You are on page 1of 360

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الجزائر "‪"3‬‬


‫كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬
‫قسم‪ :‬علوم التسيير‬

‫مراقبة التسيير في القطاع العمومي‬


‫دورها في تحسين فعالية التسيير وجودة الخدمات بالقطاع الصحي‬
‫في الجزائر‬

‫أطروحة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الدكتوراه‬


‫تخصص‪ :‬ادارة األعما‬
‫تحت اشراف‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة‪ :‬لشهب صف اء‬
‫أد‪ :‬كشاد رابح‪ ،‬المدرسة العليا للتجارة‬
‫‪Pr : Mairesse Marie-Pierre, Université de Valenciennes‬‬
‫أمام اللجنة المكونة من‪:‬‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة الجزائر ‪3‬‬ ‫خالفي علي‬ ‫أد‬
‫مقررا‬ ‫المدرسة العليا للتجارة‬ ‫كشاد رابح‬ ‫أد‬
‫عضوا‬ ‫جامعة الجزائر ‪3‬‬ ‫شيحة خميسي‬ ‫أد‬
‫عضوا‬ ‫جامعة الجزائر ‪3‬‬ ‫أورزيق الياس‬ ‫د‬
‫عضوا‬ ‫المدرسة العليا للتجارة‬ ‫عدمان مريزق‬ ‫د‬
‫عضوا‬ ‫المدرسة الوطنية العليا لإلحصاء‬ ‫كرنان عبد الحميد‬ ‫د‬
‫واالقتصاد التطبيقي‬

‫السنة الجامعية ‪2015-2014‬‬


‫اهداء‬

‫الى روح أستاذي الطاهرة‬

‫األستاذ الدكتور محمد بوتين‬

‫الرجل الذي أفنى حياته في سبيل العلم والمعرفة‬

‫صاحب الفضل في اختياري لهذا الموضوع‬

‫والذي أشرف علي في رسالة الماجستير‬

‫وواصل معي في هذا العمل حتى وافته المنية‬

‫رحمه اهلل وأسكنه فسيح جناته‬


‫كلمة شكر‬

‫قبل كل قو أو عمل أحمد اهلل عز وجل حمدا كثيرا على توفيقه لي في انجاز هذا العمل المتواضع‪ ،‬أتقدم‬

‫بخالص الشكر واالمتنان الى والدي العزيزين اللذين لم يبخال على بتقديم العون والمساعدة‪ ،‬وأخص بالذكر‬

‫والدي العزيز الذي ساندني كثيرا بالتوجيه والدعم المعنوي رغم حالته الصحية ومعاناته في اآلونة األخيرة‪.‬‬

‫كما أتقدم بجزيل الشكر والتقدير والعرف ان الى أستاذي الدكتور رابح كشاد لقبوله االشراف على هذا‬

‫العمل ولما أسداه لي من نصائح وتوجيهات قيمة مكنتني من تخطي الصعوبات التي اعترضتني‪.‬‬

‫وأشكر جزيل الشكر أستاذتي الدكتورة ‪ Marie-Pierre Mairesse‬أستاذة بجامعة ‪Valenciennes‬‬

‫على قبولها المساعدة والمشاركة في االشراف على هذا العمل وعلى كل المساعدات التي قدمتها لي خال‬

‫تواجدي بفرنسا طيلة الثمانية أشهر التي قضيتها هناك‪ ،‬وعلى كل ما منحته لي من توجيهات ونصائح وفرص‬

‫للتكوين مكنتني من اتمام عملي بالصورة التي هو عليها‪.‬‬

‫أشكر كذلك األستاذ الدكتور ‪ Jean-Philippe Galan‬أستاذ بجامعة ‪ Toulouse‬على مساعدته لي‬

‫في الجانب التطبيقي‪ ،‬خاصة التحكم في أدوات وطرق االحصاء المستعملة في البحث وعلى تعاونه واجابته على‬

‫التساؤالت التي كانت تعترضني‪.‬‬

‫وفي األخير أقف وقفة اجال واحترام أمام كل من أسدى لي العلم والمعرفة خال مسار دراستي‪.‬‬
‫ف ه رس المحتويات‬
‫أ‬
‫المقدمة‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم أساسية حول التسيير والمراقبة في القطاع العمومي‬
‫‪2‬‬
‫مقدمة الفصل األول‬
‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحقل العمومي‬
‫‪3‬‬
‫المطلب األول‪ :‬البحث عن المصطلح القانوني غير المحدد‬
‫‪6‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشاطات الخدمة العمومية‬
‫‪7‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مقاربة الخدمة العمومية في العلوم االقتصادية‬
‫‪14‬‬
‫المطلب ال اربع‪ :‬جودة الخدمات في القطاع العمومي‬
‫‪17‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التسيير والتسيير العمومي‬
‫‪17‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف التسيير وتحديد وظائفه‬
‫‪22‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األصالة والتنوع في ميدان التسيير العمومي‬
‫‪26‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اشكالية التسيير العمومي‬
‫‪29‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أساليب تسيير الخدمة العمومية‬
‫‪35‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المراقبة ضمن الوظائف التسييرية في المؤسسة‬
‫‪35‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المراقبة‬
‫‪39‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تصنيفات المراقبة‬
‫‪46‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أبعاد المراقبة‬
‫‪50‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬ضرورة توضيح العالقة بين المراقبة والتسيير‬
‫‪53‬‬
‫خاتمة الفصل األول‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مراقبة التسيير في القطاع العمومي وخصوصياتها‬
‫‪55‬‬
‫مقدمة الفصل الثاني‬
‫‪56‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية مراقبة التسيير‬
‫‪56‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم وخصائص مراقبة التسيير‬
‫‪62‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسار مراقبة التسيير‬
‫‪64‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف مراقبة التسيير‬
‫‪69‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مراقبة التسيير التعليمية‬
‫‪77‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مراقب التسيير داخل المؤسسة‬
‫‪77‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التكوين والمواصفات المطلوبة في مراقب التسيير‬
‫‪79‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات مراقب التسيير‬
‫‪82‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التموقع السلمي لمراقب التسيير‬
‫‪84‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الصعوبات التي يواجهها مراقب التسيير‬
‫‪86‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مراقبة التسيير العمومي‬
‫‪86‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مراقبة التسيير العمومي‪ ،‬تسيير ذو ثالثة أبعاد‬
‫‪88‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مثلث مراقبة التسيير في سياق الخدمة العمومية‬
‫‪93‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصعوبات الخاصة المرتبطة بمراقبة التسيير في القطاع العمومي‬
‫‪100‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أدوات مراقبة التسيير كتقنيات للمراقبة المستمرة‬
‫‪102‬‬
‫مقدمة الفصل الثالث‬
‫‪103‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المحاسبة التحليلية ومراقبة التسيير‪ :‬الميادين المتقاربة‬
‫‪103‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفاهيم أساسية حول المحاسبة التحليلية‬
‫‪105‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطرق الرئيسية لحساب التكاليف‬
‫‪111‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬طريقة التكلفة على أساس النشاط‬
‫‪118‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬المحاسبة التحليلية في مؤسسات الصحية‬
‫‪122‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الموازنات التقديرية‬
‫‪122‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفاهيم حول الموازنات‬
‫‪125‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المسار الموازني وأهدافه‬
‫‪128‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الرقابة على الموازنة‬
‫‪130‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬موازنة المؤسسات الصحية‬
‫‪132‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬لوحة القيادة كنظام لقيادة األداء‬
‫‪132‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المفهوم األساسي للوحات القيادة‬
‫‪135‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬طريقة تصميم لوحة القيادة ووضعها حيز التنفيذ‬
‫‪139‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬بطاقة األداء المتوازن‬
‫‪144‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬دور بطاقة األداء المتوازن في تقييم أداء المؤسسات الصحية‬
‫‪146‬‬
‫خاتمة الفصل الثالث‬
‫الفصل الرابع‪ :‬فرضيات ومنهجية البحث‬
‫‪148‬‬
‫مقدمة الفصل الرابع‬
‫‪149‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النموذج التصوري وفرضيات البحث‬
‫‪149‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أثر فعالية مراقبة التسيير على فعالية التسيير‬
‫‪152‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الدور الوسيطي لفعالية التسيير على العالقة بين رضى مستعملي‬
‫مراقبة التسيير والجودة المقدمة لخدمات العالج‬
‫‪153‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬محددات الرضى بالنسبة لمستعملي مراقبة التسيير‬
‫‪155‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬األثر المعدل لمشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير على العالقة بين رضى‬
‫مستعملي هذا المسار وفعالية التسيير‬
‫‪158‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قطاع الصحة العمومية كميدان لتطبيق نموذج الدراسة‬
‫‪158‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي لقطاع الصحة العمومية في الجزائر‬
‫‪165‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع المؤسسات العمومية للصحة واإلطار القانوني والتنظيمي الخاص بها‬
‫‪169‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مشاكل التسيير والتمويل المتعلقة بالقطاع‬
‫‪173‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬حجم االنفاق على قطاع الرعاية الصحية‪.‬‬
‫‪177‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التحقيق ومنهجية البحث‬
‫‪177‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اختيار عينة الدراسة‬
‫‪180‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ساللم القياس المستعملة‬
‫‪186‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬منهجية التصفية والمصادقة على ساللم القياس‬
‫‪195‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬منهجية اختبار فرضيات البحث‬
‫‪206‬‬
‫خاتمة الفصل الرابع‬
‫الفصل الخامس‪ :‬عرض النتائج ومناقشتها‬
‫‪208‬‬
‫مقدمة الفصل الخامس‬
‫‪209‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي للعوامل‬
‫‪209‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أبعاد ومصداقية سلم قياس محددات الرضى بالنسبة لمستعملي مراقبة التسيير‬
‫ورضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫‪214‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أبعاد ومصداقية سلم قياس فعالية التسيير‬
‫‪216‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أبعاد ومصداقية سلم قياس الجودة المقدمة لخدمة العالج‬
‫‪219‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أبعاد ومصداقية سلم قياس مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختبار فرضيات البحث‬
‫‪225‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معامل االرتباط لـ ـ‪Pearson‬‬
‫‪227‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار الوسيطية البسيطة حسب )‪(Preacher, Hayes, 2004, 2008‬‬
‫‪230‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اآلثار الوسيطية المزدوجة )‪(Preacher, Hayes, 2004, 2008‬‬
‫‪234‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬األثر التعديلي لـمشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير على العالقة الموجودة‬
‫بين رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية مراقبة التسيير حسب )‪(Hayes, 2012, 2013‬‬
‫‪236‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج‬
‫‪236‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المصادقة على نموذج الدراسة ومناقشة النتائج‬
‫‪241‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االضافات المحققة في البحث‬
‫‪243‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حدود وآفاق الدراسة‬
‫‪246‬‬
‫خاتمة الفصل الخامس‬
‫‪248‬‬
‫الخاتمة‬
‫‪254‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪270‬‬
‫المالحق‬
‫فهرس ال ج داو‬
‫رقــم‬ ‫رقــم‬ ‫الـرقـم‬
‫عــنـــوان الجـــدول‬
‫الصفحة‬ ‫الجدول‬ ‫التسلسلي‬
‫‪41‬‬ ‫ق اررات التسيير ومستويات المراقبة‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪49‬‬ ‫العوامل الطارئة للمراقبة‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪57‬‬ ‫أهم مراحل تطور مفهوم مراقبة التسيير‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪65‬‬ ‫مراقبة التسيير آلية للتنسيق والتنشيط‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪66‬‬ ‫الدور الوسيطي لمراقبة التسيير‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪75‬‬ ‫المزج بين طرق المراقبة ومستويات التعلم التنظيمي‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪78‬‬ ‫المواصفات المثالية لمراقب التسيير‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪92‬‬ ‫توزيع المظاهر االستراتيجية والعملية في النشاط العمومي‬ ‫‪6.2‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪113‬‬ ‫أهم التعاريف المقدمة حول مفهوم النشاط‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪114‬‬ ‫العناصر األساسية لمنهجية الـ ‪ABC‬‬ ‫‪2.3‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪116‬‬ ‫محتوى أنشطة الدعم‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪125‬‬ ‫دورة التسيير ومستويات المؤسسة‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪126‬‬ ‫أدوار الموازنات‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪173‬‬ ‫حجم االنفاق على قطاع الرعاية الصحية في عدد من دول العالم‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪177‬‬ ‫قائمة المؤسسات العمومية للصحة الجوارية والمؤسسات العمومية‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪15‬‬
‫االستشفائية لواليات الوسط‬
‫‪179‬‬ ‫قائمة المؤسسات االستشفائية المتخصصة والمراكز االستشفائية الجامعية‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪16‬‬

‫لواليات الوسط‬
‫‪180‬‬ ‫حجم العينة حسب الرتبة الوظيفية‬ ‫‪4.4‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪195‬‬ ‫مؤشرات الضبط المستخدمة للتحليل التأكيدي لسلم القياس‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪18‬‬
‫‪209‬‬ ‫ارتباطات المتغيرات‪ ،‬القيم الذاتية ونسبة التباين للمكونات األساسية لسلم‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪19‬‬
‫" محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬
‫‪211‬‬ ‫مصفوفة العوامل قبل الدوران لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪20‬‬
‫التسيير"‬
‫‪212‬‬ ‫مصفوفة العوامل بعد الدوران لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪21‬‬
‫التسيير'‬
‫‪213‬‬ ‫نتائج اختبار المصداقية وصحة التقارب لسلم "محددات الرضى"‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪214‬‬ ‫‪ 5.5‬قيم ومؤشرات الضبط المتحصل عليها عند التحليل التأكيدي لسلم "محدادات‬ ‫‪23‬‬
‫الرضى"‪.‬‬
‫‪214‬‬ ‫لوحة القيادة لرضى مستعملي مراقبة التسيير‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪215‬‬ ‫‪ 7.5‬ار ارتباطات المتغيرات‪ ،‬القيم الذاتية ونسبة التباين للمكونات األساسية لسلم "‬ ‫‪25‬‬
‫فعالية التسيير"‬
‫‪215‬‬ ‫مصفوفة العوامل لسلم "فعالية التسيير"‬ ‫‪8.5‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪216‬‬ ‫نتائج اختبار المصداقية وصحة التقارب لسلم " فعالية التسيير"‬ ‫‪9.5‬‬ ‫‪27‬‬
‫‪216‬‬ ‫قيم مؤشرات الضبط المحصلة من التحليل التأكيدي لسلم‬ ‫‪10.5‬‬ ‫‪28‬‬

‫"فعالية التسيير"‬
‫‪217‬‬ ‫ارتباطات المتغيرات‪ ،‬القيم الذاتية ونسب التباين للمكونات األساسية لسلم‬ ‫‪11.5‬‬ ‫‪29‬‬
‫"الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬
‫‪217‬‬ ‫مصفوفة العوامل لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪218‬‬ ‫‪ 13.5‬نتائج اختبار المصداقية وصحة التقارب لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬ ‫‪31‬‬

‫‪218‬‬ ‫قيم ومؤشرات الضبط المتحصل عليها عند التحليل التأكيدي لسلم‬ ‫‪14.5‬‬ ‫‪32‬‬
‫"الجودة المقدمة لخدمة العالج"‪.‬‬
‫‪219‬‬ ‫ارتباطات المتغيرات‪ ،‬القيم الذاتية ونسب التباين للمكونات األساسية لسلم‬ ‫‪15.5‬‬ ‫‪33‬‬

‫"مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‪.‬‬


‫‪221‬‬ ‫مصفوفة العوامل قبل الدوران لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة‬ ‫‪16.5‬‬ ‫‪34‬‬
‫التسيير"‬
‫‪222‬‬ ‫مصفوفة العوامل بعد الدوران لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة‬ ‫‪17.5‬‬ ‫‪35‬‬
‫التسيير‬
‫‪223‬‬ ‫نتائج اختبار المصداقية وصحة التقارب لسلم "مشاركة المسيرين في مسار‬ ‫‪18.5‬‬ ‫‪36‬‬
‫مراقبة التسيير"‬
‫‪224‬‬ ‫قيم مؤشرات الضبط المحصلة من التحليل التأكيدي لسلم "مشاركة‬ ‫‪19.5‬‬ ‫‪37‬‬
‫المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‬
‫‪225‬‬ ‫العالقة بين "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير" و"رضى مستعملي‬ ‫‪20.5‬‬ ‫‪38‬‬
‫مراقبة التسيير"‬
‫‪226‬‬ ‫العالقة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير" و "فعالية التسيير"‬ ‫‪21.5‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪227‬‬ ‫العالقة بين "فعالية التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬ ‫‪22.5‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪237‬‬ ‫مؤشرات الضبط لنموذج الدراسة المصادق عليه‬ ‫‪23.5‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪239‬‬ ‫الفرضيات المتعلقة بالعالقات السببية الموجودة بين المتغيرات‬ ‫‪24.5‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪240‬‬ ‫الفرضيات المتعلقة بآثار الوساطة والتعديل الموجودة بين المتغيرات‬ ‫‪25.5‬‬ ‫‪43‬‬
‫فهرس األش ك ا‬
‫رقــم‬ ‫الـرقـم‬
‫عـنــــوان الـشـكـل‬ ‫رقــم الشكل‬
‫الصفحة‬ ‫التسلسلي‬
‫‪10‬‬ ‫التصنيف الكالسيكي للسلع العمومية والخاصة‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪13‬‬ ‫التصنيف الجديد للسلع العمومية والسلع الخاصة المستوحى من‬ ‫‪2‬‬
‫‪2.1‬‬
‫أعمال ‪I. Kaul‬‬
‫‪18‬‬ ‫الطبيعة التفاعلية ألنشطة التسيير‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪20‬‬ ‫التسيير الحالي للمؤسسة‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪30‬‬ ‫منحنى أساليب التسيير‬ ‫‪5.1‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪38‬‬ ‫مسار المراقبة‬ ‫‪6.1‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪39‬‬ ‫تداخل المستويات الثالثة للمراقبة‬ ‫‪7.1‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪40‬‬ ‫مستويات ومراحل المراقبة‬ ‫‪8.1‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪44‬‬ ‫أنظمة المراقبة حسب (‪(Simons, 1987‬‬ ‫‪9.1‬‬
‫‪9‬‬

‫‪46‬‬ ‫مكونات نظام المراقبة‬ ‫‪10.1‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪60‬‬ ‫مثلث مراقبة التسيير‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪62‬‬ ‫مراقبة التسيير في أربع مراحل‪ :‬مسار للتعلم‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪63‬‬ ‫دورة التخطيط‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪64‬‬ ‫مرحلة المتابعة والتحليل‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪67‬‬ ‫نظام المعلومات لمراقبة التسيير‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪68‬‬ ‫مكانة نظام مراقبة التسيير ضمن نظام المعلومات الكلي للمؤسسة‬
‫‪6.2‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪70‬‬ ‫أنواع االستراتيجية حسب ‪Mintzberg‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪7.2‬‬

‫‪72‬‬ ‫نموذج العالقة بين "استراتيجية األعمال ‪ /‬نظم مراقبة التسيير" حسب‬ ‫‪18‬‬
‫‪8.2‬‬
‫)‪(Simons, 1990‬‬
‫‪82‬‬ ‫المحاور الثالث لحوار التسيير‬ ‫‪9.2‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪83‬‬ ‫تبعية مراقب التسيير للمدير المالي‬ ‫‪10.2‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪83‬‬ ‫االتصال على هيئة أسنان المشط‬ ‫‪11.2‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪84‬‬ ‫تبعية مراقب التسيير للمدير العام‬ ‫‪12.2‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪89‬‬ ‫ادراج توقعات ورضى الجمهور ضمن مراقبة تسيير القطاع العمومي‬ ‫‪13.2‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪89‬‬ ‫المثلث الموسع لمراقبة التسيير‬ ‫‪14.2‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪90‬‬ ‫المثلث الموسع في سياق الخدمة العمومية‬ ‫‪15.2‬‬ ‫‪25‬‬
‫‪95‬‬ ‫التسيير األعظمي للوسائل‬ ‫‪16.2‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪108‬‬ ‫العناصر المكونة للتكاليف المباشرة وغير المباشرة‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪27‬‬
‫‪115‬‬ ‫الخطوات األربعة لتطبيق طريقة الـ ‪ABC‬‬ ‫‪2.3‬‬ ‫‪28‬‬
‫‪117‬‬ ‫طريقة تحميل التكاليف حسب نظام الـ ‪ABC‬‬ ‫‪3.3‬‬
‫‪29‬‬

‫‪124‬‬ ‫نظام تسيير الموازنات‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪30‬‬


‫‪136‬‬ ‫خطوات تصميم لوحة القيادة حسب طريقة ‪Ovar‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪31‬‬
‫‪138‬‬ ‫تطبيق لوحة القيادة في المؤسسة‬ ‫‪6.3‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪141‬‬ ‫العالقة التبادلية لبطاقة األداء المتوازن‬ ‫‪7.3‬‬ ‫‪33‬‬
‫‪151‬‬ ‫النموذج التصوري للبحث‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪34‬‬
‫‪187‬‬ ‫مسار التصفية والمصادقة على سلم القياس‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪35‬‬
‫‪196‬‬ ‫منهجية المصادقة على فرضيات البحث‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪36‬‬
‫‪197‬‬ ‫النموذج السببي البسيط‬ ‫‪4.4‬‬ ‫‪37‬‬
‫‪198‬‬ ‫النموذج السببي بأثر وسيطي‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪38‬‬
‫‪198‬‬ ‫النموذج السببي بأثر معدل‬ ‫‪6.4‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪199‬‬ ‫تمثيل نموذج وساطة بسيطة‬ ‫‪7.4‬‬ ‫‪40‬‬
‫‪202‬‬ ‫شجرة القرار لفهم أنواع الوساطات والالوساطات‬ ‫‪8.4‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪203‬‬ ‫التمثيل النظري لألثر غير المباشر المزدوج التسلسلي‬ ‫‪9.4‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪213‬‬ ‫اختبار المنعطف لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬ ‫‪1.5‬‬
‫‪43‬‬

‫‪223‬‬ ‫اختبار المنعطف لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪44‬‬
‫‪227‬‬ ‫األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين‬
‫‪3.5‬‬ ‫‪45‬‬
‫"الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و "فعالية التسيير"‬
‫‪228‬‬ ‫األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين‬
‫‪4.5‬‬ ‫‪46‬‬
‫"جودة العالقات لمراقبة التسيير" و "فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪229‬‬ ‫األثر الوسيطي لـ "فعالية التسيير" على العالقة بين "رضى مستعملي‬
‫‪5.5‬‬ ‫‪47‬‬
‫مراقبة التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬
‫‪231‬‬ ‫األثر الوسيطي المزدوج بين "الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و "الجودة‬
‫‪6.6‬‬ ‫‪48‬‬
‫المقدمة لخدمة العالج"‬
‫‪232‬‬ ‫األثر الوسيطي المزدوج بين "جودة العالقات لمراقبة التسيير" و‬
‫‪7.5‬‬ ‫‪49‬‬
‫"الجودة المقدمة لخدمة العالج‬
‫‪234‬‬ ‫األثر التعديلي لـ "استعمال المعلومات" على العالقة الموجودة بين‬
‫‪8.5‬‬ ‫‪50‬‬
‫"رضى مستعملي مراقبة التسيير" و"فعالية التسيير"‬
‫‪235‬‬ ‫األثر التعديلي لـ " نقل المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى‬
‫‪9.5‬‬ ‫‪51‬‬
‫مستعملي مراقبة التسيير" و"فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪236‬‬ ‫نموذج الدراسة المصادق عليه باستخدام الـ ‪AMOS‬‬ ‫‪10.5‬‬ ‫‪52‬‬
‫ق ائمة المالحق‬
‫‪271‬‬ ‫نتائج التحليل االستكشافي للحصيلة األولى‬ ‫الملحق ‪1‬‬
‫‪299‬‬ ‫نتائج التحليل االستكشافي للحصيلة الثاني‬ ‫الملحق ‪2‬‬
‫‪315‬‬ ‫هيكلة العوامل لسلم قياس "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬ ‫الملحق ‪3‬‬
‫‪316‬‬ ‫هيكلة العوامل لسلم قياس "فعالية التسيير"‬ ‫الملحق ‪4‬‬
‫‪317‬‬ ‫هيكلة العوامل لسلم قياس "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬ ‫الملحق ‪5‬‬
‫‪318‬‬ ‫هيكلة العوامل لسلم قياس "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‬ ‫الملحق ‪6‬‬
‫‪319‬‬ ‫األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين‬ ‫الملحق ‪7‬‬
‫"الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و "فعالية التسيير"‬
‫‪321‬‬ ‫األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين‬ ‫الملحق ‪8‬‬
‫"جودة العالقات لمراقبة التسيير" و "فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪323‬‬ ‫األثر الوسيطي لـ "فعالية التسيير" على العالقة بين "رضى مستعملي‬ ‫الملحق ‪9‬‬
‫مراقبة التسيير و "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‪.‬‬
‫‪325‬‬ ‫األثر الوسيطي المزدوج بين "الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و "الجودة‬ ‫الملحق ‪10‬‬
‫المقدمة لخدمة العالج"‬
‫‪326‬‬ ‫األثر الوسيطي المزدوج بين "جودة العالقات لمراقبة التسيير" و "الجودة‬ ‫الملحق ‪11‬‬
‫المقدمة لخدمة العالج"‬
‫‪327‬‬ ‫األثر التعديلي لـ"استعمال المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى‬ ‫الملحق ‪12‬‬
‫مستعملي مراقبة التسيير" و"فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪329‬‬ ‫األثر التعديلي لـ"نقل المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى‬ ‫الملحق ‪13‬‬
‫مستعملي مراقبة التسيير" و"فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪331‬‬ ‫االستبيان‬ ‫الملحق ‪14‬‬
‫ال م ق دم ة‬
‫المقدمة‪:‬‬

‫إن القطاع العمومي في الجزائر حديث نسبيا مقارنة مع نظائره في الدول المتطورة‪ ،‬حيث شرع في‬
‫تطويره بعد االستقالل سنة ‪ 1962‬على يد المسؤولين الوطنيين‪ ،‬ذلك ألنه في الفترة االستعمارية كان القطاع‬
‫العمومي يشغل نطاقا ضيقا إضافة إلى هذا فقد كان موجها لخدمة المعمرين بالدرجة االولى‪ ،‬أما الجزائريين‬
‫فقد كانوا مهمشين بسبب السياسة االستعمارية التي كانت تقصيهم وال تعتبرهم مواطنين عاديين يستحقون‬
‫االستفادة من الخدمات العمومية‪ ،‬إنما هم مجرد أهالي يعانون من القهر والكآبة في النفوس والضمائر‪.‬‬

‫أما بعد االستقالل سعت السلطات الجزائرية إلى تجسيد السياسة المستمدة اختياراتها االستراتيجية من شرعية‬
‫المضمون السياسي لبيان أول نوفمبر ‪ ،1954‬ولعل الق اررات التي اتخذت بهذا الخصوص تبقى معالم راسخة‬
‫في أذهان من عاصروا المرحلة وعايشوا أطوارها وتابعوا باهتمام مسارها‪.‬‬

‫غير أن هذا الهدف لم يكن باألمر اليسير باعتبار أن الجزائر المستقلة وجدت نفسها في وضعية صعبة‪:‬‬
‫من الناحية االقتصادية تبعية كاملة لفرنسا‪ ،‬مستوى معيشي منخفض لغالبية المواطنين ومؤسسات ضعيفة‬
‫اإلنتاج والمردودية‪ ،‬ومن الناحية اإلدارية ورثت البالد إدارة عمومية خالية تقريبا من اإلطارات الكفأة والمتمثلة‬
‫في الفرنسيين الذين هاجروا بعد االستقالل‪ ،‬لكنها في نفس الوقت حاملة في الغالب النظرة االستعمارية التي‬
‫كانت سائدة من قبل والمتمثلة في عدم االهتمام بحاجيات المواطنين‪.‬‬

‫إن هذه الوضعية السيئة الموروثة في القطاع العمومي بصفة عامة‪ ،‬أدت إلى تدني مستوى جودة الخدمات‬
‫المقدمة فيه‪ ،‬بالرغم من التوسعات الكبيرة التي أنجزت (زيادة عدد المدارس‪ ،‬المستشفيات‪ ،‬البلديات ‪....‬‬
‫إلخ)‪ ،‬وفي الواقع يعزي البعض ضعف جودة الخدمات المقدمة بهذا القطاع الى مشاكل التسيير التي يعاني‬
‫منها كنقص االلتزام في ميدان التسيير‪ :‬بسبب غياب المشاركة من القمة إلى القاعدة كما هو الحال في‬
‫المؤسسات التي تخضع للمنافسة‪ ،‬حيث نالحظ أن المسؤولين في القطاع العمومي وبالذات ذوي المناصب‬
‫العليا ناد ار ما يحاسبون على النتائج المتعلقة بجودة الخدمات‪ ،‬ألن متطلباتهم الوظيفية قلما تتضمن هذا‬
‫النوع من االهتمامات‪ ،‬وهذا ما يمنع وجود تأثير سلمي هام على المستوى اإلداري لوضع أسس لمشروع‬
‫جماعي في هذا المجال (جودة الخدمات)؛ نقص الكفاءة‪ :‬حيث يالحظ وجود ثغرات واضحة في تكوين‬
‫الكفاءات الضرورية للوظائف العمومية كالكفاءات التي تتعلق بالعالقات‪ ،‬التسيير والتنظيم‪ ،‬تقنيات االستقبال‬
‫‪...‬إلخ؛ نقص االستماع‪ :‬فالقطاع العمومي ال يعطي أهمية لجمع انطباعات زبائنه من أجل تقييم مدى‬
‫تحقق رضاهم؛ عدم تحسين األداء‪ :‬ألن المؤشرات المنتشرة عادة هي تلك التي تتعلق بالتسيير وتقنياته أما‬

‫أ‬
‫تلك التي تتعلق بجودة الخدمات فإننا نالحظ غيابها أو شبه غياب لها‪ ،‬هذا الضعف يترجم غياب حلقة‬
‫التغذية العكسية المبنية على االستماع للزبائن ولكون نوعية الخدمات العمومية ناد ار ما تعتبر كمؤشر من‬
‫المهم متابعة تطوره وتحسنه عن قرب؛ نقص التنسيق والقيادة‪ :‬حيث يالحظ أن هناك فصل وعزلة بين‬
‫المصالح العمومية وهذا له تأثير شديد السلبية لكونه غير مالئم لمنطق احتياجات المواطنين والمترابط‬
‫بعضها مع بعض‪ ،‬إن جودة الخدمة المقدمة ال يمكن تحقيقها إال عن طريق التنسيق بين نشاطات كل‬
‫المتدخلين حول هدف واحد ومشترك هو حاجة المواطنين والصالح العام‪.‬‬

‫بناء على ما سبق نالحظ ترتب عدة آثار سلبية نتيجة هذا السوء في التسيير منها‪ :‬كثرة التعقيدات‬
‫اإلدارية بالنسبة للمواطنين (البيروقراطية)‪ ،‬تضارب األهداف وطرق العمل التي تضر باألداء الجماعي‬
‫‪...‬إلخ لهذا نقدر ضرورة التزود بوسائل التنسيق والمتابعة العامة التي هي في الغالب غير موجودة على‬
‫مستوى القطاع العمومي‪ ،‬والتي أدى غيابها إلى سوء التسيير فيه‪.‬‬

‫وباعتبار أن القطاع الصحي هو أحد أهم القطاعات العمومية التي تعاني الكثير من المشاكل التسييرية‬
‫اخترناه ليكون محل دراستنا حتى نتمكن من التعمق أكثر في الموضوع‪ ،‬ويتسنى لنا التطرق للمشاكل‬
‫التسييرية في هذا القطاع عن قرب إلضفاء الجانب التطبيقي على هذه الدراسة‪.‬‬

‫لقد عرف القطاع الصحي في الجزائر عدة تحوالت منذ االستقالل‪ ،‬حقيقة أن الطب المجاني ومجانية‬
‫العالج لم تأت إال سنة ‪ 1974‬لكن قبلها كانت هناك المساعدة الطبية المجانية والموجهة ألولئك األشخاص‬
‫المحتاجين‪ ،‬ومنذ ذلك الحين فإن كل اإلجراءات المتخذة كانت تهدف إلى توسيع الهياكل الصحية وتكوين‬
‫الموارد البشرية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى التنظيم االشتراكي النابع من اإلرادة السياسية الذي من أهدافه‬
‫تحقيق وايصال العالج المجاني إلى كافة المواطنين‪.‬‬

‫هذا الخيار السياسي كان أساسه التنظيم الصحي المؤسس بصفة عامة على طغيان قطاع عمومي منظم‬
‫على شكل قطاعات صحية‪ ،‬مؤسسات استشفائية متخصصة ومراكز استشفائية جامعية‪ ،‬وابتداء من‬
‫الثمانينات تم ضم هياكل الضمان االجتماعي ووحدات طب العمل لو ازرة الصحة وبالتالي اتسمت هذه‬
‫المرحلة بانطالق البرنامج المكلف باالستثمار في مجال الهياكل القاعدية للصحة حيث تم برمجة ما يقارب‬
‫‪ 40‬مستشفى باإلضافة إلى تخصيص أموال طائلة لشراء التجهيزات واألدوات الطبية والعمل على الرفع من‬
‫عدد المستخدمين الطبيين‪ ،‬ما يجعلنا نعتبر هذه المرحلة مرحلة السياسة الصحية الفعلية نظ ار للجهود المبذولة‬

‫ب‬
‫في إطار النهوض بالقطاع الصحي ومحاولة تغطية العجز الذي عرفته المراحل السابقة‪ ،‬مع إعادة تنظيمه‬
‫في شكل طب عمومي من جهة وطب خاص من جهة أخرى‪.‬‬
‫ما يهمنا من خالل هذه اإلطالة هو معرفة ما إذا حققت الموارد واإلمكانيات التي خصصت للقطاع الصحي‬
‫أهدافها؟‬

‫إن قياس الحالة الصحية للمجتمع تكمن من خالل بعض المؤشرات منها‪ :‬نسبة الوفيات‪ ،‬متوسط العمر‬
‫االفتراضي‪ ،‬نسبة التلقيحات‪ ،‬انتشار بعض األوبئة واألمراض وغيرها‪ ،‬واذا قارنا هذه المؤشرات عبر المراحل‬
‫التي عرفها القطاع الصحي نجد أنها عرفت تطو ار وتحسنا ملموسا‪ ،‬لكن هذا التطور غير كافي مقارنة‬
‫بالموارد المسخرة لذلك‪ ،‬وكذلك مقارنة بدول أخرى تنفق أقل مما تنفقه الجزائر وحالتها الصحية أحسن بكثير‬
‫وهنا يجب االعتراف أنه ال يوجد تحسن خطي للحالة الصحية موازي لحجم النفقات الوطنية المخصصة‬
‫لهذا القطاع‪.‬‬

‫من خالل ما سبق عرضه‪ ،‬يتضح أن مشكلة القطاع العمومي هي مشكلة معقدة ترجع لعدة عوامل من‬
‫مرقبة‬
‫أهمها سوء التخطيط والتسيير والمراقبة‪ ،‬ومن هنا تظهر أهمية هذا الموضوع‪ ،‬فلقد أصبح نظام ا‬
‫التسيير من أهم أدوات التسيير الفعالة في المؤسسات حاليا ‪ -‬وان كان غير إجباري بحكم القانون‪ -‬ألنه‬
‫يسمح للمسيرين بالتعرف على وضعية المؤسسة بدقة للوقوف على األخطاء واالنحرافات الناتجة عن تنفيذ‬
‫النشاطات‪ ،‬وبالتالي يساعدهم على اتخاذ الق اررات الالزمة في األوقات المناسبة‪ ،‬كما يحتل هذا النظام‬
‫الصدارة بين نظم المؤسسات الحديثة ويفرض نفسه على كل مسير يريد أن يحقق النجاح وهذا لتمكنه من‬
‫تحقيق عدة أعمال في وقت واحد وهي‪ :‬تحديد األهداف واالستراتيجيات وفي نفس الوقت متابعة تنفيذها في‬
‫الميدان إضافة إلى التنسيق بين مختلف الق اررات واألداءات‪ ،‬خاصة مع المركزية المهام‪ ،‬لجعلها كلها تسعى‬
‫إلى تحقيق األهداف العامة‪ ،‬وبالتالي تقوم مراقبة التسيير هنا بدور الوسيط الذي يربط بين المستوى‬
‫االستراتيجي والمستوى التنفيذي‪.‬‬

‫واذا ما أردنا تقديم تعريف مبدئي وبسيط لمراقبة التسيير في القطاع العمومي فإننا نقول‪ :‬أنها أداة للقيادة‬
‫لكل مسؤول مهما كان موقعه في السلم اإلداري (رئيس مصلحة ال مركزية‪ ،‬أو مسؤول إدارة عمومية ‪)...‬‬
‫ولمسؤولي المستوى األعلى لإلدارة‪ ،‬ولكي يمكن تكييف مراقبة التسيير من طرف األعوان والمسؤولين يجب‬

‫ج‬
‫أن تكون هذه األداة قابلة لإلثراء واإلضافة‪ ،‬وبهذه الصفة يمكن تقديم مراقبة التسيير كوسيلة للمراقبة الذاتية‬
‫كما تعمل على اكتشاف العالقة بين األهداف‪ ،‬الوسائل والنتائج‪ ،‬من أجل تحقيق الفعالية‪ ،‬الكفاءة والمالءمة‪.‬‬
‫ويقصد بالفعالية القدرة على تحقيق األهداف‪ ،‬أما الكفاءة فهي تحقيق األهداف بأقل موارد ممكنة‪ ،‬بينما‬
‫يقصد بالمالءمة توافق األهداف مع الموارد المستخدمة لتحقيقها‪ ،‬وبالتالي فإن هدف مراقبة التسيير هو‬
‫الربط بين القمة (األهداف) والقاعدة (الوسائل والنتائج)‪.‬‬

‫من المتفق عليه أنه ال يوجد نظام لمراقبة التسيير يالئم كل المؤسسات واإلدارات‪ ،‬فهذا النظام البد أن‬
‫يتكيف مع خصوصيات المهام ويأخذ بعين االعتبار ظروف المحيط كذلك‪ ،‬هذا المبدأ العام ينطبق على‬
‫كل المؤسسات سواء كانت ذات طابع تجاري وصناعي أو ذات طابع اداري تخدم الصالح العام‪.‬‬
‫إن أول خصوصيات القطاع العمومي التي ينبغي أن يأخذها نظام مراقبة التسيير بعين االعتبار هي أن‬
‫هذا القطاع ال يخضع للمنافسة وبالتالي فإن طرق مراقبة التسيير المتبعة في ميدان المؤسسات التنافسية‬
‫يجب أن تكيف مع خصوصيات المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬ومن بين هذه الخصوصيات‪ :‬الغايات‬
‫والمهام الخاصة التي تتعلق بالدولة والخدمات العمومية‪ ،‬الثقافة الخاصة أي أهمية مفهوم المصلحة والخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬قواعد التسيير الخاصة كتلك المتعلقة بالمالية العامة والمحاسبة العمومية وتلك المتعلقة بتسيير‬
‫الموظفين ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫بناء على كل ما سبق سنحاول أن نحلل الموضوع انطالقا من طرح اإلشكالية األساسية التالية‪:‬‬

‫كيف يساعد نظام مراقبة التسيير على تحسين فعالية التسيير والجودة المقدمة للخدمات‬
‫في القطاع العمومي والقطاع الصحي بصورة خاصة؟‬

‫من خالل هذا التساؤل الرئيسي قمنا بطرح مجموعة من التساؤالت الفرعية المتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ماهي العالقة التي تربط بين فعالية مراقبة التسيير وفعالية التسيير؟‬
‫‪ -2‬كيف تؤثر فعالية التسيير على الجودة المقدمة لخدمات العالج؟‬
‫‪ -3‬ماهي محددات الفعالية لنظام مراقبة التسيير في القطاع الصحي الجزائري؟‬
‫‪ -4‬كيف تؤثر هذه المحددات على فعالية نظام مراقبة التسيير بهذا القطاع؟‬

‫د‬
‫لإلجابة على االشكالية األساسية لهذا الموضوع قمنا بطرح الفرضية األساسية التالية‪:‬‬
‫تؤثر فعالية مراقبة التسيير تأثي ار ايجابيا على فعالية التسيير والجودة المقدمة للخدمات في القطاع‬
‫العمومي والقطاع الصحي بصورة خاصة‪.‬‬
‫ثم تجزئة هذه الفرضية األساسية الى الفرضيات التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬تؤثر فعالية مراقبة التسيير تأثي ار ايجابيا على فعالية التسيير‪.‬‬


‫‪ -2‬تؤثر فعالية التسيير تأثي ار ايجابيا على الجودة المقدمة لخدمات العالج‪.‬‬
‫‪ -3‬كلما زادت الجودة التقنية لمراقبة التسيير كلما زادت فعالية مراقبة التسيير‪.‬‬
‫‪ -4‬كلما زادت جودة العالقات لمراقبة التسيير كلما زادت فعالية مراقبة التسيير‪.‬‬

‫بناء على تحديد مشكلة البحث والفرضيات األساسية فان الهدف األساسي من هذه الدراسة هو اثبات الدور‬
‫المهم لنظام مراقبة التسيير في تحسين فعالية التسيير وجودة الخدمات المقدمة في القطاع العمومي‬
‫بصفة عامة والقطاع الصحي الجزائري بصفة خاصة‪ ،‬وخصوصا بعدما أصبح مفهوم تحسين األداء يشغل‬
‫اهتمام أطراف عديدة‪ ،‬وذلك من خالل توضيح األثر غير المباشر لهذا النظام على جودة الخدمات المقدمة‬
‫في القطاع الصحي الجزائري‪ ،‬وتوضيح الطريقة التي يمكن من خاللها قياس فعالية مراقبة التسيير‪ ،‬ثم‬
‫تحديد العناصر التي تؤثر على فعالية هذا النظام وتزيد منها‪ ،‬حتى يعمل المسيرين والمسؤولين بهذا القطاع‬
‫على تطويرها من أجل تحسين النظام ككل‪.‬‬

‫لقد قمنا باختيار هذا الموضوع للبحث فيه بعد اطالعنا على أسباب تعثر قطاعنا العمومي في التطور نحو‬
‫تحقيق خدمات عمومية ذات جودة ونوعية تكافئ تلك المقدمة في دول أخرى مع األخذ بعين االعتبار تطور‬
‫حجم النفقات المخصصة في هذا الميدان‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى أصبح اإلنفاق في بعض القطاعات‬
‫العمومية يشكل هد ار لألموال العامة‪ ،‬لذا البد من البحث عن أدوات تساعد على إيقاف هذا النزف وترشيد‬
‫تسيير النفقات بما يسمح بتطوير جودة الخدمات مع االقتراب من أسعار تكلفتها الحقيقية‪ ،‬كما يرجع سبب‬
‫االختيار لنقص الدراسات حول هذا الموضوع على المستوى الوطني فال تزال الدراسات المقدمة في هذا‬
‫الصدد قليلة جدا‪ ،‬باستثناء بعض الدراسات المقدمة في اطار القطاع الخاص مثل أطروحة الدكتوراه المقدمة‬
‫من طرف الباحث قريشي محمد الصغير‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح بورقلة سنة ‪ ،2011‬تحت عنوان "واقع‬
‫مراقبة التسيير في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"‪ ،‬أو بعض الدراسات األخرى المقدمة على مستوى‬

‫ه‬
‫الماجستير‪ ،‬وبالتالي التزال قطاعاتنا العمومية لحد اليوم تعاني نقصا من هذه المواضيع‪ ،‬أما خارج الوطن‬
‫فقد عثرت على بعض الدراسات التي أجريت بخصوص هذا الموضوع نذكر منها‪:‬‬

‫‪- Bouinot Claire, Contrôle de gestion à l’hôpital : Régulation et dynamique instrumentale,‬‬


‫‪thèse doctorat en sciences de gestion, l’école de mines, Paris, 2005.‬‬

‫‪- Allain Elodie, La modélisation des coûts dans le secteur des services : une lecture au‬‬
‫‪travers de l'utilisation de la variable temps, Thèse doctorat en sciences de gestion, Université‬‬
‫‪de Rennes 1, France, 2009.‬‬

‫‪- Togodo Azon Aimé, Impact des Facteurs de Contexte sur le Design des Systèmes de‬‬
‫‪Contrôle de Gestion dans les Collectivités Locales Béninoises : Une Approche Contingente,‬‬
‫‪Thèse doctorat en Sciences Economiques et Gestion, Université de liège, Belgique, 2011/2012.‬‬

‫‪- Petit Nicolas, Le contrôle de gestion logistique hospitalier : pratiques de performance et‬‬
‫‪modélisation des coûts en TDABC, Thèse doctorat en Gestion et Management, Université de‬‬
‫‪rennes 1, France, 2013.‬‬

‫وهي دراسات مهمة تناول كل منها الموضوع من زاوية معينة‪ ،‬وبالتالي فهي غير ملمة بالموضوع بكامله‬
‫إضافة إلى أنها دراسات أعدت لمجتمعات وظروف اقتصادية تختلف عما هو سائد في بالدنا‪ ،‬كما أن‬
‫الجانب التطبيقي لهذا الموضوع اليزال حديث العهد ولم يستوفي الدراسة والبحث الكافيين‪.‬‬

‫ونظ ار للنتائج اإليجابية التي توصلت إليها عند دراستي لهذا الموضوع في رسالة الماجستير‪ ،‬والتي دارت‬
‫حول نظام مراقة التسيير في القطاع الخاص‪ ،‬أردت أن أحاول تعميم االستفادة من هذا النظام من خالل‬
‫تطبيقه في القطاع العمومي‪ ،‬ونظ ار لتعدد مجاالت القطاع العمومي ارتأيت أن يشمل هذا التعميم قطاعا‬
‫محددا بعينه مثل القطاع الصحي‪.‬‬

‫أما من الناحية المنهجية فنجد هنالك عدة مقاربات لدراسة مثل هذه المواضيع مثل المقاربة النسقية أو‬
‫الوظيفية أو التشخيصية‪ ،‬غير أننا ارتأينا وضع موضوعنا هذا في إطار المقاربة التدبيرية باعتماد االتجاه‬
‫المنهجي االفتراضي االستنباطي‪ ،‬بحيث يتم فحص واختبار فرضيات محددة ويتم من خالل النتائج المتوصل‬
‫اليها تحليلها وقراءتها على ضوء المعالم النظرية التي أطرت إلشكالية البحث‪ ،‬والختبار فرضيات البحث –‬
‫خاصة العالقات بين المتغيرات الخاصة بها‪ -‬تم اعتماد عدة مناهج كمية للقياس معتمدين على نماذج‬
‫معينة مناسبة للفرضيات المقترحة كما سيتم تفصيله في حينه‪.‬‬

‫و‬
‫على هذا األساس قمنا بتقسيم بحثنا الى خمسة فصول أساسية خصصت الثالثة األولى منها لعرض الجوانب‬
‫النظرية المتعلقة بنظام مراقبة التسيير‪ ،‬أهدافه‪ ،‬أدواته المختلفة وكذا خصوصياته في القطاع العمومي‪ ،‬أما‬
‫الفصلين األخيرين فقد قمنا من خاللهما بإسقاط للجانب النظري على أرض الواقع‪ ،‬من خالل دراسة قطاع‬
‫الصحة العمومية بالجزائر ومحاولة توضيح الدور المهم الذي يلعبه هذا النظام في تحسين فعالية التسيير‬
‫وجودة الخدمات المقدمة به‪.‬‬

‫ز‬
‫الفصل األول‬
‫مف اهيم أساسية حول التسيير‬
‫والمراقبة في القطاع العمومي‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة الفصل األول‪:‬‬

‫الكل يعلم أن الخدمة العمومية هي نشاط يهدف إلى تحقيق منفعة عامة‪ ،‬لكن إذا تمعنا جيدا في هذا‬
‫المفهوم نجد فيه اختالفات كثيرة‪ ،‬فمثال نجد أن دول شمال أوروبا قد نجحوا في خوصصة الخدمات البريدية‬
‫في حين أن ‪ John major‬الوزير األول لبريطانيا (‪ )1997-1990‬تراجع عن الفكرة ذاتها أمام ضغط‬
‫األوساط السياسية والرأي العام البريطاني‪ ،‬فالخدمات هي خدمات عمومية في مجتمع معين وفي زمن معين‬
‫ومن المستحيل تعيين وبصورة نهائية الحدود بين الخدمة العمومية والخدمة الخاصة (العام‪ /‬الخاص)‪ ،‬فبناؤها‬
‫وتطورها يخضع للحوار السياسي‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬فإذا كان من الصعب إيجاد إطار قانوني واقتصادي للخدمة العمومية‪ ،‬ينبغي الرجوع إلى أصلها‬
‫الكتشاف مسار تطورها وهذا ما سنتعرف عليه من خالل هذا الفصل‪ ،‬حيث سنحاول في البداية من خالل‬
‫المبحث األول تحديد ما يقصد بمصطلح "خدمة عمومية"‪" ،‬منشأة عمومية"‪" ،‬مؤسسة عمومية"‪" ،‬قطاع‬
‫عمومي" و"سلعة عمومية"‪ ،‬فاألمر ال يتعلق بشرح مفردات وانما بتوضيح المفهوم الرئيسي الذي هو "الخدمة‬
‫العمومية"‪ ،‬كما سنتطرق إلى نشاطات الخدمة العمومية والى مقاربة الخدمة العمومية في العلوم االقتصادية‬
‫وأخي ار المقارنة بين الخدمات المقدمة في القطاعين العام والخاص‪.‬‬

‫ثم نتناول في المبحث الثاني موضوع التسيير والتسيير العمومي وذلك بالتطرق إلى مفهوم التسيير ووظائفه‬
‫المختلفة‪ ،‬وعالقة التسيير العمومي بالعلوم األخرى وكذا تسليط الضوء على إشكالية التسيير العمومي وعلى‬
‫مختلف أساليب تسيير الخدمة العمومية‪.‬‬

‫وفي المبحث الثالث واألخير سنتعمق أكثر في وظيفة المراقبة التي تعتبر إحدى أهم الوظائف التسييرية‬
‫والتي تعتمد عليها كل مؤسسة تريد أن تحقق النجاح سواء كانت خاصة أو عمومية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحقل العمومي‬

‫تعد الخدمة العمومية مفهوما قانونيا غير مستقر يكتنفه الغموض‪ ،‬ألنه يتعلق دائما بنشاطات متعددة‬
‫ومختلفة‪ ،‬وبالرغم من جانبه المتغير إال أن لهذا المصطلح تبريراته االقتصادية‪ .‬إن مصطلح الخدمة العمومية‬
‫هو أكثر المواضيع دراسة وأكثرها غموضا في القانون‪ ،‬ألنه يفلت من كل محاولة لتعريف دقيق ومن المالئم‬
‫هنا التذكير أن هذا المصطلح ظهر أوال في أحكام القضاء‪ ،‬حيث استعمل ألول مرة في موقف ‪Blanco‬‬
‫(محكمة النزاعات ‪ 08‬فيفري ‪ )1873‬كمؤشر لتوزيع الكفاءات بين النظام اإلداري والنظام القانوني‪ ،‬وبعد‬
‫هذه الحادثة فقط بدأ مفهوم الخدمة العمومية يتطور ليحتل حجر الزاوية في القانون اإلداري‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البحث عن المصطلح القانوني غير المحدد‬

‫الفرع األ ول‪ :‬الخدمة العمومية كمفهوم معقد‬

‫لم يتمكن أحد من معرفة ما يعنيه مصطلح "الخدمة العمومية" على وجه الدقة‪ ،‬ولم يضع المشرع أي تعريف‬
‫نهائي للخدمة العمومية لكن الصيغة األكثر تداوال في األحكام هي صيغة تارديو ‪ Tardieu‬المتعلقة بموقف‬
‫)‪ ،(Winckell, 1909‬حيث جاء فيها أن "الخدمة العمومية تهدف إلى إشباع الحاجات العامة للسكان أين‬
‫ال يمكن لمبادرة القطاع الخاص أن تضمن إال إشباع ناقص أو متقطع"‪.1‬‬
‫إن مصطلح خدمة عمومية يعني دون تمييز‪ :‬اإلدارات‪ ،‬الموظفين‪ ،‬الشركات العمومية‪ ،‬النشاطات التسويقية‬
‫أو غير التسويقية‪ ،‬الضرائب والرسوم‪ ،‬القيود‪ ،‬األداءات والعقوبات ‪...‬إلخ‪ ،2‬وباختصار فإن هذا المصطلح‬
‫يعني كل ماله عالقة بالدولة أو كل ما يمثلها بما فيها مكونات الجماعات المحلية وكل ما يفترض أن يتكفل‬
‫بالصالح العام‪.‬‬

‫الخدمة العمومية اذن هي شيء وهمي أو خيالي )‪ ،(Mythe‬أو مجرد فكرة أو مفهوم غير موجود أو مرجعية‬
‫إيديولوجية‪ ،‬وقلما تعني مهمة محددة‪ ،‬فالخدمة العمومية في األخير ليست سوى الفكرة التي يضعها كل واحد‬
‫منا وعلى سبيل المثال تعرف النقابات الخدمة العمومية على أنها "كل ما هو معرض للكسر دون أي‬
‫تفصيل"‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Arrêt cité par Bouinot Claire, Contrôle de gestion à l’hôpital: régulation et dynamique instrumentale, thèse‬‬
‫‪doctorat en sciences de gestion, L’école de mines, Paris, 2005, P86.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Galy Philipe, Service public pourquoi ça coince, Eyrolles, Paris, 2005, P4.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Loc cit.‬‬

‫‪3‬‬
‫وفي حين أن هذا المصطلح القانوني غير محدد بدقة فإن اإلخفاقات التي تعزى إليه هي حقيقية‪ ،‬وهذه‬
‫اإلخفاقات يمكن تلخيصها في ثالث مصطلحات‪ :‬اإلفالس‪ ،‬عدم الفعالية‪ ،‬الظلم أو الالعدل‪ .‬والبحث عن‬
‫التفسيرات لهذه اإلخفاقات سمح باكتشاف أصناف من األسباب التي نجدها مرتبطة معا في الحياة اليومية‬
‫للمؤسسات العمومية‪ :‬مشكل التعريف‪ ،‬إذن مشكل القواعد وخاصة قواعد التسيير ومشاكل الوصاية أو‬
‫الصالحيات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬غياب قواعد التسيير في القطاع العمومي‬

‫إن السبب األساسي الذي أدى إلى فشل العديد من القطاعات العمومية هو عدم وجود قواعد حقيقية لإلدارة‬
‫فيها‪ ،‬فبما أنه ال يوجد تعريف قانوني للخدمة العمومية فإنه ال يمكن وضع قواعد لتسيرها وبالتالي ال توجد‬
‫قواعد حقيقية وبالذات قواعد تسييرية‪ ،‬وعلى عكس المؤسسات الخاصة التي تخضع لقواعد محددة وضعت‬
‫كحماية للمساهمين والدائنين والموظفين والزبائن‪ ،‬نجد أن هؤالء غير محميين في القطاع العمومي مما يؤدي‬
‫بهم إلى الدخول في تقاضي غير مضمون النتائج‪ ،‬لكن بالمقابل نجد أن الموظفين يتمتعون بالحماية‪ ،‬ونتيجة‬
‫غياب قواعد لحماية المشاركين والمستفيدين والزبائن فإنه يمكن أن يحدث عكس أو انقالب للصالحيات في‬
‫المؤسسات العمومية‪ ،‬لتصبح الوصاية في الواقع عكس الوصاية النظرية‪.1‬‬

‫فسلم الصالحيات معكوس بالمقارنة مع ما هو موجود في المؤسسات الخاصة "القائد هو الجهة التي تدفع‬
‫والمدفوع له عليه الطاعة"‪ ،‬إن التطور المسموح به للنقابات المسلحة بشن اإلضرابات يعكس مبدأ السلطة‬
‫أو الوصاية القانونية ويثبط اآلليات األولية لتسيير المؤسسات‪.‬‬

‫ومن غير قواعد حقيقية للتسيير خاضعة لسلم إداري ذي تأثير معكوس لما هو مألوف فإن المؤسسات‬
‫العمومية ال يمكنها أن تعمل بصورة جيدة‪ ،‬وهذه المالحظة يجب أن تعدل وفقا للحالة والمكان والزمان‬
‫ومجال النشاط وحجم المؤسسة المعنية‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬كلما كانت المؤسسة العمومية كبيرة كلما قلت‬
‫قابليتها للتسيير واال كيف يمكن تفسير المشاكل في مجال التربية الوطنية‪ ،‬والصحة‪...‬الخ؟‬

‫لذا ينبغي النظر الى المؤسسات العمومية والخاصة على أنها – كائنات حية‪ -‬يجب مراقبة حياتها وتطورها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Galy Philippe, Op cit, P05.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التخلي عن مبادئ الخدمة العمومية‬

‫على الرغم من عدم وجود تعريف واضح ومحدد للخدمة العمومية إال أنه ينبغي أن تخضع إلى مجموعة‬
‫من المبادئ المصاغة من طرف أساتذة القانون وقائمة هذه المبادئ تختلف باختالف الزمن والمؤلفين ولكن‬
‫عادة تتضمن ما يلي‪ ،‬والتي يجب علينا أن نعترف أنها ليست محترمة في الواقع وذلك إما لكونها غامضة‬
‫‪1‬‬
‫أو بسبب التخلي عنها ببساطة‪:‬‬

‫‪ -1‬االستمرارية؟ من الناحية النظرية نجد أن مبدأ االستم اررية للخدمة العمومية يرتكز على المصلحة العامة‬
‫التي تعتبر ضرورية إلنشاء خصوصية المؤسسة اإلدارية وارساء شرعيتها على أساس متين‪ ،2‬وعلى إشباع‬
‫حاجيات المواطنين ومن واجب الدولة ضمان السير المنتظم للخدمة العمومية‪ ،‬وبالتالي فإن هذا المبدأ‬
‫مرادف للخدمة العمومية لكننا في الحقيقة بعيدون عن صياغة ‪" : Duguit‬إن إضراب الموظفين مهما كانت‬
‫الخلفية التي ينطلق منها هو مخالف للقانون ألنه مناقض لمبدأ الخدمة العمومية"‪ ،3‬وبالتالي فإن حق‬
‫اإلضراب يتعارض مع مبدأ االستم اررية وخصوصا أن الدستور يقر بأن اإلضراب هو حق مشروع‪.‬‬

‫‪ -2‬المساواة؟ رغم أن الدولة الجزائرية ما فتأت تبذل الجهود المتوالية إلزالة الهوة الكبيرة الموجودة بين‬
‫مختلف مناطق الوطن إال أننا نالحظ عدم التكافؤ والمساواة في توزيع الخدمات العمومية في جميع المجاالت‬
‫سواء‪ :‬التعليم الصحة‪ ،‬النقل‪ ،‬المياه‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬الغاز‪...‬الخ وال تزال الجرائد تتحدث يوميا عن معاناة السكان‬
‫واحتياجاتهم في هذه البلدية أو تلك من بعض المناطق الريفية وحتى القريبة من العاصمة‪.‬‬

‫‪ -3‬قابلية التكيف؟ يعد التكيف أحد مبادئ الخدمة العمومية‪ ،‬غير أنه غير مطبق بصورة صارمة‪ ،‬فمبدأ‬
‫التكيف يعني أن على المؤسسات العمومية أن تفهم وتحضر نفسها لتطور المجتمع حتى تتمكن من إشباع‬
‫حاجياته والتكيف للتجاوب مع األوضاع الجديدة وبالتالي التمكن من التكيف مع المنافسة واإلدارة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫; ‪- Le Mestre Renan, Droit du service public, Gualino Editeur, Paris, 2005, P353‬‬
‫;‪Lionotte Didier, Romi Raphael, Droit du service public, LexixNexis, Paris, 2007, P37‬‬
‫‪Valette Jean-Paul, Droit des services publics, 2e Edition, Ellipses, Paris, 2013, P125.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Chevalier Jacques, « La gestion publique à l'heure de banalisation », Revue Française de Gestion, Numéro‬‬
‫‪spéciale, 1997, P 27 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Cité par Galy Philippe, Op cit, P10.‬‬

‫‪5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشاطات الخدمة العمومية‬

‫ان تاريخ الخدمات العمومية ثري في هذا المجال حيث يبين كيف أن قطاع الخدمات العمومية يضم في‬
‫نفس الوقت مجموعة واسعة ومتغيرة الشكل‪ ،‬كما يشكل أـولويات تتسع على هيئة دوائر متمركزة لتغطي‬
‫قطاعات كبيرة من الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وفي هذه الحركة المتسعة للخدمة العمومية يمكن تقسيم‬
‫نشاطاتها بصورة تقليدية كما يلي‪:1‬‬

‫الفرع االول‪ :‬النشاطات ذات السيادة )‪(Les activités régaliennes‬‬

‫يتكون لب الخدمة العمومية من نشاطات تحتل قلب هيئة الدولة‪ ،‬إما لكونها تهدف إلى حماية الشعب من‬
‫مخاطر خارجية (الدبلوماسية‪ ،‬الدفاع) ومن عوامل الفوضى الداخلية (الشرطة‪ ،‬العدالة)‪ ،‬واما لكونها توفر‬
‫للدولة الوسائل الضرورية لممارسة مهامها (النقود‪ ،‬الضرائب) وأخي ار إما لكونها تمس عن قرب النظام العام‬
‫باعتبارها عامل لالتصال االجتماعي (الطرق‪ ،‬وحديثا اإلذاعة والتلفزيون)‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النشاطات االقتصادية )‪(Les activités économiques‬‬

‫أدمجت النشاطات االقتصادية مبك ار في حقل الخدمات العمومية لدى بعض الدول ففي فرنسا مثال أدمجت‬
‫صناعة األسلحة والنشاطات التي لها مداخيل ضريبية مثل التبغ والملح التي احتضنتها الدولة وفي نفس‬
‫الوقت لم تمنعها عن القطاع الخاص وهي نشاطات قريبة من الفئة السابقة (نشاطات السيادة)‪ ،‬وابتداء من‬
‫الثالثينيات من القرن الماضي دخلت صناعات كبرى في القطاعات االقتصادية االستراتيجية حيث تشكلت‬
‫على هيئة أقطاب نتيجة موجات متتابعة من التأميمات (‪ )1982–1946-1936‬وفي هذه المرة قامت‬
‫الدولة الفرنسية باالستثمار من أجل تأميم القطاعات المنافسة بحجة التضامن االجتماعي على إثر الحرب‬
‫أو كعقاب بسبب التعاون مع العدو( تأميم البنوك وتأميم صناعة السيارات رونو‪...‬الخ)‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬النشاطات االجتماعية والثقافية )‪(Les activités sociales et culturelles‬‬

‫إن إنشاء نظام للحماية االجتماعية‪ ،‬والضمان االجتماعي والتكفل بالصحة العمومية‪ ،‬والسكن االجتماعي‬
‫ومساعدة المسنين والمعوقين‪...‬الخ‪ ،‬يؤكد دور الدولة كمساعد اجتماعي‪ .‬وبالتوازي فإن النشاطات الثقافية‬
‫من نوع المكتبات العمومية‪ ،‬المتاحف‪ ،‬األرشيف‪ ،‬الرياضة والحفالت أصبحت تعتبر تدريجيا تابعة للخدمة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouinot Claire, Op cit, P87.‬‬

‫‪6‬‬
‫العمومية‪ ،‬وأمام هذا التقدم للخدمات العمومية بدأ البعض يتساءل بحيرة إذا ما سيصبح كل شيء تابعا‬
‫للخدمة العمومية وبهذا تولد شعور بانتشار الخدمة العمومية لتعم كل المجاالت بسبب تنوع أنماط تدخل‬
‫الدولة‪ ،‬فإذا كان في البداية تعريف الخدمة العمومية يغطي بدقة بعض التدخالت للدولة فإن التطور‬
‫االقتصادي واالجتماعي أدى إلى انحالل أو تفكك العناصر التقليدية للخدمة العمومية‪.‬‬

‫وحتى نهاية القرن ‪ 19‬لم يكن هناك هيئة عمومية خارجة عن تسيير الخدمة العمومية وال خدمة عمومية‬
‫خارجة عن الهيئات العمومية لكن في بداية القرن ‪ 20‬قامت الدولة من خالل هيئاتها المحلية بتوسيع‬
‫تدخالتها لتشمل النشاطات ذات المنفعة العامة المشكوك فيها وبالتدريج أصبحت هناك خدمات عمومية‬
‫مسيرة من طرف الخواص وبالتالي فإن التطابق الذي كان موجودا بين مصطلحي الخدمة العمومية والشخص‬
‫العمومي اختفى وأصبح مفهوم الخدمة العمومية غير محدد وعليه فإن مفهوم الخدمة العمومية هو مفهوم‬
‫متطور (خروج نشاطات من الخدمات العمومية والعكس)‪ ،‬وهذا يبين أنه ال توجد خدمة عمومية بالطبيعة‬
‫باستثناء ربما وظيفة السيادة وأكثر من ذلك فإن ليس للخدمة العمومية قيمة مطلقة ال في الزمان وال في‬
‫المكان وعليه ينبغي أن يحدد هذا المفهوم في سياق تاريخي حسب كل دولة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مقاربة الخدمة العمومية في العلوم االقتصادية‬

‫الخدمة العمومية مفهوم معقد باعتباره ناتج عن اندماج محكم لمفاهيم قانونية وايديولوجية في نفس الوقت‬
‫وحسب مسارها التاريخي‪ ،‬يميل المرء إلى االعتقاد أن توسع نطاقها في المجاالت االقتصادية واالجتماعية‬
‫يتم دون تحديد مسبق للنهاية (أي دون قصد)‪ ،‬بل عن طريق الصدف المتتالية الناجمة عن ضغط الظروف‬
‫وهذه تختلف من بلد إلى آخر‪ ،‬ففي فرنسا مثال يمكن ذكر‪ :‬الظروف االقتصادية الصعبة التي مرت بها‬
‫البالد (األزمة االقتصادية واالجتماعية في القرن ‪ 19‬وسنوات ‪ ،1970‬إعادة البناء والتعمير بعد الحرب)‬
‫القوى السياسية (الجبهة السياسية بعد ‪ ،1936‬الحزب االشتراكي سنة ‪...1981‬الخ)‪ ،‬أما في الجزائر فيمكن‬
‫أن نذكر الظروف التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الظروف المزرية التي تركها االستعمار بعد االستقالل في مختلف المجاالت االقتصادية والتعليمية‬
‫والصحية‪...‬‬

‫منهار‪.‬‬
‫ا‬ ‫‪ -‬الوضعية المالية للدولة الجزائرية غداة االستقالل حيث ورثت خزينة فارغة واقتصادا‬

‫‪ -‬الخيارات السياسية الواردة في مواثيق الثورة التحريرية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬الضغوطات والتغيرات الداخلية والخارجية التي دفعت الدولة للتحول من نظام االقتصاد الموجه إلى نظام‬
‫االقتصاد الحر‪...‬‬

‫وعليه ومن هذه النواة المعقدة‪ ،‬تنبثق ثوابت ذات طبيعة اقتصادية لكنها لم تستعمل إال كأدلة من الدرجة‬
‫الثانية في تشريع تدخالت الدولة‪ ،‬مع أن نتائج النظرية االقتصادية تهمنا فيما يتعلق بمساعدتنا على تصنيف‬
‫الخدمات العمومية وفق معايير أخرى غير قانونية وهو ما يسمح لنا برؤية أوضح في هذا المجال المعقد‪.‬‬

‫إن تدخل السلطات العمومية في تسيير وانتاج السلع هو أمر مبرر حسب النيوكالسيكيين‪ ،‬وذلك عندما‬
‫يعجز السوق عن ضمان آليات عادية للتبادالت وتحديد األسعار بسبب طبيعة السلع‪ ،‬فتحقيق التعظيم‬
‫االقتصادي يفرض على الهيئات العمومية أن تتولى بنفسها إنتاج سلعها وتشركها كليا أو جزئيا من حيث‬
‫االستفادة وفق منطق السوق‪ ،‬وهذه السلع توصف بأنها‪ :‬سلع جماعية صرفة أو مختلطة‪ 1‬وتسمى كذلك‬
‫عمومية صرفة أو مختلطة‪.‬‬

‫تستند نظرية السلع الجماعية في جزئها األكبر على أعمال ‪ Samuelson‬في بداية الخمسينات‪ 2‬فالسلع‬
‫الجماعية الصرفة على عكس السلع الخاصة تتصف "بعدم قابليتها للتجزئة" وهذه الصفة تضم خاصيتين‬
‫هما‪ :‬عدم المنافسة )‪ ( La nom rivalité‬وعدم اإلقصاء )‪.(La nom exclusion‬‬

‫‪ ‬فعدم المنافسة تعني أن استغالل أحد السلع الجماعية من طرف شخص ما ال يعيق استغاللها‬
‫من طرف أشخاص آخرين‪ ،‬ويفضل ‪ 3Laffont‬التكلم عن استهالك واتالف السلع باالستعمال‬
‫وغياب هذا االستهالك حسب هذا االقتصادي هو ما يميز السلعة الجماعية عن السلعة الخاصة‪.‬‬

‫‪ ‬وعدم االقصاء يعني أنه من المستحيل تقنيا أو مكلفا للغاية إقصاء بعض األشخاص من التمتع‬
‫بالسلعة‪ ،‬أي أن للجميع حق االستمتاع بهذه السلعة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouinot Claire, Op cit, P89.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Samuelson Paul A, The pure theory of public expenditure, The Review of Economics and Statisics, Vol 36‬‬
‫; ‪n° 4, 1954, pp387-389‬‬
‫‪et Diagrammatic exposition of theory of public expenditure, The Review of Economics and Statisics, Vol 37‬‬
‫‪n° 4, 1955, pp350-357.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Laffont Jean Jacques, Cours de théorie microéconomique-économie de l’incertain et de l’information-‬‬
‫‪Economica, paris, 1991.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪1‬‬
‫إن السلع الجماعية الصرفة نادرة‪ ،‬وبالمقابل توجد تشكيلة جد مهمة من السلع الجماعية المسماة "بالمختلطة"‬
‫عندما ال تحقق معيار عدم االقصاء‪ ،2‬كما أن التكفل بإنتاج السلعة الجماعية من طرف الدولة ال يبرر‬
‫بنفس الطريقة عندما يتعلق األمر بالسلعة الجماعية الصرفة والسلعة الجماعية المختلطة‪ ،‬ففيما يتعلق بالسلع‬
‫الجماعية الصرفة وباعتبارها تمتاز بخاصية "عدم االقصاء" فإنها توضع تحت تصرف الجميع بمجرد أن‬
‫يستفيد منها شخص واحد فاإلنتاج ال يتعلق بعدد المستفيدين أو المستهلكين وال يكون بمقابل مثل‪ :‬اإلضاءة‬
‫العمومية‪ ،‬وفي مثل هذه الحالة ال توجد أي مؤسسة يمكنها أن تقوم بإنتاج سلعة بصورة مجانية‪ ،‬كما أن‬
‫إنتاج هذا النوع من السلع ال يمكن أن يتكفل به إال السلطات العمومية التي يمكنها تمويله بطريقة غير‬
‫طريقة تقاضي الثمن أي عن طريق الضريبة‪.‬‬

‫أما في حالة السلع العمومية المختلطة فيمكن تنظيم إقصاء للمستهلكين‪ ،‬والحصة العمومية التي ال يمكن‬
‫تبريرها بصورة عقالنية تركز على مبررات أخرى مختلفة تماما لبعض هذه السلع‪ :‬أهمية التكاليف الثابتة‬
‫المحملة من طرف المنتجين‪ ،‬وفي الواقع يمثل عامل "عدم المنافسة" على مستوى العرض انخفاض في‬
‫التكلفة الهامشية‪ ،‬أي أن التكلفة الناتجة عن استهالك السلعة من طرف شخص إضافي هي معدومة تقريبا‬
‫وأقل من التكلفة المتوسطة‪ ،‬وهي من باب أولى إذا كانت االستثمارات األساسية مرتفعة (مثل النقل بواسطة‬
‫السكك الحديدية)‪.‬‬

‫ووضعية اإلنتاج األعظمي إذا أردنا تخفيض التكاليف هي االحتكار الذي يدعى في هذه الحالة (االحتكار‬
‫الطبيعي) بينما تخفيض اإلنتاج من طرف مؤسسة خاصة ووحيدة (ال توجد منافسة) لمثل هذه السلعة يشكل‬
‫خط ار على المستهلكين حيث يتمثل في تكوين دخل عن طريق تطبيق سعر مرتفع من أجل كمية قليلة‬
‫وبالتالي على السلطات العمومية أن تتكفل بإنتاج هذه السلعة لحماية المستهلكين أو أن توكله إلى مسير‬
‫خاص بشروط دقيقة وجد منظمة‪ ،‬وفي صنف المؤسسات التي تمارس نشاطها في إطار االحتكار الطبيعي‬
‫يمكن أن نذكر سونلغاز مثال‪ ،‬والشكل التالي يبين تصنيف السلع حسب المقاربة االقتصادية الكالسيكية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Inge Kaul, Grunberg Isabelle, Stern Marc A., Global Public Goods, International Cooperation in the 21 St‬‬
‫‪Century, Oxford University Press, New york, 1999, P4.‬‬
‫‪ -2‬في أدبيات االقتصاد نجد قليل من السلع التي تتصف في نفس الوقت بالمنافسة وعدم االقصاء مثل‪ :‬الصيد في أعالي البحار أو الفضاء أو حتى‬
‫الحيوانات والنباتات البرية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 1.1‬التصنيف الكالسيكي للسلع العمومية والخاصة‬

‫عدم اإلقصاء‬ ‫اإلقصاء‬ ‫‪+‬‬


‫سلع عمومية مختلطة‬ ‫سلع خاصة‬

‫الصيد‬ ‫‪-‬‬ ‫الخبز‬ ‫‪-‬‬


‫النباتات والحيوانات البرية‬ ‫‪-‬‬ ‫المسكن‬ ‫‪-‬‬
‫الغالف الجوي‬ ‫‪-‬‬ ‫الحليب‬ ‫‪-‬‬
‫اللقاح‬ ‫‪-‬‬
‫العالج‬ ‫‪-‬‬ ‫المنافسة‬
‫بالمستشفيات‬
‫التعليم‬ ‫‪-‬‬
‫المسرح‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬

‫سلع عمومية صرفية‬ ‫سلع عمومية مختلطة‬ ‫‪-‬‬


‫النمو االقتصادي‬ ‫‪-‬‬ ‫نقل البريد‬ ‫‪-‬‬
‫العدالة‬ ‫‪-‬‬ ‫النقل بالسكك الحديدية‬ ‫‪-‬‬
‫الدفاع الوطني‬ ‫‪-‬‬ ‫البحث والتطوير‬ ‫‪-‬‬ ‫عدم المنافسة‬
‫الطقس‬ ‫‪-‬‬ ‫موجات التلفزيون‬ ‫‪-‬‬
‫ضوء القمر‬ ‫‪-‬‬ ‫احترام القوانين‬ ‫‪-‬‬
‫‪+‬‬
‫المصدر‪Bouinot Claire, Op cit, P90 :‬‬

‫وخارج هاتين الحالتين‪ ،‬يمكن تبرير تدخل الدولة ليس باالعتماد على نموذج إنتاج ولكن على تطبيق‬
‫لالستهالك‪ ،‬حتى إذا كانت السلعة أحيانا تتميز بخصائص السلعة العمومية بصورة واضحة (عدم المنافسة‬
‫وعدم اإلقصاء) أو معدومة‪.‬‬

‫فالسلطات العمومية تشجع أو تثبط إنتاج السلع حسب العوامل الخارجية السائدة عند استهالك السلع من‬
‫طرف الشخص‪ ،‬ايجابيا أو سلبيا‪ ،‬أي االيجابيات والسلبيات التي يشعر بها غير المستهلكين والتي تبدو لهم‬
‫هامة (مفهوم المصلحة العامة)‪ ،‬فالتطعيم الذي هو ممتلك خاص في األساس هو مثال جيد‪ :‬حيث يقلل من‬
‫خطر اإلصابة بمرض معدي ليس فقط بالنسبة لألشخاص الملقحين بل كذلك ألقاربهم‪ ،‬وعليه فإن بعض‬
‫تأثيرات استهالك السلعة يشعر بها غير المستهلكين كذلك(عنصر عدم المنافسة) ويكون من الصعب أو‬
‫المستحيل منعهم من االستفادة من العوامل الخارجية (عنصر عدم اإلقصاء)‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫بين )‪ (Xavier Greffe, 1999‬أنه عندما تتطابق السلعة الخاصة (التطعيم مثال) مع السلعة العمومية‬
‫الصرفة (تأثيرات خارجية) فإننا نكون أمام سلعة جماعية‪ ،1‬ونشير إلى أنه غالبا ما تمتاز السلعة المقصودة‬
‫(السلعة الجماعية) بخاصية "عدم المنافسة" (التربية والمسرح) وفي هذه الحالة نقول أن السلعة موضوعة‬
‫تحت الوصاية )‪ (sous tutelle‬وبالتالي تتدخل الدولة كمنظم باإلضافة إلى تدخلها كمنتج وخاصة عندما‬
‫يتم إعالم المستهلكين بصورة ناقصة أو بصورة غير متساوية ومتكافئة مثال (العناية الصحية وبصورة‬
‫خاصة التطعيمات)‪ ،‬أو عندما يقوم المستهلكون بتصرفات غير عقالنية (التخلي عن التعليم وروضات‬
‫األطفال بسبب األسعار المرتفعة)‪ ،‬ودور الوصاية في هذه الحالة سيظهر بتدخل الدولة لصالح الطبقات‬
‫االجتماعية الضعيفة حتى تمكنها من االستفادة من السلعة‪ ،‬وذلك بإعالمهم عن طريق القيام بحمالت‬
‫إشهارية للتطعيم مثال أو بتغيير التسعيرات بالشكل الذي يتماشى مع مداخيلهم (العالج باستعمال فرق طبية‬
‫متنقلة) هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى عندما تكون السلعة ضرورية فتتكفل الدولة بإنتاجها‪ ،‬فإن تدخل‬
‫الدولة هنا يبرر ليس فقط لتحسين منح دون المستوى األمثل ولكن في الغالب لضمان إعادة التوزيع‪ ،‬أي‬
‫لتصحيح عدم المساواة والتكافؤ في الفرص منذ البداية‪ .2‬وتشكل النشاطات االجتماعية والثقافية أغلبية السلع‬
‫الموضوعة تحت الوصاية )‪ (bien tutélaire‬لكنها ال تؤدي إلى إنتاج احتكاري في الغالب‪ ،‬بما أنه توجد‬
‫شراكة بين النشطاء الخواص والعموميين في الميادين المتعلقة بروضات األطفال والمدارس والعناية‬
‫الصحية‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وفي هذا المستوى من التحليل‪ ،‬من المهم اإلشارة إلى أعمال االقتصادي ‪ I. Kaul‬بخصوص السلع العمومية‬
‫ألنه قام بتجديد النظريات الكالسيكية‪ ،‬وبالفعل بين ‪ I.Kaul‬أن المقاربة التقليدية للسلع العمومية التي تعتمد‬
‫على أعمال )‪ (Samuelson, 1954‬لم تعد تتماشى مع الواقع الحالي وحسب ‪ I.Kaul‬فإن الخصائص‬
‫الجوهرية للسلعة العمومية (عدم المنافسة وعدم اإلقصاء) هي مجرد عوامل محتملة تسند إلى السلعة‬
‫العمومية‪ ،‬محتملة ألن الوقائع تبين أن هذه الخصائص مرنة وقابلة للتعديل من طرف الدولة بصورة خاصة‪.‬‬
‫وفعال يمكن لهذه األخيرة أن تجعل من سلعة مقدمة مبدئيا كسلعة عمومية من طرف أصحابها سلعة خاصة‬
‫مثال‪ :‬المعرفة الطبية المحمية بواسطة شهادة )‪ ، (un Brevet‬قناة تلفزيونية خاصة للمشاركين المالكين‬
‫كابل بمقابل‪ ،‬وبالعكس يمكن للسلعة الخاصة حسب خصائص (عدم المنافسة وعدم اإلقصاء) أن تحول‬

‫‪1‬‬
‫‪- Greffe Xavier, Economie des politique publiques, 2 édition, Dalloz, Paris, 1999, P130.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- I bid, P146.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Kaul Inge, Public Goods: a positive analysis, In Advancing public goods, Edited by Jean-philippe Touffut‬‬
‫‪Edward Elgar, UK,USA, 2006, PP13- 39.‬‬

‫‪11‬‬
‫إلى سلعة عمومية وذلك بتدخل الدولة فتحول باستخدام إجراءات مختلفة خاصية "اإلقصاء" إلى "عدم‬
‫اإلقصاء"‪ ،‬وهذه الحالة تتجسد بصورة خاصة في السلع التي أسميناها "سلع كمالية" مثل الصحة والتعليم‬
‫بحيث تبادر الدولة باتخاذ إجراءات تهدف إلى تحقيق خاصية عدم اإلقصاء للسلعة مثل‪ :‬فرض مجانية‬
‫التعليم والصحة لضمان استفادة الجميع كما هو الحال في الجزائر وبالتالي فان ‪ I.Kaul‬يتحدث عن "منافسة‬
‫السلع وعدم اإلقصاء"‪.‬‬

‫للتلخيص يمكننا القول أن الحدود بين السلع العامة والسلع الخاصة متغيرة ومتطورة عبر الزمن وهي تعتمد‬
‫على خيارات السياسة العمومية‪ ،‬الثقافية الوطنية ‪ ،‬مستوى المعيشة والتعليم للبلدان‪ ،‬وعلى سبيل المثال فإن‬
‫الخدمة الصحية المصنفة كسلعة عمومية في دول أوروبا الغربية والجزائر تصنف كسلعة خاصة لدى‬
‫الحكومة األمريكية‪.‬‬

‫والجدول الموالي يعرض التصنيف الجديد للسلع التي تأخذ بعين االعتبار األعمال الحديثة المتعلقة بالسلع‬
‫العمومية وبصورة خاصة أعمال ‪:I.Kaul‬‬

‫‪12‬‬
‫الشكل رقم ‪ :2.1‬التصنيف الجديد للسلع العمومية والسلع الخاصة المستوحى من أعمال ‪I. Kaul‬‬

‫اإلقصاء (الميدان الخاص)‬

‫السلع المنافسة التي تحولت ‪ /‬بقيت جزئيا‬ ‫السلع الخاصة‪:‬‬


‫تخضع لخاصية اإلقصاء‪:‬‬ ‫‪ -‬الخبز‬
‫‪ -‬المدرسة الخاصة‬ ‫‪ -‬المسكن‬
‫‪ -‬المسرح الخاص‬ ‫‪ -‬الحليب‬ ‫المنافسة‬
‫‪ -‬رخصة وحصة الصيد البحري‬
‫‪ -‬رخصة الصيد في المناطق المحمية‬
‫‪ -‬حصة التلوث‬

‫السلع المنافسة التي تحولت‪ /‬بقيت تخضع لخاصية عدم‬


‫االقصاء‪:‬‬
‫‪ -‬الصيد في أعالي البحار‬
‫‪-‬النباتات والحيوانات البرية‬
‫‪ -‬الغالف الجوي‬
‫‪ -‬التطعيم المجاني للجميع‬
‫‪ -‬العالج في المستشفيات للجميع‬
‫‪ -‬التعليم (المدرسة اإللزامية المجانية)‬
‫‪ -‬المسرح العمومي في األماكن العامة المجاني‬

‫السلع العمومية الصرفة‪:‬‬ ‫السلع غير المنافسة التي تحولت ‪ /‬بقيت تخضع‬
‫‪ -‬النمو االقتصادي‬ ‫لخاصية االقصاء‪:‬‬
‫‪ -‬العدالة‬ ‫‪ -‬الحدائق والمنتزهات مقابل الدفع‬
‫‪ -‬الدفاع الوطني‬ ‫‪ -‬الطرق المستعملة بمقابل رسم‬
‫‪ -‬الطقس (األحوال الجوية)‬ ‫‪ -‬القنوات التلفزيونية ذات الكابل‬
‫‪ -‬ضوء القمر‬ ‫‪ -‬نقل البريد الخاص بالمهنيين في المراكز‬
‫السكنية‬
‫‪ -‬براعة اختراع المعرفة‬ ‫عدم المنافسة‬
‫‪ -‬الحقوق القانونية‬
‫السلع غير المنافسة التي تحولت‪/‬بقيت تخضع‬
‫لخاصية عدم االقصاء‪:‬‬
‫‪ -‬الحدائق والمنتزهات العمومية‬
‫‪ -‬الحفالت الموسيقية في األماكن العامة وبدون‬
‫دفع‬
‫‪-‬الطرق الوطنية المجانية‬
‫‪ -‬القنوات التلفزيونية العمومية‬
‫‪ -‬نقل البريد بأسعار منخفضة الى كل األماكن‬
‫‪ -‬المعارف العامة‬

‫عدم االقصاء (الميدان العام)‬

‫المصدر‪kaul Inge, (2006), Op cit, P17 :‬‬

‫‪13‬‬
‫وباختصار يمكن أن نستخلص مما سبق أن تدخل الدولة أو الجماعات المحلية كمنتج للسلع والخدمات‬
‫يمكن تبريره في ثالث حاالت‪:‬‬

‫‪ -‬السلع العمومية الصرفة بسبب عدم قابليتها للتجزئة‪.‬‬

‫‪ -‬السلع العمومية المختلطة المنتجة ضمن االحتكار الطبيعي‪ ،‬بسبب إنتاجها بمردودية متنامية‪.‬‬

‫‪ -‬السلع الموضوعة تحت الوصاية بسبب وجود عوامل خارجية االيجابية أو السلبية والتي ترغب الدولة في‬
‫تشجيعها أو تخفيضها‪.‬‬

‫وفي الحاالت الثالث تتعلق هذه السلع بالمصلحة العامة‪ ،‬لكن إنتاجها يتم بطرق مختلفة‪ :‬االحتكار التفويض‬
‫أو المنافسة المراقبة والتي سنتطرق اليها بالتفصيل في المبحث الثاني‪.‬‬

‫في هذه المرحلة من المناسب مالحظة أن المذهب االقتصادي يتكلم عن السلع العمومية وليس عن الخدمات‬
‫العمومية أي أن كل سلعة عمومية – بما فيها السلع الكمالية‪ -‬التي تتكفل بها شخصية معنوية خاضعة‬
‫للقانون العمومي تمثل خدمة عمومية‪ ،‬ويمكن اإلشارة أن الخصائص االقتصادية للسلع العمومية المحددة‬
‫هنا‪ :‬عدم االهتالك باالستعمال‪ ،‬عدم اإلقصاء والظواهر الخارجية تساهم جميعا في مشكل القياس‪ :‬قياس‬
‫التكاليف الفردية (التكلفة الكلية مستقلة عن عدد المستهلكين)‪ ،‬قياس عدد المستهلكين‪ ،‬قياس األثر (على‬
‫ضوء العوامل الخارجية)‪...‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬جودة الخدمات في القطاع العمومي‬

‫تعتبر المقارنة بين القطاع العمومي والقطاع الخاص مثيرة في جميع الميادين وهناك العديد من األمثلة على‬
‫ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬ففي التربية الوطنية‪ ،‬يسعى األولياء للفرار من القطاع العاومي ونظامه الموحد واضراباته واخفاقاته‬
‫لالنضمام إلى القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬وفيما يخص الخدمات الحضرية والخدمات ذات الطابع الصناعي مثل نظافة محيط المدنية فإن اإلدارة‬
‫العمومية هي أكثر تكلفة وأقل تكيفا ألداء هذه المهمة بالنسبة للقطاع الخاص‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -‬أما فيما يتعلق بالنقل العمومي‪ ،‬وعندما تكون الشروط التقنية متطابقة بين القطاع العمومي والخاص‬
‫فإن التكلفة ونوعية الخدمات هي أحسن وأجود في القطاع الخاص‪ ،‬باستثناء حالة النقل عندنا التي مرت‬
‫بظروف خاصة شهدتها البالد مما أفقد القطاع الخاص التنافس االيجابي الذي يسمح بتقديم خدمات ذات‬
‫جودة في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ -‬وفي ميدان السكن االجتماعي‪ ،‬فإن المؤسسات الخاضعة للتسيير الخاص تقدم خدمات أفضل من‬
‫المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬كما يوجد العديد من األمثلة التي يمكن استخراجها من المراجع ومعطيات مصالح الضرائب حول جودة‬
‫الخدمات في القطاع الخاص بالمقارنة مع القطاع العام وذلك في ميادين‪ :‬الصحة‪ ،‬األمن‪ ،‬التعليم‪...‬الخ‪.‬‬

‫من المؤكد أن القطاع العمومي يحتوي على وحدات تعمل بصورة جيدة وبفعالية والتي يفضل أن توكل إليها‬
‫المهام الصعبة والحساسة‪ :‬وهي حاالت استثنائية تؤكد القاعدة‪ ،‬ومما ال جدال فيه أن القطاع العام هو أقل‬
‫نشاطا وأقل تكيفا وأكثر تكلفة من القطاع الخاص في ميادين متماثلة‪ ،‬حيث تشكل المؤسسة العمومية تحديا‬
‫حقيقيا ألنها ال تندرج ضمن نموذج المؤسسة التقليدية في اقتصاد السوق الذي يخضع جميع معايير التسيير‬
‫إلى تعظيم الربح أو المردود المالي‪ ،‬وينتج عن ذلك إما أن يجتهد مسيروه عبثا إلى إخضاعه إلى المنطق‬
‫البحت القتصاد السوق‪ ،‬أو في الغالب ال يهتمون بنتائجه في هذا المستوى معتبرين أن األمر يتعلق "بحيوان‬
‫سياسي ‪ "animal politique‬يتحدى قوانين األعظمية االقتصادية‪ ،‬حيث ال يمكنه أن يزدهر على ما يبدو‬
‫إال في األوساط المريحة نسبيا أي في حالة االحتكار و‪/‬أو التمويل المفضل ‪.1‬‬

‫فضال عن هذه األسباب السابقة الذكر فإن لكل قطاع أسبابه الخاصة والتي أدت إلى تدني جودة الخدمات‬
‫به‪ ،‬فعلى سبيل المثال نذكر قطاع الصحة باعتباره قطاع حيوي وهام وباعتبار أن دراسة حالتنا ستتركز‬
‫عليه ارتأينا أن نتعمق أكثر في أسباب تدني الخدمات به‪ ،‬فبالرغم من كل ما قدمته الدولة لقطاع الصحة‬
‫من دعم واهتمام ظلت مستويات الخدمة الممنوحة للمواطنين ال ترقى إلى مستوى معايير الصحة المنشودة‬
‫خاصة في المناطق الريفية التي ال تزال وحداتها الصحية تعاني من نقص كبير في األطباء المتخصصين‬
‫في المجاالت المختلفة وكذلك نقص التجهيزات الالزمة بما فيها غرف العمليات واألدوات الالزمة للكشف‬
‫وهو ما يتسبب في موت سيدة أثناء الوالدة أو موت مواطن بسبب زائدة دودية منفجرة أو انسداد في‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ruffat Jean, « Finaliser la gestion de l’entreprise publique », Politique et Management Public, Vol 1, n° 1‬‬
‫‪1983, P86.‬‬

‫‪15‬‬
‫األمعاء‪ ...‬ألن أقرب حجرة عمليات بها طبيب تخدير وأخصائي موجودة على مسافات بعيدة قد تصل إلى‬
‫مئات الكيلومترات‪ ،‬لذلك يجب التوقف عند أسباب شيوع هذه الحالة من الفساد والمرتبطة بتدهور مستوى‬
‫الخدمة‪ ،‬والسعي لتفسيرها والتعرف على جذورها حتى يمكن وضع حزمة فاعلة من الحلول‪.‬‬

‫إن تحديد هذه األسباب وترتيبها حسب األولوية يحتاج إلى دراسة ميدانية معمقة‪ ،‬لكن من حيث المبدأ يمكننا‬
‫‪1‬‬
‫إعطاء جملة من األسباب األولية وهي‪:‬‬

‫‪ -‬االستثمار في الصحة وجه لترميم الهياكل القديمة الموروثة من العهد االستعماري أكثر مما وجه لبناء‬
‫هياكل جديدة‪ ،‬كما أن المبالغ المصروفة وجهت في كثير من األحيان لتزين قاعات االستقبال والم ارفق‬
‫اإلدارية‪ ،‬وهو ما أدى إلى صرف مبالغ ضخمة دون توسيع طاقة االستقبال بصورة ملموسة‪.‬‬

‫‪ -‬عدم االهتمام بالعنصر البشري العامل بهذا القطاع‪،‬ـ سواء من ناحية التدريب والتكوين أو من ناحية‬
‫التحفيزات المادية‪ ،‬مما أدى إلى هجرة الكفاءات وهو ما يعتبر نزف حقيقي لهذا القطاع‪ ،‬حيث نالحظ أن‬
‫‪ % 16‬من األطباء األجانب بفرنسا هم جزائريون‪.‬‬

‫‪ -‬كل هذه األسباب سواء تلك المتعلقة بسوء التسيير أو المتعلقة بنقص الكفاءة المهنية‪ ،‬أدت إلى تزايد‬
‫اإلهمال واألخطاء الطبية مما أفقد الثقة بالقطاع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Lechab Safa, «La transparence et la lutte contre la corruption dans le secteur de la sante », journée d’étude‬‬
‫‪sur le développement du système de la santé en Algérie, Faculté des sciences économiques et de gestion Université‬‬
‫‪Saad Dahleb, Blida, le 09 juin 2009.‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التسيير والتسيير العمومي‬

‫يعتبر التسيير بمثابة المرآة التي يمكن بواسطتها إعطاء صورة حقيقية عن نشاطات أي مؤسسة وذلك‬
‫نتيجة تطبيق مبادئه ووظائفه بصرامة والتي تعتبر أساسية لنجاح العملية التسييرية‪ ،‬إن الهدف من أي عملية‬
‫تسييرية هو الوصول إلى أقصى األهداف المسطرة من طرف المؤسسة وبأقل تكلفة ممكنة وذلك على أساس‬
‫اإلمكانيات المتوفرة لديها‪ ،‬وكذلك اتخاذ الق اررات المناسبة لمعالجة المشاكل اليومية والمشاكل المتصلة‬
‫بالتخطيط الطويل األجل‪ ،‬وعليه فإن العملية التسييرية هي عملية أساسية لنجاح أي مؤسسة سواء كانت‬
‫تابعة للقطاع العام أو الخاص‪.‬‬

‫المطلب األ ول‪ :‬تعريف التسيير وتحديد وظائفه‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التسيير‬

‫يشمل مصطلح التسيير (‪ )Management–Gestion‬على عدة مرادفات‪ :‬كالقيادة (‪ )Pilotage‬اإلدارة‬


‫(‪ ،)Administration‬التوجيه (‪ )Direction‬لكن عموما يستخدم مصطلحي اإلدارة والتوجيه للداللة على‬
‫مهام السلطة العليا فقط للمؤسسة بينما يستخدم مصطلحي التسيير والقيادة للداللة على المهام التي يقوم بها‬
‫المسؤولون في كافة المستويات التنظيمية للمؤسسة – العليا‪ ،‬الوسطى‪ ،‬التنفيذية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أهمية التسيير في كافة األعمال واألنشطة اإلنسانية‪ ،‬إال أنه ال يوجد اتفاق واضح وأكيد‬
‫بين الخبراء والباحثين في مجال التسيير على تعريف موحد أو شامل‪ ،‬فمصطلح التسيير ال يزال غير محدد‬
‫بدقة وهو يحمل معاني ومفاهيم مختلفة‪ ،‬والدليل على هذا التعاريف المختلفة الموجودة بهذا الخصوص والتي‬
‫يمكن عرض بعضها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬فبالنسبة لـ ‪ Taylor‬التسيير هو "أن تعرف بالضبط ماذا تريد‪ ،‬ثم تتأكد من أن األفراد يؤدونه ويسهرون‬
‫على تأديته بأفضل وأقل تكلفة"‪.1‬‬

‫‪ -‬أما ‪ Cuendet‬فقد عرفه على أنه "عملية تهدف إلى تحقيق األهداف المسطرة من طرف أي نظام عمل‬
‫اجتماعي وكل جزء من أجزائه باستخدام موارده المتاحة"‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Taylor Fredirek Winslow, Shop management, Harper & Brothers,New york 1913, P21.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cuendet Gaston, Dynamique de la gestion, Presse polytechniques romandes, Suisse, 1982, Volume II, P12.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬وعرف ‪ Stoner‬و‪ Freeman‬التسيير على أنه مسار التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬القيادة‪ ،‬ومراقبة الجهود المبذولة‬
‫من طرف أعضاء المؤسسة‪ ،‬واستعمال كل الموارد المتاحة لتحقيق أهداف المؤسسة‪ .1‬وقد مثال هذا المسار‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ : 3.1‬الطبيعة التفاعلية ألنشطة التسيير‬

‫البيئة الخارجية‬

‫التخطيط‪Planning :‬‬ ‫التنظيم‪Organising :‬‬

‫المسيرون يستخدمون المنطق وطرق‬ ‫المسيرون يرتبون ويوزعون العمل‬


‫التفكير من خالل األهداف والنشاطات‬ ‫والسلطة والموارد لتحقيق أهداف‬
‫المؤسسة بكفاءة‬

‫المراقبة ‪Controlling :‬‬ ‫القيادة‪leading :‬‬

‫المسيرون يتأكدون من توجه المؤسسة‬ ‫ويؤثرون‬ ‫يوجهون‬ ‫المسيرون‬


‫نحو أهدافها‬ ‫ويحفزون الموظفين ألداء المهام‬
‫األساسية‬

‫التسلسل المثالي ألنشطة التسيير‬

‫واقع أنشطة التسيير‬

‫المصدر‪Stoner James A.F, Freeman R. Edward, Op cit, P08 :‬‬

‫إن المسار هو الطريقة المنهجية لعمل األشياء‪ ،‬والتسيير هو مسار ألن كل المسيرين يقومون ببعض‬
‫النشاطات المتكاملة من أجل تحقيق أهدافهم المرغوبة ( أنظر الشكل رقم‪ ،)3.1‬ومن السهل فهم مسار معقد‬

‫‪1‬‬
‫‪- Stoner James A.F, Freeman R. Edward , Management, Fifth Edition, Prentice- Hall international, INC, United‬‬
‫‪stated of America, 1992, P6.‬‬

‫‪18‬‬
‫مثل التسيير إذا ما جزء إلى سلسلة من األنشطة‪ ،‬والوصف بهذا األسلوب (التجزئة) هو ما كان يعرف باسم‬
‫"النماذج"‪ ،‬حيث استعمل من قبل الطالب والعاملين في مجال التسيير على مدى عدة عقود‪ ،‬والنموذج هو‬
‫تبسيط للواقع‪ ،‬يستعمل لتوضيح العالقات المعقدة وتسهيل فهمها ضمن حدود معينة‪ ،‬وبالفعل فقد استعمله‬
‫‪ Stoner‬و‪ Freeman‬عندما قاال أن األنشطة الرئيسية للتسيير هي‪ :‬التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬القيادة‪ ،‬والمراقبة‪.‬‬

‫لكن في الممارسة العملية‪ ،‬ال يتضمن التسيير أربعة أنشطة منفصلة أو ذات الصلة الضعيفة ببعضها ولكن‬
‫يتضمن مجموعة من الوظائف المتفاعلة‪ ،‬هذا التفاعل ملخص في الشكل السابق‪ ،‬حيث تشير األسهم‬
‫السوداء إلى الترتيب المثالي‪ ،‬وفي الحقيقة تكون التوليفات المختلفة لهذه النشاطات عادة متزامنة مع بعضها‬
‫البعض وهي ممثلة بأسهم حمراء‪ ،‬وعالوة على ذلك يكون المسيرون مقيدين باعتبارات داخلية ‪ -‬موقعهم‬
‫في الهيكل التنظيمي‪ ،‬محدودية الموارد‪ ،‬ضرورة تنسيق أعمالهم مع اآلخرين‪ ،‬وعليهم كذلك التكيف مع‬
‫المحيط الذي تعمل فيه المؤسسة ‪.-‬‬

‫‪ -‬وحسب ‪ Alazard‬و‪ Sépari‬فإن التسيير اليوم هو علم االختيارات والتطبيق وهو يتضمن قيادة المنظمة‬
‫باستعمال عدة تقنيات وخطوات للمساعدة على اتخاذ القرار‪ ،‬كما أنه مزيج لعدة علوم‪ :‬كالعلوم الدقيقة والعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وملتقى لعدة تخصصات‪ :‬كاالقتصاد‪ ،‬التاريخ‪ ،‬الجغرافيا‪ ،‬العلوم السياسة‪ ،‬القانون‪ ،‬علم االجتماع‬
‫الرياضيات‪ ...‬واعتب ار أن المعنى الحالي للتسيير هو ترجمة للمصطلح األنجلوساكسوني ‪management‬‬
‫‪1‬‬
‫الذي يتضمن بعدين هما‪:‬‬

‫‪ ‬التسيير االستراتيجي‪ :‬الذي يتابع نشاط المؤسسة على المدى البعيد‪ ،‬والذي أصبح محط اهتمام‬
‫العديد من الباحثين منذ بداية سنوات ‪ ،2000‬وبالذات حول الطريقة التي تجعل المسيرين يدخلون‬
‫‪2‬‬
‫االستراتيجية ضمن نشاطاتهم اليومية‪.‬‬

