واملقاصد عىل ميادين تطبيقات الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫لدراسة مرشوعية الوقف عليها‪ ،‬كام سيستنبط َو ْفق مقاصد الرشيعة وأصوهلا‬
‫يبني من خالل‬ ‫َ‬
‫ضوابط الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ثم ِّ‬ ‫العامة‬
‫أهم ميادين تطبيقات الذكاء االصطناعي التي حيتاجها املجتمع‬
‫التحليل والتت ُّبع َّ‬
‫للوقف عليها‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫هيكل البحث‪:‬‬
‫سيتكون هذا البحث من أربعة مباحث‪ ،‬هي‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬التعريف بمفردات البحث‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التأصيل ملرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬ضوابط الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬تصور مقاصدي لكيفية وأولويات الوقف عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التعريف بمفردات البحث‪:‬‬


‫سيتضمن هذا املبحث التعريف بشكل موجز بالوقف‪ ،‬واملقاصد الرشعية‪ ،‬واملراد‬
‫من تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالوقف‪:‬‬


‫أصل الوقف يف اللغة‪ :‬احلبس واملنع‪ ،‬يقال‪ :‬وقف الدابة‪ ،‬إذا حبسها ومنعها من‬
‫السري(‪ ،)2‬قال عنرتة‪:‬‬
‫فوقفت فيها ناقتي وكأهنا *** فدن ألقيض حاجة املتلوم(‪.)3‬‬
‫ويف االصطالح‪« :‬حبس األصل وتسبيل املنفعة»(‪ ،)4‬واختلف الفقهاء يف معنى‬
‫احلبس بني حبس العني عىل ملك الواقف‪ ،‬أو إىل ملك اهلل تعاىل‪ ،‬فأبو حنيفة يرى‬
‫أهنا حتبس عىل ملك الواقف‪ ،‬والصاحبان يريان أن احلبس إىل ملك اهلل تعاىل‪،‬‬
‫صح زال به‬‫واخلالف مذكور يف بابه‪ ،‬ومجهور أهل العلم عىل أن الوقف إذا َّ‬
‫ملك الوقف عن الواقف‪ ،‬وهو الصحيح عند احلنابلة‪ ،‬واملشهور عند الشافعية‪،‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املغرب يف ترتيب املعرب (‪ ،)366/2‬تاج العروس (‪.)523 /15‬‬
‫حبست ناقتي يف دار حبيبتي‪ ،‬ثم شبه الناقة بقرص يف عظمها وضخم جرمها‪ ،‬ثم‬
‫ُ‬ ‫(‪ )3‬الفدن‪ :‬القرص‪ ،‬واجلمع‪ :‬أفدان‪ .‬واملتلوم‪ :‬املتمكث املنتظر‪ .‬يقول‪:‬‬
‫قال‪ :‬إنام حبستها ووقفتها فيها‪ ،‬ألقيض حاجة املتمكث بجزعي من فراقها وبكائي عىل أيام وصاهلا‪ .‬بنظر‪ :‬رشح املعلقات السبع للزوزين (ص‪.)246 :‬‬
‫(‪)4‬معجم مقاليد العلوم يف احلدود والرسوم (‪ ،)55/1‬وينظر‪ :‬التعريفات (‪)253/1‬‬

‫‪119‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫ومذهب أيب حنيفة كام قال ابن قدامة(‪.)5‬‬


‫وقال الشوكاين‪« :‬فاحلق أن الوقف من القربات التي ال جيوز نقضها بعد فعلها‪ ،‬ال‬
‫رب عنه ابن قدامة بقوله‪« :‬ومعناه‪ :‬حتبيس األصل‪،‬‬‫للواقف‪ ،‬وال لغريه”(‪ ،)6‬وهو ما ع َّ‬
‫وتسبيل الثمرة”(‪ ،)7‬ولعل ما يقوي جانب هذا التعريف‪ ،‬هو حـديث النبي ﷺ‪:‬‬
‫«احبس أصلها‪ ،‬وسبل ثمرهتا»(‪.)8‬‬
‫والوقف واحلبس مرتادفان عند الفقهاء‪ ،‬فبعضهم يعرب باحلبس‪ ،‬وبعضهم يعرب‬
‫أيضا‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫بالوقف‪ ،‬والوقف عندهم أقوى‪ ،‬ومها يف اللغة لفظان مرتادفان ً‬
‫وقفته‪ ،‬وأوقفته‪ ،‬ويقال‪« :‬حبسته»(‪.)9‬‬
‫ومعنى حتبيس األصل‪ :‬إهناء حق املالك يف ملكه‪ ،‬ومنعه من الترصف فيه ببيع أو‬
‫هبة أو غريمها من الوجوه‪ ،‬ومعنى تسبيل الثمرة‪ :‬جعل املنفعة من هذه العني يف‬
‫سبيل اهلل‪ ،‬وفائدهتا للذين ُوقفت عليهم من طرف الواقف‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بالمقاصد الشرعية‪.‬‬


‫املقاصد‪ :‬مجع مقصد‪ ،‬من قصد‪ ،‬وهلا معان عديدة يف اللغة‪ ،‬منها‪ :‬استقامة‬
‫َ ْ ُ َّ‬ ‫َ ََ‬
‫يل} [انلحل‪ ،]9 :‬أي‪ :‬عىل اهلل تبيني‬ ‫الطريق‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وىَلَع اهلل قصد الس ِب ِ‬
‫الطريق املستقيم والدعاء إليه باحلجج والرباهني الواضحة‪ ،‬وطريق قاصد‪ :‬سهل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مستقيم‪ .‬ومنها‪ :‬الوسط بني الطرفني‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ف ِمنْ ُه ْم ظال ِ ٌم ِنلَف ِس ِه َو ِمنْ ُه ْم‬
‫ات} [فاطر‪ ،]32 :‬ومنها‪ :‬االعتامد وطلب اليشء‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫َُْ ٌ َ ُْ ْ َ ٌ‬
‫مقت ِصد و ِمنهم سابِق بِاخْلرْي ِ‬
‫بعينه‪ ،‬ومنها‪ :‬قصدت اليشء‪ ،‬وله‪ ،‬وإليه‪َ ،‬ق ْصد ًا(‪.)10‬‬
‫ويمكننا تعريف املقاصد الرشعية يف االصطالح بتعريف رائد املقاصد الرشعية‬
‫ابن عاشور‪ :‬بأهنا «املعاين واحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال الترشيع أو‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬فتح القدير للكامل ابن اهلامم (‪ ،)200/6‬واملبسوط للرسخيس (‪ ،)28/12‬املغني‪ ،‬البن قدامة‪.)4/6( ،‬‬
‫(‪ )6‬نيل األوطار‪ ،‬للشوكاين‪.)30/6( ،‬‬
‫(‪ )7‬املغني‪ ،‬البن قدامة (‪.)3/6‬‬
‫(‪ )8‬سيأيت خترجيه من حديث عمر بن اخلطاب ]‪.‬‬
‫(‪ )9‬رشح حدود ابن عرفة‪.)410/1( ،‬‬
‫(‪ )10‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ ،)353/3( ،‬وخمتار الصحاح‪ ،)24/2( ،‬واملصباح املنري‪.)260( ،‬‬

‫‪120‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫معظمها»(‪.)11‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التعريف بالتطبيقات‪:‬‬


‫التطبيقات مجع تطبيق‪ ،‬مصدر ط َّبق‪ ،‬والطبق غطاء كل يشء‪ ،‬وطبقه‪ :‬غطاه وجعله‬
‫مط َّب ًقا‪ ،‬وتطابق الشيئان‪ :‬تساويا‪ ،‬وطابقت بني الشيئني‪ :‬جعلتهام عىل ٍ‬
‫حذو واحد‪،‬‬
‫وحاول تطبيق القاعدة‪ ،‬أي جتريبها ونقلها إىل جمال التنفيذ‪ ،‬ومنه التطبيق‪ ،‬أي‬
‫مقابلة الفعل بالفعل‪ ،‬واالسم باالسم(‪.)12‬‬
‫ويف االصطالح‪ :‬هي برامج تعمل عىل احلواسب اآللية باالعتامد عىل إحدى‬
‫املزايا‪ ،‬بحيث تقدم خدمة معينة ملستخدميها(‪.)13‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬التعريف بالذكاء االصطناعي‪:‬‬


‫الذكاء يف اللغة‪ :‬هو رسعة الفطنة‪ ،‬وحدة القلب‪ ،‬فالذكي هو رسيع الفطنة‬
‫وتامها(‪ ،)14‬وعرفه بعضهم فقال‪ :‬هو «رسعة اقتداح النتائج‪ ،‬وقيل‪ :‬املضاء يف‬
‫األمر‪ ،‬ورسعة القطع باحلق»(‪ ،)15‬وقيل‪« :‬شدة قوة النفس معدة الكتساب اآلراء‬
‫بحسب اللغة»(‪.)16‬‬
‫منسوب إىل االصطناع‪ ،‬من الفعل َصنَع‪ ،‬وهو ما كان‬‫ٌ‬ ‫االصطناعي يف اللغة‪:‬‬
‫اصطناعي(‪.)17‬‬
‫وقلب ْ‬
‫ٌ‬ ‫مصنوع ًا غري طبيعي‪ ،‬يقال‪ :‬ور ٌد ْ‬
‫اصطناعي‪،‬‬
‫أما تعريف الذكاء االصطناعي يف االصطالح (‪:)Artificial Intelligence‬‬
‫«الذكاء الصطناعي هو أحد حقول العلم والتكنولوجيا التي تطورت خالل‬
‫الثالثني عا ًما األخرية‪ ،‬وقد اعتمدت يف تطورها عىل العديد من جماالت املعرفة‪،‬‬
‫من أمهها اهلندسة اإللكرتونية‪ ،‬واحلاسبات اآللية‪ ،‬وعلم السبرينتكس‪ ،‬وعلم‬

‫(‪ )11‬مقاصد الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬البن عاشور‪.)251( ،‬‬


‫(‪ )12‬لسان العرب‪ ،)209/10( ،‬التعريفات‪.)61/1( ،‬‬
‫(‪ )13‬ينظر‪ :‬تفاعلية التطبيقات اإللكرتونية يف اهلواتف الذكية‪.)19( ،‬‬
‫(‪ )14‬العني‪ ،)399/5( ،‬والصحاح تاج اللغة‪.)2346/6( ،‬‬
‫(‪ )15‬معجم مقاليد العلوم‪.)200/1( ،‬‬
‫(‪ )16‬الكليات‪ ،)456/1( ،‬ودستور العلامء‪.)89/2( ،‬‬
‫(‪ )17‬ينظر‪ :‬معجم اللغة العربية املعارصة‪.)1323/2( ،‬‬

‫‪121‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫النفس‪ ،‬وخاصة ما يتعلق باإلدراك والتشغيل الذهني للمعلومات‪ ،‬هذا باإلضافة‬


‫املتخصصة املرتبطة بمجاالت التطبيق»(‪.)18‬‬
‫ِّ‬ ‫إىل املعارف‬
‫وعرفه العامل األمريكي جون ماكارثي الذي ُي َعدّ صاحب مصطلح الذكاء‬
‫االصطناعي يف عام ‪1956‬م‪ ،‬بأنه‪« :‬علم وهندسة صناعة اآلالت الذكية‪،‬‬
‫وخاصة برامج احلاسوب الذكية‪ ،‬أو‪ :‬هو فرع علوم احلاسوب الذي هيدف إىل‬
‫إنشاء اآلالت الذكية»(‪.)19‬‬
‫وبعبارة سهلة‪ :‬الذكاء االصطناعي هو دراسة للسلوك الذكي يف البرش واحليوانات‬
‫واآلالت‪ ،‬كام أنه يمثل حماولة إلجياد السبل التي يمكن هبا إدخال مثل هذا السلوك‬
‫عىل اآلالت االصطناعية(‪.)20‬‬
‫ورغم اختالفات األكاديميني والفالسفة وأهل العلم يف تعريف وحتديد مفهوم‬
‫الذكاء يف حد ذاته‪ ،‬إال أن اإلمجاع يف مفهوم الذكاء االصطناعي وارد منذ ظهور‬
‫أوائل البحوث يف بداية ‪1950‬م‪ ،‬فالذكاء االصطناعي هو التيار العلمي والتقني‬
‫الذي يضم الطرق والنظريات والتقنيات التي هتدف إىل إنشاء آالت قادرة عىل‬
‫حماكاة الذكاء(‪.)21‬‬
‫ويمكن القول‪َّ :‬‬
‫إن التعريفات السابقة تدور حول معنى‪ ،‬وهو قدرة اجلهاز أو اآللة‬
‫عىل التنفيذ واإلنجاز أو الترصف مثل البرش؛ ولكن التطبيقات املتأخرة حاولت‬
‫جتاوز الذكاء البرشي‪ ،‬فيمكن تعريف الذكاء االصطناعي بأنه‪ :‬حماكاة السلوك‬
‫البرشي (من ناحية الذكاء) يف أجهزة احلاسوب‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬المراد من الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬


‫املراد من الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬هو ختصيص مال حمبوس‬
‫ممن يرجو خري اآلخرة‪ ،‬وجعله يف متويل تطبيقات الذكاء االصطناعي التي ختدم‬
‫(‪ )18‬أساليب الذكاء االصطناعي يف املحاسبة‪ ،‬أمحد هاين بحريي‪.)3( ،‬‬
‫(‪ )19‬فصول مرتمجة خاصة بالذكاء االصطناعي‪ ،‬ترمجة فهد آل قاسم (‪.)3‬‬
‫(‪ )20‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬لبالي ويتباي‪.)15( ،‬‬
‫(‪ )21‬الذكاء االصطناعي بني الواقع واملأمول دراسة تقنية ميدانية‪ )6( ،‬بترصف‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫ٍ‬
‫وقف‬ ‫الرشيعة اإلسالمية ومقاصدها‪ ،‬سواء كان املال من الواقف أو من غلة‬
‫وسواء كان الوقف تطبيق ًا من تطبيقات الذكاء االصطناعي أو غريه‪ ،‬فيعامل‬
‫التطبيق كوقف من األوقاف‪ ،‬وتكون منفعته للمستح ِّقني له‪ ،‬بناء عىل ترصيح‬
‫الواقف ورغبته‪ ،‬أو كمرصف من مصارف الوقف التي حدَّ دها الواقف ومنفعته‬
‫للجهة التي أوقف عليها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التأصيل لمشروعية الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مشروعية الوقف‪:‬‬


‫عندما يتحدث العلامء عن مرشوعية الوقف‪ ،‬يستمدوهنا من بعض النصوص‬
‫اجلزئية الواردة يف الوقف‪ ،‬وكذا من النصوص العامة التي حتث عىل فعل اخلري‪ ،‬أو‬
‫اهلل َعل ٌ‬
‫وه َو ُ‬ ‫ْ َْ ََْ ُ ْ‬
‫ك َف ُر ُ‬ ‫ََ ََُْ‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫اإلنفاق بشكل عام‪ ،‬كقوله تعاىل‪{ :‬وما يفعلوا ِمن خ ٍ‬
‫رْي فلن ي‬
‫ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫بال ْ ُم َّتق َ‬
‫حون}‬ ‫{واف َعلوا اخْلرْي لعلكم تف ِل‬ ‫ني} [آل عمران‪ ،]115:‬وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ات َما‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫[احلج‪ ،]77 :‬وقوهَل سبحانه وتعاىل‪{ :‬يَا أيها ِ‬
‫اذَّلين آمنوا أن ِفقوا ِمن طيِّب ِ‬
‫َ ْ‬
‫ك َسبتُ ْم} [ابلقرة‪.]267 :‬‬
‫فالوقف وج ٌه من وجوه اإلنفاق‪ ،‬واإلنفاق وج ٌه من وجوه اخلري والرب يف الرشيعة‪،‬‬
‫فالنصوص العامة السابقة وغريها تشهد بمرشوعية الوقف بشكل عام‪ ،‬وكام سبق‬
‫هناك نصوص جزئية تدل عىل مرشوعية الوقف بشكل خاص‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫قول النبي ﷺ من حديث أيب هريرة ]‪« :‬إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله‬
‫إال من ثالثة‪ :‬إال من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو‬
‫«إن مما يلحق املؤمن من عمله وحسناته بعد موته‪:‬‬ ‫له»(‪ ،)22‬ويف رواية أخرى‪َّ :‬‬
‫عل ًام نرشه‪ ،‬وولد ًا صاحل ًا تركه‪ ،‬ومصحف ًا ورثه‪ ،‬أو مسجد ًا بناه‪ ،‬أو بيت ًا البن‬
‫(‪)22‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،)1255/3( ،‬كتاب‪ :‬الوصية‪ ،‬باب‪ :‬ما يلحق اإلنسان بعد وفاته‪ ،‬برقم (‪.)1631‬‬

