You are on page 1of 2

‫المية‬ ‫اث إس‬ ‫أبح‬

‫اإلسالم يساوي بين جميع المواطنين‬


‫لقد جعل اإلسالم لرعايا الدولة اإلسالمية أحكام ًا خاصة هبم ساوى فيها بينهم وبني مجيع املواطنني‪ ،‬فمن حيُث‬
‫اُحلُك م ورعاية الشؤون يرى اإلسالم أّن الذين حيكمهم هم وحدٌة إنسانية بغّض النظر عن الطائفة أو اجلنس‪ .‬أما من حيث‬
‫تط بيق أحك ام اإلس الم فإن ه يأخ ذ بالناحي ة التطبيقي ة التش ريعية القانوني ة ال الناحي ة الروحي ة‪.‬‬
‫يرى اإلسالُم أن الذين حيكُم ُه ْم هم َو ْح َد ٌه إنسانيٌة بغِّض النظر عن الطائف ِة واجلنِس ‪ ،‬فال يشرتط فيهم إال التابعية‪،‬‬
‫ال توجد يف اإلسالم األقليا ‪ ،‬بل مجي الناس‪ ،‬باعتباٍر إنساين هم رعايا ما داموا حيملوَن التابعية‪ ،‬وكّلهم يتمت باحلقوِق‬
‫ُع‬ ‫ُع‬ ‫ُت‬
‫ِق‬
‫اليت قررها الشرع‪ ،‬سواء أكان مسلمًا أو غري مسلم‪ ،‬وكل من ال حيمل التابعية حيرم من هذه احلقو ولو كان مسلمًا‪.‬‬
‫هذا من حيُث احلكُم ورعاي ُة الشؤون‪ .‬أما من حيث تطبيُق أحك اِم اإلسالم فإنه يأخذ بالناحية التشريعية القانونية‬
‫ال الناحي ة الروحي ِة‪ ،‬ذاَك أن اإلس الم ينظ ُر للنظ ام املطب ِق عليهم باعتب اٍر تش ريعّي ق انوّين‪ ،‬ال باعتب اٍر دي ّين روحي‪.‬‬
‫فالذين يعتنقون اإلسالم يكون اعتناقهم له واعتقادهم به هو الذي يلزمهم جبميع أحكامه‪ .‬ألَّن التسليم بالعقيدة‬
‫تس ليٌم جبمي ع األحك اِم املنبثق ة عنه ا‪ ،‬فك ان اعتق ادهم ملزم ًا هلم جبمي ع م ا أتت ب ه ه ذه العقدي ة إلزام ًا حتمي ًا‪.‬‬
‫مث إن اإلس الم جع ل املس لمني جيته دون يف اس تنباط األحك ام‪ ،‬وبطبيع ة تف اوت اإلفه ام حص ل االختالف يف فهم‬
‫األفكار املتعلقة بالعقائد ويف كيفية االستنباط‪ ،‬ويف األحكام واآلراء املستنبطة‪ ،‬فأدى ذلك إىل وجود الفرق واملذاهب‪ .‬وقد‬
‫حث الرس ول ‪ ‬على االجته اد وبنَّي أن احلاكم إذا اجته د وأخط أ فل ه أج ٌر واح ٌد وإذا أص اب فل ه أج راِن اثن ان‪.‬‬
‫فتح اإلسالم إذًا باب االجتهاد‪ ،‬ولذلك مل يكن عجيب ًا أن يكون هنالك أهل السنة والشيعة واملعتزلة وغريهم من‬
‫الف رق اإلس المية‪ ،‬ومل يكن غريب ًا أن يك ون هنال ك اجلعفري ة والش افعية والزيدي ة واحلنفي ة واملالكي ة واحلنابل ة وغ ريهم من‬
‫املذاهب اإلس المية‪ .‬ومجي ع ه ذه الف رق واملذاهب اإلس المية تعتن ق عقي دة واح دة هي العقي دة اإلس المية‪ ،‬ومجي ع ه ؤالء‬
‫خماطبون باتب اع أوام ر اهلل واجتن اب نواهي ه‪ ،‬وم أمورون باتب اع احلكم الش رعي ال اتب اع م ذهب معني‪.‬‬
‫وعلى الدولة أَّال تتعرض هلذه الفرق اإلسالمية‪ ،‬وال التباع املذاهب الفقهية‪ .‬ما دامت ال خترج عن عقيدة اإلسالم‪.‬‬
‫واملس لمون مط البون جبمي ع أحك ام اإلس الم‪ ،‬إال أّن ه ذه األحك ام منه ا م ا قطعي ليس في ه إال رأي واح د كتح رمي الرب ا‬
‫اكل‪.‬‬ ‫اش‬ ‫ًا‪ ،‬وم‬ ‫ة مخس‬ ‫لوات املفروض‬ ‫ون الص‬ ‫اة‪ ،‬وك‬ ‫وب الزك‬ ‫ووج‬
‫وهناك أحكا وأفكا وآراء قد اختلف املسلمون يف فهمها‪ .‬فهمها كل جمته ٍد خالف فهم اآلخر‪ ،‬مثل صفاِت‬
‫ٌر‬ ‫ٌم‬
‫اخلليفة وإجارة األرض‪ .‬وتوزيع اإلرث وغري ذلك‪ ،‬فهذه األحكام املختلف فيها يتبىن اخلليفة رأيًا منها فتصبح طاعته واجب ٌة‬
‫ع‪.‬‬ ‫على اجلمي‬
‫ولكن العبادات ال يتبىن اخلليفة منها شيئًا ألَّن تبنيه يف العبادات جيعل املشقة على املسلمني يف عباداهتم‪ ،‬ولذلك ال‬
‫ي أمر ب رأي معني يف العقائ د مطلق ًا‪ ،‬م ا دامت العقي دة ال يت يعتق دوهنا إس المية‪ ،‬وال ي أمر حبكم معني يف العب ادات م ا ع دا‬
‫الزك اة‪ .‬م ا دامت ه ذه العب ادات أحكام ًا ش رعية‪ ،‬وفيم ا ع دا ذل ك يتب ىن يف مجي ع املع امالت‪ ،‬كاإلج ارة وال بيع والنفق ة‬
‫ر‪.‬‬ ‫دوٍد وتعزي‬ ‫ا من ح‬ ‫ات مجيعه‬ ‫ركة اخل‪ ...‬ويف العقوب‬ ‫والش‬