‫‪ ‬التسيير العملي‪ :‬الذي يتابع نشاط المؤسسة على المدى القصير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Alazard Claude, Sépari Sabine, Contrôle de gestion, 3e Edition, Dunod, Paris, 2013, P15.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Rouleu Linda, Poesi Florence Allard , Warnier Vanessa, «Le management stratégique en pratiques», Revue‬‬
‫‪Française de Gestion, Vol 5, n° 174, 2007, P15.‬‬

‫‪19‬‬
‫الشكل رقم ‪ 4.1‬التسيير الحالي للمؤسسة‬

‫التســـيــيـــر‬
‫التسيير العملي‬ ‫التسيير االستراتيجي أو تسيير السوق‬
‫‪ -‬الهياكل‬ ‫‪+‬‬ ‫‪ -‬التحليل االستراتيجي‬
‫‪ -‬أنظمة اتخاذ القرار‬ ‫‪ -‬التوجيه‬
‫‪ -‬أنظمة المعلومات‬ ‫‪ -‬التنفيذ‬
‫‪ -‬أنظمة التحفيز‬ ‫‪ -‬المراقبة‬

‫المصدر‪Alazard Claude, Sépari Sabine, (2013), Op cit, P15 :‬‬

‫يوضح هذا الشكل الذي قدمه كل من ‪ Alazard‬و‪ ، Sépari‬أن حقل تطبيق التسيير هو حقل واسع‪ ،‬وأنه‬
‫يزداد اتساعا داخل المؤسسة وخارجها‪.‬‬

‫انطالقا من كل ما سبق نستنتج أنه ال يوجد تعريف واحد بسيط للتسيير مقبول عالميا‪ ،‬كما أن‬
‫التعاريف تتغير بتغير محيط المؤسسات لكن كخالصة يمكن أن نقول‪" :‬أن التسيير هو ذلك المسار الذي‬
‫يسمح للمسيرين بتحقيق أهداف المؤسسة من خالل استخدام مواردها المتاحة‪ ،‬وهو يضم مجموعة من‬
‫الوظائف المتكاملة والمتفاعلة فيما بينها‪ ،‬وينقسم إلى قسمين‪ ،‬تسيير استراتيجي وتسيير عملي‪".‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوظائف التسييرية‬

‫كان ‪ Fayol‬أول من تعرض إلى الوظائف التسييرية وقال أنها تشمل‪ :‬التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التوجيه‪ ،‬التنسيق‬
‫‪1‬‬
‫والمراقبة‪ ،‬وسنحاول فيما يلي تقديم شرح بسيط لهذه الوظائف‪:‬‬

‫‪ -1‬التخطيط‪ :‬التخطيط يعني أن يفكر المسيرون من خالل أهدافهم وأنشطتهم بصورة مسبقة وذلك إذا‬
‫اعتمدوا على المنهجية والخطة والمنطق بدل االعتماد على الحدس‪ ،‬فالتخطيط هو سلسلة من العمليات‬
‫والمراحل تبدأ بتشخيص وضع المؤسسة موضوع الدراسة للتعرف على نقاط قوتها وضعفها وتحليل بيئتها‬

‫‪1‬‬
‫;‪- Stoner James A.F, Freeman R. Edward, Op cit, P8‬‬
‫;‪Bouquin Henri, Les fondements du contrôle de gestion, 4e Edition, Puf, Paris, 2011, P17‬‬
‫‪De Vauplane Hubert, «Le nouveau défi des sociétés de gestion: les fonctions de contrôle», Rvue Banque, n°‬‬
‫‪749, 2012, P 76.‬‬

‫‪20‬‬
‫للتعرف على المخاطر والفرص الموجودة فيها وتنتهي باختيار خطة محددة‪ ،‬فالخطط تسمح للمؤسسة بتحديد‬
‫أهدافها ووضع أفضل اإلجراءات لتحقيقها‪ .‬إن أول خطوة في التخطيط هي اختبار األهداف الخاصة‬
‫بالمؤسسة ككل‪ ،‬ثم تحديد انطالقا منها أهداف الوحدات الفرعية وأقسامها وهكذا‪ ،‬وبعد تحديد األهداف يتم‬
‫وضع برامج لتحقيقها‪ ،‬وبالطبع فإن المسير يأخذ بعين االعتبار عند اختيار األهداف والبرامج قابلية تنفيذها‬
‫وتقبلها من طرف مسؤولي وموظفي المؤسسة‪.‬‬

‫‪ -2‬التنظيم‪ :‬وهو المسار الذي يسمح بترتيب وتقسيم العمل والسلطة والموارد بين أعضاء المؤسسة حتى‬
‫يتمكنوا من تحقيق أهداف المؤسسة بكفاءة‪ ،‬وبطبيعة الحال تتطلب األهداف المختلفة هياكل مختلفة‬
‫فالمؤسسات التي تقوم بتطوير برمجيات مثال تحتاج إلى هياكل تختلف عن تلك التي تحتاجها مؤسسة تنتج‬
‫المالبس‪ ،‬وكل منها يحتاج إلى نمط مختلف من الموظفين‪ ،‬لهم قدرات ومهارات تنسجم مع طبيعة المؤسسة‬
‫ويجب أن يعتمد الموظف داخل المؤسسة على اآلخر وال يمكن أن ينظر إليهم كعمال في نفس الدرجة‬
‫وبالتالي يجب على المسيرين وضع هيكل تنظيمي لهذه األهداف والموارد وهو ما يدعى "بتصور التنظيم"‪.‬‬

‫‪ -3‬التوجيه (القيادة)‪ :‬وهو سلوك ينطوي على اإلشراف على األفراد وتحفيزهم ألداء األعمال المطلوبة‬
‫منهم ولم تعد وظيفة التوجيه إصدار األوامر والتعليمات لتنفيذ األعمال‪ ،‬وانما مساعدة األفراد وحثهم على‬
‫بذل أقصى طاقاتهم في األداء‪ ،‬وتقديم النصائح واإلرشادات لهم ففي حين أن التخطيط والتنظيم هي وظائف‬
‫مجردة في مسار التسيير فإن التوجيه هو وظيفة ملموسة للغاية‪ :‬تتضمن قيادة األفراد وذلك بإيجاد المناخ‬
‫المناسب الذي يجعلهم يقدمون أفضل ما لديهم‪.‬‬

‫‪ -4‬التنسيق‪ :‬من الواضح أنه إذا أريد ألي أهداف أن تتحقق وأن تتحقق بأعلى درجة من الكفاية‪ ،‬أي بأقل‬
‫تكلفة وبأقل جهد وفي أقصر وقت ممكن‪ ،‬فإنه البد من تكثيف الجهود وتظافرها‪ ،‬والبد من تعاون األفراد‬
‫واستعدادهم للعمل في اتجاه واحد نحو تحقيق األهداف الموضوعة‪ ،‬وعليه فإن التنسيق هو تنظيم للجهود‬
‫الجماعية بهدف توحيدها وتوجيهها نحو تحقيق هدف مشترك‪ ،‬فالغرض من التنسيق هو ضمان تفاعل‬
‫الوظائف والقوى التي تتكون منها المؤسسة وأجزائها المختلفة بالشكل الذي يحقق أهدافها بأقل تضارب أو‬
‫ازدواج في الجهود وبأعلى درجة من الكفاءة والفعالية‪ ،‬فالتنسيق هدف بالنسبة للوظائف التسييرية ومساعد‬
‫للمسير للقيام بهذه الوظائف‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -5‬المراقبة‪ :‬ال يمكن للمراقبة أن توجد دون الوجود المسبق للوظائف السابقة فهي تعتمد على األعمال‬
‫السابقة من أجل الحاضر والمستقبل‪ ،‬وهي عملية مؤثرة ومتأثرة‪ ،‬فاعلة ومنفعلة‪ ،‬فهي فاعلة عندما تتخذ‬
‫إجراءات تصحيحية قبل وقوع اآلثار السلبية للق اررات أي أن من مهامها الكشف عن األخطاء التي من‬
‫المحتمل وقوعها والتنبيه عنها قبل حدوثها حتى يتم اتخاذ االج ارءات الالزمة التي تمنع وقوعها‪ ،‬وهي منفعلة‬
‫عندما تعلم النتائج وتكون نهائية‪ ،‬وال يمكن أن يجري التصحيح حينذاك إال على العمليات الجديدة‪ ،‬فالمراقبة‬
‫إذن هي التأكد من أن جميع الجهود المبذولة (تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ )...،‬تعمل لتحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األصالة والتنوع في ميدان التسيير العمومي‬

‫إن التمييز بين القطاعين العمومي‪ /‬الخاص معروف منذ القديم وذلك في العديد من التخصصات القريبة‬
‫من علم التسيير‪ :‬مثل القانون‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬االقتصاد السياسي‪...‬الخ‪ ،‬وبالتالي من المناسب إذن أن نبين‬
‫أصالة وحداثة التسيير العمومي بالمقارنة في نفس الوقت مع التسيير الخاص من جهة ومع هذه التخصصات‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬

‫فميدان التسيير العمومي هو دون شك تابع للدولة وفي نفس الوقت للسلطات المحلية أو كذلك للخدمات‬
‫العمومية‪ ،‬وانتماء هذه المنظمات للقطاع العام ليس نتيجة للصدفة‪ ،‬فالخدمة المقدمة في الجزائر من طرف‬
‫مؤسسة عمومية قد تكون مقدمة من طرف مؤسسة خاصة في بلد آخر‪ ،‬والعكس صحيح وفي نفس الوقت‬
‫يوجد عدد كبير من الخدمات التي هي عمومية في كل الدول ذات اقتصاد السوق ألن لديها بصفة أو‬
‫بأخرى تسيير عمومي طبيعي )‪ (Naturelle‬بالمقارنة مع التسيير العمومي ذي الطابع المؤسساتي‬
‫)‪ ،(Institutionnelle‬ففي الحالة األولى يكون اإلنتاج عموميا بالطبيعة أما الحالة الثانية فيكون كذلك‬
‫العتبارات تاريخية وسياسية‪ ،‬وبالتالي من المناسب البحث عن خصائص السلع أو طرق اإلنتاج و‪/‬أو طرق‬
‫توزيعها التي تبرر هذه الحقيقة‪.‬‬

‫إن التمييز القانوني بين المؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة يمكن أن يكون مضلال‪ :‬فمن الممكن‬
‫للسلطات العمومية أن تراقب بصورة أفضل مؤسسة خاصة عن طريق وضع تنظيم كامل ومالئم‪ ،‬األمر‬
‫الذي قد ال يحدث في المؤسسات العمومية التي تنتج أو تقدم نفس الخدمة‪ ،‬والمالحظات تؤكد أن الحلقة‬
‫األضعف في تسيير المؤسسات العمومية توجد على مستوى المساءلة‪ ،‬وأنه كلما تطورت المؤسسة‬
‫العموميةوكانت لها تفرعات في النسيج االقتصادي واالجتماعي كلما كانت مبهمة وغامضة أكثر لدى‬

‫‪22‬‬
‫الوصاية وكلما زاد رفضها لحق التدخل في اإلشراف الفني أو المالي في عملها واالهتمام بتفاصيل طرق‬
‫عملها ‪.1‬‬

‫واذا كان البحث عن خصائص السلع هو بالدرجة األولى من اختصاص عالم االقتصاد (االقتصادي) فإن‬
‫من مهام المسير تصور طرق التنظيم والمراقبة األكثر مالءمة لتحقيق اإلنتاج المرغوب‪ ،‬كما ال يمكن تصور‬
‫تسيير المؤسسات من دون قواعد ونماذج قانونية‪ ،‬اقتصادية ومحاسبية‪ ،‬وهذه المالحظات تشمل المؤسسات‬
‫الخاصة والعمومية بنفس الدرجة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القانون والتسيير‬

‫يحدد القانون الطبيعة القانونية للمؤسسات‪ ،‬كما يضع اإلطار الذي يمكن لها أن تنشط فيه وتتفاعل مع‬
‫العالم الخارجي‪ ،‬ويحدد كذلك القواعد التي تطبق في حالة وجود خالفات فيما بينها أو بين إحداها وبين‬
‫شخص ما‪ ،‬فالقانون الخاص يهتم بالعالقات بين األشخاص الخواص (طبيعي أو معنوي)‪ ،‬وعلى العكس‬
‫فإن القانون العام ينظم عالقات الجماعات العمومية مع الكيانات األخرى‪ .‬إن هذا التمييز ليس عاما‪ ،‬بما‬
‫أنه ال يوجد في العديد من البلدان سوى نظام قانوني واحد وحتى في بلد مثل فرنسا فإن قانون العمل )القانون‬
‫الخاص( تأثر بالقواعد المطبقة في الوظيف العمومي‪ ،‬وال تزال الخالفات قائمة لكنها ترجع ربما للتنوع الكبير‬
‫للمؤسسات الخاصة أكثر من التمييز بين العام‪/‬الخاص‪.2‬‬

‫وفي هذا التقارب بين القانون الخاص والقانون العام هل يمكننا تصور تقارب بين التسيير العمومي‬
‫والتسيير الخاص؟ لإلجابة على هذا السؤال يجب تفحص العالقة بين التسيير والمحاسبة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المحاسبة والتسيير‬

‫من الصعب على المسير تجاهل القواعد القانونية األساسية‪ ،‬فمن الصعب عليه تجاهل المحاسبة ففي‬
‫المؤسسات الخاصة العديد من المسيرين لديهم تكوينا أوليا في المحاسبة ألنها توفر لهم المعلومات الضرورية‬
‫التخاذ القرار‪ :‬معلومات حول المصاريف واإليرادات‪ ،‬حول حجم المبيعات‪ ،‬حول التكاليف ومبلغ الديون‬
‫حول قيمة الممتلكات‪...‬الخ‪ ،‬وبالتالي يجب االعتراف أن للمحاسبة في المؤسسات الخاصة طابعا كامال وهو‬
‫ما تزال المحاسبة العمومية تفتقر إليه‪ .‬والسبب في ذلك يرجع الى أن المسير الخاص يسعى لتحقيق هدف‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ruffat Jean, Op cit, P94.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Le Duff Robert, Papillion Jean Claude, Gestion publique, Vuibert, Paris, 1988, P22.‬‬

‫‪23‬‬
‫واضح (الربح)‪ ،‬والمحاسبة إذن تهتم بحساب قيمة هذا الربح‪ ،‬ولكن لتحقيق الربح من يوم إلى آخر من‬
‫الضروري تحديد األسعار التي تغطي التكاليف وهذا ما ينبغي أن يقوم به المحاسب‪ ،‬وفي المقابل نجد أن‬
‫المسير العمومي لم يكن مكلفا ببيع الخدمات التي تقدمها مؤسسته‪ ،‬وال مكلفا بتحقيق الربح وبالتالي لم يكن‬
‫في حاجة إلى حساب التكاليف‪.1‬‬

‫كما أن المحاسبة العمومية كانت ولزمن طويل مجرد محاسبة صندوق‪ ،‬فاألمر يتعلق بالوظائف األساسية‬
‫التي تمارسها السلطات العمومية (وظائف السيادة‪ :‬الدفاع‪ ،‬العدالة‪ ،‬الشرطة‪ ،‬اإلدارة العامة) فالهدف غير‬
‫قابل للتغيير وبالتالي فإن متطلبات المحاسبة لم تتغير كثي ار‪ ،‬وعلى العكس فإن الوظائف الجديدة كليا أو‬
‫جزئيا والتي أصبحت تمارس من طرف السلطات العمومية‪ :‬الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬النقل‪ ،‬االتصاالت‪...‬الخ في‬
‫حاجة إلى محاسبات خاصة (مثل المخطط المحاسبي للبنوك‪ ،‬المستشفيات ‪.)...‬‬

‫هذه االزدواجية التقليدية بين المحاسبة في المؤسسات الخاصة والمحاسبة في المؤسسات العمومية تركت‬
‫تدريجيا مكانها لمحاسبات وسطية التي تأخذ بعين االعتبار في إطار تخصيص الموازنات ضرورة حساب‬
‫التكاليف وأسعار البيع حتى وان كان الربح ليس هدفا للمؤسسة وهذا التدرج‪ :‬المحاسبة العمومية ‪،‬المحاسبة‬
‫الوسطية‪ ،‬المحاسبة الخاصة يوجد في االقتصاد السياسي‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬االقتصاد السياسي والتسيير‬

‫هما على األرجح التخصصا ن األكثر صعوبة للتمييز بينهما فهما قريبان جدا من بعضهما البعض وغالبا‬
‫ما يكونان متداخلين سواء على المستوى المنهجي أو على المستوى العملي‪ ،‬فاالقتصاد السياسي في معناه‬
‫الواسع هو "تطبيق أدوات العلوم االقتصادية في العالم السياسي"‪ ،2‬وحسب مختلف الكتاب فإن االقتصاد‬
‫السياسي سيكون "علم إدارة الموارد النادرة في المجتمع البشري"‪ ،3‬فالناس يشعرون بالحاجة (الحاجة إلى‬
‫الغذاء‪ ،‬اللباس‪ ،‬السكن‪ ،‬التسلية‪ )...‬ويتمنون الحصول على الوسائل المالية الالزمة إلشباعها‪ ،‬لكنهم‬
‫يصطدمون بنقص ومحدودية الموارد الطبيعية‪ ،‬والوقت المتاح‪ ،‬والقدرات البدنية والفكرية وإلشباع بعض‬
‫الغايات‪ ،‬وإلشباع بعض الحاجات عليهم التضحية بالبعض اآلخر‪ ،‬وهذه السلسلة من االختبارات هي التي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Le Duff Robert, Papillion Jean Claude, Op cit, P23.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bacache-Beauvallet Maya, « Que nous apprend l'économie politique sur l'économie publique ? », Idées‬‬
‫‪économiques et sociales, Vol 1, n°151, 2008, P5.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Le Duff Robert, Papillion Jean Claude, Op cit, P24.‬‬

‫‪24‬‬
‫تشكل قاعدة النشاط االقتصادي‪ ،‬ولتحسين الظروف المعيشية‪ ،‬يقوم الناس بسلسلة من النشاطات اإلنتاجية‬
‫والتبادالت ألغراض استهالكية‪.‬‬

‫إن لالقتصاد السياسي ثالث أوجه‪ :‬تاريخ الوقائع االقتصادية‪ ،‬النظرية االقتصادية‪ ،‬والسياسة االقتصادية‪.‬‬
‫فتاريخ الوقائع االقتصادية هو وصف للطرق اإلدارية للموارد النادرة التي يستخدمها الناس والفئات االجتماعية‬
‫على مر الزمن‪ ،‬والنظرية االقتصادية هي البحث عن عالقات السببية التي تظهر في إدارة الموارد النادرة‬
‫أما السياس ة االقتصادية فهي وضع قواعد إلدارة الموارد النادرة وفقا ألهداف سياسية واجتماعية معينة ‪.1‬‬
‫واالقتصادي على هذا النحو ليس له حق في إصدار أحكام قيمة حول هذه األهداف بل عليه أن يدرس‬
‫تالؤم األهداف مع الوسائل المتاحة وتحديد القواعد الخاصة باستعمال الموارد التي تسمح بتحقيق أقل تكلفة‬
‫والهدف الالزم تحقيقه في مدة معينة‪.‬‬

‫أما التسيير فهو استخدام المسؤولين ( وفقا للسياسة المحددة من طرف اإلدارة واإلجراءات المحددة من طرف‬
‫المؤسسة) للموارد الموضوعة تحت تصرفهم‪ .‬فإذا قارنا هذا التعريف مع تعريف السياسة االقتصادية فإننا‬
‫نالحظ وجود العديد من النقاط المشتركة بينهما‪ ،‬ففي الحالتين يتعلق األمر بوضع قواعد واجراءات تسمح‬
‫باستعمال أفضل للوسائل المتاحة قصد تحقيق الغايات المحددة من طرف مراكز القرار‪ ،‬ويكون التقارب‬
‫أكثر وضوحا إذا استبدلنا التسيير في مؤسسة ما بالتسيير في مؤسسة عمومية تابعة للدولة‪.‬‬

‫إن تعريف االقتصاد السياسي يدل بوضوح على العالقات المنطقية التي تربط بين المكونات الثالثة‪ ،‬فدراسة‬
‫تاريخ الوقائع االقتصادية يحفز على التفكير في العالقة بين الظواهر‪ ،‬وبصورة خاصة في األسباب ونتائجها؛‬
‫والنظرية االقتصادية هي العلم الذي يسمح بتحديد شروط صحة العالقات السببية التي اقترحها تاريخ الوقائع؛‬
‫وأخي ار فإن السياسة االقتصادية هي الجانب المستخلص من معرفة هذه العالقات السببية التي يمكن تطبيقها‬
‫على الموارد بهدف إشباع حاجات اإلنسان‪ .‬فالتسيير سواء كان عموميا أم ال‪ ،‬بعيدا على أن يكون له هذا‬
‫التنظيم للمهام‪ ،‬وهكذا يبدوا أكثر كفرع صغير من السياسة االقتصادية‪ ،‬وفي نفس الوقت جزءا من االقتصاد‬
‫السياسي‪ ،‬واستقالليته ال تزال حديثة وحتى نسبية‪ ،2‬باعتبار أن أحد مؤسسي هذا العلم ( علم التسيير) وهو‬
‫‪ Herbet Simon‬قد نال في ‪ 1978‬جائزة نوبل في العلوم االقتصادية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Le Duff Robert, Papillion Jean Claude, Op cit, P24.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ibid, P25.‬‬

‫‪25‬‬
‫ومهما يكن التسيير‪ ،‬سواء التسيير بصورة عامة أو التسيير العمومي بصورة خاصة‪ ،‬فإن تحديد السلع‬
‫المرغوب إنتاجها من طرف الجماعات أو السلطات العمومية يعود لالقتصادي والى السياسة االقتصادية‬
‫ويتكفل المسير بمدى إمكانية تطبيق ذلك‪ ،‬كما يحدد الهيكلة التنظيمية والتكلفة‪ ،‬ويرجع دون شك السهر‬
‫على احترام الغايات له أو للمراجع‪ ،‬كما يرجع له عند االقتضاء لفت االنتباه إلى العالقات المعقدة الموجودة‬
‫بين الهيكلة واالستراتيجية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إشكالية التسيير العمومي‬

‫إن الحوار حول التسيير العمومي هو حوار قديم‪ ،‬لكنه يتجدد في كل مرة على أساس تصورات تطرح قضية‬
‫خصوصية وشرعية التسيير العمومي‪ ،‬كما أن التنوع في التسيير العمومي وصعوبة وضعه حيز التنفيذ‬
‫تفرض المراجعة المستمرة إلشكالية التسيير العمومي‪.‬‬

‫وبعد فترة طويلة من الغموض واإلبهام بسبب مشكل الشرعية والتناقض النسبي لهذا المفهوم‪ ،‬أصبح التسيير‬
‫العمومي إشكالية يهتم بها ليس فقط رجال القانون واالقتصاد‪ ،‬بل كذلك المختصون في إدارة األعمال وأصبح‬
‫يمثل نقطة التقاطع للعديد من التخصصات‪ ،‬والواقع أن تعقد أوضاع التسيير العمومي ومحيطه يجعل‬
‫االعتماد على تخصص واحد غير كاف‪ ،‬ولقد أثبت أن المناجمنت (إدارة األعمال) لوحدها غير كافية لحل‬
‫مشاكل النظم اإلدارية المعقدة‪ ،‬ولكن بسبب هذا التعقد لم يعد من الممكن تجاهل دور المناجمنت في تنظيم‬
‫عمل هذه النظم االدارية مهما كان وضعها القانوني‪.‬‬

‫يتم دراسة القطاع العمومي عادة من الزوايا التالية‪( :‬الملكية العامة‪ /‬الملكية الخاصة) أو من حيث (الربح‪/‬‬
‫المنفعة العامة) أو من حيث كون النشاط ( تجاري‪/‬غير تجاري)‪ ،‬وبالتالي ساهمت هذه المقاربات المختلفة‬
‫بصورة واسعة في تطوير التفكير حول التسيير العمومي‪ ،‬كما أن هذه المقاربات غالبا ما تعمل وفق طريقة‬
‫ثنائية‪ :‬ما هو فعال في القطاع الخاص أو التجاري غير فعال في القطاع العمومي والعكس‪.1‬‬

‫لقد نشأت حركة التقارب بين طرق التسيير في القطاعين العمومي والخاص عن تجارب بعض طرق‬
‫التنظيم واتخاذ القرارت المطبقة في القطاع الخاص الذي ينشط ضمن مجال القطاع العمومي‪ ،‬بدءا من‬
‫النشاط التجاري (حالة المؤسسات الصناعية والتجارية)‪ ،‬ثم في الخدمات العمومية بعد ذلك‪ ،‬وبصورة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Belmihoub Mohamed Chérif, « La problématique de la gestion publique », Revue IDARA, Vol 6, n°1, 1996‬‬
‫‪P157.‬‬

‫‪26‬‬
‫محصورة في اإلدارات المركزية والمحلية‪ ،‬وفي المرحلة الحالية من هذه التجارب من الصعب اعتماد هذه‬
‫النظرية (نظرية التقارب أو نقل طرق التسيير بين القطاعين) ومن الصعب أكثر اعتماد عالمية هذه الطريقة‬
‫من التسيير أو تلك‪.‬‬

‫وعندما نحلل المناقشات التي جرت حول المقارنة بين هذين القطاعين نجد أنها متباينة ومتناقضة‪ ،‬فمن‬
‫جهة الكثير يقول أن هذا "غير منطقي" وأن الخدمات العمومية ال يمكن مقارنتها مع المؤسسة الخاصة ألن‬
‫المهمة واألهداف ليست نفسها‪ ،‬وطرق القياس خاصة‪ ،‬وعلى سبيل المثال فان المحاسبة التحليلية ال تفيد‬
‫كثي ار ما دام من الصعب إجراء تحديد حقيقي لإلنتاج‪ ،‬ومن جهة ثانية نجد أن البعض اآلخر يوضحون أن‬
‫التوازي بين القطاع العمومي والخاص يمكن أن يوجد‪ ،‬وأنه ال يوجد سبب خاص يمنعنا من إيجاد التوازن‬
‫بين الوسائل والنتائج بالنسبة لمؤسسة عمومية معينة‪ .1‬هذا المبدأ األخير يبدو أنه يشكل مسلكا ذكيا للتفكير‬
‫واذا أردنا التحليل يمكن لنا أن نقول‪:‬‬

‫‪ -‬أن الوسائل تتطلب موظفين وتجهيزات ومشتريات‪ ،‬وتكاليف هذه الوسائل يمكن تحليلها حسب تنظيم‬
‫المؤسسة أو وفقا لتقطيع حسب المسارات التي من شأنها إعطاء معنى للعمل المنجز‪.‬‬

‫‪ -‬تمثل النتائج األهداف التي يتوجب تحقيقها‪ ،‬معب ار عنها بواسطة مؤشرات ناجمة عن مهمة مؤسسة الخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬ومن هنا يمكن للعالقة بين (الوسائل‪ /‬التكاليف‪ /‬النتائج) أن تصبح موضوعية ويمكن تحديد نقاط‬
‫أو مؤشرات لألداء االقتصادي تربط بين تكلفة الوسائل المستعملة ومؤشر النتائج‪ .‬إن تطبيق هذا المفهوم‬
‫يستجيب تماما إلى منطق األداء االقتصادي ولم يبق سوى تكييفه وفقا لقطاع النشاط المعني‪ ،‬فعندما نكون‬
‫ضمن إدارة مركزية نتحدث عن "مؤشرات األداء االقتصادي"‪ ،‬وعندما نكون ضمن مؤسسة للخدمة العمومية‬
‫(‪ )EPIC,EPA‬فإننا نتحدث عن "النتائج االقتصادية"‪ ،‬وعندما نكون ضمن مؤسسة عمومية تنشط في‬
‫القطاع التجاري (النقل مثال) نتحدث عن "الهامش أو المردودية"‪.‬‬

‫وبالتالي فإن الحوار حول ما يسمى "بالتسيير العمومي" يجب أن يركز على فهم أفضل آللية عمل القطاع‬
‫العام بصورة عامة واإلدارة بصورة خاصة‪ ،‬وبعبارة أخرى ما هو سبب وجود القطاع العمومي وما هي‬
‫مشروعيته؟ وانطالقا من هذا تنبثق مجموعة من األسئلة يتمثل أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Baron Philippe, « Les techniques de gestion du privé sont-elle efficace ? », Revue Echanges, Mars 2008‬‬
‫‪P55.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬ما هي طبيعة وأهداف القطاع العمومي؟‬
‫‪ -‬ما هي قواعد ومبادئ تخصيص الموارد؟‬
‫‪ -‬ما هو مسار اتخاذ القرار؟‬
‫‪ -‬ما هي معايير تحسين أداء القطاع العمومي؟‬

‫ومجمل هذه العناصر هو الذي يشكل سلوك مسير القطاع العمومي الذي يدعى أيضا بالبيروقراطي‬
‫فالفعالية ليست ال في طبيعة هذا القطاع وال في أصله‪ ،‬والبحث عن الفعالية به يمر عبر تغيير هذه العناصر‬
‫وليس عبر التقليد األعمى من نوع‪ :‬تطبيق معايير األداء المتعلقة بالقطاع الخاص على القطاع العمومي‬
‫وبالتالي يمكننا تغيير سلوكات المسيرين قليال بواسطة المعايير الجديدة ولكن ألي هدف؟‬

‫إن األساس األول للتحليل االقتصادي للبيروقراطية يكمن في إعادة النظر في سلوك المسيرين وامكانية‬
‫وجود تسيير حقيقي‪ ،‬ومنذ عدة سنوات شرعت اإلدارات العمومية في مغامرة التسيير بمفهومه الحالي أو ما‬
‫يدعى بالمناجمنت‪ ،‬فالبعض يعتبر نمط التسيير الخاص كحل لكل مشكل‪ ،‬أما البعض األخر لديه رغبة‬
‫حقيقية إلتباع أسلوب جديد يأخذ بعين االعتبار خصوصيات القطاع العمومي‪ ،‬فالمناجمنت على عكس‬
‫النظريات الكالسيكية لإلدارة والتسيير صدرت عن الطوارئ‪ ،1‬أي التكيف مع السياق الذي تتطور فيه‬
‫المؤسسة‪ ،‬وهكذا فإن لكل وضعية حقيقية طريقة تسيير خاصة بها‪ ،‬فمفهوم النموذج الشامل الصالح لكل‬
‫مكان وزمان هي فكرة مجردة وبيداغوجية‪ ،‬ومفاهيم‪ :‬العقالنية المحدودة والتسيير الحقيقي ونقص الصرامة‬
‫في التسيير واالنحياز التسييري هي أكثر عملية من المفاهيم المفضلة لدى االقتصاديين‪ :‬بلوغ المثالية أو‬
‫الحد األقصى لوظيفة أو أهداف‪...‬‬

‫وانطالقا مما سبق‪ ،‬يصبح من الممكن ليس نقل أساليب التسيير الخاصة بالقطاع الخاص إلى القطاع‬
‫العمومي‪ ،‬بل استحداث أسلوب تسييري خاص بهذا األخير‪ ،‬ولذلك من المناسب تعريف العناصر السابقة‬
‫الذكر‪ :‬األهداف‪ ،‬تخصيص الموارد‪ ،‬مسار اتخاذ القرار ومعايير تحسين األداء‪ ،‬وبعبارة أخرى مفهوم األهداف‬
‫في القطاع العمومي وتأثيره على مستوى تخصيص الموارد وعلى مستوى اتخاذ القرار وعلى مستوى مقاييس‬
‫وقواعد أداء القطاع ككل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Belmihoub Mohamed Chérif, Op cit, P159.‬‬

‫‪28‬‬
‫إن أهداف المنظمات هي دون شك العناصر الرئيسية للتمييز بين القطاع العمومي والخاص‪ ،‬وفي الواقع‬
‫ان السعي لتحقيق المصلحة أو المنفعة العامة في اإلدارة العمومية وفي الخدمات العمومية (حالة المؤسسات‬
‫العمومية هي حالة خاصة) هي المصدر الرئيسي لشرعية هذا القطاع‪ ،‬وقد قام رجال القانون واالقتصاد‬
‫والسياسة وكذلك علماء االجتماع والفالسفة بدراسة معمقة لمسألة المصلحة العامة‪ ،‬لكن هذه المسألة ظلت‬
‫متجددة باستمرار انطالقا من معطيات جديدة‪ :‬أشكال جديدة من التضامن‪ ،‬تحقيق الركود والنمو االقتصادي‬
‫قواعد جديدة إلعادة توزيع المداخيل‪ ...‬فمفهوم المصلحة العامة إذن هو مفهوم عام وذو تنوع كبير حسب‬
‫الزمان والمكان‪ ،‬وبالتالي فعندما يتم تعريف المصلحة العامة تفرض عددا من المبادئ لتشكل إطا ار مرجعيا‬
‫لتنفيذ المهام المتعلقة بالمصلحة العامة‪ ،‬ويجب القول أن الطبيعة السياسية واإليديولوجية للدولة تمثل عامال‬
‫حاسما في تحديد مفهوم المصلحة العامة ( فدولة الخدمات تختلف عن دولة الشرطة)‪ ،‬كما أن نشاط اإلدارة‬
‫يتوسع من منظور قانوني بحت من وجهة نظر المسير ليصبح أكثر واقعية ويأخذ بعين االعتبار احتياجات‬
‫مستعملي الخدمة العمومية‪.‬‬

‫إن مبادئ المساواة أو تكافؤ الفرص أمام الخدمة العمومية‪ ،‬عدم قابلية تجزئة السلع العمومية‪ ،‬مجانية أو‬
‫المساهمة البسيطة في تكلفة الخدمة‪ ،‬عدم تجزئة الطلب‪ ...‬هي مقبولة من طرف الجميع‪ ،‬لكن تحقيقها‬
‫يطرح العديد من المشاكل سواء في تنفيذها أو في احترامها عند اإلحالة‪ ،‬واليد الخفية للسوق ال تلعب‬
‫لمصلحة "السلع العمومية" وهي تعوض "باليد المرئية" للمسيرين العموميين‪ ،‬وقاعدة التسيير اإلداري تعوض‬
‫قانون السوق‪ ،‬فأيهما أكثر فعالية؟‬

‫لكن المشكلة الحقيقية تكمن في العقالنية المرتبطة بالمصلحة العامة‪ ،‬وكيف يمكن التعبير عنها وفق معايير‬
‫تحسين األداء‪ ،‬فما هو مصلحة عامة لمستعمل ما يمكن أن ال يكون كذلك بالنسبة لآلخر‪ ،‬واشكالية التسيير‬
‫العمومي ال يمكن اختصارها في مشكل تقني للتسيير وال في مشكل مؤسساتي‪ ،‬فالتسيير العمومي عليه أن‬
‫يبحث عن معنى " الشرعية والقبول" كما هو الحال بالنسبة للقطاع العمومي في حد ذاته‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أساليب تسيير الخدمة العمومية‬

‫لضمان مختلف المهام التي اكتشفت أهميتها بصورة تدريجية في الميادين االقتصادية واالجتماعية وجدت‬
‫الدولة نفسها مجبرة على تنويع تدخلها‪ ،‬فاستبدلت الطريقة التقليدية لإلدارة المباشرة بإنشاء المنشآت العمومية‬
‫المتخصصة والمزودة بالشخصية القانونية أو أحيانا بتفويض الخدمة العمومية إلى مسيرين خواص‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫إن أول خاصية تميز المنشأة العمومية هي الشخصية القانونية‪ :‬تملك أرس مال‪ ،‬تتمتع باستقاللية مالية‬
‫تقدم خدمات يقوم بها موظفين تحت سلطتها‪ ،‬ولها القدرة على اإلدارة الذاتية أي تتمتع باالستقاللية في‬
‫التسيير‪ ،‬ونظ ار لمبدأ التخصص ال تستطيع المنشأة العمومية استعمال ممتلكاتها في مهام أخرى غير الخدمة‬
‫التي أنشأت ألجلها‪ ،‬وبالمقابل فإن االستقاللية المشار إليها أعاله ليست مطلقة‪ ،‬حيث تقوم الوصاية بمراقبة‬
‫المنشأة العمومية من الناحية التقنية‪ :‬أي مدى تطابق الق اررات المتخذة مع التوجهات المحددة من طرف‬
‫الوصاية‪ ،‬والمالية‪ :‬أي التأكد من شرعية المصاريف‪.‬‬

‫وهناك نوعان من المنشآت‪ :‬إدارية (‪ )EPA‬أو صناعية تجارية (‪ ،1)EPIC‬تمول األولى بموازنات من طرف‬
‫الدولة أو الهيئات المحلية‪ ،‬بينما تمول الثانية نظريا مباشرة من طرف المستعمل لكن يمكنها االستفادة من‬
‫دعم من طرف الدولة حتى تكون أسعار خدماتها في متناول المستعملين‪ ،2‬وبالتالي تمثل المنشآت العمومية‬
‫)‪ (Etablissements‬هيكلة قانونية محددة بدقة بواسطة القانون وهي تشكل صنفا جزئيا من المؤسسات‬
‫العمومية )‪ ،(Entreprises‬وفي الواقع إذا أخذنا بعين االعتبار التعريف الذي قدمه مجلس المحاسبة‬
‫الفرنسي‪ ،‬فإن المؤسسات العمومية هي بنية صناعية وتجارية على هيئة إما منشآت عمومية أو شركات‬
‫)‪ ،(Sociétés‬حيث تمثل الدولة السلطات المحلية المساهم األكبر وتمارس بقوة القانون أو الفعل دور‬
‫السلطة الوصية‪ .3‬تختلف أساليب التسيير باختالف السلع والمؤسسات المنتجة واذا أخذنا نوعين من السلع‬
‫ونوعين من المؤسسات المنتجة‪ ،‬فإن أساليب التسيير ستتكون كما يلي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :5.1‬منحنى أساليب التسيير‬


‫المؤسسات‬

‫عمومية‬ ‫دفتر الشروط‬ ‫احتكار‬

‫خاصة‬ ‫التنافس‬ ‫مؤشرات النجاح‬


‫السلعة‬
‫فردية‬ ‫جماعية‬

‫المصدر‪Le Duff Robert, Papillion Jean Claud, Op cit, p37 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- EPA, Etablissement Public à caractère Administratif; EPIC, Etabissements Publics à caractère Indutriel et‬‬
‫‪Comercial.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bouinot Claire, Op cit, P93.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid, P94.‬‬

‫‪30‬‬
‫تمثل الخانات الموجودة على القطر الصاعد أساليب التسيير البسيطة والمعروفة‪ ،‬أما التي ال تنتمي للقطر‬
‫فهي أكثر تعقيدا‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أساليب التسيير البسيطة‬

‫وهي األساليب المألوفة والمتمثلة في إنتاج السلع الخاصة من طرف مؤسسات تنتمي إلى القطاع الخاص‬
‫وانتاج السلع الجماعية من طرف المؤسسات العمومية‪:‬‬

‫‪ -1‬المنافسة‪ :‬يمكن تصور أن التسيير العمومي ال يهتم بإنتاج السلع الخاصة باعتبار أنها تخضع للمنافسة‬
‫لكن في الواقع يتضمن دور السلطة العمومية بصورة خاصة السهر على بقاء واستمرار هذه المنافسة‪ ،‬ويبين‬
‫قانون )‪ (Chairman, 1980‬المعروف بقانون مكافحة االحتكار‪ ،‬كيف أخذت هذه القضية على محمل‬
‫الجد في الواليات المتحدة األمريكية مثل االدعاء الذي حصل ضد شركة ‪ ،IBM‬وال يطبق هذا القانون عندما‬
‫يكون لمؤسسة سلوك غير قانوني فقط‪ ،‬بل كذلك عندما تصبح المؤسسة على درجة من القوة بحيث تلغى‬
‫كل منافسة‪ ،‬كما أن محاربة مثل هذه المؤسسات في دول أخرى هو أضعف بكثير‪ ،‬واسم القانون الفرنسي‬
‫يدل على ذلك " قانون الدمج" فالمقصود إذا ليس حجم المؤسسة أو حصتها في السوق الوطنية‪ ،‬بل مسار‬
‫نموها ونمو حصتها في السوق‪ ،‬ففي دول أخرى عوض تشجيع المنافسة تم إنشاء الكارتيالت الوطنية (اتحاد‬
‫الشركات) كما حدث في ألمانيا بصورة خاصة قبل ‪.1914‬‬

‫وفيما يخص الممارسة العملية األمريكية يمكن إبداء اعتراضين‪:‬‬

‫أوال كان قانون مكافحة االحتكار في الواليات المتحدة ضروريا أكثر من جهات أخرى‪ ،‬بسبب الضخامة‬
‫المطلقة للمؤسسات المعنية وغياب كل منافسة أجنبية في السوق الداخلي ( تعريفة جمركية مرتفعة و البعد‬
‫الجغرافي بالنسبة للمنافسين األوروبيين) ثم أصبح له بعد ذلك آثار ضارة في بعض األحيان حيث سمح‬
‫للمؤسسات األكثر كفاءة في القطاع الحصول على مداخيل من وجود مؤسسات أبقي عليها فقط بسبب قانون‬
‫منع االحتكار‪ ،‬واالنفتاح البطيء في الواليات المتحدة األمريكية على الشركات األجنبية في الفترة (‪1955‬‬
‫إلى يومنا هذا) أظهر كيف أن المنافسة كانت وهمية في بعض القطاعات‪.‬‬

‫وعلى العكس فقد يكون هذا القطاع ضا ار بالنسبة للصناعة الوطنية‪ ،‬فالعمل على االحتفاظ بأربعة شركات‬
‫وطنية على األقل في قطاع ما يمكن أن يمنع هذه الشركات من تحقيق البعد العالمي‪ ،‬ومثال شركة ‪IBM‬‬

‫‪31‬‬
‫مهم في هذا المجال‪ .‬فمتابعات النائب العام توقفت عندما أدرك أنه ال ينبغي الحكم على المستوى الفدرالي‬
‫بل البد من األخذ بعين االعتبار المنافسة على المستوى العالمي‪.‬‬

‫وهذا يعني القول أنه إذا كان الحفاظ على المنافسة يجب أن ينظم‪ ،‬فإنه ال يتطلب االنتخاب على قانون‬
‫فقط بل يتطلب كذلك اإلرادة السياسية لوضع التدابير التي تحافظ على روح المنافسة‪ ،‬غير أنه ليس للمنافسة‬
‫أنصار كثيرون وليس من مصلحة قادة المؤسسات وال من مصلحة موظفيهم تحفيزها‪ ،‬فهي إذن مهمة‬
‫عمومية‪.‬‬

‫وبالنسبة لالحتكار‪ ،‬فإن تدخل الحكومة يكون دوما ضروريا للحد من شهية الخواص‪ ،‬وهو ضروري من‬
‫أجل اإلنتاج نفسه إن كان األمر يتعلق بسلعة جماعية صرفة‪.‬‬

‫‪ -2‬االحتكار العمومي‪ :‬وهو يختلف بحسب ما إذا كانت السلعة الجماعية قابلة للتجزئة أم ال‪ ،‬فإذا كانت‬
‫السلعة الجماعية قابلة للتجزئة فإن االستهالك يكون فرديا وقابال للقياس بدقة‪ ،‬وبالتالي يمكن بيع هذه السلعة‬
‫وينبغي حساب التسعيرة المثلى التي تعتمد على الهدف المراد تحقيقه ( تخصيص الموارد‪ ،‬توزيع الدخل)‬
‫وغالبا ما يتعلق األمر بتكلفة هامشية‪ ،‬يجب تحديدها بدقة‪ ،‬أما عندما تكون السلعة الجماعية غير قابلة‬
‫للتجزئة مثلما هو الحال عندما تكون السلعة جماعية صرفة‪ ،‬فإن البيع بالتكلفة الهامشية ال يكون له معنى‬
‫ألنها تكون معدومة كما سبق وأن رأينا‪ ،‬ويكون إذن من المناسب تحديد الطريقة التي سيتم بها توفير الوسائل‬
‫المالية للمؤسسة العمومية مثل المساهمات الجزافية اإلجبارية‪ ،‬مساهمات الميزانيات السابقة‪ ،...‬وكيف سيتم‬
‫تلبية االحتياجات الواجب إشباعها وتحديد أفضل برامج لذلك‪ ،‬وأخي ار ينبغي تحديد اإلجراءات التي ينبغي‬
‫إشباعها من طرف الوصاية لمراقبة هذه السلعة فتقييم جودة تسيير االحتكار العمومي هو أكثر تعقيدا مما‬
‫هو عليه في مؤسسة عادية‪ ،‬باعتبار أنه ال يوجد مؤشر وضعي وحيد يسمح بعملية القياس‪ ،‬مثلما يسمح به‬
‫حجم الربح في مؤسسة خاصة‪ ،‬وعليه يجب االعتراف حينئذ أن الربح ليس سوى المؤشر الرئيسي لجودة‬
‫التسيير في مؤسسة خاصة‪ ،‬ويبقى من الضروري إدخال اعتبارات أخرى مثل‪ :‬نمو الشركة ونوعية العالقات‬
‫االجتماعية الداخلية‪ ،‬الصورة الخارجية للمؤسسة‪...‬الخ‪.‬‬

‫يظهر االحتكار العمومي والمنافسة كحدين فاصلين حيث تأخذ السلع وطرق التسيير مراحل مختلفة بينهما‬
‫وبالفعل فإنه من الممكن جدا أن تنتج سلعة فردية من طرف مؤسسة عمومية والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أساليب التسيير المعقدة‬

‫إن المرجعان اللذان ال ينتميان إلى القطر الصاعد يؤديان في الحالتين إلى طرق تسيير معقدة (ارجع للشكل‬
‫‪1‬‬
‫السابق)‪:‬‬

‫‪ -1‬إنتاج سلعة جماعية من طرف مؤسسة خاصة‪ :‬هي حالة شائعة إذا أخذنا بعين االعتبار التعريف‬
‫العام للسلعة الجماعية‪ ،‬ونحن نعلم أنه في حالة وجود مؤثرات خارجية هامة فإن المنافسة ال تؤدي إلى‬
‫الحالة المثلى‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك فإنه إذا كانت المنافسة مقتصرة على عدد قليل من المؤسسات‪ ،‬فإن األرباح التي تحققها‬
‫ال تبرر بنوعية التسيير المطبق فيها فقط‪ ،‬وعليه فهي ليست مثال جيد للتسيير ويجب أخذ ذلك بعين‬
‫االعتبار‪ ،‬وبالتالي يجب على السلطة العمومية أن تتدخل وحتى تفرض بعض السلوكات‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
‫يمكنها تغيير نظام األسعار بفرض عقوبات أو إعانات تعوض التأثيرات السلبية أو االيجابية للعوامل‬
‫الخارجية‪ ،‬وفي حاالت أخرى تقوم بوضع دفتر شروط لتعويض وجود قانون يمنع ممارسة مثل هذا النشاط‪.‬‬
‫إن ضبط دفتر الشروط هو مهمة صعبة في الكثير من الحاالت‪ ،‬فأحيانا يوضع في دفعة واحدة ويبقى لمدة‬
‫غير محددة‪ ،‬وفي الحاالت األكثر صعوبة يوضع منذ البداية لمدة محددة مع األخذ بعين االعتبار إجراءات‬
‫التعديل‪.‬‬

‫‪-2‬إنتاج سلعة خاصة من طرف مؤسسة عمومية‪ :‬تختلف األوضاع اختالفا كبي ار تبعا لدرجة االحتكار‬
‫الذي تتمتع به المؤسسة العمومية‪ ،‬لكن في كل الحاالت ال تشكل تعليمة البيع بالتكلفة الهامشية هدفا إلدارة‬
‫المؤسسة‪ :‬وال يمكن أن تمثل إال عائقا‪ ،‬ويمكن أن نعتبر " تلبية كل الطلبات" كهدف‪ ،‬ولكن هذا ال معنى له‬
‫إال في حالة االحتكار وهو يشكل قيدا (هدفا محددا) وليس وظيفة ( هدفا للتعظيم)‪.‬‬

‫أما بالنسبة ألهداف‪ :‬موازنة الميزانية وتخطيط الربح فهو غير كافي لتحديد االستراتيجية‪ ،‬باعتبار أن هذا‬
‫التوازن في الموازنة يمكن أن يحقق بطرق عديدة ومختلفة‪ ،‬ويبدو من األسهل تصور فرض قيود على‬
‫مؤسسة عمومية على إعطائها وظيفة (هدف للتعظيم أو التقليل إلى أقصى حد ممكن)‪ ،‬وبالتالي محاولة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Chabanne Pierre Emeric, La gestion des services locaux en France, Grand Forum- Le Partenariat Public-Privé:‬‬
‫; ‪Pourquoi pas?, Centre des sciences-Montréal, 17 Octobre 2013, P6‬‬
‫; ‪Centre national de la fonction publique territorial, Les modes de gestion des service publics, 2011, P1‬‬
‫; ‪Le Mestre Renan, Op cit, P243‬‬
‫‪Valette Jean-Paul, Op cit, P163.‬‬

‫‪33‬‬
‫مضاعفة القيود‪ ،‬وقد تصبح غير متطابقة اعتبا ار من مستوى معين‪ ،‬ومنه رفع المسؤولية عن اإلدارة والغاء‬
‫كل أشكال التسيير االستراتيجي‪.‬‬

‫وفي االخير يمكننا القول أن هذه القضايا األربعة ليست الخيار الوحيد‪ ،‬فنحن نعلم أن االنتقال من السلع‬
‫الجماعية إلى السلع الخاصة يتم بصورة غير محسوسة‪ ،‬ولذلك فمن غير المستغرب أن تكون أساليب‬
‫التسيير هي األخرى متنوعة جدا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المراقبة ضمن الوظائف التسييرية في المؤسسة‬

‫بمجرد أن يبدأ أي نظام في العمل سواء كان هذا النظام مؤسسة عمومية أو خاصة‪ ،‬سرعان ما يظهر‬
‫العديد من الظواهر التي تدفع هذا النظام ليخرج عن المسار الموضوع لتحقيق أهدافه‪.‬‬

‫إن عملية المراقبة الناجحة هي تلك التي ترمي إلى إجراء التصحيح الخاص بالنظام قبل أن تصبح االنحرافات‬
‫فيه خطيرة‪ ،‬ومن ذلك نرى أن أي مؤسسة بعد أن يصبح لها كيانها الحي النابض بالحركة والحياة‪ ،‬وبعد أن‬
‫تبدأ فعال بمزاولة نشاطاتها المختلفة تنشأ الحاجة الماسة لممارسة وظيفة المراقبة‪ ،‬كما تعتبر المراقبة إحدى‬
‫الدعائم األساسية التي ترتكز عليها اإلدارة لتحقيق أهدافها‪ ،‬ومن هنا تظهر أهمية المراقبة والدور الذي‬
‫تضطلع به‪ ،‬وسنحاول من خالل هذا المبحث التطرق إلى هذه الوظيفة التسييرية األساسية بصورة أعمق‪.‬‬

‫المطلب األ ول‪ :‬مفهوم المراقبة‬

‫الفرع األول‪ :‬الحاجة للمراقبة‬

‫تعتبر المراقبة ضرورية في أي عمل تعاوني لتنسيق المساهمات المقدمة من طرف األفراد‪ ،‬وبالفعل‬
‫تتميز كل مؤسسة بتقسيم العمل‪ ،‬وهكذا تجد نفسها في مواجهة مسألة ضمان التعاون بين األفراد الذين لديهم‬
‫‪1‬‬
‫مهام مختلفة‪ ،‬وكذلك مصالح مختلف جزئيا‪.‬‬

‫وحسب )‪ (Merchant, 1982‬إذا كان كل األفراد يعملون لمصلحة المنظمة‪ ،‬عندها ال داعي للمراقبة وال‬
‫حتى للتسيير‪ ،‬ونظ ار لالختالف بين أهداف المؤسسة وأهداف األفراد بسبب عدم قدرة هؤالء أو رغبتهم في‬
‫تحقيق مصلحة المؤسسة‪ ،‬فإنه ينبغي تنصيب أو إقامة مجموعة من الرقابات‪.2‬‬

‫وبالنسبة لـ )‪ (Fisher, 1995‬فان المراقبة تستخدم لتهيئة الظروف التي تحفز المؤسسة على تحقيق النتائج‬
‫‪3‬‬
‫المرجوة أو المحددة مسبقا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫»‪- Ouchi William G, « A conceptual framework for the desing of organizational control mechanisms‬‬
‫‪Management Sciences, Vol 25, n°9, 1979, P833.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Merchant Kenneth A, «The control function of management», Sloan Management Review, Vol 23, n°4, 1982‬‬
‫‪P43.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Fisher Joseph, «Contingency- based research on management control systems: categorization by level of‬‬
‫‪complexity», Journal of Accounting Literature, Vol 14, 1995, P25.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪1‬‬
‫وقام (‪ (Flamholtz,1996‬بتقسيم وظائف أنظمة المراقبة الى أربعة وظائف أساسية وهي‪:‬‬

‫‪ -‬تحفيز األفراد التخاذ الق اررات والعمل طبقا ألهداف المؤسسة؛‬


‫‪ -‬إدراج أو ضم مختلف مساهمات أجزاء المؤسسة؛‬
‫‪ -‬تقديم معلومات تتعلق بنتائج العمليات وأداء األفراد؛‬
‫‪ -‬المساهمة في تطبيق المخطط االستراتيجي‪.‬‬

‫فإذا كانت المتابعة المباشرة لألعمال واإلشراف المباشر وااللتزام الشخصي في األساس هي المستعملة‬
‫لتنسيق ومراقبة أعمال األفراد في المؤسسات الصغيرة وذات الهيكلة البسيطة‪ ،‬فإن نمو المؤسسة أدى بسرعة‬
‫إلى تعقد الوضعية وزيادة المخاطر‪ ،‬وهو ما أدى إلى ضرورة تفويض اتخاذ القرارات وايجاد نظم قانونية‬
‫للمراقبة‪.‬‬

‫وعليه ينبغي إيجاد توازن بين تفويض الق اررات ألعضاء المؤسسة المؤهلين أكثر للتحكم في وضعية ما وبين‬
‫الحفاظ على تماسك المؤسسة والحفاظ على مراقبة األفكار والق اررات والنشاطات‪.‬‬

‫فالمراقبة إذن تندرج ضمن برنامج تنظيم االستقاللية‪ :‬الذي يتضمن تنظيم أنظمة الصالحيات والصالحيات‬
‫‪2‬‬
‫المعاكسة التي تحد من االنحرافات دون منع التقدم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف المراقبة‬

‫تعرض الكثير من الكتاب والمفكرين اإلداريين لتعريف المراقبة وسنحاول فيما يلي عرض بعض التعاريف‬
‫التي قدمت في هذا الصدد‪:‬‬

‫‪ -‬عرفت المراقبة على أنها المرحلة األهم في العملية التسييرية‪ ،‬إذ ال حصر وال تحديد ألية انحرافات أو‬
‫تجاوزات دون هذه المرحلة التي تمثل الجانب الوقائي فيها‪ ،‬وعلى األخص في التخطيط المرن الذي يخضع‬
‫‪3‬‬
‫للتعديل على ضوء ما تفرزه عملية التنفيذ من نتائج وما توصلت له عملية المراقبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Flamholtz Eric, « Effective organizational control: framewwork, applications, and implications », European‬‬
‫‪management journal, Vol 14, n° 6, 1996, P597.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bouquin Henri, Les fondements du contrôle de gestion, 3e Edition , Puf, Paris, 2005a, P05.‬‬
‫‪ -3‬عدنان بدري االبراهيم‪ »،‬تحليل واقع الرقابة اإلدارية من وجهة نظر العاملين االداريين في الجامعات األردنية‪ :‬دراسة ميدانية «‪ ،‬أبحاث اليرموك‪:‬‬
‫سلسلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجلد ‪ ،16‬العدد‪ ،2000 ،1‬ص‪.64‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬يقصد بأنظمة المراقبة تلك التي تعمل على تزويد اإلدارة بالمعلومات الالزمة للقيام بعمليات التخطيط‬
‫والرقابة واتخاذ الق اررات‪ ،‬لذلك فإنه البد من تطويع أنظمة الرقابة بشكل يزيد من احتمال تحقيق األهداف‬
‫‪1‬‬
‫المرسومة من قبل اإلدارة العليا‪.‬‬

‫‪ -‬كما عرفت المراقبة على أنها‪ :‬واحدة من الوظائف اإلدارية المهمة‪ ،‬والعمل اإلداري ال ينتهي عند وضع‬
‫الخطط‪ ،‬بل يستمر ليشمل مرحلة التنفيذ والتحقق من مستوى األداء‪ ،‬وما تم تحقيقه من انجازات مخطط‬
‫لها‪ ،‬وعليه فإن زيادة فاعلية الرقابة اإلدارية له أهمية حيوية بالنسبة لجميع المنظمات فهي تعد مفتاح أساسي‬
‫‪2‬‬
‫في بلورة نجاحاتها وتقدمها‪.‬‬

‫وباعتبار أن المؤسسة ترمي إلى تحقيق تطور في األداء فان هذا يعني أنها ترغب في اتمام مهمتها لذلك‬
‫‪3‬‬
‫فان المراقبة هي تلك التي تهدف إلى تمكين المؤسسة من إكمال مهمتها بفعالية وكفاءة‪.‬‬

‫إن غموض مفهوم المراقبة يتجلى في التعاريف المختلفة التي أعطيت لها‪ ،‬وعلى الرغم من اتفاق هؤالء‬
‫على أهمية المراقبة‪ ،‬إال أنهم لم يتفقوا حول تعريف موحد لها أو تحديد دقيق لطبيعتها‪ ،‬وذلك راجع لغموض‬
‫هذا المفهوم حيث يعتبر من أحد أعقد المصطلحات‪ ،4‬فالمراقبة هي مفهوم غامض ألن لها عدة معاني‪:‬‬
‫من جهة "التحقق ‪ ،"Vérifier‬بمعنى التأكد من أن النشاطات تؤدي إلى النتائج المنتظرة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫"التحكم ‪ "Maitriser‬بمعنى توجيه السلوكات‪.‬‬

‫في المعنى األول تبدو المراقبة كنظام لتحديد المعايير والتحقق من النتائج بالمقارنة مع األهداف المحددة‬
‫مسبقا وفق حلقات التغذية المرتدة‪ ،‬وفي المعنى الثاني مصطلح المراقبة يعني توجيه المرؤوسين في أنشطتهم‬
‫فالمراقبة اعتبرت في آن واحد تحقق وتحكم‪ ،‬أي أنها تأثير مباشر على السلوكات أو مجموعة من التأثيرات‪.‬‬

‫‪ -1‬مسعود بدري‪» ،‬التكامل بين استراتيجيات الجودة وأنظمة الرقابة االدارية‪:‬دراسة ميدانية للمنشآت الصناعية لدولة االمارات«‪ ،‬أبحاث اليرموك‬
‫المجلد‪ ،28‬العدد ‪ ،2001 ،2‬ص‪.323‬‬
‫‪ -2‬سامر عبد المجيد البشاشة‪» ،‬العالقة بين بعض خصائص المعلومات وفاعلية الرقابة اإلدارية«‪ ،‬أبحاث اليرموك‪ ،‬المجلد ‪ ،17‬العدد ‪2002 ،7‬‬
‫ص‪.119‬‬
‫‪3‬‬
‫» ‪- Amans Pascale, Rascol-Boutard Sylvie, « La performance entre construit sociale et indicateur simplifié‬‬
‫‪Finance contrôle stratégie, Vol 11, n° 3, 2008, P46.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Papamichail K.Nadia, Robertson Ian, « Integrating decision making and regulation in the management‬‬
‫‪control process », Omega, Vol 33, n° 4, 2005, P320.‬‬

‫‪37‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬مسار المراقبة‬

‫تبدو المراقبة في معنييها كمسار ذي نشاط حلقي متكرر‪ ،‬يرتكز على نشاط سابق لكنه موجه نحو المستقبل‬
‫فاألمر يتعلق في آن واحد بمسار نشط ومتفاعل‪ .1‬نشط بمعنى أن التوقع يسمح باتخاذ إجراءات تصحيحية‬
‫قبل أن تظهر العواقب الممكنة‪ ،‬ومتفاعل ألنه يسمح بإدخال التعديالت الالزمة على النشاطات المستقبلية‬
‫‪2‬‬
‫بعد معرفة النتائج‪ ،‬وتطبق المراقبة من خالل مسار عقالني نموذجي مكون من ثالث مراحل‪:‬‬

‫‪ -‬المسار الفرعي الخاص بتحديد الغايات‪ :‬أو التخطيط العمودي الذي يتطابق مع تعريف المراقبة قبل‬
‫البدء في تنفيذ النشاطات‪.‬‬

‫‪ -‬المسار الفرعي الخاص بالقيادة‪ :‬الذي يحتل مكانا أثناء تنفيذ النشاط ويشمل مرحلة متابعة تنفيذ النشاطات‬
‫ومرحلة إدخال التصحيحات المحتملة‪.‬‬

‫‪ -‬بعد التنفيذ يأتي المسار الفرعي للتقييم البعدي‪ :‬الذي يترجم بالقياس النهائي لألداء بعد مقارنة النتائج‬
‫مصدر للتعلم بالنسبة‬
‫ا‬ ‫الفعلية مع األهداف المحددة‪ ،‬وتمثل اإلخفاقات المستخلصة من التجربة األولى‬
‫للمؤسسة‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪ :6.1‬مسار المراقبة‬

‫أ‪ -‬المعايير‪ /‬المقاييس‬

‫ب‪ -‬المقارنة‬
‫المتغيرات القابلة‬
‫العمليات‬
‫النتائج المحققة‬ ‫للمراقبة‬

‫ج‪ -‬الفعل التصحيحي‬

‫المصدر‪Magani Philipe, Les système de management, Edition d’organisation, Paris, 1993, :‬‬
‫‪P32.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Thiéthart Raymond-Alain, Le Management, Puf, Paris, 2003, P99.‬‬
‫‪2‬‬
‫; ‪- Flamholtz Eric, Op cit, P599‬‬
‫‪Bouquin Henri, Kuszla Catherine , Le contrôle de gestion, 10e Edition, Puf, Paris, 2014, P120.‬‬

‫‪38‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تصنيفات المراقبة‬

‫الفرع االول‪ :‬مستويات المراقبة حسب )‪ (Anthony, 1965‬و )‪(Bouquin, 1991‬‬

‫‪ ‬قام ‪ ،Anthony‬مؤسس مراقبة التسيير بجامعة ‪ Harvard‬سنة ‪ 1965‬بوضع تصنيف ذو توجه‬


‫وظيفي يميز خالل المسار " تحديد الغايات‪ ،‬القيادة‪ ،‬التقييم البعدي " ثالث مستويات للمراقبة‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -‬التخطيط االستراتيجي ‪Planification stratégique‬‬
‫‪ -‬مراقبة التسيير ‪Control de gestion‬‬
‫‪ -‬مراقبة التنفيذ ‪.Contrôle d’exécution‬‬
‫والممثلة حسب الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :7.1‬تداخل المستويات الثالثة للمراقبة‬

‫مراقبة استراتيجية‬

‫مراقبة التسيير‬

‫مراقبة تنفيذية‬

‫المصدر‪Bouquin Henri, Kuszla Catherine, (2014), Op cit, P137:‬‬

‫وعرفها كما يلي‪ :‬التخطيط االستراتيجي هو المسار الذي يرتكز على تحديد أهداف المنظمة واالستراتيجيات‬
‫الالزم اتخاذها للوصول إلى هذه األهداف [‪ ]...‬مراقبة التسيير هي المسار الذي يقوم المسيرون من خالله‬

‫‪39‬‬
‫بالتأثير على أعضاء التنظيم‪ ،‬وذلك بهدف تنفيذ االستراتيجيات بكفاءة وفعالية [‪ ]...‬المراقبة العملية وهي‬
‫‪1‬‬
‫المسار الذي يعمل على ضمان أن المهام المحددة تنفذ بكفاءة وفعالية‪.‬‬

‫ومن هذا التعريف يمكننا استخراج النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬هناك تنظيم سلمي بين مستويات المراقبة‪ :‬حيث ال توجد مراقبة تسيير دون مراقبة تنفيذية وال مراقبة‬
‫استراتيجية دون مراقبة التسيير‪.‬‬

‫‪ -‬كل مراقبة تحدد غاياتها وتقود وتقيم‪ ،‬لكنها في نفس الوقت تحدد غاياتها وتقاد وتقيم بواسطة المراقبة‬
‫األعلى منها كما هو موضح في الشكل الموالي‪.‬‬

‫‪ -‬تشكل المستويات الثالث للمراقبة تنظيما متداخال ألن انتقال المعلومات تستبعد وجود الحواجز بين هذه‬
‫المستويات‪.‬‬

‫طور ‪ Bouquin‬ابتداءا من ‪ 1991‬نموذجا تركيبيا للمراقبة الداخلية في المؤسسة يأخذ بعين االعتبار‬
‫تصنيف ‪ Anthony‬والمسار العام للمراقبة‪ 2‬ومثله بعدها كما يلي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :8.1‬مستويات ومراحل المراقبة‬

‫عملي‬ ‫تكتيكي‬ ‫استراتيجي‬

‫تحديد الغايات‬

‫القيادة‬

‫التقييم البعدي‬

‫مراقبة التنفيذ‬ ‫مراقبة التسيير‬ ‫مراقبة استراتيجية‬

‫المصدر‪Henri Bouquin, (2005a), Op cit, P45:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Anthony Robert N, Dearden John, Bedford Norton M, Management control systems, Fifth Edition, IRWIN‬‬
‫‪USA, 1984, P10.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bouquin Henri, « Le contrôle de gestion : le temps réel implique un retour aux sources », Revue Fracaise‬‬
‫‪de Gestion, n° 86, 1991, PP 17-26‬‬

‫‪40‬‬
‫وفي إطار تقسيم مؤقت للتسيير يمكن ربط كل مستوى من المستويات الثالثة للمراقبة مع مستوى من التسيير‬
‫‪1‬‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬التسيير االستراتيجي‪ :‬يوجه النشاطات على المدى البعيد للمؤسسة وفي هذا المستوى يجب أن‬
‫تتوفر مراقبة استراتيجية تساعد على اتخاذ الق اررات االستراتيجية وذلك باستعمال تشخيص داخلي‬
‫وخارجي‪.‬‬
‫‪ ‬التسيير اليومي أو المتواصل‪ :‬يتابع النشاطات على المدى القصير )سنة( وعلى المدى القصير‬
‫جدا (أقل من سنة( فهذه إذن مراقبة تنفيذية أو عملية والتي ينبغي أن تسمح بتنظيم اإلجراءات‬
‫المتكررة (اإلنتاجية أو اإلدارية) بالتأكد من أن القواعد المعمول بها مطبقة وبالتالي فهي تسمح‬
‫باتخاذ الق اررات التنفيذية أو العملية‪.‬‬

‫وفي إطار هذا التحليل الزمني‪ ،‬تتوضع مراقبة التسيير كمرحلة وسطية بين المراقبة االست ارتيجية ومراقبة‬
‫التنفيذ‪ ،‬حيث تسمح على المدى المتوسط بمراقبة تحويل األهداف طويلة األجل إلى نشاطات يومية‪ ،‬وعليه‬
‫تسمح مراقبة التسيير باتخاذ الق اررات التكتيكية‪ ،‬وبإدماج المراحل الثالث للمراقبة نحصل على الجدول التالي‬
‫علما أن الحدود بين كل خانتين ليست فاصلة‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ : 1.1‬قرارات التسيير ومستويات المراقبة‬


‫مستويات القرار‬
‫تنفيذي أو عملي‬ ‫تكتيكي‬ ‫استراتيجي‬ ‫مسار المراقبة‬

‫تحديد الغايات‬ ‫‪‬‬


‫القيادة‬ ‫‪‬‬
‫مراقبة التنفيذ‬ ‫مراقبة التسيير‬ ‫مراقبة استراتيجية‬
‫التقييم‬ ‫‪‬‬

‫المصدر‪Alazard Claude, Séparé Sabine, (2013), Op cit, P09 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Alazard Claude, Séparé Sabine, (2013), Op cit, P08.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النماذج السبرانية وغير السبرانية للمراقبة‬

‫أدى تحديد مسار المراقبة في ثالث مراحل إلى ظهور فكرة احتمال التماثل أو التشابه بين مسار الم ارقبة‬
‫والسبرانية‪ 1‬فالهدف من مقاربة السبرانية هو إنشاء وحدات تخضع للمراقبة الذاتية بفضل دورات استرجاعية‬
‫للمعلومات (حلقة التغذية المرتدة ‪ ،(Feed back‬وبالتالي تحدد كل وحدة التعديالت الواجب إدراجها ويتم‬
‫التصحيح بطريقة آلية‪ 2‬وذلك حسب المخطط التالي‪ :‬قياس النتيجة ‪-‬المقارنة مع الهدف – إجراء‬
‫تصحيحي‪ .3‬وبالتالي يتم الربط بسرعة بين النموذج السبراني ومسار المراقبة المتكون من ثالث مراحل‪ ،‬وهذا‬
‫التشابه المبالغ فيه يبدي مخاطر أكيدة‪.‬‬

‫إن شروط النموذج السبراني ليست دائما محترمة فيما يتعلق بتحديد األهداف‪ ،‬وصعوبة وضع نموذج تنبؤي‬
‫لتقييم األداءات وتنفيذ الحلول‪ ،‬والمراقبة من جهة أخرى هي أكثر تعقيدا باعتبار أن مراحلها الثالث مرجحة‬
‫للتطور‪ :‬فمسار تحديد األهداف هو نقطة البداية وهو يتم في محيط غير مستقر أو غير مؤكد‪ ،‬وهو ما‬
‫يجعل وجود هذه المرحلة في بعض األحيان غير مبرر‪ ،‬ويرتكز مسار القيادة على معالجة المعلومة الناتجة‬
‫عن نشاط العاملين‪ ،‬وأخي ار المرحلة النهائية التي تعتمد على أداء يصعب أحيانا قياسه وعلى تجنيد للعاملين‬
‫يصعب أحيانا الحصول عليه‪ .‬إن التقييم البعدي يترجم أكثر بواسطة التعلم الذي يميل أنصار السب ارنية إلى‬
‫إهماله‪ ،‬وفي الواقع يصبح من الضروري إجراء المراقبة بمجرد عدم توفر أحد شروط النموذج السبراني‬
‫للمراقبة‪.‬‬

‫كما أن نقص المعلومة والتعقد وعدم التأكد الذي تسود المحيط يبرر المراقبة والدور الذي يلعبه المسير بهذا‬
‫الخصوص مع األخذ بعين االعتبار في نفس الوقت أن المراقبة ليست كاملة دائما كما تبينها نماذج المراقبة‬
‫غير السبرانية‪.4‬‬

‫وخالفا للنموذج السبراني والعقالني للمراقبة‪ ،‬فإن العديد من األعمال تلح على البعد االجتماعي والسلوكي‬
‫للمراقبة‪ ،‬وهكذا طور ‪ )Hofsted,1981)5‬أفكاره فيما يخص المراقبة‪ ،‬باالهتمام بمصادر الشك وعدم التأكد‬
‫المؤسساتية )غموض األهداف‪ ،‬قدرة قياس النتائج‪ ،‬التحكم في العالقة بين الوسائل‪ ،‬األهداف والمظهر‬

‫‪ -1‬السبرانية هي علم المراقبة واالتصال حسب ‪.Weiner 1967‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Magani Philipe,Op cit, P32.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Fisher Joseph , Op cit, P26.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Leclercq Aurèlie, Le contrôle organisationnel et les systèmes d'information mobile: une approche‬‬
‫‪foucalienne, thèse doctorat en science de gestion, Université paris dauphine, 2008, P16.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Hofsted Greet, « Management control of public and not for profit-activities», Accounting, Organization and‬‬
‫‪Society, Vol 6, n° 3, 1981, P194.‬‬

‫‪42‬‬
‫الروتيني والتكراري للعمليات(‪ ،‬ومدى تأثيرها على مسارات المراقبة‪ .‬إن نمذجة "األشكال المتدرجة للمراقبة"‬
‫تخالف النماذج السبرانية ( المراقبات الروتينية‪ ،‬بخبير‪ ،‬بالمحاولة والخطأ) وتخالف كذلك النماذج غير‬
‫السبرانية ( المراقبات‪ :‬بأحكام مسبقة‪ ،‬حدسية‪ ،‬وسياسية)‪ ،‬و)‪ (Ouchi 1979,1981‬مثل ‪(Hofsted‬‬
‫)‪ 1981‬يعارض النموذج العقالني والسبراني للمراقبة ‪-‬بإثبات أن بعض شروط النموذج العقالني ليست‬
‫دائما مطبقة– على الخصوص بسبب مشاكل قياس األداء ومعرفة مسار اإلنتاج‪.‬‬

‫إن مسارات المراقبة تنبثق إما عن نماذج سيبرانية وهميوستاتيكية )‪ (Homéostatiques‬أو عن النماذج‬
‫غير السبرانية التي تترك مجاال واسعا للغموض‪ ،‬الحدس واألحكام المسبقة والدعوة إلى االعتراف بالبعد غير‬
‫الرسمي‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أنظمة المراقبة‬

‫قام ‪ Simons‬خليفة ‪ Anthony‬في جامعة ‪ Harvard‬بالتخلي عن التصنيف الذي قام به هذا األخير‬
‫وأدخل في تحليله األبعاد السلوكية المرتبطة بالمراقبة‪.‬‬

‫عرف (‪ (Simons, 1987‬المراقبة بجملة روتينيات واجراءات رسمية تستعمل المعلومة للحفاظ أو لتغيير‬
‫مظاهر النشاط المؤسساتي‪ .1‬وبدال من وضع نموذج للمراقبة المؤسساتية‪ ،‬فضل ‪ Simons‬وضع أنظمة‬
‫للمراقبة والتي وصفها من حيث عالقتها باالستراتيجية المؤسساتية واستعمالها من طرف المسيرين كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أنظمة المراقبة التشخيصية )‪ :(Systèmes de contrôle diagnostic‬والتي تستعمل من قبل‬


‫المسيرين بصورة دورية لمتابعة النتائج الخاصة بالمؤسسة وتصحيح االنحرافات المحتملة‪.‬‬

‫‪ -‬أنظمة المراقبة التفاعلية )‪ :(Systèmes de contrôle interactifs‬وهي أنظمة رسمية للمعلومات‬


‫تستعمل من طرف المسيرين للتفاعل بشكل مباشر مع مرؤوسيهم والمساهمة في تسيير النشاطات الجارية‬
‫(قيد التنفيذ)‪.‬‬

‫‪ -‬أنظمة المعتقدات )‪ :(Systèmes de croyances‬هي أنظمة رسمية تستعمل من طرف المسيرين‬


‫لتعريف ونقل الثقافة‪ ،‬القيم واألهداف التنظيمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Simons Robert, «Accounting control systems and business strategy an empirical analysis», Accounting,‬‬
‫‪Organization and Society, Vol 12, n° 4, 1987, P35.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬أنظمة الحواجز )‪ :(Systèmes de barrières‬هي أنظمة رسمية توضع من طرف المسيرين لتحديد‬
‫السلوكات غير المقبولة والممنوعات غير القابلة للتجاوز‪.‬‬

‫شكل رقم ‪ :9.1‬أنظمة المراقبة حسب (‪(Simons 1987‬‬

‫األنظمة التحفيزية‬ ‫األنظمة الكالسيكية للمراقبة‬

‫أنظمة المعتقدات‬ ‫أنظمة الحواجز‬

‫القيم األساسية‬ ‫المخاطر الواجب تفاديها‬


‫المراقبة االستراتيجية‬
‫ة‬

‫االجتماع على سبب الوجود‬ ‫تحديد المجال‬


‫االستراتيجية‬
‫تحديد الموقع بالنسبة للمستقبل‬ ‫تنفـــيذ العمل‬

‫مراقبة التسيير‬ ‫عدم التأكد االستراتيجي‬ ‫ميادين األداء الحرجة‬

‫األنظمة التفاعلية للمراقبة‬ ‫أنظمة التشخيص ‪ /‬المراقبة‬

‫مراقبة العمليات‬ ‫مراقبة داخلية‬

‫المصدر‪Simons Robert, (1987); Leclercq Aurélie, Op cit, P17 :‬‬

‫‪44‬‬
‫إن الهدف من إطار ‪ Simons‬هو تسليط الضوء على التناقضات التي يواجهها المسير‪ ،‬لمراقبة كل شيء‬
‫مع االستعداد للتغيير‪ ،‬والحفاظ على مستوى معين من اإلنتاجية والفعالية مع إعطاء العمال درجة مقبولة‬
‫من االستقاللية‪ ،‬وضمان تنفيذ االستراتيجية مع السماح للعمال بدرجة من الحرية تمكنهم من اإلبداع والتجديد‬
‫والمرونة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك أدمج ‪ Simons‬المفهوم التقليدي للمراقبة )‪ (Anthony, 1965‬مع األخذ‬
‫بعين االعتبار النموذج السبراني‪ ،‬ومختلف مكونات المراقبة بما فيها القيم والقواعد واألنظمة التفاعلية‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مكونات نظام المراقبة‬

‫حدد ‪ Flamholtz‬تقنيات مختلفة للمراقبة‪ ،‬مجمعة تحت مصطلح "أنظمة المراقبة المؤسساتية"‪ ،‬قادرة‬
‫على تحديد السلوكات بطريقة جد قوية‪ ،‬وعرفها على أنها "مجموعة من اآلليات ‪ -‬المسارات والتقنيات‪-‬‬
‫وضعت من أجل رفع احتمال تبني األفراد للسلوكات التي تكمل أهداف المؤسسة "‪.1‬‬

‫‪2‬‬
‫يتكون نظام المراقبة في المؤسسة من ‪ 03‬أجزاء‪:‬‬

‫‪ -‬قلب نظام المراقبة‪ :‬و يدعى‪ -‬نظام المراقبة الصغير‪ -‬مماثل للهيكل السبراني ومكون من أربعة نظم‬
‫فرعية‪ :‬التخطيط‪ ،‬العمليات‪ ،‬القياس‪ ،‬التقييم‪ /‬التعويض أو المجازاة‪.‬‬

‫‪ -‬الحلقة الوسيطية‪ :‬وتتكون من هيكل تنظيمي يحدد مجموعة من القواعد المترابطة والسلوكات المنتظرة‬
‫واألدوار المطلوبة وكذلك عالقات السلطة وتبليغ النتائج ‪.Reporting‬‬

‫‪ -‬الحلقة الخارجية‪ :‬تمثل الثقافة المؤسساتية التي تستند إلى مجموعة من القيم والمعتقدات واألعراف‬
‫االجتماعية المشتركة بين أعضاء المؤسسة والتي تؤثر على أفكارهم وتصرفاتهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Flamholtz Eric, Op cit, P598‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ibid, P599.‬‬

‫‪45‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 10.1‬مكونات نظام المراقبة‬

‫الثقافية التنظيمية‪:‬‬
‫الدور الفرعي للمسير‬

‫هيكلة المؤسسة‪:‬‬
‫الدور الفرعي للمسير‬

‫قلب نظام المراقبة‪:‬‬


‫‪ -‬التخطيط والموازنات‬
‫‪ -‬تقارير قياس‬
‫المحاسبة‬

‫المصدر‪Flamholtz Eric, Op cit, P 599 :‬‬

‫وهكذا يكون ‪ Flamholz‬قد مزج بين الطبيعة الثابتة والمتغيرة للمراقبة في نفس الوقت‪ ،‬حيث اعترف أنه ما‬
‫عدا المسار السبراني في قلب المراقبة هو غير رسمي‪ ،‬وهكذا وفق ‪ Flamholtz‬بين مفهوم " أنظمة المراقبة‬
‫" والنموذج الكالسيكي السبراني للمراقبة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أبعاد المراقبة‬


‫لفهم أسس ونطاق المراقبة بالمؤسسة‪ ،‬من المناسب تحليل األبعاد األساسية‪ :‬المصادر‪ ،‬الوسائل‪ ،‬المواضيع‬
‫والعوامل التي يحتمل أن تؤثر فيها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مصادر المراقبة‬

‫تنشأ عالقات جد متنوعة للمراقبة من تدخل تشكيلة من العناصر الفاعلة في السياق التنظيمي اعتمادا على‬
‫التوجه الخارجي ) الزبائن‪ ،‬المقاولون‪ ،‬البيئة الخارجية(‪ ،‬أو الداخلي )المالك‪ ،‬المسيرون والتابعين لهم)‬
‫للمراقبة‪ ،‬وبين (‪ (Mintzberg, 1986‬أن هناك تحالفات مختلفة داخلية وخارجية محبذة لمراقبة الق اررات‬

‫‪46‬‬
‫داخل وفي محيط المؤسسات‪ ،1‬ونظ ار لهذه المصادر المختلفة للمراقبة‪ ،‬فإنه يمكن النظر إلى المراقبة على‬
‫أنها نظام مدمج (يتكون من عناصر) يضمن في آن واحد "االنسجام الداخلي للمؤسسة" بفضل التحكم في‬
‫نشاطات المرؤوسين‪ ،‬و"االنسجام الخارجي" بفضل التحكم في العالقات مع المحيط الخارجي‪.‬‬

‫وفيما يلي سنركز على المراقبة الداخلية والسيما على المراقبة التي تعتمد على "العالقة السلمية" وفي هذا‬
‫الصدد توجد مصادر مختلفة لتوجيه السلوك تتبادل التأثير‪ :‬الفرد نفسه (الشخصية)‪ ،‬فرد آخر‪ ،‬المجموعة‬
‫االجتماعية‪ ،‬المؤسسة ككل‪ ،‬وعليه توجد أشكال مختلفة من المراقبة ترتبط مع عوامل التأثير هذه‪:‬‬

‫‪ ‬المراقبة الذاتية )‪ :(L’autocontrole‬عن طريق التحديد الذاتي لألهداف‪ ،‬التحفيز‪ ،‬األخذ بعين‬
‫االعتبار المعايير المؤسساتية والرغبة في األداء الجيد‪.‬‬
‫‪ ‬المراقبات االجتماعية )‪ :(Contrôles sociaux‬تعكس التأثيرات المتبادلة‪ ،‬والضغوطات بين‬
‫األفراد داخل المجموعات‪.‬‬
‫‪ ‬المراقبات اإلدارية )‪ :(Contrôles Administratifs‬التي تمارسها المؤسسة من خالل النظم‬
‫والقواعد‪ ،‬مراقبة التسيير‪ ،‬الهياكل المكافآت والجزاءات‪ ،‬إجراءات التكوين والتوظيف‪ ،‬وكذلك قنوات‬
‫االتصال‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أدوات ووسائل المراقبة‬


‫حسب ‪ Chiapello‬يمكن تعريف أدوات المراقبة كما يلي‪" :‬هي األدوات المستعملة من طرف المسيرين‬
‫للتحكم في نشاطات المؤسسات"‪ ،2‬ويمكن ممارسة المراقبة بواسطة أدوات متنوعة رسمية وغير رسمية‪.‬‬
‫يشمل نظام المراقبة الرسمي مجموعة من التقنيات الكالسيكية‪ 3‬التي تؤطر مباشرة نشاط المرؤوسين وتعتمد‬
‫المراقبة هنا على بعض العناصر الهيكلية‪ ،‬مثل درجة المركزية والالمركزية‪ ،‬التخصص الوظيفي درجة‬
‫االندماج العمودي أو األفقي ونطاق أو مجال المراقبة‪ ،‬وأخي ار االستعانة بمصادر خارجية والدخول في‬
‫األنشطة التنافسية المتاحة للمسيرين في ممارسة المراقبة المؤسساتية‪ ،‬وبالموازاة مع هذه األدوات الرسمية‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mintzberg Henry, le pouvoir dans les organisations, Edition d'organisation, Paris, 1986, P26.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Chiapello Eve, « les typologies des modes de contrôle et leurs facteurs de contingences : un essai‬‬
‫‪d’organisation de la littérature », Comptabilité Contrôle Audit, Vol 2, n° 2, 1996, P52.‬‬
‫‪ -3‬تتمثل هذه التقنيات في‪ :‬المخططات‪ ،‬اإلجراءات‪ ،‬المعايير‪ ،‬القواعد‪ ،‬الموازنات‪ ،‬األدوات والقياسات المحاسبية‪ ،‬لوحات القيادة‪ ،‬تقارير النشاط نظم‬
‫المعلومات‪ ،‬العقود‪ ،‬وصف المهام و الوظائف‪ ،‬المراقبة الموازنية‪ ،‬التحكم المباشر للمسير و تقسيم العمل‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫توجد أدوات غير رسمية للمراقبة‪ ،‬أو حتى غير مرئية‪ ،‬ناتجة عن تحديد هوية المؤسسة‪ ،‬وعلم النفس‬
‫واالجتماع‪ ،‬المحددات الفردية والجماعية للسلوكات والعوامل البسيكولوجية والثقافية المؤثرة‪.‬‬
‫تتضمن المراقبة غير الرسمية آليات غير رسمية مثل ‪ :‬ثقافة المؤسسة‪ ،‬الضمير المهني لألفراد‪ ،‬إثراء المهام‬
‫مشاركة األطراف الفاعلة‪ ،‬أو حتى االنخراط في مشروع المؤسسة‪ ،1‬وعلى مستوى الموارد البشرية هناك‬
‫بعض اآلليات المستعملة باستم ارر لمراقبة السلوكات مثل اختيار وتدريب الموظفين‪ ،‬نظم تقييم األداء‬
‫المشاركة‪ ،‬نظم التحفيز‪ ،‬هذه اآلليات خاصة تلك المتعلقة بثقافة المؤسسة تعتمد على توافق اآلراء حول قيم‬
‫المؤسسة والتي يمكن أن تكون مفيدة للمراقبة عندما يصعب تقييم األداء‪ .‬تعمل المراقبة غير المرئية" على‬
‫جعل ليس فقط المحيط‪ ،‬ولكن ردود أفعال األفراد نفسهم أكثر قابلية للتنبؤ"‪.2‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مواضيع المراقبة‬

‫كما تشير إلى ذلك طبيعة أو عبارة – رسمي وغير رسمي‪ -‬ألدوات المراقبة فإن هناك أنواع مختلفة من‬
‫المراقبة يمكن تحديدها كذلك باالعتماد على المواضيع التالية‪ :‬النشاطات والسلوكات‪ ،‬النتائج‪ ،‬خصائص‬
‫‪3‬‬
‫الموظفين‪:‬‬

‫‪ ‬مراقبة السلوكات )‪ :(Contrôle des comportements‬أو مراقبة األعمال الخاصة التي‬


‫تندرج ضمن المراقبة الذاتية من خالل المتابعة المباشرة‪ ،‬تنفيذ القواعد والقيود المفروضة على‬
‫السلوك (أفراد أو إدارة)‪ ،‬ضرورة مراعاة كل فرد لنشاطاته‪.‬‬
‫‪ ‬مراقبة النتائج أو المخرجات )‪ :(Contrôle des résultats/outputs‬وهي تعتبر كمراقبة‬
‫غير ذاتية تهدف إلى التأثير على السلوكات بصورة غير مباشرة من خالل تقييم األداءات‪.‬‬
‫‪ ‬مراقبة الطقوس )‪ (Contrôle rituel‬أو المراقبة على األف ارد‪ :‬تعتمد على المراقبة االجتماعية‬
‫والمراقبة الذاتية‪ ،‬وهي بعد رمزي يظهر من خالل الثقافة والقيم‪ ،‬إجراءات التدريب واالتصال أو‬
‫كذلك إجراءات اختيار الموظفين الجدد‪.‬‬

‫هذه األشكال من المراقبة ال تخدم نفس األهداف وتختلف وفقا لبعدين‪ :‬إمكانية قياس النتائج وكذلك معرفة‬
‫مسار التحول أو األعمال الخاصة‪ ،‬وهكذا تبدو مراقبة النتائج مميزة عندما تكون غير ممكنة لنقص المعلومات‬

‫‪1‬‬
‫‪- Leclerco Aurélie, Op cit, P20.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bouquin Henri, (1991), Op cit, P10.‬‬
‫‪3‬‬
‫» ‪-Ouchi William G, « The relationship between organisational structue and organisational control‬‬
‫‪Adminisrative Science Quaterly, Vol 22, n°1, 1977, P97.‬‬

‫‪48‬‬
‫المناسبة لمسار التحول‪ .‬وتشجع مراقبة السلوكات عندما تكون العالقة بين الوسائل واألهداف محددة‪ ،‬وهذا‬
‫يعني أن المعرفة الدقيقة لمسار التحول تسمح بتحديد أدوار كل واحد‪ ،‬وعندما يبدي هذين الشكلين من‬
‫المراقبة ضعفا كبي ار فإنه يفضل مراقبة الطقوس (القبلية ‪. (Clanique‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬العوامل الطارئة للمراقبة‬

‫باإلضافة األبعاد المتكررة للمراقبة‪ ،‬من المهم االعتراف بالطابع النسبي والبعد الطارئ لها‪ ،‬فحسب‬
‫)‪" :)Fisher,1995‬ال يوجد نظام للمراقبة مناسب وعالمي يمكن تطبيقه في كل الظروف "ان وضع آليات‬
‫المراقبة تبدو بالفعل طارئة حسب الظروف التي تواجه المؤسسة‪ ،‬وهكذا تكون المراقبة قابلة للتغير في‬
‫طبيعتها‪ ،‬وفي وظيفتها األساسية‪ ،‬وذلك تبعا لعدة متغيرات محددة في الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ : 2.1‬العوامل الطارئة للمراقبة‬

‫التأثيرات والعالقات‬ ‫العوامل الطارئة‬

‫الداخلية‬

‫االنسجام بين نمط اإلدارة ثقافة المؤسسة ونمط المراقبة‪.‬‬ ‫نمط اإلدارة‬

‫تأثير استراتيجية المؤسسة الخصائص الهيكلية وطبيعة الزبائن على أنماط المراقبة‬ ‫االستراتيجية‬

‫‪ -‬العالقة بين الحجم ودرجة هيكلة المؤسسة‪.‬‬ ‫الحجم‬


‫‪ -‬العالقة بين المعيارية ‪ Standardisation‬الطابع الرسمي مركزية القرارات وأنواع‬
‫المراقبة الممكنة‪.‬‬

‫العالقة بين التكنلوجيا وهيكلة المؤسسة وأنواع المراقبة الممكنة‪.‬‬ ‫التكنولوجيا ‪ /‬أنماط اإلنتاج‬

‫االنسجام بين الثقافة المهنية والتنظيمية ونوع المراقبة‪.‬‬ ‫الثقافة المهنية والتنظيمية‬

‫الخارجية‬

‫تكيف أنماط المراقبة مع المحيط (التعقد عدم التأكد االستقرار)‪.‬‬ ‫المحيط‬

‫تأثيرات الضغوط المرتبطة بسوق العمل مستوى الخبرة الطلب على السلع والخدمات‬ ‫السياق التاريخي‬
‫مستوى المنافسة المراقبة من قبل المساهمين واألسواق المالية النصوص التنظيمية الوطنية‪.‬‬ ‫واالقتصادي‬

‫‪49‬‬
‫تأثير المعايير االجتماعية والوطنية (القيم التربية الشخصية معايير الجماعة) على أنماط‬ ‫الثقافة الوطنية‬
‫المراقبة وقبول السلطة إشكالية تغيير النماذج الوطنية للمراقبة‪.‬‬

‫المصدر‪Leclercq Aurélie, Op cit, P21 :‬‬

‫إذا كان من الضروري الجمع بين المراقبة وبعض الخصائص الداخلية أو الخارجية المميزة للمؤسسة‪ ،‬فإنه‬
‫البد من اتخاذ الحيطة والحذر من أي أدوات نهائية‪ ،‬إن التأثيرات المتبادلة بين نظام المراقبة والمتغيرات‬
‫الطارئة شديدة التعقد‪ ،‬ولهذا السبب تبقى المراقبة على درجة كبيرة من التطور والديناميكية‪ ،‬كما تبقى المراقبة‬
‫الضمان النسجام االستراتيجية مع العوامل األخرى المتعلقة بكل من المؤسسة ومحيطها‪ ،‬وفي األخير يجب‬
‫اعتبار المراقبة " كمسار يظهر باستمرار ذي توازن غير مستقر في حاجة للتعديل المستمر"‬

‫المطلب الرابع‪ :‬ضرورة توضيح العالقة بين المراقبة والتسيير‬

‫تحتل المراقبة مكانة مركزية في وظيفة المسير وهو ما اعترف به الكتاب الكالسيكيون‪ ،‬والنقاش الجدلي‬
‫المعقد الذي يربط التسيير بالمراقبة سمح بالتدريج بظهور خلط حول مفاهيم التنظيم‪ ،‬التسيير‪ ،‬والمراقبة‪ ،‬فكل‬
‫أدوار المسير تعتمد على المراقبة؟ وهو ما سمح بظهور التسيير والمراقبة كشيء واحد‪.‬‬

‫النظرة الكالسيكية‪ ،‬خاصة التيلورية‪ ،‬تسمح لنا باالعتقاد أن التسيير شبيه بالمراقبة‪ ،‬دون إنكار ثراء التصور‬
‫الذي قدمته ‪ Follett‬والتي أخذت بمفهوم التسيير الشبيه بالمراقبة في تصريحاتها المقدمة سنة ‪:1932‬‬
‫التنظيم هو المراقبة‪ ،‬وفي نفس السياق نجد أن )‪ (Anthony, 1965‬ال يميز بين المراقبة في معناها الواسع‬
‫والتسيير‪ ،‬كما يماثل بين أغلب أنشطة المؤسسة وتلك الخاصة بالتخطيط والمراقبة‪ ،‬وبالتالي تصبح المراقبة‬
‫ناتج مسار التسيير‪ ،‬رغم أنها وضعت لتكون أداة لتحقيقه‪.‬‬

‫وأخي ار حددت المراقبة التي أتى بها المنظرون الرئيسيون للمؤسسات كل المظاهر والجوانب التي تسمح‬
‫بتسيير المؤسسة‪ ،‬وبالرغم من أن المراقبة والتسيير "ال يعوض أحدهما اآلخر وليسا متشابهين وال مترادفين‬
‫‪1‬‬
‫لكنهما متكاملين‪ ،‬فالمسير يسعى دائما إلى ضمان نوع من المراقبة عندما يشعر أنها تقدم الحل المثالي"‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouquin Henri, (2005a), Op cit, P39‬‬

‫‪50‬‬
‫‪1‬‬
‫أمام هذه التجاوزات‪ ،‬يبدو من الضروري تجديد المراقبة واعادة توجيه أدوارها‪:‬‬

‫‪ -1‬المراقبة نظام اجتماعي مفتوح‪:‬‬

‫لقد وجدنا أن المراقبة تشمل غايات معقدة‪ :‬فالمراقبة هي أوال وسيلة اقتصادية وحسابية‪ ،‬من أجل تحسين‬
‫مسارات تسيير المؤسسة‪ ،‬وهي من جهة أداة للتحكم في المؤسسة‪ ،‬تسمح بتفويض تطبيق السياسات مع‬
‫إعالم المسؤولين بنتائج تنفيذ االستراتيجية‪ ،‬ومن جهة ثانية أداة لنمذجة السلوكات‪ ،‬التي تساهم في قراءة‬
‫النشاطات على صعيد المؤسسة‪ ،‬فالمراقبة تتضمن بالفعل إجراءات غير رسمية تمثل صورة لألف ارد عن‬
‫أدوارهم وتعمل على تبليغ وتوصيل الرسائل داخل المؤسسة‪.‬‬

‫وهكذا تبدو صور المراقبة وعالقتها بالتسيير تتطلب التغيير والتطور‪ ،‬ودور المسؤول قد تطور إلى دور‬
‫المنشط والمرشد والمساعد‪ ،‬وابتعد عن الصورة الكالسيكية المتمثلة في المراقبة‪/‬الجزاء‪ ،‬كما أن الدعوة للمراقبة‬
‫الذاتية تماشيا مع توصيات بعض الكتاب في مجال التسيير )‪(Follett 1924, Drucker 1955/1995‬‬
‫حملت معها تطو ار في دور المسير‪ ،‬كما عملت على تشييد عالقة الثقة التي تطورت بالتدريج بين المسؤول‬
‫والتابعين له وبالتالي يبدو أن صورة المراقبة "كتحقيق وتحكم " قد ولت وابتعدت‪ ،‬فالمراقبة هي فعال " مسار‬
‫للتنشيط وعالقة عمودية وأفقية للمنفذين‪ ،‬وهي عنصر منشط للمؤسسات الخاملة‪ ،‬تدفعها ألداء وظيفتها من‬
‫خالل الممارسة"‪.2‬‬

‫تظهر المراقبة إذن كنظام اجتماعي مفتوح تتطلب‪ ،‬أكثر فأكثر‪ ،‬تسيير وتنشيط األفراد‪ ،‬فهي نظام قادر على‬
‫التطور تحت تأثير العناصر الفاعلة المكونة لها‪ ،‬لهذه األسباب تشمل المراقبة أجهزة مزدوجة فهي في آن‬
‫واحد تعمل على االنسجام وناقلة لالختالالت الوظيفية‪ ،‬مؤكدة على فكرة أن المراقبة تتوسع وتتجدد باستمرار‪.‬‬

‫‪ -2‬المراقبة ودورها التنشيطي لألفراد‪:‬‬


‫تشمل المراقبة إذن قضايا أخرى غير االقتصادية باعتبار أنها تمس قلب المؤسسة وبصورة خاصة األفراد‬
‫المكونين لها‪ ،‬إن مسألة دور المنفذين تطرح في جميع المراحل التي تميز تصور وتطبيق المراقبة المؤسساتية‬
‫في مرحلة وضع األهداف‪ ،‬باعتبار أن المراقبة تجمع دعم وموافقة أعضاء المؤسسة‪ ،‬كما تمس المراقبة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Leclercq Aurélie, Op cit, P30.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bouquin Henri, (2005a), Op cit, P 09.‬‬

‫‪51‬‬
‫كذلك سلوك الفرد من خالل إنجاز وتحقيق األهداف‪ ،‬التحفيز‪ ،‬وتحسين األداء‪ ،‬وأخي ار فإن طريقة المراقبة‬
‫تؤثر في مواقف األفراد والتجربة المعيشة ألعضاء المؤسسة‪.‬‬
‫إذا أخذنا بعين االعتبار قضايا األفراد في مسألة أساسية تخص االنتقال من نمط تسيير إلى آخر‪ ،‬ومن‬
‫باب أولى في تغيير أنماط المراقبة فإن نتائج التغيير تترجم بانعكاس الوضع الراهن رأسا على عقب على‬
‫مستوى العادات والمعتقدات والهياكل‪ .‬ولذلك فإن التحدي والصعوبة يكمن في تقبل التغيير من أجل تعزيز‬
‫مواقف األفراد في تحقيق أهداف المؤسسة على المدى الطويل‪ ،‬وكل التحدي يكمن في تطوير شكل من‬
‫أشكال المراقبة تعمل على جذب أعضاء وأفراد المؤسسة مما يؤدي بهؤالء إلى الرغبة أو على األقل إلى‬
‫قبول تغيير مفيد للمؤسسة‪ .‬ووفقا لـ )‪ (Bouquin, 1991‬فإن المراقبة وبصورة أخص مراقبة التسيير‪ ،‬ال‬
‫دور تربويا وتحفيزيا وتنشيطيا‪ ،‬بمعنى أن‬
‫تلعب دو ار تقنيا يتمثل في التنسيق‪ ،‬التخطيط والتنفيذ بل كذلك ا‬
‫للمراقبة غاية تتمثل في ضمان تقارب مجهودات أعضاء المؤسسة مع األهداف المؤسساتية بالتأثير في آن‬
‫واحد على قدراتهم ودافعيتهم ( تحفيزهم)‪.‬‬
‫وكخالصة لكل ما سبق ينبغي االعتراف مثل ‪(Hofsted 1981, Bouquin 1991, Chiapello‬‬
‫)‪ ،1996‬أن التصور السائد للمراقبة )‪ (Anthony,1965‬يتجه لصالح الرؤية الميكانيكية )‪(Mécaniste‬‬
‫للتنظيم والمراقبة‪ ،‬على حساب أبعاد غير رسمية وانسانية‪ ،‬وأن القليل من األبحاث أشارت إلى اعتراضها‬
‫على النموذج السبراني والعقالني‪.‬‬
‫تحلل النظرة الكالسيكية المراقبة من خالل مسارات مختلفة تعتمد على األدوات‪ ،‬اإلجراءات المعلوماتية‬
‫الرياضية‪ ،‬والموازنية‪ ،‬مع العلم أن المراقبة ليست مجرد مسألة أدوات ووصفات عالمية‪ ،‬على العكس فإن‬
‫نظام المراقبة يظهر بدوره كموضح للخيارات االستراتيجية وكضامن لالنسجام الداخلي للمؤسسة وكنتيجة‬
‫للتفاعل بين األفراد وكوسيلة للتعلم وكمصدر الضطراب السلوكات والثقافة التنظيمية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫خاتمة الفصل األول‪:‬‬