‫‪123‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫السبيل بناه‪ ،‬أو هنر ًا أجراه‪ ،‬أو صدقة أخرجها من ماله يف صحته وحياته‪،‬‬
‫تلحقه من بعد موته»(‪.)23‬‬
‫والوقف هو املقصود بالصدقة اجلارية‪ ،‬فالوقف والصدقة بينهام عموم‬
‫وخصوص‪ ،‬إذ الوقف يطلق عىل وجه من أوجه الصدقات‪ ،‬وهي التي حيبس‬
‫صاحبها العني وجيري نفعها عىل وجه خمصوص‪.‬‬
‫وقول النبي ﷺ من حديث عثامن ]‪« :‬من يشرتي بئر رومة فيجعل دلوه مع‬
‫دالء املسلمني‪ ،‬بخري له منها يف اجلنة؟ فاشرتيتها من ُصلب مايل‪ ،‬فأنتم اليوم‬
‫متنعوين أن أرشب منها حتى أرشب من ماء البحر»(‪.)24‬‬
‫فقول النبي ﷺ‪( :‬فيجعل دلوه مع دالء املسلمني)‪ ،‬يدل عىل خروجها عن‬
‫ملكية صاحبها مع حبسها وتسبيل مائها للمسلمني‪ ،‬وهذا هو الوقف‪.‬‬
‫ومنها حديث أول وقف يف اإلسالم‪ ،‬وهو وقف عمر بن اخلطاب ]‪ ،‬فقد‬
‫النبي ﷺ يستأمره فيها‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪،‬‬ ‫أرضا بخيرب‪ ،‬فأتى َّ‬
‫كان أصاب ً‬
‫أصبت أرض ًا بخيرب مل أصب ماالً قط أنفس عندي منه‪ ،‬فام تأمر به؟ قال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫إين‬
‫حبست أصلها‪ ،‬وتصدَّ قت هبا”‪ ،‬قال‪ :‬فتصدَّ ق هبا عمر‪ ،‬أنه ال يباع‬
‫َ‬ ‫شئت‬
‫“إن َ‬
‫وال يوهب وال يورث‪ ،‬وتصدَّ ق هبا يف الفقراء‪ ،‬ويف القربى‪ ،‬ويف الرقاب‪،‬‬
‫ويف سبيل اهلل‪ ،‬وابن السبيل‪ ،‬والضيف‪ ،‬ال جناح عىل من وليها أن يأكل منها‬
‫باملعروف‪ ،‬ويطعم غري متمول»(‪ ،)25‬فحبس األصل والتصدق بالثمرة هو‬
‫الوقف‪ ،‬وداللة مرشوعيته عىل الوقف واضحة من النص‪.‬‬
‫أحب أمواله والتي هي بريحاء صدق ًة‬ ‫ّ‬ ‫ومنها ما فعله أبو طلحة ]‪ ،‬فقد جعل‬
‫هلل‪ ،‬يرجو برها وذخرها عند اهلل‪ ،‬فقال رسول اهلل ﷺ‪« :‬بخ! ذلك مال رابح‪،‬‬
‫قلت‪ ،‬وإين أرى أن جتعلها يف األقربني»(‪،)26‬‬‫ذلك مال رابح‪ ،‬وقد سمعت ما َ‬
‫(‪ )23‬سنن ابن ماجه (‪ ،)163/1‬كتاب‪ :‬اتباع سنة رسول اهلل ﷺ‪ ،‬باب‪ :‬ثواب معلم الناس اخلري‪ ،‬برقم (‪ ،)242‬قال األرنؤوط‪ :‬وقد صح احلديث بغري‬
‫هذا السياق عند مسلم‪ ،‬وأيب داود‪ ،‬والرتمذي‪ ،‬والنسائي‪.‬‬
‫(‪)24‬سنن الرتمذي‪ ،)68/6( ،‬كتاب‪ :‬أبواب املناقب عن رسول اهلل ﷺ‪ ،‬باب‪ :‬مناقب عثامن بن عفان ]‪ ،‬برقم (‪ ،)3703‬وقال الرتمذي‪ :‬هذا حديث‬
‫َحسن‪ ،‬وقد روي من غري وجه عن عثامن‪ ،‬وقال األلباين‪« :‬حسن» صحيح وضعيف سنن الرتمذي (‪ )203/8‬برقم (‪.)3703‬‬
‫(‪ )25‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،)198/3( ،‬كتاب‪ :‬الرشوط‪ ،‬باب‪ :‬الرشوط يف الوقف‪ ،‬برقم (‪ ،)2737‬ومسلم يف صحيحه (‪ ،)1255/3‬كتاب‪:‬‬
‫كتاب الوصية‪ ،‬باب‪ :‬الوقف‪ ،‬برقم (‪.)1632‬‬
‫(‪ )26‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،)119/2( ،‬كتاب‪ :‬الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬الزكاة عىل األقارب‪ ،‬برقم (‪.)1461‬‬

‫‪124‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫فجعلها يف أقاربه وبني عمه‪.‬‬


‫وثبت أن النبي ﷺ كان يوقف ما زاد عن نفقه بيته يف سبيل اهلل‪ ،‬فقد ورد‬
‫عن عمر ] أنه قال‪« :‬كانت أموال بني النضري مما أفاء اهلل عىل رسوله ﷺ‪ ،‬مما‬
‫يوجف املسلمون عليه بخيل وال ركاب‪ ،‬فكانت لرسول اهلل ﷺ خاصة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مل‬
‫وكان ينفق عىل أهله نفق َة سنته‪ ،‬ثم جيعل ما بقي يف السالح والكراع عدة يف‬
‫سبيل اهلل”(‪.)27‬‬
‫وثبت أن النبي ﷺ أمر ببناء املسجد‪ ،‬فأرسل إىل مإل من بني النجار فقال‪:‬‬
‫“يا بني النجار؛ ثامنوين بحائطكم هذا‪ ،‬قالوا‪ :‬ال واهلل ال نطلب ثمنه إال إىل‬
‫اهلل”(‪ ،)28‬فقد جعلوه وقفا هلل‪ ،‬لبناء مسجد عليه‪.‬‬
‫ومنها اإلمجاع الذي نقله غري واحد‪ ،‬وأومأ إليه الشافعي‪ ،‬فقد نقل يف «مغني‬
‫املحتاج»‪« :‬وقال الشافعي ريض اهلل تعاىل عنه يف القديم‪ :‬بلغني أن ثامنني‬
‫يسمي األوقاف‬ ‫حمرمات‪ ،‬والشافعي ِّ‬ ‫صحاب ًيا من األنصار تصدَّ قوا بصدقات َّ‬
‫املحرمات»(‪ ،)29‬حلرمة بيعها ورشائها‪ .‬فهذا عدد كبري من الصحابة‬ ‫الصدقات َّ‬
‫فشو عملهم‬‫الكرام عملوا بالوقف‪ ،‬وال يوجد هلم خمالف يف طبقتهم‪ ،‬مع ِّ‬
‫وانتشاره واشتهاره‪ ،‬فكان إمجاع ًا‪.‬‬
‫وممَّن أشار إىل اإلمجاع الرتمذي‪ ،‬قال يف السنن‪« :‬هذا حديث حسن صحيح‪،‬‬
‫والعمل عىل هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغريهم‪ ،‬ال نعلم بني‬
‫املتقدمني منهم يف ذلك اختال ًفا يف إجازة وقف األرضني وغري ذلك»(‪ ،)30‬وممن‬
‫نقل اإلمجاع عىل الوقف القرطبي وغريه‪ ،‬قال يف تفسريه‪« :‬وبه(‪ )31‬حيتج كل من‬
‫أجاز األحباس‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬قاله أبو عمر(‪ً .)32‬‬
‫وأيضا‪ :‬فإن املسألة إمجاع‬
‫(‪ )27‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،)38/4( ،‬كتاب‪ :‬اجلهاد والسري‪ ،‬باب‪ :‬املجن ومن يرتس برتس صاحبه‪ ،‬برقم (‪ ،)2904‬ومسلم يف صحيحه‪،‬‬
‫(‪ ،)1376/3‬كتاب‪ :‬اجلهاد والسري‪ ،‬باب‪ :‬باب حكم الفيء‪ ،‬برقم (‪.)1757‬‬
‫(‪ )28‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،)93/1( ،‬كتاب‪ :‬الصالة‪ ،‬باب‪ :‬هل تنبش قبور مرشكي اجلاهلية ويتخذ مكاهنا مساجد‪ ،‬برقم (‪ ،)428‬ومسلم يف‬
‫صحيحه‪ ،)373/1( ،‬كتاب‪ :‬املساجد ومواضع الصالة‪ ،‬باب‪ :‬ابتناء مسجد النبي ﷺ‪ ،‬برقم (‪.)524‬‬
‫(‪ )29‬مغني املحتاج إىل معرفة معاين املنهاج‪.)523/3( ،‬‬
‫(‪)30‬سنن الرتمذي‪.)53/3( ،‬‬
‫(‪ )31‬أي‪ ،‬بحديث عمر أنه استأذن يف أن يتصدق بسهمه بخيرب‪.‬‬
‫(‪ )32‬ابن عبد الرب‪ ،‬أبو عمر بن يوسف بن عبداهلل‪ ،‬التمهيد ملا يف املوطأ من املعاين واألسانيد‪ ،‬حتقيق‪ :‬مصطفى بن أمحد العلوي‪ ،‬حممد عبد الكبري البكري‪،‬‬
‫وزارة عموم األوقاف والشؤون اإلسالمية ‪ -‬املغرب‪ ١٣٨٧ ،‬هـ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.213‬‬

‫‪125‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫من الصحابة‪ ،‬وذلك أن أبا بكر وعمر وعثامن وعل ًيا وعائشة وفاطمة وعمرو‬
‫ابن العاص وابن الزبري وجابر ًا؛ كلهم وقفوا األوقاف‪ ،‬وأوقافهم بمكة واملدينة‬
‫وممن نقل اإلمجاع أيض ًا ابن مودود احلنفي يف «االختيار‬‫معروفة مشهورة”(‪َّ ،)33‬‬
‫لتعليل املختار»‪ ،‬قال‪« :‬أمجعت امللة عىل جواز الوقف؛ ملا روي أنه ﷺ تصدَّ ق‬
‫بسبع حوائط يف املدينة‪ ،‬وكذلك الصحابة وقفوا»(‪.)34‬‬
‫والباحث يف كتب الفقه جيد أهنم قد نقلوا خال ًفا منسو ًبا أليب حنيفة ورشيح‪،‬‬
‫ولكن الظاهر ‪ -‬واهلل أعلم ‪ -‬أن املسألة جممع عليها‪ ،‬وما نقل عنهام فيحمل عىل‬
‫ما قاله ابن عابدين يف احلاشية‪« :‬وذكر يف األصل‪ :‬كان أبو حنيفة ال جييز الوقف‪،‬‬
‫فأخذ بعض الناس بظاهر هذا اللفظ وقال‪ :‬ال جيوز الوقف عنده‪ .‬والصحيح أنه‬
‫جائز عند الكل‪ ،‬وإنام اخلالف بينهم يف اللزوم وعدمه؛ فعنده جيوز جواز إعارة‪،‬‬
‫فترصف منفعته إىل جهة الوقف مع بقاء العني عىل حكم ملك الواقف‪ ،‬ولو رجع‬
‫عنه حال حياته جاز مع الكراهة‪ ،‬ويورث عنه‪ ،‬وال يلزم إال بأحد أمرين‪ :‬إما أن‬
‫حيكم به القايض‪ ،‬أو خيرجه خمرج الوصية”(‪ ،)35‬وهناك أدلة عامة أو خاصة غري ما‬
‫ذكر‪ ،‬واملرشوعية تثبت بنص واحد‪ ،‬ففيام قدمناه الكفاية إن شاء اهلل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي مستمدة من مرشوعية الوقف‬
‫بشكل عام‪ ،‬إذ ال ختصيص ملجال معني‪ ،‬أو ملوقوف معني‪ ،‬فاستمداد اخلاص‬
‫من العام وارد؛ ألنه يندرج حتته‪ ،‬ولكن قد يقول قائل‪ :‬ال بد من أدلة تدل عىل‬
‫مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬فهل هناك أدلة تدل عىل‬
‫مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي؟‬
‫وباإلجابة عىل هذا السؤال نكون قد استوفينا هذا املبحث فأقول‪ :‬الدليل عىل‬
‫مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي يكون من هذه األوجه‪:‬‬
‫(‪ )33‬تفسري القرطبي‪.)339/6( ،‬‬
‫(‪ )34‬االختيار لتعليل املختار(‪.)41 ،40/3‬‬
‫(‪ )35‬حاشية ابن عابدين أو رد املختار (‪.)338/4‬‬

‫‪126‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫ً‬
‫أوال‪ :‬ميادين الوقف اجتهادية وليست توقيفية‪:‬‬
‫مل يرد يف الرشيعة ما يدل عىل أن ميادين الوقف منصوصة ال يمكن جتاوزها‪ ،‬وال‬
‫يتحقق املقصد الرشعي إال هبا‪ ،‬وهذا ما يعرب عنه العلامء بالتوقيف‪ ،‬فال توقيف يف‬
‫املوقوف‪ ،‬بل إن كان حيقق مصلحة الوقف ومقصده جاز وقفه‪ ،‬وللتدليل عىل هذا‬
‫نجد أن النصوص الرشعية الواردة يف شأن الوقف قارصة عىل اآلبار واألرض‬
‫لبناء املسجد‪ ،‬أو املزروعة للفقراء صدقة‪ ،‬أو دروع وسيوف للجهاد يف سبيل‬
‫أن الصحابة الكرام والتابعني من بعدهم من املسلمني يف كل عرص‬ ‫اهلل‪ ،‬بينام نجد َّ‬
‫الصحابة والتابعني‬ ‫من العصور‪ ،‬قد أوقفوا يف جماالت شتَّى‪ ،‬فهذا يدل عىل َّ‬
‫أن َّ‬
‫والعلامء من بعدهم‪ ،‬قد فهموا أن ميادين الوقف اجتهادية‪ ،‬وليست توقيفية‪ ،‬فإذ ًا‪:‬‬
‫متى حقق الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي مصلحة للمسلمني ومقصدً ا‬
‫من مقاصد الرشيعة‪ ،‬فيجوز الوقف عليه‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬النصوص الشرعية‪:‬‬
‫النصوص الرشعية الواردة يف الوقف ‪ -‬عىل وجه اخلصوص ‪ -‬تدل عىل العموم‪،‬‬
‫وهذا العموم مثاله قول النبي ﷺ‪« :‬إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله إال من‬
‫ثالثة‪ :‬إال من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له”(‪ ،)36‬فالصدقة‬
‫اجلارية تتناول كل الصدقات‪ ،‬ويدخل فيها تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬مما يراد‬
‫به الصدقات‪ ،‬وخدمة اإلسالم واملسلمني‪ ،‬وحيقق مقاصد الرشيعة‪ ،‬وال يمكن‬
‫إخراجها من الصدقات إال بدليل‪.‬‬
‫ومثله أيض ًا العموم يف قوله ﷺ‪ًّ :‬‬
‫«علام نرشه»‪ ،‬فالوقف هو العلم‪ ،‬سواء كان هذا‬
‫العلم وقف ًا يف كتب أو يف تطبيقات‪ ،‬ومثله «مصح ًفا ورثه»‪ ،‬فاملصحف قد يكون‬
‫كتا ًبا‪ ،‬وقد يكون تطبي ًقا‪ ،‬فهذه األلفاظ تتناول تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ويتناوهلا كذلك دخوهلا يف لفظ (صدقة)‪ ،‬فقد يتصدق بتطبيقات الذكاء‬
‫(‪ )36‬تقدم خترجيه‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫االصطناعي اخلادمة ملقاصد الرشيعة‪ ،‬وقول النبي ﷺ لعمر ] يف احلديث السابق‪:‬‬