‫الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية ‪ -‬شوال ‪1408‬هـ ‪ -‬حزيران ‪1988‬م‬
‫‪1‬‬
‫نعم‪ ،‬إن اخلليفة ينفذ أحكام العبادات فيعاقُب تارك الصالة واملفطر يف رمضاَن ‪ ،‬كما ينف ُذ سائر األحكام سواء‬
‫بسواء‪ .‬وهذا التنفيذ هو واجُب الدولة‪ ،‬ألن وجوب الصالة ليس جمال اجتهاٍد وال يعترب تبني ًا وإمنا هو تنفيذ حلكم شرعي‬
‫مقط وع ب ه عن د اجلمي ع‪ ،‬ويتب ىن لتنفي ذ العقوب ات على ت ارك العب ادات رأي ًا ش رعيًا يل زم الن اس بالعم ل ب ه‪ ،‬ه ذا بالنس بة‬
‫لمني‪.‬‬ ‫للمس‬
‫وأما غري املسلمني‪ ،‬فيرتكون وما يعتقدون وما يعبدون‪ ،‬فيسريون يف أمور الزواج والطالق حسب أدياهنم‪ ،‬وتعني‬
‫الدول ة هلم قاض يًا منهم‪ ،‬ينظ ر يف خص وماهتم يف حماكم الدول ة‪ .‬أم ا املطعوم ات وامللبوس ات ف إهنم يع املون بش أهنا حس ب‬
‫أحكام دينهم ضمن النظام العام‪ .‬وأما املعامالت والعقوبات فتنفذ على املسلمني وغري املسلمني سواء بسواء‪ ،‬من غري متييز‬
‫أو تفري ق على اختالف أدي اهنم وأجناس هم وم ذاهبهم‪ ،‬فهم مجيع ًا مكلف ون باتب اع األحك ام والعم ل هبا‪ .‬غ ري أَّن تكليفهم‬
‫ب ذلك إمنا ه و من ناحي ة تش ريعية قانوني ة‪ ،‬ال من ناحي ة ديني ة روحي ة‪ ،‬فال جيربون على االعتق اد هبا‪ ،‬ألهنم ال جيربون على‬
‫اإلس الم‪ ،‬ق ال تع اىل‪َ :‬ال ِإْك َر اَه ِفي ال ِّديِن ‪ ‬وهنى الرس ول ‪ ‬عن أن يفنت أه ل الكت اب يف دينهم‪.‬‬

‫حديث شريف‬
‫عن ثوب ان‪ ،‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪« :‬إّن اهلل زوى لي األرض‪ ،‬فرأيُت مش ارقها ومغاربه ا‪ ،‬وإّن أّم تي س يبلغ‬
‫ملكها ما زوي لي منها وُأعطيُت الكنزين‪ :‬األحمر‪ ،‬واألبيض‪ ،‬وإني سألت ربي ألمتي أن ال يهلكها بَس َنة عاّم ة‪ ،‬وأن‬
‫ال يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم‪ ،‬فيستبيح بيضتهم‪ ،‬وإن ربي قال‪ :‬يا محمد‪ ،‬إني إذا قضيت قضاء‪ ،‬فإنه ال‬
‫يرد‪ ،‬وإني أعطيتك ألمتك أن ال أهلكهم بسنة عاّم ة‪ ،‬وأن ال أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم‪،‬‬
‫ولو اجتمع عليهم من أقطارها ـ أو قال‪ :‬من بين أقطارها ـ حتى يكون بعضهم ُيهلك بضعًا‪ ،‬ويسبي بعضهم بعض ًا»‪.‬‬

‫رواه مسلم‬

‫الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية ‪ -‬شوال ‪1408‬هـ ‪ -‬حزيران ‪1988‬م‬
‫‪2‬‬

You might also like