‫يسعى القطاع العام مثله مثل القطاع الخاص للوصول إلى أقصى األهداف المسطرة بأقل تكلفة ممكنة‬
‫وذلك على أساس اإلمكانيات المتوفرة لديه‪ ،‬وكذلك اتخاذ الق اررات المناسبة لمعالجة المشاكل اليومية والمشاكل‬
‫المتصلة بالتخطيط طويل المدى‪ ،‬لذلك أدرجت النظريات االقتصادية جميعا وظيفة المراقبة ضمن الوظائف‬
‫التسييرية‪ ،‬فالمراقبة هي مرحلة غير قابلة لالنفصال عن التسيير‪ ،‬حيث تقوم هذه الوظيفة بفحص نتائج‬
‫األداء الفعلي ومقارنتها باألهداف المسطرة للتأكد من مدى تحقق التوافق بين مستويات األداء الفعلية‬
‫والمعيارية من أجل تصحيح األخطاء واالنحرافات‪.‬‬

‫وبالتالي تمثل وظيفة المراقبة ضمانا لجودة الق اررات في المؤسسة وبالذات مراقبة التسيير التي تعتبر كحلقة‬
‫بين التخطيط االستراتيجي وأنشطة المستوى التنفيذي من خالل تدخلها في المستويات الثالثة وهذا ما‬
‫سنتعرف عليه في الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫مراقبة التسيير في القطاع‬
‫العمومي وخصوصياتها‬

‫‪54‬‬
‫مقدمة الفصل الثاني‪:‬‬

‫يحتل نظام مراقبة التسيير قلب المؤسسة‪ ،‬وهو كذلك مسار دائم للتعديل وللتحكم في التسيير يقوم هذا‬
‫المسار بثالثة أدوار أساسية وهي دور الكاشف الذي يقدم المعلومات الالزمة التي تحتاجها المؤسسة ويوضح‬
‫النتائج المنتظرة من الق اررات التي سيتم اتخاذها بمختلف المستويات التنظيمية‪ ،‬وأيضا دور المساند الذي‬
‫برمج العمل‪ ،‬إضافة إلى قيامه بمتابعة األداءات وقياس‬
‫يعمل على المساعدة في تحديد األهداف ووضع ا‬
‫النتائج ثم تقديم االقتراحات التي يتم على ضوئها التخطيط للمستقبل‪ ،‬وفي حالة غياب نظام مراقبة التسيير‬
‫بالمؤسسة يعمل مراقب التسيير على إنشاء هذا النظام وعلى وضع نظام المعلومات الخاص به وكذلك‬
‫مسار المراقبة‪ ،‬وهو ما يتطلب منه قدرات ومهارات عالية وكذلك االلمام بالمعلومات المالية والمحاسبية‬
‫باإلضافة الى العلوم األخرى كاإلحصاء والرياضيات‪...‬‬

‫سنحاول اذن من خالل هذا الفصل التعرف على هذا النظام بشكل أعمق من خالل التطرق الى أهم‬
‫التعاريف التي قدمها الباحثون بهذا الشأن‪ ،‬وكذلك الى المسار واألهداف التي يعمل هذا النظام على تحقيقها‬
‫ثم نتطرق الى مراقب التسيير لنحاول عرض أهم الخصائص التي يجب أن تتوفر فيه وكذلك لنتعرف على‬
‫المهام التي يقوم بها داخل المؤسسة‪ ،‬أما في الجزء األخير من هذا الفصل فسنحاول التعرف على‬
‫خصوصيات هذا النظام في القطاع العمومي وأهم القيود التي يتعرض اليها‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية مراقبة التسيير‬
‫أدى كبر حجم المؤسسات وتنوعها وكذا تطور وتعقد العمليات التسييرية الى تطور متزامن لمراقبة التسيير‬
‫فأصبحت اليوم إحدى الوسائل الضرورية لقيادة المؤسسات العمومية منها أو الخاصة من خالل مسارها‬
‫الذي يتضمن تصحيح األخطاء واالنحرافات وتحسين األداء‪ ،‬وأيضا لما تحققه من ضبط في تسيير النشاطات‬
‫والتنسيق فيما بينها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم وخصائص مراقبة التسيير‬


‫الفرع األول‪ :‬تعريف مراقبة التسيير‬
‫بدأت التطورات األولية في ميدان مراقبة التسيير في مرحلة الثورة الصناعية مع نهاية القرن التاسع عشر‬
‫وبداية القرن العشرين‪ ،‬وتزامنت مع كبر حجم وحدات اإلنتاج وتنوعها‪ ،‬فأصبح من الضروري تحديد المهام‬
‫والمسؤوليات ووضع مراقبة على المنفذين‪ ،‬وان كانت مبادئ وطرق التسيير قد ظهرت ما بين ‪1850‬‬
‫و‪ 1910‬في الواليات المتحدة األمريكية وأوروبا‪ ،‬فإن تطبيقها بدأ تدريجيا مع تطور احتياجات المؤسسة أين‬
‫وجد المسيرون أنفسهم في حاجة إلى مراقبة التسيير للمساعدة على اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫والى غاية بداية السبعينات من القرن الماضي‪ ،‬قامت المؤسسات الفرنسية الكبرى التي طبقت نظام مراقبة‬
‫‪1‬‬
‫التسيير باتباع نموذج المؤسسات الصناعية األمريكية الذي تميز بأنه‪:‬‬
‫‪ -‬مسار للتخطيط‪ ،‬ولتسيير الموازنات ومراقبتها؛‬
‫‪ -‬بنية سلمية مجزأة عموديا إلى مراكز مسؤولية؛‬
‫‪ -‬نظام قيادة يعتمد على المزدوجة (أهداف‪ -‬وسائل)‪.‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬أجبرت التحوالت الداخلية والخارجية المؤسسات على إعادة النظر بصورة عميقة في هذا النموذج‬
‫من حيث أهدافه‪ ،‬وسائله واستعماالته‪ ،‬وفيما يلي سنحاول عرض ملخص عن أهم المراحل التي مر بها‬
‫مفهوم مراقبة التسيير‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫;‪-Alazard Claude, Sépari Sabine, Contrôle de gestion, 5e Edition, Dunod, Parid, 2001, P14‬‬

‫» ‪Bouquin Henri, « Vingt ans de contrôle de gestion ou le passage d’une technique à une discipline‬‬
‫‪Comptabilite-contrôle- audit, Numéro spécial, Mai 1999, P94.‬‬

‫‪56‬‬
‫الجدول رقم ‪ :1.2‬أهم مراحل تطور مفهوم مراقبة التسيير‬
‫تصور مراقبة التسيير‬ ‫تصور المؤسسة‬
‫تميزت مراقبة التسيير في المقاربة الكالسيكية بأنها قياسات كمية للفروقات‬ ‫المقاربة الكالسيكية‬
‫بين التوقعات واإلنجازات الفعلية بهدف مجازاة المنفذين‪.‬‬
‫مراقبة التسيير وفق مدرسة العالقات اإلنسانية هي وسيلة لتحفيز أفراد المنظمة‪.‬‬ ‫مدرسة العالقات اإلنسانية‬
‫تبدو مراقبة التسيير وفق هذه المقاربة كنظام جزئي يسمح بتنظيم التغذية‬ ‫المقاربة النظامية‬
‫العكسية الالزمة‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على ‪Alzard Claud, Sépari Sabine, (2001), Op cit, PP 30-35‬‬

‫قدم الباحثون في هذا المجال عدة تعاريف حول مراقبة التسيير حاولنا فيما يلي تقديم أهمها للتمكن في‬
‫األخير من اعطاء حوصلة لهذا المفهوم‪:‬‬

‫‪ ‬عرف ‪ Simon‬مراقبة التسيير على أنها مجموعة من األجهزة واألدوات التي تساعد المسير على‬
‫اتخاذ القرار والتصرف وتتضمن بعدين أساسيين‪:‬‬
‫‪ -‬بعدا اقتصاديا واستراتيجيا الختيار القواعد العملية من أجل تحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬
‫‪ -‬وبعدا تنظيميا ونفسيا اجتماعيا يسمح لألفراد بالتدخل وفق القواعد العملية‪.1‬‬
‫‪ ‬كما عرفها ‪ Jobard‬و‪ Gregory‬بأنها تهدف إلى تصور ووضع أدوات معلوماتية حيز التنفيذ‬
‫حتى تسمح للمسؤولين بتحقيق انسجام عام بين األهداف‪ ،‬الوسائل والنتائج‪.2‬‬
‫‪ ‬أما المخطط العام الفرنسي فيعتبرها مجموع اإلجراءات المتخذة لتزويد المسيرين من مختلف‬
‫المسؤولين بمعطيات رقمية ودورية تخص سير المؤسسة‪ ،‬وتؤدي مقارنة هذه المعطيات مع‬
‫المعطيات السابقة أو المتوقعة إلى حث المسيرين على اتخاذ اإلجراءات التصحيحية المالئمة‬
‫والسريعة كلما استدعى األمر ذلك‪.3‬‬
‫‪ ‬ويعرف ‪ Teller‬مراقبة التسيير بأنها مسار للمساعدة على اتخاذ القرار يسمح بالتدخل قبل‪ ،‬خالل‬
‫وبعد األداء‪ ،‬وهي أيضا نظام شامل للمعلومات الداخلية للمؤسسة يسمح بمركزة‪ ،‬تلخيص وتفسير‬
‫مجموع المعطيات المرتبطة بكل نشاط من نشاطات المؤسسة‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Simons Robert, Lever of control: how managers use innovative control systems to drive strategic renewal‬‬
‫‪Harved busness school press, Boston, 1995, P5.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Jobard Jean-Pierre, Pierre Gregory, Gestion, Dalloz, Paris, 1995, P01.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Lauzel Pierre, Robert teller, Contrôle de gestion et budgets, 8e Edition, Dolloz, Paris, 1997, P14.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Teller Robert, Le contrôle de gestion « pour un pilotage intégrant stratégie et finance », Management‬‬
‫‪société, Paris, 1999, P8.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ ‬حسب ‪ Bouquin‬فان مراقبة التسيير هي اطار منسجم لتوجيه سلوكات األفراد الذين يفترض أنهم‬
‫يعملون في اطار تعاقدي ويهدفون الى تحقيق النتائج بعد مناقشة الموارد‪.1‬‬
‫‪ ‬وبالنسبة لـ ‪ Anthony‬فان مراقبة التسيير هي المسار الذي يتأكد من خالله المسيرون من أنه تم‬
‫الحصول على الموارد‪...‬وأنه تم استعمالها بفعالية وكفاءة من أجل تحقيق أهداف المنظمة ‪.2‬‬
‫‪ ‬وقد أعطى ‪ Gervais‬تعريفا شبيها بالتعريف الذي قدمه ‪ Anthony‬لكنه أضاف ضرورة مالءمة‬
‫الموارد ألهداف المؤسسة‪ ،‬وضرورة انسجام النشاطات الجارية مع االستراتيجية المحددة ‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ ‬وذكر‪ Guedj‬أن مراقبة التسيير تسمح للمنفذين بـ‪:‬‬
‫‪ -‬معرفة جوانب الضعف الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكونوا في حالة يقظة‪.‬‬
‫‪ -‬مراقبة اختياراتهم (وهذا يتضمن اتصال مستمر بين الميدان ومراقب التسيير)‪.‬‬
‫‪ -‬تنسيق نشاطاتهم مع باقي المسؤولين‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة أفضل للعوامل األساسية للنجاح‪.‬‬
‫‪ ‬بينما عرفها ‪ Burlaud‬و‪ Simon‬على أنها نظام لتنظيم سلوكات الفرد عند تنفيذه لوظيفته وخاصة‬
‫‪5‬‬
‫عندما تكون هذه الوظيفة في منظمة‪ :‬مؤسسة‪ ،‬خدمة عمومية‪ ،‬جمعية غير ربحية‪...‬‬
‫‪ ‬وقام ‪ Dupuy‬بتعريف مراقبة التسيير على أنها مجموعة من األدوات والتمثيالت البسيطة والعالمية‬
‫في نفس الوقت حتى تظل في متناول جميع أعضاء المؤسسة ولكن في نفس الوقت حاملة للتنوع‬
‫بما فيه الكفاية للكشف عن أي انحرافات "ذات داللة" تشكل خط ار على استدامة المؤسسة‪.6‬‬
‫‪ ‬وأخي ار حسب ‪ Meyssonnier‬فان مراقبة التسيير هي مجموعة من األجهزة الرسمية التي تسمح‬
‫بتنفيذ األعمال بفعالية وكفاءة ‪.7‬‬
‫وبعد الجمع بين مختلف التعارف السابقة تمكنا من التوصل إلى أن مراقبة التسيير هي "مسار دائم للتعديل‬
‫تستهدف تجنيد الطاقات لالستخدام األمثل للموارد وتصحيح األخطاء واالنحرافات وهي تسمح للمسؤولين‬
‫والعاملين بالتحكم في أدائهم التسييري من خالل المعلومات التي توفرها لهم والتي تساعدهم على اتخاذ‬
‫الق اررات الصحيحة بغرض الوصول إلى تحقيق األهداف المسطرة بكفاءة وفعالية وبصورة مالئمة ومنسجمة‬
‫مع االستراتيجية المحددة‪ ،‬وبالتالي فهي نظام للتحكم في التسيير ككل"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouquin Henri, (1999), Op cit, P96.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Le Duff Robert, Encyclopédie de la gestion et du management, Dalloz, Paris, 1999, P194.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Gervais Michel, Contrôle de gestion, 7e Edition, Economica, Paris, 2000, P20.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Nobert Guedj, Le contrôle de gestion pour améliorer la performance de l’entreprise, 3e Edition, Edition‬‬
‫‪d’organisation, Paris, 2000, P38.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Burland Alain, Simon Claud-J, Le contrôle de gestion, La découverte, Paris, 2006, P9.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Dupuy Yves, « Pérennité organisationnelle et contrôle de gestion », Revue française de gestion, n° 192, 2009‬‬
‫‪P170.‬‬
‫‪7‬‬
‫» ‪- Meyssonnier François, « Nouveaux repères et nouveaux espaces du contrôle de gestion dans les services‬‬
‫‪Revue française de gestion, Vol 40, n° 241, 2014, P94.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص مراقبة التسيير‬
‫من خالل آخر تعريف لمراقبة التسيير يمكننا استخالص وعرض الخصائص األساسية لهذا النظام والمتمثلة‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬إن مراقبة التسيير هي مسار دائم للتعديل‪:‬‬


‫يعرف المسار بأنه مجموعة األحداث أو النشاطات المرتبطة فيما بينها من حيث الزمان والمكان والتي‬
‫تؤدي إلى تحقيق نتيجة مشتركة معينة‪ ،1‬يتم من خالل هذا المسار التأكد من أن الموارد والطاقات قد‬
‫حصلت واستعملت بكل فعالية وكفاءة‪ ،‬ويسمح هذا المسار بالتدخل قبل‪ ،‬خالل وبعد األداء‪.‬‬

‫قبل‪ :‬يتعلق األمر بتحجيم الوسائل الضرورية لألهداف المحددة‪ ،‬والتخطيط والموازنات هي األدوات التي‬
‫تستخدم عادة في هذه المرحلة‪.‬‬

‫أثناء‪ :‬يجب قياس النتائج أثناء فترة انجازها ومقارنتها مع تلك المنتظرة للقيام باألعمال التصحيحية واعالم‬
‫المنفذين بنتائج أدائهم وكذلك لضمان التغذية المرتدة للمعلومات الى متخذي الق اررات‪ ،‬وفي هذه المرحلة‬
‫تعد تفويض المسؤوليات والصالحيات‪ ،‬لوحات القيادة وتنظيم نظام المعلومات هي األدوات المناسبة الواجب‬
‫تسخيرها‪.‬‬

‫بعد‪ :‬هي مرحلة تحليل النتائج‪ ،‬أين تقوم مراقبة التسيير بشرح أسباب االنحرافات بين التوقع والمحقق من‬
‫أجل إثراء مسار التعلم الذي ستقوم المؤسسة من خالله بتحسين أدواتها التنبئية وبالتالي أدائها المستقبلي‪.‬‬

‫‪ -2‬العالقة بين الوسائل واألهداف والنتائج هي قاعدة مراقبة التسيير‪:‬‬


‫لكل مؤسسة أهداف ووسائل توظفها لتحقيق النتائج المرجوة في نهاية المسار وتعمل مراقبة التسيير على‬
‫‪2‬‬
‫اكتشاف هذه العالقة كما هو مبين في الشكل الموالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouquin Henri, Le contrôle de gestion, 3e édition, puf, Paris, 1997, P21.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bescos Pierre-Laurent et al, Contrôle de gestion et management, 4e Edition, Edition Montchréstien, Paris‬‬
‫; ‪1997, P38‬‬

‫‪59‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1.2‬مثلث مراقبة التسيير‬

‫األهــداف‬

‫قياس المالءمة‬ ‫قياس الفعالية‬


‫‪Mesure de pertinence‬‬ ‫‪Mesure de l’efficacité‬‬

‫الوسائل‬ ‫النتائــج‬
‫‪Mesure de l’efficience‬‬
‫قياس الكفاءة‬

‫المصدر‪Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Secteur public et contrôle de gestion :‬‬


‫‪Edition d’organisation, Paris 1998, P29‬‬

‫أ‪ -‬العالقة بين (األهداف ‪ -‬الوسائل)‪:‬‬


‫يتم التفكير في األهداف والوسائل بصورة متزامنة ومترابطة‪ ،‬فمن جهة تشكل الوسائل المتوفرة لدى المؤسسة‬
‫في زمن معين عائقا ينبغي أخذه بعين االعتبار عند وضع األهداف قصيرة المدى‪ ،‬فحتى يمكن تجسيد‬
‫األهداف المحددة البد أن يكون لها احتمال كبير لتحقيقها بالوسائل المتاحة‪.‬‬
‫ومن جهة فإن تجزئة األهداف العامة للمؤسسة إلى أهداف فرعية وتوزيعها على مختلف مراكز اتخاذ القرار‬
‫للمؤسسة‪ ،‬ال يمكن أن يتم بصورة مستقلة عن الوسائل المتاحة‪ ،‬فالمسؤول عن منتوج أو خدمة معية يلتزم‬
‫باحترام الهدف الذي يتم تحديده إذا وضع تحت تصرفه الغالف المالي الالزم لذلك وبالتالي فان العالقة بين‬
‫األهداف والوسائل تطرح مشكال مضاعفا للمالءمة‪:‬‬
‫‪ -‬على المدى القصير‪ :‬المالءمة بين األهداف والوسائل المتاحة أو القابلة لالستعمال في وقت قصير‪.‬‬
‫‪ -‬على المدى الطويل‪ :‬المالءمة بين الوسائل المستغلة من أجل تحقيق االختيارات االستراتيجية‪ ،‬وهذه‬
‫األخيرة تتطلب أهدافا أبعد‪.‬‬

‫ب‪ -‬العالقة بين (األهداف ‪ -‬النتائج)‪:‬‬


‫تتضمن المرحلة الموالية مقارنة النتائج المحققة مع األهداف المبدئية لتقييم مدى تحقق هذه األخيرة ومن‬
‫خالل هذه المقارنة يمكننا تقييم مدى فعالية نشاطات المؤسسة‪ ،‬أي قدرة المؤسسة على تحقيق األهداف‬
‫المسطرة‪ .‬ويوصف المسؤول الذي يحقق هدفه بالفعالية‪ ،‬فالفعالية إذن هي القدرة على تحقيق األهداف‬
‫‪1‬‬
‫المسطرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫;‪- Hacheette, Le dictionnaire français, Edition Algérienne, Alger, 1993, P546‬‬
‫‪Galdemar Virginie, Gilles Léopold, Simon Marie, «Performance, efficacité, efficience: les critères d’évaluation‬‬
‫‪des Politiques sociales sont-ils Pertinents?», Cahier de recherche Crédoc, n° 299, décembre 2012 P11.‬‬

‫‪60‬‬
‫ج‪ -‬العالقة بين (الوسائل‪ -‬النتائج)‪:‬‬
‫يؤدي تحديد األهداف وتوفير النتائج إلى اعتماد مسارات معينة للنشاط من أجل تحقيق النتائج المسطرة‬
‫والمشكل الذي سيطرح الحقا هو تقييم ما إذا كانت النتائج المحققة كما ضبطت وفق نظام القياس المتاح‬
‫يمكن اعتبارها مرضية بالنظر إلى الوسائل المستعملة‪.‬‬
‫والسؤال المطروح هو‪ :‬هل حققت النتائج بأقل موارد ممكنة؟‬

‫وفي األخير يمكننا القول أن مهمة مراقبة التسيير هي الربط بين القمة والقاعدة بهدف تحقيق الفعالية‬
‫الكفاءة والمالءمة‪ ،‬ويقصد بالفعالية التمكن من تحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬أما الكفاءة فهي تحقيق هذه‬
‫األهداف بأقل موارد ممكنة (من حيث التكاليف و الوقت‪ ،1)...‬وأخي ار المالءمة هي توافق األهداف مع‬
‫الموارد المستخدمة لتحقيقها‪.‬‬

‫‪ -3‬المساعدة على التحكم في األداء‪:‬‬


‫أشار التعريف الذي قدمه المخطط العام الفرنسي فيما يخص نظام مراقبة التسيير أنه يهتم بتزويد المسيرين‬
‫ومختلف المسؤولين بالمعلومات الالزمة‪ ،‬والناتجة عن المحاسبة العامة والمحاسبة التحليلية وعن حالة السوق‬
‫والمحيط الخارجي‪ 2‬والتي تساعدهم على التحكم في أدائهم وعلى اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫لكن مصطلح مراقبة التسيير(‪ )Contrôle de gestion‬هو ترجمة عن اللغة اإلنجليزية لمصطلح‬
‫(‪ ،)Management control‬وكلمة "‪ "Control‬في اللغة اإلنجليزية معناها أقرب إلى "التحكم‬
‫‪ "Maîtrise‬أكثر من "المراقبة ‪ "Contrôle‬بالفرنسية‪ ،‬وهذا ألن مصطلح "‪ "Contrôle‬في اللغة الفرنسية‬
‫يرتبط بمعنى الزجر والمنع "‪ "Répression‬أكثر منه بمعنى الحمــاية "‪ ,"Protection‬وهو ما يجعل‬
‫المسؤولين والعمال يتعاملون بتحفظ مع مراقب التسيير مما يحول دون مصداقية المعلومات وحسن سيرها‪.3‬‬

‫وعليه فعلى مراقب التسيير أن يبذل جهده إلقناع العاملين بأن مراقبة التسيير تهدف إلى التحكم في التسيير‬
‫وليس المراقبة بمعنى العقاب حتى يكسر الحواجز التي تحول دون حرية سير المعلومات ومصداقيتها‪ .‬كما‬
‫عليه أن يتأكد من أن األهداف المسطرة معقولة ومقبولة وأن الوسائل المسخرة لها مالئمة لتحقيقها حتى يتم‬
‫التوصل إلى النتائج المطلوبة وفقا لالستراتيجية المسطرة‪ ،‬فتصبح بذلك عملية قياس النتائج وتحليل‬
‫االنحرافات منطقية يرتاح لها األفراد ويقتنعون بأنها أحسن وسيلة للحكم على أدائهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Burlaud Alain, Jougleux Muriel, Livian Yves-Frédéric, Management et contrôle de gestion-manuel et‬‬
‫‪application, 4e Edition, Edition Foucher, Vanves, 2010, P115.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Gervais Michel, (2000), Op cit, P9.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Op cit, P21.‬‬

‫‪61‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسار مراقبة التسيير‬
‫يمكن النظر إلى نظام مراقبة التسيير على أنه مسار أو حلقة تفترض اإلثراء والتعلم تدريجيا‪ ،‬هذا المسار‬
‫عبارة عن حلقة متكونة من أربع مراحل كما هي موضحة في الشكل الموالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :2.2‬مراقبة التسيير في أربع مراحل‪ :‬مسار للتعلم‬

‫تحــديــد األهــــداف‬

‫‪ -I‬التـخطيــط‬ ‫الـتخـــطيــــــــط‬

‫مــــــــــــوازنـــــات‬

‫‪ -II‬التنفيــــذ‬
‫تـــنفيــــــــــــــــذ‬

‫‪ -III‬المتابعة و التحليل‬ ‫متابعة اإلنجازات‬

‫تحليــــــل النتائـــــج‬
‫‪ -IV‬التصحيح‬
‫اتخاذ اإلجراءات التصحيحية‬

‫المصدر‪Loning Helène, Le contrôle de gestion « organisation et mise en œuvre », Paris, :‬‬


‫‪Dunod, 2003, P03.‬‬

‫وعليه يشكل التخطيط‪ ،‬التنفيذ‪ ،‬المتابعة والتصحيح المراحل األساسية لمسار المراقبة وسنحاول شرحها‬
‫‪1‬‬
‫وتبسيطها فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مرحلة التخطيط )‪(La Planification‬‬


‫تسمح هذه المرحلة باالنتقال من الغايات إلى األهداف المحددة القابلة للتنفيذ وذلك بتصميم مخططات‬
‫تسمح بتنفيذها‪.‬‬

‫; ‪- Bescos Pierre-laurent et al, (1997), Op cit, P22‬‬


‫‪1‬‬

‫; ‪Anthony Robert N, Management control, 7e, Irwin, USA, 1991, P20‬‬


‫لشهب صفاء‪ » ،‬دور مراقبة التسيير في تحسين أداء المؤسسة ورفع كفاءتها «‪ ،‬مجلة األبحاث االقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،2009 ،3‬ص‪.78‬‬

‫‪62‬‬
‫الشكل رقم ‪ :3.2‬دورة التخطيط‬

‫أهــداف‬ ‫مخططــات‬ ‫غــايـات‬

‫المصدر‪Bescos Pierre-Laurent et al, (1997), Op cit, P22 :‬‬

‫يقوم مراقب التسيير في هذه المرحلة بتقديم المعلومات الالزمة إلدارة المؤسسة والتي تساعد المديرين على‬
‫وضع استراتيجية طويلة المدى تقسم فيما بعد‪ ،‬بمساعدة مراقب التسيير‪ ،‬إلى المدى المتوسط (‪ )5-3‬سنوات‬
‫وأيضا المدى القصير ( > سنة) عن طريق ما يسمى بالموازنات‪ ،‬حيث تسمح هذه األخيرة بمتابعة األهداف‬
‫على المدى القصير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مرحلة التنفيذ )‪(l'exécution‬‬


‫مرحلة التنفيذ هي المرحلة الموالية لمرحلة التخطيط‪ ،‬فبعدما يتم التخطيط لما تريد المؤسسة أن تحققه‪ ،‬تبدأ‬
‫مرحلة التنفيذ وهي تطبيق المخططات التي تم إعدادها على أرض الواقع للوصول إلى األهداف المحددة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مرحلة المتابعة والتحليل )‪(Le suivi et l'analyse‬‬


‫إن النشاطات المخطط لها تعطي نتائج تعتمد جزئيا على الظروف المحيطة وبالتالي يصعب تحليل هذه‬
‫النتائج مما يستوجب ضرورة وجود "نظام للقياس"‪ .‬ففي الواقع ال يمكن معرفة النتائج المتحصل عليها بصورة‬
‫مباشرة‪ ،‬أي أن تحديدها يتطلب وضع مؤشرات‪ ،‬ومجموع المؤشرات المعتمدة في النهاية من أجل وصف‬
‫واقع النتائج تشكل " نظام القياس"‪ ،‬إن الهدف من هذه المرحلة هو مقابلة ومقارنة النتائج المقاسة بتلك‬
‫المنتظرة أو المتوقعة‪ ،‬وكذا تحليل الفروقات التي ال يمكن تفاديها لتحديد فيما إذا كانت تشكل انحرافا بالنسبة‬
‫لمخطط النشاط وهذا يتضمن اتخاذ إجراءات تصحيحية‪ ،‬أو ببساطة إذا كانت هذه الفوارق تندرج ضمن‬
‫المجال المحدد والمقبول ألي عمل تنبؤي‪.‬‬

‫وبالتالي فإن هذه المرحلة تمثل مراقبة أولية‪ ،‬وهي تنظيم يسمح بالتأكد من أن المؤسسة تتوجه بصورة جيدة‬
‫نحو األهداف المنتظرة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الشكل رقم ‪ :4.2‬مرحلة المتابعة والتحليل‬

‫النتائج المنتظرة‬
‫إجراءات مقررة‬

‫فـروقــات‬ ‫مقــاربــة‬

‫إجراءات تصحيحية‬
‫النتائج المقاسة‬

‫المصدر‪Bescos Pierre-Laurent et al, (1997), Op cit, p 24:‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مرحلة اإلجراءات التصحيحية )‪(Les actions correctives‬‬


‫تتطلب االنحرافات الخارجة عن المجال المقبول للعمل التنبئي ضرورة اتخاذ إجراءات تصحيحية‪ ،‬هذه‬
‫التصحيحات تتم في غالب األحيان على األعمال الواجب القيام بها أي طريقة التنفيذ‪ ،‬أو على الوسائل التي‬
‫ينبغي توفيرها وكيفية استعمالها‪ ،‬كما يمكن أن تتم هذه التصحيحات في الحاالت القصوى على األهداف‬
‫والغايات في حد ذاتها والتي تستوجب إعادة النظر فيها‪ ،1‬في هذه المرحلة يقوم مراقب التسيير بتقديم‬
‫التوصيات واالقتراحات الواجب اتخاذها فقط فهو غير مسؤول عن اتخاذ الق اررات بهذا الشأن ألن هذه األخيرة‬
‫ال تندرج ضمن صالحياته‪.‬‬
‫يسمح هذا المسار بمساعدة المسؤولين وأفراد المؤسسة على تحسين أدائهم من خالل مختلف المراحل‬
‫السابقة‪ ،‬فهو وسيلة لتحليل االنحرافات والبحث عن أسبابها وبالتالي يستطيع هؤالء المسؤولين واألفراد التعرف‬
‫على أخطائهم وتحسين أدائهم في المستقبل‪ ،‬وعليه فإن مسار مراقبة التسيير يهدف إلى التدريب والتعليم‬
‫والى تحسين جودة العمل التسييري ككل‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف مراقبة التسيير‬


‫تهدف مراقبة التسيير كما رأينا سابقا إلى التحكم في أداء األفراد والمؤسسة ككل وذلك عن طريق محاولة‬
‫تحقيق جملة من األهداف الملخصة فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الربط بين االستراتيجية والمستوى التنفيذي‬


‫سبق وأن تطرقنا إلى تعريف ‪ Anthony‬الذي يرى بأن مراقبة التسيير هي مسار يتأكد من خالله المسيرون‬
‫من أنه تم الحصول على الموارد وتم استعمالها بفعالية وكفاءة من أجل تحقيق أهداف المنظمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Loning Helène, (2003), Op cit, P4.‬‬

‫‪64‬‬
‫أكمل ‪ Anthony‬تعريفه بتوضيح العالقة بين مراقبة التسيير واالستراتيجية حيث أشار بأن مراقبة التسيير‬
‫هي المسار الذي يسمح للمسيرين بالتأثير على األعضاء اآلخرين للمؤسسة من أجل تطبيق االستراتيجية‪.‬‬
‫ومن هذا التعريف يمكن استخراج نمطين من اآلليات‪:‬‬

‫مراقبة التسيير آلية لتنسيق القرار‪Mécanisme de coordination de la décision‬‬ ‫‪‬‬


‫مراقبة التسيير آلية للتنشيط ‪.Mécanisme d'animation‬‬ ‫‪‬‬

‫الجدول رقم ‪ : 2.2‬مراقبة التسيير آلية للتنسيق والتنشيط‬


‫آلية للتنشيط‬ ‫آلية لتنسيق القرار‬
‫الهدف هو جعل نظام اتخاذ القرار أكثر فعالية وذلك الهدف هو التأثير على سلوك األعضاء في االتجاه‬
‫من خالل تنسيق أفضل لمراحل واجراءات تخصيص المنتظر من طرف المؤسسة‪ ،‬وهو يتعلق بالجوانب‬
‫اإلنسانية (إقناعهم ‪ ,‬مكافأتهم‪ ،‬تحفيزهم‪ ،‬تعليمهم)‬ ‫الموارد‪.‬‬
‫المصدر‪Teller Robert, Op cit, p09 :‬‬

‫أشار أيضا ‪ Geudj‬أن االستراتيجية ليست مجرد تحديد فقط إنما كذلك تنفيذ جيد وهذا ما توضحه المعادلة‬
‫‪1‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫االستراتيجية = تحديدها ‪ +‬تنفيذها‬

‫لهذا ومع ظروف المحيط المتغير لم يعد من الممكن تحديد استراتيجية المؤسسة من دون أن تكون هناك‬
‫متابعة يومية لتنفيذها‪ ،‬وهذا لكي يكون باستطاعة المؤسسة التراجع واتخاذ الق اررات المناسبة‪.‬‬

‫وبالتالي تتضمن مراقبة التسيير الربط بين النوايا االستراتيجية لمتخذي الق اررات ونشاطات المنفذين (إطارات‬
‫وموظفين‪ ،‬عمال) وذلك بالحرص على تبليغ األوامر بصرامة والتأكد من تنفيذها‪ 2.‬كما أن تجزئة مراقبة‬
‫المؤسسة إلى ثالث نظم جزئية للمراقبة‪ ،‬تسمح بتحديد دقيق لدور مراقبة التسيير فهي تندرج بين الخيارات‬
‫االستراتيجية والنشاطات اليومية‪ ،‬أي أنها بمثابة وسيط بينهما وهذا ما يوضحه الجدول الموالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Guedj Nobert, Op cit, P54.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Malo Jean-Louis, Mathe Jean-charles, L’essentiel du contrôle de géstion, 2e Edition, Edition d’organisation‬‬
‫‪Paris, 2000, P10.‬‬

‫‪65‬‬
‫الجدول رقم ‪ :3.2‬الدور الوسيطي لمراقبة التسيير‬
‫المراقبة التنفيذية‬ ‫مراقبة التسيير‬ ‫التخطيط االستراتيجي‬
‫يتم تنظيم وتسيير المهام المتكررة عن طريق المراقبة‬ ‫يهدف التخطيط االستراتيجي إلى تحديد أهداف‬
‫التنفيذية أو مراقبة المهام‪ ،‬التي تسمح بالتأكد من‬ ‫المؤسسة والموارد الالزمة لتحقيقها‪.‬‬
‫مراقبة التسيير كوسيط‬
‫أن المهام قد أنجزت بكفاءة وفعالية‪.‬‬ ‫تحدد فيما بعد سياسات الحصول وتحويل استعمال‬
‫تحدد هذه المراقبة اإلجراءات الروتينية‪ ،‬كما تحدد‬ ‫هذه الموارد‪ .‬وتترجم هذه السياسات إلى مخططات‬
‫غالبا اآلليات التي تسمح بتعظيم المهام المتكررة‪.‬‬ ‫وموازنات تكون محل دراسة ومتابعة باستمرار‪.‬‬
‫المصدر‪Teller Robert, Op cit, P 9 :‬‬

‫وعليه فإن الدور األساسي لمراقبة التسيير هو مساعدة اإلدارة على قيادة أفضل لالستراتيجية وهذا من خالل‬
‫متابعة تنفيذها فهي تعمل على ربط أو تقريب االستراتيجية من التسيير العملي‪ ،1‬هذا ما يستلزم ضرورة‬
‫إطالع ومعرفة مراقب التسيير باالستراتيجية حتى يتمكن من توفير المعلومات الالزمة التي تمتد من دراسة‬
‫المحيط إلى غاية مؤشرات األداء لضمان التنفيذ الناجح لالستراتيجية المحددة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تصميم نظام للمعلومات‬


‫يعمل مراقب التسيير عند وصوله للمؤسسة على إقامة نظام للمعلومات خاص به‪ ،‬يسمح هذا النظام بتزويد‬
‫مختلف المسؤولين بالمعلومات الضرورية (المعلومات المحاسبية‪ ،‬المعلومات عن حالة السوق‪ )...‬التي‬
‫تساعدهم على اتخاذ الق اررات‪ ،‬ويعرف نظام المعلومات بأنه "جهاز إلنتاج ونقل المعلومات الكمية والنوعية‬
‫التي تميز كل مظاهر الحياة في المؤسسة‪ ،2‬لذلك على نظام المعلومات أن يسمح بمعرفة الحاضر والمستقبل‬
‫كما يجب أن يكون‪ :‬متكيفا مع طبيعة (حجم‪ ،‬هيكلة) المؤسسة‪ ،‬وفعاال (العالقة بين الجودة والتكاليف)‪.‬‬
‫وبالتالي يسعى مراقب التسيير إلى توفير الخصائص والشروط السابقة في نظامه‪ ،‬لذلك فهو في حاجة إلى‬
‫معلومات تتصف بالدقة‪ ،‬الشمولية والمصداقية‪ ،‬كما يسعى كذلك إلى توفير المعلومة في األوقات المناسبة‬
‫قبل اتخاذ القرار‪.3‬‬

‫واذا ما أردنا تمثيل نظام المعلومات لمراقبة التسيير بمدخالته ومخرجاته والتحويالت الحاصلة به فإننا نجد‬
‫‪4‬‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Boitier Marie, « L’influence des systèmes de gestion intégrés sur l’intégration des systèmes de contrôle‬‬
‫‪de gestion », Comptabilité-contrôle-audit, Tome 14, Vol 1, 2008, P94.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Rey Jean-Pierre, Le contrôle de gestion des services publics communaux, Dunod, Paris, 1999, P54.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Bescos Pierre-Laurent, Mendoza Carla, « Les besoins d’informations des managers sont-ils satisfaits ? », la‬‬
‫‪revue francaise de gestion, n°121, 1998, P118.‬‬
‫‪ -4‬لشهب صفاء )‪ ،)2009‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.76‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ ‬تتمثل المدخالت في‪ :‬تكاليف وايرادات المحاسبة العامة ومعطيات أخرى للمحاسبة التحليلية‬
‫التدفقات المالية الخارجية والداخلية إضافة إلى المدخالت األخرى ( االستراتيجية‪ ،‬التسويقية‪.)...‬‬

‫‪ ‬تتمثل المعالجة في‪ :‬اإلجراءات المحاسبية‪ ،‬وضع الموازنات‪ ،‬حساب التكاليف والفروقات‪.‬‬

‫‪ ‬أما المخرجات فتتمثل في‪ :‬الموازنات‪ ،‬المخططات‪ ،‬التكاليف‪ ،‬الفروقات‪...‬الخ‪.‬‬

‫وبالتالي يمكننا تمثيل نظام المعلومات لمراقبة التسيير بالشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :5.2‬نظام المعلومات لمراقبة التسيير‪.‬‬

‫المخـرجـات‬ ‫المعـالجــة‬ ‫المدخــالت‬


‫التكاليف‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬قواعد المحاسبة‬ ‫‪ -‬عناصر التكاليف‬
‫الموازنات‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬إجراءات الموازنات‬ ‫‪ -‬معطيات مالية‬
‫‪ -‬المؤشرات‬ ‫‪ -‬إجراءات خاصة‬ ‫‪ -‬معطيات اقتصادية‬
‫‪ -‬معطيات مادية‬
‫‪ -‬معطيات كمية ونوعية‬

‫المصدر‪Alzard Claude, Sépari Sabine, (2001), Op cit, P 89 :‬‬

‫وبالتالي يعتبر نظام مراقبة التسيير أداة أساسية لتقديم المعلومات األساسية والمختلفة لإلدارة العامة ولرؤساء‬
‫المصالح‪ ،‬وهو يحتل قلب المؤسسة لكنه يبقى يمثل جزءا من نظام المعلومات الكلي للمؤسسة‪ 1‬كما هو‬
‫موضح في الشكل الموالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gervais Michel, Contrôle de gestion, 9e Edition, Economica, Paris, 2009, P 10.‬‬

‫‪67‬‬
‫الشكل رقم ‪ :6.2‬مكانة نظام مراقبة التسيير ضمن نظام المعلومات الكلي للمؤسسة‬

‫معلومات‬
‫محاسبية‬

‫نظام المعلومات‬
‫معلومات عن‬ ‫الكلي للمؤسسة‬
‫النظام‬
‫المحيط الخارجي‬
‫الرسمي‬
‫(تحديد ومراقبة‬
‫االستراتيجية)‬ ‫لمراقبة‬
‫الألداءات‬
‫التسييرية‬
‫معلومات ناتجة عن‬
‫العمليات اليومية‬
‫(مراقبة عملية)‬

‫المصدر‪Gervais Michel, Contrôle de gestion, (2009), Op cit, P9 :‬‬

‫وفي األخير يمكننا القول أن على نظام المعلومات لمراقبة التسيير كغيره من أنظمة المعلومات أن‪:‬‬
‫‪ -‬يكون منسجما مع ثقافة المؤسسة‪ ،‬مع كونه وسيلة تسمح بترقية هذه الثقافة؛‬
‫‪ -‬يسمح بإضفاء الشرعية على نشاطات األفراد‪ ،‬مع كونه وسيلة لمناقشة وتحليل المالءمة؛‬
‫‪ -‬يسمح بتطوير مجالت النشاط الذاتي وتحمل المسؤولية‪ ،‬مع ضمان تحكم أكثر في نظام النشاط‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تحقيق الالمركزية‬


‫‪1‬‬
‫على إثر ما سبق يعتبر نظام مراقبة التسيير وسيلة قوية لتحقيق الالمركزية ذلك ألنه يسمح بـ‪:‬‬
‫‪ -1‬تخطيط النشاطات على مستوى المؤسسة في مجموعها وكذلك على مستوى كل مركز من مراكز‬
‫المسؤولية؛‬
‫‪ -2‬يسند لكل وحدة أو هيئة األهداف المراد تحقيقها والوسائل الالزمة لذلك؛‬
‫‪ -3‬إنشاء آلية مراقبة من خالل متابعة اإلنجازات‪ ،‬بحيث تسمح لكل مركز باتخاذ اإلجراءات التصحيحية‬
‫الالزمة؛‬
‫‪ -4‬تمنح للمستويات السلمية العليا ضمانا أكبر لتحقيق الكفاءة والفعالية في التسيير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bescos Pierre-Laurent et al, (1997), Op cit, P 76.‬‬

‫‪68‬‬
‫فالالمركزية ليست مجرد موضة أو فلسفة للتسيير ولكنها أيضا تلبية العتبارات أو متطلبات تطبيقية مثل‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد مكان اتخاذ القرار أين تتجمع أكبر الكفاءات (توفر المعلومات‪ ،‬المعرفة بالميدان‪ ،‬خبرة األفراد)؛‬
‫‪ -‬تقليص الفترة الالزمة إلجابة المؤسسة بتقليص مسار اتخاذ القرار؛‬
‫‪ -‬مشاركة أكبر عدد من األفراد في المسؤولية وبالتالي تحفيزهم‪.‬‬
‫وحيث تكون الالمركزية ممكنة ومرغوبا فيها‪ ،‬يقوم نظام مراقبة التسيير بتعديل طبيعة اإلشراف المطبق‬
‫فالمسؤول األعلى لم يعد في حاجة إلى متابعة كل نشاطات مساعديه بالتفصيل‪ ،‬إنما عليه أن يتحقق فقط‬
‫من سالمة تأسيس هذه النشاطات من خالل النتائج المحققة وبالتالي يشكل نظام مراقبة التسيير آلية قوية‬
‫للتنظيم‪ ،‬تضمن مسؤولية مختلفة األطراف والمسؤولين وتنسق بين نشاطاتهم‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مراقبة التسيير "التعليمية ‪"apprenant‬‬

‫وضحنا سابقا كيف أن نظرية المراقبة لـ ‪ Anthony‬ضعفت في مواجهة األشكال الجديدة للتنظيم وأن تجديد‬
‫عقيدة مراقبة التسيير ال يمكن أن تتم إال بتجديد رؤيا المفهوم المفتاحي للمراقبة‪ " ،‬النشاط"‪ ،‬وفي توافق مع‬
‫‪ Burland‬و‪ Simon‬سنرى أن مصادر التجديد هي من جهة إدماج لعمل علماء علم االجتماع المتعلق‬
‫بالمؤسسات ومن جهة أخرى تطوير رؤية حول الهياكل واالستراتيجيات وبصورة خاصة حول العالقات بين‬
‫المراقبة واالستراتيجية المتفق عليها‪ ،‬وبالفعل سنرى أن هذين المصدرين للتجديد ليسا غريبين عن بعضهما‬
‫فالثاني يرتكز على األول‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحدي يكمن في التخطيط االستراتيجي )‪(Mintzberg‬‬

‫قام ‪ Mintzberg‬منذ سنوات السبعينات بانتقاد المفهوم الضيق لالستراتيجية الذي اعتمدته معظم األعمال‬
‫التي عالجت تشكيل االستراتيجية في المؤسسات‪ ،‬وفي الواقع إذا قبلنا بالتعريف الكالسيكي لـ ‪Anthony‬‬
‫"االختيارات هي التي توجه المسيرين نحو المستقبل"‪ ،‬فإن تشكيل االستراتيجية سيكون بطبيعة الحال كما‬
‫يلي‪ " :‬مسار تحليلي لوضع األهداف على المدى البعيد ومخططات نشاط المؤسسة وهو ما يتعلق بصياغة‬
‫لالستراتيجية متبوعة بتنفيذها "‪ ،1‬وهو يظهر على وجه الخصوص أن اتخاذ ا‬
‫القررات االستراتيجية ليس فريدا‬
‫‪2‬‬
‫ويمكن أن يصنف على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬النموذج المخطط‪ ،‬وينظر له على أنه عملية عقالنية عالية التنظيم يؤدي إلى استراتيجية واضحة‬
‫فالمحيط يكون مستق ار إذن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mintzberg Henry, Waters Janes A, « Of strategies, deliberate or emergent », Strategic Management journal‬‬
‫‪Vol 6, n° 3, 1985, p257.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mintzberg Henry, « Strategy making in three modes », California Management Review, Vol 16, n 2, 1973‬‬
‫‪P44-48.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ ‬النموذج المكيف‪ ،‬وهو ناتج عن نزاع بين عدد من مقرري أهداف متباينة تقود إلى اتخاذ ق اررات‬
‫إضافية منفصلة‪ ،‬فالمحيط إذن مستقر نسبيا‪.‬‬
‫قررات‬
‫‪ ‬النموذج المقاولي‪ ،‬الذي يؤكد على أن االستراتيجية ناتجة عن قائد قوي وجريء الذي يتخذ ا‬
‫خطيرة‪ ،‬توافق نظرته للمؤسسة‪ ،‬المحيط إذن غامض ومتغير‪.‬‬

‫فالتخطيط االستراتيجي اذن ليس هو السبيل الوحيد الستخراج االستراتيجية‬

‫أثرى الكاتب بعد ذلك تصنيفه في مقال سنة ‪ 1985‬حيث حدد ثمانية أنواع من مسارات تشكيل االستراتيجية‬
‫من بينها الثالثة المشار إليها سابقا‪ ،‬وبين على وجه الخصوص أن تعدد المسارات هو نتيجة لتفاعل أكثر‬
‫أو أقل قوة وأكثر أو أقل تنازع بين نوعين من االستراتيجية‪ ،‬من جهة االستراتيجية المعتمدة ‪ 1‬أي النوايا‬
‫االستراتيجية األولية المرغوبة من طرف المسيرين‪ ،‬وهي تسبق النشاط وتكون معروفة من طرف الجميع‬
‫ومن جهة أخرى االستراتيجية الناشئة‪ ،‬وهذا المفهوم خاص بـ ‪ Mintzberg‬حيث عرفها بأنها االستراتيجية‬
‫التي تطبق دون أن تصاغ أو دون رغبة معلنة‪ ،‬فاالستراتيجية المنفذة تختلف بصورة ملموسة عن االستراتيجية‬
‫المرغوبة‪ ،‬ألنها تنتج عن تفاعل بين االستراتيجية المعتمدة التي يتم التخلي عنها من جهة‪ ،‬واالستراتيجية‬
‫الناشئة التي بدورها هي ثمرة الظروف واألحداث وباألخص المسارات الداخلية‪ ،‬أو في الواقع النشاطات‬
‫الجارية‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :7.2‬أنواع االستراتيجية حسب ‪Mintzberg‬‬
‫اإلستراتيجية المنفذة‬ ‫اإلستراتيجية المرغوبة‬

‫‪realized‬‬ ‫‪intended‬‬
‫اإلستراتيجية المعتمدة‬

‫‪Deliberate‬‬

‫اإلستراتيجية الناشئة‬ ‫اإلستراتيجية غير المنفذة‬

‫‪Emergent‬‬ ‫‪inrealized‬‬

‫المصدر‪Mintzberg Henry, Waters James A, (1985), p 258 :‬‬

‫لقد قام ‪ Mintezberg‬بانتقاد ‪ Anthony‬بصورة خاصة لكونه ال يأخذ بعين االعتبار االستراتيجية المعتمدة‬
‫التي تسيطر على نظام التخطيط وهو ما ال يوافق غالبا مؤسسة تتطور في محيط مضطرب‪ ،‬كما أن‬
‫‪ Mintzberg‬لم يدحض بصورة كافية التخطيط ولكن كان يفكر أنه يجب أن يتعايش مع أشكال أخرى من‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mintzberg Henry, « Patterns in strategy formation », Management science, Vol 24, n° 9, 1978, P935.‬‬

‫‪70‬‬
‫تكوين االستراتيجية‪ ،‬فبالنسبة إليه االستراتيجية الناشئة ال تعني بتاتا أن التسيير يكون خارج السيطرة ولكن‬
‫مفتوحا ومرنا ويستجيب‪ ،1‬وبعبارة أخرى يقول لنا‪ " :‬لديه استعداد للتعلم" وهو أمر بالغ األهمية خاصة‬
‫عندما يكون المحيط غير مستقر أو معقد‪.‬‬

‫ويذهب ‪ Lorino‬أبعد من ذلك فالحواجز بين االستراتيجية المعتمدة والناشئة هي مصطنعة بعض الشيء‬
‫وبالنسبة إليه فإن " االستراتيجية هي في نفس الوقت معتمدة و ناشئة"‪ ،2‬فهي تبدأ بالمعتمدة للحصول على‬
‫الناشئة ألن االستراتيجية تبرز النشاط وكذلك النشاط يبرز أو يظهر االستراتيجية وتبادل التأثير بين الذهاب‬
‫واإلياب بين النشاط‪/‬االستراتيجية هو الذي يؤدي إلى التعلم الجماعي‪ ،‬وحسب ‪ Simons‬فإن مراقبة التسيير‬
‫هي الناقل لهذا الذهاب واإلياب‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تجديد الرابطة استراتيجية‪/‬مراقبة‪ :‬مراقبة التسيير المتبادلة التأثير)‪(Simons‬‬

‫إذا كانت فكرة االستراتيجية الناشئة قد قبلت اليوم على نطاق واسع فإنه يبقى أن نرى ما هي العالقة التي‬
‫تحتفظ بها مراقبة التسيير مع هذه األخيرة‪ ،‬فبقدر ما رأينا أن لمراقبة التسيير مهمة اشتقاق االستراتيجية‬
‫المعتمدة التي هي قلب التخطيط‪ ،‬بقدر ما ال نعرف إذا ما كانت لها دور تلعبه مع االستراتيجية الناشئة‪.‬‬
‫هذه المالحظة تعيد طرح شكل العالقة بين االستراتيجية ومراقبة التسيير ألنه كما وضح ‪ Bouquin‬فإن‬
‫"العالقات بين االستراتيجيات والمراقبات يجب أن ترتكز على عالقات أخرى غير التخطيط"‪ ،4‬هذه المسألة‬
‫قد درست من طرف ‪ Simons‬بصورة خاصة ومنها األعمال التي جددت بصورة عميقة العالقة بين‬
‫"االستراتيجية – مراقبة التسيير"‪.‬‬

‫انتقد ‪ Simons‬بشدة الرؤية المزدوجة التي تفرض صياغة االستراتيجية عن طريق التخطيط ووضعها حيز‬
‫التنفيذ بواسطة مراقبة التسيير‪ ،‬وذكر أيضا أن األعمال المنجزة حول العالقة بين "االستراتيجية – المراقبة"‬
‫تحاول اإلجابة على السؤال البسيط "كيف"؟ وليس "لماذا"؟‪ ،‬وهذه بالضبط هي المسألة التي يود ‪Simons‬‬
‫اإلجابة عنها‪ ،‬فبعد االعتماد على دراسة شملت أكثر من عشرة مؤسسات صناعية اقترح نمذجة المسار‬
‫الذي يربط بين المراقبة واالستراتيجية وفق الرسم التخطيطي التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mintzberg Henry, (1985), Op cit, P271.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Lorino Phillipe, Comptes et recits de la performance, Edition d’organisation, Paris, 1995, P169.‬‬
‫‪3‬‬
‫» ‪- Simons Robert, « The role of management control systems in creating advantage: new perspectives‬‬
‫‪Accounting, Organizisations and Society, Vol 15, n°1/2, 1990, P136.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Bouquin Henri, In colasse B, Encyclopédie de la comptabilité et du contrôle de gestion, Economica, Paris‬‬
‫‪2000, P537.‬‬

‫‪71‬‬
‫الشكل ‪ :8.2‬نموذج العالقة بين استراتيجية األعمال ‪ /‬نظم مراقبة التسيير حسب )‪(Simons, 1990‬‬

‫الرؤية األعظمية للتسيير‬


‫االستراتيجية المشكوكة‬ ‫استراتيجية األعمال‬

‫االتختيار‬ ‫المبادرات‬
‫األعظمي‬ ‫االستراتيجية‬
‫للتسيير‬ ‫الجديدة‬

‫نظام المراقبة التفاعلي‬ ‫التعلم التنظيمي‬


‫اإلشــارة‬

‫المصدر‪Simons Robert, (1990), P 138 :‬‬

‫فحسب ‪ Simons‬فإن مراقبة التسيير التفاعلية (أو متبادلة التأثير) تعني نظام المعلومات الذي يسمح‬
‫للمسئولين باإلبالغ عن قيمهم واختياراتهم إلى كل أعضاء المؤسسة وبالمقابل يمكن لهؤالء أن يبرهنوا على‬
‫المبادرة واإلبداع حتى تكون تفاعلية المؤسسة مع المحيط أعظمية‪ ،‬كما يجب أن تسمح المناقشات والحوارات‬
‫التي تتم بين المسيرين وجميع أعضاء المؤسسة حول األرقام بمالقاة اإلستراتيجية المعتمدة مع اإلستراتيجية‬
‫الناشئة‪.‬‬

‫وبين ‪ Simons‬أن على مراقبة التسيير أن تكون تفاعلية إذا أردنا أن نبرز اإلست ارتيجية من جميع زوايا‬
‫المؤسسة‪ ،‬وعليه تظهر فكرة إعادة طرح مفهوم اإلستراتيجية المعتمدة في تحليل ‪ Simons‬كإحدى الغايات‬
‫الواضحة لنظام المراقبة‪ ،‬وهكذا فإن مراقبة التسيير تغير من االستراتيجية كما يمكن لها أن تشارك في‬
‫وضعها وفق مبدأ التعلم التنظيمي المشار اليه سابقا في مسار مراقبة التسيير‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مراقبة التسيير كمولد للتعلم‬

‫لقد قام ‪ Simons‬بتوضيح وجود عالقة أكيدة بين نظام المراقبة والتعلم التنظيمي فعندما تصبح مراقبة‬
‫التسيير تفاعلية تكون قادة على إنتاج معارف جديدة تسمح بتعديل إستراتيجية المؤسسة‪.1‬‬

‫وسنحاول من خالل ما يلي أن نوضح في أي وقت من مسار مراقبة التسيير يمكنها أن تشجع التعلم‬
‫المؤسساتي‪ ،‬وكيف أن الوسيلة تشكل الحامل الرئيسي لظاهرة التعلم هذه‪ ،‬وهذا يكون بصورة عامة مرفقا‬
‫بإعادة تحديد حيز العالقات في المؤسسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Simons Robert, (1990), Op cit, P137.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -1‬إدماج التعلم التنظيمي في مسار مراقبة التسيير‬

‫عرف ‪ koening‬التعلم التنظيمي على أنه‪" :‬ظاهرة جماعية الكتساب وتطوير المهارات العميقة والدائمة‬
‫نسبيا التي تغير تسيير الوضعيات وتغير الوضعيات نفسها"‪ ،1‬ومن المرجح أن ما يميز التعلم التنظيمي عن‬
‫التعلم الفردي هو خاصيته الجماعية‪.‬‬

‫اقترح ‪ Argyris‬و‪ Schon‬كذلك تعريفا للتعلم التنظيمي ضيقا نوعا ما ولكنه ينطبق بصورة جيدة مع ما‬
‫قلناه بخصوص المراقبة ‪ ":‬يقال أنه هناك تعلم مؤسساتي عندما يتصرف أعضاء المؤسسة انطالقا من‬
‫تصوراتهم أو فهمهم و يكتشفون وجود تقارب أو فوارق بين النتائج المالحظة والنتائج المنتظرة التي تأتي‬
‫إلثبات أو نفي النظريات المطبقة في المؤسسة"‪ .2‬وفي حالة وجود انحرافات فإن األفراد ينتقلون من اكتشاف‬
‫الخطأ إلى تصحيح الخطأ وتأخذ الحالة األولى شكل تحقيق‪ ،‬فعلى المتعلمون اكتشاف مصدر الخطأ أو‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬عليهم أن ينسبوا األخطاء إلى االستراتيجيات وفرضيات النظريات المطبقة‪ ،‬وفي النهاية‬
‫صياغة استراتيجيات جديدة ترتكز على فرضيات جديدة حتى يتسنى لهم تصحيح الخطأ‪.‬‬

‫كنا قد أشرنا سابقا عند التطرق لمسار مراقبة التسيير أن مراقبة التسيير تتطلب تنفيذ حلقة من اعادة الفعل‬
‫أو العمل الناشئة عن مقارنة النتائج مع األهداف‪ ،‬تتمثل اعادة الفعل في مخططنا في فعل المسير الذي‬
‫يقرر النشاط التصحيحي الذي يجب أن يطبق وليس فعل المنفذين أنفسهم‪.‬‬

‫يمكننا أن نالحظ هنا الحلقة األولى للتعلم باعتبار أن اعادة الفعل يكون مسبوقا بمعرفة ناشئة عن مالحظة‬
‫الفرق بين األهداف والنتائج‪ ،‬وفي الواقع حتى يفهم المسير أسباب الفروقات غالبا ما يتطلب منه األمر‬
‫البحث عن تفسيرات عند المنفذين أنفسهم ليتمكن من تقرير ما هو اإلجراء التصحيحي األكثر تكيفا من بين‬
‫جملة اإلجراءات المعروفة مسبقا‪ ،‬أما الحلقة الثانية فهي تلك التي تتدخل عندما تطبق مراقبة التسيير وتبرز‬
‫االختالالت‪ ،‬من أجل تعديل ممارسات المنفذين السائدة أي حملهم على مراجعة مخططات نشاطاتهم‬
‫الخاصة في اتجاه تحسين أدائهم بصورة عامة‪.‬‬

‫وعليه يمكننا القول أن التعلم في حلقة بسيطة يحترم إطار النشاطات المحددة بواسطة النظريات المطبقة‬
‫بينما التعلم في حلقة مضاعفة يجددها‪.‬‬

‫وهكذا عن طريق الحلقتين اللتين تم شرحهما‪ ،‬فإن لمراقبة التسيير امكانية توليد معارف جديدة‪ ،‬نقول‬
‫"امكانية" ألن ذلك يفترض أن يكون لمراقبي التسيير نظام معلومات فعال ومسلم به من طرف اآلخرين‬

‫‪1‬‬
‫‪- Koening Gérard, L’apprentissage organisationel : repéraye des lieux, Revue française de gestion, n°97‬‬
‫‪1994, P78.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Argyris Chris, Schon David A, Organizational learning: a theory of action perspective, New York‬‬
‫‪McGraw-Hil, 1978, P19.‬‬

‫‪73‬‬
‫لمتابعة النتائج في كل حين لكل قسم من األقسام أو مركز مسؤولية‪ ،‬وأن في حالة فرق في النشاطات فإنه‬
‫ال يتم تحديد النشاطات التصحيحية فقط بل يجب تنفيذها من طرف المسيرين‪ ،‬ونأكد هنا أن هذه النقطة‬
‫األخيرة غالبا ما تهمل في األعمال المتعلقة بنظم المراقبة إال أنها في أعيننا أحد أكبر الرهانات لمراقبة‬
‫التسيير ألن دور مراقب التسيير في هذه الحالة سيتقلص إلى دور منتج للمعطيات أو في أحسن الحاالت‬
‫منتج لمعلومات غير مستعملة‪.‬‬

‫‪ -2‬وسائل مراقبة التسيير كحاملة لمسار التعلم‬

‫وصف ‪ Lorino‬وسيلة التسيير بأنها تنتمي إلى عوامل التعلم في المؤسسة وذلك بنفس مرتبة حرية التعبير‬
‫والتحرك الوظيفي‪ ،1‬وقام باحثوا ‪ CGS2‬بتحديد ثالث أنواع من التعلم أو ثالث أنواع من التفاعل بين الوسيلة‬
‫‪3‬‬
‫والمؤسسة‪:‬‬

‫أ‪ -‬التحقيق في سير المؤسسة‪ :‬المقارنة بين األدوات )‪ (Instruments‬والمؤسسة يؤدي إلى تفسير‬
‫" لقوانين" هذه األخيرة‪ ،‬بمعنى يؤدي إلى معرفة أفضل للممارسات الموجودة والمنطق الذي يؤسسها‪.‬‬

‫ب‪ -‬مرافقة التحول‪ :‬الفكرة األساسية ليست تقديم أداة جديدة ولكن تطوير األدوات التي ترافق وتسهل‬
‫التغيير المقرر من طرف آخر‪ ،‬وتلعب األداة دور الحامل (‪ )support‬لصورة أو بنية مشتركة‬
‫ومن هذه البنية تنطلق المفاوضات والمناقشات المتناقضة‪.‬‬

‫ج‪ -‬استكشاف الجديد‪ :‬األداة ال تلعب فقط دو ار في انتقال القواعد التنظيمية ولكن تلعب كذلك دو ار في‬
‫انتقال المعارف األساسية‪ ،‬وفي هذا اإلطار تسمح استكشاف طريقة أخرى في العمل وفي تحديد‬
‫الفعالية‪ ،‬في هذا النوع األخير يمكن النظر إلى أداة التسيير كناقل للتغيير في المؤسسات‪.‬‬

‫وفي األخير فان المزج بين نتائج كلية الدراسات العليا للرقابة االدارية ‪ CGS‬مع كتابات ‪Agyris‬‬
‫و‪ Koeing‬في مجال التعلم التنظيمي يسمح بتقديم الجدول التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Lorino Phillipe, (1995), Op cit, P264-265.‬‬
‫‪ -2‬باحثو ‪ CGS‬هم باحثون في كلية الدراسات العليا للرقابة اإلدارية بباريس‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Bouinot Claire, Op cit, P78.‬‬

‫‪74‬‬
‫الجدول رقم ‪ :4.2‬المزج بين طرق المراقبة ومستويات التعلم التنظيمي‬

‫القدرة على التعلم‬ ‫مستوى االستقاللية‬ ‫نوع المراقبة‬

‫ضعيف جدا‬ ‫ال شيء‬ ‫المراقبة البصرية السلمية‬

‫ضعيف جدا‬ ‫ضعيف جدا‬ ‫مراقبة التنفيذ‬

‫متوس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطة (تابع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة متوسطة( تابعة للفرق بين القوانين والواقع)‬ ‫المراقبة بواسطة القوانين‬
‫لخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائص وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعوبات‬
‫القوانين)‬

‫ف ـ ـ ـ ــي الح ـ ـ ـ ــد األدن ـ ـ ـ ــى‪ ،‬االلتـ ـ ـ ـ ـزام اإلديول ـ ـ ـ ــوجي يث ـ ـ ـ ــبط‬ ‫متغيرة‬ ‫‪ -‬المراقب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة بواس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطة ثقاف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫أي نظام جديد‪.‬‬ ‫المؤسسة‬

‫التخصص يمكن أن يوقف التعلم‪.‬‬ ‫متغيرة‬ ‫‪ -‬المراقب ـ ـ ـ ـ ـ ــة بواس ـ ـ ـ ـ ـ ــطة الثقاف ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫المهنية (من نوع مخطط)‬

‫عدة مستويات‪:‬‬ ‫نظريا قوية‬ ‫مراقبة التسيير‬

‫أ‪" -‬مراقب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــليلية ‪Pesudo-‬‬


‫‪ = "controle‬تعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن المس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتوى ‪:0‬‬
‫اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتقبال معلومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة دون متابعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬تعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ذو‬
‫طبيعة فردية‪.‬‬

‫ب‪ -‬مراقبـ ـ ـ ـ ـ ــة التسـ ـ ـ ـ ـ ــيير البسـ ـ ـ ـ ـ ــيطة = تعلـ ـ ـ ـ ـ ــم مـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫المس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتوى ‪ :1‬تعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم يتق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاطع م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع عم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫المؤسس ـ ـ ـ ــة‪ ،‬المعلوم ـ ـ ـ ــة المس ـ ـ ـ ــتقبلة تح ـ ـ ـ ــرض عل ـ ـ ـ ــى‬
‫رد فعـ ـ ـ ـ ــل مخت ـ ـ ـ ـ ــار م ـ ـ ـ ـ ــن مجموعـ ـ ـ ـ ــة ردود األفع ـ ـ ـ ـ ــال‬
‫المعروفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة مسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبقا‪ ،‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدف تنظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيم السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلوك‬
‫(حلقة بسيطة )‪.‬‬

‫ج‪ -‬مراقب ـ ـ ـ ـ ـ ــة التس ـ ـ ـ ـ ـ ــيير المتط ـ ـ ـ ـ ـ ــورة= تعل ـ ـ ـ ـ ـ ــم م ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫مس ـ ـ ـ ـ ــتوى ‪ :2‬المعلوم ـ ـ ـ ـ ــة الـ ـ ـ ـ ـ ـواردة تثيــ ـ ـ ـ ــر رد فع ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫متنـ ـ ـ ـ ــاوب مـ ـ ـ ـ ــع الفريـ ـ ـ ـ ــق مـ ـ ـ ـ ــن خـ ـ ـ ـ ــالل اسـ ـ ـ ـ ــتعراض‬
‫أنم ـ ـ ـ ـ ـ ــاط النش ـ ـ ـ ـ ـ ــاط الموج ـ ـ ـ ـ ـ ــودة‪ ،‬اله ـ ـ ـ ـ ـ ــدف مرافق ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫الطفرة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫د‪ -‬مراقبـ ـ ـ ـ ـ ــة التسـ ـ ـ ـ ـ ــيير التفاعليـ ـ ـ ـ ـ ــة (علـ ـ ـ ـ ـ ــى النحـ ـ ـ ـ ـ ــو‬
‫الت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي يحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــددها ‪ = ) Simons‬تعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫المسـ ـ ـ ـ ـ ــتوى‪ :3‬تعل ـ ـ ـ ـ ـ ــم تنظيمي(حلق ـ ـ ـ ـ ـ ــة مض ـ ـ ـ ـ ـ ــاعفة)؛‬
‫هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدف قيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادة التغييـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ :‬ادمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاج المسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتوى‬
‫االستراتيجي‪.‬‬

‫المصدر‪Bouinot Claire, Op cit, p80:‬‬

‫من خالل الجدول السابق يمكننا القول أن هناك عالقة قوية بين نظم المراقبة وأصناف التعلم‪ ،‬ومن الواضح‬
‫أن نظم المراقبة التقليدية (نظم التشخيص) تنتج بصورة رئيسية تعليمات قابلة للتكيف وال تزود المؤسسة‬
‫بوسائل التكيف مع وسط مضطرب‪ ،‬وبالمقابل فإن نظم المراقبة التفاعلية أنتجت تعليمات توصف بأنها‬
‫مولدة (‪ )génératifs‬باعتبار أنها قادرة على جعل المؤسسة تتفاعل مع التغيرات السريعة والعميقة للمحيط‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مراقب التسيير داخل المؤسسة‬
‫تعتبر مهمة مراقب التسيير مهمة خاصة وغامضة‪ ،‬باعتبار أن مفاهيم مختلفة توكل لها مهام مختلفة‬
‫فنالحظ مثال أن المرور من مراقبة التسيير المالي إلى مراقبة التسيير االستراتيجي لها انعكاسات على طريقة‬
‫عمل المراقب‪ ،‬أي دوره وتأثيره والكفاءة التي يجب أن تتوفر فيه‪ ،‬وبالتالي سنحاول في هذا المبحث التعرف‬
‫أكثر على المواصفات المطلوبة في مراقب التسيير‪ ،‬وعلى موقعه في المؤسسة ومختلف مهامه‪ ،‬وكذلك على‬
‫الصعوبات التي يواجهها في عمله‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التكوين والمواصفات المطلوبة في مراقب التسيير‬


‫الفرع األول‪ :‬التكوين المطلوب في مراقب التسيير‬
‫تتضمن القاعدة األساسية في تكوين مراقب التسيير بصورة عامة المحاسبة والمالية‪ ،‬لكن على مراقب التسيير‬
‫أن يكون مزودا بقاعدة صلبة في ميادين تنظيم المؤسسة ونظم المعلومات والموارد البشرية وتقنيات التعبير‪:1‬‬
‫‪ -1‬تنظيم المؤسسة ‪ :‬التنظيم هو حقل معرفي رئيسي‪ ،‬فنظرية المؤسسات تقدم على المستوى النظري أط ار‬
‫لتحليل الوضعيات التي يمكن أن تعترض مراقب التسيير في عمله‪ ،‬وعلى المستوى التطبيقي يجب على‬
‫مراقب التسيير أن يعرف كيف ينظم مصلحة أو على األقل كيف يكتشف الخلل الوظيفي في تنظيم الوحدة‪.‬‬
‫‪ -2‬نظم المعلومات ‪ :‬تعتبر نظم المعلومات وأسسها اإلعالمية اختصاصا أساسيا في تكوين مراقب التسيير‬
‫الذي يتحمل مسؤوليات ذات عالقة بهذا الموضوع‪ ،‬ففي المؤسسات الصغيرة قد يجد نفسه مضط ار للعمل‬
‫بنفسه على تطوير تطبيقات اإلعالم اآللي للتسيير‪ ،‬وفي حاالت أخرى يكون هو المستعمل لهذه النظم‬
‫والبرامج اإلعالمية‪ ،‬واستعمال نظام المعلومات ال يعني مجرد تصفح القوائم المعروضة للحصول على‬
‫المعلومات‪ ،‬بل البد كذلك من القدرة على إنجاز خالصات واختصارات وتحديد مقاييس وهذا ما يتطلب‬
‫معرفة جيدة للنظام المستعمل‪.‬‬
‫‪ -3‬تسيير الموارد البشرية ‪ :‬تسمح معرفة تسيير الموارد البشرية لمراقب التسيير بفهم كيفية توطيد عالقاته‬
‫مع بقية المنفذين في المؤسسة‪ ،‬كما تسمح له بقيادة فريق عمله بانسجام‪.‬‬
‫‪ -4‬تقنيات التعبير ‪ :‬يمكن اكتساب تقنيات التعبير خالل التكوين األولي عن طريق قراءة األرقام وتحليلها‬
‫(الجداول‪ ,‬المنحنيات‪ )...‬وكذلك بواسطة الخبرة المهنية من خالل لغة الميدان‪ ،‬وباإلضافة إلى اكتساب‬
‫مراقب التسيير لتقنيات التعبير والحوار‪ ،‬عليه أن تكون له القدرة على فهم انشغاالت محاوريه وكل ما يقصد‬
‫من حوارهم أي فهم ما وراء الكالم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫;‪- Loning Helène, (2003), Op cit, P243‬‬

‫‪77‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المواصفات المطلوبة في مراقب التسيير ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫تم استخالص عدد من الثوابت المتعلقة بالمواصفات المطلوبة في مراقب التسيير وهي كالتالي‪:‬‬
‫– تكوين أولي في التسيير‪.‬‬
‫‪ -‬المعارف المالية والمحاسبة‪.‬‬
‫‪ -‬التحكم في اإلعالم اآللي‪.‬‬
‫‪ -‬التحكم في اللغات األجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬الخبرة المهنية في مجال التدقيق المحاسبي‪.‬‬
‫‪ -‬الخبرة الميدانية أو التنفيذية‪.‬‬
‫‪ -‬مواصفات الصرامة والتحليل والقدرة على االتصال‪.‬‬
‫هذه المواصفات المنتظرة من مراقب التسيير شكلت أحد مواضيع التحقيق على مراقبي التسيير والمنشورة‬
‫من طرف " ‪ ،" CHIAPELLO‬حيث قام هذا األخير بإجراء تحقيق حول هذه المواصفات وقام بنشرها‬
‫وتضمن التحقيق أسئلة مغلقة طرحت على ثالث فئات من الموظفين هم‪ :‬المسؤولون التنفيذيون‪ ،‬المدراء‬
‫العامون‪ ،‬مراقبو التسيير وقد طرح عليهم ‪ 11‬سؤاال لم يؤخذ منها إال اإلجابات األكثر داللة كما هو مبين‬
‫في الجدول أي تلك التي لها معدل متوسط يفوق " ‪:" 3‬‬

‫الجدول رقم ‪ :5.2‬المواصفات المثالية لمراقب التسيير‬

‫مــــعــــدالت الـــنـــــقـــــاط‬ ‫المواصفات المطلوبة‬


‫إجـابـات المدراء العامين‬ ‫إجـابـات المنفـذيـن‬ ‫إجابات مراقبي التسيير‬

‫‪3,6‬‬ ‫‪3,8‬‬ ‫‪3,4‬‬ ‫المعارف المحاسبـية‬


‫‪3,6‬‬ ‫‪3,6‬‬ ‫‪3,4‬‬ ‫المعارف المعلوماتية‬
‫‪4,4‬‬ ‫‪4,4‬‬ ‫‪4,5‬‬ ‫مواصفات االتصـال‬
‫‪4,1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4,4‬‬ ‫مواصفات االنفتـاح‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4,3‬‬ ‫مواصفات المرونـة‬
‫‪4,4‬‬ ‫‪4,4‬‬ ‫‪4,3‬‬ ‫التنظيم والصرامـة‬
‫‪3‬‬ ‫‪3,3‬‬ ‫‪2,8‬‬ ‫الخبرة التنفيـذيــة‬
‫تـم الـتـنـقـيـط حـسـب الـسـلـم الـتـالـي ‪:‬‬
‫‪ : 1‬غـيـر مـهـم تماما – ‪ : 2‬قليل األهمية – ‪ : 3‬مـهـم – ‪ : 4‬مـهم جدا – ‪ : 5‬ضروري و ال غنى عنه‪.‬‬

‫المصدر‪Bescos Pirre-Laurent et al, (1997) , Op cit, P477 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bescos Pirre-Laurent et al, (1997) , Op cit, P477.‬‬

‫‪78‬‬
‫نالحظ من هذه األجوبة أن المواصفات المنتظرة من مراقب التسيير تمثل موضوع حكم متجانس بين الفئات‬
‫الثالث‪ ،‬واالختالف الوحيد والبسيط كان حول ضرورة وجود الخبرة التنفيذية قبل االنتساب إلى مهنة مراقبة‬
‫التسيير‪ ،‬فالمراقبون والمنفذون يختلفون حول هذه النقطة وهو أمر طبيعي حيث يثبت الواقع أن االنتساب‬
‫المرجعة الداخلية‬
‫إلى منصب مراقب التسيير يتم باالنتقال من منصب وظيفي مثل التدقيق المحاسبي أو ا‬
‫أكثر من االنتقال من منصب تنفيذي‪.‬‬
‫كما يبرز الجدول أعاله األهمية المعطاة للمواصفات اإلنسانية واالجتماعية لمراقب التسيير‪ ،‬حيث يستحسن‬
‫أن يتحلى بخصائص التنظيم والصرامة وفي الوقت نفسه بصفات االنفتاح والمرونة‪.‬‬

‫أما المواصفات التي تأتي في الدرجة الثانية من حيث األهمية هي كالتالي‪:‬‬


‫‪ -‬تقبـل النقـد‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على المناقشة‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على تسيير الموظفين‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على التنشيط وعدم اصدار األحكام المسبقة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬صالحيات مراقب التسيير‬


‫يمكن تقسيم صالحيات مراقب التسيير إلى صالحيات كالسيكية وأخرى جديدة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الصالحيات الكالسيكية‬


‫يسلط الضوء عادة على دورين لمراقب التسيير هما‪ :1‬دور الفاحص أو المدقق ودور المساعد على اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬فعندما يقوم مراقب التسيير بدور المدقق ينبغي عليه التـأكد من أن المعلومات المالية صحيحة وأن‬
‫ممارسات الرقابة الداخلية مطابقة لإلجراءات ولسياسة المؤسسة‪ ،‬وعندما يقوم بدور دعم اتخاذ القرار فان‬
‫مهمته الرئيسية هي توفير المعلومات الضرورية للمسيرين للقيام بالرقابة الذاتية‪.‬‬
‫وفي الحقيقة فان صالحيات مراقب التسيير تختلف من مؤسسة إلى أخرى اختالفا شديدا وذلك حسب حجم‬
‫المؤسسة‪ ،‬موقعه السلمي‪ ،‬المحيط التقني‪ ،‬ضغط المنافسة‪ ،‬ثقافة التكوين‪ 2...‬لكن في جميع الحاالت هناك‬
‫‪3‬‬
‫بعض المهام العامة والتي يقوم بها مراقب التسيير في جميع الحاالت والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يشارك في وضع السياسة العامة للمؤسسة والمعبر عنها في مخطط طويل ومتوسط المدى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫» ‪- Lambert Caroline, Sponem Samuel, « La fonction contrôle de gestion : proposition d’une typologie‬‬
‫‪comptabilité-contrôle-audit, tome 15, volume 2, 2009, P116.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bouquin Henri, Le contrôle de gestion,8e Edition, Presse universitaires de France, Paris, 2008, P108.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, les nouveaux visages du contrôle de gestion, Dunod, Paris, 2000, P43.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ ‬يترجم بمساعدة المعنيين األهداف العامة إلى أهداف خاصة‪ ،‬كما يساهم في وضع مخطط النشاط‬
‫وبرنامج العمل للمؤسسة كما يساعد مختلف المسؤولين في وضع موازناتهم‪.‬‬
‫‪ ‬ينسق مجموع البرامج والموازنات ويضمن انسجام النظام‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد المسئولين في البحث عن أسباب الفروقات ويقترح الق اررات الواجب اتخاذها لتصحيحها‪.‬‬
‫‪ ‬يضع ويطور لوحات القيادة للمسؤولين الذين عليهم إيجاد المعلومات الرئيسية أو النقاط الحساسة‪.‬‬

‫وبصورة عامة يكون مسؤوال عن المعلومات المالية الداخلية للمؤسسة‪ ،‬ويحرس على نوعية المعلومات‬
‫المقدمة وآجال الحصول عليها وهو بهذا يمثل رجل الدراسات االقتصادية‪ ،‬وتزداد عدد المسؤوليات الموكلة‬
‫إلي مراقب التسيير بصورة طردية مع أهمية المؤسسة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الصالحيات الجديدة لمراقب التسيير‬


‫إن الصالحيات الجديدة لمراقب التسيير تجعل منه ما يلي‪:1‬‬
‫‪ -1‬مرافق للتغيرات )‪(Accompagnateur des changements‬‬
‫‪ -2‬رجل حوار التسيير )‪(Homme de dialogue de gestion‬‬
‫‪ -3‬كما يقوم بتصميم نظام المعلومات لمراقبة التسيير‪.‬‬
‫‪ -1‬مرافق للتغيرات ‪:‬‬
‫لكل مهنة لغتها ورموزها وطرقها وتقنياتها الخاصة بها والتي تبدو صعبة بالنسبة للمبتدئين ( ‪BFR, TRI,‬‬
‫‪ ،)CA...‬ومن هنا تظهر أهمية التكوين‪ ،‬ومراقب التسيير هو الذي يتحمل هذه المسؤولية حيث يقوم بتنشيط‬
‫‪2‬‬
‫حصص تكوينية داخلية لصالح الموظفين يهدف من خاللها إلى‪:‬‬
‫‪ -‬تطوير ثقافة التسيير داخل المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬تبليغ الرسائل األساسية المتعلقة بمتابعة تحسين النتائج‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير الحوار مع المنفذين‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في تقديم صورة إيجابية عن وظيفته‪.‬‬
‫ويعتبر هذا الدور (المكون) أساسيا بالنسبة لمراقبي التسيير‪ ،‬فعادة ما ينصح مراقبو التسيير الجدد بالبدء‬
‫بتقديم النصائح والتوجيهات للموظفين قبل مطالبتهم باألرقام والمعلومات‪ ...‬وهذا ما يسهل عليهم االندماج‬
‫مع الموظفين‪ ،‬وعليه فإن مرافقة التغيرات ترتكز بصورة أساسية على مفهوم التكوين‪ ،‬وللتكوين معنى واسع‬
‫لذلك ينبغي تكييفه حسب متطلبات المرحلة التي تجتازها المؤسسة‪ ،‬فعندما يتعلق األمر بمشروع ضخم‬
‫يخص عددا كبي ار من األفراد غير المنسجمين في هذه الحالة ترتكز مرافقة التغيرات على النشاطات التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫; ‪- Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Op cit, P45‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Op cit, P46.‬‬

‫‪80‬‬
‫االجـتـمــاع ‪ -‬الـتـكـويـن‪ -‬االتـصـال وتـنظـيمه‪ -‬اإلرشــاد‪...‬وبالتالي فإن القيام بدور مرافق التغيرات يعني إنجاح‬
‫مخطط النشاط الذي يرتكز على مؤثرات مختلفة‪.‬‬

‫‪ -2‬رجل حوار التسيير‪:‬‬

‫إن مهمة مراقب التسيير ترتكز حول ثالث نقاط هي ‪ :‬التنبؤ‪ ،‬القياس‪ ،‬اتخاذ التدابير الالزمة‪ ،‬ويهدف حوار‬
‫التسيير إلى التأكد باستمرار أن لكل مسؤول نظرة واضحة على‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا‪/‬كم‪ ،‬وبعبارة أخرى ما هي مهمته ومستوى التحسين المطلوب تحقيقه‪.‬‬
‫‪ -‬لماذا‪ ،‬لمعرفة أسباب أو مبررات مستوى التحسين المطلوب تحقيقه‪.‬‬
‫‪ -‬كيف‪ ،‬أي ما هي اإلجراءات المحتملة والتي يمكن تطبيقها بالصورة التي تسمح له بتحقيق األهداف‪.‬‬
‫وادراج لغة الحوار على سبيل المثال في مسار الموازنات يتطلب التأكد مما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬في البداية‪ ،‬أن يكون للمسؤولين رؤية واضحة حول األهداف الخاصة بسنة أو عدة سنوات للمؤسسة‬
‫التي ينتمون إليها هذا من جهة‪ ،‬وأن يكون لهم من جهة أخرى رؤية واضحة عن المهمة واألهداف التي‬
‫ينبغي تحقيقها (ماذا‪/‬كم) وهذا ما يتطلب تنشيط اجتماع النطالق الموازنات‪.‬‬

‫ب‪ -‬تليها امتالك المسؤولين للمعلومات المفيدة حول مستوى النتائج الحالية وتحديد وشرح األسباب الرئيسية‬
‫الناجمة عن نشاطاتهم )لماذا(‪ ،‬يترجم هذا في مراقبة التسيير باإلجراءات المتخذة على المستوى الفردي‬
‫وبتوفير كل المعلومات السابقة التي تسمح بتفسير النتائج المطلوب تحقيقها‪.‬‬

‫ج‪ -‬وأخي ار يتوصل المسؤولون إلى مرحلة الدفاع عن موازناتهم مع إبراز النشاطات الرئيسية الممكنة والقابلة‬
‫للتطبيق للفترة المعنية والتي تسمح لهم بتحقيق األهداف (كيف)‪ ،‬وفي هذه المرحلة يتموضع دور مراقب‬
‫التسيير في المساعدة على صياغة مخططات النشاط وتقويمها‪.‬‬

‫يأخذ الحوار المتعلق بالموازنات اتجاهه تحت تأثير المنفذين من جهة وتأثير اإلدارة من جهة أخرى ويبرز‬
‫اتجاه الحوار في طريقة تقديم الموازنات والدفاع والمفاوضات التي تجري أثناء المراحل التحضيرية‪ ،‬فدور‬
‫مراقب التسيير إذن هو دور مساعد على المستوى التقني في صياغة الملف الموازني وفي تقديمه حسب ما‬
‫تمليه طريقة الدفاع والمفاوضات المتعلقة بهذا الملف‪ ،‬وعليه يتوجب على مراقب التسيير أن يتقن تقنيات‬
‫الحوار وطرق تنشيط االجتماعات وتقديم المبررات الالزمة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الشكل رقم ‪ :9.2‬المحاور الثالث لحوار التسيير‬
‫مــــاذا ‪ /‬كــــم‬

‫لــمـــاذا‬ ‫كيـــــف‬

‫المصدر‪Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Op cit, P 50 :‬‬

‫‪ -3‬تصميم نظام معلومات لمراقبة التسيير‪:‬‬

‫يقوم مراقب التسيير بتصور ووضع نظام مراقبة موضع التنفيذ فهو الذي ينشأ أدوات تحليل التكاليف ومراقبة‬
‫الموازنات‪ ...‬ويجعلها تنسجم مع هيكلة المؤسسة‪ ،1‬ومن جهة أخرى يقوم بجمع المعلومات الضرورية‪ ،‬كما‬
‫ينظم كيفية استقبالها ومعالجتها‪ ،‬وأخي ار يعمل على تكييف نظام المعلومات كلما كان ذلك ضروريا‪ ،‬فال‬
‫يمكن لنظام مراقبة التسيير أن يكون فعاال دون وجود نظام معلومات للتسيير يسمح بتقديم ليس فقط‬
‫المعلومات ذات الطابع المالي بل كذلك المعلومات ذات الطابع النوعي‪.2‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التموقع السلمي لمراقب التسيير‬


‫مراقب التسيير هو قائد المؤسسة‪ ،‬فهو يعرف الهدف الذي ساعد في وضعه ومخططات النشاط التي تسمح‬
‫ببلوغ الهدف‪ ،‬وهو يتتبع باستمرار المسار الحقيقي للمؤسسة ويعلم المسؤولين باالنحرافات الحاصلة عن‬
‫الهدف المتوقع حتى يتمكن هؤالء من اتخاذ اإلجراءات التصحيحية الالزمة فهو في نفس الوقت ‪:‬‬
‫أ‪ -‬المستشار االقتصادي للمؤسسة (أي لكل المسؤولين وليس فقط للمدير العام)؛‬
‫ب‪ "-‬الميكانيكي" لنظام الموازنات (أي يتصور وينشط ويرمم النظام)؛‬
‫ج‪ " -‬المنشط " لنظام مراقبة التسيير‪.‬‬
‫فما هو موقعه على صعيد المؤسسة ؟‬
‫يحتل مراقب التسيير موقعا وظيفيا ويكون تابعا إما للمدير العام أو للمدير المالي أو لمواقع أخرى حسب ما‬
‫هو موضح ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Orsoni J, Contrôle de gestion, Vuibert, Paris, 1998, P194.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Baron Philippe, Quel modèle de contrôle de gestion pour les services publics!, Echanges, n°184, janvier‬‬
‫‪2002, P16.‬‬

‫‪82‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تبعية مراقب التسيير للمدير المالي‬
‫‪1‬‬
‫لهذه التابعية عدة سلبيات‪:‬‬
‫‪ -‬يمكن للمدير المالي أن يشكل حاج از أقل أو أكثر شفافية بين المدير العام ومراقب التسيير؛‬
‫‪ -‬يحمل مراقب التسيير في هذه الحالة شعار " المديرية المالية " وهذا ما يصعب عالقاته مع المنفذين‬
‫ومسؤوليهم ألنه سيكون طرفا وحكما في نفس الوقت؛‬
‫‪ -‬تكون مصادر المعلومات في هذه الحالة بالدرجة األولى ذات طبيعة اقتصادية ومالية على حساب‬
‫المعطيات األخرى‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :10.2‬تبعية مراقب التسيير للمدير المالي‪.‬‬

‫المـديـر الـعــام‬

‫المـديـر الـمـالي‬

‫مراقب التسيير‬

‫المصدر‪Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Op cit, P 54 :‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تبعية مراقب التسيير لمواقع أخرى‬


‫تضع بعض المؤسسات منصب مراقب التسيير في نفس مستوى المسؤولين الرئيسيين للمؤسسة وذلك بهدف‬
‫تسهيل االتصاالت بين مختلف المصالح‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪:11.2‬االتصال على هيئة أسنان المشط‬
‫المـديـر الـعــام‬

‫مصلحة‬ ‫مصلحة المالية‬ ‫مصلحة الشراء‬ ‫مصلحة مراقبة‬


‫المستخدمين‬ ‫والمحاسبة‬ ‫التسيير‬

‫المصدر‪Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Op cit, P 54 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Op cit, P 54.‬‬

‫‪83‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تبعية مراقب التسيير للمدير العام‬
‫تميل التوجهات الحديثة إلى إلحاق مراقب التسيير مباشرة بالمدير العام وهذه الوضعية تدعم مراقب‬
‫التسيير أكثر وتمنحه استقاللية وقدرة على التدخل بصورة أكثر أهمية‪. 1‬‬

‫الشكل رقم‪ :12.2‬تبعية مراقب التسيير للمدير العام‬

‫المـديـر الـعــام‬

‫مراقب التسيير‬

‫المصدر‪Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Op cit, P 54 :‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬الصعوبات التي يواجهها مراقب التسيير‬


‫بالرغم من المزايا التي يتمتع بها نظام مراقبة التسيير من خالل األهداف التي يسعى لتحقيقها وأيضا مساره‬
‫الذي يضمن تحليل االنحرافات وتصحيحها للتحكم في األداء التسييري ككل‪ ،‬لكن هذا ال ينفي وجود صعوبات‬
‫وحدود تحول دون إمكانية التطبيق الفعلي ألسس هذا النظام نذكر من بينها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعدد مهارات مراقب التسيير والمتعلقة بكثرة االختصاصات والكفاءات المطلوبة فيه والتي يتوجب عليه‬
‫أن يتحكم فيها كتقنيات التخطيط‪ ،‬الخبرة المرتبطة بالتسيير المالي‪ ،‬القدرة على التنسيق واالتصال‪ ،‬حصر‬
‫المعطيات المتعددة‪...‬إلخ‪ ،‬هذا ما يجعل من مراقب التسيير إنسانا ناد ار يصعب إيجاده‪.‬‬
‫‪ -‬المشكل الثاني هو الوضعيات الغامضة جزئيا التي تعترض المؤسسات والتي تزداد أكثر فأكثر مع التغير‬
‫السريع للمحيط‪ ،‬فلم يعد المهم في الوقت الراهن تحديد االنحرافات بفضل أداة (محاسبية) متطورة بل المهم‬
‫هو البحث عن المؤثرات الممكنة مستقبال‪ ،‬والتشخيص الذي ينبغي استخالصه والتعديالت التي ينبغي‬
‫إدخالها على مخططات النشاط‪.‬‬
‫إن مثل هذه النظرة تؤدي إلى إعادة في التصور التقليدي لمراقبة التسيير وفي مجال تطبيقه‪ ،‬فلم يعد‬
‫المطلوب بالنسبة لمراقب التسيير مجرد التأكد من أن الموارد مستعملة بصورة جيدة وفي اتجاه تحقيق‬
‫األهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬ولكن أيضا توفير وسيلة لمتخذي الق اررات لتسيير المخاطر المختلفة والناتجة عن‬
‫انتشار واتساع حالة الغموض‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- De kerviler Isabelle, De kerviler Loic, Le contrôle de gestion à la portée de tous, 4e Edition, Edition‬‬
‫‪Economisa, Paris, 2006, P16.‬‬

‫‪84‬‬
‫وبالتالي فإن التعقيدات المتزايدة للمؤسسات ولنشاطاتها والمرتبطة بعدم استقرار الظروف والمحيط تجعل من‬
‫عملية صياغة مسار للمراقبة أم ار يصعب تحقيقه ببساطة‪.1‬‬
‫آخر بالنسبة لعمل مراقب التسيير‪ ،‬وهذا راجع إلى فائض وحجم المعلومات التي‬
‫‪ -‬تشكل المعلومات عائقا ا‬
‫تتلقاها المؤسسة ومدى مالءمتها الحتياجات المستخدمين لها‪ ،‬ما يستدعي إلمام مراقب التسيير باألوجه‬
‫الحقيقية للنشاط حتى يتمكن من تنظيم حركة المعلومات في المؤسسة لتحسين عملية االتصال بما يتالءم‬
‫مع احتياجات المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬وتعتبر عملية تقييم األداء بدورها مشكال أساسيا لعمل مراقب التسيير‪ ،‬فبالرغم من إمكانية تحديد األهداف‬
‫التي سيتم على أساسها تقييم النتائج وقياس االنحرافات يبقى السؤال المطروح هو‪:‬‬

‫كيف يمكن معرفة االنحرافات التي تستدعي اتخاذ إجراءات تصحيحية ؟‬

‫بصورة عامة يمكن التمييز بين نوعين من االنحرافات‪ :‬انحرافات عميقة خارجة عن المجال المقبول للعمل‬
‫التنبئي ال يمكن غض النظر عنها وتتطلب اتخاذ تدابير تصحيحية فورية‪ ،‬وانحرافات بسيطة تكون ضمن‬
‫المجال المقبول للعمل التنبئي يمكن غض البصر عنها وال تتطلب تدابير تصحيحية ألنها تؤدي إلى تكاليف‬
‫غير ضرورية‪.‬‬
‫‪ -‬كما يوجد مشكل آخر يتعلق بصعوبة قياس مردودية نظام مراقبة التسيير أي تحديد األرباح الناتجة عنه‬
‫والتكاليف التي يسببها‪ ،‬فالمعروف أن هذا النظام يهدف إلى االستغالل األمثل للموارد والى االقتصاد في‬
‫أمر صعبا‪ ،‬فهل تقاس هذه األخيرة بتكلفة‬
‫النفقات لكن تبقى مسألة قياس األرباح أو النتائج المحققة منه ا‬
‫األخطاء التسييرية التي تم تفاديها (كيف يمكن قياس ذلك؟)‪ ،‬أم ترتبط بتحسين عملية اتخاذ القرار أو بدرجة‬
‫تحسين األهداف‪ ،‬أو بتحسين الجو االجتماعي‪...‬‬
‫يتطلب وضع مثل هذا النظام معرفة دقيقة لتكاليفه ونتائج‪ ،‬لكن المالحظ أن تحديد هذه التكاليف واألرباح‬
‫وقياسها هو أمر صعب‪ ،‬ألن بعضها يكون غير قابل للقياس والبعض اآلخر يصعب تحديده وبالتالي من‬
‫الصعب الحكم على مدى كفاءة نظام مراقبة التسيير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Teller Robert, Op cit, p26.‬‬

‫‪85‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مراقبة التسيير العمومي‬

‫يخضع التسيير ووظائفه المختلفة في القطاع العمومي الى خصوصيات متعلقة بهذا القطاع كما يواجه‬
‫مجموعة من الصعوبات والتحديات سنتعرف عليها من خالل هذا المبحث‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مراقبة التسيير العمومي " تسيير ذو ثالث أبعاد"‬

‫في هذا العرض لمراقبة التسيير‪ ،‬وديناميكيتها الداخلية‪ ،‬ومضمونها الثقافي واالستراتيجي والتنظيمي البد من‬
‫الربط بين هياكل التسيير المالحظة في المؤسسات العمومية‪ ،‬ولذلك سنستعمل بصورة متوازنة الهيكلة التي‬
‫تسمح لنا بإبراز أبعاد التسيير التي هي في تطور في الفترة الحالية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التسيير ذو البعد الواحد‪ :‬اإلذن بالصرف‬

‫كانت مهمة التسيير العمومي في األصل محصورة فقط في المساءلة حول استخدام الموارد وفق الصورة‬
‫المحددة في قانون الموازنة‪.‬‬

‫ولخصت هذه الفكرة بالمتابعة الموازنية من خالل أدوات تسيير المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫االعتمادات المفتوحة – االلتزامات ‪ ±‬انحراف‪ /‬االلتزامات = االعتمادات المتاحة‬

‫تحرير االذن بالصرف‬ ‫(ثابتة)‬

‫واذا كانت هذه المتابعة ضرورية بالنسبة للتسيير فهي غير كافية بالنسبة لمراقبة التسيير‪ ،‬ألنها تنشئ خاصة‬
‫لدى المسيرين السلوكات االقتصادية المشكوك فيها‪.‬‬

‫فعندما تكون االعتمادات قليلة جدا‪ ،‬فإن دور المسير يكون غالبا تفادي خطر تجاوز المبالغ المعتمدة‪ ،‬واذا‬
‫كان هذا الدور يسمح بتجنب األسوء‪ ،‬فإنه ال يضمن التالؤم بين استهالك الموارد والنشاط خالل السنة‪ ،‬كما‬
‫أن هذا الدور يمارس بصورة خاصة في نهاية السنة عندما تتقلص االعتمادات المتاحة‪ ،‬أما عندما تكون‬
‫االعتمادات كافية وال يحتاج األمر إلجراء مفاضلة بين النشاطات المختلفة‪ ،‬عندها يكون من الضروري‬
‫استخدام كل االعتمادات لضمان الحصول على نفس االعتمادات في السنة المقبلة ‪.1‬‬

‫إن هذا النموذج الصلب للتسيير ذي البعد الواحد ال يزال يشكل نموذجا للتسيير في عدد كبير من األقسام‬
‫المركزية أو الالمركزية التي تحصل على مواردها من خالل التبليغ الهرمي‪ ،‬وهذا النموذج جعل ‪Pierre‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Op cit, P38.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ Morrin1‬يقول " لإلدارة تسيير حسب الموارد"‪ ،‬هذا النموذج من الموازنة الفرعية أصبح غير قابل للتطبيق‬
‫على نحو متزايد منذ التخفيضات المطبقة على الموازنات العمومية من خالل آلية تنظيم الموازنات‪.‬‬

‫وعلى سبيل المثال قسم مركزي تلقى في بداية السنة إشعار باالعتمادات التي يستعملها في نشاطاته‪ ،‬ثم‬
‫عرف بعدها خمس تقليصات للموازنة‪ ،‬فاالعتمادات المفتوحة أصبحت أقل من االستهالكات المنجزة وهذه‬
‫اإلجراءات من شأنها أن تتسبب في " بواقي الدفع" أو بصورة أدق تسبب في تأجيل التكاليف بصورة غير‬
‫منتظمة على النشاطات المقبلة‪ ،‬مغذية بهذه الكيفية العجز العمومي‪ ،‬ومن المناسب هنا قبل التفكير في‬
‫مراقبة التسيير الرجوع إلى تسيير بسيط‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التسيير ذي البعدين "إيرادات‪ -‬مصاريف"‪ :‬توازن الميزانية‬

‫تطبق هذه البنية من التسيير في ميزانية الدولة‪ ،‬الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية‪ ،‬ومن الواضح أن‬
‫هذا التصور هو أكثر تحمال للمسؤولية‪ ،‬ألن أي نائب يريد إدراج مصروف إضافي أثناء مناقشة الموازنة‬
‫عليه كذلك أن يقترح موردا للدخل أو تخفيضا للتكاليف بما يعوض التكلفة المقترحة‪.‬‬

‫كما تسمح هذه البنية التسييرية )على عكس النموذج السابق( بتسيير ميزانية مرنة‪ ،‬فإيرادات الدولة‬
‫والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية معرضة للتغيير‪ ،‬باعتبار أن عدد ليالي المبيت في المستشفى‬
‫وعدد سكان البلدية والضريبة التي تفرض على النشاطات المهنية تحدد على سبيل المثال الموارد المتاحة‬
‫بصورة جزئية‪ ،‬وهذا يفترض بالطبع أن صدق الموازنة يتطلب تنبؤات أو تقديرات واقعية وليس مبالغا فيها‬
‫كما يفترض أيضا أن تخفيض الموارد خالل السنة ينعكس بصورة مرنة ‪.2‬‬

‫إن هذا النموذج الموازني الكالسيكي هو المطبق في المؤسسات العمومية التي لها استقاللية مالية وباعتبار‬
‫أن تنفيذ الميزانية ينبغي أن يتم في إطار التوازن‪ ،‬واللجوء إلى العجز أو االقتراض هو في معظم األحيان‬
‫ممنوع‪ ،‬فإن هذا النموذج يدفع المسيرين إلى تجزئة اإليرادات والمصاريف أثناء التنفيذ‪ ،‬وتكون المتابعة هنا‬
‫أقرب من النموذج السابق غير أن استهالك االعتمادات يكون متقلبا‪.‬‬

‫االعتمادات المفتوحة – االلتزامات ‪ ±‬انحراف‪ /‬االلتزامات = االعتمادات المتاحة‬

‫تحرير االذن بالصرف‬ ‫(تتغير مع تغير االيرادات)‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬رجل سياسي من كندا )‪ (Quebec‬ولد في ‪ 1961‬وهو عضو في حزب العمل الديموقراطي للكيباك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Op cit, P39.‬‬

‫‪87‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التسيير ذو الثالث أبعاد ) النشاط‪ ،‬الموارد‪ ،‬استهالك الموارد(‪ :‬مراقبة التسيير‬