‫“إن شئت حبست أصلها‪ ،‬وتصدَّ قت هبا”‪ ،‬فتناول الصدقة لتطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي جيعلها متناولة يف احلديث‪ ،‬ويقال مثل هذا يف حديث أيب طلحة‬
‫املتقدم‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬كالم الفقهاء في الوقف وشروط الموقوف‪:‬‬
‫عندما يتكلم الفقهاء عن املوقوف يذكرون رشوطه‪ ،‬وختتلف عبارات الفقهاء‬
‫يف رشوطه‪ ،‬ولكن الناظر للمراجع الفقهية يمكن أن خيرج بخالصة مفادها‪ :‬أن‬
‫حمسوسا ال معنو ًيا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الفقهاء يتفقون عىل أن يكون املوقوف عين ًا‪ ،‬ويقصدون به شيئ ًا‬
‫وأن يكون ذا منفعة‪ ،‬وأن تكون منفعته دائمة ومباحة ومقصودة‪ ،‬ويكون معينًا ال‬
‫ً‬
‫جمهوال‪ ،‬ومملوكًا‪ ،‬ويمكن انتقال امللك فيه(‪.)37‬‬
‫يقول الرشبيني‪« :‬ورشط املوقوف‪ :‬مع كونه عينًا معينة مملوكة ملكًا يقبل‬
‫مباحا‬
‫ستأجر هلا‪ :‬دوام االنتفاع به انتفا ًعا ً‬
‫النقل‪ ،‬وحيصل منها فائدة أو منفعة ُي َ‬
‫مقصو ًدا‪.)38(»..‬‬
‫وال شك أن من يامرس الفقه يعلم أن الفقهاء قد اختلفوا يف كثري من مسائل‬
‫الوقف‪ ،‬ومنها رشوط املوقوف‪ ،‬ولكن ال جمال لذكرها والتفصيل فيها‪ ،‬ولعل‬
‫الباحث يميل ملا رآه اإلمام ابن قدامة‪ ،‬فقوله يف الباب جامع‪« :‬ومجلة ذلك أن‬
‫الذي جيوز وقفه‪ ،‬ما جاز بيعه‪ ،‬وجاز االنتفاع به مع بقاء عينه‪ ،‬وكان أص ً‬
‫ال يبقى‬
‫متصال‪ ،‬كالعقار‪ ،‬واحليوانات‪ ،‬والسالح‪ ،‬واألثاث‪ ،‬وأشباه ذلك»(‪ .)39‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫بقاء‬
‫ينطبق عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬إذ جيوز بيعها وجيوز االنتفاع هبا مع بقاء‬
‫عينها‪ ،‬فيجوز وقفها‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬تطور الميادين مع مرونة النصوص‪:‬‬
‫(‪)37‬ينظر‪ :‬مغني املحتاج‪ ،)524/3( ،‬رشح فتح القدير‪ ،‬البن اهلامم‪ ،)219 - 218/6( ،‬رشح منتهى اإلرادات‪ ،)492 - 491/2( ،‬مواهب اجلليل‪،‬‬
‫(‪.)18/6‬‬
‫(‪)38‬مغني املحتاج‪.)524/3( ،‬‬
‫(‪ )39‬املغني‪ ،‬البن قدامة‪.)36/6( ،‬‬

‫‪128‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫كثريا‪ ،‬والنصوص جاءت‬ ‫أن ميادين التعبد قد تطورت ً‬ ‫وممَّا يمكن االستدالل به‪َّ :‬‬
‫بقواعد عامة‪ ،‬ولذلك يقول العلامء‪ :‬النصوص متناهية والوقائع غري متناهية‪ ،‬وهذه‬
‫ميزة الدين اخلاتم‪ ،‬فنصوصه تناسب الوقائع عىل اختالفها حتى قيام الساعة‪ ،‬فلام‬
‫تطورت امليادين‪ ،‬أخذنا من النصوص ما يناسب هذه امليادين‪ ،‬وينطبق عليها‪،‬‬
‫وجيعلها مشمولة هبا بدون تعسف‪ ،‬ويستأنس هلذا بام روي عن اإلمام مالك رمحه‬
‫اهلل‪ ،‬فقد «سأل سحنون اإلمام عبد الرمحن بن القاسم‪ :‬أرأيت إذا حبس يف سبيل‬
‫اهلل‪ ،‬فأي سبل اهلل؟ قال‪ :‬قال مالك‪ :‬سبل اهلل كثرية‪ ،‬ولكن من حبس يف سبيل اهلل‬
‫شيئ ًا فإنام هو يف الغزو‪ ،‬قال سحنون‪ :‬قال ابن وهب‪ ،‬قال يونس‪ ،‬قال ربيعة‪ :‬كل‬
‫يسم صدقة فهو كله صدقة تنفذ يف مواضع‬ ‫ما جعل صدقة حبس‪ ،‬أو حبس ومل ّ‬
‫الصدقة‪ ،‬وعىل وجه ما ينتفع بذلك فيه‪ ،‬فإن كانت دواب ففي اجلهاد‪ ،‬وإن كانت‬
‫غلة أموال فعىل منزلة ما يرى الوايل من وجوه الصدقة»(‪.)40‬‬
‫والشاهد أن سبيل اهلل إذا أطلق‪ ،‬فاملراد به الغزو واجلهاد؛ ولكن مع هذا فقد‬
‫يدخل يف سبيل اهلل أصناف أخرى‪ ،‬فسبل اهلل كثرية كام قال اإلمام مالك‪.‬‬
‫مما سبق يتبني للباحث أن الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي مرشوع‪،‬‬
‫بضوابط رشعية معينة‪ ،‬تأيت يف املبحث الثالث بمشيئة اهلل تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )40‬املدونة‪.)341/4( ،‬‬

‫‪129‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫المبحث الثالث‪ :‬ضوابط الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‬


‫بعد بيان مرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ال بد من بيان ضوابط‬
‫هذه املرشوعية‪ ،‬وهذه الضوابط منها ما يرجع للوقف بشكل عام‪ ،‬فيكون ضاب ًطا‬
‫خاص بتطبيقات الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫للوقف‪ ،‬ونذكره للتنبيه عليه‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫فمن أهم ضوابط الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬

‫الضابط األول‪ :‬كل تطبيق ال يحقق مصلحة شرعية ال يوقف عليه‪:‬‬


‫ُرشع الوقف لتحقيق املصالح الرشعية‪ ،‬ولذا أجاز العلامء الوقف عىل كل ما‬
‫حيقق مصلحة رشعية‪ ،‬فنح ِّقق بالوقف إطعام الفقراء واملساكني‪ ،‬وإيواء اليتامى‬
‫وابن السبيل‪ ،‬ونسد به حاجة املحتاجني واألرامل‪ ،‬وندافع به عن الدين‪ ،‬وندعو‬
‫به لدين رب العاملني‪ ،‬ونقيم به املساجد واملستشفيات‪ ،‬ونشيد به املدارس‬
‫واجلامعات‪ ،‬ونحقق به مقاصد الدين‪ ،‬فالوقف الذي ال حيقق مصلحة رشعية‬
‫ألن «الوقف الذي جاءت به الرشيعة‪،‬‬ ‫ال حيقق مقاصد الدين‪ ،‬فلذا ال فائدة منه‪َّ ،‬‬
‫تقرب به‬‫ورغب فيه رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وفعله أصحابه ريض اهلل عنهم؛ هو الذي ُي َّ‬
‫إىل اهلل عز وجل‪ ،‬حتى يكون من الصدقة اجلارية التي ال ينقطع عن فاعلها ثواهبا‪،‬‬
‫فال يصح أن يكون مرصفه غري قربة؛ ألن ذلك خالف موضوع الوقف املرشوع؛‬
‫لكن القربة توجد يف كل ما أثبت فيه الرشع أجر ًا لفاعله؛ كائنًا ما كان‪ ،‬فمن وقف‬
‫صحيحا؛ ألنه قد‬
‫ً‬ ‫ال عىل إطعام نوع من أنواع احليوانات املحرتمة؛ كان وقفه‬ ‫مث ً‬
‫ثبت يف السنة الصحيحة‪ « :‬يف كل كبد رطبة أجر»(‪ ،)41‬ومثل هذا‪ :‬لو وقف عىل من‬
‫خيرج القذارة من املسجد‪ ،‬أو يرفع ما يؤذي املسلمني يف طريقهم؛ كان ذلك وقف ًا‬
‫صحيح ًا؛ لورود األدلة الدالة عىل ثبوت األجر لفاعل ذلك‪ ،‬فقس عىل هذا غريه‬
‫ٍ‬
‫مساو له يف ثبوت األجر لفاعله‪ ،‬وما هو آكد منه يف استحقاق الثواب»(‪،)42‬‬ ‫مما هو‬
‫(‪ )41‬أخرجه البخاري يف صحيحه (‪ ،)111/3‬كتاب‪ :‬املساقاة‪ ،‬باب‪ :‬فضل سقي املاء‪ ،‬برقم (‪ ،)2363‬ومسلم (‪ ،)1761/4‬كتاب‪ :‬السالم‪ ،‬باب‪:‬‬
‫فضل ساقي البهائم املحرتمة‪ ،‬برقم (‪.)2244‬‬
‫(‪ )42‬الروضة الندية رشح الدرر البهية‪ ،‬للقنوجي‪.)515/2( ،‬‬

‫‪130‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫وأما الوقف عىل ما ال حيقق مقاصد الرشيعة‪ ،‬فليس بقربة‪ ،‬فال جيوز الوقف عليه‪،‬‬
‫ومن أمثلة التطبيقات الذكية التي ال حتقق مصلحة‪ :‬التطبيقات اخلاصة باأللعاب‬
‫كبريا‪ ،‬أو التي تعود‬ ‫التي تزعج العقل‪ ،‬وال ينمي ذكاء الالعب‪ ،‬سواء كان ً‬
‫طفال أو ً‬
‫عىل الالعب باألرضار‪ ،‬كاإلدمان عليها‪ ،‬أو إصابة الطفل بالتوحد‪ ،‬أو تؤثر يف‬
‫سلوك الالعب بجعله عدوان ًّيا‪ ،‬وحترضه عىل العنف‪ ،‬أو تسبب له التشتيت وقلة‬
‫الرتكيز‪ ،‬أو األرق وقلة النوم‪ ،‬أو قلة احلركة‪ ،‬أو إجهاد العينني‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫الضابط الثاني‪ :‬ال يجب تقديم الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي المباحة‪:‬‬
‫املباحات إن ح َّققت مقصدً ا رشع ًّيا فيشملها ما تقدَّ م يف الضابط السابق‪ ،‬أما إن‬
‫كانت املباحات ال حتقق مقصدً ا رشع ًّيا‪ ،‬فقد اختلف العلامء يف حكم جواز الوقف‬
‫عىل املباح‪ ،‬أو ما ال فائدة فيه‪ ،‬فرأى مجع من العلامء وهم اجلمهور‪ :‬أن الوقف عىل‬
‫املباح جائز‪.‬‬
‫وفرضا‪ ،‬فاألول‪ :‬بال قصد‬
‫ً‬ ‫قال يف البحر الرائق‪« :‬وصفته أن يكون مباح ًا وقربة‬
‫القربة‪ ،‬ولذا يصح من الذمي وال ثواب له‪ ،‬والثاين‪ :‬مع قصدها من املسلم‪ ،‬والثالث‬
‫املنذور»(‪ ،)43‬وقال يف الذخرية‪« :‬متى كان الوقف عىل قربة صح‪ ،‬أو معصية بطل‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُْ ُ َْ ْ َ ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫ان وإِيتا ِء ِذي‬ ‫كالبِ َيع‪ ،‬وقطع الطريق؛ لقوله تعــاىل‪{ :‬إِن اهلل يأمر بِالعد ِل و ِ‬
‫اإْلحس ِ‬
‫ُْ ْ َ َ َْ َ َ َْ ْ َ َ ُْ ْ َ َ َْ ْ‬
‫يْغ} [انلحل‪ ،]90:‬وقـالــــه (ش) ‪-‬‬ ‫القرىَب وينىَه ع ِن الفحشا ِء والمنك ِر وابل ِ‬
‫الشافعي ‪ -‬وأمحد‪ ،‬فإن عرا عن املعصية وال ظهرت القربة صح؛ ألن رصف املال‬
‫يف املباح مباح»(‪.)44‬‬
‫فاجلمهور يرون أن الوقف يف حقيقته رصف للامل‪ ،‬ورصف املال يف املباح مباح‪،‬‬
‫بينام يرى فريق من العلامء ‪ -‬وهو املعتمد عند احلنابلة ‪ -‬عدم صحة الوقف عىل‬
‫(‪)43‬البحر الرائق رشح كنز الدقائق (‪.)206/5‬‬
‫(‪ )44‬الذخرية (‪.)312/6‬‬

‫‪131‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫املباح‪ ،‬قال يف اإلنصاف‪“ :‬الثاين ‪ -‬من الرشوط ‪ -‬أن يكون عىل ٍّبر‪ ،‬وسواء كان‬
‫نص عليه اإلمام أمحد رمحه اهلل‪ ،‬كاملساكني واملساجد‬
‫مسلام أو ذم ًّيا‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫الواقف‬
‫والقناطر واألقارب‪ ،‬وهذا املذهب وعليه مجاهري األصحاب‪ ،‬وقطع به كثري‬
‫منهم»(‪ ،)45‬وهذا الفريق يرى أن الوقف عىل املباح يفتقر إىل جانب املعروف فيه‪،‬‬
‫فالوقف معروف وقربة‪ ،‬فال يرصف إال يف قربة أو معروف‪.‬‬
‫والتفصيل عند مدارس املذاهب اإلسالمية وأمهات الكتب‪ ،‬ولكن يمكن إمجال‬
‫ٍ‬
‫عاص هلل‪ ،‬فهذا خيالف حل ّيه‬ ‫القول بأنه ال يقال عىل من أنفق ماله يف مباح أنه‬
‫املباح؛ ولكن ترشيع الوقف ومقصده هو جريان األجر؛ لذلك قال ﷺ‪« :‬وصدقة‬
‫جارية»‪ ،‬وصحيح كام قدمنا أن الرصف عىل املباح خيلو من املؤاخذة الرشعية‪،‬‬
‫حيث عليه وال ُيدعى له‪ ،‬وال ُيندب له الناس‪ ،‬فالوقف‬ ‫ولكن ليس فيه أجر؛ لذا ال ُ َ‬
‫عىل املباح الذي ال حيقق مقصدً ا من مقاصد الترشيع ال يسد حاجة للمسلمني‪،‬‬
‫والوقف من املصطلحات الرشعية التي جيب رصفها عىل سبيل الرب والطاعة‪،‬‬
‫وليس عىل سبيل العبث واللهو‪ ،‬مثله مثل النذر‪ ،‬فالنذر يقصد للتقرب هلل‬
‫سبحانه‪ ،‬فال نذر يف معصية‪ ،‬وال بام ال يكون قربة‪ ،‬فكذا الوقف‪ ،‬وهذا يف املباح‬
‫املحض الذي ال حيقق مقصدً ا رشع ًّيا وال مصلحة معتربة‪ ،‬أما ما كان خاد ًما ملقصد‬
‫أو يتوصل به ملصلحة رشعية‪ ،‬فقد سبق الكالم عنه‪.‬‬

‫الضابط الثالث‪ :‬ال يجوز أن يعود الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي بالضرر‬
‫على الفرد أو المجتمع‪:‬‬
‫تطبيقات الذكاء االصطناعي انترشت يف عرصنا احلايل‪ ،‬وأصبح االعتامد عليها‬
‫أكرب‪ ،‬ولكن املربجمني والقائمني عليها ُحي ِّذرون من خماوف بشأن الركون عليها‬
‫بشكل مبالغ فيه‪ ،‬إذ قد يؤدي لرضر عىل املجتمع‪ .‬فمن أبرز املخاوف التي يتكلم‬
‫عنها العلامء يف استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬أن حتل التطبيقات الذكية‬
‫(‪ )45‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف (‪.)13/7‬‬