‫تدرج مراقبة التسيير بالمقارنة مع النموذج السابق بعدا أساسيا هو النشاط‪ ،‬فلم يعد يتعلق األمر هنا بإضافة‬
‫هامش يتضمن خطابا حول المهام‪ ،‬بل يتعلق بوضع مخطط نشاط لمشروع حقيقي لخدمة‪ ،‬أي مجموعة‬
‫منظمة من األهداف الكمية والمخططة والمرتبطة بهذه المهمة‪.‬‬

‫فنشاط الخدمة هنا أصبح مكونا ضروريا بنفس درجة التكاليف واإليرادات‪ ،‬ويجب أن تكون الخدمة واضحة‬
‫وقابلة للقياس حتى يمكن معرفة نتائجها‪.‬‬

‫فمتابعة التسيير هنا تأخذ صيغة جديدة‪:‬‬

‫= االنحراف على النشاط‬ ‫النشاط المتوقع – النشاط الحقيقي‬


‫مقارنة االنحرافات‬ ‫االستهالك المتوقع – االستهالك الحقيقي = االنحراف على االستهالك‬

‫إن إدخال بعد "النشاط" يؤدي إلى تصور آخر للتسيير والمراقبة‪ ،‬وهذا البعد اإلضافي هو الذي يسمح‬
‫بالتفكير بشكل ديناميكي حسب مثلث مراقبة التسيير‪ ،‬وهذا البعد هو الذي يسمح أيضا بإيجاد المعني‬
‫األصلي للموازنة‪ :‬التعبير عن مخطط النشاط بالقيمة النقدية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مثلث مراقبة التسيير في سياق الخدمة العمومية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تطور مثلث مراقبة التسيير‬

‫تبعا للمثلث القاعدي لمراقبة التسيير والممثل في المبحث األول من هذا الفصل‪ ،1‬والراجع إلى ‪(Pièrre‬‬
‫)‪ Gilbert, 1980‬عرف تصور مراقبة التسيير عدة مراحل‪:‬‬

‫في البداية كانت مفاهيم الفعالية والكفاءة فقط هي المأخوذة بعين االعتبار‪ ،‬وفي ‪ 1991‬أثرى ‪Dupuis‬‬
‫تمثيل مراقبة التسيير في القطاع العام بإدراج توقعات ورضا الجمهور‪ .‬وهكذا أخذ بعين االعتبار أحد عناصر‬
‫‪2‬‬
‫السياق الذي تندرج فيه مراقبة التسيير‬

‫‪ -1‬ارجع الى الصفحة رقم ‪.60‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Dupuis Jérome, Le contrôle de gestion dans les organisations publiques, Puf, Paris, 1991, P33.‬‬

‫‪88‬‬
‫الشكل رقم ‪:13.2‬ادراج توقعات ورضى الجمهور ضمن مراقبة تسيير القطاع العمومي‬

‫األهداف‬ ‫التوقعات‬ ‫الجمهور‬

‫المالءمة‬ ‫الفـعاليـة‬ ‫الرضى‬

‫الوسائل‬ ‫الكفاءة‬ ‫النتائج‬

‫المصدر‪Dupuis Jérome, Op Cit, P34:‬‬

‫وفي عام ‪ 1991‬كذلك‪ ،‬أثرى فريق‪ ESCP1‬التمثيل "بمثلث موسع" الذي يشمل العالقة بين األهداف‬
‫الوسائل والنتائج ضمن مثلث آخر للثقافة‪ ،‬الغايات والهيكلة‪ ،‬يأخذ هذا التمثيل بعين االعتبار غايات مراقبة‬
‫التسيير)المثلث القاعدي( ويوضح العناصر الخاصة بالمؤسسة التي تؤثر وتكيف وتحدد طرقها‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪ :14.2‬المثلث الموسع لمراقبة التسيير‬

‫الغـايـات‬ ‫األـهــداف‬ ‫الثقــافـة‬


‫الخيارات االستراتيجية‬ ‫طرق ترجمة وإسناد‬
‫النتائج‬
‫مــراقبــة‬

‫التسـييـــر‬
‫الوسـائـل‬ ‫النتـائـج‬

‫تنظيم المسؤوليات‬

‫الهيكـلـة‬

‫المصدر‪Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Op cit, P31 :‬‬

‫‪ -1‬فريق من المدرسة العليا للتجارة بباريس‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ثم بعدها نقل هذا المثلث الموسع للسياق العمومي كمايلي ‪:‬‬

‫الشكل رقم‪ :15.2‬المثلث الموسع في سياق الخدمة العمومية‬

‫الشأن السياسي‬ ‫األـهــداف‬ ‫ثقافة الخدمة العمومية‬


‫استراتيجية‪ ،‬مشاريع‬ ‫تسويق الخدمات‬
‫وتأطير‬ ‫العمومية‪ ،‬تحليل‬
‫مــراقبــة‬ ‫األداءات‬

‫التسـييـــر‬
‫الوسـائـل‬ ‫النتـائـج‬
‫المركزية‬
‫الالمركزية‪ ،‬توزيع‬
‫السلطة‬

‫أساليب التنظيم‬

‫المصدر‪Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Op cit, p 32:‬‬

‫‪ -‬يحدد المستوى السياسي التوجهات والغايات ) حول التسيير العمومي(؛‬


‫‪ -‬تستعمل اإلدارة الوسائل باختيار أساليب التنظيم األكثر تكيفا )توزيع السلطة‪ ،‬الالمركزية‪...‬الخ(؛‬
‫‪ -‬تؤثر ثقافة الخدمة العمومية على أسلوب تحديد األهداف‪ ،‬فتكيف نظام قياس األداءات داخل‬
‫المؤسسة‪ ،‬وتكيف تقارب الخدمات المقترحة وطلبات المستعملين )التسويق( خارجها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الفرق بين مراقبة التسيير في القطاع العمومي والخاص‬

‫إن نقل أدوات مراقبة التسيير من القطاع العمومي إلى القطاع الخاص هو محل نقاش متزايد أكثر فأكثر‬
‫فما هي حدود هذا اإلجراء؟‬

‫تلعب ثقافة المؤسسة وهياكلها وغاياتها دو ار أساسيا في الطريقة التي يتم بها تصور وتنشيط وتطبيق مراقبة‬
‫التسيير‪ ،‬كما هو موضح في التمثيل الخاص "بالمثلث الموسع"‪.‬‬

‫ونظ ار لخصوصية مهام المؤسسات العمومية التي تهمنا هنا‪ ،‬وللثقافة الخاصة المشتركة لدى منفذي الخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬وللقواعد الخاصة المرتبطة بالهياكل التي يعملون بها‪ ،‬فإننا نستنتج أن مراقبة التسيير في مؤسسة‬

‫‪90‬‬
‫تنتمي الى القطاع الخاص وفي مؤسسة أخرى تنتمي إلى القطاع العمومي ال يجمعهما سوى القليل من‬
‫الصفات المشتركة‪ ،‬وتتمثل أهم االختالفات بين المثلث القاعدي لمراقبة التسيير في القطاعين فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬العالقة بين األهداف والوسائل‪:‬‬
‫إذا فحصنا العالقة بين األهداف والوسائل فإن االختالفات بين السياقين واضحة فيما يخص تحديد األهداف‬
‫ففي المؤسسات الخاصة االستراتيجية هي التي تسبق بصورة عامة‪ ،‬ويوضح ‪ Porter‬كيف أن اإلستراتيجية‬
‫المحددة من طرف المسيرين تؤكد بواسطة تحليل للمحيط ثم المؤسسة‪ ،‬فاألمر يتعلق بمسار تلقائي تخضع‬
‫له السياسات التجارية واستثمار الموظفين‪...‬الخ‬

‫فالسياسة تعني إذن مخططات النشاط المطبقة لإلستراتيجية في ميدان معين‪ :‬سياسة االستثمار‪ ،‬سياسة‬
‫التوظيف‪...‬الخ‪ ،‬أما في السياق العمومي فاألمر مختلف‪ ،‬ففي إطار االنتخابات التشريعية مثال‪ ،‬يحدد رجال‬
‫السياسة التوجهات وتحدد األحزاب السياسية البرامج ويقوم المنتخبون باختيار سياسي‪ ،‬وبعدها يقوم البرلمان‬
‫والحكومة حسب الكفاءة الخاصة لكل منهما والمحددة في الدستور بتوضيح وتدقيق هذه التوجهات‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬وتمثل اإلدارة العمومية الهيكلة التي يتم بفضلها تجسيد هذه التوجهات‪.‬‬

‫في التسيير الخاص تسبق اإلستراتيجية السياسات المطبقة‬

‫وفي التسيير العمومي يسبق الشأن السياسي االستراتيجيات المطبقة‬

‫فالسياسة "‪ "la politique‬في المؤسسة لها معنى تنفيذي "‪ "opérationnel‬فهي تعني تطبيق الخيارات‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬وبهذا المعنى فهي قريبة من مصطلح " تكتيك ‪."tactique‬‬

‫أما الشأن السياسي "‪ "le politique‬في القطاع العمومي فليس تنفيذي‪ ،‬فهو توجه أو خيار محدد من‬
‫طرف أغلبية األصوات المدلى بها‪ ،‬واإلدارة هي التي لها دور التطبيق‪.‬‬

‫وبهذا فإن النشاط العمومي يجمع المظاهر اإلستراتيجية والعملية بصورة مختلفة عن النشاط الخاص‪ ،‬ومع‬
‫صير كما‬
‫ذلك فإن المظاهر اإلستراتيجية ال تزال تتطلب مدى طويال والمظاهر العملية أو التنفيذية مدى الق ا‬
‫هو الحال في المؤسسات الخاصة وهو ما يبينه الجدول التالي‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫الجدول رقم ‪ :6.2‬توزيع المظاهر اإلستراتيجية والتنظيمية في النشاط العمومي‬
‫المظاهر العملية‬ ‫المظاهر اإلستراتيجية‬ ‫المدة‬ ‫إطار النشاط‬
‫‪+‬‬ ‫‪++++‬‬ ‫=›‪ 05‬سنوات او أكثر‬ ‫المخطط‬
‫‪++‬‬ ‫‪+++‬‬ ‫=› ‪ 5 – 2‬سنوات‬ ‫المشروع‬
‫‪+++‬‬ ‫‪++‬‬ ‫=› سنة‬ ‫الموزانة‬
‫=› يوم – أسبوع‪ -‬شهر‬
‫‪++++‬‬ ‫‪+‬‬ ‫مخطط النشاط‬
‫– فصل‬
‫المصدر‪Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Op cit, P34. :‬‬

‫فالشأن السياسي هو الذي يحدد حقل التسيير العمومي وهو يفرض على اإلدارة بطريقة خارجية من طرف‬
‫الدولة أو السلطة العليا‪ ،‬بينما تحدد السياسة في المؤسسة داخليا‪ ،‬ونتيجة لذلك فإن الشأن السياسي هو الذي‬
‫ي حدد التوجه على مستوى حقل النشاط وتخصص الموارد كذلك بصورة سنوية من خالل التصويت على‬
‫قانون المالية‪ ،‬بينما تخصص الوسائل من طرف المؤسسة نفسها في القطاع الخاص وهو ما يجعل مالءمة‬
‫الوسائل للنتائج مضمونة بصورة أفضل في القطاع الخاص‪.‬‬
‫إن هذا االختالف بين السياسة والشأن السياسي في سياقي القطاع العمومي والخاص يؤثر على تطبيق‬
‫مراقبة التسيير التي عليها أن تدرج هذا األسلوب الخاص في تحديد الغايات‪.‬‬

‫‪ -2‬العالقة بين الوسائل ‪ /‬النتائج‪:‬‬


‫إذا تناولنا العالقة بين الوسائل‪ /‬النتائج فإن االختالفات يمكن أن تكون حساسة كذلك‪ ،‬فالشأن السياسي يتجه‬
‫منذ أكثر من عشرية نحو تخفيض الوسائل وبصورة خاصة على مستوى الموظفين دون أن يقاس تأثير‬
‫تقليص هذه الوسائل على النتائج بصورة دقيقة‪ ،‬ويقود هذا التوجه بعض المؤسسات أحيانا إلى االعتقاد أنها‬
‫محرومة من وسائل ضرورية لضمان إنجاز مهامها بصورة صحيحة‪ ،‬بينما قد يكون لدى مؤسسات أخرى‬
‫فائض من هذه الوسائل تجمعت لديها ألسباب مختلفة وتقوم باستهالكها بصورة مفرطة خوفا من أن تحرم‬
‫منها في الميزانيات الالحقة‪.‬‬
‫لقد أصبح تحليل الكفاءة صعبا في القطاع العمومي بسبب غياب المقارنة مع الحاالت المماثلة أو غياب‬
‫النتائج السابقة‪ ،‬وهذه الوضعية ستتالشى تدريجيا مع انتشار تطبيق مسار مراقبة التسيير في اإلدارة‪ ،‬وبغض‬
‫النظر عن ثقافة مراقبة التسيير الموجودة تاريخيا في القطاع الخاص منذ عدة سنوات‪ ،‬فإن التكلفة المالية‬
‫للموارد التي تستخدمها سمحت بالفعل بإجراء قياسات للكفاءة أكثر تنظيما من أجل تعظيم آثار هذه الموارد‬
‫المالية‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -3‬العالقة بين األهداف ‪ /‬النتائج‪:‬‬
‫إن العالقة بين األهداف والنتائج لها أيضا طابعا خاصا في القطاع العمومي‪ ،‬فهل يحلل األداء؟ من يقوم‬
‫بهذا التحليل؟ كيف نفهم األداء؟ هل يجب علينا قياس االنحراف بين األهداف المحددة على المستوى‬
‫السياسي والنتائج المحققة؟ أو االهتمام بمدى رضى المستعمل؟‬
‫يمكن التمييز بين فئتين تشاركان بالفعل في تحديد األهداف‪ ،‬المستوى السياسي الذي يحددها والمستعملون‬
‫الذين توجه إليهم‪ ،‬وفي هذا السياق يتدخل مفهوم "تسويق الخدمات العمومية " فهو يهدف إلى اقتراح‬
‫الخدمات المطابقة لتوقعات الجمهور بطريقة تنبؤية‪ ،‬وهو يسمح بالتنبؤ بالطلب بصورة أفضل‪ ،‬وبدراسة‬
‫االحتياجات‪ ،‬وبفهم مستعملي الخدمة وذلك من خالل إجراء تحقيقات‪ ،‬عينات واستبيانات من أجل حصر‬
‫تطور التوقعات‪ ،‬كما يسمح بتحسين تقديم الخدمة العمومية وتكييف أسعارها وتوزيع الخدمات واالتصال‬
‫الداخلي والخارجي للمؤسسات‪.‬‬
‫إن االنحرافات في قياس األداء بين القطاع العام والخاص كبيرة‪ ،‬ففي القطاع العام ال يتم قياس األداء‬
‫بصورة منتظمة‪ ،‬وعندما تتم هذه القياسات عليها أن تأخذ بعين االعتبار األهداف المحددة على المستوى‬
‫السياسي الذي ينطلق من المصلحة العامة وتوقعات المستعملين أو المستفيدين من الخدمة التي تعكس‬
‫إشباع الحاجيات الفردية أو حاجيات فئات محددة وهذا ما يعقد بصورة خاصة هذا القياس‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الصعوبات الخاصة المرتبطة بمراقبة التسيير في القطاع العمومي‬


‫زيادة على خصوصيات السياق العمومي المذكورة سابقا والتي تجعل النقل البسيط ألدوات القطاع الخاص‬
‫صعبا ‪ ،‬فإن بعض خصائص القطاع العام تعقد من مهمة مراقبة التسيير‪ ،‬رغم أن التطورات الحاصلة في‬
‫المجتمع جعلت تسيير ومراقبة هذا القطاع أكثر أهمية من أي وقت مضى‪ ،‬وقد اخترنا أن نحلل هذه‬
‫الصعوبات وفق نفس المنطق الذي طبقناه في المطلب السابق‪ ،‬ولهذا سنحلل بالترتيب‪ :‬الصعوبات المتعلقة‬
‫بمفهوم األهداف‪ ،‬ثم تلك المتعلقة بمفهوم الوسائل وبعدها تلك المتعلقة بالنتائج‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القيود المرتبطة بمفهوم األهداف‬


‫إن أهداف المؤسسة الخاصة تخضع بالدرجة األولى إلى غاية واضحة وثابتة هي‪ :‬الربح بينما تسعى الخدمة‬
‫العمومية إلى تحقيق مهمة متوازنة ماليا مع الموارد المخصصة‪ ،‬فهذا األمر يتعلق باختالف أساسي‪ ،‬كما‬
‫أن الجميع يتفق بأن أهداف القطاع الخاص هي واضحة وقابلة للقياس وهو ما ليس كذلك بصورة عامة في‬
‫القطاع العمومي‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -1‬من المهمة إلى الهدف‬
‫إن قيود مراقبة التسيير تأتي بالدرجة األولى من صعوبة تحديد أهداف قابلة للقياس‪ ،‬واذا كان عدد كبير‬
‫من السياسيين يتفقون على مهمة الدولة اتجاه المواطنين في صيغة قيم مشتركة‪ :‬األمن والتعليم والصحة‬
‫والعدالة‪....‬الخ‪ ،‬فانه يصعب عليهم االتفاق حول األساليب التي تحقق بها الدولة تدخالتها في الواقع وهو‬
‫ما يصدم به المنفذون في القطاع العام عند تنفيذهم للمهام اإلستراتيجية الموكلة إليهم من طرف الوصاية‬
‫وترجمتها إلى أهداف عملية للوحدة المسؤولة عن تنفيذها‪.‬‬
‫ويرجع غموض وتعقد أهداف القطاع العمومي الى تعدد األطراف‪ ،‬فاذا كان هناك الوزير والمدير العام‬
‫للوكالة ورئيس المؤسسة العمومية‪ ،‬فانه يوجد أيضا الزمالء األعضاء في الحكومة وسلطة الجهة المسؤولة‬
‫والمنتخبين‪ ،‬فيمكن لرئيس بنك مؤمم أن يرفض منح "ائتمانات للتصدير ‪"crédits à l’exportation‬‬
‫اذا شك في القدرة على التسديد ثم تجبره الحكومة للرجوع عن ق ارره بحجة دعم التجارة الخارجية وبالتالي‬
‫يمكن للقرار أن يكون متبوعا بقرار معاكس وهو ما يجعل من مهام القطاع العمومي مهاما مختلفة وفي‬
‫كثير من األحيان غير منسجمة‪.1‬‬
‫و بالتالي ال توجد أي مراقبة تسيير يمكنها أن تعمل على نظام له أهداف أو ذي أهداف غامضة‪ ،‬وأمام‬
‫غموض األهداف يصبح من الصعب تحديد الوسائل المالئمة لتحقيقها‪.‬‬

‫‪ -2‬مساهمات مراقبة التسيير‬


‫تعمل مراقبة التسيير في القطاع العمومي على تجديد الخدمة العمومية من خالل وضع وتحديد مراكز‬
‫المسؤولية وهي بذلك تكون قد احتاطت مسبقا من خالل إعداد مشروع خدمة‪ ،‬ومسار المشروع هو في حد‬
‫ذاته مساهمة لكونه يسمح باالنتقال من المهمة الى الهدف‪.‬‬

‫فالمشروع إذن هو مجموعة مهيكلة وهرمية من األهداف القابلة للقياس والتي تشكل مخطط النشاط ‪.‬‬

‫كما أن الطبيعة المتطورة لمفهوم الخدمة العمومية تجعل االتصال فيما يخص هذا الموضوع )المشروع( ال‬
‫غنى عنه في التسلسل الهرمي‪ ،‬فبدون مجهود االتصال يكون من المستحيل إشراك المنفذين وتحقيق تظافر‬
‫الجهود داخل المؤسسات‪ ،‬وينبغي أن توضح السياسة من طرف اإلدارات المركزية والبلديات والواليات‪ ،‬والبد‬
‫من توضيح حدود المهمة واالستراتيجيات والتقنيات الالزمة لتحقيق الهدف واإلعالن عنها وشرحها ومناقشتها‬
‫بالقدر الالزم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Burland Alain, «Management public et contrôle de gestion», Formation et gestion, n°39, septembre 1986‬‬
‫‪P82.‬‬

‫‪94‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬وبصورة عامة تتطلب مراقبة التسيير توضيحا لألهداف التي تقود إلى المزيد من الشفافية والى المزيد‬
‫من العقالنية االقتصادية المفيدة لكل من المستفيدين من الخدمة وصناع القرار‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬القيود المرتبطة بالوسائل‬


‫يقصد بمصطلح الوسائل كل عنصر بشري‪ ،‬مادي أو غير مادي‪ ،‬دائم أو غير دائم‪ ،‬ممتلك أو مؤجر‬
‫معار أو موضوع تحت التصرف‪ ،‬والذي يمكن أن يستعمل مع وسائل أخرى لتحقيق مهمة أو عملية أو‬
‫نشاط‪ ،‬وتضم الوسائل السلع المعمرة )الدائمة( وهي تمثل األصول الثابتة عن تلك الممتلكة العائدة من‬
‫عملية استثمارية‪ ،‬السلع والخدمات المستهلكة وهي السلع والخدمات التي تختفي بعد أول استعمال‬
‫ومصاريف الموظفين ‪.‬‬

‫‪ -1‬التسيير األعظمي للوسائل‬


‫تحقيق مهمة أو عملية أو نشاط يعني تشغيل عدة وسائل واشراكها مع بعض من أجل تحقيق النتيجة‬
‫المرجوة )الفعالية(‪ ،‬في إطار نظرة مستقبلية لألداء االقتصادي )الكفاءة(‪ ،‬ويمكن توضيح ذلك من خالل‬
‫الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :16.2‬التسيير األعظمي للوسائل‬

‫االستثـمـارات‬

‫مـهمـة‬
‫السلـع والخـدمـات‬
‫عملــية‬ ‫المستهلكـة‬
‫نشــاط‬
‫العـمـــال‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫يعمل المسئولين بالنظر إلى المحيط والموارد المتاحة والوسائل الضرورية لتحقيق مهام وعمليات ونشاطات‬
‫أخرى‪ ،‬واإلشراك ا ألعظمي هو الذي يستهلك الحد األدنى من الموارد مع السماح بتحقيق النتيجة حسب‬
‫الجودة المرجوة‪ ،‬وتجتمع أفضل شروط النجاح عندما يكون لمستخدم الوسائل حرية اختيار الوسائل التي‬
‫يستخدمها‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -2‬صعوبات التسيير العمومي للوسائل‬
‫تعود هذه الصعوبات إلى ثالثة أبعاد هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أصل الوسائل‪ :‬فمصدر الوسائل في التسيير العمومي هو الضرائب أو االقتطاعات اإلجبارية وليس‬
‫المبيعات كما هو الحال في المؤسسات الخاصة‪ ،‬وعموما دافعي الضرائب ليسوا هم أنفسهم المستفيدين من‬
‫الخدمات العمومية‪ ،‬وال توجد صلة مباشرة بين أصل الوسائل واستخداماتها‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬تسير الوسائل بطريقة مختلفة عن ما هو موجود في القطاع الخاص وتخضع لقواعد‬
‫القانون العام في الموازنة التي تحدد األشكال التي يجب إتباعها والرقابة التي ينبغي تطبيقها ولذلك فهي‬
‫تخضع للقواعد القانونية التالية ‪:‬طلب االذن‪ ،‬التنفيذ ثم الصرف‪.‬‬
‫ب‪ -‬انفصال أو تفكك الوسائل‪ :‬إن الفئات الرئيسية الثالث للوسائل ) االستثمار‪ ،‬ونفقات التشغيل والوسائل‬
‫البشرية( ال تسير على العموم من طرف مستعمليها ) ونعني بالتسيير هنا القدرة على اختيار الوسائل‬
‫المناسبة ووضعها قيد العمل في الوقت المناسب وذلك انطالقا من مفاوضات مسبقة( وعموما يتم إسناد‬
‫الوسائل المتعلقة باالستثمار والموظفين إلى أقسام أخرى وال يسند إلى المستفيد سوى مصاريف التشغيل وال‬
‫يكون ذلك دفعة واحدة‪ ،‬ونتيجة لهذا التفكك في تسيير وسائل القطاع العمومي‪ ،‬تظهر سلوكات اقتصادية‬
‫مشبوهة أو مشكوك فيها بسبب توظيف وسائل غالبا ما تكون مضخمة مقارنة مع االحتياجات ‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ :‬القسم الذي يظهر أنه رفض استثما ار يبدو له ضروريا إلتمام مهمته ألسباب موازنية‬
‫يمكن أن يلجأ إلى التأجير إذا كان ال يزال لديه اعتمادات خاصة بالتشغيل‪ ،‬وفي الواقع‪ ،‬طول فترة اإليجار‬
‫ال يكون القسم مالكا للعقار ولكن مجرد مستأجر‪ ،‬فيمكن له إذا حسم تكلفة االستئجار من مصاريف التشغيل‬
‫وال يصبح مالكا إال إذا اختار الشراء في نهاية االستئجار‪ ،‬لكن في الواقع يمكننا تحليل عملية التأجير‬
‫" كاستثمار" ممول كليا من الخارج‪ ،‬وتكلفة هذا التمويل تكون منظمة في قيمة اإليجار‪.‬‬
‫ج‪ -‬تخصيص االعتمادات‪ :‬يستحيل على المسير أن يحقق تغيي ار على بنود الميزانية ضمن نفس الفئة من‬
‫الوسائل وبالذات مصاريف التشغيل‪ ،‬فهو مجبور على استعمال الوسائل في نفس البنود المخصصة لها‬
‫رغم احتواء هذه األخيرة على فائض دون التمكن من تحويل هذه االعتمادات إلى وسيلة أخرى أكثر تكيفا‬
‫مع االحتياجات‪.‬‬

‫‪ -3‬مساهمات مراقبة التسيير في تسيير الوسائل‬


‫تعطي مراقبة التسيير هامش مناورة)‪ (Marge de manœuvre‬أكبر للخدمات فيما يتعلق بتخصيص‬
‫االعتمادات وتعميم المخصصات وان كان هذا التعميم جزئيا‪ ،‬وتعتبر مراقبة التسيير الفعالة أم ار ضروريا‬
‫وذلك كونها تقدم مساهمة مفتاحية للتحكم في التسيير‪ ،‬وفي ميدان التسيير العمومي‪ ،‬تلعب مراقبة التسيير‬
‫دو ار هاما من خالل تحسين العالقات بين المستويات المختلفة للسلم الهرمي‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫أ‪ -‬فمن جهة تساعد على محاربة األفكار الواردة‪ :‬القدرة على التسيير مرتبطة بالموقع في السلم الهرمي في‬
‫حين أنها مرتبطة بالميدان المسير وبالكفاءة المهنية‪.‬‬
‫ب‪ -‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإنها تساعد على إعادة الشفافية للعالقات السلمية وايجاد مستوى من الثقة المتبادلة‬
‫من خالل إنشاء حوار حقيقي للتسيير‪ ،‬فهي تسمح لكل مستوى من المستويات المسؤولة من االستفادة من‬
‫الصالحيات الممنوحة‪ ،‬فقانون المالية ال يجمد االنفاق السنوي بصورة نهائية واجراء القوانين التصحيحية‬
‫موجود بشرط أن يبرر المسؤول طلباته‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬القيود المرتبطة بمفهوم النتائج‬


‫تعرف النتيجة على أنها منتوج األعمال المختارة لتحقيق األهداف في ض ـ ـ ـ ـ ــوء الوس ـ ـ ـ ـ ــائل المتوفرة‪ ،‬ويتطلب‬
‫تحديد النتائج وضع أدوات للقياس‪ ،‬فكيف تقاس النتائج؟‬
‫‪ -1‬طريقة قياس النتائج‬
‫يتعلق قياس " االقتصـ ــاد الكلي" بفعالية الســـياسـ ــات العمومية‪ ،‬وتقويم الس ــياس ـ ـة العمومية يهدف إلى البحث‬
‫فيما إذا كانت الوسائل القانونية واإلدارية أو المالية المخصصة تسمح بإنتاج اآلثار المنتظرة لهذه السياسة‬
‫العمومية وتحقيق األهداف المسندة إليها‪.‬‬
‫وقياس االقتص ـ ـ ــاد الجزئي للنتائج ) وهو ما يهمنا أكثر( يهدف إلى تحديد مؤشـ ـ ـ ـرات النش ـ ـ ــاط التي تس ـ ـ ــمح‬
‫بتكوين فكرة حول إنتاج المؤسسة المدروسة‪ ،‬وهناك ‪ 3‬صعوبات يمكن أن تظهر‪:‬‬
‫أ‪ -‬المش ـ ــكل األس ـ ــاس ـ ــي يتمثل في عدم القدرة على تكميم اإلنتاج ومن ثم قياس ـ ــه‪ ،‬فكيف يمكن تكميم إنتاج‬
‫محافظة شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرطة؟ فهل يعتبر عدد التدخالت مؤش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرا؟ أال يتعلق األمر بانحياز عندما ال تعتبر محافظة‬
‫الشـ ـ ــرطة منتجة إال عندما يوجد منحرفين؟ وهكذا نالحظ أن هذا النوع من االختبارات يقود إلى تبرير وجود‬
‫محافظة الشـ ـ ـ ــرطة بما يفترض تجنبه‪ ،‬وهل يقاس إنتاج ثانوية مثال بعدد التالميذ المتمدرسـ ـ ـ ــين بها أو بعدد‬
‫الذين تخرجوا منها بالبكالوريا؟ أو بعدد المندمجين في التعليم العالي أو الناجحين في الحياة العملية؟‬
‫ب‪ -‬وتتعلق الصعوبة الثانية بأداة القياس نفسها‪ ،‬فرغم اإلصالحات المتعلقة بالمحاسبة العمومية وتطوير‬
‫نظم المعلومات فان األدوات التي يمتلكها إطار مسير في القطاع العمومي هي أقل دقة ومرونة من األدوات‬
‫التي يستفيد منها مراقبي تسيير في القطاع الخاص فأدوات مراقبة التسيير في القطاع الخاص هي فعال‬
‫مخصصة كليا النشغاالت التسيير‪.‬‬
‫ج‪ -‬أما الصعوبة الثالثة فتتعلق بتعدد المهام‪ ،‬حيث تجمع الثانوية مثال بين نجاح التالميذ في تعليمهم وبين‬
‫التربية في بعدها اإلنساني للفرد‪ ،‬وليس من السهل فصل قياسهما عن بعض‪ ،‬وبالفعل فان أغلب الكيانات‬
‫العمومية سواء كانت إدارات مركزية أو أقسام موزعة أو جماعات محلية أو مؤسسات عمومية‪ ،‬لها مهام‬
‫متعددة أي لها أهداف متعددة أيضا‪ ،‬وقياس النتيجة يفترض أنه قد تم جرد مختلف المهام وأنه قد تم تحيد‬
‫أهداف قابلة للقياس‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫وحالة المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ‪ ، EPIC‬والتعايش الموجود بداخلها بين المهام‬
‫التجــاريــة وتلبيــة الخــدمــة العموميــة يعبر عن غــايــات وقضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــايــا مختلفــة تمــامــا وهو مثــال حي على نوع‬
‫الصعوبات المذكورة أعاله‪.‬‬

‫‪ -2‬كيفية تحليل النتائج‬


‫يقصــد بتحليل النتائج قياس الفعالية‪ ،‬فقياس المالءمة )العالقة بين الوســائل واألهداف( يكون تابعا للشــأن‬
‫السياسي نفسه‪ ،‬ويمكن لمراقبة التسيير أن توضح وتبسط هذه العالقة‪ ،‬لكن يبقى الخيار االستراتيجي تابعا‬
‫ألص ــحاب القرار‪ ،‬وهذا الخيار االس ــتراتيجي ال يعني مراقب التس ــيير إال فيما يتعلق بالمس ــاعدة على اتخاذ‬
‫القرار‪،‬وعلى العكس فان قياس الفعالية ) العالقة بين األهداف والنتائج( وقياس الكفاءة (العالقة بين النتائج‬
‫والوس ـ ـ ــائل( هي جزء من نش ـ ـ ــاطاته اليومية‪ ،‬فقياس درجة تحقيق األهداف هو أمر بس ـ ـ ــيط نس ـ ـ ــبيا إذا أزلنا‬
‫الصعوبات المشار إليها سابقا ولكن ماذا يمكن أن يقال عن األداء في حالة استخدام الوسائل في المطلق؟‬
‫إن تحليل الكفاءة يعني‪:‬‬
‫أ‪ -‬إما أن نمتلك معيا ار مرجعيا مطلقا‪ ،‬على سـ ـ ـ ــبيل المثال ‪ :‬نعرف من خالل التجربة أن مصـ ـ ـ ــلحة إدارية‬
‫تعالج )‪ (x‬من الوثائق و )‪ (y‬من اإلجابات الهاتفية في المتوسـ ـ ـ ـ ـ ــط العام‪ ،‬وبالتالي نعتبرها قليلة الكفاءة إذا‬
‫كان إنتاجها أٌقل من هذه القيمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬واما أن نمتلك معيا ار مرجعيا نسـ ـ ـ ــبيا تاريخيا‪ ،‬على سـ ـ ـ ــبيل المثال‪ :‬أداء نفس المؤس ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ــة خالل تنفيذ‬
‫الميزانية السابقة‪.‬‬
‫ج‪ -‬أو أن نمتلك معيا ار مرجعيا نســبيا خارجيا‪ ،‬على ســبيل المثال‪ :‬أداء مؤسـســة مشــابهة في محيط إداري‬
‫آخر‪.‬‬
‫وبعد ذلك‪ ،‬حتى إذا كان المعيار موجودا فانه ينبغي أن تكون المقارنة ذات معنى‪ ،‬فإذا طبقنا المقارنة‬
‫التاريخية في مقارنة أداء مديرية جهوية للضرائب في تطبيق الميزانية مع أخرى سابقة فيجب أن ال تكون‬
‫وسائل هذه المؤسسة أو مهامها قد تغيرت‪ ،‬وكذلك في تطبيق المقارنة الخارجية ( على سبيل المثال مع‬
‫بعد آخر( فاذا كانت الظروف التي تعمل فيها المؤسسة التي نريد أن نقارن بها ليس لها أي عالقة بالظروف‬
‫الموجودة في الجزائر‪ ،‬فان المقارنة ال معنى لها كذلك‪.‬‬
‫في هذه المقارنات التي ال معنى لها‪ ،‬فان مقارنة أداء خدمة تابعة للدولة ال يكون لها معنى إال إذا أخذنا‬
‫بعين االعتبار أن الغايات في الحالتين مختلفة فمثال‪ :‬على القطاع الخاص أن يحص ـ ـ ـ ـ ــل على أرباح ليدفع‬
‫للمساهمين مستحقاتهم‪ ،‬فيما نجد أن ليس للقطاع العمومي هذا االنشغال ولكن لديه انشغاالت أخرى‪.‬‬
‫فقياس النتائج معقد في القطاع العمومي بسبب خصوصية أهدافه‪ ،‬كما أن قياس النتائج في القطاع الخاص‬
‫هو أكثر مباشرة مما هو عليه في القطاع العمومي‪ ،‬إذ يمكننا أن نعتبر انه اذا كان المشتري راغب في أن‬
‫يشتري السلعة أو الخدمة المقترحة ‪ :‬فهو إجراء أو فعل بيع‪ ،‬أما في القطاع العمومي فان النتيجة توجه‬

‫‪98‬‬
‫مباشرة إلى المستعمل كما هو الحال عند استخراج بطاقة الحالة المدنية‪ ،‬وعلى العكس في بعض األحيان‬
‫تهدف النتيجة لتحقيق مصلحة عامة كما هو الحال في مثال مصلحة تلوث المياه أو الهواء فقرار غلق‬
‫موقع التلوث ال يمكن قياسه اقتصاديا‪ ،‬ألن وظيفته هو منع وقوع خطر ال يمكن حصره ) ال يمكن التحكم‬
‫فيه(‪.‬‬
‫وعليه فان مشكلة قياس النتائج وتحليلها هي مشكلة حساسة وتزداد هذه الصعوبة بسبب إعاقة ثقافية تجعل‬
‫من محاولة القياس غالبا عملية ينظر إليها كتحقيق جنائي‪ ،‬وهذا هو أحد أسباب الصعوبات التي تحول‬
‫دون تطبيق مراقبة التسيير‪ ،‬فعندما يكون قياس النتائج ممكنا فان هذا سيقود إلى إعادة طرح القضايا وبهذا‬
‫تصدم السلطات والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫من الواضح أن أدوات مراقبة التسيير اآلتية أغلبها من القطاع الخاص تمثل أدوات وليس حلوال‬
‫جاهزة للتطبيق‪ ،‬لذلك يجب على مراقبي التسيير أن يعملوا على تكييفها مع الغايات والثقافة‬
‫والهياكل الخاصة بالقطاع العمومي‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني‪:‬‬

‫تتوسط مراقة التسيير المستوى االستراتيجي والتنفيذي في المؤسسات‪ ،‬ما يجعلها قادرة على تحويل‬
‫األهداف الطويلة األجل الى نشاطات يومية يسهل متابعتها‪ ،‬كما تساعد على الربط بين القمة (األهداف)‬
‫والقاعدة (الوسائل والنتائج) من أجل تحقيق الكفاءة‪ ،‬الفعالية والمالءمة‪.‬‬

‫لقد بين ‪ Simons‬أن مراقبة التسيير التفاعلية (أو متبادلة التأثير) تعني نظام المعلومات الذي يسمح‬
‫للمسؤولين باإلبالغ عن قيمهم واختياراتهم إلى كل أعضاء المؤسسة‪ ،‬كما أضاف أن المناقشات والحوارات‬
‫التي تتم بين المسيرين وجميع أعضاء المؤسسة حول النتائج المحققة‪ ،‬هي التي تسمح بمالقاة االستراتيجية‬
‫المعتمدة مع االستراتيجية الناشئة‪ ،‬وهكذا فإن مراقبة التسيير تغير من االستراتيجية كما يمكن لها أن تشارك‬
‫في وضعها وفق مبدأ التعلم التنظيمي المشار اليه سابقا في مسار مراقبة التسيير‪.‬‬

‫إن أدوات مراقبة التسيير اآلتية أغلبها من القطاع الخاص تمثل أدوات وليست حلوال جاهزة للتطبيق لذلك‬
‫يجب على مراقبي التسيير أن يعملوا على تكييفها مع الغايات والثقافة والهياكل الخاصة بالقطاع العمومي‬
‫وهو ما يتطلب إلمام مراقب التسيير بصورة أساسية بالمعلومات المالية والمحاسبية باإلضافة إلى تقنيات‬
‫تنظيم المؤسسة ونظم المعلومات والموارد البشرية وتقنيات التعبير والحوار‪ ،‬حتى يتمكن من تكييف هذه‬
‫األدوات مع خصوصيات القطاع العمومي‪ ،‬وسنحاول من خالل الفصل الثالث التعمق أكثر في هذه األدوات‬
‫التسيير وفي كيفية اقامتها‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫أدوات مراقبة التسيير‬
‫كتقنيات للمراقبة المستمرة‬

‫‪101‬‬
‫مقدمة الفصل الثالث‪:‬‬

‫ان أدوات مراقبة التسيير هي أدوات حاملة للتعلم‪ ،‬حيث تعد المحاسبة التحليلية أداة تسيير هامة تلعب دو ار‬
‫فعاال في مراقبة التسيير ألنها تمد بمختلف المعلومات الالزمة التخاذ الق اررات‪ ،‬فهي تقوم بحساب التكاليف‬
‫الخاصة بكل منتوج أو خدمة وكذلك حساب النتائج المحققة‪ ،‬كما تساهم في وضع الموازنات التقديرية‪ ،‬أما‬
‫الموازنات التقديرية فهي أداة لتقييم األداء‪ ،‬فالتقديرات التي تتضمنها تمثل معايير يمكن االعتماد عليها في‬
‫الحكم على األداء الفعلي وذلك بمقارنتها مع ما تم تنفيذه ليتم تحديد االنحرافات وأسبابها‪ ،‬وهذا ما يطلق‬
‫عليه بالمراقبة الموازنية‪.‬‬

‫تنتج المحاسبة التحليلية ومراقبة الموازنات معلومات تفصيلية وشاملة عن نشاط المؤسسة‪ ،‬وبالمقابل نجد أن‬
‫تسيير هذه األخيرة يحتاج إلى معلومات ملخصة وواضحة وهذا ما تحققه لوحات القيادة‪ ،‬وسنحاول في هذا‬
‫الفصل التعمق أكثر في هذه األدوات وكذا خصوصياتها في المؤسسات الصحية‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المحاسبة التحليلية ومراقبة التسيير‬

‫تسعى المحاسبة التحليلية للبحث عن مصادر الخسائر المحتملة كما أنها تهتم باألعباء‪ ،‬وهي من أحد أهم‬
‫أدوات مراقبة التسيير‪ ،‬فأي مسؤول مهما كان مستوى مسؤولياته‪ ،‬نشاطه أو أهدافه‪ ،‬يجب أن يكون قاد ار‬
‫على اعداد تنبؤات ومقارنتها مع النتائج الحقيقية‪ ،‬والمحاسبة التحليلية أو ما يمكن تسميتها بمحاسبة المسؤولية‬
‫هي أضمن الوسائل المتاحة لتحقيق ذلك‪.‬‬

‫في الواقع تسمح المحاسبة التحليلية بتحقيق هدف أساسي وهو توفير األرقام األساسية الخاصة بنشاط كل‬
‫مسؤول على فترات منتظمة يمكن أن تذهب من يوم لشهر أو حتى سنة‪ ،‬والتي تسمح باتخاذ أفضل الق اررات‬
‫لتحقيق األهداف‪ ،‬تحت رقابة موازنية مطلوبة‪ ،‬وبالرغم من أن استخدامها هو اختياري‪ ،‬اال أنها كانت وال‬
‫تزال دائما مطلوبة لتلبية احتياجات صانعي القرار باإلجابة على أسئلة مثل‪:‬‬

‫‪ -‬ما هي وضعية المؤسسة اآلن؟‬


‫‪ -‬لمذا هي كذلك؟‬
‫‪ -‬كيف يمكن تحسينها؟‬

‫المطلب األول‪ :‬مفاهيم أساسية حول المحاسبة التحليلية‬


‫الفرع األول‪ :‬التعاريف واألهداف‬

‫‪ ‬اقترح المخطط العام للمحاسبة التعريف التالي‪" :‬المحاسبة التحليلية هي طريقة معالجة البيانات‬
‫حيث األهداف األساسية هي ما يلي‪:‬‬
‫من ناحية‪:‬‬

‫‪ -‬معرفة تكلفة مختلف الوظائف التي تقوم بها المؤسسة‪.‬‬


‫‪ -‬تحديد قواعد تقييم بعض بنود ميزانية المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬شرح النتائج من خالل حساب تكاليف المنتجات (السلع والخدمات) ومقارنتها مع أسعار المبيعات‬
‫الموافقة لها‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪:‬‬

‫‪ -‬وضع تنبؤات لألعباء والمنتجات المتكررة (التكاليف المعيارية وموازنات التشغيل على سبيل المثال)‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد النتائج المحققة وتفسير االنحرافات الناتجة عنها (مراقبة التكاليف والموازنات على سبيل المثال)‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪1‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬يجب أن توفر جميع العناصر التي تسهل صنع القرار"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬المحاسبة التحليلية هي أداة تسمح بحساب أنواع مختلفة من التكاليف‪ ،‬ذات استخدامات متعددة‪:‬‬
‫‪ -‬تبرير سعر البيع عندما يكون األمر مطلوبا؛‬
‫‪ -‬تستخدم التخاذ الق اررات (قبول أو رفض طلبية‪ ،‬حذف نشاط أو منتوج‪...‬الخ)؛‬
‫‪ -‬الرقابة البعدية من خالل تحليل االنحرافات الناتجة عن مقارنة التحقيقات مع التوقعات؛‬
‫‪ -‬تقييم بعض السلع المصنعة من قبل المؤسسة الستخدامها أو تخزينها (هناك صلة قوية جدا مع‬
‫المحاسبة العامة)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ ‬المحاسبة التحليلية هي قاعدة بيانات وأداة لمعالجة المعلومات التي ال يمكن االستغناء عنها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬من المحاسبة التحليلية الى محاسبة التسيير‬

‫منذ عشر سنوات وتحت تأثير التغيرات في نظم اإلنتاج وظهور استراتيجيات جديدة كان هناك إعادة تعريف‬
‫وتوسيع ألهداف ومجال المحاسبة التحليلية‪ ،‬واذا اعتمدنا على تعريف المخطط الوطني للمحاسبة المذكور‬
‫‪4‬‬
‫أعاله‪ ،‬فإنه يحدد بوضوح أهداف ومجال المحاسبة التحليلية‪ ،‬فاألمر يتعلق بصورة أساسية بـ‪:‬‬

‫‪ -1‬توضيح اتخاذ ق اررات التسيير (على المدى القصير) من خالل التنبؤ بتكاليف المنتجات أو الخدمات‬
‫والوظائف‪ ،‬وبشكل عام النتائج؛‬
‫‪ -2‬قياس التكاليف والنتائج المحققة؛‬
‫‪ -3‬السماح بقيادة المؤسسة من خالل مقارنة التكاليف والنتائج المحققة مع التنبؤات الموضوعة؛‬
‫‪ -4‬تقييم مخزون المنتجات التامة وقيد الصنع (لتلبية المتطلبات المالية للتبليغ الخارجي)‪.‬‬

‫نجد في األهداف الثالثة األولى األدوار الثالثة للمحاسبة التحليلية المساهمة في مسار التسيير وهي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إعداد القرار‪ ،‬فدور المحاسبة التحليلية هنا هو تزويد المسيرين بالبيانات التقديرية التي تسمح لهم باالختيار‬
‫بين عدة بدائل باالستناد على معايير معينة (الهدف أ)؛‬

‫ب‪ -‬وضع نظام لقياس النتائج المترتبة على الق اررات واإلجراءات المتخذة (الهدف ب)؛‬
‫ج‪ -‬السماح بمراقبة للتسيير من خالل مقارنة للنتائج المحققة والمتحصل عليها من قبل نظام القياس (الهدف‬

‫‪1‬‬
‫‪- Plan comptable général, conseil national de la comptabilité, 1982, P259.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Engel Francois, Kletz Frédéric, Comptabilité analytique, mines paris-parisTech-, Paris, 2007, P10 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Piget Patrick, Comptabilité analytique et contrôle de gestion, 6e Edition, Economica, Paris, 2008, P7.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Ernult Joel, Evolution du contrôle de gestion en milieu industriel, thèse pour l’obtention du titre de docteur‬‬
‫‪en science de gestion, école des hautes études commerciale-Jouy-en-Josas, Paris, 1996, P158.‬‬

‫‪104‬‬
‫ج) للبحث عن اإلجراءات التصحيحية التي تحد من هذه االنحرافات الناتجة عن مقارنة التحقيقات بالتوقعات‪.‬‬
‫نستنتج من هذا أن‪:‬‬

‫أ‪ -‬المحاسبة التحليلية هي أدة للنمذجة االقتصادية للمؤسسة التي يمكن استخدامها من قبل المسيرين لقياس‬
‫قبلي أو بعدي لنتائج اختياراتهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬تستند المحاسبة التحليلية على قاعدة بيانات (نقدية ومادية) تغذى وتحدث بواسطة هذه األخيرة‪ ،‬كما‬
‫ت سمح هذه القاعدة بدورها بتغذية نموذج أو مجموعة نماذج من الق اررات (مثل مسار الموازنات على سبيل‬
‫المثال)‪.‬‬

‫إن التعريف واألهداف المقترحة من طرف المخطط الوطني للمحاسبة في عام ‪ 1982‬تبدو اليوم مقيدة جدا‬
‫وأقل مالءمة للق اررات التي يجب اتخاذها من قبل المسيرين‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬إذا كان مثل هذا النظام لتسيير‬
‫التكاليف (وظائف) كافيا في بيئة بسيطة ومستقرة نسبيا‪ ،‬فإنه غير كافي في بيئة معقدة وغير مستقرة (تعقيد‬
‫وتنوع المنتجات والخدمات والمسارات)‪ ،‬وفي هذا السياق‪ ،‬ال ينبغي على المحاسبة التحليلية أن تهدف فقط‬
‫لحساب التكاليف (القبلية أو البعدية) للمنتج أو الخدمة أو حتى السعي للحصول على أفضل تحميل ممكن‬
‫للتكاليف أو تقييم للمخزونات‪ ،‬انما ينبغي أن تهدف لوضع طريقة تفسيرية لوجود التكاليف‪.1‬‬

‫هناك العديد من المؤلفين (‪ 2)Kipfer 1991, Lebas 1992, Bouquin 1993‬أعادوا تعريف وتوسيع‬
‫أهداف ومجال المحاسبة التحليلية‪ ،‬والتي أطلقوا عليها اسم "محاسبة التسيير"‪ ،‬ففضال عن حساب التكاليف‬
‫وتقييم المخزونات لتلبية االحتياجات المالية للتبليغ الخارجي‪ ،‬فإن الهدف الرئيسي لمحاسبة التسيير بالنسبة‬
‫لكل هؤالء الكتاب هو تسهيل عملية اتخاذ القرار‪ ،‬فق اررات التسيير يجب بطبيعة الحال أن تستند دائما على‬
‫تكاليف المنتجات والخدمات‪ ،‬ولكن يجب أن تستند على تكاليف األنشطة التي هي في األصل تكاليف‬
‫المنتجات أو الخدمات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطرق الرئيسية لحساب التكاليف‬


‫يمكن حساب تكلفة المنتجات والخدمات وفق عدة طرق سنحاول من خالل ما يلي التطرق ألهمها‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ernult Joel, Op cit, P169.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Kipfer Jacline, « Quelle comptabilité de gestion ? Pour quoi faire ? », Revue Francaise de copmtabilité‬‬
‫;‪n°226, 1991, P30‬‬
‫‪Lebas Michel, « Essai de définition du domaine de comptabilité de gestion », Revue Francaise de‬‬
‫;‪copmtabilité, n°238, 1992, P57‬‬
‫‪Lebas Michel, Mevellec Pierre, « La comptabilité de gestion reflète la représentation que l’on se fait de‬‬
‫;‪l’entreprise », Revue Francaise de copmtabilité, n°242, 1993, PP48-49‬‬
‫‪Bouquin Henri, « Une défense de la comptabilité de gestion », Revue Francaise de copmtabilité, n°242, 1993‬‬
‫‪P55.‬‬

‫‪105‬‬
‫الفرع األول‪ :‬طريقة التكاليف الكلية )‪(couts complets‬‬
‫حساب التكلفة الكلية لشيء ما (منتج‪ ،‬خدمة أو وظيفة‪ )...‬هو السعي لتثمين جميع الموارد المستهلكة‬
‫من طرف هذا الشيء‪ ،‬وتتكون التكلفة الكلية من التكلفة المباشرة وجزء األعباء غير المباشرة المحملة على‬
‫‪1‬‬
‫موضوع التكلفة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫تحمل كل األعباء على المنتجات باستخدام الطريقة التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬يتم تصنيف األعباء إلى أعباء مباشرة وغير مباشرة‪ ،‬األعباء المباشرة هي تلك التي يمكن تخصيصها‬
‫على منتج معين دون غموض أو حساب وسيطي أو مسبق مثل‪ :‬استهالك المواد األولية‪ ،‬اليد العاملة‬
‫المباشرة‪ ،...‬أما األعباء غير المباشرة هي تلك التي تتعلق بعدة أشياء في وقت واحد إذ أنه ال يتعين‬
‫تخصيصها على منتج معين اال بعد حساب مسبق‪ 3‬مثل‪ :‬أعباء التدفئة المركزية الخاصة بمكاتب اإلدارة‬
‫العامة وورشات االنتاج‪ ،‬أجرة مسؤول ورشة يشرف على إنتاج عدة منتجات ال يمكن إسنادها إلى تكلفة‬
‫منتج معين‪.‬‬

‫‪ -2‬تخصص األعباء المباشرة للمنتج (أو موضوع التكلفة) بصورة بديهية وذلك بحكم التعريف‪ ،‬حيث أن‬
‫التكلفة المباشرة لشيء ما هو مجموع األعباء المباشرة لهذا الشيء‪.‬‬

‫‪ -3‬يتم بعد ذلك توزيع األعباء غير المباشرة بين المنتجات المختلفة (أو موضوع التكلفة) فمعالجة األعباء‬
‫غير المباشرة يتضمن‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫أ‪ -‬توزيع األعباء غير المباشرة بين األقسام المحاسبية للمؤسسة (مراكز التحليل)‬
‫ب‪ -‬تحميل تكلفة كل مركز تحليل على تكاليف المنتجات‪.‬‬

‫‪ –4‬يتم حساب التكلفة الكلية للمنتج أو موضوع التكلفة كالتالي‪:‬‬

‫طريقة التكلفة الكلية‪:‬‬


‫التكلفة الكلية =‬
‫التكلفة المباشرة ‪ +‬حصة من التكاليف غير المباشرة المحملة‬
‫على المنتج أو الخدمة‪...‬‬
‫النتيجة التحليلية = رقم األعمال ‪ -‬التكلفة الكلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Carla Mendoza Carla et al, Couts et décisions, 2e Edition, Gualino éditeur, Paris, 2004, P99.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Op cit, P101.‬‬
‫‪ -3‬يبقى التمييز بين األعباء المباشرة وغير المباشرة نسبيا‪.‬‬
‫‪ -4‬مركز التحليل هو قسم من المؤسسة يتم فيه توزيع عناصر األعباء غير المباشرة قبل تحميلها على تكاليف المنتجات المعنية‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طريقة التكلفة المتغيرة )‪(direct costing‬‬

‫تعمل طريقة التكاليف المتغيرة على التمييز بين األعباء الثابتة والمتغيرة‪ ،‬وحساب التكلفة على أساس األعباء‬
‫‪2‬‬
‫المتغيرة فقط‪ ،1‬ويتم بعدها على مستوى األعباء المتغيرة التمييز بين األعباء المباشرة وغير المباشرة‬
‫والستخدام نموذج "التكاليف المتغيرة"‪ ،‬يجب علينا أوال توضيح ما هي التكلفة الثابتة وماهي التكلفة المتغيرة‪.‬‬

‫التكاليف الثابتة هي تكاليف مستقلة عن مستوى النشاط أو الكميات المنتجة والتي يجب دفعها لضمان حسن‬
‫استمرار المؤسسة (اإليجار‪ ،‬التكاليف اإلدارية‪...‬الخ)‪ ،‬أما التكاليف المتغيرة فهي تكاليف العوامل المتغيرة‬
‫بمعنى عوامل اإلنتاج أين تختلف الكميات مع اختالف مستوى نشاط المؤسسة أو الكميات المنتجة‪.‬‬
‫طريقة التكلفة المتغيرة (أو ما تعرف بالتكلفة المباشرة عند األنجلوساكسونيين) تعاكس طرية التكلفة الكلية‬
‫فهي تعتمد لحساب تكلفة منتج أو خدمة أو نشاط ما فقط على األعباء التي تتغير مع تغير نشاط المؤسسة‬
‫سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬من دون أن يكون هناك بالضرورة تناسب دقيق بين التغيرات في األعباء‬
‫والتغيرات في حجم النشاط‪ ،‬وتهدف طريقة التكلفة المتغيرة الى تسليط الضوء على مساهمة كل منتج (خدمة‬
‫‪3‬‬
‫نشاط أو وظيفة) في تحقيق الهامش االجمالي للمؤسسة وتغطية تكاليفها الثابتة‪.‬‬

‫تضم التكلفة حسب هذه الطريقة فقط األعباء التي تتغير بتغير نشاط المؤسسة‪ ،‬فاألمر ال يتعلق هنا بالبحث‬
‫عن المردودية الصافية للمنتجات أو النشاطات المختلفة‪ ،‬انما استخراج الهامش مهما تكن النفقات العامة‬
‫التي يمكن ادراجها بشكل فعال في التكلفة المحسوبة‪ ،‬وبالتالي ال يمكن أن يتحقق الربح اال إذا كان الهامش‬
‫اإلجمالي أكبر من مبلغ التكاليف الثابتة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫يعتمد تطبيق هذه الطريقة على أربع مراحل أساسية‪:‬‬

‫‪ -1‬حساب رقم األعمال المتعلق بالنشاط‪.‬‬


‫‪ -2‬تحديد وتخصيص األعباء الى تكلفة متغيرة وتكلفة ثابتة‪ ،‬هذه التكاليف تأتي من نفس األعباء‬
‫المدرجة من قبل والمقسمة الى أعباء مباشرة وأعباء غير مباشرة كما هو موضح في الشكل الموالي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Guedj Nobert, Op cit, P 157.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Piget Patrick, Op cit, p75.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Comptabilité analytique, 4e Edition, Bréal, France, 2011‬‬
‫‪P140.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Op cit, P 142.‬‬

‫‪107‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1.3‬العناصر المكونة للتكاليف المباشرة وغير المباشرة‪.‬‬

‫‪ -‬المواد األولية الالزمة النتاج المنتج أ‪.‬‬ ‫تكاليف متغيرة‬


‫التكاليف المباشرة‬
‫‪ -‬أجور العمال الذين ينتجون المنتج أ‪.‬‬
‫تكاليف ثابتة‬

‫الكهربائية‬
‫الطاقة المنتج أ‬‫اإلنتاج و‬
‫التي تنتج‬ ‫معداتاألولية‬
‫اهتالكواد‬
‫‪ --‬الم‬
‫تكاليف متغيرة‬ ‫التكاليف غير المباشرة‬
‫المنتج أالتي ينتج فيها‬
‫الورشة ‪1‬‬ ‫المستهلكة في‬
‫المسؤول عن‬ ‫‪ -‬حضور‬
‫المنتج أ‪.‬‬
‫‪ -‬حضور المسؤول عن الورشة ‪.1‬‬ ‫تكاليف ثابتة‬

‫المصدر‪Guedj Nobert, Op cit, P 150 :‬‬

‫‪ -3‬حساب الهامش على التكلفة المتغيرة‪ ،‬يتوافق الفرق بين سعر البيع والتكلفة الجزئية مع الهامش‬
‫عندما تكون التكلفة الجزئية متغيرة‪ ،‬يعرف الهامش هنا بالهامش على التكلفة المتغيرة‪.‬‬

‫هامش التكلفة المتغيرة = رقم األعمال ‪ -‬التكلفة المتغيرة‬

‫وكثي ار ما يعبر عن الهامش على التكلفة المتغيرة بالنسبة المئوية مقارنة مع رقم األعمال المحقق للمبيعات‬
‫وهو ما يعرف بنسبة الهامش على التكلفة المتغيرة‪.‬‬

‫نسبة الهامش على التكلفة المتغيرة = الهامش على التكلفة المتغيرة ‪ /‬رقم األعمال × ‪100‬‬

‫‪ -4‬حساب النتيجة‪ ،‬والنتيجة هي الفرق بين الهامش على التكلفة المتغيرة والتكاليف الثابتة‪.‬‬

‫النتيجة = الهامش على التكلفة المتغيرة ‪ -‬التكاليف الثابتة‬

‫كما تسمح طريقة التكلفة المتغيرة بالمرور الى تحليل لنتائج المؤسسة بفضل مجموعة من المؤشرات التي‬
‫تعتبر ركائز أساسية في عملية اتخاذ الق اررات االستراتيجية‪ ،‬من بين هذه المؤشرات نجد عتبة المردودية‬
‫النقطة الميتة‪ ،‬هامش األمان ‪...‬‬

‫‪108‬‬
‫أ‪ -‬عتبة المردودية‪ :‬وهي رقم األعمال أو مستوى النشاط الذي يجب أن تحققه المؤسسة لتغطية أعبائها‬
‫(المتغيرة والثابتة) بحيث ال تحقق ال ربحا وال خسارة‪ ،‬أو بمعنى آخر هي مستوى رقم األعمال الذي يسمح‬
‫للهامش على التكلفة المتغيرة بتغطية مبلغ التكاليف الثابتة بصورة دقيقة‪.1‬‬

‫عتبة المردودية = التكاليف الثابتة‪/‬الهامش على التكلفة المتغيرة‬

‫ب‪ -‬النقطة الميتة‪ :‬تمثل النقطة الميتة التاريخ الذي تم فيه تحقيق عتبة المردودية‪ ،‬إذ تساعد على معرفة‬
‫ير كلما كانت فترة المردودية المربحة‬
‫الوقت الالزم للوصول إلى عتبة المردودية‪ ،‬فكلما كان هذا الوقت قص ا‬
‫طويلة‪ ،‬ويتم حساب النقطة الميتة للنشاطات المنتظمة باستخدام الصيغة التالية‪:‬‬

‫النقطة الميتة = عتبة المردودية‪/‬رقم األعمال × ‪12‬‬

‫أما إذا كان النشاط غير منتظم‪ ،‬فيتم تحديد النقطة الميتة من خالل السلسلة التراكمية لرقم األعمال كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫النقطة الميتة = (عتبة المردودية – رقم األعمال التراكمي خارج الرسم في نهاية الفترة السابقة) ‪ /‬رقم‬
‫األعمال خارج الرسم للفترة الحالية‪.‬‬

‫ج‪ -‬هامش األمان‪ :‬عندما يكون رقم األعمال أكبر من عتبة المردودية‪ ،‬يمكن للمؤسسة حساب نشاطها‬
‫المربح أو ما يعرف أيضا بهامش أمان‪.‬‬

‫هامش األمان = رقم األعمال – عتبة المردودية‬

‫كما أنه يمكننا أيضا حساب مؤشر األمان‪ ،‬الذي يقيس هامش األمان بالنسبة المئوية لرقم األعمال وهو يدل‬
‫على انخفاض رقم األعمال الذي يمكن للمؤسسة تحمله قبل الخسارة‪.‬‬

‫مؤشر األمان = هامش األمان ‪ /‬رقم األعمال × ‪100‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Grandguillot Béatrice, Grandguillot Francis , Comptabilité de gestion, Espagne, Edition Gualino, 11 Edition‬‬
‫‪2010 /2011, P143.‬‬

‫‪109‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬طريقة التكلفة المعيارية والتكلفة المستهدفة‬

‫‪ -1‬التكاليف المعيارية‬

‫من السهل نسبيا في المؤسسات التي تنتج بالتسلسل منتجات أو خدمات متشابهة التعرف على موارد الكميات‬
‫المعيارية من الموارد إلنتاج وحدة واحدة من المنتج‪ ،‬ويمكن على أساس هذه الكميات المعيارية تحديد التكلفة‬
‫‪1‬‬
‫المعيارية الوحدوية أيضا‪.‬‬

‫التكلفة المعيارية = التكلفة المعيارية للوحدة ‪ X‬الكمية المعيارية‬

‫وتستخدم التكاليف المعيارية لإلبالغ عن ق اررات معينة وممارسة المراقبة على المؤسسة ووحداتها الالمركزية‬
‫أما عائد التكلفة المعياري للمنتج فهو التكلفة الوحدوية الموافقة ألحسن مستوى من األداء في استخدام‬
‫‪2‬‬
‫الموارد المتاحة للمؤسسة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تعتبر التكاليف المعيارية أحد أهم الطرق المستخدمة في مراقبة التسيير حيث تسمح بـ‪:‬‬

‫أ‪ -‬تحديد التكاليف التنبئية التي تعتبر كمعايير للنشاط العادي؛‬

‫ب‪ -‬تقييم أداء مراكز المسؤولية من خالل تحديد االنحرافات بين التكاليف الحقيقية والتكاليف المعيارية؛‬

‫ج‪ -‬تحليل سبب االنحراف من أجل اتخاذ اإلجراءات التصحيحية الالزمة‪.‬‬

‫وبالتالي تسمح هذه الطريقة بتوفير مزايا مهمة بإعطاء رؤية واضحة عن التكاليف كما تسمح كذلك بضمان‬
‫الشفافية‪.‬‬

‫‪ -2‬التكاليف المستهدفة‬

‫تعتمد طريقة التكلفة المستهدفة على فكرة أنه من الضروري تحديد التكلفة القصوى لمنتج جديد قبل اطالقه‬
‫في السوق‪ ،‬ويجب أن تتوافق التكلفة المستهدفة مع التكلفة الواجب تحقيقها (في وقت قصير نسبيا) بمعنى‬
‫يجب على المؤسسة عدم تجاوزها إذا كانت تريد المحافظة على موقعها في السوق‪.4‬‬

‫التكلفة المستهدفة هي تكلفة المنتج أو الخدمة التي يجب عدم تجاوزها وإال ال تكون‬
‫المؤسسة قادرة على المنافسة في السوق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Horngren Charles et al, Comptabilité de gestion, 4e Edition, Pearson Education, Paris, 2009, P107.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Sury Caroline, Comptabilité analytiques et budgétaire, ECAP 21, P104.‬‬
‫‪3‬‬
‫;‪- Grandguillot Béatrice et Francis, Op cit, P179‬‬
‫‪Codoni Davide, Wallart Nicolas, « Le modèle des couts standard, un moyen d’alléger les charges‬‬
‫‪administratives », Revue de politique économique, n°6, 2007, P54.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Jacquot Thierry, Milkoff Richard, Comptabilité de gestion: analyse et maitrise des couts, 2e Edition, Darelos‬‬
‫‪et Pearson Education, Paris, 2011, P293.‬‬

‫‪110‬‬
‫‪1‬‬
‫الخطوات المختلفة لتحديد التكلفة المستهدفة هي كما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬تحليل السوق عن طريق تحديد احتياجات العمالء ودراسة المنافسة؛‬

‫ب‪ -‬تحديد سعر البيع المفروض من طرف السوق‪ :‬السعر الذي يقبل العميل دفعه للحصول على المنتج؛‬

‫ج‪ -‬تحديد الهامش المتوقع من طرف المؤسسة بالنسبة للمنتج والذي غالبا ما يعبر عنه بمعدل نسبي من‬
‫سعر البيع؛‬

‫د‪ -‬تحديد التكلفة المستهدفة؛‬

‫التكلفة المستهدفة = سعر البيع المفروض من طرف السوق ‪ -‬الهامش المتوقع من قبل‬
‫المؤسسة‬

‫ه‪ -‬حساب التكلفة المقدرة للمنتج بناء على المهارات المهنية التي تمتلكها؛‬

‫و‪ -‬مقارنة التكلفة المقدرة للمنتج مع التكلفة المستهدفة بهدف تخفيض الفجوة بين االثنين‪ ،‬دون المساس‬
‫برضى العمالء‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬طريقة التكلفة على أساس النشاط )‪)Activity Based Costing ABC‬‬

‫في ‪ 1990‬تم عرض طريقة ‪" ABC‬كأسلوب جديد" لهيكلة التكاليف حيث أدى ذلك إلى إدخال إشارات‬
‫جديدة‪ ،‬تكاليف وقيم أقرب إلى الواقع االنتاجي‪ ،2‬لقد أصبح مفهوم النشاط في السنوات األخيرة هو الركيزة‬
‫ألسلوب تحليل التكاليف وبالذات التكلفة على أساس النشاط (‪)Activity Based Costing ABC‬‬
‫وينتج التركيز على األنشطة من التغيير الضروري للنموذج التقليدي الذي يعتبر أن المنتجات أو الخدمات‬
‫‪3‬‬
‫تستهلك الموارد‪.‬‬

‫هذا التغيير مهم ألنه يؤكد أن تحسين الكفاءة أو اإلنتاجية يتطلب التساؤل حول حقيقة ما يضيفه كل نشاط‬
‫لإلنجازات‪ ،‬فالنشاط الذي يقدم إسهاما أساسيا في االنجاز يمكن أن يكون مكلفا للغاية‪ ،‬بمعنى يستهلك وقتا‬
‫هاما من العمل‪ ،‬أما النشاط الذي يساهم بصورة نسبية في االنجاز بالرغم من استهالكه للكثير من الموارد‬
‫فيجب أن يكون محل استفهام‪ .‬ان مفهوم النشاط أمر ضروري ألنه هو الذي يسمح بإعادة النظر في المسار‬
‫وبدونه ال يكون هناك "تحسينات كبيرة في كفاءة شكل من أشكال المؤسسات سواء كانت عمومية أو خاصة"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Grandguillot Béatrice et Francis, Op cit, P206.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Arena Lise, Solle Guy, « Apprentissage organisationnel et contrôle de gestion : une lecture possible de‬‬
‫‪L’ABC/ABM ? », Comptabilité-contrôle-audit, Numéro thématique, Décembre 2008, P77.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Gibert Patrick, Tableau de bord pour les organisations publiques, Paris, Dunod, 2009, P100.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم ومنهجية طريقة الـ ‪ABC‬‬

‫تعتبر مشكلة تخصيص التكاليف غير المباشرة على المنتجات من أهم المشاكل التي كانت والزالت موضوع‬
‫العديد من األبحاث المحاسبية‪ ،‬نظ ار لفشل األسلوب التقليدي للتخصيص في توفير معلومات مفيدة ودقيقة‬
‫في مجال تحديد تكلفة المنتجات والخدمات‪.‬‬

‫ونظ ار للتزايد المستمر في مسألة التكاليف غير المباشرة في ظل مستويات اآللية العالية‪ ،‬ونظم ادارة الوقت‬
‫الحديثة وتغير بيئة االنتاج‪ ،‬وزيادة درجة المنافسة‪ ،‬ظهر مدخل قياس التكلفة على أساس النشاط‪ ،‬والذي‬
‫بدأت االشارة اليه منذ السبعينات وتوالت بعد ذلك االبحاث في هذا المجال‪ ،‬أبرزها أبحاث ‪Cooper and‬‬
‫‪ ،Kaplan‬حيث أعتبر الباحثان أن تحول العملية االنتاجية من العمل اليدوي الى المكننة الحديثة أدى الى‬
‫زيادة حجم التكاليف الصناعية غير المباشرة‪ ،‬مما أكسب عملية تحميل هذه التكاليف أهمية كبيرة قياسا‬
‫لباقي التكاليف الصناعية المباشرة‪ ،‬وأن الطرق التقليدية (طريقة األقسام المتجانسة) في تخصيص تلك‬
‫التكاليف على المنتجات ال توفر معلومات مفيدة وذات موثوقية‪ ،‬والبديل هو تطبيق نظام التكاليف المبني‬
‫‪1‬‬
‫على األنشطة‪.‬‬

‫نستنتج مما تقدم أن نظام التكاليف على أساس األنشطة قد نضج نتيجة للتقدم التقني الكبير في األساليب‬
‫االنتاجية مما ترتب عليه شك في دقة النتائج التي تقدمها نظم التكاليف التقليدية‪ ،‬كما أن التطور االقتصادي‬
‫الضخم تطلب الحاجة الى نظام محاسبة يقدم معلومات تفصيلية لتغطية احتياجات االدارة مما أدى الى‬
‫استخدام نظام التكاليف المبني على األنشطة‪ ،‬لكن ما هو هذا النظام؟‬

‫عرف ‪ Horngren and Foster‬طريقة التكلفة على أساس األنشطة‪ ،‬على أنها نظام يرتكز على األنشطة‬
‫كوحدات بناء لتجميع تكاليف أهداف أخرى‪ ،‬ويمكن أن يكون كجزء من نظام تكاليف األوامر أو نظام‬
‫‪2‬‬
‫تكاليف المراحل‪.‬‬

‫ويرى ‪ Raffish‬أن طريقة التكلفة على أساس األنشطة تمثل تطو ار للطريقة التقليدية لمحاسبة التكاليف حيث‬
‫تهدف الى تحديد األنشطة والموارد الالزمة لتحقيق هذه األنشطة‪ ،‬ومسببات التكلفة التي تؤثر في حجم‬
‫ومقدار استغالل كل مورد داخل كل نشاط لتحقيق خطة أو موازنة معينة‪ ،‬وتساهم هذه الطريقة بشكل كبير‬
‫‪3‬‬
‫في التوصل الى تعظيم المنفعة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cooper Robin, Kaplan Robert S, « Measure cost righ : Make the right decision », Harvard Business Review‬‬
‫‪Vol 66, n° 5, 1988, P96.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Horngren Charles T, Foster George, (1991), « Cost Accounting: A Managerial Emphasis », 7e Edition‬‬
‫‪Prentice Hall, New Jersey, 1991, P150.‬‬
‫‪3‬‬
‫» ‪-Raffish Norm, « How Much Does that Product Really Cost? Finding out may Be Easy as ABC‬‬
‫‪Management Accounting, Vol 72, n° 9, 1991, P36.‬‬

‫‪112‬‬
‫ االحاطة بمشكل تخصيص التكاليف غير المباشرة بإدخال وصلة‬ABC ‫ تحاول طريقة الـ‬Hedhili ‫وحسب‬
‫ ان وجود النشاط هو أمر مهم كمستوى أول للهيكلة في‬،1‫جديدة في سلسلة استهالك الموارد وهي النشاط‬
‫ وقد حظي هذا المفهوم باهتمام العديد من الباحثين في سنوات التسعينات بعد ظهور طريقة‬،2 ‫كل األجهزة‬
:‫ في النصوص األكاديمية لمحاسبة التسيير كما هو ملخص في الجدول التالي‬ABC ‫الَـ‬

‫ أهم التعاريف المقدمة حول مفهوم النشاط‬:1.3 ‫الجدول رقم‬

‫التعريف‬ ‫الباحث‬
.3‫يسمح النشاط بترجمة ما نقوم به داخل المؤسسات‬ Mervellec
1990
‫النشاط هو مجموعة من األفعال أو المهام التي تهدف الى تحقيق زيادة في قيمة الشيء أو‬ Lebas 1991
.4‫تسمح بتحقق هذه الزيادة في القيمة وذلك على المدى القصير‬
‫ يتفاوض على‬،‫ يجمع‬،‫ يشطب‬،‫ يدور‬:‫هو كل ما يمكن وصفه بأفعال في حياة المؤسسة‬ Lorino 1991
5
...‫االتصال‬
.6‫ النشاط هو مجموعة متجانسة من المهام‬Bouquin 1993

‫ األساليب والمحيطات التي‬،‫ المواد األولية‬،‫ التكنولوجيات‬،‫النشاط هو مجموعة من األشخاص‬ Bescos 1994
‫ طريقة استغالل‬:‫ فالنشاط يصف ما تقوم به المؤسسة‬.‫تسمح بإنتاج منتج أو خدمة معينة‬
7
.‫الوقت والنتائج‬

‫ ويمكن تعريفها‬M.Porter ‫فمنهجية المحاسبة على أساس النشاط هي جزء من فلسفة المؤسسة التي طرحها‬
8
:‫من منظورين‬

1
- Hedhili Nerjes, « Le positionnement de la méthode "du temps requis pour exécuter les opérations " ou "
time driven activity based costing " (TD ABC) par rapport à la méthode ABC », La Revue des Sciences de
Gestion, Vol 5, n° 263-264, 2013, P172.
2
-Bertrand Thierry, Mevellec Pierre, « ABC/M et transversalité : choix de conception et impacts potentiels »
Comptabilité-contrôle-audit, Tome 14, Vol 1, Juin 2008, P10.
3
- Mévellec Pierre, Outils de gestion -pertinance retrouvée-, Paris, Edition Comptables Malesherbes,1990, P
115.
4
-Lebas Michel, « Comptabilté anlytique basée sur les activités, analyse et gestion des activités », Revue
francaise de comptabilité, n° 226, 1991, P53.
5
- Lorino Philipe, Le contrôle de gestion stratégique-la gestion par les activité-, Dunod, Paris, 1991, P 39.
6
- Bouquin Henri, Comptabilité de gestion, Dalloz, Paris, 1993, P70.
7
-Bescos Pierre-Laurent, Mendoza Carla, Le mangement de la performance, Edition Comptables Malesherbes
Paris, 1994, P35.
8
- Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Op cit, P260.

113
‫‪ -‬ذلك المتعلق "بالقيمة"‪ ،‬والذي يهدف إلى دراسة المنتج نفسه خارج المؤسسة من خالل اعتماد وجهة نظر‬
‫الزبون إذا كان ذلك ممكنا؛‬

‫‪ -‬وذلك المتعلق باستراتيجية التكاليف‪.‬‬

‫وهي تعتمد على فكرة أن كل نشاط يساهم في خلق قيمة للمنتج ويساهم في مسار اإلنتاج‪ .‬هذا التفكك يسمح‬
‫بتحليل النشاطات المعروفة بنشاطات الدعم (المجمعة سابقا تحت بند التكاليف غير المباشرة)‪ ،‬وتوضيح‬
‫كيفية إسهامها في خلق قيمة للمنتج‪.‬‬

‫والجدول التالي يلخص العناصر األساسية لمنهجية الـ ‪:ABC‬‬

‫الجدول رقم ‪ :2.3‬العناصر األساسية لمنهجية الـ ‪ABC‬‬

‫تسمح بتحليل أكثر دقة لتشكل التكاليف‪.‬‬


‫تعتبر أن جميع األنشطة أساسية‪.‬‬ ‫منهجية طريقة ‪ABC‬‬
‫الـ‬
‫تحمل تكاليف المراكز على تكاليف المنتجات دون القيام بتوزيع ثانوي بسبب عدم‬
‫وجود المراكز الفرعية‪.‬‬
‫تبحث لكل نشاط (سواء كان نشاط دعم أو له عالقة مباشرة بالمنتج) عن عالقة‬
‫سببية مع المنتجات‪.‬‬
‫تقوم بتجميع النشاطات لتحليل أفقي‪.‬‬
‫المصدر‪Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Op cit, P261 :‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المبادئ الرئيسية لطريقة الـ ‪ABC‬‬

‫نظ ار لقصور نظم التكاليف التقليدية والتشكيك في دقة النتائج التي تقدمها في مجال احتساب التكلفة‪ ،‬بسبب‬
‫اعتمادها على فكرة أن المنتجات تستهلك الموارد بصورة متناسبة مع كميات انتاجها على الرغم من أن هناك‬
‫العديد من الموارد ترتبط بنشاطات غير متعلقة بالكمية المادية أو الحجم مثل‪ :‬األنشطة المتعلقة بترتيب‬
‫اآلالت وتهيئتها وتصميم المنتجات وجدولة االنتاج‪...‬وبالتالي فهي تميل الى تعظيم تكلفة المنتجات ذات‬
‫الكميات الكبيرة وتخفيض تكلفة المنتجات ذات الكميات القليلة‪ ،‬وعليه قام نظام الـ ‪ ABC‬بتصحيح هذا‬
‫التشويه وذلك بتحديد النشطات وموجهات التكلفة الخاصة بها بما يسمح بفهم مسببات التكاليف العامة وادارة‬
‫التكاليف بصورة أكثر فعالية‪ ،‬وقد تم تقسيم األنشطة من طرف ‪ Coorper‬باالعتماد على أعمال ‪Drucker‬‬
‫الى أربعة أصناف‪ :‬أنشطة مستوى الوحدة‪ ،‬أنشطة مستوى المنتج‪ ،‬أنشطة مستوى الكمية‪ ،‬أنشطة مستوى‬
‫‪1‬‬
‫الدعم للتركيب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫» ‪- Cooper Randolph, « Cost Classification in Unit-Based and Activity-Based Manufacturing Cost Systems‬‬
‫; ‪Journal of Cost Management, Vol 4, n°3, 1990, P6‬‬
‫‪Drucker peter, « Managing for Business Effectiveness », Harvard Business Review, Vol 41, n° 3, 1963, P56.‬‬

‫‪114‬‬
‫ان المبدأ األساسي لهذه الطريقة هو وضع بين مراكز المسؤولية وأشياء التكلفة (المنتجات والخدمات‪)...‬‬
‫فئة وسيطة‪ :‬النشاط‪ ،1‬وتسمح طريقة الـ ‪ ABC‬بحساب تكلفة النشاطات المقدمة من طرف مختلف المراكز‬
‫ومعرفة سبب استخدام هذه األنشطة من طرف المنتجات والخدمات للحصول على تقييم أكثر مصداقية‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص منطق نظام التكاليف على أساس األنشطة على النحو التالي‪ :‬األنشطة تستهلك الموارد‬
‫والمنتجات (أشياء التكلفة) تستهلك األنشطة‪ ،‬وانطالقا من هذه المبادئ األساسية‪ ،‬أعطت هذه الطريقة‬
‫من جهة اهتماما لمختلف المفاهيم (األنشطة‪ ،‬والمسارات‪ ،‬مسببات تكلفة والمهام‪...‬الخ) والى العالقة بين‬
‫‪2‬‬
‫مختلف هذه المفاهيم من جهة أخرى من أجل حساب التكاليف‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬خطوات تطبيق طريقة الـ ‪ABC‬‬


‫‪3‬‬
‫يعتمد تطبيق نظام الـ ‪ ABC‬أربع خطوات‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :2.3‬الخطوات األربعة لتطبيق طريقة الـ ‪ABC‬‬

‫تطبيق نظام الـ ‪ ABC‬في أربع خطوات‬

‫تجميع األنشطة‬ ‫تحديد مسببات‬ ‫توزيع الموارد‬ ‫تحديد نشاطات‬


‫التكاليف حسب‬ ‫على النشاطات‬ ‫المؤسسة‬
‫النشاط‬

‫المصدر‪Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Op cit, P262 :‬‬

‫‪ -1‬تحديد النشاطات‪ :‬يقال عن النشاط أنه متجانس إذا استخدمت كل موارده بنفس النسب في كل األعمال‬
‫التي يحققها ويتحقق هذا الشرط إذا كانت " كل تكلفة أساسية من تكاليف النشاط تتناسب مع متغير يختلف‬
‫‪4‬‬
‫عن تلك التي تفسر التكاليف األساسية األخرى‪ ،‬واذا كانت كذلك لهذه المتغيرات عالقة مستقرة فيما بينهما‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Alcoffe Simon, Malleret Véronique, « Les fondements conceptuels de l’ABC à la française », Comptabilité-‬‬
‫‪Contrôle –Audit, Tome 10, Vol 2, 2004, P 159.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Alcoffe Simon, Berland Nicolas, Levant Yves, « Les facteurs de diffusion des innovations managériales en‬‬
‫‪comptabilité et contrile de gestion : une étude comparative », Comptabilité-Contrôle –Audit, Numéro spécial‬‬
‫‪2003, P10.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Thomas Clément, Gervais Michel, « Le problème du regroupement des activités dans la modélisation ABC :‬‬
‫‪une approche possible », Finance Contrôle Stratégie, Vol 11, n° 4, 2008, P139.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Thomas Clément, Gervais Michel, Op cit, P139.‬‬

‫‪115‬‬
‫يعتمد مبدأ تحديد النشاطات على تحليل وظيفي لهدف المؤسسة‪ ،‬وتقسيم حسب "الوظائف" (بمعنى تجميع‬
‫النشاطات التي لها نفس الغاية)‪ ،‬فوظيفة الشراء مثال يمكن أن تقسم إلى أنشطة أساسية مختلفة‪ :‬شراء‬
‫المكونات‪ ،‬شراء األدوات ‪ ...‬ونشاط شراء المكونات نفسه يمكن أن يقسم الى مهام متعلقة‪ :‬بالتسيير االداري‬
‫للطلبيات‪ ،‬تأهيل الموردين‪...‬ويجب أن ال يقتصر تحديد األنشطة على تلك المتعلقة باإلنتاج فقط فنشاطات‬
‫الدعم تساهم بنسبة مهمة في التكاليف غير المباشرة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ولتحديد صحيح لوظيفة التكلفة التي تسمح بتحميل التكاليف غير المباشرة يجب احترام أربع شروط‪:‬‬
‫استخدام أقل عدد ممكن من مفاتيح التوزيع‪ ،‬تجنب نسيان مسبب رئيسي للتكلفة‪ ،‬التأكد من وجود عالقة‬
‫نسبية بين تكلفة النشاط وحجم مسبباتها‪ ،‬التأكد من وجود استقاللية بين مسببات التكلفة‪.‬‬

‫الجدول التالي يحدد محتويات أنشطة الدعم األكثر استخداما‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ :3.3‬محتوى أنشطة الدعم‬


‫المحتوى‬ ‫طبيعة النشاط‬
‫نشاطات التخطيط‪ ،‬حساب األعباء‪ ،‬مراقبة الورشة ومراقبة‬ ‫إدارة اإلنتاج‬
‫االنتاج‪.‬‬
‫نشاطات التخزين‪ ،‬التغليف‪.‬‬ ‫لوجستية تدفق المواد‬
‫نشاطات التعريف‪ ،‬تصميم وتطوير واختبار المنتج‪ ،‬الصيانة‪.‬‬ ‫تطوير وصيانة المنتجات‬
‫نشاطات التخطيط‪ ،‬التصنيع‪.‬‬ ‫تطوير وصيانة المسارات الصناعية‬
‫نشاطات التنفيذ والمتابعة إلجراءات ونظم مراقبة الجودة‪.‬‬ ‫إدارة الجودة‬
‫المصدر‪Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Op cit, P263 :‬‬

‫‪ -2‬توزيع الموارد بين األنشطة‪ :‬تتوافق هذه الخطوة مع التوزيع األولي لألعباء غير المباشرة في كل مركز‬
‫تحليل‪ ،‬وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بالخطوة األولى ألن وزن األعباء المرتبطة بكل نشاط هو شرط النعكاس‬
‫النشاطات ذات الداللة‪ ،‬فمن خالل تحديد دقيق لمختلف األنشطة المتنوعة‪ ،‬فقط األعباء التي ليس لها‬
‫عالقة مباشرة مع النشاط هي التي تتطلب تغطية لمؤشرات الموارد من أجل تخصص الموارد على النشاطات‪.‬‬

‫‪ -3‬تحديد مسببات التكاليف حسب األنشطة‪ :‬حيث يتم تعيين لكل نشاط مسبب أو عدة مسببات للتكاليف‪.‬‬

‫‪ -4‬تجميع األنشطة‪ :‬تهدف هذه الخطوة األخيرة الى تجميع األنشطة التي لها نفس العامل التفسيري في‬
‫مركز التجميع حيث يشمل كل مركز على األنشطة المتشابهة من حيث مسبباتها‪ ،‬فمثال يتم تجميع أنشطة‬
‫الصيانة وبرمجة االنتاج في مجمع واحد باعتبار أن هذه األنشطة ترتبط ارتباطا وثيقا بساعات عمل اآلالت‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gervais Michel, Lesage Cédric, « retour sur l’imputation des charges indirectes en comptabilité de gestion :‬‬
‫‪comment bien spécifier les activités et leurs inducteurs ? », Comptabilité Contrôle Audit, tome 12, Vol1, mai‬‬
‫‪2006, P99.‬‬

‫‪116‬‬
‫والهدف الرئيسي من عمل مراكز التجميع هو تحميل اجمالي تكلفة المجمع الى المنتج بناء على مسبب‬
‫التكلفة المحدد مسبقا‪ .‬يتم الحصول على تكلفة الوحدة وفقا للعالقة التالية‪:‬‬

‫تكلفة الوحدة للمسبب = التكلفة اإلجمالية للنشاطات ‪ /‬حجم المسببات‬

‫توافق التكلف االجمالية للنشاطات الموارد المستهلكة‪ ،‬أما حجم المسببات فيقصد به عدد وحدات العمل‬
‫المحتفظ به لكل مركز‪ ،‬ويمكن عرض طريقة التحميل وفق الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :3.3‬طريقة تحميل التكاليف حسب نظام الـ ‪ABC‬‬

‫مركز التحليل ‪1‬‬ ‫مركز التحليل ‪2‬‬

‫النشاط ‪1‬‬ ‫النشاط ‪2‬‬ ‫النشاط ‪1‬‬ ‫النشاط ‪3‬‬ ‫النشاط ‪3‬‬

‫المسبب أ‬ ‫المسبب ب‬ ‫المسبب ج‬ ‫المسبب أ‬ ‫المسبب ب‬

‫مركز التجميع‬ ‫مركز التجميع‬ ‫مركز التجميع‬

‫التكلفة الكلية‬ ‫التكلفة الكلية‬ ‫التكلفة الكلية‬

‫الحجم الكلي‬ ‫الحجم الكلي‬ ‫الحجم الكلي‬

‫تكلفة الوحدة‬ ‫تكلفة الوحدة‬ ‫تكلفة الوحدة‬

‫‪...Kévin‬‬
‫‪Gérard Melyon,‬‬ ‫‪ Melyon,‬زبائن‬
‫‪ Fhilippe‬خدمات‪،‬‬
‫‪ Raimbourg,‬منتجات‪،‬‬
‫حساب التكلفة‪:‬‬ ‫عناصر‬
‫‪op cit,‬‬ ‫المصدر‪P264 :‬‬

‫المصدر‪Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Op cit, P 264 :‬‬

‫‪117‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬المحاسبة التحليلية في مؤسسات الصحية‬

‫تسمح المحاسبة التحليلية بتفكيك تكلفة الخدمات‪ ،‬وحساب تكلفة األنشطة االستشفائية واألنشطة المكملة‬
‫كغسيل المالبس‪ ،‬وجبات الطعام والتصوير الطبي‪ ،‬لمقارنة هذه التكاليف مع المؤسسات األخرى من جهة‬
‫ومع األسعار المتداولة من جهة أخرى‪.‬‬

‫تستخدم نتائج هذا التحليل لتعزيز حوار التسيير والمساعدة على اتخاذ ق اررات واضحة‪ ،‬وذلك من أجل قيادة‬
‫جيدة للمؤسسات الصحية واألنشطة االستشفائية‪ ،‬وكذلك األقطاب األخرى لبقية الهياكل الداخلية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المحاسبة المالية‬


‫المحاسبة المالية للمستشفى هي تسجيل وتصنيف وتنظيم المعلومات المالية للسماح بإصدار الوثائق التي‬
‫‪1‬‬
‫تعكس بصورة صادقة الوضع المالي للمؤسسة‪ ،‬ويتم تصنيف المعلومات بطريقتين‪:‬‬
‫‪ -1‬طبيعة األعباء وااليرادات (مثل‪ :‬أعباء األفراد‪ ،‬أعباء األدوية‪ ،‬االيراد الجزافي لالستشفاء ‪ ...‬الخ)‬
‫وكذلك طبيعة الميزانية بالرجوع الى المخطط المحاسبي الخاص‪.‬‬

‫‪ -2‬الهيكلة التنظيمية لمراكز التحميل (مثل قسم الجراحة‪ ،‬والمطبخ‪ ،‬والمخابر‪...‬الخ‪.).‬‬

‫وتسمح المحاسبة المالية بتسجيل‪:‬‬

‫• األعباء وااليرادات المستخرجة من االستغالل الرئيسي‪ ،‬على سبيل المثال‪ :‬النشاطات الطبية والعالجية‬
‫االقامة‪ ،‬اللوجستيكية واإلدارية المرتبطة برعاية المرضى (ربما أيضا اإليرادات والنفقات التي تنشأ من أنشطة‬
‫التكوين والبحث)‪.‬‬

‫• األعباء واإليرادات خارج االستغالل التي تسجل بحيث يمكن تحديدها بشكل منفصل عن أعباء وايرادات‬
‫االستغالل‪.‬‬

‫كما تسمح المعطيات المالية المستعملة للمحاسبة التحليلية بـ‪:‬‬


‫‪ ‬حساب التكاليف الكلية‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد معدالت التمويل والتغطية على أساس التكاليف الكلية‪.‬‬
‫‪ ‬مقارنة التكاليف بين المؤسسات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Guide pratique de comptabilité analytique pour les hôpitaux latins, 2 Edition, 2009, P10.‬‬

‫‪118‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طريقة الـ ‪ ABC‬كرؤية جديدة لتسيير المؤسسات الصحية‬

‫سمح استعراض طريقة عمل النموذج المحاسبي باستخراج نقائص وحدود التكلفة الكلية‪ ،‬وفي حالة المؤسسات‬
‫الصحية سنتساءل عن مدى مالءمة وحدات العمل المختارة لتخصيص األعباء غير المباشرة التي تشكل‬
‫حاج از يعوق أية عملية بحث لقوانين اختالف التكاليف‪ ،‬وهذه ظاهرة تستحق اهتماما أكبر ألنها تخص نسبة‬
‫‪1‬‬
‫معتبرة من األعباء‪.‬‬

‫تقدم طريقة الـ ‪ ABC‬رؤية جديدة للمؤسسة‪ ،‬لكن ماذا عن المؤسسات الصحية؟ سنرى كيف يجسد هذا‬
‫التمثيل الجديد للمؤسسة من خالل إدخال وتكييف مفاهيم األنشطة والمسارات في المؤسسات الصحية‪.‬‬

‫‪ -1‬ثروات المستشفى‪ :‬األنشطة‬

‫تمثل األنشطة مهارات المؤسسة‪ ،‬بمعنى مجموعة من التقنيات المتحكم بها لتحسين المستوى الصحي‬
‫للمريض‪ .2‬وال يجب لهذه األفكار األولية أن تخرج النشاط من مضمونه العام‪ ،‬فهي تساهم في تشكيل‬
‫الخدمات وتمثل مجموعة من األفعال المنظمة‪ ،‬والعمليات الملموسة أين تسمح الفعالية واالنسجام بتحسين‬
‫الخدمات لتتوافق مع متطلبات المرضى‪.‬‬

‫لقد تطرقنا للعناصر النظرية العامة‪ ،‬ويبقى اعطاؤها فعالية واقعية في القطاع الذي يهمنا‪ ،‬فبوضع المستوى‬
‫البنيوي أو االستراتيجي لتحليل األنشطة سنجد أنفسنا أمام التقنيات والتكنولوجيات المستخدمة لتحسين الحالة‬
‫الصحية للمريض‪ .‬في الواقع‪ ،‬يستخدم األطباء أفعال مختلفة خالل مسار التشخيص أو العالج‪ ،‬وقد يكون‬
‫هناك خلط بين الفعل أو "الفعل طبي ‪ "acte médical‬وبين المهام األساسية‪ ،‬وفي المقابل فإن متابعة‬
‫حياة المؤسسة يسمح بتحديد جميع المهام األساسية وليس الطبية فقط التي تؤدي إلى إنتاج الفعل‪ ،‬وبالتالي‬
‫يمكننا التوصل الى معنى أقل تقييدا‪ :‬فالمهام األساسية هي التي تؤدي إلى إنتاج أو توفير الخدمة (جراحة‬
‫تصوير شعاعي‪ ،‬المختبرات‪ ...‬الخ) كما نالحظ أن فكرة الفعل تقترب من مفهوم النشاط‪.‬‬

‫ويحتاج األطباء لتشخيص حالة مرضية الى استخدام اختبارات أخرى‪ :‬الفحص السريري‪ ،‬التحاليل المخبرية‬
‫والتصوير الطبي ‪ ...‬وبالمقابل تتوفر لهم العديد من التقنيات‪ :‬كالجراحة والمخدرات وأيضا اإلشعاع‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن المريض غالبا ما يحتاج الى الخدمات االستشفائية التي تختلف تبعا لدرجة التبعية للشخص وشدة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Halgand Nathalie, « Problème de pertinence des couts pour le contrôle : le cas hospitalier », Comptabilité-‬‬
‫‪Contrôle - Audit, Tome 1, Vol 2, septembre 1995, P40.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Garrot Thierry, « La gestion hospitalière par la méthode ABC », la Revue Chronique, décembre 1995, P56.‬‬

‫‪119‬‬
‫الحالة‪ ،‬فمن الممكن تحديد ما يلي‪ :‬االستشفاء اليومي‪ ،‬العناية المركزة أو أشكال معينة من االستشفاء‬
‫(الغرف المحمية(‪ .‬فالنشاطات تظهر اذن كخدمات جزئية موافقة لتقنية أو تكنولوجيا مستخدمة أثناء‬
‫رعاية المريض‪ ،‬وهي تشمل كافة المهام األساسية التي تؤديها المؤسسة لتوفير الخدمة‪.‬‬

‫من خالل هذا التحليل يمكن التساؤل عن مدى توافق هذه العناصر مع التعريف العام للنشاط؟ التصوير‬
‫الطبي‪ ،‬والعالج بالمادة المخدرة‪ ،‬هي مجموعة من المهام األساسية التي يقوم بها الفرد أو المجموعة‪ ،‬وكل‬
‫من هذه المقترحات مرتبطة ومحددة بمهارات خاصة‪ ،‬يمكن أن نعترف أن لهم سلوك متجانس من حيث‬
‫التكلفة واألداء‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬أنها توفر انتاجا للزبون من خالل سلة من المدخالت‪.‬‬

‫وكخالصة‪ ،‬النشاط االستشفائي حسب طريقة الـ ‪ ABC‬يشير إلى التقنية أو التكنولوجيا التي تقود إلنتاج‬
‫فعل أو خدمة جزئية‪ ،‬دون أي إشارة إلى "علم األمراض ‪." la pathologie‬‬

‫‪ -2‬المنتجات والخدمات االستشفائية‪ :‬المسارات‬

‫عرف ‪ Bescos et Mendoza‬المسار على أنه مجموعة من النشاطات المرتبطة من أجل تحقيق هدف‬
‫مشترك‪ ،1‬وعرفه ‪ Bouquin‬على أنه مجموعة من النشاطات الضرورية الالزمة لتصور المنتج وتصنيعه‬
‫وبيعه‪ ،‬ومتابعته بعد البيع وتسيير األعمال االدارية المرتبطة به‪ ،2‬وبالتالي يسمح هذان التعريفان من تكوين‬
‫فكرة أولية وهي أن تشخيص و‪/‬أو عالج حالة مرضية هو مسار يتطلب استخدام العديد من األنشطة‪ .‬يسمح‬
‫هذا التعريف بإعطاء وصف عام لذا يجب االجابة على السؤال التالي‪ :‬ما هي المسارات التي يمكن تحديدها‬
‫في القطاع الصحي؟‬

‫باإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬سنتمكن من رسم التنظيم المصفوفي للمؤسسة‪ ،‬وطريقة الـ ‪ ABC‬تسمح بإعطاء‬
‫رؤية عامة حول الهيكلة‪ ،‬فاذا وضعنا المسارات الكالسيكية على جنب وبالذات الداخلية (مثل مسار الشراء)‬
‫لنكرس أنفسنا لجوانب محددة من القطاع فيما يتعلق بعالقته مع الخارج (مهمة العالج)‪ ،‬سنجد أنقسنا أمام‬
‫حالة شخصين يستخدمان كفاءات المؤسسة االستشفائية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Bescos Pierre-Laurent, Mendoza Carla, (1994), P42.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Bouquin Henri , (1993), Op cit, P83.‬‬

‫‪120‬‬
‫الحالة األولى تتعلق بمريض خارجي يرغب في تصوير شعاعي للصدر‪ ،‬فبتقديم نفسه سيحصل على نشاط‬
‫االستقبال‪ ،‬التسيير اإلداري (الملف الطبي)‪ ،‬الفوترة (حالة الطب غير المجاني)‪ ،‬باإلضافة إلى الفحص‬
‫التقني المتعلق بحالته‪.‬‬

‫أما المريض الثاني فهو بحاجة إلى عملية جراحية تتطلب اقامة قصيرة بالمستشفى (استخدام المطاعم‬
‫والمبيت)‪ ،‬سيستفيد بطبيعة الحال من النشاطات الموضحة في حالة المريض األول ويستهلك المزيد من‬
‫األنشطة االستكشافية الضرورية قبل الجراحة (التحليل‪ ،‬األشعة‪...‬الخ‪ ،).‬وأنشطة العالج لتحسين حالته‬
‫العامة‪ .‬تسمح هاتين الحالتين بوصف توقعات مستخدمي النظام االستشفائي‪ ،‬فهل تعد مسارات؟‬

‫االجابة على هذا السؤال هي تأكيدية‪ ،‬فهاتان الحالتان تجمعان مجموعة من األنشطة لتحقيق هدف مشترك‬
‫وأداء هذه األنشطة مترابط بشكل واضح ويتطلب تسيير عبر المؤسسة‪.‬‬

‫باختصار يمكننا القول أن المسارات تسمح باالعتماد على األنشطة بوصف المنتجات أو الخدمات المقدمة‬
‫لمستخدمي المؤسسات االستشفائية‪ ،‬كما أن هناك حاالت مختلفة ممكنة‪ :‬خدمات خارجية‪ ،‬إقامة قصيرة‬
‫وما إلى ذلك‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الموازنات التقديرية‬

‫تسمح الموازنة التي يحضرها مراقب التسيير بمساعدة مختلف مسؤولي المراكز بترجمة األهداف االستراتيجية‬
‫للمؤسسة‪ ،‬وهي أيضا أداة لتنسيق مختلف وحداتها والتحكيم بين األهداف المتضاربة أحيانا بسبب اختالف‬
‫السلوكيات الداخلية وبسماحها تفويض الق اررات ومراقبة االنجازات‪ ،‬كما تحفز الموازنة مسؤولي الوحدات‬
‫للمؤسسة‪.‬‬ ‫الالمركزية بالمشاركة في متابعة األهداف العامة‬

‫ومن خالل ما يلي سنركز على مسار اعداد الموازنات‪ ،‬وطريقة اعدادادها‪ ،‬ويجب أن تكون هذه النظرة‬
‫التقنية للموازنات غير غامضة‪ ،‬خاصة أنه من الناحية الميدانية يجب على مراقب التسيير أن يجد أفضل‬
‫حل وسط بين أهداف مختلف أصحاب المصلح‪ ،‬فوضع الموازنة هو نتيجة للمفاوضات والتشاور الوثيق مع‬
‫اإلدارة العليا وجميع مديري مراكز المسؤولة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفاهيم حول الموازنات‬

‫تستند فكرة التخطيط والموازنات على فكرة أن األفراد هم المؤهلون لتنفيذ المشاريع‪ ،‬كما يمكنهم إلى حد ما‬
‫التنبؤ بالمستقبل وتحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬هذا الموقف يتطلب الوثوق في قدرة اإلنسان على معرفة القوانين‬
‫التي تحكم المحيط وقدرتها على التغيير‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تصرفات األفراد عادة ما تسمح بتحقيق جزء فقط‬
‫‪1‬‬
‫من مشاريعهم وذلك يرجع لألسباب الثالثة التالية‪:‬‬

‫‪ -‬يرون الواقع من خالل تمثيالتهم التي عادة ما تعطي صورة مشوهة ومبسطة (عدم قدرة الدماغ على فهم‬
‫وضع معقد في مجمله)‪ .‬وعليه تتخذ الق اررات على أساس تصور كاريكاتوري للواقع؛‬

‫‪ -‬ال يمكن للدماغ البشري أن يتوقع المستقبل من دون تجاهل الحاضر وهو ما يجعل من التنبؤات عبارة‬
‫عن استقراء فقط؛‬

‫‪ -‬في مجال المؤسسات‪ ،‬يتطلب تنفيذ المشروع وجود عمل جماعي‪ ،‬األمر الذي يتطلب تبادل المعلومات‬
‫الذي يؤدي في كثير من األحيان الى تشويه فهمها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الموازنة‬

‫يرجع مصطلح "موازنة" للفرنسي ‪ ،bougette‬ويقصد به المحفظة الصغيرة التي تعلق على حزام الشخص‬
‫وتحتوي على العملة التي تسمح له بالتعامل مع النفقات المتوقعة لليوم‪ .2‬تدخل الموازنة ضمن إطار التسيير‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gervais Michel, Thenet Gervais, « Planification gestion budgétaire et turbulence », Finance Contrôle‬‬
‫‪Stratégie, Vol 1, n° 3, 1998, P58.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-http://fr.wikipedia.org/wiki/Budget‬‬

‫‪122‬‬
‫االستراتيجي للمؤسسة‪ ،‬ففي البداية يتم وضع المخطط االستراتيجي لتغطية مدة تتراوح بين (‪ 5‬إلى‬
‫‪10‬سنوات)‪ ،‬ثم تقسم أهداف المخطط االستراتيجي إلى أهداف متوسطة المدى في إطار المخطط العملي‬
‫لمدة ‪ 3‬سنوات مثال‪ ،‬وبناء على المخطط العملي يتم وضع الموازنات للمدى القصير (تقديرات للسنة‬
‫المقبلة)‪.1‬‬

‫وعليه يمكن تعريف الموازنة على أنها خطة مالية قصيرة المدى‪ ،‬تتضمن توزيعا للموارد مرتبطا بالمسؤوليات‬
‫المحددة من أجل تحقيق األهداف التي تطمح إليها المؤسسة‪.2‬‬

‫كما تعد الموازنة التقديرية أداة تلخيصية تسمح بتلخيص نفقات وايرادات المؤسسة وهي تحتاج إلعادة النظر‬
‫المستمرة باالعتماد على األهداف المحققة‪.3‬‬

‫وتعرف كذلك الموازنة على أنها التعبير الكمي لمخطط النشاط المقترح من طرف االدارة‪ ،‬حيث تساعد في‬
‫‪4‬‬
‫تنسيق وتنفيذ هذا المخطط‪.‬‬

‫فالموازنة المالية هي التعبير النقدي لتوقعات اإلدارة فيما يتعلق بوضعها المالي وتدفقاتها النقدية‪ ،‬في حين‬
‫أن الحسابات السنوية تتعلق عادة بالسنوات الماضية‪ ،‬ولدعم الموازنات المالية هناك موازنات غير مالية‬
‫نذكر على سبيل المثال‪ :‬الحجم‪ ،‬عدد الموظفين الذين ستحتاجهم المؤسسة‪...‬وتعتبر الموازنات جزءا من‬
‫‪5‬‬
‫نظام تسيير الموازنات الذي يضم مرحلتين متميزتين‪:‬‬

‫‪ -‬وضع الموازنات (‪)la budgétisation‬؛‬


‫‪ -‬مراقبة الموازنات (‪.)le contrôle budgétaire‬‬
‫ويمكن تمثيل نظام تسيير الموازنات في الشكل التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Dayan Armand, Manuel de gestion, Edition Ellipes, Paris, 1999, Volume I, P809.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Guedj Nobert, Op Cit, P254.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- INJEP l’institut national de la jeunesse et de l’éducation populaire, Gérer le budget et son projet, les mémo-‬‬
‫‪guides du porteur de projet, 2005, P10.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Horngren Charles et al, Contrôle de gestion et gestion budgétaire, 4e Edition, Pearson, Paris, 2009, P195.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Alazard Claude, Sépari Sabine, (2001), OP cit, P275.‬‬

‫‪123‬‬
‫الشكل رقم ‪ :4.3‬نظام تسيير الموازنات‬

‫وضع الموازنات‬ ‫تنفيذ الموازنات وتحديد النتائج‬


‫المحققة‬

‫مقارنة دورية‬

‫تحديد الفروقات‬ ‫اإلجراءات التصحيحية‬


‫مراقبة الموازنات‬
‫مراقبة الموازنات‬

‫تهدف إلى تقريب النتائج الحقيقية‬

‫إلى التوقعات المنتظرة‬

‫المصدر‪Alazard Claude, Sépari Sabine, (2001), Op Cit, P 275 :‬‬

‫وبالتالي تعتبر تسيير الموازنات بهذه الصورة نظاما مساعدا على مراقبة التسيير وعلى اتخاذ القرار‬
‫باعتبارها تساعد على تحديد الفروقات ثم اتخاذ اإلجراءات التصحيحية لتحسين أداء المؤسسة ككل‪.‬‬

‫الفرع الثاني مبادئ الموازنة‬


‫يجب أن تخضع التنبؤات في المؤسسات العمومية الى مجموعة من المبادئ العامة والتي يمكن شرحها فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ السنوية‪ :‬تبدأ السنة الموازنية والنشاط المحاسبي للمؤسسات العمومية والخاصة في ‪ 1‬جانفي وتنتهي‬
‫في ‪ 31‬ديسمبر‪ .‬لذلك يجب االلتزام بهذه الفترة عند وضع الموازنات؛‬
‫‪ -‬مبدأ الوحدة‪ :‬يتم رسم جميع اإليرادات والنفقات لمؤسسة عمومية دون أي استثناء على وثيقة واحدة هي‬
‫"الموازنة العامة"‪ ،‬وال يمكن أن يكون هناك عدة موازنات لنفس الشخص المعنوي في القانون العام‪ ،‬وهذا‬
‫يسهل القراءة والفهم ويسمح بالشفافية‪ ،‬كما يحافظ على قيمة الوثيقة الموازنية؛‬
‫‪ -‬مبدأ الشمولية‪ :‬يجب أن تشتمل الموازنة على كل أنشطة المؤسسة‪ ،‬بنود التكاليف واإليرادات وكل‬
‫المستويات اإلدارية‪ ،‬وكذلك كل الجوانب الكمية والمالية؛‬

‫‪124‬‬
‫‪ -‬مبدأ التخصص‪ :‬فاالعتمادات المالية المخصصة لنشاط خدمة عمومية معينة ال يمكن استخدامها لخدمات‬
‫أخرى ال تدخل ضمن نفس الفصل وأي تغيير في مبالغ الفصل يتطلب ق ار ار تعديليا للموازنة بتصويت من‬
‫مجلس اإلدارة؛‬

‫‪ -‬مبدأ التوازن‪ :‬يجب أن تقدم الموازنة في توازن حقيقي بين اإليرادات والنفقات‪ ،‬حيث يتحقق التوازن بصورة‬
‫عامة وقسما بقسم‪ ،‬كما يجب تقييم ايرادات ونفقات المؤسسة بطريقة صادقة تعتمد على المعلومات المتاحة‬
‫والتنبؤات العقالنية المبنية على أساس هذه المعلومات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسار الموازني وأهدافه‬

‫الفرع األول‪ :‬المسار الموازني‬

‫من الناحية المثالية‪ ،‬تمثل الموازنة السنة األولى من المخطط العملي‪ ،‬ويعمل نظام مراقبة التسيير في هذه‬
‫‪1‬‬
‫الحالة على تحقيق التكامل بين‪ :‬االستراتيجية ‪ -‬المخطط االستراتيجي ‪ -‬المخطط العملي ‪ -‬الموازنة‪.‬‬
‫والشكل الموالي يوضح ذلك‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ :4.3‬دورة التسيير ومستويات المؤسسة‬

‫الموازنة‬ ‫المخطط العملي‬ ‫المخطط االستراتيجي‬

‫المجموعة ‪Groupe‬‬
‫الوحدة ‪Division‬‬
‫االدارة ‪Direction‬‬
‫الموقع ‪Site‬‬
‫الخدمة ‪Service‬‬
‫األفق ‪Horizon‬‬ ‫سنة‬ ‫‪ 3‬سنوات‬ ‫‪ 5‬سنوات‬

‫‪Demeestère René, Lorino Philippe, Mottis Nicolas, Contrôle de gestion et pilotage de‬‬
‫‪l’entreprise, 4e Edition, Dunod, Paris, 2009, P130.‬‬

‫‪2‬‬
‫ويمكن إعداد الموازنات وفق عدة طرق وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬الطريقة االستبدادية من األعلى الى األسفل )‪ ،(démarche top-down‬حيث يتم تحديد األهداف‬
‫من قبل اإلدارة وتقييمها من قبل مراقبي التسيير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Loning hélène, Le contrôle de gestion-organisation, outils et pratique-, 3e Edition, Dunod, Paris, 2008, P94.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Berland Nicolas, Le contrôle budgétaire, La découverte, Paris, 2002, P28.‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ -2‬كما يتم وضع الموازنات من قبل المسؤولين العمليين وتقيم بعدها من طرف مراقبي التسيير لتقوم بعدها‬
‫االدارة بدور التحكيم (طريقة من األعلى الى األسفل‪.)démarche bottom-up‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -3‬أو انشاء آلية للتفاوض والتحكيم الموازني حيث‪:‬‬

‫تبلغ المديرية العامة أهداف المخطط العملي وكذلك المعلومات المتعلقة بالمحيط (التي يقدمها مراقب‬ ‫أ‪-‬‬
‫التسيير) إلى مسؤولي المراكز‪.‬‬
‫ب‪ -‬يقوم كل مسؤول مركز بوضع مشروع موازنة أو موازنة أولية مؤقتة )‪(pré-budget‬‬
‫ت‪ -‬تجمع مشاريع الموازنات لفحص مدى انسجامها ويقوم مسؤولي المراكز ولجنة الموازنات بمناقشة‬
‫األهداف والوسائل التي ينبغي تسخيرها‪.‬‬
‫ث‪ -‬وضع الموازنات النهائية لكل مركز مسؤولية‪ ،‬ثم تجميعها للوصول إلى الموازنة التقديرية للمؤسسة‪.‬‬
‫ج‪ -‬متابعة الموازنات وتعديلها تبعا لتطورات المحيط والنتائج المحققة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهداف المسار الموازني‬

‫يمكن للموازنة أن تفي بأدوار متعددة ومختلفة‪ ،‬وفهم الموازنة هو كذلك فهم لألدوار التي يمكن أن تقوم بها‬
‫لذلك سنحاول اعطاء لمحة عامة عن تلك التي أبرزت من طرف أهم الباحثين في هذا المجال‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ :5.3‬أدوار الموازنات‬

‫أهداف الموازنات‬ ‫الدراسات‬


‫‪2‬‬
‫التخطيط‪ ،‬التنسيق‪ ،‬التحفيز‪ ،‬التقييم والتعليم‬ ‫‪Barrett & Fraser‬‬
‫)‪(1977‬‬
‫التخطيط (التخطيط والتنسيق ومراقبة النتائج)‪ ،‬مراقبة المسؤوليات (تحديد االلتزامات المالية‬ ‫)‪Samuelson (1986‬‬
‫ومقارنة النتائج)‪ ،‬التأثير على سلوك المعنيين بالموازنة (التحفيز المالي‪ ،‬التربية على المنطق‬
‫المالي)‪ ،‬واألدوار السلبية (الطقوس والعادات)‪.3‬‬
‫التنبؤ‪ ،‬التخطيط‪ ،‬التنسيق‪ ،‬االتصال والمراقبة‪.4‬‬ ‫)‪Lyne (1988‬‬

‫‪ Abernethy & Brownell‬المراقبة التشخيصية‪ ،‬المراقبة التفاعلية أو المتبادلة‪ ،‬المساعدة على التغيير االستراتيجي‪.5‬‬
‫)‪(1999‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Dayan Armand, Op Cit, P810.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Barrett M Edgar, Fraser LeRoy B, « Conflicting roles in budgeting for operations », Harvard Business‬‬
‫‪Review, Vol 55, n°4, 1977, P138.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Samuelson Lars A, « Discrepancies between the roles of budgeting », Accounting, Organizations and Society‬‬
‫‪Vol 11 n°1, 1986, P36.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Lyne Stephen R, « The role of budget in UK medium and large companies and the relationship with budget‬‬
‫‪pressure and participation », Accounting and business research, Vol 18, n°71, 1988, P195.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Abernethy Margaret A, Brownell Peter, « The role of budgets in organizations facing strategic change: an‬‬
‫‪exploratory study », Accounting, Organizations and Society, Vol 24, n°3,1999, P195.‬‬

‫‪126‬‬
‫التنبؤ‪ ،‬التخطيط (التنبؤ‪ ،‬التصريح بالدفع‪ ،‬التقييم غير الرسمي)‪ ،‬التنسيق‪ ،‬التنشئة االجتماعية‬ ‫)‪Berland (1999‬‬
‫(التنسيق‪ ،‬االتصال والتقييم)‪ ،‬التقييم‪ ،‬الجزاء (التحفيز‪ ،‬االلتزام والتقييم المالي الصارم)‪.1‬‬

‫‪2‬‬
‫التخطيط‪ ،‬التقييم والمراقبة‪ ،‬وضع االستراتيجيات‪ ،‬تحفيز العاملين‪.‬‬ ‫‪Ekholm & Wallin‬‬
‫)‪(2000‬‬

‫تقييم أداء المسيرين‪ ،‬تحفيز المسؤولين العمليين‪ ،‬االتصال بين مختلف المستويات التنظيمية‬ ‫)‪Gignon (2003‬‬
‫تطوير االستراتيجية‪ ،‬التنبؤ باالحتياجات المالية‪ ،‬تسيير األخطار‪ ،‬التنسيق بين مختلف‬
‫النشاطات‪ ،‬قيادة مختلف نشاطات المؤسسة‪ ،‬االذن بالصرف‪ ،‬تخصيص الموارد‪ ،‬االتصال مع‬
‫األطراف الخارجية‪.3‬‬

‫التنسيق واالتصال‪ ،‬التسيير التنبئي‪ ،‬التفويض والتحفيز‪ ،‬التعلم‪.4‬‬ ‫‪Bouquin & Kkuszla‬‬
‫)‪(2014‬‬

‫من خالل هذا العرض ألهم الدراسات التي تناولت أهداف الموازنات تبدو لنا بعض األدوار غير متوافقة‬
‫فاستخدام الموازنة للقيام بأدوار مختلفة يمكن أن يكون لها تكلفة‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬الموازنات التي تستخدم‬
‫للتخطيط يجب أن تحدد على مستوى واقعي للسماح بالتخصيص والتنسيق‪ ،‬في حين إذا كانت ستستخدم‬
‫لتقييم األداءات يجب أن تحدد بطريقة يصعب تحقيقها لتحفيز األفراد‪.‬‬

‫كما أن مصالح الرؤساء والمرؤوسين تختلف تبعا للدور المسند للموازنة‪ ،‬فإذا كانت ستستخدم في المقام‬
‫األول لغرض التخطيط‪ ،‬فإن مصلحة المرؤوسين ستكون بتحديد أهداف موازنية عالية للحصول على المزيد‬
‫من الموارد‪ ،‬أما إذا تم استخدام الموازنة لغرض التحفيز‪ ،‬فسيسعى المرؤوسون الى تخفيض األهداف الموازنية‬
‫لزيادة فرص تحقيقها‪.‬‬

‫أخيرا‪ ،‬يبدو أنه في كل مؤسسة‪ ،‬وفي كل مرحلة معينة‪ ،‬هناك دور مهيمن للموازنة‪ ،‬أما بالنسبة لبعض‬
‫المؤسسات الكبيرة فقد تحول هذا الدور المهيمن من التخطيط إلى المساءلة‪ ،‬وهو ما جعل صراعات كثيرة‬
‫تدور حول هذا الدور‪ ،‬وجعل البعض أيضا يرفضون الموازنة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Berland Nicolas, « A quoi sert le contrôle budgétaire ? », Finance Contrôle Stratégie, Vol 2, n°3, 1999, P6.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ekholm Bo-Goran, Wallin Jan, « Is the annual budget really dead? », The european accounting review, Vol‬‬
‫‪9, n°4, 2000, P529.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Gignon-Marconnet Isabbelle, « Les rôles actuels de la gestion budgétaire en France : une confrontation des‬‬
‫‪perceptions de professionnels avec la littérature », Comptabilité-Contrôle-Audit, Vol 9, n°1, 2003, P 54.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Bouquin Henri, Kuszla Catherine , (2014), Op cit, P442.‬‬

‫‪127‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الرقابة على الموازنة‬

‫عندما تضع المؤسسة نظاما للموازنات فان متابعة هذه الموازنات تكون ضرورية‪ ،‬إذ بدونها ال يصبح هناك‬
‫أي معنى لهذا النظام‪ ،‬فالرقابة على الموازنة هي طريقة تسمح بتقريب التنبؤات الموازنية والنتائج الحقيقية‬
‫لنشاط المؤسسة‪ ،‬ألنها تتيح فرص مالحظة أنماط االنحرافات واتخاذ االجراءات التصحيحية المتعلقة بالموارد‬
‫المخصصة أو األهداف المحددة‪ ،‬كما تساعد كذلك في قيادة المؤسسة وتعزيز مهارات اتخاذ القرار بالنسبة‬
‫للمسؤولين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األهداف األساسية للرقابة الموازنية‬

‫تسمح الرقابة الموازنية بتحقيق أهداف مختلفة تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬اعالم مختلف مستويات التسلسل الهرمي‪ ،‬حتى يتسنى لكل مسؤول تقييم وضعيته مقارنة مع األهداف‬
‫المسطرة بصورة دورية‪.‬‬

‫‪ -2‬البحث في أسباب االنحرافات‪ :‬والسؤال الرئيسي الذي يجب االجابة عنه‪ :‬هل سبب االنحراف ناتج عن‬
‫تغيير في المحيط والفرضيات التي وضعت على أساسها الموازنة؟ أو السبب هو داخلي راجع لتدهور األداء؟‬

‫‪ -3‬تحديد وتطبيق االجراءات التصحيحية التي تعتبر ضرورية‪.‬‬

‫‪ -4‬تقييم أداء المسؤولين والوحدات المكلفين بتسييرها‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫يمكن للرقابة الموازنية أن تتم على مستويات مختلفة‪:‬‬

‫‪ -1‬فاإلدارة العامة تهتم بالوضعية المالية الخاصة بحساب النتائج المحققة لتقييم أداء المؤسسة مقارنة مع‬
‫األهداف المالية للسنة الجارية‪.‬‬

‫‪ -2‬عند وجود انحراف كبير بين حساب النتائج التقديري وحساب النتائج الحقيقي فان ذلك يرجع ألسباب‬
‫متعددة يمكن لها أن تشرح االنحرافات وأن تجد مصدرها إما في التغيرات غير المتوقعة للمحيط أو في‬
‫تدهور األداء لمركز أو مجموعة مراكز من المؤسسة‪.‬‬

‫‪ -3‬يمكن أن يرجع تدهور األداء لما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬تراجع في رقم األعمال الكلي للمؤسسة بسبب انخفاض محسوس في الحجم و‪/‬أو أسعار البيع و‪/‬أو‬
‫تغيير في مزيج المبيعات بين المنتجات المرتفعة السعر والمنتجات المنخفضة السعر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- De Rongé Yves, Cerrada Karine, Contrôle de gestion, 2e Edition, Pearson, France, 2008, P153.‬‬

‫‪128‬‬
‫ب‪ -‬و‪/‬أو انزالق في تكاليف المؤسسة‪ ،‬ويمكن تفسير ذلك من خالل زيادة في تكلفة المواد المستهلكة‬
‫بسبب تغير استهالك المواد و‪/‬أو تغيير في تكوين المواد المستهلكة‪.‬‬

‫ج‪ -‬و‪/‬أو تغيير جوهري في الظروف االقتصادية بسبب الصدمات الخارجية ذات الطبيعة المختلفة كما‬
‫هو الحال في الهجوم الذي وقع في ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،2001‬أو األزمة المالية اآلسيوية في عام ‪ 1997‬والتي‬
‫أثرت على تنبؤات الموازنات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تحليل االنحرافات‬

‫يعد تحليل االنحرافات قلب مسار الرقابة الموازنية وهو أداة مرجعية لممارسة الرقابة على النتائج‪ ،‬وتسمح‬
‫‪1‬‬
‫المقارنة الدورية بين األهداف الموازنية والنتائج الحقيقية بتحقيق هدف مزدوج‪:‬‬

‫‪ -1‬هدف تحديد المسؤوليات‪ :‬أي تحديد من المسؤول عن االنحراف؟‬

‫‪ -2‬هدف القيادة‪ :‬أي تحديد موقع االنحراف الذي يسمح باتخاذ االجراءات التصحيحية من أجل تحقيق‬
‫األهداف المسطرة‪.‬‬

‫وبشكل عام يسمح تحليل االنحرافات بالتمييز بين ثالثة أنواع من االنحرافات في المؤسسة‪:‬‬

‫‪ -1‬االنحرافات في الكمية التي تعكس مشاكل في المردودية واإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ -2‬االنحرافات في السعر التي تحدد غالبا عن طريق المحيط الخارجي للمؤسسة‪.‬‬

‫‪ -3‬االنحرافات الناتجة عن التغييرات في استخدام طاقتها المتاحة التي يمكن أن تنشأ إما عن المحيط‬
‫الخارجي للمؤسسة أو عن المؤسسة في حد ذاتها‪.‬‬

‫في الواقع ال يوجد مفر من االنحرافات لذلك من المهم تحديد االنحرافات المهمة التي تعكس اختالل حقيقي‬
‫في أداء المؤسسة‪ ،‬فعلى أساس الحوار مع المسؤولين العمليين سيعمل مراقب التسيير على مساعدة هؤالء‬
‫المسؤولين للتركيز على االنحرافات ذات الداللة وعلى المشاكل التي تستحق رد فعل منهم وذلك من خالل‬
‫وضع نظام تنبيه‪ ،‬وتؤدي هذه الطريقة الى "تسيير باالستثناء" أين ال يتصرف المسؤول إال على أساس‬
‫االنحرافات ذات الداللة فقط التي تحدد من خالل تحليل االنحرافات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- De Rongé Yves, Cerrada Karine, Op cit, p155.‬‬

‫‪129‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬موازنة المؤسسات الصحية‬
‫تعتبر الموازنات التقديرية بأنواعها المختلفة األسلوب األكثر شيوعا واستخداما في المؤسسات الصحية ومع‬
‫أن الموازنات هي خطط تترجم وتوضح األنشطة المتوقعة للمؤسسة أو ألي نشاط بأسلوب رقمي لفترة زمنية‬
‫محددة‪ ،‬فان استعمال الموازنة هو لغايات رقابية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريفها وطريقة وضعها‬

‫موازنة المؤسسة الصحية هي عبارة عن مجموع ثالثة أعمال إدارية متعاقبة‪ 1:‬فالعمل االداري األول هو‬
‫الذي يقوم من خالله المجلس اإلداري للمؤسسة الصحية‪ ،‬بعد استشارة اللجنة الطبية وباقتراح من المدير‬
‫ووفقا لتوجيهات السياسة العامة للمؤسسة والمهام الموكلة اليها بتحديد مجموع ايرادات ونفقات االستغالل‬
‫وكذا االستثمار لنشاط موازني ومحاسبي معين (السنة ن‪.)1+‬‬

‫وال يكون هذا العمل قابال للتنفيذ مباشرة ألنه يخضع لمراجعة قانونية من قبل الجهة الوصية (وزارة الصحة)‬
‫وقرار الجهة الوصية يأخذ شكل العمل االداري الثاني بحيث تحدد النفقات وااليرادات المسموح بها في‬
‫صورتها النهائية‪.‬‬

‫وأخي ار يتم اتخاذ الفعل االداري الثالث مباشرة من طرف مدير المؤسسة الصحية‪ ،‬بحيث يجيز النفقات‬
‫واإليرادات وفقا للمواد المخصصة للمؤسسة‪.‬‬

‫هناك عدة أنواع من الموازنات في المؤسسات الصحية مثل موازنة الرواتب واألجور‪ ،‬موازنة النفقات‬
‫التشغيلية‪ ،‬موازنة العمل االضافي‪ ،‬موازنة المواد‪ ،‬موازنة الصيانة وغيرها من الموازنات التي تحدد التكاليف‬
‫والنفقات في المؤسسة‪ ،‬ونظ ار ألن مثل هذه الموازنات مترجمة بأسلوب رقمي محدد فإنها تستعمل كمعايير‬
‫لمقارنة االنجازات بها ومن ثم اتخاذ االجراء التصحيحي اذا استلزم األمر‪ ،‬فعلى سبيل المثال تشير موازنة‬
‫العمل االضافي للممرضات الى مجموع ساعات العمل االضافية الالزمة خالل فترة زمنية محددة لتحقيق‬
‫مستوى معين من النتائج‪ ،‬فعند زيادة ساعات العمل االضافي عما هو محدد لها في الموازنة يمكن اتخاذ‬
‫االجراء التصحيحي المطلوب بعد معرفة السبب المسؤول عن هذه الزيادة‪ ،‬فقد يكون هو زيادة أعباء العمل‬
‫التمريضي عما هو مقدر في الموازنة‪ ،‬وقد يكون السبب هو غياب عدد من الممرضات عن العمل مما‬
‫اضطر ادارة التمريض الى تعويض ذلك عن طريق زيادة ساعات العمل اإلضافي‪.‬‬

‫وبعد تحديد السبب الحقيقي لالنحراف يمكن لإلدارة اتخاذ ما تراه مناسبا من اجراءات تصحيحية كأن تلجأ‬
‫الى استخدام عدد أكبر من الممرضات‪ ،‬وقد ترى االدارة من زاوية تحليل التكلفة‪/‬العائد زيادة الوقت االضافي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Forcioli Pascal, Le budget de l’hopital, Masson, Paris, 1999, P45.‬‬

‫‪130‬‬
‫المسموح به بشكل مؤقت أثناء المواسم التي تزيد فيها أعباء خدمات التمريض بدال من توظيف أعداد جديدة‬
‫من الممرضات‪.‬‬

‫وكذلك األمر بالنسبة للموازنات األخرى حيث تستعمل كمعايير محددة يقاس عليها االنجاز الفعلي‪ ،‬ان مثل‬
‫هذه الموازنات تسهل مقارنة النتائج مع المعايير وتسهل تحديد السبب إذا كان هناك انحراف ما‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة الموازنية للمؤسسات الصحية‬

‫أمر ضروريا ليس فقط إلرضاء وتوفير المعلومات للجهة الوصية‪ ،‬ولكن لمعرفة وجهة‬
‫تعد الرقابة الموازنية ا‬
‫‪1‬‬
‫النظر الداخلية للمؤسسة الصحية‪ ،‬وما هو سبب المشاكل الموجودة والحلول الممكنة لها‪.‬‬

‫وتقوم جميع المؤسسات الصحية وبالذات مراكز المسؤولية بتطبيق وممارسة ما يعرف بمتابعة النفقات‬
‫وتستخدم هذه المعلومات لدعم "اإلبالغ" والتواصل مع الطاقم الطبي حول التطورات الحالية وأسبابها وتحديد‬
‫اإلجراءات اإلدارية الالزمة‪.‬‬

‫فوثائق الرقابة الموازنية تسمح فقط بإظهار النفقات من طرف المراكز المسؤولة‪ ،‬إذ يتم إضفاء الطابع‬
‫الرسمي لهذه الرقابة من خالل المقابالت‪ :‬حيث تتم مراقبة كل مركز على األقل أربع مرات في السنة أو‬
‫أكثر إذا كان يواجه صعوبات خاصة‪ .‬وغالبا ما تفتقر المستشفيات إلى وضع لوحة القيادة الموازنية للمدير‬
‫والتفكير في بعض منها يسمح بتصور أدوات سهلة بما فيه الكفاية إلصالح المشاكل التي تتطلب إجراء‬
‫تصحيحي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫فعلى سبيل المثال يمكن لوثيقة شهرية أن تحدد التكاليف المحاسبية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أعباء الموظفين‬
‫‪ -‬أعباء الطعام‬
‫‪ -‬األعباء الطبية‬
‫‪ -‬أعباء الصيانة‬
‫تسمح هذه المعلومات من خالل مقارنتها بالتنبؤات السنوية بالكشف عن األخطاء التي تتطلب اتخاذ إجراءات‬
‫تصحيحية‪ :‬توظيف العمال‪ ،‬تخفيض المخزون‪ ،‬مراجعة قوائم الطعام‪ ،‬تخفيض او تسريع برامج المقابالت‪...‬‬
‫ال يمكن للموازنات أن تكون المحور الوحيد التخاذ القرار بالمؤسسات الصحية‪ ،‬لكنها تشكل الحد األدنى‬
‫المطلوب قانونيا والواجب توفيره لمراقبة التسيير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cauvin Cristian, Coyaud Catherine, Gestion hospitalière : inance et contrôle de gestion, Economica, Paris‬‬
‫‪1999, P230.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid, P231‬‬

‫‪131‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬لوحة القيادة كنظام لقيادة األداء‬

‫لوحة القيادة هي إحدى األدوات األساسية لمراقبة التسيير‪ ،‬وهي تنتمي إلى نظام المعلومات التسييري الكلي‬
‫للمؤسسة بحيث تساعد على توفير أهم المعلومات الخاصة بمختلف نشاطات المؤسسة‪ ،‬كما تضمن تقديم‬
‫المعلومات المرتدة عن تحقيق األهداف ليتم تفسيرها وتصحيحها وهي بهذا تعتبر من أهم األدوات المساعدة‬
‫على اتخاذ القرار‪ ،‬وهذا ما سنتعرف عليه من خالل هذا المبحث‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفاهيم أساسية حول لوحات القيادة‬


‫سنحاول فيما يلي تحديد المفاهيم واألدوار الرئيسية لهذه األداة اإلدارية في المؤسسات‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف والتقييم‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬لوحة القيادة هي مجموعة من المؤشرات المختارة والمصممة من أجل السماح للمسير بـ‪:‬‬
‫‪ -‬إعطاء قياسات للمتغيرات األساسية التي تعتبر حاسمة في مسار تحقيق األهداف؛‬
‫‪ -‬متابعة اإلجراءات المنفذة لتحقيق األهداف؛‬
‫‪ -‬تقييم أداءات المؤسسة أو قطاع المؤسسة بالمقارنة مع األهداف المحددة مسبقا من طرف نظام التسيير‪.‬‬
‫‪ ‬لوحة القيادة‪ :‬هي مجموعة من المؤشرات المجمعة لضمان تقديم عرض مقروء وقابل للترجمة مع‬
‫‪2‬‬
‫تواتر منتظم ومكيف الحتياجات القيادة‪.‬‬
‫‪ ‬لوحة القيادة هي مجموعة من المؤشرات المختارة والمصممة للسماح للمسير أن يكون على علم‬
‫باألداء السابق والحاضر لألنشطة التي تدخل ضمن حقل مسؤولياته‪ ،‬واألحداث التي يمكن أن تؤثر‬
‫‪3‬‬
‫على هذا األداء في المستقبل‪.‬‬
‫‪ ‬لوحة القيادة هي أحد مكونات نظم المعلومات للمؤسسة الذي يزود المسئولين بالمعلومات التي من‬
‫‪4‬‬
‫شأنها تسهيل عملية صنع القرار‪.‬‬
‫‪ ‬لوحة القيادة هي أداة تلخيصية تسمح باستمرار باجراء أسرع تحديث ممكن وذلك بمعرفة المعطيات‬
‫‪5‬‬
‫األساسية للنشاط على المدى القصير ومراقبة المسؤوليات المفوضة‪.‬‬

‫من خالل التعاريف المختلفة والمعروضة أعاله نستنتج ما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gray Jack, Pecqueux Yvon, « Evolutions actuelles des systèmes de tableau de bord-Comparaison des‬‬
‫‪pratiques de quelques multinationales amiricaines et francaises », Revue Francaise de Comptabilité, n° 242‬‬
‫‪1993, P62.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Lorino Philippe, Méthode et pratique de la performance, édition d’organisation, 2e Edition, 1997, P244.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Germain Christophe, « Une typologie des tableaux de bord implanté dans les petites et moyennes‬‬
‫‪entreprise », Finance Contrôle Stratégie, Vol 8, n° 3, 2005, P131.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Messier Sylvie et al, Comptabilité et gestion des organisations, Hachette, Paris, 2006, P193.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Coucoureux Michel, Cuyaubère Thierry, Muller Jacques, Contrôle de gestion manuel et applications, Nathan‬‬
‫‪paris, 2007, P260.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ -‬لوحة القيادة ليست مجرد وثيقة معلومات بل أداة عمل حقيقية تسمح بالتصحيح الذاتي واالتصال بين‬
‫مختلف المراكز؛‬
‫‪ -‬هي أداة لمتابعة نشاط المؤسسة بصورة دقيقة ومستمرة؛‬
‫‪ -‬تمثل لوحة القيادة بالنسبة لكل مركز مسؤولية فرصة لتحسين فعاليته وقدرته على التكيف‪ ،‬كما تسمح‬
‫بتعزيز المساءلة؛‬
‫‪ -‬تمثل لوحة القيادة بالنسبة إلدارة المؤسسة وسيلة أو أداة لتحسين السيطرة على وضعية وحداتها المختلفة‬
‫وكذلك لفهم أفضل لمختلف النتائج الكمية والنوعية؛‬
‫‪ -‬يجب أن تحتوي لوحة القيادة على عدد محدود من المؤشرات حتى تكون قراءتها متاحة لكل شخص‬
‫مهتم‪ ،‬لذلك يجب أن تكون مقدمة إما في شكل جداول رقمية أو رسوم بيانية (أعمدة بيانية أو دوائر‪...‬الخ)؛‬
‫‪ -‬لوحة القيادة هي أداة لتحسين االتصال الداخلي ألنها تسمح بتحكم أفضل في المعلومات وتصور أكثر‬
‫واقعية لما يجري في مختلف مراكز المسؤولية‪ ،‬وكذلك تقديم رؤية موضوعية ومفهومة للجميع حول وضعية‬
‫أو حالة معينة للتوصل إلى نفس المعلومة؛‬
‫‪ -‬لوحة القيادة هي أداة لتنشيط مراكز المسؤولية ألنها تسمح بتسيير أكثر تشاركية؛‬
‫‪ -‬لوحة القيادة هي أداة للتقييم ألنها تسمح بتكملة الجانب المالي بإضافة البعد النوعي‪ ،‬وتسهيل تخصيص‬
‫الموارد‪ ،‬وكذا تسهيل تحديد األهداف النوعية‪.‬‬
‫وفي األخير يمكننا تعريف لوحة القيادة على أنها "مجموعة من المؤشرات األساسية لقيادة كل مؤسسة‬
‫ألنها تسمح بسيطرة أفضل على أنشطتها وزيادة فعاليتها من خالل السماح للمسؤولين بالحد من ظاهرة‬
‫عدم التأكد وتسهيل صنع القرار"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المستويات الثالث للوحة القيادة‬


‫يستند تصميم لوحة القيادة داخل المؤسسة على هيكلها التنظيمي ويجب ان تعكس طرق االتصال وتدفق‬
‫المعلومات التي تنحدر كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تدفق تنازلي‪ :‬هذه المعلومات تتعلق بتفويض السلطة‪.‬‬
‫‪ -‬تدفق تصاعدي‪ :‬تسمح هذه المعلومات للمسؤولين بشرح واعطاء حوصلة حول المسؤولية المفوضة إليهم‪.‬‬
‫‪ -‬تدفق أفقي‪ :‬هذه المعلومات موجهة للمسؤولين التابعين لنفس المستوى الهرمي وتسمح لهم بتنسيق أعمالهم‪.‬‬

‫لهذا السبب تستعمل المؤسسة عدة لوحات قيادة‪ ،‬ومن المناسب هنا أن نتكلم عن نظام لوحات القيادة الذي‬
‫ينقسم إلى ‪ 3‬مستويات‪:‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ -1‬المستوى االستراتيجي‪ :‬لوحة القيادة االستراتيجية‬
‫تسمح لوحة القيادة االستراتيجية للفريق اإلداري برصد تحقيق األهداف االستراتيجية‪ ،‬وتسمح بمتابعة تنفيذ‬
‫األهداف االستراتيجية في كل مستوى من مستويات المؤسسة‪.‬‬
‫يستخدم هذا النوع من لوحات القيادة لتسيير المؤسسة‪ ،‬ليس للتحليل أو التنفيذ ولكن لإلبالغ أو التنبيه‪.‬‬
‫ويجب أن تتضمن لوحة القيادة االستراتيجية مؤشرات األداء المفتاحية ‪ 1 KPI‬االستراتيجية مع األهداف‬
‫وعتبات لألداء الجيد والسيء‪ ،‬وذلك لتمكين المسؤولين من التسيير الفعال لهذه االستراتيجية‪ ،‬وهي تسمح‬
‫على سبيل المثال بـ‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم لمحة عامة حول أداء المؤسسة؛‬
‫‪ -‬مقارنة الفترة السابقة؛‬
‫‪ -‬التأكد من أن األهداف قد تحققت؛‬
‫‪ -‬تحديد الحاالت الشاذة التي وقعت خالل الفترة وبالتالي فهي تسمح للفريق اإلداري بتقييم أداء‬
‫المؤسسة وتحديد المعلومات الرئيسية للقيادة الجيدة‪.‬‬

‫‪ -2‬المستوى التكتيكي‪ :‬لوحة المتابعة‬


‫وهي مصممة لمسؤولي الفرق وتسمح لوحة المتابعة بحوصلة تطور األداء‪ ،‬وهي تساعد على معرفة ما‬
‫يجري وعلى التحاور حول التقدم والنجاح المحقق‪ ،‬كما تسمع بضمان عمل متتبع أو مراقب‪.‬‬
‫تسمح لوحة المتابعة بمساعدة المسؤولين على متابعة وتحليل نشاطات األقسام أو المراكز‪ ،‬المسارات أو‬
‫المشاريع‪ ،‬ويمكن تحديثها بوتيرة أسبوعية أو شهرية وليس بشكل متكرر مثلما هو بالنسبة لوحة القيادة‬
‫التنفيذية‪ ،‬كما تسمح للمسؤولين بتحديد مشاكل أو أسباب قصور األداء (لمذا؟) واستكشاف مجموعة أوسع‬
‫من البيانات للمساعدة في تحديد التعديالت الالزمة‪ ،‬فهي تسمح على سبيل المثال بـ‪:‬‬
‫‪ -‬مساعدة المسؤولين على معرفة ما يحدث؛‬

‫‪ -‬التأكيد على أهمية المركز أو المشروع بالنسبة لإلدارة؛‬

‫‪ -‬البحث عن أسباب التطورات غير الطبيعة من أجل تحسين نتائج الفترة الموالية‪.‬‬

‫‪ -3‬المستوى العملي ‪ :‬لوحة األداء‬


‫وهي مخصصة للفرق التنفيذية‪ ،‬ألنها تقدم وضعية األداء وتركز على النشاط وكيفية تحسينه‪ ،‬فهي تهدف‬
‫إلى الكشف عن النقاط التي تسمح بتحسين األداء وذلك من خالل السماح للعاملين في الخطوط األمامية‬
‫والمشرفين بمتابعة المسارات األساسية للتنفيذ (المتابعة أمر ضروري في نشاطاتهم)‪ ،‬تسمح هذه اللوحات‬

‫‪ - 1‬مؤشرات األداء المفتاحية )‪ (Key performance indicateur‬هي مؤشرات خاصة تسمح بقياس التقدم المحقق و‪/‬أو المراد تحقيقه من أجل‬
‫التمكن من تحقيق الهدف االستراتيجي فعشرة من هذه المؤشرات يبدو كافيا لفهم سلوك ونشاط المؤسسة والتمكن من اتخاذ القرارات الالزمة‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫بتزويد أعضاء الفرق التنفيذية بالرؤية الفورية لقيم مؤشرات األداء المفتاحية ‪ KPI‬التنفيذية‪ ،‬وهي تكشف عن‬
‫الفرص المتاحة وتعزز سرعة اتخاذ اإلجراءات التصحيحية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طريقة تصميم لوحة القيادة ووضعها حيز التنفيذ‬


‫في كثير من األحيان تعرف لوحات القيادة بمجموعة من المؤشرات في حين أن هذه األخيرة ال تشكل سوى‬
‫التوضيح البياني للتحاليل والمفاهيم المنفذة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تصميم لوحة القيادة‬


‫‪ -1‬الخطوات األولية‪ :‬يستند تصميم لوحة القيادة على التمفصل الموجود بين األهداف – متغي ارت النشاط‬
‫‪1‬‬
‫– مخطط النشاط والمسمى من قبل بعض الباحثين بطريقة "‪"Ovar‬‬
‫‪2‬‬
‫تعتمد هذه الطريقة على ثالث خطوات رئيسية ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال تحديد الهدف األساسي الواجب تحقيقه؛‬
‫‪ -‬ثم في خطوة ثانية‪ ،‬البحث عن العوامل األساسية للنجاح )‪ (FCS‬التي تساعد على تحقيق هذا الهدف‬
‫مع العلم أن عامال واحدا يمكن أن يؤثر على عدة أهداف مختلفة؛‬
‫‪ -‬وأخي ار تحديد مخططات النشاط الموافقة لكل عامل نجاح من أجل تحقيق الهدف األساسي الذي تم‬
‫تحديده‪.‬‬
‫والشكل الموالي يسمح بتوضيع هذه الخطوات‪:‬‬

‫‪ -1‬طريقة "‪ "Ovar‬هي الخطوات التي تسمح بتصميم لوحة القيادة وقد تم وضعها من قبل فيرق باحثين من مجمع ‪. HEC‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Dayan Armand, Op cit, p 851.‬‬

‫‪135‬‬
‫الشكل رقم ‪ :5.3‬خطوات تصميم لوحة القيادة حسب طريقة ‪Ovar‬‬

‫‪FCS 1‬‬ ‫‪FCS 2‬‬

‫مخطط النشاط‬ ‫مخطط النشاط‬

‫الهدف ‪1‬‬

‫مخطط النشاط‬ ‫‪FCS 3‬‬


‫مخطط النشاط‬
‫‪d’action‬‬

‫مخطط النشاط‬
‫‪FCS 4‬‬ ‫‪d’action‬‬

‫مخطط النشاط‬ ‫الهدف ‪2‬‬

‫المصدر‪Dayan Armand, Op cit, P851 :‬‬

‫حيث تصف األهداف المهمة المراد تحقيقها‪ ،‬أما العوامل األساسية للنجاح فهي عوامل تفسيرية هامة لنجاح‬
‫أو فشل المؤسسة‪ 1‬لذلك يجب أن تكون هذه العوامل متالئمة مع األهداف المراد تحقيقها‪ ،‬وأخي ار يجب أن‬
‫تسمح مخططات النشاط باإلجابة عن األسئلة التالية‪ :‬من؟ متى؟ مذا؟ وكيف؟‬

‫‪ -2‬المؤشرات‪ :‬المؤشر هو معلومة رقمية ممثلة في شكل وحدات مختلفة للمساعدة على اتخاذ القرارات‪.2‬‬
‫ينبغي أن تركز المؤشرات على األهداف‪ ،‬المتغيرات األساسية ومخططات النشاط‪ ،‬ومن الممكن أن يكون‬
‫‪3‬‬
‫هناك عدة مؤشرات لمتغير أو هدف واحد‪:‬‬

‫‪ ‬المؤشرات المتعلقة باألهداف‪ :‬إن األمر األساسي في لوحة القيادة هو متابعة التقدم نحو األهداف‬
‫المحددة خالل الفترة المعنية‪ ،‬لذلك نبدأ في مرحلة أولية باختيار المؤشرات المتعلقة باألهداف بدون "تقشف"‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouquin Henri, Le contrôle de gestion, presse universitaires de France, Paris, 4e, 1998, P81.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Berland Nicolas, De Rangé Yves, Op cit, P424.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Loning Helène, Op cit, 2003, P147.‬‬

‫‪136‬‬
‫فالمهم هو التمكن من المتابعة الجيدة لتحقق أهداف المؤسسة‪ ،‬ولذلك يجب إضافة مؤشرات أخرى لمؤشرات‬
‫متابعة األهداف أو المسماة كذلك بمؤشرات النتائج للتمكن من تتبع تطورها ‪.‬‬
‫‪ ‬المؤشرات المتعلقة بمتغيرات النشاط ومخططات النشاط‪ :‬بعدما يتم اختيار المؤشرات الخاصة‬
‫باألهداف يجب القيام بنفس العمل بالنسبة لمتغيرات النشاط وفي هذه المرحلة يمكن تقليص لوحة القيادة إلى‬
‫حجم معقول‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تطبيق لوحة القيادة في المؤسسة‬

‫يوضح الشكل أدناه في "الجزء أ" منه الخطوة األولى لتطبيق لوحات القيادة وهي تشكل التحليل األولي‬
‫األساسي لبناء لوحات القيادة المالئمة‪ ،‬فهي تتضمن صياغة استراتيجية المؤسسة وتحديد األدوار التي يجب‬
‫على كل واحد فيها احترامها للتمكن من تنفيذ هذه االستراتيجية (رسم خريطة المسؤوليات)‪ ،‬تسمح هذه‬
‫الخطوة بضمان انسجام لوحات القيادة الخاصة بالمسؤولين مع استراتيجية المؤسسة من جهة‪ ،‬ومع بعضها‬
‫البعض من جهة أخرى‪.‬‬

‫أما "الجزء ب" من الشكل فهو يمثل الخطوة الثانية لتصميم لوحات القيادة وهي تمثل الطريقة الدقيقة لبناء‬
‫لوحات القيادة وذلك باالعتماد على الهيكل التنظيمي للمؤسسة‪ ،‬فبمجرد تحديد أدوار المسؤولين من الضروري‬
‫على هؤالء وضع مخططات النشاط التي سيلتزمون بها واختيار المؤشرات األنسب التي تمكنهم من متابعة‬
‫هذه المخططات‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫الشكل رقم ‪ :6.3‬تطبيق لوحة القيادة في المؤسسة‬

‫أ‪ -‬وضع االستراتيجية وخريطة المسؤوليات‬

‫نقاط القوة والضعف‬ ‫تحليل المحيط‬


‫للمؤسسة‬
‫االستراتيجية ‪ /‬المهام‬

‫األهداف‬

‫المتغيرات األساسية‬

‫مخططات النشاط‬

‫المسؤوليات‬

‫ب‪ -‬بنـاء لـوحة القيادة من طرف الـمـسؤوليـن‬

‫األهداف‬ ‫األهداف‬ ‫األهداف‬

‫المتغيرات األساسية‬ ‫المتغيرات األساسية‬ ‫المتغيرات األساسية‬

‫مخططات النشاط‬ ‫مخططات النشاط‬ ‫مخططات النشاط‬

‫المؤشرات‬ ‫المؤشرات‬ ‫المؤشرات‬

‫المصدر‪Dayan Armand , Op cit, p853 :‬‬

‫تعد لوحة القيادة بالدرجة األولى أداة لقيادة المؤسسة ومساعدة المسؤولين في كل المستويات‪ ،‬كما يمكن‬
‫أيضا أن تكون أداة لإلبالغ‪ ،‬والتطبيق الناجح للوحة القيادة ال يتطلب فقط االنسجام العام‪ ،‬ولكن أيضا قد ار‬
‫معينا من الحرية الممنوحة لكل مركز من مراكز المسؤولية لتحديد كيفية تحقيق األهداف االستراتيجية‬
‫للمؤسسة‪ ،‬كما أن تطبيق لوحة القيادة غالبا ما يكون فرصة للفريق لمناقشة شروط تنفيذ االستراتيجية‪ ،‬وفي‬

‫‪138‬‬
‫نهاية المطاف لتبادل أفضل لرؤية استراتيجية مشتركة‪ ،‬وقد تكون هناك فرصة لتواصل بعض األهداف‬
‫الفردية مع أهداف أوسع‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬بطاقة األداء المتوازن‬

‫جاءت بطاقة األداء المتوازن )‪ (Balanced scorecard‬كرد لـ "فقدان المالءمة" لنظام مراقبة التسيير مع‬
‫نهاية التسعينات‪ ،1‬وكان السبب في فقدان هذه المالءمة‪ ،‬هو التركيز في قياس األداء على الجوانب المالية‪.‬‬

‫ويرجع انفراد وأصالة بطاقة األداء المتوازن حسب مناصريها إلى مبدأين رئيسيين‪ :‬الطابع المتعدد األبعاد‬
‫لألداء‪ ،‬حيث يقاس باالعتماد على مجموعة من المؤشرات مقسمة الى أربعة منظورات (المالي‪ ،‬الزبائن‬
‫‪2‬‬
‫المسارات الداخلية‪ ،‬االبتكار والتعلم)‪ ،‬ووجود نموذج ضمني يربط هذه المؤشرات المختلفة فيما بينها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف وأهداف بطاقة األداء المتوازن‬

‫وفقا لـ ‪ Kaplan‬و‪ ..." Norton‬بطاقة األداء المتوازن هي إطار جديد يسمح بإدماج المؤشرات‬
‫االستراتيجية‪ ،‬وتقترح باإلضافة إلى المؤشرات المالية لألداء السابق محددات لألداء المستقبلي‪ ،‬هذه‬
‫المحددات تتعلق بالعمالء والمسارات الداخلية والتعلم التنظيمي‪ ،‬وتعتمد على الترجمة الواضحة والصارمة‬
‫‪3‬‬
‫من االستراتيجية إلى أهداف ومؤشرات محددة ‪" ...‬‬
‫‪4‬‬
‫وحسب ‪" Pandy‬بطاقة األداء المتوازن هي مجموعة من المؤشرات المالية وغير المالية الموحدة في ورقة‪".‬‬

‫من خالل هذين التعريفين نستنتج أن بطاقة األداء المتوازن ليست مجرد نظام جديد للقياس انما أيضا العمود‬
‫الفقري لمسار التسيير ككل‪ ،‬واالتقان الجيد لهذا النظام من القيادة من قبل المؤسسات سيسمح لهم بـ‪:‬‬

‫‪ -‬توضيح االستراتيجية وبناء توافق في اآلراء حولها؛‬


‫‪ -‬نشر المعلومات على جميع مستويات المؤسسة؛‬
‫‪ -‬توافق أهداف الوحدات واألعضاء مع االستراتيجية العامة؛‬
‫‪ -‬ربط النوايا االستراتيجية مع األهداف الطويلة األجل والموازنات السنوية؛‬
‫‪ -‬تحديد وانسجام المبادرات االستراتيجية؛‬
‫‪ -‬تقديم دوري ومنتظم للتقييمات االستراتيجية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫»‪- Méric Jérome, «L’émergence d’une discours de l’innovation managériale-le cas du Balanced Scorecard-‬‬
‫‪Comptabilité-Contrôle-Audit, Numéro spéciale, Mai 2003, P135.‬‬
‫‪2‬‬
‫» ‪- Ponssard Jean-Pierre, Saulpic Olivier, « Une reformulation de l’approche dite du « BalancedScorecard‬‬
‫‪Comptabilité - Contrôle - Audit, Tome 6, vol 1, 2000, P8.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Kaplan Robert S, Norton David P, Le tableau de bord prospectif : pilotage stratégique, les 4 axes de succés‬‬
‫‪Edition d’organisation, Paris, 1996, P31.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Pandy I M, Balanced Scorecard : myth and reality, VIKALPA, Vol 30, n° 1, 2005, P54 .‬‬

‫‪139‬‬
‫وقد تم ترجمة فكرة " بطاقة األداء المتوازن " الخاصة بـ ‪ Kaplan‬و‪ Norton‬والتي يقصد بها "دفتر‬
‫المالحظات المتوازن ‪ "Carnet de note équilibré‬في األدب الفرنسي إلى العديد من التعابير‪:‬‬

‫‪ -1‬لوحة القيادة المتوازنة )‪ :(Le tableau de bord équilibré‬وتأتي هذه التسمية من المشكل الرئيسي‬
‫إلعادة التوازن للمنهج التقليدي لألداء‪ ،‬وذلك بإضافة ثالث محاور أخرى لمحور األداء المالي (الربحية‬
‫والقيمة المضافة‪ )...‬وهي‪ :‬الزبائن‪ ،‬المسارات الداخلية والتعلم‪ .‬وحسب ‪ Kaplan‬و‪ Norton‬فان بطاقة‬
‫‪1‬‬
‫األداء المتوازن تسمح بتوفير التوازنات التالية‪:‬‬

‫أ‪ -‬التوازن في عدد المؤشرات للمحاور األربعة؛‬


‫ب‪ -‬التوازن بين المؤشرات الخارجية المتعلقة بالمساهمين والزبائن‪ ،‬والمؤشرات الداخلية المتعلقة بالمسارات‬
‫األساسية‪ ،‬االبتكار‪ ،‬تطوير الكفاءات والنمو؛‬
‫ج‪ -‬التوازن بين مؤشرات النتائج (األداء السابق) والمؤشرات التي تسمح بمتابعة محددات األداء المستقبلي؛‬
‫د‪ -‬التوازن بين مؤشرات المقاييس الموضوعية والكمية‪ ،‬والتي تعكس نتائج وتدابير أكثر ذاتية كمحددات‬
‫الجودة‪ ،‬والتي تدعى على التوالي من قبل بعض الكتاب األنجلوساكسونيين "‪."Hard, Soft‬‬
‫‪ -2‬لوحة القيادة التنبئية )‪ :(Le tableau de bord prospectif‬وترجع هذه الخاصية لسببين رئيسيين‪:‬‬

‫أ‪ -‬تسمح بطاقة األداء المتوازن بإعادة التوازن النسبي بين األهداف القصيرة األجل (مثل األداء المالي)‬
‫واألهداف طويلة األجل المتعلقة بمخططات المسيرين للمستقبل؛‬
‫ب‪ -‬في منطق بطاقة األداء المتوازن يتم الرجوع من اآلثار الى األسباب‪ ،‬على افتراض أن معالجة األسباب‬
‫(مثل التنظيم الداخلي) تحسن اآلثار في المستقبل (النتائج المالية‪ ،‬ارضاء احتياجات السكان المستهدفين‪)...‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ركائز نموذج ‪ Kaplan‬و‪ :Norton‬محاور األداء‬

‫من الواضح أن قيادة المؤسسة باالعتماد على المؤشرات المالية فقط غير ممكن في البيئة الحالية‪ ،‬هذا‬
‫اإلدراك هو الذي دفع كال من ‪ Kaplan‬و‪ Norton‬الى اقتراح رؤية متعددة األبعاد لألداء في أربعة محاور‬
‫‪2‬‬
‫هي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Kaplan Robert S, Norton David P, (1996), Op cit, P22.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Kaplan Robert S, Norton David P, « The Balanced Scorecard-measures that drive performance », Harvard‬‬
‫; ‪Business Review, Jannuary-February, (1992), P72‬‬
‫‪Kaplan Robert S, Norton David P « Transforming the Balanced Scorecard from performance measurment to‬‬
‫; ‪strategic management : part I », Accounting Horizon, Vol 15, n° 1, 2001, P90‬‬
‫‪Kaplan Robert S, Norton David P, Le tableau de bord prospectif, Edition d’organisation, Paris 2003, P38.‬‬

‫‪140‬‬
‫المحور المالي‪ :‬ماهي نظرة المساهمين الينا؟‬
‫محور الزبائن‪ :‬ماهي نظرة المستهلكين الينا؟‬
‫محور المسارات الداخلية‪ :‬أين يمكن أن نتفوق؟‬
‫محور التعلم التنظيمي‪ :‬هل باستطاعتنا االستمرار في التحسين وخلق القيمة؟‬
‫الشكل رقم ‪ :7.3‬العالقة التبادلية لبطاقة األداء المتوازن‬

‫المصدر ‪Kaplan Robert S, Norton David P, (2001), Op cit, P 91:‬‬


‫يرتبط كل محور من هذه المحاور مع المحور اآلخر بعالقات سببية‪ ،‬وتسمح هذه المحاور األربعة بتحقيق‬
‫توازن في قيادة األداء‪:‬‬

‫‪141‬‬
‫‪ -‬توازن بين المؤشرات‪ :‬المالية وغير المالية‪ ،‬النقدية والمادية‪ ،‬النوعية والكمية‪ ،‬مؤشرات النتائج ومؤشرات‬
‫المسارات‪ ،‬القبلية والبعدية‪ ،‬القصيرة األجل والطويلة األجل‪...‬‬

‫‪ -‬توازن وظيفي‪ :‬المالية‪ ،‬التسويق‪ ،‬تسيير االنتاج‪ ،‬تسيير الموارد البشرية‪...‬‬

‫‪ -‬توازن في االهتمام الممنوح لمختلف أصحاب المصلحة (المساهمين‪ ،‬الزبائن‪ ،‬األجراء‪ ،1)...‬كما تسمح‬
‫بتمثيل متوازن لألداء العام بالتركيز على رؤية واستراتيجية المسيرين والتي تعتبر نقطة البداية‪.‬‬

‫‪ -1‬المحور المالي‪ :‬يسمح هذا البعد بقياس ربحية االستراتيجية‪ ،‬باعتبار أن األرباح تمثل المحرك األساسي‬
‫للمبادرات االستراتيجية التي تمارسها المؤسسة‪ ،‬ويعتمد الجانب المالي على المردودية المحققة والمقاسة‬
‫بالربح التشغيلي الذي تحققه المؤسسة‪ ،‬وكذلك العائد على رأس المال الموظف‪ ،‬ومؤخ ار على القيمة‬
‫االقتصادية المضافة ألن استم ارريتها مرهون بالعوائد واألرباح المحققة‪.‬‬

‫‪ -2‬محور العمالء أو الزبائن‪ :‬يمكن للمسيرين بفضل هذا المحور تحديد قطاعات السوق المستهدفة وكذا‬
‫مؤشرات األداء الخاصة بهذه القطاعات والتي تعتمد عادة على‪:‬‬

‫‪ -‬حصة السوق‬
‫‪ -‬االحتفاظ بالزبائن‬
‫‪ -‬انضمام زبائن جدد‬
‫‪ -‬رضى الزبائن‬
‫‪ -‬المردودية حسب كل قطاع‬
‫ووفقا لـ ‪ Kaplan‬و‪ Norton‬تعكس هذه المؤشرات األهداف المتعلقة بأنشطة التسويق والمبيعات‪ ،‬اللوجستية‬
‫وتطوير المنتج والخدمة‪ ،‬ومع ذلك ال تزال تحتوي على المؤشرات المالية التي توفر المعلومات البعدية‪.‬‬
‫وللتغلب على هذا العيب تفرض بطاقة األداء المتوازن على المؤسسة القيام بتحليل دقيق لسوقها‪ ،‬والزبائن‬
‫المستهدفين ومسارات ضم زبائن جدد وارضائهم‪ ...‬وبالتالي تسمح األهداف والمؤشرات المستخدمة في هذا‬
‫المحور للمسيرين بتوفير أرقى الخدمات للزبائن المستهدفين‪.‬‬

‫‪ -3‬محور المسارات الداخلية‪ :‬يعمل المسيرون وفقا لهذا المحور على تحديد المسارات الداخلية األساسية‬
‫للمؤسسة لدعم كال من جانب الزبائن والجانب المالي أي‪:‬‬

‫‪ -‬تقديم الخدمة التي تجذب الزبائن وتحتفظ بهم في قطاعات السوق المستهدفة؛‬

‫‪1‬‬
‫‪- Messeghem Karim, Naro Gérald, Sammut Sylvie, « Construction d’un outil stratégique d’évaluation de‬‬
‫‪l’accompagnement à la création d’entreprise : apport du tableau de bord prospectif », Gestion 2000,n°2, 2010‬‬
‫‪P104.‬‬

‫‪142‬‬
‫‪ -‬ضمان المردودية المالية التي ينتظرها المساهمين‪.‬‬

‫وبالتالي يساعد هذا المحور على تحقيق رضى الزبائن واألهداف المالية للمؤسسة‪ ،‬ويدفع إلى تشجيع البحث‬
‫والتطوير لخلق منتجات وخدمات جديدة تساعد على غزو أسواق جديدة‪.‬‬

‫‪ -4‬محور التعلم التنظيمي‪ :‬يخص المحور الرابع لبطاقة األداء المتوازن البنى التحتية التي يجب وضعها‬
‫من طرف المؤسسة لتحسين األداء وتحقيق النمو على المدى الطويل‪ " .‬للمؤسسات حظوظ ضئيلة لتحقيق‬
‫أهدافها المتعلقة بعمالئها ومساراتها الداخلية باستخدام التكنولوجيات والقدرات الحالية‪ ،‬كما أن المنافسة‬
‫العالمية قد حسنت باستمرار قدرتها على تلبية توقعات الزبائن والمساهمين ‪ 1" ...‬يوضح هذا المقطع األهمية‬
‫التي يعطيها كل من ‪ Kaplan‬و ‪ Norton‬لمحور التعلم ‪،‬حيث ميزاه بأنه محور الوسائل التي تسمح بتحقيق‬
‫أهداف األداء المحددة في المحاور الثالثة السابقة‪ ،‬وتنقسم هذه الوسائل إلى ثالثة مكونات‪:‬‬

‫‪ -‬الرجال‪ :‬احتياطي الموظفين؛‬

‫‪ -‬النظم‪ :‬قدرات نظم المعلومات؛‬

‫‪ -‬اإلجراءات‪ :‬التحفيز والمساءلة والمواءمة بين أهداف الموظفين وأهداف المؤسسة‪.‬‬

‫وبالتالي تسمح بطاقة األداء المتوازن بترجمة رؤية واستراتيجية المؤسسة الى أهداف ومؤشرات تتمفصل‬
‫حول مجموعة منسجمة مشكلة من أربعة محاور‪ ،‬كما تسمح بمتابعة النتائج المنتظرة والمسارات التي تسمح‬
‫بتحقيقها‪.‬‬

‫باإلضافة الى هذه المحاور األربعة‪ ،‬فان كل محور يتكون من أربعة أقسام متكاملة فيما بينها وهي‪:‬‬

‫أ‪ -‬األهداف‪ :‬والتي تكون موزعة على المحاور األربعة وتحمل نفس األهمية االستراتيجية‪ ،‬ويجب أن‬
‫تكون قابلة للقياس والتحقيق ضمن فترة زمنية محددة؛‬
‫ب‪ -‬القياسات أو المؤشرات‪ :‬وتمثل الجانب الذي يحدد حالة الهدف المراد تحقيقه عن طريق مقارنته‬
‫بقيمة محددة سلفا؛‬
‫ج‪-‬المعايير أو المستهدف‪ :‬وهي قيم محددة يتم بناء عليها تحديد مقدار االنحراف سلبا أو ايجابا مقارنة‬
‫مع الهدف المراد تحقيقه؛‬
‫د‪ -‬المبادرات‪ :‬تشير المبادرات الى المشاريع التشغيلية الواجب تنفيذها لتحقيق الهدف أي االجراءات‬
‫الالزمة والمساعدة على تحقيق األهداف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Kaplan et Norton, (1996), op cit, p 41.‬‬

‫‪143‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬مبدأ العالقة والتمفصل بين المحاور األربعة‬

‫ان بطاقة األداء المتوازن هي أبعد من أن تكون مجرد مجموعة من المؤشرات الموزعة بين المحاور‪ ،‬ولقد‬
‫أكد كل من ‪ Kaplan‬و‪ Norton‬على الترابط المتبادل بين هذه المحاور‪ ،‬لذلك يجب أن تصمم هذه المجموعة‬
‫من المحاور أو القياسات بالرجوع المستمر لالستراتيجية‪ ،‬ولتحقيق ذلك البد من استيفاء ثالث شروط أساسية‬
‫وهي‪ :‬عالقات السبب والنتيجة‪ ،‬محددات األداء واالرتباط بالنتائج المالية‪.‬‬

‫‪ ‬عالقات السبب والنتيجة‪ :‬يجب على بطاقة األداء المتوازن أن تسمح بإظهار الترابط بين فرضيات‬
‫العالقات "السبب والنتيجة" لمقاييس النتائج ومحددات األداء‪.‬‬

‫‪ ‬محددات األداء‪ :‬ينبغي أن تشمل بطاقة األداء المتوازن على مقاييس النتائج ومحددات األداء‪.‬‬
‫تعكس مقاييس النتائج أو ما تعرف بالمؤشرات القبلية األهداف والهياكل المشتركة في العديد من‬
‫المؤسسات مثل المردودية‪ ،‬رضا ووفاء الزبائن‪...‬‬
‫أما محددات األداء أو المؤشرات القبلية‪ ،‬فهي خاصة بكل مؤسسة‪ ،‬وهي التي تسمح بتحديد نشاطات‬
‫الدعم الالزمة لتحقيق األهداف المحددة على المدى المتوسط‪.‬‬

‫‪ ‬االرتباط بالنتائج المالية‪ :‬يجب أن تكون العالقات السببية لكل المقاييس مرتبطة بالنتائج المالية‬
‫ووفقا لـ ‪ Mendoza‬فان الفلسفة الضمنية لهذه السلسلة السببية هي األولوية المالية لجميع المحاور‬
‫‪1‬‬
‫األخرى‪.‬‬
‫لذلك يجب أن تحتفظ بطاقة األداء المتوازن بمكانة المؤشرات المالية‪ ،‬وأن تربط باقي المؤشرات األخرى‬
‫باألهداف المالية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬دور بطاقة األداء المتوازن في تقييم أداء المؤسسات الصحية‬

‫تخضع استراتيجيات المؤسسات الصحية لمتابعة صارمة من طرف الجهات الوصية‪ ،‬وبالتالي تشكل بطاقة‬
‫األداء المتوازن أداة فعالة لتطبيق ومتابعة استراتيجية هذه المؤسسات من خالل قيادة األداء‪ ،2‬ولهذا السبب‬
‫سنركز في تحليلنا على الخصائص التقنية لهذه األداة‪ ،‬من خالل محاولة إلسقاط المحاور األربعة السابقة‬
‫على التطورات الحالية للمؤسسات الصحية وتحديد مدى مالءمة المؤشرات الناتجة عنها لهذه األخيرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mendoza Carla et al, Tableaux de bord et Balanced Scorecard, Groupe Revue Fiduciaire, France, 2002, P163.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Nobre Thiery, « Management hospitalier du contrôle externe au pilotage apport et adaptabilité du tableau‬‬
‫‪de bord prospectif », Comptabilité- Contrôle- Audit, Tome 7, Vol 2, 2001, P133.‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ -1‬المحور المالي‬

‫يشكل هذا المحور بالنسبة للمؤسسات الصحية تقدما واضحا ال يستهان به‪ ،‬فهو يسمح بإنتاج وتقديم‬
‫المعلومات المالية لإلدارة العامة ومختلف األقسام الموجودة واظهار نتائج األحداث والق اررات التي تم اتخاذها‬
‫فلم تعد وظيفة المدير المالي في المؤسسات الصحية تنحصر في تجميع البيانات المالية ومراجعتها‪ ،‬أو‬
‫مجرد جمع عناصر التكلفة للمراكز المختلفة‪ ،‬انما يتعدى ذلك الى االسهام في احداث زيادة المردود‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫‪ -2‬محور الزبون‪/‬المريض‬

‫تتطلب بطاقة األداء المتوازن من المسيرين ترجمة مهمتهم العامة لخدمة الزبون بمقاييس محددة تعكس‬
‫العوامل المحددة بالفعل بالنسبة للزبون‪ ،‬اذ يعد محور الزبون من المحاور التي تهتم بخلق القيمة للزبائن‬
‫وماهي القيمة التي ترضي الزبون‪ ،‬ولمذا يكون راغبا بالدفع عندها‪ ،‬فهذا المحور أو المنظور يسمح بتوجيه‬
‫المسارات الداخلية لتطوير المؤسسة‪.‬‬

‫ومن المؤشرات المستخدمة في خدمة الزبون‪ :‬عدد الزبائن المفقودين‪ ،‬رضا الزبون‪...‬‬

‫‪ -3‬محور المسارات‬

‫تعد األنشطة التي تمارس على مستوى المؤسسات الصحية ذات طبيعة عرضية‪ ،‬وتسمح دائرة المريض‬
‫بكشف تسلسل مختلف الخدمات التي تنتمي لنفس المسار والمنفذة ضمن وحدات تنظيمية مختلفة‪ ،‬ولقد‬
‫أظهرت تطور خبرات التكيف لمحاسبة التكاليف على أساس األنشطة في المؤسسات الصحية أهمية مفهوم‬
‫المسارات في مجال الصحة‪ ،‬كما يعد وجود مؤشرات المسارات في لوحات القيادة مناسبا لتحقيق المراقبة‬
‫الفعالة‪.‬‬

‫‪-4‬محور التعلم التنظيمي‬

‫يسبب تطور النشاط الطبي والعالجي تغييرات تنظيمية جذرية مثل تطور النشاط اإلسعافي‪ ،‬وهذا يتطلب‬
‫التكيف المستمر من الدراية والمهارات من جميع العاملين في المؤسسات الصحية‪ ،‬هذا التحول في الممارسات‬
‫ال يمكن أن يكون عفويا‪ ،‬لذلك البد من رصد مؤشرات لدفع التعلم التنظيمي ولتقييم وتعزيز التغييرات الهيكلية‬
‫من أجل تلبية المطالب الجديدة للنشاط االستشفائي‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫خاتمة الفصل الثالث‪:‬‬

‫عندما نحضر لعملية اتخاذ القرار فإن المهم هو المستقبل وليس الماضي‪ ،‬فعلى مستوى التكاليف نجد‬
‫أن التكاليف التاريخية ليست ذات داللة كبيرة‪ ،‬ومعاينة الماضي ليس مهما إال لكونه يقدم معلومات تشكل‬
‫قاعدة للتفكير وال يمكن استعمال هذه المعاينات مباشرة عند التحضير التخاذ القرار‪ ،‬وفي هذا الصدد نجد‬
‫أن المحاسبة التحليلية يمكنها أن تحدد كيفية تطور التكاليف في المستقبل وذلك عن طريق التكاليف المعيارية‬
‫والتي يمكن اعتمادها في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫واعتبا ار من اللحظة التي تبنى فيها النظرة التقديرية يمكننا أن نتصور سياقا خاصا لتحضير اتخاذ القرار‬
‫وهو المسار الموازني‪ ،‬وبالفعل فإنه أثناء المناقشة الموازنية يتم الحزم في الخيارات األساسية‪ :‬تصنيع المنتج‬
‫أو التنازل عنه لمؤسسة أخرى‪ ،‬شراء التجهيزات أو كراءها‪ ،‬االنطالق في نشاط جديد‪...‬‬

‫إن االعتماد على المحاسبة التحليلية وتسيير الموازنات فقط غير كافي ألن المعلومات الناتجة عنهما تكون‬
‫ذات طبيعة مالية ومحاسبية بحتة‪ ،‬لهذا السبب البد من استعمال لوحات القيادة باعتبارها تضم المعلومات‬
‫المالية وغير المالية‪ ،‬وكذلك باعتبارها أداة تلخيصية تسهل عملية صنع القرار‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫فرضيات ومنهجية البحث‬

‫‪147‬‬
‫مقدمة الفصل الرابع‪:‬‬
‫قبل تقديم النموذج التصوري وفرضيات البحث ينبغي التذكير باألهداف النظرية لبحثنا‪ ،‬فالهدف‬
‫األساسي لبحثنا هو قياس أثر فعالية مراقبة التسيير على فعالية التسيير وجودة الخدمات المقدمة من طرف‬
‫المؤسسات العمومية للصحة في الجزائر‪ .‬تبحث النماذج السلوكية فيما يخص مراقبة التسيير عن الوقوف‬
‫عند شروط فعالية هذا النظام‪ ،‬ومدى مساهمته الفعلية في تحقيق األهداف التنظيمية‪ ،‬كما تركز على شروط‬
‫فعاليته بإبراز العالقات التي تربط بين خصائص نظام مراقبة التسيير أو السلوكات التي يفضلها على فعالية‬
‫التسيير أو تلك المتعلقة بالمؤسسة‪.‬‬

‫فبعد التطرق لإلطار النظري في الفصول الثالث السابقة‪ ،‬سنحاول في المبحث األول من هذا الفصل تقديم‬
‫النموذج التصوري أو الهيكلي لدراستنا من خالل تحديد مختلف المتغيرات والعالقات المختلفة التي تربط‬
‫فيما بينها من أجل تحديد دقيق لفرضيات البحث واختبارها ميدانيا ضمن أحد أهم القطاعات العمومية‬
‫بالجزائر‪ ،‬وهو القطاع الصحي‪.‬‬

‫وسنقوم بعدها من خالل المبحث الثاني بعرض التطورات التي مر بها هذا القطاع‪ ،‬وكذلك المشاكل التسييرية‬
‫التي يعاني منها والتي تجعله في حاجة ماسة لتطوير نظام مراقبة التسيير لالستفادة من النتائج واالضافات‬
‫التي يحققها داخل المؤسسة‪.‬‬

‫أما المبحث الثالث واألخير من هذا الفصل فسنخصصه لشرح المنهجية المعتمدة للمصادقة على نموذج‬
‫الدراسة باالعتماد على طريقة المعادالت الهيكلية وبرنامج االعالم اآللي ‪ ،Amos‬وذلك بعد شرح طريقة‬
‫قياس المتغيرات والساللم المستعملة لذلك وكذلك منهجية التصديق عليها‪ ،‬ثم المنهجية المعتمدة الختبار‬
‫آثار الوساطة والتعديل المبينة في النموذج حسب الطريقة الحديثة لـ )‪(Preacher, Hayes, 2008‬‬
‫و )‪.(Hayes, 2012, 2013‬‬

‫‪148‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النموذج التصوري وفرضيات البحث‬
‫يكمن الدافع وراء هذا البحث في الرغبة في مساعدة المؤسسات واالدارات التي تقدم خدمات عمومية‬
‫في سعيها نحو التحسن داخليا‪ ،‬يفسر هذا التركيز على تعريف الجودة الداخلية للخدمة من الناحية النظرية‬
‫باالستجابة لتطلعات اإلدارة ومستخدمي المؤسسة‪.‬‬
‫ومن خالل االطالع على الكتابات المتعلقة بهذا الموضوع يمكننا التمييز بين شكلين من الجودة‪:‬‬
‫‪ ‬الجودة الخارجية المتمثلة في إرضاء المنتفعين‪ ،‬حيث يتعلق األمر بتقديم خدمة وفقا للتطلعات‬
‫والمستفيدون من الجودة الداخلية ليسوا وحدهم المستفيدين من الخدمة فحسب‪ ،‬وانما يستفيد منها‬
‫أيضا األشخاص المحيطين بهؤالء المستفيدين والمتعاملين الخارجين‪ ،‬ويقتضي هذا المسعى‬
‫االستماع للمطالب‪ ،‬كما يسمح كذلك باألخذ بعين االعتبار االحتياجات الضمنية التي لم يعبر عنها‬
‫المستفيدون‪.‬‬

‫‪ ‬الجودة الداخلية المتمثلة في تحسين التسيير الداخلي للمصلحة‪ ،‬حيث تهدف الى وضع مجموعة‬
‫وسائل حيز التنفيذ تسمح بوصف المؤسسة وصفا جيدا‪ ،‬وكذا وضع المعالم وتحديد االختالالت‬
‫كما أن المستفيدين منها هم أصحاب المؤسسة‪ ،‬االدارة وعمال المؤسسة‪ .‬تمر الجودة الداخلية عموما‬
‫بمرحلة التشخيص واحترام اإلجراءات الداخلية المحققة بفضل مسعى تساهمي‪ ،‬وسنحاول من خالل‬
‫دراستنا التطبيقية التركيز على الجودة الداخلية‪ ،‬أو باألحرى الجودة كما يدركها مسؤولو المؤسسات‬
‫العمومية للصحة في الجزائر‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أثر فعالية مراقبة التسيير على فعالية التسيير‬

‫تمثل غالبا مراقبة التسيير على أنها صادرة عن المراقبة عن طريق النتائج‪ ،‬وهي أحد صيغ التنسيق المقترحة‬
‫من طرف (‪ ،1)Mintzberg,1982‬تحمل هذه األخيرة كل معناها حين ال يمكن برمجة الق اررات مسبقا وهو‬
‫ما يجعل صاحب القرار ملزما بأن يقوم بخيار‪.‬‬

‫وبعد أن تم تطويرها لمرافقة تفويض المسؤوليات من قبل مدرسة العالقات اإلنسانية‪ ،‬أصبحت الغاية من‬
‫صيغة هذه المراقبة التنظيمية توجيه ق اررات المسيرين لكي تصبح مطابقة ألهداف المنظمة‪ ،‬والتحفيز على‬

‫‪1‬‬
‫‪-Mintzberg Henry, Structure et dynamique des organisations, Les éditions d’organisation, Paris,1982, P21-22.‬‬

‫‪149‬‬
‫أن تستعمل الوسائل المتاحة بأكبر قدر من الفعالية‪ ،1‬وبالتالي‪ ،‬تلعب المعلومات الناتجة عن مراقبة التسيير‬
‫دو ار مزدوجا‪ :‬من ناحية ترمي إلى التأثير على ق اررات المسيرين بالتأثير على دافعيتهم‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫تسمح باتخاذ هذه الق اررات عن طريق استخدام أفضل معلومة‪.‬‬

‫كما يفضي نظام إعداد الموازنات إلى تحويل األهداف العامة للمؤسسة إلى أهداف حسب مراكز المسؤولية‬
‫‪2‬‬
‫والى تخصيص الموارد‪ ،‬لتستخدم معايير األداء المحددة عندئذ كعينات اختبار وتساهم في تحفيز المسيرين‬
‫بعد ذلك تدفع المتابعة المنتظمة لإلنجازات الفاعلين على المضي قدما في اتجاه االستراتيجية بتسيير العوامل‬
‫األساسية لنجاحهم‪ ،‬وبوضع حيز التنفيذ نشاطاتهم التصحيحية عند الحاجة‪ .3‬إن كل المسألة تكمن في وجود‬
‫تعاون كافي بين األفراد والمؤسسة لكي تضع هذه األخيرة حيز التنفيذ استراتيجيتها وتبلغ أهدافها‪ ،‬وهذا بفسح‬
‫لكل واحد فضاء من الحرية بحيث يكون مالئما لحاجته الشخصية إلتمام العمل‪ ،‬ويسهل مسار المعلومات‬
‫المنتظم وكذا المعلومات المساعدة على اتخاذ القرار الستيعاب البدائل وتأثيراتها المحتملة جدا على‬
‫األهداف‪ ،4‬كما يسمحان باستيعاب الدروس من خالل األحداث‪ 5‬ويشكالن على هذا األساس دليال للتعلم‬
‫التنظيمي ولسلوك التغيير‪.‬‬

‫إن "فعالية مراقبة التسيير" عبارة عن متغير يصعب قياسه مباشرة وذلك لكون أهداف مراقبة التسيير غير‬
‫واضحة وال تحظى باإلجماع أحيانا‪ ،‬فكيف يمكن بصورة موضوعية معرفة الطريقة التي سمحت لمراقبة‬
‫التسيير بوضع االستراتيجية حيز التطبيق؟ تبرر هذه الحالة لجوؤنا إلى متغير آخر‪ ،‬هو "رضى المسيرين"‬
‫الذي نظنه يسمح بدراسة فعالية هذا النظام‪.‬‬

‫يسمح مفهوم الزبون الداخلي‪ ،6‬الذي تم تطويره في إطار التسويق المبني على العالقات بتوضيح طبيعة‬
‫العالقات الموجودة بين مراقب التسيير والمسير‪ ،‬فالتسويق المبني على العالقات عبارة عن مقاربة استراتيجية‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouquin Henri, « Contrôle », in: Encyclopédie de gestion, Y Simon et P Joffre Eds, 2e Edition, Economica‬‬
‫‪Paris, 1997, PP551-566.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mintzberg Henry, (1982), Op cit, P150.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Loc cit.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Merchant Kenneth A, «Budgeting and the propensity to create budgetary slack», Accounting, Organizations‬‬
‫‪and Society, Vol 10, n°2, 1985, P202.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Simons Robert, «The role of management control systems in creating competitive advantage: new‬‬
‫;‪perspectives», Accounting, Organizations and Society, Vol 15, n°1-2, 1990, P137‬‬
‫‪Lorino Philipe, (1997), Op cit, P297.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Berry Lionard L, «The employee as customer», Journal of Retailing Banking, Vol 3, n°1, 1981, PP 33-40.‬‬

‫‪150‬‬
‫ترمي إلى خلق قيمة متبادلة من خالل إقامة عالقات دائمة بين الفاعلين‪ ،‬وبافتراض أن عمال المؤسسة هم‬
‫" زبائن داخليون " والعمل هو" منتوج داخلي" تمكن ‪ Berry‬من اثبات وجود عالقة سببية بين رضى‬
‫العمال ورضى الزبائن‪.‬‬

‫باعتمادنا على هذا المنطق‪ ،‬نقترح افتراض كل أصحاب القرار كزبائن داخليين لمسار مراقبة التسيير بحيث‬
‫يكون من شأن هذا المسار تحسين أداء المسيرين مهما كانت درجتهم في السلطة السلمية‪ .‬وعليه وبناء على‬
‫كل ما تقدم فان النموذج التصوري لدراستنا هو كالتالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :1.4‬النموذج التصوري للبحث‬

‫محددات فعالية مراقبة‬


‫التسيير‪:‬‬
‫فعالية مراقبة التسيير‬ ‫فعالية التسيير‬ ‫الجودة المقدمة‬

‫الجودة التقنية‬ ‫للخدمات‬


‫"رضى مستعملي م ت"‬

‫جودة العالقات‬

‫مشاركة المسيرين في مسار مراقبة‬


‫التسيير‪:‬‬

‫‪ -‬استعمال المعلومات‬

‫‪ -‬نقل المعلومات‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫تم استيحاء هذا النموذج من أعمال )‪ (Fornerino et al, 2010‬مع إضافة متغيرين جديدين وهما "الجودة‬
‫المقدمة للخدمة" و"مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير" لمحاولة تطبيقه على قطاع جديد هو‬
‫قطاع الصحة العمومية بالجزائر‪.‬‬

‫من خالل ما سبق وبعد عرض النموذج التصوري لدراستنا فان أول فرضية يمكن اقتراحها هي‪:‬‬

‫الفرضية ‪ :1‬يؤثر رضى مستعملي مراقبة التسيير تأثي ار إيجابيا على فعالية التسيير‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الدور الوسيطي لفعالية التسيير على العالقة بين رضى مستعملي مراقبة التسيير والجودة‬
‫المقدمة لخدمات العالج‪.‬‬

‫يعتبر تحديد وتقييم جودة خدمة العالج إجراء أساسيا إذا أردنا تحسين النظام الصحي‪ ،‬فهل يجب فعال‬
‫االنشغال بجودة الخدمة الصحية في الجزائر؟ ما هي نقاط الضعف و‪/‬أو نقاط القوة للنظام الجزائري مقارنة‬
‫باألنظمة الصحية األوروبية األخرى؟ للرد على هذه األسئلة يجب أوال تعريف الجودة بطريقة واضحة وقابلة‬
‫للقياس‪ .‬لقد تحسنت كثي ار القدرة على تعريف جودة خدمة العالج في السنوات األخيرة بفضل األعمال الدولية‬
‫وبالفعل توجد عدة تعاريف تسمح بقياس ووصف الجودة بصفة مجدية وبعبارات واضحة‪.‬‬

‫يتحدث ‪ ،Donabedian‬أحد السباقين في هذا الميدان‪ ،‬عن الجودة فيما يخص خدمة العالج التي " تجعل‬
‫المرضي يحسون بأكبر قدر من الراحة بعد األخذ في الحسبان العالقة الفائدة‪/‬الخطر في كل مرحلة من‬
‫مراحل نظام العالج " ‪.1‬‬
‫لكن التعريف األكثر تداوال هو التعريف الذي قدمه معهد الطب للواليات المتحدة األمريكية الذي يوضح أن‬
‫"الجودة هي قدرة المصالح الطبية المخصصة لألفراد والسكان على رفع احتماالت بلوغ نتائج الصحة‬
‫المرغوب فيها‪ ،‬وذلك وفقا للمعارف المهنية الراهنة "‪.‬‬
‫وعليه فإن قيادة العمليات تالزم بالضرورة العمل التسييري الذي يمر عبر بلوغ األهداف وعبر العناية التي‬
‫تولى لألفراد ولفريق العمل‪ .‬يبدو المسير اذن قبل كل شيء كمسؤول عن بلوغ األهداف ويكلف بمسؤولية‬
‫إضافية‪ :‬التنشيط ورفع مستوى المتعاونين‪.‬‬
‫وعليه يمكننا القول اذن أن‪:‬‬
‫الفرضية ‪ :2‬تؤثر فعالية التسيير تأثي ار ايجابيا على الجودة المقدمة لخدمات العالج‪.‬‬

‫الفرضية ‪ :3‬تتوسط فعالية التسيير العالقة الموجودة بين رضى مستعملي مراقبة التسيير والجودة المقدمة‬
‫لخدمات العالج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Donabedian Avedis, «Evaluating the quality of medical care», Milbank Memorial Fund Quarterly, Vol 44‬‬
‫‪n°3, 1966, PP 166-203. Cité par Or Zenep, Com-Ruelle Laure, La qualité des soins en France : comment la‬‬
‫‪mesurer pour l’améliorer ?, Document de travail, IRDES, décembre 2008, P3.‬‬

‫‪152‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬محددات الرضى بالنسبة لمستعملي مراقبة التسيير‬
‫ان العالقة المرتقبة بين رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير (بتحفظ الى غاية اثبات الفرضية‬
‫‪ )1‬تتطلب البحث عن األسباب التي قد تحسن رضى أصحاب القرار اتجاه هذا النظام‪.‬‬
‫يستنتج ‪ Laitinen‬في حديثه المختصر حول أنظمة مراقبة التسيير أن جودة مراقبة التسيير يجب أن‬
‫تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا برضى المسيرين تجاه النظام المقترح‪ ،‬ويذكر أن عدم تلبية احتياجات المسيرين‬
‫للمعلومات الالزمة هي من بين االنتقادات الموجهة لمراقبة التسيير التقليدية في الثمانينات‪.1‬‬
‫أما بخصوص تسويق الخدمات فقد قام )‪ (Parasuraman et al, 1988‬بتشخيص خمسة أبعاد من‬
‫الجودة المدركة للخدمة‪ 2:‬المصداقية‪ ،‬إعادة النشاط‪ ،‬التأمين‪ ،‬التواصل والواقعية‪ ،‬لكن من بين نقاط الضعف‬
‫‪3‬‬
‫التي وجهت اليهم‪ ،‬هو أن القسم األكبر من المسلمات التي تبنوها ال تخص إال المستخدمين المباشرين‬
‫وضع بعدها مؤخ ار )‪ 4( Bell et al, 2005‬سلما أكثر تكامال طبق على المصالح البنكية‪ ،‬وهو يبدو‬
‫أكثر مالءمة مع إشكاليتنا‪ ،‬يخص هذا السلم شكلين أو بعدين من الجودة المدركة والمشخصة من طرف‬
‫‪5‬‬
‫(‪:)Gronroos, 1984‬‬
‫‪ ‬الجودة الوظيفية التي اخترنا لها تسمية جودة العالقات والتي تعود في مرجعها إلى طبيعة التدخالت‬
‫بين مورد الخدمة والزبون‪.‬‬
‫‪ ‬الجودة التقنية التي تعود في مرجعها إلى جودة الخدمة الناتجة‪.‬‬
‫يشكل هذان البعدان محددات فعالية مراقبة التسيير‪ ،‬ويسمح تشخيصهما وكذا دراسة األهمية الخاصة بكل‬
‫واحد منها في تكوين رضى المسيرين تجاه مراقبة التسيير‪ ،‬والسماح بالتصرف بطريقة مثلى لتحسين هذا‬
‫المسار‪.‬‬
‫تبدو أهمية الجودة التقنية جليا فيما يخص مراقبة التسيير وتؤكد الدراسة الحديثة لـ ‪(Byrne, Pierce,‬‬
‫)‪ 2007‬أهمية جودة العالقات بالنسبة لدور مراقبي التسيير‪ :‬حيث استنتج الباحثان من خالل الدراسة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Laitinen Erkki K, «Nonfinancial Factors as Predictors of Value Creation: Finnish Evidence», Review of‬‬
‫‪Accounting & Finance, Vol 3, n°3, 2004, P90.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Parasuraman A, Zeithaml Valarie A, Berry Leonard L, «SERVQUAL: a multiple-item scale for measuring‬‬
‫‪consumer perceptions of service quality», Journal of Retailing, Vol. 64, n° 1, 1988, P 23.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Brown Tom J, Churchill Gelbert A, Peter J-Paul, «Improving the measurement of service quality», Journal‬‬
‫‪of Retailing, Vol.69, n°1, 1993, P129.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Bell Simon J, Auh Seigyoung, Smalley Karen, «Customer relationship dynamics: service quality and‬‬
‫‪customer loyalty in the context of varying levels of customer expertise and switching cost», Journal of the‬‬
‫‪Academy of Marketing Science, Vol. 33, n° 2, 2005, P174.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Grönroos Christian, «A service quality model and its implications in marketing», European journal of‬‬
‫‪marketing, Vol 18, n°4, 1984, P38.‬‬

‫‪153‬‬
‫النوعية التي قاما بها ‪ ،‬أن تأثير مراقبي التسيير على أداء المسيرين يتوقف على درجة التداخل فيما بينهم‬
‫والذي يسمح بإصدار ق اررات ذات نوعية جيدة‪ ،‬تخطيط‪ ،‬مراقبة أحسن‪ ،‬اكتشاف مبكر للمشاكل ومراقبة ذات‬
‫فعالية أكبر‪.1‬‬

‫انطالقا من العناصر المناقشة أعاله‪ ،‬نقترح صياغة فرضيتين متعلقتين بمحددات الرضى‪:‬‬

‫الفرضية ‪ :4‬كلما زادت الجودة التقنية لمراقبة التسيير كلما زاد رضى مستعمليها‪.‬‬

‫الفرضية ‪" :5‬كلما زادت جودة العالقات لمراقبة التسيير كلما زاد رضى مستعمليها‪.‬‬

‫كما يمكن صياغة الفرضيات األخرى المتعلقة بآثار الوساطة كالتالي‪:‬‬


‫الفرضية ‪ :6‬يتوسط رضى مستعملي مراقبة التسيير العالقة الموجودة بين الجودة التقنية لمراقبة التسيير‬
‫وفعالية التسيير‪.‬‬

‫الفرضية ‪ :7‬يتوسط رضى مستعملي مراقبة التسيير العالقة الموجودة بين جودة العالقات لمراقبة التسيير‬
‫وفعالية التسيير‪.‬‬

‫الفرضية ‪ :8‬هناك أثر غير مباشر مزدوج بين الجودة التقنية لمراقبة التسيير والجودة المقدمة لخدمات‬
‫العالج من خالل رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬

‫الفرضية ‪ :9‬هناك أثر غير مباشر مزدوج بين جودة العالقات لمراقبة التسيير والجودة المقدمة لخدمات‬
‫العالج من خالل رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Byrne Sean, Pierce Bernard, «Towards a more comprehensive understanding of the roles of management‬‬
‫‪accountants», European Accounting Review, Vol 16, n°3, 2007, P 487.‬‬

‫‪154‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬األثر المعدل لمشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير على العالقة بين رضى مستعملي‬
‫هذا المسار وفعالية التسيير‪.‬‬
‫كما أشار ‪" ،Bourguignon‬ال نقوم بمراقبة التسيير ضد الفاعلين بل معهم "‪ ،1‬وباألحرى إن المشاركة‬
‫المنتظرة من المسيرين في مراقبة التسيير لها تركيبتين‪ 2:‬من جهة‪ ،‬يحوز المسيرون على المعلومات األساسية‬
‫لتطوير وإلثراء مسار تنفيذ االستراتيجية‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ال تساهم المعلومات الخاصة بمراقبة التسيير في‬
‫أداء المؤسسة إال إذا استخدمت من طرف أصحاب القرار‪ ،‬أي االدارة العامة وأيضا من طرف المسيرين‬
‫على كل المستويات السلمية‪ .‬إن مشاركة مسيري المؤسسة في نظام مراقبة التسيير‪ -‬سواء كممونين‬
‫‪3‬‬
‫للمعلومات أو كمستخدمين لها‪ -‬شرطان متالزمان إلنجاح نظام مراقبة التسيير‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬استعمال المسيرين للمعلومات الناتجة عن مراقبة التسيير‬


‫يتعلق البعد األول لمشاركة المسيرين في مراقبة التسيير باالهتمام الذي يولونه للمعلومات المتداولة في إطار‬
‫هذا المسار واالستخدامات المختلفة لهذه األخيرة‪ ،‬ويعود سبب وجود مراقبة التسيير الى منطقين‪ :4‬األول‬
‫القررات‬
‫عبارة عن منطق اقتصادي يهتم باألدوات التي يجب وضعها‪ ،‬والمعلومات الواجب تقديمها لكي تتخذ ا‬
‫مع مراعاة تأثيرها المتوقع على األداء؛ والثاني عبارة عن منطق تنظيمي يكون موضوعه تجنيد الفاعلين‬
‫حول األهداف المرجوة‪ ،‬وكذا تعاونهم واشتراكهم في األهداف‪ ،‬وكل واحد من هذين المنطقين موجود في‬
‫اإلضافات المنتظر أن تأتي بها أدوات مراقبة التسيير‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬على محاسبة التسيير تقديم المعلومات التي من شأنها تحسين قدرة الفاعلين على اتخاذ الق اررات‬
‫التي تستجيب الحتياجات المؤسسة‪ ،5‬وعليها من جهة أخرى أن تقدم للمسيرين معطيات تستخدم كمنبه‬
‫وتوجه سلوكهم في االتجاه المرغوب من طرف المؤسسة‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Bourguignon Annick, «Evaluer les performances (I) : Comment penser ensemble GRH et contrôle de‬‬
‫‪gestion», Management et Conjoncture Sociale, n° 604, 2001, P17.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Godener Armelle, Fornerino Marianela, «Pour une meilleure participation des managers au contrôle de‬‬
‫‪gestion », Comptabilité – Contrôle – Audit, tome 11, Vol 1, 2005, P125.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Ibid, P124.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Bouquin Henri, Introduction, In Les grands auteurs en contrôle de gestion, Editions EMS, 2005b, P9.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Caplan Edwin H, «The behavioural implications of management accounting», Management International‬‬
‫;‪Review, Vol 32, n° Spécial, 1992, P 93‬‬
‫‪Bouquin Henri, La comptabilité de gestion, 3e Edition, Paris, PUF, 2003, P7.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Rickwood Colin, Coates Jeff, Stacey Ray, «Managed costs and the capture of information», Accounting and‬‬
‫; ‪Business Research, Vol 17, n° 68, 1987, P319‬‬
‫‪Sprinkle Geoffery B, «Perspectives on experimental research in managerial accounting», Accounting,‬‬
‫;‪Organizations and Society, Vol 28, n°(2-3), 2003, P 300‬‬
‫‪Bouquin Henri, (2003), Op cit, P7.‬‬

‫‪155‬‬
‫كما تمثل أسعار التنازل وسائل للتأثير على الق اررات المتخذة فيما يتعلق بتنظيم المتابعات في شكل مراكز‬
‫للتكاليف‪ ،‬اإليرادات أو األرباح؛ وفي نفس السياق تقدم المؤشرات الواردة في لوحات القيادة على أنها مسهلة‬
‫لبلوغ أهداف المسيرين المعنيين باستخدامها‪ :‬من جهة‪ ،‬بإعطائهم الوسائل إلدراك مبك ار إذا كانت األعمال‬
‫التي باشروها تسمح ببلوغ األهداف المرجوة‪ ،‬ولتكييف أعمالهم وفقها‪1‬من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬بتوضيح‬
‫العوامل التي من المناسب أو من الضروري التصرف بشأنها‪ .2‬تقدم هاتان األداتان على أنهما تسهالن إثارة‬
‫دافعية المسيرين ألنهما تالزمان المركزية الق اررات‪ ،‬وتساعدان على تطور االتصال (سواء بخصوص‬
‫األهداف المرجوة والعوامل المفتاحية للنجاح أو بخصوص االنجازات) بين المسير ومسؤوله في السلطة‬
‫السلمية‪ ،3‬وعليه يمكن لهذه األدوات التأثير على أداء المعنيين شريطة أن تستخدم من طرف هؤالء‪.‬‬
‫على أية حال‪ ،‬تتصل مسألة استخدام معطيات مراقبة التسيير بمسألة مشروعية مسار المراقبة التنظيمية‬
‫والتي تتوقف على رضى مستخدمي المسار وعلى "القيمة التي تمثلها(في نظر المسيرين) المعلومات التي‬
‫يعطيها لهم"‪ .4‬وعليه قمنا بصياغة الفرضية التالية‪:‬‬

‫الفرضية ‪ :10‬يسمح استعمال المعلومات الناتجة عن مسار مراقبة التسيير بتعديل العالقة الموجودة بين‬
‫رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مشاركة المسيرين في نقل المعلومات لمراقبة التسيير‬


‫يشار إلى أهمية مشاركة المسيرين في تطوير مسار مراقبة التسيير في جل الكتابات التي تدرس كيفية وضع‬
‫أدوات مراقبة التسيير كالتكاليف المعيارية‪ ،‬مناهج محاسبة التسيير من النوع ‪ ،ABC/ABM‬لوحات‬
‫القيادة‪...‬ويتطلب تكييفها لالحتياجات وللحالة الخاصة بكل مؤسسة‪ ،‬بل بكل مصلحة‪ ،‬التعاون بين مراقب‬
‫التسيير واألطراف التي توجه إليهم المعلومات‪ ،‬فمثال في حالة وضع منهج الـ ‪ ،ABC/ABM‬كيف يتم تحديد‬

‫‪1‬‬
‫‪- Butler Alan, Letza Steve R, Neale Bill, “Linking the balanced scorecard to strategy”, Long Range Planning‬‬
‫;‪Vol 30, n°2, 1997, P244‬‬
‫‪Bourguignon Annick, Malleret Véronique, Norreklit Hanne, «L’irréductible dimension culturelle des‬‬
‫‪instruments de gestion : l’exemple du tableau de bord et du Balanced Scorecard », Comptabilité-Contrôle-‬‬
‫‪Audit, numéro spécial, 2002, P12.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mooraj Stella, Oyon Daniel, Hostettler Didier, (1999) «The Balanced Scorecard: a necessary good or an‬‬
‫‪unnecessary evil?», European Management Journal, Vol 17, n°5, 1999, P483.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Gray Jack, Pecqueux Yvon, (1993), Op cit, P62.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Bouquin Henri, (2003), Op cit, P13.‬‬

‫‪156‬‬
‫النشاطات وعناصر التكاليف دون مساعدة المصالح المعنية ومسيريها باألخص؟ تتوقف خريطة وأنظمة‬
‫النشاطات وتقييمها وكذا اكتساب مناهج جديدة لحساب التكاليف أو تحليل المسارات على تعاون هؤالء سواء‬
‫تعلق األمر بتبني طريقة الـ ‪ ABC‬أو الـ ‪. ABM‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬يفترض استخدام نفس أدوات مراقبة التسيير أن تكون هذه األخيرة مغذاة بطريقة مرضية‬
‫من طرف مختلف الحائزين على المعلومات‪ ،‬فتحضير الموازنة يفترض مشاركة المسيرين في إعداد موازنة‬
‫مساعديهم‪ ،‬والتفكير دوما في اطالع اآلخرين أنهم على دراية بالسنة المقبلة فيما يخص نشاطهم‪ .‬تفهم‬
‫مشاركة المسيرين في إعداد موازناتهم على أنها وسيلة لتبادل المعلومات من طرف المرؤوسين والسلطة‬
‫السلمية العليا‪ ،‬ال سيما في االستفادة من التجربة الميدانية للمذكورين في األول‪ ،‬وفي تسهيل قبولهم لألهداف‬
‫التي سوف تحدد وبالتالي‪ ،‬إثارة دافعيتهم‪ .1‬ال يستطيع من جهته مراقب التسيير عموما القيام فعال وبطريقة‬
‫مطابقة للواقع بتحليل انحرافات الموازنة تحليال كامال (أو معطيات لوحات القيادة) انطالقا من المعطيات‬
‫العددية فقط‪ ،‬بل يجب عليه االعتماد أيضا على فهم وتأويل الوقائع من طرف أصحاب القرار والفاعلين في‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫برزت أهمية مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير في التحقيق الذي قام به (‪ )Jordan, 2005‬حول‬
‫تطبيقات مراقبة التسيير‪ ،2‬حيث الحظ المؤلف تطور األعمال التي يقودها مراقبو التسيير مع المباشرين‬
‫للعمل أو العمليين‪ :‬كوضع الموازنات‪ ،‬تحليل االنحرافات‪ ،‬اقتراح االجراءات التصحيحية وتقييم أداء‬
‫المساعدين‪ ،‬ولقد اخترنا التطرق للبعد الذي تمثله مشاركة المسيرين في مراقبة التسيير من خالل متغير‬
‫"مشاركة المسيرين في نقل المعلومات الحائزين عليها والمطلوبة منهم"‪ ،‬ويبين النقاش السابق أن هذه‬
‫المشاركة تسهل مالءمة أدوات مراقبة التسيير المستعملة وجودة التحاليل التي يقدمها هذا المسار وعليه‬
‫نتوقع أن مشاركة هؤالء المسيرين تؤدي إلى تحسين أداءاتهم‪ ،‬إذن يمكننا القول‪:‬‬
‫الفرضية ‪ :11‬تسمح مشاركة المسيرين في نقل المعلومات بتعديل العالقة بين رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Brownell P, McInnes M, «Budgetary participation, motivation and managerial performance », The‬‬
‫;‪Accounting Review, Vol 61, n°4, 1986, P588‬‬
‫‪Dunk Alan S, «The effects of job-related tension on managerial performance in participative budgetary‬‬
‫;‪settings», Accounting, Organizations and Society, Vol 18, n°7-8, 1993, P577‬‬
‫‪Shields J.F., Shields M.D, «Antecedents of participative budgeting», Accounting, Organizations and Society‬‬
‫;‪Vol 23, n°1, 1998, P60,‬‬
‫»‪Hartmann Frank G.H, «The appropriateness of RAPM: toward the further development of theory‬‬
‫‪Accounting, Organizations and Society, Vol 25, n°4-5, 2000, P453.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jordan Hugues, «Enquête 2004 HEC – DFCG, contrôle de gestion et performance », Échanges, n° 218, 2005‬‬
‫‪PP14-17.‬‬