‫‪132‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫مكان الكثري من الوظائف العامة ونتيجة هذا فقدان الكثري من املوظفني ملصدر‬
‫دخلهم‪ ،‬وهذا من جهة صحيح؛ ولكن التطبيقات ستوفر الكثري من الوظائف‬
‫اخلاصة بالتطبيقات‪ ،‬باإلضافة إىل أن بعض العلامء يؤكد عىل أمهية أن تسبق‬
‫احلكومات التطبيقات الذكية بتوفري فرص عمل خمتلفة ومتنوعة يف جماالت‬
‫أخرى‪ ،‬حتى ال يكون أثر االعتامد عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي كبري ًا عىل‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫وكان مثل هذا الكالم يقال بداية الثورة الصناعية األوىل التي حلت فيها كثري من‬
‫اآلآلت حمل العامل يف املجاالت اليدوية‪ ،‬وقيل مثله أيض ًا بداية ثورة تكنولوجيا‬
‫املعلومات التي حلت مكان الكثري من األعامل اإلدارية الروتينية‪ ،‬فكذلك الذكاء‬
‫االصطناعي اليوم قد يسهم يف التقليل من وظائف املديرين واألطباء واملعلمني‬
‫والوظائف عالية التخصص‪ ،‬وعىل إثره قد يساهم االعتامد عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي بتضخم البطالة يف الوظائف العليا‪.‬‬
‫وصحيح أن االعتامد عىل التطبيقات الذكية له آثار‪ ،‬ولكن يظل االعتامد عىل‬
‫اجلانب البرشي مطلوب ًا وإن كان بشكل أقل‪ ،‬وكام وجدت فرص بعد الثورة‬
‫األوىل والثانية‪ ،‬ستوجد فرص يف حال التوسع يف االعتامد عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬باإلضافة إىل أن اإلنسان بإمكانه أن يستخدم تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي ليزداد ذكاء‪ ،‬وعىل كل حال جيب عدم وقوع أرضار عىل املجتمع‬
‫والفرد باالعتامد عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ويرجع تقدير وقوع الرضر‬
‫من عدمه ألهل احلل والعقد‪ ،‬ووالة األمر يف بالد املسلمني‪ ،‬فمن القواعد املهمة‬
‫يف الرشيعة‪ :‬ال رضر وال رضار(‪.)46‬‬
‫ويمكن وضع قوانني حاكمة ختص االعتامد عىل التطبيقات الذكية‪ ،‬حتى ال يؤدي‬
‫العمل هبا وتفويض األعامل إليها إىل رضر عىل الفرد واملجتمع‪ ،‬فالعمل هبا وفق‬
‫املعايري القانونية حيمي الفرد واملجتمع‪ ،‬وهكذا كل تطبيق من التطبيقات رأت‬
‫(‪ )46‬ينظر‪ :‬يف رضر الذكاء االصطناعي‪ :‬كتاب الذكاء االصطناعي‪ ،‬لبالي ويتباي‪.)177( ،‬‬

‫‪133‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫بأن فيه رضر ًا‬ ‫السياسة الرشعية املمثلة يف ويل األمر أو أهل احلل والعقد من حوله َّ‬
‫َ َ‬
‫{وإِذا‬ ‫عىل الفرد واملجتمع‪ ،‬وإن كان يف أصله مباح ًا‪ ،‬فيجب أن جيتنب‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫َْْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫وه إ َىل َّ‬
‫الر ُ‬ ‫اعوا به َول َ ْو َر ُّد ُ‬ ‫َ َ ُ ْ ٌَْ َ َْْ َ ْ‬
‫اخْل َ ْوف أَ َذ ُ‬
‫ويِل اأْلم ِر‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ىل‬ ‫إ‬‫و‬
‫ِ ِ‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫جاءهم أمر ِمن اأْلم ِن أ ِو‬
‫َُ‬ ‫ْ ُ ْ َ َ َ ُ َّ َ َ‬
‫ين ي َ ْستنْ ِب ُطونه ِمنْ ُه ْم} [النساء‪..]83 :‬‬ ‫اذَّل‬
‫ِمنهم لع ِلمه ِ‬

‫الضابط الرابع‪ :‬يجب مراعاة الجانب الشرعي في الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫مراعاة اجلانب الرشعي يف الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ال نقصد به‬
‫ما سبق الكالم عليه من الوقف عىل ما حي ِّقق املقاصد‪ ،‬بل ذات التطبيق والعمل‬
‫عليه من بداية اإلنشاء وحتى تسبيله‪ ،‬ال بد أن ختلو كل اخلطوات من املحظورات‬
‫الرشعية‪ ،‬فال يكفي سالمة املقصد‪ ،‬وال مرشوعية املوقوف‪ ،‬فالتطبيقات هذه‬
‫بإمكاهنا اإلرضار باآلخرين‪ ،‬سواء بالتجسس عليهم‪ ،‬أو استخدام معلوماهتم‬
‫وبيعها جلهات أخرى‪ ،‬وحتى اجلرائم األخرى كالرسقة من احلساب البنكي‪،‬‬
‫أو املعلومات من األجهزة املقرتنة‪ ...‬إلخ‪ ،‬فكل تطبيق حيصل منه مثل هذه‬
‫املحظورات ال جيوز الوقف عليه‪ ،‬فال بد من مراعاة اجلانب الرشعي يف كل‬
‫خطوات الوقف عىل التطبيقات الذكية‪ ،‬وال يكفي مراعاة اجلانب التقني فقط‪.‬‬
‫فالقصد من الوقف عىل التطبيقات الذكية التقرب إىل اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وال‬
‫يكون التقرب إليه بام مل يرشعه‪ ،‬أو بام يغضبه‪ ،‬فاهلل طيب ال يقبل إال طيب ًا‪ ،‬فال‬
‫جيوز عىل سبيل املثال‪ :‬الوقف عىل تطبيقات الرسقة أ ًّيا كانت‪ ،‬مثل تطبيقات رسقة‬
‫الواي فاي‪ ،‬أو رسقة كلامت الرس من األجهزة اإللكرتونية‪ ،‬أو رسقة املعلومات‬
‫من األجهزة‪ ،‬أو رسقة امللفات‪ ،‬كرسقة الصور ومقاطع الفيديو‪ ،‬ومن باب أوىل‬
‫رسقة النقود من املحافظ اإللكرتونية‪ ،‬كام ال جيوز رسقة نفس التطبيق ثم وقفه إن‬
‫كان عليه حقوق‪ ،‬أو رسقة جزء من برجمته‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫الضابط الخامس‪ :‬مراعاة شرط الواقف في الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫مراعاة رشط الواقف هو من الضوابط العامة يف كل وقف‪ ،‬ولكن نذكره هنا‬
‫للتأكيد عىل أمهيته‪ ،‬فال بد من مراعاة رشط الواقف‪ ،‬وقد تداول الفقهاء‪َّ :‬‬
‫“أن‬
‫رشط الواقف كنص الشارع”‪ ،‬ويقصدون به من حيث اإللزام‪ ،‬ال يف االستدالل‪،‬‬
‫فإذا كان رشط الواقف ال يعارض الرشع‪ ،‬فيجب العمل به‪ .‬قال شيخ اإلسالم‬
‫أن كل ما رشط من العمل من الوقوف التي توقف‬ ‫ابن تيمية‪« :‬األصل يف هذا َّ‬
‫عىل األعامل‪ ،‬فال بد أن تكون قربة؛ إما واج ًبا؛ وإما مستح ًبا‪ ،‬وأما اشرتاط عمل‬
‫حمرم‪ ،‬فال يصح باتفاق علامء املسلمني؛ بل وكذلك املكروه؛ وكذلك املباح عىل‬
‫الصحيح‪ .‬وقد اتفق املسلمون عىل أن رشوط الواقف تنقسم إىل صحيح وفاسد‪.‬‬
‫كالرشوط يف سائر العقود‪ ،‬ومن قال من الفقهاء‪ :‬إن رشوط الواقف نصوص‬
‫كألفاظ الشارع‪ ،‬فمراده أهنا كالنصوص يف الداللة عىل مراد الواقف؛ ال يف وجوب‬
‫العمل هبا‪ ،)47(»...‬ولذا لو اشرتط الواقف ما ال جيوز‪ ،‬فال يعمل به‪ ،‬ورشطه باطل‪،‬‬
‫ففي الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي يراعى رشط الواقف‪ ،‬إن كان قد‬
‫وقف التطبيق جلهة معينة‪ ،‬أو لصنف بوصف معني‪ ،‬أو أوقف ما يدره التطبيق من‬
‫املال ‪...‬إلخ‪ ،‬فيعمل وفق رشطه متام ًا كام يف رشطه يف الوقف بشكل عام‪.‬‬
‫الضابط السادس‪ :‬مراعاة أحكام الوقف العامة‪:‬‬
‫ال بد من مراعاة أحكام الوقف العامة يف الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫فخصوصية الوقف عىل التطبيقات ال خيرجها عن عموم الوقف‪ ،‬ففي الوقف‬
‫نشرتط رشوط ًا عامة يف الواقف واملوقوف واملوقوف عليه‪ ،‬مذكورة يف ّ‬
‫مظاهنا من‬
‫كتب الفقه‪.‬‬
‫ومما جتب مراعاته والتنبيه عليه‪ :‬مراعاة الرشوط يف ناظر الوقف‪ ،‬والتي منها‪ :‬أن‬
‫يكون مسل ًام‪ ،‬فالنظر والية‪ ،‬وال والية لكافر عىل مسلم‪ ،‬وأن يكون مكلف ًا‪ ،‬فال‬
‫يصح تولية صبي وال جمنون‪ ،‬وأن يكون ً‬
‫عدال‪ ،‬فالوالية عىل الوقف أمانة‪ ،‬وال‬ ‫ُّ‬
‫(‪ )47‬جمموع الفتاوى (‪.)47/31‬‬

‫‪135‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫تعطى األمانة لفاسق أو خائن‪ ،‬وأن يكون كفؤ ًا؛ ليستطيع الترصف بالوقف بام‬
‫فيه مصلحة(‪.)48‬‬
‫ونؤكد عىل رشوط الناظر خاصة؛ للخوف من أن ترتك التطبيقات يف ٍ‬
‫أيد غري أمينة‪،‬‬
‫ثم تستخدم يف غري ما وقفت عليه‪ ،‬ولعل الناظرين العدول الفامهني بالتطبيقات‬
‫الذكية نسبتهم قليلة‪ ،‬فوجب اإلشارة إىل هذا‪ ،‬والتأكيد عليه!‬
‫الضابط السابع‪ :‬مراعاة مراتب المقاصد في الوقف‪:‬‬
‫هذا الضابط استحساين‪ ،‬فقد تقدم جواز الوقف عىل ما فيه مصلحة من الرضوريات‬
‫واحلاجيات والتحسينيات‪ ،‬ولكن مراتب املقاصد واملصالح تتفاوت‪ ،‬فكام أن فيها‬
‫رضوريات وحاجيات وحتسينيات‪ ،‬فيها مصالح أصلية ومصالح تكميلية‪ ،‬وليس‬
‫من املقبول االعتناء باملرتبة األدنى وترك األعىل‪ ،‬سواء يف مراعاة مصالح املسلمني‬
‫أو يف األجر واملثوبة‪ ،‬فمن األفضل الوقف عىل ما كان رتبته أعىل‪ ،‬لسدِّ احتياجات‬
‫املسلمني فيه‪ ،‬ثم االنتقال ملا هو دونه‪ ،‬وهذا هو الفقه‪.‬‬
‫وقد يكون أرباب األموال والواقفني ال يدركون مثل هذا‪ ،‬فالواجب عىل محلة‬
‫الرشيعة إرشادهم‪ ،‬فمن غري املقبول عىل سبيل املثال‪ :‬اإلقبال وتقديم الوقف‬
‫وملحة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫لتطبيقات هلا مصلحة وهي من املباحات‪ ،‬عىل الوقف لتطبيقات رضورية‬
‫خاصة بحفظ الدين أو حفظ الدولة‪ ،‬كالتحسني يف األمور العسكرية‪ ،‬ومحاية‬ ‫َّ‬
‫بيضة اإلسالم‪.‬‬
‫الضابط الثامن‪ :‬عدم التبذير في الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫الناظر يف تاريخ الوقف اإلسالمي يرى إقبال املسلمني عىل الوقف‪ ،‬رغبة يف اخلري‬
‫املستمر والصدقة اجلارية التي يناهلا العبد بعد موته‪ ،‬فاملسلم يرغب باستمرار‬
‫كثري من املسلمني ممن آتاه اهلل ً‬
‫ماال يف وصيته وق ًفا‪،‬‬ ‫عمله بعد املوت؛ لذا جيعل ٌ‬
‫(‪ )48‬ينظر‪ :‬اإلقناع يف فقه أمحد بن حنبل‪ ،)15/3( ،‬وحاشية اجلمل عىل رشح املنهج‪ ،)604/5( ،‬وحاشية ابن عابدين‪ ،)385/3( ،‬ومغني املحتاج‪،‬‬
‫(‪ ،)393/2‬كام جيب عىل الناظر القيام بواجباته جتاه الوقف من رعايته‪ ،‬والقيام بمصاحله‪ ،‬واملطالبة بحقوقه‪ ،‬وسداد ديونه‪ ،‬والعمل فيه بمصلحة‪ ،‬والسري‬
‫فيه برشوط الواقف‪ ...‬إلخ ما قدمنا‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫واملؤلفات يف الوقف وأنواعه عرب التاريخ كثرية‪ ،‬ولكن ما جيب التنبيه عليه ‪-‬‬
‫وهو تنبيه استحساين وليس ضابط ًا باملعنى األصويل – هو‪ :‬أن يف بعض البلدان‬
‫حيصل تضخم يف الوقف عىل جهة من جهات الوقف دون غريها‪ ،‬أو نوع من‬
‫ملحة يف جوانب أخرى‬ ‫أنواع الناس يف الوقف دون غريه‪ ،‬بينام تكون احلاجة َّ‬
‫وجماالت أخرى هي أوىل وأهم‪ ،‬وفيها من األجر الكثري‪ ،‬ولعل هلذا أسبا ًبا بعضها‬
‫مذهبي وبعضها عريف‪ ،‬فمنها تقييد الوقف يف بعض املذاهب عىل بعض األصناف‪،‬‬
‫يتضخم الوقف‬‫َّ‬ ‫ومنها التقليد‪ ،‬فالواقف يرى من أوقف قبله فيوقف مثله‪ ،‬حتى‬
‫يف جانب معني‪ ،‬فيضيع لعدم احلاجة إليه أو لتكدسه‪ ،‬وهذا بحاجة إلعادة نظر‪،‬‬
‫فأبواب اخلري كثرية‪ ،‬وجيب إرشاد الواقفني هلا وحثهم عليها‪ ،‬والتنويع بني أبواب‬
‫اخلري خري‪.‬‬
‫ِّ‬
‫الضابط التاسع‪ :‬أن يعمل الوقف على سد حاجات المسلمين‪:‬‬
‫الغرض من الوقف هو سدُّ حاجات املسلمني‪ ،‬فام يميز الوقف عن بقية الصدقات‬
‫هو االستمرارية‪ ،‬بحيث يسدُّ حاجة من حاجات املسلمني‪ ،‬وفقه الوقف جيعل‬
‫القائمني عليه يعملون عىل سدِّ الباب الذي تصدوا له‪ ،‬فالعمل عىل باب من‬
‫األبواب حتى سده هو ما يرجى من الوقف‪ ،‬فإن كان الوقف يف اجلانب التعليمي‬
‫عىل سبيل املثال‪ ،‬فيكون حتى يسدَّ هذا الباب‪ ،‬وال يرتك العمل جمزوء ًا‪ ،‬وحتى‬
‫معني حيبذ له أن‬
‫يتمكن بقية الواقفني من سدِّ أبواب أخرى‪ ،‬فمن يتصدَّ ى لوقف َّ‬
‫يتصدَّ ى له بوسعه واستطاعته‪ ،‬أو أن يدعو غريه معه ليعاونه‪ ،‬فهذا من التعاون‬
‫عىل الرب والتقوى‪ ،‬ليقوم معه فيسد معه هذا الباب‪ ،‬فمن يتصدَّ ى لتعليم أوالد‬
‫املسلمني واجبات العبادات عىل سبيل املثال‪ ،‬فلينتج لنا تطبي ًقا يستغني املسلمون‬
‫به عن غريه‪ ،‬حتى إذا جاء آخر قلنا له‪ :‬ال داعي للعمل يف هذا‪ ،‬فهناك من سد‬
‫الباب‪ ،‬ونبحث له عن جمال آخر‪.‬‬
‫الضابط العاشر‪ :‬مراعاة الجانب األخالقي في الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫جيب مراعاة اجلانب األخالقي يف الوقف عىل التطبيقات الذكية‪ ،‬بل جيب مراعاته‬

‫‪137‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫يف كل مناحي احلياة‪ ،‬ونؤكد عليه هنا؛ ألن هناك مسؤولية كبرية عىل عاتق العاملني‬
‫يف جمال الذكاء االصطناعي‪ ،‬فالعاملون يف اجلانب ال ِّت ْقني قد يغلب عليهم‬
‫التعامل املادي وترك اجلانب األخالقي؛ الختالطهم باآلالت والتصميامت‬
‫واخلوارزميات‪ ،‬فال بد من التأكيد عىل أمهية مراعاة اجلانب األخالقي‪ ،‬وعدم‬
‫التجاوز فيه‪ ،‬والتمتع بالشفافية والوضوح بشأن إجراءات وكيفية استعامل‬
‫تكنولوجيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬فيجب أن يوىل اجلانب األخالقي االهتامم‪،‬‬
‫وتطبيقه عىل أرض الواقع عند التنفيذ‪ ،‬وال نزال نحتمي باجلانب األخالقي؛‬
‫ألن القوانني ما زالت ال حتمي البيانات يف معظم أنحاء آسيا وإفريقيا وأمريكا‬
‫الالتينية؛ ألهنا ما زالت قيد الدراسة(‪.)49‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬تصور مقاصدي لكيفية وأولويات الوقف‬