‫‪157‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قطاع الصحة العمومية كميدان لتطبيق نموذج الدراسة‬
‫باعتبار أن قطاع الصحة العمومية هو أحد أهم القطاعات العمومية في الجزائر‪ ،‬وباعتبار أن الصحة ليست‬
‫مجرد حق دولي أساسي ولكنها أيضا مورد كبير للتطور االجتماعي‪ ،‬االقتصادي والفردي‪ ،‬اخترنا هذا القطاع‬
‫ليكون محل دراستنا التطبيقية‪ ،‬لقد كرست الجزائر في دستورها حق المواطنين في حماية صحتهم‪ ،‬فإذا تم‬
‫تحقيق هذه النتائج المعترف بها اليوم‪ ،‬تبقى العديد من العراقيل التي تواجه هذا القطاع وتضعف من نجاعته‬
‫ومن نتائجه‪ ،‬والمتعلقة أساسا بالتنظيم والتسيير والتمويل‪ ،‬فما هي التدابير الواجب اتخاذها لتكييف هذا‬
‫القطاع مع التحديات الجديدة في مجال الصحة العمومية؟‬

‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي لقطاع الصحة العمومية في الجزائر‬


‫عرف القطاع الصحي‪ 1‬في الجزائر عدة تطورات حيث عملت الدولة منذ االستقالل على وضع مبادئ‬
‫أساسية تقوم عليها السياسة الصحية‪ ،‬سعيا منها لتجسيد حق المواطن في العالج‪ ،‬كما نصت عليه المواثيق‬
‫والدساتير‪ ،‬والذي اعتبر مكسبا ثوريا‪ .‬هذه المبادئ عرفت نجاحات وبعض االختالالت عبر المراحل المختلفة‬
‫التي مرت بها البالد‪ ،‬وكانت وضعية الصحة العمومية للجزائر قبل االستقالل متردية‪ ،‬حيث كان الشعب‬
‫الجزائري يعاني الفقر والحرمان ومختلف األمراض الوبائية‪ ،‬وهذه األمراض التي كانت ناتجة عن الظروف‬
‫المعيشية السيئة ألغلبية الجزائريين من جهة‪ ،‬وغياب التغطية الصحية من جهة أخرى‪ ،‬حيث بلغت األرقام‬
‫غداة االستقالل‪ 500 :‬طبيب (منهم ‪ % 50‬جزائريون) وذلك لتغطية ‪ 10,5‬مليون ساكن كانت المؤشرات‬
‫آنذاك تتميز بنسبة وفيات مرتفعة لألطفال (‪ ، )%0 180‬كان متوسط العمر ال يبلغ ‪ 50‬سنة وكانت‬
‫األمراض المعدية منتشرة بكثرة‪ ،2‬مما استوجب تحديد األولويات والتركيز على سياسة وطنية للصحة‪ ،‬تهدف‬
‫إلى القضاء على األمراض الوبائية ومكافحة وفيات األطفال‪ ،‬وكذا بناء الهياكل وتكوين اإلطارات الطبية‬
‫وشبه الطبية واإلدارية‪ ،‬وتمثلت هذه السياسة في المكافحة المكثفة لألمراض الوبائية وتعميم العالج الوقائي‬
‫كالتلقيح‪ ،‬نظافة المحيط‪ ،‬حماية األمومة والطفولة‪ ،‬النظافة المدرسية وطب العمـل وهما الهدفان الرئيسيان‬
‫اللذان شملهما البرنامج المسطر لعام ‪ ،1962‬وقد خصصت الوسائل لتنفيذ هذا البرنامج الطبي المستعجل‬

‫‪ -1‬القطاع الصحي هو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تتمتع باإلستقاللية المالية‪ ،‬وتتكون من مجموع الهياكل الصحية العمومية الخاصة بالوقاية‬
‫والتشخيص والعالج واإلستشفاء واعادة التكييف الطبي‪ ،‬التي تغطي حاجات سكان مجموعة من البلديات والتابعة للو ازرة المكلفة بالصحة‪ .‬لتفاصيل‬
‫أكثر ارجع الى‪ :‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ، 81‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 466-97‬المؤرخ في ‪ 2‬شعبان ‪ 1418‬الموافق لـ ‪ 2‬ديسمبر‪ 1997‬و المتعلق‬
‫بقواعد إنشاء القطاعات الصحية وتنظيمها وتسييرها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Saihi Abdelhak, «Le système de santé publique en Algérie-analyse et perspectives-», Gestion Hospitalière‬‬
‫‪n°455, 2006, P241.‬‬

‫‪158‬‬
‫كتكوين األطباء‪ ،‬بناء الهياكل والتجهيزات‪ ،‬وتشجيع التمويل الطبي‪ ،‬إال أنها لم تكن كافية‪ ،‬وبالرغم من‬
‫العقبات‪ ،‬فقد حقق هذا البرنامج الكثير من األهداف‪ ،‬منها التحكم في آفة األمراض الوبائية من جهة‪ ،‬وظهور‬
‫معطيات جديدة من جهة أخرى‪ ،‬تمثلت على الخصوص في النمو السكاني وتشبيب الشعب الجزائري‪ ،‬هذه‬
‫المعطيات السكانية جعلت التركيز على الحماية كهدف وكأولوية للسياسة الصحية في الجزائر‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬رسمت الجزائر محاور كبرى للسياسة الصحية‪ ،‬تمثلت في رسم استراتيجية من شأنها‬
‫تعديل مواقع الخلل التي عرفها النظام الصحي السابق‪ ،‬وتمثلت هذه االستراتيجية في عدد من المحاور‪:‬‬
‫وهي الوقاية التي تعتبر أفضل طرق العالج‪ ،‬لتجنب المرض والعمل على عدم وقوعه‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫الحمالت التلقيحية واجراءات النظافة ومحاصرة المرض قبل انتشاره عن طريق التلقيح واحترام معاييره‪.‬‬
‫وبما أن سياسة التصنيع في الجزائر اعتمدت على الصناعات الثقيلة التي تتطلب يدا عاملة كبيرة‪ ،‬وهو ما‬
‫أدى إلى انتشار حوادث العمل بكثرة‪ ،‬استوجب ذلك تطوير طب العمل لحماية العامل واالقتصاد في آن‬
‫واحد‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬السياسـة الصحيـة من ‪ 1962‬إلى ‪1965‬‬


‫كان النظام الصحي الموروث عند االستقالل‪ ،‬متمرك از أساسا في كبريات المدن كالجزائر‪ ،‬وهران وقسنطينة‬
‫وتمثل خاصة في الطب العمومي الذي يتم داخل المستشفيات‪ ،‬وعيادات تابعة للبلديات تقدم المساعدات‬
‫الطبية المجانية‪ ،‬إلى جانب مراكز الطب المدرسي النفسي التي تشرف عليها و ازرة التربية والتعليم‪.‬‬
‫لقد عرف قطاع الصحة خالل الحقبة الممتدة من االستقالل إلى غاية منتصف الستينيات وما بعدها تطورات‬
‫كبيرة من حيث المستخدمين والهياكل القاعدية‪ ،‬لكن بمستوى بطيء مقارنة مع التطور السكاني الذي عرفته‬
‫البالد‪ ،‬وكذا بجملة من النصوص والقوانين لتوحيد النظام الموروث عن المستعمر‪.‬‬
‫فحتى سنة ‪ ،1965‬لم تكن البالد تتوفر إال على ‪ 1319‬طبيبا منهم ‪ 285‬جزائريا فقط‪ ،‬وهو ما يعادل طبيبا‬
‫واحدا لكل ‪ 8092‬نسمة‪ ،‬و‪ 264‬صيدليا أي صيدلي واحد لكل ‪ 52323‬نسمة‪ ،‬أما أطباء األسنان فكانوا‬
‫حوالي ‪ 151‬طبيبا‪ ،‬أي طبيب أسنان واحد لكل ‪ 70688‬نسمة‪ ،1‬أما من حيث الهياكل القاعدية‪ ،‬فقد كان‬
‫هناك عجز كبير‪ :‬قرابة ‪ 39000‬سرير بالمستشفيات‪ ،‬وما ميز هذه المرحلة هو الزيادة النسبية لقاعات‬
‫العالج مقارنة بسنة ‪.1962‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- http://www.el-massa.com/ar/content/view/61937/‬‬

‫‪159‬‬
‫وتميزت السياسة الصحية خالل هذه الفترة‪ ،‬بمحدودية في خياراتها جراء ضعف الوسائل المتوفرة لها وكان‬
‫ينبغي في أول األمر إعادة إنعاش البنايات والهياكل التي خلفها االستعمار‪ ،‬قبل توفير أدنى قسط من‬
‫الخدمات الصحية للسكان‪ ،‬ومن جانب آخر‪ ،‬كانت الدولة عازمة على تنمية سياسية على شكل إعانة تتمثل‬
‫في الحمالت التلقيحية لبعض األمراض الفتاكة والمعدية‪.‬‬
‫كما تميزت هذه المرحلة من جهة‪ ،‬بطب الدولة من خالل المؤسسات االستشفائية التي تضمن العالج‬
‫تسير من طرف و ازرة الصحة والمراكز الصحية التي تضمن المساعدة الطبية المجانية‬
‫واالستشفاء‪ ،‬والتي ّ‬
‫وتسير من طرف البلديات‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬كان هناك قطاع طبي خاص يقدم عالجا‬
‫في المدن والبلديات‪ّ ،‬‬
‫وهو ذو طابع ليبرالي في العيادات الخاصة‪ ،‬ولكن بإمكان األطباء الخواص استعمال المؤسسات العمومية‬
‫التابعة للدولة بالتنسيق مع مديرية دائرة الصحة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مرحلة ‪ 1979 – 1965‬واعادة بعث نشاط المعهد الوطني للصحة العمومية‬
‫مع بداية المخطط الوطني وبداية نشاط المعهد الوطني للصحة العمومية الذي أنشئ عام ‪ 1964‬وبصدور‬
‫األمر المنظم لمهنة األطباء والصيادلة عام ‪ ،1966‬أخذت األمور تتحسن شيئا فشيئا من خالل تحسين‬
‫دفع عجلة التكوين الطبي والشبه الطبي‪ ،‬وكذا إنشاء بعض الهياكل القاعدية بين سنتي‪ 1967‬و‪.1969‬‬
‫ميز هذه المرحلة التاريخية من جهة الهياكل القاعدية‪ ،‬هو مضاعفة قاعات العالج بين سنتي ‪1969‬‬
‫وما ّ‬
‫و‪ 1979‬محاولة من المسؤولين منح األولوية للعالج األولي‪ ،‬وذلك عن طريق توفير قاعات العالج والمراكز‬
‫الصحية على مستوى كل بلدية أو على مستوى كل حي‪ ،‬والهدف من هذه الهياكل القاعدية هو قبل كل‬
‫شيء الوقاية‪ ،‬نظ ار لخصوصية المجتمع الجزائري الشاب‪ ،‬وكذلك إنشاء العيادات متعددة الخدمات بداية من‬
‫سنة ‪.1974‬‬
‫وبما أن نسبة ‪ % 37‬من السكان فقط كانت ممونة بالمياه الصالحة للشرب‪ ،‬و‪ %23‬تتوفر بها قنوات‬
‫الصرف الصحي‪ ،1‬وما تحمله هذه األرقام من مؤشرات النتشار األمراض المتنقلة عن طريق المياه‪ ،‬لم تقف‬
‫الدولة موقف المتفرج‪ ،‬بل أخذت التدابير من أجل تنفيذ بعض البرامج التي سطرت بهذا الشأن والتي تعتبر‬
‫ذات أولوية بالغة مثل؛ التكفل بالطب المجاني لألطفال من طرف الدولة‪ ،‬سواء في إطار مراكز حماية‬
‫الطفولة واألمومة أو في إطار الطب المدرسي‪ ،‬كما صدر في هذه األثناء مرسوم رقم ‪ ،96- 69‬المؤرخ‬
‫في ‪ 9‬جويلية سنة ‪ 1969‬والقاضي بإلزامية التلقيح ومجانيته‪ ،‬هذه األخيرة التي تعتبر خطوة إيجابية ترمي‬

‫‪1‬‬
‫‪- http://www.el-massa.com/ar/content/view/61937/‬‬

‫‪160‬‬
‫إلى القضاء على األمراض المعدية‪ ،‬كما تم إقرار التكفل الشامل من طرف الدولة لمكافحة بعض األوبئة‬
‫مثل مرض السل‪ ،‬من خالل إنشاء المراكز الخاصة بمكافحة مرض السل‪ ،‬ليصبح عالجه مجانيا‪ ،‬ونفس‬
‫الشيء بالنسبة لمرض الشلل وسوء التغذية‪ ،‬فضال عن عملية توزيع وتنظيم الوالدات بمراكز حمايــة األمومة‬
‫والطفولة‪.‬‬
‫وميز هذه المرحلة التاريخية كذلك‪ ،‬بداية الحمالت الوطنية للتلقيح ‪ ،1970- 1969‬التلقيح ضد الشلل‬
‫ومكافحة المالريا بداية من سنة ‪ 1965‬بالمناطق الوبائية‪ ،‬وذلك مع البرامج المسطرة من طرف منظمة‬
‫الصحة العالمية‪ .‬كما ضمت هذه المقاييس مكافحة مرض الرمد‪ ،‬واإلعالن عنه إجباريا‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫برنامج الحماية من حوادث العمل ووضع لجان النظافة والوقاية‪.‬‬
‫كان قرار مجانية الطب خطوة أولى في طريق إعطاء فعالية أكثر للقطاع الصحي وتوحيد نظامه ككل‬
‫ووضع برامج صحية‪ ،‬لها ارتباط وثيق بالمشاكل االجتماعية واالقتصادية لألفراد‪ ،‬وذلك بتسخير كافة الوسائل‬
‫واإلجراءات لحماية الصحة وترقيتها‪ ،‬وتعميم مجانية العالج الصحي‪.‬‬
‫وانطالقا من ذلك‪ ،‬أصبح العالج مهمة وطنية يستوجب اتخاذ إجراءات هامة وحاسمة من أجل تدعيمها‬
‫خاصة في مجال التعليم والتكوين‪ ،‬والزيادة في عدد الهياكل القاعدية‪ ،‬مع التطبيق الصارم للتوازن الجهوي‬
‫في ذلك‪ .‬بموجب القرار السياسي الخاص بالطب المجاني في جميع القطاعات الصحية‪ ،‬وبالموازاة مع هذا‬
‫توحيد النظام الوطني للصحة وتطبيقه‪ ،‬وتبع هذا اإلصالح قرار وزاري مشترك صادر في جانفي ‪ 1974‬تم‬
‫بموجبه تحويل هياكل التعاضديات الفالحية إلى مصالح الصحة‪ ،‬باإلضافة إلى توحيد الميزانية على مستوى‬
‫القطاعات الصحية والتكفل المالي بعمال الصحة من طرف الواليات‪ ،‬بعدما كانت تابعة للو ازرة‪ ،‬وتحويل‬
‫جميع المراكز الطبية االجتماعية التي كانت تابعة لصندوق الضمان االجتماعي والتعاضديات إلى و ازرة‬
‫الصحة‪ .‬وهكذا أصبح النظام الصحي الوطني يضم جميع الهياكل الصحية مهما كانت مهامها أو مجال‬
‫نشاطاتها‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬نص الميثاق الوطني لـ ‪ ،1976‬على حق المواطن في الطب المجاني‪ ،‬حيث جاء فيه‬
‫«الطب المجاني مكسب ثوري وقاعدة لنشاط الصحة العمومية‪ ،‬وتعبير عملي عن التضامن الوطني ووسيلة‬
‫تجسد حق المواطن في العالج»‪ .‬كما دعم دستور ‪ 1976‬هذا الحق وذلك في المادة ‪ 67‬منه والتي تنص‬

‫‪161‬‬
‫صراحة بأن «كل المواطنين لهم الحق في حماية صحتهم وهذا الحق مضمون بخدمات صحية عامة‬
‫‪1‬‬
‫ومجانية وبتوسيع الطب الوقائي»‪.‬‬
‫وبالرغم من حداثة االستقالل والظروف الصعبة التي ميزت المرحلة وطنيا ودوليا استطاعت الجزائر أن‬
‫تحقق تطو ار في القطاع الصحي‪ ،‬وهذا من خالل تشجيع التنمية البشرية وتكوين اإلطارات الطبية وشبه‬
‫الطبيـة‪ ،‬وفي مقابل هذا التطور في الموارد البشرية‪ ،‬ظهرت عدة مشاكل تتمثل في هجرة األدمغة خاصة‬
‫األطباء‪ ،‬تمركز اإلطارات الطبية في المدن الكبرى‪ ،‬عدم التوازن في التخصصات بما فيها الطبية‪ ،‬قلة وتيرة‬
‫التطور في التنمية البشرية‪ ،‬بحكم الحاجيات والتحديات محليا ودوليا‪.‬‬
‫أما بشأن تطور الموارد المادية‪ ،‬فتميزت هذه المرحلة بنوع من االستقرار من حيث الهياكل القاعدية‪ ،‬ومع‬
‫هذا‪ُ ،‬سجل ارتفاع محسوس في عدد العيادات متعددة الخدمات‪ ،‬من حيث هي همزة الوصل بين المراكز‬
‫الصحية وقاعات العالج من جهة‪ ،‬والمستشفيات والقطاعات الصحية من جهة أخرى‪.‬‬
‫إن المؤشرات الصحية لعام ‪ 1979‬مثال تؤكد بعض التطور المتمثل في انخفاض معدل الوفيات‬
‫اإلجمالي ‪ 15.1‬من األلف‪ ،‬وفيات األطفال ‪ 122‬من األلف والوالدات ‪ 46.5‬من األلف‪ ،‬بينما ارتفع معدل‬
‫العمر إلى ‪ 52.5‬سنـ ــة‪.‬‬
‫كما تميز النظام الصحي في نهاية هذه المرحلة (‪ )1979‬إلى حد ما بالمركزية حقيقية للعالج‪ ،‬وايصال‬
‫واسع للعالج إلى المواطن‪ ،‬وهذا بواسطة تدعيم القطاع الصحي في كل من الدائرة والوالية‪ ،‬والوقاية من‬
‫األمراض بالمناطق الريفية مع التكفل باالستشفاء‪ .‬وحتى يقوم القطاع الصحي من خالل المستشفى بالمهام‬
‫المنوطة به‪ ،‬تم اقتراح ما يسمى بالقطاعات الصحية الفرعية‪ .‬وبدأت ثمار إصالح العلوم الطبية واعادة‬
‫ترتيب التكوين شبه الطبي‪ ،‬تظهر بوضوح‪ ،‬حيث لوحظ ارتفاع محسوس للسلك الطبي بمختلف رتبهم‬
‫(كاألستاذ واألستاذ المحاضر‪ ،‬األستاذ المساعد‪ ،‬الطبيب المختص‪ ،‬والطبيب العام‪ ،‬باإلضافة إلى أعوان‬
‫شبه الطبي‪ ،‬ففي هذه السنة (‪ )1979‬بلغ عدد الهيئة الطبية الجزائرية ‪ 3761‬طبيبا‪ ،‬مقابل ‪ 2320‬طبيبا‬
‫أجنبيا‪ ،‬وهذا المجموع من األطباء(‪ )6081‬يضمنون تغطية صحية‪ ،‬تعادل طبيبا واحدا لكل ‪ 2960‬نسمة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن عدد أعوان الشبه الطبي وصل إلى ‪ 46669‬ممرضا وعونا بمختلف التخصصات‬
‫والفروع‪ ،‬وهذا ما يمثل تغطية شبه طبية تتمثل في عون شبه طبي واحد لكل ‪ 386‬نسمة‪ ،‬أما بشأن الموارد‬
‫المادية‪ ،‬فنالحظ ظهور هياكل جديدة من نمط العيادة متعددة الخدمات التي جاءت إليصال العالج لكل‬

‫‪ -1‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،104‬األمر رقم ‪ 65 -63‬الصادر في ‪ 03‬ذو الحجة ‪ 1393‬ه الموافق لـ ‪ 28‬ديسمبر ‪ 1973‬م‪ ،‬يتضمن قانون المالية‬
‫لسنة ‪ 1974‬م المتعلق بتأسيس الطب المجاني‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫المواطنين عبر كامل التراب الوطني‪ ،‬والقضاء على الفوارق بين المناطق‪ ،‬باإلضافة إلى انجاز بعض‬
‫البناءات وتوسيع الهياكل القاعدية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬السياسـة الصحيـة من ‪ 1979‬الى ‪2007‬‬


‫ما ميز هذه المرحلة هو إنشاء هياكل صحية جديدة سنة ‪ ،1986‬وهي المراكز االستشفائية الجامعية وفي‬
‫نهاية الثمانينيات‪ ،‬جاء دستور ‪ 23‬فيفري ‪ 1989‬ليحدد تدخل الدولة في مجال الوقاية ومكافحة األمراض‬
‫المعدية‪ ،‬كما نصت عليه المادة ‪ 51‬من الدستور سالف الذكر‪ ،‬والتي تقول أن‪" :‬الرعاية الصحية حق‬
‫للمواطنين‪ ،‬تتكفل الدولة بالوقاية من األمراض المعدية وبمكافحتها"‪ ،‬ويؤكد ذلك قانون المالية لسنة ‪1993‬‬
‫حيث نص على أنه بداية من هذه السنة‪ ،‬فإن مجال تدخل الدولة سيكون في الوقاية والتكفل بالمعوزين‬
‫والتكوين‪ ،‬مع البحث في العلوم الطبية‪ ،‬أما باقي العالجات‪ ،‬فتتم وفق اتفاق بين المؤسسات االستشفائية‬
‫وهيئات الضمان االجتماعي‪.‬‬
‫كماعرفت هذه المرحلة إعادة تنظيم المؤسسات الصحية من حيث التنظيم والتسيير وذلك سنة ‪ ،1997‬من‬
‫خالل المراسيم التنفيذية الخاصة بالمؤسسات االستشفائية المتخصصة )‪ (EHS‬والقطاعات الصحية )‪(SS‬‬
‫والمراكز االستشفائية الجامعية )‪ ،(CHU‬وفي سنة ‪ ،2007‬أعيد تنظيم القطاعات الصحية لتصبح‬
‫المؤسسات العمومية االستشفائية )‪ (EPH‬والمؤسسات العمومية للصحة الجوارية )‪ (EPSP‬أي فصل‬
‫االستشفاء عن العالج والفحص‪ ،‬وهي نوع من الالمركزية هدفها تسهيل الوصول إلى العالج وتقريب‬
‫المستشفى أو المؤسسة الصحية من المواطن وقد عرفت هذه المرحلة تطور عدد الهياكل القاعدية وكذا عدد‬
‫المستخدمين‪.1‬‬
‫أما المؤشرات الصحية الخاصة بسنة ‪ ،2005‬فقد عرفت تحسنا‪ ،‬لكنه غير كاف‪ ،‬وخير دليل على ذلك‬
‫تقرير المنظمة العالمية للصحة بشأن الجزائر‪ ،‬حيث اعتبرت المنظمة أنه بالرغم من المبالغ المالية العمومية‬
‫المرصودة للقطاع الصحي في الجزائر والمقدرة بـ ‪ ٪ 9.1‬من الميزانية العامة‪ ،‬إال أن الخدمات الصحية ال‬
‫سيما ما يتعلق بوفيات األطفال‪ ،‬كانت دون المستوى‪ ،‬والسبب في ذلك عدم وجود سياسة واستراتيجية ناجعة‬
‫وسوء توزيع األطباء والتفاوت‪ ،‬فيما يخص الرعاية الصحية‪ .‬ومن أهم المؤشرات‪ ،‬نجد وفيات األطفال األقل‬

‫‪ -1‬الجريدة الرسمية رقم ‪، 81‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 2 ،465-97‬ديسمبر ‪ ،1997‬المتعلق بتحديد قواعد إنشاء وتنظيم وتشغيل المؤسسات اإلستشفائية المتخصصة؛‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ ، 81‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 2 ،466 -97‬ديسمبر ‪ ،1997‬المتعلق بتحديد قواعد إنشاء وتنظيم وتشغيل القطاعات الصحية؛‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ ، 81‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 2 ،467 -97‬ديسمبر ‪ ،1997‬المتعلق بتحديد قواعد إنشاء وتنظيم وتشغيل المراكز اإلستشفائية الجامعية‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫من ‪ 5‬سنوات ‪ 40.5‬من األلف‪ ،‬حسب المنظمة وحسب الجزائر‪ ،‬فهي ‪ 35.8‬من األلف‪ ،‬بينما بلغ معدل‬
‫الحياة ‪ 74.8‬سنة‪ ،‬في الوقت الذي بلغت فيه التغطية التلقيحية ضد الشلل ‪ %98‬والدفتيريا‪ ،‬الكزاز والسعال‬
‫الديكي بـ ‪ ،%87‬والتلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي ‪ ،% 81‬أما متوسط توزيع األطباء فنجد طبيبا واحدا‬
‫تقريبا لكل ألف مواطن وأقل من سريرين لكل ألفي مواطن‪ ...‬فإذا كانت التغطية الطبية تقارب المتوسط‬
‫العالمي على المستوى الكلي‪ ،‬فعلى المستوى الجزئي‪ ،‬نجد تفاوتا كبي ار بين الواليات والجهات‪ ،‬مما يترجم‬
‫سوء توزيع األطباء وعدم التحكم في التوازن الجهوي‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬القطاع الصحي اليوم‬


‫يجمع المتتبعون للقطاع الصحي على أن هذا األخير شهد تحسنا من حيث الكم والنوع‪ ،‬بفضل االهتمام‬
‫الذي أولته الدولة لهذا القطاع‪ ،‬غير أن هناك اختالالت مازالت تعتري مجال الصحة‪ ،‬حسب‬
‫تقديرات المختصين‪.‬‬
‫وكانت العشرية (‪ )2002-1992‬غنية باإلنجازات‪ ،‬حيث شهدت ميالد عدة مؤسسات دعمت القطاع على‬
‫غرار المخبر الوطني لمراقبة المواد الصيدالنية ومعهد باستور (الجزائر) الذي أصبح مخب ار مرجعيا لمنظمة‬
‫الصحة العالمية في مجال المراقبة والتكوين حول مقاومة الجراثيم للضمادات الحيوية‪.‬‬
‫وتضاف إلى هذه المؤسسات الصيدلية المركزية للمستشفيات والوكالة الوطنية للدم والمركز الوطني لليقظة‬
‫الصيدالنية والمركز الوطني لمكافحة التسمم والوكالة الوطنية للتوثيق الصحي‪.‬‬
‫كما عرفت هذه المرحلة إعادة النظر في النصوص القانونية المسيرة للمؤسسات الصحية‪ ،‬بما فيها‬
‫المستشفيات الجامعية والمؤسسات المتخصصة والمراكز الصحية‪ ،‬باإلضافة إلى تطبيق النظام المسير‬
‫للنشاطات اإلضافية بين القطاعين العمومي والخاص فضال عن إعادة بعث البرامج الوطنية‪ ،‬تحديد سياسة‬
‫لألدوية في مجال االستيراد‪ ،‬المراقبة والتوزيع‪.‬‬
‫وعرفت المرحلة األخيرة الممتدة بين ‪ 2002‬و‪ 2012‬محدودية في الخدملت المقدمة بسبب معاناة المؤسسات‬
‫من عدة اختالالت هيكلية وتنظيمية‪ ،‬مما دفع بالسلطات العمومية إلى اتخاذ مبادرة سياسة إصالح‬
‫المستشفيات التي تهدف إلى تخطيط وتنظيم العالج بها‪ ،‬كما تهدف السياسة الجديدة إلى عصرنة النشاطات‬
‫تماشيا مع الطلبات الجديدة‪ ،‬مما يسمح بتوفير خدمة ذات نوعية مع المحافظة على مبدئي العدالة والتضامن‬
‫المكرسين من طرف الدولة‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫كما عرف القطاع من جانب آخر‪ ،‬انتقاال للوضعية الديموغرافية والوبائية للسكان‪ ،‬ما أدى إلى تعزيز العالج‬
‫الجواري من أجل تقريب الصحة من المواطن‪ ،‬حيث باشرت السلطات العمومية في تطبيق تنظيم جديد‬
‫للمؤسسات الصحية في سنة ‪ ،2007‬يهدف إلى فصل مهام المستشفيات الجامعية عن تلك التي تضمن‬
‫عالجا قاعديا أسفر عن تأسيس الطب الجواري الذي قرب العالج من المواطن‪ ،‬كما برز تقسيم جديد‬
‫للمؤسسات الصحية على غرار المؤسسات العمومية االستشفائية والمؤسسات العمومية للصحة الجوارية التي‬
‫تشمل أيضا قاعات للعالج والعيادات متعددة الخدمات‪ ،‬واستفاد القطاع من سنة ‪ 2005‬إلى ‪ 2009‬من‬
‫غالف مالي بقيمة ‪ 244‬مليار دينار‪ ،‬تم استثماره في إنجاز ‪ 800‬مؤسسة استشفائية وجوارية‪.‬‬

‫وبخصوص تغطية اللقاحات‪ ،‬حقق القطاع خالل العشرية األخيرة عدة مكاسب‪ ،‬تمثلت في تعميم التغطية‬
‫اللقاحية بنسبة ‪ 90‬بالمائة‪ ،‬مما ساهم في القضاء على عدة أمراض خطيرة أدت خالل السنوات األولى‬
‫لالستقالل إلى الوفيات واإلعاقات إلى جانب القضاء على األمراض المتنقلة وتراجع الوفيات لدى األطفال‬
‫إلى معدل حددته المنظمة العالمية للصحة‪ ،‬باإلضافة إلى انخفاض وفيات الحوامل بنسبة ‪ 5‬بالمائة كل‬
‫سنة‪ .‬فيما تعزز القطاع بتجهيزات طبية عصرية لعبت دو ار هاما في الكشف المبكر والتشخيص الدقيق‬
‫لألمراض المزمنة التي سجلت ظهورها خالل السنوات األخيرة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع المؤسسات العمومية للصحة واإلطار القانوني والتنظيمي الخاص بها‬

‫يضم القطاع العام للصحة في الجزائر عدة أنواع من المؤسسات التي تسير بنفس الطريقة طبقا لقواعد‬
‫القانون اإلداري ومبادئ المحاسبة العمومية‪ ،‬وسنتطرق اليها بالتفصيل فيمايلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أنواع المؤسسات العمومية للصحة‬

‫تقسم المؤسسات العمومية للصحة طبقا للتشريعات المعمول بها في الجزائر الى أربع أنواع وهي‪:‬‬

‫‪-1‬المراكز االستشفائية الجامعية‪ :‬حيث جاء في المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 467-97‬المحدد‬
‫لقواعد إنشاء وتنظيم المراكز االستشفائية الجامعية أن المركز االستشفائي الجامعي هو مؤسسة عمومية‬
‫ذات طابع إداري تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي ويتم إنشاؤها بموجب مرسوم تنفيذي بناء‬
‫على اقتراح مشترك بين الوزير المكلف بالصحة والوزير المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫ويوجد على المستوى الوطني ‪ 13‬مرك از استشفائيا جامعيا‪ ،‬مخصصا لتقديم العالجات ذات المستوى العالي‬
‫من الدقة‪ ،‬كما تعتبر مراكز لمتابعة الدراسات العليا والمتخصصة في المجال الطبي والتكفل بالبحث العلمي‪.‬‬

‫‪ -2‬المؤسسات االستشفائية المتخصصة‪ :‬عرفت المواد ‪ 04،03،02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪– 97‬‬
‫‪ ،466‬المحدد لقواعد إنشاء وتنظيم المؤسسة االستشفائية المتخصصة على أنها مؤسسة عمومية ذات طابع‬
‫إداري تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وتتكون من هيكل واحد أو هياكل متعددة ومتخصصة‬
‫للتكفل باألمراض المزمنة‪ ،‬أو التي تصيب جها از معينا‪ ،...‬وقد أكدت المادة ‪ 18‬من نفس الرسوم في فقرتها‬
‫الثانية أن الهيكل التنظيمي للمؤسسة االستشفائية المتخصصة يحدد بقرار مشترك بين الوزير المكلف‬
‫بالصحة والوزير المكلف بالمالية والسلطة المكلفة بالوظيف العمومي‪.‬‬

‫‪-3‬المؤسسات العمومية االستشفائية‪ :‬تم إنشاء المؤسسة العمومية االستشفائية بمقتضى المرسوم التنفيذي‬
‫‪ 140-07‬المؤرخ في ‪ 19‬مايو ‪ 2007‬المتعلق بإنشاء المؤسسات العمومية االستشفائية والمؤسسات‬
‫العمومية للصحة الجوارية‪ ،‬جاء في المادة الثانية من المرسوم ‪ 140-07‬تعريف المؤسسة العمومية‬
‫االس تشفائية على أنها مؤسسة عمومية ذات طابع اداري تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‬
‫وتوضع تحت سلطة الوالي‪ ،‬وهي تتكون من هياكل موجهة لتشخيص األمراض وعالجها‪ ،‬استقبال المرضى‬
‫من اجل االستشفاء و لتكفل بالطلب للعالج بصفة كاملة ومتسلسلة ‪ ,‬يمكن لهذه المؤسسة تغطية الحاجات‬
‫الصحية لبلدية واحدة أو عدة بلديات‪ ،‬وفي هذا اإلطار تتولى على مستوى االختصاص اإلقليمي المحدد‬
‫لها‪:‬‬

‫ضمان تنظيم وبرمجة وتوزيع العالج والتشخيص واعادة التأهيل الطبي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تطبيق البرامج الوطنية للصحة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان حفظ الصحة ونظافة المحيط‪ ،‬ومكافحة اآلفات االجتماعية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان تحسين مستوى مستخدمي الصحة وتجديد معارفهم العلمية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -4‬المؤسسات العمومية للصحة الجوارية‪ :‬تعتبر هي األخرى مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وتكون تحت سلطة الوالي‪ ،‬تنص المادة ‪ 07‬من المرسوم ‪-07‬‬
‫‪ 140‬أن المؤسسة العمومية للصحة الجوارية تتكون من مجموعة من العيادات المتعددة الخدمات وقاعات‬
‫العالج‪ ،‬لتغطية الحاجات الصحية لمجموعة من السكان في بلدية واحدة أو أكثر‪ ،‬وهي تتكفل بـ‪:‬‬

‫‪166‬‬
‫الوقاية والعالج القاعدي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تشخيص األمراض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫النشاطات العالجية الجوارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان الفحوصات الطبية على مستوى الطب العام والطب المتخصص القاعدي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان التكفل بالطب في مجال الصحة اإلنجابية والتخطيط العائلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تنفيذ البرامج الوطنية للصحة والسكان‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المساهمة في ترقية وحماية البيئة والمحيط في المجاالت التي لها عالقة بالصحة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المساهمة في تكوين مستخدمي الصحة وتجديد معارفهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إضافة إلى هذه األنواع األربعة‪ ،‬نص المرسوم الرئاسي على إنشاء مؤسسات استشفائية تتميز بالطابع‬
‫الخاص‪ ،‬أي في شكل مؤسسات عمومية ذات طابع خاص‪ ،‬ومن بين هذه المؤسسات المؤسسة االستشفائية‬
‫الجامعية لوهران التي تم إنشاؤها بمقتضى المرسوم الرئاسي ‪ ، 270-03‬وقد أعطيت صفة الطابع الخاص‬
‫لهذه المؤسسات بغرض تسييرها بطريقة تختلف عن التسيير العادي لباقي المؤسسات العمومية للصحة‪ ،‬في‬
‫إطار السعي إلى إنشاء "المستشفى المؤسسة " بإدخال قواعد القانون التجاري‪ ،‬لكن في الواقع تسير هذه‬
‫المؤسسات بالطريقة ذاتها‪ ،‬طبقا لقواعد القانون اإلداري والمحاسبة العمومية‪ ،‬ووفق نفس الهيكل التنظيمي‬
‫للمصالح اإلدارية والتقنية‪ ،‬مع مراعاة النظم والنصوص القانونية واالختالفات الناتجة عن طبيعة الخدمات‬
‫الصحية المقدمة من قبل كل مؤسسة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلطار القانوني والتنظيمي للمؤسسات العمومية للصحة‬

‫تتمثل األجهزة التسييرية للمؤسسات العمومية للصحة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬مدير المؤسسة‪ :‬يعتبر مدير المؤسسة العمومية للصحة المسؤول على التسيير الحسن والفعال للمؤسسة‬
‫إذ له صالحيات واسعة أهمها‪:‬‬

‫تمثيل المؤسسة أمام العدالة وفي جميع أعمال الحياة المدنية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اآلمر بالصرف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحضير مشاريع الميزانية ووضع حسابات المؤسسة وتنفيذها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪167‬‬
‫وضع مشروع النظام الداخلي للمؤسسة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ممارسة السلطة السلمية على جميع مستخدمي المؤسسة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -2‬مجلس اإلدارة‪ :‬عبارة عن هيئة تداولية‪ ،‬تساهم في التسيير اليومي للمؤسسة العمومية للصحة عن‬
‫طريق المداوالت التي يقوم بها في إطار المواضيع المحددة له قانونا‪ ،‬والتي تشمل جميع نواحي التسيير‬
‫اإلداري والمالي وعلى الخصوص‪ :‬المخطط التنموي للمؤسسة‪ ،‬اعتماد الميزانية والحسابات التقديرية‪ ،‬اعتماد‬
‫مشروع النظام الداخلي للمؤسسة‪.‬‬

‫يتم تنفيذ مداوالت المجلس من طرف مدير المؤسسة‪ ،‬بعد موافقة الوصاية (مديرية الصحة السكان)‪.‬‬

‫‪ -3‬المجلس الطبي‪ :‬يعتبر المجلس الطبي للمؤسسة العمومية للصحة مجرد هيئة استشارية ليس له أي‬
‫سلطة في اتخاذ الق اررات‪ ،‬واآلراء التي يصدرها آراء بسيطة ال تلزم موافقتها أو تطبيقها من طرف السلطات‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المراكز االستشفائية الجامعية لها مجلس علمي عوض المجلس الطبي‪ ،‬وله نفس‬
‫االختصاصات باإلضافة الى االهتمام بمجال البحث العلمي‪.‬‬

‫وتساعد هذه األجهزة التسييرية أربعة مديريات فرعية تتمثل في‪:‬‬

‫أ‪ -‬المديرية الفرعية للمالية والوسائل‪ :‬والتي تهتم بالتسيير المالي والمحاسبي للمؤسسة العمومية للصحة‬
‫من خالل المكاتب الثالثة التابعة والمتمثلة في‪:‬‬

‫‪ -‬مكتب الميزانية ‪ :‬تتمثل وظيفته األساسية في تحضير الميزانية التقديرية ومتابعة تنفيذها بعد مصادقة‬
‫مجلس اإلدارة والهيئات الوصية‪ ،‬كما يقوم بإعداد مختلف الوثائق المالية‪.‬‬
‫‪ -‬مكتب المحاسبة‪ :‬يستعمل المكتب محاسبة المواد كوسيلة لمتابعة حركة مخزون المؤسسة من مواد‬
‫صيدالنية ومواد التسيير العادي للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬مكتب حساب التكاليف‪ :‬يهتم المكتب بمتابعة تكاليف المؤسسة وتحليليها في مختلف المجاالت‬
‫ومقارنتها بالنشاطات التي تقدمها المؤسسة ومواردها‪ ،‬ويعتمد هذا المكتب على نظام المحاسبة التحليلية التي‬
‫تم إدراجها على مستوى المؤسسات العمومية للصحة بمقتضى التعليمة الو ازرية رقم ‪ 15‬الصادرة في ديسمبر‬
‫‪.2001‬‬

‫‪168‬‬
‫ب‪ -‬المديرية الفرعية للمصالح الصحية‪ :‬تهتم بتنظيم وتقييم مختلف نشاطات المصالح الطبية واالستشفائية‬
‫وهي تضم المكاتب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مكتب الدخول‪ :‬يهتم المكتب بمتابعة وتسوية الوضعية التنظيمية للمريض أثناء فترة تواجده بالمؤسسة‬
‫كما يعتبر المكتب المصدر الرئيسي للمعلومات المتعلقة بنشاطات المؤسسة والخدمات التي تقدمها‪ ،‬من‬
‫خالل اإلحصائيات التي يقوم بها والمتعلقة بعدد المرضى‪ ،‬تكاليف الخدمات الصحية‪...‬‬
‫‪ -‬مكتب التنظيم وتقييم المصالح الصحية‪ :‬يهتم المكتب بتنظيم نشاطات المصالح الصحية‪ ،‬عن طريق‬
‫إعداد قائمة المناوبات الطبية‪ ،‬وتسيير صيدلية المؤسسة ومختلف الهياكل القاعدية‪.‬‬

‫ج‪ -‬المديرية الفرعية للموارد البشرية‪ :‬تهتم هذه المديرية بالتسيير اليومي العادي والتسيير التقديري للموارد‬
‫البشرية للمؤسسة الصحية‪ ،‬وذلك من خالل المكاتب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مكتب التسيير الموارد البشرية‪ :‬يهتم المكتب بمتابعة المسار المهني لمختلف أسالك المؤسسة العمومية‬
‫للصحة‪.‬‬
‫‪ -‬مكتب األجور‪ :‬يهتم المكتب بإعداد أجور الموظفين‪.‬‬

‫د‪ -‬المديرية الفرعية لصيانة األجهزة الطبية واألجهزة المرافقة‪ :‬وهي تهتم بصيانة ومتابعة العتاد الطبي‬
‫ومختلف أجهزة المؤسسة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مشاكل التسيير والتمويل المتعلقة بالقطاع‬


‫يتميز تسيير المصالح الصحية بمركزية مفرطة وجامــدة‪ ،‬وغياب االستقاللية في التسيير‪ ،‬كما أن اإلدارة‬
‫والتنظيم تسببا بصفة خطيرة في تكاليف إضافية في الميزانيات‪ ،‬فاألسعار الجزافية وغياب المحاسبة حولوا‬
‫المسؤولين الى منفقين اذ ال يوجد تحكم في النفقات بل أكثر من ذلك ليس هناك قياس لتأثير هذه األخيرة‬
‫على سير المصالح وتحسين الخدمات الصحية‪ ،1‬وسنحاول فيما يلى التطرق ألهم المشاكل التسييرية التي‬
‫يعاني منها قطاعنا الصحي والتي تحد من تقدمه وكذا مواكبته لقطاعات دول أخرى امكانياتها تقل بكثير‬
‫عن امكانيات الجزائر لكنها رغم ذلك تمكنت من قطع أشواط كبيرة وتحسين خدماتها الصحية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Saihi Abdelhak, Op cit, P242.‬‬

‫‪169‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الميزانية االجمالية‬
‫عرف نظام تمويل الصحة فترتين كبيرتين متباينتين‪ :‬األولى كانت تشرك ثالث موارد أساسية‪ ،‬وهي الدولة‬
‫من خالل مساهمتها للمعوزين‪ ،‬والحماية االجتماعية التي تتكفل بنفقات منخرطيها‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬الدفع المباشر‬
‫الذي يتكفل به المنتفعون والمنتمون عموما للطبقة الميسورة الحال‪ .‬خالل هذه الفترة الممتدة من ‪ 1962‬إلى‬
‫‪ ،1974‬كانت كيفيات الدفع تتم على أساس السعر اليومي وتعريفة الكشف الطبي‪.‬‬
‫الثانية أنشئ أثناءها الطب المجاني والممتدة من ‪ 1974‬إلى يومنا هذا والتي تمتاز بوضع طريقة جديدة‬
‫للتمويل والمسماة الميزانية اإلجمالية التي حلت محل اآللية القديمة المؤسسة على تعريفة بالسعر اليومي‪.‬‬
‫يشكل هذا االصالح المتعلق بالتمويل الذي أنشئ في ‪ 1974‬تحوال خطي ار بحيث هيأ المرور من منطق‬
‫تسيير إلى منطق إنفاق االعتمادات المالية‪.‬‬

‫كانت آلية التمويل المبنية على السعر اليومي تحث المسيرين على التمسك بالمحاسبة التحليلية التي تسمح‬
‫بمتابعة تزايد التكاليف وبالتحكم فيها‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬أدت صيغة الموازنة اإلجمالية بالمسيرين إلى التنصل من‬
‫المسؤولية المعلن عنها بحيث يطلب منهم فقط "إنفاق" ميزانية موزعة بالتفصيل وبطريقة مركزية ما بين‬
‫أبواب‪ ،‬فصول ومواد‪ ،‬وهو ما أدى الى انتقال مديري المستشفيات من وضعية "مسيرين" إلى وضعية‬
‫"منفقين"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬هيمنة تمويل المنشآت على تمويل وحدات العالج‬


‫في كل هذه اإلجراءات التي تخص الميزانية من السهل أن نالحظ عدم وجود‪ ،‬في أي مكان‪ ،‬مراسلة تتعلق‬
‫بمشاكل الصحة المتفشية‪ ،‬اذ هناك تفاوت كبير بين الموارد الممنوحة وتدخالت الصحة الواجب القيام بها‪.‬‬
‫كبير من‬
‫ا‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬الموارد الممنوحة ال تأخذ في الحسبان "طلبات المستفيدين"‪ ،‬اذ نالحظ عددا‬
‫المؤسسات التي تحقق مستوى ضعيفا من النشاطات الصحية لكن تستهلك الميزانية كليا (الميزانية األولية)‪.‬‬
‫ويمكن العثور على هذا النوع من الحاالت في الجزائر‪ ،‬مثال‪ :‬نجد الكثير من عيادات الوالدة المتواجدة‬
‫بالمناطق الريفية التي تحقق عددا ضعيفا من الوالدات‪ ،‬غير أن تكاليف المنشآت (التكاليف الثابتة) تنفق‬
‫بصفة عادية‪ ،‬لذلك من األجدر أن تهيأ هذه المنشآت وفقا للنشاطات التي تقوم بها؛‬
‫كما يوجد عدد كبير من المستشفيات التي أنجزت في فترة الثمانينات والتي ال تشتغل بسبب غياب التجهيزات‬
‫واألطباء المختصين حاليا‪ ،‬وبالتالي ينفق المستشفى كل ميزانيته لكن بنشاط استشفائي ضعيف‪ ،‬بالفعل‬

‫‪170‬‬
‫يستقبل المرضى لكنه يقوم باالنتقاء وابقائهم يوما على األكثر ثم يرسلهم إلى المؤسسات االستشفائية‬
‫المتخصصة الموجودة في المدن الكبرى كالجزائر ووهران وقسنطينة‪ .‬نظ ار لهذا الواقع‪ ،‬يتحمل المستشفى‬
‫المرسل نفقات المستشفى المستقبل دون الحصول على التعويض المالي‪ ،‬مما يترجم بالنسبة له بصعوبات‬
‫في الميزانية تثقل كاهله‪ .‬كان باإلمكان أن تسوى هذه الوضعية بواسطة عالقة تعاقدية بتسديد الخدمات‬
‫المقدمة‪ ،‬أو يبدو منطقيا أكثر على المستوى االقتصادي والصحي تحويل هذه المستشفيات ذات النشاط‬
‫القليل الى منشآت صحية خفيفة (‪ )structures sanitaires légères‬للتمكن من تحويل جزء من‬
‫االعتمادات المالية للمنشآت االستشفائية الكبرى‪.‬‬

‫هناك جانب آخر هام أفسد التسيير االستشفائي ويجب التطرق إليه‪ :‬إنه اإلجراء المسمى "تعيير‬
‫‪ ."normalisation‬بالفعل‪ ،‬فإن التسيير المركزي الشديد واجراءات التخطيط دفعت وزير الصحة خالل‬
‫الثمانينات ليس فحسب إلى تعيير المنشآت االستشفائية (‪ 120‬إلى ‪ 140‬سرير) بل كذلك المستخدمين‬
‫بمعنى حدد نمط المستخدمين للمنشآت الصحية الموحدة النمط في ذاتها‪ ،‬فوجدنا أنفسنا أمام وضعيات‬
‫متناقضة‪ ،‬فنجد مثال مستوصفا يتوفر على عدد من المستخدمين موحد النمط يتمثل في ‪ 10‬أطباء‪ ،‬واذا‬
‫انخفض نشاطه ألسباب مختلفة وخالل مدة طويلة‪ ،‬يواصل رغم هذا في العمل بنفس عدد المستخدمين‬
‫الطبيين حتى ولو بقي العشرة (‪ )10‬أطباء بدون عمل طبي‪ ،‬وذلك بسبب جمود تسيير المستخدمين التابعين‬
‫للوظيف العمومي ولو ازرة المالية (المناصب المالية)‪ ،‬حيث ال يتم إعادة نقل المستخدمين إلى منشأة تعمل‬
‫أكثر‪ ،‬أو خارجة عن القطاع‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن صيغة الميزانية اإلجمالية تتميز بعدم فعالية وظيفية بحيث ال يمكن التمييز جيدا بين‬
‫الوقاية والعالج‪ .‬بالفعل‪ ،‬تضم القطاعات الصحية بالجزائر عموما مستشفى ذي طابع عام ومجموعة من‬
‫المنشآت الخفيفة (مستوصفات متعددة االختصاصات‪ ،‬مراكز صحية‪ ،‬قاعات للعالج‪ ،‬حماية األمومة‬
‫والطفولة‪ ،)...‬وباعتبار أن الميزانية الممنوحة تكون واحدة‪ ،‬فان هذه الوحدوية المالية والمحاسبية تدفع رؤساء‬
‫هذه القطاعات إلى توجيه جل هذه االعتمادات المالية نحو الهياكل االستشفائية (العالج) مهملين بذلك‬
‫الهياكل الخفيفة (الوقاية)‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التسيير والسياسة االجتماعية‬
‫عرف قطاع الصحة كباقي القطاعات األخرى تدخال قويا للدولة في تسييره‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬وفضال عن‬
‫الجوانب السياسية الصحية المعلنة‪ ،‬فقد خدم هذا القطاع سياسة التشغيل المطورة من طرف السلطات‬
‫العمومية‪ ،‬فمنذ االستقالل‪ ،‬وللحد من البطالة‪ ،‬استخدمت الدولة دوما القطاعات االجتماعية وكذا القطاع‬
‫االقتصادي (تضخم المستخدمين في المؤسسات االقتصادية العمومية) كمنفذ لسياستها في التشغيل‪ ،‬علما‬
‫بالمستوى المرتفع لنفقات المستخدمين في ميزانية المؤسسات االستشفائية (تصل إلى ‪ %90‬بالنسبة إلى عدة‬
‫مستشفيات) وعلما بأن هؤالء المستخدمين تابعين للوظيف العمومي‪ ،‬أي مسيرين بطريقة مركزية‪ ،‬فإنه من‬
‫الواضح أن هذا الواقع متناقض مع منطق التسيير الجيد‪ .‬يتميز قطاع الصحة بهيمنة الجانب االجتماعي‬
‫على المنطق االقتصادي (مثال‪ :‬حالة تسعة جراحي أسنان لمقعد جراحة أسنان واحد)‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬المستشفى‪ -‬مؤسسة أو المستشفى– إدارة ؟‬


‫تبقى فكرة « مستشفى‪ -‬إدارة « في الجزائر هي المهيمنة في عقلية المسيرين اللذين ينظرون الى المستشفى‬
‫دائما كإدارة عادية وكأن تسييره كتسيير مصالح الضرائب مثال‪ ،‬فليس هناك استقاللية في التسيير وأداته‬
‫الوحيدة هي المحاسبة العمومية (إيرادات‪-‬نفقات)‪ .‬خالصة القول‪ ،‬يجب التذكير بأن اقتصاديي الصحة‬
‫يجمعون على أن التسيير الجديد يزيد من موارد المستشفى بحيث تكون اآلثار مفيدة لتحسين نوعية العالج‬
‫واالستجابة لطلبات المستفيدين واحترام محترفي الصحة‪.‬‬

‫لذلك يوصى في الجزائر بإعادة النظر في القانون األساسي للمؤسسة العمومية ذات الطابع اإلداري)‪(EPA‬‬
‫للمستشفى إلعطائه قانونا أساسيا مطابقا أكثر لمهامه والذي يسمح له بكل االستقاللية الضرورية في التسيير‬
‫أي قانونا للمؤسسات العمومية ذات التسيير الخاص (‪ )EPGS‬المتواجد في المنظومة القانونية الجزائرية‬
‫كما هو الحال بالنسبة لهيئات الضمان االجتماعي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬نتمنى إعداد وتبني مخطط عام إلعادة االعتبار‬
‫لكل مستشفى وتحديد على األقل مستوى من األداء (عدة معايير للنشاطات) وعقد نجاعة للفريق المسير‬
‫وتطبيق مستوى قاعدي ألدوات ومناهج التسيير العصري‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬حجم االنفاق على قطاع الرعاية الصحية‬
‫سنحاول من خالل هذا العنصر عرض أرقام حول حجم االنفاق على قطاع الرعاية الصحية في بعض‬
‫الدول من أجل بيان درجة اهتمامها بصحة مواطنيها ورفاهيتهم ثم مقارنتها مع الجزائر‪:‬‬
‫الجدول رقم ‪ :1.4‬حجم اال نفاق على قطاع الرعاية الصحية في عدد دول العالم لسنة ‪2005‬‬

‫نسبة االنفاق الحكومي على الرعاية‬ ‫نسبة االنفاق من الناتج الوطني‬ ‫الدولة‬
‫الصحية‪.‬‬ ‫الخام‬
‫‪45.1‬‬ ‫الواليات المتحدة االمريكية ‪15.2‬‬
‫‪70.3‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫كندا‬
‫‪77.8‬‬ ‫‪7.5‬‬ ‫فنلندا‬
‫‪79.9‬‬ ‫‪11.2‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪59.7‬‬ ‫‪11.4‬‬ ‫سويس ار‬
‫‪75.7‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫النمسا‬
‫‪76.9‬‬ ‫‪10.7‬‬ ‫المانيا‬
‫‪64.9‬‬ ‫‪9.2‬‬ ‫هولندا‬
‫‪76.6‬‬ ‫‪8.9‬‬ ‫ايطاليا‬
‫‪83.6‬‬ ‫‪9.0‬‬ ‫النرويج‬
‫‪71.4‬‬ ‫‪9.6‬‬ ‫بلجيكا‬
‫‪81.7‬‬ ‫‪9.2‬‬ ‫السويد‬
‫‪67.0‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫أستراليا‬
‫‪71.4‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫إسبانيا‬
‫‪90.7‬‬ ‫‪7.7‬‬ ‫لوكسمبورغ‬
‫‪87.1‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫المملكة المتحدة‬
‫‪82.2‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫اليابان‬
‫‪84.1‬‬ ‫‪9.1‬‬ ‫الدانمارك‬
‫‪72.3‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫البرتغال‬
‫‪11.5‬‬ ‫‪10.1‬‬ ‫اليونان‬
‫‪71.4‬‬ ‫‪5.7‬‬ ‫تركيا‬
‫‪75.3‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫الجزائر‬
‫المصدر‪ :‬منظمة الصحة العالمية‬

‫‪173‬‬
‫يالحظ من خالل الجدول أن نسبة ما نفقته الواليات المتحدة األمريكية على الرعاية الصحية إلى إجمالي‬
‫ناتجها الوطني الخام ‪ % 15.2‬وهذه النسبة تمثل بالتقريب ما أنفقته كل من المملكة المتحدة واليابان‬
‫مجتمعتين‪ ،‬ويالحظ أيضا أن كال من اليونان وتركيا كانتا األقل إنفاقا من بين الدول على الرعاية الصحية‬
‫أما كندا‪ ،‬فرنسا وسويس ار فقد كانت أقرب للواليات المتحدة من حيث إنفاقها على الرعاية الصحية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من تقدم الواليات المتحدة األمريكية إال أن ما تنفقه على الرعاية الصحية هو األقل من بين‬
‫الدول المتقدمة اذ تبلغ ‪ % 45.1‬أي النصف ما تنفقه كل من النرويج ولوكسمبورغ على الرعاية الصحية‬
‫ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى اختالف نظام التأمين الصحي بين هذه البلدان ففي النرويج ولوكسمبورغ‬
‫يعد التأمين الحكومي هو النمط الوحيد المتبنى بها لتغطية نفقات الرعاية الصحية‪ ،‬أما الواليات المتحدة‬
‫األمريكية التي يخضع نظامها الصحي آللية السوق المتمثلة في المنافسة الحرة ومن ثم اختيار المواطنين‬
‫للخدمات وفق رغباتهم فتصل نسبة التأمين الصحي الخاصة فيها الى‪% 33‬من مصادر تمويل الرعاية‬
‫الصحية‪.‬‬
‫وقد أنفقت الجزائر ما نسبته ‪ % 3.5‬على الرعاية الصحية إلى إجمالي ناتجها الوطني الخام وتمثل أدنى‬
‫نسبة بين هذه الدولة‪ ،‬أما نسبة إنفاقها على الرعاية الصحية فقد بلغت ‪ % 75.3‬حيث يعتبر التمويل‬
‫الحكومي أهم مصدر لتمويل خدمات الرعاية الصحية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أسباب وعوامل تنامي نفقات الرعاية الصحية‬

‫تزداد نسبة اإلنفاق على الرعاية الصحية في كثير من الدول خاصة الدول المتقدمة منها‪ ،‬حيث نجد أن‬
‫معظم الدول رفعت من اعتماداتها المالية المخصصة لو ازرة الصحة من إجمالي الميزانية العامة للدولة‪ ،‬ومن‬
‫بين أهم األسباب التي أدت إلى زيادة اإلنفاق على خدمات الرعاية الصحية بالمستشفى ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬زيادة عدد السكان وزيادة نسبة المسنين منهم؛‬

‫‪ -‬تحسن نظرة المواطنين إلى خدمات الرعاية الصحية وأهميتها؛‬

‫‪ -‬اإلنفاق العمومي على المكون الرأسمالي ويتضمن اإلنفاق على شراء اآلالت والمعدات واألجهزة‬
‫المخصصة‪ ،‬إذ أن التطور السريع للتقنية الطبية في مجال تشخيص األمراض وعالجها يلزم المستشفى‬
‫مواكبة ذلك التطور رغم تكاليفها المرتفعة؛‬

‫‪174‬‬
‫‪ -‬زيادة إسهام الحكومات في تمويل خدمات الرعاية الصحية خاصة محاربة األمراض واألوبئة بكل أشكالها؛‬

‫‪ -‬تطور طرق تعويض اإلنفاق على الرعاية الصحية خاصة التمويل غير المباشر؛‬

‫‪ -‬اإلنفاق على الموارد البشرية خاصة مع ارتفاع مستويات أجور العاملين بالمستشفى؛‬

‫‪ -‬تزايد الطلب على الخدمات المعتادة مثل فحوص المخبر واألشعة؛‬

‫‪ -‬تزايد عدد الوحدات التنظيمية بالمستشفى ومنه تزايد الموظفين بها مما يؤدي إلى ارتفاع في النفقات؛‬

‫‪ -‬عدم الكفاءة في اإلنفاق على المنتوجات الوسيطية في الخدمات الطبية المقدمة من أدوية ومحاليل‬
‫واحتياجات المخابر من مواد كيماوية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬برامج احتواء تكاليف الرعاية الصحية‬

‫إن من أهم برامج احتواء تكاليف الرعاية الصحية ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬رسم حدود معقولة لتكاليف الرعاية الصحية؛‬

‫‪ -‬إدراج إجراءات الموازنة بين النفقات واإليرادات عند القيام بالتخطيط الصحي بالمستشفى؛‬

‫‪ -‬االلتزام ببرامج المقاييس المهنية والتقنية وتوحيدها في كل الوحدات التنظيمية بالمستشفى؛‬

‫‪ -‬التركيز على اإلجراءات الوقائية أكثر من اإلجراءات التصحيحية سواء داخل أو خارج المستشفى؛‬

‫‪ -‬وضع أدلة تنظيمية بكل المستويات المتاحة من خالل تحسين معدالت شغل السرير وتقليل مدة بقاء‬
‫المريض غير المبررة وتشجيع عمليات جراحات اليوم الواحد؛‬

‫‪ -‬معالجة مشاكل التنسيق بين الخدمات الصحية التي يقدمها المستشفى لرفع مستوى جودة خدمات الرعاية‬
‫الصحية المقدمة لمريض من جهة‪ ،‬وترشيد الجهود والنفقات الموظفة من جهة أخرى؛‬

‫‪ -‬رفع مستوى المهارة في شراء األدوية والمستحضرات الصيدالنية والمستهلكات الطبية وترشيد استخدامها؛‬

‫‪ -‬استخدام األجهزة الطبية الفعالة والعمل على صيانتها والتأكد من توافر قطع الغيار الالزم عند شرائها من‬
‫الموارد‪ ،‬وتبيان ذلك في العقد المبرم بين الطرفين‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫وفي األخير يمكننا القول ان حقيقة كون الرعاية االستشفائية تستهلك موارد كبيرة ومكلفة ومردودها على‬
‫تحسين الصحة قليل‪ ،‬تجعل الباحثون يركزون على الوقاية كحل لمشكلة التكلفة‪ ،‬حيث أن المشكلة الحقيقية‬
‫التي تواجه األنظمة الصحية هي قصور كفاءة توزيع الموارد‪ ،‬فمعظم الموارد مكرسة لخدمات الرعاية الطبية‬
‫والقليل مكرس لخدمات الصحة العامة رغم محدودية مردود األولى على المستوى الصحي للفرد وعظيم‬
‫مردود الثانية على الصحة‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التحقيق ومنهجية البحث‬
‫بعد تحديد فرضيات البحث‪ ،‬وبعد تطرقنا لمختلف التطورات التي عرفها القطاع العام للصحة بالجزائر‬
‫سنحاول فيما يلي شرح التحقيق الذي قمنا به على مستوى هذا القطاع‪ ،‬وكذلك المنهجية المتبعة لقياس‬
‫المتغيرات المدروسة واختبار العالقات السببية الموضحة سابقا في النموذج التصوري للدراسة من أجل‬
‫المصادقة عليه‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اختيار عينة الدراسة‬


‫من أجل اختبار فرضيات بحثنا‪ ،‬أجرينا تحقيقا بواسطة االستمارات (االستبيان)‪ ،‬حيث قمنا بمعاينة ذات‬
‫درجتين‪ ،‬فبعد تحديد المؤسسات المعنية بالدراسة والمتمركزة على مستوى واليات الوسط (الجزائر العاصمة‬
‫(مركز استشفائية‬
‫البليدة‪ ،‬تيبازة‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬بومرداس‪ ،‬المدية)‪ ،‬والتي يبلغ عددها ‪ 90‬مؤسسة مقسمة الى ا‬
‫جامعية‪ ،‬مؤسسات عمومية استشفائية‪ ،‬مؤسسات استشفائية متخصصة‪ ،‬مؤسسات عمومية للصحة‬
‫الجوارية)‪ ،‬قمنا بحصر الفئات المعنية باإلجابة والمتمثلة أساسا في مسؤولي هذه المؤسسات (مديرون‪ ،‬نواب‬
‫مديرين ورؤساء األقسام) المعنيين باستخدام مراقبة التسيير كما هو وارد في الجدولين أدناه‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ :2.4‬قائمة المؤسسات العمومية للصحة الجوارية والمؤسسات العمومية االستشفائية لواليات الوسط‬

‫المؤسسات العمومية للصحة الجوارية ‪ EPSP‬المؤسسات العمومية اإلستشفائية ‪EPH‬‬ ‫الوالية‬


‫البليدة‬ ‫بوعنان‬ ‫البليدة‬
‫العفرون‬ ‫اوالد يعيش‬
‫مفتاح‬ ‫موزاية‬
‫بوفاريك‬ ‫األربعاء‬
‫عين الحمام‬ ‫إفرحونن‬ ‫تيزي وزو‬
‫ذراع الميزان‬ ‫ع اززقة‬
‫ع اززقة‬ ‫األربعاء ناثيراثن‬
‫األربعاء ناثيراثن‬ ‫وقنون‬
‫أزفون‬ ‫أزفون‬
‫تيقزيرت‬ ‫بوغني‬
‫بوغني‬ ‫دراع بن خدة‬

‫‪177‬‬
‫وسيف‬
‫األبيار‬ ‫سيدي أمحمد‬ ‫الجزائر العاصمة‬
‫الحراش‬ ‫باب الواد‬
‫القبة‬ ‫بوزريعة‬
‫الحمامات الرومانية‬ ‫براقي‬
‫المرادية‬ ‫القبة‬
‫عين طاية‬ ‫برج الكيفان‬
‫الرويبة‬ ‫الرغاية‬
‫زرالدة‬ ‫زرالدة‬
‫الشراقة‬
‫د اررية‬
‫المدية‬ ‫شاللة العذاورة‬ ‫المدية‬
‫عين بوسيف‬ ‫الزوبيرية‬
‫قصر البخاري‬ ‫قصر البخاري‬
‫البرواقية‬ ‫الشهبونية‬
‫تابالط‬ ‫بني سليمان‬
‫تابالط‬
‫برج منايل‬ ‫بومرداس‬ ‫بومرداس‬
‫الثنية‬ ‫برج منايل‬
‫دلس‬ ‫دلس‬
‫خميس الخشنة‬
‫حجوط‬ ‫تيبازة‬ ‫تيبازة‬
‫قوراية‬ ‫شرشال‬
‫سيدي غيالس‬ ‫الداموس‬
‫القليعة‬ ‫بوسماعيل‬
‫المصدر‪ :‬وثائق من و ازرة الصحة والسكان واصالح المستشفيات‬

‫‪178‬‬
‫الجدول رقم ‪ :3.4‬قائمة المؤسسات االستشفائية المتخصصة والمراكز االستشفائية الجامعية لواليات الوسط‬
‫مركز االستشفائية الجامعية ‪EHS‬‬
‫ال ا‬ ‫المؤسسات االستشفائية المتخصصة ‪EHS‬‬ ‫الوالية‬

‫المركز االستشفائي الجامعي للبليدة‬ ‫ضد السرطان فرنز فانون‬ ‫البليدة‬


‫األمراض العقلية‬
‫المركز االستشفائي الجامعي بلوة‬ ‫األم والطفل صبيحي تسعديت‬ ‫تيزي وزو‬
‫المركز االستشفائي الجامعي وحدة ندير‬ ‫األمراض العقلية فرنان حنفي‬
‫المركز االستشفائي الجامعي مصطفى‬ ‫الجزائر الوسطى‬ ‫الجزائر العاصمة‬
‫المركز االستشفائي الجامعي لباب الواد‬ ‫سيدي أمحمد‬
‫المركز االستشفائي الجامعي نفيسة حمود‬ ‫واد قريش‬
‫(بارني سابقا)‬ ‫بئر مراد رايس‬
‫المركز االستشفائي الجامعي لبني مسوس‬ ‫بئر خادم‬
‫الحراش‬
‫القبة‬
‫بن عكنون‬
‫دالي براهيم‬
‫سطاولي‬
‫الشراقة‬
‫الدويرة‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫المدية‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫بومرداس‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫تيبازة‬

‫المصدر‪ :‬وثائق من و ازرة الصحة والسكان واصالح المستشفيات‬

‫الحصيلة األولى )‪ (pré-test‬التي قمنا بها كانت على مستوى والية البليدة (أنظر الملحق رقم‪ ،)1‬ثم قمنا‬
‫بعدها بإجراء االختبار النهائي أو الحصيلة الثانية على مستوى باقي الواليات حسب ما هو موضح في‬
‫الجدولين السابقين‪ ،‬وذلك من أجل المصادقة على ساللم القياس وفقا للطريقة المقترحة من‬
‫طرف )‪ (Churchill, 1979‬والتي سيتم شرحها في العناصر الالحقة (المطلب الثالث) عند التطرق الى‬
‫منهجية المصادقة على ساللم القياس‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫بالنسبة لهيكلة االستبيان فهي تنقسم الى ثالثة أقسام أساسية‪ ،‬بحيث يهدف القسم األول الى تقييم نظام‬
‫مراقبة التسيير المطبق بهذه المؤسسات ومدى فعاليته‪ ،‬والقسم الثاني يهدف لقياس فعالية التسيير‪ ،‬أما القسم‬
‫الثالث فهو يهدف لقياس الجودة المقدمة لخدمات العالج‪.‬‬
‫تم توزيع االستمارات بمساعدة المديريات العامة للصحة بهذه الواليات بعد الحصول على موافقة و ازرة الصحة‬
‫والسكان واصالح المستشفيات‪ ،‬واعتمدنا طريقة المسح فكانت نسبة الرجوع ‪ % 56,08‬حيث مثل المدراء‬
‫العامون نسبة ‪ %9,5‬ونوابهم ‪ %32,4‬أما رؤساء األقسام فقد مثلوا ‪ %58,1‬من العينة المدروسة كما هو‬
‫موضح أدناه‪:‬‬
‫الجدول رقم ‪ :4.4‬حجم العينة حسب الرتبة الوظيفية‬
‫النسبة المجمعة‬ ‫النسبة الصالحة‬ ‫النسبة ‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫الرتبة الوظيفية‬
‫‪9.5‬‬ ‫‪9.5‬‬ ‫‪9.5‬‬ ‫‪64‬‬ ‫مديرون‬
‫‪41.9‬‬ ‫‪32.4‬‬ ‫‪32.4‬‬ ‫‪218‬‬ ‫نواب مديرين‬
‫‪100.0‬‬ ‫‪58.1‬‬ ‫‪58.1‬‬ ‫‪391‬‬ ‫رؤساء أقسام‬
‫‪100.0‬‬ ‫‪100.0‬‬ ‫‪673‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل عن طريق الـ ‪SPSS‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سال لم القياس المستعملة‬


‫لقياس المتغيرات المبينة في بداية هذا المبحث ضمن النموذج التصوري للدراسة اعتمدنا على عدة ساللم‬
‫قياس مقترحة ومستعملة من طرف الباحثين والسباقين في هذا المجال كما هو موضح فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سلم قياس رضى مستعملي م ارقبة التسيير‬


‫وفقا لتوصيات (‪ ، 1)Kekre, Krishnan, Srinivasan, 1995‬الذين الحظوا أن استخدام العناصر‬
‫االختبارية الوحيدة )‪ (mono-items‬للرضى تقدم قياس نوعيات الظاهرة النفسية قياسا كافيا‪ ،‬قمنا بقياس‬
‫الرضى الكلي لمستعملي مراقبة التسيير بواسطة عنصر اختباري واحد )‪ ،(item‬هذا األخير مشتق مباشرة‬
‫من القياسات الكالسيكية المستعملة من طرف (‪ " :)Olivier, 2010‬الرجاء تسجيل رضاكم الكلي تجاه‬

‫‪1‬‬
‫‪- Kekre Sunder, Krishnan Mayuram S, Srinivasan Kannan, « Drivers of Customer Satisfaction forSoftware‬‬
‫‪Products: Implications for Design and Service Support », Management science, Vol.41, n°9, 1995, P1458.‬‬

‫‪180‬‬
‫مراقبة التسيير" ‪ 1‬باستخدام سلم ذي ‪ 5‬نقاط‪ ،‬وقمنا بطرح هذا السؤال في االستبيان مباشرة بعد العناصر‬
‫االختبارية المتعلقة بمحددات الرضى‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سلم قياس فعالية التسيير‬


‫لقياس فعالية التسيير لمستجوبينا اعتمدنا على سلم القياس المستوحى من أعمال ‪(Govindarajan,‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ ،‬والمستعمل بعدها من طرف آخرين مثل‪) Nouri, Parker, 1998( :‬‬ ‫)‪Gupta, 1985‬‬
‫و)‪ ،4(Fornerino et al 2010‬حيث كيفنا سبع عناصر اختبارية مع اشكالية بحثنا‪ ،‬كل واحد منها موافق‬
‫لبعد محتمل لفعالية التسيير‪ ،‬والمستجوبون مدعوون لتحديد تموقع كل عنصر من العناصر التالية والتي‬
‫تعكس فعالية التسيير حسب ما هو منتظر من طرف مسؤوليهم على سلم من ‪ 5‬نقاط‪:‬‬
‫‪ ‬نوعية االنجازات؛‬
‫‪ ‬كمية االنجازات؛‬
‫‪ ‬آجال االنجازات؛‬
‫تحسين المستوى الشخصي؛‬ ‫‪‬‬
‫تحقيق أهداف الموازنات؛‬ ‫‪‬‬
‫برامج تخفيض التكاليف؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬تطوير أنواع جديدة من اإلنجازات‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬محددات الرضى اتجاه مراقبة التسيير‬


‫إلحصاء وترتيب مختلف خصائص الرضى المرتبطة بمراقبة التسيير‪ ،‬اعتمدنا على أعمال ‪(Bell et al,‬‬
‫)‪ 2005‬في إطار دراستهم المتعلقة بالبنوك‪ ،‬التي تميز بين بعدين لجودة الخدمة‪ :‬يضبط البعد التقني‬
‫النتائج المتحصل عليها في حين أن بعد العالقات يقيم درجة االهتمام التي يوليها مقدم الخدمة لزبونه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Oliver Richard L, Satisfaction: a behavioral perspective on the consumer, 2e Edition, NewYork, M.E.‬‬
‫‪Sharpe, Inc, 2010, P50.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Govindarajan Vijay, Gupta Anil K « Linking control systems to business unit strategy », Accounting,‬‬
‫‪Organisations and Society, Vol 10, n° 1, 1985,P56.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Nouri H, Parker R.J, « The relationship between budget participation and job performance: the role of‬‬
‫‪budget adequacy and organizational commitment », Accounting, Organizations and Society, Vol 23, n°5/6‬‬
‫‪1998, P472.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Fornerino Marianela, Godener Armelle, Ray Danial, « La satisfaction des managers vis-à-vis du contrôle de‬‬
‫‪gestions et leur performance managériale », Comptabilité Contrôle Audit, Tome 16, Vol 3, 2010, P112.‬‬

‫‪181‬‬
‫بالنسبة للبعد األول‪ ،‬كيفنا األسئلة مع طبيعة الخدمة المنتظرة من مراقبة التسيير‪ ،‬وبهذا طرحنا أسئلة البعد‬
‫التقني المقترحة من طرف )‪ (Bell et al, 2005‬للتمييز بين الخدمات المقدمة (نقل المعلومات والتحليالت‬
‫وصياغة التوصيات) والمجال المعني (األهداف المالية و‪/‬أو األهداف غير المالية)‪ ،‬تسمح هذه العناصر‬
‫بقياس إدراك المسيرين لمالءمة المعلومات المقدمة مقارنة باحتياجاتهم وبالمساعدة الفعلية الصادرة عن‬
‫مسار مراقبة التسيير وبالتالي فأن االجابة عن هذه األسئلة تترجم االنتقادات الموجهة لمراقبة التسيير‬
‫الكالسيكية (التركيز على المدى القصير‪ ،‬على المعلومات المالية فقط‪.1)...‬‬
‫فضال عن هذا‪ ،‬أكملنا هذه الدراسة بواسطة أسئلة متصلة بالنوعيات األخرى المنتظرة من المعلومات المقدمة‬
‫للمسيرين‪ ،‬لهذا الغرض احتفظنا بالعناصر المعتبرة عموما أساسية لمراقبة التسيير‪ ،‬سواء على أساس تلك‬
‫التي تشترط ما يجب أن تكون عليه نوعية المعلومة المقدمة أو تلك التي انتقدت مراقبة التسيير التقليدية أي‬
‫مدى أهمية أو وظيفية المعلومة لدى األشخاص الموجهة إليهم‪ ،2‬مصداقية المعلومة‪ ،3‬وضعها تحت التصرف‬
‫في أقصر اآلجال وكذا وضوحها لدى األشخاص الموجهة إليهم ومالءمة حجم المعلومات الموضوعة تحت‬
‫تصرفهم‪ .4‬تتطابق هذه المميزات المنتظرة من المعلومات المقدمة مع العناصر التي يحددها أخصائيو أنظمة‬
‫المعلومات على أساس أنه يجب أن تدمج بحسب نوعية نقل المعلومة‪ :‬التكييف مع احتياجات وحجم‬
‫المعلومات التي تم تلقيها‪ ،‬وضوح المعلومات وآجل الحصول عليها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫كما أدرجنا أيضا سؤاال طرحه (‪ )Chiapello, 1990‬حول الوقت الالزم للمشاركة في مسار مراقبة التسيير‬
‫هذا السؤال رد على انتقاد التطور الكبير للنظام مقارنة باالحتياجات‪.‬‬
‫وعليه فان العناصر االختبارية للمرحلة األولى هذه هي كالتالي‪:‬‬
‫‪ ‬ينجح مراقب التسيير في إعطائي المعلومات المطابقة الحتياجاتي؛‬
‫‪ ‬ينجح مراقب التسيير في إعطائي التحليالت المطابقة الحتياجاتي؛‬
‫‪ ‬يساعدني مراقب التسيير بواسطة توصياته المالئمة على بلوغ أهدافي المالية؛‬
‫‪ ‬يساعدني مراقب التسيير بواسطة توصياته المالئمة على بلوغ أهدافي غير المالية؛‬
‫‪ ‬حجم المعلومات التي تصلني من مراقب التسيير مكيف مع احتياجاتي؛‬

‫‪1‬‬
‫‪-Pascal Langevin, Gérald Naro, Contrôle et comportements: une revue de la littérature Anglo-saxonne, 24ème‬‬
‫‪congrès annuel de l’Association Francophone de Comptabilité, Louvains-La-Neuve, 2003, P5.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Bescos Pierre-Laurent et al, Contrôle de gestion et management, 3e Edition, Paris, Montchrestien, 1995, P60.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Bescos Pierre-Laurent, Mendoza Carla, Manager cherche information utile désespérément, L’Harmattan‬‬
‫‪1999, P62.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Loc cit.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Chiapello Eve, « Contrôleurs de gestion, comment concevez-vous votre fonction ? », Echanges, n°92, 4ème‬‬
‫‪trimestre, 1990, PP7-11.‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ ‬المعلومات التي تصلني من مراقب التسيير سهلة الفهم؛‬
‫‪ ‬المعلومات المقدمة من طرف مراقب التسيير ذات مصداقية؛‬
‫‪ ‬آجال الحصول على المعلومات مطابق لالحتياجات؛‬
‫‪ ‬الوقت الالزم للمشاركة في مسار مراقبة التسيير معقول‪.‬‬

‫أما بالنسبة للبعد الثاني من الجودة‪ ،‬أي البعد المبني على العالقات‪ ،‬استطعنا التوفيق بين العناصر التالية‬
‫‪1‬‬
‫المستخدمة من طرف )‪:(Bell et al, 2005‬‬
‫‪ ‬يهتم مراقب التسيير شخصيا بنشاطي؛‬
‫‪ ‬يعتني مراقب التسيير بصفة جدية باهتماماتي الرئيسية؛‬
‫‪ ‬يمكنني تبادل أفكاري مع مراقب التسيير‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬سلم قياس جودة خدمة العالج‬


‫لقياس جودة خدمة العالج في المؤسسات العمومية للصحة‪ ،‬اعتمدنا على األعمال الرائدة لـ‬
‫‪ Donabedian‬الذي أعد خمسة أبعاد رئيسية لقياس جودة العالج‪ 2:‬الفعالية‪ ،‬األمن‪ ،‬إمكانية الوصول إلى‬
‫العالج واإلنصاف فيه‪ ،‬إعادة النشاط والكفاءة‪.‬‬

‫‪ -1‬الفعالية )‪(L’efficacité‬‬
‫الفعالية هي البعد األول الذي يؤخذ بعين االعتبار لقياس الجودة‪ ،‬وهي تتناسب مع القدرة على تحقيق النتائج‬
‫(العالج) المرجوة شريطة أن يستفيد منها المحتاجون لها وليس اآلخرون‪ .‬أشار ‪ Donabedian‬أن الفعالية‬
‫هي القدرة على بلوغ أو تحقيق كل تحسن ممكن بمفهوم النتائج الصحية‪ .‬أما المالءمة فهي مفهوم قريب‬
‫ومدرج بصورة اعتيادية في الفعالية ويعني أن العالج المقدم يليق باالحتياجات الكلينيكية بحيث يكون مؤسسا‬
‫على توصيات طبية صحيحة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Bell Simon J, Auh Seigyoung, Smalley Karen, (2005), Op cit, P176.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Donabedian A, The definition of quality and approaches to the management, Explorations in quality‬‬
‫;‪assessment and monitoring, Ann Arbor, MI : Health Administration Press, 1980, Volume 1‬‬
‫‪Donabedian A, An Introduction to Quality Assurance in Health Care, Oxford University Press, Oxford, 2003‬‬
‫‪Cité par Or Zeynep, Com-Ruelle Laure, Op cit, P 4.‬‬

‫‪183‬‬
‫وبالتالي فان قياس فعالية نظام الصحة يعتمد بصورة كبيرة على مؤشرات الوفيات أو حاالت المرض حسب‬
‫األسباب وحسب مجموعات معينة ‪...‬‬

‫‪ -2‬السالمة )‪(La sécurité‬‬


‫سالمة العالج مؤسس على مبدأ عدم اإلضرار بالمرضى‪ ،‬وهو القدرة عل منع أو تجنب النتائج غير‬
‫المرغوب فيها أو األضرار الناتجة عن طرق العالج ذاتها‪ ،‬فهي بعد مالزم جدا للفاعلية رغم االختالف‬
‫بتبيان الوقاية من األحداث غير المرغوب فيها وتخفيض عيوب جودة عالج المرضى‪.‬‬
‫ويمكن جمع المؤشرات المتعلقة بأمن العالج في أربعة مجاالت‪ :‬العدوى المنتقلة عن طريق المستشفيات‬
‫(الجروح‪ ،‬تلك المتعلقة بالعالج الطبي‪ ،‬أثر الجرح‪ )...‬الحوادث الطبية العرضية (حوادث متصلة بحقن الدم‬
‫خطأ في نقل فصيلة الدم‪ ،‬نسيان جسم غريب في مكان العملية الجراحية‪ ،)...‬تعقيدات العمليات الجراحية‬
‫وما بعد العمليات الجراحية (جلطة رئوية أو حادث تخدير‪ )...‬وكذا أحداث أخرى غير مرغوب فيها‪.‬‬

‫‪ -3‬إمكانية الحصول على العالج واالنصاف فيه )‪( L’accessibilité et l’équité‬‬


‫إمكانية الحصول على العالج هي السهولة التي نصل بها إلى أحسن الخدمات الصحية في الوقت المناسب‪.‬‬
‫يمكن النظر إلى الوصول إلى العالج من الناحية الجغرافية‪ ،‬المالية أو االجتماعية والنفسية ويتطلب أن‬
‫تكون مصالح الصحة أصال متوفرة‪ .‬أما اإلنصاف فهو بعد مالزم جدا إلمكانية الحصول على العالج ولقدرة‬
‫نظام الصحة في معاملة األشخاص المعنيين معاملة عادلة بغض النظر عن سنهم وجنسهم وعرقهم‬
‫وامكانياتهم المالية‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬يتعلق األمر بتوزيع العالج على شرائح مختلفة من السكان مهما كان‬
‫موقعهم الجغرافي‪ ،‬االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫يقيم هذا البعد عادة على أساس السهولة ومدة االنتظار‪ ،‬أما المؤشرات المستعملة لذلك فهي‪ :‬مدة االنتظار‬
‫بالنسبة للجراحة المبرمجة ومدة االنتظار في االستعجاالت‪ ،‬الخروج المتأخر‪ ،‬الوقت المستغرق للدخول إلى‬
‫األطباء العامين واألطباء المتخصصين‪...‬‬

‫‪184‬‬
‫‪ -4‬إعادة النشاط )‪(La réactivité‬‬
‫تحيلنا التفاعلية أو حساسية النظام لطلب المريض لمفاهيم عديدة‪ :‬كاحترام المرضى‪ ،‬صيانة الكرامة السرية‬
‫المشاركة في االختيارات‪ ،‬المساعدة االجتماعية‪ ،‬اختيار مقدم العالج‪ ...‬وهي تتعلق بالطريقة التي يتكفل‬
‫بها النظام بالمرضى لالستجابة لتطلعاتهم المشروعة غير المرتبطة بالصحة‪.‬‬
‫هذه النقطة لم تؤخذ بعين االعتبار في استمارتنا ألنها تتعلق بتطلعات المرضى (الجودة المدركة) وليس‬
‫المسؤولين (الجودة المقدمة)‪.‬‬

‫‪ -5‬الكفاءة )‪(L’efficience‬‬
‫أخيرا‪ ،‬تعني الكفاءة كما سبق وأن عرفناها أنها االستعمال األمثل للموارد المتاحة للحصول على أفضل‬
‫النتائج‪ ،‬أي قدرة نظام الصحة على العمل بأقل التكاليف دون اإلنقاص من النتائج الممكنة والمرجوة‪ ،‬في‬
‫هذا الصددنقارن عادة بين مستويات الموارد المخصصة لنظام الصحة‪.‬‬
‫باالعتماد على ما سبق ولقياس الجودة المقدمة لخدمات العالج اعتمدنا على العناصر االختبارية التالية‪:‬‬
‫‪ ‬نسبة الوفيات‬
‫‪ ‬العدوى المنتقلة عن طريق المستشفيات؛‬
‫‪ ‬الحوادث الطبية العرضية؛‬
‫‪ ‬تعقيدات العمليات الجراحية وما بعد العمليات الجراحية؛‬
‫‪ ‬مدة االنتظار إلجراء عملية جراحية ومدة االنتظار في االستعجاالت؛‬
‫‪ ‬الخروج المتأخر للمرضى بسبب حدوث تعقيدات؛‬
‫‪ ‬مدة االنتظار إلجراء كشف عند طبيب عام أو متخصص؛‬
‫‪ ‬عدم اإلنصاف في معاملة المرضى؛‬
‫‪ ‬نفقات الصحة‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير‬


‫لقياس مشاركة المسيرين اعتمدنا على سلم القياس المطور من طرف (‪)Godener, Fornerino, 2005‬‬
‫‪1‬‬
‫يتضمن هذا السلم بعدين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Godener Armelle, Fornerino Marianela, (2005), P331.‬‬

‫‪185‬‬
‫البعد األول يتعلق بأخذ المسيرين بعين االعتبار للمعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير‪ ،‬وقد‬
‫قسناه بواسطة العناصر االختبارية التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير التخاذ ق ارراتكم الرئيسية؛‬
‫‪ ‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير لتبرير ق ارراتكم الرئيسية أمام‬
‫المتعاملين الذين يجب إقناعهم (المسؤولين في النظام السلمي‪ ،‬المساعدون‪)...‬؛‬
‫‪ ‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير لضبط وضعية مركز مسؤوليتكم‬
‫بصورة منتظمة؛‬
‫‪ ‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير لكشف المشاكل التي يجب‬
‫حلها؛‬
‫‪ ‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير لتحفيز أعضاء فريقكم على‬
‫تحقيق األهداف‪.‬‬
‫البعد الثاني للمشاركة يتعلق بالمساهمة في نقل وترجمة المعلومات وهو يقاس بواسطة العناصر االختبارية‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ ‬حتى في الوضعيات الحساسة تقومون بتوفير معلومات ذات جودة والتي بحوزتكم عندما يطلبها قسم‬
‫مراقبة التسيير؛‬
‫‪ ‬حتى في الوضعيات الحرجة تفهمون القيود التي وضحت من طرف مسار مراقبة التسيير؛‬
‫‪ ‬عند الحاجة تقومون بالمشاركة وبصورة فعالة في تحاليل التسيير التي يقوم بها قسم مراقبة التسيير‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬منهجية التصفية والمصادقة على سال لم القياس‬


‫يصف هذا المطلب المسار المتبع للتصفية والمصادقة على ساللم قياس متغيرات النموذج‪ ،‬الهدف من ذلك‬
‫هو تحسين قياس الخصائص النفسية )‪ (les qualités psychométriques‬ألدوات القياس تحضي ار‬
‫الختبار فرضيات البحث‪.‬‬
‫يمكن تقسيم المنهجية المتبعة للتحيين والمصادقة على هيكلة العوامل )‪ (la structure factorielles‬إلى‬
‫ثالث مراحل رئيسية كما هو مبين في الشكل الموالي‪:‬‬

‫‪186‬‬
‫الشكل رقم ‪ :2.4‬مسار التصفية والمصادقة على سلم القياس‬

‫المرحلة األولى‬ ‫التحليل الى المركبات األساسية‬


‫)الحصيلة ‪( 1‬‬
‫التصفية‬
‫تقديرالمصداقية‬
‫) الحصيلة ‪(1‬‬

‫المرحلة الثانية‬ ‫التحليل الى المركبات األساسية‬


‫) الحصيلة ‪( 2‬‬
‫التأكيد‬

‫التحليل التأكيدي للعوامل‬


‫) الحصيلة ‪( 2‬‬

‫المرحلة الثالثة‬ ‫تقدير مصداقية وصحة البنية‬


‫) الحصيلة ‪(2‬‬
‫المصادقة‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫تتمثل المرحلة األولى لمسار تطوير سلم القياس في تحليل هيكلة العوامل للمعطيات الناتجة عن الحصيلة‬
‫األولى‪ ،1‬والغاية منها هو تخفيض مجموعة من عناصر االختبار)‪ (items‬أو المتغيرات األولية إلى عدد‬
‫مصغر أكثر من المتغيرات المسماة عوامل )‪ ،(facteur‬كل عامل عبارة عن توافقات خطية للمتغيرات‬
‫األولية‪ .‬يتم بعدها ترجمة العوامل وعدد عناصر االختبار المحتفظ بها لكل عامل وعدد العوامل المحتفظ‬
‫‪(l’analyse en‬‬ ‫بها حسب معارف ومهارة الباحث‪ .‬يسمح التحليل الى المركبات الرئيسية‬
‫)‪ composantes principales‬بالتعبير عن العوامل في شكل توافقات خطية دقيقة للمتغيرات‪ ،‬وبالعكس‬
‫يمكن كذلك اعتبار المتغيرات كتوافقات خطية دقيقة للعوامل ‪.2‬‬
‫أما المرحلة الثانية فهي تهدف الى تأكيد هيكلة العوامل الناتجة عن الحصيلة األولى للمعطيات‪ ،‬وقد تم‬
‫تحسين المسار المقترح من طرف (‪ )Churchill, 1979‬بإدخال التحليل التأكيدي للعوامل ‪(l’analyse‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gelbert A, Churchill Jr, «A Paradigm for Developping Better Measures of Marketing Constructs», Journal‬‬
‫‪of Marketing Research, Vol 16, n° 1, 1979, P65.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Evrard Yves et al, Market : Fondements et méthodes des recherches en marketing, 4e Edition, Dunod, Paris‬‬
‫‪2009, P401.‬‬

‫‪187‬‬
‫)‪ ،factorielles confirmatoires‬وعليه سنقوم باتباع توصيات (‪)Anderson, Gerbing, 1988‬‬
‫اللذين يقترحان ثالث مراحل في تحليل المعطيات عندما يكون الهدف هو تأكيد سلم القياس وتوفر بناءات‬
‫‪1‬‬
‫ذات أبعاد وحيدة )‪: (unidimensionnels‬‬
‫‪" -1‬تحليل استكشافي ‪ "analyse exploratoire‬لتحيين البنية الداخلية للمتغير النظري؛‬
‫‪" -2‬تحليل تأكيدي" ‪ "analyse confirmatoire‬للتأكد أن كل عامل من البنية يصف جيدا المتغير‬
‫النظري؛‬
‫‪" -3‬تحليل االنسجام الداخلي ‪ "analyse de la cohérence interne‬لكل عامل‪.‬‬
‫يتم المصادقة على هيكلة العوامل المحددة في المرحلة األولى بواسطة تحليل جديد إلى المركبات الرئيسية‬
‫ثم بواسطة تحليل تأكيدي للمعطيات الناتجة عن الحصيلة الثانية (كما هو موضح في الشكل السابق)‪.‬‬
‫يسمح التحليل التأكيدي للعوامل بالمصادقة على هيكلة سلم القياس بوصف‪ ،‬بعد التجربة‪ ،‬بعد واحد أو عدة‬
‫أبعاد يمكن ترجمتها انطالقا من المعطيات‪ ،‬كما يسمح بتحديد مؤشرات ضبط النماذج المتصلة بالمعطيات‬
‫المتحصل عليها والتي تعد ضرورية لمعرفة صحة (حقيقة) النموذج‪ ،‬وبالتالي فان هذه الطريقة هي عكس‬
‫التحليل االستكشافي للعوامل ألن المعطيات هي التي تأكد العوامل دون أن تبنيها‪ ،‬وفي األخير يمكن دراسة‬
‫مدى جودة أدوات القياس من خالل مفاهيم المصداقية والصالحية )‪ ،(fiabilité et validité‬والتحليل‬
‫التأكيدي للعوامل يعطي إمكانية حساب قيم مؤشرات هذه المفاهيم‪.2‬‬
‫سنحاول من خالل الفروع الالحقة التعمق أكثر في مناهج تحليل المعطيات المستعملة إلجراءات التصفية‬
‫والمصادقة على ساللم القياس‪ :‬تحليل العوامل إلى مركبات رئيسية والتحليل التأكيدي للعوامل‪ ،‬ويسمح هذا‬
‫األخير بالخصوص بتقييم االنسجام الداخلي وصالحية سلم القياس‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحليل االستكشافي للعوامل )‪(l’analyse factorielle exploratoire‬‬


‫الهدف الرئيسي من التحليل االستكشافي للعوامل هو تحديد هيكلة العالقة االرتباطية بين عدد كبير من‬
‫المتغيرات (مثال اإلجابة على استبيان أو عناصر االختبار) بتحديد مجموعة من األبعاد المشتركة المسماة‬
‫"العوامل"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Anderson James C, Gerbing David W, « Structural Equation Modeling in Practice : A Review and‬‬
‫‪Recommanded Two-Step Approach» , Psychological Bulletin, Vol 103, n°3, 1988, P421.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Gerbing David W, Anderson James C, «An updated paradigm for scale development incorporating‬‬
‫‪unidimensionality and its assessment», Journal of Marketing Research, Vol 25, 1988, P190.‬‬

‫‪188‬‬
‫يشبه تحليل العوامل )‪ (l’analyse factorielle‬كثي ار التحليل الى المركبات الرئيسية ‪(l’analyse en‬‬
‫)‪ composantes principales‬ويمكننا المقارنة بين التقنيتين‪ :‬ففي كلتا الحالتين تتعلق التحليالت‬
‫‪1‬‬
‫كبير من‬
‫ا‬ ‫التي يمكن أن تتضمن عددا‬ ‫بمصفوفات االرتباط‪ /‬التغاير )‪(corrélation/covariance‬‬
‫المتغيرات‪ ،‬فضال عن هذا‪ ،‬في كلتا الحالتين يتعلق األمر بتفسير جزء هام من التباين المتواجد في المعطيات‬
‫باللجوء إلى عدد محدود من األبعاد‪.2‬‬
‫الفرق األساسي بين التقنيتين يكمن بالذات في جزء التباين الذي نريد شرحه‪ ،‬ففي حين يهتم التحليل الى‬
‫المركبات الرئيسية (ت م ر) بالتباين الكلي )‪ ،(variance totale‬يركز تحليل العوامل أساسا على جزء‬
‫من التباين المشترك )‪ (variance commune‬المتقاسم بين بعض المتغيرات‪ ،‬فالتحليل الى المركبات‬
‫الرئيسية عبارة عن طريقة تك اررية‪ ،‬الهدف منها بناء عناصر االختبار )‪ (items‬لالستبيان وذلك بجمعها‬
‫في شكل عوامل تسمح بدراسة المتغيرات النظرية للنموذج واعداد بعدها الوحيد‪ ،‬فهي منتشرة كثي ار خاصة‬
‫حين يكون الباحث في موقع استكشافي‪ ،‬محاوال الخوض في فكرة التحقق من وسيلة قياس‪.3‬‬
‫يبدأ اإلجراء باختيار عناصر االختبار )‪ (items‬التي تتميز بها العوامل المختارة لكل متغير من المتغيرات‬
‫‪4‬‬
‫النظرية للنموذج‪ ،‬ويعتمد مشكل إقصاء عناصر االختبار واستخراج العوامل على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬مطابقة المنهج للمعطيات‬
‫يمكن القيام بتحليل للعوامل إذا كانت المعطيات قابلة لتشكيل عوامل‪ ،‬بمعنى هل تشكل مجموعة منسجمة‬
‫بما فيه الكفاية بحيث يعقل البحث فيها عن أبعاد مشتركة لها معنى‪ ،‬للتأكد من ذلك يجب البدأ باختبار الـ‬
‫‪ KMO‬واختبار ‪ Bartlett‬اللذان يسمحان بالتحقق من امكانية القيام بتحليل للعوامل‪.‬‬
‫‪ -2‬مبادئ التحليل‬
‫يسمح أوال اختبار ‪ Bartlett‬بالتحقق من أن االرتباطات بين بعض المتغيرات لها إحصائيا معنى‪ ،‬فعندما‬
‫تقترب عتبة هذا االختبار من ‪( 0‬أقل من ‪ ،)% 5‬هذا يعني أن فرضية انعدام االرتباطات مرفوضة‪ ،‬مما‬
‫يستلزم أن المتغيرات المدروسة مرتبطة والمعطيات قابلة لتشكل عوامل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- lorsque toute les variables sont mesurées d’un format unique comme une échelle en 7 ou 5 points, la matrice de‬‬
‫)‪covariance est un meilleur point de départ pour conduire l’analyse factorielle (Evrard et al, 2009, P 417‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Baillargean Jacques, L’analyse en composantes principales. Stratégies d'analyse quantitative en‬‬
‫‪psychologie, II SRP-6020, Université uqtr, 22 janvier 2003, P1.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-L’analyse en composantes principales s’apparente à l’analyse factorielle, mais c’est une technique indépendante‬‬
‫‪qui est souvent utilisée comme première étape à une analyse factorielle.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-dans notre étude les analyses factorielles en composantes principales ont été conduites à l’aide du logiciel SPSS‬‬
‫‪dans sa version 19.‬‬

‫‪189‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬يسمح اختبار الـ ‪ KMO‬أو اختبار الـ ‪ MSA‬المعد من طرف ‪Kaiser, Meyer et‬‬
‫‪ Olkin‬بمعرفة هل االرتباطات الموجودة بين المتغيرات قوية بما فيه الكفاية لكي نستطيع إبراز األبعاد‬
‫المشتركة‪ ،‬تتراوح قيمة هذا االختبار بين ‪ 0‬و ‪1‬؛ فإذا كانت النتيجة قريبة من ‪ 1‬تكون المعطيات قابلة‬
‫لتشكل العوامل )‪ (factorisables‬وبمعنى آخر تكون النتيجة رائعة اذا تحصلنا على ‪ KMO‬يساوي أو‬
‫يقارب ‪ ،0,90‬جديرة بالتقدير إذا قاربت ‪0,80‬؛ متوسطة في حدود ‪ ،0,70‬دون المتوسط عند ‪ 0,60‬ضعيفة‬
‫عند ‪0,50‬؛ وأخي ار غير مقبولة اذا كانت أقل من ‪.10,50‬‬
‫لتصفية المعطيات‪ ،‬اتبعنا التوصيات المعتادة لكل سلم مكون من عناصر االختبار لنفس البعد‪ .‬النسبة‬
‫المئوية الكلية للتباين عبارة عن مؤشر لنوعية تحليل العوامل‪ ،‬ويمكن تحسين هذه النسبة المئوية بصفة‬
‫متكررة‪:2‬‬
‫‪ -‬بإقصاء عناصر االختبار ذات نسبة التفسير الضعيفة )‪ (faible communauté‬أي (أقل‬
‫من‪)0,50‬؛‬
‫‪ -‬باالعتماد فقط على عناصر االختبار التي تشبع بشكل واسع جدا عامال واحدا (‪)loading >0,5‬‬
‫وبإقصاء العناصر التي ال تميز العوامل الرئيسية‪ .‬الفرق األدنى للتشبع بين التشبع المتعلق بالعامل‬
‫الرئيسي وكل عامل آخر هو ‪0,4‬؛‬
‫بإقصاء عناصر االختبار التي ال تساهم في تحسين مصداقية القياس عن طريق حساب معامل‬ ‫‪-‬‬

‫آلفا لكرونباخ‬

‫كما يمكن تدوير المحاور )‪ (rotation des axes‬عندما تساهم عناصر االختبار في عدة عوامل‪ .‬يحافظ‬
‫الدوران من النوع القائم )‪ (orthogonal‬على محاور الفضاء العاملي في شكل زاويا قائمة‪ ،‬ما ال ينطبق‬
‫على الدوران المائل (‪ ،3)oblique‬وتسمح طريقة التباين األعظمي )‪ )varimax‬بالتخفيض من عدد‬
‫المتغيرات التي تساهم بشكل مرتفع في محور واحد لتبسيط العوامل (من خالل تعظيم تباين العوامل)‪.4‬‬
‫تدرس مصداقية سلم القياس التوافق واالنسجام الداخلي الذي يجب أن يكون بين عناصر االختبار التي‬
‫تقيس قبل أي شيء نفس المفهوم‪ ،‬حيث يعتبر السلم ذا مصداقية إذا أعطى نفس النتائج أو يكون أقرب‬

‫‪1‬‬
‫‪- Kaiser Henry F, Rice John, «Little Jiffy, Mark IV», Journal of Educational and Psychological Measurement, Vol‬‬
‫‪34, n° 1, 1974, PP111–117.‬‬
‫‪2‬‬
‫; ‪Carricano et al, analyse de données avec SPSS, 2e Edition, Paris, Pearson, 2010, p69‬‬
‫‪Evrard et al, (2009), Op cit ,P40.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-La rotation oblique a été retenue de préférence à la rotation orthogonale lorsque les concepts étudiés pouvaient‬‬
‫‪a priori être corrélés. En effet, la rotation oblique autorise les inter-corrélations entre plusieurs dimensions.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Evrard et al., (2009), P407.‬‬

‫‪190‬‬
‫‪1‬‬
‫قدر اإلمكان لدى القياس المتكرر مهما كانت العينات ومهما كان الوقت الذي تم فيه إجراء االختبار‬
‫وهناك عدة طرق تسمح بدراسة مصداقية السلم‪ ،‬واألكثر تداوال منها حساب آلفا كرونباخ ‪(l’alpha de‬‬
‫)‪ Cronbach‬ومؤشر ‪ Rhô‬لجرسكو)‪.2 ( Rhô de Jöreskog‬‬

‫يعد معامل آلفا كرونباخ القياس األكثر انتشا ار لتحديد مصداقية وسيلة القياس‪ ،‬ويسمح بالتحقق إذا كانت‬
‫البيانات تشترك في المفاهيم المتداولة‪ ،‬بمعنى هل كل عنصر اختباري يشكل انسجاما مع مجموع البيانات‬
‫األخرى للسلم‪ .‬إذا كان للسلم انسجام داخلي جيد فإن عناصر االختبار التي من المفروض أن تقيس الظاهرة‬
‫تقيسها فعال‪ ،‬ويتمثل الواقع في تجميع عدد كبير من عناصر االختبار األولية في نظام تكراري‬
‫للحفاظ‪/‬إلقصاء عناصر االختبار حسب قيمة معامل آلفا‪ ،‬التي تتراوح بين ‪ 0‬و ‪ ،1‬فكلما كانت قيمة آلفا‬
‫قريبة من ‪ 1‬كلما كان االنسجام الداخلي للسلم قويا‪ ،‬وعليه يتم اقصاء عناصر االختبار التي تخفض النتيجة‬
‫واالحتفاظ بتلك التي تساهم في الرفع من آلفا‪.3‬‬

‫يعطي المؤشر الثاني‪ ،‬مؤشر المصداقية الداخلية ‪ Rhô‬لجرسكو‪ ،‬مثل مؤشر آلفا قيمة بين ‪ 0‬و ‪ ،1‬وهو‬
‫األكثر استعماال في حالة التحليالت التأكيدية والمحسوب انطالقا من نتائج هذه األخيرة‪ ،‬غير أنه يفضل‬
‫مؤشر ‪ Rhô‬على معامل آلفا ألنه من جهة أقل حساسية لعدد عناصر االختبار ولحجم العينة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى يدمج احتمال الخطأ‪ ،4‬أما مقياس صحة التقارب )‪ (Rhô de validité convergente‬األكثر‬
‫استعماال فهو ذلك المقترح من طرف كال من )‪ (Fornell, Larcker, 1981‬الذي يجب أن تكون قيمته‬
‫أكبر من ‪.5 0,5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Evrard et al, (2009), P306.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Cronbach Lee J, «Coefficient alpha and the internal structure of tests», Psychometrika, Vol 16, n°3, 1951‬‬
‫;‪PP 297-334‬‬
‫‪Jöreskog K.G, « Statistical analysis of sets of congeneric tests », Psychometrika, 36, n°2, 1971, PP 109-133.‬‬
‫𝑘‬ ‫𝑖‪∑𝑖 𝜎²‬‬
‫‪3‬‬
‫( =∝ ‪-‬‬ ‫∑ ‪) (1 −‬‬ ‫)‬
‫‪𝑘−1‬‬ ‫𝑗‪𝑖 𝜎²𝑖+2 ∑𝑖,𝑗 𝜎𝑖,‬‬
‫; ‪K:nombre de questions ou items‬‬
‫; )‪𝜎²𝑖 : la variance de l’item i (erreur aléatoire‬‬
‫‪𝜎𝑖, 𝑗 : la covariance entre l’item i et l’item j.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-La formule de calcul du Rhô de Jöreskog est en effet: Rhô (fiabilité interne) = (somme des contributions‬‬
‫‪factorielles standardisées)² / (somme des contributions factorielles standardisées)² + somme des erreurs de mesure‬‬
‫‪des indicateurs.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Fornell Claes, Larcker David F, «Evaluating Structural Equation Models with Unobservable variables and‬‬
‫‪Measurement Error», Journal of Marketing Research, Vol 18, n°1, 1981, P46.‬‬

‫‪191‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التحليل التأكيدي للعوامل‬
‫‪ -1‬األهداف‬
‫ال يسمح التحليل االستكشافي بالمصادقة على هيكلة العوامل لكن يسمح بإبرازها كما هو الحال بالنسبة للتحليل‬
‫الى المركبات الرئيسية‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬يسمح التحليل التأكيدي للعوامل بمواجهة النظرية بالمعطيات الميدانية‪ ،‬ففي‬
‫إطار المعالجة التأكيدية‪ ،‬تحدد الروابط بين المؤشرات والمتغيرات النظرية‪ ،‬قبل أي تجربة سابقة من طرف‬
‫الباحث‪ ،‬ثم تؤكد إحصائيا‪ .‬فالتحليل التأكيدي للعوامل يصادق على نموذج القياس في حين يبرز التحليل‬
‫االستكشافي للعوامل هذا النموذج‪ ،‬كما يساهم في تصفية ساللم القياس بتقييم االنسجام الداخلي وصحة التقارب‬
‫وبالتالي فهما متكامالن‪.‬‬
‫مقارنة بالتحليل الى المركبات الرئيسية‪ ،‬يعطي التحليل التأكيدي للعوامل األفضلية في تقديم نتائج عاملية‬
‫"صافية ‪ ،"propres‬وبالفعل‪ ،‬يسمح التحليل الى مركبات رئيسية عن طريق الدوران بإعطاء ارتباطات بين‬
‫عناصر االختبار‪ ،‬في حين أنه في التحليل التأكيدي تكون عناصر االختبار المخصصة لعامل ما هي وحدها‬
‫المستخدمة في حساب النتيجة‪.‬‬

‫‪ -2‬المنهجــية‬
‫يشكل التحليل التأكيدي للعوامل واحدة من أهم التطبيقات لنماذج المعادالت الهيكلية‪ ،‬ويتطلب طرح عالقة‬
‫مسبقة بين العوامل والمؤشرات‪ ،‬والعوامل هي عبارة عن متغيرات مستترة )‪ ،(variables latentes‬بمعنى أنه‬
‫ال يتم مالحظتها مباشرة‪ ،‬والمسماة أيضا متغيرات نظرية )‪.(variables théoriques‬‬

‫إذن‪ ،‬تحدد المتغيرة النظرية بمجوعة من المتغيرات المالحظة )‪ (variables observables‬أوالمؤشرات وتكون‬
‫مشمولة بحالة الخطأ‪ ،‬ونقول عن العالقات بين العوامل والمؤشرات أنها عاكسة )‪ (réflexives‬حين تكون‬
‫آثار وليس أسبابا للمتغيرات النظرية‪ .‬وبالعكس‪ ،‬توصف المؤشرات على أنها مكونة‬
‫المتغيرات المالحظة ا‬
‫)‪ (formatives‬حين تكون المتغيرات النظرية آثا ار للمتغيرات المالحظة‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫المعادلة الرياضية للنموذج العاملي هي كالتالي‪:‬‬
‫‪X = Λx ξ + δ‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Evrard et al, Op cit, P568.‬‬
‫‪2‬‬
‫;)‪- X est le vecteur des variables observées; x (appelées indicateurs des variables latentes‬‬
‫; )‪ξ est le vecteur des variables latentes (c’est-à-dire des facteurs‬‬
‫;‪Λx est la matrice des contributions factorielles (λx) des variables observées x sur les variables latentes ξ‬‬
‫‪δ est le vecteur des termes d’erreurs, ou résidus, des variables observées x.‬‬

‫‪192‬‬
‫قمنا بتطبيق التحليل التأكيدي للعوامل في بحثنا باستخدام برنامج اإلعالم اآللي للمعادالت الهيكلية "‪"AMOS‬‬
‫في طبعته ‪ 22‬على كل عامل من عوامل النموذج وذلك حسب توصيات كل من ‪(Gerbing, Aanderson,‬‬
‫)‪ 1988‬و )‪ " :( Steenkamp, Van Trijp, 1991‬يجب اعتبار البناء المتعدد األبعاد كمجوعة من‬
‫البناءات الفرعية الوحيدة األبعاد‪ ،‬والمصادقة عليها تكون بالتحقق من قياس الخصائص النفسية‬
‫)‪ (vérification des qualités psychométriques‬لكل بعد"‪.1‬‬

‫‪ -3‬اختيار مؤشرات الضبط‬


‫يمكن تعديل أو ضبط النموذج بواسطة ثالث سالسل من المؤشرات وهي‪:‬‬
‫المؤشرات المطلقة )‪ ،(indices absolus‬المؤشرات المتزايدة )‪ ،(indices incrémentaux‬مؤشرات التقتير‬
‫)‪ ،(indices de parcimonie‬ويفضل عادة استخدام مؤشرين مطلقين ومؤشرين متزايدين من الصنف ‪ 2‬و‪3‬‬
‫ومؤشر أو مؤشرين بالتقتير‪ ،2‬كما تشير األبحاث إلى أن المؤشرات المتزايدة من الصنف ‪ 1‬ليست مستحبة‪.‬‬
‫ان اختيار مؤشرات الضبط ليس باألمر الهين بسبب عدد المؤشرات المتوفرة‪ ،‬لهذا يوصى بإتباع توصيات‬
‫الباحثين المتخصصين في المعادالت الهيكلية‪ ،‬حيث تؤكد األبحاث السابقة أكثر على ضرورة استخدام عدة‬
‫‪3‬‬
‫مؤشرات ضبط معا‪ .‬مثال‪ ،‬يوصي )‪ (Graver, Mentzer, 1999‬باستخدام المؤشرات التالية‪:‬‬
‫;)‪- NNFI (Non Normed Fit Index‬‬
‫;)‪- CFI (Comparative Fit Index‬‬
‫‪- RMSEA (Root Mean Squared Approximation of Error).‬‬

‫قيم هذه المؤشرات المقبولة عموما عبارة عن قيمة بالـنسبة لـلـ ‪ NNFI‬و ‪ CFI‬أكبر من ‪ 0,9‬من أجل ضبط‬
‫جيد‪ ،‬أما بالنسبة ل ـ ‪ RMSEA‬فالمشترط أن يكون أصغر من ‪ 0,08‬رغم أن أغلب البحوث ترمي إلى‬
‫أن تكون قيمة المؤشر ال تتعدى ‪ 0,05‬ألجل ضبط جيد‪.‬‬
‫هناك أيضا مؤشرات أخرى يمكن استخراجها من برنامج اإلعالم اآللي ‪ ،AMOS‬مثل‪:‬‬
‫;)‪- NFI (Normed Fit Index‬‬
‫;)‪- GFI (Goodness of Fit Index‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gerbing David W, Anderson James C, (1988), Op cit, P187-188.‬‬
‫»‪Steenkamp Jan-Benedict E.M, Van Trijp Hans C.M, « The use of LISREL in validating marketing constructs‬‬
‫‪International Journal of Research in Marketing, Vol 8, n°4, 1991, P286.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Roussel Patrice et al, Méthodes d’équations structurelles : recherche at applications en gestion, Paris‬‬
‫‪Economica, 2002, P74.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Garver Michael S, Mentzer John T, «Logistics research methods: Employing structural equation modeling‬‬
‫‪to test for construct validity», Journal of Business Logistics, 1999, Vol 20, n°1, P41.‬‬

‫‪193‬‬
‫;)‪- AGFI (Adjusted Goodness of Fit Index‬‬
‫; )‪- RMR (Root Mean Square Residual‬‬
‫‪- χ2 et le χ2/dll (Chi-deux / degrés de liberté).‬‬

‫يعد كل من الـ ‪ GFI‬و ‪ AGFI‬من مؤشرات الضبط الجيد‪ ،‬فالـ ‪ GFI‬يعبر عن الجزء المتعلق بالتباين‪/‬التغاير‬
‫المفسر بالنموذج‪ ،‬أما الـ ‪ AGFI‬فيعبر عن الجزء المضبوط بعدد من المتغيرات بالنسبة لعدد درجات الحرية‬
‫(‪ ،)dll‬وتتراوح قيم هذه المؤشرات من ‪ 0‬إلى ‪.1 1‬‬

‫فيما يخص المؤشرات المتعلقة بـالـ ‪ ،NFI-NNFI-CFI‬يمكننا القول بأن الحساب مؤسس على مفهوم تحسين‬
‫الضبط المحصل عليه بفضل نموذج الهياكل العاملية )‪ (modèle de structures factorielles‬مقارنة‬
‫بالنموذج العديم )‪ ،(modèle nul‬يمثل الـ ‪ NFI‬الجزء من التغاير الكلي بين المتغيرات الموضحة بالنموذج‬
‫المختبر حين يؤخذ النموذج العديم كمرجع‪ ،‬يفضل الـ ‪ NNFI‬حين تكون العينات أكبر من ‪ 150‬مالحظة‬
‫ويقيس الـ ‪ CFI‬االنخفاض المتعلق بنقص الضبط المقدر حسب التوزيع غير المركزي لـ ‪ χ2‬النموذج الذي‬
‫ينبغي اختباره مقارنة بالنموذج القاعدي‪ .‬أما مؤشر الـ ‪ RMR‬فهو الجذر التربيعي لمتوسط البقايا المقرب‬
‫للمربع‪ ،‬وتتراوح قيمته أيضا من ‪ 0‬إلى‪ 1‬لكن هذه المرة كلما كان المؤشر قريبا من ‪ 0‬كلما كان ضبط النموذج‬
‫جيدا‪.‬‬

‫هناك مؤشران آخران أثناء تحليل النتائج بطريقة المعادالت الهيكلية وهما الـ ‪ χ2‬والـ ‪ ، χ2/dll‬يسمح الـ ‪χ2‬‬
‫باختبار الفرضية المعدومة والتي تقضي بأن الهيكلة المقترحة تتالءم مع المعطيات الميدانية‪ ،‬أما الـ ‪χ2/dll‬‬
‫فيمثل مؤشر التقتير الذي يقيس التقييم فوق العادي والتقييم دون العادي لضبط النموذج سامحا أيضا بمقارنة‬
‫عدة نماذج بديلة‪ ،‬وبالتالي إبراز النموذج األكثر تقتي ار‪ ،‬وتوصي األبحاث السابقة أن يكون هذا المؤشر أضعف‬
‫ما يمكن بين ‪ 1‬و ‪ 2/3‬مع هامش مسموح أقصاه لحد ‪.5‬‬

‫وفيم يلي نلخص المؤشرات التي سنستخدمها في تحليلنا وفقا لتوصيات الباحثين‪:‬‬

‫‪- 0.90 pour le GFI et de 0.80 pour l’AGFI et entre 0.70 et 0.80 lorsque les modèles testés sont complexes.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪194‬‬
‫الجدول رقم ‪ :5.4‬مؤشرات الضبط المستخدمة للتحليل التأكيدي لسلم القياس‬
‫مؤشرات القياس المستخدمـــة‬
‫مؤشر التقتير‬ ‫‪ Chi 2/dll‬األضعف بين ‪ 1‬و ‪ ،2/3‬قد يصل إلى ‪ 5‬كأقصى حد‬
‫مؤشر مطلق‬ ‫> ‪0,9‬‬ ‫‪GFI‬‬
‫مؤشر مطلق‬ ‫< ‪ 0,08‬و إن أمكن <‪0,05‬‬ ‫‪RMSEA‬‬
‫مؤشر تزايدي من الصنف ‪1‬‬ ‫)‪0,9 > TLI (NNFI‬‬
‫مؤشر تزايدي من الصنف ‪2‬‬ ‫> ‪0,9‬‬ ‫‪CFI‬‬
‫المصدر‪Roussel Patrice et al, Op cit, P74 :‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬منهجية اختبار فرضيات البحث‬


‫ان نماذج المعادالت الهيكلية )‪ (équations structurelles‬هي جزء من المناهج اإلحصائية للجيل الثاني‬
‫وتعطي هذه المناهج منافع عديدة‪ ،‬ال سيما إمكانية اختبار النماذج التي تتضمن عالقات سببية متعددة‪ 1‬وهي‬
‫تسمح كذلك وفي ذات الوقت باعتبار سلسلة من معادالت االنحدار المتعددة‪ ،‬المتفرقة‪ ،‬لكن المترابطة فيما‬
‫بينها‪.‬‬
‫تكون هذه التقنيات إذن مكيفة حين يقدم نموذج السببية شبكة معقدة من العالقات بين عدة متغيرات خارجية‬
‫وداخلية )‪ ،(exogènes et endogènes‬أو طرق السببية )‪.(chemins de causalités‬‬
‫تدخل نماذج المعادالت الهيكلية مفهوم المتغيرات المستترة التي ال تالحظ مباشرة‪ ،‬والممثلة لمفاهيم ال يمكن‬
‫قياسها مباشرة‪ ،‬وهي تسمح بالتمييز بين البناء النظري وقياسه‪ .‬المتغيرات المالحظة هي مؤشرات للمتغيرات‬
‫الخارجية (‪ )notées ξ‬وللمتغيرات الداخلية (‪ ،)notées η‬وهي تشكل نموذج قياس للمتغيرات المستترة‪.‬‬
‫يتكون النموذج العام المستعمل لتحليل السببية من نموذج المعامالت الهيكلية المحدد على المتغيرات المستترة‬
‫ومن نموذج قياس يربط المتغيرات المالحظة بالمتغيرات المستترة‪.2‬‬

‫يتكون النموذج الهيكلي من نظام معادالت خطية ممثال لشبكة العالقات بين المتغيرات المستترة الخارجية‬
‫والمتغيرات المستترة الداخلية‪ ،‬ويأخذ نظام المعادالت الهيكلية الشكل التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Valette-Florence Pierre, «Spécificités et apports des méthodes d’analyses multivariées de la deuxième‬‬
‫‪génération», Recherche et Applications en Marketing, Vol 3, n°4, 1988, P 25.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Evrard et al, Op Cit, P564.‬‬

‫‪195‬‬
‫‪η = Bη + Γ ξ + ζ‬‬ ‫‪1‬‬

‫يربط هذا النموذج للقياس المتغيرات المستترة بالمتغيرات المالحظة التي تتالءم معها على الترتيب‪ ،‬فهو مكون‬
‫من مجموعة مصفوفات لمعامالت انحدار المتغيرات المالحظة على المتغيرات المستترة الخارجية والداخلية‪.‬‬
‫بناء على ما سبق وباألخذ بعين االعتبار توصيات (‪ )Aderson, Gerbing, 1988‬و ( ‪Valette florance,‬‬
‫‪ ،)1988‬فان إجراء المصادقة على الفرضيات بطريقة المعادالت الهيكلية يتضمن مرحلتين‪ :‬يتعلق األمر من‬
‫جهة‪ ،‬بتجريب نموذج القياس‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬التصديق على نموذج السببية كما هو موضح في الشكل‬
‫التالي‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ :3.4‬منهجية المصادقة على فرضيات البحث‬

‫وضع النموذج التصوري وفرضيات البحث‬

‫معطيات االستبيان‬

‫بناء نموذج القياس والمصادقة عليه‬ ‫المرحلة ‪1‬‬


‫التحليل االستكشافي للعوامل‬

‫المرحلة ‪2‬‬
‫التحليل التأكيدي للعوامل‬

‫اختبار النموذج السببي‬ ‫المرحلة ‪3‬‬


‫تحليل السببية بين المتغيرات‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫‪1‬‬
‫‪- η’ = (η1, η2…ηm) et ξ’ = (ξ1, ξ2…ξn) sont les vecteurs des variables latentes endogènes et exogènes ; ζ’ (ζ1,‬‬
‫; ‪ζ2…ζm) est le vecteur des termes d’erreur‬‬
‫‪B et Γ sont les matrices des coefficients de régression β et γ modélisant respectivement les relations directes entres‬‬
‫‪les variables η et les relations directes des variables ξ sur les variables η.‬‬

‫‪196‬‬
‫تتعلق المرحلة األولى المبينة في الشكل أعاله ببناء المتغيرات النظرية للنموذج‪ ،‬وتبرز الهيكلة العاملية لكل‬
‫متغير نظري من التحليل االستكشافي للعوامل (التحليل الى المركبات الرئيسية‪ ،‬المرحلة‪ 1‬الموضحة سابقا)‬
‫وذلك بعد اختيار لكل عامل مجموعة من العناصر االختبارية )‪ (itmes‬المقتبسة من األدبيات‪ ،‬تأكد بعدها‬
‫الهيكلة العاملية بالتحليل التأكيدي للعوامل (المرحلة ‪ 2‬الموضحة سابقا)‪.‬‬
‫يحدد التحليل التأكيدي للعوامل مجموعة من العوامل المؤكدة لكل متغير نظري للنموذج الهيكلي‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫بالمتغيرات الخارجية المنشأ والمتغيرات الداخلية المنشأ والمتغي ارت الوسيطية والمعدلة‪ ،‬وبالتالي تسمح النمذجة‬
‫عن طريق المعادالت الهيكلية باختبار‪:‬‬
‫‪ ‬الفرضيات المتعلقة بآثار السببية (‪)H1, H2, H4, H5‬؛‬
‫‪ ‬الفرضيات المتعلقة بآثار الوساطة (‪)H3, H6, H7, H8, H9‬؛‬
‫‪ ‬الفرضيات المتعلقة بآثار التعديل (‪.)H10, H11‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األثــر الوسيطي واألثر المعدل‬


‫يرمي النموذج إلى إقامة عالقة السبب‪/‬النتيجة بين طبيعتين من المتغيرات‪ :‬المتغيرات المستقلة (أو المتغيرات‬
‫المفسرة) والمتغيرات التابعة (المفسرة‪ -‬بفتح السين‪ ،)-‬في هذا النموذج البسيط يمثل المتغير المستقل السبب‬
‫بحيث يقيس األثر المتغير التابع كما هو موضح في الشكل‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :4.4‬النموذج السببي البسيط‬

‫‪X‬‬ ‫‪Y‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬


‫يسمح هذا النموذج في دراستنا بتمثيل العالقة بين‪:‬‬
‫‪ -‬محددات فعالية مراقبة التسيير (البعد التقني وبعد العالقات) وفعالية مراقبة التسيير؛‬
‫‪ -‬فعالية مراقبة التسيير وفعالية التسيير؛‬
‫‪ -‬فعالية التسيير والجودة المقدمة لخدمة العالج‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫يمكن أن تتدخل متغيرات أخرى في العالقة الموجودة بين المتغير (أو المتغيرات) المستقل(ة) والمتغير (أو‬
‫المتغيرات) التابع(ة)‪ .1‬في الحالة األولى يقاس أثر المتغير المستقل ‪ X‬على المتغير التابع ‪ Y‬بواسطة متغير‬
‫ثالث مسمى متغير وسيط )‪.(Variable médiatrice‬‬

‫الشكل رقم ‪ : 5.4‬النموذج السببي بأثر وسيطي‬

‫‪X‬‬ ‫‪M‬‬ ‫‪Y‬‬

‫المصدر‪Brauer Markus, Op cit, P664:‬‬

‫المتغير الوسيط ‪ M‬هو المتغير الذي يتدخل بين المتغير المستقل ‪ X‬والمتغير التابع ‪ Y‬بحيث يؤثر المتغير‬
‫المستقل على المتغير الوسيط ويؤثر المتغير الوسيط على المتغير التابع‪ ،2‬ويعتبر أثر المتغير المستقل‬
‫على المتغير التابع غير مباشر ألنه يمر عبر المتغير الوسيط‪ ،‬فاذا أقصينا أثر المتغير الوسيط ال يمكننا‬
‫مالحظة أية عالقة بين المتغير المستقل والمتغير التابع‪ ،‬وحسب النموذج المقترح في دراستنا هناك متغيران‬
‫وسيطيان وهما‪ :‬فعالية مراقبة التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬
‫أما في الحالة الثانية يمكن للعالقة بين المتغير المستقل والمتغير التابع أن تتأثر بمتغير معدل ‪(Variable‬‬
‫)‪.modératrice‬‬
‫الشكل رقم ‪ :6.4‬النموذج السببي بأثر معدل‬

‫‪X‬‬ ‫‪Y‬‬

‫‪Z‬‬

‫المصدر‪Brauer Markus, Op cit, P663 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Thietart Raymond-Alain et al, «Méthodes de Recherche en Management», Paris, Dunod,1999, P339.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Brauer Markus, L’identification des processus médiateurs dans a recherche en psychologie, L’année‬‬
‫;‪Psychologique, Vol 100, n° 4,2000, P663‬‬
‫‪Caceres Rubén Chumpitaz, Vanhamme Joëlle, «Les processus modérateurs et médiateurs: aspects analytiques‬‬
‫‪et illustrations», Recherche et application en marketing, Vol 18, n°2, 2003, P69-70.‬‬

‫‪198‬‬
‫المتغير المعدل هو المتغير الذي يعدل أو يغير أثر المتغير المستقل على المتغير التابع‪ ،‬فأثر المتغير‬
‫المستقل على المتغير التابع يختلف باختالف مستويات المتغير المعدل‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مفهوم الوساطة‪ ،‬تذكير وتوصيات جديدة‬


‫انتشر مفهوم الوساطة في األبحاث المتعلقة بالعلوم اإلنسانية واالجتماعية وكذا في علم النفس‪ ،‬فالمقال‬
‫المشهور لكل من (‪ ،)Baron, Kenny, 1986‬المذكور في أكثر من ‪ 12600‬مجلة بحث يشير أنه عادة‬
‫أثناء تحليل اآلثار الوسيطية يهتم الباحثون أوال بدراسة وجود األثر المباشر للمتغير المستقل على المتغير‬
‫التابع‪ ،‬وبالرغم من أن منهجية الباحثان التي ال تزال لحد اليوم تستعمل‪ ،‬فقد أتى تيار مؤخ ار بتطورات جديدة‬
‫توسع المنهجية األولية لتحليل الوساطة‪.‬‬
‫في منهجية (‪ ،)Baron, Kenny, 1986‬للتأكد إذا كان المتغير المستقل ‪ X‬يؤثر على المتغير التابع عن‬
‫مرحل‪:‬‬
‫بعد ‪ Y‬عبر وسيط ‪ ،M‬يوصى المؤلفان بإتباع عدة ا‬
‫الشكل رقم ‪ :7.4‬تمثيل نموذج وساطة بسيطة‬
‫‪c‬‬
‫‪X‬‬ ‫‪Y‬‬

‫‪M‬‬
‫‪a‬‬ ‫‪b‬‬
‫‪X‬‬ ‫’‪c‬‬ ‫‪Y‬‬

‫المصدر‪Preacher Kristopher J, Hayes Andrew F, «Asymptotic and resampling strategies for :‬‬
‫‪assessing and comparing indirect effects in multiple mediator models», Behavior Research‬‬
‫‪Methods, Vol 40, n°3, 2008, P880.‬‬

‫كما هو مبين في الشكل‪ ،‬نالحظ في الجزء العلوي األثر الكلي لـ ‪ X‬على ‪ Y‬ذا الرمز ‪ ،c‬ثم في الجزء‬
‫السفلي‪ ،‬األثر المباشر لـ ‪ X‬على ‪ Y‬ذا الرمز ’‪ c‬مع مراقبة الوسيط (أي بإدخال هذا األخير في النموذج)‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬نالحظ أثر المتغير المستقل ‪ X‬على الوسيط ‪ M‬ذا الرمز ‪ ،a‬أثر ‪ M‬على ‪ Y‬مع مراقبة‬

‫‪1‬‬
‫‪-Baron Reuben M, Kenny David A, «The moderator-mediator variable distinction in social psychological‬‬
‫‪research: conceptual, strategic and statistical considerations», Journal of Personality and Social Psychology,‬‬
‫‪1986, Vol 51, n°6, P1174.‬‬

‫‪199‬‬
‫المتغير المستقل ‪ X‬ذا الرمز ‪ ،b‬ويشير الباحثان أنه لوصف متغير بالوسيط ينبغي على هذا األخير‬
‫‪1‬‬
‫االستجابة ألربعة شروط‪:‬‬
‫‪ -1‬المتغير المستقل مرتبط بالمتغير التابع؛ يثبت هذا الشرط أنه يوجد أثر بين ‪ X‬و ‪ Y‬يمكن توسيطه‬
‫(اختبار المسار ‪ c‬ضمن المعادلة ‪)1‬؛‬
‫‪ -2‬المتغير المستقل مرتبط بالوسيط؛ يعتبر هذا الشرط الوسيط كمتغير مستقل (اختبار المسار ‪ a‬ضمن‬
‫المعادلة ‪)2‬؛‬
‫‪ -3‬يؤثر الوسيط على المتغير التابع؛ في هذه المرحلة يتم اعتبار ‪ Y‬كمتغير تابع في معادلة انحدار حيث‬
‫يكون ‪ X‬و ‪ M‬وسيلتا تنبؤ (اختبار المسار ‪ ،)b‬ال يكفي ربط الوسيط بالمتغير التابع بل يجب مراقبة المتغير‬
‫المستقل أثناء اختبار هذا األثر؛‬
‫‪ -4‬إلثبات أن الوسيط يتوسط كليا العالقة بين ‪ X‬و ‪ ،Y‬يجب إثبات أن أثر ‪ X‬على ‪ Y‬بمراقبة ‪( M‬المسار‬
‫’‪ )c‬معدوم‪ ،‬وتقيم اآلثار المبينة في المراحل ‪ 3‬و ‪ 4‬ضمن نفس المعادلةأي المعادلة ‪.3‬‬
‫وعليه فان اختبار الوساطة يجب أن يقيم وفق معادالت االنحدار الثالثة اآلتية‪ ،‬وهي انحدار المتغير التابع‬
‫على المتغير المستقل‪ ،‬ثم انحدار المتغير الوسيط ‪ M‬على المتغير المستقل ‪ ، X‬وأخي ار انحدار المتغير‬
‫التابع على المتغير المستقل والوسيط‪ ،‬أي أثبات العالقات ‪ a, b, c‬بالمعادالت (‪ )2( ،)1‬و (‪ )3‬الموضحة‬
‫أدناه‪:‬‬
‫‪Y = i1 + cX + e1‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪M = i2 + aX + e2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪Y = i3 + c’X + bM + e3‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫أكد الباحثان أن النقطة األولى التي يجب فحصها قبل تجريب وجود وسيط هي وجود عالقة ذات داللة بين‬
‫‪ X‬و‪ Y‬أي المسار‪ ،c‬في هذا المنظور‪ ،‬فإن وجود أثر ‪ c‬ذي داللة ضروري لوجود أثر الوساطة‪ ،‬وبالفعل‬
‫إذا لم يوجد أثر أولي مباشر ال يمكن توسيط هذا األخير‪ ،‬يتم بعدها اختبار األثر المباشر بين ‪ X‬و ‪Y‬‬
‫المرموز له بـ ’‪ c‬بعد ادخال الوسيط‪ ،‬فإذا أصبح األثر المباشر ’‪ c‬لـ ‪ X‬على ‪ Y‬ليس له داللة فان الوساطة‬
‫الموجودة هي وساطة كلية‪ ،‬أما إذا بقي دائما أثر ’‪ c‬له داللة فان المتغير ‪ M‬يتوسط جزئيا أثر ‪ X‬على ‪.Y‬‬
‫ان التمييز بين الوساطة الكلية والجزئية مهم العتبار واحد‪ ،‬فإذا كانت الوساطة كلية هذا يعني أن أثر‪X‬‬
‫على ‪ Y‬مفسر كليا من طرف الوسيط ‪ ،M‬وبالتالي‪ ،‬ال داعي للبحث إذا ما كانت متغيرات أخرى تتدخل في‬

‫‪1‬‬
‫; ‪-Baron Reuben M, Kenny David A, Op cit, P1176‬‬
‫‪Brauer Markus, Op cit, P665.‬‬

‫‪200‬‬
‫المسار الموجود بين ‪ X‬و‪ ،Y‬أما إذا كانت الوساطة جزئية فمن الواضح أن أثر‪ X‬على ‪ Y‬غير مفسر إال‬
‫جزئيا بواسطة ‪ ، M‬وبالتالي‪ ،‬يجب البحث بواسطة النظرية إذا كان باإلمكان إدخال متغيرات أخرى في‬
‫التحليل‪ ،‬وعليه فان التمييز بين الوساطة الجزئية والوساطة الكلية هو مؤشر للبحث عن وجود ميكانيزمات‬
‫إضافية لتفسير الظاهرة‪.1‬‬
‫لـ ‪ Sobel‬المبين في‬ ‫‪z‬‬ ‫ويوصي الباحثان بدراسة مدلول المسار غير المباشر ‪ a*b‬بواسطة اختبار‬
‫المعادلة ‪ 4‬أو في متغيراتها‪ ،‬الذي يسمح باختبار الداللة االحصائية للفرق بين األثر الكلي واألثر المباشر‬
‫بصفة متوازنة‪.‬‬
‫𝒃∗𝒂‬
‫=‪z‬‬ ‫)‪(4‬‬ ‫عدم وجود أي وساطة ‪H0 : a*b= 0‬‬
‫‪√𝒃²𝒔𝒂²+𝒂²𝒔𝒃²‬‬
‫وجود الوساطة الجزئية على األقل ‪H1 : a *b ≠ 0‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اختبار الوساطة حسب الطريقة الحديثة لـ )‪(Preacher, Hayes, 2004, 2008‬‬
‫يشير (‪ )Preacher, Hayes, 2004‬بأنه ليس كافيا تبيان انخفاض المسار’‪ c‬المبين لألثر ‪ X‬على ‪Y‬‬
‫بعد المراقبة من طرف الوسيط‪ ،2‬وهما بالتالي يشيران إلى أن تبيان‪ ،‬من جهة‪ ،‬أن األثر الكلي لـ ‪ X‬على ‪Y‬‬
‫في المعادلة (‪ )1‬له داللة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬أن األثر الجزئي في المعادلة (‪ )3‬ليس كذلك‪ ،‬ال يستلزم‬
‫بالضرورة وجود فرق إحصائي ذي داللة بين االثنين‪ .‬طور (‪ (Preacher, Hayes, 2008‬ثم ( ‪Hayes,‬‬
‫‪ )2012‬مخطوطا خاصا )‪ (script spécifique‬في هذا المجال لفائدة الـ ‪ SPSS‬يسمح باختبار‬
‫‪ ،‬هذا االختبار عن طريق الـ‬ ‫‪3‬‬
‫لـ ‪Sobel‬‬ ‫‪z‬‬ ‫الوساطات عن طريق الـ ‪ bootstrap‬البديل الختبار‬
‫‪ bootstrap‬هو أكثر فعالية من اختبار ‪ Sobel‬ألنه في حالة استعمال هذا األخير ونظ ار لعدم معيارية‬
‫‪ ،‬فان مجال الثقة بـ ‪ % 95‬يمثل خطر إدماج خطأ للقيمة "‪."0‬‬ ‫‪ ،a*b‬وبالتالي ‪z‬‬ ‫المنتوج‬
‫تعمل مصفوفة اختبار اآلثار غير المباشرة عن طريق الـ ‪ bootstrap‬المعدة من طرف ( ‪Hayes,‬‬
‫‪ )2012‬بعينات قائمة على االختبار التجريبي لـ ‪ ،a*b‬وهكذا تعالج المعادلتان (‪ )2‬و (‪ )3‬لكل عينة‬
‫‪ ،bootstrappé‬مع تقدير القيم ‪ a,b‬و ‪ a*b‬في كل مرة‪ ،‬مثال‪ ،‬اذا تم توليد ‪ 5000‬عينة وتقدير قيم ‪a,b‬‬
‫و ‪ a*b‬لكل واحدة منها‪ ،‬فان المصفوفة تقدر األثر غير المباشر كمعدل التقديرات المتولدة عن الـ‬

‫‪1‬‬
‫‪- Preacher Kristopher J, Kelley Ken, «Effect size measures for mediation models: Quantitative strategies for‬‬
‫‪communicating indirect effects», Psychological Methods, Vol 16, n°2, 2011, PP 93-115.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Preacher Kristopher J, Hayes Andrew F, «SPSS and SAS procedures for estimating indirect effects in simple‬‬
‫‪mediation models», Behavior Research Methods, Instruments, & Computers, Vol 36, n°4, 2004, P718.‬‬
‫‪3‬‬
‫;‪-Preacher Kristopher J, Hayes Andrew F, (2008), Op cit, P890‬‬

‫‪201‬‬
(Preacher, Hayes, 2008( ‫ فإذا كان مجال الثقة المتحصل عليه باستخدام مصفوفة‬،1 bootstrap
‫ له داللة وأن الوساطة ثابتة ويجب‬a*b ‫ فان هذا يعني أن األثر غير المباشر‬،"0" ‫ال يتضمن القيمة‬
‫ أما إذا كان مجال الثقة يتضمن القيمة‬،)Zaho et al, 2010, 2011( ‫ترجمتها حسب شجرة القرار لـ‬
.‫ ليس له داللة وبالتالي ترفض فرضية الوساطة‬a*b ‫ فإن‬،"0"
‫ شجرة القرار إلعداد وفهم أنواع الوساطات والالوساطات‬:8.4 ‫الشكل رقم‬

‫ال‬ Non
‫ له داللة؟‬a*b ‫هل‬ ‫ال توجد وساطة‬

‫نعم‬

‫نعم‬ ‫ له داللة؟‬c ‫هل‬ ‫ال‬

a*b*c ‫هل‬
‫موجب؟‬

‫نعم‬ ‫ال‬

‫وساطة تكميلية‬ ‫وساطة تنافسية‬ ‫وساطة غير مباشرة‬


indirecte
complémentaire Compétitive

Zhao Xinshu, Lynch Jr John G, Chen Qimei (2010), « Reconsidering Baron and Kenny ‫المصدر‬
Myths and Truths About Mediation Analysis », Journal of Consumer Research, Vol 37
2010, 201;
Zhao Xinshu, Lynch Jr John G, Chen Qimei, «Reconsidérer Baron et Kenny: mythes et
verities a propos de l’analyse de mediation» Recherche et Application en Marketing, Vol 26
n°1, 2011, P 88.

- La macro de Preacher et Hayes (2008) s’adapte aussi aux médiateurs multiples et aux covariables, voir
1

http://www.afhayes.com/spss-sas-and-mplus-macros-and-code.html

202
‫بالنسبة لدراستنا وفيما يخص اثبات الوساطات البسيطة المبينة في نموذج الدراسة المقترح سابقا‪ ،‬اعتمدنا‬
‫فتح مصفوفة األثر غير المباشر ‪ indirect.sps‬لـ (‪ (Preacher, Hayes, 2008‬باستخدام المخطوطات‬
‫‪1‬‬
‫)‪ (les scripts‬التالية‪:‬‬

‫‪INDIRECT Y = perfmana/X = qualtech/M = sf/CONTRAST = 1/NORMAL = 1/BOOT = 5000.‬‬


‫‪INDIRECT Y = perfmana/X = qualrela/M = sf/CONTRAST = 1/NORMAL = 1/BOOT = 5000.‬‬
‫‪INDIRECT Y = qualsoin/X = sf/M = perfmana/CONTRAST = 1/NORMAL = 1/BOOT = 5000.‬‬

‫أما فيما يتعلق بدراسة األثر الوسيطي المزدوج والتسلسلي )‪ (médiations duale en série‬فان تقدير‬
‫النموذج يتطلب تقدير المعادالت الثالث التالية‪:‬‬
‫‪M1 = β01 + a1X + ε1‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪M2 = β02+ a3M1 + a2X + ε2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪Y = β03 + c’X + b2M2 + b1M1 + ε3‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫الشكل رقم ‪ :9.4‬التمثيل النظري لألثر غير المباشر المزدوج التسلسلي‬

‫‪M1‬‬ ‫‪M2‬‬
‫‪a3‬‬

‫‪a1‬‬ ‫‪a2‬‬ ‫‪b1‬‬ ‫‪b2‬‬

‫‪X‬‬ ‫‪Y‬‬
‫’‪c‬‬
‫المصدر‪http://www.afhayes.com/public/medthree.pdf:‬‬

‫يمثل ‪ Y‬حسب المعادالت السابقة المتغير التابع‪ X ،‬هو المتغير المستقل‪ M1 ،‬و‪ M2‬هما الوسيطان‪ ،‬في‬
‫المعادلة األولى ‪ a1‬هو انحدار ‪ M1‬على ‪ ،X‬وفي المعادلة الثانية ‪ a3‬هو انحدار ‪ M2‬على ‪ M1‬و ‪a2‬‬
‫هو انحدار ‪ M2‬على ‪ ،X‬آما في المعادلة الثالثة فان ‪ b2‬هو انحدار ‪ Y‬على ‪ c’ ،M2‬هو انحدار ‪ Y‬على‬

‫‪1‬‬
‫‪-après avoir ouvert la macro indirect.sps sous forme d’un fichier syntaxe dans SPSS 19.0, nous avons créé un‬‬
‫‪autre fichier syntaxe, dans lequel nous avons rentré les scripts.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ X‬و ‪ b1‬هو انحدار ‪ Y‬على ‪ ،M1‬وعليه يوجد في هذا النموذج عدة آثار يمكن بواسطتها لـ ‪ X‬أن يؤثر‬
‫على ‪ ،Y‬تقدر هذه اآلثار الوسيطية باستخراج معامالت كل مسار سببي مساهم في سلسلة الوساطة‪.1‬‬
‫بالتالي‪ ،‬األثر الكلي لـ ‪ X‬و‪ Y‬مرو ار عبر الوسيطين ‪ M1‬و ‪ M2‬يكون‪:‬‬
‫‪a1 a3 b2 + a2 b2 + a1 b1.‬‬

‫يمكن أيضا تفكيك هذا األثر إلى تفاعلين بدراسة أثر المسارين السببين مرو ار فقط بوسيط واحد متجاهلين‬
‫الوسيط اآلخر‪ ،‬أي ‪ a1 b1‬و‪ ، a2 b2‬ومن جهة أخرى‪ ،‬األثر المباشر لـ ‪ X‬و‪ Y‬بمراقبة الوسيطين أي‬
‫’‪ c‬في المعادلة (‪ ،)3‬لكننا سنركز من خالل دراستنا على أثر الوساطة المزدوجة ‪ a1 a3 b2‬بتدخل‬
‫الوسيطين ‪ M1‬و‪ .M2‬يشير )‪ (Shrout, Bolger, 2002‬أن دراسة الوساطة المتعددة أو التسلسلية تعطي‬
‫مالءمة الختبار العالقة الموجودة بين متغير مستقل ‪ X‬ومتغير تابع ‪ Y‬أكبر من اختبار االنحدار البسيط لـ‬
‫‪ Y‬على ‪ ،2 X‬غير أننا لن نهمل دراسة اآلثار ‪ a1 b1‬و‪ a2 b2‬ألنها تساهم أيضا في تكوين األثر ‪a1‬‬
‫‪.a3 b2‬‬

‫ان األثر غير المباشر الثنائي بين ‪ X‬و‪ Y‬يعتمد على عدة آثار وسيطية تفسر األثر الكلي للمتغير المستقل‬
‫على المتغير التابع‪ ،‬ولتحيين األثر المزدوج المتسلسل‪ ،‬ينبغي دراسة وساطة ‪ M1‬في العالقة بين ‪ X‬و ‪M2‬‬
‫(اآلثار ‪ ،)a1, a3, a2‬ثم دراسة وساطة ‪ M2‬في العالقة بين ‪ M1‬و ‪( Y‬اآلثار ‪ )a3, b2, b1‬من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬حسب توصيات (‪ (Preacher, Hayes, 2008‬ثم (‪ )Hayes, 2012‬تم دراسة الوسيطين ‪M1‬‬
‫‪ M2‬في العالقة بين ‪ X‬و‪( Y‬على التوالي ’‪ a1, b1, c‬و ’‪.)a2, b2, c‬‬
‫لتحليل الوساطات المزدوجة‪ ،‬استعملنا مصفوفة ‪ medthree.sps‬لـ (‪(Hayes, Preacher, 2010‬‬
‫‪3‬‬
‫باستخدام المخطوطات )‪ (les scripts‬التالية‪:‬‬
‫‪MEDTHREE Y = qualsoin/X = qualtech/M1 = sf/M2 = perfmana/boot = 5000‬‬

‫‪MEDTHREE Y = qualsoin/X = qualrela/M1 = sf/M2 = perfmana/boot = 5000‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Alwin D.F. et Hauser R.M, «The decomposition of effects in path analysis», American Sociological Review‬‬
‫‪Vol 40, 1975, PP 37- 47, cité par :‬‬
‫»‪Taylor Aaron B, McKinnon David P, Tein Jenn-Yun, «Tests of the Three-Path Mediated Effect‬‬
‫‪Organizational Research Methods, Vol 11, n°2, 2008, P 244.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Shrout Patrick E, Bolger Niall, «Mediation in experimental and nonexperimental studies: New procedures‬‬
‫‪and recommendations», Psychological Methods, Vol 7, n°4, 2002, P 429.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-nous avons utilisé la macro medthree.sps sous forme d’un fichier syntaxe dans SPSS 19.0, nous avons créé un‬‬
‫‪autre fichier syntaxe, dans lequel nous avons rentré les scripts.‬‬

‫‪204‬‬
(Hayes, 2012, 2013) ‫ اختبار التعديل حسب طريقة‬:‫الفرع الرابع‬
‫ وتحدد طبيعة‬،Y ‫ على‬X ‫ أو قوة أثر‬/‫ المتغير المعدل هو متغير يعدل من اتجاه و‬،‫كما أشرنا إليه سابقا‬
‫ اذ يتوقف هذا األخير على الطريقة‬،‫المتغير المعدل والمتغير المستقل نوع التحليل اإلحصائي المسموح به‬
.1‫التي قيست بها المتغيرات‬

‫ في إطار‬،‫ بعبارة أخرى‬،‫ ذي داللة‬X × Z ‫ بأثر تفاعلي‬X-Y ‫ على العالقة‬Z ‫يتميز األثر المعدل للمتغير‬
.‫) المبينة أدناه له داللة‬a( ‫ للمعادلة‬c ‫ يجب أن يكون المعامل‬، X-Y ‫عالقة خطية‬
d‫ و‬b ‫ ويمثل المعامالن‬،(effets d'interaction) ‫) الشكل العام لتحليل اآلثار التفاعلية‬a( ‫تمثل المعادلة‬
‫ لكنها ليست ضرورية لوجود األثر‬،Y ‫ على‬Z ‫ والمتغير المعدل‬X ‫على التوالي اآلثار " البسيطة " للمتغير‬
.2‫المعدل‬
Y = a + bX + dZ + cXZ + erreur (a)

‫ والمتوفرة في‬Hayes ‫ " المطورة من طرف‬PROCESS " ‫لتحقيق اختبار التعديل استعملنا مصفوفة‬
‫ تسمح هذه المصفوفة بالقيام بالتحليالت المقدمة في‬،)http:// afhayes. com( ‫موقعه على األنترنيت‬
.3‫إطار هذا الفرع بكل سهولة‬

1
Caceres Rubén Chumpitaz, Vanhamme Joëlle, Op cit, P72.
2
-Différentes techniques statistiques peuvent être, utilisées afin de tester l’effet d’interaction: la régression
multiple, la régression multiple avec variables muettes, la régression multiple par sous-groupes et l’ANOVA.
3
-Pour installer cette macro dans SPSS, il suffit d’aller dans ‘Utilitaires’ > ‘Boîte de dialogue personnalisée’ >
‘Installer une boîte de dialogue personnalisée’, avant de sélectionner le fichier « PROCESS.spd » et de cliquer sur
‘OK’. La boîte de dialogue « PROCESS» sera alors accessible en allant dans ‘Analyse’ > ‘Régression’ >
‘PROCESS’.
Une fois que la macro est installée, il ne reste plus qu’à faire glisser les variables dans la boîte de dialogue. Il ne
reste enfin qu’à sélectionner le numéro du modèle – préciser «1» dans Model Number.

205
‫خـــاتمة الفصل الرابع‪:‬‬

‫تحتاج المنظومة الصحية في الجزائر اليوم الى إصالحات عميقة بحيث يكون مضمونها مرتبطا‬
‫أساسا بكيفية وممارسات التسيير‪ ،‬في هذا اإلطار يجب على مؤسسات الصحة العمومية تدعيم قاعدتها‬
‫لتحديث تسييرها واعادة النظر في رؤيتها االستراتيجية‪.‬‬

‫لذلك اقترحنا من خالل هذا الفصل النموذج النظري وفرضيات البحث التي تسمح بتوضيح أهمية مراقبة‬
‫التسيير في تحسين أداء هذه المؤسسات وجودة خدماتها‪ ،‬وتعتمد منهجيتنا في التحليل على طريقتين وهما‬
‫طرق تحليل اآلثار السببية بواسطة المعادالت الهيكلية باستخدام برنامج االعالم اآللي ‪ ،AMOS‬ومن جهة‬
‫أخرى‪ ،‬الطريقة الحديثة المبينة من طرف )‪ (Preacher, Hayes, 2008‬و )‪(Hayes, 2012, 2013‬‬
‫والمتعلقة باختبار اآلثار غير المباشرة واآلثار غير المباشرة المتعددة بطريقة الـ ‪ ،bootstrap‬وكذلك اآلثار‬
‫المعدلة‪.‬‬
‫وسيتم من خالل الفصل الخامس واألخير من هذا البحث عرض النتائج المتوصل اليها ومناقشتها للمصادقة‬
‫على صحة النموذج وتقديم االقتراحات والتوصيات الالزمة‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫عرض النتائج ومناقشتها‬

‫‪207‬‬
‫مقدمة الفصل الخامس‪:‬‬

‫بعد عرضنا في الفصل السابق للنموذج التصوري وفرضيات البحث‪ ،‬وكذا للمنهجية المتبعة إلثبات هذه‬
‫األخيرة سنقوم من خالل هذا الفصل الخامس واألخير عرض ومناقشة النتائج المتحصل عليها من تطبيق‬
‫نموذجنا بالقطاع الصحي العام في الجزائر‪.‬‬

‫حيث سنعرض في المبحث األول نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي لساللم القياس وفق المنهجية المبينة‬
‫في الفصل السابق من أجل المصادقة عليها‪ ،‬ثم في المبحث الثاني نتائج اختبار الفرضيات من خالل عرض‬
‫نتائج آثار السببية‪ ،‬الوساطة والتعديل الموجودة بين مختلف المتغيرات المبينة في نموذج الدراسة من أجل‬
‫المصادقة عليه‪ ،‬وفي المبحث الثالث واألخير مناقشة مختلف النتائج وعرض اإلضافات التي حققناها من خالل‬
‫بحثنا وكذا تقديم جملة من االقتراحات والتوصيات وفتح آفاق جديدة للموضوع‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي للعوامل‬
‫سنحاول من خالل هذا المبحث التطرق الى نتائج التحليل االستكشافي المتوصل اليها عن طريق استخدام‬
‫الـ ‪ SPSS‬وكذا نتائج التحليل التأكيدي باستخدام الـ ‪ AMOS‬لمختف ساللم القياس المستعملة حسب‬
‫المنهجية المتناولة في الفصل السابق‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أبعاد ومصداقية سلم قياس محددات الرضى بالنسبة لمستعملي مراقبة التسيير ورضى‬
‫مستعملي مراقبة التسيير‬
‫الفرع األول‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬
‫يبدي االختبار الكروي لـ ‪ Bartlett‬داللة (قيمة=‪ )0‬وهي أقل من عتبة الداللة التي يجب أن ال تتعدى‬
‫(‪ ،)%1‬كما أن اختبار الـ ‪ KMO‬أو ما يعرف كذلك بالـ ‪ MSA‬يتجاوز ‪ 0.9/ 0.8‬وفي كل األحوال‬
‫يتجاوز‪ 0.5‬وعليه من المناسب القيام بتحليل الى المركبات األساسية ‪(une analyse en composantes‬‬
‫)‪ principales ACP‬الستبعاد المتغيرات التي ليس لها ارتباط مع أي متغير آخر‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ :1.5‬ارتباطات المتغيرات‪ ،‬القيم الذاتية ونسبة التباين للمركبات األساسية لسلم "محددات‬
‫‪1‬‬
‫الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬

‫‪Variables‬‬ ‫‪Communalité‬‬ ‫‪Communalité‬‬


‫‪dimension‬‬ ‫‪dimension‬‬
‫‪technique‬‬ ‫‪relationnelle‬‬

‫‪- Par ses recommandations pertinentes, le‬‬ ‫‪0,802‬‬


‫‪contrôleur de gestion m’aide à atteindre mes‬‬
‫‪objectifs financiers‬‬

‫‪- Par ses recommandations pertinentes, le‬‬


‫‪0,814‬‬
‫‪contrôleur de gestion m’aide à atteindre mes‬‬
‫‪objectifs non-financiers‬‬

‫‪ -1‬قمنا في هذا الفصل بعرض الجداول باللغة الفرنسية وشرح محتواها باللغة العربية حتى تتطابق مع جداول المالحق المتحصل عليها باستخدام‬
‫برنامج الـ ‪ SPSS‬والـ ‪ ،AMOS‬وكذلك المصفوفات المطورة من طرف ‪ Preacher‬و‪.Hayes‬‬

‫‪209‬‬
‫‪- Le volume des informations reçues du‬‬ ‫‪0,774‬‬
‫‪contrôleur de gestion est adapté à mes besoins‬‬

‫‪- Les informations fournies par le contrôleur de‬‬ ‫‪0,742‬‬


‫‪gestion sont fiables‬‬

‫‪- Le temps nécessaire pour participer au‬‬


‫‪0,770‬‬
‫‪processus de contrôle de gestion est raisonnable‬‬

‫‪- Le contrôleur de gestion‬‬ ‫‪s’intéresse‬‬


‫‪0,792‬‬
‫‪personnellement à mon activité‬‬

‫‪- Le contrôleur de gestion prend à cœur mes‬‬


‫‪intérêts principaux‬‬ ‫‪0,679‬‬

‫‪- Je peux partager mes idées avec mon‬‬


‫‪contrôleur de gestion‬‬ ‫‪0,685‬‬

‫‪Valeur propre‬‬ ‫‪4,844‬‬ ‫‪1,323‬‬

‫‪% variance expliquée‬‬ ‫‪45,702‬‬ ‫‪30,017‬‬

‫‪% variance cumulée‬‬ ‫‪75,719‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد نتائج التحليل االستكشافي‬

‫من خالل تحليل المركبات األساسية لمتغيرات سلم" محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير" تبين أن هناك‬
‫مركبين أو عاملين أساسيين وذلك بعد القيام بـالدوان للتباين األعظمي (‪ )Rotation varimax‬حيث يملك‬
‫العامل األول (البعد التقني) قيمة ذاتية تساوي ‪ ) 1< ) 4.844‬ويفسر ‪ % 45.702‬من التباين (انظر الملحق‬
‫‪ )2‬ويضم هذا العامل تسعة عناصر اختبارية (‪ )items‬تم االحتفاظ بخمسة منها وهي‪:‬‬
‫يساعدني مراقب التسيير بواسطة توصياته المالئمة على بلوغ أهدافي المالية؛‬
‫يساعدني مراقب التسيير بواسطة توصياته المالئمة على بلوغ أهدافي غير المالية؛‬
‫حجم المعلومات التي تصلني من مراقب التسيير مكيف مع احتياجاتي؛‬
‫المعلومات المقدمة من طرف مراقب التسيير ذات مصداقية؛‬
‫الوقت الالزم للمشاركة في مسار مراقبة التسيير معقول‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫ من التباين (ارجع‬%30.017 ‫ ويفسر‬1.323 ‫أما العامل الثاني (بعد العالقات) فهو يملك قيمة ذاتية تساوي‬
:‫) تم االحتفاظ بها كلها وهي‬items( ‫) يضم هذا العامل ثالثة عناصر اختبارية‬2 ‫الى الملحق‬
‫يهتم مراقب التسيير شخصيا بنشاطي؛‬ -
.‫يعتني مراقب التسيير بصفة جدية باهتماماتي الرئيسية‬ -
.‫يمكنني تبادل أفكاري مع مراقب التسيير‬ -
(les communalités) ‫ كما أن نسب التفسير‬،‫ من التباين الكلي‬%75.719 ‫ويفسر مجموع هذين العاملين‬
.)2 ‫ والملحق‬1.5 ‫ (ارجع الى الجدول‬0.679 ‫) تتجاوز‬items(‫لكل عنصر اختباري‬

"‫ مصفوفة العوامل قبل الدوران لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير‬:2.5 ‫الجدول رقم‬
Non normée Redimensionné

Facteur Facteur

1 2 1 2
Par ses recommandations pertinentes, le contrôleur de ,774 ,328 ,796 ,337
gestion m’aide à atteindre mes objectifs financiers
Par ses recommandations pertinentes, le contrôleur de ,776 ,324 ,814 ,340
gestion m’aide à atteindre mes objectifs non-financiers
Le volume des informations reçues du contrôleur de gestion ,777 ,271 ,792 ,276
est adapté à mes besoins
Les informations fournies par le contrôleur de gestion sont ,734 ,253 ,772 ,266
fiables
Le temps nécessaire pour participer au processus de ,826 ,034 ,860 ,035
contrôle de gestion est raisonnable
Le contrôleur de gestion s’intéresse personnellement à mon ,794 -,548 ,711 -,491
activité
Le contrôleur de gestion prend à cœur mes intérêts ,714 -,350 ,668 -,327
principaux
Je peux partager mes idées avec mon contrôleur de gestion ,596 -,409 ,559 -,383

Méthode d'extraction : Factorisation en axes principaux.


a. 2 facteurs extraits. 11 itérations requises.

‫ نتائج التحليل االستكشافي‬:‫المصدر‬

211
"‫ مصفوفة العوامل بعد الدوران لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير‬:3.5 ‫الجدول‬
Non normée Redimensionné

Facteur Facteur

1 2 1 2
Par ses recommandations pertinentes, le contrôleur de ,807 ,233 ,831 ,240
gestion m’aide à atteindre mes objectifs financiers
Par ses recommandations pertinentes, le contrôleur de ,807 ,237 ,846 ,249
gestion m’aide à atteindre mes objectifs non-financiers
Le volume des informations reçues du contrôleur de ,775 ,279 ,789 ,284
gestion est adapté à mes besoins
Les informations fournies par le contrôleur de gestion ,729 ,266 ,767 ,280
sont fiables
Le temps nécessaire pour participer au processus de ,662 ,494 ,690 ,515
contrôle de gestion est raisonnable
Le contrôleur de gestion s’intéresse personnellement à ,271 ,926 ,243 ,829
mon activité
Le contrôleur de gestion prend à cœur mes intérêts ,334 ,722 ,312 ,675
principaux
Je peux partager mes idées avec mon contrôleur de ,205 ,693 ,192 ,650
gestion
Méthode d'extraction : Factorisation en axes principaux.
Méthode de rotation : Varimax avec normalisation de Kaiser.
a. La rotation a convergé en 3 itérations.

‫ نتائج التحليل االستكشافي‬:‫المصدر‬

‫) بدوران المحاور مع المحافظة على تعامدها من أجل‬Rotation varimax( ‫يسمح الدوران للتباين األعظمي‬
‫البحث عن تعظيم تباين االرتباطات في كل عمود من أعمدة الجدول المتحصل عليه عند التحليل األول‬
‫ وباالعتماد على هذا االختبار يمكننا مالحظة وبصورة واضحة ( أنظر الجدول‬،‫للمركبات األساسية بدون دوران‬
‫ إلى‬8 ‫ إلى‬6‫ ومن‬،‫ تنتمي الى محور العوامل األول‬5 ‫ إلى‬1 ‫) من‬items( ‫) أن العناصر االختبارية‬3.5(
.‫المحور الثاني‬
‫) بتأكيد ما سبق حيث يوضح تموقع القيم الذاتية وجود منعطف‬Le test de coude( ‫يسمح اختبار المنعطف‬
.‫متبوع بانخفاض منتظم وعليه فإن هذا االختبار يؤكد وجود عاملين قبل االنعطاف كما هو موضح في المنحنى‬

212
‫الشكل رقم ‪ :1.5‬اختبار المنعطف لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي‬

‫الجدول رقم ‪ :4.5‬نتائج اختبار المصداقية وصحة التقارب لسلم "محددات الرضى"‬

‫‪Facteur1‬‬ ‫‪Facteur2‬‬
‫‪α de Cronbach‬‬ ‫‪0,925‬‬ ‫‪0,802‬‬
‫‪α de Cronbach global‬‬ ‫‪0,901‬‬
‫‪ρ de Jöreskog global‬‬ ‫‪0,892‬‬
‫‪ρvc de Jöreskog‬‬ ‫‪0,510‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي‬

‫تؤكد النتائج المتحصل عليها في الجدول ‪ 4.5‬على مصداقية السلم واالنسجام الداخلي للمركبات أو العناصر‬
‫االختبارية المكونة له وذلك من خالل القيم المتحصل عليها‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نتائج التحليل التأكيدي لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬

‫يمكن تلخيص نتائج التحليل التأكيدي لسلم "محددات الرضى" في الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ :5.5‬قيم ومؤشرات الضبط المتحصل عليها عند التحليل التأكيدي لسلم "محددات الرضى"‪.‬‬

‫‪Valeurs des indices de mesures obtenus‬‬


‫‪Indices‬‬ ‫)‪Préconisations (Roussel et al, 2002‬‬ ‫‪Résultats obtenus‬‬
‫‪Chi 2/dll‬‬ ‫‪La plus faible entre 1 et 2/3 voire 5‬‬ ‫‪2,032‬‬
‫‪GFI‬‬ ‫‪> 0,9‬‬ ‫‪0,980‬‬
‫‪RMSEA‬‬ ‫‪< 0,08_ et si possible < 0,05‬‬ ‫‪0,072‬‬
‫)‪TLI(NNFI‬‬ ‫‪> 0,9‬‬ ‫‪0,932‬‬
‫‪CFI‬‬ ‫‪>0,9‬‬ ‫‪0,964‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل التأكيدي‬

‫من خالل الجدول يمكننا القول أن مؤشرات الضبط لسلم "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير" تبدي‬
‫قيما جيدة ومقبولة وفق المجاالت المحددة والمعمول بها‪ ،‬وهو ما يدل أن للسلم ضبط جيد‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬النتائج الخاصة بسلم " رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬

‫الجدول رقم ‪ :6.5‬لوحة القيادة لرضى مستعملي‬


‫مراقبة التسيير‬

‫‪Moyenne‬‬ ‫‪N‬‬ ‫‪Ecart-type‬‬


‫‪2,918‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪0,7803‬‬
‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي‬

‫نالحظ من خالل الجدول أعاله أن متوسط اإلجابات لرضى مستعملي مراقبة التسيير يساوي ‪ 2.918‬وهو‬
‫ما يبين أن هناك "رضى متوسط" لمستعملي هذا النظام‪ ،‬ومن جهة أخرى االنحراف المعياري يساوي ‪0.78‬‬
‫وهو ما يؤكد عدم وجود اختالف كبير في الرأي بين هؤالء المستعملين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أبعاد ومصداقية سلم قياس فعالية التسيير‬


‫الفرع األول‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي لسلم 'فعالية التسيير"‬
‫يبين االختبار الكروي لـ ‪ Bartlett‬الخاص بهذا السلم داللة (قيمة تساوي ‪ )0‬وهي أقل من عتبة الداللة‬
‫(‪ )%1‬كما أن مؤشر الـ ‪ KMO‬يساوي ‪( 0.730‬أنظر الملحق ‪ )2‬وفي كل األحوال أكبر من ‪ 0.5‬وعليه‬
‫فإن هذه المؤشرات تسمح لنا بالقيام بتحليل الى المركبات األساسية (‪ ) ACP‬لمعطياتنا‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫الجدول رقم ‪ :7.5‬ارتباطات المتغيرات‪ ،‬القيم الذاتية ونسبة التباين للمركبات األساسية لسلم " فعالية‬
‫التسيير"‬
‫‪Variables‬‬ ‫‪Caumunalité‬‬
‫‪Qualité des réalisations‬‬ ‫‪0,910‬‬
‫‪Quantité des réalisations‬‬ ‫‪0,832‬‬
‫‪Délais des réalisations‬‬ ‫‪0,556‬‬
‫‪Atteinte des objectifs budgétaires‬‬ ‫‪0,504‬‬
‫‪Valeur propre‬‬ ‫‪2,714‬‬
‫‪% Variance expliquée‬‬ ‫‪70,053‬‬
‫‪% Variance cumulée‬‬ ‫‪70,053‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي (الملحق ‪)2‬‬

‫الجدول رقم ‪ :8.5‬مصفوفة العوامل لسلم "فعالية التسيير"‬


‫‪Non normée‬‬ ‫‪Redimensionné‬‬

‫‪Facteur‬‬ ‫‪Facteur‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Qualité des réalisations‬‬ ‫‪,883‬‬ ‫‪,954‬‬
‫‪Quantité des réalisations‬‬ ‫‪,849‬‬ ‫‪,912‬‬
‫‪Délais des réalisations‬‬ ‫‪,716‬‬ ‫‪,746‬‬
‫‪Atteinte des objectifs budgétaires‬‬ ‫‪,675‬‬ ‫‪,710‬‬

‫‪Méthode d'extraction : Factorisation en axes principaux.‬‬


‫‪a. 1 facteurs extraits. 8 itérations requises.‬‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي‬

‫تبين نتائج تحليل المركبات األساسية لسلم "فعالية التسيير" والملخصة في الجدولين ‪ 7.5‬و ‪ 8.5‬أن هناك‬
‫مركبا واحدا وهو يفسر ‪ ، %70,053‬كما أن نسبة التفسير لكل متغير (‪ )item‬تتجاوز ‪ ،0.504‬وعليه تم‬
‫االحتفاظ بأربع عناصر اختبارية من أصل سبعة وهي‪:‬‬
‫نوعية اإلنجازات؛‬ ‫‪-‬‬
‫كمية اإلنجازات؛‬ ‫‪-‬‬
‫آجال اإلنجازات؛‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق األهداف الموازنية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪215‬‬
‫الجدول رقم ‪ :9.5‬نتائج اختبار المصداقية وصحة التقارب لسلم " فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪Facteur1‬‬
‫‪α de Cronbach‬‬ ‫‪0,897‬‬
‫‪ρ de Jöreskog‬‬ ‫‪0,805‬‬
‫‪ρvc de Jöreskog‬‬ ‫‪0,528‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي‬

‫تؤكد النتائج المتحصل عليها في الجدول ‪ 9.5‬على مصداقية السلم واالنسجام الداخلي للمركبات المكونة‬
‫له من خالل القيم المتحصل عليها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نتائج التحليل التأكيدي لسلم " فعالية التسيير"‬
‫يلخص الجدول التالي النتائج المتحصل عليها من التحليل التأكيدي لسلم " فعالية التسيير"‬
‫جدول رقم ‪ :10.5‬قيم مؤشرات الضبط المحصلة من التحليل التأكيدي لسلم "فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪Valeurs des indices de mesures obtenus‬‬
‫‪Indices‬‬ ‫)‪Préconisations (Roussel et al, 2002‬‬ ‫‪Résultats obtenus‬‬
‫‪Chi 2/dll‬‬ ‫‪La plus faible entre 1 et 2/3 voire 5‬‬ ‫‪1,986‬‬
‫‪GFI‬‬ ‫‪> 0,9‬‬ ‫‪0,956‬‬
‫‪RMSEA‬‬ ‫‪< 0,08_ et si possible < 0,05‬‬ ‫‪0,077‬‬
‫)‪TLI(NNFI‬‬ ‫‪>0,9‬‬ ‫‪0,961‬‬
‫‪CFI‬‬ ‫‪>0,9‬‬ ‫‪0,992‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل التأكيدي‬

‫من خالل الجدول يمكننا القول أن مؤشرات الضبط لسلم "فعالية التسيير" تبدي قيما جيدة ومقبولة وفق‬
‫المجاالت المحددة والمعمول بها‪ ،‬وهو ما يدل أن للسلم ضبط جيد‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أبعاد ومصداقية سلم قياس الجودة المقدمة لخدمة العالج‬
‫الفرع األول‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬
‫يبين اختبار ‪ Bartelett‬لهذا السلم داللة (قيمة تساوي ‪ ،)0‬وهي أقل من عتبة الداللة (‪ )%1‬كما أن مؤشر‬
‫‪ KMO‬يساوي ‪( 0.795‬أنظر الملحق ‪ ،)2‬وبالتالي فإن قيم هذه المؤشرات تسمح باالنتقال إلى تحليل‬
‫للمركبات األساسية (‪)ACP‬‬

‫‪216‬‬
‫ القيم الذاتية ونسب التباين للمركبات األساسية لسلم "الجودة‬،‫ ارتباط المتغيرات‬:11.5 ‫جدول رقم‬
."‫المقدمة لخدمة العالج‬
Variables Caumunalité
Taux de mortalité 0,690
Les délais d’attente pour une chirurgie et 0,707
aux urgences
Les sorties retardées 0,694
Le temps d’accès aux médecins 0,756
généralistes et spécialistes
L’inégalité de traitement entre les patients 0,538
Valeur propre 3,748
% Variance expliquée 60,035
% Variance cumulée 60,035
)2 ‫ من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي (الملحق‬:‫المصدر‬

‫ مصفوفة العوامل لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج‬:12.5 ‫الجدول رقم‬

Non normée Redimensionné

Facteur Facteur

1 1
taux de mortalité ,818 ,779
les délais d’attente pour la chirurgie programmée ,824 ,811
et les délais d’attente aux urgences
les sorties retardées ,827 ,790
le temps d’accès aux médecins généralistes et ,902 ,843
spécialistes
l’inégalité de traitement entre les patients ,687 ,634

Méthode d'extraction : Factorisation en axes principaux.


a. 1 facteurs extraits. 5 itérations requises.

‫ من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي‬:‫المصدر‬

‫ و‬11.5 ‫تبين نتائج تحليل المركبات األساسية لسلم "الجودة المقمة لخدمة العالج" والملخصة في الجدولين‬
)item( ‫ كما أن نسبة التفسير لكل عنصر اختباري‬، % 60,035‫ أن هناك مركبا واحدا وهو يفسر‬12.5
:‫ وعليه تم االحتفاظ بخمسة عناصر اختبارية من أصل تسعة وهي‬،0,538‫تتجاوز‬

217
‫نسبة الوفيات؛‬ ‫‪-‬‬
‫مدة االنتظار إلجراء عملية جراحية ومدة االنتظار في االستعجاالت؛‬ ‫‪-‬‬
‫الخروج المتأخر للمرضى بسبب حدوث تعقيدات؛‬ ‫‪-‬‬
‫مدة االنتظار إلجراء كشف عند طبيب عام أو متخصص؛‬ ‫‪-‬‬
‫عدم االنصاف في معاملة المرضى‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجدول رقم ‪ :13.5‬نتائج اختبار المصداقية وصحة التقارب لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬

‫‪Facteur1‬‬
‫‪α de Cronbach‬‬ ‫‪0,879‬‬
‫‪ρ de Jöreskog‬‬ ‫‪0,860‬‬
‫‪ρvc de Jöreskog‬‬ ‫‪0,554‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي‬

‫تؤكد النتائج المتحصل عليها في الجدول ‪ 13.5‬على مصداقية السلم واالنسجام الداخلي للمركبات أو‬
‫العناصر االختبارية المكونة له‪ ،‬وذلك من خالل القيم المتحصل عليها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نتائج التحليل التأكيدي لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬

‫يمكن تلخيص نتائج التحليل التأكيدي لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج" في الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ :14.5‬قيم مؤشرات الضبط المحصلة من التحليل التأكيدي لسلم" الجودة المقدمة لخدمة‬
‫العالج"‬
‫‪Valeurs des indices de mesures obtenus‬‬
‫‪Indices‬‬ ‫)‪Préconisations (Roussel et al., 2002‬‬ ‫‪Résultats obtenus‬‬
‫‪Chi 2/dll‬‬ ‫‪La plus faible entre 1 et 2/3 voire 5‬‬
‫‪2,276‬‬
‫‪GFI‬‬ ‫‪> 0,9‬‬ ‫‪0,996‬‬
‫‪RMSEA‬‬ ‫‪< 0,08_ et si possible < 0,05‬‬ ‫‪0,063‬‬
‫)‪TLI(NNFI‬‬ ‫‪>0,9‬‬ ‫‪0,904‬‬
‫‪CFI‬‬ ‫‪>0,9‬‬ ‫‪0,968‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل التأكيدي‬

‫من خالل الجدول يمكننا القول أن مؤشرات الضبط لسلم "الجودة المقدمة لخدمة العالج" تبدي قيما جيدة‬
‫ومقبولة وفق المجاالت المحددة والمعمول بها‪ ،‬وهو ما يدل أن للسلم ضبط جيد‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫ أبعاد ومصداقية سلم قياس مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير‬:‫المطلب الرابع‬
"‫ نتائج التحليل االستكشافي لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير‬:‫الفرع األول‬
‫ كما أن‬،)% 1( ‫) وهي ال تتجاوز عتبة الداللة‬0 ‫ لهذا السلم داللة (قيمة تساوي‬Bartelett ‫يبين اختبار‬
‫) وبالتالي فإن قيم هذه المؤشرات تسمح باالنتقال الى‬2 ‫ (أنظر الملحق‬0,684 ‫ يساوي‬KMO ‫مؤشر الـ‬
.‫تحليل المركبات األساسية‬
‫ والقيم الذاتية ونسب التباين للمركبات األساسية لسلم "مشاركة‬،‫ إرتباط المتغيرات‬:15.5 ‫الجدول رقم‬
."‫المسيرين في مسار مراقبة التسيير‬
Caumunalité Caumunalité
facteur 1 facteur 2
- Vous vous servez des informations issues du 0,864
processus de contrôle de gestion pour prendre vos
principales décisions.

- Vous utilisez les informations issues du contrôle 0,741


de gestion pour stimuler les membres de votre
équipe en faveur de la réalisation des objectifs.

- Vous utilisez les informations issues du contrôle 0,903


de gestion pour stimuler les membres de votre
équipe en faveur de la réalisation des objectifs.

- Même dans les situations sensibles, vous 0,800


fournissez les informations de qualité que vous
détenez lorsque votre contrôleur de gestion vous
en fait la demande

- Même dans une situation délicate, vous 0,512


comprenez généralement les contraintes rendues
explicites par le processus de contrôle de gestion

- Lorsque le besoin s'en fait sentir, vous participez 0,847


activement aux analyses de gestion que le
département du contrôle de gestion réalise

Valeur propre 1,870 1,201


% Variance expliquée 42,011 35,690
% Variance cumulée 77,701
‫ من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي‬:‫المصدر‬

219
‫من خالل تحليل المركبات األساسية للمتغيرات المكونة لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‬
‫تبين أن هناك مركبين أو عاملين أساسيين وذلك بعد القيام بدوران للتباين األعظمي (‪)Rotation varimax‬‬
‫حيث يملك العامل األول (استعمال المعلومات) قيمة ذاتية تساوي ‪ )1>( 1,870‬ويفسر ‪ % 42,011‬من‬
‫التباين (أنظر الملحق ‪ )2‬ويضم هذا العامل خمسة عناصر اختبارية (‪ )items‬تم االحتفاظ بثالثة منها‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير التخاذ ق ارراتكم؛‬
‫‪ -‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير لضبط وضعية مركز مسؤوليتكم بصورة‬
‫منتظمة؛‬
‫‪ -‬تعتمدون على المعلومات المتحصل عليها من مسار مراقبة التسيير لتحفيز أعضاء فريقكم على تحقيق‬
‫األهداف‪.‬‬

‫أما العامل الثاني (نقل المعلومات) فهو يملك قيمة ذاتية تساوي ‪ )1>( 1,201‬ويفسر ‪ % 35,690‬من‬
‫التباين (أنظر الملحق ‪ ،)2‬ويضم هذا العامل ثالثة متغيرات تم االحتفاظ بها كلها وهي‪:‬‬
‫‪ -‬حتى في الوضعيات الحساسة تقومون بتوفير معلومات ذات جودة التي بحوزتكم عندما يطلبها قسم مراقبة‬
‫التسيير؛‬
‫‪ -‬حتى في الوضعيات الحرجة تفهمون القيود التي جعلت واضحة من طرف مسار مراقبة التسيير؛‬
‫‪ -‬عند الحاجة تقومون بالمشاركة وبصورة فعالة في تحاليل التسيير التي يقوم بها قسم مراقبة التسيير‪.‬‬
‫ومجموع يفسر مجموع هذين العاملين ‪ %77,70‬من التباين الكلي‪ ،‬كما أن نسب التفسير ‪(les‬‬
‫)‪ communalités‬لكل عنصر اختباري (‪ )items‬فهي تتجاوز ‪( 0.512‬أنظر الملحق ‪.)2‬‬

‫‪220‬‬
"‫ مصفوفة العوامل قبل الدوران لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير‬:16.5 ‫الجدول رقم‬
Non normée Redimensionné

Facteur Facteur

1 2 1 2
Vous vous servez des informations issues du ,296 ,575 ,401 ,778
processus de contrôle de gestion pour prendre vos
principales décisions.
Vous vous servez des informations issues du ,338 ,428 ,476 ,602
processus de contrôle de gestion pour faire
régulièrement le point sur la situation de votre centre
de responsabilité.
Vous utilisez les informations issues du contrôle de ,311 ,601 ,453 ,875
gestion pour stimuler les membres de votre équipe en
faveur de la réalisation des objectifs.
Même dans les situations sensibles, vous fournissez ,683 -,286 ,744 -,311
les informations de qualité que vous détenez lorsque
votre contrôleur de gestion vous en fait la demande
Même dans une situation délicate, vous comprenez ,479 -,052 ,540 -,059
généralement les contraintes rendues explicites par le
processus de contrôle de gestion
Lorsque le besoin s'en fait sentir, vous participez ,796 -,354 ,860 -,382
activement aux analyses de gestion que le
département du contrôle de gestion réalise
Méthode d'extraction : Factorisation en axes principaux.
a. 2 facteurs extraits. 23 itérations requises.

221
"‫ مصفوفة العوامل بعد الدوران لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير‬:17.5 ‫الجدول رقم‬
Non normée Redimensionné

Facteur Facteur

1 2 1 2
Vous vous servez des informations issues du ,646 ,029 ,874 ,040
processus de contrôle de gestion pour prendre vos
principales décisions.
Vous vous servez des informations issues du ,530 ,129 ,746 ,181
processus de contrôle de gestion pour faire
régulièrement le point sur la situation de votre centre
de responsabilité.
Vous utilisez les informations issues du contrôle de ,675 ,032 ,984 ,047
gestion pour stimuler les membres de votre équipe en
faveur de la réalisation des objectifs.
Même dans les situations sensibles, vous fournissez ,025 ,740 ,028 ,806
les informations de qualité que vous détenez lorsque
votre contrôleur de gestion vous en fait la demande
Même dans une situation délicate, vous comprenez ,153 ,457 ,172 ,515
généralement les contraintes rendues explicites par
le processus de contrôle de gestion
Lorsque le besoin s'en fait sentir, vous participez ,011 ,871 ,012 ,941
activement aux analyses de gestion que le
département du contrôle de gestion réalise
Méthode d'extraction : Factorisation en axes principaux.
Méthode de rotation : Varimax avec normalisation de Kaiser.
a. La rotation a convergé en 3 itérations.

‫ نتائج التحليل االستكشافي‬:‫المصدر‬

‫) يمكننا مالحظة وبصورة واضحة أنظر‬Rotation Varimax( ‫باالعتماد على دوران التباين األعظمي‬
‫ إلى المحور‬6 ‫ إلى‬4 ‫ تنتمي على المحور األول للعوامل و من‬3 ‫ إلى‬1 ‫ أن العناصر من‬17.5 ‫الجدول‬
.‫الثاني‬
‫) بتأكيد ما سبق حيث يوضح تموقع القيم الذاتية وجود‬Teste de coude( ‫كما يسمح اختبار المنعطف‬
‫ وعليه فإن هذا االختبار يؤكد وجود عاملين قبل االنعطاف كما هو موضح‬،‫منعطف متبوع بانخفاض منتظم‬
.‫في المنحنى‬

222
‫الشكل رقم ‪ :2.5‬اختبار المنعطف لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي‬

‫الجدول رقم ‪ :18.5‬نتائج اختبار المصداقية وصحة تقارب سلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة‬
‫التسيير"‬
‫‪Facteur1‬‬ ‫‪Facteur2‬‬
‫‪α de Cronbach‬‬ ‫‪0,902‬‬ ‫‪0,795‬‬
‫‪α de Cronbach global‬‬ ‫‪0,744‬‬
‫‪ρ de Jöreskog global‬‬ ‫‪0,857‬‬
‫‪ρvc de Jöreskog‬‬ ‫‪0,523‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي‬

‫تؤكد النتائج المتحصل عليها في الجدول ‪ 18.5‬على مصداقية السلم واالنسجام الداخلي للمركبات أو‬
‫العناصر االختبارية المكونة له وذلك من خالل القيم المتحصل عليها‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نتائج التحليل التأكيدي لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‬
‫الجدول رقم ‪ :19.5‬قيم مؤشرات الضبط المحصلة من التحليل التأكيدي لسلم "مشاركة المسيرين في‬
‫مسار مراقبة التسيير"‬
‫‪Valeurs des indices de mesures obtenus‬‬
‫‪Indices‬‬ ‫)‪Préconisations (Roussel et al., 2002‬‬ ‫‪Résultats obtenus‬‬
‫‪Chi 2/dll‬‬ ‫‪La plus faible entre 1 et 2/3 voire 5‬‬ ‫‪2,432‬‬
‫‪GFI‬‬ ‫‪> 0,9‬‬ ‫‪0,922‬‬
‫‪RMSEA‬‬ ‫‪< 0,08_ et si possible < 0,05‬‬ ‫‪0,071‬‬
‫)‪TLI(NNFI‬‬ ‫‪> 0,9‬‬ ‫‪0,920‬‬
‫‪CFI‬‬ ‫‪>0,9‬‬ ‫‪0,970‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة باالعتماد على نتائج التحليل التأكيدي‬

‫من خالل الجدول يمكننا القول أن مؤشرات الضبط لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير" تبدي‬
‫قيما جيدة ومقبولة وفق المجاالت المحددة والمعمول بها‪ ،‬وهو ما يدل أن للسلم ضبط جيد‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اختبار فرضيات البحث‬

‫سنقوم من خالل هذا المبحث بعرض النتائج الخاصة باختبار فرضيات البحث وذلك باستخدام معامل‬
‫االرتباط لـ ‪ Pearson‬والمصفوفات المطورة من قبل ‪ Preacher‬و‪ Hayes‬من أجل دراسة عالقات‬
‫السببية وآثار الوساطة والتعديل الموجودة بين مختلف المتغيرات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معامل االرتباط لـــــ ‪Pearson‬‬
‫يسمح معامل االرتباط لـ ‪ Pearson‬بالتأكد من أن المتغيرين الكميين اللذين تم قياسهما على نفس مجموع‬
‫المشاهدات يتغيران بطريقة متجانسة أو ال‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دراسة العالقة بين "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير" و"رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير"‬
‫الجدول رقم ‪ :20.5‬العالقة بين "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير" و"رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫‪Corrélations‬‬

‫‪sf‬‬ ‫‪qualtech‬‬ ‫‪qualrela‬‬

‫‪sf‬‬ ‫‪Corrélation de Pearson‬‬ ‫‪1‬‬ ‫**‪,821‬‬ ‫**‪,541‬‬

‫)‪Sig. (bilatérale‬‬ ‫‪,000‬‬ ‫‪,000‬‬

‫‪N‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪670‬‬


‫‪qualtech‬‬ ‫‪Corrélation de Pearson‬‬ ‫**‪,821‬‬ ‫‪1‬‬ ‫**‪,567‬‬
‫)‪Sig. (bilatérale‬‬ ‫‪,000‬‬ ‫‪,000‬‬
‫‪N‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪670‬‬
‫‪qualrela‬‬ ‫‪Corrélation de Pearson‬‬ ‫**‪,541‬‬ ‫**‪,567‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪Sig. (bilatérale‬‬ ‫‪,000‬‬ ‫‪,000‬‬

‫‪N‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪670‬‬

‫‪**. La corrélation est significative au niveau 0.01 (bilatéral).‬‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي‬

‫نالحظ من خالل الجدول أنه يوجد في كل خلية ‪ 3‬أسطر حيث يوضح السطر األخير حجم العينة‬
‫)‪ ،(N=670‬والسطر الثاني الداللة (‪ )Sig‬يبين احتمال الخطأ من أجل رفض الفرضية الصفرية ‪r = 0‬‬
‫وهو أول مؤشر يجب مالحظته في الجدول‪ ،‬فإذا تجاوزت الداللة ‪ %5‬فإنه يتم قبول الفرضية الصفرية‬
‫ونعتبر في هذه الحالة أن االرتباط بين المتغيرين ليس له داللة‪ ،‬وفي المقابل إذا كانت الداللة أصغر من‬
‫‪ ،%5‬فإننا نرفض الفرضية الصفرية ويمكننا بعدها االنتقال إلى السطر األول من الخلية ‪(corrélation‬‬
‫)‪de Pearson‬‬

‫‪225‬‬
‫من خالل الجدول نالحظ أن البعد التقني ورضى مستعملي مراقبة التسيير مرتبطان ايجابيا وهذا االرتباط‬
‫هو ارتباط قوي وايجابي )‪(r=0,821, sig < 0,001‬؛‬
‫وفي المقابل نجد االرتباط بين بعد العالقات ورضى مستعملي مراقبة التسيير هو ارتباط متوسط وايجابي‬
‫أيضا )‪.(r=0,541, sig < 0,001‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دراسة العالقة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير" و "فعالية التسيير"‬
‫يبين الجدول أدناه أن رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير مرتبطان إيجابيا وهذا االرتباط هو‬
‫ارتباط قوي )‪.(r=0,682, sig < 0,001‬‬
‫الجدول رقم ‪ :21.5‬العالقة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير" و "فعالية التسيير"‬
‫‪Corrélations‬‬

‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana‬‬

‫‪sf‬‬ ‫‪Corrélation de Pearson‬‬ ‫‪1‬‬ ‫**‪,682‬‬

‫)‪Sig. (bilatérale‬‬ ‫‪,000‬‬

‫‪N‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪670‬‬


‫‪perfmana‬‬ ‫‪Corrélation de Pearson‬‬ ‫**‪,682‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪Sig. (bilatérale‬‬ ‫‪,000‬‬

‫‪N‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪672‬‬

‫‪**. La corrélation est significative au niveau 0.01 (bilatéral).‬‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي‬

‫نالحظ من خالل الجدول أن رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير مرتبطان إيجابيا وهذا االرتباط‬
‫هو ارتباط قوي )‪.(r=0,682, sig < 0,001‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬دراسة العالقة بين "فعالية التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬
‫نالحظ من خالل الجدول أدناه أن فعالية التسيير والجودة القدمة لخدمة العالج مرتبطان إيجابيا وهذا االرتباط‬
‫هو ارتباط قوي أيضا )‪.(r=0,807, sig < 0,001‬‬

‫‪226‬‬
‫الجدول رقم ‪ :22.5‬العالقة بين "فعالية التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬
‫‪Corrélations‬‬

‫‪perfmana‬‬ ‫‪qualsoin‬‬

‫‪perfmana‬‬ ‫‪Corrélation de Pearson‬‬ ‫‪1‬‬ ‫**‪,807‬‬

‫)‪Sig. (bilatérale‬‬ ‫‪,000‬‬

‫‪N‬‬ ‫‪672‬‬ ‫‪672‬‬


‫‪qualsoin‬‬ ‫‪Corrélation de Pearson‬‬ ‫**‪,807‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪Sig. (bilatérale‬‬ ‫‪,000‬‬

‫‪N‬‬ ‫‪672‬‬ ‫‪672‬‬

‫‪**. La corrélation est significative au niveau 0.01 (bilatéral).‬‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل االستكشافي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار الوسيطية البسيطة حسب (‪)Preacher et Hayes 2004, 2008‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين "الجودة التقنية لمراقبة‬
‫التسيير" و "فعالية التسيير"‬
‫الشكل رقم ‪ :3.5‬األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين "الجودة التقنية لمراقبة التسيير"‬
‫و"فعالية التسيير"‬
‫‪c‬‬
‫‪qualtech‬‬ ‫‪perfmana‬‬

‫‪sf‬‬
‫‪a‬‬ ‫‪b‬‬
‫‪qualtech‬‬ ‫’‪c‬‬ ‫‪perfmana‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫توضح الفرضية رقم ‪ 6‬أن العالقة بين "الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و"فعالية التسيير" تتأثر بواسطة‬
‫إيجابية من قبل "رضى مستعملي مراقبة التسيير" أو ما تعرف بـ " فعالية مراقبة التسيير"‪.‬‬
‫إذ نالحظ (أنظر الملحق ‪ )7‬أن الجودة التقنية لـمراقبة التسيير تؤثر على رضى مستعملي هذا النظام =‪(β‬‬
‫تأثير‬
‫ا‬ ‫)‪ ،0.6538 ; t= 16.6359 ; p = 0.000‬ومن جهة أخرى نجد أن لرضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫إيجابيا ذا داللة على فعالية التسيير )‪.(β= 0.4769 ; t= 17.6459 ; p = 0.0000‬‬

‫‪227‬‬
‫كما أن مجال الثقة ل ـ ‪ % 95‬من الـ ‪ bootstrap‬ال يحتوي على الصفر]‪ ،[0.2524 à 0.3755‬وهو ما‬
‫يتطابق مع الشرط األساسي ألثر الوساطة لـ )‪(Preacher et Hayes 2008‬‬
‫عالوة على ذلك نجد أنه إذا كان األثر األولي للجودة التقنية بدون تأثير الوسيط له داللة أي المسار » ‪« c‬‬
‫)‪ ،(β= 0.4999; t= 15.0482 ; p = 0.0000‬فإن هذا األثر ال يصبح له داللة حسب ‪(Baron et‬‬
‫)‪ Kenny, 1986‬عند تدخل الوسيط )‪« c’ » (β= 0.1881 ; t= 5.7630; p = 0.0000‬‬

‫‪ a*b‬له داللة؟ نعم )إذن مجال الثقة ال يحتوي على القيمة "‪.([0.2524 à 0.3755] "0‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ c ‬له داللة؟ نعم )‪(t =5,7630; p<0,05‬‬
‫‪ a*b*c ‬موجب إذن االمر يتعلق "بواسطة تكميلية"‪.‬‬
‫حسب شجرة القرار ل ـ ) ‪ (Zoho et al, 2011‬فإنه عندما يكون هناك أثر وسيطي غير مباشر ‪a*b‬‬
‫ويكون األثر المباشر ‪ c‬له داللة و ‪ a*b*c‬موجب‪ ،‬فإن الوساطة هنا تكون وساطة تكميلية‪ ،1‬مع العلم أن‬
‫‪2‬‬
‫هذا النوع من الوساطة يعتبر مشابها للوساطة الجزئية بحسب مفهوم ) ‪.(Baron et kenny 86‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين "جودة العالقات لمراقبة‬
‫التسيير" و "فعالية التسيير"‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ : 4.5‬األثر الوسيطي لـ "رضى مستعملي مراقبة التسيير" على العالقة بين "جودة العالقات لمراقبة التسيير"‬
‫و "فعالية التسيير"‪.‬‬
‫‪c‬‬
‫‪qualrela‬‬ ‫‪perfmana‬‬

‫‪sf‬‬
‫‪a‬‬ ‫‪b‬‬
‫‪qualrela‬‬ ‫’‪c‬‬ ‫‪perfmana‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫‪1‬‬
‫‪-Zhao et al,( 2011), Op cit, P 88.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Notons que dans le processus de décision de Zhao et al. (2011), la lettre c représente l’effet direct de X sur Y‬‬
‫‪avec contrôle du médiateur, contrairement à Baron et Kenny (1986), pour qui l’effet total de X sur Y se nomme c‬‬
‫‪sans contrôle du médiateur, c’ représentant l’effet direct avec contrôle du médiateur.‬‬

‫‪228‬‬
‫توضح الفرضية رقم ‪ 7‬أن العالقة بين "جودة العالقات لمراقبة التسيير" و"فعالية التسيير" تتأثر بواسطة‬
‫إيجابية من قبل "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‪.‬‬
‫حيث نالحظ (أنظر الملحق ‪ )8‬أن جودة العالقات لمراقبة التسيير تؤثر على رضى مستعملي هذا النظام‬

‫)‪ ،(β= 0.9126 ; t= 37.1409 ; p = 0.000‬ومن جهة أخرى نجد أن رضى مستعملي مراقبة التسييير‬
‫يملك أثرا ايجابيا ذا داللة على فعالية مراقبة التسيير )‪.(β= 0.1305 ; t= 3.6936 ; p = 0.0002‬‬
‫كما أن مجال الثقة ل ـ ‪ % 95‬من الـ ‪ Bootstrap‬ال يحتوي على القيمة ‪ ،[0.0392 à 0.2004] 0‬وهو‬
‫ما يتطابق مع شروط األثر الوسيطي حسب )‪.(Preacher et Hayes 2008‬‬
‫عالوة على ذلك نجد أنه إذا كان االثر األولي لجودة العالقات بدون تأثير الوسيط ‪« c » (β= 0.7025‬‬
‫)‪ ،; t= 31.0065 ; p = 0.0000‬فإن هذا األثر ال يصبح له داللة حسب )‪(Baron et Kenny, 1986‬‬
‫عند تدخل الوسيط )‪.« c’ » (β= 0.5834 ; t= 14.8456; p = 0.0000‬‬
‫‪ : a*b‬له داللة؟ نعم ) مجال الثقة ال يحتوي على القيمة "‪.([0.0392 à 0.2004] "0‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ c ‬له داللة؟ نعم)‪(t =14,8456; p<0,05‬‬
‫‪ : a*b*c ‬موجب إذن االمر يتعلق “ بواساطة تكميلية“‪.‬‬
‫و بالتالي وحسب شجرة ‪ Zoho‬فإن لدينا وساطة تكميلية أو تسمى بالوساطة الجزئية بمفهوم ‪(Baron et‬‬
‫) ‪kenny 1986‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬األثر الوسيطي لـ "فعالية التسيير" على العالقة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫و"الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬
‫الشكل رقم ‪ :5.5‬األثر الوسيطي لـ "فعالية التسيير" على العالقة بين "رضى مستعملي م ت" و "الجودة المقدمة لخدمة‬
‫العالج"‬
‫‪c‬‬
‫‪sf‬‬ ‫‪qualsoin‬‬

‫‪perfmana‬‬
‫‪a‬‬ ‫‪b‬‬
‫‪sf‬‬ ‫’‪c‬‬ ‫‪qualsoin‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫‪229‬‬
‫توضح الفرضية رقم ‪ 3‬أن العالقة بين "رضى مستعملي م ت" و"الجودة المقدمة لخدمة العالج" تتأثر‬
‫بواسطة إيجابية من طرف "فعالية التسيير"‪.‬‬
‫إذ نالحظ (أنظر الملحق ‪ )9‬أن رضى مستعملي م ت يؤثر على فعالية التسيير =‪(β= 0.5612 ; t‬‬
‫أثر ايجابيا ذا داللة على جودة الخدمات‬
‫)‪ ،24.1200 ; p = 0.000‬ومن جهة أخرى نجد أن لفعالية م ت ا‬
‫الصحية)‪. (β= 0.4848 ; t= 19.0102 ; p = 0.0000‬‬
‫كما أن مجال الثقة ل ـ ‪ % 95‬من الـ ‪ bootstrap‬ال يحتوي على القيمة “‪]0,1212 à 0,3403[ “0‬‬
‫وهو ما يتطابق مع شروط األثر الوسيطي حسب )‪.(Preache et H ayes 2008‬‬
‫عالوة على ذلك نجد أنه إذا كان األثر األولي لرضى مستعملي م ت بدون تأثير الوسيط له داللة » ‪« c‬‬
‫)‪ ،(β= 0.6904 ; t= 36.2808 ; p = 0.0000‬فإن هذا األثر ال يصبح له داللة حسب ‪(Baran et‬‬
‫) ‪ kenny 86‬عند تدخل الوسيط ( ‪. « c’ » )β= 0.4183 ; t= 19.9407 ; p = 0.0000‬‬
‫‪ a * b‬له داللة؟ نعم ) مجال الثقة ال يحتوي على القيمة "‪(]0,1212 à 0,3403[ "0‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ c ‬له داللة؟ نعم)‪(t =19,9407; p<0,05‬‬
‫‪ a*b*c ‬ايجابي إذن االمر يتعلق " بواساطة تكميلية "‪.‬‬
‫بالرجوع إلى شجرة ‪ Zoho‬وباعتبار أن هناك أثر وسيطي غير مباشر ‪ a*b‬واألثر المباشر ‪ c‬له داللة و‬
‫‪ a*b*c‬موجب‪ ،‬فان الوساطة الموجودة هي وساطة تكميلية‪ ،‬أو تسمى بالوساطة الجزئية حسب ‪(Baron‬‬
‫) ‪et kenny 86‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اآلثار الوسيطية المزدوجة حسب (‪)Preacher et Hayes 2004, 2008‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األثر الوسيطي المزدوج بين "الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة‬
‫العالج"‬

‫بعد دراسة اآلثار الوسيطية البسيطة الموجودة في الفرضيات ‪ ،3 ،7 ،6‬سنحاول اآلن اثبات األثر الوسيطي‬
‫المزدوج الموجود بين "الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫الشكل رقم‪ :6.5‬األثر الوسيطي المزدوج بين "الجودة التقنية لمراقبة التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬

‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana‬‬
‫‪a3‬‬

‫‪a1‬‬ ‫‪a2‬‬ ‫‪b1‬‬ ‫‪b2‬‬

‫‪qualtech‬‬ ‫‪qualsoin‬‬
‫’‪c‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫‪qualtech‬‬ ‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana : effet a1, a3, a2‬‬


‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana‬‬ ‫‪qualsoin : effet a3, b2, b1‬‬
‫‪qualtech‬‬ ‫‪sf‬‬ ‫)‪qualsoin : effet a1, b1, c’ (bypass du médiateur scorperf‬‬
‫‪qualtech‬‬ ‫‪perfmana‬‬ ‫)‪qualsoin : a2, b2, c’ (bypass du médiateur sf‬‬
‫)‪qualtech sf perfmana qualsoin : a1, a3, b2 (contrôle des deux médiateur‬‬

‫أثر وسيطيا ذا داللة لرضى مستعملي مراقبة‬


‫تبين النتائج المتحصل عليها (أنظر الملحق ‪ )10‬أن هناك ا‬
‫التسيير على العالقة الموجودة بين الجودة التقنية لمراقبة التسيير وفعالية التسيير‪ ،‬فالجودة التقنية لمراقبة‬
‫التسيير تؤثر على رضى مستعملي مراقبة التسيير )‪ ،(a1= 0.6538 ; t= 16.6359‬ورضى مستعملي‬
‫مراقبة التسيير يؤثر كذلك على فعالية التسيير )‪ ،(a3= 0.4769 ; t= 17.6459‬والعالقة بين الجودة التقنية‬
‫لمراقبة التسيير وفعالية التسيير تبقى ذات داللة )‪ (a2= 0.1881 ; t= 5.7630‬وهو ما يؤكد وجود وساطة‬
‫تكميلية بمفهوم )‪ .(Zaho et al, 2011‬كما تبين النتائج كذلك وجود أثر وسيطي لفعالية مراقبة التسيير‬
‫في العالقة الموجودة بين رضى مستعملي مراقبة التسيير والجودة المقدمة لخدمة العالج‪ ،‬اذ نالحظ أن‬
‫رضى مستعملي مراقبة التسيير تؤثر على فعالية التسيير )‪ ،(a3= 0.4769 ; t= 17.6459‬وفعالية التسيير‬
‫تؤثر على الجودة المقدمة للخدمة )‪ ،(b2= 0.4562 ; t= 17.7869‬وأثر رضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫على جودة الخدمة المقدمة للعالج يبقى كذلك ذو داللة )‪ ،(b1= 0.3836 ; t= 17.6887‬وهو ما يؤكد‬
‫الوساطة التكميلية بمفهوم )‪.(Zaho et al, 2011‬‬