‫على تطبيقات الذكاء االصطناعي‬
‫وضعت األمم املتحدة من أهداف الذكاء االصطناعي‪ ،‬حتقيق أهداف التنمية‬
‫املستدامة‪ ،‬وجعلت اهلدف األول القضاء عىل الفقر؛ ألن الذكاء االصطناعي‬
‫سيتيح توزيع املوارد آن ًيا من خالل رسم خرائط وحتليل بيانات الفقر‪ ،‬وجعلت من‬
‫أهدافها الصحة اجليدة والرفاهية‪ ،‬ألهنا تتحسن كثري ًا باستخدام برامج وأدوات‬
‫التشخيص يف جمال الرعاية الصحية والوقائية الذكية التي تؤدي حللول علمية‪،‬‬
‫وعىل سبيل املثال‪ :‬تستخدم ‪ 8‬مليارات من األجهزة املتنقلة املزودة بكامريات‬
‫اهلاتف الذكي‪ ،‬لتشخيص اضطرابات القلب والعني والدم‪ ،‬وجعلت من أهدافها‬
‫الصناعة واالبتكار والبنى التحتية التي تشمل الذكاء االصطناعي‪ ،‬وأجهزة‬
‫االستشعار‪ ،‬والطباعة الرباعية األبعاد‪ ،‬وابتكارات أخرى هائلة(‪.)50‬‬
‫وحتى ندل الواقفني عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي بأولويات الوقف يف هذا‬
‫(‪ )49‬ينظر‪ :‬الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام‪.23 ،‬‬
‫(‪ )50‬الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام‪.26 ،‬‬

‫‪138‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫املجال وكيفيته‪ ،‬فسنتكلم ً‬


‫أوال‪ :‬عن طرق وأنواع الوقف عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬وثان ًيا‪ :‬عن تصور مقاصدي ألولويات الوقف عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬طرق الوقف في تطبيقات الذكاء االصطناعي‬


‫هناك أكثر من طريقة متصورة للوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬سواء‬
‫كان املوقوف التطبيق ذاته‪ ،‬أو كان منف ًقا عليه من مال وقف آخر‪ ،‬أو هو موقوف‬
‫وينفق عىل أوقاف أخرى‪ ،‬وعليه فيمكن تصوير الوقف يف تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي بام يأيت‪:‬‬
‫الصورة األوىل‪ :‬أن يرصف عىل التطبيق من مال قد أوقفه صاحبه عىل هذا الرشط‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يشرتي التطبيق صاحب مال ويوقفه هلل تعاىل‪ ،‬فيستفيد من‬
‫خدماته املسلمون‪ ،‬أو فئة معينة منهم بحسب رشطه‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬أن يشرتي التطبيق صاحب مال‪ ،‬ويدر التطبيق ً‬
‫ماال‪ ،‬بحيث تكون‬
‫اخلدمات املوجودة يف التطبيق بمقابل‪ ،‬واملقابل يسبل يف مصالح املسلمني التي‬
‫حيددها الواقف‪.‬‬
‫الصورة الرابعة‪ :‬أن يكون املوقوف جز ًءا من التطبيق ال كله‪ ،‬كأن جيعل صاحب‬
‫التطبيق جز ًءا منه موقوف ًا عىل جهة معينة‪ ،‬وخدماته لغريهم بمقابل يرصفه يف‬
‫مصالح املسلمني التي حيددها‪ ،‬كأن يعمل تطبي ًقا لتعليم العلوم الرشعية‪ ،‬وجيعل‬
‫احلصول عىل خدماته للمساكني والفقراء بدون مقابل‪ ،‬أو أي جهة حيددها هو‪،‬‬
‫ويطبقها ناظر الوقف القائم عىل التطبيق‪ ،‬ومن أراد أن يستفيد من التطبيق من غري‬
‫اجلهة املعينة‪ ،‬فعليه رشاؤها بمقابل‪ ،‬ثم يرصف املقابل يف املصالح التي حيددها‬
‫صاحب الوقف‪.‬‬
‫و ُيمكّن ناظر الوقف من النفقة عىل التطبيق واحتياجاته‪ ،‬فلو افرتضنا التطبيق‬

‫‪139‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫السابق‪ ،‬وكان ال بد فيه من العنرص البرشي؛ ألنه حيتاج ملن يرشح ويطبق ويمثل‬
‫وجييب عن األسئلة‪ ،‬ومثل هذا إن مل يكن مترب ًعا فيحتاج ملرتب‪ ،‬وهناك أمور‬
‫تقنية قد حيتاجها التطبيق‪ ،‬وكذا راتب الناظر عىل التطبيق إن مل يكن متربع ًا‪ ،‬وغري‬
‫ذلك‪ ،..‬فنفقات التطبيق إما أن تكون منه إن فرضنا أن جزء ًا منه بمقابل‪ ،‬أو يتكفل‬
‫هبا الواقف أو شخص آخر‪.‬‬
‫فهذه هي الصور التي يمكن أن يدخل الوقف فيها عىل تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أولويات الوقف في تطبيقات الذكاء االصطناعي‪:‬‬


‫بعد التقديم بامهية العنوان‪ ،‬وبيان مرشوعيته وضوابطه‪ ،‬يف هذا املبحث سيكون‬
‫الكالم عن جماالت الوقف يف تطبيقات الذكاء االصطناعي لتحقيق مقاصد‬
‫الرشيعة‪.‬‬
‫فنحن بحاجة جلعل األوقاف خادمة ملقاصد الرشيعة الكلية‪ :‬الدين‪ ،‬والنفس‪،‬‬
‫والعقل‪ ،‬والنسل‪ ،‬واملال‪ ،‬وما دوهنا كذلك‪ ،‬وخدمة هذه املقاصد يكون من‬
‫جهتني‪ :‬إما من جهة الوجود‪ :‬وذلك بحفظ ما يقيم أركاهنا وقواعدها‪ ،‬وإما من‬
‫جهة العدم‪ :‬ويكون بدفع كل متوقع قد خيل هبا أو يزعزعها‪ ،‬ومن هذا املنطلق‬
‫نأمل من الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي أن حيقق املقاصد والكليات‬
‫الكربى‪ ،‬ويدفع عنها ما خيل هبا‪ ،‬وسنرتب األولويات بناء عىل مراتب الكليات‬
‫اخلمس الكربى وغريها(‪.)51‬‬

‫األولوية األولى‪ :‬تطبيقات لحفظ الدين‪:‬‬


‫فيمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي حفظ الدين من جهة الوجود‪ ،‬ودرأ ما خيل‬
‫به‪ ،‬فنراعيه من جهة العدم بصور كثرية منها‪:‬‬

‫(‪ )51‬ينظر‪ :‬املوافقات‪ ،‬للشاطبي‪ )255/1( ،‬بترصف‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫أ ‪ -‬تطبيقات تعليمية‪ :‬كتطبيقات يكون فيها القرآن الكريم كتابة‪ ،‬وتطبيقات‬


‫للقراءات السبع والعرش كتابة‪ ،‬وتطبيقات لتفسري القرآن الكريم كتابة‪ ،‬وجعل‬
‫تطبيقات خاصة بتالوات القرآن لقراء خمتلفني وبروايات خمتلفة سام ًعا‪ ،‬وتطبيقات‬
‫لتسميع القرآن الكريم آلية تطلب من القارئ التصحيح‪ ،‬وممكن أن يكون فيها‬
‫شق تفاعيل‪ ،‬بحيث يسمع األستاذ من الطالب ويصحح له؛ ألن القرآن يؤخذ‬
‫بالتلقي‪ ،‬ومثله التطبيقات التفاعلية لتدريس التفسري والعلوم الرشعية‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يكون تدريس العلوم الرشعية بتسلسل وعناية كام هو حال املعاهد والكليات‬
‫واجلامعات‪ ،‬وحيصل الدارس فيها عىل ما يثبت أنه درس العلوم ونبغ فيها‪.‬‬
‫ب ‪ -‬طبيقات للدعوة إىل اهلل‪ :‬كتطبيقات لدعوة الغافلني من املسلمني برتسيخ‬
‫اإليامن يف النفوس‪ ،‬ومحاية الشباب والنشء من الغفلة‪ ،‬وتطبيقات لدعوة غري‬
‫املسلمني لإلسالم‪ ،‬وتطبيقات بلغات خمتلفة لدعوة غري املسلمني يف أصقاع‬
‫األرض للدخول يف دين اإلسالم‪.‬‬
‫ت ‪ -‬تطبيقات للرد عىل الشبهات‪ :‬وهذا حلفظ الدين من جانب العدم‪ ،‬كام سامها‬
‫الشاطبي‪ ،‬فنحتاج لتطبيقات ترصد الشبهات وترد عليها‪ ،‬وتطبيقات ملحاورة‬
‫أصحاب الشبهات والرد عليهم‪ ،‬فإن كانوا من أبناء املسلمني فلتثبيتهم عىل‬
‫اإلسالم‪ ،‬وإن كانوا من احلاقدين‪ ،‬فرغبة يف هدايتهم‪ ،‬أو إلفحامهم ورد كيدهم‪.‬‬
‫ث ‪ -‬تطبيقات خادمة ملا خيدم الدين‪ :‬ال يمكن االستغناء عن األوقاف العينية‪،‬‬
‫أو رصف الناس كلية للوقف عىل التطبيقات الذكية‪ ،‬وترك ما عداها‪ ،‬فهناك‬
‫جماالت أخرى حيفظ فيها الدين‪ ،‬ككل ما خيدم الدين‪ ،‬مثل األوقاف عىل املساجد‬
‫واملدارس واملعاهد وغريها‪ ،‬ولكن يمكن الوقف عىل ما خيدم هذه األوقاف‬
‫كالوقف عىل تطبيقات خادمة للمساجد واملدارس واملعاهد‪ ،‬كالوقف عىل‬
‫تطبيقات لتنظيم املتربعني خلدمة هذه املؤسسات‪ ،‬أو تنظيم العاملني فيها‪ ،‬أو‬
‫املتربعني هلا‪ ،‬كاملتربعني باملصاحف‪ ،‬ومعرفة أماكن االحتياج‪ ،‬وتقديم الطلبات‪،‬‬

‫‪141‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫أو لرتتيب األئمة واملؤذنني واخلطباء وخدام املساجد‪ ...‬إلخ‪.‬‬


‫ج ‪ -‬تطبيقات حلامية بيضة اإلسالم‪ :‬فالدين بدون دولة ال تقوم له قائمة‪ ،‬فالدولة‬
‫للدين وعاء‪ ،‬وحفظ الدولة كمقدمة من مقدمات حفظ الدين‪ ،‬ونحتاج لتطبيقات‬
‫تعزز يف النشء والشباب االنتامء‪ ،‬وتغرس فيهم قيم الوالء والرباء‪ ،‬وتطبيقات ترد‬
‫ِّ‬
‫عىل الشبهات السياسية واالجتامعية‪ ،‬وتطبيقات ختدم اجلانب األمني بام حيتاجه هذا‬
‫اجلانب من عمل سياج عىل املعلومات األمنية‪ ،‬وتدريب أصحاب االختصاص‬
‫يف اختصاصاهتم‪ ،‬وتطبيقات تكشف التدخالت اإللكرتونية وتصدها وتردها‪،‬‬
‫فسقوط املعلومات األمنية للدولة يرتتب عليه استقرار دول وزوال أخرى‪.‬‬
‫ح ‪ -‬تطبيقات حسابية‪ :‬نحتاج كذلك تطبيقات تعمل األعامل احلسابية املتعلقة‬
‫بالرشيعة‪ ،‬مثل حساب الفرائض والزكاة باخلوارزميات‪ ،‬فيدخل فيها املستفيد‬
‫معلومات املسألة‪ ،‬وخترج له النتيجة‪ ،‬وال بد من اختبار التطبيق حتى يطمئن‬
‫القائمون عليه أن نسبة اخلطأ فيه صفر يف املائة؛ ألن هذه املسائل ال تقبل هامش‬
‫اخلطأ‪ ،‬فالزكوات فيها حقوق الفقراء‪ ،‬والفرائض فيها أنصبة الورثة‪.‬‬
‫خ ‪ -‬تطبيقات ترمجة‪ :‬يكون فيها ترمجة كتب الدين ونرشها‪ ،‬وهي غري الكتب‬
‫الدعوية املذكورة سابق ًا‪ ،‬فاملقصود بالرتمجة هنا ترمجة الكتب الرشعية العلمية‪،‬‬
‫ونرشها لطالب العلم واملسلمني الناطقني بغري العربية‪ ،‬فمع احلث عىل تعلم‬
‫العربية قد تكون بعض املعلومات تصل بصورة أفضل بلغة الدارسني األم‪،‬‬
‫خاصة بعض املبادئ واألساسيات ملا ال ينبغي للمسلم جهله‪.‬‬
‫د ‪ -‬تطبيقات خلدمة اللغة العربية‪ :‬فخدمة اللغة العربية خدمة للدين‪ ،‬واحلفاظ‬
‫عليها حفاظ عىل الدين‪ ،‬واللغة العربية باإلمكان خدمتها يف تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬بجعل تطبيقات للتصحيح اإلعرايب‪ ،‬وتطبيقات للتصحيح‬
‫اإلمالئي‪ ،‬وتطبيقات لتشكيل الكلامت‪ ،‬وتطبيقات لقراءة النصوص لنرش العلم‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫األولوية الثانية‪ :‬تطبيقات لحفظ النفس‪:‬‬


‫ويمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي حفظ النفس من جهة الوجود‪ ،‬ودرأ ما‬
‫خيل هبا‪ ،‬فنراعيها من جهة العدم‪ ،‬بصور كثرية؛ منها‪:‬‬
‫تطبيقات حتذيرية‪ :‬لبيان كل األرضار التي هتدِّ د النشء أو الشباب‪ ،‬ويكون فيها‬
‫التحذير من السلوكيات اخلاطئة التي ترض بالنفس يف املقام األول‪ ،‬كالتحذير‬
‫من االنتحار أو ما يقود إليه‪.‬‬
‫تطبيقات تشخيصية‪ :‬تطبيقات الذكاء االصطناعي يظهر أثرها جل ًّيا يف الرعاية‬
‫الطبية‪ ،‬وتقدم خدمة نوعية خاصة للمجتمع‪ ،‬مع االفتقار لألخصائيني والبنية‬
‫التحتية وقلة املختربات الطبية يف بلدان منخفضة الدخل‪ ،‬فباالعتامد عىل‬
‫خوارزميات الذكاء االصطناعي‪ ،‬باإلمكان احلصول عىل رعاية طبية من‬
‫الدرجة األوىل يف املناطق النائية والبعيدة‪ ،‬ويف الدول الفقرية منخفضة الدخل‪،‬‬
‫كتشخيص األمراض‪ ،‬وعمل األشعة والفحوصات الالزمة يف املجال الطبي‪،‬‬
‫تستخدم لتشخيص املريض وداللته عىل العالج؛ ليذهب ألخذه من الصيدلية‪.‬‬
‫تطبيقات لتأهيل وتنمية املهارات يف جمال الرعاية الصحية‪ :‬فالعامل الفقري يشهد‬
‫فقرا شديدً ا يف نسبة العامل املهرة يف جمال الرعاية الصحية‪ ،‬فاحلاجة امللحة يف‬ ‫ً‬
‫هذا املجال يمكن تنميتها واستحداثها عن طريق تطبيقات الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫فبحسب الصحيفة الربيطانية الطبية (‪ )British Medical Journal‬أقل من ‪3‬‬
‫يف املائة من اإلمداد العاملي من املهنيني الطبيني املدربني يتواجدون يف القارة‬
‫األفريقية جنوب الصحراء‪ ،‬وفيها تفــيش ‪ % 24‬من عبء أمراض العامل‪،‬‬
‫ويف جنوب آسيا ‪ 0.7‬طبيب مدرب لكل ألف شخص معظمهم يف املناطق‬
‫احلرضية واملدن الكربى‪ ،‬وبحسب منظمة الصحة العاملية هناك ‪ 57‬بلد ًا يف‬
‫العامل لديه نقص حاد يف العاملني يف املجال الصحي‪ ،‬بام يعادل نقص ًا عاملي ًا يبلغ‬
‫‪ 2.4‬مليون طبيب وممرض(‪ ،)52‬ويمكن من خالل التطبيقات الذكية توسيع‬
‫(‪ )52‬الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام‪.22 ،‬‬