‫تبين النتائج كذلك أن الجودة التقنية لمراقبة التسيير تؤثر ولها داللة على رضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫)‪ ،(a1= 0.6538 ; t= 16.6359‬ورضى مستعملي مراقبة التسيير تؤثر ولها داللة على الجودة المقدمة‬

‫‪231‬‬
‫لخدمة العالج )‪ ،(b1= 0.3836 ; t= 27.7038‬من جهة أخرى نالحظ أن الجودة التقنية لمراقبة التسيير‬
‫تؤثر على فعالية التسيير )‪ ،(a2= 0.1881 ; t= 5.7630‬وفعالية التسيير تؤثر كذلك على الجودة المقدمة‬
‫لخدمة العالج )‪ ،(b2= 0.4562 ; t= 17.7869‬مع وجود أثر كلى ذي داللة للجودة التقنية لمراقبة التسيير‬
‫على الجودة المقدمة لخدمة العالج )‪ (c= 0.5921 ; t= 18.3217‬وأثر مباشر (عند تدخل الوسيطين‪:‬‬
‫رضى مستعملي مراقبة التسيير‪ ،‬وفعالية التسيير) ذي داللة كذلك )‪.(c’=0,1133 ; t= 5,1118‬‬

‫كما تبين النتائج بصورة واضحة وجود أثر وسيطي مزدوج ذي داللة كما هو مبين في مجال الثقة لـ‬
‫‪ ]0,4180 à 0,5410[ Bootstrap‬الذي ال يحتوي على القيمة "‪ ،"0‬والناتج عن اآلثار‪:‬‬
‫)‪.c’ (0.1133) ، b2 (0.4562) ، a3 ( 0.4769)، a1 ( 0.6538‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األثر الوسيطي المزدوج بين "جودة العالقات لمراقبة التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة‬
‫العالج"‬

‫الشكل رقم ‪ :7.5‬األثر الوسيطي المزدوج بين "جودة العالقات لمراقبة التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمة العالج‬

‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana‬‬
‫‪a3‬‬

‫‪a1‬‬ ‫‪a2‬‬ ‫‪b1‬‬ ‫‪b2‬‬

‫‪qualrela‬‬ ‫‪qualsoin‬‬
‫’‪c‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫‪qualrela‬‬ ‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana : effet a1, a3, a2‬‬


‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana‬‬ ‫‪qualsoin : effet a3, b2, b1‬‬
‫‪qualrela‬‬ ‫‪sf‬‬ ‫)‪qualsoin : effet a1, b1, c’ (bypass du médiateur scorperf‬‬
‫‪qualrala‬‬ ‫‪perfmana‬‬ ‫)‪qualsoin : a2, b2, c’ (bypass du médiateur sf‬‬
‫)‪qualrala sf perfmana qualsoin : a1, a3, b2 (contrôle des deux médiateur‬‬

‫‪232‬‬
‫من خالل النتائج المتحصل عليها (أنظر الملحق ‪ )11‬نالحظ وجود أثر وسيطي ذي داللة لرضى مستعملي‬
‫مراقبة التسيير على العالقة الموجودة بين جودة العالقات لمراقبة التسيير وفعالية التسيير‪ ،‬فجودة العالقات‬
‫لمراقبة التسيير تؤثر على رضى مستعملي مراقبة التسيير )‪ ،(a1= 0.9126 ; t= 37.1409‬ورضى‬
‫مستعملي مراقبة التسيير يؤثر كذلك على فعالية التسيير)‪ ،(a3= 0.1305 ; t= 3.6936‬والعالقة بين جودة‬
‫العالقات لمراقبة التسيير وفعالية التسيير تبقى ذات داللة )‪ (a2= 0.5834 ; t= 14.8456‬وهو ما يؤكد‬
‫وجود وساطة تكميلية بمفهوم )‪ .(Zaho et al, 2011‬كما تبين النتائج كذلك أن وجود أثر وسيطي لفعالية‬
‫مراقبة التسيير في العالقة الموجودة بين رضى مستعملي مراقبة التسيير والجودة المقدمة لخدمة العالج‪ ،‬اذ‬
‫نالحظ أن رضى مستعملي مراقبة التسيير تؤثر على فعالية التسيير )‪ (a3= 0.1305; t= 3.6936‬وفعالية‬
‫التسيير تؤثر على الجودة المقدمة للخدمة )‪ ،(b2= 0.2216 ; t= 10.4724‬وأثر رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير على جودة الخدمة المقدمة للعالج يبقى كذلك ذو داللة )‪ ،(b1= 0.1096 ; t= 5.6163‬وهو‬
‫مايؤكد الوساطة التكميلية بمفهوم )‪.(Zaho et al, 2011‬‬

‫تبين النتائج كذلك أن جودة العالقات لمراقبة التسيير تؤثر ولها داللة على رضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫)‪ ،(a1= 0.9126 ; t= 37.1409‬ورضى مستعملي مراقبة التسيير تؤثر ولها داللة على الجودة المقدمة‬
‫لخدمة العالج )‪ ،(b1= 0.1096 ; t= 5.6163‬من جهة أخرى نالحظ أن جودة العالقات لمراقبة التسيير‬
‫تؤثر على فعالية التسيير )‪ ،(a2= 0.5834 ; t= 14.8456‬وفعالية التسيير تؤثر كذلك على الجودة المقدمة‬
‫لخدمة العالج )‪ ،(b2= 0.2216 ; t= 10.4724‬مع وجود أثر كلى ذي داللة لجودة العالقات لمراقبة‬
‫التسيير على الجودة المقدمة لخدمة العالج )‪ (c= 0.8740 ; t= 64.0383‬وأثر مباشر (عند تدخل‬
‫الوسيطين‪ :‬رضى مستعملي مراقبة التسيير‪ ،‬وفعالية التسيير) ذي داللة كذلك =‪(c’= 0.6183 ; t‬‬
‫)‪24.9649‬‬

‫كما تبين النتائج بصورة واضحة وجود أثر وسيطي مزدوج ذي داللة كما هو مبين في مجال الثقة لـ‬
‫‪ ]0,1937 à 0,3262[ Bootstrap‬الذي اليحتوي على القيمة "‪ ،"0‬والناتج عن اآلثار‪:‬‬
‫)‪.c’ (0.6183) ، b2 (0.2216) ، a3 (0.1305)، a1 (0.9126‬‬

‫‪233‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬األثر التعديلي لـمشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير على العالقة الموجودة بين‬
‫رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير حسب (‪)Hayes, 2012,2013‬‬
‫سبق وأن بينا من خالل نتائج التحليل االستكشافي والتأكيدي لسلم "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة‬
‫التسيير" أن لهذه المشاركة بعدين‪ ،‬فمن جهة يجب على المسيرين نقل المعلومات األساسية التي تساهم في‬
‫تطوير واثراء مسار مراقبة التسيير‪ ،‬ومن جهة أخرى فان المعلومات الناتجة عن مراقبة التسيير ال تساهم‬
‫في فعالية المؤسسة اال إذا تم استعمالها من طرف متخذي الق اررات‪ ،‬وفيما يلي سنحاول توضيح األثر‬
‫التعديلي لهذين البعدين على العالقة الموجودة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير" و"فعالية التسيير"‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األثر التعديلي لـ "استعمال المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير" و"فعالية التسيير"‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :8.5‬األثر التعديلي لـ "استعمال المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬

‫و"فعالية التسيير"‪.‬‬

‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana‬‬

‫‪utilinfo‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫توضح النتائج المتحصل عليها باستخدام مصفوفة ‪( PROCESS‬أنظر الملحق ‪ )12‬حسب الخطوات‬
‫المتبعة من طرف )‪ (Preacher et Hayes,2013‬أن المتغير المستقل "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫يؤثر وبداللة على المتغير التابع "فعالية التسيير" )‪ ،(β= 0.5918; t= 4.0713; p = 0.0001‬وفي المقابل‬
‫نجد أن المتغير المعدل"استعمال المعلومات" ال يؤثر بداللة على المتغير التابع "فعالية التسيير" =‪(β‬‬
‫)‪.0.0527; t= 0.4775; p = 0.6331‬‬

‫كما أن األثر األكثر أهمية للتفاعل ‪ X×Z‬الموجود بين المتغير المستقل "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫والمتغير المعدل "استعمال المعلومات" ليس له أثر ذو داللة على المتغير التابع "فعالية التسيير"‬
‫)‪.(β= - 0.0073; t= - 0.2032; p = 0.8391‬‬

‫‪234‬‬
‫وبالتالي ال يوجد أثر تعديلي لـ"استعمال المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير" و"فعالية التسيير"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األثر التعديلي لـ " نقل المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير" و"فعالية التسيير"‬
‫الشكل رقم ‪ :9.5‬األثر التعديلي لـ " نقل المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬

‫و"فعالية التسيير"‪.‬‬

‫‪sf‬‬ ‫‪perfmana‬‬

‫‪implinfo‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬

‫توضح النتائج المتحصل عليها باستخدام مصفوفة ‪( PROCESS‬أنظر الملحق ‪ )13‬حسب الخطوات‬
‫المتبعة من طرف )‪ (Preacher et Hayes,2013‬أن المتغير المستقل "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫يؤثر وبداللة على المتغير التابع "فعالية التسيير" )‪ .)β= 0.6525; t= 5.5376; p = 0.0000‬وفي المقابل‬
‫نجد أن المتغير المعدل "نقل المعلومات" ال يؤثر بداللة على المتغير التابع "فعالية التسيير" ;‪(β= 0.1461‬‬
‫)‪t= 1.6370; p = 0.1021‬‬
‫كما أن األثر األكثر أهمية للتفاعل ‪ X×Z‬الموجود بين المتغير المستقل "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫والمتغير المعدل "استعمال المعلومات" ليس له أثر ذو داللة على المتغير التابع "فعالية التسيير"‬
‫)‪.(β= - 0.0263; t= - 0.8318; p = 0.4058‬‬

‫وبالتالي ال يوجد أثر تعديلي لـ" نقل المعلومات" على العالقة الموجودة بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫و"فعالية التسيير"‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مناقشة النتائج‬

‫من خالل هذا المبحث األخير سنقوم بعرض نموذج الدراسة المصادق عليه‪ ،‬ومناقشة مختلف النتائج‬
‫المتحصل عليها من اختبار الفرضيات‪ ،‬لعرض مختلف المساهمات واالضافات التي تقدمها دراستنا على‬
‫المستوى النظري والمنهجي والتطبيقي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المصادقة على نموذج الدراسة ومناقشة النتائج‬

‫الشكل رقم ‪ :10.5‬نموذج الدراسة المصادق عليه باستخدام الـ ‪AMOS‬‬

‫‪236‬‬
‫الجدول رقم ‪ :23.5‬مؤشرات الضبط لنموذج الدراسة المصادق عليه‬
‫‪Chi2/dll‬‬ ‫‪RMESA‬‬ ‫‪GFI‬‬ ‫)‪TLI(NNFI‬‬
‫‪2,871‬‬ ‫‪0,078‬‬ ‫‪0,994‬‬ ‫‪0,963‬‬

‫المصدر‪ :‬نتائج التحليل التأكيدي‬

‫من خالل الجدول نالحظ أن مؤشرات الضبط الخاصة بنموذج الدراسة تبدي قيما جيدة تتطابق مع القيم‬
‫المحددة من طرف المختصين في المعادالت الهيكلية )‪ ،(Roussel Patrice et al, Op cit, P74‬وهو‬
‫ما يمكننا من المصادقة على صحة نموذجنا‪ ،‬وعليه ومن خالل اثبات الفرضية ‪ 1‬تمكنا من تأكيد العالقة‬
‫التي تربط بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير" اتجاه هذا النظام "وفعاليتهم التسييرية"‪ ،‬وتأكيد االطار‬
‫النظري لهذا البحث ما يشكل نتيجة مهمة لكل من الباحثين والمطبقين في نفس الوقت‪ ،‬فإثبات الفرضية ‪1‬‬
‫يعني أنه كلما زاد "رضى مستعملي مراقبة التسيير" اتجاه هذا النظام كلما زادت "الفعالية التسييرية" لهؤالء‪.‬‬

‫فعلى المستوى النظري يشكل قياس هذا المتغير" رضى مستعملي مراقبة التسيير" عامال مهما بالرغم من أنه‬
‫جزئي "لفعالية مراقبة التسيير"‪ ،‬ما يعتبر اثراء للنظريات الموجودة ويسمح بفهم جيد للظواهر المدروسة‪ ،‬كما‬
‫أن اثبات هذه الفرضية يوضح أن ادخال مفهوم "رضى مستعملي مراقبة التسيير" اتجاه هذا النظام يقدم قيمة‬
‫مضافة حقيقية لفهم العالقات الموجودة بين مراقبة التسيير وفعالية التسيير‪ ،‬اذ تبين النتائج المتحصل عليها‬
‫من التحليل االستكشافي أن هناك عالقة قوية بين المتغيرين )‪ ،(r=0,682, sig < 0,001‬وهو ما تؤكده‬
‫نتائج التحليل التأكيدي اذ نالحظ أن رضى مستعملي مراقبة التسيير اتجاه هذا النظام يفسر ‪ % 73‬من‬
‫فعالية التسيير وهي نسبة مهمة جدا‪.‬‬

‫كما يسمح اثبات الفرضية ‪ 1‬باقتراح عناصر جد مهمة للمطبقين كذلك‪ ،‬فاذا كان رضى المسيرين اتجاه‬
‫مؤشر أساسيا لإلدارة‬
‫ا‬ ‫مراقبة التسيير هو سابق لفعاليتهم التسييرية‪ ،‬فان قياس هذا الرضى يجب أن يشكل‬
‫العامة للمؤسسة ولمختلف الجهات الوصية‪.‬‬

‫بالنسبة للفرضية ‪ 2‬فان اثبات هذه الفرضية يسمح بتأكيد العالقة القوية التي تربط بين "فعالية التسيير"‬
‫و"الجودة المقدمة لخدمة العالج"‪ ،‬حيث وجدنا عالقة ايجابية وقوية بين المتغيرين <‪(r= 0,807; sig‬‬
‫)‪ 0,001‬وهو ما تؤكده نتائج التحليل التأكيدي‪ ،‬حيث نالحظ أن فعالية التسيير تفسر ‪ % 60‬من الجودة‬
‫المقدمة لخدمات العالج وهو ما يؤكد النظريات التي قدمها كل من ‪ Donabedian‬والمعهد الطبي للواليات‬
‫المتحدة األمريكية كما سبق عرضها‪ ،‬والتي تعتبر أن تقديم خدمات ذات جودة يعتمد على مدى تمكن‬

‫‪237‬‬
‫المؤسسة من تحقيق أهدافها والتي هي من مسؤولية المسيرين (المديرون العامون والفرعيون‪ ،‬ورؤساء األقسام‬
‫في المؤسسات الصحية)‪.‬‬

‫بالنسبة للقسم العمودي للنموذج المدروس‪ ،‬تم اثبات الفرضية ‪ 4‬و‪( 5‬كلما كانت الجودة التقنية وجودة‬
‫العالقات لمراقبة التسيير جيدة كلما زاد رضى مستعمليها) حيث وجدنا عالقة ايجابية وقوية بين "الجودة‬
‫التقنية لمراقبة التسيير" و"رضى مستعملي مراقبة التسيير" )‪ (r= 0,821; sig< 0,001‬وعالقة ايجابية‬
‫ومتوسطة بين "جودة العالقات لمراقبة التسيير" و"رضى مستعملي مراقبة التسيير" <‪(r= 0,541; sig‬‬
‫)‪ 0,001‬وهو ما تؤكده نتائج التحليل التأكيدي )‪ ،(0.75 / 0.57‬وهذا ما يدل على أن الجودة التقنية‬
‫لمراقبة التسيير لها تأثير أكبر وأهم نوعا ما‪ ،‬مقارنة مع جودة العالقات على رضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫فعلى المستوى التطبيقي تؤكد هذه النتيجة األهمية التي يجب أن تعطيها اإلدارة والجهات الوصية للجودة‬
‫التقنية لهذا النظام التي تساعد المسيرين والمسؤولين على تحقيق أهدافهم المالية وغير المالية وتساعدهم‬
‫على تكييف حجم المعلومات المتحصل عليها سواء من الموازنات أو المحاسبة التحليلية في جداول وأشكال‬
‫من خالل استخدام لوحات القيادة‪ ،‬لتتناسب مع احتياجاتهم في اتخاذ الق اررات المناسبة‪ ،‬كما تحرص على‬
‫مصداقية المعلومات المقدمة وعلى تقديمها ضمن اآلجال المناسبة التي تسمح بمشاركتهم في مسار مراقبة‬
‫التسيير‪ ،‬وهو ما تؤكده األوزان المتحصل عليها للعوامل المحددة لهذا البعد )‪(les poids factoriels‬‬
‫والمتمثلة فيما يلي‬
‫‪ -‬يساعدني مراقب التسيير بواسطة توصياته المالئمة على بلوغ أهدافي المالية (‪)0,68‬؛‬
‫‪ -‬يساعدني مراقب التسيير بواسطة توصياته المالئمة على بلوغ أهدافي غير المالية )‪(0,94‬؛‬
‫‪ -‬حجم المعلومات التي تصلني من مراقب التسيير مكيف مع احتياجاتي )‪(0,55‬؛‬
‫‪ -‬المعلومات المقدمة من طرف مراقب التسيير ذات مصداقية )‪(0,54‬؛‬
‫‪ -‬الوقت الالزم للمشاركة في مسار مراقبة التسيير معقول )‪.(0,95‬‬
‫كما يجب االهتمام أيضا بجودة العالقات لمراقبة التسيير من خالل اهتمام مراقبي التسيير بنشاطات مختلف‬
‫المسيريين بصورة جيدة واعطائهم فرصة تبادل األفكار ومناقشتها‪ ،‬وهو ما تؤكده األوزان المتحصل عليها‬
‫للعوامل المحددة لهذا البعد‪:‬‬

‫‪ -‬يهتم مراقب التسيير شخصيا بنشاطي )‪(0,86‬؛‬


‫‪ -‬يأخذ مراقب التسيير اهتماماتي الرئيسية بصورة جدية )‪(0,91‬؛‬

‫‪238‬‬
‫‪ -‬يمكنني تبادل أفكاري مع مراقب التسيير)‪.(0,82‬‬
‫وبالتالي تبقى الجودة التقنية هي القاعدة األساسية لرضى مستعملي مراقبة التسيير بينما تشكل جودة العالقات‬
‫بعدا تكميليا كما هو مبين عند كل من ‪ Lambert et Sponem‬و‪ ،Fornerino et al‬ويمكن تلخيص‬
‫الفرضيات السابقة في الجدول التالي‪:‬‬
‫الجدول ‪ :24.5‬الفرضيات المتعلقة بالعالقات السببية الموجودة بين المتغيرات‬
‫النتيجة‬ ‫مضمون الفرضية‬ ‫رقم الفرضية‬
‫مثبتة‬ ‫يؤثر رضى مستعملي مراقبة التسيير تأثي ار ايجابيا على فعالية‬ ‫الفرضية ‪1‬‬
‫التسيير‪.‬‬
‫مثبتة‬ ‫تؤثر فعالية التسيير تأثي ار ايجابيا على الجودة المقدمة لخدمات‬ ‫الفرضية ‪2‬‬
‫العالج‪.‬‬
‫مثبتة‬ ‫كلما زادت الجودة التقنية لمراقبة التسيير كلما زاد رضى‬ ‫الفرضية ‪4‬‬
‫مستعمليها‪.‬‬
‫مثبتة‬ ‫كلما زادت جودة العالقات لمراقبة التسيير كلما زاد رضى‬ ‫الفرضية ‪5‬‬
‫مستعمليها‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬
‫‪-‬‬

‫بالنسبة للفرضيات المتعلقة باآلثار الوسيطية الموجودة بين المتغيرات المدروسة والموضحة في نموذج الدراسة‬
‫فقد تمكنا من اثبات‪ :‬الفرضية ‪ 3‬التي تنص على وجود أثر وسيطي بسيط بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫و"الجودة المقدمة لخدمة العالج" من خالل متغير مهم وهو "فعالية التسيير"‪ ،‬والفرضيتين ‪ 6‬و‪ 7‬اللتان تنصان‬
‫على أن "رضى مستعملي مراقبة التسيير" تتوسط العالقة الموجودة بين "الجودة التقنية" لهذا النظام و"فعالية‬
‫التسيير" وكذا العالقة الموجودة بين "جودة العالقات" و"فعالية التسيير"‪.‬‬

‫ومن خالل اثبات الفرضيتين ‪ 8‬و‪ 9‬المتعلقتان باألثر الوسيطي المزدوج فقد تم تأكيد الفرضيات ‪ 7،6،3‬واثبات‬
‫األثر الوسيطي المزدوج لكل من "رضى مستعملي مراقبة التسيير" و"فعالية التسيير" على العالقة الموجودة بين‬
‫"الجودة التقنية لم ارقبة التسيير" و"الجودة المقدمة لخدمة العالج وبين "جودة العالقات لمراقبة التسيير" و"الجودة‬
‫المقدمة لخدمة العالج"‪ ،‬وبالتالي فان لهذه النتائج داللة مهمة على المستوى التطبيقي اذ تحث على العناية‬

‫‪239‬‬
‫التي يجب أن يعطيها المسؤولون لنظام مراقبة التسيير وعلى ضرورة االهتمام بمحددات فعالية هذا النظام‬
‫والمتمثلة في البعدين اللذين قمنا بدراستهما (البعد التقني وبعد العالقات)‪.‬‬

‫أما بالنسبة للفرضيتين ‪ 10‬و ‪ 11‬والمتعلقة باألثر التعديلي الموجود بين "رضى مستعملي مراقبة التسيير"‬
‫و"فعالية التسيير" من خالل "مشاركة المسيرين" في استعمال المعلومات الناتجة عن مسار مراقبة التسيير‬
‫و"المساهمة في نقلها"‪ ،‬فلم نتمكن من اثبات هتين الفرضيتين بالرغم من أن النظريات تقر بهذه العالقة اال أن‬
‫األبحاث التي قدمت في هذا الصدد تمت في مجتمع وقطاع مختلفين عن اإلطار الجزائري‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص الفرضيات المتعلقة بأثار الوساطة والتعديل في الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ :25.5‬الفرضيات المتعلقة بآثار الوساطة والتعديل الموجودة بين المتغيرات‬
‫النتيجة‬ ‫مضمون الفرضية‬ ‫رقم الفرضية‬
‫مثبتة‬ ‫تتوسط فعالية التسيير العالقة الموجودة بين رضى مستعملي‬ ‫الفرضية ‪3‬‬
‫مراقبة التسيير والجودة المقدمة لخدمات العالج‪.‬‬
‫مثبتة‬ ‫يتوسط رضى مستعملي مراقبة التسيير العالقة الموجودة بين‬ ‫الفرضية ‪6‬‬
‫الجودة التقنية لمراقبة التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬
‫مثبتة‬ ‫يتوسط رضى مستعملي مراقبة التسيير العالقة الموجودة بين جودة‬ ‫الفرضية ‪7‬‬
‫العالقات لمراقبة التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬
‫مثبتة‬ ‫هناك أثر غير مباشر مزدوج بين الجودة التقنية لمراقبة التسيير‬ ‫الفرضية ‪8‬‬
‫والجودة المقدمة لخدمات العالج من خالل رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬
‫مثبتة‬ ‫هناك أثر غير مباشر مزدوج بين جودة العالقات لمراقبة التسيير‬ ‫الفرضية ‪9‬‬
‫والجودة المقدمة لخدمات العالج من خالل رضى مستعملي مراقبة‬
‫التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬
‫غير مثبتة‬ ‫يسمح استعمال المعلومات الناتجة عن مسار مراقبة التسيير‬ ‫الفرضية ‪10‬‬
‫بتعديل العالقة الموجودة بين رضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫وفعالية التسيير‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫غير مثبتة‬ ‫تسمح مشاركة المسيرين في نقل المعلومات بتعديل العالقة بين‬ ‫الفرضية‪11‬‬
‫رضى مستعملي مراقبة التسيير وفعالية التسيير‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثة‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االضافات المحققة في البحث‬
‫لقد قمنا بتقسيم االضافات المتعلقة ببحثنا هذا الى ثالثة عناصر أساسية تتمثل في االضافات النظرية واالضافات‬
‫المنهجية وأخي ار االضافات التطبيقية وسنحاول شرح كل عنصر من هذه العناصر فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االضافات النظرية‬


‫يعد اثبات الفرضيتين ‪ 1‬و ‪ 2‬نتيجة مهمة لكل من الباحثين والمطبقين‪ ،‬فعلى المستوى النظري‪ ،‬فان قياس‬
‫"رضى مستعملي مراقبة التسيير" يشكل متغي ار أساسيا لفعالية مراقبة التسيير‪ ،‬وبالتالي فان دراسة وقياس هذا‬
‫الرضى يقدم قيمة مضافة حقيقية لفهم العالقات الموجودة بين مراقبة التسيير وفعالية التسيير وهو يتطلب من‬
‫الباحثين في هذا المجال االهتمام أكثر بهذه النقطة ومحاولة التوسع فيها من خالل دراسة أثر هذا المتغير على‬
‫متغيرات أخرى مثل‪ :‬المساعدة على اتخاذ القرار‪ ،‬التحفيز على تحقيق األهداف‪...‬‬
‫كما أن اثبات األثر االيجابي الموجود بين فعالية التسيير والجودة المقدمة للخدمات الصحية يقدم اضافة حقيقية‬
‫بالنسبة للدراسات التي قدمت على مستوى مراقبة التسيير‪ ،‬اذ أدخلت جانب الجودة في هذا المجال وبالتالي فان‬
‫هدف مراقبة التسيير ال يقتصر فقط في تحسين فعالية التسيير‪ ،‬انما يذهب الى أبعد من ذلك ليصل الى نقطة‬
‫أساسية وهي تحسين جودة الخدمات المقدمة على مستوى القطاع الصحي وهو ما يمكن تعميمه فيما بعد على‬
‫بقيت القطاعات العمومية من خالل دراسات أخرى‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االضافات المنهجية‬


‫تتمثل االضافات المنهجية لهذا البحث في الطرق االحصائية المستخدمة إلثبات مختلف الفرضيات ونموذج‬
‫الدراسة‪ ،‬فالدراسات الكمية األخيرة التي قدمت على مستوى الدول المتقدمة لم تعد تعتمد على التحليل االستكشافي‬
‫بواسطة الـ ‪ SPSS‬فقط بل تعدتها الى التحليل التأكيدي باستخدام برنامج جديد هو الـ ‪ ،AMOS‬فاذا كان الـ‬
‫‪ SPSS‬يسمح بدراسة العالقة بين المتغيرات بطريقة ثنائية فان الـ ‪ AMOS‬يسمح بدراسة عدة عالقات بين‬
‫عدة متغيرات في آن واحد ولذلك يستخدم في الدراسات التي تعتمد على نماذج احصائية مبنية على عدة‬
‫متغيرات وعدة عالقات‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫اعتمدنا في دراستنا هذه على تحليل متعدد المجموعات )‪ (analyse multi-groupes‬باستخدام طريقة‬
‫المعادالت الهيكلية )‪ (équations structurelles‬التي ينصح بها عند القيام بالدراسات التأكيدية وهو ما يمثل‬
‫االضافة المنهجية األولى في بحثنا هذا؛‬
‫أما االضافة المنهجية الثانية لهذا البحث فتتمثل في استخدام الطريقة الحديثة لـ ‪(Preacher et Hayes‬‬
‫)‪ 2004, 2008‬والتي واصل فيها فيما بعد )‪ (Hayes, 2012‬الثبات اآلثار الوسيطية البسيطة والمتعددة‬
‫بالتسلسل الموجودة في نموذج دراستنا‪ ،‬لقد انتقدت هذه الطريقة منهجية )‪ (Baron et Kenny, 1986‬التي‬
‫ظلت لسنوات عديدة متربعة على الدراسات المستخدمة لهذا النوع من العالقات‪ ،‬وتعتمد الطريقة الحديثة في‬
‫تحليلها لألثار غير المباشرة على الـ ‪ bootstrap‬الذي يعتبر أكثر فعالية من اختبار ‪ Sobel‬ألنه في حالة‬
‫‪ ،‬فان مجال الثقة بـ ‪ % 95‬يمثل خطر‬ ‫‪ ،a*b‬وبالتالي ‪z‬‬ ‫استعمال هذا األخير ونظ ار لعدم معيارية المنتوج‬
‫إدماج خطأ للقيمة "‪ ،"0‬لذلك استخدمنا لدراسة األثار الوسيطية البسيطة مصفوفة ‪ Indirect.sps‬واستخدمنا‬
‫مصفوفة ‪ Medthree.sps‬لدراسة اآلثار الوسيطية المزدوجة أو بالتسلسل باالعتماد على المخطوطات المطورة‬
‫من طرف الباحثين والتي تسمح بمعالجة المعطيات (االجابات الموجودة على الـ ‪ )SPSS‬واعطاء كذلك نتائج‬
‫التحليل في شكل نص واضح ومفهوم يفسر مختلف المسارات الموجودة بين المتغيرات‪.‬‬

‫وبالنسبة لالضافة المنهجية الثالثة لهذا البحث فتتمثل في استخدام طريقة ‪ PROCESS‬لـ ‪(Hayes,2012,‬‬
‫)‪ 2013‬إلثبات األثر التعديلي لمشاركة المسيرين في العالقة الموجودة بين رضى مستعملي مراقبة التسيير‬
‫وفعالية التسيير وتسمح هذه المصفوفة بالقيام بالتحليالت المقدمة في هذا االطار بكل سهولة ودقة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬االضافات بالنسبة للقطاع الصحي الجزائري‬


‫من خالل بحثنا هذا تمكنا من التوصل الى نتائج مهمة على المستوى التطبيقي والتي يمكننا شرحها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اثبات الدور المهم لمراقبة التسيير في القطاع الصحي بحيث يلعب هذا النظام دو ار أساسيا في تحسين‬
‫فعالية التسيير بهذا القطاع من خالل تحسين جودة االنجازات‪ ،‬حجم االنجازات‪ ،‬وآجال تنفيذ المهام المسطرة‬
‫من طرف االدارة والسلطة الوصية وكذلك المساعدة في تحقيق األهداف الموازنية المسطرة‪ ،‬وهو ما يؤثر‬
‫ايجابيا على الجودة المقدمة لخدمات العالج‪ ،‬ويستدعي من المسؤولين في هذا القطاع االهتمام أكثر بهذا‬
‫النظام والعمل على تطويره وتحسن فعاليته‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫‪ -‬تحديد محددات الفعالية لمراقبة التسيير في القطاع الصحي التي تقوم على بعدين أساسيين وهي الجودة‬
‫التقنية وجودة العالقات‪ ،‬وعليه على مراقبي التسيير االهتمام بهذين البعدين والعمل على تحسينهما‪ ،‬فبالنسبة‬
‫للجودة التقنية لمراقبة التسيير على مراقب التسيير العمل على مساعدة المسيرين والمسؤولين في المؤسسات‬
‫الصحية‪ ،‬على تحقيق أهدافهم المالية وغير المالية والعمل على توفير معلومات صادقة بحجم يتناسب مع‬
‫احتياجات المسيرين وذلك من خالل استخدام أدوات تلخيصية مثل لوحات القيادة‪ ،‬وكذلك تمكين المسؤولين‬
‫والمسيرين من المشاركة في مسار مراقبة التسيير من خالل ادماجهم في مسار التخطيط‪ ،‬التنفيذ‪ ،‬المقارنة‬
‫والتصحيح لتحفيزهم أكثر على تحقيق المهام بصورة جيدة وعلى تحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بجودة العالقات لمراقبة التسيير والتي تعتب ار بعدا مكمال للجودة التقنية فعلى مراقب التسيير‬
‫أن يعمل على تحسينها من خالل االهتمام بنشاطات المسؤولين والمسيرين بالمؤسسات الصحية واالهتمام‬
‫بانشغاالتهم األساسية وكذلك تبادل األفكار والحوار معهم وهو ما يندرج ضمن مهام مراقب التسيير التي‬
‫سبق التطرق اليها في الجانب النظري‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حدود وآفاق الدراسة‬


‫يبدي بحثنا هذا كأي بحث آخر مجموعة من الحدود التي يجب ذكرها حتى يكون هناك مجال لفتح آفاق‬
‫جديدة للدراسة في المستقبل‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حدود الدراسة‬
‫يمكن حصر الحدود التي يعاني منها بحثنا في حدود نظرية وأخرى تطبيقية‪ ،‬تتمثل الحدود النظرية للبحث‬
‫حسب ما هو موضح في االطار النظري المدروس أن هناك متغيرات أخرى يمكن أن تتدخل وتؤثر في‬
‫العالقات السببية المدروسة ولم نقم بإدراجها في النموذج المدروس‪ ،‬من أهم هذه المتغيرات نجد التكوين‬
‫والتحفيز‪ ،‬فمن جهة يلعب تكوين مراقبي التسيير دو ار هاما في فعالية النظام المدروس ويمكن أن يؤثر‬
‫ايجابيا في العالقة الموجودة بين "محددات الرضى" و "رضى مستعملي مراقبة التسيير" وكذا بين "رضى‬
‫مستعملي مراقبة التسيير" و"فعالية التسيير"‪ ،‬ومن جهة أخرى يلعب تكوين المسيرين والمسؤولين دو ار هاما‬
‫في العالقة الموجودة بين "فعالية التسيير" و "الجودة المقدمة للخدمات الصحية"‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫كما يلعب تحفيز األفراد والمسؤولين دو ار هاما في تحسين الخدمات الصحية‪ ،‬فالتحفيز حسب ما جاء به‬
‫العديد من الباحثين هو عنصر هام له أثر كبير على أداء األفراد وبالتالي أداء المؤسسة وعدم ادراجنا لهذا‬
‫العنصر يعتبر من حدود الدراسة التي يجب االشارة اليها‪.‬‬

‫تبدي دراستنا هذه كذلك حدودا تطبيقية تتعلق بالعينة المدروسة‪ ،‬فدراسة نظام مراقة التسيير تتطلب استجواب‬
‫الفئة المسيرة للمؤسسات الصحية والمعنية باستخدام هذا النظام (المدراء العامون والمدراء الفرعيون ورؤساء‬
‫األقسام) وهو ما جعلنا نقيس أثر هذا النظام على "فعالية التسيير" و "الجودة المقدمة لخدمات العالج"‬
‫وليس "الجودة المدركة"‪ ،‬فالجودة المدركة تتطلب دراسة فئة أخرى هي مستعملي الخدمة والتي تقتصر في‬
‫المرضى‪ ،‬وبالتالي فان دراسة أثر "مراقبة التسيير" على "فعالية التسيير" و "على الجودة المدركة عند‬
‫المرضى" تتطلب دراسة فئتين مختلفتين‪ :‬مستعملو مراقبة التسيير (المسيرون) والمستفيدون من الخدمات‬
‫الصحية المقدمة (المرضى) وهو ليس باألمر السهل الذي يمكن تحقيقه ميدانيا خاصة بعد الصعوبات التي‬
‫واجهتنا في توزيع االستبيان وجمع المعلومات‪ ،‬فبعد حصولنا على موافقة و ازرة الصحة على توزيع االستبيان‬
‫في المؤسسات الصحية المختلفة والمتواجدة على مستوى ‪ 48‬والية أردنا وضع االستبيان في موقع الكتروني‬
‫حتى يتسنى لنا دراسة أكبر عدد من المؤسسات الصحية الموجودة وبعد عمل دام عدة أشهر فوجئنا بعدم‬
‫تقبل الو ازرة لفكرة استخدام الموقع االلكتروني وعدم تشجيعها لهذه الفكرة ما جعلنا نحصر العينة المدروسة‬
‫ونكتفي بدراسة المؤسسات الصحية المتواجدة في منطقة الوسط (الجزائر العاصمة‪ ،‬البليدة‪ ،‬تيبازة‪ ،‬المدية‬
‫بومرداس‪ ،‬تيزي وزو)‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آفاق الدراسة‬


‫بعد عرضنا لإلضافات التي قدمها هذا البحث وكذا الحدود الموضحة نجد أنه من المناسب اآلن التكلم عن‬
‫آفاق البحث وفتح عدة مجاالت لمواصلة هذا الموضوع في المستقبل‪ ،‬فمن خالل اثبات اآلثار الوسيطية‬
‫المبينة في نموذج دراستنا توصلنا الى أن هذه الوساطات هي جزئية أو تكميلية بمفهوم ‪(Zaho, 2010,‬‬
‫)‪ ،2011‬وهو ما يدل على إمكانية ادراج متغيرات جديدة لتحسين النموذج وبالتالي يمكننا فتح على األقل‬
‫ثالث محاور جديدة للبحث‪:‬‬
‫‪ -‬يتمثل المحور األول في دراسة أثر مراقبة التسيير على فعالية التسيير والجودة المدركة للخدمات من خالل‬
‫قياس الجودة عند مستخدم الخدمة (المرضى) وليس مقدميها (المسيرون)‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫‪ -‬أما المحور الثاني فيتمثل في محاولة ادراج متغيرات جديدة لها أثر كبير على فعالية التسيير وجودة‬
‫الخدمات الصحية كالتكوين والتحفيز‪ :‬تكوين األطباء والعاملين بهذا القطاع‪ ،‬وتحفيزهم من خالل رفع‬
‫أجورهم وتوفير اإلمكانيات الالزمة التي تسمح لهم بتحسين ظروف العمل وأداء المؤسسة ككل‪.‬‬
‫‪ -‬وأخي ار انجاز دراسة نوعية من خالل مقابالت مع عدة مسؤولين في مؤسسة أو عدة مؤسسات صحية‬
‫عمومية بهدف تحليل وعرض الدور الذي تلعبه أدوات مراقبة التسيير ومدى مالءمتها في هذا القطاع‬
‫ومحاولة تعميم هذه الدراسة على قطاعات ومؤسسات عمومية أخرى مثل قطاع التعليم‪ ،‬قطاع النقل‬
‫والجماعات المحلية‪ ...‬التي تعرف هي األخرى مشاكل عديدة مرتبطة بالتسيير والمراقبة والتي هي في‬
‫حاجة الى مثل هذه الدراسات لمساعدها على الوقوف عند المشاكل التي تعاني منها وايجاد الحلول المناسبة‬
‫لها لتحسين أدائها وخدماتها‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫خاتمة الفصل الخامس‪:‬‬
‫من خالل الفصل الخامس واألخير من هذا البحث عرضنا النتائج المتحصل عليها بعد اختبار‬
‫فرضيات الدراسة والنموذج التصوري للبحث‪ ،‬فبعد المصادقة على ساللم القياس المستخدمة في المبحث‬
‫األول من خالل التحليل االستكشافي باستخدام الـ ‪ ،SPSS‬والتحليل التأكيدي باستخدام الـ ‪ ،AMOS‬قمنا‬
‫في المبحث الثاني باختبار الفرضيات التي قسمناها الى فرضيات العالقات السببية‪ ،‬وفرضيات آثار الوساطة‬
‫والتعديل الموجودة بين مختلف المتغيرات من خالل حساب معامل االرتباط لـ ‪ Pearson‬ثم استخدام‬
‫المصفوفات المطورة من قبل )‪ ( Preacher, Hayes, 2004, 2008‬ثم )‪.(Hayes, 2012, 2013‬‬

‫خصصنا بعدها المبحث الثالث من هذا الفصل للمصادقة على نموذج الدراسة ومناقشة مختلف النتائج‬
‫المتحصل عليها عن طريق الـ ‪ ،Amos‬الذي يسمح بتحليل متعدد المجموعات‪(analyse multi-‬‬
‫)‪ groupes‬باستخدام طريقة المعادالت الهيكلية )‪ ،(équations structurelles‬والتي ينصح بها عادة‬
‫في الدراسات التي تعتمد على نماذج احصائية مبنية على عدة متغيرات وعدة عالقات‪ ،‬وفي األخير قمنا‬
‫بعرض االضافات التي حققها البحث‪ ،‬وكذا حدود وآفاق الدراسة التي يمكن من خاللها فتح مواضيع جديدة‬
‫في المستقبل‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫الخـ ـ ـ ـ ـاتـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـة‬

‫‪247‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫يعد التسيير طريقة عقالنية للتنسيق بين الموارد البشرية‪ ،‬المادية والمالية قصد تحقيق األهداف‬
‫المسطرة للمؤسسة‪ ،‬وتتم هذه الطريقة حسب الوظائف المتمثلة في‪ :‬التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التوجيه‪ ،‬التنسيق‬
‫والمراقبة قصد تحقيق أهداف المؤسسة بالتوفيق بين مختلف الموارد‪ ،‬فالهدف من وراء أي عملية تسييرية‬
‫هو تحقيق أقصى األهداف المسطرة بأقل تكلفة ممكنة وباستعمال اإلمكانيات المتاحة‪ ،‬لكن عملية تحقيق‬
‫هذه األخيرة ال يمكن أن يتم بسهولة وبدون مواجهة المشاكل‪ ،‬نظ ار للصعوبات التي تتخلل تنفيذ األعمال‬
‫مما يؤدي إلى وجود اختالالت وانحرافات‪ ،‬وهذا ما يستوجب وجود نظام فعال لمراقبة التسيير يعمل على‬
‫تحديد االنحرافات وتفسيرها من أجل مساعدة المسيرين والمسؤولين على اتخاذ الق اررات الالزمة في األوقات‬
‫المناسبة‪.‬‬

‫كان الهدف من دراستنا هذه التعرف على نظام مراقبة التسيير وعلى كيفية مساعدته في تحسين فعالية‬
‫التسيير والجودة المقدمة للخدمات في القطاع العمومي بصورة عامة والقطاع الصحي بصورة خاصة‪ ،‬لذلك‬
‫قمنا من خالل المقدمة العامة بطرح مجموعة من الفرضيات لإلجابة على هذه االشكالية وتعمقنا فيها بعد‬
‫التطرق الى االطار النظري وعرض نموذج الدراسة المعتمد‪ ،‬ويمكن تقسيم هذه الفرضيات الى مجموعتين‬
‫أساسيتين‪ :‬الفرضيات المتعلقة بآثار السببية المتمثلة في الفرضيات ‪ 5 ،4 ،2 ،1‬والتي تم اثباتها كاملة‬
‫والفرضيات المتعلقة بأثار الوساطة والتعديل التي أثبتنا منها الفرضيات ‪ 9 ،8 ،7 ،6 ،3‬أما الفرضيتين‬
‫‪ 10‬و‪ 11‬فلم نتمكن من اثباتهما‪.‬‬

‫قمنا بتقسيم دراستنا الى قسمين أساسيين‪ ،‬األول نظري تطرقنا فيه الى مفهوم الخدمة العمومية‪ ،‬وأساليب‬
‫تسييرها وكذا المفاهيم المتعلقة بمراقبة التسيير وخصوصياتها في القطاع العام ومختلف األدوات التي تعتمد‬
‫عليها‪ ،‬أما القسم الثاني فقد خصصناه للدراسة التطبيقية واخترنا القطاع الصحي ليكون مثاال عن القطاعات‬
‫العمومية األخرى‪ ،‬حيث حاولنا من خالل هذا القسم أن نقوم بدراسة تقييمية لنظام مراقبة التسيير المتواجد‬
‫بهذا القطاع واثبات دوره في تحسين التسيير وجودة الخدمات المقدمة به‪.‬‬
‫وعليه ومن خالل هذين القسمين المتكاملين استطعنا استخراج عدة نتائج سواء على المستوى النظري أو‬
‫على المستوى التطبيقي ويمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪248‬‬
‫بالنسبة للدراسة النظرية‪ :‬تمكنا من خالل اإلطار النظري لهذه الدراسة استخالص النقاط األساسية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الخدمة العمومية هي مفهوم معقد باعتباره ناتج عن اندماج محكم لمفاهيم قانونية وايديولوجية في نفس‬
‫الوقت؛‬
‫‪ -‬إن الحدود بين السلع العمومية والسلع الخاصة متغيرة ومتطورة عبر الزمن وهي تعتمد على خيارات‬
‫السياسة العمومية وبالتالي على الثقافة الوطنية وعلى مستوى المعيشة والتعليم للبلدان؛‬
‫‪ -‬االنتقال من السلع العمومية إلى السلع الخاصة يتم بصورة غير محسوسة‪ ،‬ولذلك فمن غير المستغرب‬
‫أن تكون أساليب التسيير هي األخرى متنوعة جدا؛‬
‫‪ -‬التسيير اليوم هو علم االختيارات والتطبيق وهو يتضمن قيادة المنظمة باستعمال عدة تقنيات وخطوات‬
‫للمساعدة على اتخاذ القرار‪ ،‬كما أنه مزيج لعدة علوم‪ ،‬ويتضمن المعنى الحالي للتسيير قسمين أساسين‪:‬‬
‫التسيير االستراتيجي‪ :‬الذي يتابع نشاط المؤسسة على المدى البعيد‪ ،‬والتسيير العملي‪ :‬الذي يتابع نشاط‬
‫المؤسسة على المدى القصير‪.‬‬
‫‪ -‬تنبثق مسارات المراقبة إما عن النماذج السبرانية التي تهدف الى انشاء وحدات تخضع للمراقبة الذاتية‬
‫بفضل دورات استرجاعية للمعلومات (قياس النتيجة ‪-‬المقارنة مع الهدف – إجراء تصحيحي)‪ ،‬أوعن‬
‫النماذج غير السبرانية التي تترك مجاال واسعا للغموض والحدس واألحكام المسبقة والدعوة إلى االعتراف‬
‫بالبعد غير الرسمي؛‬
‫‪ -‬يتجه التصور السائد للمراقبة الخاص بـ )‪ (Anthony,1965‬لصالح الرؤية الميكانيكية للتنظيم والمراقبة‬
‫على حساب أبعاد غير رسمية وانسانية‪ ،‬وهناك القليل من األبحاث التي أشارت إلى اعتراضها على النموذج‬
‫السبراني والعقالني؛‬
‫‪ -‬تحلل النظرة الكالسيكية المراقبة التنظيمية من خالل مسارات مختلفة تعتمد على األدوات واإلجراءات‬
‫المعلوماتية والموازنية‪ ،‬مع العلم أن المراقبة ليست مجرد مسألة أدوات ووصفات عالمية‪ ،‬على العكس فإن‬
‫نظام المراقبة يظهر بدوره كموضح للخيارات االستراتيجية وكضامن لالنسجام الداخلي للمؤسسة وكنتيجة‬
‫للتفاعل بين األفراد وكوسيلة للتعلم وكمصدر الضطراب السلوكات والثقافة التنظيمية؛‬
‫‪ -‬تتوضع مراقبة التسيير كمرحلة وسطية بين المراقبة االستراتيجية ومراقبة التنفيذ‪ ،‬حيث تسمح على المدى‬
‫المتوسط بمراقبة تحويل األهداف طويلة األجل إلى نشاطات يومية‪ ،‬وعليه تسمح مراقبة التسيير باتخاذ‬
‫الق اررات التكتيكية والربط بين المستوى االستراتيجي والمستوى التنفيذي؛‬

‫‪249‬‬
‫‪ -‬بالرغم من تعدد التعاريف المقدمة حول مراقبة التسيير إال أنها تتفق جميعا في أنها مسار دائم للتعديل‬
‫يستهدف تجنيد الطاقات من أجل االستخدام األمثل للموارد وتصحيح األخطاء واالنحرافات؛‬
‫‪ -‬تهدف مراقبة التسيير الى ادماج األفراد والمسؤولين في مسار المراقبة من خالل اشراكهم في عملية‬
‫التخطيط وذلك لتحفيزهم على التنفيذ الجيد لمخططاتهم بتقليص حجم األخطاء الناتجة عن الفرق بين األداء‬
‫المتوقع واألداء الحقيقي؛‬
‫‪ -‬تسمح مراقبة التسيير بتحقيق تعلم في حلقة بسيطة يحترم إطار النشاطات المحددة بواسطة النظريات‬
‫المطبقة‪ ،‬وتعلم في حلقة مضاعفة يجددها من خالل تعديل األهداف وادماج المستوى االستراتيجي وهي ما‬
‫تعرف بمراقبة التسيير التفاعلية وفق مفهوم ‪ Simons‬؛‬
‫‪ -‬تتطلب مهمة مراقبة التسيير أن يكون مراقب التسيير مزودا بقاعدة صلبة في ميادين تنظيم المؤسسات‬
‫ونظم المعلومات والموارد البشرية وتقنيات التعبير باإلضافة إلى المواصفات األخرى التي ينبغي أن تتوفر‬
‫فيه وأهمها المعارف المالية والمحاسبية‪ ،‬االنفتاح‪ ،‬المرونة‪ ،‬التنظيم والصرامة والقدرة على االتصال‪...‬‬
‫‪ -‬تميل التوجهات الحديثة إلى إلحاق مراقب التسيير مباشرة بالمدير العام وهذا ألن هذه الوضعية تدعم‬
‫مراقب التسيير أكثر وتمنحه استقاللية وقدرة على التدخل بصورة أكبر؛‬
‫‪ -‬يعمل مراقب التسيير عند تصميمه لنظام مراقبة التسيير على اقتراح واقامة مجموعة من األدوات حسب‬
‫األولويات التي تساعد على اتخاذ القرار والتي تعد أدوات حاملة للتعلم‪ ،‬تطرقنا في دراستنا إلى أهمها وهي‪:‬‬
‫المحاسبة التحليلية‪ :‬تعتبر المحاسبة التحليلية من بين أهم أدوات مراقبة التسيير التي تساعد على اتخاذ‬
‫الق اررات عن طريق دراسة العالقة بين التكاليف واإليرادات‪ ،‬والمساهمة في وضع الموازنات التقديرية‪.‬‬
‫الموازنات التقديرية‪ :‬ينطوي نظام الموازنات التقديرية على مرحلتين‪ :‬األولى تتعلق بتحضير ووضع الموازنات‬
‫والثانية تتعلق بإجراءات مراقبتها‪ ،‬وتسمح عملية مراقبة الموازنات بتحديد االنحرافات واتخاذ اإلجراءات‬
‫التصحيحية التي تهدف إلى تقريب النتائج الحقيقية للتوقعات المنتظرة‪.‬‬
‫تسمح المناقشات التي تتم أثناء إعداد الموازنات التقديرية بالحزم في العديد من الق اررات األساسية مثل‪:‬‬
‫المواصلة في تصنيع المنتج أو التنازل عنه لمؤسسة أخرى‪ ،‬شراء التجهيزات أو كراؤها باإلضافة إلى العديد‬
‫من الق اررات األخرى الهامة وعلى هذا األساس تعتبر الموازنات التقديرية أداة أخرى هامة في مراقبة التسيير‬
‫واتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫ينتج عن المحاسبة التحليلية وتسيير الموازنات معلومات تفصيلية عن نشاط المؤسسة وبالمقابل نجد أن‬
‫تسيير هذه األخيرة يحتاج إلى معلومات ملخصة وواضحة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك نجد أن استعمال األدوات‬

‫‪250‬‬
‫المحاسبية والموازنية فقط غير كافي لمواجهة النقائص التي يمكن أن تظهر أثناء تسيير المؤسسة وهذا راجع‬
‫لكون المعلومات الناتجة عنها تكون عادة ذات طبيعة مالية ومحاسبية بحتة وفي هذا الصدد نجد أن لوحات‬
‫القيادة تسمح بتقديم المعلومات األساسية ذات الطبيعة المالية وغير المالية بالصورة الملخصة التي تسهل‬
‫عملية صنع القرار‪.‬‬
‫وبالتالي يمكن اعتبار أدوات مراقبة التسيير كتقنيات تسمح بتخطيط األداءات وكذلك متابعتها والحكم عليها‬
‫بعد تنفيذها أي أنها أدوات للمراقبة المستمرة‪ ،‬لكن البد من تكييفها مع الغايات والثقافة والهياكل الخاصة‬
‫بالقطاع العام‪.‬‬

‫أما فيما يخص الجانب التطبيقي فقد توصلنا إلى مجموعة من النتائج الهامة على مستوى قطاع الصحة‬
‫العمومية بالجزائر والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬هناك تفاوت كبير بين الموارد الممنوحة وتدخالت الصحة الواجب القيام بها‪ ،‬كما أن الموارد الممنوحة ال‬
‫كبير من المؤسسات التي تحقق مستوا ضعيفا من‬
‫تأخذ في الحسبان "طلبات المستفيدين"‪ ،‬اذ نالحظ عددا ا‬
‫النشاطات الصحية لكنها تستهلك ميزانيتها كليا؛‬
‫‪ -‬هناك هيمنة للجانب االجتماعي على المنطق االقتصادي بهذا القطاع؛‬
‫‪ -‬غياب مصلحة مستقلة لمراقة التسيير بالمؤسسات العمومية للصحة‪ ،‬فبالرغم من تواجد الوظيفة داخل هذه‬
‫المؤسسات اال أنه ال توجد مصلحة مستقلة خاصة بها‪ ،‬فهي ال تزال مدرجة ضمن مصلحة المالية والمحاسبة‬
‫حيث يشرف المدير المالي على أدائها؛‬
‫_ هناك اجماع من طرف مستعملي مراقبة التسيير في القطاع العام للصحة والمتمثلين أساسا في المدراء‬
‫العامين‪ ،‬رؤساء المصالح ورؤساء األقسام على أن فعالية هذا النظام هي فعالية متوسطة وذلك من خالل‬
‫النتائج المتحصل عليها عند قياس رضاهم اتجاه هذا النظام؛‬
‫‪ -‬يؤثر رضى مستعملي مراقبة التسيير تأثي ار إيجابيا على فعالية التسيير بالمؤسسات العمومية للصحية‬
‫كما تؤثر فعالية التسيير ـتأثي ار ايجابيا على الجودة المقدمة للخدمات بهذه المؤسسات‪ ،‬وتوجد عالقات قوية‬
‫تربط بين هذه المتغيرات‪ ،‬وهو ما يتطلب االهتمام أكثر بهذا النظام من طرف السلطة الوصية والمسؤولين‬
‫إلعطائه األهمية التي يستحقها إذا أردنا تحسين تسيير وخدمات هذا القطاع؛‬
‫‪ -‬يمكن قياس فعالية مراقبة التسيير في القطاع الصحي من خالل قياس رضى مستعمليها (المسيرين)‬
‫وتعتبر الجودة التقنية لمراقبة التسيير بعدا أساسيا في تحديد فعالية مراقبة التسيير‪ ،‬وهي تعتمد أساسا على‬

‫‪251‬‬
‫مدى قدرة مراقبي التسيير على توفير المعلومات المالية وغير المالية التي تساعد المسؤولين في تحقيق‬
‫أهداف هذه المؤسسات‪ ،‬وكذا مدى تناسب المعلومات المقدمة مع احتياجات مستعمليها‪ ،‬ومدى مصداقيتها‬
‫ومالءمتها؛‬
‫‪ -‬تعد جودة العالقات لمراقبة التسيير بعدا أساسيا أيضا في تحديد فعالية هذا النظام وهي تكمل الدور الذي‬
‫تلعبه الجودة التقنية ويعتمد هذا البعد أساسا على العناية التي يوليها مراقبو التسيير لنشاط المسؤولين‬
‫والمسيرين وكذا اهتماماتهم‪ ،‬وامكانية الحوار وتبادل األفكار معهم‪.‬‬

‫وبناء على مختلف النتائج المتوصل اليها حاولنا تقديم جملة من االقتراحات والتوصيات التي ارتأينها‬
‫ضرورية لتحسين تسيير القطاع الصحي وجودة خدماته كما هو موضح‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة إقامة مصلحة لمراقبة التسيير بالمؤسسات الصحية تكون تابعة مباشرة للمدير العام حتى يتسنى‬
‫لمراقب التسيير القيام بالمهام الموكلة اليه بكل استقاللية وحيادية؛‬
‫‪ -‬يجب على المؤسسات الصحية أن تعتمد على فعالية مراقبة التسيير كمؤشر أساسي لفعالية تسييرها‬
‫وبالتالي لجودة خدماتها؛‬
‫‪ -‬يجب أن ينظر إلى مراقبة التسيير على أنها وسيلة وليست غاية فهي تعمل على تزويد المسيرين‬
‫والمسؤولين بمختلف المعلومات التي تساعدهم على اتخاذ الق اررات المناسبة‪ ،‬كما تعمل على تطوير القدرات‬
‫والكفاءات من خالل تحديد االنحرافات وتفسيرها بما يسمح بعدم تكرارها مستقبال وبالتالي فهي تهدف إلى‬
‫تحسين أداء المؤسسة ككل‪.‬‬
‫‪ -‬النظر إلى مراقبة التسيير على أنها عملية مستمرة تتطلب المتابعة والتجديد كلما استدعى األمر ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على إشراك العاملين في المؤسسات الصحية على تحديد األهداف حتى تكون لديهم محفزات أكبر‬
‫لتحقيقها‪.‬‬
‫وفي الختام‪ ،‬نأمل أن نكون قد وفقنا في معالجة الموضوع وعرضه وان لم يكن لكل جوانبه فعلى األقل‬
‫للجوانب األكثر أهمية‪ ،‬فالعمل العلمي إفادة واستفادة والكمال هلل وحده‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫قـائمة المراجع‬

‫‪253‬‬
‫قائمة المراجع‬
:‫الكتب‬

Alazard Claude, Sépari Sabine, Contrôle de gestion, 5e Edition, Dunod, Paris, 2001, P14.
Alazard Claude, Sépari Sabine, Contrôle de gestion, 3e Edition, Dunod, Paris, 2013.

Anthony Robert N, John Dearden, Norton M Bedford, Management control systems, Fifth
Edition, IRWIN, USA, 1984.

Anthony Robert N, Management control, 7e, Irwin, USA, 1991.

Argyris Chris, Schon David A, Organizational learning : a theory of action perspective


Addison, wesley, 1978.

Berland Nicolas, Le contrôle budgétaire, La découverte, Paris, 2002.


Bescos Pierre-Laurent, Mendoza Carla, Le mangement de la performance, Edition
Comptables Malesherbes, Paris, 1994.

Bescos Pierre-Laurent et al, Contrôle de gestion et management, 3e Edition, Paris


Montchrestien, 1995, p 60.

Bescos Pierre-Laurent et autres, Contrôle de gestion et management, 4e Edition, Edition


Montchréstien, Paris, 1997.

Bescos Pierre-Laurent, Mendoza Carla, Manager cherche information utile désespérément


L’Harmattan, Paris, 1999,

Bouin Xavier, Simon Francois Xavier, Les nouveaux visages du contrôle de gestion, Dunod
Paris, 2000.

Bouquin Henri, Comptabilité de gestion, Dalloz, Paris, 1993.

Bouquin Henri, Le contrôle de gestion, 3e Edition, paris, puf, 1997.

Bouquin Henri, « Contrôle », in: Encyclopédie de gestion, Y Simon et P Joffre Eds, 2e Edition
Economica, Paris, 1997, PP 551-566.

Bouquin Henri, Le contrôle de gestion, 4e Edition, presse universitaires de France, Paris, 1998.

254
Bouquin Henri, in colasse B, Encyclopédie de la comptabilité et du contrôle de gestion
Economica, Paris, 2000.

Bouquin Henri, La comptabilité de gestion, 3e Edition, Puf, Paris, 2003.

Bouquin Henri, Les fondements du contrôle de gestion, 3ème édition, Puf, Paris, 2005a.

Bouquin Henri, Introduction, In Les grands auteurs en contrôle de gestion, Editions EMS
2005b.

Bouquin Henri, Le contrôle de gestion, 8e Edition, Presse universitaires de France, Paris, 2008.

Bouquin Henri, Les fondements du contrôle de gestion, 4e Edition, Puf, Paris, 2011.

Bouquin Henri, Kuszla Catherine , Le contrôle de gestion, 10e Edition, Puf, Paris, 2014.

Burland Alain, Simon Claud-J, Le contrôle de gestion, La découverte, Paris, 2006.

Burlaud Alain, Jougleux Muriel, Livian Yves-Frédéric, Management et contrôle de gestion-


manuel et application, 4e Edition, Edition Foucher, Vanves, 2010.

Carricano et al, analyse de données avec SPSS, 2e Edition, Pearson, Paris, 2010.
Cauvin Cristian, Catherine Coyaud, Gestion hospitalière : inance et contrôle de gestion
Economica, Paris, 1999.

Charpentier Michel, Grandjean Philippe, Secteur public et contrôle de gestion, Edition


d’organisation, Paris, 1998.

Centre national de la fonction publique territorial, Les modes de gestion des services publics
2011.

Coucoureux Michel, Cuyaubère Thierry, Muller Jacques, Contrôle de gestion manuel et


applications, Nathan, Paris, 2007.

Cuendet Gaston, Dynamique de la gestion, Presse polytechniques romandes, Suisse, 1982


volume II.

Dayan Armand, Manuel de gestion, Edition Ellipes, Paris, 1999, volume I.


De kerviler Isabelle, De kerviler Loic, Le contrôle de gestion à la portée de tous, 4e Edition
Edition Economisa, Paris, 2006.

255
Demeestère René, Lorino Philippe, Mottis Nicolas, Contrôle de gestion et pilotage de
l’entreprise, 4e Edition, Dunod, Paris, 2009.

De Rongé Yves, Cerrada Karine, Contrôle de gestion, 2e Edition, Pearson, France, 2008.

Donabedian A, The definition of quality and approaches to the management: Explorations


in quality assessment and monitoring, Ann Arbor, MI : Health Administration Press, 1980
Volume 1.

Donabedian A, An Introduction to Quality Assurance in Health Care, Oxford University


Press, Oxford, 2003.

Dupuis Jérome, Le contrôle de gestion dans les organisations publiques, Puf, Paris, 1991.

Engel Francois, Kletz Frédéric, Comptabilité analytique, Mines paris-parisTech, Paris, 2007
Evrard Yves et al, Market: Fondements et méthodes des recherches en marketing, 4e
Edition, Dunod, Paris, 2009.

Forcioli Pascal, Le budget de l’hopital, Masson, Paris,1999.


Galy philippe, Service public pourquoi ça coince, Eyrolles, paris, 2005.
Gervais Michel , Contrôle de gestion, 7e Edition, Economica, Paris, 2000.

Gervais Michel , Contrôle de gestion, 9éme Edition, Economica, Paris, 2009.

Gibert Patrique, Tableau de bord pour les organisations publiques, Paris, Dunod, 2009.

Grandguillot Béatrice, Grandguillot Francis, comptabilité de gestion, 11e Edition, Edition


Gualino, Espagne, 2011.

Greffe Xavier, Economie des politique publiques, 2e Edition, Dalloz, Paris, 1999.

Guedj Nobert, Le contrôle de gestion pour améliorer la performance de l’entreprise, 3e


Edition, Edition d’organisation, Paris, 2000.

Guide pratique de comptabilité analytique pour les hôpitaux latins, 2e Edition, 2009.

Hacheette, Le dictionnaire français, Alger, Edition Algérienne, 1993.


Horngren Charles, Foster George, Cost Accounting: A Managerial Emphasis, 7e Edition
Prentice Hall, New Jersey, 1991.

256
Horngren Charles et autres, Comptabilité de gestion, 4e Edition, Pearson Education 2009.

Horngren Charles et autres, Contrôle de gestion et gestion budgétaire, 4e Edition, Pearson


Paris, 2009.

INJEP l’institut national de la jeunesse et de l’éducation populaire, Gérer le budget et son


projet, les mémo- guides du porteur de projet, 2005.

Jacquot Thierry, Milkoff Richard, Comptabilité de gestion : analyse et maitrise des couts
2e Edition, Darelos et Pearson Education, Paris, 2011.

Jobard Jean-Pierre, Gregory Pierre, Gestion, Dalloz, Paris, 1995.

Kaplan et Norton, Le tableau de bord prospectif : pilotage stratégique, les 4 axes de succés
Edition d’organisation, Paris, 1996.

Kaplan et Norton, Le tableau de bord prospectif, Edition d’organisation, Paris, 2003.

Kaul Inge, Grunberg Isabelle, Stern Marc A, Global Public Goods, International Cooperation
in the 21 St Century, Oxford University Press, New york, 1999.

Kaul Inge, Public Goods: a positive analysis, In Advancing public goods, Edited by Jean-
philippe Touffut, Edward Elgar, UK,USA, 2006.

Laffont. Jean Jacques, Cours de théorie microéconomique-économie de l’incertain et de


l’information, Economica, Paris,1991.

Lauzel Pierre, Teller Robert, Contrôle de gestion et budgets, 8e Edition, Dolloz, Paris, 1997.

Le Duff Robert, Papillion Jean-Claud, Géstion publique, Vuibert, Paris, 1988.

Le Duff Robert, Encyclopédie de la gestion et du management, Dalloz, Paris, 1999.

Le Mestre Renan, Droit du service public, Gualino Editeur, Paris, 2005.

Lionotte Didier, Romi Raphael, Droit du service public, LexixNexis, Paris, 2007.

Loning Hèlene, Le contrôle de gestion « organisation et mise en œuvre », Dunod, Paris, 2003

Loning Hélène, Le contrôle de gestion-organisation, outils et pratique-, 3e Edition, Dunod


Paris, 2008.

257
Lorino Philipe, Le contrôle de gestion stratégique-la gestion par les activités-, Dunod, Paris
1991.
Lorino Philipe, Comptes et recits de la performance, Editions d’organisation, Paris, 1995.

Lorino Philippe, Méthode et pratique de la performance, 2e Edition, Edition d’organisation


Paris, 1997.

Magani Philippe, Les système de management, 2e Edition, Edition d’organisation, Paris


1993.

Malo Jean-Louis, Mathes Jean-Charles, L’essentiel du contrôle de géstion, 2e Edition, Edition


d’organisation, Paris, 2000.

Melyon Gérard, Melyon Kévin, Raimbourg Philippe, Comptabilité analytique, 4e Edition


Bréal, France, 2011.

Mendoza Carla et al, tableaux de bord et Balanced Scorecard, Groupe Revue Fiduciaire
France, 2002.

Mendoza Carla et autres, Couts et décisions, 2e Edition, Gualino éditeur, Paris 2004.

Messier Sylvie et al, Comptabilité et gestion des organisations, Hachette, Paris, 2006.

Mévellec Pierre, Outils de gestion -pertinance retrouvée-, Edition Comptables Malesherbes


Paris,1990.

Michel Porter, L’avantage concurrentiel, Dunod, Paris, 1997.

Mintzberg Henry, Le pouvoir dans les organisations, Edition d'organisation, Paris, 1986.

Oliver Richard L, Satisfaction: a behavioral perspective on the consumer, 2e Edition ,


M.E. Sharpe, Inc, NewYork, 2010.

Orsoni J, Contrôle de gestion, Vuibert, Paris, 1998.

Or Zenep, Com-Ruelle Laure, La qualité des soins en France : comment la mesurer pour
l’améliorer ?, Document de travail, IRDES, 2008.

Piget Patrick, Comptabilité analytique et contrôle de gestion, 6e Edition, Economica, Paris


2008.

Plan comptable général, Conseil national de la comptabilité, 1982.

258
Rey Jean-Pierre, Le contrôle de gestion des services publics communaux, Dunod, Paris
1991.

Roussel Patrice et al, Méthodes d’équations structurelles : recherche at applications en


gestion, Economica, Paris, 2002

Simons Robert, Lever of control: how managers use innovative control systems to drive
strategic renewal, Harved busness school press, Boston, 1995.

Stoner James A.F, Freeman R Edward, Management, Fifth Edition, prentice-Hall


international, INC, United stated of America, 1992.

Taylor Fredirik Winslow, Shop management, Harper & Brothers, New york, 1913.
Teller Robert, Le contrôle de gestion « pour un pilotage intégrant stratégie et finance »
Management société, Paris, 1999.

Thietart Raymond-Alain et al, Méthodes de Recherche en Management, Dunod, Paris, 1999.

Thiéthart Raymond-Alain, Le Management, Puf, Paris, 2003.

Valette Jean-Paul, Droit des services publics, 2e Edition, Ellipses, Paris, 2013.

:‫الدوريات‬

‫ دراسة‬:‫ » تحليل واقع الرقابة اإلدارية من وجهة نظر العاملين االداريين في الجامعات األردنية‬،‫عدنان بدري االبراهيم‬
.74-63‫ ص ص‬،2000 ،1‫ العدد‬،16 ‫ المجلد‬،‫ميدانية« أبحاث اليرموك‬

17 ‫ المجلد‬،‫ أبحاث اليرموك‬،«‫ » العالقة بين بعض خصائص المعلومات وفاعلية الرقابة اإلدارية‬،‫سامر عبد المجيد البشاشة‬
.148-117 ‫ ص ص‬،2002 ،7 ‫العدد‬

2009 ،3 ‫ العدد‬،‫ مجلة ألبحاث االقتصادية‬،«‫ » دور مراقبة التسيير في تحسين أداء المؤسسة ورفع كفاءتها‬،‫لشهب صفاء‬
91-67‫ص ص‬

‫ دراسة ميدانية للمنشآت الصناعية لدولة‬:‫ » التكامل بين استراتيجيات الجودة وأنظمة الرقابة االدارية‬،‫مسعود بدري‬
. 344-322 ‫ ص ص‬،2001 ،2 ‫ العدد‬،28‫ المجلد‬،‫االمارات« أبحاث اليرموك‬

Abernethy Margaret A, Brownell Peter, «The role of budgets in organizations facing


strategic change: an exploratory study», Accounting, Organizations and Society, Vol.24
n°3, 1999, PP189-204.

259
Anderson James C, Gerbing David W, Structural Equation Modeling in Practice : A Review
and Recommanded Two-Step Approach , Psychological Bulletin, Vol 103, n°3, 1988, PP
411-423.

Alcoff Simone, Berland Nicolas, Levant Yves, « Les facteurs de diffusion des innovations
managériales en comptabilité et contrile de gestion : une étude comparative »
Comptabilité-Contrôle-Audit, Numéro spécial, Mai 2003, PP7-26.

Alcoffe Simon, Véronique Malleret, « Les fondements conceptuels de l’ABC à la


française », Comptabilité-Contrôle -Audit, Tome 10, Vol 2, 2004, PP 155-178.

Amans Pascale, Rascol-Boutard Sylvie, « La performance entre construit sociale et


indicateur simplifié », Finance Contrôle Stratégie, Vol 11, n° 3, 2008, PP45-63.

Arena Lise, Solle Guy, « Apprentissage organisationnel et contrôle de gestion : une lecture
possible de L’ABC/ABM ? » , Comptabilité-Contrôle-Audit, Numéro thématique, Décembre
2008, PP 67-86.

Bacache-Beauvallet Maya, « Que nous apprend l'économie politique sur l'économie


publique ? », Idées Economiques et Sociales, Vol 1, n°151, 2008, PP4-5.

Baron Reuben M, Kenny David A, «The moderator-mediator variable distinction in social


psychological research: conceptual, strategic and statistical considerations», Journal of
Personality and Social Psychology, 1986, Vol 51, n°6, PP1173-1182.

Barrett M Edgar, Fraser LeRoy B , « Conflicting roles in budgeting for operations », Harvard
Business Review, Vol.55, n°4, 1977, PP137-146.

Baron Philippe, Les techniques de gestion du privé sont-elle efficace ?, Echanges, Mars
2008, PP54-55.

Bell Simon J, Auh Seigyoung, Smalley Karen, «Customer relationship dynamics: service
quality and customer loyalty in the context of varying levels of customer expertise and
switching cost», Journal of the Academy of Marketing Science, Vol. 33, n° 2, 2005, PP169-
183.

Belmihoub Mohamed Chérif, La problématique de la gestion publique, Revue IDARA, Vol


6, n°01, 1996, PP157-161.

Berry Lionard L, «The employee as customer», Journal of Retailing Banking, Vol 3, n°1
1981, PP33-40.

Bertrand Thierry, Mevellec Pierre, ABC/M et transversalité : choix de conception et impacts


potentiels, Comptabilité-Contrôle-Audit, Tome 14, Vol 1, 2008, PP7-32.

260
Berland Nicolas. (1999), « A quoi sert le contrôle budgétaire ? », Finance Contrôle Stratégie
Vol 2, n°3, PP5-24.

Bescos Pierre-Laurent, Mendoza Carla, « Les besoins d’informations des managers sont-ils
satisfaits ? », La Revue Francaise de Gestion , n°121, 1998, PP117-128.

Boitier Marie, L’influence des systèmes de gestion intégrés sur l’intégration des systèmes
de contrôle de gestion, Comptabilité-Contrôle-Audit, Tome14, Vol 1, 2008, PP33-48.

Bouquin Henri, « Vingt ans de contrôle de gestion ou le passage d’une technique à une
discipline », Comptabilite-Contrôle-Audit, numéro spécial, mai1999, PP93-105.

Bouquin Henri, « Une défense de la comptabilité de gestion », Revue Francaise de


Copmtabilité, n°242, 1993, PP50-55.

Bourguignon Annick, «Evaluer les performances (I) : Comment penser ensemble GRH et
contrôle de gestion», Management et Conjoncture Sociale, n° 604, 2001, PP16-19.

Bourguignon Annick, Malleret Véronique, Norreklit Hanne, «L’irréductible dimension


culturelle des instruments de gestion : l’exemple du tableau de bord et du Balanced
Scorecard », Comptabilité-Contrôle-Audit, numéro spécial, 2002, PP7-32.

Brauer Markus, «L’identification des processus médiateurs dans a recherche en


psychologie », L’année Psychologique, Vol 100, n° 4, 2000, PP661-681.

Brown Tom J, Churchill Gelbert A, Peter J-Paul, «Improving the measurement of service
quality», Journal of Retailing, Vol.69, n°1, 1993, PP 127-139.

Brownell P, McInnes M, «Budgetary participation, motivation and managerial


performance», The Accounting Review, Vol 61, n°4, 1986, PP587-600.

Burland Alain, « Management public et contrôle de gestion », Formation et Gestion, n°39


1986, PP81-90.

Butler Alan, Letza Steve R, Neale Bill, «Linking the balanced scorecard to strategy», Long
Range Planning, Vol 30, n°2, 1997, PP242-253.

Byrne Sean, Pierce Bernard, «Towards a more comprehensive understanding of the roles
of management accountants», European Accounting Review, Vol 16, n°3, 2007, PP469-498.

Caceres Rubén Chumpitaz, Vanhamme Joëlle, Les processus modérateurs et médiateurs:


aspects analytiques et illustrations, Recherche et application en marketing, Vol 18, n°2, 2003
PP67-100.

261
Caplan Edwin H, «The behavioural implications of management accounting»,
Management International Review, Vol 32, n° Spécial, 1992, PP92-102.

Chabanne Pierre Emeric, La gestion des services locaux en France, Grand Forum- Le
Partenariat Public-Privé: Pourquoi pas?, Centre des sciences-Montréal, 17 Octobre 2013.

Chevalier Jacques, La gestion publique à l'heure de banalisation, Revue Française de


Gestion, numéro spéciale, 1997, PP26-38.

Chiapello Eve, « Contrôleurs de gestion, comment concevez-vous votre fonction ? »


Echanges, n°92, 4ème trimestre, 1990, PP7-11.

Chiapello Eve, « Les typologies des modes de contrôle et leurs facteurs de contingences :
un essai d’organisation de la littérature », Comptabilité-Contrôle-Audit, Vol 2, n° 2, 1996
PP51-74.

Codoni Davide, Wallart Nicolas, « Le modèle des couts standard, un moyen d’alléger les
charges administratives », Revue de Politique Economique, n°6, 2007, PP 54-57.

Cooper Robin, Kaplan Robert S, «Measure cost righ : Make the right decision», Harvard
Business Review, Vol 66, n° 5, 1988, PP96-103.

Cooper Randolph, «Cost Classification in Unit-Based and Activity-Based Manufacturing


Cost Systems», Journal of Cost Management, Vol 4, n° 3, 1990, PP4-14.

Cronbach Lee.J, «Coefficient alpha and the internal structure of tests», Psychometrika, Vol
16, n°3, 1951, PP297-334.

De Vauplane Hubert, «Le nouveau défi des sociétés de gestion: les fonctions de contrôle»,
Rvue Banque, n° 749, 2012, PP76-80.

Donabedian Avedis, «Evaluating the quality of medical care», Milbank Memorial Fund
Quarterly, Vol 44, n°3, 1966, PP166-203.

Drucker Peter F, «Managing for Business Effectiveness», Harvard Business Review, Vol 41
n°3, 1963, PP53-60.

Dunk Alan S, «The effects of job-related tension on managerial performance in


participative budgetary settings», Accounting, Organizations and Society, Vol 18, n°7-8
1993, PP575-585.

Dupuy Yves, « Pérennité organisationnelle et contrôle de gestion », Revue française de


gestion, n° 192, 2009, PP167-176.

262
Ekholm Bo-Goran, Wallin Jan, « Is the annual budget really dead? », The european
accounting review, Vol 9, n°4, 2000, PP519-539.

Fisher Joseph, «Contingency- based research on management control systems:


categorization by level of complexity», Journal of Accounting Literature, Vol 14, PP24-53.

Flamholtz Eric, Effective organizational control: framewwork, applications, and


implications, European management journal, Vol 14, n°6, 1996, PP 596-611.

Fornerino Marianela, Godener Armelle, Ray Danial, « La satisfaction des managers vis-à-vis
du contrôle de gestions et leur performance managériale », Comptabilité-Contrôle-Audit
Tome 16, Vol 3, 2010, PP 101-126.

Fornell Claes, Larcker David F, «Evaluating Structural Equation Models with


Unobservable variables and Measurement Error», Journal of Marketing Research, Vol 18
n°1, 1981, PP39-50.

Galdemar Virginie, Gilles Léopold, Simon Marie, « Performance, efficacité, efficience : les
critères d’évaluation des Politiques sociales sont-ils Pertinents ? », Cahier de recherche
Crédoc, n° 299, 2012.

Garrot Thierry, « La gestion hospitalière par la méthode ABC », la Revue Chronique


décembre 1995, PP53-61

Garver Michael S, Mentzer John T, «Logistics research methods: Employing structural


equation modeling to test for construct validity», Journal of Business Logistics, 1999, Vol
20, n°1, PP33-57.

Gelbert A, Churchill Jr, « A Paradigm for Developping Better Measures of Marketing


Constructs », Journal of Marketing Research, Vol 16, n° 1, 1979, PP64-73.

Gerbing David W, Anderson James C, « An updated paradigm for scale development


incorporating unidimensionality and its assessment», Journal of Marketing Research, Vol
25, 1988, PP186-192.

Germain Christophe, « Une typologie des tableaux de bord implanté dans les petites et
moyennes entreprise », Finance Contrôle Stratégie, Volume 8, n° 3, 2005, PP125-143.

Gervais Michel, Thenet Gervais, « Planification gestion budgétaire et turbulence », Finance


Contrôle Stratégie, Vol 1, N 3, Septembre 1998, PP57-84.

263
Gervais Michel, Lesage Cédric, « Retour sur l’imputation des charges indirectes en
comptabilité de gestion : comment bien spécifier les activités et leurs inducteurs ? »
Comptabilité Contrôle Audit, tome 12, Vol1, 2006, PP85-101.

Gignon-Marconnet Isabelle, « Les rôles actuels de la gestion budgétaire en France : une


confrontation des perceptions de professionnels avec la littérature », Comptabilité-
Contrôle-Audit, Vol 9, n°1, 2003, PP53-78.

Godener Armelle, Fornerino Marianela, «Pour une meilleure participation des managers au
contrôle de gestion », Comptabilité – Contrôle – Audit, Tome 11, Vol 1, 2005, PP 121-140.

Govindarajan Vijay, Gupta Anil K « Linking control systems to business unit strategy »
Accounting, Organisations and Society, Vol 10, n° 1, 1985, PP51-66.

Gray Jack, Pecqueux Yvon, « Evolutions actuelles des systèmes de tableau de bord-Comparaison
des pratiques de quelques multinationales amiricaines et francaises », Revue Francaise de
Comptabilité, n° 242 1993, PP61-70.

Grönroos Christian, «A service quality model and its implications in marketing», European
journal of marketing, Vol 18, n°4, 1984, PP36-44.

Halgand Nathalie, « problème de pertinence des couts pour le contrôle : le cas


hospitalier », Comptabilité-Contrôle-Audit, Tome 1, Vol 2, 1995, PP34-51.

Hartmann Frank G.H, «The appropriateness of RAPM: toward the further development of
theory», Accounting, Organizations and Society, Vol 25, n°4-5, 2000, PP451-482.

Hedhili Nerjes, « Le positionnement de la méthode "du temps requis pour exécuter les
opérations " ou " time driven activity based costing " (TD ABC) par rapport à la méthode
ABC », La Revue des Sciences de Gestion, Vol 5, n° 263-264, 2013, PP171-177.

Hofsted Greet, «Management control of public and not for profit-activities», Accounting,
Organization and Society, Vol 6, n° 3, 1981, PP193-211.

Jordan Hugues, «Enquête 2004 HEC – DFCG, contrôle de gestion et performance »


Échanges, n° 218, 2005, PP14-17

Jöreskog K.G, « Statistical analysis of sets of congeneric tests », Psychometrika, Vol 36, n°
2, 1971, PP109-133.

Kaiser Henry F, Rice John, «Little Jiffy, Mark IV», Journal of Educational and
Psychological Measurement, Vol 34, n°1, 1974, PP111–117.

264
Kaplan et Norton, «The Balanced Scorecard-measures that drive performance», Harvard
Business Review, 1992, PP71-79 .

Kaplan Robert S, Norton David P, «Transforming the Balanced Scorecard from


performance measurment to strategic management : part I», Accounting Horizon, Vol 15
n°1, 2001, PP87-104.

Kekre Sunder, Krishnan Mayuram S, Srinivasan Kannan, « Drivers of Customer Satisfaction


forSoftware Products: Implications for Design and Service Support», Management
science, Vol.41, n°9, 1995, PP1456-1470.

Koening Gérard, « L’apprentissage organisationel : repéraye des lieux » , Revue Française


de Gestion, n°97, 1994, PP76-83.

Laitinen Erkki K, «Nonfinancial Factors as Predictors of Value Creation: Finnish


Evidence», Review of Accounting & Finance, Vol 3, n°3, 2004, PP84-130.

Lambert Caroline, sponem samuel, « La fonction contrôle de gestion : proposition d’une


typologie », Comptabilité-Contrôle-Audit, Tome 15, Vol 2, 2009, PP113-144

Langevin Pascal, Naro Gérald, Contrôle et comportements: une revue de la littérature


Anglo-saxonne, 24ème congrès annuel de l’Association Francophone de Comptabilité
Louvains-La-Neuve, 2003.

Lebas Michel, « Comptabilté anlytique basée sur les activités, analyse et gestion des
activités », Revue francaise de comptabilité, n° 226, 1991, PP47-63.

Lebas Michel, « Essai de définition du domaine de comptabilité de gestion », Revue


Francaise de copmtabilité, n°238, 1992.

Lebas Michel, Mevellec Pierre, « La comptabilité de gestion reflète la représentation que


l’on se fait de l’entreprise », Revue Francaise de Copmtabilité, n°242, 1993, PP48-49.

Lechab Safa, « La transparence et la lutte contre la corruption dans le secteur de la


sante », journée d’étude sur le développement du système de la santé en Algérie , Faculté des
sciences économiques et de gestion SAAD DAHLAB, BLIDA, le 09 juin 2009.

Lyne Srephen R, «The role of budget in UK medium and large companies and the
relationship with budget pressure and participation», Accounting and business research
Vol 18, n°71, 1988, PP195-212.

265
Merchant Kenneth A, «The control function of management», Sloan Management Review
Vol 23, n°4, 1982, PP43-55.

Méric Jérome, « L’émergence d’une discours de l’innovation managériale-le cas du


Balanced Scorecard-» , Comptabilité-Contrôle-Audit, numéro spéciale, mai 2003, PP129-
145.

Merchant Kenneth A, «Budgeting and the propensity to create budgetary slack»


Accounting, Organizations and Society, Vol 10, n°2, 1985, PP201-210.

Messeghem Karim, Naro Gérald, Sammut Sylvie, « Construction d’un outil stratégique
d’évaluation de l’accompagnement à la création d’entreprise : apport du tableau de bord
prospectif », Gestion 2000, n°2, 2010, PP95-112.

Meyssonnier François, « Nouveaux repères et nouveaux espaces du contrôle de gestion dans


les services », Revue française de gestion, Vol 40, n° 241, 2014, PP93-105.

Mintzberg Henry, « Strategy making in three modes», California Management Review, Vol
16, n° 2, 1973, PP44-53.

Mintzberg Henry, « Patterns in strategy formation », Management science, vol 24, n° 9


1978, PP934-949.

Mintzberg Henry, Janes A.Waters, «Of strategies, deliberate or emergent», Strategic


Management Journal, Vol 6, n°3, 1985, PP257-272.

Mooraj Stella, Oyon Daniel, Hostettler Didier, «The Balanced Scorecard: a necessary good
or an unnecessary evil?», European Management Journal, Vol 17, n°5, 1999, PP481-491.

Nobre Thiery, « Management hospitalier du contrôle externe au pilotage apport et


adaptabilité du tableau de bord prospectif », Comptabilité Contrôle Audit, Tome 7, Vol 2
2001, PP125- 146.

Nouri H, Parker R.J, « The relationship between budget participation and job
performance: the role of budget adequacy and organizational commitment , Accounting,
Organizations and Society, Vol 23, n°5/6, 1998, PP467-483.

Ouchi William G, «The relationship between organisational structue and organisational


control», Adminisrative science quaterly, Vol 22, n°1, 1977, PP 95-113.

Ouchi Wiliam G, « A conceptual framework for the desing of organizational control


mechanisms», Management sciences, Vol 25, n° 9, 1979, PP 833-848.

266
pandy I M, «Balanced Scorecard : myth and reality», VIKALPA, Vol 30, n°1, 2005, PP51-
66.

Papamichail K.Nadia, Robertson Ian, « Integrating decision making and regulation in the
management control process», Omega, Vol 33, n° 4, 2005, PP319-332.

Parasuraman A, Zeithaml Valarie A, Berry Leonard L, «SERVQUAL: a multiple-item scale


for measuring consumer perceptions of service quality», Journal of Retailing, Vol. 64, n° 1
1988, PP 12-39.

Ponssard Jean-Pierre, Saulpic Olivier, «Une reformulation de l’approche dite du


« BalancedScorecard», Comptabilité - Contrôle - Audit, Tome 6, vol 1, 2000, PP 7- 25.

Preacher Kristopher J, Hayes Andrew F, «SPSS and SAS procedures for estimating indirect
effects in simple mediation models», Behavior Research Methods, Instruments, & Computers
Vol 36, n°4, 2004, P 718, PP717-731.

Preacher Kristopher J, Hayes Andrew F, «Asymptotic and resampling strategies for


assessing and comparing indirect effects in multiple mediator models», Behavior Research
Methods, Vol 40, n°3, 2008, P 890, PP 879-891.

Preacher Kristopher J, Kelley Ken, «Effect size measures for mediation models:
Quantitative strategies for communicating indirect effects», Psychological Methods, Vol
16, n°2, 2011, PP93-115.

Raffish Norm, « How Much Does that Product Really Cost? Finding out may Be Easy as
ABC», Management Accounting, Vol 72, n° 9, 1991, pp 36-39.

Rickwood Colin, Coates Jeff, Stacey Ray, «Managed costs and the capture of information»
Accounting and Business Research, Vol 17, n° 68, 1987, PP319-326.

Rouleu Linda, poesi Florence Allard, Warnier Vanessa, «Le management stratégique en
pratiques», Revue Française de Gestion, Vol 5, n°174, 2007, PP15-24.

Ruffat Jean, «Finaliser la gestion de l’entreprise publique», Politique et Management Public


vol 01, n° 1, 1983, PP85-127.

Saihi Abdelhak, «Le système de santé publique en Algérie-analyse et perspectives-»


Gestion Hospitalière, n°455, 2006, P241, PP241-244.

Samuelson. Paul A, «The pure theory of public expenditure», The Review of Economics and
statisics, vol 36, N 4, 1954, PP387-389.

267
Samuelson. Paul A, «Diagrammatic exposition of theory of public expenditure», The
Review of Economics and Statisics, Vol 37, n°4, 1955, PP350-357.

Samuelson Lars, «Discrepancies between the roles of budgeting», Accounting, Organizations


and Society, Vol.11, n°1, 1986, PP35-45.

Shields J.F., Shields M.D, «Antecedents of participative budgeting», Accounting,


Organizations and Society, Vol 23, n°1, 1998, PP49-76.

Shrout Patrick E, Bolger Niall, «Mediation in experimental and nonexperimental studies:


New procedures and recommendations», Psychological Methods, Vol 7, n°4, 2002, PP422-
445.

Simons Robert, «Accounting control systems and business strategy an empirical analysis»
Accounting, Organizations and Society, Vol 12, n°4, 1987, PP357-374.

Simons Robert, «The role of management control systems in creating advantage: new
perspectives», Accounting, Organizations and Society, Vol 15, n°1/2, 1990, PP127-143.

Sprinkle Geoffery B, «Perspectives on experimental research in managerial accounting»


Accounting, Organizations and Society, Vol 28, n°(2-3), 2003, PP287-318.

Steenkamp Jan-Benedict E.M, Van Trijp Hans C.M, « The use of LISREL in validating
marketing constructs», International Journal of Research in Marketing, Vol 8, n°4, 1991, PP
283-299.

Taylor Aaron B, McKinnon David P, Tein Jenn-Yun, «Tests of the Three-Path Mediated
Effect», Organizational Research Methods, Vol 11, n°2, 2008, PP 241-269.

Thomas Clément, Gervais Michel, «Le problème du regroupement des activités dans la
modélisation ABC : une approche possible», Finance Contrôle Stratégie, Vol 11, n°4, 2008
PP137-170.

Valette-Florence Pierre, «Spécificités et apports des méthodes d’analyses multivariées de


la deuxième génération», Recherche et Applications en Marketing, Vol 3, n°4, 1988, PP23-
56.

Zhao Xinshu, Lynch Jr John G, Chen Qimei, « Reconsidering Baron and Kenny: Myths
and Truths About Mediation Analysis », Journal of Consumer Research, Vol 37, 2010, PP
197-206.

268
Zhao Xinshu, Lynch Jr John G, Chen Qimei, «Reconsidérer Baron et Kenny: mythes et
verities a propos de l’analyse de mediation» Recherche et Application en Marketing, Vol 26,
n°1, 2011, PP81-95.

:‫األطروحات‬

Bouinot Claire, Contrôle de gestion à l’hôpital: Régulation et dynamique instrumentale


thèse doctorat en sciences de gestion, l’école de mines, Paris, 2005.

Ernult Joel, Evolution du contrôle de gestion en milieu industriel, thèse pour l’obtention du
titre de docteur en science de gestion, école des hautes études commerciale-Jouy-en-Josas,
Paris, 1996

Leclercq Aurèlie, Le contrôle organisationnel et les systèmes d'information mobile: une


approche foucalienne, thèse doctorat en science de gestion, Université paris dauphine,2008.

:‫المواقع إلكترونية‬
http://www.el-massa.com/ar/content/view/61937/

http://www.afhayes.com/spss-sas-and-mplus-macros-and-code.html

http://www.afhayes.com/public/medthree.pdf
:‫المنشورات‬

28 ‫ ه الموافق لـ‬1393 ‫ ذو الحجة‬03 ‫ الصادر في‬65 -63 ‫ األمر رقم‬،104 ‫الجريدة الرسمية عدد‬-
.‫ م المتعلق بتأسيس الطب المجاني‬1974 ‫ يتضمن قانون المالية لسنة‬،‫ م‬1973 ‫ديسمبر‬

‫ المتعلق بتحديد قواعد‬،1997 ‫ ديسمبر‬2 ،465-97 ‫المرسوم التنفيذي رقم‬، 81 ‫ الجريدة الرسمية رقم‬-
.‫إنشاء وتنظيم وتشغيل المؤسسات اإلستشفائية المتخصصة‬

‫ المتعلق بتحديد قواعد‬،1997 ‫ ديسمبر‬2 ،466 -97 ‫ المرسوم التنفيذي رقم‬، 81 ‫ الجريدة الرسمية رقم‬-
‫إنشاء وتنظيم وتشغيل القطاعات الصحية؛‬
‫ المتعلق بتحديد قواعد‬،1997 ‫ ديسمبر‬2 ،467 -97 ‫ المرسوم التنفيذي رقم‬، 81 ‫ الجريدة الرسمية رقم‬-
. ‫إنشاء وتنظيم وتشغيل المراكز اإلستشفائية الجامعية‬

269
‫الـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــالحـ ـ ـ ـ ــق‬

‫‪270‬‬
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
‫الملحق ‪ :3‬هيكلة العوامل لسلم قياس "محددات الرضى لمستعملي مراقبة التسيير"‬

‫‪315‬‬
‫الملحق ‪ :4‬هيكلة العوامل لسلم قياس "فعالية التسيير"‬

‫‪316‬‬
‫الملحق ‪ :5‬هيكلة العوامل لسلم قياس "الجودة المقدمة لخدمة العالج"‬

‫‪317‬‬
‫الملحق ‪ :6‬هيكلة العوامل لسلم قياس "مشاركة المسيرين في مسار مراقبة التسيير"‬

‫‪318‬‬
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
‫ االستبيان‬:14 ‫الملحق‬

QUESTIONNAIRE
Destiné aux directeurs, sous
directeurs et chefs de service
des établissements publics de
la santé.

NB/veuillez choisir la réponse qui convient en


mettant une croix sur la bonne réponse.

331
A- Quelques renseignements sur vous et votre établissement
1- Votre statut professionnel :

Directeur général
sous-directeur
Chef de service

2- Votre expérience professionnelle :


moins de 5ans Entre 10 et 20 ans
entre 5 et 10 ans plus que 20 ans

3 - votre établissement est un :


Etablissement Public de Santé de Proximité Etablissement Hospitalier Spécialisé
Établissement Public Hospitalier Centre Hospitalo Universitaire
Établissement Hospitalier Établissement Hospitalo Universitaire

4- par rapport à ce qu’elle était il y a 5 ans, considérez-vous que votre activité ait
changé ?

Pas du tout Un peu Beaucoup Totalement

5- si, au cours des 5 dernières années, votre activité a changé totalement /beaucoup/un
peu, qu’est-ce qui a changé le plus, selon vous?

Augmentation du nombre des personnes qui bénéficient des services.

Diversité du nombre de services fournis dans les mêmes structures.

Diversité du nombre de services fournis dans des nouvelles structures.

Autre (à préciser)…………………………………………………………………..

B- le système du contrôle de gestion et sa performance :


6.1- y a-t-il un service de contrôle de gestion dans votre établissement ?
Oui Non

6.2- si la réponse est oui, quel est son rattachement dans votre établissement ?

Rattachement au directeur général


Rattachement au directeur financier
Autre rattachement (à préciser)…………………………………………………………

332
6.3- si la réponse est non, qui est le responsable de ce rôle dans votre établissement ?

…………………………………………………………………………………………………

7.1- comment évaluez-vous les rôles techniques suivants du système de contrôle de


gestion dans votre établissement ?

Pas du tout Pas neutre D’accord Tout à fait


d’accord d’accord d’accord
Le contrôleur de gestion réussit à me
fournir les informations correspondant à
mes besoins
Le contrôleur de gestion réussit à me
fournir les analyses correspondant à mes
besoins
Par ses recommandations pertinentes, le
contrôleur de gestion m’aide à atteindre
mes objectifs financiers
Par ses recommandations pertinentes, le
contrôleur de gestion m’aide à atteindre
mes objectifs non-financiers
Le volume des informations reçues du
contrôleur de gestion est adapté à mes
besoins
Les informations reçues du contrôle de
gestion sont facilement compréhensibles
Les informations fournies par le contrôleur
de gestion sont fiables
Le délai d’obtention des informations est
adapté aux besoins
Le temps nécessaire pour participer au
processus de contrôle de gestion est
raisonnable

7.2- Comment évaluez-vous les rôles relationnelles suivants du contrôle de gestion dans
votre établissement ?

Pas du tout Pas neutre D’accord Tout à fait


d’accord d’accord d’accord
Le contrôleur de gestion s’intéresse
personnellement à mon activité
Le contrôleur de gestion prend à
cœur mes intérêts principaux
Je peux partager mes idées avec mon
contrôleur de gestion

333
7.3- en général, et d’après les rôles joués par le système contrôle de gestion veuillez noter
votre satisfaction globale à l’égard de ce système ?

Très insatisfait insatisfait Moyennement satisfait Très satisfait


satisfait

C- la performance managériale et participation au processus du contrôle de


gestion :
8- concernant la performance managériale, veuillez évaluer les dimensions suivantes au
sein de votre établissement :

Très mauvaise moyenne bonne Très


mauvaise bonne
Qualité des réalisations
Quantité des réalisations
Délais des réalisations
Développement personnel
Atteinte des objectifs budgétaires
Programmes de réduction des couts
Développement de nouveaux types de
réalisation

9.1- Concernant la prise en considération des informations reçues par le processus de


contrôle de gestion trouvez-vous que ?

Pas du tout Pas d’accord neutre D’accord Tout à fait


d’accord d’accord
Vous vous servez des informations
issues du processus de contrôle de
gestion pour prendre vos principales
décisions.
Vous vous servez des informations
issues du contrôle de gestion pour
argumenter vos principales décisions
face aux supérieurs hiérarchiques,
collaborateurs…etc.
Vous vous servez des informations
issues du processus de contrôle de
gestion pour faire régulièrement le
point sur la situation de votre centre
de responsabilité.
Vous vous servez des informations
issues du processus de contrôle de
gestion pour détecter des problèmes
à gérer.

334
Vous utilisez les informations issues
du contrôle de gestion pour stimuler
les membres de votre équipe en
faveur de la réalisation des objectifs.

9.2- Concernant l’implication dans la transmission et l’interprétation d’information,


trouvez-vous que?

Pas du tout Pas neutre D’accord Tout à fait


d’accord d’accord d’accord
Même dans les situations sensibles,
vous fournissez les informations de
qualité que vous détenez lorsque votre
contrôleur de gestion vous en fait la
demande
Même dans une situation délicate, vous
comprenez généralement les contraintes
rendues explicites par le processus de
contrôle de gestion
Lorsque le besoin s'en fait sentir, vous
participez activement aux analyses de
gestion que le département du contrôle
de gestion réalise
D- la qualité des soins
10- Concernant le taux de mortalité après une intervention donnée, trouvez-vous que ce
taux à :

Diminué Diminué un Pas de Augmenté un Augmenté


beaucoup peu changement peu beaucoup

11- Concernant les indicateurs de sécurité de soins, veuillez évaluer les indicateurs
suivants tel quel est dans votre établissement :

Diminué Diminué Pas de Augmenté Augmenté


beaucoup un peu changement un peu beaucoup
infections nosocomiales (des plaies, celles
liées aux soins médicaux, aux escarres, etc.)
événements sentinelles (accidents liés à la
transfusion, erreurs de groupage sanguin,
oublis de corps étrangers dans le champ
opératoire)
complications opératoires et postopératoires
(embolies pulmonaires ou accidents
d’anesthésie)

335
12- Concernant les indicateurs d’accessibilité aux soins, veuillez évaluer les indicateurs
suivants tel quel est dans votre établissement :

Diminué Diminué Pas de Augmenté Augmenté


beaucoup un peu changement un peu beaucoup
les délais d’attente pour la chirurgie
programmée et les délais d’attente
aux urgences
les sorties retardées
le temps d’accès aux médecins
généralistes et spécialistes
l’inégalité de traitement entre les
patients

13- concernant les dépenses totales de la santé, trouez-vous que ces dépenses ont :

Diminué Diminué un Pas de Augmenté un Augmenté


beaucoup peu changement peu beaucoup

Merci pour votre patience.

336
NOM : LECHAB Blida le 23 septembre 2012

PRENOM : SAFA

FONCTION : enseignante à l’université de Blida.

A l’attention de monsieur le secrétaire général du


ministère de la santé, de la population et de la réforme hospitalière.

Objet : l’accord pour un lancement d’un questionnaire

J’ai l’honneur de vous demander à travers cette présente


correspondance de bien vouloir accepter de lancer mon questionnaire au
sein de vos établissements de santé dans le cadre d’une recherche de
doctorat en sciences de gestion option « management », portant sur le
contrôle de gestion dans le secteur public –le cas du secteur public de
la santé-, et vu à l’importance de cette étude dans l’amélioration des
services publics de la santé et leurs méthodes de gestion nous avons
besoin de votre collaboration pour accomplir et réussir notre travail.

Comme nous vous assurons que toutes les informations fournies


seront traitées dans le cadre de notre étude stricte et d’usage scientifique.

En attendant votre réponse que je souhaite favorable, recevez


monsieur l’expression de mes salutations distinguées.

Bien cordialement

Documents joints : attestation de travail, certificat de scolarité et le


questionnaire.

337

You might also like