‫‪143‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫أيد أكثر وأشخاص أكثر‪،‬‬ ‫جمال املامرسني يف القطاع الصحي‪ ،‬ومترين وتدريب ٍ‬
‫كممرضني وأخصائيني يف األشعة والصيدلة وغريها‪ ،‬ويسد هذا العجز الكبري‪.‬‬
‫تطبيقات حلفظ الصحة‪ :‬كالتطبيقات الطبية التي تقدِّ م نصائح صحية للعناية‬
‫هبا‪ ،‬واحلفاظ عليها من األمراض‪ ،‬ويمكن أن تكون هذه التطبيقات تفاعلية‪،‬‬
‫بإرشاف أطباء‪ ،‬حيث يدخل فيها املستفيد ويعرض مشكلته‪ ،‬سواء البدنية أو‬
‫النفسية‪ ،‬ويتلقى الرعاية التي يتلقاها املريض يف املستشفى‪ ،‬ويدله الطبيب عىل‬
‫العالج املناسب له‪ ،‬مثل هذه التطبيقات إن كانت سهلة وميرسة االستخدام‬
‫ستخفف عن الفقراء الكثري من األموال‪ ،‬والكثري من اجلهد ملن يسكنون‬
‫البوادي والقرى‪ ،‬وستخفف من الضغط عىل املستشفيات‪ ،‬وتنخفض نسبة‬
‫األموات‪ ،‬فكام يقول األطباء‪ :‬كثري من احلاالت البسيطة كان يمكن عالجها‬
‫بسهولة لو كانت عرضت عىل املتخصص‪ ،‬مما قد يؤدي لتفاقمها أو حلياة‬
‫صاحبها‪ ،‬ومثل هذه التطبيقات ختفف من عبء املستشفيات احلكومية‪،‬‬
‫وجتعلها متفرغة للحاالت التي تستدعي التدخل الطبي اجلراحي‪.‬‬
‫تطبيقات ملواجهة اجلوائح‪ :‬يف أوقات اجلوائح حيتاج الناس لتطبيقات تدهلم‬
‫عىل الترصف الصحيح وقتها‪ ،‬فنحتاج لتطبيقات للحفاظ عىل النفس من‬
‫اجلوائح حال حصوهلا‪ ،‬كالفيضانات والزالزل والرباكني‪ ،‬واجلوائح الصحية‬
‫ونحوها‪ ،‬وللقارئ أن يتخيل لو كان هناك تطبيق تفاعيل وقت أزمة جائحة‬
‫كورونا بني الناس من جهة‪ ،‬واألطباء املختصني من جهة أخرى‪ ،‬كيف سيكون‬
‫مردود وفائدة مثل هذا التطبيق‪ ،‬ببيان اإلجراءات االحرتازية‪ ،‬وتشخيص‬
‫احلاالت املصابة بالفريوس من عدمه‪ ،‬وما جيب عىل املخالط عمله‪ ،‬وما جيب‬
‫عىل الصحيح عمله‪ ،‬وكيفية العزل‪ ،‬وكيفية عمل الفحص‪ ...‬إلخ(‪.)53‬‬
‫تطبيقات ملراقبة األجهزة احليوية يف اجلسم‪ :‬كمراقبة التغريات يف جسم‬
‫ُ‬
‫السكان املحليون جتارهبم‬ ‫(‪ )53‬أثناء حماربة فريوس إيبوال يف سرياليون يف عام ‪2014‬م استعملت ‪ IBM Research Africa‬منصة إبالغ مجاهريي‪ ،‬لكي ُيوصل‬
‫ملوظفي احلكومة‪ ،‬واستحثت املنصة عن طريق معاجلة اللغة الطبيعية معتقدات ثقافية تقف وراء استعداد السكان الختاذ تدابري من أجل الصحة العامة‪،‬‬
‫وأتاحت للحكومات إعادة تصميم محالت أكثر فاعلية‪ .‬ينظر‪ :‬الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام ‪.22‬‬

‫‪144‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫اإلنسان‪ ،‬كارتفاع السكر والضغط ورضبات القلب‪ ،‬وغريها مما حيتاج إىل‬
‫مراقبة باستمرار لتجنب حدوث اجللطات واملضاعفات الصحية‪ ،‬فيمكن‬
‫عمل تطبيق يف ساعة اليد أو يف اجلوال ينبه الشخص حلدوث تغريات حيوية يف‬
‫مبكرا‪.‬‬
‫جسمه؛ ليتنبه هلا ً‬
‫تطبيقات رياضية‪ :‬فالرياضة فيها فائدة للجسم‪ ،‬ومحاية له من األمراض‪ ،‬فإن‬
‫يبني التمرينات الرياضية بآداب رشعية يستفيد منه الطفل والشاب‬ ‫وجد تطبيق ِّ‬
‫والكبري يف السن‪ ،‬والتي يمكن تأديتها يف البيت بدون الذهاب للصاالت‬
‫قادرا عليها‪ ،‬سواء من ناحية املال أو من ناحية‬
‫الرياضية‪ ،‬فليس كل الناس ً‬
‫الوقت‪.‬‬
‫تطبيقات غذائية‪ :‬تبني لر َّبة البيت األغذية الصحية التي حتمي اجلسم‪ ،‬واألغذية‬
‫التي ترضه‪ ،‬وطرق إعداد الطعام بطريقة صحية‪ ،‬وإرشاد الناس ملا حيتاجه‬
‫اجلسم من الغذاء ومقداره‪ ...‬إلخ‪ ،‬وإن كان هناك تطبيق تفاعيل لتقويم بعض‬
‫احلاالت التي حتتاج إىل متابعة غذائية حلياة سليمة‪.‬‬
‫تطبيقات للمتربعني‪ :‬جتعل مثل هذه التطبيقات للراغبني بالتربع بام يمكن أن‬
‫يكون فيه حياة شخص‪ ،‬كالتربع بالدم‪ ،‬فيدخل كل شخص معلوماته كفصيلة‬
‫دمه‪ ،‬ومكان إقامته‪ ،‬وطريقة التواصل معه‪ ،‬ويقدم أصحاب احلاجات طلباهتم‬
‫يف مكان آخر‪ ،‬ويمكن التنسيق‪ ،‬فيتم التواصل مع املتربع لتوصيله بصاحب‬
‫احلاجة‪ ،‬ومثل الدم التربع بام ال يرض اإلنسان كالتربع بجزء من الكبد فإنه ال‬
‫يرض اإلنسان؛ ألن الكبد له قدرة عىل التجدد‪ ،‬وغريه مما يمكن التربع به وإنقاذ‬
‫حياة شخص آخر‪ ،‬دون الرضر باملتربع‪.‬‬
‫تطبيقات ملساعدة ذوي االحتياجات اخلاصة‪ :‬يقوم التطبيق بمساعدة ذوي‬
‫اخلاصة هلم‬
‫َّ‬ ‫اخلاصة من ناحية الفهم‪ ،‬فبعض ذوي االحتياجات‬ ‫َّ‬ ‫االحتياجات‬
‫طريقة ختاطب وبرامج خاصة هبم لتنمية العقل والسلوك‪ ،‬وهذه الربامج يف‬
‫الواقع حتتاج جهو ًدا كبرية‪ ،‬بينام لو كانت بواسطة تطبيق ‪ -‬سواء كان تفاعل ًّيا أو‬

‫‪145‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫بغري تفاعل ‪ -‬وتطبيقات ملساعدة ذوي االحتياجات اخلاصة من الصم والبكم‪،‬‬


‫بكتابة ما هو منطوق‪ ،‬ونطق ما هو مكتوب‪ ،‬أو رشح بعض الكتب عن طريق‬
‫لغة اإلشارة‪ ،‬ومن التطبيقات التي تساعد ذوي االحتياجات اخلاصة تطبيقات‬
‫املوجهة بالذكاء‬
‫َّ‬ ‫الذكاء االصطناعي التي تقود املركبات الكهربائية املستقلة‬
‫االصطناعي للتنقل‪ ،‬كخدمة هلم‪ ،‬باإلضافة لكوهنا تعمل عىل حفظ البيئة‪،‬‬
‫فتخفض من االحتباسات احلرارية املؤثرة عىل البيئة(‪ ،)54‬وغريها من التطبيقات‬
‫املساعدة لذوي االحتياجات اخلاصة‪ ،‬وتسهل هلم بعض الصعوبات التي‬
‫تواجههم‪.‬‬
‫تطبيقات الذكاء االصطناعي يف الطباعة رباعية األبعاد‪ :‬يمكن االستفادة من‬
‫هذه التطبيقات يف طباعة ما يمكن طباعته من األعضاء‪ ،‬ملن فقدوا طرف ًا أو‬
‫عضو ًا من األعضاء‪ ،‬كاألذن واألنف‪.‬‬

‫األولوية الثالثة‪ :‬تطبيقات لحفظ العقل‪:‬‬


‫ويمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي حفظ العقل من جهة الوجود‪ ،‬ودرأ ما خيل‬
‫به‪ ،‬فنراعيه من جهة العدم‪ ،‬بصور كثرية؛ منها‪:‬‬
‫تطبيقات تعليمية‪ :‬املقصود بالتعليم هنا ليس التعليم الديني‪ ،‬فالتعليم الديني‬
‫أعىل رتبة من املقصود هنا‪ ،‬فبه حيفظ الدين‪ ،‬ولذا جعلناه يف األولوية األوىل‪،‬‬
‫واملقصود هنا هو كل علم نافع‪ ،‬فالوقف عىل تطبيقات تعليمية يرفع من قيمة‬
‫املجتمع واألمة‪ ،‬مثاله‪ :‬تطبيقات تعليمية لتعليم اللغات اإلنجليزية والفرنسية‬
‫واألسبانية والصينية وغريها‪ ،‬وتطبيقات لتعليم الكيمياء والفيزياء وعلوم‬
‫األحياء والنباتات‪ ،‬واحلاسوب‪ ،‬والفلك‪ ،‬واجلغرافيا‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬واملنطق‪،‬‬
‫والفلسفة‪ ...‬إلخ‪ ،‬سواء كانت هذه العلوم علو ًما منهجية يدرسها الطالب يف‬
‫املدارس واملعاهد واجلامعات‪ ،‬فتكون خادمة للدارسني فيها‪ ،‬أو كانت عامة‪،‬‬

‫(‪ )54‬ينظر‪ :‬الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام‪.)17( ،‬‬

‫‪146‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫فيستفيد منها املهتمون هبذه العلوم‪ ،‬وسواء كانت تفاعلية أو ال‪ ،‬أو نصف‬
‫تفاعلية‪ ،‬بأن تكون الدروس مسجلة‪ ،‬ثم يكون يف كل أسبوع أو شهر يوم‬
‫تفاعيل الستقبال األسئلة واإلجابة عنها‪ ،‬واملجتمع بحاجة لكل هذه العلوم‪.‬‬
‫التطبيقات العلمية املتكاملة‪ :‬عالوة عن التطبيقات التعليمية‪ ،‬باإلمكان إنشاء‬
‫جامعات ومعاهد متكاملة بواسطة التطبيقات الذكية‪ ،‬فتكون املنهاج فيها‬
‫معتمدة عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬من حيث الدراسة والتدريس‬
‫واالختبار والتصحيح‪ ...‬إلخ‪ ،‬ويتخرج منها الطالب بشهادة مثل بقية‬
‫اجلامعات األخرى‪ ،‬فهذا سيسهل الدراسة ملحدودي الدخل أو الفقراء‪،‬‬
‫وسيخفف عبء الدولة؛ ألن التعليم يأخذ من ميزانيتها الكثري‪ ،‬ويمكن التنبيه‬
‫إىل أن بعض التخصصات ال يمكن فيها االعتامد بنســبة ‪ % 100‬عىل التطبيق‬
‫يف التعليم‪ ،‬ولكن يمكن االعتامد عليه بنسبة كبرية‪ ،‬ويبقى اجلوانب التطبيقية‬
‫إما تفاعلية‪ ،‬أو عرب احلضور ملوقع اجلامعات واملعاهد‪.‬‬
‫التطبيقات التحذيرية‪ :‬هناك ما خيل بالعقل‪ ،‬وهناك من يشجع الناس ملا خيل‬
‫بعقوهلم‪ ،‬فنحن بحاجة لتطبيقات تكون سهلة وميرسة تبني أرضار كل ما خيل‬
‫بالعقل ويفسده‪ ،‬سواء املسكرات كاخلمر واملخدرات‪ ،‬أو غريها مما يؤثر عىل‬
‫عملية التفكري‪ ،‬كبعض األلعاب اإللكرتونية‪ ،‬والتي تصيب الناس بتشتت‬
‫ينمي‬
‫الذهن وصعوبة الرتكيز وضعف التفكري‪ ،‬وباملقابل يرشد ويدل عىل ما ِّ‬
‫العقل ويرشده‪ ،‬فهناك بعض األلعاب تنمي القدرة العقلية يف احلساب أو‬
‫التفكري املنطقي أو التسلسل يف التفكري‪ ،‬وتنمي القدرة عىل التفكري‪ ،‬مثل هذا‬
‫التطبيقات إن قادها متخصصون ستخدم رشائح كربى من املجتمع‪ ،‬وستجعل‬
‫أولياء األمور يف اطمئنان عىل أوالدهم ويرشدوهنم إليه‪ ،‬بدل اخلوف الذي‬
‫ينتاهبم من ترك النشء والطفل مع تطبيقات جمهولة األهداف واملقاصد‪.‬‬
‫تطبيقات تنمي التفكري املنطقي‪ :‬علم املنطق علم ينمي التفكري املنطقي‬
‫والتسلسيل‪ ،‬بحيث يقود بواسطة مقدماته لنتائج جديدة‪ ،‬وعملية االستنباط‬

‫‪147‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫والتحليل عملية حتتاج ملهارات خاصة‪ ،‬وهذه املهارات حتصل بالتعلم‪،‬‬


‫والعقل السليم هو العقل الذي يقوم بعملية التفكري بطريقة صحيحة‪ ،‬فتقود‬
‫املقدمات التي بني يديه لنتائج جديدة‪ ،‬يستطيع استخدامها يف عملية تفكري‬
‫جديدة‪ ،‬ويستنبط منها نتائج جديدة‪ ،‬وهكذا‪ ..‬فالعلم تراكمي‪ ،‬ونحن بحاجة‬
‫تنمي هذه املهارات يف قطاع عريض من املسلمني؛ ألنه ال يمكن أن‬
‫لتطبيقات ِّ‬
‫يكون املسلمون كلهم عىل قدرة يف االستنباط والتحليل واحلصول عىل نتائج؛‬
‫ولكن اتِّساع دائرة املفكرين يف املجتمع تدل عىل وعي الشعب‪.‬‬
‫وال بد من التأكيد عىل أن يكون هذا التفكري بطريقة صحيحة‪ ،‬ويمكن أن تنمى‬
‫طريقة التفكري بأكثر من تطبيق‪ ،‬أو يف تطبيق واحد يكون واس ًعا‪ ،‬وله جماالت‪ ،‬فال‬
‫بد من الدراسة النظرية‪ ،‬ثم الدراسة التطبيقية‪ ،‬بل يمكن تنمية التفكري املنطقي‬
‫بواسطة بعض األلعاب لألطفال والكبار‪ ،‬كام تقدم قريب ًا‪ ،‬ويمكن جعلها عىل هيئة‬
‫اختبارات وأسئلة وألغاز‪ ،‬وكل هذا خيدم كلية العقل من جهة الوجود‪ ،‬فحفظ‬
‫العقل يكون بجعله يفكر بطريقة صحيحة سليمة‪.‬‬

‫األولوية الرابعة‪ :‬تطبيقات لحفظ النسل‪:‬‬


‫فيمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي حفظ النسل من جهة الوجود‪ ،‬ودرأ ما خيل‬
‫به‪ ،‬فنراعيه من جهة العدم‪ ،‬بصور كثرية؛ منها‪:‬‬
‫مفتوحا‪ ،‬ومهام كان املجتمع حمافظ ًا فيمكن‬
‫ً‬ ‫تطبيقات حتذيرية‪ :‬فعامل اليوم أصبح‬
‫أن تتس َّلل إليه بعض السلوكيات واألخالقيات التي ترض بالنسل‪ ،‬ونحن‬
‫فاملوج ُة يف‬
‫َ‬ ‫بحاجة لتطبيقات حتذر من كل ما يرض بالنسل‪ ،‬كالزنى ومقدماته‪،‬‬
‫عرصنا كبرية لتسهيل كل مقدمات الفاحشة‪ ،‬وكذا التحذير من فعل فاحشة‬
‫قوم نبي اهلل لوط عليه السالم‪ ،‬واملوجة عاتية يف هذا العرص‪ ،‬وهذا بال ريب‬
‫يرض بمقصد حفظ النسل‪ ،‬فيمكن أن تكون هناك تطبيقات ملنع أي مادة ترض‬
‫خاصا‬
‫ًّ‬ ‫هبذا املقصد‪ ،‬سواء كان التطبيق عام ًا ترعاه الدول واحلكومات‪ ،‬أو‬

‫‪148‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫ملن يريد منع مثل هذه املواد عن جهازه وجهاز من يعول‪ ،‬ويمكن أن تكون‬
‫هناك تطبيقات تبني الرضر ملدمني هذه الفواحش‪ ،‬ولبيان خطورهتا الدنيوية‬
‫والدينية‪ ،‬وتطبيقات تكشف مثل هذه املواد وغريها‪.‬‬
‫تطبيقات لالستشارات اإلنجابية‪ :‬للحفاظ عىل النسل من جهة الوجود نحتاج‬
‫لتطبيقات توعوية‪ ،‬سواء كانت تفاعلية أو ال؛ حلث الناس عىل النسل‪ ،‬لقول‬
‫النبي ﷺ‪« :‬تزوجوا الودود الولود فإين مكاثر بكم األمم»(‪.)55‬‬
‫وتطبيقات جتيب عن أسئلة املتزوجني الراغبني بالنسل‪ ،‬سواء كانوا متزوجني‬
‫جدد ًا‪ ،‬أو طال عليهم أمد الزواج‪ ،‬فهم بحاجة ملن يدهلم عىل اخلطوات‬
‫والطريقة املثىل للحصول عىل الذرية‪ ،‬مما ال حيتاج معه إىل تدخل طبي‪ ،‬حتى إذا‬
‫ما استدعى األمر التدخل الطبي ذهبوا للمراكز الطبية‪.‬‬
‫تطبيقات للرعاية األرسية‪ :‬فاجلنني يف أشهره املختلفة حيتاج لعناية‪ ،‬ليكون‬
‫بصحة سليمة‪ ،‬وهذه العناية كذلك حتتاجها األم‪ ،‬فيقوم التطبيق بتوجيهها‬
‫لألكل املناسب‪ ،‬والفيتامينات التكميلية‪ ،‬والرياضة املناسبة بحسب األشهر‪،‬‬
‫ومتابعة نمو اجلنني باستمرار؛ كل هذا يمكن عن طريق بعض التطبيقات‬
‫واألشعة املناسبة‪.‬‬
‫ونحتاج كذلك لتطبيقات للعناية بالطفل يف مراحله األوىل من متخصصني‪،‬‬
‫يعرض فيها األب أو األم مشكالت الطفل‪ ،‬سوا ًء البدنية أو النفسية‪ ،‬ويتلقى‬
‫فيها اإلرشاد املناسب‪ ،‬وتطبيقات خاصة باألم املرضع‪ ،...‬وغريها مما حتتاجها‬
‫األرسة‪.‬‬
‫تطبيقات لتيسري الزواج‪ :‬وتكون بإرشاف الثقات من املسلمني؛ ألن مسألة‬
‫العرض حتتاج ملن يصوهنا ويعرف قيمتها‪ ،‬فتكون تطبيقات يسجل فيها من‬
‫يرغب يف الزواج‪ ،‬ثم يتم التوفيق بني الطرفني‪ ،‬فإن طاب للطرفني مواصفات‬
‫اآلخر ُد ًّال عىل طريقة للتواصل مع أهل العروس إلمتام عقد النكاح‪ ،‬وتكون‬
‫(‪ )55‬سنن أيب داود‪ ،)220/2( ،‬كتاب‪ :‬النكاح‪ ،‬باب‪ :‬النهي عن تزويج من مل يلد من النساء‪ ،‬برقم (‪ ،)2050‬وقال األلباين‪« :‬صحيح»‪ .‬السلسلة‬
‫الصحيحة (‪ ،)578/1‬برقم (‪.)287‬‬

‫‪149‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫معلومات األشخاص رسية ال يطلع عليها إال أمني يف التطبيق‪ ،‬أو راغب يف‬
‫عقد النكاح‪.‬‬
‫تطبيقات ملساعدة املقبلني عىل الزواج يف معدات احلفل‪ :‬حيتاج املقبلون عىل‬
‫الزواج معدات لعمل حفل الزواج‪ ،‬مما تقتضيه العادات والتقاليد‪ ،‬مما ال‬
‫خيالف الرشع‪ ،‬مثل السامعات ومنصة العرس‪ ،‬وأشياء العروس كاملالبس‬
‫واحليل والزينة‪ ،‬وأشياء العريس من مالبس وزينة‪ ،‬ويمكن أن تنظم كل هذه‬
‫عن طريق متربعني هبا‪ ،‬وجعلها وقف ًا؛ ولكن تنظيمها يمكن عن طريق بعض‬
‫التطبيقات‪ ،‬فرتتب األلويات وأوقات الفراغ‪ ،‬وحتى جترب قلوب املقبلني عىل‬
‫الزواج‪ ،‬فال يشعرون بأهنم أقل من غريهم‪ ،‬فيقام هلم حفل زفاف كأقراهنم‪،‬‬
‫وجيرب كرس أنفسهم‪.‬‬

‫األولوية الخامسة‪ :‬تطبيقات لحفظ المال‪:‬‬


‫فيمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي حفظ املال من جهة الوجود‪ ،‬ودرأ ما خيل‬
‫به‪ ،‬فنراعيه من جهة العدم‪ ،‬بصور كثرية؛ منها‪:‬‬
‫أ‪ .‬تطبيقات لتعليم التجار أمور التجارة وواجباهتا‪ :‬حيتاج أرباب األموال أن‬
‫تكون تعامالهتم رشعية‪ ،‬فنحتاج لتطبيق يبني هلم املعامالت املرشوعة‬
‫واملعامالت املمنوعة‪ ،‬وجيمع هلم فتاوى اهليئات الكربى يف العامل اإلسالمي‬
‫اخلاصة باملعامالت‪ ،‬وبطريقة سهلة البحث‪ ،‬فييرس هلم الوصول للحكم‬
‫الرشعي يف التعامالت املالية‪ ،‬ال سيام املعارصة منها‪ ،‬ومن األفضل أن يتيح‬
‫التطبيق خيار التفاعل للمسائل التي ال يوجد هلا إجابة‪ ،‬أو اختلفت صورهتا‬
‫عن الصورة املوجودة يف الفتوى املوجودة‪ ،‬بحيث يكون فيه عىل مدار الساعة‬
‫بالتناوب جمموعة من أهل الفتوى لإلجابة عن األسئلة‪ ،‬سواء ترب ًعا أو‬
‫بمقابل يدفعه الواقف‪ ،‬أو من مال التطبيق إن كان التطبيق برسم يسري‪ ،‬أو له‬
‫عائد بأي وسيلة‪ ،‬مثل اإلعالنات أو غريها‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫ب‪ .‬تطبيقات تعني أرباب املهن‪ :‬املجتمع بحاجة لتطبيقات متخصصة‪ ،‬كتطبيقات‬
‫تعني أصحاب الزراعة وأصحاب املوايش‪ ،‬وأخرى ألصحاب املهن‪ ،‬بل حتى‬
‫املوظفني بحاجة لتبصري بام جيوز هلم وما ال جيوز هلم‪ ،‬وتكون هذه التطبيقات‬
‫معينة لكل فئة‪ ،‬بتنمية ما بأيدهيم من مال من غري الدخول يف املحرم واملمنوع‪،‬‬
‫وبيان الواجبات عليهم‪ ،‬كحساب الزكاة وغريها من األحكام‪.‬‬
‫فهناك تطبيقات يستفيد منها املزارعون يف الكشف املبكر ألمراض املحاصيل‬
‫الزراعية ومشكالهتا‪ ،‬وحتسني املدخالت والعوائد الزراعية بشكل عام‪،‬‬
‫من خالل خفض استعامل املياه والسامد واملبيدات التي تلحق األرضار‬
‫باملزروعات وبالرتبة والبيئة‪ ،‬وتقديم األغذية للموايش يف الوقت املحدد‪،‬‬
‫وباملقدار املناسب‪ ،‬وتطبيقات ملراقبة مزارع السمك واملخلوقات البحرية(‪.)56‬‬
‫ت‪ .‬تطبيقات لتيسري التجارة‪ :‬واملجتمع كذلك بحاجة لتطبيقات تسري مع املبتدئني‬
‫يف كل مهنة من الصفر وحتى النهاية‪ ،‬فترشح له كيف يبدأ‪ ،‬وكيف حيافظ عىل‬
‫ما معه وينميه‪ ،‬وما خماطر التجارة‪ ،‬وأي أبواب التجارة يمكن أن يبتدئ هبا‪،‬‬
‫وطريقة احلصول عىل األرباح املضمونة‪ ،‬وغريها من األساسيات‪ ،‬ويمكن أن‬
‫متخصصون هلم نصائح إن فعلها‬ ‫ِّ‬ ‫تكون بعض هذه التطبيقات تفاعلية‪ ،‬فهناك‬
‫ونمى ماله‪ ،‬وهذه التطبيقات ليست مفيدة للفرد فقط‪ ،‬بل‬ ‫املبتدئ استفاد َّ‬
‫للمجتمع‪ ،‬فكل فرد يستطيع أن يعيل نفسه وأرسته يعد لبنة نافعة يف املجتمع‪،‬‬
‫وينقص من عدد املحتاجني‪.‬‬
‫ث‪ .‬تطبيقات حتذيرية‪ :‬كام نحن بحاجة لتطبيقات تبني ما هيلك املال وحتذر‬
‫منه‪ ،‬مثل أنواع احليل التي يستخدمها النصابون‪ ،‬ومع توسع جماالت احلياة‬
‫وأساليبها‪ ،‬فقد توسعت حيل املحتالني وأساليبهم‪ ،‬فهناك رسقات إلكرتونية‪،‬‬
‫وهناك حيل جتعل صاحب املال الكثري مفلس ًا يف حلظة واحدة‪ ،‬والتحذير من‬
‫هذه احليل وهذه األساليب حفظ للامل من جهة العدم‪.‬‬

‫(‪)56‬ينظر‪ :‬الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام ‪.17‬‬

‫‪151‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫ج‪ .‬تطبيقات ملراقبة مال اإلنسان‪ :‬كتطبيقات للحفاظ عىل البيت‪ ،‬ومراقبة ما‬
‫يواجهه من أخطار‪ ،‬كالرساق والغاز املرسب أو الكهرباء املكشوفة‪ ،‬واملاء‬
‫املهدر‪.‬‬
‫األولوية السادسة‪ :‬تطبيقات لحفظ بقية مقاصد الشريعة‪:‬‬
‫‪ .1‬بعد التطبيقات اخلاصة بالكليات اخلمس املتقدمة‪ ،‬يمكن النظر فيام دوهنا‬
‫مما خيدم املقاصد األخرى‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ .2‬تطبيقات للرتفيه اهلادف‪ :‬كعمل تطبيقات ملسلسالت أطفال ترفيهية‪،‬‬
‫ومسلسالت للكبار هادفة‪ ،‬هيدف منها غرس القيم واألخالق‪.‬‬
‫‪ .3‬تطبيقات لتنظيم التربعات والوقفيات‪ :‬مثل تنظيم املالبس وتوزيعها‪،‬‬
‫وتنظيم الكتب وتوزيعها‪ ،‬سواء كانت دراسية أو علمية ختصصية‪ ،‬أو كت ًبا‬
‫عامة أو دينية‪ ،‬أو األثاث أو غريها مما يمكن أن يستغني عنه‪ ،‬ويفيد طبقة‬
‫من الفقراء واملحتاجني‪.‬‬
‫‪ .4‬تطبيقات لإلنذار املبكر عن احلرائق يف الغابات أو اجلوائح األخرى‪ :‬فبمثل‬
‫هذا يمكن جتنب الكثري من الكوارث الطبيعية التي قد يذهب ضحيته‬
‫عرشات ومئات األرواح‪ ،‬واملتابع لألخبار العاملية جيد كيف تعاين الدول‬
‫من هذه الكوارث‪ ،‬فيمكن استخدام الذكاء االصطناعي يف حل بعض‬
‫هذه املشكالت‪ ،‬بتحليل بيانات عمليات املحاكاة‪ ،‬وبيانات الوقت والفعل‬
‫املتعلقة باألحداث والكوارث اجلوية يف منطقة معينة‪ ،‬مما جيعل التأهب‬
‫للكوارث متاح ًا بوقت كاف‪ ،‬ويسعف لإلنذار املبكر واالستجابة لألرضار‬
‫املتوقعة أو توقعها(‪.)57‬‬
‫‪ .5‬تطبيقات حتليل املعلومات واالستبانات واألرقام واإلحصاءات‪ :‬يف كثري‬
‫من املجاالت حيتاج العاملون فيها‪ ،‬سواء عىل نطاق الدولة أو عىل نطاق‬
‫اخلاصة‪ ،‬إىل حتليل معلومات واستبانات وأرقام وإحصاءات‬ ‫َّ‬ ‫املؤسسات‬
‫َّ‬
‫(‪ )57‬الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام (‪.)17‬‬

‫‪152‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫املتخصص الكثري من الوقت‪ ،‬بينام يمكن‬


‫ِّ‬ ‫كبرية تأخذ من العنرص البرشي‬
‫عمل كل هذا ببعض تطبيقات الذكاء االصطناعي بضغطة زر‪ ،‬بعد إدخال‬
‫املعلومات‪ ،‬ويمكن االستفادة من هذا يف القطاع اخلريي يف جماالت كثرية‪.‬‬
‫ويف األخري‪ :‬هذه بعض األولويات‪ ،‬وهناك غريها الكثري‪ ،‬كام أن هناك جماالت‬
‫كثرية يمكن خدمتها بواسطة تطبيقات ذكاء اصطناعي وقفي خيفف من حاجات‬
‫املجتمع أو يسدها‪ ،‬فهذه بعضها وليست كلها‪ ،‬والكامل هلل‪ ،‬واحلمد هلل رب‬
‫العاملني‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫أهم النتائج والتوصيات‪:‬‬


‫ُيستخلص من هذا البحث مجلة من النتائج والتوصيات التي ال تغني بطبيعة احلال‬
‫عن االطالع عىل البحث بمباحثه ومطالبه؛ ولكن جرت عادة الباحثني عىل هذا‪،‬‬
‫فمن أهم النتائج التي توصل الباحث هلا ما يأيت‪:‬‬
‫املراد من الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬ختصيص مال حمبوس ممن‬
‫يرجو خري اآلخرة‪ ،‬وجعله يف متويل تطبيقات الذكاء االصطناعي التي ختدم‬
‫الرشعية اإلسالمية ومقاصدها‪ ،‬فيعامل التطبيق كوقف من األوقاف‪ ،‬وتكون‬
‫منفعته للمستحقني له بناء عىل ترصيح الواقف ورغبته‪.‬‬
‫ال خالف يف مرشوع َّية الوقف بشكل عام‪ ،‬وما ورد من خالف منسوب ًا أليب‬
‫أن اخلالف إنام هو يف لزومه من عدمه‪ ،‬وهل جيوز الرجوع‬ ‫حنيفة حيمل عىل َّ‬
‫عنه أو ال؟‬
‫الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي جائز‪ ،‬ودليله أن ميادين الوقف‬
‫ليست توقيفية‪ ،‬ويستدل ملرشوعيته كذلك من تناول عموم النصوص له‪،‬‬
‫وألنه ينطبق عليه رشوط املوقوف التي تكلم عنها الفقهاء‪ ،‬باإلضافة لتطور‬
‫العرص وتعدد سبل املوقوف به اخلادم ملقاصد الرشيعة‪ ،‬اجلالب ملصالح معتربة‬
‫للمجتمع املسلم‪.‬‬
‫هناك ضوابط ملرشوعية الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي من أمهها‪:‬‬
‫كل تطبيق ال حيقق مصلحة رشعية ال يوقف عليه‪.‬‬
‫ال جيوز أن يعود الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي بالرضر عىل الفرد‬
‫أو املجتمع‪.‬‬
‫جيب مراعاة اجلانب الرشعي يف الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫حيب مراعاة رشط الواقف يف الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫جيب مراعاة اجلانب األخالقي يف الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫هناك أولويات جيب مراعاهتا يف الوقف عىل تطبيقات الذكاء االصطناعي‪،‬‬

‫‪154‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫تتمثل يف رتبة الوقف املقاصدية‪ ،‬وجيب عىل العلامء إرشاد الواقفني ملا خيدم‬
‫الكليات الكربى‪ ،‬مثل التطبيقات الذكية حلفظ الدين والنفس والعقل‬
‫والنسل واملال‪ ،‬وبقية املقاصد الكلية‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫وبعد هذا البحث املتواضع فيويص الباحث ِ‬
‫بعدَّ ة توصيات من أمهها‪:‬‬
‫التوسع يف بحث الناحية الرشعية لتطبيقات الذكاء االصطناعي واستنباط‬
‫الضوابط الرشعية‪ ،‬فمثل هذه األبحاث تعد بذرة ألبحاث مطولة وقد تكون‬
‫رسائل علمية‪.‬‬
‫كام أويص باستغراق البحث يف الراجح يف الوقف والتوسعة فيه بتيسري وعدم‬
‫التقيد بمذهب معني العتبار أن الوقف فيه مصلحة للفقري وهذا قد يكون‬
‫مرجح ًا من املرجحات يف حال اختالف املذاهب يف صفة الوقف ومادته‪.‬‬
‫كام أويص بإيصال مثل هذه األبحاث ألرباب األموال ودهلم عىل أولويات‬
‫اخلاصة‬
‫َّ‬ ‫اخلاصة يف التطبيقات الذكية وأولو َّياته‬
‫َّ‬ ‫األنفاق يف الوقف وأولو َّياته‬
‫املتمثلة يف خدمة املقاصد الرشعية‪.‬‬
‫كام أويص بتنسيق كبري تتبناه دول لعدم تكرار الوقف يف تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي ألن التكرار يف التطبيقات يميتها وجيعل املنفقني يف زهد عن‬
‫البذل فيها‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫أهم المراجع والمصادر‪:‬‬


‫‪ .1‬األسدي‪ ،‬الزبري بن بكار القريش املكي‪ ،‬األخبار املوفقيات‪ ،‬لبنان‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬ط‪،2:‬‬
‫‪1416‬هـ ‪1996 -‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬املوصيل‪ ،‬عبد اهلل بن حممود بن مودود ‪ ،‬جمد الدين احلنفي‪ ،‬االختيار لتعليل املختار‪1356 ،‬هـ‬
‫‪1937 -‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬بحريي‪ ،‬أمحد هاين‪ ،‬أساليب الذكاء االصطناعي يف املحاسبة‪ ،‬كلية التجارة جامعة الزقازيق‪،‬‬
‫بحث منشور يف الشبكة العنكبوتية‪.‬‬
‫‪ .4‬املقديس‪ ،‬موسى بن أمحد احلجاوي‪ ،‬اإلقناع يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار املعرفة‬
‫[د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .5‬الشافعي‪ ،‬حممد بن إدريس املطلبي‪ ،‬األم‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار املعرفة‪1410 ،‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬املرداوي‪ ،‬عالء الدين عيل بن سليامن الدمشقي احلنبيل‪ ،‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من‬
‫اخلالف‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪[ ،‬د‪:‬م‪،‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .7‬بلمقدم‪ ،‬رقية‪ ،‬أوقاف مكناس يف عهد موالي إسامعيل‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‬
‫املغربية‪1413 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .8‬ابن نجيم‪ ،‬زين الدين احلنفي املرصي‪ ،‬البحر الرائق رشح كنز الدقائق‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪،‬‬
‫ط‪[ 2:‬د‪:‬ت]‪.‬‬
‫‪ .9‬ابن كثري‪ ،‬إسامعيل بن عمر الدمشقي‪ ،‬البداية والنهاية‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬ط‪،1:‬‬
‫‪1408‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬
‫الرزاق احلسيني‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬دار‬ ‫حممد بن عبد ّ‬ ‫حممد بن ّ‬‫الزبيدي‪ّ ،‬‬
‫‪َّ .10‬‬
‫اهلداية [د‪:‬م‪،‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .11‬خوالد‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬تطبيقات الذكاء االصطناعي كتوجه حديث لتعزيز تنافسية منظامت األعامل‪،‬‬
‫برلني‪ ،‬املركز الديمقراطي العريب للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ .12‬اجلرجاين‪ ،‬عيل بن حممد بن عيل الرشيف‪ ،‬التعريفات‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪،1:‬‬
‫‪1403‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫‪ .13‬أشواق‪ ،‬بلباي‪ ،‬فطيمة‪ ،‬أعرج‪ ،‬تفاعلية التطبيقات اإللكرتونية يف اهلواتف الذكية‪ ،‬اليوتيوب‬
‫نموذج ًا‪ ،‬قسم العلوم اإلنسانية جامعة الشهيد محه خلرض الوادي‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .14‬القرطبي‪ ،‬حممد بن أمحد بن أيب بكر‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬مرص‪ ،‬دار الكتب املرصية‪ ،‬ط‪،2:‬‬
‫‪1384‬هـ ‪1964 -‬م‪.‬‬
‫‪ .15‬ابن عابدين‪ ،‬حممد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي احلنفي‪ ،‬رد املحتار عىل الدر‬
‫املختار‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1412 ،2:‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫‪ .16‬العجييل‪ ،‬سليامن بن عمر بن منصور األزهري‪ ،‬املعروف باجلمل‪ ،‬حاشية اجلمل عىل رشح‬
‫املنهج‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الفكر‪[ ،‬د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .17‬الدسوقي‪ ،‬حممد بن أمحد بن عرفة املالكي‪ ،‬حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بريوت [د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .18‬الشهيد‪ ،‬أمحد بن عبد الرحيم‪ ،‬املعروف بـ ويل اهلل الدهلوي‪ ،‬حجة اهلل البالغة‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار‬
‫اجليل‪ ،‬ط‪1426 ،1:‬هـ ‪2005 -‬م‪.‬‬
‫‪ .19‬الدمشقي‪ ،‬عبد القادر بن حممد النعيمي‪ ،‬الدارس يف تاريخ املدارس‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫ط‪1410 ،1:‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫عرب عباراته الفارسية‪ :‬حسن هاين‬ ‫‪ .20‬نكري‪ ،‬عبد النبي بن عبد الرسول األمحد‪ ،‬دستور العلامء‪َّ ،‬‬
‫فحص‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1421 ،1:‬هـ ‪2000 -‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬البهوتى‪ ،‬منصور بن يونس احلنبىل‪ ،‬رشح منتهى اإلرادات‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬ط‪1414 ،1:‬هـ ‪-‬‬
‫‪1993‬م‪.‬‬
‫‪ .22‬القرايف‪ ،‬أمحد بن إدريس‪ ،‬الذخرية‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪1994 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ .23‬شهيي‪ ،‬سامية‪ ،‬باي حممد‪ ،‬كروش‪ ،‬حيزية‪ ،‬الذكاء االصطناعي بني الواقع واملأمول دراسة‬
‫تقنية ميدانية‪ ،‬اجلزائر ‪ ،‬امللتقى الدويل «الذكاء االصطناعي‪ :‬حتد جديد للقانون»‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .24‬جمموعة من الكتاب‪ ،‬جملة الذكاء االصطناعي من أجل الصالح العام‪ ،‬النارش‪ITU News :‬‬
‫‪.Magazin‬‬
‫‪ .25‬ويتباي‪ ،‬بالي‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬مرص‪ ،‬ترمجة‪ :‬قسم الرتمجة يف دار الفاروق لالستثامرات‬
‫الثقافية‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .26‬اللوايت‪ ،‬حممد بن عبد اهلل بن حممد بن إبراهيم‪ ،‬الشهري بابن بطوطة‪ ،‬حتفة النظار يف غرائب‬
‫األمصار وعجائب األسفار‪ ،‬املغرب‪ ،‬أكاديمية اململكة املغربية‪1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫القنَّوجي‪ ،‬حممد صديق خان بن حسن بن عيل احلسيني البخاري‪ ،‬الروضة الندية‪ ،‬اململكة‬ ‫‪ِ .27‬‬
‫العربية السعودية‪ ،‬دار ابن القيم‪ ،‬ط‪1423 ،1:‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫‪ .28‬األلباين‪ ،‬حممد نارص الدين‪ ،‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬مكتبة املعارف‪،‬‬
‫[د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .29‬املقريزي‪ ،‬أمحد بن عيل تقي الدين‪ ،‬السلوك ملعرفة دول امللوك‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫ط‪1418 ،1:‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ .30‬القزويني‪ ،‬حممد بن يزيد بن ماجه‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية [د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .31‬السجستاين‪ ،‬سليامن بن األشعث األزدي‪ ،‬سنن أيب داود‪ ،‬لبنان‪ ،‬املكتبة العرصية‪[ ،‬د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .32‬الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى بن َس ْورة‪ ،‬سنن الرتمذي‪ ،‬مرص‪ ،‬مطبعة مصطفى البايب احللبي‪،‬‬
‫ط‪1395 ،2:‬هـ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫العدد (‪ )1‬رمضان ‪1444‬هـ ‪ -‬أبريل ‪ ٢٠٢٣‬م‬

‫‪ .33‬الزوزين‪ ،‬حسني بن أمحد بن حسني‪ ،‬رشح املعلقات السبع‪ ،‬دار احياء الرتاث العريب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1423‬هـ ‪2002 -‬م‪.‬‬
‫‪ .34‬الرصاع‪ ،‬حممد بن قاسم األنصاري املالكي‪ ،‬رشح حدود ابن عرفة‪ ،‬املكتبة العلمية‪ ،‬ط‪،1:‬‬
‫‪1350‬هـ [د‪:‬م]‪.‬‬
‫‪ .35‬اجلوهري‪ ،‬إسامعيل بن محاد‪ ،‬تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬ط‪،4:‬‬
‫‪1990‬م‪.‬‬
‫‪ .36‬البخاري‪ ،‬حممد بن إسامعيل‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية‬
‫بإضافة ترقيم حممد فؤاد عبد الباقي)‪ ،‬ط‪1422 ،1:‬هـ‪.‬‬
‫‪ .37‬النيسابوري‪ ،‬مسلم بن احلجاج القشريي‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب[د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .38‬الفراهيدي‪ ،‬اخلليل بن أمحد البرصي‪ ،‬العني‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل [د‪:‬م‪،‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .39‬املقديس‪ ،‬عبد الرمحن بن إسامعيل بن إبراهيم الدمشقي‪ ،‬املعروف بأيب شامة‪ ،‬عيون الروضتني‬
‫يف أخبار الدولتني النورية والصالحية‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1418 ،1:‬هـ ‪-‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ .40‬السيوايس‪ ،‬حممد بن عبد الواحد‪ ،‬املعروف بابن اهلامم احلنفي‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬دار الفكر‬
‫[د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .41‬آل قاسم‪ ،‬فهد‪ ،‬فصول مرتمجة خاصة بالذكاء االصطناعي‪ ،‬مجعه ورتبه وترمجه فهد آل قاسم‪،‬‬
‫كتاب ألكرتوين‪1444 /2 /1 ،‬هـ‪ ،‬موقع‬
‫‪http://www.myreaders.info/html/artificial_intelligence.html.‬‬
‫‪ .42‬ابن األثري‪ ،‬عيل بن أيب الكرم‪ ،‬الكامل يف التاريخ‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬ط‪1417 ،1:‬هـ‬
‫‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ .43‬احلسيني‪ ،‬أيوب بن موسى‪ ،‬الكليات‪ ،‬لبنان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪[ ،‬د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .44‬األنصاري‪ ،‬حممد بن مكرم بن عىل‪ ،‬املعروف بابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار صادر‪،‬‬
‫ط‪1414 ،3:‬هـ‪.‬‬
‫‪ .45‬احلراين‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم بن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬جممع امللك‬
‫فهد لطباعة املصحف الرشيف‪1416 ،‬هـ ‪1995 -‬م‪.‬‬
‫‪ .46‬الرازي‪ ،‬حممد بن أيب بكر‪ ،‬خمتار الصحاح‪ ،‬لبنان‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬الدار النموذجية‪ ،‬ط‪،5:‬‬
‫‪1420‬هـ ‪1999 -‬م‪.‬‬
‫‪ .47‬األصبحي‪ ،‬مالك بن أنس بن مالك بن عامر‪ ،‬املدونة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1415 ،1:‬هـ‬
‫‪1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ .48‬التلمساين‪ ،‬حممد بن مرزوق‪ ،‬املسند الصحيح احلسن يف مآثر وحماسن موالنا أيب احلسن‪،‬‬

‫‪158‬‬
‫الوقف على تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ :‬مشروعيته‪ ،‬ضوابطه‪ ،‬أولوياته المقاصدية‬

‫الرشكة الوطنية للنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪1401 ،‬هـ‪.‬‬


‫‪ .49‬الفيومي‪ ،‬أمحد بن حممد بن عيل احلموي‪ ،‬املصباح املنري يف غريب الرشح الكبري‪ ،‬لبنان‪ ،‬املكتبة‬
‫العلمية [د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .50‬عمر‪ ،‬أمحد خمتار عبد احلميد‪ ،‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬بمساعدة فريق عمل‪ ،‬عامل‬
‫الكتب‪ ،‬ط‪1429 ،1:‬هـ ‪2008 -‬م‪.‬‬
‫‪ .51‬السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬معجم مقاليد العلوم يف احلدود والرسوم‪ ،‬مرص‪ ،‬مكتبة‬
‫اآلداب‪ ،‬ط‪1424 ،1:‬هـ‪.‬‬
‫‪ .52‬البيهقي‪ ،‬أمحد بن احلسني‪ ،‬معرفة السنن واآلثار‪ ،‬باكستان‪ ،‬جامعة الدراسات اإلسالمية‪،‬‬
‫كراتيش‪ ،‬الطبعة األوىل‪1412 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .53‬الونرشييس‪ ،‬أمحد بن حييى‪ ،‬املعيار املعرب‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪1401 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .54‬اخلوارزمي‪ ،‬نارص الدين بن عبد السيد بن عيل بن املطرز‪ ،‬برهان الدين املغرب يف ترتيب‬
‫املعرب‪ ،‬سوريا‪ ،‬مكتبة أسامة بن زيد‪ ،‬ط‪1979 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ .55‬الرشبيني‪ ،‬حممد بن أمحد اخلطيب الشافعي‪ ،‬مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1415 ،1:‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ .56‬املقديس‪ ،‬عبد اهلل بن أمحد بن حممد ابن قدامة‪ ،‬املغني‪ ،‬مكتبة القاهرة‪1388 ،‬هـ ‪1968 -‬م [د‪:‬ط]‪.‬‬
‫‪ .57‬ابن عاشور‪ ،‬حممد الطاهر بن حممد بن حممد الطاهر‪ ،‬مقاصد الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬وزارة‬
‫األوقاف‪1425 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .58‬ابن بدران‪ ،‬عبد القادر بن أمحد بن حممد‪ ،‬منادمة األطالل ومسامرة اخليال‪ ،‬لبنان‪ ،‬املكتب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ط‪1985 ،2:‬م‪.‬‬
‫‪ .59‬الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى اللخمي‪ ،‬املوافقات يف أصول الفقه‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار املعرفة‬
‫[د‪:‬ط‪،‬ت]‪.‬‬
‫‪ .60‬احلطاب‪ ،‬حممد بن حممد بن عبد الرمحن الطرابليس املغريب‪ ،‬مواهب اجلليل يف رشح خمترص‬
‫خليل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1412 ،3:‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬
‫‪ .61‬التنوخي‪ ،‬املحسن بن عيل بن حممد بن أيب الفهم داود البرصي‪ ،‬نشوار املحارضة وأخبار‬
‫املذاكرة‪ ،‬بريوت‪1391 ،‬هـ ‪1971 -‬م‪.‬‬
‫‪ .62‬احلسني‪ ،‬إسامعيل‪ ،‬نظرية املقاصد عند ابن عاشور‪ ،‬املعهد العاملي للفكر اإلسالمي‪1995 ،‬م‪،‬‬
‫ط‪.1‬‬
‫‪ .63‬الشوكاين‪ ،‬حممد بن عيل بن حممد‪ ،‬نيل األوطار‪ ،‬مرص‪ ،‬دار احلديث‪ ،‬ط‪1413 ،1:‬هـ ‪-‬‬
‫‪1993‬م‪.‬‬
‫‪ .64‬عبداهلل‪ ،‬حممد بن عبدالعزيز‪ ،‬الوقف يف الفكر اإلسالمي‪ ،‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة األوقاف‬
‫والشؤون املغربية‪1416 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪159‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like